loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : السادس ، الصفحة : 20

مذكرة المشروع التمهيدي :

تشمل الملكية ، عدا الشيء المملوك نفسه بكامل أجزائه ، ما يتفرع عن الشيء وهو أنواع ثلاثة :

(أ) الملحقات وهي كل ما أعد بصفة دائمة لإستعمال الشيء، طبقاً لما تقضي به طبيعة الأشياء وعرف الجهة وقصد المتعاقدين، كحقوق الإرتفاق والعقار بالتخصیص .

(ب) المنتجات وهي كل ما يخرجه الشيء من ثمرات غير متجددة كما هو الأمر في المناجم والمحاجر .

(ج) الثمرات وهي كل ما ينتجه الشيء من غلة متجددة وقد تكون الغلة طبيعية كالزرع الذي يخرج في الأرض من تلقاء نفسه ، أو صناعية كالمحصول الذي يكون من عمل الطبيعة والإنسان ، أو مدنية كأجرة الأراضي والمساكن.


وهذا كله ما لم يوجد إتفاق مخالف ، فقد يتفق المتعاقدان على أن ملكية الشيء تنفصل عن ملكية ملحقاته أو منتجاته ، أو يوجد نص في القانون يقضى بغير ما تقدم، كالنص الذي يجعل الثمار للحائز حسن النية دون المالك .

الأحكام

1 ـ إن الأصل هو أن لمالك الشئ وحده الحق فى حيازته واستعماله واستغلاله وفى كل ثماره عملاً بنص المادتين 802 ، 804 من القانون المدنى .

(الطعن رقم 3135 لسنة 67 جلسة 2010/04/12 س 61 ص 487 ق 80)

2 ـ إذ كانت ملكية الأرض تشمل ما فوقها و ما تحتها ، ما لم يثبت غير ذلك ، و لمالك الشىء - عملاً بالمادة 804 من القانون المدنى - الحق فى كل ثماره و منتجاته و ملحقاته ما لم يوجد نص أو إتفاق يخالف ذلك ، و كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الأرض موضوع النزاع أرض زراعية عليها حظيرة و آلة رى ، و تقدر قيمة آلة الرى بمبلغ 400 جنيه ، و قد أقام المطعون عليه دعواه بطلب تثبيت ملكيته للأرض المذكورة بما عليها و كف منازعة الطاعنين له فيها ، و قد تناضل الخصوم فى ذلك ، و إذ أغفل الحكم المطعون فيه تقدير قيمة الدعوى بقيمة الأرض و ما عليها على النحو سالف البيان فيما يتعلق بنصاب الإستئناف ، و قدر قيمة الدعوى بقيمة الأرض وحدها دون ما عليها مما كان محلاً للمنازعة و رتب على ذلك قضاءه بعدم جواز الإستئناف ، فإن الحكم يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 1582 لسنة 52 جلسة 1983/03/02 س 34 ع 1 ص 621 ق 130)

شرح خبراء القانون

أعطى القانون الدائنين مدة خمس سنوات لإستيفاء حقوقهم من أموال المدين، عن طريق إجراءات فردية في التنفيذ، وهي مدة ولا شك كافية لتصفية الأموال، ولا يجوز أن يبقى المدين بعد إنقضاء هذه المدة في حالة الإعسار التي الحقته، فإن هذه الحالة قد غلت يده عن التصرف في أمواله - بالتفصيل السالف ذكره فوجب التوفيق بين مصلحته ومصلحة دائنيه.

ومن ثم فإن حالة الإعسار هذه تنتهي بإنقضاء خمس سنوات على تاريخ التأشير بالحكم الصادر بشهر الإعسار، ولو كان السبب الذي أشهر الإعسار من أجله لا زال قائماً أي ولو لم تكن للمدين أموال تكفي لسداد ديونه فقد راعى المشرع في ذلك أن مدة خمس سنوات مدة كافية يستطيع الدائنون خلالها القيام بتصفية أموال المدين فإذا كانوا لم يستوفوها بالرغم من إنقضاء المدة، فمعنى ذلك أن شهر الإعسار غير مجدي، ولذلك يتعين إنهاؤه ورفع القيود الواردة على المدين.

وتنتهي حالة الإعسار بقوة القانون، ودون حاجة إلى إستصدار حكم بذات بل ودون حاجة إلى التأشير بذلك على هامش التسجيل إذ يسهل على كل ذي مصلحة ببحث حالة المدين أن يحسب إنقضاء خمس السنوات المذكورة بمجرد اطلاعه على تاريخ تسجيل التأشير بالحكم الصادر بشهر الإعسار .(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : الثالث ، الصفحة : 804)

تنص المادة 804 مدني على ما يأتي :

لمالك الشيء الحق فى كل ثماره ومنتجاته وملحقاته . ما لم يوجد نص أو اتفاق يخالف ذلك.

ويتبين من النص سالف الذكر أن الملكية لا تقتصر فحسب على الشيء ذاته ، بل هى تمتد أيضاً إلى ما يلحق بالشيء وما يتفرغ عنه، فتمتد إلى الملحقات والثمار والمنتجات.

الملحقات : جاء المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " تشمل الملكية ، عدا الشيء المملوك نفسه بكامل أجزائه ، ما يتفرع عن الشيء وهو أنواع ثلاثة : (أ) الملحقات ، وهى كل ما أعد بصفة دائمة لإستعمال الشيء ، طبقاً لما تقضي به طبيعة الأشياء وعرف الجهة وقصد المتعاقدين ، كحقوق الإرتفاق والعقار بالتخصيص . (ب) .... (جـ) ... وهذا كله ما لم يوجد اتفاق مخالف ، فقد يتفق المتعاقدان على أن ملكية الشيء تنفصل عن ملكية ملحقاته أو منتجاته ، أو يوجد نص فى القانون يقضي بغير ما تقدم كالنص الذى يجعل الثمار للحائز حسن النية دون المالك ".

وتوجد نصوص متناثرة فى التقنين المدنى تبين فى أماكن مختلفة ما هو المقصود بالملحقات ، نذكر منها النصين الآتيين :

(أولاً) نص المادة 1036 مدنى المتعلق بالرهن الرسمي ، ويقضى بأن " يشمل الرهن ملحقات العقار المرهون التى تعتبر عقاراً ، وتشمل بوجه خاص حقوق الإرتفاق والعقارات بالتخصيص والتحسينات والإنشاءات التى تعود بمنفعة على المالك ... ".

(ثانياً) نص المادة 432 مدنى المتعلق بالبيع ، ويقضى بأن " يشمل التسليم ملحقات الشيء المبيع وكل ما أعد بصفة دائمة لإستعمال هذا الشيء طبقاً لما تقضي به طبيعة الأشياء وعرف الجهة وقصد المتعاقدين ".

