loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : السادس، الصفحة :71 

مذكرة المشروع التمهيدي :

نص المشروع على المناور، فقضى بأنه لا تشترط أية مسافة لفتحها وعرفها بأنها هي التي تعلو قاعدتها عن قامة الإنسان المعتادة ولا يقصد بها إلا إدخال الهواء والنور دون أن يستطاع الإطلال منها على العقار المجاور وقد سكت التقنين الحالي عن ذكر المناور ولكن الحكم فيه هو ما تقدم .

الأحكام

1 ـ يدل نص المواد 819 ، 820 ، 821 من القانون المدنى على أن المشرع حرص على تقييد حق المالك فى فتح مطلات على ملك الجار رعاية لحرمه الجوار فحظر أن يكون للجار على جاره مطل مواجه على مسافة تقل عن متر ، أو أن يكون له مطل منحرف على مسافة تقل عن خمسين سنتيمتراً و يرتفع قيد المسافة عن كل مطل يفتح على طريق عام حتى و لو أمكن إعتباره فى نفس الوقت من المطلات المنحرفة بالنسبة إلى ملك الجار ، و لا يسرى هذا الحظر على المناور و هى تلك الفتحات التى تعلو قاعدتها عن قامة الإنسان المعتادة و أعدت لنفاذ النور و الهواء دون الأطلال منها على العقار المجاور ، و لما كانت مخالفة المالك لحظر فتح مطل على عقار جاره سواء أكان المطل مواجهاً أم منحرفاً تعد من مسائل القانون التى تنبسط إليها رقابة محكمة النقض فإنه يجب على الحكم المثبت لحصول هذه المخالفة و القاضى بإزالة المطلات أو بسدها أن يعرض لشروط تلك المخالفة فيبين بما فيه الكفاية ماهية . . الفتحات ، التى أنشأها الجار المخالف و ما إذا كان ينطبق عليها وصف المطل المواجه أو المنحرف و مقدار المسافة التى تفصله عن عقار الجار ، فإذا خلا الحكم مما يفيد بحث هذه الأمور فإن ذلك يعد قصوراً فى تسبيب الحكم يعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيق القانون ، لما كان ذلك و كان تقرير الخبير الذى أحال إليه الحكم المطعون فيه و أتخذه عماد القضائه لم يستظهر ماهية الفتحات التى أنشأها الطاعنون و مقدار إرتفاع قاعدتها عن سطح أرضية الدور المفتوحة فيه فإن الحكم المطعون فيه إذ إنتهى إلى تأييد قضاء محكمة أول درجة بسد هذه الفتحات دون أن يبين وجه مخالفتها للقانون يكون معيباً بالقصور فى التسبيب .

(الطعن رقم 331 لسنة 54 جلسة 1990/03/08 س 41 ع 1 ص 716 ق 119)

2 ـ النص فى المادة 821 من القانون المدنى على أنه لا يشترط أيه مسافة لفتح المناور و هى التى تعلو قاعدتها عن قامة الإنسان المعتادة دون تخصيص هذا المعيار بإرتفاع معين يدل على أن المشرع قد ترك لمحكمة الموضوع تقدير الإرتفاع المطلوب وفقاً لذلك المعيار ، و لما كان الحكم المطعون فيه قد إعتبر القامه المعتادة هى 180 سم فإنه لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 1993 لسنة 50 جلسة 1981/04/23 س 32 ع 1 ص 1228 ق 226)

3 ـ النص فى المادة 821 من القانون المدنى على أنه : " لا يشترط أية مسافة لفتح المناور و هى التى تعلو قاعدتها عن قامة الإنسان المعتادة " دون تخصيص هذا المعيار بإرتفاع معين - يدل على أن المشرع قد ترك لمحكمة الموضوع تقدير الإرتفاع المطلوب وفقا لذلك المعيار . و إذ كان الثابت بتقدير الخبير المنتدب أن العرف جرى على إحتساب القامة المعتادة للإنسان ب 180 سم ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام الطاعن برفع قاعدة الفتحات - موضوع الدعوى - إلى العلو المشار إليه إستنادا إلى ما جاء بتقرير الخبير ، فإنه لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 156 لسنة 38 جلسة 1974/01/31 س 25 ع 1 ص 272 ق 46)

شرح خبراء القانون

تنص المادة 821 مدني على ما يأتي :

لا تشترط أية مسافة لفتح المناور، وهي التي تعلو قاعدتها عن قامة الإنسان المعتادة، ولا يقصد بها إلا مرور الهواء ونفاذ النور، دون أن يستطاع الإطلال منها على العقار المجاور.

