مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : الخامس ، الصفحة : 550
مذكرة المشروع التمهيدي :
المادة 1154 تطابق المادة 730 من المشروع الفرنسي الإيطالي وهي تقرر الحق للكفيل الذي يكفل عدة مدينين في أن يرجع على كل منهم بمقتضى دعواه الشخصية بما أنه كفل كلاً منهم من أجل كل الدين .
1- رجوع الغير المتوفى - الذى ليس ملزما بالوفاء - بما أوفاه على المدين يكون بالدعوى الشخصية عملاً بالمادة 324 من القانون المدنى . ولا ينشأ حق المتوفى فى هذا الرجوع إلا من تاريخ وفائه بالدين ولا يتقادم إلا بإنقضاء ثلاث سنوات تبدأ من هذا التاريخ .
(الطعن رقم 269 لسنة 34 جلسة 1968/02/29 س 19 ع 1 ص 443 ق 65)
2- متى كان وفاء الكفيل المتضامنين وفاء صحيحاً لدين قائم فإنه يحق له أن يرجع على باقى الكفلاء المتضامنين معه كل بقدر حصته فى الدين الذى أوفاه للدائن ويكون هذا الرجوع إما بدعوى الحلول أو بالدعوى الشخصية التى أساسها النيابة التبادلية المفترضة قانوناً بين المتعهدين المتضامنين فى الدين على ما تقرره المادة 108 من القانون المدنى الملغى . وإذ كانت الدعوى الشخصية تقدم على الوكالة المفترضة بين الكفلاء المتضامنين فإنه يتعين فى شأن تقادمها إعمال قواعد التقادم المقررة فى شأن الوكالة وإعتبار مدة التقادم بالنسبة لتلك الدعوى خمسة عشرة سنة تبدأ من تاريخ وفاء الكفيل المتضامن إذ من هذا التاريخ فقط ينشأ حقه فى الرجوع على المتعهدين المتضامنين معه ويصبح هذا الحق مستحق الأداء .
(الطعن رقم 392 لسنة 31 جلسة 1966/02/10 س 17 ع 1 ص 279 ق 37)
3- إنه وإن كان يجوز لدائنى المفلس طبقاً للماده 349 من قانون التجارة مطالبة كفيله بالدين المكفول بتمامه ولو حصل الصلح مع المفلس ، إلا إنه من المقرر أنه ليس للكفيل أن يرجع على المدين المفلس بما أداه لدائنه زائداً عما ناله هذا الدائن بمقتضى الصلح ، وعلة ذلك إنه متى وفى المفلس بالأنصبه المشروطة للدائنين فى الصلح فلا يجبر بعد ذلك على الوفاء بما تنازل عنه الدائنون من ديونهم وإلا لإنعدمت منفعته من هذا التنازل وقصر الصلح عن تحقيق أهدافه.
(الطعن رقم 77 لسنة 30 جلسة 1965/03/11 س 16 ع 1 ص 304 ق 47)
تنص المادة 801 مدني على ما يأتي :
"إذا تعدد المدينون في دين واحد وكانوا متضامنين ، فللكفيل الذي كفلهم جميعاً أن يرجع على أي منهم بجميع ما وفاه من الدين " .
هذا هو الفرض الذي أورد حكمه نص المادة 801 مدني سالف الذكر ، وهو أبسط الفرضين فإذا كان هناك مدينون متضامنون في دين واحد ضمنهم الكفيل جميعاً ، ووفى الكفيل الدين للدائن ، فإنه يجرع على أي من المدينين المتضامنين إما بالدعوى الشخصية أو بدعوى الحلول .
فإن رجع بالدعوى الشخصية ، فإنه يرجع بما وفاه للدائن ، أي بكل الدين ذلك لأن أي مدين متضامن مسئول عن كل الدين بحكم التضامن فيما بين المدينين ، وقد وفى الكفيل عنه كل الدين فيرجع بكل الدين عليه ويضاف إلى ذلك ما يرجع به الكفيل من فوائد قانونية ومصروفات وتعويض ، فإذا رجع الكفل بكل الدين على أحد المدينين المتضامنين ، رجع هذا المدين على سائر المدينين كل بقدر حصته م 1/297 مدني، وإذا أعسر أحد المدينين المتضامنين ، تحمل تبعة هذا الإعسار المدين الذي وفى بالدين للكفيل وسائر المدينين الموسرين كل بقدر حصته م 298 مدني ، وذلك كله طبقاً للقواعد المقررة في التضامن .
وإن رجع الكفل بدعوى الحلول ، فإنه يرجع بنفس حق الدائن الذي وفاه حقه ولما كان الدائن يرجع على أي من المدينين المتضامنين بكل الدين للتضامن القائم فيما بينهم ، فإن الكفيل له أن يرجع أيضاً بدعوى الحلول على أي من المدينين المتضامنين بكل الدين ، كما في الدعوى الشخصية ، وكما في الدعوى الشخصية أيضاً يرجع المدين الذي وفى الدين للكفل على سائر المدينين كل بقدر حصته ، وإذا أعسر أحد المدينين المتضامنين تحمل تبعة هذا الإعسار المدين الذي وفى الدين للكفيل وسائر المدينين المتضامنين كل بقدر حصته .
ويخلص مما تقدم أن الكفيل يرجع بدعوى الحلول على أي من المدينين المتضامنين بكل الدين ، سواء ضمنهم كلهم أو ضمن بعضهم فقط أما إذا رجع بالدعوى الشخصية ، فإنه يجب التمييز بين ما إذا كان الكفيل قد ضمن كل المدينين المتضامنين أو ضمن بعضهم دون بعض آخر فإن كان قد ضمن كل المدينين المتضامنين ، فإنه يرجع على أي منهم بكل الدين أما إذا كان قد ضمن بعضهم فقط ، فإنه يجرع على المدين الذي ضمنه بكل الدين ، ويرجع على المدين الذي لم يضمنه بقدر حصته في الدين .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : العاشر، الصفحة : 236)
إذا تعدد المدينون وكانوا متضامنين ووفى الكفيل الدين فإنه يرجع بكل الدين على أي مدين منهم إما بالدعوى الشخصية، فيرجع بكل الدين على أي من المدينين المتضامنين وبالفوائد القانونية والمصروفات والتعويض على نحو ما أوضحناه بالمادة 800 وللمدين الذي وفى أن يرجع على سائر المدينين كل بقدر حصته، فإذا أعسر أحدهم تحمل باقي المدينين كل بنسبة حصته من هذا الإعسار هم فإن رجع بدعوى الحلول، فيرجع بكل الدين الذي وفاه على أي من المدينين المتضامنين، فإذا أعسر أحدهم تحمل باقي المدينين كل بنسبة حصته من هذا الإعسار ولا يرجع بالفوائد القانونية ولا بالمصروفات ولا بالتعويض .
أما اذا كان الكفيل لم يكفل إلا بعض المدينين المتضامنين، فله الرجوع على الدين الذي كفله بكل الدين بأي من الدعويين سالفتي الذكر وله أن يرجع الدعوى الشخصية على أي من المدينين الذين لم يكلفهم أما بالدعوى غیر مباشرة مطالباً بحصة الدين الذي رجع عليه ونصيبه في حصة المدين المعسر أن وجد معسر وإما أن يرجع بدعوى الإثراء بلا سبب فيطالب الدين الذي رجع عليه بحصته في الدين ونصيبه في حصة الدين المعسر، ويكون لمن رجع عليه كفيل أن يتمسك بالدفوع التي كان يمكنه الإحتجاج بها ضد الدين الذي كفله، كما يكون للكفيل أن يرجع على أي من المدينين الذين لم يكفلهم أو بين كفلهم بموجب دعوى الحلول مطالبة أي منهم بكل الدين .
