مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني ، الجزء : السادس ، الصفحة : 17
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- بعد أن ذكر التعريف عناصر حق الملكية وأشار إلى ما يرد عليها من قيود ، تولت المادتان 1163 و 1164 تحديد نطاق هذا الحق .
2- فالشيء المملوك يشمل حق الملكية فيه جميع أجزائه المكونة له والجزئية أيتها أن يكون الجزء مندمجاً في الكل، بحيث لو فصل منه لهلاك الشيء أو تلف أو تغير ويترتب على ذلك أن ملكية الأرض تشمل السطح وما فوقه علواً وما تحته عمقاً إلى الحد الذي يصلح للإستعمال وتكون طبقة الهواء وهي فوق السطح ملوكة لصاحب الأرض بالقدر الذي يمكن به تملك الهواء ، وكذلك حق التعلي وهو حق البناء فوق الأرض طبقات بعضها فوق بعض وتكون الكنوز والمناجم وهي تحت السطح مملوكة كذلك لصاحب الأرض وتأسيساً على هذا المبدأ أورد المشروع فصلين يقرر في أولها (م 1303 فقرة 1) أن الكنز المدفون أو المخبوء الذي لا يستطيع أحد أن يثبت ملكيته له يكون المالك العقار أو مالك رقبته ، ويقرر في الثاني (م 1357 فقرة 1) أن كل ما على الأرض أو تحتها من بناء أو غراس أو منشآت أخرى يعتبر من عمل صاحب الأرض ، أقامه على نفقته ويكون مملوكاً له .. وقد أشار المشروع إلى جواز فصل ملكية سطح الأرض عن ملكية مافوقها وعن ملكية ما تحتها ويكون ذلك بناءً على تشريعات خاصة أو بمقتضى الإتفاق ومثل التشريعات الخاصة قانوناً للمناجم يفصل ملكيتها عن ملكية الأرض كما هو الحال في فرنسا ويجوز بالإتفاق تملك ما فوق السطح أو ما تحته مستقلاً عن السطح نفسه ولا يعتبر هذا الإتفاق مخالف للنظام العام ، و ما حق القرار وحق الحكر وحق التعلي إلا ضروب مختلفة من ملكية ما فوق السطح .
على أن المادة 1163 أوردت قيداً على حق المالك في العلو والعمق فليس للمالك أن يعارض فيما يقام من عمل على مسافة من العلو أو العمق بحيث لا تكون له أية مصلحة في منعه فإذا اضطرت مصلحة التلغرافات إلى إيصال أسلاكها فوق سطح الأرض ، أو شركة المياه إلى إيصال أنابيبها تحت السطح ، على مسافة من العلو أو العمق لا تضر بصاحب الأرض ، فليس للمالك أن يمنع هذه الأعمال وإلا كان المنع تعسفاً في إستعمال حق الملكية .
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادة 1163 فأقرتها اللجنة مع تعديل لفظي و أصبح نصها ما يأتي :
1- مالك الشيء يملك كل ما يعد في العرف من عناصره الجوهرية بحيث لا يمكن فصله عنه دون أن يهلك أو يتلف أو يتغير .
2- وملكية الأرض تشمل ما فوقها وما تحتها إلى الحد المفيد في التمتع بها علواً أو عمقاً بحيث لا يكون للمالك أن يعارض فيما يقام من عمل في العلو أو في العمق على مسافة لا تتبين معها أية مصلحة له في منعه .
3 - ويجوز بمقتضى القانون أو الإتفاق أن تكون ملكية سطح الأرض منفصلة عن ملكية ما فوقها أو ما تحتها.
وأصبح رقها 871 في المشروع النهائي .
المشروع في مجلس النواب
تقرير لجنة الشئون التشريعية :
حذفت اللجنة منها العبارة الأخيرة من الفقرة الثانية وهي " بحيث لا يكون للمالك أن يعارض فيما يقام من عمل في العلو أو في العمق على مسافة لاتبين معها أية مصلحة له في منعه ، وذلك لأن هذا الإيضاح لا ضرورة له وهو مفهوم من صدر الفقرة " .
مناقشات المجلس
وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة تحت رقم 870 .
المشروع في مجلس الشيوخ
مناقشات لجنة القانون المدنى
وافقت اللجنة على المادة دون تعديل .
تقرير اللجنة :
جاء بملحق التقرير ما يأتي :
اقترح تعديل المادة 803 فقرة أولى ونصها : مالك الشيء يملك كل ما يعد في العرف من عناصره الجوهرية إلخ ، وأن يكون التعديل على الوجه الآتي :
مالك الشيء يملك كل ما يعد من عناصره الجوهرية ، لأن العرف ليس هو المرجع الأول في تحديد العناصر الجوهرية بل يرجع في ذلك أولاً إلى طبيعة الأشياء ثم إلى العرف بعد ذلك وقد رأت اللجنة الأخذ بهذا الإقتراح .
وأصبح رقمها 803 .
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة .
1 ـ المقرر - طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 803 من القانون المدني أن ملكية الأرض تشمل ما فوقها وما تحتها إلى الحد المقيد فى التمتع بها علواً أو عمقاً لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه وزوجته وأولاده يملكون الأرض التي أقيم عليها المبنى بموجب العقد المسجل في13/6/1976 رقم 4459 مأمورية شهر عقاري مصر الجديدة المقدم منه، وإنه يختص تبعاً لذلك بشقة ونصف الشقة من وحدات هذا العقار إلا أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بإخلاء شقة النزاع على سند من ملكيته لكامل وحدات المبنى الذي أقامه لصدور ترخيص البناء باسمه، وهو ما لا يؤدى بذاته وبمجرده إلى تملك الطاعن لكامل وحدات هذا العقار ودون أن يواجه دفاعه المشار اليه رغم أنه دفاع جوهري قد يتغير به - ان صح - وجه الرأي فى الدعوى فإن الحكم يكون فضلاً عن فساده فى الاستدلال مشوباً بقصور فى التسبيب .
(الطعن رقم 2467 لسنة 60 جلسة 1991/02/06 س 42 ع 1 ص 421 ق 69)
2 ـ النص فى الفقرة الأولى من المادة 922 من القانون المدنى على أن " كل ما على الأراضى و تحتها من بناء أو أغراض أو منشآت أخرى ، يعتبر من عمل صاحب الأرض إقامة على نفقته و يكون مملوكاً له " ، يدل على أن المشرع قد وضع قرينة قانونية تقضى بأن مالك الأرض بحسب الأصل يعتبر مالكاً لما فوقها و ما تحتها من بناء أو غراس أو منشآت أخرى ، فلا يطالب مالك الأرض بإقامة الدليل على ملكيته للمنشآت ، و تستند هذه القرينة القانونية إلى مبدأ عام تقرره المادة 2/803 من القانون المدنى ، فإن ملكية الأرض تشمل ما فوقها و ما تحتها إلى الحد المفيد فى التمتع بها علواً أو عمقاً ، إلا أن تلك القرينة القانونية تقبل إثبات العكس ، إذ نصت الفقرة الثانية من المادة 922 سالفة الذكر على أنه " و يجوز مع ذلك أن يقام الدليل على أن أجنبياً أقام هذه المنشآت على نفقته ، كما يجوز أن يقام الدليل على أن مالك الأرض قد خول أجنبياً ملكية منشآت كانت قائمة من قبل أو خوله الحق فى إقامة هذه المنشآت و تملكها ، كأن يكون هناك إتفاق بين صاحب الأرض و الغير يجيز للأخير تملك المنشآت التى يقيمها على الأرض ، و فى هذه الحالة لا يكون هناك مجال لأعمال حكم الإلتصاق كسبب لكسب الملكية ، و تبقى ملكية الأرض منفصلة عن ملكية ما فوقها من منشآت ، و هو ما أجازته المادة 3/803 من القانون المدنى . لما كان ذلك ، و كان الثابت من عقود الإيجار الصادرة من المطعون ضدهم الثلاثة الأول للطاعنة و المستأجرين السابقين لها أنهم قد صرحوا لهؤلاء المستأجرين بإقامة مبانى عليها تكون مملوكة لهم ، و لهم حق إزالتها و الإستيلاء عليها ، كما ثبت من عقود الإيجار من الباطن الصادرة من الطاعنة لشركة مصر للبترول أنها تملك تلك المنشآت ، فإنه لا محل للتحدى بأحكام الإلتصاق ، و لا يعيب الحكم إغفاله تطبيقها .
(الطعن رقم 640 لسنة 54 جلسة 1984/12/27 س 35 ع 2 ص 2281 ق 431)
(الطعن رقم 635 لسنة 54 جلسة 1984/12/27 س 35 ع 2 ص 2281 ق 431)
3 ـ إذا كانت ملكية الأرض طبقاً للمادة 2/803 من القانون المدنى تشمل ما فوقها و ما تحتها إلا أن الفقرة الثالثة من هذه المادة نصت على أنه يجوز بمقتضى القانون أو الإتفاق أن تكون ملكية سطح الأرض منفصلة عن ملكية ما فوقها أو ما تحتها و هو ما أكده المشرع فى المادة 922 من القانون المدنى ، بتقريره أن كل ما على الأرض أو تحتها من بناء أو غراس أو منشآت أخرى يكون ملكاً لصاحب الأرض و أنه مع ذلك يجوز أن يقام الدليل على أن أجنبياً قد أقام هذه المنشآت على نفقته . و لئن كان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن آلات المطحن الثابتة فى الأرض على سبيل القرار تعتبر عقاراً لا تنتقل ملكيته إلا بالتسجيل ، إلا أنه فى نطاق ضريبة التركات تدخل ضمن أصول التركة العقارات التى خلفها المتوفى ، و يكون قد إشتراها قبل وفاته بعقود عرفيه لم تسجل . لما كان ذلك و كان الحكم المطعون فيه قد إستند فى ملكية مور ث الطاعنين لثلاثة أرباع ماكينة الطحين إلى عقد البيع العرفى و إلى قرائن أخرى أوردها فى أسبابه فإنه لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 481 لسنة 37 جلسة 1974/05/08 س 25 ع 1 ص 831 ق 136)
4 ـ شرط المنع من التصرف يصح إذا بنى على باعث مشروع و اقتصر على مدة معقولة . و يكون الباعث مشروعا متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو للغير . و تقدير مشروعية المصلحة المراد بالشرط حمايتها و مدى معقولية المدة المحددة لسريانه مما يدخل فى سلطة قاضي الموضوع و لا رقابة عليه فى ذلك من محكمة النقض متى بنى رأيه على أسباب سائغة .
