loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : الخامس ، الصفحة : 514

مذكرة المشروع التمهيدي :

يتناول المشروع في هذه النصوص (م 1148 - 1149) حق التقسيم وقد إستبدل المادة 1148 بالمادة 504 / 616 من التقنين الحالي التي تعرض لمسألتين مختلفتين، فهي تبين أولاً مدى حق الدائن في الرجوع على الكفلاء إذا تعددوا ، أو ما يسمى بالتقسيم بين الكفلاء، ومن ناحية أخرى تعرض للتضامن بين الكفلاء وقد رأي المشروع من المناسب أن يبحث هنا مسألة التقسيم على أن يترك التضامن بين الكفلاء للنصوص الخاصة بالكفالة التضامنية على العموم وفيما عدا هذا فالحكم الوارد بالمادة 1148 هو بعينه المقرر في التقنين الحالي .

الأحكام

1- يلتزم الكفيل بتقديم الدليل على القدر الذى قبضه الدائن من الدين حتى يمكن خصمه منه ولا على المحكمة إن هى لم تلزم الدائن بتقديم هذا الدليل .

(الطعن رقم 32 لسنة 34 جلسة 1967/11/21 س 18 ص 1720 ق 260)

2- مقتضى التضامم نتيجة تعدد مصدر الدين مع بقاء محله واحدا ، أنه يجوز للدائن أن يطالب أى مدين بكل الدين ولا يجوز للمدين الذى دفع الدين أن يرجع على مدين آخر بذات الدين لانعدام الرابطة بينهما ولأنه إنما دفع عن نفسه .

(الطعن رقم 247 لسنة 30 جلسة 1967/11/21 س 18 ع 4 ص 1717 ق 259)

3- حق الدائن فى الرجوع على الكفلاء المتضامنين غير مقيد بأى قيد . فإذا كان الحكم قد إنتهى إلى أن الشريك المتضامن قد أخطأ فى الكفالة التى عقدها مع الغير بإخفائه حقيقة صفته فى النيابة عن الشركة ورتب على ذلك أن هذا الغير أصابه ضرر هو حرمانه من تضامن الشركة التى إدعى الشريك أنه يمثلها مع المدين فى الوفاء بالدين فإنه لايؤثر فى تحقق هذا الضرر القول بملاءة المدين أو الضامنين الآخرين . ولا يقبل من الشريك المذكور أن يدفع مسئوليته بالقول بوجود ضمان آخرين مسئولين لأن مسئوليته مردها الخطأ التدليسى .

(الطعن رقم 22 لسنة 23 جلسة 1957/06/27 س 8 ع 1 ص 625 ق 70)

شرح خبراء القانون

تنص المادة 792 مدني على ما يأتي :

"1- إذا تعدد الكفلاء لدين واحد وبعقد واحد وكانوا غير متضامنين فيما بينهم ، قسم الدين عليهم ، ولا يجوز للدائن أن يطالب كل كفيل إلا بقدر نصيبه في الكفالة" .

"2- أما إذا كان الكفلاء قد التزموا بعقود متوالية ، فإن كل واحد منهم يكون مسئولاً عن الدين كله ، إلا إذا كان قد احتفظ لنفسه بحق التقسيم" .

وظاهر أنه إذا كان للدين كفل واحد ، كما هو الغالب ، ورجع الدائن على الكفيل ، فإنه يطالبه بنفس الذي كفله ، وقد سبق أن حددنا مدى إلتزام الكفيل بالكفالة .

ولكن قد يتعدد الكفلاء للدين الواحد ، ويخلص من النص سالف الذكر أنه لتحديد المقدر الذي يطلب به الدائن كل كفيل عند الرجوع عليه ، يجب التمييز بين فرضين :

(الفرض الأول ) تعدد الكفلاء بعقد واحد .

(الفرض الثاني) تعدد الكفلاء بعقود متوالية .

وسنبحث كل من الفرضين .

