loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : الخامس ، الصفحة : 508

مذكرة المشروع التمهيدي :

المادة 1145 مكررة تطابق نص المشروع الفرنسي الإيطالي (م 722) الذي نقله بدوره عن المادة 2024 من التقنين الفرنسي وحكمها مجرد تطبيق القواعد العامة في المسئولية .

شرح خبراء القانون

تنص المادة 790 مدني على ما يأتي :

في كل الأحوال التي يدل فيها الكفيل على أموال المدين ، يكون الدائن مسئولاً قبل الكفيل عن إعسار المدين الذي يترتب على عدم اتخاذه الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب .

والمفروض أن الدفع بالتجريد الذي أبداه الكفيل قد استوفى الشروط المطلوبة ، وأنه قد قبل فيترتب على ذلك وقف إجراءات التنفيذ على أموال الكفيل ، ثم يجب على الدائن أن يتخذ إجراءات التنفيذ على أموال المدين التي دل عليها الكفيل فإذا لم يتخذها في الوقت المناسب ، كان مسئولاً قبل الكفيل عن إعسار المدين الذي يترتب على ذلك كما تقول المادة 790 سالفة الذكر وإذا اتخذها ، فحصل على حقه كله ، فقد برئت ذمة الكفل وأما إذا حصل على بعض حقه ، فإنه يرجع بالباقي على الكفيل .

فأول أثر يترتب على قبول الدفع بالتجريد هو إذن وقف إجراءات التنفيذ على أموال الكفيل بل إنه عند إبداء الكفيل للدفع وقبل الفصل فيه ، تقف إجراءات التنفيذ حتى تفصل المحكمة في الدفع ، فإذا رفض استمر الدائن في إجراءات التنفيذ على أموال الكفيل أما إذا قبل ، فإنه يمتنع إستمرار الدائن في إجراءات التنفيذ على أموال الكفيل ، ولكن ما تم من هذه الإجراءات يبقى حافظاً لآثاره ويلغي ما اتخذ من إجراءات التنفيذ على أموال الكفيل عند إبداء الدفع بالتجريد ، فيلغي مثلاً حجز ما للكفيل لدى الغير ويجب رفع الحجز، ويلغي التنبيه بنزع الملكية الذي اتخذ ضد الكفيل وما يترتب عليه من آثار ، وتلغي إجراءات الحجز التنفيذي الموقع على منقولات المدين إذا لم تكن هذه الإجراءات قد تمت، ويمتنع على الدائن أن يجري المقاصة بين إلتزام الكفيل نحوه وإلتزام آخر في ذمة الدائن للكفيل ولكن ذلك لا يمنع الدائن من إتخاذ الإجراءات التحفظية على أموال الكفيل وقد كان التقنين المدني السابق 502/612 ينص على ذلك صراحة ، إذ يقول : "وحينئذ فللمحكمة الحكم في إيقاف المطالبة الحاصلة للكفيل إيقافاً مؤقتاً ، مع عدم الإخلال بالإجراءات التحفظية ولم يرد نص مماثل في التقنين المدني الجديد ، ولكن نص التقنين المدني السابق ليس إلا تطبيقاً للقواعد العامة ، فيجوز العمل بالحكم دون نص فيجوز للدائن أن يقطع التقادم بالنسبة إلى أموال الكفيل ، كما يجوز له أن يقيد رهناً لصالح الكفيل أو أن يجدد هذا القيد بل يجوز له أن يحصل على حق إختصاص على عقار الكفيل بموجب حكم واجب التنفيذ صادر لصالحه ضد الكفيل ، فأخذ حق إختصاص لا يعدو أن يكون إجراءً تحفظياً ، ولكن لا يجوز له بعد الحصول على حق الإختصاص أن ينفذ على عقار الكفيل إلا بعد تجريد أموال المدين.