(الطعن رقم 299 لسنة 34 جلسة 1968/06/27 س 19 ع 2 ص 1223 ق 183)
5 ـ يبين من نص المادة 922 من القانون المدنى أن المشرع وضع بالفقرة الأولى منه قرينة قانونية تقضى بأن كل ما يوجد على الأرض أو تحتها من بناء أو غراس أو منشآت أخرى يعتبر من عمل صاحب الأرض و أنه هو الذى أنشأه على نفقته فيكون مملوكا له ، و هذه القرينة قابلة لإثبات العكس فأجازت الفقرة الثانية للأجنبى أن يقيم الدليل على أنه هو الذى أقام هذه المنشآت على نفقته دون سابق إتفاق مع صاحب الأرض فإذا نجح فى إثبات ذلك تملك صاحب الأرض المنشآت بالإلتصاق مقابل أن يعوض صاحبها وفقا للأحكام التى أوردها المشرع بهذا الخصوص ، كما يجوز للأخير أن يثبت أن هناك إتفاقا بينه و بين صاحب الأرض على أن يتملك الأجنبى المنشآت المقامة من قبل أى تصرف ناقل للملكية ، كذلك يستطيع الأجنبى أن يثبت أن هناك إتفاقا بينه و بين صاحب الأرض يخوله الحق فى إقامة منشآت و تملكها ، و فى الحالتين الأخيرتين حيث يوجد إتفاق على مصير المنشآت فإنه يجب إعمال هذا الإتفاق و يمتنع التحدى بقواعد الإلتصاق .
(الطعن رقم 296 لسنة 34 جلسة 1968/06/11 س 19 ع 2 ص 1133 ق 169)
تنص المادة 823 مدني على ما يأتي :
" 1 - إذا تضمن العقد أو الوصية شرطاً يقضى بمنع التصرف فى مال ، فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبيناً على باعث مشروع ، ومقصوراً على مدة معقولة " .
" 2 - ويكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف ، أو للمتصرف إليه ، أو للغير " .
" 3 - والمدة المعقولة يجوز أن تستغرق مدى حياة المتصرف ، أو المتصرف إليه ، أو الغير ".
التصرفات التي تتضمن الشرط المانع من التصرف :
ويفهم من النص سالف الذكر أن الأصل هو تحريم الشرط المانع من التصرف ، لسببين أحدهما قانوني والآخر اقتصادي أما السبب القانونى فلأن من أخص عناصر الملكية هو أن يكون للمالك حق التصرف فى ملكه ، فإذا منع من ذلك حرم من أخص عناصر حقه ، فلا يكون حقه عند ذلك حق ملكية كما رأينا فى حق المستحق فى الوقف أما السبب الإقتصادى فلأن تداول الأموال من الأمور الهامة التي تجب ملاحظتها ، ومنع المال من التداول بتحريم التصرف فيه أمر خطير من الناحية الإقتصادية ، فلا يجوز هذا المنع إلا لمسوغ قوى لذلك تعتبر القاعدة القاضية بجواز التصرف فى المال من النظام العام ، وكل شرط يخالفها يكون شرطاً مخالفاً للنظام العام وقد سار القضاء الفرنسى قديماً على هذا النحو ، فحرم كل شرط يمنع التصرف في المال ولكنه منذ منتصف القرن التاسع عشر أخذ يميز بين شرط مانع من التصرف منعاً أبدياً وهذا أبقاه على حكم التحريم ، وشرط مانع من التصرف منعاً موقتاً لمسوغ مشروع وهذا حلله ، وتوالت أحكام القضاء الفرنسى فى هذا المعنى حتى أصبحت قضاءً مستقراً لا يتزعزع وسار القضاء المصرى فى عهد التقنين المدنى السابق على سنة القضاء الفرنسى حتى أصبحت القاعدة مستقرة هى أيضاً فى مصر ، ومن ثم قننها التقنين المدنى الجديد نصوص تشريعية هى التى تتولى الآن شرحها .
ويلاحظ بادئ ذى بدء أن الشرط المانع من التصرف فى المال يرد فى تصرف قانونى ، وهذا التصرف القانونى يكون إما عقداً أن وصية ، وتقول الفقرة الأولى من المادة 823 مدنى سالفة الذكر : " إذا تضمن العقد أو الوصية شرطاً يقضى بمنع التصرف فى مال ... " والوصية أمرها واضح ، فهى تصرف قانونى من جانب واحد على سبيل التبرع ، فيوصي الشخص بمال للموصى له ويشترط عليه في الوصية ألا يتصرف فى هذا المال لأحد ، لمصلحة مشروعة ولمدة مؤقتة كما سيأتى . وأما العقد فالغالب أن يكون من عقود التبرع ، هبة صريحة أو هبة مستترة فى عقد بيع وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي فى هذا الصدد : " فالشرط المانع قد يرد فى وصية أو فى عقد ، ويكون العقد فى الغالب هبة أو هبة مستترة فى بيع "مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 76 ، وقد يكون من عقود المعاوضة كأن يكون عقد بيع جدى ، فيهب الشخص أو يبيع مالاً ، ويشترط على المتصرف له ألا يتصرف فى هذا المال ، لمصلحة مشروعة ولمدة مؤقتة والغالب أن يكون التصرف المتضمن للشرط المانع تصرفاً ينقل ملكية المال مع اشتراط عدم جواز التصرف فيه ولكنه قد ينقل حق إنتفاع لا حق ملكية ، مع اشتراط عدم جواز التصرف فى حق انتفاع ، والمثل البارز في هذا الصدد أن يتعهد شخص لآخر بترتيب إيراد له مدى حياته ، ويكون قد قصد بذلك أن يوفر له أسباب المعيشة طول حياته فيشترط فى تعهده عدم جواز التصرف فى هذا الإيراد.
فالشرط المانع من التصرف الذى تتضمنه أمثال هذه التصرفات لا يصح ، طبقاً لأحكام الفقرة الأولى من المادة 823 مدنى سالفة الذكر ، إلا إذا كان " مبيناً على باعث مشروع ، ومقصوراً على مدة معقولة " فهناك إذن أمران لابد من اجتماعهما حتى يصح الشرط المانع من التصرف : الباعث المشروع والمدة المعقولة وكل منهما معيار مرن يساير الملابسات الخاصة بكل قضية من الأقضية التى تعرض على المحاكم ، فيكون القاضى أوسع حرية فى التقدير ، ويتسنى له أن يعطى لكل حالة حكمها المناسب .
متى يكون الباعث مشروعاً :
تقول الفقرة الثانية من المادة 823 مدنى سالفة الذكر : " ويكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو للغير " ، فالمفروض إذن ، حتى يكون الباعث مشروعاً ، والشرط المانع صحيحاً ، أن يكون المتصرف قد قصد بالشرط المانع الذى ضمنه العقد أو الوصية حماية مصلحة مشروعة له هو ، أو مصلحة مشروعة لمن تصرف له ، أو مصلحة مشروعة لأجنبي أى للغير حكم التصرف الذى يتضمن شرطاً مانعاً ليس له باعث مشروع : فإذا كان الشرط المانع ليس له باعث مشروع ، ولم تكن هناك مصلحة مشروعة تريد حمايتها به لا للمتصرف ولا للمتصرف له ولا للغير ، كان الشرط المانع باطلاً ، فإذا وهب شخص عقاراً لآخر واشترط عليه عدم التصرف فيه ، ليمنعه بذلك من القيام بمشروع علمى أو بعمل من أعمال الخير يعلم الواهب أن الموهوب له يحرص على تحقيقه وقد يبيع العقار الموهوب فى سبيل ذلك ، كان الباعث هنا غير مشروع ، فهو لا يحقق مصلحة مشروعة لا للواهب ولا للموهوب له ولا للغير ، ومن ثم يكون الشرط باطلاً والمفروض أن للشرط المانع باعثاً مشروعاً ، إلى أن يثبت المتصرف له أن الباعث غير مشروع .
ثم ينظر بعد ذلك فى مصير التبرع نفسه ، فإن كان هذا الشرط المانع هو الدافع إلى التبرع ، كان التبرع باطلاً هو أيضاً بطلان الشرط المانع أما إذا لم يكن الشرط المانع هو الدافع إلى التبرع ، فإن التبرع يبقى قائماً مع بطلان الشرط المانع ، ومن ثم يجوز للموهوب له مخالفة الشرط المانع والتصرف فى العقار الموهوب وليس فى هذا الأحكام إلا تطبيق للقواعد العامة . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " ويكون التصرف الذي اشتمل على هذا الشرط ( الباطل ) باطلاً أيضاً إذا كان الشرط المانع هو الدافع إلى هذا التصرف أما إذا كان التصرف تبرعاً ، ولم يكن الشرط المانع هو الدافع ، صح التبرع ولغا الشرط.
ويتشرط إذن لصحة الشرط المانع أن يكون المنع موقتاً ، ولمدة معقولة فإذا طالت مدة المنع ، وأصبحت بالنسبة إلى ظروف القضية وملابساتها مدة غير معقولة ، فإن المنع المؤقت يكون فى هذه الحالة فى حكم المنع الدائم وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " ولكن لا يصح تأييد الشرط ، ولا جعله لمدة طويلة تجاوز الحاجة التى دعت إليه " (مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص ، ومن ثم يكون الشرط المانع باطلاً بالرغم من توقيته ومعرفة ما إذا كانت مدة المنع المحددة طويلة إلى حد أن تكون مدة غير معقولة فيبطل الشرط من مسائل الواقع ، يبت فيها القاضى الموضوع ولا معقب عليه من محكمة النقض .
وتنص الفقرة الثالثة من المادة 853 مدنى سالفة الذكر على ما يأتي : " والمدة المعقولة يجوز أن تستغرق مدى حياة المتصرف ، أو المتصرف إليه ، أو الغير " .
ما يترتب على قيام الشرط المانع من أحكام : إذا قام الشرط المانع صحيحاً ، أى كان لباعث مشروع ولمدة معقولة على النحو الذى بسطناه ، ترتب على ذلك أن يمتنع التصرف فى العين المتبرع بها طول المدة التى حددت فى الشرط المانع .
فلا يجوز للمتصرف له أن يتصرف فى العين بأى نوع من أنواع التصرفات .
وحتى يكون الشرط المانع في العقار نافذاً في حق الغير ، أي في حق شخص تصرف له من تتلقي العين مثقلة بهذا الشرط ، يجب تسجيل الشرط المانع ويقع عادة هذا التسجيل ضمن تسجيل التصرف الأصلي الذي نقل العين مثقلة بالشرط ، فيذكر في تسجيل التصرف الأصلي ما ورد في التصرف من نصوص متعلقة بالشرط المانع ومن ثم يكون الشرط المانع حجة على الغير ، فإذا وقع تصرف للغير مخالف للشرط كان التصرف باطلاً كما سنرى وأمكن الاحتجاج على الغير بالبطلان .
ومتى كانت العين غير قابلة للتصرف فيها بحكم الشرط المانع ، أصبحت أيضاً غير قابله للحجز عليها ، فإن المنع من التصرف يقتضي المنع من الحجز ولو أن الحجز كان جائزاً لأمكن التحايل على شرط المنع من التصرف ، بأن يقترض المالك مالاً ويدع الدائن يحجز على العين ويقتضي حقه منها ، فيكون المالك قد تصرف في العين على هذا النحو بطريق غير مباشر.