وقد سبق أن بينا ، عند الكلام فى البيع الفرق بين أصل الشيء وملحقاته فالشيء يشتمل على أجزائه ، وهذه ليست من الملحقات بل هى الأصل وأجزاء الدار - التى هى الأصل - تشتمل على الأرض والبناء القائم والسلم والردهات والحديثة إن وجدت ونماه الشيء يدخل فى أصله لا فى ملحقاته ، فنماء الحيوان أى كبره ما بين البيع والتسليم داخل فى أصله أما ملحقات الشيء فهى شيء غير الأصل والنماء ، لأنها ملحقة بالأصل وليست الأصل ذاته وهى ليست متولدة من الأصل كما تتولد الثمار والمنتجات ، بل هى شيء مستقل عن الأصل غير متولد عنه ، ولكنه أعد بصفة دائمة ليكون تابعاً للأصل وملحقاً به فإذا كانت معدة بصفة وقتية لا بصفة دائمة ، كما إذا أستأجر المالك مواشى وآلات لزراعة أرضه ، فإنها لا تعتبر من الملحقات وكون الشيء يعتبر من ملحقات شيء آخر أولاً يعتبر يرجع فيه إلى طبيعة الأشياء كما هو الأمر في عدم اعتبار المشاغل والنشطاء من الملحقات وقد يوجد إتفاق – أو تصرف قانوني كوصية - بإعتبار شيء من الملحقات ، فعندئذ يجب اعتباره كذلك .

وكذلك سبق أن أوردنا ، عند الكلام فى البيع الوسيط 4 فقرة 203، تطبيقات مختلفة لما يعتبر من الملحقات فإذا كان الشيء أرضاً زراعية ، دخل فى الملحقات حقوق الإرتفاق ، والمواشى والآلات الزراعية وغيرها مما يعد عقاراً بالتخصيص ، وكذلك المخازن وزرابي المواشي وبيوت الفلاحين وإذا كان الشيء داراً ، ألحقت بها الأفران المثبتة في المطابخ والبنوارات المثبتة فى الحمامات وأجهزة الإضاءة والتسخين وتكييف الهواء وما إلى ذلك أما الأبواب والشبابيك والشرفات والمصاعد، فهذه تعتبر أجزاء من الدار لا ملحقات لها وإذا كان الشيء مصنعاً ، دخل فى ملحقاته المخازن التي تودع فيها المصنوعات ، والمنازل التى أقيمت لعمال المصنع ومطاعمهم وملاعبهم ونحو ذلك وإذا كان الشيء حيواناً ، دخل فى ملحقاته الصوف الشعر ولو كان مهيأ للجز، أما نتائج الحيوان فيعد من المنتجات لا من الملحقات وإذا كان الشيء سيارة، فإن عجلاتها وأجهزة الإدارة فيها تعتبر من أجزائها فهى أصل ، أما العدد والآلات المعدة لإصلاح السيارة ولتسييرها ، وكذلك الرخصة وبوليصة التأمين ومستندات الملكية ، فتعتبر من ملحقاتها وإذا كان الشيء أسهما وسندات ، فإن قسائم الأرباح ( الكوبونات) تعتبر من التمرات لا من الملحقات، وإذا ربح السند جائزة اعتبرت جزءاً من السند ، أو هى فى القليل من منتجاته وإذا كان الشيء منقولاً آخر ، دخل فى ملحقاته الصندوق الذى يحتويه أن وجد ومستند ملكيته .

الثمار : جاء المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : " (جـ) الثمرات وهى كل ما ينتجه الشيء من غلة متجددة وقد تكون الغلة طبيعية كالزرع الذي يخرج في الأرض من تلقاء نفسه أو صناعية كالمحصول الذى يكون من عمل الطبيعة والإنسان ، أو مدنية كأجرة الأراضي والمساكن .

والذى يميز الثمار أمران :

(1) أنها غلة دورية متجددة، أى أنها تتجدد عادة في أوقات متعاقبة منتظمة دون إنقطاع .

(2) أنها مع تفرعها عن الشيء لا تمس أصله ولا تنتقص منه، بل يبقى الأصل على حالة دون نقصان .

وهي ، كما تقول المذكرة الإيضاحية ، أنواع ثلاثة :

(1) ثمار طبيعية ، وهى من عمل الطبيعة لا دخل للإنسان فيها ، كالثمار والأعشاب التي تنبت في الأرض دون عمل الإنسان ومن الفقهاء من يعتبر نتاج الحيوان ، لا من المنتجات ، بل من الثمار الطبيعية.

(2) ثمار صناعية ، وهى التى ينتجها عمل الإنسان ، كالمزورعات و فواكه البساتين وخشب الأشجار إذا كانت معدة للقطع على وجه دورى منتظم وعسل النحل و حرير دودة القز .

(3) ثمار مدنية ، وهى الريع الدورى المتجدد الذي يقبضه المالك من استثماره للشيء ، أى يقبضه من الغير لقاء نقل منفعة الشيء إلى هذا الغير ، وذلك كأجر المساكن والأراضى الزراعية ، وفوائد الأسهم والسندات ورؤوس الأموال بوجه عام ، وما تدفعه مصلحة المناجم والمحاجر لصاحب الأرض من الإيجار لقاء إستغلال المنجم أو المحجر .

والأصل أن الثمار ملك لصاحب الشيء ، إلا إذا نص القانون على غير ذلك ، كما نص على جعل الثمار للحائز حسن النية .

المنتجات : جاء المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " (ب) المنتجات ، وهي كل ما يخرجه الشيء من ثمرات غير متجددة ، كما هو الأمر فى المناجم والمحاجر.

وتتميز المنتجات بعكس ما تتميز به الثمار :

(1) فهى غير دورية ولا متجددة بل تخرج من الشيء فى أوقات متقطعة غير منتظمة .

(2) وهي تمس أصل الشيء وتنتقص منه، فالمعادن التى تخرج من المناجم، والاحجار التي تخرج من المحاجر، تنتهى بعد وقت طويل أو قصير إلى أن تنفد ومن ثم كانت هذه المعادن والأحجار منتجات لا ثمار على أنه إذا أعد الشيء إعداداً خاصاً من شأنه تمكين المالك من الحصول على إيراد دورى متجدد ، فإن ما ينتج من الشيء فى هذه المواعيد الدورية يعتبر ثماراً ، ولو كان من شأنه المساس إلى حد ما في جوهر الشيء ( أوبري ورو 2 فقرة 192 ص 269 – بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 776 – بيدان 4 فقرة 320 كولان وكابيتان ودى لامورانديير 1 فقرة 976 ص 784 ) ، من ذلك إعداد الأرض لقطع ما فى جوفها من أحجار ، أو إعداد الغاية لقطع ما بها من أشجار بصفة دورية ، فإذا تقرر لشخص حق إنتفاع على الأرض أو الغابة بعد أن أعدت ذلك الإعداد ، كان للمنتفع أن يقتطع الأحجار أو الأشجار بوصفها ثماراً بموجب حقه فى الإستغلال ، أما إذا لم تكن الأحجار أو الأشجار قد أعدت للقطع قبل نشوء حق الإنتفاع ، فإنها تعتبر منتجات ، فيكون قطعها تصرفاً لا إستغلالاً ، فلا يجوز لغير المالك القيام به (إسماعيل غانم فقرة 35 ص 70) وتعتبر أقساط الإيراد المرتب مدى الحياة من المنتجات لا من الثمار ، لأنها تنتقص من الأصل إلى أن ينفذ بموت صاحب الإيراد ، وذلك بالرغم من أن الأقساط دورية متجددة أما أقساط الإيراد الدائم، فهذه ثمار لا منتجات، لأنها دورية متجددة ولا تنتقص من الأصل، شأنها فى ذلك شأن فوائد رؤوس الأموال والأسهم والسندات ، وفى رأينا أن إنتاج الحيوان من المنتجات لا من الثمار ، لأنها إذا كانت لا تنتقص من الأصل إلا أنها غير دورية قارن رأيا آخر فى أنها من الثمار الطبيعية لا من المنتجات آنفاً فقرة 363 .

