loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : الخامس ، الصفحة : 502

ورد هذا النص في المادة 1144 مكررة من المشروع التمهيدي ، وتجري على الوجه الآتي : "إذا طلب الكفيل التجريد ، وجب عليه أن يدل الدائن على أموال المدين ، وأن يقدم له المبالغ الكافية القيام بالتجريد" ، وفي المادة 1146 من المشروع التمهيدي وتجري على الوجه الآتي : "ليس للكفيل أن يدل الدائن على أموال المدين تقع خارج الأراضي المصرية ، ولا على أموال متنازع فيها ، أو مرهونة في الدين" ، وقد أدمجت لجنة المراجعة المادتين في مادة واحدة ، مع إدخال بعض تعديلات لفظية وإضافية عبارة "تفي بالدين كله" في الفقرة الأولى ، وأصبح رقم المادة 857 في المشروع النهائي ، وفي لجنة الشئون التشريعية لمجلس النواب حذفت من الفقرة الثانية العبارة الأخيرة وهي " أو كانت مرهونة في ذات الدين" ، لأنه "إذا وجد مال مرهون في ذات الدين كان هذا المال تأميناً عينياً يجب استيفاء الدين منه أولاً بموجب المادة 791 ، فلا يكون هناك محل عند طلب الكفيل التجريد أن يدل عليه" ، وأصبح رقم المادة 856 ، ووافق مجلس النواب على المادة كما عدلتها لجنته وفي لجنة مجلس الشيوخ عدلت الفقرة الأولى على الوجه الآتي : "إذا طلب الكفيل التجريد ، وجب عليه أن يقدم على نفقته بإرشاد الدائن إلى أموال للمدين تفي بالدين كله" وجاء في تقرير اللجنة ما يأتي : "رأت اللجنة أن تستبدل في الفقرة الأولى من هذه المادة عبارة ( وجب عليه أن يقدم على نفقته بإرشاد الدائن إلى أموال للمدين تفي بالدين كله ) ، بعبارة ( وجب عليه أن يدل الدائن على أموال المدين تفي بالدين كله وأن يقدم له المصروفات الكافية للقيام بالتجريد ) ، وقد راعت اللجنة في ذلك أن مصروفات التجريد سيرجع بها الدائن على الكفيل ، فلا محل لإلزامه بدفعها مقدماً ، وبوجه خاص لأن مقدار هذه المصروفات يصعب عملاً تعيينه من قبل ولهذا رؤى الإكتفاء بإلزام الكفيل بإرشاد الدائن إلى أموال للمدين تفي بالدين كله ، ورأت الإكتفاء بأن يتحمل الكفيل نفقة هذا الإرشاد" وقد أصبحت المادة بعد هذا التعديل ، تحت رقم 789 ، مطابقة لما استقرت عليه في التقنين المدني الجديد ووافق عليها لمس الشيوخ كما عدلتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 5 ص 499 – ص 508 ) .

وكان المشروع التمهيدي للفقرة الثانية من المادة 789 مدني يمنع الكفيل أن يدل على مال للمدين مرهون في الدين وفي لجنة الشؤون التشريعية مجلس النواب حذف من النص ما يقضي بهذا الحكم ، فحذفت من هذه الفقرة الثانية العبارة الأخيرة وهي "أو كانت مرهونة في ذات الدين" ، لأنه "إذا وجد مال مرهون في ذات الدين كان هذا المال تأميناً عينياً يجب استيفاء الدين منه أولاً بموجب المادة 791 مدني ، فلا يكون هناك محل عند طلب الكفيل التجريد أن يدل عليه" ( انظر آنفاً الفقرة في الهامش ) .