تعدد الكفلاء بعقد واحد : إذا تعدد الكفلاء ، وكانوا جميعاً قد التزموا كفالة الدين بعقد واحد ، فالمشرع المصري يتخذ من وحدة العقد دليلاً على أن كل كفيل قد اعتمد على الكفلاء الآخرين ، فيقسم الدين فيما بين الكفلاء المتعددين بقوة القانون ، فإذا كان الكفلاء ثلاثة مثلاً ، وكان الدين تسعمائة ، وكفله الثلاثة بعقد واحد ، ولم يبينوا في عقد الكفالة مقدار ما يكفل كل منهم من الدين ، انقسم الدين عليهم بعدد الرؤوس ويكفل كل منهم ثلثمائة وعلى ذلك إذا طالب الدائن أي كفيل منهم ، لم يطالبه إلا بمقدار ثلثمائة فقط وإذا طالبه بأكثر من ذلك ، استطاع هذا أن يدفع الطلب بتقسيم الدين بل للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بتقسيم الدين دون طلب ، ولا تحكم على أي كفيل بأكثر من ثلثمائة والدين ينقسم على الكفلاء من وقت إبرام عقد الكفالة ، لا من وقت حكم المحكمة ، ولا من وقت الدفع بتقسيم الدين ، بل للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بتقسيم الدين دون طلب ، ولا تحكم على أي كفيل بأكثر من ثلثمائة والدين ينقسم على الكفلاء من وقت إبرام عقد الكفالة ، لا من وقت حكم المحكمة ، ولا من وقت الدفع بتقسيم الدين وعلى ذلك إذا أعسر احد الكفلاء بعد إبرام عقد الكفالة ، ولو قبل مطالبة الدائن الكفلاء بحقه ، فليس للدائن أن يوزع حصة الكفيل المعسر على سائر الكفلاء ، بلي تحمل وحده نتيجة هذا الإعسار.

تعدد الكفلاء بعقود متوالية : وإذا تعدد الكفلاء ، ولكن بعقود متوالية لا بعقد واحد ، ولو كانوا جميعاً يكفلان ديناً واحداً ومديناً واحداً ، فالمفروض أن تعدد العقود التي كفلوا الدين بموجبها لا يجعلهم يعتمدون بعضهم على بعض ، ولما كان كل منهم قد كفل كل الدين بعقد على حدة ، فقد أصبح كل منهم مسئولاً عن كل الدين ، ولكنهم لا يكونون مسئولين بالتضامن بل بالتضامم .

وعلى ذلك إذا طالب الدائن أحد هؤلاء الكفلاء ، فإنه يطالبه بالدين كله ، لا بجزء منه كما كان يفعل في الفرض السابق إذا تعدد الكفلاء بعقد واحد فانقسم الدين عليهم فإذا استوفى الدائن الدين كله من أحد الكفلاء برئت ذمة الكفلاء الباقين نحوه ، ولكن الكفيل الذي دفع كل الدين يرجع بدعوى الحلول على سائر الكفلاء كل بقدر نصيبه في الدين كما سنرى أما إذا لم يستوف الدائن إلا جزءاً من الدين ، فإنه يستطيع أن يستوفي بقية الدين من أي كفيل آخر لأن هذا الكفيل مسئول عن كل الدين كما قدمنا ، فيكون بالبداهة مسئولاً عن بقيته إذا كان الدائن قد إستوفى جزءاً منه ثم يرجع الكفيلان اللذان دفعا كل الدين بدعوى الحلول على سائر الكفلاء ، فينقسم الدين عليهم في النهاية وذلك في العلاقة فيما بينهم لا في علاقتهم مع الدائن. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : العاشر ، الصفحة : 116)

قد يتعدد الكفلاء لضمان الدين بموجب عقد واحد قد يكون هو عقد الدين أو عقد لاحق ومن ثم ينقسم الدين عليهم بعددهم وذلك بحكم القانون فإن رجع الدائن على أحدهم بكل الذين كان لهذا الكفيل أن يدفع بتقسيم الدين بينه وبين باقي الكفلاء فيقسم الدين بالتساوي فيما بينهم ولا يلزم كل كفيل إلا بقدر نصيبه من الدين، ويجوز للمحكمة، ولو من تلقاء نفسها، أن تقسم الدين ولا تلزم الكفيل الذي رجع الدائن عليه إلا بقدر نصيبه ويترتب على ذلك أنه إذا أعسر أحد الكفلاء تحمل الدائن حصة هذا الكفيل، ويشترط لهذا التقسيم انتفاء التضامن بين الكفلاء إذ في حالة التضامن يجوز الرجوع بكل الدين على أي من الكفلاء، وأن كان هناك تضامن بين بعض الكفلاء وبين المدين، جاز الرجوع بكل الدين على أي من الكفلاء المتضامنين مع المدين أما غير المتضامنين فيقسم الدين بالنسبة لهم بعدد الكفلاء جميعاً. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : العاشر ، الصفحة : 720)

إذا كفل الدين كفيل واحد كان للدائن أن يرجع إليه بكل الدين.