ويخلص من هذا النص أن المنور لا يشترط في فتحه أية مسافة كما تشترط مسافات معينة بالنسبة إلى فتح المطل سبق بيانها وكل ما يشترط في المنور هو أن يكون على إرتفاع معين وألا يستعمل إلا لنفاذ النور ومرور الهواء، فلا يجوز الأطلال منه على العقار المجاور وللمنور الذي استوفى هذه الشروط حكم في القانون، يختلف عن حكم المنور الذي لم يستوفها.

ولا يقيد القانون المصري، كما لا يقيد القانون الفرنسي، المناور بمسافات معينة، كما قيد كل من القانونين المطلات المواجهة والمطلات المنحرفة فيجوز إذن فتح المناور في الحيطان على اية مسافة، بل يجوز أن يقيم المالك حائطاً على الخط الفاصل ما بين عقاره والعقار المجاور ويفتح فيه ما يشاء من المناور والقيد الوحيد للمنور في القانون المصري هو أن يكون ارتفاعه فوق قامة الإنسان المعتادة حتى لا يستطاع الإطلال منه فيمكن أن يكون على إرتفاع مترين مثلاً أو على ارتفاع 1,9متراً كما هو الأمر في القانون الفرنسي، ولكن لا يجوز أن يكون على ارتفاع 1,75متراً فقط إذ أن قامة الإنسان المعتادة تصل إلى هذا الطول.

ونرى من ذلك أن الفتحة في الحائط في القانون المصري إذا لم تكن مرتفعة فهي مطل معد لنفاذ النور ولمرور الهواء وللإطلال منه، فيجب إذن أن تراعي فيه المسافات القانونية التي تقدم بيانها وإذا كانت الفتحة مرتفعة بحيث تعلو على قامة الإنسان المعتادة، فهي منور معد لنفاذ النور ولمرور الهواء دون الأطلال منه، فلا تراعى فيه مسافة ما ولو فتح في حائط مقام على الخط الفاصل بين العقارين ولكن يراعى فيه هذا القدر من الإرتفاع .

حكم المناور المستوفية لشرط الإرتفاع :

فمتى استوفي المنور شروطه، بأن كان على هذا الإرتفاع المعين وبأن كان معداً للنور والهواء دون الأطلال وكان لصاحبه أن يستبقيه، ولا يجوز لصاحب العقار المجاور أن يعترض عليه أو أن يطلب سده.

ولكن صاحب المنور لا يكسب حقاً قبل صاحب العقار المجاور فهو بفتحه المنور إنما أتى رخصة من المباحات ولذلك يجوز لصاحب العقار المجاور أن يقيم حائطاً في ملكه على الخط الفاصل ما بين العقارين فيسد المنور الذي فتحه جاره ولا يصبح هذا المنور صالحاً للإنارة ولا لمرور الهواء وليس لصاحب المنور أن يعترض على ذلك أو أن يطلب هدم الحائط الذي أقامه الجار في ملكه إذ هو لم يكسب حقا قبل الجار بفتحه المنور كما قدمنا.

ويكون هذا هو الحكم، حتى لو أن المنور بقى مفتوحاً مدة خمس عشرة سنة أو أكثر فيجوز للجار حتى بعد انقضاء هذه المدة أن يقيم حائطاً في ملكه يسد به المنور ولا يجوز لصاحب المنور أن يتمسك بأنه كسب حق فتح المنور بالتقادم فهو إنما أتى رخصة من المباحات كما قدمنا وإتيان الرخصة لا يصلح أساساً للحيازة ولا للتملك بالتقادم المكسب.

ونرى من ذلك أن المالك، إذا فتح منوراً في حائط أقامه،يحسن به أن يبتعد بالحائط عن الخط الفاصل ما بين العقارين لمسافة كافية لبقاء المنور صالحاً للغرض المقصود منه وهو الإنارة والتهوية حتى لو بنى جاره حائطاً على الخط الفاصل فيما بعد فإن المنور يكون في الحالة بعيداً عن حائط الجار بعداً كافياً يبقى على صلاحيته كمنور .

حكم المنور غير المستوفية لشرط الارتفاع :

وإذا كان المنور غير مستوف لشرط الارتفاع الواجب بأن كان مفتوحاً مثلاً على إرتفاع 1,75 متراً أو على إرتفاع أقل من أرضية الحائط، فإنه يعتبر في القانون المصري مطلاً لا منوراً كما تقدم القول ومن ثم يجب التمييز بين حالتين .

