مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني ، الجزء : الخامس ، الصفحة : 547
مذكرة المشروع التمهيدي :
نقل المشروع المادة 1153 مكرراً ، عن المادة 729 من المشروع الفرنسي الإيطالي وهي تعرض للدعوى الشخصية التي الكفيل قبل المدين وقد آثر المشروع أن يبين ما يرجع به الكفيل في الدعوى الشخصية فهو يرجع بأصل الدين وبالفوائد والمصروفات والتعويضات وهذه الأحكام معمول بها في ظل التقنين الحالى رغم عدم النص عليها.
1- المتبوع وهو فى حكم الكفيل المتضامن لا يستطيع الرجوع على تابعه عند وفائه بالتعويض إلى الدائن المضرور إلا بإحدى دعويين الأولى دعوى الحلول المنصوص عليها فى المادة 799 من القانون المدنى والتى ليست إلا تطبيقاً للقاعدة العامة فى الحلول القانونى المنصوص عليها فى المادة 326 من القانون المذكور والتى تقضى بأن الموفى يحل محل الدائن الذى استوفى حقه إذا كان الموفى ملزماً بوفاء الدين عن المدين وإذ كان للمدين فى حالة الرجوع عليه بهذه الدعوى أن يتمسك فى مواجهة الكفيل بالدفوع التى كان له أن يتمسك بها فى مواجهة الدائن فإن من حق التابع أن يتمسك قبل المتبوع الذى أوفى بالتعويض عنه للمضرور بانقضاء حق الدائن المضرور قبله بالتقادم الثلاثى المقرر فى المادة 172 من القانون المدنى بدعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع على أساس أنه انقضى على علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه أكثر من ثلاث سنوات دون أن يرفع المضرور عليه الدعوى بطلب التعويض وعلى أساس أن رفعه الدعوى على المتبوع المطعون ضده لا يقطع التقادم بالنسبة إلى التابع الطاعن والتقادم هنا لا يرد على حق المتبوع فى الرجوع على التابع و إنما على حق الدائن الاصلى (المضرور) فيه الذى انتقل إلى المتبوع بحلوله محل الدائن (المضرور) فيه والذى يطالب به المتبوع تابعه ذلك بأن للمتبوع حين يوفى التعويض للدائن المضرور فإنه يحل محل هذا الدائن فى نفس حقه وينتقل إليه هذا الحق بما يرد عليه من دفوع. وأما الدعوى الثانية التى يستطيع المتبوع الرجوع بها على تابعه فهى الدعوى الشخصية المنصوص عليها فى المادة 324 من القانون المدنى التى تقضى بأنه إذا قام الغير بوفاء الدين كان له حق الرجوع على المدينبقدر ما دفعه وهذه الدعوى سواء كان أساسها الإثراء بلا سبب أو الفضاله فإن المتبوع لا يستطيع الرجوع بها إذا كان قد أوفى التعويض للدائن المضرور بعد أن كان حق الدائن فيه قد سقط بالنسبة للتابع لأن هذا لم يفد شيئاً من هذا الوفاء وليس للمتبوع أن يرجع على تابعه بالتعويض الذى أوفاه بالدعوى الشخصية التى للكفيل قبل المدين والمقررة فى المادة 800 من القانون المدنى وذلك لما هو مقرر من عدم جواز رجوع الكفيل بهذه الدعوى إذا كانت الكفالة لمصلحة الدائن وحده ، وضمان المتبوع لأعمال تابعه هو ضمان قرره القانون لمصلحة الدائن المضرور وحده .
(الطعن رقم 3882 لسنة 64 جلسة 2004/04/20)
2- المصروفات القضائية وأتعاب المحاماه تمثل نفقات فعلية تكبدها المحكوم لهما فى تلك الدعوى فتعتبر من قبيل التعويض وتأخذ حكمه فى حلول المتبوع فى كل ما وفى به من التعويض محل الدائن المضرور ومن ثم يكون للطاعن أن يرجع على تابعه المطعون ضده لإقتضاء هذه المصروفات بدعوى الحلول .
(الطعن رقم 960 لسنة 58 جلسة 1990/12/27 س 41 ع 2 ص 1023 ق 331)
3- الحكم الذى يصدر على الكفيل المتضامن لا يعتبر حجة على المدين إذا لم يكن مختصماً فى الدعوى وذلك سواء فى القانون المدنى الملغى أو فى القانون القائم فقد إستقر قضاء محكمة النقض فى ظل القانون الملغى على أن حكم المادة 110 منه الذى يقضى بأن مطالبة أحد المدينين المتضامنين مطالبة رسمية وإقامة الدعوى عليه بالدين بسريانه على باقى المدينين ، هذا الحكم لا يسرى إلا فيما بين المدينين المتضامنين بعضهم وبعض ولا يجوز أن يسوى فى حكمه عن طريق القياس بين الكفيل المتضامن و المدين المتضامن لأن تضامن الكفيل مع المدين لا يصيره مديناً أصلياً بل يبقى إلتزامه تبعياً . أما القانون القائم فقد نص فى المادة 296 منه على أنه إذا صدر حكم على أحد المدينين المتضامنين فلا يحتج بهذا الحكم على الباقين ومقتضى ذلك أنه فيما بين المدينين المتضامنين أنفسهم لا يعتبر الحكم الصادر ضد أحدهم حجة على باقيهم و من باب أولى لا يكون الحكم الصادر على الكفيل المتضامن حجة على المدين .
(الطعن رقم 64 لسنة 33 جلسة 1968/02/22 س 19 ع 1 ص 327 ق 51)
وتنص المادة 800 مدني على ما يأتي :
1 - للكفيل الذي وفى الدين أن يرجع على المدين ، سواء كانت الكفالة قد عقدت بعلمه أو بغير علمه " .
2 - ويرجع بأصل الدين وبالفوائد والمصروفات ، على أنه في المصروفات لا يرجع إلا بالذي دفعه وقت إخباره المدين الأصلي بالإجراءات التي اتخذت ضده" .
3 - ويكون للكفيل الحق في الفوائد القانونية عن كل ما قام بدفعه من يوم الدفع.
رأينا أن الفقرة الأولى من المادة 800 مدني تنص على أن للكفيل الذي وفى الدين أن يرجع على المدين ، سواء كانت الكفالة قد عقدت بعلمه أو بغير علمه.
فالكفيل يرجع على المدين بالدعوى الشخصية ، إذا كانت الكفالة قد عقدت بعلم المدين وبرضاه الصريح أو الضمني ، أو بغير علمه ، ويستوي في ذلك الكفيل العادي والكفيل المتضامن والكفيل الذي تقدم بإعتباره مديناً متضامناً أصلياً ، والكفيل غير المأجور والكيل المأجور ، والكفيل الشخصي والكفيل العيني .
أما إذا عقدت الكفالة بعلم المدين ولكن بالرغم من معارضته ، فإن هذا الفرض لا يدخل في نص الفقرة الأولى من المادة 800 مدني صحيح أن الكفالة في هذا الفرض تعقد بعلم المدين إذا هو يعارض فيها ، ولكن النص عند ما تحدث عن كفالة تعقد بعلم المدين إنما افترض أنها عقدت برضاء المدين ، ولو أراد كفالة تعقد بالرغم من معارضة المدين لذكر ذلك صراحة كما ذكره في حالات أخرى وعلى ذلك يكون النص قد أغفل هذا الفرض ، فلم يبقى إلا تطبيق المبادئ العامة وهذه تقضي بأن الكفيل في هذا الفرض إذا وفى الدين عن المدين يكون قد افتقر بمقدار ما دفع ، ويكون المدين قد اغتنى أيضاً بهذا المقدار لأن الدين كان في ذمته فبرئت ذمته منه ، فيرجع الكفيل على المدين بقاعدة الإثراء بلا سبب ، أي يرجع بمقدار ما دفع عن المدين إذا كانت ذمة المدين قد برئت بهذا المقدار ولكن الكفيل لا يرجع بالمصروفات التي تكبدها لأن المدين لم يعتن بمقدارها وإن كان الكفيل قد افتقر ، ولا يرجع الكفيل بفوائد ما دفعه إلا من وقت المطالبة القضائية بالفوائد طبقاً للقواعد العامة ، فلا يرجع بالفوائد من وقت الدفع وهذا بخلاف الكفيل الذي عقد الكفالة بعلم المدين وبرضاه الصريح أو الضمني ، أو عقدها بغير علمه ، فسنرى أنه يرجع بالمصروفات وبالفوائد من وقت أن يوفى الدين ، وهذا هو الفرق بين كفيل عقد الكفالة من غير معارضة المدين وكفيل عقدها بالرغم من معارضة المدين.