أما إذا تعدد الكفلاء لدين واحد وفي عقد واحد فإن ذلك يدل على أن كل كفيل منهم قد اعتمد على غيره من الكفلاء في الوفاء بالدين ولذلك فإن الدين ينقسم عليهم عند مطالبة الدائن لهم.

ويشترط لكي يثبت للكفيل هذا الحق في التقسيم توافر الشروط الآتية :

(1) - تعدد الكفلاء :

فلا مجال للتقسيم بين الكفيل والمدين، فالدفع بالتجريد هو الذي يمكن أن يثار في علاقة الكفيل بالمدين.

ويجب أن يكون الكفلاء متعددين ، فإذا كان الكفيل واحداً ، فلا مجال بداهة للتقسيم.

(2) - أن تكون كل كفالة من هذه الكفالات المتعددة كفالة شخصية :

أما إذا وجد بين الكفلاء كفيل عيني فلا يستفيد بهذا الحق في التقسيم إذ أنه قدم مالاً معيناً لضمان المدين فإذا جاء الدائن وأراد التنفيذ على هذا المال فإن الكفيل العيني لا يستطيع أن يحتج بالدفع بالتقسيم بينه وبين الكفلاء الشخصيين وإنما - كما رأينا - يلتزم بألا ينفذ على أموال الكفيل الشخصي إلا بعد التنفيذ على المال الذي رهنه الكفيل العيني ضماناً للدين .

(3) - أن يكون الكفلاء المتعددون قد كفلوا مديناً واحداً :

أما إذا تعدد المدينون لدين واحد وكانوا متضامنين فيما بينهم، وقدم كل منهم كفيلاً للدائن، فإن الدين لا ينقسم بين هؤلاء الكفلاء إذ لا علاقة بينهم فكل منهم يضمن الدين الذي كفله وهو الدين في مجموعه، لأن كل مدين متضامن يسأل عن الدين في مجموعة.

أما إذا كان المدينون غير متضامنين فإن الدين ينقسم ابتداء على المدينين، ويقسم بالتالي على الكفلاء، لا لتعدد الكفلاء وانقسام الدين عليهم، بل تعدد المدينين وعدم التضامن بينهم.

ولكن شرط وحدة المدين لا يعني أن يكون شخصاً واحداً ، فإذا تعدد المدينون وكانوا متضامنين وتعدد الكفلاء، وكفل كل منهم المدينين جميعاً فإن شرط وحدة المدين يتحقق وينقسم الدين على الكفلاء .

(4) - أن يكون الكفلاء المتعددون قد كفلوا دیناً واحداً :

أما إذا إختلفت الديون فلا وجه للتقسيم، ولذلك لا يجوز لكفيل الكفيل أن يتمسك بتقسيم الدين بينه وبين الكفيل، لأن كل منهما يكفل ديناً مختلفاً، فالكفيل يضمن التزام المدين أما كفيل الكفيل فهو يضمن إلتزام الكفيل .

(5) - ألا يكون الكفلاء المتعددون متضامنين فيما بينهم :

لأنه إذا كان الكفلاء المتعددون متضامنين، فإن منطق التضامن يقضي بأن للدائن حقاً في أن يطالب أياً منهم بكل الدين فإذا كان أحد الكفلاء متضامناً مع المدين فإنه يكون بذلك قد وضع نفسه في نفس مركز المدين الأصلي، وبالتالى فلا يحق له التمسك بالتقسيم بينه وبين الكفلاء الآخرين ويسأل عن الدين كله، ويثبت للكفلاء الآخرين الحق في التقسيم إذا كانوا غير متضامنين فيما بينهم.

آثار الدفع بالتقسيم :

إذا توافرت الشروط وجب على الدائن أن يقسم دعواه على الكفلاء، فلا يكون له الحق في أن يطالب أياً منهم إلا بقدر حصته من الدين فإذا كان الدين 3000 جنيه كفله ثلاثة أشخاص، فلا يجوز للدائن أن يطالب أياً منهم إلا بمبلغ 1000 جنيه.