وبعد وقف إجراءات التنفيذ على أموال الكفيل ، يجب على الدائن أن يتخذ إجراءات التنفيذ على أموال المدين التي دل عليها الكفل ويكون مسئولاً لدى الكفيل عن إعسار المدين الذي يترتب على عدم اتخاذ إجراءات التنفيذ في الوقت المناسب م 790 مدني سالفة الذكر فإذا دل الكفيل على منقولات للمدين ، وتباطأ الدائن في إتخاذ إجراءات التنفيذ عليها حتى تمكن المدين من إخفائها أو تهريبها أو تبديدها ، كان الدائن مسئولاً عما كان يحصل عليه من ثمن هذه المنقولات لو أنه اتخذ إجراءات التنفيذ بمجرد أن دل عليها الكفيل ، لأن سهولة تهريب المنقولات تقتضي إتخاذ إجراءات سريعة للتنفيذ عليها ولو أن الكفيل دل على عقار المدين في يد الغير ، وتباطأ الدائن في اتخاذ الإجراءات لقطع التقادم المكسب حتى تكاملت مدة هذا التقادم وملك الغير العقار بهذا السبب من أسباب كسب الملكية ، كان الدائن مسئولاً نحو الكفل عما كان يحصل عليه من التنفيذ على العقار لو أنه قطع التقادم وقام بالتنفيذ على العقار في الوقت المناسب ويقع عبء إثبات تقصير الدائن على الكفيل ، وفقاً للقواعد العامة وليس في كل ما تقدم إلا تطبيق للقواعد العامة في المسئولية التقصيرية وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للمادة 790 مدني ما يأتي : "المادة 1145 مكررة 7980 مدني تطابق نص المشروع الفرنسي الإيطالي م 722 الذي نقله بدوره عن المادة 2024 من التقنين الفرنسي ، وحكمها مجرد تطبيق للقواعد العامة في المسئولية،

أما إذا إتخذ الدائن في الوقت المناسب إجراءات التنفيذ على أموال المدين التي دل عليها الكفيل ، فالغالب أنه يحصل من هذا التنفيذ على حقه كاملاً ، لأن المفروض أن الكفيل قد دل على أموال للمدين تفي بالدين كاملاً ، ومن ثم تبرأ ذمة الكفيل بعد أن استوفى الدائن حقه من أموال المدين ولكن قد يقع عند تنفيذ الدائن على هذه الأموال ألا يحصل الدائن على حقه كاملاً ، فقد تنخفض قيمة هذه الأموال عند التنفيذ عليها ، أو يظهر دائنون عاديون للمدين يزاحمون الدائن ، أو يتضح أن المحكمة قد قدرت هذه الأموال بأكثر من قيمتها ففي هذه الأحوال لا تبرأ ذمة الكفل إلا بمقدار ما حصل الدائن عليه من حقه نتيجة للتنفيذ على الأموال ، ويرجع الدائن بالباقي من حقه على الكفيل وعلى الدائن أن يثبت أنه نفذ على جميع الأموال التي دل عليها الدائن ، وأنه لم يحصل من هذا التنفيذ على حقه كاملاً ، ويثبت ذلك عادة بمحاضر الحجز ومحاضر عدل الوجود. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : العاشر ، الصفحة : 156)

يجب على الدائن بعد قبول الدفع بالتجريد وفقاً للشروط الموضحة بالمادة 789 أن يتخذ إجراءات التنفيذ على أموال الدين التي أرشده عنها الكفيل وذلك في الوقت المناسب وإلا كان مسئولاً قبل الكفيل عن إعسار المدين الذي يترتب على عدم اتخاذ إجراءات التنفيذ في الوقت المناسب، ولا يلزم أن يشهر إعسار المدين بل يكفي أن يكون قد تمكن من تهريب أمواله أو تبديدها وحينئذ تبرأ ذمة الكفيل بقدر ما افتقر به المدين، وكذلك اذا أهمل الدائن فلم يقطع التقادم بالنسبة لعقار للمدين تحت يد الغير فاكتسب الغير هذا العقار فإن ذمة الكفيل تبرأ بقدر قيمة هذا العقار، ويتحمل الكفيل عبء إثبات تقصير الدائن.