وإذا عقدت الكفالة لمصلحة الدائن دون مصلحة المدين ، كأن عقد الكفيل الكفالة بعد عقد الدين لتأمين الدائن دون أية فائدة للمدين لم يكن الكفيل سواء كانت الكفالة لمصلحته أو لم تكن أن يرجع على المدين ، كما في الفرض السابق إلا بدعوى الإثراء بلا سبب فيرجع بما دفعه من الدين وهو مقدار ما افتقر به وفي الوقت ذاته مقدار ما اغتنى به المدين ، دون أن يرجع بالمصروفات أو بالفوائد أما إذا عقدت الكفالة لمصلحة كل من المدين والدائن معاً ، فإن الكفيل يرجع على المدين بنفس الدعوى الشخصية كالتي كان يرجع بها لو أن الكفالة عقدت لمصلحة المدين وحده وهذا هو الحكم أيضاً فيما إذا أعتبرت الكفالة لمصلحة المدين والكفيل معاً .
ما الذي يرجع به الكفيل على المدين في الدعوى الشخصية إذا وفى الكفيل الدين كاملا :
رأينا أن المادة 2/800 مدني تنص على أن الكفيل الذي وفى الدين يرجع بأصل الدين وبالفوائد والمصروفات ، على أنه في المصروفات لا يرجع إلا بالذي دفعه من وقت إخباره المدين الأصلي بالإجراءات التي اتخذت ضده" ، وتقضي المادة 3/800 مدني على أنه "يكون للكفيل لاحق في الفوائد القانونية عن كل ما قام بدفعه ابتداء من يوم الدفع" ، ويخلص من هذه النصوص أن الكفيل يرجع على المدين في الدعوى الشخصية بما يأتي :
أولاً : أصل الدين : ويتضمن أصل الدين كل ما دفعه الكفيل للدائن لإخلاء ذمة المدين ، فيشمل ذلك مقدار الدين في أصله ، وكذلك فوائد هذا الدين لو كان الدين ينتج فوائد اتفاقية أو قانونية ما دامت هذه الفوائد تدخل ضمن الدين المكفول ويشمل أصل الدين كذلك ما يضطر الكفيل إلى دفعه للدائن في نظير المصروفات التي تكبدها هذا الأخير في مواجهة المدين ، كما يشمل بوجه عام كل ما وجب على الكفيل دفعه لإخلاء ذمة المدين .
ثانياً : الفوائد : وتقول الفقرة الثانية من المادة 800 مدني في هذا الصدد كما رأينا : " يكون للكفيل الحق في الفوائد القانونية عن كل ما قام بدفعه ابتداء من يوم الدفع" فكل ما قام بدفعه للدائن على النحو السابق بيانه ينتج فوائد بالسعر القانوني من يوم دفع الكفيل الدين للدائن ، وهذه الفوائد القانونية يرجع بها الكفيل على المدين بالإضافة إلى الدين وليس في هذا إلا تطبيق لقواعد الوكالة إذا رجع الكفيل على المدين بدعوى الوكالة م 710 مدني أما القواعد العامة فكانت تقضي بأن الفوائد القانونية لا تستحق إلا من وقت المطالبة القضائية بها م 226 مدني ، فخرج القانون على هذه القواعد العامة في دعوى الوكالة وفي دعوى الفضالة ، ومن ثم اقتضى الأمر الخروج أيضاً على هذه القواعد العامة في الدعوى الشخصية التي يرجع بها الكفيل على المدين كما رأينا في المادة 3/800 مدني ويلاحظ أن القواعد القانونية التي يرجع بها الكفيل على المدين يكون بضعها فوائد على فوائد أصل الدين التي يرجع بها الكفيل على المدين فيما قدمنا ، ولا يعتبر ذلك فوائد مركبة ، لأن فوائد أصل الدين تدخل ضمن أصل الدين فيما يتعلق بالكفيل ، ويلاحظ أيضاً أن الفوائد القانونية التي يرجع بها الكفيل على المدين كما تقضي المادة 3/800 مدني لا تتقادم إلا بخمس عشرة سنة في دعوى الوكالة ، وتتقادم بثلاث سنوات في دعوى الفضالة ، أما القاعدة العامة فتقضي بتقادم الفوائد بخس سنوات هذا والرجوع بالفوائد القانونية على المدين ميزة للدعوى الشخصية على دعوى الحلول ، وسنرى أن الكفيل في دعوى الحلول لا يرجع على المدين إلا بفوائد أصل الدين كما كان الدائن يفعل ، فلا يرجع إذن بالفوائد القانونية على ما دفع للدائن إلا من وقت المطالبة القضائية بها.
ثالثاً : المصروفات : وتتمنى كل ما أنفقه الكفيل في سبيل الوفاء بالتزامه وكل ما حكم عليه من المصروفات للدائن والمصروفات التي أنفقها الكفيل في سبيل الوفاء بالتزامه تشمل ما أنفقه في إرشاد الدائن إلى أموال المدين لتجريدها ، ومصروفات العرض الحقيقي والإيداع فيما إذا اضطر الكفيل إلى ذلك والمصروفات التي حكم عليه بها للدائن تشمل ما أنفقه الدائن في مطالبة الكفيل بالوفاء ، كمصروفات رفع الدعوى على الكفيل ، ومصروفات بالتنبيه عليه بالوفاء ، ومصروفات المطالبة الأولى التي قام بها الدائن للمدين ثم مصروفات مطالبة الدائن للمدين بعد إخطار الكفيل ، وكل مصروفات أخرى تقتضيها مطالبة الدائن للكفيل بوفاء إلتزامه على أن الكفيل لا يرجع على المدين ، من هذه المصروفات ، إلا بالذي أنفقه من وقت إخباره بالإجراءات التي إتخذها الدائن ضده ، لأن المدين إذا أخبره الكفيل بذلك قد يكون عنده من الدفوع ما يتوقى به مطالبة الدائن أو قد يبادر إلى دفع الدين الذي في ذمته للدائن فيتجنب الكفيل بذلك الإجراءات التي إتخذها الدائن ضده ، لأن المدين إذا أخبره الكفيل بذلك قد يكون عنده من الدفوع ما يتوقى به مطالبة الدائن أو قد يبادر إلى دفع الدين الذي في ذمته للدائن فيتجنب الكفيل بذلك الإجراءات التي اتخذها الدائن ضده ويستثنى مصروفات المطالبة الأولى التي يقوم بها الدائن للكفيل من هذا الشرط ، كمصروفات رفع الدائن الدعوى على الكفيل ، فهذه لا يعلم بها الكفيل قبل حصولها حتى يخبر بها المدين ، فمتى حكم بها على الكفيل رجع بها على المدين وإن كان لم يخطره بها .
رابعاً : التعويض : وكان المشروع التمهيدي للمادة 800 مدني يتضمن فقرة تقضي بأن " للكفيل فوق ذلك أن يرجع بالتعويض، ولكن هذه الفقرة حذفت في لجنة المراجعة إكتفاء بتطبيق القواعد العامة والقواعد العامة تقضي ، في رجوع الكفيل على المدين ، بتعويضه عن الضرر الذي يكون قد أصابه وقد طبقت هذه القواعد العامة في رجوع الوكيل على الموكل ، وفي رجوع الفضولي على رب العمل فنصت المادة 711 مدني على أن " يكون الموكل مسئولاً عما أصاب الوكيل من ضرر دون خطأ منه ، بسبب تنفيذ الوكالة تنفيذاً معتاداً " ، ونصت المادة 195 مدني على إلتزامات رب العمل نحو الفضولي ومنها " أن يعوضه عن الضرر الذي لحقه بسبب قيامه بالعمل " وعلى ذلك يجوز للكفيل أن يرجع على المدين ، سواء كان ذلك بدعوى الوكالة أو بدعوى الفضالة ، بالتعويض عن الضرر الذي يكون قد أصابه دون خطأ منه ، وذلك سواء كان المدين سيء النية أو حسن النية والتقنين المدني الفرنسي م 2088 ينص صراحة على رجوع الكفيل بالتعويض على المدين ، وتشير إلى ذلك المادة 1053 من هذا التقنين في آخر الفقرة الأولى منها وهذا غير الرجوع بتعويض تكميلي عن الضرر الذي تسبب فيه المدين بسوء نية ، فإن هذا التعويض التكميلي قد نص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة 1053 وهذه الفقرة هي غير الفقرة الأولى التي تشير إلى تعويض الكفيل ، مما يدل على أنه لا يشترط في تعويض الكفيل سوء نية المدين وقد أجمع الفقه المصري على جواز رجوع الكفيل بتعويض على المدين ، وإن كان بعض الفقهاء يشترط سوء نية المدين وأمثلة التعويض الذي يرجع به الكفيل على المدين عن الضرر الذي أصاب الكفيل دون خطأ منه أن يضطر الكفيل إلى بيع ماله بثمن بخس حتى يفي بإلتزامه نحو الدائن ، أو أن يوقع الدائن الحجز على مال الكفيل ويبيعه بثمن بخس ويعتبر الخطأ منسوباً إلى الكفيل إذا أصابه ضرراً بأن دفع الدين للدائن مرة ثانية بعد أن دفعه المدين ، إذا كان الكفيل لم يخطر المدين بعزمه على الدفع. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : العاشر ، الصفحة : 197)
إذا عقدت الكفالة بموافقة المدين أو بغير علمه، فإن الكفيل يرجع عليه بالدعوى الشخصية، أما إذا عقدت الكفالة بعلم الدين وبالرغم من معارضته أو عقدت لمصلحة الدائن دون مصلحة المدين كأن يكون الكفيل أبرمها ليطمئن الدائن على حقه، فإذا وفى الكفيل في هاتين الحالتين فإنه يكون قد افتقر بقدر ما وفي ويكون المدين قد أثرى بهذا القدر إذا برئت ذمته من الدين ومن ثم فإن رجوع الكفيل على المدين يكون وفقاً لقواعد الإثراء بلا سبب، أو بدعوى الحلول وفقاً للمادة 799 ومن ثم فيرجع بقدر ما أوفى فقط فتستبعد المصاريف لأن المدين لم يعتن بها، ولا يستحق الفوائد القانونية إلا من وقت المطالبة القضائية.