وتقسيم الدين بالتساوي يفترض أنه ليس هناك إتفاق على خلاف ذلك.

ويقع التقسيم بقوة القانون ولو لم يطلبه الكفلاء ويجوز للكفيل أن يتمسك بهذا الدفع في أي حالة تكون عليها الدعوى، بل يجب على المحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها دون حاجة لأن يتمسك به الكفيل.

ويترتب على ذلك أنه إذا أعسر أحد الكفلاء فإن الدائن هو الذي يتحمل حصة المعسر منهم وهذا بخلاف ما هو عليه الحال في فرنسا.

إلتزام الكفلاء بعقود متوالية إذا كان الكفلاء قد التزموا بعقود متوالية عن دين واحد، فإن كل واحد منهم يكون مسئولاً عن الدين كله، إلا إذا كان قد احتفظ لنفسه بحق التقسيم. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : العاشر، الصفحة : 510)

تنص المادة 792 فقرة أولى مدني على أنه «إذا تعدد الكفلاء لدين واحد وبعقد واحد وكانوا غير متضامنين فيما بينهم ، قسم الدين عليهم ، ولا يجوز للدائن أن يطالب كل كفيل إلا بقدر نصيبه في الكفالة».

(وكانت تقابلها في التقنين الملغى المادة 504 فقرة أولى 615).

وظاهر أن هذا النص يعتبر تطبيقاً للقواعد العامة السابق الإشارة إليها ، حيث أنه يقضى في هذه الحالة بانقسام الدين بين الكفلاء من وقت الكفالة ويقدر نصيب كل منهم فيها ويترتب على ذلك جواز وفاء كل منهم بنصيبه فقط و عدم جواز مطالبة أي منهم بأكثر من نصيبه .

ويفرض في الأنصبة أنها متساوية وتعيين بقيمة الدين علي علي الكفلاء كلهم ما لم تحدد الكفالة أنصبة متفاوتة ولا عبرة في تحديد أنصبتهم بما يطرأ على بعضهم من إعسار بعد عقد الكفالة ، فإن الدائن هو الذي يتحمل نتيجة ذلك .

غير أنه إذا اجتمع كفيل شخصي وكفيل عيني ، انقسم الدين بينهم بإعتبار الكفيل الشخصي ملتزماً بكل الدين والكفيل العيني ملتزماً في جدود قيمة المال الذي خصصه للوفاء ، فإن كانت هذه القيمة معادله الدين أو مجاوزة إياه اعتبر الكفيل العيني ملتزماً بكل الدين وانقسم الدين بينه وبين الكفيل الشخصي مناصفة ، أما إن كانت قيمة المال الذي رهنه الكفيل العيني أقل من قيمة الدين انقسم الدين بينهما بنسبة هذه القيمة إلى مجموع قيمة إلتزامهما ، أي أنه إذا كان الدين ثلاثة آلاف وقيمة المال المرهون نصف هذا المبلغ كان الكفيل الشخصي ضامناً ثلاثة الآلاف كلها والكفيل العيني ألفاً وخمسمائة فينقسم الدين بينهما ثلاثاً أي أن الكفيل الشخصي يكون ملزماً بألفين والكفيل العيني بألف فقط .

فيما عدا حالة تعدد الكفلاء البسيط التي قرر المشرع بشأنها في المادة 792 فقرة أولى مدنی قاعدة انقسام الدين بين جميع الكفلاء ، وهي حالة كفلاء الدين الواحد في ذمة مدين واحد بعقد واحد ودون تضامن فيما بينهم أو فيما بين كل منهم والمدين ، توجد على الأقل حالتان أخريان يتمدد فيهما كفلاء الدين الواحد في ذمة دين واحد ، هما :

(1) حالة تنعي الكفلاء معقد وافق مع التضامن فيما بينهم أو فيما بين كل منهم والمدين .

(2) وحالة تعدد الكفلاء بعقود متوالية .

حالة تضامن الكفلاء - إذا تعدد كفلاء الدين ولا على في ذمة مدين واحد والتزموا بالتضامن فيما بينهم ، فلا ينقسم الدين بينهم ، بل يجوز للدائن أن يطالب كلا منهم بكل الدين لأن إلتزام كل منهم بالتضامن مع الآخرين يتضمن النزول عن حق تقسيم الدين .