لم يشأ التقنين المدني المصري أن يسكت تحديد مصير التصرف الذي يقع مخالفاً للشرط المانع ، ، فنصت المادة 824 مدني على ما يأتي :
" إذا كان شرط المنع من التصرف الوارد في العقد أو الوصية صحيحاً طبقاً لحكام المادة السابقة ، فكل تصرف مخالف له يقع باطلاً ".
ويحسن قبل تناول النص أن نبين أولاً التكييف القانوني للشرط المانع فهل هذا الشرط يقتصر على ترتيب إلتزام شخص في ذمة المتصرف له يمنعه من التصرف في العين ، أو هو شرط يجعل العين ذاتها غير قابلة للتصرف فيها اختار التقنين المدني المصري التكييف الثاني ، فجعل العين ذاتها غير قابلة للتصرف فيها ويترتب على ذلك بطلان ، أي تصرف يقع مخالفاً للشرط المانع بطلاناً مطلقاً ، وهذه نتيجة منطقية ، بل هي نتيجة بديهة لجعل العين غير قابلة للتصرف فيها ولما كان ذلك يحتاج إلى نص تشريعي ، فقد أورد التقنين المدني هذا النص في المادة 824 مدني سالفة الذكر ، حيث صرح كما رأينا بأن كل تصرف مخالف للشرط المنع " يقع باطلاً " ولا شك في أن التصرف الباطل ، في لغة التقنين المدني المصري ، هو التصرف الباطل بطلاناً مطلقاً ولا شيء غير ذلك أما إذا كان التقنين يريد البطلان النسبي ، فإنه يستعمل دائماً لأداء هذا المعنى عبارة " قابل للإبطال ".
لكن محكمة النقض لم تأخذ بهذا الرأي ولم تعتبر التصرف المخالف للشرط المانع باطلاً بطلاناً مطلقاً ، بل اعتبرته باطلاً بطلاناً نسبياً لا يتمسك به سوى الشخص الذي تقرر الشرط المانع لحماية مصلحته ، وأن ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون المدني من إعتبار هذا التصرف المخالف باطل بطلان مطلق فانه لا يعتد به لما ينطوي عليه من خروج عن المعنى الصحيح الواضح للنص الذي اقتصر على بيان طبيعة الجزاء وهو البطلان دون تحديد نوعه فيرجع في تحديد نوع هذا البطلان إلى الغاية التي تغياها المشرع منه وهي حماية المصلحة الخاصة المشروعة وليست المصلحة العامة.
وقد قضت محكمة النقض بأن الفقه والقضاء استقر في فرنسا في ظل القانون المدني القديم - الذي لم يتناول الشرط المانع من التصرف وجزاء مخالفته - على أن هذا الشرط لا يصح إلا إذا اقت وكان القصد منه حماية مصلحة جدية مشروعة ، وإذا خولف بعد استيفاء شروط صحته حكم بفسخ التصرف الأصلي أو إبطال التصرف المخالف بناءً على طلب من وضع الشرط المانع لمصلحته ، لما كان ذلك ، وكان النص في القانون المدني الجديد في المادة 823 على أنه «1- اذا تضمن العقد أو الوصية شرطاً يمنع التصرف في مال ، فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنياً على باعث مشروع ومقصور على مدة معقولة.
2- ويكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير ، والنص في المادة 824 منه على أنه « إذا كان شرط المنع من التصرف الوارد في العقد أو الوصية صحيحاً طبقاً لأحكام المادة السابقة وكل تصرف مخالف له يقع باطلاً »، يفيد أن المشرع - وعلى ما أوضحت عنه المذكرة الإيضاحية - قد قنن ما استقر عليه الفقه والقضاء من قبل ولم يضف جديداً إلا حسم الخلاف بين ما تردد فيه القضاء من الحكم ببطلان التصرف المخالف أو فسخ التصرف الأصلى عند مخالفة الشرط الماتع و آثر أن تكون طبيعة الجزاء هو بطلان التصرف المخالف دون حاجة الى فسخ التصرف الأصلي أما نوع الجزاء فقد أبقى عليه وهو ليس بطلاناً مطلقاً بل هو بطلان نسبي يتفق مع الغاية من تقرير المنع وهي حماية مصلحة خاصة مشروعة لأحد الأشخاص وهو ما صرحت به المذكرة الإيضاحية بقولها « إن الذي يطلب بطلان التصرف المخالف هو المتصرف إذ أن له دائماً مصلحة في ذلك ويطلبه كذلك المتصرف له أو الغير اذا كان الشرط المانع أراد أن يحمي مصلحة مشروعة لأحد منهما » ومن ثم يتحتم ضرورة قصر المطالبة بهذه الحماية أو التنازل عنها على صاحب المصلحة وحده ويمتنع على المحكمة الحكم لبطلان من تلقاء نفسها ، ولا محل بعد ذلك التحدى بما ورد بصدر المذكرة الايضاحية من تحديد لنوع هذا البطلان من أنه « بطلان مطلق لعدم قابلية المال للتصرف لما فيه من خروج عن المعنى الصحيح الواضح للنص الذي اقتصر على بيان طبيعة الجزاء وهو البطلان دون نوعه الذي يتحدد بمدلوله أخذاً بالغاية التي تغياها المشرع منه وهي حماية المصلحة الخاصة المشروعة لا المصلحة العامة .
كما قضت محكمة النقض بأن البطلان المقرر بالمادة 824 من القانون المدني لمخالفة شرط المنع من التصرف - وعلى ما جرى من قضاء هذه المحكمة - ليس بطلاناً مطلقاً بل هو بطلان يتفق مع الغاية من تقرير المنع وهي حماية مصلحة خاصة مشروعة لأحد الأشخاص ومن ثم يتحتم ضرورة قصر المطالبة بهذه الحماية أو التنازل عنها على صاحب المصلحة وحده ويمتنع على المحكمة الحكم به من تلقاء نفسها .
وقضت محكمة النقض بأن المادة 824 من القانون المدني وإن نصت على بطلان التصرف المخالف للشرط المانع من التصرف ولم تتعرض العقد الأصلي الوارد فيه هذا الشرط ، إلا أن من لا يمنع المتعاقد الذي اشترط هذا الشرط من طلب فسخ هذا العقد إستناداً الى الأحكام العامة المقررة للفسخ في العقود الملزمة للجانبين متى كأن شرط المتبع من التصرف من الشروط الأساسية للتعاقد والتي بدونها ما كان يتم أن تكون مخالفة المتعاقد الآخر له في هذه الحالة إخلالاً منه بأحد إلتزاماته الجوهرية مما يجيز للمتعاقد معه طلب فسخ العقد طبقاً المادة 1/157 من القانون المدني .
تنص المادة 803 مدني على ما يأتي :
" 1 - مالك الشيء يملك كل ما يعد من عناصره الجوهرية ، بحيث لا يمكن فصله عنه دون أن يهلك أو يتلف أو يتغير " .
" 2 - وملكية الأرض تشمل ما فوقها وما تحتها ، إلى الحد المفيد فى التمتع بها علواً أو عمقاً " .
" 3 - ويجوز بمقتضى القانون أو الإتفاق أن تكون ملكية سطح الأرض منفصلة عن ملكية ما فوقها أو ما تحتها .
ويتبين من النص المتقدم الذكر أن مالك الشيء يملك كل ما يعد من عناصره الجوهرية ، وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي فى هذا المعنى : " فالشىء المملوك يشمل حق الملكية فيه جميع أجزائه المكونة له ، والجزئية آياته أن يكون الجزء مندمجاً فى الكل ، بحيث لو فصل منه لهلك الشىء أو تلف أو تغيير " فإذا كان الشيء منقول سهل التعرف على ذاتيته وأجزائه ، فالسيارة أو الكتاب مثلاً يمكن نقله من مكان إلى آخر ، وينتقل بطبيعة الحال بجميع أجزائه ، ومن ثم يمكن تحديد هذه الأجزاء أما إذا كان عقاراً فإن كان بناء فإن تماسك أجزاء البناء تحصر هذه الأجزاء بقى ما إذا كان العقار أرضاً ، وملكية الأرض – كما تقول المادة 2/803 مدنى سالفة الذكر – تشمل ما فوقها وما تحتها ، أى الأرض علواً وعمقاً وقد يوجد فى باطن الأرض ( أى العمق ) مناجم أو محاجر تحوى مواد معدنية أو خامات ، وهذه لا تكون مملوكة لصاحب الأرض بل هى ملك الدولة ، ولها أحكام خاصة تكفل ببيانها قانون المناجم والمحاجر .
والعكس غير صحيح فملكية العلو أو العمق لا تقوم قرينة على ملكية السطح ، فمالك العلو أو العمق ، إذا ادعى ملكية السطح ، عليه هو أن يثبت ذلك.
العلو : وملكية العلو هى التى تسمح لصاحب السطح أن يقيم فوق الأرض منشآت أو بغرس فيها أو يزرعها ، كذلك تمكن له من النور والهواء، وللمالك أن يعلو بالبناء العدد الذى يشاء من الطبقات ، فى حدود القوانين واللوائح الخاصة بالبناء وللمالك أن يمنع الغير من الإعتداء على علوه ، فإذا امتد الشجر أو الزرع فى الأرض المجاورة ، وتفرعت أعضائه حتى احتلت حيزاً من العلو المجاور ، كان لمالك هذا العلو أن يطلب من جاره قطع ما امتد من الشجر أو الزرع إلى علوه وليس لصاحب الشجر أو الزرع أن يمتنع عن ذلك بدعوى أن هذا الإمتداد لم يحدث ضرر للجار ، فمجرد الإمتداد إلى العلو يكون ضرراً كافياً وقد قضى بأنه يسوع للمالك الذى تمتد على أرضه أشجار جاره أن يلزم ذلك الجار بتقليم فروع هذه الأشجار التي تحجب عن أرضه الشمس فتسبب ضرراً لزراعته وإذا كان الضرر ناشئاً عن إمتداد جذور تلك الأشجار فغير ممكن ، لأن يحرم المالك من حرية التصرف فى ملكه بما يريد ، الأمر الذى يتنافى مع حق الملك ( طنطا الكلية 9 فبراير سنة 1926 المحاماة 6 رقم 304 ص 435 كذلك إذا صاد الجار وهو فى أرضه طيراً فى أرض جاره ، كان هذا إعتداء على علو الجار .