ويشترط لرجوع الكفيل بالدعوى الشخصية :
(1) أن يكون الكفيل وفی بالدين نقداً أو بالمقاصة أو قضاه بالتجديد بتغيير الدين أو بالإنابة الكاملة أو بإتحاد الذمة كما لو توفي الدائن وورثه الكفيل، ولا يعد وفاء تقادم إلتزام الكفيل أو إبراء الدائن له من الكفالة أما إن كان الإبراء من الدين المكفول فهذا يعد هبة تكون بمثابة الوفاء للدائن فيكون للكفيل الرجوع على المدين.
فإن لم يقم الكفيل بالوفاء، امتنع رجوعه على المدين، بإعتبار أن الوفاء هو سبب الرجوع.
(2) أن يكون الوفاء تم عندما حل أجل الدين، فإن تم قبل ذلك، بدون موافقة المدين، فعلى الكفيل ارجاء المطالبة حتى يحين أوانها بحلول الأجل، وأن حل الأجل وأقام الكفيل الدعوى الشخصية ثم أثبت المدين أن الدين انقضى في الفترة ما بين الوفاء وحلول الأجل فإنه يتعين رفض الدعوى، والعبرة بالأجل الأصلي دون الأجل الذي يمنحه الدائن أو القاضي للمدين بعد الأجل الإصلی .
(3) أن يكون الكفيل قد اخطر المدين بعزمه على الوفاء وفقاً لما أوضحناه فيما تقدم .
(4) أن تكون الكفالة قد إنعقدت بعلم المدين أو بغير علمه، فإن كان المدين قد عارض في إنعقادها، فلا يجوز للكفيل أن يرجع على المدين بالدعوى الشخصية، وإنما يرجع عليه بدعوى الحلول ولا يكفي الدفاع المرسل بأن المدين قد اعترض على إنعقاد الكفالة، وإنما يجب أن يقيم الدليل على ذلك، وإذ يتعلق الإثبات بواقعة مادية تتمثل في الإعتراض، فيجوز بكافة الطرق المقررة قانوناً ومنها البينة والقرائن.
ومتى توافرت هذه الشروط فللكفيل أن يرجع على المدين بالدعوى الشخصية ، إذا كان الوفاء كاملاً ، بما يلي : كل ما دفعه الكفيل لإبراء ذمة المدين فيشمل إلى جانب مبلغ الدين، الفوائد التي دفعها للدائن وتستحق بحكم القانون والمصروفات التي أنفقها الدائن في مطالبة المدين، والمصروفات التي تكبدها الدائن في مقاضاة الكفيل ومصروفات التنبيه عليه بالوفاء ومصروفات العرض والإيداع وما أنفقه الكفيل في إرشاد الدائن عن أموال المدين لتجريدها وكل مصروفات أخرى اقتضتها مطالبة الدائن للكفيل بوفاء التزامه، كما يرجع الكفيل على المدين بتعويض عن الضرر الذي لحقه بسبب قيامه بالكفالة بدون خطأ منه كبيع ماله بثمن بخس للوفاء بإلتزامه نحو الدائن أو أن يوقع الدائن الحجز على مال الكفيل وبيعه بثمن بخس أما إذا كان الوفاء ناقصاً، فإن الكفيل يرجع بالدعوى الشخصية على المدين بمقدار ما وفاه مع فوائده ومصروفاته حتى لو كان الدائن رجع على الدين بالباقی فتقسم أموال المدين بينهما قسمة غرماء خلافاً لدعوى الحلول.
خص المشرع الكفيل بدعوى شخصية قررتها المادة 800 من القانون المدني وتطلب لرجوعه بموجبها توافر شروط معينة على نحو ما تقدم، وألا تكون الكفالة مقررة لمصلحة الدائن وحده، وألا يكون المدين قد اعترض صراحة على إنعقادها فإذا انتفت تلك الشروط، جاز للكفيل الرجوع بموجب دعوى الحلول، أو الدعوى الشخصية التي قررتها القواعد العامة بالمادة 324 من القانون المدني، وفي الحالة الاخيرة لا يرجع إلا بما دفعه للدائن والا يستحق الفوائد إلا من تاريخ المطالبة القضائية وهو رجوع محدود بالنسبة لنطاق المادة 800 من القانون المدني إذ تستند الدعوى التي قررتها المادة 324 إلى قواعد الإثراء بدون سبب، وبالتالي لا يرجع الكفيل إلا بقدر ما برئت به ذمة الدين وهو يتمثل في إثرائه، أو بقدر ما دفعه الكفيل للدائن، ثم يلزم المدين بأقل القيمتين، فإن كان المدين لم يستفد من الوفاء، كما لو كان قد قضى دينه بالوفاء أو الإبراء أو المقاصة أو التقادم، وبالتالي لم تكن ذمته مشغولة بالدين، فلا يرجع الكفيل عليه بشيء فإن كان إنقضاء الدين جزئياً، فإن ذمة المدين لا تبرأ بهذا الوفاء إلا بالقدر الذي لم يكن قد إنقضى، وبالتالي لا يرجع الكفيل إلا بهذا القدر.
وتقدم أن للكفيل أن يرجع على المدين بالتعويض عما لحقه من أضرار بسبب خطأ المدين، وهذا التعويض الذي يجاوز الفوائد، يجوز للكفيل الرجوع به بموجب الدعوى الشخصية المقررة بموجب القواعد العامة أيضاً عملاً بالمادة 231 من القانون المدنى .
رجوع الكفيل على المدين بأمر الأداء :
أوضحنا أن إلتزام الكفيل بإخطار المدين برجوع الدائن عليه، فيما تقدم، أن محل الرجوع بين الكفيل والمدين، هو الدين، وأنه يجب على الكفيل أن يسلك في رجوعه طريق أمر الأداء عملاً بالمادة 201 من قانون المرافعات إذا انحصر الرجوع في أصل الدين والفوائد، بشرط أن يقوم الدائن بحوالة حقه إلى الكفيل وأن تنفذ تلك الحوالة في حق المدين بقبوله لها أو إعلانها بها.
ولا يغني عن قبوله الحوالة أن يكون الكفيل قد أخطر المدين بعزمه على الوفاء بالدين، لإنحصار أثر الأخطار في رجوع الكفيل على الدين ولأنه إجراء سابق على حوالة الحق التي يجب إعلان المدين بها بعد إبرامها.
أما إذا تضمن الرجوع المصاريف والتعويض، فإن الرجوع يكون بموجب الدعوى التي تتوافر شروطها بالنسبة للكفيل وليس بطريق أمر الآداء.
رجوع الكفيل بدعوى الفضالة :
إذا كانت الكفالة مقررة لمصلحة الدائن وحده، أو كان المدين قد إعترض صراحة على الكفالة، فإن الكفيل لا يجوز له الرجوع على المدين بموجب الدعوى الشخصية المقررة بالمادة 800 من القانون المدني، وإنما يرجع إما بدعوی الحلول أو بالدعوى الشخصية وفقاً للقواعد العامة، وهي دعوى الإثراء بدون سبب فيكون للكفيل أقل القيمتين، قيمة الإفتقار الذي لحقه مقدرة بوقت الحكم، وقيمة الإثراء الذي أصاب المدين وقت حصوله، فإذا طلب الكفيل فائدة عما أنفق، استحق الفائدة القانونية من وقت تحديد المبلغ المستحق بحكم نهائي.