وكذلك إذا لم يلتزم الكفلاء بالتضامن فيما بينهم ، ولكن إلتزم كل منهم بالتضامن مع المدين ، لأن تضامن أحد الكفلاء مع المدين يفيد نزوله من انقسام الدين و استعداده لأن يفي وحده بكل الدين إذا ما طولب به ، فإذا كان بعض الكفلاء متضامنين مع المدين والبعض الآخر غير متضامنين ، كان التقسيم من حق هؤلاء دون أولئك ، وتحسب حصة كل من الكفلاء الذين ينقسم الدين بينهم بقسمة الدين على عدد الكفلاء جميعاً بما فيهم المتضامنين مع الدين الأن تضامن أحد الكفلاء يجب ألا يضر بالباقين .

(2) حالة تعدد الكفلاء دون تضامن ولكن بعقود متوالية - في التقنين الملغي كانت المادة 616 و 615/504 التي قررت في فقرتها الأولى مبدأ انقسام الدين بين الكفلاء الذين التزموا بعقد واحد وبغير شرط التضامن تنص في فقرتها الثانية على أنه إذا كانت الكفالة حاصلة بعدة عقود متوالية ، فهذا لا يدل على تضامن الكفلاء ولكن قد يتضح التضامن من قرائن الأحوال .

وكان غرض المشرع من هذا النص أن يقرر أنه لا يجوز أن يستنبط بطريق مفهوم المخالفة من النصر السابق (أي من المادة 504 فقرة أولى / 665) أنه إذا تعدد الكفلاء بعقود متوالية امتنع التقسيم بينهم حتماً فقرر المشرع في المادة 504 فقرة ثانية / 616 أنه إذا تعدد الكفلاء بعقود متوالية ، فإن ذلك لا يعتبر قرينة قانونية على تضامنهم ولكن يجوز القاضي أن يتخذ منه قرينة قضائية على ذلك تبعاً لظروف الحال ، ولم يقصد المشرع بالتضامن الذي ذكره في هذا النص حقيقة معناه الفني لأنه لم يكن في صدد تقرير أحوال التضامن وإنما قصد به المعنى المناقض الإنقسام الدين الذي قرره في النص السابق ، أي أنه قصد بالتضامن في حكم هذا النص مجرد عدم إنقسام الدين وإلتزام كل واحد من الكفلاء الذين تتابعوا في تقديم كفالتهم بكل الدين دون أن يكون لأي منهم طلب التقسيم (236).

وقد نصت المادة 792 فقرة ثانية مبني على أنه «إذا كان الكفلاء قد التزموا بعقود متوالية ، فإن كل واحد منهم يكون مسئولاً عن الدين كله ، إلا اذا كان قد احتفظ لنفسه بحق التقسيم ، وظاهر من هذا النص (أولاً) أنه قد إستبدل بعبارة التضامن التي كان النص القديم يستعملها قوله « إن كل واحد منهم يكون مسئولاً عن الدين كله » ولا شك في أن التعبير الجديد أكثر مطابقة لقصد المشرع ، و(ثانياً) أنه لم يكتف بالقرينة القضائية التي كانت متروكة لتقدير القاضي بل أنشأ من إلتزام الكفلاء بعقود متوالية قرينة قانونية على أن كل واحد منهم جعل نفسه هو مسؤولاً عن الدين كله ، ولكنها قرينة قابلة لإثبات العكس إذ يجوز لكل من الكفلاء أن يثبت أنه قصد أن يتعاون في ضمان الدين مع سائر الكفلاء وأن يقتصر إلتزامه على نصيبه بينهم ، وهذا ما قصده المشرع بقوله إلا اذا كان قد احتفظ لنفسه بحق التقسيم .

ومع أن الأصل في إثبات عكس القرائن القانونية أن يجوز بكافة الطرق بما فيها البينة والقرائن ، فإن إثبات عكس هذه القرينة بالذات لا يكون الا بالكتابة أو بما يقوم مقامها ، وذلك لأن مثل هذا الإثبات إرادة ذات أثر قانونی أو بعبارة أخرى عمل قانونی ، ولأن هذا العمل القانوني من شأنه لو ثبت أن يعدل من آثار عقد الكفالة وهي عمل قانونی يجب وفقاً للقانون الحالي ثبوته بالكتابة ، فلا يجوز إثبات تعديله إلا بالكتابة أيضاً أو بما يقوم مقامها .