فإذا أعسر أحد المدينين المتضامنين الذي ضمنه الكفيل، تحمل باقي هؤلاء حصته من هذا الإعسار عند رجوع الكفيل عليهم، اذ لا يتحمل غير المكفولين تبعة هذا الإعسار إذا رجع الكفيل عليهم بدعوى الإثراء بدون سبب لأنهم لا يلزمون إلا بقدر ما برئت ذمهم، وليس للكفيل أن يرجع عليهم بدعوى الكفالة لأنه لم يكلفهم.
إذا كان المدينون غير متضامنين، وضمنهم جميعاً كفيل واحد، وحل أجل الدين، قام الكفيل بالوفاء به، فإنه يرجع على كل واحد منهم بما يخصه من الدين، سواء رجع بدعوى الطول أو بالدعوى الشخصية، لأنه في الدعوى الأولى حل محل الفن في الرجوع على المدين، وانتفاء تضامنهم، فإن الدين كان ينقسم بينهم، وبالتالي فإنه ينقسم عند رجوع الكفيل عليهم ولأنه في الدعوى الثانية لا يلزم الدين بالوفاء إلا بقدر ما برئت منه ذمته، وهو يتمثل في حصته في الدين التى كان ملزما بها دون باقى المدين .
أما إذا كفل بعض المدينين غير المتضامنين، فإنه لا يكون ملزماً بالوفاء إلا بالنسبة لحصة هؤلاء في الدين، ولإنتفاء التضامن فيما بينهم، فإن الكفيل يرجع على كل منهم بقدر حصته في الدين، سواء رجع بدعوى الحلول أو بالدعوى الشخصية على نحو ما تقدم.
أما من لم يضمنهم الكفيل من المدينين غير المتضامنين، فإنه لا يكون ملزماً بالوفاء بحصصهم في الدين، وبالتالي يمتنع على الدائن مطالبته بها لكن اذا قام الكفيل بالوفاء بتلك الحصص أيضاً، فإنه لا يجوز الرجوع بها بدعوى الحلول المنصوص عليها في المادة 799 من القانون المدني، لأنها تنصرف إلى الكفيل الذي وفى الدين المكفول، ولما كان الدين الذي قام الكفيل بالوفاء به ليس هو الدين الذي كفله، وبالتالي تنتفي صفته ككفيل بالنسبة لهذا الدين، وهو ما يحول دون الاستناد لتلك المادة كما لا يجوز له الرجوع على هؤلاء بموجب الدعوى الشخصية المنصوص عليها في المادة 800 من ذات القانون وذلك لإنحصارها في الكفيل عن الدين الذي وفي إلتزامه وكان ملزماً معه بالدين أو ملزماً عنه به، وهو مالم يتوافر في الحالة الماثلة.
ولا يكون للكفيل الذي قام بوفاء دین مدینین غیر متضامنين مع من كفلهم، إلا الرجوع عليهم بالدعوى الشخصية وفقاً للقواعد العامة، وهي دعوى الإثراء بدون سبب أو دعوى الفضالة، وفقاً للمادة 179 والمادة 188 وما يليها من القانون المدني.
تعدد المدينين في التزام غير قابل للانقسام :
فإذا تعدد المدينون في إلتزام غير قابل للإنقسام، وضمن الكفيل بعض هؤلاء فإنه يكون ملزماً بوفاء الدين كاملاً في مواجهة الدائن، ومتى قام بالوفاء، فإنه يرجع على كل مدين بما يخصه من الدين، إذ يصبح الدين، بعد الوفاء به، قابل للإنقسام، ويرجع الكفيل على من ضمنهم بدعوى الحلول أو الدعوى الشخصية المنصوص عليها في المادة 800 من القانون المدني، بينما يرجع على من لم يضمنهم بالدعوى الشخصية وفقاً للقواعد العامة، لأن إلتزامه بالوفاء بحصصهم لم يرجع إلى أنه ملتزم معهم أو عنهم، وإنما رجع إلى طبيعة الدين وعدم قابلية للإنقسام.
إنتفاء النيابة المتبادلة بين الكفلاء والمدينين :
إذا تعدد المدينون وكانوا متضامنين فيما بينهم، وضمنهم كفلاء متضامنين فيما بينهم ومع المدينين، فلا تقوم نيابة متبادلة بين هؤلاء على نحو ما أوضحناه بند انتفاء النيابة المتبادلة بين الكفلاء فيما تقدم.
انقضاء الكفالة
أولاً : انقضاء الكفالة بإنقضاء الدين المكفول :
تنص المادة 772 من القانون المدني على أن الكفالة عقد بمقتضاه يكفل شخص تنفيذ إلتزام بأن يتعهد للدائن بأن يفي بهذا الإلتزام إذا لم يف به المدين نفسه مما مؤداه، أن إلتزام الكفيل يتبع إلتزام الدين وجوداً وعدماً فیبقی ببقائه یزول بزواله، وهو ما يتطلب بيان الأسباب التي ينقضي بها إلتزام المدين، وتلك التي تؤدي إلى إنحلاله، كما يؤدي إليه إنحلال العقد من زوال ما تضمنه من إلتزامات وقد تكون أسباب إنقضاء الإلتزام وأسباب إنحلاله، متعلقة بالنظام العام،کدین القمار والدين المقرر لسبب غير مشروع كتقرير نفقة لخليلة المدين وفي هذه الحالة تتوافر الصورية التدليسية مما يجوز معه للمدين إثباتها بكافة الطرق المقررة قانوناً ومنها البينة والقرائن، ومثل ذلك أيضاً البيع الصادر الأجنبي في غير الحالات التي يقررها القانون، والبيع المتعلق بأرض خاضعة للتقسيم قبل صدور قرار تقسيمها، وقد تكون هذه الأسباب غير متعلقة بالنظام العام وبالتالي ينحصر التمسك بها لمن تقررت لمصلحته، وفي الحالتين يجوز للكفيل التمسك بها طالما توافرت له مصلحة في ذلك تتمثل في إنقضاء الدين وبالتالي انقضاء الكفالة ونتناول فيما يلي تلك الأسباب.
الوفاء بالدين المكفول :
يخضع الوفاء للقواعد المقررة بالمادة 323 وما بعدها من القانون المدني، فيكون صحيحاً إذا قام به المدين أو نائبة أو أي شخص آخر له مصلحة في الوفاء طالما لم تكن طبيعة الإلتزام تطلب أن يقوم الدين بنفسه بتنفيذ إلتزامه كما لو كان مهندساً أو فناناً ومتى قام الغير بالوفاء، فإنه يحل محل الدائن وبالتالي لا ينقضي إلتزام المدين وإنما ينتقل الحق فيه إلى الموفى بما يتبعه من تأمينات ومنها الكفالة.
وحتى تنقضي الكفالة بالوفاء، يجب أن يكون الوفاء صحيحاً ، فإن شابه البطلان، أعتبر الرفاء كأن لم يكن، فتظل ذمة المدين مشغولة بالدين وتظل الكفالة قائمة.
والوفاء قد يتم عيناً أي بذات ما إلتزام به المدين، رضاءً أو قضاءً متى كان التنفيذ العيني ممكناً وإلا إستحال إلى تنفيذ بطريق التعويض، وكلاهما يقضي إلتزام المدين، بإعتبار أن التنفيذ العيني والتنفيذ بطريق التعويض قسيمان يتقاسمان تنفيذ إلتزام المدين، ومتى تم التنفيذ بأي من الطريقتين، إنقضى إلتزام الدين، وتبعه إلتزام الكفيل، ولما كان المدين هو صاحب المصلحة في الوفاء، فإنه لا يرجع على الكفيل بشيء بسبب إنقضاء إلتزام الأخير بهذا الوفاء.