ولا يفهم من ذلك أنه لا يوجد حد لملكية العلو، فقد صرحت المادة 803 / 2 مدنى كما رأينا بأن " ملكية الأرض تشمل ما فوقها وما تحتها إلى الحد المفيد فى التمتع بها علواً وعمقاً " وكان المشروع التمهيدى لهذا النص يجرى على الوجه الآتى : " ملكية الأرض تشمل ما فوقها وما تحتها إلى الحد الذي يصلح للإستعمال علواً أو عمقاً ، غير أنه ليس للمالك أن يعارض فيما يقام من عمل على مسافة من العلو أو العمق بحيث لا تكون له أية مصلحة في منعه وقد حذفت اللجنة التشريعية لمجلس النواب العبارة الأخيرة " غير أنه ليس للمالك أن يعارض ... " ، وذلك " لأن هذا الإيضاح لا ضرورة له ، وهو مفهوم من صدر الفقرة وجاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي فى هذا الصدد : " على أن المادة 1163 ( من المشروع التمهيدى ) أوردت قيداً على حق المالك فى العلو والعمق ، فليس للمالك أن يعارض فيما يقام من عمل على مسافة من العلو أو العمق بحيث لا تكون له أية مصلحة فى منعه فإذا أضطرت مصلحة التلغرافات إلى إيصال أسلاكاً فوق سطح الأرض أو شركة المياه على إيصال أنابيبها تحت السطح ، على مسافة من العلو أو العمق لا تضر بصاحب الأرض ، فليس للمالك أن يمنع هذه الأعمال ، وإلا كان المنع تعسفاً فى إستعمال حق الملكية .
العمق : ولمكية العمق تسمح للمالك أن يحفر فى أرضه حتى يضع أساس البناء الذي يقيمه فوق الأرض ، وأن تمتد جذور أشجاره ومغروساته وزراعته إلى الأعماق التى تتطلبها وله أن يقوم بحفريات فى أرضه الحفريات الأثرية نظمها القانون كما سنرى ، وأن يحفر سراديب تحت الأرض كما يشاء ومن حقه أن يمنع إعتداء الغير على باطن أرضه ، فإذا وجد غرس الجار قد امتد إلى باطن أرضه كان له أن يطلب من القضاء قطع الجذور الممتدة وهناك رأى يذهب إلى أنه يترتب على أن العمق مملوك لصاحب الأرض أن الكنز المدفون أو المخبوء تحت الأرض يكون ملكاً له ، وقد نصت المادة 782 مدنى فى هذا الصدد على أن " 1 - الكنز المدفون أو المخبوء الذي لا يستطيع أحد أن يثبت ملكيته له ، يكون لمالك العقار الذي وجد فيه الكنز أو لمالك رقبته . 2 - والكنز الذي يعثر عليه فى عين موقوفة يكون ملكاً خاصاً للواقف ولورثته " ، وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " وتكون الكنوز ... وهى تحت السطح مملوكة كذلك لصاحب الأرض ، وتأسيساً على هذا المبدأ أورد المشروع نصين يقرر فى أولهما ... أن الكنز المدفون أو المخبوء الذي لا يستطيع أحد أن يثبت ملكيته له يكون لمالك العقار أو لمالك رقبته .
ولا يفهم هنا أيضاً أنه لا يوجد حد لملكية العمق ، فالمالك له هذه الملكية إلى الحد المفيد فى التمتع بها وليس له أن يعارض فيما يقام من عمل على مسافة من العمق بحيث لا تكون له أية مصلحة في منعه ، فإذا اضطرت مصلحة المياه إلى إيصال أنابيبها تحت السطح على مسافة من العمق لا تضر بصاحب الأرض ، فليس للمالك أن يمنع هذه الأعمال ، وإلا كان المنع تعسفاً فى استعمال حق الملكية المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص .
وأهم قيد يرد على ملكية العمق هو القيد المستخلص من قانون المناجم والمحاجر ، وهو قانون يجعل المواد المعدنية بالمناجم وخامات المحاجر فى باطن الأرض ملكاً للدولة ، لا لصاحب الأرض .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : الثامن ، الصفحة : 628)
يتحدد الجزء الذي يعتبر مملوكاً لمالك السطح علواً أو عمقاً بالقدر المفيد في التمتع بالأرض، فليس للمالك أن يعارض فيما يقام من عمل على مسافة من العلم أو العمق بحيث لا تكون له أية مصلحة من منعه، ومن ثم يكون للمالك مصلحة في قطع أفرع الأشجار وجذورها التي تمتد من ملك الجار إلى فوق أرضه أو تختها وليس لمالك الأشجار أن يمتنع عن ذلك بحجة انتفاء الضرر إذ أن مجرد إمتداد الأفرع إلى العلو يكون ضرراً كافياً لاسيما إذا كان يحجب الشمس، وكذلك فإن ميل البناء يشغل جزءا من علو البحار ما يجيز للأخير أن يطلب إزالة الميل إذا أمكى أو التعويض أما بالنسبة لأسلاك التليفونات والكهرباء التي تثبت بأسطح المساكن، فطالما أن لا ضرر منها فإن المالك يلتزم بذلك وفقاً لأحكام القانون 93 لسنة 1939 بإنشاء الخطوط الكهربائية، وأيضاً فإن مرور الطائرات لا يمكن أن يرتب ضرراً للمالك، ومن هذا القبيل، ما يعلو الملك طالما أن ما يمر فوق الملك لا يحول دون المالك وإستعمال ملكه وفقاً للتعرض المقرر لها الإستعمال، فالزارع لا يجوز له منع مرور أسلاك الكهرباء أن غيرها من فوق أرضه الزراعية طالما أن ذلك لا يحول دونه وزراعة أرضه وإلا كان متعسفاً في إستعمال حقه لأنه لا يبغي من وراء إستعمال هذا الحق إلا الإضرار بالغير وإذا صدق ذلك بالنسبة للأرض التي تزرع بالمحاصيل التقليدية، فإن الوضع يختلف إذا مرت الأسلاك فرق حديقة وتخللت أشجارها في الحال أو في المستقبل كما لو كانت الأشجار لم تستكمل نموها بعد، وحينئذ يعتبر هذا الفعل تعرضاً يجيز لمالك الأرض منعه والرجوع بالتعويض وفقاً لأحكام المسئولية التقصيرية، متى كانت تلك الأسلاك ليست من خطوط الكهرباء ذات الجهود الفائقة أو العالية أو المتوسطة، فان كانت كذلك، فعلى المالك مراعاة المسافات المنصوص عليها في المادة السادسة من القانون رقم 63 لسنة 1974 بشأن قطاع الكهرباء، متی كانت تلك الأسلاك تمر فوق الملك أو بالقرب منه، فان كان العقار أرضاً زراعية ، إلتزم بزراعتها بالمحاصيل التقليدية دون أشجار الفاكهة التي قد ترتفع إلى تلك الأملاك، وإن كان العقار أرضاً فضاء، وجب على المالك مراعاة المسافات التي حددتها المادة السادسة سالفة البيان عند إقامة بناء عليها، فإن كانت الأسلاك تمر فوق بناء، التزم المالك بعدم الإرتفاع بها، بحيث إذا خالف ذلك الحظر، تعيين الحكم على وجه الإستعجال بهدم المباني وإزالة الأشجار على نفقة المخالف عملاً بالمادة الثالثة من هذا القانون.
وان وجدت مبان أو منشآت بالأرض التي تمر الأسلاك فوقها، جاز للجهة التي تتبعها تلك الأسلاك، أن تطلب من الملاك إزالتها على أن تعوض هؤلاء دون حاجة لنزع ملكيتها متى كانت هذه المنشآت في حدود المسافات المقررة ولكن توافر الإحتمال بالإضرار بها في حالة سقوط تلك الأسلاك، أما إن كان يترتب عليها وجود ضرر يتعذر تدارکه، وجب اتخاذ إجراءات نزع ملكية الأرض بما عليها من منشآت.
وإن كان المالك يتقيد في الارتفاعات بالحد الذي قرره قانون تنظيم أعمال البناء، فإنه غير مستفيد بالنسبة للعمق، إذ يجوز له النزول بسطح أرضه إلى أي عمق يشاء والإنتفاع بهذا العمق أو استغلاله أو التصرف فيه.
وحينئذ يلتزم بإتباع الأصول الفنية في توصيل عمقه بالصرف الصحي وعلى نفقته بعد موافقة الجهة المختصة، بحيث إذا رفضت، التزم بقرارها طالما كان مستنداً لأسباب فنية، وإذا وصل العمق إلى حد غیر عادی، تحمل المالك الأضرار التي قد تلحق بالبناء بسبب تسرب مياه الصرف الصحى إليه.
أن قواعد الالتصاق التي نصت عليها المادة 924 من القانون المدني، لا تسري في حالة وجود إتفاق بين مالك الأرض والغير على قيام الغير باقامة منشآت على سطح الأرض أو على العلو، تكون مملوكة لمن أقامها، وحينئذ تكون ملكية الأرض منفصلة عن ملكية المنشآت التي أقيمت عليها، ويمتنع بالتالي على مالك الأرض التمسك بقواعد الإلتصاق لإكتساب ملكية تلك المنشآت، أو رفع دعوى باستحقاقه لها، إذ لا تتعلق تلك القواعد بالنظام العام، مما يجوز الإتفاق على ما يخالفها أو تقدير التعويض المستحق لمالك الأرض.
ويترتب على ذلك أن تكون الأرض مملوكة لشخص، بينما تكون المنشآت المقامة عليها مملوكة لشخص آخر، فإن تمثلت المنشآت في مبان ثابتة، كانت عقاراً ووجب لإعتبار من أقامها مالكاً لها، أن يتم تسجيل الإتفاق، بإعتبار أن حق القرار، حق عيني لا ينشأ إلا بالتسجيل .
أن ملكية الأرض قد تنفصل عن ملكية المنشآت التي قد تقام عليها، إذا ما وجد إتفاق بين مالك تلك الأرض وبين من أقام المنشآت، يصرح الأول بموجبه للثاني بإقامتها على الأرض المملوكة له، وحيئذ، لا تسری قواعد الإلتصاق، وإنما ما تضمنه هذا الإتفاق من حقوق والتزامات، ويكون الإتفاق حينئذ متضمناً إلتزامات متبادلة بين طرفيه، بحيث إذا أخل أحدهما بالتزاماته، ثبت للآخر الحق في طلب فسخ الإتفاق فسخاً قضائياً ، ومتى أصبح حكم الفسخ نهائياً ، عاد الطرفان إلى ما كانا عليه قبل الإتفاق عملاً بالأثر الرجعي للفسخ، ومن ثم يعتبر الإتفاق على إقامة المنشآت، كأن لم يكن، مما يترتب عليه تطبيق قواعد الإلتصاق.
فإن كان السبب الذي أدى إلى فسخ الإتفاق راجعاً إلى من أقام المنشآت، لإخلاله بالتزاماته، أعتبر سيارته عند إقامته لها، وخضع بالتالي لنص المادة 492 من القانون المدني .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الحادي عشر الصفحة : 16)
تنص الفقرة الأولى من المادة على أن مالك الشيء يملك كل ما يعد من عناصره الجوهرية بحيث لا يمكن فصله عنه دون أن يهلك أو يتلف أو يتغير سواءً كان عقاراً أو منقولاً فإذا تعين الشيء محل الملكية، فإنه يكاد أن يكون بديهياً أن ينصب حق الملكية على أصل الشيء، ويدخل في هذا الأصل كل ما يعد من عناصر الشيء الجوهرية، إذا ترتب على فصله هلاك الشيء أو تلفه أو تغييره وعلى ذلك فمالك البناء مثلاً يملك جميع الأجزاء المكونة له من أسقف وأعمدة وأبواب وشبابيك، إلى غير ذلك مما هو مندمج في البناء بحيث لا يمكن فصله عنه دون المساس بكيانه أو التغيير فيه ومالك السيارة يملك جميع أجزائها، والآلة تشمل كل الأجزاء اللازمة لتشغيلها بالصورة المعتادة في الغرض الذي صنعت من أجله، وطاقم الشاي يشمل جميع الأواني اللازمة لإستخدامه، فيشمل الفناجين والبراد وآنية الماء الساخن والسكر والحليب، واجتماعها هو الذي يجعله " طاقماً ".
ولا يثير تعيين الحدود المادية للشيء أية صعوبة إذا كان الشيء منقولاً ، لأن المنقول بحكم إمكان نقله دون تلف ، يكون شيئاً منفصلاً عن غيره من الأشياء، من ناحية، ولأن حق الملكية بوصفه حقاً عينياً لا يرد إلا على شيء معين بالذات، ومن ثم متميز عن غيره، من ناحية أخرى.
أما إذا كان أرضاً، فتقوم أحياناً صعوبات في تحديده، نظراً لتجاور الملكيات وعدم إنعزال بعضها عن بعض على النحو الذي نراه في المنقولات، ولذا أجازت المادة 813 مدني لكل مالك أن يجبر جاره على وضع حدود لأملاكهما المتلاصقة وتكون نفقات التحديد شركة بينهما .
فملكية الأرض لا تقتصر على سطحها، بل تشمل كذلك ما فوقها وما تحتها، وبغير ذلك لا يمكن للمالك أن يفيد على نحو جدي بالأرض التي يمتلكها.
ولم يكن التقنين المدني القديم يتضمن نصاً يقرر هذه القاعدة ومع ذلك كان الفقه والقضاء يسلمان بها، ويجمعان عليها .
ملكية الأرض تشمل ملكية ما فوقها أي العلو فمالك الأرض يملك الفضاء الجوي الذي يعلوها ومن ثم يحق له أن يستخدم هذا الفضاء في إقامة بناء وغرس نباتات تعلو سطح الأرض أو يمد عليها أسلاكاً وفي الوقت ذاته يكون المالك الأرض أن يمنع غيره من إستخدام الفضاء الذي يعلو أرضه ، فلا يجوز الشخص أن يقيم على أرضه بناءً يميل على أرض جاره، أو أن يغرس أشجاراً تمتد فروعها فوق أرض جاره، كذلك لا يجوز لشخص أن يمد أسلاكاً فوق أرض جاره.
ويكون لمالك الأرض أن يمنع الإعتداء السابق عليها حتى ولو لم يترتب على هذا الإعتداء أي ضرر، فإذا امتدت أغصان الشجر المغروس في أرض الجار واحتلت حيزاً من العلو الذي يجاوره، كان لمالك حق العلو أن يطلب من جاره قطع ما امتد من الغصون إلى علوه، وليس لهذا الأخير الإمتناع عن قطعها بالإدعاء بأن امتدادها لم يحدث ضرراً به، وكذلك إذا اصطاد المالك وهو في أرضه طيراً في أرض جاره كان في هذا إعتداء على علو هذا الأخير .
وقد قيد النص حق المالك في العلو بالحد المفيد في التمتع به وعلى ذلك فإن المالك لا يملك من الفضاء الذي يعلو الأرض إلا ما يستطيع أن يستخدمه : وليس في خارج هذا النطاق، أى العلم الذي لا يتصور عنده استفادة المالك من ملكه على النحو المعتاد، أن يمنع الغير من إستخدام العلو فلا يجوز لمالك الأرض أن يمنع الغير من التحليق بالطائرات فوق أرضه ما دام أن هذا التحليق يتم على إرتفاع كاف من الأرض أو المباني المقامة عليها بحيث لا يسبب له ضرراً ولا يجوز أيضاً لمالك الأرض أن يعارض في مد أسلاك كهربائية ما دام يتم على علو لا يمس بسلطته في إستعمال أرضه .
وهذا التحديد يجعل للسلطة العامة الحق في وضع قيود على إستعمال العلو، فهي التي تسمح بالإستعمال ولها كل الحق في أن توضح حدوده دون أن يسوغ المالك الأرض أن يدعي أن في ذلك نزعاً لملكيته ويطالب من ثم بالتعويض .
وملكية العمق ضرورية لانتفاع المالك بأرضه كملكية العلو، وتتيح للمالك أن يحفر في أرضه ليضع أساس أبنية أو يغرس أشجاراً فيها، وأن تمتد جذور تلك الأشجار إلى العمق الذي يتطلبه نموها بل وليقيم ما يريد من سراديب تحت الأرض وللمالك أن يمنع الإعتداء على باطن أرضه، فإذا امتدت جذور الأشجار المغروسة في أرض الجار إلى أرضه، جاز له أن يطلب قطعها على حدود أرضه ويرى البعض أن المادة 1/882 - التي تقضي بأن الكنز المدفون أو المخبوء الذي لا يستطيع أحد أن يثبت ملكيته له يكون المالك العقار الذي وجد فيه الكنز أو لمالك رقبته - تعتبر نتيجة لملكية العمق.
وكما أن ملكية العلو محددة بالقدر المفيد للتمتع بالأرض، فملكية العميق كذلك محددة بالقدر اللازم للإفادة منها وفيما جاوز هذا النطاق الذي يستطيع مالك الأرض أن يفيد منه يجوز للغير أن يستخدم العمق، كأن يمد الأنابيب والأسلاك تحتها، ولا يجوز لمالك الأرض أن يعترض على ذلك مادام أنه لا يعوق إستعماله لحقه أو يلحق بملكه ضراراً.
وكان مؤدى شمول ملكية الأرض للعمق الذي تحتها أن ترد الملكية على المناجم أو المحاجر أو آبار البترول أو المياه المعدنية التي تكون في باطنها ولكن الشارع عطل هذه النتيجة بالقانون رقم 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم والمحاجر، وجعل المواد المعدنية بالمناجم وخدمات المحاجر ملكاً للدولة، ونزع بهذا عن أصحاب الأراضي التي توجد في باطنها هذه المواد، ملكيتهم لها .(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : الحادي عشر ، الصفحة : 38)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / العشرون ، الصفحة / 199
الأْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالدَّارِ:
8 - أَوْرَدَ الْفُقَهَاءُ أَحْكَامَ الدَّارِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فِي عِدَّةِ أَبْوَابٍ مِنْهَا: الْبَيْعُ، وَالإْجَارَةُ، وَالْوَصِيَّةُ، وَالْوَقْفُ.
وَبَحَثُوا فِيمَا لَوْ بَاعَ الشَّخْصُ الدَّارَ، أَوْ آجَرَهَا أَوْ أَوْصَى بِهَا، أَوْ وَقَفَهَا، مَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْعَقْدِ وَمَا لاَ يَدْخُلُ فِيهِ.
فَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الدَّارِ عِنْدَ الإْطْلاَقِ يَدْخُلُ فِيهِ الأْرْضُ وَالْبِنَاءُ وَكُلُّ مَا هُوَ مُثَبَّتٌ فِيهَا كَالأْجْنِحَةِ وَالرَّوَاشِنِ، وَالدَّرَجِ وَالْمَرَاقِي الْمَعْقُودَةِ، وَالسُّقُفِ، وَالْجُسُورِ، وَالْبَلاَطِ الْمَفْرُوشِ الْمُثَبَّتِ فِي الأْرْضِ، وَالأْبْوَابِ الْمَنْصُوبَةِ وَغَلْقِهَا الْمُثَبَّتِ، وَالْخَوَابِي، وَمَعَاجِنِ الْخَبَّازِينَ وَخَشَبِ الْقَصَّارِينَ، وَالإْجَّانَاتِ الْمُثَبَّتَةِ (وَهِيَ آنِيَةٌ تُغْسَلُ فِيهَا الثِّيَابُ) وَالرُّفُوفِ، وَالسَّلاَلِمِ، وَالسُّرُرِ عَلَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الثَّلاَثَةُ مُسَمَّرَةً.
كَمَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْعَقْدِ الأْشْجَارُ الرَّطْبَةُ الْمَغْرُوسَةُ فِي الدَّارِ، وَالْبِئْرُ الْمَحْفُورَةُ، وَالأْوْتَادُ الْمَغْرُوزَةُ فِيهَا، لأِنَّ اسْمَ الدَّارِ يَقَعُ عَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الأْشْيَاءِ عُرْفًا.
وَكَذَلِكَ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْعَقْدِ حَجَرُ الرَّحَى إِذَا كَانَ الأْسْفَلُ مِنْهُمَا مُثَبَّتًا .
وَفِي قَوْلٍ لِكُلٍّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: لاَ يَدْخُلُ الْحَجَرُ الأْعْلَى إِذَا كَانَ مُنْفَصِلاً.
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَنْقُولاَتِ الْمُنْفَصِلَةَ وَغَيْرَ الْمُثَبَّتَةِ لاَ تَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ عِنْدَ الإِْطْلاَقِ، وَذَلِكَ كَالسَّرِيرِ، وَالْفُرُشِ، وَالسَّتَائِرِ، وَالرُّفُوفِ الْمَوْضُوعَةِ بِغَيْرِ تَسْمِيرٍ وَلاَ غَرْزٍ فِي الْحَائِطِ، وَكَذَلِكَ الأْقْفَالُ وَالْحِبَالُ، وَالدَّلْوُ، وَالْبَكَرَةُ إِذَا لَمْ تَكُنْ مُرَكَّبَةً بِالْبِئْرِ بِأَنْ كَانَتْ مَشْدُودَةً بِحَبْلٍ أَوْ مَوْضُوعَةً.
وَكَذَلِكَ السَّلاَلِمُ الْمَوْضُوعَةُ غَيْرُ الْمُرَكَّبَةِ. وَكُلُّ مَا لاَ يَكُونُ مِنْ بِنَاءِ الدَّارِ وَلاَ مُتَّصِلاً بِهَا مِنْ خَشَبٍ وَحَجَرٍ، وَحَيَوَانٍ، وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَنْقُولاَتِ الْمَوْجُودَةِ فِي الدَّارِ.
وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ الإِْطْلاَقِ.
أَمَّا إِذَا اتَّفَقَ الطَّرَفَانِ عَلَى أَنْ يَشْمَلَ الْعَقْدُ جَمِيعَ الْمَنْقُولاَتِ الْمَوْجُودَةِ فِي الدَّارِ أَوْ بَعْضَهَا، أَوْ قَالَ: وَقَفْتُ الدَّارَ بِجَمِيعِ مَا فِيهَا، فَإِنَّ الْمَنْقُولاَتِ الْمَوْجُودَةَ تَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ تَبَعًا لِلدَّارِ أَوْ حَسْبَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الطَّرَفَانِ .
وَالتَّفَاصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ: (بَيْعٌ، وَقْفٌ)
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وَقْفِ عُلْوِ الدَّارِ دُونَ سُفْلِهَا، أَوْ سُفْلِهَا دُونَ عُلْوِهَا، أَوْ جَعْلِ وَسَطِ دَارِهِ مَسْجِدًا وَلَمْ يَذْكُرِ الاِسْتِطْرَاقَ .
فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى صِحَّةِ هَذَا الْوَقْفِ؛ لأِنَّهُ كَمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فَكَذَلِكَ يَصِحُّ وَقْفُهُ، كَوَقْفِ الدَّارِ جَمِيعًا، وَلأِنَّهُ تَصَرُّفٌ يُزِيلُ الْمِلْكَ إِلَى مَنْ يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الاِسْتِقْرَارِ وَالتَّصَرُّفِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ ذَلِكَ .
وَالتَّفَاصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ: (وَقْفٌ).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / التاسع والثلاوثون ، الصفحة / 31
مِلْكٌ
التَّعْرِيفُ:
1 - الْمِلْكُ لُغَةً - بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَضَمِّهَا -: هُوَ احْتِوَاءُ الشَّيْءِ وَالْقُدْرَةُ عَلَى الاِسْتِبْدَادِ بِهِ وَالتَّصَرُّفُ بِانْفِرَادِ .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: يُعَبِّرُ الْفُقَهَاءُ الْمُحْدَثُونَ بِلَفْظِ الْمِلْكِيَّةِ عَنِ الْمِلْكِ، لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ قَبْلَهُمْ يُعَبِّرُونَ بِلَفْظِ الْمِلْكِ.
وَقَدْ عَرَّفَ الْقَرَافِيُّ الْمِلْكَ - بِاعْتِبَارِهِ حُكْمًا شَرْعِيًّا - فَقَالَ: الْمِلْكُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ مُقَدَّرٌ فِي الْعَيْنِ أَوِ الْمَنْفَعَةِ، يَقْتَضِي تَمَكُّنَ مَنْ يُضَافُ إِلَيْهِ مِنَ انْتِفَاعِهِ بِالْمَمْلُوكِ وَالْعِوَضِ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ كَذَلِكَ .
وَقَالَ ابْنُ الشَّاطِ: الْمِلْكُ هُوَ تَمَكُّنُ الإْنْسَانِ شَرْعًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِنِيَابَةِ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِالْعَيْنِ أَوْ بِالْمَنْفَعَةِ وَمِنْ أَخْذِ الْعِوَضِ، أَوْ تَمَكُّنِهِ مِنَ الاِنْتِفَاعِ خَاصَّةً .
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْحَقُّ:
2 - يُطْلَقُ الْحَقُّ لُغَةً عَلَى نَقْضِ الْبَاطِلِ وَعَلَى الْحَظِّ، وَالنَّصِيبِ، وَالثَّابِتِ وَالْمَوْجُودِ، وَالشَّيْءُ الَّذِي لاَ يَنْبَغِي إِنْكَارُهُ .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ يُطْلَقُ عَلَى الْوَاجِبِ الثَّابِتِ الَّذِي يَشْمَلُ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى، وَحُقُوقِ الْعِبَادِ .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْمِلْكِ: أَنَّ الْحَقَّ أَعَمُّ مِنَ الْمِلْكِ.
الأْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمِلْكِ:
يَتَعَلَّقُ بِالْمِلْكِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:
حُرْمَةُ الْمِلْكِ فِي الإْسْلاَمِ
3 - صَانَ الإْسْلاَمُ الْمِلْكَ، فَحَرَّمَ الاِعْتِدَاءَ عَلَيْهِ، وَالأْدِلَّةُ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرَةٌ، مِنْهَاقوله تعالي : (وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ» . وَقَوْلُهُ صلي الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإْسْلاَمِ ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ».
قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: الْقَاعِدَةُ الْمُعْتَبَرَةُ أَنَّ الْمُلاَّكَ مُخْتَصُّونَ بِأَمْلاَكِهِمْ، لاَ يُزَاحِمُ أَحَدٌ مَالِكًا فِي مِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ حَقٍّ مُسْتَحَقٍّ، ثُمَّ الضَّرُورَةُ تُحْوِجُ مُلاَّكَ الأْمْوَالِ إِلَى التَّبَادُلِ فِيهَا... فَالأْمْرُ الَّذِي لاَ شَكَّ فِيهِ تَحْرِيمُ التَّسَالُبِ وَالتَّغَالُبِ وَمَدِّ الأْيْدِي إِلَى أَمْوَالِ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: وَالرَّجُلُ أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ .
وَقَدْ جَعَلَ الإْسْلاَمُ مِلْكَ الأْمْوَالِ اسْتِخْلاَفًا وَمِنْحَةً رَبَّانِيَّةً، لأِنَّ الْمَالِكَ الْحَقِيقِيَّ لِلأْمْوَالِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَكِنَّهُ أَعْطَى لِلإْنْسَانِ حَقَّ التَّمَلُّكِ وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى الأْمْوَالِ، قَالَ تَعَالَى : (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) وَقَالَ تَعَالَى : (وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ) .
وَالآْيَاتُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ، وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِهَا: إِنَّ الأْمْوَالَ الَّتِي فِي أَيْدِيكُمْ إِنَّمَا هِيَ أَمْوَالُ اللَّهِ بِخَلْقِهِ وَإِنْشَائِهِ لَهَا، وَإِنَّمَا خَوَّلَكُمُ الاِسْتِمْتَاعَ بِهَا، وَجَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ فِي التَّصَرُّفِ فِيهَا، فَلَيْسَتْ هِيَ بِأَمْوَالِكُمْ فِي الْحَقِيقَةِ، وَمَا أَنْتُمْ فِيهَا إِلاَّ بِمَنْزِلَةِ الْوُكَلاَءِ .
وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ فِي الأْمْوَالِ حُقُوقًا لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَلِلأْقَارِبِ وَنَحْوِهِمْ.
أَقْسَامُ الْمِلْكِ:
لِلْمِلْكِ أَقْسَامٌ بِاعْتِبَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ:
- فَهُوَ بِاعْتِبَارِ حَقِيقَتِهِ:إمَّا مِلْكٌ تَامٌّ أَوْ نَاقِصٌ.
- وَبِاعْتِبَارِ الْمُسْتَفِيدِ مِنْهُ: إِمَّا مِلْكٌ عَامٌّ أَوْ خَاصٌّ.
- وَبِاعْتِبَارِ سَبَبِهِ: إِمَّا مِلْكٌ اخْتِيَارِيٌّ أَوْ جَبْرِيٌّ.
- وَبِاعْتِبَارِ احْتِمَالِ سُقُوطِهِ: إِمَّا مِلْكٌ مُسْتَقِرٌّ أَوْ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ.
أ - أَقْسَامُ الْمِلْكِ بِاعْتِبَارِ حَقِيقَتِهِ
4 - يَنْقَسِمُ الْمِلْكُ بِاعْتِبَارِ حَقِيقَتِهِ إِلَى مِلْكٍ تَامٍّ وَمِلْكٍ نَاقِصٍ.
وَالْمِلْكُ التَّامُّ: هُوَ مِلْكُ الرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ، وَالْمِلْكُ النَّاقِصُ: هُوَ مِلْكُ الرَّقَبَةِ فَقَطْ، أَوِ الْمَنْفَعَةِ فَقَطْ، أَوِ الاِنْتِفَاعِ فَقَطْ.
يَقُولُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: الْمِلْكُ التَّامُّ يُمْلَكُ فِيهِ التَّصَرُّفُ فِي الرَّقَبَةِ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، وَيُورَثُ عَنْهُ، وَيُمْلَكُ التَّصَرُّفُ فِي مَنَافِعِهِ بِالإْعَارَةِ وَالإْجَارَةِ وَالاِنْتِفَاعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .
وَقَدْ عَبَّرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِالْمِلْكِ الضَّعِيفِ بَدَلَ النَّاقِصِ، يَقُولُ الزَّرْكَشِيُّ: الْمِلْكُ قِسْمَانِ: تَامٌّ وَضَعِيفٌ، فَالتَّامُّ يَسْتَتْبِعُ جَمِيعَ التَّصَرُّفَاتِ، وَالضَّعِيفُ بِخِلاَفِهِ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ مُصْطَلَحُ النَّاقِصِ أَيْضًا .
ثُمَّ إِنَّ الأْصْلَ فِي الْمِلْكِ هُوَ الْمِلْكُ التَّامُّ، وَأَنَّ الْمِلْكَ النَّاقِصَ خِلاَفُ الأْصْلِ ، كَمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ الْمِلْكِ هُوَ الاِنْتِفَاعُ بِالأْشْيَاءِ .
وَلِذَلِكَ جَاءَ مِلْكُ الرَّقَبَةِ دُونَ الْمَنْفَعَةِ نَاقِصًا، كَأَنْ يُوصِيَ بِمَنْفَعَةِ عَيْنٍ لِشَخْصِ، أَوْ أَنْ يُوصِيَ بِالرَّقَبَةِ لِشَخْصِ وَبِمَنْفَعَتِهَا لآِخَرَ .
أَمَّا مِلْكُ الْمَنَافِعِ: فَهُوَ مشَاعٌ، وَيَتَحَقَّقُ فِي الإْجَارَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَالإْعَارَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَعِيرِ، وَالْوَصِيَّةِ بِالْمَنْفَعَةِ فَقَطْ، وَالْوَقْفِ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ، وَالأْرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ الْمُقَرَّةِ فِي يَدِ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ بِالْخَرَاجِ.
وَالْوَصِيَّةُ بِالْمَنَافِعِ جَائِزَةٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مَا عَدَا ابْنَ شُبْرُمَةَ وَابْنَ أَبِي لَيْلَى .
أَمَّا مِلْكُ الاِنْتِفَاعِ: فَقَدْ ذَكَرَهُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي تَفْصِيلِ أَحْكَامِهِ.
فَقَدْ قَسَّمَ ابْنُ رَجَبٍ الْحَنْبَلِيِّ الْمِلْكَ إِلَى أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ: مِلْكِ عَيْنٍ وَمَنْفَعَةٍ، وَمِلْكِ عَيْنٍ بِلاَ مَنْفَعَةٍ، وَمِلْكِ مَنْفَعَةٍ بِلاَ عَيْنٍ، وَمِلْكِ انْتِفَاعٍ مِنْ غَيْرِ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ، ثُمَّ قَالَ:
أَمَّا النَّوْعُ الأْوَّلُ: فَهُوَ عَامَّةُ الأْمْلاَكِ الْوَارِدَةِ عَلَى الأْعْيَانِ الْمَمْلُوكَةِ بِالأْسْبَابِ الْمُقْتَضِيَةِ لَهَا، مِنْ بَيْعٍ وَهِبَةٍ وَإِرْثٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
النَّوْعُ الثَّانِي: مِلْكُ الْعَيْنِ بِدُونِ مَنْفَعَةٍ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ بِدُونِ عَيْنٍ وَهُوَ ثَابِتٌ بِالاِتِّفَاقِ، وَهُوَ ضَرْبَانِ:
الضَّرْبُ الأْوَّلُ: مِلْكٌ مُؤَبَّدٌ، وَيَنْدَرِجُ تَحْتَهُ صُوَرٌ: مِنْهَا الْوَصِيَّةُ بِالْمَنَافِعِ، وَمِنْهَا الْوَقْفُ، فَإِنَّ مَنَافِعَهُ وَثَمَرَاتِهِ مَمْلُوكَةٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ... وَمِنْهَا الأْرْضُ الْخَرَاجِيَّةُ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مِلْكٌ غَيْرُ مُؤَبَّدٍ، فَمِنْهُ الإْجَارَةُ، وَمِنْهُ مَنَافِعُ الْبَيْعِ الْمُسْتَثْنَاةُ فِي الْعَقْدِ مُدَّةً مَعْلُومَةً.
النَّوْعُ الرَّابِعُ: مِلْكُ الاِنْتِفَاعِ الْمُجَرَّدِ، وَلَهُ صُوَرٌ مُتَعَدِّدَةٌ: مِنْهَا مِلْكُ الْمُسْتَعِيرِ، فَإِنَّهُ يَمْلِكُ الاِنْتِفَاعَ لاَ الْمَنْفَعَةَ، إِلاَّ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ.
وَمِنْهَا: الْمُنْتَفِعُ بِمِلْكِ جَارِهِ مِنْ وَضْعِ خَشَبٍ، وَمَمَرٍّ فِي دَارٍ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ كَانَ بِعَقْدِ صُلْحٍ فَهُوَ إِجَارَةٌ.
وَمِنْهَا: إِقْطَاعُ الإْرْفَاقِ كَمَقَاعِدِ الأْسْوَاقِ وَنَحْوِهَا، وَمِنْهَا: الطَّعَامُ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ حِيَازَتِهِ يَمْلِكُ الْقَائِمُونَ الاِنْتِفَاعَ بِهِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَقِيَاسُهُ الأْكْلُ مِنَ الأْضْحِيَةِ وَالثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ وَنَحْوِهِ، وَمِنْهَا أَكْلُ الضَّيْفِ لِطَعَامِ الْمُضِيفِ فَإِنَّهُ إِبَاحَةٌ مَحْضَةٌ .
وَقَدْ فَصَّلَ الْقَرَافِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مِلْكِ الاِنْتِفَاعِ، وَمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ فَقَالَ: فَتَمْلِيكُ الاِنْتِفَاعِ نُرِيدُ بِهِ أَنْ يُبَاشِرَ هُوَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ، وَتَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ هُوَ أَعَمُّ وَأَشْمَلُ، فَيُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ وَيُمَكِّنُ غَيْرَهُ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِعِوَضٍ كَالإْجَارَةِ، وَبِغَيْرِ عِوَضٍ كَالْعَارِيَةِ.
وَمِثَالُ الأْوَّلِ - أَيِ الاِنْتِفَاعِ - سُكْنَى الْمَدَارِسِ وَالرِّبَاطِ وَالْمَجَالِسِ فِي الْجَوَامِعِ وَالْمَسَاجِدِ وَالأْسْوَاقِ وَمَوَاضِعِ النُّسُكِ كَالْمَطَافِ وَالْمَسْعَى وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ... أَمَّا مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ فَكَمَنِ اسْتَأْجَرَ دَارًا، أَوِ اسْتَعَارَهَا، فَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهَا مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ يُسْكِنَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَيَتَصَرَّفَ فِي هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ تَصَرُّفَ الْمُلاَّكِ فِي أَمْلاَكِهِمْ.
ثُمَّ ذَكَرَ أَرْبَعَ مَسَائِلَ تَدْخُلُ فِي مِلْكِ الاِنْتِفَاعِ وَهِيَ:
الأْولَى: النِّكَاحُ حَيْثُ هُوَ مِنْ بَابِ تَمْلِيكِ الاِنْتِفَاعِ، وَلَيْسَ تَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ.
الثَّانِيَةُ: الْوَكَالَةُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَهِيَ مِنْ بَابِ تَمْلِيكِ الاِنْتِفَاعِ لاَ مِنْ بَابِ تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ، وَأَمَّا الْوَكَالَةُ بِعِوَضٍ فَهِيَ مِنْ بَابِ الإْجَارَةِ.
الثَّالِثَةُ: الْقِرَاضُ (الْمُضَارَبَةُ) وَالْمُسَاقَاةُ وَالْمُغَارَسَةُ، فَرَبُّ الْمَالِ فِيهَا يَمْلِكُ مِنَ الْعَامِلِ الاِنْتِفَاعَ لاَ الْمَنْفَعَةَ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعَاوِضَ عَلَى مَا مَلَكَهُ مِنَ الْعَامِلِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلاَ يُؤَاجِرُهُ مِمَّنْ أَرَادَ، بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى الاِنْتِفَاعِ بِنَفْسِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي اقْتَضَاهُ عَقْدُ الْقِرَاضِ.
الرَّابِعَةُ: إِذَا وَقَفَ شَخْصٌ وَقْفًا عَلَى أَنْ يَسْكُنَ أَوْ عَلَى السُّكْنَى، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، فَظَاهِرُ اللَّفْظِ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَاقِفَ إِنَّمَا مَلَكَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الاِنْتِفَاعَ بِالسُّكْنَى دُونَ الْمَنْفَعَةِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ غَيْرَهُ، وَلاَ يُسْكِنَهُ .
وَفَرَّقَ الشَّافِعِيَّةُ بَيْنَ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ كَالْمُسْتَأْجِرِ، وَمِلْكِ الاِنْتِفَاعِ كَالْمُسْتَعِيرِ، وَقَالُوا: مَنْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ فَلَهُ الإْجَارَةُ وَالإْعَارَةُ ، وَمَنْ مَلَكَ الاِنْتِفَاعَ فَلَيْسَ لَهُ الإْجَارَةُ قَطْعًا، وَلاَ الإْعَارَةَ فِي الأْصَحِّ .
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ حَوْلَ بَعْضِ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَدْخُلُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ فِي مِلْكِ الاِنْتِفَاعِ وَلاَ تَدْخُلُ فِيهِ عِنْدَ الآْخَرِينَ، بَلْ تَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ، مِثْلُ الْعَارِيَةِ... حَيْثُ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ مَا عَدَا الْكَرْخِيَّ وَالْمَالِكِيَّةَ وَالْحَنَابِلَةَ فِي رَأْيٍ إِلَى أَنَّ الْعَارِيَةَ تَمْلِيكٌ لِلْمَنْفَعَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَلِذَلِكَ أَجَازُوا لِلْمُسْتَعِيرِ إِعَارَةَ الْعَيْنِ الْمُسْتَعَارَةِ بِالْقُيُودِ الَّتِي وَضَعَهَا الْفُقَهَاءُ .
الْفُرُوقُ الْجَوْهَرِيَّةُ بَيْنَ الْمِلْكِ التَّامِّ وَالْمِلْكِ النَّاقِصِ:
5 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَالْكَرْخِيُّ إِلَى أَنَّ الإْعَارَةَ تَمْلِيكٌ لِلاِنْتِفَاعِ .
وَتُوجَدُ فُرُوقٌ جَوْهَرِيَّةٌ بَيْنَ الْمِلْكِ التَّامِّ وَالْمِلْكِ النَّاقِصِ، تَلْخِيصُهَا فِيمَا يَأْتِي:
أَوَّلاً: إِنَّ لِصَاحِبِ الْمِلْكِ التَّامِّ الْحَقَّ فِي إِنْشَاءِ جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَشْرُوعَةِ مِنْ عُقُودٍ نَاقِلَةٍ لِلْمِلْكِ التَّامِّ، أَوِ النَّاقِصِ، فَهُوَ حُرُّ التَّصَرُّفِ فِي حُدُودِ عَدَمِ مُخَالَفَةِ الشَّرْعِ، أَمَّا صَاحِبُ الْمِلْكِ النَّاقِصِ فَلَيْسَ لَهُ الْحَقُّ فِي كُلِّ التَّصَرُّفَاتِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُقَيَّدٌ فِي حُدُودِ الاِنْتِفَاعِ بِالْمَنْفَعَةِ فَقَطْ، لأِنَّهُ لاَ يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ وَالْمَنْفَعَةَ مَعًا.
ثَانِيًا: تَأْبِيدُ الْمِلْكِ التَّامِّ: وَالْمَقْصُودُ بِهِ أَنَّ الْمِلْكَ التَّامَّ دَائِمٌ وَمُسْتَمِرٌّ لاَ يَنْتَهِي إِلاَّ بِسَبَبٍ مَشْرُوعٍ قَاطِعٍ، وَكَذَلِكَ لاَ يَجُوزُ تَأْقِيتُهُ، وَلِذَلِكَ لاَ يَجُوزُ تَأْقِيتُ الْعُقُودِ النَّاقِلَةِ لِلْمِلْكِ التَّامِّ كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: بِعْتُ لَكَ هَذِهِ الدَّارَ بِأَلْفِ دِينَارٍ لِمُدَّةِ سَنَةٍ، إِلاَّ إِذَا قَصَدَ بِهَا الإْجَارَةَ فَيُحْمَلُ عَلَيْهَا مِنْ بَابِ: إِنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِالْمَقَاصِدِ وَالْمَعَانِي لاَ بِالأْلْفَاظِ وَالْمَبَانِي
وَأَمَّا الْمِلْكُ النَّاقِصُ فَالْعُقُودُ الْوَارِدَةُ عَلَى الْمَنَافِعِ فِيهَا لاَ بُدَّ مِنْ تَأْقِيتِهَا مِثْلَ الإْجَارَةِ وَالإْعَارَةِ وَنَحْوِهَا، فَهِيَ تَقْبَلُ التَّقْيِيدَ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَنَوْعِ الاِنْتِفَاعِ .
ب - أَقْسَامُ الْمِلْكِ بِاعْتِبَارِ الْمُسْتَفِيدِ مِنْهُ
6 - يَنْقَسِمُ الْمِلْكُ بِاعْتِبَارِ الْمُسْتَفِيدِ مِنْهُ إِلَى مِلْكٍ خَاصٍّ، وَإِلَى مِلْكٍ عَامٍّ، فَالْمِلْكُ الْخَاصُّ هُوَ الَّذِي لَهُ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ، سَوَاءٌ أَكَانَ فَرْدًا أَمْ جَمَاعَةً.
