مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : الخامس ، الصفحة : 530
مذكرة المشروع التمهيدي :
المادة 1152 تطابق المادة 506 / 618 من التقنين الحالى وحكمها هو الحكم الطبيعي المقرر في حالة تعدد المسئولين عن الدين ، كما أن تطبيقة لم يثر صعوبة ما في العمل .
1- الحكم الذى يصدر على الكفيل المتضامن لا يعتبر حجة على المدين إذا لم يكن مختصماً فى الدعوى وذلك سواء فى القانون المدنى الملغى أو فى القانون القائم فقد إستقر قضاء محكمة النقض فى ظل القانون الملغى على أن حكم المادة 110 منه الذى يقضى بأن مطالبة أحد المدينين المتضامنين مطالبة رسمية وإقامة الدعوى عليه بالدين بسريانه على باقى المدينين ، هذا الحكم لا يسرى إلا فيما بين المدينين المتضامنين بعضهم و بعض و لا يجوز أن يسوى فى حكمه عن طريق القياس بين الكفيل المتضامن و المدين المتضامن لأن تضامن الكفيل مع المدين لا يصيره مديناً أصلياً بل يبقى إلتزامه تبعياً . أما القانون القائم فقد نص فى المادة 296 منه على أنه إذا صدر حكم على أحد المدينين المتضامنين فلا يحتج بهذا الحكم على الباقين ومقتضى ذلك أنه فيما بين المدينين المتضامنين أنفسهم لا يعتبر الحكم الصادر ضد أحدهم حجة على باقيهم و من باب أولى لا يكون الحكم الصادر على الكفيل المتضامن حجة على المدين .
(الطعن رقم 64 لسنة 33 جلسة 1968/02/22 س 19 ع 1 ص 327 ق 51)
2- الكفيل المتضامن وإن كان يفقد بعض المزايا المقررة للكفيل العادى والتى لا تتفق أساساً مع فكرة التضامن ، إلا انه يظل ملتزماً إلتزاماً تابعاً يتحدد نطاقه طبقاٌ للقواعد العامة بموضوع الإلتزام الأصلى فى الوقت الذى عقدت فيه الكفالة .
(الطعن رقم 431 لسنة 31 جلسة 1966/04/05 س 17 ع 2 ص 797 ق 107)
تنص المادة 796 مدني على ما يأتي :
"إذا كان الكفلاء متضامنين فيما بينهم ووفى أحدهم الدين عند حلوله ، كان له أن يرجع على كل من الباقين بحصته في الدين بنصيبه في حصة المعسر منهم" .
وهذا النص مقصور على حالة واحدة من حالات تعدد الكفلاء الشخصيين الذين يضمنون ديناً واحداً ، وهي حالة ما إذا كان هؤلاء الكفلاء متضامنين فيما بينهم وقد سبق أن استعرضنا حالة تعدد الكفلاء لدين واحد إذا كانوا غير متضامنين فيما بينهم ، سواء التزموا بعقد واحد أو بعقود متوالية ، فأوردنا نص المادة 792 مدني في هذا الشأن وهي تجري على الوجه الآتي :
1- إذا تعدد الكفلاء لدين واحد وبعقد واحد وكانوا غير متضامنين فيما بينهم ، قسم الدين عليهم ، ولا يجوز للدائن أن يطالب كل كفيل إلا بقدر نصيبه في الكفالة .
2- أما إذا كان الكفلاء قد إلتزموا بعقود متوالية ، فإن كل واحد منهم يكون مسئولاً عن الدين كله ، إلا إذا كان قد احتفظ لنفسه بحق التقسيم".
وبينا أنه إذا كان الكفلاء قد إلتزموا بعقود متوالية ، فإن كلا منهم يكون مسئولاً عن كل الدين ، ولكن لا على سبيل التضامن بل على سبيل التضامم .