ويجب حتى تنقضي الكفالة تبعاً لإنقضاء إلتزام المدين بالوفاء، أن يكون هذا الوفاء صحيحاً، فإن شابه البطلان، کوقوع غلط فيه أو لأنتفاء مصلحة الغير الذي قام بالوفاء أو الوفاء بشيء غير مملوك للمدين، فإن الدين لا ينقضي ولا تنقضي کفالته بإعتبارها تابعة للدين الأصلي يستوى في ذلك الكفالة الشخصية والكفالة العينية، وفي الحالة الأخيرة يلتزم الدائن بإتخاذ الإجراءات اللازمة لشطب القيد الذي تم لصالحه فور الوفاء له بالدين المكفول، ومن تم الشطب، رضاءً أو قضاءً ، ثم قضى ببطلان الوفاء، أصبح الوفاء كأن لم يكن، ومن ثم يعود الدين إلى ذمة الدين، ومعه توابعه، سواء نص في الحكم على ذلك أو لم ينص فيه بإعتبار عودة الدين وتوابعه طلباً مندرج ضمناً في طلب بطلان الوفاء، ويتم التأشير بالحكم ببطلان الوفاء، يعود للقيد قوته التي كانت له شريطة عدم الإضرار بحقوق الغير التي تم تسجيلها أو قيدها في الفترة من شطب القيد المتعلق بالكفالة العينية حتى التأشير ببطلان الوفاء، إذ لا يضار الغير حسن النية الذي تلقی حقاً عينياً على العين وقام بتسجيله أو قيده في فترة لم توجد بها قيود متعلقة بذات العين .
وإذا رفض الدائن الوفاء، بغير سبب مشروع، فقام المدين بإجراءات العرض والإيداع، فإنه يترتب عليها ما يترتب على الوفاء، فيقضي الدين وتوابعه ومنها الكفالة، متى تم العرض والإيداع وفقاً لما يتطلبه القانون، وبالتالي يجب أن يكون العرض بكامل الدين والفوائد المستحقة عنه متى كانت مستحقة دون مطالبة قضائية، كإستحقاق الفوائد على باقي الثمن في الحالة التي يكون المشتري قد تسلم المبيع، بحيث اذا أودع باقي الثمن وحده دون الفوائد المستحقة عنه، كان العرض باطلاً وتبعه الإيداع، فلا ينقضي الدين بهذا الاجراء وتظل الكفالة قائمة كذلك الحال اذا تم العرض بالجلسة على وکیل غير مفوض بقبول العرض.
وإذا عرض المدين الدين وأتبع العرض بإيداعه، إلا أن الدائن لم يقبله، فإن الوفاء يكون قد تم قانوناً، وكان يتعين ترتیب آثاره بالنسبة للكفيل حتى لو رجع الدين فيه، إلا أن المشرع نص في الفقرة الأولى من المادة 340 من القانون المدني على أن هذا الرجوع لا يبرئ ذمة الكفيل وبالتالي فإن الكفالة لا تنقضي.
أما اذا قبل الدائن العرض أو قضى بصحته، ثم رجع المدين في العرض وقبل الدائن منه هذا الرجوع أدى ذلك إلى ترتيب آثار الوفاء مما يحول دون الدائن والتمسك بعد ذلك بما يكفل حقه من تأمينات وتبرأ ذمة الكفيل.
وإذا تعددت الديون في ذمة المدين وكانت لدائن واحد ومن جنس واحد وكان الكفيل قد ضمن ديناً واحداً منها، وقام الدين بوفاء لا يقضى تلك الديون جميعاً، وجب صرفه إلى الدين المكفول إذا وجد إنفاق في عقد الكفالة على ذلك ومن ثم تنقضي الكفالة بهذا الوفاء، فإن لم يوجد هذا الإتفاق، فلا يوجد مانع قانوني يحول دون المدين عند الوفاء من أن يعين الدين الذي يريد الوفاء به، فإن عين ديناً آخر غير الدين المكفول، ظلت الكفالة قائمة، فإذا لم يوجد إتفاق على تعيين الدين، ولم يقم المدين بتعيينه عند الوفاء، كان الخصم من الدين الذي حل، فإذا تعددت الديون الحالة، فمن حساب أشدها كلفة على المدين، فيكون الخصم من الدين الذي يقرر فائدة أكبر، فإذا تساوت الديون في الكفالة فمن حساب الدين الذي يعينه الدائن وفقاً لمصلحته، ومن ثم يكون له الحق في الإبقاء على الدين المكفول.
وقد يرد الوفاء على شيء ليس هو محل إلتزام المدين، ومع ذلك يؤدى إلى إنقضاء الدين طالما قبل الدائن هذا المقابل، إذ تنص المادة 350 من القانون المدني على أنه إذا قبل الدائن في إستيفاء حقه مقابل استعاض به عن الشيء المستحق قام هذا مقام الوفاء، كما نصت المادة 351 منه على أنه يسري على الوفاء بمقابل من حيث أنه يقضي الدين، أحكام الوفاء وبالأخص ما تعلق منها بتعيين جهة الدفع وإنقضاء التأمينات، ونصت المادة 783 من ذات القانون على أنه إذا قبل الدائن أن يستوفي في مقابل الدين شيئاً آخر، برئت ذمة الكفيل ولو استحق الشيء .
وإذا يترتب على الإستحقاق، إخلال المدين بإلتزامه، مما يجوز معه للدائن أن يطلب فسخ الإتفاق على الوفاء بمقابل، وكان مؤدى ذلك، على نحو ما تقدم، عودة التزام الدين إلى ما كان عليه قبل الوفاء بمقابل بتأميناته ومنها الكفالة وفقاً للقواعد العامة، إلا أن المشرع قد أورد نصاً خاصاً متعلقاً بالكفالة وهو المادة 783 سالفة البيان، قید به تلك القواعد، وجاء به مطلقاً من أي قيد، وتوجب قواعد التفسير في هذه الحالة الأخذ بالنص على إطلاقه، وبالتالي فإن ذمة الكفيل تبرأ من الدين إذا قبل الدائن هذا الوفاء ولو استحق الشيء.
وفسخ الإتفاق على الوفاء بمقابل، مقرر وفقاً للقواعد العامة إذا ما أخل أحد المتعاقدين بالتزامه، ويعتبر إستحقاق الشيء إخلالاًَ من الدين بإلتزامه بنقل ملكيته الى الدائن، يجيز للأخير طلب الفسخ دون حاجة لوجود إنفاق على هذا الفسخ بين الدائن والمدين.
يتجدد إلتزام المدين، بتغيير الدين المكفول أو بتغيير الدين أو الدائن، ويشترط للتجديد أن يكون الإلتزامات القديم والجديد قد خلا كل منهما من أسباب البطلان، فإن كان الإلتزام القديم ناشئاً عن عقد قابل للإبطال فلا يكون التجديد صحيحاً إلا إذا قصد بالالتزام الجديد إجازة العقد وأن يحل محله ويترتب على التجديد أن يقضي الدين المكفول بتوابعه وأن ينشأ مكانه إلتزام جليد لا تتفل إليه الكفالة، عينية كانت أو شخصية إلا إذا رضى الكفيل بذلك، فإن لم يرض نقضت كفالته بالتجديد، ولا تنتقل إلى الإلتزام الجديد.