وقد رأت لجنة المرحوم کامل صدقي باشا أن تقنن ذلك ، فوضعت نصاً له إعتمدته لجنة السنهوري باشا و أدرجته في المشروع التمهيدي في المادة 114 مكرراً وهو يقضي بأنه إذا طلب الكفيل التجريد ، وجب عليه أن يدل الدائن على أموال المدين وأن يقدم له المبالغ الكافية للقيام بالتجريد ، وقد أثبت في محضر لجنة المرحوم كامل صدقى باشا ( بجلسة 29 أبريل 1939) أن المبالغ الكافية القيام بالتجريد تشمل التجريد نفسه وكذا مصاريف كافة إجراءات المطالبة المترتبة على حق التجريد .

وقد اعترض في لجنة القانون المدني بمجلس من الشيوخ على العبارة التي توجب على الكفيل مصاريف التجريد ، فأجب عن ذلك بأن هذا الحكم مأخوذ من قضاء الحاكم الذي جرى على غرار أحكام القانون الفرنسي، وأن المقصود بالمصاريف التي يتحملها الكفيل عند التمس بحق التجريد هي المصاريف التي يتطلبها إرشاد النهائي على أموال الدين .

وبناءً على هذه الإجابة رأت اللجنة أن تستبدل في الفقرة الأولى من هذه المادة عبارة « وجب عليه أن يقوم على نفقته بإرشاد الدائن الى أموال للمدين تفي الدين كله » (المادة 1/789 مدنی) بعبارة « وجب عليه أن يدل الدائن على أموال للمدين تفي بالدين كله و أن يقدم له المصروفات الكافية للقيام بالتجريد » وقد راعت اللجنة في ذلك أن مصروفات التجريد سيرجع بها الدائن على الكفيل فلا محل لإلزامه بدفعها مقدماً ، وبوجه خاص لأن مقدار هذه المصروفات يصعب عملاً تعيينه من قبل ولهذا اكتفى بإلزام الكفيل بإرشاد الدائن إلى أموال للمدين تفي بالدين كله وبأن يتحمل هو نفقة هذا الإرشاد .

شرح خبراء القانون

تنص المادة 789 مدني على ما يأتي :

1 - إذا طلب الكفيل التجريد ، وجب عليه أن يقوم على نفقته بإرشاد الدائن إلى أموال للمدين تفي بالدين كله.

2 - ولا عبرة بالأموال التي يدل عليها الكفيل ، إذا كانت هذه الأموال تقع خارج الأراضي المصرية ، أو كانت أموالاً متنازعاً فيها .

ويستخلص من المادة سالفة الذكر ومن المادة التي قبلها أن شروط دفع الكفيل بالتجريد ثلاثة :

1 - يجب ألا يكون الكفيل قد نزل مقدماً عن الدفع بالتجريد ، إما عند الكفالة أو بعد ذلك إذ الدفع بالتجريد حق خاص بالكفيل تقرر لصالحه ، فله أن ينزل عنه ، وعندئذ لا يجوز له إستعماله بعد هذا النزول وتنص على ذلك صراحة المادة 2021 مدني فرنسي إذ تقول : " لا يلتزم الكفيل أن يفي الدائن إلا إذا لم يفعل المدين ذلك فيجب أولاً تجريد المدين ، إلا إذا نزل الكفيل عن حق التجريد ، أو كان متضامناً مع المدين إذ يجب في هذه الحالة أن يسري على إلتزام الكفيل القواعد المقررة في التضامن" وغني عن البيان أنه إذا كان الكفل متضامناً مع المدين فليس له حق التجريد ، إذ أن قواعد التضامن تقتضي أن يرجع الدائن إذا شاء على الكفيل المتضامن أولاً م 793 مدني ولكنا لسنا هنا بصدد الكفيل المتضامن فله أن يطلب تجريد المدين ، إلا إذا كان قد نزل عن هذا الحق كما قدمنا ، ويكون النزول عن الدفع بالتجريد صريحاً أو ضمنياً ، وأكثر ما يكون النزول الصرح في عقد الكفالة ذاته ، فيشترط الدائن على الكفل أن ينزل عن حق التجريد ، ويغلب أن يشترط الدائن ذلك حتى أصبح هذا الشرط شرطاً مألوفاً في التعامل أما النزول الضمني فيستخلص من الظروف ، وقد يستخلص من تعهد الكفيل بدفع الدين فوراً إذا لم يقم المدين بدفعه عند حلول أجله ولكن أكثر ما يكون النزول الضمني بعد عقد الكفالة ، عند ما يشرع الدائن في التنفيذ على أموال المدين فيسكت الكفيل عن الدفع بالتجريد مما يفيد أنه نزل عن هذا الدفع ضمناً وإذا ترك الكفيل الدائن ينفذ على أمواله لأنه لم يكن لدى المدين مال تتوافر فيه الشروط يدل عليه ، ثم جد هذا المال للمدين ، لم يعتبر سكوت الكفيل عن الدفع بالتجريد نزولاً ضمنياً إذا هو بادر ودفع بالتجريد بمجرد أن جد المال للمدين ولا يعتبر نزولاً ضمنياً أن تكون الكفالة في مسائل تجارية فحسب ، فالدفع بالتجريد حائز في المسائل التجارية جوازه في المسائل المدنية.