(ب) تعدد كفلاء الدين الواحد في دمة عدة مدينين - أما إذا تعدد كفلاء الدين الواحد وتعدد أيضاً المدينون بهذا الدين ، إما أن يكون هؤلاء المدينون متضامنين أو غير متضامنين وفي كلتا الحالين أما أن يكفل جميع الكفلاء جميع المدينين بالتضامن فيما بينهم أو دون تضامن ، وأما أن يكفل كل واحد من الكفلاء بعض المدينين دون البعض الآخر .

فإذا كان المدينون غير متضامنين وكفلهم جميعا على الكفلاء دون تضامن بينهم ، فإن كانت كفالة الجميع بعقد واحد ، انقسم الدين بين الكفلاء كل منهم بقدر نصيبه ، وإن كانت كفالتهم بعقود متوالية خلال حق أحدهم في تقسيم الدين إلا اذا كان قد احتفظ لنفسه بهذا الحق .

ولا حق لهم في التقسيم كذلك إذا التزموا بالتضامن فيما بينهم.

وإذا كان الديون غير قاعدين وكل كل وأمه من الكفلاء بنعض المدينين دون البعض الآخر ، انقسم الدين أو بين المدينين ، وتعنت الديون بقدر عدد المدينين ، وألزم كفيل كل مدين بنصيب هذا الدين فقط ، فإذا تعدد كفلاء الدين الواعد، طبقت عليهم القواعد التي تقدمت في شأن تعدد كفلاء الدين الواحد في ذمة مدين واحد .

أما إذا كان المدينون متضامنين وكفلهم جميعاً كل الكفلاء متضامنين فيما بينهم ، فلا حق لهم في التقسيم .

وان لم يكونوا متضامنين فيما بينهم ، فإن كانت كفالتهم بعقد واحد انقسم الدين بينهم ، وإن كانت كفالتهم بعقود متوالية ، فلا حق لأحد منهم في التقسيم ، إلا إذا كان قد احتفظ لنفسه بذلك.

أما إذا كان المدينون متضامنين وكفل كل واحد من الكفلاء بعض المدينين دون البعض ، فلا يكون ثمة تقسيم الأ بين كفلاء المدين الواحد غير المتضامنين فيما بينهم فإذا كان المدينون المتضامنون اثنين مدينين بألف جنيه وكفل أولهما كفيل واحد وكفل الثاني إثنان من الكفلاء دون تضامن ، إلتزم الكفيل الأول بالألف كلها والتزم كل من الكفيلين الآخرين بخمسمائة إذا كانت كفالتهم بعقد واحد ، وإلا إلتزم كل منهما أيضاً بالألف كلها ما لم يكن قد احتفظ لنفسه بحق التقسيم .

في الكفالة الصادرة بعقد واعد من كفلاء غير متضامنين - إذا تعدد الكفلاء بعقد واحد ودون تضامن بينهم ، انقسم الدين عليهم ولم يلتزم كل منهم إلا بقدر نصيبه من الدين وقت الكفالة فإذا طولب أحدهم بأكثر من نصيبه ، وجب عليه أن يقتصر على الوفاء بنصيبه وأن يمتنع عن الوفاء بالباقي ، فإذا لم يمتنع ، كان وفاؤه بما يجاوز نصية وفاء غير الملتزم ، فتبرأ به ذمة المدين وذمة بسائر الكفلاء إزاء الدائن ولكن لا يترتب عليه المصلحة الموفي ما يترتب على الوعاء الذي يصدر من کفیل ملتزم بالدين عن غيره .

وبناءً علي ذلك لا يكون للكفيل الذي وفى زيادة عن نصيبه أن يرجع الزيادة على المدين لا بدعوي الكفالة المنصوص عليها في المادة 800 مدني ولا بدعوى الحلول محل الدائن المنصوص عليها في المادة 799 مدني ، لأن كلتا المدعويين مفروض فيهما أن الكفيل قد وفي ما هو ملزم بوفائه بصفته كفيلاً ، أما ما وفاء دون الزام عليه بذلك فلا يكون له رجوع به إلا وفقاً للقواعد العامة ولا تثبت له بشأنه إلا دعوى الإثراء دون سبب.