فإن توافر سبب من أسباب بطلانه أحد الإلتزامين، فإن التجديد لا يكون قد تم، وبالتالي لا يكون الدين المكفول قد انقضى، فيظل قائما هو كفالته، أما إذا كان الالتزام القديم ناشئا عن عقد قابل للإبطال، فلا يكون التجديد صحيحاً إلا إذا قصد بالالتزام الجديد إجازة العقد وأن يحل محله، وبالتالى تنقضي الكفالة متى كان التجديد صحيحاً بانصراف القصد إلى إجازة العقد، كما يجوز للكفيل التمسك بإبطال العقد في حالة عدم التجديد ليقضي له بإنقضاء كفالته، اذ الكفيل أن يتمسك بجميع الأوجه التي يحتج بها المدين۔
(3) المقاصة :
للمدين حق المقاصة بين ما هو مستحق عليه لدائنه، وما هو مستحق له قبل هذا الدائن، ولو اختلف سبب الدينين، إذا كان موضوع كل منهما نقوداً أو مثليات متحدة في النوع والجودة، وكان كل منهما خالية من النزاع مستحق الأداء صالحاً للمطالبة به قضاء ويترتب على المقاصة انقضاء الدينين بقدر الأقل منهما منذ الوقت الذي يصبحان فيه صالحين للمقاصة.
وأن كانت المقاصة تقع بقوة القانون من وقت تلاقى الدينين بقدر الأقل منهما، فإن آثارها تترتب من ذلك الوقت، وتتوقف على التمسك بها من تقررت لمصلحته، فإن تمسك بها المدين، فإنها تقضي دينه حتى لو كانت مدة تقادمه قد اكتملت ودفع المدين الآخر بالتقادم، طالما تلاقي الدينان قبل إكتمال مدة التقادم، وبالتالي يجوز أن يتمسك بالمقاصة بين الدين المكفول ودين لمكفوله في ذمة الدائن حتى لو دفع بالتقادم، طالما تلاقي الدينان قبل إكتمال مدة التقادم ولا يتوقف القضاء بإنقضاء الدين المكفول بالمقاصة على تمسك المدين فيها، إكتفاء بتمسك الكفيل.
وإذا تلاقى الدينان، وقام المدين بحوالة حقه الى الغير، وقبل المدين هذه الحوالة دون تحفظ، فلا يجوز لهذا الدين أن يتمسك قبل المحال له بالمقاصة التي كان له أن يتمسك بها قبل قبوله الحوالة، وبالتالي لا تقع المقاصة ولا ينقضي الدين المكفول، مما يحول دون الكفيل والتمسك في هذه الحالة بالمقاصة، لإنتقال الدين بتأميناته للمحال له عملاً بالمادة 307 من القانون المدني .
(4) إتحاد الذمة :
فإذا اندمجت ذمة الدين في ذمة المدين أو العكس، إنقضى الدين بإتحاد الذمة بالقدر الذي اتحدت فيه الذمة، فقد يرث الدائن المدين أو العكس، فتتنقل التركة إلى الآخر وبها الإلتزام بالوفاء الذي يوجب على الوارث سداد الدين منها، ولا كانت قد إنتقلت إليه، فإن الإلتزام ينقضي بإتحاد الذمة لعدم جدوى وفاء المدين لنفسه، إذ تنص المادة 370 من القانون المدني على أنه إذا اجتمع في شخص واحد صفتا الدائن والمدين بالنسبة إلى دين واحد، انقضى هذا الدين بالقدر الذي اتحدت فيه الذمة، وطالما انقضى الدين المكفول أدى ذلك إلى إنقضاء الكفالة.
كما ينقضى إلتزام المستأجر قبل المؤجر باتحاد الذمة عندما يشتري المستأجر العين المؤجرة، ويترتب على ذلك إنقضاء كفالة المستأجر.
فإذا زال السبب الذي ادى الى اتحاد الذمة، کفسخ عقد البيع في المثال - المتقدم، عاد الدين إلى الوجود هو وملحقاته بالنسبة لذوى الشأن جميعاً ويعتبر إتحاد الذمة كأن لم يكن، فتعود الكفالة التي كانت قد انقضت بإتحاد الذمة، فإن كانت الكفالة عينية، فلا يترتب على عودتها الأضرار بحقوق الغير حسن النية ، كما لو كان الكفيل قد رتب على العين حقاً عينياً خلال الفترة من إتحاد الذمة حتى زواله.
(5) إنقضاء الكفالة بالإبراء :
ينقضي الدين المكفول اذا أبرأ الدائن مدينه مختاراً ، ويتم الإبراء متى وصل إلى علم المدين، ويرتد برده، وذلك على ما نصت عليه المادة 371 من القانون المدني ويسري على الإبراء القواعد الموضوعية التي تسري على كل تبرع ولا يشترط فيه شكل خاص ولو كان العقد الذي إلتزم المدين بموجبه يشترط لقيامه توافر شكل فرضه القانون.
وإذ يترتب على الإبراء إنقضاء الدين، فإن الكفالة تنقضي تبعاً لإنقضاء الدين المكفول، طالما استوفى الإبراء شروط صحته، بحيث إذا شابه البطلان وقضى به فيصبح الإبراء كأن لم يكن، ويعود الدين بتأميناته ومنها الكفالة.
ولا يجوز للكفيل التمسك بالإبراء إلا إذا كان قد استوفى أركانه، بصدوره من المدين ووصوله الى علم الدين وعدم رد الأخير له، فلا يقبل الكفيل عن المدين، لتعلق قبول الإبراء ورده بشخص الدين مما يحول دون كفيلة والتمسك به .
ولما كان بطلان الإبراء، في حالة تمامه، مقرراً لمصلحة الدائن، فإنه يجوز للكفيل التمسك به، وتنقضي به كفالته ما لم يدفع الدائن ببطلانه.
ولا يترتب على الصلع الواقي من الإفلاس إبراء المدين المفلس من جزء من الدين، وإنما يتضمن تنازل كل طرف عن بعض حقه، فهو تنازل متبادل لا يتضمن إبراء، وبالتالي لا تنقضي الكفالة بقدر الجزء الذي تنازل عنه دائنو بالمفلس ، وإنما تظل الكفالة قائمة بالنسبة لكامل الدين، مما يجوز معه للدائن الرجوع على الكفيل بكل الدين، ومتى قام الكفيل بالوفاء، فإنه لا يجوز له الرجوع على المدين إلا بجزء الدين الذي ألزمه الصلح بالوفاء به للدائن، دون الجزء الذى تنازل الدائن عنه بموجب الصلح الواقى من الإفلاس .
ينقضى الإلتزام إذا أثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلاً عليه لسبب أجنبي لا يد له فيه، عملاً بالمادة 373 من القانون المدني ويكون السبب الأجنبي، حادثة مفاجئ أو قوة قاهرة أو خطأ الغير أو خطأ الدائن إذ تنقضي بذلك علاقة السببية مما يحول دون الرجوع على المدين بأصل التزامه أو بتعويض عن عدم تنفيذه، ويمتد ذلك إلى الكفالة فيؤدي إلى إنقضائها.
أما إذا لم ترجع الإستحاله إلى السبب الأجنبي، وإنما الى خطأ المدين، فإن إلتزامه لا ينقضي ويستحيل إلى تنفيذ بطريق التعويض، مما يجوز معه للدائن الرجوع بالتعويض على الكفيل.