ولما كان إبداء الدفع بالتجريد يؤدي إلى وقف إجراءات التنفيذ حتى يفصل في الدفع، فإذا قبل امتنع على الدائن الإستمرار في التنفيذ على أموال الكفيل ولكن هذا لا يمنع الدائن من إتخاذ الإجراءات التحفظية على أموال الكفيل كقطع القادم وقيد الرهن وتجديده وتوقيع الحجز التحفظى.

فإذا باشر الدائن إجراءات التنفيذ في الوقت المناسب على أموال المدين إلا أن هذه الأموال لم تف بكامل حقه بان كانت قيمتها قد انخفضت عن الوقت الذي أرشد فيه عنها الكفيل أو ظهر دائنون عاديون قاسموا الدائن هذه الأموال فإن ذمة الكفيل لا تبرأ إلا بمقدار ما حصل عليه الدائن أما الباقي فيرجع به على الكفيل، ويشترط في هذا الرجوع أن يثبت الدائن أنه رجع على جميع أموال المدين، وذلك بتقديم محاضر الحجز، فإذا كان الظاهر منها أن الأموال التي تم توقيع الحجز عليها لا تكفي للوفاء بكل الدين، رفض قاضي التنفيذ الدفع بالتجريد في الحدود التي يتمكن معها الدائن من استيفاء باقى دينه من أموال الكفيل، لكن إذا تبين له أن الدين معسر ولا توجد له أموال ظاهرة يمكن التنفيذ عليها، وجب رفض الدفع برمته والإستمرار في التنفيذ على أموال الكفيل، أما إذا تبين كفاية الأموال، قضى بقبول الدفع ووقف التنفيذ، ولا يلزم أن يدل الكفيل على أموال المدين عند بدء التنفيذ، إنما يكفي أن يدل على بعض الأموال في ذلك الوقت، ثم يدل بعد ذلك على ما آل إلى المدين من أموال أخرى بطريق الميراث أو الوصية أو غيرهما. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : العاشر، الصفحة : 716)

إذا أرشد الكفيل الدائن عن أموال المدين، فإنه يجب على الدائن بعد ذلك أن ينفذ على أموال المدين التي أرشد عنها الكفيل فإذا قام بذلك ووجدها كافية واستوفى حقه كاملاً برئت ذمة الكفيل أما إذا لم تكن هذه الأموال التي أرشد عنها الكفيل للوفاء بحق الدائن كأن تكون قيمتها قد إنخفضت أو تكون أقل مما قدرته المحكمة أو يظهر دائنون عاديون لمزاحمة الدائن، فإن الأخير يعود بعد ذلك إلى إتخاذ الإجراءات ضد الكفيل ولكن بشكل جديد بمعنى أن الإجراءات السابق إتخاذها قبل التمسك بالدفع والقضاء فيه تعد باطلة لا أثر لها.

أما إذا لم يبادر الدائن بعد التمسك بالدفع بالتنفيذ على أموال المدين التي أرشد عنها الكفيل أو تباطأ في إتخاذ الإجراءات التنفيذية فإن الدائن يكون مسئولاً قبل الكفيل عن إعسار المدين الذي يترتب على عدم اتخاذه الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب.

فقد يقوم المدين بعد التمسك بالدفع من قبل الكفيل بتهريب أمواله أو إخفائها أو التصرف فيها (وخاصة إذا كانت أمواله منقولة يسهل تهريبها أو إخفاؤها أو التصرف فيها) أو أن يدل الكفيل على عقار المدين في يد الغير فيتباطأ الدائن في اتخاذ الإجراءات اللازمة لقطع التقادم المكسب حتى تكاملت مدة التقادم للغير وملك العقار بهذا السبب من أسباب الملكية، ففي مثل هذه الأحوال يتحمل الدائن نتيجة تقصيره وخطئه فيسأل عن إعسار المدين قبل الكفيل.