أما إن رجع بالدعوى الشخصية الأخرى التي قررتها له القواعد العامة وهی دعوى الفضالة، فيستحق طبقاً للمادة 195 من القانون المدني، النفقات الضرورية والنافعة التي سوغتها الظروف مضافاً إليها فوائدها من يوم دفعها أي من وقت الإنفاق. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : العاشر، الصفحة :751)
تنص الفقرة الأولى من المادة على أن الكفيل الذي وفى الدين أن يرجع على المدين، سواء كانت الكفالة قد عقدت بعلمه أو بغير علمه.
فللكفيل أن يرجع بالدعوى الشخصية إذا كانت الكفالة قد عقدت بعلم المدين بناء على طلبه هو، أو بناءً على طلب الدائن ولكن لم يعارض فيها.
كما تكون هذه الدعوى في حوزة الكفيل في حالة الكفالة بدون علم المدين ويكون للكفيل هذه الدعوى سواء كان كفيلاً عادياً أم متضامناً مع المدين، أم مع غيره من الكفلاء وسواء كان كفيلاً عينياً أم شخصياً بأجر أم بدون أجر.
الشروط الواجب توافرها لرجوع الكفيل بالدعوى المباشرة :
يشترط لرجوع الكفيل على المدين بالدعوى المباشرة توافر الشروط الآتية :
الشرط الأول : أن يكون الكفيل قد وفى الدين :
سواء تم هذا الوفاء نقداً للدائن، أم بما يقوم مقام الوفاء كالمقاصة أو الوفاء بمقابل إذا لم يستحق هذا المقابل، أو بالتجديد أو بالإنابة كما إذا قبل الدائن جعل الكفيل مدينا أصلياً بدلاً من المدين الذي يبرئه وقد ينقضي الدين - ويعتبر وفاءً - بإتحاد الذمة كأن يرث الكفيل الدائن فيصبح هو الدائن فينقضي الدين فيرجع الكفيل علي المدين بالدعوى الشخصية، أما إذا أبرأ الدائن الكفيل من الكفالة أو تقادم دين الكفيل، فإن الكفيل لا يكون قد وفى الدين أو قام بعمل يقوم مقام الوفاء، ولذلك لا يستطيع الرجوع على المدين.
ولا يشترط أن يكون الوفاء أو ما يقوم مقامه بكل الدين فإذا وفي الكفيل بجزء من الدين كان له أن يرجع على المدين ولو لم يستوف الدائن بقية حقه وإذا رجع الكفيل بما يستحقه على المدين ورجع الدائن في الوقت نفسه على المدين ببقية حقه ،فإنهما يكونان في مركز واحد فيقسمان أموال المدين قسمة غرماء.
الشرط الثاني : أن يتم الوفاء عند حلول أجل الدين :
إذا قام الكفيل بوفاء الدين قبل حلول أجله فإنه لا يحق له الرجوع على المدين إلا عند حلول أجل الدين.
والقول بغير ذلك يؤدي إلى إمكان الكفيل أن يجبر المدين على الوفاء قبل أن يكون في استطاعة الدائن ذلك.
والمقصود بالأجل هنا هو الأجل الأصلي أما إذا إمتد الأجل الأصلي برضاء الدائن أو بحكم المحكمة فإن هذا الأجل الإضافي لا يدخل في الأجل الأصلي، ويحق للكفيل أن يرجع قبل إنقضائه وهنا تختلف دعوى الكفالة عن دعوى الحلول.
أما إذا نزل المدين عن الأجل الأصلي فإنه يجوز للكفيل أن يتمسك بهذا النزول ويفي بالدين فوراً ويرجع بعد ذلك على المدين بالدعوى الشخصية.
الشرط الثالث : ألا يكون الوفاء قد حصل بخطأ من الكفيل :
وهذا أهم الشروط وقد نصت عليه المادة 798 مدنی .
تنص الفقرتان الثانية والثالثة من المادة (800) مدني على أن :
2- ويرجع (الكفيل) بأصل الدين وبالفوائد والمصروفات، على أنه في المصروفات لا يرجع إلا بالذي دفعه من وقت إخباره المدين الأصلي بالإجراءات التي اتخذت ضده.
3- ويكون للكفيل الحق في الفوائد القانونية عن كل ما قام بدفعه ابتداءً من يوم الدفع .
وعلى ذلك فما يرجع به الكفيل يتكون من العناصر الآتية :
1 - أصل الدين :
ويقصد بأصل الدين ما كان يشغل ذمة المدين من الدين المكفول، وفوائده حتی يوم الوفاء وذلك إذا كان الدين ينتج فوائد قانونية أو إتفاقية ما دامت تدخل ضمن الدين ويدخل فيه أيضاً المصروفات التي أنفقها الدائن في سبيل حصوله على حقه، ودفعها الكفيل إلى الدائن كمصروفات التنبيه ورفع الدعوى.
2 - الفوائد :
ويقصد بها الفوائد عن كل ما دفعه الكفيل للدائن، وخلافاً للقواعد العامة التي لا تعطى للدائن الحق في الفوائد إلا من يوم المطالبة القضائية (م 226) مدنی، تقضي المادة (800) بأن للكفيل الحق في الفوائد عن كل ما قام بدفعه إبتداءً من يوم الدفع .
3 - المصروفات :
لا يقصد بالمصروفات تلك التي ينفقها الدائن فيما يتخذه من إجراءات ضد المدين إذ هي تعتبر من أصل الدين ولكن يقصد بها المبالغ التي ينفقها الكفيل للوفاء بإلتزامه كنفقات بإرشاد الدائن إلى أموال المدين حتى يقوم بتجريدها ومصاريف العرض والإيداع، والمصروفات التي حكم عليه بها للدائن وتشمل ما أنفقه الدائن في مطالبة الكفيل بالوفاء كمصروفات رفع الدعوى على الكفيل ومصروفات التنبيه عليه بالوفاء ومصروفات المطالبة الأولى التي قام بها الدائن للمدين ثم مصروفات مطالبة الدائن للمدين بعد إخطار الكفيل، وكل مصروفات أخرى تقتضيها مطالبة الدائن للكفيل بوفاء إلتزامه.
4- التعويض :
جاءت المادة (800) خلواً من إستحقاق الكفيل لثمة تعويضات ولكن بالرجوع إلى الأعمال التحضيرية يتضح أن المادة (1151 مكرراً) من المشروع التمهيدي (المقابلة للمادة 800 من التقنين الحالي) كانت تتكون من أربع فقرات لا من ثلاث فقط، وأن الفقرة الرابعة منها كانت تنص على أن : " وللكفيل فوق ذلك أن يرجع بالتعويض " إلا أن لجنة المراجعة أدخلت تعديلاً على المادة (1151 مكرراً) وضمن هذا التعديل حذف الفقرة الرابعة منها إكتفاء بتطبيق القواعد العامة.
وبناءً على ذلك لا يصح أن يحمل إغفال ذكر التعويضات في المادة (800) على أن المشرع قصد حرمان الكفيل منها بل يتعين تفسيره بأنه قصد الرجوع إلى القواعد العامة، وهي المنصوص عليها في المادة 231 مدني. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : العاشر، الصفحة : 544)
وهذه الخصوص تقرر دعوى الرجوع الشخصية المستندة الى الكفالة وتبين شروطها وأحكامها .
شروط استعمال هذه الدعوى - ويشترط في إستعمال الكفيل هذه الدعوى أربعة شروط ، هي: -
(1) أن تكون الكفالة قد عقدت لمصلحة المدين ودون اعتراض منه .
(2) أن يقوم الكفيل بوفاء الدين .
(3) ألا يكون قد وقع من الكفيل في وفاء الدين خطأ سبب ضرراً المدين.
(4) أن يكون أجل الدين قد حل .
الشرط الأول - انعقاد الكفالة لمصلحة المدين ودون إعتراض منه - هذا الشرط ليس واضحاً في النصوص المتقدمة ولكن يمكن استنباطه منها ومن المبادئ العامة ، ويبين لنا أنه هو أساس تقرير هذه الدعوى الخاصة للكفيل .
فقد تقدم عن أحوال الكفالة أنها أما أن تعقد لمصلحة الدائن وحده وهذا نادر ، وأما أن تعقد لمصلحة الدين والدائن وهذا هو الغالب (راجع نبذة 5 ).
وكذلك تقدم أن الأصل في الكفالة أن تكون بناءً على طلب المدين أو على الأقل بعلمه ، ولكنها تجوز بغير علمه ، وتجوز أيضاً رغم معارضته ( المادة 775) .
وقد خولت المادة 800 فقرة أولى مدنی الكفيل هذه الدعوى الشخصية الخاصة في حالتين من الثلاث المشار إليها في المادة 775 ، حيث قررت للكفين النت و في الدين حق الرجوع على المدين سواء كانت الكفالة قد عقدت بعلمه أو بغير علمه ولم تقرر الكفيل هذا الحق اذا كانت الكفالة قد عقدت رغم معارضة الدين ، فيخلص من ذلك أنها تشترط في استعمال الدعوى الخاصة التي قررتها أن تكون الكفالة قد عقدت دون إعتراض من المدين .