( 7) تقادم التزام المدين :
ينقضي الدين المكفول بإكتمال مدة تقادمه بشرط أن يتمسك الدين أو الكفيل بهذا التقادم، فلا يجوز للمحكمة التصدي له من تلقاء نفسها، فإذا رجع الدائن على المدين، وتمسك الأخير بالتقادم وقضى به، إنقضى الدين المكفول وترتب على ذلك إنقضاء الكفالة، سواء كان الكفيل متضامناً مع المدين أو غير متضامن معه، وسواء كان التضامن مصدره القانون أو العقد، بحيث إذا رجع الدائن بعد ذلك على الكفيل بالدين ، جاز للأخير أن يتمسك بالتقادم دون الدفع بعدم جواز نظر الدعوى، إذ لم يكن طرفاً في الدعوى السابقة ولم يكن ممثلاً فيها حتى لو كان متضامناً مع المدين لإنتفاء النيابة التبادلية بين الكفيل والدين، ولأن الكفيل يعتبر ضامناً للمدين وليس دائناً له حتى يكون ممثلاً في الدعوى السابقة في شخص المدين.
أما إن رجع الدائن على المدين، ولم يتمسك الأخير بالتقادم رغم توافر شروطه وقضى بإلزامه بالدين، إنحصر تنفيذ الحكم فيه، إذ لا يحاج به الكفيل، وطالما قضى للدائن ضد الدين، فإنه يمتنع عليه بعد ذلك الرجوع مرة أخرى بذات الدين على الكفيل، فإن لم يكن الحكم قد صدر في تلك الدعوى، وقام الدائن بإدخال الكفيل فيها، جاز للأخير التمسك بالتقادم ولو لم يكن المدين قد تمسك به أو كان قد تنازل عنه بعد توافر شروطه، وذلك عملاً بالمادة 387 من القانون المدنى .
وإذا رجع الدين على الكفيل الذي لم يتمسك بالتقادم رغم توافر شروطه فقضى بإلزامه بالدين، جاز له الطعن في الحكم والتمسك بالتقادم أمام المحكمة الاستئنافية بإعتباره دفاعاً موضوعياً يجوز التمسك به في أية حالة تكون عليها الدعوى، فإن لم يطعن في الحكم وحاز قوة الأمر المقضى، التزم به، فإن رجع بعد ذلك على المدين، جاز له التمسك بالتقادم .
إذا كان الكفيل متضامناً مع المدين فتسري أحكام التضامن التي قررها القانون اللاتي الحالي، ومؤداها أن المدين المتضامن ينوب عن غيره من المدينين المتضامنين فيما يفيدهم وليس فيما يضرهم، وبالتالي إذا رجع الدائن على المدين واستصدر ضده حكماً ، فإن مدة التقادم تصبح بالنسبة له خمس عشرة سنة لو كان الدين يقضى قبل الحكم بمدة أقل، ولا يتعدى هذا الأثر إلى الكفيل المتضامن معه، فظل مدة التقادم بالنسبة له سارية بمقدارها، فلا تنقطع بالرجوع على المدين .
إنقضاء الكفالة تبعاً لإنقضاء الدين المكفول، لأسباب تعلق بالمدين، كقيامه بالوفاء بالدين المكفول، أو بتجديده أو بالمقاصة بينه وبين دين نشأ في ذمة الدائن، أو بأتحاد الذمة فيه، أو بالإبراء منه أو بإستحالة الوفاء به ، أو بتقادمه.
وأن كانت تلك الأسباب تتعلق بالمدين، وتؤدي إلى إنقضاء الكفالة، فقد تتوافر أيضاً بالنسبة للكفيل، بأن يقوم بالوفاء بالدين المكفول، رضاءً أو قضاءً أو يتفق مع الدائن على تجديد الدين، أو تتحقق شروط المقاصة بين الدين المكفول ودين له في ذمة الدائن، وقد تتحدد ذمة الكفيل وذمة الدائن كما لو ورث أحدهما الآخر، أو إشترى الكفيل العين المؤجرة التي كفل إلتزام المستأجر لها فيما يتعلق بالأجرة، وقد يبرئه الدائن من إلتزامه، أو ينقضي الإلتزام بالتقادم رغم عدم إكتمال مدة تقادم الدين المكفول لإنقطاعها أو وقفها، بينما لا يمتد ذلك إلى إلتزم المدين.
وقد تضمنت المادة 784 من القانون المدني، أن الكفالة تنقضي بقدر ما أضاعه الدائن من الضمانات كما تضمنت المادة 785 منه، إنقضاء الكفالة إذا لم يتخذ الدائن الإجراءات ضد المدين بعد إنذاره من الكفيل.
وأوضحنا من قبل أن الكفالة تنقضي بالفسخ أو الإبطال، وإذا ما نشأ إلتزام الكفيل، فإنه لا ينقضي بموته، وإنما يظل ديناً في تركته، مما يجوز معه للدائن أن يرجع بالدين المكفول على الورثة لإلزامهم به من تركة مورثهم، أما الديون التي تخرج عن نطاق الكفالة، كتلك التي لم يتضمنها عقدها أو التي نشأت في ذمة المدين بعد موت الكفيل ولم يكن الكفيل قد وافق على أنه يضمن الديون المستقبلة التي تدخل في ذمة المدين، فإن الدائن لا يجوز له أن يرجع بها على الورثة، أما إن كان الكفيل قد وافق على ذلك، فإن نطاق الكفالة يمتد إلى هذه الديون، عملاً بالمادة 778 من القانون المدني .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : العاشر ، الصفحة : 756)
إذ تعدد المدينون وكانوا متضامنين في دين واحد، ولكن الكفيل كفل بعضهم فقط، فلا شك أن الكفيل أن يرجع على المدين أو المدينين الذين كفلهم بكل الدين، سواءً بالدعوى الشخصية أو بدعوى الحلول.
ولهذا الكفيل أيضاً أن يباشر دعوى المدين الذي كفله في مواجهة المدينين الذين لم يكفلهم، بمقتضى الدعوى غير المباشرة المنصوص عليها في المادتين 235 ، 236 رمن التقنين المدني إذ بالوفاء يصبح الكفيل دائناً للمدين الذي كفله، ومن ثم يستطيع أن يباشر حقوق هذا المدين في مواجهة المدينين الآخرين ولكنه لا يتوصل بهذا الطريق إلا إلى إلزام كل مدين لم يكفله بقدر نصيبه في الدين وفق قواعد التضامن (م 297 مدنی). ففي حالة ما إذا كان (أ) ، (ب)، (ج) مدينين متضامنين، وتقدم (د) لكفالة (أ)، وكان مقدار الدين 300 جنيه، لا يستطيع الكفيل (د) في حالة قيامه بالوفاء للدائن، أن يطالب (ب) أو (ج) إلا ب 100 جنيه فقط .
وكذلك يستطيع الكفيل الذي تقدم لكفالة أحد المدينين المتضامنين أن يرجع على المدينين الذين لم يكفلهم بدعوى الإثراء بلا سبب بقدر ما استفاده كل منهم بوفاء الدين، أي بقدر نصيبه.
إذا تعدد المدينون في إلتزام غير قابل للإنقسام، وضمن الكفيل بعض هؤلاء، فإنه يكون ملزماً بوفاء الدين كاملاً في مواجهة الدائن، ومتى قام بالوفاء، فإنه يرجع على كل مدين بما يخصه من الدين، إذ يصبح الدين بعد الوفاء به قابلاً للإنقسام، ويرجع الكفيل على من ضمنهم بدعوى الحلول أو الدعوى الشخصية المنصوص عليها في المادة 800 من القانون المدني، بينما يرجع على من لم يضمنهم بالدعوى الشخصية وفقاً للقواعد العامة، لأن إلتزامه بالوفاء يحصصهم لم يرجع إلى أنه ملتزم معهم أو عنهم، وإنما رجع إلى طبيعة الدين وعدم القابلية للإنقسام".