2 - يجب أن يتمسك الكفيل بحقه في التجريد ، فلا يحكم به القاضي من تلقاء نفسه وقد نصت على ذلك صراحة المادة 788/2 مدني كما رأينا ، إذ تقول : "ويجب على الكفيل في هذه الحالة أن يتمسك بهذا الحق" ، ولما كان ادفع بالتجريد ، في التقنين المدني الجديد ، إنما يتعلق بالتنفيذ لا بالمطالبة القضائية ، فيبدو أنه يترتب على ذلك أن الدفع لا يكون مقبولا من الكفيل إلا عند ما يشرع الدائن في التنفيذ على أمواله بموجب سند قابل للتنفيذ عنده ويظهر أن الكفيل يستطيع إبداء الدفع بالتجريد عن طريق الاستشكال في التنفيذ ، وكذلك يستطيع عقب التنبيه على الكفيل بالوفاء و إيداع قائمة شروط البيع في العقار أن يبدي الدفع بالتجريد بطريق الإعتراض على قائمة شروط البيع وعلى ذلك إذا لم يتمسك الكفيل بالدفع بالتجريد في أثناء نظر دعوى مطالبة الدائن إياه بالدين ، لم يعتبر ذلك منه نزولاً ضمنياً عن هذا الدفع لأن الدفع يتعلق بالتنفيذ لا بالمطالبة ويبقى حق الدفع بالتجريد للكفيل بعد ذلك ، وبخاصة إذا جد للمدين مال يصلح للتنفيذ عليه فيما بعد ، فقد قدمنا أن سكوت الكفيل عن الدفع بالتجريد قبل أن يجد للمدين هذا المال لا يعتبر نزولاً ضمنياً عن الدفع فيكون للكفيل أن يدفع بالتجريد إبتداءً من شروع الدائن في التنفيذ على ماله إلى أن يتم هذا التنفيذ ، ما لم ينزل الكفيل عن الدفع صراحة أو ضمناً ويمكن إستخلاص النزول الضمني عن الدفع من عدم تمسك الكفيل به إلى أن يقطع الدائن في التنفيذ مرحلة كبيرة ، وعلى كل حال يعتبر النزول الضمني عن الدفع مسألة موضوعية يقدرها قاضي الموضوع .

3 - يجب أن يقوم الكفيل على نفقته بإرشاد الدائن إلى أموال للمدين تفي بالدين كله ، بشرط أن تكون هذه الأموال واقعة في داخل البلاد المصرية ولست أموالاً متنازعاً فيها م 789 مدني سالفة الذكر وغني عن البيان أن هذا الشرط يتخلف إذا كان المدين قد شهر إفلاسه أو إعساره ، أو صار في حالة إفلاس أو إعسار ظاهرة ، وبوجه عام إذا كان ظاهر العجز عن الوفاء بالدين كما لو كان هناك محضر بأنه ليس لديه أموال ظاهرة ذلك لأن الكفيل في هذه الحالة لا يستطيع أن يرشد الدائن إلى أموال للمدين تفي بالدين كله ، فيتخلف شرط أساسي من شروط الدفع بالتجريد.