(الحالة الأولي) أن يكون هذا المطل قد روعيت فيه المسافة القانونية التي سبق بيانها في المطل المواجه والمطل المنحرف وفي هذا الحالة لا يجوز للجار الإعتراض عليه لا من حيث إنه منور ولا من حيث أنه مطل وتسري الأحكام التي قدمناه في المطلات المفتوحة في حدود المسافة القانونية .

(الحالة الثانية) أن يكون هذا المطل لم تراع فيه المسافة القانونية وفي هذه الحالة يجوز للجار أن يعترض عليه وأن يطلب سده ولا يجوز لصاحبه أن يدعي أنه إنما فتح منوراً لا مطلاً وإن شكل الفتحة وسعتها ووضعها بد كل ذلك على أن المقصود منها الإنارة والتهوية لا الإطلال، وأن الفتحة لا تستعمل فعلاً للإطلال . فما دامت الفتحة ليست على الارتفاع الواجب قانونا، فهي مطل لا منور كما تقدم، وتسري عليها جميع الأحكام التي تسري على المطلات غير المستوفية لقيد المسافة وقد تقدم بيانها.

ومن هذه الأحكام أن الفتحة إذا بقيت على وضعها مدة خمس عشرة سنة، فقد كسب صاحبها حق ارتفاق بالمطل ولا يجوز بعد ذلك للجار أن يعترض على بقاء الفتحة، ولا أن يطلب سدها، سواء اعتبرت منوراً أو مطلاً . (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : الثامن، الصفحة :1037)

المناور في الفتحات التي لم تعد للإطلال منها بل لمرور الهواء ونفاذ النور والتي تعلو قاعدتها عن قامة الإنسان المعتادة ويجب ألا يقل هذا الإرتفاع عن 180 سنتيمتراً ومتى استوفى المنور هذا القيد فإنه لا يجوز للجار طلب سده فالمنور يعتبر رخصة من المباحات فتجيز لصاحبها الإستمرار في انتفاعه بالمنور ولا تحول دون الجار واقامة بناءً على الخط الفاصل ما بين ملكه وملك الجار صاحب المنور ولو أدى ذلك لسد المنور دون أن يكون للأخير أن يعترض على ذلك مهما طالت المدة على وجود المنور إذ أن إتيان الرخص لا يصلح أساسا للحيازة ولا للتملك بالتقادم المكسب م 949 ولذلك يحسن ترك مسافة حتى تبقى المناور تؤدي وظيفتها إذا أقام الجار بناءً ولكن إذا أساء صاحب المنور هذه الرخصة بأن أعتلى شيئاً للأطلال على الجار أو ألقي قاذورات عليه، فإنه يكون بذلك قد تجاوز الغرض من إقامة المنور وتعيين سده .

وإذا كانت الفتحة لا تعلو قاعدتها قامة الإنسان المعتادة فهي مطل يتعين سده مالم تكن المسافة المقررة له قد روعيت مهما كانت مساحة هذه الفتحة وإذا وجدت فتحة على درج السلم فيقاس الإرتفاع بین قاعدة هذه الفتحة ودرجة السلم الموجودة أسفل منها بين قاعدة هذه الفتحة ودرجة العلم الموجودة أسفل منها فإن كان الارتفاع بین قاعدة هذه الفتحة ودرجة السلم الموجودة أسفل منها لا يعلو قامة الشخص المعتادة كانت الفتحة بطلاً لا منوراً، كما تعتبر الفتحة الموجودة بالسنارة مطلاً لا منوراً إذا أمكن الأطلال منها ولو كان زجاج نوافذها غیر شفاف وكانت معدة للخزين فقط وقتی ظهر للجار أن أي من الفتحتين : الأخيرتين مطلاً وجب عليه أن يطلب سده فإن لم تظهر له حقيقتهما وطن من مظهرهما الخارجي أنهما منورين فإن حيازتها تكون غير ظاهرة فلا يكتسبا بالتقادم ويجوز للمحكمة أن تقضى ومن تلقاء نفسها بد الفتحة حتى تعلو قاعدتها عن قامة الإنسان المعتادة والباقي بعد ذلك يكون منوراً لا يجوز سده إستناداً للرخصة المشار إليها وذلك منعاً للضرر .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الحادي عشر، الصفحة : 314)

المنور هو فتحة تعلو قاعدتها عن قامة الإنسان المعتادة أى متوسط الطول ولا يقصد بها إلا مرور الهواء ونفاذ النور دون أن يستطاع الإطلال منها على ملك الجار إلا في وضع غير مألوف وغير قابل للاستمرار مثل الإطلال بالوقوف على سلم أو كرسي.