إنقضاء الكفالة بصفة تبعية وانقضاؤها بصفة أصلية
(إنقضاء الكفالة بصفة تبعية)
إنقضاء الإلتزام الأصلي بأسباب الإنقضاء العامة :
متى إنقضى الإلتزام الأصلي، انقضت الكفالة بالتبعية، لأنها تستند إلى الإلتزام الأصلي، وبإنقضائه لا يكون لها محل، وقد رأينا أن المادة 1/782 مدني تنص على أن : " يبرأ الكفيل بمجرد براءة المدين ".
والإلتزام الأصلي ينقضي بأسباب الإنقضاء العامة الواردة في القانون وهی :
أولاً : إنقضاء الإلتزام الأصلي بالوفاء :
إذا قام المدين بالوفاء كلاً أو بعضاً إنقضى إلتزام الكفيل كذلك كله أو بعضه، بحسب الأحوال ولكي يبرأ الكفيل على هذا النحو يتعين أن يكون الوفاء صحيحاً ، بأن يكون الموفي مالكاً للشئ الذي وفى به، وأن يكون ذا أهلية للتصرف فإذا كان الوفاء باطلاً ، فإنه لا يترتب عليه إنقضاء الإلتزام الأصلي وبالتالي لا تنقضي الكفالة.
ثانياً : إنقضاء الإلتزام الأصلي بما يعادل الوفاء :
(أ) الوفاء بمقابل :
الوفاء بمقابل يفترض أن المدين قدم للدائن عوضاً عن محل الدين الأصلي، وأن هذا الدائن قد قبل هذا العوض كمقابل الشئ المستحق، فإن ذلك يقوم مقام الوفاء وينقضى به الدين
(ب) التجديد والإنابة : يترتب على تجديد الإلتزام انقضاؤه ونشوء التزام جديد مكانه (م 1 / 356 مدنی) :
فالإلتزام القديم ينقضي بالتجديد ويترتب على إنقضائه زوال التأمينات التي كانت تضمن الوفاء به فهذه التأمينات لا تنتقل إلى الإلتزام الجديد إلا بنص في القانون أو إذا تبين من الإتفاق أو من الظروف أن نية المتعاقدين قد إنصرفت إلى ذلك .
والإنابة التي يترتب عليها إنقضاء الإلتزام المكفول هي الإنابة الكاملة، والتي يتفق فيها على أن ينقضى إلتزام المدين (وهو المنيب) ليحل محله إلتزام جديد (وهو المناب) في مواجهة الدائن (وهو المناب لديه) ففي هذه الحالة تكون الإنابة بتجديد الإلتزام بتغيير المدين، ويترتب عليها أن تبرأ ذمة المنيب قبل المناب لديه، على أن يكون الإلتزام الجديد الذي إرتضاه المناب صحيحاً ولا يكون معسراً وقت الإنابة .
(ج) المقاصة :
إذا توافرت شروط المقاصة بالنسبة لإلتزام المدين، كان للكفيل حتى ولو كان متضامناً أن يتمسك بها، فيقضي على الدين الأصلي وعلى الكفالة تبعاً لذلك.
(د) إتحاد الذمة :
إذا اتحدت صفة الدائن والمدين في شخص واحد، كأن ورث أحدهما الآخر، أو أوصى الدائن بالدين للمدين، انقضى الدين بإتحاد الذمة (م 1/370) ، و انقضى إلتزام الكفيل بالتبعية.
ثالثاً : إنقضاء الإلتزام الأصلي دون وفاء
(أ) الإبراء :
إذا أبرأ الدائن المدين من الدين إنقضى الإلتزام الأصلى (م 371)، وانقضى التزام الكفيل بالتبعية وإذا أبطل الإبراء، اعتبر كأن لم يكن، وعاد الدين مضموناً بكل تأميناته ، ومنها الكفالة.
(ب) إستحالة التنفيذ :
ينقضي الإلتزام إذا أثبت المدين أن الوفاء أصبح مستحيلاً عليه لسبب أجنبي لا يد له فيه (م 373 مدنی) وعلى ذلك فإذا إنقضى الإلتزام المكفول لإستحالة تنفيذه لسبب أجنبي، فإن الكفالة تنقضي بالتبعية لذلك، وتبرأ ذمة الكفيل تبعاً لبراءة ذمة المدين الأصلي.
أما إذا إستحال تنفيذ الدين بخطأ المدين فإن محل الدين يتحول إلى تعويض، ولاتبرأ ذمة المدين، كذلك لا تبرأ ذمة الكفيل، بل يبقى كفيلاً للتعويض أما إذا هلك الشئ بفعل الكفيل فإن ذمة المدين تبرأ من الدين، إذ يعتبر فعل الكفيل سبباً أجنبياً بالنسبة للمدين وتبرأ ذمة الكفيل بإعتباره كفيلاً تبعاً لبراءة ذمة المدين، ولكن الكفيل يبقى مسئولاً عن خطئه كمدين أصلي نحو الدائن .
(ج) التقادم :
إذا إنقضى الإلتزام الأصلي بمضي المدة، إنقضى إلتزام الكفيل بالتبعية و إلتزام الكفيل ينقضي هنا ولو لم تكتمل مدة التقادم بالنسبة إليه، إذ هو لا ينقضي عندئذ بصفة أصلية، بل هو ينقضي تبعاً لإنقضاء الإلتزام الأصلي وللكفيل أن يتمسك بتقادم الدين الأصلي، ولو لم يتمسك به المدين (م 1/387)، بل لو تنازل عن التمسك بهذا الحق .
إنقضاء الكفالة بصفة أصلية :
إذا كان إلتزام الكفيل إلتزاماً تابعاً ، وينقضي تبعاً لذلك - كما رأينا - بإنقضاء الإلتزام الأصلي، إلا أن له مع ذلك كياناً مستقلاً ولهذا فإنه ينقضي كذلك بصفة مستقلة.
وفي هذا الصدد ينقضى إلتزام الكفيل بالأسباب العامة التي تنقضي بها الإلتزامات عموماً ، كما ينقضي بأسباب خاصة نص عليها القانون.
(أ) انقضاء التزام الكفيل بالأسباب العامة لإنقضاء الإلتزام :
ينقضى إلتزام الكفيل بالوفاء الحاصل من الكفيل ويترتب على هذا الوفاء إنقضاء إلتزام الكفيل وفي نفس الوقت إنقضاء الدين المكفول.
كما ينقضي إلتزام الكفيل وفي الوقت ذاته الإلتزام المكفول بالوفاء بمقابل حيث يقبل الدائن وفاء لدينه من الكفيل شيئاً آخر غير محل الإلتزام المكفول.
غير أن ذمة الكفيل لا تبرأ من إلتزامه إذا ما إستحق الشيء المقدم منه كمقابل للوفاء، بإعتبار أن ذمته تظل ضامنة لما قدمه للدائن.
وينقضى إلتزام الكفيل بالتجديد، حيث يتفق الدائن مع آخر على أن يحل مديناً بالضمان مكان الكفيل الأصلي، أو حيث يتفق الدائن مع الكفيل على أن يكون مديناً مكان المدين الأصلى (م 352).