وحكمة هذا الشرط أن هذه الدعوى الخاصة المقررة للكفيل والتي تخوله رجوعاً أوسع مدى مما تقرره القاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 324 للأجنبي الذي يوفي دين غيره قد روعي فيها أن الكفيل شخص تعهد لمصلحة المدين فهو لذلك يستحق رعاية خاصة ، وقد اعتبر عدم إعتراض المدين على عقد الكفالة قرينة على أنها عقدت لمصلحته .
غير أن هذه القرينة قابلة لإثبات العكس ، فإذا ثبت أن الكفالة مع عدم إعتراض المدين عليها قد تمحضت لمصلحة الدائن وحده ، كما إذا كفل الكفيل دينا في ذمة المدين لم يحل أجله وقت الكفالة دون أن يحصل من الدائن على أي مزية جديدة لمصلحة المدين ، فإن ذلك يهدم تلك القرينة وينعدم به أحد الشروط اللازمة لإستعمال دعوى الرجوع الخاصة المقررة للكفيل ولو أنه شرط غير ضروري في إستعمال دعوى الرجوع التي تقررها القواعد العامة .
وبناءً على ذلك لا يكون للكفيل أن يرجع بالدعوي الخاصة بالكفالة إذا كانت الكفالة قد عقدت لمصلحة الدائن وحده أو عقدت رغم إعتراض المدين ، ولكن ذلك لا يمنع رجوع الكفيل على المدين بالدعوى الشخصية التي تقررها القواعد العامة أو بدعوى الحلول محل الدائن كما سيجيء .
الشرط الثاني - حصول الوفاء من الكفيل - اشترطت المادة 800 هذا الشرط صراحة إذ نصت على أن « الكفيل الذي وفى الدين أن يرجع على المدين وليس المقصود بذلك الوفاء بمعناه القانوني فقط بل أيضاً كل ما يقوم مقام الوفاء ويترتب عليه براءة ذمة المدين كالمقاصة التي تقع بين الكفيل والدائن ، وإتفاقهما على تجديد الدين يجعل الكفيل مديناً أصلياً وإبراءً المدين (242) ، وينشأ حق الكفيل في الرجوع على المدين من وقت وفائه الدين ولا تسري مدة تقادمه إلا من هذا الوقت .
فإذا لم يتم الوفاء أو ما يقوم مقامه في إبراء المدين إزاء الدائن ، فلا يكون للكفيل رجوع على المدين.
وقد تقدم أن التقنين السابق كان يخول الكفيل في أحوال معينة مطالبة المدين قبل وفائه الدين ، ولكن تلك المطالبة كانت تختلف عن الرجوع الذي يثبت للكفيل بعد الوفاء ومع ذلك فقد أبطلها التقنين الحالي واستبدل بها إلزام الدائن بمطالبة المدين في الوقت المناسب راجع نبذة 49.
الأحوال التي يحتاج فيها الكفيل إلى الدعوى الشخصية المستندة المعقدة الى القواعد العامة - لا يحتاج الكفيل الى الدعوى الشخصية المستندة الى القواعد العامة إلا حيث لا تتوافر فيه شروط دعوى الكفالة ويكون ذلك إذا لم تكن الكفالة معقودة لمصلحة المدين بأن تمحضت المصلحة الدائن أو تكون قد عقدت بالرغم من hعتراض المدين ويكون ذلك أيضاً إذا وقع من الكفيل في وفاء الدين خطأ سبب ضرراً للمدين كان يكون الكفيل قد وفى الدين دون إخطار المدين قبل الوفاء أو بالرغم من اعتراض المدين على الوفاء .
في هذه الأحوال لا يكون للكفيل الرجوع بدوري المكانية غير جميع بالدعوى الشخصية المستندة إلى القواعد العامة وهي كما سنرى الإثراء دون سببه .
شروط الدعوى الشخصية المستندة إلى البقيع العامة - ويشترط في إستعمال هذه الدعوى توافر ثلاثة شروط هي .
(1) أن يكون الكفيل قد وفي الدين ، وذلك لأن الوفاء هو الذي يخول الكفيل الرجوع أي أنه مصدر حق الرجوع، فلا رجوع ما لم يسبقه الوفاء .
(2) أن تعود على المدين منفعة من هذا الوفاء ، وذلك لأنه اذا كان وفاء الكفيل هو الذي يبرر حقه في الرجوع ، فإنه لا يكفي لتبرير إلتزام المدين بأن يرد الكفيل ما وفاه وإنما الذي يبرر هذا الإلتزام الأخير أن يكون المدين قد أفاد من وفاء الكفيل براءة ذمته من دين كان يشغلها ولا يشترط أن تكون منفعة المدين معادلة ما بذله الكفيل في الوفاء فلو وفي الكفيل ديناً كان المدين سبق أن وفي جزءاً منه أو كانت لديه نوع تبلله أو تجعله منقضياً في جزء منه ، فإن وفاء الكفيل لا يعود على المديين إلا بفائدة جزئية ، ويكون ذلك كافياً لرجوع الكفيل على المدين ولكن بقدر ما عاد على الأخير من نفع بسبب الوفاء.
(3) أن يحل أجل الدين ، لأن الكفيل اذا وفي المدين قبل حلول أجله فلا يجوز أن يضار المدين بذلك ، والواقع أن عدم حلول أجل الدين يمنع من تحقق الشرط السابق لأن وفاء الكفيل بالدين لا يعود بالنفع على المدين إلا ابتداءً من حلول أجل الدين ، فيتعين إذن على الكفيل أن ينتظر حلول الأجل لإمكان الرجوع على المدين .
ويلاحظ أن هذه الشروط لا تخرج عن شروط دعوى الإثراء دون سبب ، وهي إفتقار الكفيل بقدر ما وفاه وفاه إثراء المدين بالقدر الذي برئت به ذمته بسبب هذا الوفاء.
مدى الرجوع : تطبيق قواعد الإثراء دون سبب - في هذه الأموال التي يحتاج فيها الكفيل الى الدعوى الشخصية المستندة - إلى القواعد العامة ، والتي تتوافر فيها شروط دعوى الإثراء دون - سبب ، يتعين مدى رجوع الكفيل على المدين وفقاً للقواعد العامة التي تحكم هذه الدعوى الأخيرة .
وكانت المادتان 224/161 و 226/163 مدني قديم تنصان على أن « من دفع دین شخص ، فله حق الرجوع عليه بقدر ما دفعه ومطالبته به بناءً على ما حصل له من المنفعة بسداد دينه (255 )»، وعلى أنه « اذا دفع إنسان دین آخر بغير إرادته ثم رجع عليه خالدين المذكور الحق في عدم قبول ما دفع عنه كله أو بعضه إذا أثبت أن مصلحته كانت تقتضي امتناعه عن الدفع للدائن الأصلي ».
وقد نصت المادة 324 مدني على أنه « إذا قام الغير بوفاء الدين ، كان له حق الرجوع على الذين بقدر ما دفعه ومع ذلك يجوز للمدين الذي حصل الوفاء بغير إرادته أن يمنع رجوع الموفي بما وفاه عنه كلاً أو بعضاً ، إذا أثبت أن له أية مصلحة في الاعتراض على الوفاء ».
ومؤدى هذه النصوص أن الكفيل ولا يرجع في هذه الأحوال التي لا تثبت له فيها دعوى الكفالة إلا بأقل القيمتين قيمة ما وفاه هو للدائن وقيمة الفائدة التي عادت من هذا الوفاء على المدين فإذا كانت هذه القيمة أقل مما وفاء الكفيل لوجود تفوع أو أسباب كان يستطيع بها المدين أن يدفع بها مطالبة المدائن إياه وأن بين سقط عن نفسه من الذين » فإن الكفيل لا يرجع إلا بقدر ما أفاده المدين بسبب الوفاء أي بالمقصد الذي برئت به ذمته نتيجة الوفاء وحدi .
وتطبيقاً لذلك قررت محكمة النقض أن يستطيع التنوع الرجوع على تابعه بالدعوى الشخصية المنصوص عليها في المادة 324 مدنی التي تقضي بأنه إذا قام الغير بوفاء الدين كان له حق الرجوع على المدين بقدر ما دفعه وهذه الدعوي سواء كان أساسها الإثراء بلا سبب، أو الفضالة : فإن المتبوع لا يستطيع الرجوع بها إذا كان قد أوفي التعويض الدائن ( المضرور ) بعد أن كان حق الدائن فيه قد سقط بالنسبة للتابع لأن هذا لم يفد شيئاً من هذا الوفاء ، وليس للمتبوع أن يرجع على بعه بالتعويض الذي أوفاه عنه بالدعوى الشخصية التي قررها القانون في المادة 800 مدني للكفيل قبل المدين ، وذلك لما هو مقرر من عدم جواز رجوع الكفيل بهذه الدعوى إذا كانت الكفالة لمصلحة الدائن وحده - وضمان المتبوع لإهمال تابعه هو ضمان قرره القانون المصلحة المدائن المضرور وحده (256) .