وإذا كان هذا هو أثر وفاء الكفيل ما يجاوز نصيبه في العلاقة ما بينه وبين المدين ، فإن أثر هذا الوفاء في العلاقة ما بين الموفي وغيره من الكفلاء لا يمكن أن يكون أكثر من ذلك لإنعدام الصلة المباشرة بين الموفي وهؤلاء ، ولأن هذا الوفاء لا يمكن أن يخول الموفي حقوقاً قبل الكفلاء الآخرين أكثر مما يخوله قبل المدين الأصلي ، بل الواقع أنه يخوله قبل كل منهم جزءاً فقط مما يخوله قبل المدين الأصلي ، لأن الأخير ملتزم بكل الدين فتعود عليه الفائدة المترتبة على الوفاء كلها ويجوز الرجوع عليه بقدر هذه الفائدة كلها بدعوى الإثراء دون سبب ، وهذا دون إخلال بحق الكفيل الوفي في الرجوع عليه بقدر نصيبه من الدين بدعوى الكفالة أو بدعوى الحلول ، أما كل واحد من الكفلاء الآخرين ، فلأنه غير ملتزم إلا بنصيبه في الدين الأصلي ، لا تعود عليه من الوفاء فائدة إلا بقدر هذا النصيب ، فلا يجوز الرجوع عليه بدعوى الإثراء دون سبب إلا في حدود هذا النصيب ذاته ، وقد تقدم أنه يتحدد وقت الكفالة حسب عدد الكفلاء ومدى كفائتهم وأنه لا يتأثر بما يطرأ بعد ذلك من إعسار على بعض الكفلاء .

وقصارى القول أنه إذا وفى الكفيل زيادة عن نصيبه فلا يكون له فيما يتعلق بهذه الزيادة رجوع على الكفلاء الآخرين لا بدعوى الإثراء دون سبب ، ولا يرجع على كل منهم الا مقدر فيه الأصلي الذي تحدد من وقت الكفالة وبقطع النظر عما طرأ بعد ذلك من إعسار بعض الكفلاء ، فيتحمل الموفي نتيجة هذا الإعسار أو يرجع بقيمتها على المدين أو على الدائن أن كان المدين نفسه معسراً ، لأن الأصل عندنا في حالة إنقسام الدين بين الكفلاء أن يتحمل الدائن نتيجة أحدهم .

في حالة إلتزام كل من الكفلاء بجميع الدين دون تضامن بينهم - إذا تعدد الكفلاء بعقود متوالية التزم كل منهم بالدين بأكمله ولا يترتب على ذلك وجود تضامن بينهم بالمعنى الحقيقي.

فإذا وفي أحدهم كل الدين ، جاز له الرجوع على الدين أو على الكفلاء الآخرين ، وكان له في ذلك دعويان إحداهما شخصية والثانية دعوى الحلول محل الدائن،

ولا نزاع في أنه إذا كان رجوع الكفيل الموفي على غيره من الكفلاء المتضامنين معه لا يكون إلا بقدر حصة كل منهم وما يخصه في حصة من أعسر ، فإن رجوع الكفيل الموفي على الكفلاء غير المتضامنين معه الذين اعتبر كل منهم ملزماً بالدين بأكمله لمجرد صدور الكفالة منهم بستری متوالية لا يمكن أن يكون مداه أوسع من ذلك فيستبعد إذن باديء الأمر أن يكون الكفيل الموفي في هذه الحالة حق الرجوع على أي من الوكلاء الآخرين بكل الدين.

وكذلك يتعين أن يستبعد أيضاً في هذه الحالة حكم الحالة الأولى التي ينقسم فيها الدين بقوة القانون على جميع الكفلاء من وقت الكفالة بحيث يتحمل الدائن وحده خطر إعسار أي من الكفلاء بعد عقد الكفالة ، لأن القانون إذ نص على جعل الكفلاء الذين التزموا بعقود متوالية مسئولین كل منهم عن الدين كله (المادة 792 فقرة ثانية) ، قد قصد بذلك أن يدرأ عن الدائن خطر إعسار أحد الكفلاء بعد الكفالة ، وأن يجعل هذا الخطر على عاتق الكفلاء كما في حالة وجود تضامن بينهم وخلافاً للحالة التي ينقسم فيها الدين بين الكفلاء الذين التزموا بعقد واحد .