وتنقضي الكفالة بالمقاصة إذا ما أصبح الكفيل دائناً للدائن، ولكن المقاصة لا تقع إلا إذا كان الدائن قد أتم الإجراءات وتخطى العقبات التي وضعها أمامه المشرع في مطالبة الكفيل أو التنفيذ على أمواله وذلك لأن التزام الكفيل في هذه الحالة لا يكون مستحق الأداء أو صالحاً للمطالبة به قضاء، كما تشترط ذلك المادة 1/362 مدنی، ومع ذلك فإن الكفيل، يستطيع دون الدائن أن يتمسك بالمقاصة في هذه الحالة، لأنه يملك التنازل عن حقه في التمسك بالدفوع التي قررها المشرع لحمايته، وبالتالي يعتبر إلتزامه صالحاً للمقاصة أما بالنسبة للمدين فإنه لا يستطيع أن يتمسك بهذه المقاصة إذ ليس له أي مصلحة في ذلك لكن إذا ما وقعت المقاصة بين الدائن والكفيل، فإن الكفيل يكون له نفس الحقوق التي للدائن في مواجهته، وسيرجع على المدين بالدين الذي وفاه، فیستوى لدى المدين أن يدفع الدين للدائن أو الكفيل، وبذلك لا يكون له أدني مصلحة للتمسك بها وقد كان القانون المدني القديم ينص على ذلك صراحة في المادة (200 / 264) ولكن إذا القانون المدني الجديد لم يتضمن مثل هذا النص، فإن هذا ليس معناه أنه أراد العمل على خلاف حكمه، وإنما أراد أن يترك الأمر للقواعد العامة وهي تؤدي بنا إلى نفس الحكم.
وتنقضي الكفالة بإتحاد الذمة بين الكفيل والدائن، كما إذا ورث أحدهما الآخر، وهنا يزول إلتزام الكفيل دون أن يؤثر ذلك في بقاء الإلتزام الأصلي ويلاحظ أنه إذا اتحدت صفة الكفيل والمدين في شخص واحد، ما وجد هناك إتحاد ذمة بالمعنى القانوني الذي يستلزم إتحاد صفة دائن ومدين في شخص واحد، إذ الحال هنا يكون مقصوراً على إتحاد صفة مدين أصلى ومدین تبعي في شخص واحد، ولذلك لا تنقضي هنا الكفالة، كل ما في الأمر أن صفة المدين الأصلي تطغى على صفة الكفيل في علاقته مع الدائن، ويفقد الشخص كل الحقوق الخاصة بالكفيل، كحق التقسيم و الدفع بالتجريد والدفع بإضاعة التأمينات على أن صفة الكفيل لا تزول هنا، بل يمكن أن نقول في شيء من التسامح، إن المدين أصبح كفيل نفسه يترتب على ذلك أن جميع التأمينات التي كانت تضمن إلتزام الكفيل تبقى ضامنة للإلتزام الأصلي، كإلتزام المصدق والرهون التي كان الكفيل قد رتبها.
وتنقضى الكفالة مع بقاء الدين المكفول قائماً، بإبراء الدائن للكفيل، أما إذا أبرأ الدائن أحد الكفلاء ممن ضمنوا في عقد واحد بدين واحد لذات المدين، فإن هذا الإبراء لا يبرئ ذمة الباقين الذي يظل كل منهم مسئولاً عن الحصة من الدين التي كفلها، إذا كانوا غير متضامنين فيما بينهم .
كذلك قد تنقضي الكفالة بالتقادم مع بقاء الدين المكفول قائماً وهو ما يتصور تحققه إذا كانت بداية نشأة كل من الإلتزامين مختلفة أو كان أجل الكفيل أقصر من أجل دين المدين أو بالنظر لإنقطاع التقادم بالنسبة للمدين دون أن ينقطع بالنسبة للكفيل أو أن يقف التقادم بالنسبة للمدين دون أن يوجد سبب لوقف التقادم بالنسبة لإلتزام الكفيل في كل هذه الأحوال ينقضى التزام الكفيل بصفة أصلية مع بقاء المدين الأصلي ملتزماً بالدين.
كما أن للكفيل توصلاً لبراءة ذمته التمسك ببطلان أو إبطال إلتزامه وفقاً للقواعد العامة.
(ب) إنقضاء إلتزام الكفيل بأسباب خاصة بمركز الكفيل :
تتقصى الكفالة بأسباب خاصة بها وقد راعى المشرع في تقرير إنقضاء الكفالة بتلك الأسباب الخاصة طبيعة إلتزام الكفيل، فالكفيل يضمن الوفاء بالتزام المدين، وله الحق إذا ما وفي الدين للدائن أن يرجع على المدين، أما قبل قيامه بالوفاء فلا يستطيع الرجوع على هذا الأخير ولذلك كان من مصلحة الكفيل ألا يصدر من الدائن عمل يهدد حقه الإحتمالي في الرجوع على المدين، فإذا صدر من الدائن مثل هذا العمل، وكان ذلك نتيجة تقصير منه، كان القانون في عون الكفيل، وعمد إلى تعويضه عما ناله من ضرر ويأتي التعويض في صورة براءة ذمة الكفيل بقدر ما ناله من ضرر .
والأسباب الخاصة التي تنقضي بها الكفالة ثلاثة هي:
(1) إضاعة الدائن التأمينات.
(2) عدم اتخاذ الدائن الإجراءات ضد المدين بعد إنذار الكفيل له .
(3) عدم تقدم الدائن في تفليسة المدين.
عدم انقضاء الكفالة بموت الكفيل :
لا تنقضي الكفالة بموت الكفيل بل ينتقل التزامه إلى تركته وينتقل إلى ورثته أما بالنسبة للديون التي يلتزم بها المدين بعد وفاة الكفيل فلا تلزم بها تركته إذ لا يجوز أن يلزم ورثة الكفيل بالديون التي نشأت بعد وفاته في ذمة المدين الأصلي. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : العاشر ، الصفحة : 552)
أحوال تعدد المدينين - إذا تعدد المدينون في الدين المكفول ، فإما أن يكون الكفيل قد ضمنهم كلهم ، وإما أن يكون قد ضمن بعضهم دون البعض ، وفي كلتا الحالين قد يكون المدينون متضامنين أو غير متضامنين .
(أ) كفالة جميع المدينين - إذا ضمن الكفيل كل المدينين ولم يكونوا متضامنين فيما بينهم رجع الكفيل على كل منهم بقدر نصيبه في الدين فقط ، سواء كان رجوعه بدعوى الكفالة أو بدعوى الحلول الأن تعدد المدينين غير المتضامنين يجعل الدين ينقسم بينهم ويجعل كلاً منهم ينتقل بنصيبه من الدين ، فيكون حكم من كفلهم جميعاً حكم من كفل عدة ديون متفرقة في ذمة عدة مدينين ، فاذا وفي ديونهم جميعاً فكأنه وفي دين كل منهم على حدة ، وكانت له دعوى الكفالة قبل كل منهم بقدر نصيبه في الدين ، وحل أيضاً محل الدائن قبل كل منهم بقدر هذا النصيب .