وعلى ذل إذا تعدد الكفلاء لدين واحد ، فإما أن ينقسم الدين بينهم ولا يكون كل منهم مسئولاً إلا بقدر نصيبه في الكفالة ، أو لا ينقسم الدين ويكون كل منهم مسئولاً عنه بأكمله إما على سبيل التضامن أو على سبيل التضامم فنبحث كلاً من الحالتين .
الحالة الأولى – تعدد الكفلاء وإنقسام الدين بينهم : قدمنا أنه إذا تعدد الكفلاء وكانوا جميعاً قد إلتزموا كفالة الدين بعقد واحد ، فالمشرع يتخذ من وحدة العقد دليلاً على أن كل كفيل قد اعتمد على الكفلاء الآخرين ، فينقسم الدين فيما بين الكفلاء المتعددين بقوة القانون ويشترط لذلك :
1 - أن يتعدد الكفلاء الشخصيون .
2 - وأن يكفل الكفلاء المتعددون نفس الدين
3 - أن يكفلوا نفس المدين .
4 - وألا يكونوا متضامنين فيما بينهم .
وعلى ذلك لا يكون كل كفيل ملتزماً إلا بقدر نصيبه في الكفالة ، فإذا وفى هذا النصيب للدائن ، لم يرجع بشيء على الكفلاء الآخرين لأنه لم يف بأنصبائهم في الدين بل وفى بنصيبه وحده وإنما يرجع على المدين الذي كفله بمقدار ما وفى عنه من الدين ، إما بالدعوى الشخصية أو بدعوى الحلول ، وقد سبق بيان ذلك وهو إذا وفى بنصيب أحد الكفلاء الآخرين ، وهو غير مسئول عن هذا النصيب كما قدمنا ، لم يستطع الرجوع عليه بدعوى الحلول ، وإنما يرجع عليه بالدعوى الشخصية المبنية على الإثراء بلا سبب فيرجع بأقل القيمتين ، القيمة التي دفعها ومقدار ما أفاد منه هذا الكفيل.
وإذا أعسر أحد الكفلاء ، لم يتحمل أحد من الباقين أي نصيب في حصة المعسر ، بل يتحمل الدائن وحده حصة الكفيل المعسر .
الحالة الثانية – تعدد الكفلاء مع التضامن أو التضامن فيما بينهم : أما إذا تعدد الكفلاء متضامنين أو متضامين فيما بينهم ، فلا فرق في الحكم بين حالة التضامن وحالة التضامم ، لا في مسئولية كل كفيل نحو الدائن عن كل الدين ، ولا في رجوع الكفيل على كل من الكفلاء الباقين بحصته في الدين وبنصيبه في حصة المعسر وقد تكفل ببيان الحكم الأول وهو مسئولية كل كفيل عن كل الدين الفقرة الثانية من المادة 792 مدني ، وتكفل ببيان الحكم الثاني وهو رجوع الكفيل على كل من الكفلاء الآخرين بحصته وبنصيبه في حصة المعسر المادة 796 مدني ولا فرق بين الإلتزام التضامني والإلتزام التضاممي إلا في أنه في الإلتزام التضامني تجمع بين المدينين المتضامنين وحدة المصلحة المشتركة وهذه المصلحة هي التي تبرر أن كل مدين متضامن يمثل الآخرين فيما ينفعهم لا فيما يضرهم ، أما في الإلتزام التضاممي فلا توجد مصلحة مشتركة بين المدينين المتضامنين فلا يقوم هذا التمثيل بينهم حتى فيما ينفعهم.
وتقول المادة 796 مدني كما رأينا ، فيما إذا كان الكفلاء متضامنين فيما بينهم ، أن للكفيل الذي وفى الدين كله عند حلوله "أن يرجع على كل من الباقين بحصته في الدين وبنصيبه في حصة المعسر منهم" وهذا هو الحكم أيضاً فيما إذا كان الكفلاء متضامنين لا متضامين ، فيجوز للدائن أن يرجع بكل الدين على أي كفيل منهم ، ولهذا الكفيل أن يرجع على كل من الباقين بحصته في الدين وبنصيبه في حصة المعسر و الكفلاء ، متضامنين أو كانوا أو متضامين ، ليسوا إلا مدينين للدائن متضامنين أو متضامين ، وقد قدمنا ألا فرق بين المدينين المتضامنين والمدينين المتضامنين إلا في وحدة المصلحة المشتركة ، ولسنا الآن في صددها .