ولا تخول هذه الدعوى الكفيل الحق في فوائد عن المبالغ التي دفعها إلى الدائن إلا من وقت المطالبة القضائية بها وفقاً للقواعد العامة وخلافاً لما خوله إياه دعوى الكفالة .
أما التعويض عن الأضرار التي تجاوز قيمة الفوائد القانونية ، فقد تقدم أن أحكام الرجوع بدعوى الكفالة لم تخرج في شأنه عن حكم القواعد العامة ، وهذه القواعد تنطبق على دعوى الإثراء دون سبب كما تنطبق على دعوي الكفالة ، فيجوز في كلتا الحالين الكفيل أن يطالب بتعويض تكميلي عن هذه الأضرار إذا أثبت أن الذين قد تسبب فيها بسوء نية.
الشرط الرابع - حلول أجل الدين - إذا وفى الكفيل الدين قبل حلول أجله، فلا يجوز له الرجوع على المدين إلا بعد حلول ذلك الأجل، لأن الأجل من حق المدين وليس للكفيل أن يحرمه منه بوفاء الدين قبل حلوله .
والمعول عليه في ذلك الأجل الأصلي للدين المكفول، ولا عبرة بالمهلة التي يمنحها الدائن المدين أو تمنحها إياه المحكمة بعد حلول الأجل الأصلي ، لأن من حق الكفيل أن يتخلص من الكفالة بمجرد حلول الأجل الأصلي ، فيجوز له أن يوفي الدين الدائن وأن يرجع به على المدين ولو لم يحل الأجل الجديد .
على أنه إذا نزل الدين عن الأجل الأصلي ، كان للكفيل أن يتد بهذا النزول ، وجاز له متى وفي الدين أن يرجع على المدين بمجرد الوفاء .
علی رجوع الكفيل على المدين بالدعوى الشخصية المستندة الى الكفالة - يؤخذ من نص الفقرة الثانية من المادة 800 أن الكفيل أن يرجع أولا بأصل الدين والفوائد والمصروفات ، ويستنبط من القواعد العامة ومن الرجوع الى الأعمال التحضيرية أن له أيضاً الرجوع بالتعويضات التي تجاوز قيمة الفوائد القانونية إن كان ذلك مقتض فيتعين بيان المقصود بكل من هذه البنود وما يشترط في الرجوع به .
أصل الدين - والمقصود بأصل الدين جميع المبالغ التي كانت مستحقة للدائن في ذمة الدين والتي وفاها الكفيل للدائن ، فيشمل ذلك أصل دين الدين وفوائده التي استحقت إلى الوقت الذي وفي فيه الكفيل الدين والمصروفات التي أنفقها الدائن في مواجهة المدين ، كل ذلك يعتبر في علاقة الكفيل بالمدين أصل الدين.
(ب) الفوائد - والمقصود بالفوائد ما يستحقه الكفيل من فوائد عن المبالغ التي دفعها إلى الدائن والتي اعتبرت كلها أصل الدين كما تقدم ، وكان تطبيق القواعد العامة على هذه الفوائد يقضي بعدم استحقاقها إلا من وقت المطالبة بها قضاء (المادة 226 مدنی) غير أن المشرع راعى الكفيل ، فخوله الحق في فوائد عن المبالغ التي دفعها من وقت دفعها في المادة 800 فقرة ثالثة، تسوى بذلك بين الكفيل وبين الوكيل في المادة 710 والفضولي ( المادة 195) .
(ج) المصروفات - وليس المقصود بالمصروفات هنا ما أنفقه المدائن في إجراءات ضد المدين لأن هذه النفقات في العلاقة بين الكفيل والمدين تعتبر داخلة في أصل الدين كما تقدم ، وإنما المقصود بها المصروفات التي أنفقها الكفيل في الوفاء بالتزامه كمصروفات العرض الحقيقي والإيداع إذا اقتضى الأمر ذلك ومصروفات الإرشاد عن أموال المدين لتجريدها ، على أنه لا يرجع الكفيل على المدين إلا بالمصروفات التي أنفقها من وقت اخباره الدين الأصلي بالإجراءات التي اتخذت ضده ( المادة 800 فقرة ثانية ) ، إذ يحتمل أن المدين كان يوفي الدين بمجرد إخطاره فيوفر على الكفيل هذه النفقات ، فلا يلزم المدين إلا بما ينفقه الكفيل بعد هذا الإخطار .
وكذلك تشمل المصروفات التي يرجع بها الكفيل على المدين المصروفات التي أنفقها الدائن في إجراءات ضد الكفيل والتي اضطر الكفيل الى دفعها الى الدائن ، على أن لا يرجع بالنسبة إلى هذه المصروفات أيضاً إلا بالذي أنفقه الدائن من وقت إخطار الكفيل المدين بالإجراءات المتخذة ضده وذلك أيضاً الإحتمال وفاء المدين الدين بمجرد إخطاره ويستثنى من ذلك مصروفات المطالبة الأولى كمصروفات رفع الدعوى على الكفيل أو مصروفات التنبيه عليه بالوفاء لأن هذه المصروفات ينفقها الدائن قبل أن يصل أي إجراء إلى الكفيل مما يوجب عليه إخطار المدين فيلتزم بها المدين لا الكفيل . (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء : التاسع، الصفحة : 166)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الرابع والثلاثون ، الصفحة / 315
عَلاَقَةُ الْكَفِيلِ بِالْمَكْفُولِ عَنْهُ:
39 - إِذَا كَانَتِ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْمَدِينِ، فَإِنَّ الْكَفِيلَ يَحِقُّ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِتَخْلِيصِهِ مِنَ الْكَفَالَةِ، وَكَذَلِكَ يَحِقُّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّاهُ لِلدَّائِنِ عَلَى التَّفْصِيلِ الآْتِي:
أ - مُطَالَبَةُ الْمَدِينِ بِتَخْلِيصِهِ مِنَ الْكَفَالَةِ:
40 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْكَفَالَةَ إِذَا كَانَتْ بِأَمْرِ الْمَدِينِ، ثَبَتَ لِلْكَفِيلِ الْحَقُّ فِي أَنْ يُطَالِبَهُ بِتَخْلِيصِهِ مِنَ الْكَفَالَةِ إِذَا طَالَبَهُ الدَّائِنُ بِالدَّيْنِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ لِلدَّائِنِ، وَيَثْبُتَ لَهُ الْحَقُّ كَذَلِكَ فِي مُلاَزَمَتِهِ إِذَا لاَزَمَهُ الدَّائِنُ، وَالْحَقُّ فِي الْمُطَالَبَةِ بِحَبْسِهِ إِذَا مَا طَالَبَ الدَّائِنَ بِحَبْسِ الْكَفِيلِ، وَإِنَّمَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ لأِنَّ الْمَدِينَ هُوَ الَّذِي أَوْقَعَهُ فِيمَا صَارَ إِلَيْهِ، فَحُقَّ لَهُ أَنْ يُعَامِلَهُ بِمِثْلِ مَا يُعَامَلُ بِهِ.
وَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الْكَفَالَةُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَدِينِ فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ الْحَقُّ فِي مُطَالَبَتِهِ بِذَلِكَ، لأِنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِالْكَفَالَةِ وَبِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا، فَلاَ يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ إِلْزَامِ غَيْرِهِ بِمَا الْتَزَمَ بِهِ .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ لِلضَّامِنِ الْحَقَّ فِي مُطَالَبَةِ الْمَضْمُونِ بِدَفْعِ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ إِلَى الدَّائِنِ لِيَخْلَصَ مِنَ الضَّمَانِ، وَيَحِقُّ لَهُ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ حُلُولِ الأْجَلِ، سَوَاءٌ طَالَبَهُ الدَّائِنُ أَوْ لاَ، وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْكَفَالَةُ بِإِذْنِ الْمَدِينِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَلَيْسَ لِلضَّامِنِ أَنْ يُطَالِبَ الْمَدِينَ بِتَسْلِيمِ مَا بِهِ الْوَفَاءُ إِلَيْهِ لِيَدْفَعَهُ إِلَى الدَّائِنِ؛ لأِنَّ الْمَدِينَ لاَ يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إِلَيْهِ .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الضَّامِنَ إِذَا ضَمِنَ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ الْمَضْمُونِ، لاَ يَحِقُّ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِتَخْلِيصِهِ مِنَ الْكَفَالَةِ؛ لأِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الضَّمَانِ بِإِذْنِهِ، فَلاَ يَلْزَمُهُ تَخْلِيصُهُ مِنْهُ، وَإِنْ ضَمِنَ بِإِذْنِ الْمَدِينِ، ثُمَّ طَالَبَهُ الدَّائِنُ، جَازَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِأَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْكَفَالَةِ؛ لأِنَّهُ إِذَا جَازَ لَهُ أَنْ يُغَرِّمَهُ إِذَا غَرِمَ جَازَ لَهُ كَذَلِكَ أَنْ يُطَالِبَهُ بِتَخْلِيصِهِ مِنَ الْكَفَالَةِ إِذَا طُولِبَ، وَإِنْ ضَمِنَ بِإِذْنِ الْمَدِينِ، وَلَمْ يُطَالِبْهُ الدَّائِنُ، فَالأْصَحُّ أَنَّهُ لاَ يَسْتَطِيعُ مُطَالَبَةَ الْمَدِينِ؛ لأِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُغَرِّمَهُ قَبْلَ أَنْ يَغْرَمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ قَبْلَ أَنْ يُطَالَبَ، وَمُقَابِلُ الأْصَحِّ فِي الْمَذْهَبِ: أَنَّ لَهُ حَقَّ مُطَالَبَتِهِ بِتَخْلِيصِهِ، لأِنَّهُ شَغَلَ ذِمَّتَهُ بِالدَّيْنِ بِإِذْنِهِ، فَجَازَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِتَفْرِيغِ ذِمَّتِهِ مِنْهُ، كَمَا إِذَا أَعَارَهُ عَيْنًا لِيَرْهَنَهَا، كَانَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمُسْتَعِيرَ بِتَخْلِيصِهَا .
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِذَا ضَمِنَ عَنْ رَجُلٍ بِإِذْنِهِ، فَطُولِبَ الضَّامِنُ، فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ بِتَخْلِيصِهِ؛ لأِنَّهُ لَزِمَهُ الأْدَاءُ عَنْهُ بِأَمْرِهِ، فَكَانَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِتَبْرِئَةِ ذِمَّتِهِ، وَإِنْ لَمْ يُطَالِبَ الضَّامِنَ لَمْ يَمْلِكْ مُطَالَبَةَ الْمَضْمُونِ عَنْهُ؛ لأِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ بِالدَّيْنِ قَبْلَ غَرَامَتِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ قَبْلَ طَلَبِهِ مِنْهُ، وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ: أَنَّ لَهُ الْمُطَالَبَةَ؛ لأِنَّهُ شَغَلَ ذِمَّتَهُ بِإِذْنِهِ، فَكَانَتْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِتَفْرِيغِهَا، كَمَا لَوِ اسْتَعَارَ عَيْنًا فَرَهَنَهَا، كَانَ لِصَاحِبِهَا مُطَالَبَتُهُ بِفِكَاكِهَا وَتَفْرِيغِهَا مِنَ الرَّهْنِ .
ب - رُجُوعُ الضَّامِنِ عَلَى الْمَدِينِ:
41 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاء ِ فِي أَنَّ الضَّامِنَ لاَ يَحِقُّ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنَ الْمَدِينِ أَنْ يُسَلِّمَهُ مَا بِهِ وَفَاءُ الدَّيْنِ قَبْلَ قِيَامِهِ بِأَدَائِهِ لِلدَّائِنِ .
وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّ الضَّامِنَ إِذَا أَدَّى مَا عَلَى الْمَضْمُونِ بِنِيَّةِ التَّبَرُّعِ عَنِ الْمَدِينِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ، أَمَّا إِذَا أَدَّى الضَّامِنُ حَقَّ الدَّائِنِ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ عَلَى الْمَدِينِ، فَفِي حُكْمِ رُجُوعِهِ تَفْصِيلٌ وَبَيَانٌ كَمَا يَلِي:
1 - شُرُوطُ الرُّجُوعِ:
42 - يَشْتَرِطُ الْحَنَفِيَّةُ لِرُجُوعِ الْكَفِيلِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ ثَلاَثَةَ شُرُوطٍ:
الأْوَّلُ: أَنْ تَكُونَ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْمَدِينِ، إِذَا كَانَ مِمَّنْ يَجُوزُ إِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَوْ كَانَ الْمَدِينُ صَبِيًّا مُمَيِّزًا أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِعَتَهٍ أَوْ سَفَهٍ، فَلاَ يَثْبُتُ لِلْكَفِيلِ حَقُّ الرُّجُوعِ؛ لأِنَّ الْكَفَالَةَ بِالأْمْرِ فِي حَقِّ الْمَكْفُولِ عَنْهُ اسْتِقْرَاضٌ وَاسْتِقْرَاضُ الصَّبِيِّ وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لاَ يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَتَضَمَّنَ كَلاَمُ الْمَدِينِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَمْرِ الضَّامِنِ بِأَنْ يَقُومَ بِالضَّمَانِ عَنْهُ، كَأَنْ يَقُولَ: اضْمَنْ عَنِّي، فَإِذَا قَالَ لَهُ: اضْمَنِ الدَّيْنَ الَّذِي فِي ذِمَّتِي لِفُلاَنٍ، دُونَ أَنْ يُضِيفَ الضَّمَانَ لِنَفْسِهِ، لَمْ يَكُنْ لِلْكَفِيلِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ عِنْدَ الأْدَاءِ؛ لأِنَّ هَذَا الأْمْرَ لاَ يَتَضَمَّنُ طَلَبَ إِقْرَاضٍ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَرْجِعُ مُطْلَقًا؛ لأِنَّ الأْدَاءَ تَمَّ بِنَاءً عَلَى الأْمْرِ بِالضَّمَانِ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ نَائِبًا عَنْهُ فِي الأْدَاءِ مُطْلَقًا.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى أَدَاءِ الْكَفِيلِ إِبْرَاءُ ذِمَّةِ الْمَكْفُولِ؛ لأِنَّ حَقَّ الرُّجُوعِ قَدْ ثَبَتَ بِنَاءً عَلَى نِيَابَةِ الْكَفِيلِ عَنِ الْمَدِينِ فِي أَدَاءِ الدَّيْنِ، وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ أَدَّى الْكَفِيلُ الدَّيْنَ لِلدَّائِنِ، وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ أَنَّ الْمَدِينَ قَدْ قَامَ بِأَدَائِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمَدِينِ بِمَا أَدَّى، وَإِنَّمَا يَسْتَرِدُّ مَا دَفَعَهُ مِمَّنْ دَفَعَهُ إِلَيْهِ .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الضَّامِنَ إِذَا أَدَّى دَيْنَ الْمَضْمُونِ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمَضْمُونِ، سَوَاءٌ أَكَانَتِ الْكَفَالَةُ بِإِذْنِهِ أَمْ كَانَتْ بِدُونِ إِذْنِهِ، حَتَّى لَوْ أَدَّى عَنْ صَغِيرٍ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِ، فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَدَّى فِي مَالِ الصَّغِيرِ، وَذَلِكَ لأِنَّهُ قَامَ بِوَفَاءِ مَا كَانَ وَاجِبًا عَلَى الأْصِيلِ ، فَيَرْجِعُ بِمَا غَرِمَ فِي هَذِهِ السَّبِيلِ .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ لِلضَّامِنِ الَّذِي أَدَّى الدَّيْنَ حَقَّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمَضْمُونِ إِنْ وُجِدَ إِذْنُهُ فِي الضَّمَانِ وَالأْدَاءِ جَمِيعًا، وَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ إِنِ انْتَفَى إِذْنُهُ فِيهِمَا، فَإِنْ أَذِنَ الأْصِيلُ فِي الضَّمَانِ فَقَطْ وَسَكَتَ عَنِ الأْدَاءِ، رَجَعَ الْكَفِيلُ عَلَيْهِ فِي الأْصَحِّ ؛ لأِنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي سَبَبِ الْغُرْمِ، وَمُقَابِلُ الأْصَحِّ : لاَ يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ؛ لأِنَّ الْغُرْمَ حَصَلَ بِغَيْرِ إِذْنٍ، وَإِنْ أَذِنَ الأْصِيلُ فِي الأْدَاءِ وَلَمْ يَأْذَنْ فِي الضَّمَانِ لاَ يَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَيْهِ فِي الأْصَحِّ ؛ لأِنَّ الْغُرْمَ بِالضَّمَانِ وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ، وَمُقَابِلُ الأْصَحِّ : يَثْبُتُ لِلْكَفِيلِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الأْصِيلِ ؛ لأِنَّهُ أَسْقَطَ الدَّيْنَ عَنْهُ بِإِذْنِهِ .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الضَّامِنَ الَّذِي أَدَّى الدَّيْنَ الْمَضْمُونَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ بِهِ عَلَى الْمَدِينِ، لَهُ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ:
الْحَالَةُ الأْولَى: أَنْ يَكُونَ الضَّامِنُ قَدْ ضَمِنَ بِإِذْنِ الْمَدِينِ، ثُمَّ أَوْفَاهُ كَذَلِكَ، فَلَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ، سَوَاءٌ قَالَ لَهُ: اضْمَنْ عَنِّي وَأَدِّ عَنِّي، أَوْ أَطْلَقَ الإْذْنَ بِالضَّمَانِ وَالأْدَاءِ فَلَمْ يُضِفْهُ إِلَى نَفْسِهِ.