لذلك يتعين القول بأنه إذا كان الكفلاء ملتزمين كل منهم بالدين بأكمله ولو دون تضامن بينهم شأن الموفي منهم يكون له كما في حالة التضامن أن يرجع على كل من الآخرين الموسرين بحصته الأصلية في الدين وبما يخصه في حصة الكفلاء الذين أعسروا .

ويستوي في ذلك كما في حالة التضامن أيضاً أن يكون رجوعه بالدعوى الشخصية المبنية على الإثراء دون سبب أو بدعوى الحلول محل الدائن. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء : التاسع ، الصفحة : 150)

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الرابع والثلاثون ، الصفحة /  309

تَعَدُّدُ الْكُفَلاَءِ:

34 - لِلدَّائِنِ الْمَكْفُولِ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْكُفَلاَءِ بِكُلِّ الدَّيْنِ إِذَا كَانَتْ كَفَالَتُهُمْ عَلَى التَّعَاقُبِ، وَيَكُونُ الْكَفِيلُ الأْوَّلُ بِالنِّسْبَةِ لِلْكَفِيلِ الثَّانِي كَالأْصِيلِ  بِالنِّسْبَةِ لِلْكَفِيلِ الْمُنْفَرِدِ؛ لأِنَّ  كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَفِيلٌ بِكُلِّ الدَّيْنِ فَلاَ يُؤَثِّرُ فِي ضَمَانِهِ أَنْ يَضْمَنَهُ غَيْرُهُ، وَإِذَا تَعَدَّدَ الْكُفَلاَءُ بِالدَّيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّ الدَّيْنَ يَنْقَسِمُ عَلَيْهِمْ بِحَسَبِ رُءُوسِهِمْ - عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - لأِنَّ  الضَّامِنَ لِلدَّيْنِ مَجْمُوعُهُمْ، فَصَارُوا فِي ضَمَانِهِ شُرَكَاءَ، وَالْمَكْفُولُ بِهِ يَقْبَلُ الاِنْقِسَامَ، فَوَجَبَ أَنْ يَنْقَسِمَ عَلَيْهِمْ.

وَالْقَوْلُ الآْخَرُ لِلشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ لِلدَّائِنِ قِبَلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنَ الْحُقُوقِ مَا لَهُ قِبَلَ الْكَفِيلِ الْمُنْفَرِدِ، إِذْ يُعَدُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَفِيلاً بِكُلِّ الدَّيْنِ.

وَزَادَ الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الدَّائِنَ لَوِ اشْتَرَطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ، كَانَ لَهُ أَخْذُ جَمِيعِ حُقُوقِهِ مِنْ أَحَدِهِمْ إِنْ غَابَ غَيْرُهُ أَوِ افْتَقَرَ فَصَارَ مُعْدَمًا، أَمَّا إِنْ حَضَرُوا جَمِيعًا مَلاَءً فَإِنَّهُ يَتْبَعُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِحِصَّتِهِ فَقَطْ حَسَبَ انْقِسَامِ الدَّيْنِ عَلَيْهِمْ .

_________________________________________________________________

كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله )محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية(بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية  1891 افرنجيه

مادة 747)
إذا تعدد الكفلاء بدين وكان كل منهم قد كفله جميعه على حدته بعقود متعاقبة يطالب كل منهم إلا بحصته من الدين المكفول.
فإن التزم كل منهم منفرداً بجميع ما لزم في ذمة الآخر فللدائن أن يطالب كلاً منهم بجميع الدين.

 

مجلة الأحكام العدلية

مادة (647) مطالبة الكفلاء المتعددين

لو كان لدين كفلاء متعددون فإن كان كل منهم قد كفل على حدة يطالب كل منهم بمجموع الدين وإن كانوا قد كفلوا معاً يطالب كل منهم بمقدار حصته من الدَّين. ولكن لو كان قد كفل كل منهما المبلغ الذي لزم في ذمة الآخر ففي هذه الحال يطالب كل منهم بمجموع الدَّين. مثلاً لو كفل أحد آخر بألف ثم كفل ذلك المبلغ غيره أيضاً فللدائن أن يطالب من شاء منهما وأما لو كفلا معاً يطالب كل منهما بنصف المبلغ المذكور إلا أن يكون قد كفل كل منهما المبلغ الذي لزمه الآخر فعلى ذلك الحال يطالب كل منهما بالألف.