والمسؤلية عن إعسار المدين تعني براءة ذمة الكفيل بقدر ما كان يستطيع الدائن أن يحصل عليه من المدين فيما لو اتخذ الدائن الإجراءات في الوقت المناسب وعلى أية حال فإن عبء إثبات تقصير الدائن في إتخاذ إجراءات التنفيذ على الأموال التي أرشد عنها الكفيل يقع على عاتق الأخير. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : العاشر ، الصفحة : 505)

إلزام الدائن بالتنفيذ على أموال المدين التي أرشد اليها الكفيل - لا يقتصر أثر الدفع بالتجريد على وقف إجراءات التنفيذ المتخذة على أموال الكفيل ، بل يقترن هذا الأثر بإلتزام الدائن بالتنفيذ على أموال المدين التي أرشده إليها الكفيل - وهي أموال لا بد أن يكون القاضى قد اقتنع بكفايتها لسداد حق الدائن بأكمله ، ويعتبر ذلك حقاً للدائن إزاء المدين وواجباً عليه إزاء الكفيل .

فإذا نفذ في الدائن علي أموال المدين وهل له حقه كاملاً ، انقضي بذلك حقه قبل المدين وإلتزامه إزاء الكفيل ، وبرأت ذمة كل من المدين والكفيل أما إذا لم يصب الدائن من إجراءات التنفيذ على أموال مدينه إلا بعض حقه فقط ، برأت أولا ذمة الكفيل بقدر ما حمله الدائن ، وتعين بعد ذلك البحث في سبب عدم تحصيل الدائن كامل حقه لتحديد المسئولية عن ذلك .

فإذا كان عدم تحميل الدائن باقی حقه من أموال المدين راجعاً الى سبب أجنبي عنه كما إذا كانت الأموال لا تساوي القيمة التي قدرها بها القاضي الذي قبل الدفع بالتجريد ، أو طرأ عليها ما نقص قيمتها ، أو إذا ظهر دائنون عاديون ذوو ديون سابقة لم تكن معلومة عند قبول الدفع بالتجريد تزاحموا الدائن في الاستيفاء من قيمة الأموال التي أرشد عنها الكفيل ، كان الدائن غير مسئول عن ذلك ، وجاز له التنفيذ بالباقي علي أموال الكفيل .

أما اذا كان عدم تحميل الدائن باقي حقه من أموال الدين راجعاً إلى خطأ منه أو إلى تأخره في تجريد أموال المدين ، كان مسئولاً عن ذلك وبرأت ذمة الكفيل بالقدر الذي يكون فيه الدائن مسئولاً وتطبيقاً لذلك نصت المادة 790 مدني على أنه «في كل الأحوال التي يدل فيها الكفيل على أموال المدين ، يكون الدائن مسئولاً قبل الكفيل عن إعسار المدين الذي يترتب على عدم اتخاذه الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب»، أي أنه إذا ثبت أنه لو لم يتأخر الدائن في تجريد أموال المدين لاستوفی منها حقه كاملاً ، وأنه بسبب تأخره في ذلك مكن المدين من التصرف، في بعض أمواله أو من زيادة ديونه بحيث أصبح الناتج من بيع أمواله متى أمكن التنفيذ عليها غير كاف لسداد جميع ديونه وتعين تقسيمه قسمة غرماء بين جميع دائنيه ، فان الدائن المكفول دينه يكون مسئولاً إزاء الكفيل عن القدر الذي لم يستطع تحميله من أموال المدين بسبب تأخره في إتخاذ إجراءات التجريد ، وتبرأ ذمة الكفيل بهذا القدر ذاته ،كان هو كل الباقي من الدين برأت ذمة الكفيل براءة تامة ، وإن كان أقل من باقي الدين بقى الكفيل ملزماً بالفرق. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء : التاسع ، الصفحة : 131)