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الضَّامِنُ قَدْ ضَمِنَ بِإِذْنِ الْمَدِينِ، وَلَكِنَّهُ أَدَّى بِدُونِ إِذْنِهِ، فَلَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ أَيْضًا؛ لأِنَّ الإْذْنَ فِي الضَّمَانِ يَتَضَمَّنُ الإْذْنَ فِي الأْدَاءِ عُرْفًا.
الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ الضَّامِنُ قَدْ ضَمِنَ بِدُونِ إِذْنِ الْمَدِينِ، وَلَكِنَّهُ أَدَّى الدَّيْنَ بِإِذْنِهِ، فَلَهُ كَذَلِكَ حَقُّ الرُّجُوعِ؛ لأِنَّ إِذْنَ الْمَدِينِ بِالأْدَاءِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُومَ الْكَفِيلُ عَنْهُ فِيهِ.
الْحَالَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَكُونَ الضَّامِنُ قَدْ ضَمِنَ بِدُونِ إِذْنِ الْمَدِينِ، ثُمَّ أَدَّى بِدُونِ إِذْنٍ مِنْهُ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى؛ لأِنَّهُ أَدَاءٌ مُبْرِئٌ مِنْ دَيْنٍ وَاجِبٍ، فَكَانَ مِنْ ضَمَانِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَقِيَامُ الإْنْسَانِ بِقَضَاءِ مَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَى غَيْرِهِ يَسْتَلْزِمُ حَقَّ رُجُوعِهِ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا، وَالرِّوَايَةُ الأْخْرَى : لاَ يَرْجِعُ بِشَيْءٍ لأِنَّ صَلاَةَ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم عَلَى الْمَيِّتِ الْمَدِينِ، بَعْدَ ضَمَانِ دَيْنِهِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذِمَّتَهُ بَرِئَتْ مِنَ الدَّيْنِ، وَلَوْ كَانَ لِلضَّامِنِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمَدِينِ بِمُجَرَّدِ ضَمَانِهِ مِنْ غَيْرِ إِذْنِهِ مَا بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْمَيِّتِ .
2 - كَيْفِيَّةُ الرُّجُوعِ:
43 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْكَفِيلَ الَّذِي لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ بِمَا أَدَّى، إِذَا كَانَ مَا وَفَّاهُ مِثْلَ الدَّيْنِ وَمِنْ جِنْسِهِ؛ لأِنَّ الْكَفِيلَ - وَقَدْ أَمَرَ بِالضَّمَانِ وَقَامَ بِالْوَفَاءِ بِنَاءً عَلَيْهِ - يَتَمَلَّكُ الدَّيْنَ بِذَلِكَ الْوَفَاءِ، فَإِذَا أَدَّاهُ مِنْ جِنْسِهِ حَلَّ مَحَلَّ الدَّائِنِ فِيهِ، وَإِذَا أَدَّى أَقَلَّ مِنَ الدَّيْنِ، فَإِنَّمَا يَتَمَلَّكُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى، تَجَنُّبًا لِلرِّبَا بِسَبَبِ اخْتِلاَفِ الْقَدْرِ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، أَمَّا إِذَا أَدَّى بِغَيْرِ جِنْسِهِ مُطْلَقًا، أَوْ تَصَالَحَ مَعَ الدَّائِنِ عَلَى بَعْضِ الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمَدِينِ بِمَا ضَمِنَ - وَهُوَ الدَّيْنُ - لأِنَّهُ تَمَلَّكَ الدَّيْنَ بِالأْدَاءِ، فَيَرْجِعُ بِمَا تَمَّتِ الْكَفَالَةُ عَلَيْهِ، وَشُبْهَةُ الرِّبَا غَيْرُ وَارِدَةٍ .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّ الضَّامِنَ - الَّذِي لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ - يَرْجِعُ عَلَى الْمَدِينِ بِمِثْلِ مَا أَدَّى إِذَا كَانَ مَا أَدَّاهُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ، سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ مِثْلِيًّا أَوْ قِيَمِيًّا، لأِنَّ الضَّامِنَ كَالْمُسَلِّفِ، وَفِي السَّلَفِ يَرْجِعُ بِالْمِثْلِ حَتَّى فِي الْمُقَوَّمَاتِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَا أَدَّاهُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ بِالأْقَلِّ مِنَ الدَّيْنِ وَقِيمَةِ مَا أَدَّى، وَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنِ الضَّامِنُ قَدِ اشْتَرَى مَا أَدَّى بِهِ، فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي شِرَائِهِ مُحَابَاةٌ، وَإِلاَّ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ، وَإِذَا تَصَالَحَ الْحَمِيلُ وَالدَّائِنُ فَلاَ يَرْجِعُ الضَّامِنُ عَلَى الْمَدِينِ إِلاَّ بِالأْقَلِّ مِنَ الأْمْرَ يْنِ، الدَّيْنِ وَقِيمَةِ مَا صَالَحَ بِهِ .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الضَّامِنَ - إِذَا ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ - فَالأْصَحُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَ، لاَ بِمَا لَمْ يَغْرَمْ، فَيَرْجِعُ بِالدَّيْنِ إِنْ أَدَّاهُ، وَيَرْجِعُ بِمَا أَدَّى إِنْ كَانَ أَقَلَّ، وَيَرْجِعُ بِالأْقَلِّ مِمَّا أَدَّى وَمِنَ الدَّيْنِ إِنْ صَالَحَ عَنِ الدَّيْنِ بِخِلاَفِ جِنْسِهِ، وَمُقَابِلُ الأْصَحِّ رُجُوعُهُ بِالدَّيْنِ كُلِّهِ؛ لأِنَّهُ حَصَلَ الْبَرَاءَةُ مِنْهُ بِمَا فَعَلَ، وَالْمُسَامَحَةُ جَرَتْ مَعَهُ .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الضَّامِنَ يَرْجِعُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ بِأَقَلِّ الأْمْرَ يْنِ مِمَّا قَضَى أَوْ قَدْرِ الدَّيْنِ؛ لأِنَّهُ إِنْ كَانَ الأْقَلُّ الدَّيْنَ فَالزَّائِدُ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا، فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِأَدَائِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْضِيُّ أَقَلَّ، فَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَ، وَلِهَذَا لَوْ أَبْرَأَهُ غَرِيمُهُ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ. وَإِنْ دَفَعَ عَنِ الدَّيْنِ عَرَضًا رَجَعَ بِأَقَلِّ الأْمْرَ يْنِ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ قَدْرِ الدَّيْنِ، فَإِنْ قَضَى الْمُؤَجَّلَ قَبْلَ أَجَلِهِ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ؛ لأِنَّهُ لاَ يَجِبُ لَهُ أَكْثَرُ مِمَّا كَانَ لِلْغَرِيمِ، فَإِنْ أَحَالَهُ كَانَتِ الْحَوَالَةُ بِمَنْزِلَةِ تَقْبِيضِهِ، وَيَرْجِعُ بِالأْقَلِّ مِمَّا أَحَالَ بِهِ أَوْ قَدْرِ الدَّيْنِ، سَوَاءٌ قَبَضَ الْغَرِيمُ مِنَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، أَوْ أَبْرَأَهُ، أَوْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الاِسْتِيفَاءُ لِفَلَسٍ أَوْ مَطْلٍ، لأِنَّ نَفْسَ الْحَوَالَةِ كَالإْقْبَاضِ .
___________________________________________________________________
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله )محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية(بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
(مادة 752)
إذا أدى الكفيل ما كفل به من ماله فله الرجوع بما أدى على الأصيل إن كانت الكفالة بأمر الأصيل وكان الأصيل ممن يجوز قراره على نفسه فلا يرجع على صبي محجوراً.
(مادة 753)
ليس للكفيل مطالبة الأصيل بالدين المكفول به قبل أن يؤديه للدائن المكفول له ولو كانت الكفالة بأمر الأصيل.