ويجب أن تكون أموال المدين التي يرشد إليها الكفيل لا يصعب التنفيذ عليها ، وتقول الفقرة الثانية من المادة 789 مدني كما رأينا في هذا الخصوص : "ولا عبرة بالأموال التي يدل عليها الكفيل ، إذا كانت هذه الأموال تقع خارج الأراضي المصرية ، أو كانت أموالاً متنازعاً فيها" ، وظاهر أن أموال المدين ، إذا كانت خارج الأراضي المصرية ، تكون بعيدة ويصعب التنفيذ عليها ، لذلك يجب أن يدل الكفيل على أموال للمدين تكون واقعة داخل الأراضي المصرية ، ولا يشترط أن تكون واقعة في جهة معينة داخل الأراضي المصرية ، كأن تكون واقعة في الجهة التي يجب وفاء الدين فيها أو واقعة في الجهة التي يكون فيها موطن المدين كذلك لا يجوز أن تكون الأموال التي يدل عليها الكفيل متنازعاً فيها ، فإن الأموال المتنازع فيها غير مأمونة العاقبة فقد يسفر فض النزاع عن أنها غير مملوكة للمدين ، وهي على كل حال يصعب التنفيذ عيها إذ يقتضي النزاع فيها غالباً التقاضي وما يترتب عليه من طول الإجراءات وتعقيدها وليس من الضروري ليكون المال متنازعاً فيه أن تكون هناك دعوى مرفوعة في شأنه ، بل يكفي أن يكون هناك نزاع جدي والحصة الشائعة في عقار تعتبر في حكم المال المتنازع فيه إذا كان هناك دائن ذو حق مقيد رتب على أعيان مفرزة تدخل ضمنها هذه الحصة الشائعة ، ذلك بأن الدائن ذا الحق المقيد له أن يعرض رغبته في التنفيذ على الأعيان المفرزة ، وأن يطلب بطريق الإعتراض على قائمة شروط البيع وقف إجراءات التنفيذ الخاصة بهذه الحصة وإذا كان مال المدين مثقلاً بحقوق عينية ، كرهن أو إمتياز أو إختصاص ، وجب ألا يحسب من قيمة هذا المال إلا ما يبقى بعد خصم قيمة هذه الحقوق العينية فإذا كانت الحقوق العينية تستنفد الجزء الأكبر من قيمة المال ، جاز إعتبار المال في حكم المال المتنازع فيه وعدم الإعتداد به ، وذلك لصعوبة التنفيذ عليه وما يستتبع ذلك من التوزيع بحسب درجات الدائنين فلا يبقى منه إلا قيمة ضئيلة وإذا كان مال المدين لا يجوز الحجز عليه فلا يعتد به ، كذلك لا يجوز للكفيل أن يدل على مال للمدين لا يجوز إتخاذ إجراءات التنفيذ عليه وقد نصت المادة 489 مرافعات على أنه "لا يجوز للدائن أن يتخذ إجراءات التنفيذ على مال للمدين لم يخصص لوفاء حقه إلا إذا كان ما خصص للوفاء غير كاف ، وعندئذ يكون التنفيذ على غير المال المخصص بأمر على عريضة من قاضي الأمور الوقتية " فإذا كان المدين قد رهن من ماله ما يكفي للوفاء بالدين ، لم يجز للغير أن يدل على مال آخر للمدين غير مرهون في لمدين ، لأن هذا المال لا يجوز التنفيذ عليه وهو بعدُ في غير حاجة لتجريد المدين إذا كانت الكفالة غير سابقة على الرهن ، بل كانت معه أو بعده ، لأنه لا يجوز التنفيذ على أموال الكفيل إلا بعد التنفيذ على الأموال المرهونة م 791 مدني وسيأتي بحثها ، والمفروض أن الأموال المرهونة تكفي للوفاء بالدين فلا يجرع الدائن على الكفيل ومن ثم لا يحتاج هذا الأخير إلى الدفع بالتجريد أما إذا كانت الأموال المرهونة لا تكفي للوفاء بالدين فإنه يجوز للدائن الرجوع على الكفيل بما يبقى من الدين ، وعندئذ يجوز للكفيل أن يطلب تجريد المدين ، وله أن يدل على مال للمدين لا يكون مرهوناً في الدين ولكن لا يجوز له أن يدل على المال المرهون في الدين ، لأن هذا المال يكون الدائن قد نفذ عليه قبل الرجوع على الكفيل طبقاً لأحكام المادة 791 مدني .