وَأَمَّا الْمِلْكُ الْعَامُّ فَهُوَ الْمِلْكُ الَّذِي لاَ يَخْتَصُّ بِهِ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ، وَإِنَّمَا يَشْتَرِكُ فِيهِ النَّاسُ لاَ عَلَى التَّعْيِينِ، كَمِلْكِ الْمَاءِ وَالْكَلأَ وَالنَّارِ، لِقَوْلِ الرَّسُولِ صلي الله عليه وسلم: «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءٌ فِي ثَلاَثٍ فِي الْكَلأَ وَالْمَاءِ وَالنَّارِ».
ج - أَقْسَامُ الْمِلْكِ بِاعْتِبَارِ سَبَبِهِ
7 - يَنْقَسِمُ الْمِلْكُ بِاعْتِبَارِ سَبَبِهِ إِلَى مِلْكٍ اخْتِيَارِيٍّ أَوْ قَهْرِيٍّ.
يَقُولُ الزَّرْكَشِيُّ: الْمِلْكُ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا يَحْصُلُ قَهْرًا كَمَا فِي الْمِيرَاثِ وَمَنَافِعِ الْوَقْفِ.
وَالثَّانِي: يَحْصُلُ بِالاِخْتِيَارِ وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: بِالأْقْوَالِ، وَيَكُونُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ كَالْبُيُوعِ، وَفِي غَيْرِهَا كَالْهِبَاتِ وَالْوَصَايَا، وَالْوُقُوفِ إِذَا اشْتَرَطْنَا الْقَبُولَ.
وَالثَّانِي: يَحْصُلُ بِالأْفْعَالِ كَتَنَاوُلِ الْمُبَاحَاتِ كَالاِصْطِيَادِ وَالإْحْيَاءِ.
ثُمَّ فَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: وَمِمَّا يَتَخَالَفَانِ فِيهِ - أَعْنِي الاِخْتِيَارِيَّ وَالْقَهْرِيَّ - أَنَّ الاِخْتِيَارِيَّ يُمْلَكُ بِالْعِوَضِ الْمُعَيَّنِ، أَوْ بِمَا فِي الذِّمَّةِ، وَلاَ يَتَوَقَّفُ عَلَى أَدَاءِ الثَّمَنِ بِلاَ خِلاَفٍ، وَأَمَّا الْقَهْرِيُّ كَالأْخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَلاَ يُمْلَكُ حَتَّى يَقْبِضَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ، أَوْ يَرْضَى بِتَأْخِيرِهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَمْلِكُ بِذَلِكَ وَبِقَضَاءِ الْقَاضِي لَهُ.
وَمِنْهَا: أَنَّ التَّمَلُّكَ الْقَهْرِيَّ يَحْصُلُ بِالاِسْتِيلاَءِ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ كَمَا فِي أَمْوَالِ الْكُفَّارِ، بِخِلاَفِ الاِخْتِيَارِيِّ.
وَمِنْهَا: أَنَّ التَّمَلُّكَ الْقَهْرِيَّ هَلْ يُشْرَطُ فِيهِ مَعْرِفَةُ شُرُوطِهِ مِنَ الرُّؤْيَةِ وَنَحْوِهَا؟ خِلاَفٌ - كَمَا فِي الشُّفْعَةِ، يُؤْخَذُ الشِّقْصُ الَّذِي لَمْ يَرَهُ - عَلَى قَوْلَيْنِ، وَالاِخْتِيَارِيُّ يُشْتَرَطُ فِيهِ قَطْعًا.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لاَ يُغْتَفَرُ فِي الاِخْتِيَارِيِّ، كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَكَذَا الصَّيْدُ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ، وَلاَ يَمْلِكُ ذَلِكَ كُلَّهُ بِالاِخْتِيَارِ .
وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ، هَلِ الأْسْبَابُ الْفِعْلِيَّةُ أَقْوَى أَمِ الْقَوْلِيَّةُ أَقْوَى؟ فَقِيلَ: الْفِعْلِيَّةُ أَقْوَى، وَقِيلَ: الْقَوْلِيَّةُ أَقْوَى.
وَقَدْ بَيَّنَ الْقَرَافِيُّ الْفَرْقَ بَيْنَ السَّبَبَيْنِ فَقَالَ: الأْسْبَابُ الْفِعْلِيَّةُ تَصِحُّ مِنَ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ دُونَ الْقَوْلِيَّةِ. فَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ يَمْلِكُ الصَّيْدَ بِالاِصْطِيَادِ، وَالأْرْضَ بِالإْحْيَاءِ، فِي حِينٍ لاَ يَمْلِكُ إِنْشَاءَ عُقُودِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَذَلِكَ لأِنَّ الأْسْبَابَ الْفِعْلِيَّةَ تَعُودُ بِالنَّفْعِ عَلَيْهِ، أَمَّا الأْسْبَابُ الْقَوْلِيَّةُ فَإِنَّهَا مَوْضِعُ الْمُمَاكَسَةِ وَالْمُغَابَنَةِ، فَقَدْ تَعُودُ عَلَيْهِ بِالضَّرَرِ، كَمَا أَنَّ فِيهَا طَرَفًا آخَرَ يُنَازِعُهُ وَيُجَاذِبُهُ إِلَى الْغَبْنِ، وَهُوَ ضَعِيفُ الْعَقْلِ، فَلاَ يَسْتَطِيعُ تَحْقِيقَ مَصْلَحَتِهِ .
د - أَقْسَامُ الْمِلْكِ بِاعْتِبَارِ السُّقُوطِ وَعَدَمِهِ
8 - يَنْقَسِمُ الْمِلْكُ - بِاعْتِبَارِ احْتِمَالِ سُقُوطِهِ وَعَدَمِهِ - إِلَى نَوْعَيْنِ هُمَا:
الْمِلْكُ الْمُسْتَقِرُّ الَّذِي لاَ يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ بِتَلَفِ الْمَحِلِّ، أَوْ تَلَفِ مُقَابِلِهِ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَالصَّدَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ.
وَالْمِلْكُ غَيْرُ الْمُسْتَقِرِّ الَّذِي يَحْتَمِلُ ذَلِكَ كَالأْجْرَةِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَالثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ .
أَسْبَابُ الْمِلْكِ:
9 - لِلْمِلْكِ أَسْبَابُهُ الَّتِي تُؤَدِّي إِلَى تَحْقِيقِهِ
ذَكَرَ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي الأْشْبَاهِ أَنَّ أَسْبَابَ الْمِلْكِ هِيَ:
الْمُعَاوَضَاتُ الْمَالِيَّةُ، وَالأْمْهَارُ، وَالْخُلْعُ، وَالْمِيرَاثُ، وَالْهِبَاتُ، وَالصَّدَقَاتُ، وَالْوَصَايَا، وَالْوَقْفُ، وَالْغَنِيمَةُ، وَالاِسْتِيلاَءُ عَلَى الْمُبَاحِ، وَالإْحْيَاءُ، وَتَمَلُّكُ اللُّقَطَةِ بِشَرْطِهِ، وَدِيَةُ الْقَتِيلِ يَمْلِكُهَا أَوَّلاً ثُمَّ تَنْتَقِلُ إِلَى الْوَرَثَةِ، وَمِنْهَا الْغُرَّةُ يَمْلِكُهَا الْجَنِينُ فَتُورَثُ عَنْهُ، وَالْغَاصِبُ إِذَا فَعَلَ بِالْمَغْصُوبِ شَيْئًا أَزَالَ بِهِ اسْمَهُ وَعِظَمَ مَنَافِعِهِ مَلَكَهُ، وَإِذَا خُلِطَ الْمِثْلِيُّ بِمِثْلِيٍّ بِحَيْثُ لاَ يَتَمَيَّزُ مِلْكُهُ.
وَذَكَرَ الْحَصْكَفِيُّ أَنَّ أَسْبَابَ الْمِلْكِ ثَلاَثَةٌ:
نَاقِلٌ كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ، وَخِلاَفَةٌ كَإِرْثٍ، وَأَصَالَةٌ وَهُوَ الاِسْتِيلاَءُ حَقِيقَةً بِوَضْعِ الْيَدِ، أَوْ حُكْمًا بِالتَّهْيِئَةِ كَنَصْبِ شَبَكَةٍ لِصَيْدِ .
وَذَكَرَ السُّيُوطِيُّ نَقْلاً عَنِ الْكِفَايَةِ أَنَّ أَسْبَابَ الْمِلْكِ ثَمَانِيَةٌ: الْمِيرَاثُ، وَالْمُعَاوَضَاتُ، وَالْهِبَاتُ، وَالْوَصَايَا، وَالْوَقْفُ، وَالْغَنِيمَةُ، وَالإْحْيَاءُ، وَالصَّدَقَاتُ.
قَالَ ابْنُ السُّبْكِيِّ: وَبَقِيَتْ أَسْبَابٌ أُخَرُ، مِنْهَا: تَمَلُّكُ اللُّقَطَةِ بِشَرْطِهِ، وَمِنْهَا: دِيَةُ الْقَتِيلِ يَمْلِكُهَا أَوَّلاً ثُمَّ تُنْقَلُ لِوَرَثَتِهِ عَلَى الأْصَحِّ ، وَلِذَلِكَ يُوَفَّى مِنْهَا دَيْنُهُ، وَمِنْهَا: الْجَنِينُ، الأْصَحُّ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْغُرَّةَ، وَمِنْهَا: خَلْطُ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبَ بِمَالِهِ، أَوْ بِمَالِ آخَرَ لاَ يَتَمَيَّزُ فَإِنَّهُ يُوجِبُ مِلْكَهُ إِيَّاهُ، وَمِنْهَا: الصَّحِيحُ أَنَّ الضَّيْفَ يَمْلِكُ مَا يَأْكُلُهُ، وَهَلْ يُمْلَكُ بِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ، أَوْ فِي الْفَمِ، أَوْ بِالأْخْذِ ، أَوْ بِالاِزْدِرَادِ يَتَبَيَّنُ حُصُولُ الْمِلْكِ قَبِيلَهُ؟ أَوْجُهٌ .
_________________________________________________________________
مجلة الأحكام العدلية
مادة (1194) المالك للمحل
كل من ملك محلا صار مالكاً ما فوقه وما تحته أيضاً، يعني يتصرف في العرصة التي هي ملكه بالبناء والعلو كما يشاء وسائر التصرفات كحفر أرضها واتخاذها مخزنا ونبشها كما يشاء عمقاً أو يجعلها بئراً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفور له (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
(مادة 4)
الحقوق التي بها يكون التصرف والانتفاع بالأعيان على ثلاثة أنواع
الأول- حق ملك رقبة العين ومنفعتها
الثاني- حق ملك الانتفاع بالعين دون الرقبة
الثالث- حق الشرب والمسيل والمرور والتعلى ونحو ذلك من الحقوق