وأساس رجع الكفيل الذي وفى بكل الدين على الكفلاء الآخرين هو نفس أساس رجوع المدين المتضامن أو المدين المتضامم على المدينين الآخرين ، فيرجع الكفيل الذي وفى بكل الدين على كل مدين من المدينين الآخرين إما بالدعوى الشخصية أو بدعوى الحلول.
فإذا رجع بالدعوى الشخصية ، فإنه يرجع بدعوى الوكالة أو بدعوى الفضالة أو بدعوى الإثراء بلا سبب ، وتسرى هنا قواعد رجوع المدين المتضامن إذا وفى بكل الدين على سائر المدينين المتضامنين ، وإذا رجع بدعوى الحلول ، فإنه يحل محل الدائن الذي وفاه الدين ، ولكنه يجرع على كل 205 كفيل متضامن معه أو متضامم بقدر حصته في الدين وبنصيبه في حصة المعسر كما سنرى .
شروط هذا الرجوع : ويشترط في رجوع الكفيل على باقي الكفلاء ، سواء بالدعوى الشخصية أو بدعوى الحلول ، أن يكون هذا الكفيل قد وفى الدين كله للدائن ، وان يكون هذا الوفاء مبرئاً لذمة الكفلاء الآخرين نحو الدائن .
فيجب أولاً أن يكون الكفيل قد وفى الدين كله للدائن عند حلوله وقد يقضي الكفيل الدين بما يقوم مقام الوفاء ، كالوفاء بمقابل والتجديد والمقاصة ولا يكفي أن يخشى الكفيل أن يكون رجوعه على الكفلاء الآخرين مهدداً بالخطر ، فيرجع عليهم قبل أن يفي بالدين للدائن ، بل يجب أن يكون الكفيل قد قضي الدين فعلاً بالوفاء أو بما يقوم مقام الوفاء وإذا اقتصر الكفيل على دفع حصته في الدين وقبل الدائن منه ذلك ، لم يرجع الكفيل بشيء على سائر الكفلاء ، لكن إذا دفع الكفيل للدائن أكثر من حصته دون أن يفي بكل الدين وقبل الدائن منه هذا الوفاء الجزئي ، كان للكفيل أن يرجع بما زاد على حصته على سار الكفلاء كل بنسبة حصته في الدين وعبء إثبات الوفاء يقع على عائق الكفيل الذي يتمسك بهذا الوفاء ، ويكون الإثبات طبقاً للقواعد العامة المقررة في الإثبات ، فلا يجوز إثبات الوفاء بما يزيد على النصاب القانوني للبينة إلا بالكتابة أو بما يقوم مقام الكتابة.
ويجب ثانياً أن يكون هذا الوفاء مبرئاً لذمة الكفلاء الآخرين نحو الدائن فإذا كان الوفاء باطلاً لم يكن مبرئاً للذمة ولا يعتد به ، ولا يجوز للكفيل الذي قام بهذا الوفاء الباطل أن يرجع على بقية الكفلاء وحتى لو كان الوفاء صحيحاً ورجع الكفل الذي قام بهذا الوفاء الصحيح على كفيل آخر ، وكان لهاذ الكفيل الآخر أن يتمسك بدفع يبرئ ذمته غير هذا الوفاء لما جاز الرجوع ، وذلك كأن يكون الدائن قد أبرأ هذا الكفيل من الكفالة أو أن يكون عقد كفالته باطلاً أو قابلاً للإبطال أو أن يكون الدين المكفول باطلاً أو قابلاً للإبطال أو انقضى بسبب من أسباب الانقضاء ووفى الكفل الذي يريد الرجوع دون نظر إلى شيء من ذلك .