ويكون إرشاد الكفيل للدائن إلى أموال للمدين تفي بالدين كله على نفقة الكفيل ، لأنه هو الذي يستفيد من هذا الإرشاد انظر م 789/1 مدني سالفة الذكر. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : العاشر الصفحة : 145)

لما كان الدفع بالتجريد لا يقبل إلا عند بدء الدائن في التنفيذ على أموال الكفيل غير المتضامن مع المدين فإنه يتعين على الأخير أن يبدي هذا الدفع في لك الوقت فيستشكل في التنفيذ إن كان المال منقولاً، فإن كان عقاراً فیکون الدفع بطريق الاعتراض على قائمة شروط البيع بعد التنبيه على الكفيل بالوفاء و إيداع قائمة شروط البيع، ويعتبر الدفع بالتجريد عقبة في سبيل التنفيذ إذ يترتب عليه وقف التنفيذ مؤداه إلغاء حجز ما للكفيل لدى الغير، ومن ثم يختص قاضي التنفيذ بالفصل فيه، ويراعى أن الكفيل العيني لا يكون له حق الدفع بالتجريد إلا إذا وجد اتفاق يجيز له ذلك عملاً بالمادة 1050 مدنی ومن ثم لا يكون إعتراضه على قائمة شروط البيع مقبولاً إلا إذا وجد هذا الإتفاق.

ولما كان الدفع بالتجريد لا يقبل إلا عند البدء في التنفيذ ومن ثم فإن للكفيل لا يتمسك به في الدعوى التي يقيمها عليه الدائن للمطالبة بالدين ولا بعد ذلك نزولاً عن الدفع اذ أن وقته لم يحل بعد، كذلك لا يعد نزولاً عدم التمسك بالدفع عند التنفيذ إذ لم يكن للكفيل مال بحيث يحتفظ الكفيل بإبداء هذا الدفع إذا إكتسب ما أثناء التنفيذ، إذ أن النزول عن الدفع ضمنياً من مسائل الواقع يستشف من الظروف، وقد يكون التنازل عن الدفع صريحاً مشروطاً بعقد الكفالة أو لاحقاً عليه.

كما يشترط لقبول الدفع بالتجريد، أن يرشد الكفيل الدائن إلى أموال للمدين تفي بالدين كله اذ لا يجبر الدائن على قبول وفاء جزئي (م 343) وأن تكون هذه الأموال بالجمهورية المصرية أينما وجدت وغير متنازع فيها حتى لا يصعب التنفيذ عليها، وتكون الأموال متنازع فيها إذا وجد نزاع جدی بشأنها ولو لم ترفع دعوى بصدد هذا النزاع، ويجب ألا تكون الاموال مرهونة أو مقررة عليها حق اختصاص أو امتياز إلا إذا تبين أنه بعد إستيفاء الدين المضمون بهذه الحقوق يفيض ما يفي بالدين المكفول، ومثل النزاع الجدي، عدم قابلية المال للحجز فيكون غير قابل للتنفيذ عليه، ويتحمل الدائن إثبات أن الأموال متنازع عليها أما عدم جواز الحجز فتلك مسألة قانون، ويتحمل الكفيل مصاريف الإرشاد کإستخراج صور رسمية المستندات الملكية والشهادات العقارية، على أن يرجع بها على المدين.