أما أذا ضمن الكفيل كل المدينين وكانوا متضامنين فيما بينهم ، كان له الرجوع على أيهما بكل الدين الذي أداه ، سواء أكان رجوعه بدعوى الكفالة أم كان بدعوى الحلول وذلك لأنه فيما يتعلق بدعوى الكفالة قد كل كلاً منهم في الدين كله فتثبت له بوفاء هذا الدين دعوى شخصية قبل كل منهم بكل الدين ، وفيما يتعلق بدعوى الحلول لأنه قد حل محل دائن کان يحق له أن يطالب كلاً منهم بكل الدين وقد نصت على ذلك المادة 2030 مدني فرنسي ، ولم يكن لها مقابل عندنا في التقنيين الملغي ولكن جرى العمل حكمها بإعتباره تطبيقاً للقواعد العامة ، ثم نصت عليه المادة 801 مدني حيث قضت بأنه « إذا تعدد المدينون في دين واحد وكانوا متضامنين ، فالكفيل الذي ضمنهم جميعاً أن يرجع على أي منهم بجميع ما وفاه من الدين ، وقد تقدم أن هذا الحكم ينطبق سواء كان رجوع الكفيل بالدعوى الشخصية أو بدعوى الحلول » .
(ب) كفالة بعض الدينين - وإذا ضمن الكفيل بعض المدينين دون بعضهم وكان المدينون غير متضامنين فيما بينهم ، كان حكمة بالنسبة إلى من يكفلهم حكم من كفل عدة ديون متفرقة في ذمة عدة مدينين ، فيرجع على كل واحد ممن كفلهم بقدر نصيبه في الدين سواء كان ذلك بدعوى الكفالة أو بدعوى الحلول ، ولا يرجع على من لم يكفلهم إلا إذا وفي نصيبهم من الدين ، وفي هذه الحالة لا تكون له لا دعوی - الكفالة ولا دعوى الحلول لأنه ليس كفيلاً لهؤلاء المدينين ولا هو وفي ديناً عليهم كان ملزماً بوفائه عنهم ، فلا يكون رجوعه إلا بالدعوى الشخصية المستندة إلى القواعد العامة أي دعوى الإثراء دون سبب .
أما إذا ضمن الكفيل بعض المدينين دون بعضهم وكان المدينون متضامنين كلهم فيما بينهم ، فتفرق بين علاقة الكفيل بالمدينين الذين كفلهم وبين علاقته بالمدينين الذين لم يكفلهم .
فبالنسبة إلى المدينين الذين كفلهم يكون له رجوع على كل منهم بكل الدين، سواء أكان ذلك بدعوى الكفالة أم بدعوى الحلول وذلك لأنه فيما يتعلق بدعوي الكفالة قد كفله كلاً منهم في كل المدين ووفاه عنه فيرجع عليه به ، وفيما يتعلق بدعوى الحلول لأنه حل محل دائن كان يحق له مطالبة كل منهم بكل الدين.
أما بالنسبة إلى باقي المدينين المتضامنين الذين لم يضمنهم الكفيل ، بلا نزاع في أنه لا توجد بينه وبينهم صلة لكفالة وبالتالي في أنه لا رجوع له عليهم بدعوى الكفالة ، ولا نزاع كذلك في أنه يجوز له الرجوع على كل منهم بقدر حصته في الدين بالدعوى الشخصية المستندة إلى القواعد العامة أي دعوى الإثراء دون سحب وفوق ذلك يجوز له أن يطالبهم بالدعوى غير المباشرة بإسم الدين الذي كفله ليحصل من كل منهم مقدار حصته في الدين وفقاً لقواعد الرجوع فيما بين المتضامنين. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء : التاسع، الصفحة : 190)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الحادي والعشرون ، الصفحة / 118
وَيَنْقَسِمُ الدَّيْنُ بِاعْتِبَارِ الشَّرِكَةِ فِيهِ إِلَى قِسْمَيْنِ: مُشْتَرَكٍ وَغَيْرِ مُشْتَرَكٍ .
أ - فَالدَّيْنُ الْمُشْتَرَكُ: هُوَ مَا كَانَ سَبَبُهُ مُتَّحِدًا، سَوَاءٌ أَكَانَ ثَمَنَ مَبِيعٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، بَيْعَ صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يُذْكَرْ عِنْدَ الْبَيْعِ مِقْدَارُ ثَمَنِ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشُّرَكَاءِ، أَمْ دَيْنًا آيِلاً بِالإْرْثِ إِلَى عِدَّةِ وَرَثَةٍ، أَمْ قِيمَةَ مَالٍ مُسْتَهْلَكٍ مُشْتَرَكٍ، أَمْ بَدَلَ قَرْضٍ مُسْتَقْرَضٍ مِنْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ.
ب - الدَّيْنُ غَيْرُ الْمُشْتَرَكِ: هُوَ مَا كَانَ سَبَبُهُ مُخْتَلِفًا لاَ مُتَّحِدًا، كَأَنْ أَقْرَضَ اثْنَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ مَبْلَغًا لِشَخْصٍ أَوْ بَاعَاهُ مَالاً مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، وَسَمَّى حِينَ الْبَيْعِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِنَصِيبِهِ ثَمَنًا عَلَى حِدَتِهِ.
40 - وَتَبْرُزُ ثَمَرَةُ هَذَا التَّقْسِيمِ فِي الْمَسَائِلِ التَّالِيَةِ:
أَوَّلاً: إِذَا كَانَتِ الدُّيُونُ الْمَطْلُوبَةُ مِنَ الْمَدِينِ غَيْرَ مُشْتَرَكَةٍ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَرْبَابِهَا اسْتِيفَاءُ دَيْنِهِ عَلَى حِدَةٍ مِنَ الْمَدِينِ، وَمَا يَقْبِضُهُ يُحْسَبُ مِنْ دَيْنِهِ خَاصَّةً، لاَ يُشَارِكُهُ فِيهِ أَحَدٌ مِنَ الدَّائِنِينَ الأْخَرِ .
أَمَّا إِذَا كَانَ الدَّيْنُ الْمَطْلُوبُ مِنَ الْمَدِينِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَطْلُبَ حِصَّتَهُ مِنْهُ، وَلاَ يَخْتَصَّ الْقَابِضُ مِنْهُمْ بِمَا قَبَضَهُ، بَلْ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الشُّرَكَاءِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَقٌّ فِيهِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ .
ثَانِيًا: إِذَا قَبَضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنَ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَأَخْرَجَهَا مِنْ يَدِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ كَهِبَةٍ وَقَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ أَوِ اسْتَهْلَكَهَا فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّتَهُ مِنْهَا.
فَلَوْ كَانَ مَبْلَغُ أَلْفِ دِينَارٍ دَيْنًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ مُنَاصَفَةً، فَقَبَضَ أَحَدُهُمَا مِنَ الْمَدِينِ خَمْسَمِائَةٍ وَاسْتَهْلَكَهَا، فَلِلدَّائِنِ الآْخَرِ أَنْ يُضَمِّنَهُ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ. أَمَّا الْخَمْسُمِائَةِ الأْخْرَى فَتَبْقَى بَيْنَ الاِثْنَيْنِ مُشْتَرَكَةً .
ثَالِثًا: إِذَا قَبَضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنَ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ، وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْهُ وَلاَ تَقْصِيرٍ، فَلاَ يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ فِي الْمَقْبُوضِ، وَلَكِنَّهُ يَكُونُ مُسْتَوْفِيًا حِصَّةَ نَفْسِهِ، وَمَا بَقِيَ مِنَ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ فَيَكُونُ حَقًّا لِلشَّرِيكِ الآْخَرِ .
رَابِعًا: إِذَا أَخَذَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ - دَيْنًا مُشْتَرَكًا - كَفِيلاً بِحِصَّتِهِ مِنَ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ، أَوْ أَحَالَهُ الْمَدِينُ عَلَى آخَرَ، فَلِشَرِيكِهِ الآْخَرِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي الْمَبْلَغِ الَّذِي يَأْخُذُهُ مِنَ الْكَفِيلِ أَوِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ .