loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : السادس ، الصفحة : 1

الحقوق العينية

المذكرة الإيضاحية :

نظرة عامة :

جمع المشروع في القسم الثاني منه الحقوق العينية الأصلية والتبعية ، ثم قسمها بين کتابين ، الأصلية كتاب وللتبعية كتاب آخر ، لأن لكل من هذين النوعين من الحقوق مميزات خاصة فالحقوق الأصلية قائمة بذاتها لا تحتاج في قيامها إلى شيء آخر تستند إليه ، وهي حقوق يغلب فيها الدوام ، بل إن حق الملكية وهو الحق الذي تتفرع عنه كل الحقوق الأصلية هو حق دائم لا يزول أما الحقوق التبعية فلا تقوم بذاتها ، بل تستند في قيامها إلى حق شخصي تضمن وفاءه ، ومن أجل هذا دعيت بالتأمينات العينية وهي حقوق مؤقتة تزول بزوال الدين الذي تكفله ، والديون لا يجوز تأييدها وتتميز الحقوق التبعية أخيراً بأنها تخول صاحبها التقدم والتتبع ، وهذان لا يظهران في الحقوق الأصلية بالوضوح الذي نراه في الحقوق التبعية .

على أن صفة العينية ، هي التي تجمع بين الحقوق الأصلية والحقوق التبعية فهذه الحقوق جميعاً تشترك في معنى واحد، هو أن كل حق منها إذا حلل تكشف عن سلطة يعطيها القانون الشخص معين على شيء معين .

وقد فصل التقنين الحالي ما بين الحقوق الأصلية ، فعلها في الكتاب الأول بعد أن ضم لها تقسيم الأموال، والحقوق التبعية ، جعلها في الكتاب الأخير بعنوان حقوق الدائنين بعد أن فصل منها رهن الحيازة .

الكتاب الثالث

الحقوق العينية الأصلية

المذكرة الإيضاحية :

نظرة عامة :

ترجع الحقوق العينية الأصلية كلها إلى حق الملكية ، فهو الأصل وعنه تتفرع سائر الحقوق لذلك جعل المشروع حق الملكية وأسباب کسبه في باب والحقوق المتفرعة عن حق الملكية في باب آخر أما التقنين الحالي فلم يراع هذا التناسب في التبويب، إذ عقد باباً لحق الملكية لم يورد فيه غير نصين على ما لهذا الحق من أهمية كبرى، وباباً ثانياً لحق الإنتفاع أسهب فيه مع ما لهذا الحق من أهمية محدودة وباباً ثالثا لحق الإرتفاق أورد فيه القيود القانونية التي ترد على حق الملكية ، ولم يعرض لحق الإرتفاق بمعناه الدقيق ، و باباً رابعاً لأسباب كسب الملكية جمع فيه كل هذه الأسباب في فصول سبعة ، فكان أطول باب في الكتاب الأول، وقد إنعدم التناسب بينه و بين الأبواب الأخرى وجعل باباً أخيراً لزوال الملكية أغفله المشروع لأنه غير صحيح أن الملكية تزول ، بل هي تنتقل من مالك إلى آخر ، وفي الباب المعقود لأسباب كسب الملكية بيان لأسباب نقلها ، أما نزع الملكية جبراً للتنفيذ ونزعها جبراً للمنافع العامة ، وهما اللذان اشتمل عليهما الباب الأخير من التقنين الحالي ، فكأنهما تقنين المرافعات والتقنين الإداري ، وقد فصل المشرع المصرى فعلاً قانون نزع الملكية عن التقنين المختلط بعد أن كان مندمجاً فيه .

الباب الأول

حق الملكية وأسباب كسبه

المذكرة الإيضاحية :

نظرة عامة :

لم يعرض المشروع إلا للملكية المادية ، أما الملكية المعنوية ، وتشتمل على الملكية الأدبية والفنية والصناعية والعلمية ، فهناك مشروع قانون ينظمها ، وهو لا يزال حتى اليوم معروضاً للبحث.

الفصل الأول

في حق الملكية

أدخل المشروع تعديلات جوهرية في حق الملكية يمكن إجمالها في أمرين :

( أولاً ) جاء التقنين الحالي مقتضباً كل الإقتضاب في حق يعتبر من أهم الحقوق في القانون المدني ، فهو لم يخصص لحق الملكية إلا نصاً يعرفه فيه ويذكر ما يعد من ملحقاته ، ونصاً آخر يشير إلى الملكية المعنوية ، فإذا ضممنا إلى هذين النصين النصوص الأخرى التي وردت في حق الإرتفاق ، وهي نصوص تتعلق بالقيود القانونية الواردة على حق الملكية ، استنفدنا بذلك كل النصوص التي وردت في التقنين الحالى خاصة بهذا الحق .

أما المشروع فقد عرف حق الملكية تعريفاً استجمع فيه عناصر هذا الحق و قیوده وأعقب التعريف بنصوص تحدد نطاق الملكية تحديداً يتمشى مع أحدث التطورات العلمية ، وعزز ذلك بتقرير حماية هذا الحق فلا يجوز أن يحرم أحد ملكه إلا في الأحوال التي قررها القانون بالطريقة التي رسمها.

وانتقل المشروع بعد ذلك إلى ما يرد على الملكية من قيود، وهي نوعان : قيود قانونية و قيود اتفاقية فالقيود القانونية قد تتضمنها تشريعات خاصة تصدر لتقييد حق الملكية مراعاة لمصلحة عامة أو لمصلحة خاصة جديرة بالرعاية وقد تكون قيوداً اقتضتها إلتزامات الجوار ، وهي إلتزامات قررها القضاء المصرى مستلهماً فيها الشريعة الإسلامية وقننها المشروع على الوجه الذي قرره القضاء وقد تكون ما يسميه التقنين الحالي بحقوق الإرتفاق ، وقد نقلها المشروع من المكان المخصص لحقوق الإرتفاق إلى المكان الذي ينبغي أن توضع فيه بين القيود القانونية التي ترد على حق الملكية ، وهي قيود متنوعة، منها ما يرجع إلى الإنتفاع بالمياه وقد عنى المشروع بتنظيم هذه القيود العناية التي تنبغي لبلد زراعى ، فإن التقنين الحالي قد اقتصر على تقرير حق إستعمال مياه الترع العامة ، أما الترع الخاصة فهي مملوكة لأصحابها ولهم دون غيرهم الإنتفاع بمائها ، وقرر حق المجرى للمياه اللازمة للأراضي البعيدة عن مأخذ المياه ، كما قرر حق المسيل لمياه التصفية في التقنين المختلط دون التقنين الأهلى .

ويجب أن تكمل هذه النصوص بالأمر العالى الصادر في 22 فبراير سنة 1894 وهو المعروف بلائحة الترع والجسور، ويقرر حق المجرى للمياه الكافية لا المياه اللازمة نسب ، كما يقرر حق الشرب والمسيل ، ويجعل الإدارة هي جهة الإختصاص للفصل في جميع هذه المسائل ، وقد أدمج المشروع أحكام التقنين المدني والأحكام الأساسية للائحة الترع والجسور ، واستخلص من كل هذا نصوصاً موحدة ، بدأت بتقرير حق المالك على المساقى والمصارف الخاصة ، ولكنها قيدت هذه الملكية تقییداً هاماً في مصلحة الجار ، فقررت حق الشرب للملاك المجاورين ، و أجازت لهم أن يستعملوا المسقاة أو المصرف المملوك للجار ، فما تحتاج إليه أراضيهم من ری أو صرف بعد أن يستوفي المالك حاجته .

ثم قرر المشروع حق المجرى للمياه الكافية لري الأراضي البعيدة عن مورد المياه ، وكذلك حق المسيل لمياه الصرف الآتية من الأراضي المجاورة، وحق مسيل المياه الطبيعي ، وعالج ما ينجم عن هذه الحقوق من ضرر ، فقرر حق التعويض إذا أصاب الأرض ضرر من مسقاة أو مصرف يمر بها ووحد جهة الإختصاص التي تفصل في هذه المسائل ، جعلها الجهات الإدارية المبينة في لائحة الترع والجسور ، بعد أن كان الإختصاص مشتركاً بينها و بين المحاكم .

ومن القيود القانونية ما يرجع إلى حق المرور ، ولا يقرر التقنين الحالي هذا الحق إلا لأرض لا إتصال لها أصلاً بالطريق العام ، أما المشروع فيقرره أيضاً لأرض لها إتصال بالطريق العام ولكن بممر غير كاف ، ثم يضع قيداً معقولاً ، إذ يقرر أنه إذا كان الحبس عن الطريق العام ناشئاً عن تجزئة عقار تمت بناءً على تصرف قانوني وكان من المستطاع إيجاد ممر كاف في أجزاء هذا العقار فلا تجوز المطالبة بحق المرور إلا في هذه الأجزاء ويبيح المشروع الدخول في الملك الخاص عند الضرورة .

ومن القيود القانونية ما يرجع إلى التلاصق في الجوار وقد رتب المشروع على هذا التلاصق أن يكون لكل مالك الحق في إجبار جاره على وضع حدود لأملاكهما المتلاصقة ، فإذا وجد حائط مشترك وجب أن يستعمل بحسب الغرض الذي أعد له ، وتكون نفقة إصلاحه وتجديده على الشركاء ، ويجوز للشريك إذا كانت له مصلحة جدية في تعليته أن يمليه بشروط معينة ، ويعتبر الحائط الفاصل بين بنائين حائطاً مشترکاً حتى يقوم الدليل على العكس ولم يعرض التقنين الحالي للحائط المشترك ولكنه عرض الحائط الذي تكون ملكيته خالصة لأحد الجارين ، فقرر أن الجار الملك لا يجبر على النزول عن جزء منه لجاره و لكن لا يجوز له أن يهدمه ما دام الجار يستتر به إلا إذا وجد عذر قوي ، وقد استبقى المشروع هذه الأحكام .

ومما يترتب أيضاً على التلاصق في الجوار ألا يكون للجار على جاره مطل مواجه على مسافة تقل عن متر ، وقد أخذ المشروع عن التقنين الحالى هذا الحكم وزاد عليه أن منع المطل المنحرف على مسافة تقل عن نصف متر ، ونص صراحة على أن المناور يباح فتحها على أية مسافة ، وحدهم خلافاً في كسب المطل بالتقادم أما ملكية العلو والسفل فقد أوردها التقنين الحالي بين حقوق الإرتفاق القانونية ، ولكن المشروع اعتبرها نوعاً خاصاً من الملكية هي ملكية الطبقات وسيأتي ذكرها فيما يلى :

والنوع الثاني من القيود التي ترد على الملكية ، وهي القيود الإتفاقية ، لم يذكر منها التقنين الحالى شيئاً وذكر المشروع منها شرط عدم التصرف ، فبين متى يصح هذا الشرط ، وما يترتب عليه من جزاء وغني عن البيان أن كل حقوق الإرتفاق التي يكون مصدرها العقد هي أيضاً قيود اتفاقية ترد على حق الملكية .

وانتقل المشروع بعد ذلك إلى أنواع خاصة من الملكية ، وذكر منها الملكية الشائعة وملكية الطبقات .

أما الملكية الشائعة فلا يكاد التقنين الحالى يذكر عنها شيئاً مع ما لهذا النوع من الملكية من الأهمية والانتشار في مصر وقد تبسط المشروع في الملكية الشائعة بما يتفق مع أهميتها ، فعل حق المشتري لجزء مفرز من المال الشائع ينتقل - إذا لم يقع هذا الجزء عند القسمة في نصيب البائع - إلى ما يؤول إلى البائع بطريق القسمة، ووقف بنوع خاص عند إدارة المال الشائع حتى يزيل ما يصيب أغلبية الشركاء من التعنت بسبب تحكم الأقلية . فبعد أن قرر أن إدارة المال الشائع تكون من حق الشركاء مجتمعين ، فصل هذا المبدأ ، وبين أن مايستقر عليه رأي من يملكون ثلاثة أرباع المال الشائع يكون ملزماً للجميع وعرض المشروع الحق استرداد الحصة الشائعة فقصره على المنقول، حتى لا تتزاحم في العقار مع الشفعة وانتقل بعد ذلك إلى إنقضاء الشيوع بالقسمة ، ففصل إجراءاتها وهي تتفق في جملتها مع الإجراءات التي نص عليها التقنين الحالى و نص على الأثر الكاشف للقسمة ، فأزال بذلك التناقض الموجود ما بين التقنين الأهلى والتقنين المختلط ، ونص على ضمان التعرض والاستحقاق في القسمة وعلى نقض القسمة للغبن فيما يزيد على الربع ، وهذه نصوص لا نظير لها في التقنين الحالي ثم أعقب ذلك بنصوص تتناول قسمة المهايأة ، وكلها نصوص جديدة تقنن المبادئ التي استقر عليها القضاء المصري ، وتزيد عليها بعض الأحكام الصالحة.

وعرض المشروع بعد ذلك لنوعين خاصين من الملكية الشائعة ، هما الشيوع الإجباري وملكية الأسرة وقد نقل ملكية الأسرة عن التقنين السويسري والمشروع الإيطالي معاً، وهي ملكية صالحة للبيئة المصرية حيث يقع كثيراً لأفراد الأسرة الواحدة أن يبقوا في الشيوع مدة طويلة .

بقيت ملكية الطبقات ، ونصوص المشروع فيها مقتبسة من نصوص التقنين الحالى ومن الشريعة الإسلامية ومن القضاء المصرى وهي تبدأ ببيان الأجزاء المشتركة بين ملاك الطبقات ، والشيوع فيها إجباري لا يقبل القسمة ثم تقرر مدى حق كل شريك في الإنتفاع بهذه الأجزاء ثم تبين حقوق السفل علي العلو و حقوق العلو على السفل ، وتذكر بنوع خاص أن السفل إذا انهدم أجبر صاحبه على بنائه وإلا جاز بيعه ، بل يجوز أن يقوم صاحب العلو ببناء السفل على نفقة صاحبه ، وهذا مبدأ أقره القضاء المصري وقننه المشروع وإذا بني صاحب العلو السفل ، فله أن يحبسه حتى يستوفي حقه من صاحبه ، بل له أن يحصل من القاضي على ترخيص في إيجاره ليستخلص حقه من أجرته ، وهذا علاج عملى نقله المشروع عن الشريعة الإسلامية وعرض المشروع بعد ذلك لحالة ما إذا أراد ملاك الطبقات أن يكونوا إتحاداً فيما بينهم لتنظيم علاقاتهم المستمرة .

وقد نقل هذا التنظيم من القانون الفرنسي الصادر في 28 يونية سنة 1938 وقصد من نقله إلى تشجيع إنتشار ملكية الطبقات بين أفراد الطبقة المتوسطة ذات الإيراد المحدود فهذه لا يستطيع الفرد منها أن يملك منزلاً كاملاً ، ويؤثر على الإشتراك مع غيره في الشيوع أن يستقل ملكية طبقة من طبقات المنزل فإذا وضع نظام لتحديد العلاقات المستمرة بينه وبين جيرانه كان في هذا طريق لحسم المنازعات التي تنشأ عن هذه الملكية ، وسبب لتيسيرها وانتشارها .

لم يخلع المشروع على حق الملكية هذه الصفة المطلقة التي نص عليها التقنين الحالي ، بل نبذها إلى فكرة أخرى هي الآن الفكرة المتغلبة في التقنينات الجديدة ، وهي التي تمثل النزعة الحديثة في تطور حق الملكية ، فليس هذا الحق مطلقاً لاحد له ، بل هو وظيفة إجتماعية يطلب إلى المالك أن يقوم بها ، ويحميه القانون ما دام يفعل أما إذا خرج على هذه الحدود فلا يعتبره القانون مستحقاً لحمايته ويترتب على ذلك نتیجتان :

(أ) حيث يتعارض حق الملكية مع مصلحة عامة ، فالمصلحة العامة هي التي تقدم ، فما ينبغي أن تقف الملكية حجر عثرة في سبيل تحقيق المصلحة العامة ، ولا يدخل هذا في وظيفتها الاجتماعية مثل ذلك ملكية الأرض تشمل ما فوقها وما تحتها إلى الحد الذي يصلح للإستعمال علواً أو عمقاً ، غير أنه ليس للمالك أن يعارض فيما يقام من عمل على مسافة من العلو أو العمق بحيث لا تكون له أية مصلحة في منعه ، فلو اقتضت المصلحة العامة أن تقوم الدولة بأعمال فوق سطح الأرض أو تحتها لا تسبب للمالك ضرراً فليس له أن يحول دون هذه الأعمال بدعوى أن حرمة ملكيته قد خرقت مثل ذلك أيضاً أنه يجوز أن يحرم المالك من ملكه للمصلحة العامة في مقابل تعويض يدفع إليه مقدماً ومثل ذلك أخيرة أنه يجب على المالك أن يراعي ما تقضى به القوانين والمراسيم واللوائح المتعلقة بالمصلحة العامة .

(ب) حيث يتعارض حق المالك مع مصلحة خاصة هي أولى بالرعاية من حق المالك، فإن هذه المصلحة الخاصة هي التي تقدم بعد أن يعوض المالك تعويضاً عادلاً وهنا نجد القيد الذي يرد على حق الملكية قد تقرر لا للمصلحة العامة بل للمصلحة الخاصة وهذه هي النزعة الحديثة التي جاراها المشروع ، ويظهر أثرها في أمرين :

1 - يطلب من المالك أن يمتنع عن إستعمال حقه فيما يضر الغير ضرراً غير مشروع ، والذي يطلب هنا هو عملي سلبي، وتطبيقاً لذلك يجب على المالك ألا يغلو في إستعمال حقه إلى حد يضر بملك الجار ، والحد المقصود هنا هو مضار الجوار غير المألوفة وتطبيق ذلك أيضاً ما أوجبه القانون على صاحب الحائط وصاحب العلو من الإلتزامات السلبية لمصلحة جاره.

2 - يجوز للغير أن يتدخل في انتفاع المالك بملكه لمصلحة خاصة هي أولى بالرعاية من مصلحة المالك وهنا ننتقل من الدائرة السلبية ، وهي مجرد إمتناع المال عن القيام بعمل معين ، إلى الدائرة الإيجابية وهي قيام الغير بأعمال معينة تعارض مع حق المالك أو إجبار المالك على القيام بأعمال معينة ، وقد لخص الشروع هذا المبدأ في النص الآتي : ليس للمالك أن يمنع الغير من التدخل في انتفاعه بملكه متى كان هذا التدخل ضرورياً لتوقي خطر داهم أشد كثيراً من الضرر الذي يصيبه من التدخل ، وإنما له أن يحصل على تعويض عما أصابه من الضرر (م 876 من المشروع ).

وتطبيقاً لذلك يجيز المشروع للملاك المجاورين أن يستعملوا المسقاة أو المصرف المملوك لجارهم فما تحتاج إليه أراضيهم من ری أو صرف ، ويعطى حق المجرى وحق المسيل كما يعطى حق المرور ويتوسع فيه ، ويوجب على كل مالك أن يأذن في نظير تعويض عادل لكل شخص ذي مصلحة في أن يدخل ملكه أو يمر فيه ، كلما تبينت ضرورة ذلك الإجراء للقيام بأعمال ترميمية أو إنشائية لذلك الشخص ، أو لإستعادة أشياء ضائعة أو لتحقيق أية مصلحة مشروعة أخرى ، بشرط ألا يصيب المالك من وراء ذلك ضرر بليغ ، وفي الملكية الشائعة يحمى المشروع الأغلبية من الشركاء ضد تعنت الأقلية ، ويذهب في ذلك إلى حد بعيد حتى ليجيز للأغلبية أن تتصرف في المال المشاع جميعه رغم معارضة الأقلية ، إذا استندت في ذلك إلى أسباب قوية وكانت قسمة المال الشائع ضارة بمصالح الشركاء وكذلك الحال إذا انهدم السفل ، فإن لصاحب العلو إجبار صاحب السفل على إعادة بنائه ، وعلى صاحب السفل أن يقوم بالأعمال اللازمة لحفظه ، وفي هذه الحالة الأخيرة نري المالك يجبر على القيام بأعمال معينة ، وهذا هو أبلغ مظاهر التدخل في حق الملكية.

مذكرة المشروع التمهيدي :

جمع هذا التعريف عناصر الملكية الثلاثة ، وهي حق الإستعمال، وحق الاستغلال، وحق التصرف، وتوقي أن يصف الملكية بأنها حق مطلق كما فعل التقنين الحالى (م 11 فقرة 1/27 )، بل صرح بأن للملكية وظيفة اجتماعية، كما فعل المشرع الإيطالى ( وقد أصبح منذ عهد قريب التقنين الإيطالي الجديد ، ولكن سيشار إليه بإعتباره مشروعاً إذ لا توجد له في مصر طبعة رسمية منذ أصبح تقنيناً ) : على أن الملكية إذا لم تكن حقاً مطلقاً فإنها حق مقصور على المالك، وهذا ما عبر عنه في التعريف بأن المالك يتمتع بملكة دون أي تدخل من الغير.

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة 1162 من المشروع ، فأقرتها اللجنة مع تعديل لفظي وأصبح نصها ما يأتي :

لمالك الشيء وحده في حدود القانون حق إستعمال الشيء واستغلاله والتصرف فيه، على أن يكون ذلك متفقاً مع ما لحق الملكية من وظيفة اجتماعية .

وأصبح رقها 870 في المشروع النهائي .

المشروع في مجلس النواب

تقرير لجنة الشئون التشريعية :

قررت اللجنة إستبدال عبارة « حق استعماله » بعبارة « حق إستعمال الشيء »

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة تحت رقم 869.

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني :

محضر الجلسة السادسة والثلاثين

بدأت اللجنة بحث مواد القسم الثاني من المشروع وهو الخاص بالحقوق العينية الأصلية والفرعية وأول الحقوق العينية الأصلية حق الملكية .

فتليت المادة 869 وقام عليها اعتراض من سعادة الرئيس من ناحية التعبير فيها بأن حق الملكية وظيفة إجتماعية وقال سعادته إن في هذا التعبير تصويراً المذهب فلسفي.

فرد معالي السنهورى باشا على هذا الإعتراض بأن هذه الصفة هي المتغلبة في التقنيات الجديدة وهي التي تمثل النزعة الحديثة في تصور حق الملكية فليس هذا الحق مطلقاً لا حد له بل هو وظيفة إجتماعية يطلب إلى المالك القيام بها ويحميه القانون ما دام يفعل أما إذا خرج على هذه الحدود فلا يعتبره القانون مستحقاً لحمايته ويترتب على ذلك نتیجتان :

(1) حيث يتعارض حق الملكية مع مصلحة عامة فالمصلحة العامة هي التي تقدم .

(2) حيث يتعارض حق المالك مع مصلحة خاصة هي أولى بالرعاية من حق المالك فإن هذه المصلحة هي التي تقدم بعد أن يعوض المالك تعويضاً عادلاً .

قرار اللجنة :

الموافقة على المادة 869 على أن تعود اللجنة إليها للنظر في هذا التعبير الجديد .

محضر الجلسة الثانية والخمسين

تليت المادة 869 ورأت اللجنة حذف عبارة على أن يكون ذلك متفقاً مع ما لحق الملكية من وظيفة اجتماعية ، لأنها أشكل بالإيضاحات الفقهية وأن في التطبيقات التي أوردها المشروع ما يغني عنها .

تقرير اللجنة :

رأت اللجنة حذف عبارة على أن يكون ذلك متفقاً مع ما لحق الملكية من وظيفة إجتماعية ، وهي العبارة التي تختتم نص هذه المادة وقد روعي في حذف هذه العبارة أنها أشكال بالإيضاحات الفقهية وأن في التطبيقات التي أوردها المشروع في النصوص التالية ما يغني عنها وأصبح رقمها 802 .

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة .

الأحكام

1 ـ المقرر ــــــــ فى قضاء محكمة النقض ــــــــ أنه ولئن كان مفاد نص المادة 802 من القانون المدنى أن لمالك الشئ حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه إلا أنه لما كان مؤدى نص المادتين 806 , 823 من القانون المدنى ــــــ وعلى ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية للقانون المدنى ــــــ أن الملكية ليست حقاً مطلقاً لا حد له بل لها وظيفة اجتماعية يطلب من المالك القيام بها ويحميه القانون مادام يعمل فى الحدود المرسومة لمباشرة هذه الوظيفة أما إذا خرج على هذه الحدود فلا يعتبره القانون مستحقاً لحمايته ويترتب على ذلك أنه حيث يتعارض حق الملكية مع مصلحة عامة فإن المصلحة العامة هى التى تُقدم .

(الطعن رقم 71 لسنة 73 جلسة 2013/06/23)
(الطعن رقم 1932 لسنة 50 جلسة 1981/06/13 س 32 ع 2 ص 1795 ق 322)
(الطعن رقم 2336 لسنة 56 جلسة 1994/01/26 س 45 ع 1 ص 248 ق 53)

2 ـ النص فى المادة 802 من القانون المدنى على أن " لمالك الشئ وحده فى حدود القانون حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه " وفى المادة 805 منه على أنه :- لا يجوز أن يحرم أحد من ملكه إلا فى الأحوال التى يقررها القانون ... " مفاده أنه لا يجوز حرمان مالك الشئ من حق استعمال واستغلال والتصرف فى ملكه إلا فى الأحوال التى يقررها القانون .

(الطعن رقم 4338 لسنة 61 جلسة 1997/07/12 س 48 ع 2 ص 1114 ق 208)

3 ـ من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن للمالك الحقيقى أن يطلب طرد المشترى من ملكه ، لأن يده تكون غير مستندة إلى تصرف نافذ فى مواجهته كما أن له أن يطلب ريع ملكه من هذا المشترى عن المدة التى وضع يده فيها عليه .

(الطعن رقم 2031 لسنة 50 جلسة 1984/05/31 س 35 ع 1 ص 1539 ق 295)

4 ـ المقرر أن لمالك الشئ الحق فى كل ثماره و منتجاته و ملحقاته مما مفاده و لازمه أن ريع الشئ يعتبر أثراً من آثار الملكية و نتيجة لازمة لها و من ثم فإن الحق فيه يعتبر تابعاً لحق الملكية و يجمعهما فى ذلك مصدر واحد لما كان ذلك فإن دعوى المطالبة بتثبيت ملكية الشئ تعتبر قاطعة للتقادم بالنسبة للمطالبة بريعه ما دامت تلك الدعوى قد دلت فى ذاتها على التمسك الجازم بالحق المراد إقتضاؤه ، هو حق الملكية - و ما ألحق به من توابعه - و هو الريع الذى يجب لزوماً بوجوبه و يسقط بسقوطه .

(الطعن رقم 1722 لسنة 50 جلسة 1984/04/17 س 35 ع 1 ص 1027 ق 195)

5 ـ النص فى المادتين 802 ، 806 من القانون المدنى على أن " لمالك الشئ فى حدود القانون حق إستعماله و إستغلاله و التصرف فيه . و أن يراعى فى ذلك ما تقضى به القوانين و المراسيم و اللوائح ... " يدل على أن إستعمال حق الملكية كان و ما يزال مقيداً بمراعاة أحكام القانون و من ثم فلا يكون للقيود التى أوجبها قانون الإصلاح الزراعى أى تأثير على عقود بيع الأراضى الزراعية القائمة وقت صدوره .

(الطعن رقم 142 لسنة 37 جلسة 1973/12/20 س 24 ع 3 ص 1320 ق 227)

6 ـ الأصل أن لمالك الشىء وحده - فى حدود القانون - حق إستعماله و إستغلاله و التصرف فيه مراعياً فى ذلك ما تقضى به القوانين و المراسيم و اللوائح المتعلقة بالمصلحة العامة أو بالمصلحة الخاصة عملاً بنص المادتين 802 ، 806 من القانون المدنى مما مؤداه أن يكون للمالك أن يؤجر الأماكن التى يملكها و إن يطلب إخلاء المكان المؤجر إذا إنتهت المدة المتفق عليها و قام سبب لفسخ عقد الإيجار و أن يختار مستأجره و أن يستعمل العين فى أى وجه مشروع ، لما كان ذلك فإنه يكون للشركة المطعون ضدها بإعتبارها شخصاً معنوياً مالكاً للعقار الكائن به عين النزاع مصلحة فى إقامة الدعوى إذ إعتقدت بوجود سبب لفسخ عقد إيجار تلك العين .

(الطعن رقم 597 لسنة 52 جلسة 1983/11/28 س 34 ع 2 ص 1731 ق 338)

7 ـ حق الملكية- وعلى ما هو مقرر- حق جامع مانع نافذ تجاه الناس كافة, فهو جامع يخول المالك الانتفاع بالشيء واستغلاله والتصرف فيه وهو مانع مقصور على المالك دون غيره فلا يجوز لأحد أن يشاركه فى ملكه أو يتدخل فى شئون ملكيته وهو فى ذات الوقت حق دائم لا يسقط - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بعدم الاستعمال مهما طال الزمن ما لم يكتسبه الخصم إذا توافرت له شروط الحيازة المكسبة للملك.

(الطعن رقم 2054 لسنة 62 جلسة 1999/02/04 س 50 ع 1 ص 187 ق 34)

8 ـ متى كانت المحكمة قد قررت أنه لا تعارض بين إعتبار مطالبة الطاعنة بريع نصيبها فى الدور الذى شيدته المطعون عليها بالمنزل المملوك لهما على الشيوع سابقة لأوانها و بين القضاء لها بملكية هذا النصيب لأن الملكية تتكون من ثلاثة عناصر . التصرف و الإستعمال و الإستغلال . و لأن الطاعنة نزلت فى عقد الإتفاق المحرر بينها و بين الطعون عليها عن حقى الإستعمال و الإستغلال لمدة مؤقتة إلى أن توفيها بحصتها فى تكاليف الأنشاء فإن هذ الذى قررته المحكمة ليس فيه ما يناقض الحكم الصادر بتثبيت ملكية الطاعنة إلى نصيبها فى الدور المذكور.

(الطعن رقم 45 لسنة 20 جلسة 1952/04/10 س 3 ع 3 ص 889 ق 129)

9 ـ ملكية العقار تظل معقودة لصاحبه إلى أن يملكها منه غيره بطريق من طرق كسب الملكية و لا يقبل منه قبل ذلك محاولة كسب ملكية مال هو فى ملكيته فعلا ، و من ثم فإن من باع العقار الذى يملكه لا يجوز له التحلل من إلتزاماته الناشئة عن هذا البيع بحجة معاودته إكتساب ملكيته من المشترى بطريق التقادم إلا بعد أن تكون الملكية قد إنتقلت من ذلك البائع إلى هذا المشترى فعلا و ليس قبل ذلك.

(الطعن رقم 1296 لسنة 51 جلسة 1985/01/24 س 36 ع 1 ص 147 ق 35)

10 ـ حق الملكية - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - حق دائم لا يسقط بمجرد عدم الإستعمال مهما طال الزمن ، و يكتسبه الخصم إذا توافرت له شروط وضع اليد علىالعقار المدة الطويلة المكسبة للملكية .

(الطعن رقم 1612 لسنة 50 جلسة 1984/05/02 س 35 ع 1 ص 1171 ق 224)

11 ـ ملكية المنقول تنتقل - فيما بين المتعاقدين و بالنسبة للغير - بمجرد التعاقد إذا كان محل الإلتزام شيئاً معيناً بالذات ، مما مفاده أن تصرف البائع فى الشئ لمشتر ثان يكون صادراً من مالك لأن ملكيته قد إنتقلت منه إلى المشترى الأول . و إذا تعرض الأخير للمشترى الثانى مدعياً ملكية المبيع و إنتزعه منه ، حق للمشترى الثانى الرجوع على بائعه بضمان الإستحقاق .

(الطعن رقم 554 لسنة 46 جلسة 1982/11/18 س 33 ع 2 ص 944 ق 170)

12 ـ إذ كانت ملكية المنقول تنتقل إلى المشترى بمجرد تمام البيع و كان بيع ثمار الحدائق واقع على منقول مآلاً و كان من آثار عقد الإيجار إستحقاق المستأجر لمنفعة العين المؤجرة - فيمتلك الثمرات خلال مدة العقد .

(الطعن رقم 436 لسنة 48 جلسة 1981/12/08 س 32 ع 2 ص 2246 ق 409)

13 ـ متى كان يبين أن الحكم المطعون فيه لم يؤسس قضاءه على إقرار الطاعنة أمام محكمة أول درجة بملكية المطعون عليها للأرض ، و إنما أثبت أن الطاعنة قد أنكرت فى دفاعها الأخير ملكية البائعة المطعون عليها المذكورة ، دون أن تدعى حقاً على الأرض خلاف حق الإرتفاق ، و إنه لذلك لا يكون ثمة محل لمناقشة هذه الملكية ، و كان الحكم قد أقام قضاءه على هذه الدعامة وحدها دون ذلك الإقرار المسند إلى الطاعنة ، و هى دعامة مستقلة و تكفى لحمله ، فإن النعى عليه بالخطأ فى الإستدلال يكون على غير أساس .

(الطعن رقم 513 لسنة 37 جلسة 1973/01/25 س 24 ع 1 ص 98 ق 19)

14 ـ حق الملكية حق دائم لا يسقط بمجرد عدم الإستعمال مهما طال الزمن ، و من ثم فإن الحكم المقرر لهذا الحق لا يسقط بالتقادم و ينتج أثره و لو لم ينفذ ، و لا يجوز إطراحه إذا توافرت لدى المحكوم ضده بعد تاريخ الحكم شروط وضع اليد على العقار المدة الطويلة المكسبة للملكية .

(الطعن رقم 944 لسنة 47 جلسة 1980/01/29 س 31 ع 1 ص 360 ق 72)

15 ـ وحيث إن علو بعض النصوص القانونية على بعضها، يفيد بالضرورة تدرجها فيما بينها وفق ترتيبها، فلا يكون أدناها مقيداً لأعلاها، بل دائراً فى إطاره. ولا كذلك النصوص التى ينتظمها الدستور، إذ تتحد جميعها فى قوتها ومنزلتها ومدارجها، وتتساند كذلك فيما بينها، منشئة من مجموعها تلك الوحدة العضوية التى تضمنها، وتحقق تماسكها، وتكفل إنصرافها إلى الأغراض التى ربطها الدستور بها، فلا تتنافر توجهاتها، وإنما تعمل جميعها فى إطار منظومة واحدة تتناغم قيمها وثوابتها، فلا يكون بعضها لبعض نكيراً.

وحيث إن النصوص التى ينتظمها الدستور، تتوخى أن تحدد لأشكال من العلائق الاجتماعية والاقتصادية جانباً من مقوماتها، ولأنماط من التطور روافدها وملامحها؛ ولحقوق المواطنين وحرياتهم تلك الدائرة التى لا يجوز اقتحامها. ولا يتصور أن تكون نصوص الدستور -وتلك غاياتها- مجرد تصور لقيم مثالية ترنو الأجيال إليها، ولاتعبيراً فى الفراغ عن آمال ترجوها وتدعو إليها، بل تتمحض عن قواعد قانونية تتسم بانتفاء شخصيتها، ولا يجوز بالتالى تجريدها من آثارها، ولا إيهانها من خلال تحوير مقاصدها، بعد أن أقام الدستور من النصوص التى تضمنها، بنياناً مجتمعياً متكاملاً لاتنفصل أجزاؤه عن بعضها البعض. بل إن صدارة هذه النصوص على ما سواها من القواعد القانونية ، يعليها فوقها، ويقدمها عليها ويدنيها لها؛ وهو ما يعنى ضرورة التقيد بها وإنفاذ محتواها.

وحيث إن الدستور لا يدعو بالنصوص التى يتضمنها، لأمر يكون مندوباً، بل يقرر بها ما يكون لازماً، فلا يكون المشرع بالخيار بين تطبيقها أو إرجائها، بل يتقيد بها بالضرورة فلا يتخطاها أو يميل إنحرافاً عنها. كذلك فإن القيود التى يفرضها الدستور على المشرع، هى التى تحدد نطاق السلطة التقديرية التى يملكها فى موضوع تنظيم الحقوق، فلا تكون ممارستها انفلاتاً من كوابحها، أو إخلالاً بضوابط تنظيمها. ومن غير المتصور أن يكون التقيد بنصوص الدستور عائداً لمحض تقدير المشرع، ومحدداً على ضوء المصالح التى يستنسبها، ذلك أن القيد -فى تطبيق أحكام الدستور- تعبير عن إرادة أعلى هى التى تستند السلطتان التشريعية والتنفيذية إليها فى تأسيسها، فإذا نشأتا وفق الدستور، فذلك لتباشر كلا منهما وظيفتها فى الحدود التى رسمها، فلا تتحلل إحداهما منها، وإلا كان ذلك تمرداً من جانبها على ضوابط حركتها التى استقام بها بنيانها.

وحيث إن العدالة الاجتماعية وإن كانت من القيم التى تبناها الدستور، إلا أن مفهومها لا يناقض بالضرورة حق الملكية ، ولا يجوز أن يكون عاصفاً بفحواه، وعلى الأخص فى نطاق العلائق الإيجارية التى تستمد مشروعيتها الدستورية من التوازن فى الحقوق التى كفلها المشرع لأطرافها. ذلك أن الملكية -بما يتفرع عنها من الحقوق- ينبغى أن تخلص لأصحابها، فلا يَنْقَضُّ المشرع على أحد عناصرها، ليقيم بنيانها على غير القواعد التى تتهيأ بها لوظيفتها الاجتماعية أسبابها. ولئن جاز القول بأن لكل حق وظيفة يعمل فى إطارها ليتحدد مداه على ضوئها، إلا أن لكل حق كذلك دائرة لا يجوز اغتيالها حتى يظل الانتفاع به ممكناً. وكلما فرض المشرع على الحق قيوداً جائرة تنال من جدواه، فلا يكون بها إلا هشيماً، فإن التذرع بأن لهذه القيود دوافعها من وظيفته الاجتماعية ، يكون لغواً.

وحيث إن التكامل بين النصوص الدستورية ، مؤداه: امتناع تعارضها وتماحيها، وتجانسها لا تهاترها، ضماناً لتحقيق المقاصد التى ترتبط بها، فلا يكون أحدها ناسخاً لسواه. وما قرره الدستور من تأسيس النظام الاشتراكى الديموقراطى على الكفاية والعدل، وبناء مصر لمجتمعها على ضوء التضامن الاجتماعى ، لا يعنى الإخلال بالملكية الخاصة أو نقض حرمتها بما مؤداه: أن تنظيم المشرع للعلائق الإيجارية - لا يجوز أن يعطل حق من يملكون الأعيان المؤجرة فى استغلالها أو استعمالها، ولا أن يحيط هذا الحق بتلك القيود التى تخرج بها الإجارة عن حقيقتها، وإلا كان ذلك تسلطاً على الملكية بما يخل بخصائصها، وبالأغراض التى توخاها الدستور من صونها، وهى بعد أغراض لا يسقطها التضامن الاجتماعى أو يجبها، بل يشد عضدها ويدعمها. تقديراً بأن هذا التضامن -فى محتواه ومقاصده- لا يعدو أن يكون سلوكاً ومناهج للعمل تتخذ أشكالاً من التعاون تقيمها بين المواطنين؛ وصوراً من التراحم تكفل تقاربهم وتستنهض إيمانهم بوحدة مصالحهم، وتردهم جميعاً إلى كلمة سواء يتعايشون معها، فلا يتنازعون هضماً للحقوق، بل يتناصفون لإرسائها، والتقيد بالحدود التى رسمها الدستور لممارستها.

وحيث إن من المقرر قانوناً - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن حق الملكية - وباعتباره منصرفاً محلاً إلى الحقوق العينية والشخصية جميعها، وكذلك إلى حقوق الملكية الأدبية والفنية والصناعية -نافذ فى مواجهة الكافة ليختص صاحبها دون غيره بالأموال التى يملكها وتهيئة الانتفاع المفيد بها، لتعود إليه ثمارها وملحقاتها ومنتجاتها؛ وكان صون حرمتها مؤداه: ألا تزول الملكية عن ذويها بانقطاعهم عن استعمالها؛ وألا يجردها المشرع من لوازمها؛ أو يفصل عنها بعض الأجزاء التى تكونها؛ أو ينال من أصلها أو يعدل من طبيعتها؛ أو يقيد من مباشرة الحقوق التى تتفرع عنها فى غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية ؛ وكان لا يجوز كذلك أن يتذرع المشرع بتنظيمها لتقويض محلها؛ فإن إسقاط الملكية عن أصحابها أو سلب غلتها -سواء كان ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر- يعتبر عدواناً عليها يناقض ما هو مقرر قانوناً من أن الملكية لا تزول عن الأموال محلها، إلا إذا كسبها أغيار وفقاً للقانون.

(القضية رقم 116 لسنة 18 قضائية " دستورية " جلسة جلسة 2 / 8 / 1997)

16 ـ إن عقد البيع غير المسجل يولد فى ذمة البائع التزاماً بتسليم المبيع ، و بالوفاء به يصبح المبيع فى حيازة المشترى له أن ينتفع به بجميع وجوه الانتفاع و منها البناء على سبيل البقاء و القرار . و متى أحدث المشترى بناء على الأرض المبيعة له يصبح هذا البناء عقاراً ملكاً له ملكية مصدرها واقعة البناء بماله على سبيل البقاء و القرار ، و من ثم يقوم به سبب الشفعة بوصفة جاراً مالكاً للبناء . و لا مخالفة فى ذلك لقانون التسجيل . ذلك أن الشفيع مشترى الأرض بعقد غير مسجل لا يؤسس حقه فى طلب الشفعة على عقد شرائه و إنما يقيمة على ملكية البناء استقلالاً عن الأرض . كما لا مخالفة لأحكام الملكية بالالتصاق قولا بأن بائع الأرض يعتبر فى حكم القانون و بالنسبة إلى الكافة هو وحده مالك البناء الذى أقامه المشترى الذى لم يسجل عقد شرائه ، ذلك بأن القانون إذ يعتبر مالك الأرض مالكا للبناء بفعل الالتصاق إنما يقرر فى صالح مالك الأرض قرينة غير قاطعة قابلة لإثبات العكس ، كما إذا خول مالك الأرض لمستأجرها الحق فى إقامة المنشآت و تملكها ، فإنه فى هذه الحالة يعتبر مالكاً لما يقيمه عليها من بناء على إعتبار أنه عقار . فمناط تطبيق قواعد الإلتصاق ألا يكون ثمة إذن صريح أو ضمنى من مالك الأرض للغير بإحداث هذا البناء ، فحيثما وجد إتفاق أو إذن إمتنع التحدى بقواعد الإلتصاق وفقا لأحكام المادة 65 من القانون المدنى القديم ، و وجب اعتبار البناء عقاراً مستقلا عن الأرض و ملكاً خالصاً لمن أقامه . و لا نزاع فى أن البائع ، و هو ملتزم بتسليم المبيع للمشترى و عدم التعرض له، إذا ما أوفى بهذا الالتزام فقد نقل إلى المشترى حيازة المبيع ، و كان لهذا الأخير أن ينتفع به بكافة وجوه الانتفاع و منها البناء على سبيل البقاء و القرار.

(الطعن رقم 31 لسنة 18 جلسة 1950/01/12 س 1 ع 1 ص 166 ق 48)

شرح خبراء القانون

تنص المادة 802 مدني على ما يأتي :

لمالك الشيء وحده ، في حدود القانون ، حق إستعماله وإستغلاله والتصرف فيه .

ويمكن أن يستخلص تعريف حق الملكية من هذا النص ، فيقال إن حق ملكية الشئ هو حق الإستئثار بإستعماله وإستغلاله والتصرف فيه على وجه دائم ، وكل ذلك فى حدود القانون .

وقد كان التقنين المدنى السابق يعرف حق الملكية ، فى المادة 11 / 27 منه ، على الوجه الآتى : " الملكية هى الحق للمالك فى الإنتفاع بما يملكه والتصرف فيه بطريقة مطلقة ... " فكان حق الملكية فى التقنين المدنى السابق ، على غرار حق الملكية فى التقنين المدنى الفرنسى ، حقاً مطلقاً ولم يشأ التقنين المدنى الجديد ، مسايراً فى ذلك الإتجاهات الحديثة ، أن يجارى التقنين المدنى السابق فى جعل حق الملكية حقاً مطلقاً فتجنب فى النص أن يصفه بهذا الوصف ، وزاد على ذلك بأن صرح بأن الحق مقيد إذ المالك يجب أن يلتزم حدود القانون بل إن المشروع التمهيدى لنص المادة 802 مدنى كان ينص صراحة على أن لحق الملكية وظيفة إجتماعية ، إذ كان يقول : " لمالك الشئ ، ما دام ملتزماً حدود القانون ، أن يستعمله ، وأن ينتفع به ، وأن يتصرف فيه ، دون أى تدخل من جانب الغير ، بشرط أن يكون ذلك متفقاً مع ما لحق الملكية من وظيفة اجتماعية " وبقى النص محتفظاً بمعنى الوظيفة الإجتماعية فى المشروع النهائى وفى المشروع الذي أقره مجلس النواب ، حتى إذا قدم المشروع للجنة مجلس الشيوخ حذفت اللجنة عبارة " على أن يكون ذلك متفقاً مع ما لحق الملكية من وظيفة إجتماعية " لأنها أشكل الإيضاحات الفقهية ، وإن فى التطبيقات التى أوردها المشروع ما يغنى عنها " وقد قال ممثل الحكومة أمام لجنة مجلس الشيوخ فى هذا الصدد ما يأتى : " إن هذه الصفة (الصفة الإجتماعية لحق الملكية) هى المتغلبة فى التقنينات الجديدة ، وهى التى تمثل النزعة الحديثة فى تصور حق الملكية فليس هذا الحق مطلقاً لا حد له ، بل هو وظيفة اجتماعية يطلب إلى المالك القيام بها ، ويحميه القانون ما دام يفعل أما إذا خرج على هذه الحدود ، فلا يعتبره القانون مستحقاً لحماته ويترتب على ذلك نتيجتان :

(1) حيث يتعارض حق الملكية مع مصلحة عامة ، فالمصلحة العامة هي التي تقدم .

(2) حيث يتعارض حق المالك مع مصلحة خاصة هى أولى بالرعاية من حق المالك ، فإن هذه المصلحة هى التى تقدم بعد أن يعوض المالك تعويضاً عادلاً " . ولم يكن اعتراض لجنة مجلس الشيوخ على العبارة وحذفها إياها على أساس أن اللجنة لا تشارك فى الرأى القائل بأن لحق الملكية وظيفة إجتماعية ، بل لأن " فى هذا التعبير تصيراً لمذهب فلسفى " كما قال رئيس اللجنة ، ولأن العبارة " أشكال بالإيضاحات الفقهية ، وإن فى التطبيقات التى أوردها المشروع ما يغنى عنها " كما قالت اللجنة ذاتها (أنظر فى ذلك مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 13 وص 15 - ص 16 فيجب التسليم إذن بأن عبارة " بشرط أن يكون ذلك متفقاً مع ما لحق الملكية من وظيفة إجتماعية " ، وإن حذفت فى لفظها ، لا تزال باقية فى معناها) .

عناصر حق الملكية

الإستعمال والإستغلال والتصرف : رأينا أن المادة 802 مدنى تجعل عناصر حق الملكية ثلاثة : الإستعمال والإستغلال والتصرف وقدمنا انظر آنفاً فقرة 291 أن حق الملكية هو أوسع الحقوق العينية نطاقاً ، فمن له حق الملكية على شئ كان له حق إستعماله وحق إستغلاله وحق التصرف فيه ، وبذلك يستجمع كل السلطات التي يعطيها القانون للشخص على الشيء فلا يكون الحق فى الشئ حق ملكية إذا منع صاحب الحق من إستعمال هذا الشئ أو من إستغلاله على نحو دائم ، كذلك لا يكون الحق حق ملكية إذا منع صاحبه من التصرف فى الشئ منعاً أبدياً وإنما يجوز أن يمنع من التصرف فيه لمدة معينة وسيأتى تفصيل ذلك .

ولما كان الإستعمال والإستغلال يقربنا أحدهما من الآخر ، فكلاهما إستعمال للشئ ، وإذا إستعمل المالك الشئ بشخصه سمى هذا إستعمالاً ، وإذا استعمله بواسطة غيره فى مقابل أجر يتقاضاه من الغير سمى هذا استغلالاً ، وقد يستغل المالك الشئ مباشرة بنفسه .

قيود الإستعمال : ولكن المالك نفسه يتقيد مع ذلك فى إستعماله للشئ بالقيود التي فرضها القانون كما سبق القول مثل ذلك أنه لا يجوز للمالك أن يفتح مطلاً على جاره إلا على مسافة معينة حددها القانون ، وليس له أن يقيم بناء خارجاً عن خط التنظيم ، وليس له أن يستعمل ملكه إستعمالاً من شأنه أن يضر بالجار ضرراً غير مألوف .

ولكن يبقى مع ذلك فرق بين المالك وغير المالك ، حتى فى القيود التي يفرضها القانون فالأصل فى المالك أن كل إستعمال ، أياً كان مباح له إلا إستعمالاً يحرمه القانون أى أن الأصل هو الإباحة والتحريم هو الإستثناء أما غير المالك كالمنتفع والمستأجر والمرتهن رهن حيازة ، فالأصل فى هؤلاء أن كل إستعمال محرم عليهم إلا ما أباحه القانون ، أى أن الأصل هو التحريم والإباحة هي الإستثناء .

قيود الإستغلال : ويرد على الإستغلال ، كما يرد على الإستعمال ، قيود يفرضها القانون من ذلك ما يفرضه قانون إيجار الأماكن من تعيين حد أقصى للأجرة التي يتقاضاها المالك من المستأجر ، ومن ضرورة استبقاء المستأجر في العين حتى بعد إنتهاء الإيجار ، فلا يستطيع طلب إخلاء العين إلا لأسباب معينة حددها القانون ومن ذلك ما يفرضه قانون الإصلاح الزراعى من تحديد أجرة الأرض الزراعية بسبعة أمثال الضريبة ، ومن ضرورة استبقاء المستأجر للأرض في جزء منها وفي المزارعة لا يجوز للمالك أن يأخذ أكثر من نصف المحصول ، ويجب أن يبقى للمزارع نصف المحصول على الأقل وقد يضع القانون قيوداً على زراعة الأرض ، فيحدد مثلاً المساحة التى يجب أن تزرع قطناً ، ويحظر زراعة الأرز إلا فى مناطق معينة وإذا أراد المالك إستغلال محل مقلق للراحة أو ضار بالصحة ، وجب عليه إستيفاء شروط معينة والحصول على ترخيص إداري كذلك إذا أراد المالك إستغلال صيدلية ، وجب عليه أن يقيم فيها صيدلياً مؤهلاً ، إلى غير ذلك من قيود متنوعة ترد على الإستغلال .

قيود يفرضها القانون على التصرف : قد يفرض القانون قيوداً مؤقتة على حق المالك فى التصرف فى ملكيته ، وما دام القيد مؤقتاً فهو لا ينزع نهائياً حقه فى التصرف ، ويبقى مالكاً مثل ذلك ملكية الأسرة ، وتقضى المادة 853 مدنى بأنه لا يجوز لأى شريك فى ملكية الأسرة أن يتصرف في نصيبه لأجنبى عن الأسرة إلا بموافقة الشركاء جميعاً وهذا القيد موقت من عدة وجوه فهو أولاً مقيد بالأجل الذى يتفق عليه لبقاء ملكية الأسرة ، ولا يجوز أن يزيد على خمس عشرة سنة ( م 852 / 1 مدنى ) وهو ثانياً مقيدة بمدة ستة أشهر فقط إذا لم يكن هناك إتفاق على أجل معين ، إذ يستطيع الشريك بعد إنقضاء هذه المدة إخراج نصيبه من ملكية الأسرة ، والتصرف فيه بعد ذلك ( م 852 / 2 مدنى ) وهو أخيراً مقيد بجواز أن يتصرف الشريك فى نصيبه لأجنبى بغير موافقة الشركاء ، على ألا يبقى هذا النصيب مندمجاً فى ملكية الأسرة ( م 853 / 2 مدنى ) ومثل ذلك أيضاً قانون الإصلاح الزراعى ، فهو يغل يد الفلاح عن التصرف فى الأرض التى وزعت عليه قبل يوفى جميع أقساط ثمنها ( م 16 من قانون الإصلاح الزراعى ) ، والقيد كما نرى قيد مؤقت وفى الشفعة فرض القانون ضرباً من ضروب عدم التصرف إلا لشخص معين هو الشفيع ، إذا طلب الشفعة واستوفى شرائطها وفى قانون خمسة الأفدنة لم يمنع القانون المالك من التصرف فى ملكه ، وإنما منع الدائنين من الحجز على هذا الملك ، فمنعهم بذلك من نزع الملكية جبراً على صاحبها .

أما إذا كان المنع من التصرف الذى فرضه القانون منعاً دائماً غير موقت ، كما فى الأموال الموقوفة ، فإن حق الملكية يفقد عنصراً أساسياً من عناصره ، ومن ثم لا يمكن وصفه بأنه حق ملكية ، فحق المستحق فى الوقت ليس حق ملكية ، وإن كان حقاً عينياً ، وهذا غير حقه الشخصى فى تقاضى استحقاقه من الناظر . (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : الثامن ، الصفحة : 610)

الملكية حق يرد على شي معين وبمقتضاه يكون لصاحبه وحده في حدود القانون أن يستعمل هذا الشي وأن يستغله وأن يتصرف فيه، ومن هذا التعريف نخلص إلى عناصر الملكية وهي :

1- حق الإستعمال : ويستعمل المالك الشيء وفق الغرض المعد له وبحسب طبيعته، فالسكن يستعمله بالإقامة به كما أن الترميم أو البناء به بعد إستعمالاً له والأرض الزراعية يزرعها ويمهدها، والسيارة يركبها ويصلحها، والقلم يكتب به وإن كان الشيء قابلاً للإستهلاك كالأطعمة فيستهلكها ، كما له علم التل وقلع الزراعة ولا يقيد من تصرفه إلا نص في القانون كالحجر والحراسة أو إذا أساء إستعمال حقه وفقاً لما أوضحناه في التعليق على المادة الخامسة .

2- حق الإستغلال : فقد لا يستعمل المالك الشي بنفسه وإنما يمكن غيره من إستعماله، فالمالك يستغل مسكنه بتأجيره للغير مقابل أجرة وكذلك بأرضه الزراعية ومتفولاته وقد قيد هذا الحق بالنسبة للمساكن والأراضي الزراعية فحدد الشرع حدا أقصى للأجرة لا يجوز للمالك تجاوزها وفقاً لما أوضحناه في باب الإيجار، كما جاء المشرع بقيود أخرى كقيود الدورة الزراعية ووجوب الحصول على ترخيص إداري في بعض الأنشطة كما في الصيدليات إذا كان مالكها من غير خريجي كليات الصيدلة.

3- حق التصرف : قد يكون التصرف مادياً بإستهلاك الشيء، أو قانونياً بتغيير المركز القانوني للشئ كنقل ملكيته بالبيع أو بالهبة أو بالمقايضة أو بتقديمه حصة في شركة، وقد يقتصر التصرف على نقل أحد عناصر الملكية فينقل لشخص حق الإنتفاع شاملاً عنصرى الإستغلال والإستعمال، أو يقتصر على نقل حق الإستعمال وحده دون الإستغلال، وقد يرتب على الشي حق عینی کرهن يجيز للراهن نزع ملكية التي في حالة عدم وفاء المالك بدينه أما إذا وفاة عادت إليه حرية التصرف في الشيء من جديد، ومتى تقل أحد عناصر الملكية لآخر كان له التصرف في هذا العنصر.

الملكية الخاصة مصونة لا تمس إلا في حدود القانون، وإن كان يجوز للمالك التصرف في كافة عناصرها بعوض أو بغير عوض، فإنه يجوز له التصرف في عنصري الإستعمال والإستغلال.

حق الملكية، حق دائم لا يزول بترك صاحبه له وعدم استعماله له، فيظل ثابتاً رغم هذا الترك دون إعتداد بمدة الترك ولو تجاوزت خمس عشرة سنة، لكن إذا تمكن الغير من وضع يده على العين منكراً على صاحبها حقه فيها، واستوفى وضع اليد الشروط اللازمة لإكتساب الملكية بالتقادم، فإن حق الملكية لا يزول لأنه حق دائم، وإنما ينتقل إلى من إكتسبه بالتقادم، سواء كان تقادماً قصيراً أو طويلاً ، إذ لا يكون المالك الذي يتهاون في ملكه إلى الحد الذي يتمكن معه الغير من وضع يده عليه لمدة خمس سنوات أو خمس عشرة سنة دون مواجهته بأى من الدعاوى التي قررها له القانون، مستحقاً لحماية القانون ويكون واضع اليد هو الذي يستحقها للقيام بأعبائها بإعتبارها وظيفة اجتماعية ومن عناصر الثروة القومية .

الملكية المدنية تتحقق عندما يكون للمالك، حق الإستغلال والإستعمال والتصرف، وتنحصر فيه وحدة هذه العناصر، بحيث إذا سلب أحد منه أي منها، توافر الإعتداء على حق الملكية، وجاز للمالك الرجوع عليه بأي من الدعاوى التي تحمي هذا الحق.

أما مجرد السيطرة على المال دون إنفراد بإستعماله أو إستغلاله، فلا ينشئ ملكية مدنية، وإنما ملكية سياسية، فالصحراء والأرض الموات كانت مباحة من حيث الإستعمال والإستغلال، وبصدور القانون المنظم لأملاك الدولة الخاصة أصبحت الأراضي الصحراوية والبور من تلك الأموال. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الحادي عشر ، الصفحة : 7)

فيبين من هذا النص أن حق ملكية الشيء هو حق الإستئثار بإستعماله وباستغلاله وبالتصرف فيه على وجه دائم، وكل ذلك في حدود القانون.

ونص المادة 802 من التقنين المدني الحالي يفضل النص القديم من وجوه ثلاثة : فهو يستوعب كل عناصر حق الملكية، أي السلطات التي تكون للمالك على الشئ، وهي الإستعمال والإستغلال والتصرف وهو بقوله إن هذه السلطات تكون للمالك وحده ينوه بأن حق الملكية حق جامع مانع، أي شامل لكل السلطات الممكنة ومقصور على صاحبه، وهذه هي أبرز خصائص حق الملكية، وهي وحدها الجديرة بالذكر، لأنها الخاصة الجوهرية الوحيدة من بين خصائص هذا الحق .

وحق الملكية هو أهم الحقوق العينية وأوسعها نطاقاً ، لأنه يخول صاحبه سلطة كاملة على الشيء أما غيره من هذه الحقوق فلا يخول صاحبه إلا بعض هذه السلطة.

وهو يكون حقاً عقارياً أو حقاً منقولاً تبعاً لما إذا كان واقعاً على عقار أو منقول .

خصائص حق الملكية

حق الملكية حق عینی، فهو يرد على شيء مادي، وهو يشترك بهذا الوصف مع غيره من الحقوق العينية، ولكن حق الملكية ينفرد دون غيره من الحقوق العينية الأخرى بخاصيتين هما الأولى : إن حق الملكية حق جامع مانع، وهذه خاصيته الجوهرية.

والثانية : إنه حق دائم، وهذه خاصية تقتضيها الإعتبارات العملية كما أنه لم يعد حقاً مطلقاً.

ونورد تفصيل ذلك فيما يلي :

الخاصية الأولى :

الملكية حق جامع مانع :

هذه الخاصية هي الخاصية الجوهرية لحق الملكية، وهي جوهرية لأنها مستمدة من مضمون حق الملكية ولا توجد في غيره من الحقوق.

فحق الملكية حق جامع ، لأنه يعطى لصاحبه كل سلطة متصورة على الشئ، فهذه الخاصية إذن جامعة لكل المزايا التي يمكن إستخلاصها من الشيء ذلك أن السلطات التي يتصور قيامها على الشيء ثلاثة : الإستعمال والإستغلال والتصرف، وهي جميعاً تكون للمالك، ولا يحد من مزاولته لهذه السلطات إلا قيد يفرضه القانون أو تشترطه الإرادة حيث يجوز لها ذلك.

وقد ترتب على إعتبار السلطات جميعها تكون للمالك نتيجتان هامتان :

الأولى : أن كل من يدعي أن له سلطة أو سلطتين أو أن هناك قيدا يحد من واحدة منها كقيام شرط مانع فيها يكون مدعياً خلاف الأصل ويكلف بإثبات إدعائه.

أما المالك فلا يكلف بداءة بنفي هذا الإدعاء، فحقه جامع حتى يثبت العكس.

والثانية : إن كل فصل لسلطة الإستعمال أو الإستغلال أولهما معاً إنما يكون أمراً عارضاً موقوتاً بالضرورة ومآله إلى الزوال، لتجتمع كل العناصر من جديد في يد المالك ولهذا فإن الحقوق العينية المتفرعة عن الملكية تكون دائماً حقوقاً موقوتة.

وأما أن الملكية حق مانع فللمالك أن يستأثر بجميع مزايا ملكه، فيمنع غيره من مشاركته في هذه المزايا، حتى ولو لم يلحقه من وراء هذه المشاركة أي ضرر إنما يجوز للغير أن يشارك المالك في ملكيته أو يتدخل في شئون ملكيته برضا صاحب الحق.

وقد أبرزت ذلك المادة 802 مدني بقولها : " لمالك الشيء وحده ... حق إستعماله وإستغلاله والتصرف فيه " ويترتب على أن الملكية حق مانع أن الشيء الواحد، لا يمكن أن يكون مملوكاً لشخصين في وقت واحد، وإن جاز أن يكون الشيء الواحد مملوكاً لشخصين على الشيوع ولكن كلاً من الشخصين لا يملك الشيء كله بل يملك جزءاً منه شائعاً.

الخاصية الثانية :

الملكية حق دائم :

الدوام فيما يتعلق بحق الملكية معنيان أولهما : إن هذا الحق يدوم بدوام محله وثانيهما : إن حق الملكية لا يسقط بحق الإستعمال.

ونعرض لذلك تفصيلاً فيما يلي :

(أ) دوام حق الملكية بدوام الشيء :

ليس المقصود بهذه الخاصية أن ملكية الشيء تدوم لمالكه الحالي إلى الأبد، إذ الواقع أن مالك الشيء قد يتخلى عن ملكيته بإرادته، وذلك بأن يبيعه أو يهبه فتنتقل ملكيته بذلك إلى المشتري أو الموهوب له، وتزول من البائع أو الواهب، كما أن ملكية الشيء تنتقل بوفاة مالكه إلى ورثته.

وإنما المقصود بدوام الملكية هو دوام الملكية في ذاتها، أي بإعتبارها حقاً وارداً على شيء معين، فما دام هذا الشيء باقياً فملكيته باقية كذلك وأية دوامها أنها تنتقل من مالك إلى آخر لأن الحق يظل كما هو باقياً رغم إنتقاله، فلا يتغير حينئذ سوی شخص المالك، ولا ينهى الحق إلا بهلاك الشيء فالملاك يتتابعون في كسب ملكية الشيء دون أن يتخلل ذلك فترة يكون فيها الشيء بلا مالك .

أما الحقوق العينية الأخرى فلا تكون لها صفة الدوام التي تثبت لحق الملكية.

فحق الإرتفاق، وإن كان الغالب فيه أن يبقى ما بقي العقاران المرتفق والمرتفق به ، إلا أنه يجوز الإتفاق على تنقيته فينتهي بإنقضاء الأجل المعين (م 1026 مدنی)، كما ينتهي أيضاً إذا فقد كل منفعته للعقار المرتفق، أو لم تبق له غير فائدة محدودة لا تتناسب البتة مع الأعباء الواقعة على العقار المرتفق به (م 1029 مدنی ).

وفيما يتعلق بالحقوق الأخرى التي تتفرع عن حق الملكية يحتم القانون تأقيتها فحق الإنتفاع ينتهي حتماً بموت المنتفع إن لم ينقض بإنتهاء أجله قبل ذلك (م 993 مدنی) وحق الإستعمال وحق السكنى يسرى عليهما هذا الحكم أيضاً (م 998 مدنی) وحق الحكر لا يجوز أن يكون لمدة تزيد على ستين سنة (م 999 مدنی).

وهذا التأقيت الذي يقضي به القانون يعتبر من النظام العام فيقع الإتفاق على خلافه باطلاً.

والواقع أن تأقيت هذه الحقوق أمر لا مفر منه، إذ لو كانت دائمة لأصبحت قيداً أبدياً على حق الملكية فيؤدي ذلك إلى إهدار هذا الحق أما الحقوق العينية التبعية فتوجد ضماناً لحق شخصی، وبذلك تكون تابعة له فيسرى عليها حكمه، ومن ثم تكون مؤقتة كالحق الشخصي الذي تضمنه فتنقضي بإنتهائه.

غير أنه يلاحظ أن صفة الدوام بالمعنى المذكور لا تصدق على حق الملكية في جميع الحالات فهي تصدق بالنسبة إلى العقارات حيث تنص المادة 1/874 مدني على أن : "الأراضي غير المزروعة التي لا مالك لها تكون ملكاً للدولة " فإذا تخلى المالك عن العقار بقصد النزول عن ملكيته انتقلت الملكية إلى الدولة، ولكنها لا تصدق بالنسبة إلى المنقولات، إذ تنص المادة 871 / 1 مدني على أن : "يصبح المنقول لا مالك له إذا تخلى عنه مالكه بقصد النزول عن ملكيته" .

ويتضح من هذا أن صفة الدوام بالمعنى الذي ذكرناه ليست آتية من جوهر حق الملكية، وإنما هي خاصية لهذا الحق بحسب ما يتحقق في الأغلبية العظمى من الحالات .

(ب) - عدم زوال الملكية بعدم الإستعمال :

المعنى الثاني لدوام حق الملكية هو عدم زوال الملكية بعدم الإستعمال فإذا أهمل المالك الشئ، ولم يباشر عليه سلطات المالك، فإن ذلك لا يؤدي إلى زوال ملكيته مهما طالت مدة هذا الإهمال فلا يقبل من أحد أن يدعى إكتساب ملكية شيء معين لمجرد الإستناد إلى أن مالك هذا الشيء لم يباشر عليه أية سلطة من سلطات المالك السنين طويلة .

وإذا كان حق الملكية لا يسقط بالتقادم المسقط فإن هذا لا يمنع من كسبه بالتقادم المكسب فإذا وضع شخص يده على مال مملوك لغيره وانقضت مدة التقادم الطويلة أو القصيرة بحسب الأحوال، فإن ملكية المال تزول عن المالك وتنتقل إلى واضع اليد.

ولكن هذا لا يعني - كما هو ظاهر - أن الملكية زالت بالتقادم، ذلك أن زوال الملكية عن المالك الأصلي لم يأت عن طريق فقده للملكية بالتقادم المسقط، بل أتي عن طريق التقادم المكسب ففقد المالك الأصلي حق ملكيته لأن غيره قد کسب هذا الحق .

بل إن دعوى الإستحقاق التي تحمي حق الملكية لا تسقط بالتقادم أبداً، إذ لا يتصور أن تسقط الدعوى في حين أن الحق الذي تحميه لا يسقط .

والملكية في هذا تنفرد عن سائر الحقوق المالية الأخرى شخصية كانت أو عينية ذلك أن الحقوق الشخصية تنقضي بالتقادم المسقط وتنقضي بانقضائها الحقوق العينية التبعية (التأمينات العينية) التي تضمنها.

وكذلك تزول الحقوق العينية الأصلية - فيما عدا حق الملكية - بعدم الإستعمال فحق الانتفاع وحق الإستعمال وحق السكنى، ينقضيان بعدم الإستعمال عملاً بالمادتين 996 ، 998 مدنی وحق الحكر ينتهي بعدم إستعماله مدة خمس عشرة سنة إلا إذا كان موقوفاً فينتهي بعدم إستعماله مدة ثلاث وثلاثين سنة (م 1011 مدنی) و تنتهي حقوق الإرتفاق بعدم إستعمالها مدة خمس عشرة سنة، فإذا كان الإرتفاق مقرراً لمصلحة عين موقوفة كانت المدة ثلاثاً وثلاثين سنة ( م 1027 / 1 مدنى ).

غير أن المشرع خرج عن القاعدة التي تقضي بأن الملكية لا تسقط بعدم الإستعمال، حيث قرر سقوط الملكية جزاء الإهمال المالك في الأراضي التي آلت إلى صغار المزارعين طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 (المعدل) بشأن الإصلاح الزراعى ، إذ نصت المادة 14 من المرسوم بقانون المذكور على أن : تسلم الأرض لمن آلت إليه من صغار الفلاحين خالية من الديون ومن حقوق المستأجرين وتسجل باسم صاحبها دون رسوم.

ويجب على صاحب الأرض أن يقوم على زراعتها بنفسه وأن يبذل في عمله العناية الواجبة وإذا تخلف من تسلم الأرض عن الوفاء بأحد التزاماته المنصوص عليها في الفقرة السابقة أو تسبب في تعطيل قيام الجمعية التعاونية بالأعمال المنصوص عليها في المادة (19) أو أخل بأي إلتزام جوهري يقضى به العقد أو القانون حقق الموضوع بواسطة لجنة تشكل من نائب بمجلس الدولة رئيساً ، ومن عضوين من مديري الإدارات بالهيئة التنفيذية للإصلاح الزراعي ولها بعد سماع أقوال صاحب الشأن أن تصدر قراراً مسبباً بإلغاء القرار الصادر بتوزيع الأرض عليه وإستردادها منه واعتباره مستأجراً لها من تاريخ تسليمها إليه وذلك كله إذا لم تكن قد مضت خمس سنوات على إبرام العقد النهائي ويبلغ القرار بالطريق الإداري قبل عرضه على الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بخمسة عشر يوماً على الأقل ولا يصبح نهائياً إلا بعد تصديق الهيئة العامة للإصلاح الزراعي عليه ولها تعديله أو إلغاؤه ولها كذلك الإعفاء من أداء الفرق بين ما حل من أقساط الثمن والأجرة المستحقة وينفذ قرارها بالطريق الإداري .

ولا يختلف المنقول عن العقار في شيء مما تقدم، فكلاهما لا يزول بالتقادم المسقط .

غير أن المنقول يختص بحكم في هذا الصدد ينفرد به عن العقار فقد نصت المادة 871 / 1 مدني على أن " يصبح المنقول لا مالك له، إذا تخلى عنه مالكه بقصد النزول عن ملكيته " فالتخلي عن المنقول يزيل ملكيته ويصبح المنقول لا مالك له إلى أن يتملكه شخص آخر بطريق الإستيلاء ولم يرد مثل هذا النص في العقار، فالتخلى إذن عن العقار كتخلى الحائز للعقار المرهون عن العقار أو تخلى من يثقل عقاره حق عيني أو تكليف عيني للتخلص من هذا الحق أو التكليف، لا يفقد المالك ملكيته، بل يبقى العقار على ملكه إلى أن يكسب الملكية أحد غيره بطريق من طرق كسب الملكية ومهما يكن من أمر، فإن تخلى مالك المنقول وفقده بذلك ملكيته لا يفيد أن حق الملكية في المنقول حق غير دائم فهو حق دائم إلى أن ينزل عنه صاحبه، والنزول عن الحق لا يصح أن يعتبر توقيتاً له .

ومن هذا القبيل أيضاً ما تنص عليه المادة 977 / 1 مدني من أنه يجوز المالك المنقول أو السند لحامله إذا فقده أو سرق منه أن يسترده ممن يكون حائزاً له بحسن نية وذلك خلال ثلاث سنوات من وقت الضياع أو السرقة وواضح أن الحائز هنا لا يكسب ملكية مثل هذا المنقول ومع ذلك يمتنع على (المالك) أن يسترده بمضي ثلاث سنوات من وقت الضياع أي من فقد الحيازة.

ولا يغير من أهمية هذا النص القول بأن مدة ثلاث سنوات مدة إسقاط، فمضيها - على أية حال يفقد المالك ملكيته .

(ج) حق الملكية لا يرد عليه التوقيت :

المقصود بتوقيت حق الملكية، ألا تقترن الملكية بأجل فاسخ أو واقف ومثل الأجل الفاسخ أن يشترى شخص مالاً بحيث تنتهى ملكيته له بعد إنقضاء مدة معينة كعشر سنوات مثلاً وتعود الملكية بعد ذلك إلى البائع.

وإنما الذي يجوز هو أن يرتب المالك الأصلى على الشيء حق إنتفاع لغيره مقترناً بأجل فاسخ، لأن حق الإنتفاع بطبيعته حق مؤقت ومثل الأجل الواقف، أن يشترى شخص من آخر شيئاً على ألا تنتقل ملكيته إليه إلا بعد إنقضاء أجل معين، لأنه إذا إقترنت ملكية الشيء بأجل واقف كانت ملكية البائع في هذه الحالة ملكية مؤقتة تنتهي بإنقضاء الأجل الواقف والذي يجوز هو أن يلتزم البائع بنقل الملكية إلى المشتري عند حلول أجل معين، فيكون الإلتزام بنقل الملكية، لا حق الملكية ذاته، هو المؤجل ولا تكون ملكية البائع في هذه الحالة ملكية مؤقتة، وإنما هي ملكية دائمة يستطيع أن يتصرف فيها إلى مشتر آخر لتنتقل إليه، ويكون البائع عند ذلك قد أخل بإلتزامه نحو المشتري الأول ويلتزم بالتعويض لا بنقل الملكية إلا إذا أمكن الطعن في التصرف الثاني بالدعوى البوليصية .

ويستند أنصار هذا الرأي إلى حجتين : الأولى، أنه نتيجة حتمية للقول بأن الملكية حق دائم، أي تبقى ما بقي الشيء والثانية، أن التوقيت يتنافر مع طبيعة الملكية ومع العناصر التي تشتمل عليها، ذلك أن من أهم عناصر الملكية ما يعرف بسلطة التصرف التي تجيز للمالك أن يتصرف في حقه تصرفاً قانونياً أو يستهلكه ويتلفه مادياً على حد سواء وأمام فكرة التوقيت، ليس هناك إلا أحد إحتمالين : أن يمتنع المالك ملكية مؤقتة عن أن يتصرف في الحق حتى يعيده إلى المالك الأصلي، أو أن يتصرف فيه أو يتلفه فإذا إمتنع على المالك التصرف والإتلاف لما كان حقه حق ملكية وإذا أجيز له التصرف والإتلاف كانت ملكيته دائمة ويتوقف الأمر في علاقته مع المالك الأصلي على إستعماله سلطة التصرف أو على عدم إستعماله لها، فإن إستعملها إمتنع عليه أن يعيد الملكية بعد إنقضاء الأجل فيلزم بالتعويض، وإن لم يستعملها أعادها إلى مالكها بعقد جديد لا لمجرد إنقضاء الأجل، ومن ثم يعتبر المالك الأصلي خلفاً لمن أعاد إليه الملكية.

الخاصية الثالثة :

الملكية ليست حقاً مطلقاً :

وصفت الملكية في الفقه التقليدي، ولا تزال توصف عند بعض المحدثين بأنها حق مطلق بمعنى أن المالك حر في مباشرة سلطاته على الوجه الذي يراه هو ووفقاً لتقديره دون قيد يرد عليه في ذلك.

وهذه الصفة الحق الملكية كانت أثراً لتعاليم المذهب الفردي التي ظهرت بشكل واضح في القانون المدني الفرنسي عند وضعه .

غير أن النزعة الفردية، التي تضع حرية الفرد في مقدمة القيم التي يهدف القانون إلى حمايتها، أخذت تنكمش أمام المذاهب الاجتماعية التي أسهمت في انتشار النظم الإشتراكية، وكثرت القيود التي تحد من حرية المالك لمصلحة الجماعة ولمصلحة غيره من الأفراد، بحيث لم يعد من المقبول أن توصف الملكية بأنها حق مطلق بل أصبحت الملكية حقاً ذاتياً لها وظيفة اجتماعية أي حق تهيمن عليه وظيفة إجتماعية حافزة لا تهدر سیادة المالك بل تعززها، موفقة بين المبادرة الفردية المستمدة من تلك السيادة وبين مطالب الجماعة، فأصبح المالك ليس حراً في مباشرة سلطاته على النحو الذي يروقه، بل يتقيد بكثير من القيود وعلى الخصوص ألا يتعسف في إستعمال حقه .

من مقتضى الوظيفة الاجتماعية للملكية ترتب النتائج الآتية :

1- أنه إذا لم يستعمل المالك ملكه مدة معينة بحيث يترتب على ذلك تعطيل إستغلال جزء من الثروة القومية أمكن إسقاط الملكية عنه أو على الأقل إبطال إستغلالها إلى شخص آخر أو هيئة أخرى، إذ أن مثل هذا المالك لن يكون جديراً بالتمتع بحق له دور يؤديه ولعل المشرع المصري قد بدأ يسير في هذا الطريق إذ قرر إلغاء "التوزيع" بالنسبة للمالك الذي لا يبذل العناية الواجبة في استغلال أرضه بمقتضى المادة 14 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 (المعدل) بشأن الإصلاح الزراعي على النحو الذي أوردناه سلفاً.

أن المشرع يستطيع أن يفرض على المالك التنظيم الذي يراه متفقاً مع الخطة، والذي يراه كفيلاً بتحقيق مصلحة الجماعة، كأن يفرض على المالك صورة معينة من صور إستغلال ملكيته، كما فعل بالنسبة للتجميع الزراعي.

أن المشرع يستطيع أن يعيد توزيع الثروات وأن ينزع ملكية ما يراه متجاوزاً للحد المعقول، وذلك لتحويل أكبر عدد ممكن إلى ملاك بغية تحسين حالتهم الإجتماعية والإقتصادية.

تعطيل إحدى السلطات التي يخولها حق الملكية مدة معينة، أو تقرير في دائم عليها، أو تحميل المالك بأداء يقوم به في مواجهة فرد، كما فعل المشرع المصرى بالنسبة للتسويق التعاوني وإلزام أصحاب الحيازة بأن يقدموا تولة قدراً معيناً من ناتج ملكيتهم كل ذلك مع إبقاء الملتزم مالكاً وليس حائزاً ، مالكاً للأرض وللمحصول على حد سواء، وليس في هذا أدني غرابة في مفهوم الكرة الحديثة للملكية وأبرز مثال لذلك ما نص عليه المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 (المعدل) من وضع حد أقصى لملكية الأراضي الزراعية.

معنى آخر للإطلاق الذي يوصف به حق الملكية :

ثمة معنى آخر للإطلاق الذي يوصف به حق الملكية يذكره كثير من الفقهاء، وهو أن هذا الحق يحتج به في مواجهة الكافة والإطلاق بهذا المعنى ليس إلا تعبيراً آخر عن خاصتي التتبع والتقدم اللتين تثبتان لجميع الحقوق العينية، فهو إذا لا يعتبر خاصة مميزة لحق الملكية، وإنما هو خاصة للحقوق العينية جميعها تميزها من الحقوق الشخصية.

يقصد بالإستعمال سلطة المالك في إستخدام ملكه فيما يصلح له من وجوه الإستخدام، أي فيما يمكن أن يؤديه من منفعة لمصلحته أو لمصلحة أسرته دون المساس بجوهره فالسيارة تستعمل بركوبها والكتاب بقراءته والمذيع بسماعه.

المقصود بعناصر حق الملكية :

يراد بعناصر حق الملكية السلطات أو المكنات التي يستطيع المالك أن يباشرها على الشيء الذي يملكه وقد رأينا أن الملكية حق جامع، بمعنى أنه يخول صاحبه حق الحصول على جميع المزايا التي يمكن إستخلاصها من الشيء، فللمالك أن يباشر جميع السلطات الممكنة على الشيء. ويمكن أن ترد هذه السلطات أو المكنات إلى ثلاث، وهي : الإستعمال والإستغلال والتصرف وقد جاء تعريف حق الملكية في نص المادة 802 مدنی معدداً لهذه العناصر، حيث يقول : "لمالك الشيء وحده، في حدود القانون، حق إستعماله وإستغلاله والتصرف فيه". فللمالك أن يفعل كل ما لم يحرمه القانون عليه، إلى الحرية هي القاعدة، وإذا كان هناك ثمة قيد على هذه الحرية فلا يكون ذلك إلا بمقتضى نص أو إتفاق وقد قضت محكمة النقض بأن :

من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن للمالك الحقيقي أن يطلب طرد المشترى من ملكه، لأن يده تكون غير مستندة إلى تصرف نافذ في مواجهته كما أن له أن يطلب ربع ملكه من هذا المشتري عن المدة التي وضع يده فيها عليه .

(طعن رقم 2031 لسنة 50 ق جلسة 1984/5/31)

تعريف الإستعمال والإستغلال والتصرف :

الإستعمال : يقصد بالإستعمال سلطة المالك في إستخدام ملكه فيما يصلح له من وجوه الإستخدام، أي فيما يمكن أن يؤديه من منفعة لمصلحته أو لمصلحة أسرته، دون المساس بجوهره فالسيارة تستعمل بركوبها والكتاب بقراءته والمذياع بسماعه والإستعمال لا يكون بالحصول على ثمار الشيء، فالحصول على تلك الثمار يدخلناً في سلطة الإستغلال فسكني المنزل إستعمال له، أما تأجيرها فهو إستغلال له.

ولكن قد يختلط الإستعمال بالإستغلال في حالات معينة منها مثلا، حالة استغلال الأرض الزراعية حيث يصعب استعمال الأرض بدون الحصول على شعارها وقد تختلط سلطة الاستعمال بسلطة التصرف وذلك بالنسبة للأشياء التي لا تقبل الإستعمال المتكرر، وحيث يتضمن إستعمالها لأول مرة إستهلاكها أو التصرف فيها، كالنقود والمأكولات وقد يوصف إستهلاك الشيء على هذا النحو بأنه تصرف مادى فيه.

ويطلق عادة لفظ " التصرف " على كل من التصرف المادي والتصرف القانوني غير أن البعض يفضل قصر التصرف على التصرف القانوني الناقل ملكية.

وإذا كان محل الإستعمال عيناً معدة للسكن سمى حينئذ "حق السكني" واقتصر على تخويل صاحبة مجرد سكنى هذه العين دون بقية أوجه إستعمالها الأخرى كأن فيها متجراً ، ودون إستغلالها من باب أولى بالتأجير مثلاً إلى الغير.

وللمالك حق إستعمال الشيء حتى في الأوجه التي لم يألف الناس إستعماله وهو كما أسلفنا حر في أن يستعمل ملكه أو لا يستعمله، ولا يترتب على تم إستعماله له سقوط حقه عليه ومع ذلك فإن إستعمال الملكية ليس مطلقاً بل رد عليه طائفة من القيود نعرض لها في موضعها.

ويدخل في إطار الإستعمال القيام بأعمال الحفظ والصيانة التي يقوم بها المالك في ملكه، مثل ترميم المنزل وتسوير الأرض وإصلاح السيارة ولهذا فإن القانون يلزم المؤجر وهو غالباً المالك بالقيام بالأعمال الترميمية.

وقد لا يستعمل المالك الشيء بنفسه، بل يدعو غيره إلى إستعماله تبرعاً دون مقابل، كما إذا دعا الغير للصيد والقنص في أرضه، أو استضاف الغير مدة من الزمن، أو أنشأ ملجأ أو مصحة أو مستشفى على وجه التبرع دون أن يقصد إستغلال شيء من ذلك.

الإستغلال :

يقصد بالإستغلال القيام بالأعمال اللازمة لإستثمار الشيء أي للحصول على ثماره.

التصرف :

لمالك الشيء الحق في التصرف فيه وللتصرف في خصوص سلطة المالك على الشئ الذى يملكه مدلول أوسع من معناه الفنى الدقيق فالتصرف بمعناه الفني هو نقل ملكية الشيء أو إنشاء حق عيني آخر عليه ولكن التصرف فيما يتعلق بسلطة المالك على الشئ يتجاوز ذلك ليشمل نوعين من الأعمال الأول ، العمل المادة وهو الذي ينال من مادة الشئ بإستهلاكه أو إعدامه أو التغيير فيه ، وهذه السلطة لا تثبت لغير المالك وبالتالي فهي تميز حق الملكية عن غيره من الحقوق العينية والثاني ، العمل القانوني وهو ينصرف الى التصرف القانوني في الحق ، سواء كان هذا التصرف سيؤدي الى زوال حقه كلياً ، كان يبيع الشئ أو يهبه أو إلى الإنتقاص - ولو مؤقتاً - من السلطات التي له على الشئ كان يترتب عليه حق إنتفاع للغير أو يرهنه .

وقد جرى الفقه التقليدي على إعتبار أن سلطة التصرف بنوعيه، المادي والقانوني، مميزة لحق الملكية عن غيره من الحقوق العينية، وقد كان هذا محل من بعض الفقهاء الذين ذهبوا إلى أن سلطة التصرف المادي وحدها هي التي من حق الملكية عن غيره من الحقوق، أما التصرف القانوني فهو لا يرد على الشيء ذاته، وإنما يرد على الحق المقرر عليه فهو ليس من العناصر المكونة و معين وإنما هو رخصة لصاحب أي حق في أن ينقل حقه، أو بعض ما خوله له حقه من سلطات إلى الغير.

ومع ذلك فإن سلطة المالك في هذا الشأن أوسع مدى مما لغيره من أصحاب الفرق الأخرى، إذ هي سلطة كاملة تشمل الرقبة والمنفعة معاً ولذلك يمكن أن تم من ذلك مبرراً لما جرى عليه الفقه من القول بأن سلطة التصرف ترحية، تمیز حق الملكية عن غيره من الحقوق، فسلطته في التصرف القانوني أوسع مدي، فضلاً عن أن له وحده سلطة التصرف المادي. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : الحادي عشر ، الصفحة : 3)

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الرابع عشر ، الصفحة / 20

تَمَلُّكٌ

التَّعْرِيفُ:

1 - التَّمَلُّكُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ تَمَلَّكَ وَيَأْتِي مُطَاوِعًا لِمَلّكَ. وَثُلاَثِيُّهُ مَلَكَ يُقَالُ: مَلَكَ الشَّيْءَ إِذَا احْتَوَاهُ قَادِرًا عَلَى الاِسْتِبْدَادِ بِهِ.

وَمَلَّكَهُ تَمْلِيكًا جَعَلَهُ يَمْلِكُ، وَتَمَلَّكَ الشَّيْءَ تَمَلُّكًا: مَلَكَهُ قَهْرًا .

وَالْمِلْكُ قُدْرَةٌ يُثْبِتُهَا الشَّرْعُ ابْتِدَاءً عَلَى التَّصَرُّفِ .

وَعَرَّفَهُ ابْنُ السُّبْكِيّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: بِأَنَّهُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يُقَدَّرُ فِي عَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ يَقْتَضِي تَمَكُّنَ مَنْ يُنْسَبُ إِلَيْهِ مِنَ انْتِفَاعِهِ بِهِ، وَالْعِوَضُ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ كَذَلِكَ .

وَعَرَّفَهُ الْجُرْجَانِيِّ بِأَنَّهُ اتِّصَالٌ شَرْعِيٌّ بَيْنَ الإْنْسَانِ وَبَيْنَ شَيْءٍ يَكُونُ مُطْلَقًا لِتَصَرُّفِهِ فِيهِ وَحَاجِزًا عَنْ تَصَرُّفِ غَيْرِهِ فِيهِ .

وَعِنْدَ التَّدْقِيقِ نَجِدُ أَنَّ التَّعْرِيفَاتِ الاِصْطِلاَحِيَّةَ لاَ تَخْرُجُ عَنِ التَّعْرِيفِ اللُّغَوِيِّ.

الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الاِخْتِصَاصُ:

2 - الاِخْتِصَاصُ مَصْدَرُ اخْتَصَّ بِالشَّيْءِ أَيِ انْفَرَدَ بِهِ. وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ التَّمَلُّكِ.

ب - الْحِيَازَةُ:

3 - الْحِيَازَةُ: مَصْدَرُ حَازَ وَهِيَ الضَّمُّ، فَكُلُّ مَنْ ضَمَّ شَيْئًا إِلَى نَفْسِهِ فَقَدْ حَازَهُ .

وَهِيَ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ.

حُكْمُهُ:

4 - يَخْتَلِفُ حُكْمُ التَّمَلُّكِ بِاخْتِلاَفِ مَوْضُوعِهِ: فَتَجْرِي فِيهِ الأْحْكَامُ التَّكْلِيفِيَّةُ كَمَا تَجْرِي فِيهِ الأْحْكَامُ الْوَضْعِيَّةُ مِنَ الصِّحَّةِ وَالْبُطْلاَنِ، وَالْفَسَادِ حَسَبَ شَرْعِيَّةِ أَسْبَابِهِ، وَالْخُلُوِّ مِنَ الْمَوَانِعِ.

شُرُوطُ التَّمَلُّكِ وَأَسْبَابُهُ:

5 - التَّمَلُّكُ مِنْ خَصَائِصِ الإْنْسَانِ، فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ صَلاَحِيَةُ التَّمَلُّكِ

وَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ التَّمَلُّكِ شَرْطَانِ أَسَاسِيَّانِ هُمَا:

أ - أَهْلِيَّةُ الْمُتَمَلِّكِ.

ب - عَدَمُ قِيَامِ الْمَانِعِ مِنَ التَّمَلُّكِ.

6 - وَلَهُ أَسْبَابٌ مِنْهَا: الْمُعَاوَضَاتُ (كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَنَحْوِهِ) وَالْمِيرَاثُ وَالْهِبَاتُ، وَالصَّدَقَاتُ، وَالْوَصَايَا، وَالْوَقْفُ، وَالْغَنِيمَةُ، وَالاِسْتِيلاَءُ عَلَى الْمُبَاحِ، وَإِحْيَاءُ الْمَوَاتِ، وَتَمَلُّكُ اللُّقَطَةِ بِشَرْطِهِ، وَدِيَةُ الْقَتِيلِ وَالْغُرَّةُ، وَالْمَغْصُوبُ إِذَا خُلِطَ بِمَالِ الْغَاصِبِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ، فَيَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ وَيَثْبُتُ الْعِوَضُ فِي ذِمَّتِهِ .

أَنْوَاعُ التَّمَلُّكِ:

7 - الأْصْلُ فِي التَّمَلُّكِ الاِخْتِيَارُ، فَلاَ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ إِنْسَانٍ شَيْءٌ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ.

وَلَكِنَّ الْفُقَهَاءَ ذَكَرُوا بَعْضَ حَالاَتٍ، يَتَمَلَّكُ الإْنْسَانُ فِيهَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ؛ لأِنَّ طَبِيعَةَ السَّبَبِ تَقْتَضِي حُدُوثَ الْمِلْكِ تِلْقَائِيًّا مِنْهَا: الإْرْثُ فَيَتَمَلَّكُ الْوَارِثُ تَرِكَةَ مُوَرِّثِهِ تَمَلُّكًا قَهْرِيًّا بِمُجَرَّدِ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ، وَيُنْظَرُ التَّفْصِيلُ فِي (إِرْثٌ ).

وَمِنْهَا: الْوَصِيَّةُ إِذَا قُلْنَا: إِنَّ الْمُوصَى بِهِ يُمْلَكُ بِمَوْتِ الْمُوصِي وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَفِيمَا إِذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْلَ الْقَبُولِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ مِلْكًا قَهْرِيًّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.

وَمِنْهَا: إِذَا طَلَّقَ الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ نِصْفَ الصَّدَاقِ قَهْرًا.

وَمِنْهَا: الْمَرْدُودُ بِالْعَيْبِ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ يَمْلِكُهُ الْبَائِعُ قَهْرًا.

وَمِنْهَا: أَرْشُ الْجِنَايَةِ، وَثَمَنُ الشِّقْصِ فِي الشُّفْعَةِ .

وَمِنْهَا: اللُّقَطَةُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ سَنَةً تَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُلْتَقِطِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ قَهْرًا . وَالتَّفْصِيلُ فِي (لُقَطَةٌ).

وَالتَّمَلُّكُ الاِخْتِيَارِيُّ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ السَّبَبِ، فَالْمَبِيعُ وَنَحْوُهُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ يُمْلَكُ بِتَمَامِ الْعَقْدِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِيَارٌ، وَهَذَا مَحَلُّ اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ. وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (عَقْدٌ).

تَمَلُّكُ الأْجْرَةِ:

8 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا تُمْلَكُ بِهِ الأْجْرَةُ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالإْمَامُ أَحْمَدُ إِلَى أَنَّهَا تُمْلَكُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ كَالْمَبِيعِ إِذَا لَمْ يَشْتَرِطِ الْمُسْتَأْجِرُ التَّأْجِيلَ .

وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: تُمْلَكُ بِالاِسْتِيفَاءِ، أَوِ التَّمَكُّنِ، أَوْ بِالتَّعْجِيلِ، أَوْ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ .

تَمَلُّكُ الْقَرْضِ:

9 - فِيمَا يُمْلَكُ بِهِ الْقَرْضُ قَوْلاَنِ: لِكُلٍّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ، وَالثَّانِي يُمْلَكُ بِالتَّصَرُّفِ. وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: يُمْلَكُ بِالْعَقْدِ وَيَصِيرُ مَالاً لِلْمُقْتَرِضِ فَيُقْضَى عَلَى الْمُقْرِضِ بِدَفْعِهِ لَهُ .

تَمَلُّكُ رِبْحِ الْقِرَاضِ:

10 - عَامِلُ الْقِرَاضِ يَمْلِكُ نَصِيبَهُ مِنَ الرِّبْحِ بِالظُّهُورِ أَوْ بِالْقِسْمَةِ عَلَى اخْتِلاَفٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.

وَالتَّفْصِيلُ فِي (مُضَارَبَةٌ).

تَمَلُّكُ نَصِيبِ الْعَامِلِ فِي الْمُسَاقَاةِ:

11 - عَامِلُ الْمُسَاقَاةِ يَمْلِكُ نَصِيبَهُ مِنَ الثَّمَرِ بِالظُّهُورِ، وَالتَّفْصِيلُ فِي (مُسَاقَاةٌ).

تَمَلُّكُ الشِّقْصِ فِي الشُّفْعَةِ:

12 - يَتَمَلَّكُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بِلَفْظٍ يُشْعِرُ بِالتَّمَلُّكِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَيَمْلِكُ بِالتَّرَاضِي، أَوْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.

وَيَمْلِكُ بِحُكْمٍ، أَوْ إِشْهَادٍ، أَوْ دَفْعِ ثَمَنٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ .

وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (شِقْصٌ).

تَمَلُّكُ الصَّدَاقِ:

13 - يُمْلَكُ الصَّدَاقُ بِالْعَقْدِ. وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (صَدَاقٌ).

تَمَلُّكُ الْغَنِيمَةِ:

14 - تَمَلُّكُ الْغَنِيمَةِ بِالاِسْتِيلاَءِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ،

وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تُمْلَكُ بِالْقِسْمَةِ، أَوِ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ بَعْدَ الْحِيَازَةِ .

وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (غَنِيمَةٌ).

تَمَلُّكُ الْمَوْهُوبِ:

15 - يُمْلَكُ الْمَوْهُوبُ بِالْقَبْضِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ.

وَفَرَّقَ الْحَنَابِلَةُ بَيْنَ مَا يُوزَنُ أَوْ يُكَالُ، وَبَيْنَ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ، فَالْمَوْزُونُ أَوِ الْمَكِيلُ يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ، أَمَّا غَيْرُهُمَا فَيُمْلَكُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ .

وَالتَّفْصِيلُ فِي (هِبَةٌ).

تَمَلُّكُ أَرْضِ الْمَوَاتِ:

16 - تُمْلَكُ أَرْضُ الْمَوَاتِ بِالإْحْيَاءِ، وَهَذَا مَحَلُّ اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ. أَمَّا مَا يُعْتَبَرُ إِحْيَاءً، فَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إِلَى مُصْطَلَحِ: (إِحْيَاءُ الْمَوَاتِ).

تَمَلُّكُ الْمُبَاحَاتِ:

17 - يَتَمَلَّكُ الإْنْسَانُ بِالْحِيَازَةِ كُلَّ مُبَاحٍ مِثْلَ الْحَشِيشِ، وَالْحَطَبِ، وَالثِّمَارِ الْمَأْخُوذَةِ مِنَ الْجِبَالِ، وَمَا يَنْبِذُهُ النَّاسُ رَغْبَةً عَنْهُ، أَوْ يَضِيعُ عَنْهُمْ مِمَّا لاَ تَتْبَعُهُ النَّفْسُ . (ر: حِيَازَةٌ).

تَمْلِيكٌ

التَّعْرِيفُ:

1 - التَّمْلِيكُ مَصْدَرُ مَلَّكَهُ الشَّيْءَ إِذَا جَعَلَهُ مِلْكًا لَهُ، وَفِعْلُهُ الثُّلاَثِيُّ (مَلَكَ). وَمَلَكَ الشَّيْءَ:

احْتَوَاهُ، قَادِرًا عَلَى الاِسْتِبْدَادِ بِهِ .

وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَالُ الْفُقَهَاءِ لِهَذَا اللَّفْظِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ . وَيُنْظَرُ مَا سَبَقَ فِي (تَمَلُّكٌ)

وَالإْمْلاَكُ وَالتَّمْلِيكُ: التَّزْوِيجُ.

الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الإْبْرَاءُ:

2 - الإْبْرَاءُ لُغَةً التَّنْزِيهُ وَالتَّخْلِيصُ وَالْمُبَاعَدَةُ عَنِ الشَّيْءِ.

وَاصْطِلاَحًا إِسْقَاطُ الشَّخْصِ حَقًّا لَهُ فِي ذِمَّةِ آخَرَ أَوْ قِبَلَهُ، وَهَذَا عِنْدَ مَنْ يَعْتَبِرُ الإْبْرَاءَ مِنَ الدَّيْنِ إِسْقَاطًا مَحْضًا، وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ يَعْتَبِرُ الإْبْرَاءَ تَمْلِيكًا، وَيُسْتَفَادُ مِنْ كَلاَمِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الإْبْرَاءَ يَشْتَمِلُ عَلَى الإْسْقَاطِ وَالتَّمْلِيكِ مَعًا، لَكِنْ قَدْ تَكُونُ الْغَلَبَةُ لأِحَدِهِمَا فِي مَسْأَلَةٍ دُونَ أُخْرَى فَالإْبْرَاءُ أَعَمُّ مِنَ التَّمْلِيكِ .

ب - الإْسْقَاطُ:

3 - الإْسْقَاطُ لُغَةً: الإْيقَاعُ وَالإْلْقَاءُ.

وَاصْطِلاَحًا هُوَ إِزَالَةُ الْمِلْكِ أَوِ الْحَقِّ لاَ إِلَى مَالِكٍ وَلاَ إِلَى مُسْتَحِقٍّ وَتَسْقُطُ بِذَلِكَ الْمُطَالَبَةُ بِهِ؛ لأِنَّ السَّاقِطَ يَنْتَهِي وَيَتَلاَشَى وَلاَ يَنْتَقِلُ.

وَذَلِكَ كَالطَّلاَقِ وَالْعِتْقِ وَالْعَفْوِ عَنِ الْقِصَاصِ.

وَيَخْتَلِفُ التَّمْلِيكُ عَنِ الإْسْقَاطِ فِي أَنَّ التَّمْلِيكَ إِزَالَةٌ وَنَقْلٌ إِلَى مَالِكٍ فِي حِينِ أَنَّ الإْسْقَاطَ إِزَالَةٌ وَلَيْسَ نَقْلاً كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ إِلَى مَالِكٍ .

فَالإْسْقَاطُ أَعَمُّ مِنَ التَّمْلِيكِ.

مَحَلُّ التَّمْلِيكِ:

4 - قَدْ يَتَعَلَّقُ التَّمْلِيكُ بِمَحَلٍّ مُحَقَّقٍ كَتَمْلِيكِ الأْعْيَانِ، وَقَدْ يَتَعَلَّقُ بِمَحَلٍّ مُقَدَّرٍ كَتَمْلِيكِ مَنَافِعِ الأْبْضَاعِ، أَوْ مَنَافِعِ الأْعْيَانِ فِي الإْجَارَةِ أَوِ الإْعَارَةِ فَإِنَّ مَنَافِعَهَا مُقَدَّرَةٌ تَعَلَّقَ بِهَا تَمْلِيكٌ مُقَدَّرٌ .

وَتَمْلِيكُ الأْعْيَانِ قَدْ يَكُونُ بِعِوَضٍ وَقَدْ يَكُونُ بِلاَ عِوَضٍ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، كَمَا أَنَّ تَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ قَدْ يَكُونُ بِعِوَضٍ كَالإْجَارَةِ وَقَدْ يَكُونُ بِلاَ عِوَضٍ كَالْعَارِيَّةِ .

وَيُرْجَعُ فِي التَّفْصِيلِ فِي كُلٍّ مِنْهَا إِلَى مَوْضِعِهِ.

وَأَمَّا تَمْلِيكُ الدَّيْنِ فَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْمُغْنِي: وَإِنْ وَهَبَ الدَّيْنَ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ بَاعَهُ إِيَّاهُ لَمْ يَصِحَّ، وَبِهِ قَالَ فِي الْبَيْعِ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ. قَالَ أَحْمَدُ: إِذَا كَانَ لَك عَلَى رَجُلٍ طَعَامٌ قَرْضًا فَبِعْهُ مِنَ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ بِنَقْدٍ وَلاَ تَبِعْهُ مِنْ غَيْرِهِ بِنَقْدٍ وَلاَ نَسِيئَةٍ، وَإِذَا أَقْرَضْت رَجُلاً دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فَلاَ تَأْخُذْ مِنْ غَيْرِهِ عَرَضًا بِمَا لَك عَلَيْهِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى مُعْسِرٍ أَوْ مُمَاطِلٍ أَوْ جَاحِدٍ لَهُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ؛ لأِنَّهُ مَعْجُوزٌ عَنْ تَسْلِيمِهِ وَإِنْ كَانَ عَلَى مَلِيءٍ بَاذِلٍ لَهُ فَفِيهِ قَوْلاَنِ .

وَأَمَّا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فَيَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ بِشُرُوطٍ مُعَيَّنَةٍ.

وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ وَالْخِلاَفُ فِيهِ فِي مُصْطَلَحِ: (دَيْنٌ).

تَمْلِيكُ الأْعْيَانِ الْمُشْتَرَاةِ قَبْلَ الْقَبْضِ:

5 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاء ِ فِي جَوَازِ التَّصَرُّفِ بِالتَّمْلِيكِ فِي الْمَمْلُوكَاتِ بَعْدَ قَبْضِهَا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ التَّصَرُّفِ فِيهَا بِالتَّمْلِيكِ قَبْلَ قَبْضِهَا.

وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:

تَمْلِيكُ الأْعْيَانِ الْمُشْتَرَاةِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِالْبَيْعِ:

ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ - وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإْمَامِ أَحْمَدَ - وَهُوَ قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ تَمْلِيكِ الْمَبِيعِ بِالْبَيْعِ قَبْلَ قَبْضِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ طَعَامًا أَمْ غَيْرَهُ.

وَاسْتَدَلُّوا بِنَهْيِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ . وَبِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم لَمَّا بَعَثَ عَتَّابَ بْنَ أُسَيْدٍ إِلَى مَكَّةَ قَالَ: انْهَهُمْ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يَقْبِضُوهُ، وَعَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يَضْمَنُوهُ . وَلأِنَّهُ لَمْ يَتِمَّ الْمِلْكُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ كَغَيْرِ الْمُتَعَيَّنِ .

وَالْحَنَفِيَّةُ يَسْتَثْنُونَ الْعَقَارَ الْمَبِيعَ وَيُجِيزُونَ تَمْلِيكَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لاِنْتِفَاءِ غَرَرِ الاِنْفِسَاخِ .

وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ جَوَازَ تَمْلِيكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِالْبَيْعِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَطْعُومًا وَاسْتَدَلُّوا عَلَى عَدَمِ جَوَازِ تَمْلِيكِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِمَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم قَالَ: «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلاَ يَبِعْهُ حَتَّى يَكْتَالَهُ».

وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ أَنَّ هَذَا النَّهْيَ تَعَبُّدِيٌّ فَلاَ يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُ الطَّعَامِ عِنْدَهُمْ.

وَقِيلَ: إِنَّهُ مَعْقُولُ الْمَعْنَى؛ لأِنَّ الشَّارِعَ لَهُ غَرَضٌ فِي ظُهُورِهِ، فَلَوْ أُجِيزَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَبَاعَ أَهْلُ الأْمْوَالِ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ مِنْ غَيْرِ ظُهُورٍ بِخِلاَفِ مَا إِذَا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَنْتَفِعُ الْكَيَّالُ وَالْحَمَّالُ، وَيَظْهَرُ لِلْفُقَرَاءِ فَتَقْوَى بِهِ قُلُوبُ النَّاسِ لاَ سِيَّمَا فِي زَمَنِ الْمَسْغَبَةِ وَالشِّدَّةِ .

وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ تَحْتَ عُنْوَانِ (بَيْعُ مَا لَمْ يُقْبَضْ).

تَمْلِيكُ الأْعْيَانِ الْمُشْتَرَاةِ بِغَيْرِ الْبَيْعِ:

6 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ - وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ - أَنَّ الأْعْيَانَ الْمُشْتَرَاةَ يَجُوزُ تَمْلِيكُهَا بِغَيْرِ الْبَيْعِ قَبْلَ قَبْضِهَا، وَالْحَنَفِيَّةُ يَسْتَثْنُونَ مِنْ ذَلِكَ تَمْلِيكَ مَنَافِعِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِالإْجَارَةِ؛ لأِنَّ الْمَنَافِعَ بِمَنْزِلَةِ الْمَنْقُولِ فَيُمْنَعُ جَوَازُ تَمْلِيكِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ .

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الأْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ تَمْلِيكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِالْهِبَةِ وَالإْجَارَةِ . وَقَدْ فَصَّلَ الْفُقَهَاءُ الْقَوْلَ فِيمَا يَصِحُّ مِنْ تَصَرُّفَاتٍ فِي الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ. يُنْظَرُ فِي مَوَاطِنِهِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ وَفِي مُصْطَلَحِ: (قَبْضٌ).

تَمْلِيكُ الاِنْتِفَاعِ:

7 - تَمْلِيكُ الاِنْتِفَاعِ عِبَارَةٌ عَنِ الإْذْنِ لِلشَّخْصِ فِي أَنْ يُبَاشِرَ الاِنْتِفَاعَ هُوَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ كَالإْذْنِ فِي سُكْنَى الْمَدَارِسِ، وَالرُّبُطِ، وَالْمَجَالِسِ، وَالْجَوَامِعِ وَالْمَسَاجِدِ، وَالأَْسْوَاقِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَلِمَنْ أُذِنَ لَهُ ذَلِكَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ، وَيَمْتَنِعَ فِي حَقِّهِ أَنْ يُؤَاجِرَ أَوْ يَمْلِكَ بِطَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ الْمُعَاوَضَاتِ أَوْ يُسْكِنَ غَيْرَهُ الْبَيْتَ الْمَوْقُوفَ، أَوْ غَيْرَهُ مِنْ بَقِيَّةِ النَّظَائِرِ الْمَذْكُورَةِ .

وَلِلتَّفْصِيلِ ر: انْتِفَاعٌ.

تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ:

8 - تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ عِبَارَةٌ عَنِ الإْذْنِ لِلشَّخْصِ فِي أَنْ يُبَاشِرَ اسْتِيفَاءَ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ أَوْ يُمَكِّنَ غَيْرَهُ مِنَ الاِنْتِفَاعِ كَالإْجَارَةِ. فَمَنِ اسْتَأْجَرَ دَارًا كَانَ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهَا مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ يَسْكُنَهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَأَنْ يَتَصَرَّفَ فِي هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ تَصَرُّفَ الْمُلاَّكِ فِي أَمْلاَكِهِمْ عَلَى جَرْيِ الْعَادَةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي مَلَكَهُ، فَهُوَ تَمْلِيكٌ مُطْلَقٌ فِي زَمَنٍ خَاصٍّ حَسْبَمَا تَنَاوَلَهُ عَقْدُ الإْجَارَةِ. فَمَنِ اسْتَأْجَرَ شَيْئًا مُدَّةً مُعَيَّنَةً، كَانَتْ لَهُ الْمَنْفَعَةُ فِي تَمَلُّكِ الْمُدَّةِ مِلْكًا عَلَى الإْطْلاَقِ يَتَصَرَّفُ كَمَا يَشَاءُ بِجَمِيعِ الأْنْوَاعِ السَّائِغَةِ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَنْفَعَةِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ مَا دَامَتِ الْعَيْنُ لاَ تَتَأَثَّرُ بِاخْتِلاَفِ الْمُسْتَعْمِلِ، وَيَكُونُ تَمْلِيكُ هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ كَتَمْلِيكِ الأْعْيَانِ .

وَلِلتَّوَسُّعِ فِي ذَلِكَ (ر: مَنْفَعَةٌ).

 

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثامن عشر ، الصفحة / 28

الْعَيْنُ:

23 - الْعَيْنُ مَا تَحْتَمِلُ التَّعْيِينَ مُطْلَقًا جِنْسًا وَنَوْعًا وَقَدْرًا وَصِفَةً كَالْعُرُوضِ مِنَ الثِّيَابِ، وَالْعَقَارِ مِنَ الأْرْضِينَ وَالدُّورِ، وَالْحَيَوَانِ مِنَ الدَّوَابِّ، وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ.

وَمَالِكُ الْعَيْنِ يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالنَّقْلِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. أَمَّا التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالإْسْقَاطِ بِأَنْ يَقُولَ الشَّخْصُ: أَسْقَطْتُ مِلْكِي فِي هَذِهِ الدَّارِ لِفُلاَنٍ، يُرِيدُ بِذَلِكَ زَوَالَ مِلْكِهِ وَثُبُوتَهُ لِغَيْرِهِ فَقَدْ قَالَ الْفُقَهَاءُ: إِنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ، لأِنَّ الأْعْيَانَ لاَ تَقْبَلُ الإْسْقَاطَ وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ، إِذْ أَنَّ الْعِتْقَ يُعْتَبَرُ إِسْقَاطًا لِمِلْكِ الرَّقَبَةِ وَهِيَ عَيْنٌ، وَالْوَقْفُ كَذَلِكَ يُعْتَبَرُ إِسْقَاطًا لِلْمِلْكِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ.

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثاني والثلاثون ، الصفحة / 295

الْمَسْأَلَةُ الأْولَى: بَيْعُ الأْعْيَانِ الْمُشْتَرَاةِ قَبْلَ قَبْضِهَا:

61 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ بَيْعِ الأْعْيَانِ الْمُشْتَرَاةِ قَبْلَ قَبْضِهَا عَلَى سِتَّةِ أَقْوَالٍ:

أَحَدُهَا: لاَ يَجُوزُ بَيْعُ الْمُشْتَرَى قَبْلَ قَبْضِهِ مُطْلَقًا، مَطْعُومًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَطْعُومٍ، عَقَارًا كَانَ أَوْ مَنْقُولاً، سَوَاءٌ بِيعَ مُقَدَّرًا أَوْ جُزَافًا، وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ وَالثَّوْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ .

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لاَ يَجُوزُ بَيْعُ الْمُشْتَرَى قَبْلَ قَبْضِهِ، مَطْعُومًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَطْعُومٍ، وَسَوَاءٌ بِيعَ مُقَدَّرًا أَمْ جُزَافًا، إلاَّ الْعَقَارَ الَّذِي لاَ يُخْشَى هَلاَكُهُ، فَيَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، فَإِنْ تُصُوِّرَ هَلاَكُهُ، بِأَنْ كَانَ عُلُوًّا أَوْ عَلَى شَطِّ نَهْرٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ، لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ كَسَائِرِ الْمَنْقُولاَتِ، وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ، وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ .

الْقَوْلُ الثَّالِثُ: يَجُوزُ بَيْعُ الْمُشْتَرَى قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَطْعُومًا، فَإِنْ كَانَ مَطْعُومًا فَلاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ إذَا كَانَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ - مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ ذَرْعٍ أَوْ عَدٍّ - سَوَاءٌ أَكَانَ الطَّعَامُ رِبَوِيًّا أَمْ غَيْرَ رِبَوِيٍّ، أَمَّا مَا اشْتَرَاهُ جُزَافًا - أَيْ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ عَلَى التَّحْدِيدِ - فَيَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَلَكِنْ بِشَرْطِ تَعْجِيلِ الثَّمَنِ، كَيْ لاَ يُؤَدِّيَ إلَى بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ .

الْقَوْلُ الرَّابِعُ: يَجُوزُ بَيْعُ غَيْرِ الْمَطْعُومِ قَبْلَ قَبْضِهِ، أَمَّا الْمَطْعُومُ فَلاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ اُشْتُرِيَ جُزَافًا أَوْ مُقَدَّرًا بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ ذَرْعٍ أَوْ عَدٍّ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ، وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ .

الْقَوْلُ الْخَامِسُ: لاَ يَجُوزُ بَيْعُ مَا اشْتَرَاهُ مُقَدَّرًا بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ ذَرْعٍ أَوْ عَدٍّ قَبْلَ قَبْضِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مَطْعُومًا أَوْ غَيْرَ مَطْعُومٍ، فَإِنِ اُشْتُرِيَ بِغَيْرِ تَقْدِيرٍ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ وَالْمُعْتَمَدُ فِي مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ .

الْقَوْلُ السَّادِسُ: جَوَازُ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا أَمْ مَنْقُولاً، وَسَوَاءٌ أَكَانَ مَطْعُومًا أَوْ غَيْرَ مَطْعُومٍ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ أَمْ لَمْ يَكُنْ، وَبِهَذَا قَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ .

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا قَوْلٌ مَرْدُودٌ بِالسُّنَّةِ وَالْحُجَّةِ الْمُجْمَعَةِ عَلَى الطَّعَامِ، وَأَظُنُّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ هَذَا الْحَدِيثُ، وَمِثْلُ هَذَا لاَ يُلْتَفَتُ إلَيْهِ .

وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (بَيْعٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ ف 42 إلَى ف 52).

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / التاسع والثلاوثون ، الصفحة / 31

مِلْكٌ

التَّعْرِيفُ:

1 - الْمِلْكُ لُغَةً - بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَضَمِّهَا -: هُوَ احْتِوَاءُ الشَّيْءِ وَالْقُدْرَةُ عَلَى الاِسْتِبْدَادِ بِهِ وَالتَّصَرُّفُ بِانْفِرَادِ .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ: يُعَبِّرُ الْفُقَهَاءُ الْمُحْدَثُونَ بِلَفْظِ الْمِلْكِيَّةِ عَنِ الْمِلْكِ، لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ قَبْلَهُمْ يُعَبِّرُونَ بِلَفْظِ الْمِلْكِ.

وَقَدْ عَرَّفَ الْقَرَافِيُّ الْمِلْكَ - بِاعْتِبَارِهِ حُكْمًا شَرْعِيًّا - فَقَالَ: الْمِلْكُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ مُقَدَّرٌ فِي الْعَيْنِ أَوِ الْمَنْفَعَةِ، يَقْتَضِي تَمَكُّنَ مَنْ يُضَافُ إِلَيْهِ مِنَ انْتِفَاعِهِ بِالْمَمْلُوكِ وَالْعِوَضِ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ كَذَلِكَ .

وَقَالَ ابْنُ الشَّاطِ: الْمِلْكُ هُوَ تَمَكُّنُ الإْنْسَانِ شَرْعًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِنِيَابَةِ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِالْعَيْنِ أَوْ بِالْمَنْفَعَةِ وَمِنْ أَخْذِ الْعِوَضِ، أَوْ تَمَكُّنِهِ مِنَ الاِنْتِفَاعِ خَاصَّةً .

الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

الْحَقُّ:

2 - يُطْلَقُ الْحَقُّ لُغَةً عَلَى نَقْضِ الْبَاطِلِ وَعَلَى الْحَظِّ، وَالنَّصِيبِ، وَالثَّابِتِ وَالْمَوْجُودِ، وَالشَّيْءُ الَّذِي لاَ يَنْبَغِي إِنْكَارُهُ .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ يُطْلَقُ عَلَى الْوَاجِبِ الثَّابِتِ الَّذِي يَشْمَلُ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى، وَحُقُوقِ الْعِبَادِ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْمِلْكِ: أَنَّ الْحَقَّ أَعَمُّ مِنَ الْمِلْكِ.

الأْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمِلْكِ:

يَتَعَلَّقُ بِالْمِلْكِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:

حُرْمَةُ الْمِلْكِ فِي الإْسْلاَمِ

3 - صَانَ الإْسْلاَمُ الْمِلْكَ، فَحَرَّمَ الاِعْتِدَاءَ عَلَيْهِ، وَالأْدِلَّةُ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرَةٌ، مِنْهَاقوله تعالي : (وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ» . وَقَوْلُهُ صلي الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإْسْلاَمِ ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ».

قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: الْقَاعِدَةُ الْمُعْتَبَرَةُ أَنَّ الْمُلاَّكَ مُخْتَصُّونَ بِأَمْلاَكِهِمْ، لاَ يُزَاحِمُ أَحَدٌ مَالِكًا فِي مِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ حَقٍّ مُسْتَحَقٍّ، ثُمَّ الضَّرُورَةُ تُحْوِجُ مُلاَّكَ الأْمْوَالِ إِلَى التَّبَادُلِ فِيهَا... فَالأْمْرُ الَّذِي لاَ شَكَّ فِيهِ تَحْرِيمُ التَّسَالُبِ وَالتَّغَالُبِ وَمَدِّ الأْيْدِي إِلَى أَمْوَالِ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: وَالرَّجُلُ أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ .

وَقَدْ جَعَلَ الإْسْلاَمُ مِلْكَ الأْمْوَالِ اسْتِخْلاَفًا وَمِنْحَةً رَبَّانِيَّةً، لأِنَّ الْمَالِكَ الْحَقِيقِيَّ لِلأْمْوَالِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَكِنَّهُ أَعْطَى لِلإْنْسَانِ حَقَّ التَّمَلُّكِ وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى الأْمْوَالِ، قَالَ تَعَالَى : (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) وَقَالَ تَعَالَى : (وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ) .

وَالآْيَاتُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ، وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِهَا: إِنَّ الأْمْوَالَ الَّتِي فِي أَيْدِيكُمْ إِنَّمَا هِيَ أَمْوَالُ اللَّهِ بِخَلْقِهِ وَإِنْشَائِهِ لَهَا، وَإِنَّمَا خَوَّلَكُمُ الاِسْتِمْتَاعَ بِهَا، وَجَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ فِي التَّصَرُّفِ فِيهَا، فَلَيْسَتْ هِيَ بِأَمْوَالِكُمْ فِي الْحَقِيقَةِ، وَمَا أَنْتُمْ فِيهَا إِلاَّ بِمَنْزِلَةِ الْوُكَلاَءِ .

وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ فِي الأْمْوَالِ حُقُوقًا لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَلِلأْقَارِبِ وَنَحْوِهِمْ.

أَقْسَامُ الْمِلْكِ:

لِلْمِلْكِ أَقْسَامٌ بِاعْتِبَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ:

- فَهُوَ بِاعْتِبَارِ حَقِيقَتِهِ:إمَّا مِلْكٌ تَامٌّ أَوْ نَاقِصٌ.

- وَبِاعْتِبَارِ الْمُسْتَفِيدِ مِنْهُ: إِمَّا مِلْكٌ عَامٌّ أَوْ خَاصٌّ.

- وَبِاعْتِبَارِ سَبَبِهِ: إِمَّا مِلْكٌ اخْتِيَارِيٌّ أَوْ جَبْرِيٌّ.

- وَبِاعْتِبَارِ احْتِمَالِ سُقُوطِهِ: إِمَّا مِلْكٌ مُسْتَقِرٌّ أَوْ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ.

أ - أَقْسَامُ الْمِلْكِ بِاعْتِبَارِ حَقِيقَتِهِ

4 - يَنْقَسِمُ الْمِلْكُ بِاعْتِبَارِ حَقِيقَتِهِ إِلَى مِلْكٍ تَامٍّ وَمِلْكٍ نَاقِصٍ.

وَالْمِلْكُ التَّامُّ: هُوَ مِلْكُ الرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ، وَالْمِلْكُ النَّاقِصُ: هُوَ مِلْكُ الرَّقَبَةِ فَقَطْ، أَوِ الْمَنْفَعَةِ فَقَطْ، أَوِ الاِنْتِفَاعِ فَقَطْ.

يَقُولُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: الْمِلْكُ التَّامُّ يُمْلَكُ فِيهِ التَّصَرُّفُ فِي الرَّقَبَةِ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، وَيُورَثُ عَنْهُ، وَيُمْلَكُ التَّصَرُّفُ فِي مَنَافِعِهِ بِالإْعَارَةِ وَالإْجَارَةِ وَالاِنْتِفَاعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .

وَقَدْ عَبَّرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِالْمِلْكِ الضَّعِيفِ بَدَلَ النَّاقِصِ، يَقُولُ الزَّرْكَشِيُّ: الْمِلْكُ قِسْمَانِ: تَامٌّ وَضَعِيفٌ، فَالتَّامُّ يَسْتَتْبِعُ جَمِيعَ التَّصَرُّفَاتِ، وَالضَّعِيفُ بِخِلاَفِهِ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ مُصْطَلَحُ النَّاقِصِ أَيْضًا .

ثُمَّ إِنَّ الأْصْلَ فِي الْمِلْكِ هُوَ الْمِلْكُ التَّامُّ، وَأَنَّ الْمِلْكَ النَّاقِصَ خِلاَفُ الأْصْلِ ، كَمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ الْمِلْكِ هُوَ الاِنْتِفَاعُ بِالأْشْيَاءِ .

وَلِذَلِكَ جَاءَ مِلْكُ الرَّقَبَةِ دُونَ الْمَنْفَعَةِ نَاقِصًا، كَأَنْ يُوصِيَ بِمَنْفَعَةِ عَيْنٍ لِشَخْصِ، أَوْ أَنْ يُوصِيَ بِالرَّقَبَةِ لِشَخْصِ وَبِمَنْفَعَتِهَا لآِخَرَ .

أَمَّا مِلْكُ الْمَنَافِعِ: فَهُوَ مشَاعٌ، وَيَتَحَقَّقُ فِي الإْجَارَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَالإْعَارَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَعِيرِ، وَالْوَصِيَّةِ بِالْمَنْفَعَةِ فَقَطْ، وَالْوَقْفِ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ، وَالأْرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ الْمُقَرَّةِ فِي يَدِ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ بِالْخَرَاجِ.

وَالْوَصِيَّةُ بِالْمَنَافِعِ جَائِزَةٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مَا عَدَا ابْنَ شُبْرُمَةَ وَابْنَ أَبِي لَيْلَى .

أَمَّا مِلْكُ الاِنْتِفَاعِ: فَقَدْ ذَكَرَهُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي تَفْصِيلِ أَحْكَامِهِ.

فَقَدْ قَسَّمَ ابْنُ رَجَبٍ الْحَنْبَلِيِّ الْمِلْكَ إِلَى أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ: مِلْكِ عَيْنٍ وَمَنْفَعَةٍ، وَمِلْكِ عَيْنٍ بِلاَ مَنْفَعَةٍ، وَمِلْكِ مَنْفَعَةٍ بِلاَ عَيْنٍ، وَمِلْكِ انْتِفَاعٍ مِنْ غَيْرِ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ، ثُمَّ قَالَ:

أَمَّا النَّوْعُ الأْوَّلُ: فَهُوَ عَامَّةُ الأْمْلاَكِ الْوَارِدَةِ عَلَى الأْعْيَانِ الْمَمْلُوكَةِ بِالأْسْبَابِ الْمُقْتَضِيَةِ لَهَا، مِنْ بَيْعٍ وَهِبَةٍ وَإِرْثٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

النَّوْعُ الثَّانِي: مِلْكُ الْعَيْنِ بِدُونِ مَنْفَعَةٍ.

النَّوْعُ الثَّالِثُ: مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ بِدُونِ عَيْنٍ وَهُوَ ثَابِتٌ بِالاِتِّفَاقِ، وَهُوَ ضَرْبَانِ:

الضَّرْبُ الأْوَّلُ: مِلْكٌ مُؤَبَّدٌ، وَيَنْدَرِجُ تَحْتَهُ صُوَرٌ: مِنْهَا الْوَصِيَّةُ بِالْمَنَافِعِ، وَمِنْهَا الْوَقْفُ، فَإِنَّ مَنَافِعَهُ وَثَمَرَاتِهِ مَمْلُوكَةٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ... وَمِنْهَا الأْرْضُ الْخَرَاجِيَّةُ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مِلْكٌ غَيْرُ مُؤَبَّدٍ، فَمِنْهُ الإْجَارَةُ، وَمِنْهُ مَنَافِعُ الْبَيْعِ الْمُسْتَثْنَاةُ فِي الْعَقْدِ مُدَّةً مَعْلُومَةً.

النَّوْعُ الرَّابِعُ: مِلْكُ الاِنْتِفَاعِ الْمُجَرَّدِ، وَلَهُ صُوَرٌ مُتَعَدِّدَةٌ: مِنْهَا مِلْكُ الْمُسْتَعِيرِ، فَإِنَّهُ يَمْلِكُ الاِنْتِفَاعَ لاَ الْمَنْفَعَةَ، إِلاَّ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ.

وَمِنْهَا: الْمُنْتَفِعُ بِمِلْكِ جَارِهِ مِنْ وَضْعِ خَشَبٍ، وَمَمَرٍّ فِي دَارٍ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ كَانَ بِعَقْدِ صُلْحٍ فَهُوَ إِجَارَةٌ.

وَمِنْهَا: إِقْطَاعُ الإْرْفَاقِ كَمَقَاعِدِ الأْسْوَاقِ وَنَحْوِهَا، وَمِنْهَا: الطَّعَامُ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ حِيَازَتِهِ يَمْلِكُ الْقَائِمُونَ الاِنْتِفَاعَ بِهِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَقِيَاسُهُ الأْكْلُ مِنَ الأْضْحِيَةِ وَالثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ وَنَحْوِهِ، وَمِنْهَا أَكْلُ الضَّيْفِ لِطَعَامِ الْمُضِيفِ فَإِنَّهُ إِبَاحَةٌ مَحْضَةٌ .

وَقَدْ فَصَّلَ الْقَرَافِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مِلْكِ الاِنْتِفَاعِ، وَمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ فَقَالَ: فَتَمْلِيكُ الاِنْتِفَاعِ نُرِيدُ بِهِ أَنْ يُبَاشِرَ هُوَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ، وَتَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ هُوَ أَعَمُّ وَأَشْمَلُ، فَيُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ وَيُمَكِّنُ غَيْرَهُ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِعِوَضٍ كَالإْجَارَةِ، وَبِغَيْرِ عِوَضٍ كَالْعَارِيَةِ.

وَمِثَالُ الأْوَّلِ - أَيِ الاِنْتِفَاعِ - سُكْنَى الْمَدَارِسِ وَالرِّبَاطِ وَالْمَجَالِسِ فِي الْجَوَامِعِ وَالْمَسَاجِدِ وَالأْسْوَاقِ وَمَوَاضِعِ النُّسُكِ كَالْمَطَافِ وَالْمَسْعَى وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ... أَمَّا مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ فَكَمَنِ اسْتَأْجَرَ دَارًا، أَوِ اسْتَعَارَهَا، فَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهَا مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ يُسْكِنَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَيَتَصَرَّفَ فِي هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ تَصَرُّفَ الْمُلاَّكِ فِي أَمْلاَكِهِمْ.

ثُمَّ ذَكَرَ أَرْبَعَ مَسَائِلَ تَدْخُلُ فِي مِلْكِ الاِنْتِفَاعِ وَهِيَ:

الأْولَى: النِّكَاحُ حَيْثُ هُوَ مِنْ بَابِ تَمْلِيكِ الاِنْتِفَاعِ، وَلَيْسَ تَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ.

الثَّانِيَةُ: الْوَكَالَةُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَهِيَ مِنْ بَابِ تَمْلِيكِ الاِنْتِفَاعِ لاَ مِنْ بَابِ تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ، وَأَمَّا الْوَكَالَةُ بِعِوَضٍ فَهِيَ مِنْ بَابِ الإْجَارَةِ.

الثَّالِثَةُ: الْقِرَاضُ (الْمُضَارَبَةُ) وَالْمُسَاقَاةُ وَالْمُغَارَسَةُ، فَرَبُّ الْمَالِ فِيهَا يَمْلِكُ مِنَ الْعَامِلِ الاِنْتِفَاعَ لاَ الْمَنْفَعَةَ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعَاوِضَ عَلَى مَا مَلَكَهُ مِنَ الْعَامِلِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلاَ يُؤَاجِرُهُ مِمَّنْ أَرَادَ، بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى الاِنْتِفَاعِ بِنَفْسِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي اقْتَضَاهُ عَقْدُ الْقِرَاضِ.

الرَّابِعَةُ: إِذَا وَقَفَ شَخْصٌ وَقْفًا عَلَى أَنْ يَسْكُنَ أَوْ عَلَى السُّكْنَى، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، فَظَاهِرُ اللَّفْظِ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَاقِفَ إِنَّمَا مَلَكَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الاِنْتِفَاعَ بِالسُّكْنَى دُونَ الْمَنْفَعَةِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ غَيْرَهُ، وَلاَ يُسْكِنَهُ .

وَفَرَّقَ الشَّافِعِيَّةُ بَيْنَ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ كَالْمُسْتَأْجِرِ، وَمِلْكِ الاِنْتِفَاعِ كَالْمُسْتَعِيرِ، وَقَالُوا: مَنْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ فَلَهُ الإْجَارَةُ وَالإْعَارَةُ ، وَمَنْ مَلَكَ الاِنْتِفَاعَ فَلَيْسَ لَهُ الإْجَارَةُ قَطْعًا، وَلاَ الإْعَارَةَ فِي الأْصَحِّ .

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ حَوْلَ بَعْضِ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَدْخُلُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ فِي مِلْكِ الاِنْتِفَاعِ وَلاَ تَدْخُلُ فِيهِ عِنْدَ الآْخَرِينَ، بَلْ تَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ، مِثْلُ الْعَارِيَةِ... حَيْثُ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ مَا عَدَا الْكَرْخِيَّ وَالْمَالِكِيَّةَ وَالْحَنَابِلَةَ فِي رَأْيٍ إِلَى أَنَّ الْعَارِيَةَ تَمْلِيكٌ لِلْمَنْفَعَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَلِذَلِكَ أَجَازُوا لِلْمُسْتَعِيرِ إِعَارَةَ الْعَيْنِ الْمُسْتَعَارَةِ بِالْقُيُودِ الَّتِي وَضَعَهَا الْفُقَهَاءُ .

الْفُرُوقُ الْجَوْهَرِيَّةُ بَيْنَ الْمِلْكِ التَّامِّ وَالْمِلْكِ النَّاقِصِ:

5 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَالْكَرْخِيُّ إِلَى أَنَّ الإْعَارَةَ تَمْلِيكٌ لِلاِنْتِفَاعِ .

وَتُوجَدُ فُرُوقٌ جَوْهَرِيَّةٌ بَيْنَ الْمِلْكِ التَّامِّ وَالْمِلْكِ النَّاقِصِ، تَلْخِيصُهَا فِيمَا يَأْتِي:

أَوَّلاً: إِنَّ لِصَاحِبِ الْمِلْكِ التَّامِّ الْحَقَّ فِي إِنْشَاءِ جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَشْرُوعَةِ مِنْ عُقُودٍ نَاقِلَةٍ لِلْمِلْكِ التَّامِّ، أَوِ النَّاقِصِ، فَهُوَ حُرُّ التَّصَرُّفِ فِي حُدُودِ عَدَمِ مُخَالَفَةِ الشَّرْعِ، أَمَّا صَاحِبُ الْمِلْكِ النَّاقِصِ فَلَيْسَ لَهُ الْحَقُّ فِي كُلِّ التَّصَرُّفَاتِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُقَيَّدٌ فِي حُدُودِ الاِنْتِفَاعِ بِالْمَنْفَعَةِ فَقَطْ، لأِنَّهُ لاَ يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ وَالْمَنْفَعَةَ مَعًا.

ثَانِيًا: تَأْبِيدُ الْمِلْكِ التَّامِّ: وَالْمَقْصُودُ بِهِ أَنَّ الْمِلْكَ التَّامَّ دَائِمٌ وَمُسْتَمِرٌّ لاَ يَنْتَهِي إِلاَّ بِسَبَبٍ مَشْرُوعٍ قَاطِعٍ، وَكَذَلِكَ لاَ يَجُوزُ تَأْقِيتُهُ، وَلِذَلِكَ لاَ يَجُوزُ تَأْقِيتُ الْعُقُودِ النَّاقِلَةِ لِلْمِلْكِ التَّامِّ كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: بِعْتُ لَكَ هَذِهِ الدَّارَ بِأَلْفِ دِينَارٍ لِمُدَّةِ سَنَةٍ، إِلاَّ إِذَا قَصَدَ بِهَا الإْجَارَةَ فَيُحْمَلُ عَلَيْهَا مِنْ بَابِ: إِنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِالْمَقَاصِدِ وَالْمَعَانِي لاَ بِالأْلْفَاظِ وَالْمَبَانِي

وَأَمَّا الْمِلْكُ النَّاقِصُ فَالْعُقُودُ الْوَارِدَةُ عَلَى الْمَنَافِعِ فِيهَا لاَ بُدَّ مِنْ تَأْقِيتِهَا مِثْلَ الإْجَارَةِ وَالإْعَارَةِ وَنَحْوِهَا، فَهِيَ تَقْبَلُ التَّقْيِيدَ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَنَوْعِ الاِنْتِفَاعِ .

ب - أَقْسَامُ الْمِلْكِ بِاعْتِبَارِ الْمُسْتَفِيدِ مِنْهُ

6 - يَنْقَسِمُ الْمِلْكُ بِاعْتِبَارِ الْمُسْتَفِيدِ مِنْهُ إِلَى مِلْكٍ خَاصٍّ، وَإِلَى مِلْكٍ عَامٍّ، فَالْمِلْكُ الْخَاصُّ هُوَ الَّذِي لَهُ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ، سَوَاءٌ أَكَانَ فَرْدًا أَمْ جَمَاعَةً.

وَأَمَّا الْمِلْكُ الْعَامُّ فَهُوَ الْمِلْكُ الَّذِي لاَ يَخْتَصُّ بِهِ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ، وَإِنَّمَا يَشْتَرِكُ فِيهِ النَّاسُ لاَ عَلَى التَّعْيِينِ، كَمِلْكِ الْمَاءِ وَالْكَلأَ وَالنَّارِ، لِقَوْلِ الرَّسُولِ صلي الله عليه وسلم: «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءٌ فِي ثَلاَثٍ فِي الْكَلأَ وَالْمَاءِ وَالنَّارِ».

ج - أَقْسَامُ الْمِلْكِ بِاعْتِبَارِ سَبَبِهِ

7 - يَنْقَسِمُ الْمِلْكُ بِاعْتِبَارِ سَبَبِهِ إِلَى مِلْكٍ اخْتِيَارِيٍّ أَوْ قَهْرِيٍّ.

يَقُولُ الزَّرْكَشِيُّ: الْمِلْكُ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا يَحْصُلُ قَهْرًا كَمَا فِي الْمِيرَاثِ وَمَنَافِعِ الْوَقْفِ.

وَالثَّانِي: يَحْصُلُ بِالاِخْتِيَارِ وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: بِالأْقْوَالِ، وَيَكُونُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ كَالْبُيُوعِ، وَفِي غَيْرِهَا كَالْهِبَاتِ وَالْوَصَايَا، وَالْوُقُوفِ إِذَا اشْتَرَطْنَا الْقَبُولَ.

وَالثَّانِي: يَحْصُلُ بِالأْفْعَالِ كَتَنَاوُلِ الْمُبَاحَاتِ كَالاِصْطِيَادِ وَالإْحْيَاءِ.

ثُمَّ فَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: وَمِمَّا يَتَخَالَفَانِ فِيهِ - أَعْنِي الاِخْتِيَارِيَّ وَالْقَهْرِيَّ - أَنَّ الاِخْتِيَارِيَّ يُمْلَكُ بِالْعِوَضِ الْمُعَيَّنِ، أَوْ بِمَا فِي الذِّمَّةِ، وَلاَ يَتَوَقَّفُ عَلَى أَدَاءِ الثَّمَنِ بِلاَ خِلاَفٍ، وَأَمَّا الْقَهْرِيُّ كَالأْخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَلاَ يُمْلَكُ حَتَّى يَقْبِضَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ، أَوْ يَرْضَى بِتَأْخِيرِهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَمْلِكُ بِذَلِكَ وَبِقَضَاءِ الْقَاضِي لَهُ.

وَمِنْهَا: أَنَّ التَّمَلُّكَ الْقَهْرِيَّ يَحْصُلُ بِالاِسْتِيلاَءِ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ كَمَا فِي أَمْوَالِ الْكُفَّارِ، بِخِلاَفِ الاِخْتِيَارِيِّ.

وَمِنْهَا: أَنَّ التَّمَلُّكَ الْقَهْرِيَّ هَلْ يُشْرَطُ فِيهِ مَعْرِفَةُ شُرُوطِهِ مِنَ الرُّؤْيَةِ وَنَحْوِهَا؟ خِلاَفٌ - كَمَا فِي الشُّفْعَةِ، يُؤْخَذُ الشِّقْصُ الَّذِي لَمْ يَرَهُ - عَلَى قَوْلَيْنِ، وَالاِخْتِيَارِيُّ يُشْتَرَطُ فِيهِ قَطْعًا.

وَمِنْهَا: أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لاَ يُغْتَفَرُ فِي الاِخْتِيَارِيِّ، كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَكَذَا الصَّيْدُ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ، وَلاَ يَمْلِكُ ذَلِكَ كُلَّهُ بِالاِخْتِيَارِ .

وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ، هَلِ الأْسْبَابُ الْفِعْلِيَّةُ أَقْوَى أَمِ الْقَوْلِيَّةُ أَقْوَى؟ فَقِيلَ: الْفِعْلِيَّةُ أَقْوَى، وَقِيلَ: الْقَوْلِيَّةُ أَقْوَى.

وَقَدْ بَيَّنَ الْقَرَافِيُّ الْفَرْقَ بَيْنَ السَّبَبَيْنِ فَقَالَ: الأْسْبَابُ الْفِعْلِيَّةُ تَصِحُّ مِنَ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ دُونَ الْقَوْلِيَّةِ. فَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ يَمْلِكُ الصَّيْدَ بِالاِصْطِيَادِ، وَالأْرْضَ بِالإْحْيَاءِ، فِي حِينٍ لاَ يَمْلِكُ إِنْشَاءَ عُقُودِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَذَلِكَ لأِنَّ الأْسْبَابَ الْفِعْلِيَّةَ تَعُودُ بِالنَّفْعِ عَلَيْهِ، أَمَّا الأْسْبَابُ الْقَوْلِيَّةُ فَإِنَّهَا مَوْضِعُ الْمُمَاكَسَةِ وَالْمُغَابَنَةِ، فَقَدْ تَعُودُ عَلَيْهِ بِالضَّرَرِ، كَمَا أَنَّ فِيهَا طَرَفًا آخَرَ يُنَازِعُهُ وَيُجَاذِبُهُ إِلَى الْغَبْنِ، وَهُوَ ضَعِيفُ الْعَقْلِ، فَلاَ يَسْتَطِيعُ تَحْقِيقَ مَصْلَحَتِهِ .

د - أَقْسَامُ الْمِلْكِ بِاعْتِبَارِ السُّقُوطِ وَعَدَمِهِ

8 - يَنْقَسِمُ الْمِلْكُ - بِاعْتِبَارِ احْتِمَالِ سُقُوطِهِ وَعَدَمِهِ - إِلَى نَوْعَيْنِ هُمَا:

الْمِلْكُ الْمُسْتَقِرُّ الَّذِي لاَ يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ بِتَلَفِ الْمَحِلِّ، أَوْ تَلَفِ مُقَابِلِهِ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَالصَّدَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ.

وَالْمِلْكُ غَيْرُ الْمُسْتَقِرِّ الَّذِي يَحْتَمِلُ ذَلِكَ كَالأْجْرَةِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَالثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ .

أَسْبَابُ الْمِلْكِ:

9 - لِلْمِلْكِ أَسْبَابُهُ الَّتِي تُؤَدِّي إِلَى تَحْقِيقِهِ

ذَكَرَ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي الأْشْبَاهِ أَنَّ أَسْبَابَ الْمِلْكِ هِيَ:

الْمُعَاوَضَاتُ الْمَالِيَّةُ، وَالأْمْهَارُ، وَالْخُلْعُ، وَالْمِيرَاثُ، وَالْهِبَاتُ، وَالصَّدَقَاتُ، وَالْوَصَايَا، وَالْوَقْفُ، وَالْغَنِيمَةُ، وَالاِسْتِيلاَءُ عَلَى الْمُبَاحِ، وَالإْحْيَاءُ، وَتَمَلُّكُ اللُّقَطَةِ بِشَرْطِهِ، وَدِيَةُ الْقَتِيلِ يَمْلِكُهَا أَوَّلاً ثُمَّ تَنْتَقِلُ إِلَى الْوَرَثَةِ، وَمِنْهَا الْغُرَّةُ يَمْلِكُهَا الْجَنِينُ فَتُورَثُ عَنْهُ، وَالْغَاصِبُ إِذَا فَعَلَ بِالْمَغْصُوبِ شَيْئًا أَزَالَ بِهِ اسْمَهُ وَعِظَمَ مَنَافِعِهِ مَلَكَهُ، وَإِذَا خُلِطَ الْمِثْلِيُّ بِمِثْلِيٍّ بِحَيْثُ لاَ يَتَمَيَّزُ مِلْكُهُ.

وَذَكَرَ الْحَصْكَفِيُّ أَنَّ أَسْبَابَ الْمِلْكِ ثَلاَثَةٌ:

نَاقِلٌ كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ، وَخِلاَفَةٌ كَإِرْثٍ، وَأَصَالَةٌ وَهُوَ الاِسْتِيلاَءُ حَقِيقَةً بِوَضْعِ الْيَدِ، أَوْ حُكْمًا بِالتَّهْيِئَةِ كَنَصْبِ شَبَكَةٍ لِصَيْدِ .

وَذَكَرَ السُّيُوطِيُّ نَقْلاً عَنِ الْكِفَايَةِ أَنَّ أَسْبَابَ الْمِلْكِ ثَمَانِيَةٌ: الْمِيرَاثُ، وَالْمُعَاوَضَاتُ، وَالْهِبَاتُ، وَالْوَصَايَا، وَالْوَقْفُ، وَالْغَنِيمَةُ، وَالإْحْيَاءُ، وَالصَّدَقَاتُ.

قَالَ ابْنُ السُّبْكِيِّ: وَبَقِيَتْ أَسْبَابٌ أُخَرُ، مِنْهَا: تَمَلُّكُ اللُّقَطَةِ بِشَرْطِهِ، وَمِنْهَا: دِيَةُ الْقَتِيلِ يَمْلِكُهَا أَوَّلاً ثُمَّ تُنْقَلُ لِوَرَثَتِهِ عَلَى الأْصَحِّ ، وَلِذَلِكَ يُوَفَّى مِنْهَا دَيْنُهُ، وَمِنْهَا: الْجَنِينُ، الأْصَحُّ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْغُرَّةَ، وَمِنْهَا: خَلْطُ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبَ بِمَالِهِ، أَوْ بِمَالِ آخَرَ لاَ يَتَمَيَّزُ فَإِنَّهُ يُوجِبُ مِلْكَهُ إِيَّاهُ، وَمِنْهَا: الصَّحِيحُ أَنَّ الضَّيْفَ يَمْلِكُ مَا يَأْكُلُهُ، وَهَلْ يُمْلَكُ بِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ، أَوْ فِي الْفَمِ، أَوْ بِالأْخْذِ ، أَوْ بِالاِزْدِرَادِ يَتَبَيَّنُ حُصُولُ الْمِلْكِ قَبِيلَهُ؟ أَوْجُهٌ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجلة الأحكام العدلية

مادة (96) التصرف بملك الغير بدون إذن

لا يجوز لأحد أن يتصرف في ملك الغير بلا إذنه.

مادة (1192) التصرف في الملك

كلٌّ يتصرف في ملكه كيفما يشاء. لكن إذا تعلق حق الغير به فيمنع المالك من تصرفه على وجه الاستقلال. مثلاً سفل ملك لواحد وفوقانية لآخر فلصاحب الفوقاني حق القرار في التحتاني ولصاحب التحتاني حق السقف في الفوقاني يعني بتستره من الشمس وبتحفظه من المطر، فليس لأحدهما أن يفعل شيئاً مضراً إلا بإذن الآخر ولا أن يهدم بناء نفسه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفور له (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه

(مادة 4)
الحقوق التي بها يكون التصرف والانتفاع بالأعيان على ثلاثة أنواع
الأول- حق ملك رقبة العين ومنفعتها>
الثاني- حق ملك الانتفاع بالعين دون الرقبة>
الثالث- حق الشرب والمسيل والمرور والتعلى ونحو ذلك من الحقوق.

(مادة 11)
الملك التام من شأنه أن يتصرف به المالك تصرفًا مطلقًا فيما يملكه عينًا ومنفعة واستغلالاً فينتفع بالعين المملوكة وبغلتها وثمارها ونتاجها ويتصرف في عينها بجميع التصرفات الجائزة .

(مادة 29)
لمالك المنفعة دون العين بعقد تبرع أو إجارة أن يتصرف في العين المنتفع بها التصرف المعتاد إذا كان عقد المنفعة مطلقاً غير مقيد بقيد.
فإن كان مقيداً بقيد فله أن يستوفيه بعينه أو يستوفي مثله أو ما دونه وليس له أن يتجاوزه إلى ما فوقه.

(مادة 182)
يشترط لنفاذ عقود المعاوضات الواردة على الأعيان المالية أو على منافعها أن يكون المتصرف في العين الوارد عليها العقد مالكاً لها أو وكيلاً عن مالكها إن كان عاقلاً بالغاً أو ولياً أو وصياً عليه إن كان صغيراً أو كبيراً مجنوناً أو معتوهاً وأن لا يتعلق بالعين حق لغير المتصرف فيها.

(مادة 183)
يشترط للزوم عقود المعاوضات الواردة على الأعيان أو على منافعها أن تكون عارية عن الخيارات.