وعندما يقدم الدفع بالتجريد کإشكال وقتي في التنفيذ أو كدعوى تنفيذ مستجلة، فإن قاضي التنفيذ يتصدى لتوافر مقوماته من ظاهر الأوراق الدالة على وجود أموال للمدين تفي بالدين كله، أما إن قدم کدعوى تنفيذ موضوعية ببطلان التنفيذ الذي تم، نظرها قاضي التنفيذ كسائر الدعاوى الموضوعية التي تنظرها محكمة الموضوع، وبالتالي يجوز له سماع شهود وندب خبير وتوجيه اليمين وإتخاذ سائر الإجراءات الموضوعية. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : العاشر، الصفحة : 714)

إذا طلب الكفيل التجريد، فعليه عبء إرشاد الدائن إلى أموال للمدين تفي بالدين كله فلا يكفي الإرشاد عن أموال تفي بجزء من الدين فقط، وهو يتحمل في سبيل ذلك النفقات اللازمة، كمصروفات استخراج صور المستندات ملكية المدين للأموال التي دل عليها الكفيل ومصروفات الشهادات العقارية الخاصة بهذه الأموال.

ويجب في الأموال التي يرشد عنها الكفيل فضلاً عن كفايتها أن تكون قابلة للحجز عليها، فالمال الذي لا يقبل الحجز عليه لا يمكن أن يكون عنصراً في وفاء الدائن حقه وبالتالي تخرج من نطاق الأموال التي تكفي للوفاء بحق الدائن.

وكذلك لا يجوز أن يرشد الكفيل الدائن عن أموال للمدين محملة بحقوق عينية تبعية إلا إذا كانت هذه الأموال بعد التنفيذ عليها من أصحاب تلك الحقوق تكفي بعد ذلك لوفاء حق الدائن .

يجب ألا تقع الأموال التي يرشد عنها الكفيل خارج الأراضي المصرية :

يجب ألا تكون الأموال التي يرشد عنها الكفيل متنازعاً فيها. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : العاشر، الصفحة : 503)

وقد أخذ واضعو التقنين الحالي بذلك أيضاً بعد شيء من التردد ، فنصوا في المادة 789 فقرة أولى على أنه « إذا طلب الكفيل التجريد ، وجبه أن يقوم على نفقته بإرشاد الدائن إلى أموال للمدين تفي بالدين كله » ، وبناء على ذلك يكون الدفع بالتجريد غير مقبول اذا كانت أموال المدين التي أرشد عنها الكفيل لا تفي بالدين كله من أصل وفوائد ومصروفات ، ويتعين على القاضي قبل أن يفصل في هذا الدفع بالقبول أو الرفض أن يقدر قيمة أموال المدين التي أرشد عنها الكفيل وكفايتها أو عدم كفايتها لوفاء الدين بتمامه ، وهو في هذا التقدير لا يخضع لرقابة محكمة النقض .

ولا بد في قبول الدفع بالتجريد من أن يكون إرشاد الكفيل على أموال المدين منتجاً دون إرهاق للدائن ، أي محققاً الغرض منه من حيث استيفاء الدائن كامل حقه دون كبير عناء أو زيادة في الإجراءات والنفقات .

وقد نص التقنين المدني المصري الحالي على ذلك حيث نصت المادة 789 فقرة ثانية منه بأن لا عبرة بالأموال التي يدل عليها الكفيل أنها كانت هذه الأموال تقع خارج الأراضي المصرية او كانت أموالاً متنازع فيها ، ولا يعتبر بيان الأموال المذكورة في هذين النصين وارداً على سبيل الحصر بل مجرد تطبيق المبدأ الذي أشرنا إليه .

وبناءً على ذلك يكون الدفع بالتجريد مقبولاً سواء كانت الأموال التي أرشد اليها الكفيل منقولات أو عقارات ما دام التنفيذ عليها لا تكتنفه صعوبات خاصة .