مقدار ما يرجع الكفيل به : رأينا أن المادة 796 مدني تنص على أنه "إذا كان الكفلاء متضامنين فيما بينهم ووفى أحدهم الدين عند حلوله ، كان له أن يرجع على كل من الباقين بحصته في الدين وبنصيبه في حصة المعسر منهم " وليس هذا النص إلا تطبيقاً تشريعياً للقواعد العامة في التضامن ما بين المدينين المتضامنين إذا رجع أحدهم على الباقين ، إذ أن الكفلاء المتضامنين ليسوا إلا مدينين متضامنين تجاه الدائن وتنص المادة 297 مدني في هذا الصدد على أنه " :
1- إذا وفى أحد المدينين المتضامنين كل الدين ، فلا يجوز له أن يرجع على أي من الباقين إلا بقدر حصته في الدين ، ولو كان بما له من حق الحلول قد رجع بدعوى الدائن ".
2- وينقسم الدين إذا وفاة أحد المدينين حصصاً متساوية بين الجميع ، ما لم يوجد إتفاق أو نص يقضي بغير ذلك" .
وتنص المادة 298 مدني على أنه " إذا أعسر أحد المدينين المتضامنين ، تحمل تبعة هذا الإعسار المدين الذي وفى بالدين وسائر المدينين الموسرين ، كل بقدر حصته "، والمدينون المتضامنون ، في هذا كالمدينين المتضامنين ، إذ قدمنا أنه لا يقترن أحد الفريقين عن الفريق الآخر إلا في المصلحة المشتركة وتمثيل أحد المدينين لسائرهم فيما ينفع ورجوع أحد المدينين على الباقي لا علاقة له بهذا التمثيل .
فإذا وفى أحد الكفلاء المتضامنين أو المتضامين كل الدين للدائن ، رجع على باقي الكفلاء كل بقدر حصته في الدين ، سواء رجع بالدعوى الشخصية أو بدعوى الحلول وتعيين حصص الكفلاء في الدين بموجب الإتفاق فيما بينهم منذ نشوء الدين في ذمتهم أو بموجب نص في القانون فإذا لم يوجد إتفاق أو نص لم يبق إلا جعل حصص الكفلاء جميعاً متساوية ، إذ لا مبرر لجعل حصة أكبر من الأخرى .
ويتحمل الكفلاء المتضامنين أو المتضامنون حصة المعسر منهم ، فتنقسم هذه الحصة بينهم بنسبة الحصة الأصلية لكل منهم في الدين ، ويرجع الكفيل الذي وفى كل الدين على أي من الكفلاء الموسرين بمقدار حصته وبنصيبه في حصة المعسر. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : العاشر ، الصفحة : 243)
إذا كان الكفلاء متضامنين فيما بينهم، فللدائن أن يرجع على أي منهم بكل الدين ولمن وفي منهم أن يرجع على كل من الباقيين بحصته في الدين وبنصيبه في حصة المعسر منهم بنسبة الحصص ويكون هذا الرجوع أما بالدعوى الشخصية وهي دعوى الفضالة أو الإثراء بلا سبب وأما بدعوى الحلول إذ أن من وفي للدائن يحل محله (م 326 و 799) ذلك أن أحكام التضامن بين المدينين ومن في حكمهم كالكفلاء المتضامنين، تؤدي إلى عدم انقسام الدين عند رجوع الدين على الكفلاء أو بعضهم أو أحدهم، فيقضي له بكل الدين على من رجع عليه ثم ينقسم الدين بعد ذلك عند رجوع الكفيل الموفي على باقي الكفلاء، فيلتزم كل منهم بمقدار حصته، فإن وجد کفیل معسر، قسمت حصته على جميع الكفلاء، وبالتالي يرجع الكفيل الموفي على باقي الكفلاء، كل بقدر حصته مضافاً إليها ما يخصها من حصة الكفيل المعسر.
ويشترط للحلول أن يكون الكفيل وفى الدين كاملاً نقداً أو بمقابل أو بالتجديد أو بالمقاصة، أما اذا وفى بما يجاوز نصيبه ويقل عن كل الدین متی قبل الدائن هذا الوفاء الجزئي، فإن الكفيل يرجع على باقي الكفلاء كل بنسبة حصته في هذه الزيادة، ولا يقضي له إلا بذلك لو أنه رجع بكل الدين على الكفلاء الآخرين، كما يشترط أن يكون الوفاء مبرئاً لذمة باقي الكفلاء، ومن ثم فلا يعتد بالوفاء الباطل أو إذا كان لدى أحد الكفلاء سبب أسقط عنه الوفاء، کإبراء أو مقاصة أو بطلان في عقد كفالته أو عدم مشروعية الدين المكفول، وأن كان الدين مؤجلاً ووفى الكفيل دون تروی تعین إحترام الأجل، أو وفي الكفيل دون إخطار المدين وكان الأخير قد وفى الدين فحينئذ يكون وفاء الكفيل غير مبرئ للذمة ومتى قام كل كفيل بالوفاء بحصته في الدين، رجع بها على المدين. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : العاشر ، الصفحة : 732)
إذا تعدد الكفلاء وكانوا متضامنين فيما بينهم وقام أحدهم بالوفاء بالدين كله، ته أصبح له الحق في أن يرجع على باقي الكفلاء إما بالدعوى الشخصية التي تستند إلى قواعد الإثراء بلا سبب، وإما بدعوى الحلول محل الدائن.
ويرجع الموفي على باقي الكفلاء كل بقدر نصيبه في الدين وبنصيبه في حصة المعسر من الكفلاء وليس ذلك سوى تطبيق للقواعد في التضامن في حالة رجوع أحد المتضامنين على الباقين (المادتان 297 ، 298 مدنی).
ويشترط لكى يرجع الكفيل على غيره من الكفلاء بدعوى الحلول أو بالدعوى الشخصية أن يكون قد وفى الدين كله للدائن عند حلول أجله، فإذا لم يوف إلا بحصته لم يكن له أن يرجع على الباقين بشيء أما إذا وفي أكثر من نصيبه وقبل منه الدائن هذا الوفاء، كان له الحق في الرجوع على غيره من الكفلاء كل بنسبة حصته في الدين في حدود ما زاد على حصته.
ويشترط أن يكون هذا الوفاء مبرئاً لذمة باقي الكفلاء تجاه الدائن ولذلك يجب أن يكون هذا الوفاء صحيحاً فإذا كان باطلاً لم يكن له أن يرجع على غيره من الكفلاء، وإذا كان الدين المكفول لم يحل أجله بعد ودفعه الكفيل قبل حلول الأجل، فلا يستطيع أن يرجع على غيره من الكفلاء إلا عند حلول الأجل.
وإذا كان الكفيل الذي وفى الدين قد ارتكب تقصيراً، كأن لم يخطر الدائن بعزمه على الوفاء وقام المدين بالوفاء مرة ثانية، لم يجز للكفيل الرجوع على غيره من الكفلاء، لأن وفاء الكفيل لم يبرئ الكفلاء الآخرين بل الذي أبرأ ذمته هو وفاء المدين .
إذا وفى الكفيل العيني بالدين، كان له أن يرجع على باقي الكفلاء شخصيين أو عينيين كل بمقدار حصته في الدين أما إذا وفي كفيل شخصي بالدين كله، كان له أن يرجع على الكفيل العيني بمقدار حصته في الدين.
وفي تحديد هذه الحصة يجب أن ينظر إلى مقدار المال الذي قدمه الكفيل العيني فإذا كان مساويا للدين كله كان مسئولاً عن الدين كله، وإذا كان مساوياً لنصف الدين أو ربعه، كان مسئولاً عن نصف الدين أو ربعه وهكذا.
ولم يأخذ القانون المدني الجديد - على خلاف التقنين المدني القديم - بقاعدة النيابة المتبادلة بين المدينين المتضامنين ، بحيث إذا إنقضى الدين بالتقادم بالنسبة لأحدهم فلا يستفيد من ذلك باقي المدينين إلا بقدر حصة هذا المدين، وليس للمدين الذي يطالبه الدائن بالوفاء أن يحتج بأوجه الدفع الخاصة بغيره، ولكن يجوز له أن يحتج بأوجه الدفع الخاصة به وبالأوجه المشتركة بين المدينين جميعاً، وهو ما يخضع له الكفلاء المتضامنون في ظل القانون المدني الجديد .(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : العاشر، الصفحة : 528)
في حالة تضامن الكفلاء - إذا كان الكفلاء متضامنين فيما بينهم إلتزم كل منهم بكل الدين ، ووجب على من توجه إليه المطالبة من الدائن أن يقوم بوفاء الدين كله دون إحالة على غيره من الكفلاء أو تمسك بتقسيم المطالبة بينه وبينهم ، لأن حكم الكفلاء المتضامنين حكم المدينين بالتضامن .
فإذا وفي أحدهم كل الدين ، كان له الرجوع على الآخرين بإحدى دعويين : دعوى الإثراء دون سبب ودعوى الحلول محل الدائن .
أما عن دعوى الإثراء دون سبب ، فأساسها افتقار الموفي وإثراء الآخرين الذين تبرأ ذمتهم من الدين بسبب هذا الإفتقار ولا يعترض على ذلك بأن من قام بوفاء الدين كله إنما وفي إلتزاماً في ذمته فلم يفتقر لأنه حصل بما وفاه على براءة ذمته ، إذ أن التضامن لا يلزم كلاً من المتضامنين بكل الدين إلا في علاقتهم بالدائن أما في العلاقة بينهم فان الدين ينقسم في النهاية عليهم بقدر عدد الموسرين منهم (المادة 297 فقرة أولى) ، فلا يعتبر موفي الكل مستفيداً من هذا الوفاء براءة ذمته إلا بقدر نصيبه ويعتبر مفتقراً بما يجاوز هذا النصيب وبالعكس من ذلك يعتبر كل من الكفلاء الآخرين أنه قد أثرى بالقدر الذي برئت به ذمته بسبب هذا الوفاء من نصيبه في الدين ، فيجوز بناءً على ذلك الكفيل الذي وفى الدين أن يرجع على الكفلاء المتضامنين معه كل منهم بقدر حصته في الدين وبنصيبه في حصة المعسر منهم ولا يجوز للموفي أن يرجع بكل ما دفعه لأنه لم يفتقر إلا بقدر ما وفاء زيادة عن نصيبه في الدين فيجب أن يستنزل عن الرجوع على النصيب ، ويشترط في رجوعه على كل من الآخرين بنصيبه أن يكون الوفاء قد عاد عليهم بإثراء من حيث أنه أبرأ ذمتهم من دين ثابت فيها ، فإذا كان أحد الكفلاء الآخرين قد سقط عنه وقت الوفاء إلتزامه بالكفالة سواء كان سقوط بالتقادم أو بالإبراء من الكفالة أو بغيرهما فإنه لا يكون قد أثرى من وفاء الموفي ولا يصح الرجوع عليه .
ويلاحظ أن رجوع الموفي على غيره من الكفلاء لا يخل بحق كل منهم في الرجوع بدوره على المدين فإذا ارتكب الموفي خطأ ترتب عليه سقوط حقه وحق سائر الكفلاء في الرجوع على المدين كما إذا لم يخطر الدين بعزمه على الوفاء قبل حصوله يترتب على ذلك أن قام الدين أيضاًً بالوفاء من جانبه وجاز الكفلاء الآخرين مؤاخذته على هذا الخطأ واعتباره ملزماً إزاءهم بتعويض عن ضياع حقهم في الرجوع ، ويقدر هذا التعويض بالنسبة إلى كل منهم بقدر نصيبه في الدين وتحصل المقاصة بينه وبين حق الموفي في الرجوع على كل منهم بدعوى الإثراء دون سبب ، ويؤدي ذلك عملياً في هذه الحالة إلى رفض رجوع الموفي على غيره من الكفلاء المتضامنين معه .
أما عن دعوى الحلول ، فقد يتبادر إلى الذهن أن الكفيل الموفي يحل محل الدائن في كافة حقوقه قبل الدين وسائر الكفلاء ، فيجوز له بناءً على ذلك أن يرجع على أي من الكفلاء المتضامنين بكل الدين ، غير أن القول بذلك يؤدى الى الدور في حلقة مفرغة إذ أن كل من يرجع عليه من الكفلاء ويقوم بوفاء الدين جميعه يجوز له الرجوع على غيره بكل الدين وهكذا ،،، وتفادياً لذلك نص المشرع في باب التضامن على أنه « إذا وفي أحد المدينين المتضامنين كل الدين فلا يجوز له أن يرجع على أي من الباقين إلا بقدر حصته في الدين ، ولو كان بما له من حق الحلول قد رجع بدعوى الدائن » (المادة 297 فقرة أولى ) علي أنه « إذا أعسر أحد المدينين المتضامنين تحمل تبعه هذا الاعسار المدين الذي وفى بالدين وسائر المدينين الموسرين ، كل بقدر حصته في المادة 298 مدنی ».
وبناءً على ذلك سواء رجع الكفيل الذي قام بالوفاء على غيره من الكفلاء بالدعوى الشخصية (دعوى الإثراء دون سبب) أو بدعوى الحلول محل الدائن ، فإنه لا يرجع على كل منهم وفقاً للقواعد العامة إلا بقدر حصته في الدين ونصيبه في حصة المعسر منهم .
وقد طبق المشرع ذلك بنص خاص في باب الكفالة حيث قرر في المادة 796 مدني أنه « إذا كان الكفلاء متضامنين فيما بينهم وفي أحدهم الدين عند حلوله ، كان له أن يرجع على كل من الباقين بحصته في الدين وبنصيبه في حصة المعسر منهم » ويلاحظ أن هذا النص عام ينطبق حكمه سواء كان الرجوع بالدعوى الشخصية أو بدعوى الحلول ، ولو أن الدعوي الأخيرة تمتاز على الأولى من ناحية إفادة الكفيل الموفي بالتأمينات التي تكون ضامنة للوفاء بإلتزام الكفيل المرجوع عليه كما إذا كان هذا الأخير قد قدم مصدقاً أو رهناً .(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء : التاسع ، الصفحة : 197)
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله )محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية(بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
(مادة 747)
إذا تعدد الكفلاء بدين وكان كل منهم قد كفله جميعه على حدته بعقود متعاقبة يطالب كل منهم إلا بحصته من الدين المكفول.
مجلة الأحكام العدلية
مادة (647) مطالبة الكفلاء المتعددين
لو كان لدين كفلاء متعددون فإن كان كل منهم قد كفل على حدة يطالب كل منهم بمجموع الدين وإن كانوا قد كفلوا معاً يطالب كل منهم بمقدار حصته من الدَّين. ولكن لو كان قد كفل كل منهما المبلغ الذي لزم في ذمة الآخر ففي هذه الحال يطالب كل منهم بمجموع الدَّين. مثلاً لو كفل أحد آخر بألف ثم كفل ذلك المبلغ غيره أيضاً فللدائن أن يطالب من شاء منهما وأما لو كفلا معاً يطالب كل منهما بنصف المبلغ المذكور إلا أن يكون قد كفل كل منهما المبلغ الذي لزمه الآخر فعلى ذلك الحال يطالب كل منهما بالألف.