والتمييز بين الثمار والمنتجات على النحو الذى بيناه ليست لهم أهمية عملية بالنسبة إلى مالك الشيء نفسه ، فهذا يملك الثمار والمنتجات دون أى تمييز وإنما تظهر الأهمية العملية للتمييز إذا إنتقل الشيء إلى يد غير المالك ، ويقع ذلك فى فرضين :

(أولاً) إذا إنتقل الشيء إلى يد حائز ، فإن الحائز إذا كان حسن النية يكسب الثمار دون المنتجات ، وإذا كان سيء النية لم يكسب هذه ولا تلك وتنص المادة 978 مدنى فى هذا المعنى على أن "1 - يكسب الحائز ما يقبضه من ثمار ما دام حسن النية . 2 - والثمار الطبيعية أو المستحدثة تعتبر مقبوضة من يوم فصلها، أما الثمار المدنية فتعتبر مقبوضة يوماً فيوماً " ثم تنص المادة 979 مدنى على أن " يكون الحائز سيء النية مسئولاً من وقت أن يصبح سيء النية عن جميع الثمار التى يقبضها والتي قصر في قبضها ، غير أنه يجوز أن يسترد ما أنفقه فى إنتاج هذه الثمار " .

( ثانياً ) إذا انتقل الشيء إلى يد منتفع ، فإن المنتفع يكون من حقه ثمار الشيء دون منتجاته وقد نصت المادة 987 مدنى فى هذا المعنى على أن " تكون ثمار الشيء المنتفع به من حق المنتفع بنسبة مدة انتفاعه ، مع مراعاة أحكام الفقرة الثانية من المادة 993 " وتنص الفقرة الثانية من المادة 993 مدنى على ما يأتى : " وإذا كانت الأرض المنتفع بها مشغولة عند إنقضاء الأجل أو موت المنتفع بزرع قائم ، تركت الأرض للمنتفع أو لورثته إلى حين إدراك الزرع ، على أن يدفعوا أجرة الأرض عن هذه الفترة إلى حين إدراك الزرع ، على أن يدفعوا أجرة الأرض عن هذه الفترة من الزمن .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : الثامن الصفحة : 733)

الثمرات هي كل ما ينتجه الشي من غلة متجددة وقد تكون طبيعية كالزرع الذي يخرج في الأرض تلقائياً، وقد تكون صناعية كالمحصول الذي يكون من عمل الطبيعة والإنسان أو مدنية كالأجرة، والذي يميز الشمرات أنها غلة دورية متجددة وأنها لا تنتقص من أصل الشي والأصل أنها للمالك ما لم يوجد نص على خلاف ذلك مثل النص الذي يجعلها ملكاً للحائز حسن النية م 978 أما المنتجات، فهي كل ما يخرجه الشيئ من ثمرات غير متجددة كما هو الأمر في المناجم والمحاجر، فهي غير دورية وتنتقص من أصل الشيء، وتظهر أهمية التفرقة بين الثمرات والمنتجات عند تطبيق المواد 978 و 179 و 987 و 933 أما الملحقات، فهي كل ما أعد بصفة دائمة لإستعمال الشئ طبقاً لما تقضي به طبيعة الأشياء وعرف الجهة وقصد المتعاقدين كحقوق الإرتفاق فهي تعتبر من ملفات العقار وفقاً لطبيعته. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الحادي عشر ، الصفحة : 29)

تشمل ملكية الشيء، كل ما ينتجه إما بطبيعته أو بفعل الإنسان سواء كان ثماراً أو منتجات، كما يشمل ملحقات الشيء كل ذلك ما لم يوجد نص أو اتفاق يخالف ذلك.

ونعرض فيما يلي التعريف الثمار والمنتجات والملحقات.

(1) - الثمار :

الثمار هي كل ما يخرجه الشيء في أوقات دورية منتظمة، من غير تغيير أو نقص في جوهره.

وهي أنواع ثلاثة :

(أ) ثمار طبيعية :

وهي التي يخرجها الشيء من نفسه بدون فعل الإنسان، مثل كلا المروج الطبيعية ، ونتاج المواشي.

(ب) ثمار صناعية :

وهي التي يخرجها الشيء بناءً على فعل الإنسان، مثل الحاصلات الزراعية والفواكه.

(ج) ثمار مدنية :

وهي مبالغ النقود التي يديرها إستثمار الشيء بصفة دورية متجددة مثل أجور الأراضي والمنازل وفوائد السندات أو النقود فهي الأجرة الدورية المستحقة من الغير للمالك الذي نقل إليه إستغلال الشيء أو الإنتفاع به فالذي يميز الثمار عن غيرها أمران :

1- أنها تتولد في مواعيد دورية، أي أنها تتجدد عادة في أوقات منتظمة دون إنقطاع فتعتبر مورداً دورياً متجدداً يعتمد عليه الشخص في مواجهة ضرورات الحياة الأولية وإن كان لا يشترط في الدورية أن تكون على مواعيد متقاربة.

2- أنها لا تمس جوهر الشيء ذاته، وإن كان ذلك ليس بالحقيقة المطلقة، فلا شك أن المزروعات تعتبر ثماراً رغم أنها تؤدي بمرور الزمن إلى استنفاد خصوبة الأرض ومن ناحية أخرى، من المسلم أنه إذا أعد الشيء إعداداً خاصاً من شأنه تمكين المالك من الحصول على إيراد دورى متجدد، فإن ما ينتج عن الشيء في هذه المواعيد الدورية يعتبر ثماراً ولو كان من شأنه المساس - إلى حد ما - بجوهر الشيء من ذلك إعداد الأرض لقطع ما في جوفها من أحجار، أو إعداد الغابة لقطع ما بها من أشجار، بصفة دورية فإذا تقرر لشخص حق إنتفاع على الأرض أو الغابة بعد أن أعدت ذلك الإعداد، كان للمنتفع أن يقتطع الأحجار أو الأشجار بوصفها ثماراً بمقتضى حقه في الإستغلال أما إذا لم تكن الأحجار أو الأشجار قد أعدت للقطع قبل نشوء حق الإنتفاع فإنها تعتبر منتجات فيكون قطعها تصرفاً لا إستغلالاً ، فلا يجوز لغير المالك القيام بها.

2 - المنتجات :

المنتجات أو الحاصلات التي تقتطع من ذات الشيء في غير أوقات دورية وتنتقص من الشيء.

وتتميز المنتجات بصفتين هما :

(الأولى): إنها غير دورية ولا متجددة، بل تخرج من الشيء في أوقات متقطعة غير منتظمة.

(الثانية): إنها تنتقص من قيمة الشيء .

ومثل ذلك الأشجار التي تقطع من الغابات والمعادن التي تستخرج من المناجم أو الأحجار التي تقتطع من المحاجر، إلا أنه إذا أعدت الغابات والمناجم والمحاجر إعداداً خاصاً من شأنه تمكين المالك من الحصول على دخل دوری، فإن ما ينتج منها يعد ثماراً ولو ترتب على أخذه الانتقاص من أصل الشيء .

وتعتبر أقساط الإيراد المرتب مدى الحياة من المنتجات لا من الثمار لأنها تتنقص من الأصل إلى أن ينفد بموت صاحب الإيراد وذلك بالرغم من أن الأقساط دورية متجددة، أما أقساط الإيراد الدائم فهذه ثمار لأنها دورية متجددة ولا تنقص من الأصل، شأنها في ذلك شأن فوائد رؤوس الأموال والأسهم والسندات يمتد حق الملكية أيضاً إلى ملحقات الشيء، وذلك تطبيقاً للقاعدة القائلة أن الفرع يخضع لما يخضع له الأصل والتي على أساسها تفهم كل القواعد المنظمة لأحكام الإلتصاق ( المواد من 918 - 931 مدنی).

ويجب عدم الخلط بين معنى العنصر ومعنى الملحقات فالعنصر جزء من ذاتية الشيء، وهذه ليست من الملحقات بل هي الأصل فأجزاء الدار التي هي الأصل - تشتمل على الأرض والبناء القائم والسلم والردهات والحديقة إن وجدت ونماء الشيء يدخل في أصله لا في ملحقاته، فنماء الحيوان أي كبره ما بين البيع والتسليم داخل في أصله، أما ملحقات الشيء، فهي شيء غير الأصل ، لأنها ملحقة بالأصل وليست الأصل ذاته، وهي ليست متولدة من الأصل كما تتولد الثمار والمنتجات، بل هي شيء مستقل عن الأصل غير متولدة عنه، ولكنها أعدت بصفة دائمة لتكون تابعة للأصل وملحقة به، فإذا كانت معدة بصفة وقتية، لا بصفة دائمة، كما إذا إستأجر المالك مواشي وآلات الزراعة أرضه ، فإنها لا تعتبر من الملحقات فتعتبر ملحقات للعقار أرضاً وبناءً ، حقوق الإرتفاق والعقارات بالتخصيص كالآلات الزراعية والمواشي بالنسبة للأرض الزراعية .

ومن أمثلة الملحقات التي صدرت بنص في القانون ما تنص عليه المادة 1036 مدني المتعلقة بالرهن الرسمي على أن : "يشمل الرهن ملحقات العقار النشرات التي تعتبر عقاراً ، وتشمل بوجه خاص حقوق الإرتفاق والعقارات والسيل والتحسينات والإنشاءات التي تعود بمنفعة على المالك ... الخ.

ما تنص عليه المادة 432 مدني المتعلقة بالبيع من أن : " يشمل التسليم ملحقات الشيء المبيع وكل ما أعد بصفة دائمة لإستعمال هذا الشيء طبقاً لما تقضي به طبيعة الأشياء وعرف الجهة وقصد المتعاقدين ".

فقد يوجد نص في القانون يقضي بعدم أحقية المالك في الثمار والمنتجات والملحقات ، ومثال ذلك نص المادة 987 مدني التي تقضي بتملك الحائز حسن النية لما جنى من الثمار.

كما قد يتفق المتعاقدان على أن ملكية الشيء تنفصل عن ملكية ملحقاته أو منتجاته. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : الحادي عشر ، الصفحة : 65)

الفقة الإسلامي

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / التاسع والثلاوثون ، الصفحة / 31

مِلْكٌ

التَّعْرِيفُ:

1 - الْمِلْكُ لُغَةً - بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَضَمِّهَا -: هُوَ احْتِوَاءُ الشَّيْءِ وَالْقُدْرَةُ عَلَى الاِسْتِبْدَادِ بِهِ وَالتَّصَرُّفُ بِانْفِرَادِ .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ: يُعَبِّرُ الْفُقَهَاءُ الْمُحْدَثُونَ بِلَفْظِ الْمِلْكِيَّةِ عَنِ الْمِلْكِ، لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ قَبْلَهُمْ يُعَبِّرُونَ بِلَفْظِ الْمِلْكِ.

وَقَدْ عَرَّفَ الْقَرَافِيُّ الْمِلْكَ - بِاعْتِبَارِهِ حُكْمًا شَرْعِيًّا - فَقَالَ: الْمِلْكُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ مُقَدَّرٌ فِي الْعَيْنِ أَوِ الْمَنْفَعَةِ، يَقْتَضِي تَمَكُّنَ مَنْ يُضَافُ إِلَيْهِ مِنَ انْتِفَاعِهِ بِالْمَمْلُوكِ وَالْعِوَضِ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ كَذَلِكَ .

وَقَالَ ابْنُ الشَّاطِ: الْمِلْكُ هُوَ تَمَكُّنُ الإْنْسَانِ شَرْعًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِنِيَابَةِ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِالْعَيْنِ أَوْ بِالْمَنْفَعَةِ وَمِنْ أَخْذِ الْعِوَضِ، أَوْ تَمَكُّنِهِ مِنَ الاِنْتِفَاعِ خَاصَّةً .

الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

الْحَقُّ:

2 - يُطْلَقُ الْحَقُّ لُغَةً عَلَى نَقْضِ الْبَاطِلِ وَعَلَى الْحَظِّ، وَالنَّصِيبِ، وَالثَّابِتِ وَالْمَوْجُودِ، وَالشَّيْءُ الَّذِي لاَ يَنْبَغِي إِنْكَارُهُ .

وَفِي الاِصْطِلاَحِ يُطْلَقُ عَلَى الْوَاجِبِ الثَّابِتِ الَّذِي يَشْمَلُ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى، وَحُقُوقِ الْعِبَادِ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْمِلْكِ: أَنَّ الْحَقَّ أَعَمُّ مِنَ الْمِلْكِ.

الأْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمِلْكِ:

يَتَعَلَّقُ بِالْمِلْكِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:

حُرْمَةُ الْمِلْكِ فِي الإْسْلاَمِ

3 - صَانَ الإْسْلاَمُ الْمِلْكَ، فَحَرَّمَ الاِعْتِدَاءَ عَلَيْهِ، وَالأْدِلَّةُ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرَةٌ، مِنْهَاقوله تعالي : (وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ» . وَقَوْلُهُ صلي الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإْسْلاَمِ ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ».

قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: الْقَاعِدَةُ الْمُعْتَبَرَةُ أَنَّ الْمُلاَّكَ مُخْتَصُّونَ بِأَمْلاَكِهِمْ، لاَ يُزَاحِمُ أَحَدٌ مَالِكًا فِي مِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ حَقٍّ مُسْتَحَقٍّ، ثُمَّ الضَّرُورَةُ تُحْوِجُ مُلاَّكَ الأْمْوَالِ إِلَى التَّبَادُلِ فِيهَا... فَالأْمْرُ الَّذِي لاَ شَكَّ فِيهِ تَحْرِيمُ التَّسَالُبِ وَالتَّغَالُبِ وَمَدِّ الأْيْدِي إِلَى أَمْوَالِ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: وَالرَّجُلُ أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ .

وَقَدْ جَعَلَ الإْسْلاَمُ مِلْكَ الأْمْوَالِ اسْتِخْلاَفًا وَمِنْحَةً رَبَّانِيَّةً، لأِنَّ الْمَالِكَ الْحَقِيقِيَّ لِلأْمْوَالِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَكِنَّهُ أَعْطَى لِلإْنْسَانِ حَقَّ التَّمَلُّكِ وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى الأْمْوَالِ، قَالَ تَعَالَى : (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) وَقَالَ تَعَالَى : (وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ) .

وَالآْيَاتُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ، وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِهَا: إِنَّ الأْمْوَالَ الَّتِي فِي أَيْدِيكُمْ إِنَّمَا هِيَ أَمْوَالُ اللَّهِ بِخَلْقِهِ وَإِنْشَائِهِ لَهَا، وَإِنَّمَا خَوَّلَكُمُ الاِسْتِمْتَاعَ بِهَا، وَجَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ فِي التَّصَرُّفِ فِيهَا، فَلَيْسَتْ هِيَ بِأَمْوَالِكُمْ فِي الْحَقِيقَةِ، وَمَا أَنْتُمْ فِيهَا إِلاَّ بِمَنْزِلَةِ الْوُكَلاَءِ .

وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ فِي الأْمْوَالِ حُقُوقًا لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَلِلأْقَارِبِ وَنَحْوِهِمْ.

أَقْسَامُ الْمِلْكِ:

لِلْمِلْكِ أَقْسَامٌ بِاعْتِبَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ:

- فَهُوَ بِاعْتِبَارِ حَقِيقَتِهِ:إمَّا مِلْكٌ تَامٌّ أَوْ نَاقِصٌ.

- وَبِاعْتِبَارِ الْمُسْتَفِيدِ مِنْهُ: إِمَّا مِلْكٌ عَامٌّ أَوْ خَاصٌّ.

- وَبِاعْتِبَارِ سَبَبِهِ: إِمَّا مِلْكٌ اخْتِيَارِيٌّ أَوْ جَبْرِيٌّ.

- وَبِاعْتِبَارِ احْتِمَالِ سُقُوطِهِ: إِمَّا مِلْكٌ مُسْتَقِرٌّ أَوْ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ.

أ - أَقْسَامُ الْمِلْكِ بِاعْتِبَارِ حَقِيقَتِهِ

4 - يَنْقَسِمُ الْمِلْكُ بِاعْتِبَارِ حَقِيقَتِهِ إِلَى مِلْكٍ تَامٍّ وَمِلْكٍ نَاقِصٍ.

وَالْمِلْكُ التَّامُّ: هُوَ مِلْكُ الرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ، وَالْمِلْكُ النَّاقِصُ: هُوَ مِلْكُ الرَّقَبَةِ فَقَطْ، أَوِ الْمَنْفَعَةِ فَقَطْ، أَوِ الاِنْتِفَاعِ فَقَطْ.

يَقُولُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: الْمِلْكُ التَّامُّ يُمْلَكُ فِيهِ التَّصَرُّفُ فِي الرَّقَبَةِ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، وَيُورَثُ عَنْهُ، وَيُمْلَكُ التَّصَرُّفُ فِي مَنَافِعِهِ بِالإْعَارَةِ وَالإْجَارَةِ وَالاِنْتِفَاعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .

وَقَدْ عَبَّرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِالْمِلْكِ الضَّعِيفِ بَدَلَ النَّاقِصِ، يَقُولُ الزَّرْكَشِيُّ: الْمِلْكُ قِسْمَانِ: تَامٌّ وَضَعِيفٌ، فَالتَّامُّ يَسْتَتْبِعُ جَمِيعَ التَّصَرُّفَاتِ، وَالضَّعِيفُ بِخِلاَفِهِ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ مُصْطَلَحُ النَّاقِصِ أَيْضًا .

ثُمَّ إِنَّ الأْصْلَ فِي الْمِلْكِ هُوَ الْمِلْكُ التَّامُّ، وَأَنَّ الْمِلْكَ النَّاقِصَ خِلاَفُ الأْصْلِ ، كَمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ الْمِلْكِ هُوَ الاِنْتِفَاعُ بِالأْشْيَاءِ .

وَلِذَلِكَ جَاءَ مِلْكُ الرَّقَبَةِ دُونَ الْمَنْفَعَةِ نَاقِصًا، كَأَنْ يُوصِيَ بِمَنْفَعَةِ عَيْنٍ لِشَخْصِ، أَوْ أَنْ يُوصِيَ بِالرَّقَبَةِ لِشَخْصِ وَبِمَنْفَعَتِهَا لآِخَرَ .

أَمَّا مِلْكُ الْمَنَافِعِ: فَهُوَ مشَاعٌ، وَيَتَحَقَّقُ فِي الإْجَارَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَالإْعَارَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَعِيرِ، وَالْوَصِيَّةِ بِالْمَنْفَعَةِ فَقَطْ، وَالْوَقْفِ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ، وَالأْرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ الْمُقَرَّةِ فِي يَدِ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ بِالْخَرَاجِ.

وَالْوَصِيَّةُ بِالْمَنَافِعِ جَائِزَةٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مَا عَدَا ابْنَ شُبْرُمَةَ وَابْنَ أَبِي لَيْلَى .

أَمَّا مِلْكُ الاِنْتِفَاعِ: فَقَدْ ذَكَرَهُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي تَفْصِيلِ أَحْكَامِهِ.

فَقَدْ قَسَّمَ ابْنُ رَجَبٍ الْحَنْبَلِيِّ الْمِلْكَ إِلَى أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ: مِلْكِ عَيْنٍ وَمَنْفَعَةٍ، وَمِلْكِ عَيْنٍ بِلاَ مَنْفَعَةٍ، وَمِلْكِ مَنْفَعَةٍ بِلاَ عَيْنٍ، وَمِلْكِ انْتِفَاعٍ مِنْ غَيْرِ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ، ثُمَّ قَالَ:

أَمَّا النَّوْعُ الأْوَّلُ: فَهُوَ عَامَّةُ الأْمْلاَكِ الْوَارِدَةِ عَلَى الأْعْيَانِ الْمَمْلُوكَةِ بِالأْسْبَابِ الْمُقْتَضِيَةِ لَهَا، مِنْ بَيْعٍ وَهِبَةٍ وَإِرْثٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

النَّوْعُ الثَّانِي: مِلْكُ الْعَيْنِ بِدُونِ مَنْفَعَةٍ.

النَّوْعُ الثَّالِثُ: مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ بِدُونِ عَيْنٍ وَهُوَ ثَابِتٌ بِالاِتِّفَاقِ، وَهُوَ ضَرْبَانِ:

الضَّرْبُ الأْوَّلُ: مِلْكٌ مُؤَبَّدٌ، وَيَنْدَرِجُ تَحْتَهُ صُوَرٌ: مِنْهَا الْوَصِيَّةُ بِالْمَنَافِعِ، وَمِنْهَا الْوَقْفُ، فَإِنَّ مَنَافِعَهُ وَثَمَرَاتِهِ مَمْلُوكَةٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ... وَمِنْهَا الأْرْضُ الْخَرَاجِيَّةُ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مِلْكٌ غَيْرُ مُؤَبَّدٍ، فَمِنْهُ الإْجَارَةُ، وَمِنْهُ مَنَافِعُ الْبَيْعِ الْمُسْتَثْنَاةُ فِي الْعَقْدِ مُدَّةً مَعْلُومَةً.

النَّوْعُ الرَّابِعُ: مِلْكُ الاِنْتِفَاعِ الْمُجَرَّدِ، وَلَهُ صُوَرٌ مُتَعَدِّدَةٌ: مِنْهَا مِلْكُ الْمُسْتَعِيرِ، فَإِنَّهُ يَمْلِكُ الاِنْتِفَاعَ لاَ الْمَنْفَعَةَ، إِلاَّ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ.

وَمِنْهَا: الْمُنْتَفِعُ بِمِلْكِ جَارِهِ مِنْ وَضْعِ خَشَبٍ، وَمَمَرٍّ فِي دَارٍ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ كَانَ بِعَقْدِ صُلْحٍ فَهُوَ إِجَارَةٌ.

وَمِنْهَا: إِقْطَاعُ الإْرْفَاقِ كَمَقَاعِدِ الأْسْوَاقِ وَنَحْوِهَا، وَمِنْهَا: الطَّعَامُ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ حِيَازَتِهِ يَمْلِكُ الْقَائِمُونَ الاِنْتِفَاعَ بِهِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَقِيَاسُهُ الأْكْلُ مِنَ الأْضْحِيَةِ وَالثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ وَنَحْوِهِ، وَمِنْهَا أَكْلُ الضَّيْفِ لِطَعَامِ الْمُضِيفِ فَإِنَّهُ إِبَاحَةٌ مَحْضَةٌ .

وَقَدْ فَصَّلَ الْقَرَافِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مِلْكِ الاِنْتِفَاعِ، وَمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ فَقَالَ: فَتَمْلِيكُ الاِنْتِفَاعِ نُرِيدُ بِهِ أَنْ يُبَاشِرَ هُوَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ، وَتَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ هُوَ أَعَمُّ وَأَشْمَلُ، فَيُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ وَيُمَكِّنُ غَيْرَهُ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِعِوَضٍ كَالإْجَارَةِ، وَبِغَيْرِ عِوَضٍ كَالْعَارِيَةِ.

وَمِثَالُ الأْوَّلِ - أَيِ الاِنْتِفَاعِ - سُكْنَى الْمَدَارِسِ وَالرِّبَاطِ وَالْمَجَالِسِ فِي الْجَوَامِعِ وَالْمَسَاجِدِ وَالأْسْوَاقِ وَمَوَاضِعِ النُّسُكِ كَالْمَطَافِ وَالْمَسْعَى وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ... أَمَّا مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ فَكَمَنِ اسْتَأْجَرَ دَارًا، أَوِ اسْتَعَارَهَا، فَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهَا مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ يُسْكِنَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَيَتَصَرَّفَ فِي هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ تَصَرُّفَ الْمُلاَّكِ فِي أَمْلاَكِهِمْ.

ثُمَّ ذَكَرَ أَرْبَعَ مَسَائِلَ تَدْخُلُ فِي مِلْكِ الاِنْتِفَاعِ وَهِيَ:

الأْولَى: النِّكَاحُ حَيْثُ هُوَ مِنْ بَابِ تَمْلِيكِ الاِنْتِفَاعِ، وَلَيْسَ تَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ.

الثَّانِيَةُ: الْوَكَالَةُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَهِيَ مِنْ بَابِ تَمْلِيكِ الاِنْتِفَاعِ لاَ مِنْ بَابِ تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ، وَأَمَّا الْوَكَالَةُ بِعِوَضٍ فَهِيَ مِنْ بَابِ الإْجَارَةِ.

الثَّالِثَةُ: الْقِرَاضُ (الْمُضَارَبَةُ) وَالْمُسَاقَاةُ وَالْمُغَارَسَةُ، فَرَبُّ الْمَالِ فِيهَا يَمْلِكُ مِنَ الْعَامِلِ الاِنْتِفَاعَ لاَ الْمَنْفَعَةَ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعَاوِضَ عَلَى مَا مَلَكَهُ مِنَ الْعَامِلِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلاَ يُؤَاجِرُهُ مِمَّنْ أَرَادَ، بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى الاِنْتِفَاعِ بِنَفْسِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي اقْتَضَاهُ عَقْدُ الْقِرَاضِ.

الرَّابِعَةُ: إِذَا وَقَفَ شَخْصٌ وَقْفًا عَلَى أَنْ يَسْكُنَ أَوْ عَلَى السُّكْنَى، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، فَظَاهِرُ اللَّفْظِ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَاقِفَ إِنَّمَا مَلَكَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الاِنْتِفَاعَ بِالسُّكْنَى دُونَ الْمَنْفَعَةِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ غَيْرَهُ، وَلاَ يُسْكِنَهُ .

وَفَرَّقَ الشَّافِعِيَّةُ بَيْنَ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ كَالْمُسْتَأْجِرِ، وَمِلْكِ الاِنْتِفَاعِ كَالْمُسْتَعِيرِ، وَقَالُوا: مَنْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ فَلَهُ الإْجَارَةُ وَالإْعَارَةُ ، وَمَنْ مَلَكَ الاِنْتِفَاعَ فَلَيْسَ لَهُ الإْجَارَةُ قَطْعًا، وَلاَ الإْعَارَةَ فِي الأْصَحِّ .

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ حَوْلَ بَعْضِ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَدْخُلُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ فِي مِلْكِ الاِنْتِفَاعِ وَلاَ تَدْخُلُ فِيهِ عِنْدَ الآْخَرِينَ، بَلْ تَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ، مِثْلُ الْعَارِيَةِ... حَيْثُ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ مَا عَدَا الْكَرْخِيَّ وَالْمَالِكِيَّةَ وَالْحَنَابِلَةَ فِي رَأْيٍ إِلَى أَنَّ الْعَارِيَةَ تَمْلِيكٌ لِلْمَنْفَعَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَلِذَلِكَ أَجَازُوا لِلْمُسْتَعِيرِ إِعَارَةَ الْعَيْنِ الْمُسْتَعَارَةِ بِالْقُيُودِ الَّتِي وَضَعَهَا الْفُقَهَاءُ .

الْفُرُوقُ الْجَوْهَرِيَّةُ بَيْنَ الْمِلْكِ التَّامِّ وَالْمِلْكِ النَّاقِصِ:

5 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَالْكَرْخِيُّ إِلَى أَنَّ الإْعَارَةَ تَمْلِيكٌ لِلاِنْتِفَاعِ .

وَتُوجَدُ فُرُوقٌ جَوْهَرِيَّةٌ بَيْنَ الْمِلْكِ التَّامِّ وَالْمِلْكِ النَّاقِصِ، تَلْخِيصُهَا فِيمَا يَأْتِي:

أَوَّلاً: إِنَّ لِصَاحِبِ الْمِلْكِ التَّامِّ الْحَقَّ فِي إِنْشَاءِ جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَشْرُوعَةِ مِنْ عُقُودٍ نَاقِلَةٍ لِلْمِلْكِ التَّامِّ، أَوِ النَّاقِصِ، فَهُوَ حُرُّ التَّصَرُّفِ فِي حُدُودِ عَدَمِ مُخَالَفَةِ الشَّرْعِ، أَمَّا صَاحِبُ الْمِلْكِ النَّاقِصِ فَلَيْسَ لَهُ الْحَقُّ فِي كُلِّ التَّصَرُّفَاتِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُقَيَّدٌ فِي حُدُودِ الاِنْتِفَاعِ بِالْمَنْفَعَةِ فَقَطْ، لأِنَّهُ لاَ يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ وَالْمَنْفَعَةَ مَعًا.

ثَانِيًا: تَأْبِيدُ الْمِلْكِ التَّامِّ: وَالْمَقْصُودُ بِهِ أَنَّ الْمِلْكَ التَّامَّ دَائِمٌ وَمُسْتَمِرٌّ لاَ يَنْتَهِي إِلاَّ بِسَبَبٍ مَشْرُوعٍ قَاطِعٍ، وَكَذَلِكَ لاَ يَجُوزُ تَأْقِيتُهُ، وَلِذَلِكَ لاَ يَجُوزُ تَأْقِيتُ الْعُقُودِ النَّاقِلَةِ لِلْمِلْكِ التَّامِّ كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: بِعْتُ لَكَ هَذِهِ الدَّارَ بِأَلْفِ دِينَارٍ لِمُدَّةِ سَنَةٍ، إِلاَّ إِذَا قَصَدَ بِهَا الإْجَارَةَ فَيُحْمَلُ عَلَيْهَا مِنْ بَابِ: إِنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِالْمَقَاصِدِ وَالْمَعَانِي لاَ بِالأْلْفَاظِ وَالْمَبَانِي

وَأَمَّا الْمِلْكُ النَّاقِصُ فَالْعُقُودُ الْوَارِدَةُ عَلَى الْمَنَافِعِ فِيهَا لاَ بُدَّ مِنْ تَأْقِيتِهَا مِثْلَ الإْجَارَةِ وَالإْعَارَةِ وَنَحْوِهَا، فَهِيَ تَقْبَلُ التَّقْيِيدَ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَنَوْعِ الاِنْتِفَاعِ .

ب - أَقْسَامُ الْمِلْكِ بِاعْتِبَارِ الْمُسْتَفِيدِ مِنْهُ

6 - يَنْقَسِمُ الْمِلْكُ بِاعْتِبَارِ الْمُسْتَفِيدِ مِنْهُ إِلَى مِلْكٍ خَاصٍّ، وَإِلَى مِلْكٍ عَامٍّ، فَالْمِلْكُ الْخَاصُّ هُوَ الَّذِي لَهُ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ، سَوَاءٌ أَكَانَ فَرْدًا أَمْ جَمَاعَةً.

وَأَمَّا الْمِلْكُ الْعَامُّ فَهُوَ الْمِلْكُ الَّذِي لاَ يَخْتَصُّ بِهِ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ، وَإِنَّمَا يَشْتَرِكُ فِيهِ النَّاسُ لاَ عَلَى التَّعْيِينِ، كَمِلْكِ الْمَاءِ وَالْكَلأَ وَالنَّارِ، لِقَوْلِ الرَّسُولِ صلي الله عليه وسلم: «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءٌ فِي ثَلاَثٍ فِي الْكَلأَ وَالْمَاءِ وَالنَّارِ».

ج - أَقْسَامُ الْمِلْكِ بِاعْتِبَارِ سَبَبِهِ

7 - يَنْقَسِمُ الْمِلْكُ بِاعْتِبَارِ سَبَبِهِ إِلَى مِلْكٍ اخْتِيَارِيٍّ أَوْ قَهْرِيٍّ.

يَقُولُ الزَّرْكَشِيُّ: الْمِلْكُ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا يَحْصُلُ قَهْرًا كَمَا فِي الْمِيرَاثِ وَمَنَافِعِ الْوَقْفِ.

وَالثَّانِي: يَحْصُلُ بِالاِخْتِيَارِ وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: بِالأْقْوَالِ، وَيَكُونُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ كَالْبُيُوعِ، وَفِي غَيْرِهَا كَالْهِبَاتِ وَالْوَصَايَا، وَالْوُقُوفِ إِذَا اشْتَرَطْنَا الْقَبُولَ.

وَالثَّانِي: يَحْصُلُ بِالأْفْعَالِ كَتَنَاوُلِ الْمُبَاحَاتِ كَالاِصْطِيَادِ وَالإْحْيَاءِ.

ثُمَّ فَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: وَمِمَّا يَتَخَالَفَانِ فِيهِ - أَعْنِي الاِخْتِيَارِيَّ وَالْقَهْرِيَّ - أَنَّ الاِخْتِيَارِيَّ يُمْلَكُ بِالْعِوَضِ الْمُعَيَّنِ، أَوْ بِمَا فِي الذِّمَّةِ، وَلاَ يَتَوَقَّفُ عَلَى أَدَاءِ الثَّمَنِ بِلاَ خِلاَفٍ، وَأَمَّا الْقَهْرِيُّ كَالأْخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَلاَ يُمْلَكُ حَتَّى يَقْبِضَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ، أَوْ يَرْضَى بِتَأْخِيرِهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَمْلِكُ بِذَلِكَ وَبِقَضَاءِ الْقَاضِي لَهُ.

وَمِنْهَا: أَنَّ التَّمَلُّكَ الْقَهْرِيَّ يَحْصُلُ بِالاِسْتِيلاَءِ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ كَمَا فِي أَمْوَالِ الْكُفَّارِ، بِخِلاَفِ الاِخْتِيَارِيِّ.

وَمِنْهَا: أَنَّ التَّمَلُّكَ الْقَهْرِيَّ هَلْ يُشْرَطُ فِيهِ مَعْرِفَةُ شُرُوطِهِ مِنَ الرُّؤْيَةِ وَنَحْوِهَا؟ خِلاَفٌ - كَمَا فِي الشُّفْعَةِ، يُؤْخَذُ الشِّقْصُ الَّذِي لَمْ يَرَهُ - عَلَى قَوْلَيْنِ، وَالاِخْتِيَارِيُّ يُشْتَرَطُ فِيهِ قَطْعًا.

وَمِنْهَا: أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لاَ يُغْتَفَرُ فِي الاِخْتِيَارِيِّ، كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَكَذَا الصَّيْدُ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ، وَلاَ يَمْلِكُ ذَلِكَ كُلَّهُ بِالاِخْتِيَارِ .

وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ، هَلِ الأْسْبَابُ الْفِعْلِيَّةُ أَقْوَى أَمِ الْقَوْلِيَّةُ أَقْوَى؟ فَقِيلَ: الْفِعْلِيَّةُ أَقْوَى، وَقِيلَ: الْقَوْلِيَّةُ أَقْوَى.

وَقَدْ بَيَّنَ الْقَرَافِيُّ الْفَرْقَ بَيْنَ السَّبَبَيْنِ فَقَالَ: الأْسْبَابُ الْفِعْلِيَّةُ تَصِحُّ مِنَ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ دُونَ الْقَوْلِيَّةِ. فَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ يَمْلِكُ الصَّيْدَ بِالاِصْطِيَادِ، وَالأْرْضَ بِالإْحْيَاءِ، فِي حِينٍ لاَ يَمْلِكُ إِنْشَاءَ عُقُودِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَذَلِكَ لأِنَّ الأْسْبَابَ الْفِعْلِيَّةَ تَعُودُ بِالنَّفْعِ عَلَيْهِ، أَمَّا الأْسْبَابُ الْقَوْلِيَّةُ فَإِنَّهَا مَوْضِعُ الْمُمَاكَسَةِ وَالْمُغَابَنَةِ، فَقَدْ تَعُودُ عَلَيْهِ بِالضَّرَرِ، كَمَا أَنَّ فِيهَا طَرَفًا آخَرَ يُنَازِعُهُ وَيُجَاذِبُهُ إِلَى الْغَبْنِ، وَهُوَ ضَعِيفُ الْعَقْلِ، فَلاَ يَسْتَطِيعُ تَحْقِيقَ مَصْلَحَتِهِ .

د - أَقْسَامُ الْمِلْكِ بِاعْتِبَارِ السُّقُوطِ وَعَدَمِهِ

8 - يَنْقَسِمُ الْمِلْكُ - بِاعْتِبَارِ احْتِمَالِ سُقُوطِهِ وَعَدَمِهِ - إِلَى نَوْعَيْنِ هُمَا:

الْمِلْكُ الْمُسْتَقِرُّ الَّذِي لاَ يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ بِتَلَفِ الْمَحِلِّ، أَوْ تَلَفِ مُقَابِلِهِ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَالصَّدَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ.

وَالْمِلْكُ غَيْرُ الْمُسْتَقِرِّ الَّذِي يَحْتَمِلُ ذَلِكَ كَالأْجْرَةِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَالثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ .

أَسْبَابُ الْمِلْكِ:

9 - لِلْمِلْكِ أَسْبَابُهُ الَّتِي تُؤَدِّي إِلَى تَحْقِيقِهِ

ذَكَرَ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي الأْشْبَاهِ أَنَّ أَسْبَابَ الْمِلْكِ هِيَ:

الْمُعَاوَضَاتُ الْمَالِيَّةُ، وَالأْمْهَارُ، وَالْخُلْعُ، وَالْمِيرَاثُ، وَالْهِبَاتُ، وَالصَّدَقَاتُ، وَالْوَصَايَا، وَالْوَقْفُ، وَالْغَنِيمَةُ، وَالاِسْتِيلاَءُ عَلَى الْمُبَاحِ، وَالإْحْيَاءُ، وَتَمَلُّكُ اللُّقَطَةِ بِشَرْطِهِ، وَدِيَةُ الْقَتِيلِ يَمْلِكُهَا أَوَّلاً ثُمَّ تَنْتَقِلُ إِلَى الْوَرَثَةِ، وَمِنْهَا الْغُرَّةُ يَمْلِكُهَا الْجَنِينُ فَتُورَثُ عَنْهُ، وَالْغَاصِبُ إِذَا فَعَلَ بِالْمَغْصُوبِ شَيْئًا أَزَالَ بِهِ اسْمَهُ وَعِظَمَ مَنَافِعِهِ مَلَكَهُ، وَإِذَا خُلِطَ الْمِثْلِيُّ بِمِثْلِيٍّ بِحَيْثُ لاَ يَتَمَيَّزُ مِلْكُهُ.

وَذَكَرَ الْحَصْكَفِيُّ أَنَّ أَسْبَابَ الْمِلْكِ ثَلاَثَةٌ:

نَاقِلٌ كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ، وَخِلاَفَةٌ كَإِرْثٍ، وَأَصَالَةٌ وَهُوَ الاِسْتِيلاَءُ حَقِيقَةً بِوَضْعِ الْيَدِ، أَوْ حُكْمًا بِالتَّهْيِئَةِ كَنَصْبِ شَبَكَةٍ لِصَيْدِ .

وَذَكَرَ السُّيُوطِيُّ نَقْلاً عَنِ الْكِفَايَةِ أَنَّ أَسْبَابَ الْمِلْكِ ثَمَانِيَةٌ: الْمِيرَاثُ، وَالْمُعَاوَضَاتُ، وَالْهِبَاتُ، وَالْوَصَايَا، وَالْوَقْفُ، وَالْغَنِيمَةُ، وَالإْحْيَاءُ، وَالصَّدَقَاتُ.

قَالَ ابْنُ السُّبْكِيِّ: وَبَقِيَتْ أَسْبَابٌ أُخَرُ، مِنْهَا: تَمَلُّكُ اللُّقَطَةِ بِشَرْطِهِ، وَمِنْهَا: دِيَةُ الْقَتِيلِ يَمْلِكُهَا أَوَّلاً ثُمَّ تُنْقَلُ لِوَرَثَتِهِ عَلَى الأْصَحِّ ، وَلِذَلِكَ يُوَفَّى مِنْهَا دَيْنُهُ، وَمِنْهَا: الْجَنِينُ، الأْصَحُّ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْغُرَّةَ، وَمِنْهَا: خَلْطُ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبَ بِمَالِهِ، أَوْ بِمَالِ آخَرَ لاَ يَتَمَيَّزُ فَإِنَّهُ يُوجِبُ مِلْكَهُ إِيَّاهُ، وَمِنْهَا: الصَّحِيحُ أَنَّ الضَّيْفَ يَمْلِكُ مَا يَأْكُلُهُ، وَهَلْ يُمْلَكُ بِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ، أَوْ فِي الْفَمِ، أَوْ بِالأْخْذِ ، أَوْ بِالاِزْدِرَادِ يَتَبَيَّنُ حُصُولُ الْمِلْكِ قَبِيلَهُ؟ أَوْجُهٌ .

____________________________________________________________________

كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه

(مادة 11)
الملك التام من شأنه أن يتصرف به المالك تصرفًا مطلقًاً فيما يملكه عينًا ومنفعة واستغلالاً فينتفع بالعين المملوكة وبغلتها وثمارها ونتاجها ويتصرف في عينها بجميع التصرفات الجائزة