ومن الصعوبات التي نص عليها المتقنين الحالي والتي يترتب عليها عدم التعويل على الأموال التي أرشد اليها الكفيل وقوع هذه الأموال خارج الأراضي المصرية لأن من شأن ذلك أن يجعل التنفيذ يصادف صعوبات جمة تحول دون الوصول إلى الغاية المنشودة .

وكذلك كون الأموال التي أرشد إليها الكفيل متنازعاً فيها، لأن التنفيذ عليها يقتضي من الدائن أن يصفي المنازعة أولاً ، ومن شأن ذلك أن يكبده عناه ووقتها و نفقات هي في غني عن بذلها ، ولا يشترط في اعتبار المال متنازعاً له أن تكون قد رفعت بشأنه دعوى بل يكفي أن يقوم في شأنه نزاع جدى (أنظر المادة 469 فقرة ثانية مدني) لأن ذلك يجعل من المحتمل تعثر إجراءات التنفيذ واطالتها ، ويرى الفقه في فرنسا أن يقتضي على ذلك العقارات المملوكة شيوعاً لأن التنفيذ عليها يقتضي اتخاذ إجراءات قناتها اولاً ولا يجوز أن يكلف الدائن إتخاذ هذه الإجراءات .

ويمكن تطبيقاً لهذا البعد ذاته القول بأنه لا عبرة في قبول الدفع بالتجريد بالأموال التي يرشد إليها الكفيل اذا كانت تلك الأموال غیر قابلة للحجز عليها ، أو كانت مثقلة بمديون مقيدة تجاوز قيمتها ، أو كانت لا تترك للدائن المكفول دينه ما يفي كل الذين اذا لم يرشد الكفيل الدائن إلى غير هذه الأموال ، لأن إرشاد الكفيل إلى هذه الأموال لا يكون منتجاً.

وكذلك لا يكون منتجاً إرشاد الكفيل على أموال المدين قابلة للحجز وغیر متنازع فيها ولا مثقلة برهون ولو كانت في ذاتها كافية لوفاء الدين المكفول ما دام الدين في حالة إفلاس أو في حالة إعسار ثابت يجعل من المؤكد أن تنفيذ أي دائن على هذه الأموال لا يمكن أن يؤدي بسبب تزاحم الدائنين في هذه الحالة الى تحصيل ذلك الدائن حقه كاملاً .

واذن يكفي أن يثبت الدائن أن المدين الأصلي قد شهر إفلاسه أو إعساره أو أن مجموع أموال المدين غير كاف لسداد جميع ديونه ليجعل الدفع بالتجريد غير مقبول أياً كانت أموال المدين التي إليها الكفيل. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء : التاسع ، الصفحة : 119)

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الرابع والثلاثون ، الصفحة / 309

آثَارُ الْكَفَالَةِ:

أَوَّلاً: عَلاَقَةُ الْمَكْفُولِ لَهُ بِالْكَفِيلِ:

يَخْتَلِفُ الأْمْرُ فِيمَا إِذَا كَانَتِ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ أَوْ بِالنَّفْسِ.

أ - كَفَالَةُ الْمَالِ:

قَدْ يَكُونُ الْمَالُ الْمَكْفُولُ بِهِ دَيْنًا، وَقَدْ يَكُونُ عَيْنًا.

1 - كَفَالَةُ الدَّيْنِ:

يَتَعَلَّقُ بِكَفَالَةِ الدَّيْنِ أَحْكَامٌ هِيَ:

حَقُّ الْمُطَالَبَةِ:

33 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الدَّائِنَ الْمَكْفُولَ لَهُ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُطَالِبَ الْكَفِيلَ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ عِنْدَ حُلُولِهِ دُونَ أَنْ يَتَقَيَّدَ بِتَعَذُّرِ مُطَالَبَةِ الأْصِيلِ الْمَكْفُولَ عَنْهُ، كَمَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُطَالِبَ الأَْصِيلَ بِهِ عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ عَلَيْهِ؛ لأِنَّ ذِمَّةَ كُلٍّ مِنْهُمَا مَشْغُولَةٌ بِالدَّيْنِ جَمِيعِهِ، فَكَانَ لَهُ مُطَالَبَةُ أَيِّهِمَا شَاءَ اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا .

أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَعِنْدَهُمْ رِوَايَةٌ - جَرَى عَلَيْهَا الْعَمَلُ فِي بَعْضِ الْبِلاَدِ - وَهُوَ الأْظْهَرُ، تُقَرِّرُ نَفْسَ الْحُكْمِ.

وَعِنْدَهُمْ رِوَايَةٌ أُخْرَى لاَ تُجِيزُ لِلدَّائِنِ الْمَكْفُولِ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْكَفِيلَ بِالدَّيْنِ الْمَكْفُولِ بِهِ إِذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَالأْصِيلُ حَاضِرٌ مُوسِرٌ لَيْسَ ذَا لَدَدٍ فِي الْخُصُومَةِ وَلاَ مُمَاطِلاً فِي الْوَفَاءِ، أَوْ كَانَ الأْصِيلُ غَائِبًا وَلَهُ مَالٌ حَاضِرٌ ظَاهِرٌ يُمْكِنُ الاِسْتِيفَاءُ مِنْهُ بِدُونِ بُعْدٍ وَمَشَقَّةٍ، وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ قَدِ اشْتَرَطَ فِي عَقْدِ الْكَفَالَةِ أَنْ يَأْخُذَ بِالْحَقِّ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ، وَذَلِكَ أَنَّ الدَّيْنَ إِنَّمَا وَجَبَ ابْتِدَاءً عَلَى الأْصِيلِ ، وَالْكَفَالَةُ وَثِيقَةٌ فَلاَ يُسْتَوْفَى الْحَقُّ مِنْهَا إِلاَّ عِنْدَ تَعَذُّرِ اسْتِيفَائِهِ مِنَ الأْصِيلِ ، كَالرَّهْنِ .

____________________________________________________________________

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

( مادة ۷۹۲ )

١- اذا طلب الکفیل تجريد المدين ، وجب عليه أن يقوم على نفقته بارشاد الدائن الى أموال المدين •

٢- ولا عبرة بالأموال التي يدل عليها الكفيل ، اذا كانت هذه الأموال متنازعاً فيها ، أو كانت موجودة خارج مصر .

هذه المادة تقابل المادة ۷۸۹ من التقنين الحالي.

وقد ادخل على الفقرة الأولى من هذه المادة تعديل في الحكم . وبمقتضى هذا التعديل لا يتحتم على الكفيل أن يدل الدائن على أموال للمدين تفي بالدين كله كما يقضي النص الحالي ، فيجوز له أن يدل على أموال تفي ببعض الدين ، وبحبر الدائن حينئذ على قبول وفاء جزئی ، اذ لا يناله من ذلك ضرر كبير حيث يرجع فوراً على الكفيل ببقية الدين . ووجه العدالة ظاهر في هذا الحكم مراعاة لمصلحة الكفيل الذي تبرع بالكفالة . وقد كان المشروع التمهيدي للنص الحالى يأخذ بهذا الحكم ، فكانت المادة 1144 مكررة منه "تنص على أن اذا طلب الكفيل التجريد، وجب عليه ان يدل الدائن على أموال المدين » وأن قدم له المبالغ الكافية للقيام بالتجريد ». ولكن الجنة المراجعة علامت النص الى ما هو عليه الان .

وادخل من الفقرة الثانية تعديل لفظي على النحو وارد في المادة المقترحة .

انظر المذكرة الايضاحية المادة 1144 مکررة في المشروع التمهيدي للتقنين الحالي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج5 ص502 - 504

المادة المقترحة تقابل المادة 761 من التقنين الكويتي التي تتفق مع المادة ۷۸۹ من التقنين المصري الحالي .

و تقابل المادة 1025 من التقنين العراقي . : وفي الفقه الاسلامی : انظر النصوص الشرعية التي تقدم ذكرها تحت المادة 790 .