وعلى ذلك لكي تعتبر الفتحة منوراً يلزم أن تكون قاعدتها مرتفعة عن القامة العادية للإنسان بمعنى أن قاعدتها يجب أن تكون أعلى من قامة إنسان عادي فلا ينظر إلى قامة شخص طويل أو شخص قصير ومفاد ذلك أن المشرع قد ترك لمحكمة الموضوع تقدير الارتفاع المطلوب وفقاً لهذا المعيار وقد جرى العرف على احتساب القامة المعتادة للإنسان بــ 180 سم.

وإذا فتح منور في بئر السلم قیس الإرتفاع من أقرب درجات السلم إلى المنور.

وإذا لم يكن مستوى إرتفاع الأملاك المتجاورة واحداً فإنه يكفي أن تتوافر المسافة القانونية لإرتفاع المناور من ناحية المالك الذي يفتحها بصرف النظر عن مستوى ارتفاع أرض الجار.

وبما أن المشرع لم يقيد المناور إلا من حيث ارتفاعها عن أرض الحجرة المراد إنارتها فيكون للمالك أن يختار الحجم المناسب لها طولاً وعرضاً ولا يقبل من جاره الإعتراض بحجة الخروج على الحجم المألوف للمناور.

ولا يشترط تجهيز المنور بشباك من حديد أو زجاج مطموس المسام.

والنافذة الموجودة على السلالم مطل تجب إزالته لأنه من السهل على الصاعد على السلم أن يرى منزل الجار وكذلك النافذة التي تفتح على سلم الخدم على ارتفاع يقل عن قامة الإنسان ويمكن الإطلال منها على عقار الجار فتعتبر مطلاً لا منوراً.

عدم اشتراط مسافة عند فتح المناور :

لم يفرض المشرع في شأن المناور أية مسافة وأطلق حرية المالك في فتح المناور فيجوز للمالك فتحها في حائط يقيمه على حافة ملكه إذ لا ضرر من ذلك على الجار على أن فتح المناور على هذا الوجه لا يخول للمالك أي حق في إيفائها بمعنى أنه يجوز للجار أن يبني بدوره على حافة ملكه فيسد تلك المناور وذلك مهما طالت مدة بقاء المنور مفتوحاً فلا يكون للمالك أن يدعي أنه قد إكتسب بالتقادم حق ارتفاق على العقار المجاور من شأنه أن يمنع الجار من إقامة بناءً على حافة ملكه.

ذلك أن التقادم المكسب يقتضي الحيازة والحيازة لا تقوم على عمل يأتيه شخص على أنه مجرد رخصة من المباحات (م 949 مدنی) فحيازة حق الارتفاق وهو يتضمن عبئاً يثقل العقار المرتفق به تقتضي أن يقوم الحائز بأعمال فيها تعد على ملكية ذلك العقار.

ولا يتضمن فتح المناور هذا المعنى فليس فيها تعد على ملك الجار بل يقتصر المالك إذا ما فتح مناور في حائط يقيمه على حافة ملكه على إستعمال رخصة من الرخص التي تخولها له ملكيته.

متى يجوز طلب إزالة المنور أو تعديله ؟

يجوز للجار طلب إزالة المنور أو تعديله في حالتين :

1- إذا لم يراع الجار الذي أقام المنور الارتفاع القانوني، بأن كان المنور لا تعلو قاعدته عن قامة الإنسان المعتادة لأن الجار يكون قد خالف القيد الذي فرضته المادة 821 مدني على ملكه.

وللجار في هذه الحالة أن يطلب إما إزالة المنور أو تعديله بما يتفق والإرتفاع القانوني ويجوز للقاضي إذا طلب الجار إزالة المنور أن يكتفي بتعديله بما يتفق وحكم القانون.

2- أن يسئ الجار إستعمال المنور كما إذا إعتاد أن يعتلى ما يمكنه من الإطلال من المنور على ملك الجار أو إعتاد أن يلقى منه مخلفات منزله فتسقط في ملك جاره لأن حق المالك في فتح المناور على حافة ملكه مشروط بالقيد العام الذي يرد على الحقوق كافة وهو القيد الذي يتضمنه مبدأ عدم جواز التعسف في إستعمال الحق إذ يجب على المالك ألا يستعمل المناور في غير ما أعدت له.

ولذلك يصبح من حق الجار طلب سد المنور ليتفادى إستعماله فيما لا يقره القانون.

إكتساب حق ارتفاق المنور بالتقادم :

إذا فتح الجار المنور على خلاف حكم القانون بأن كانت قاعدة المنور لا تعلو عن قامة الإنسان المعتادة واستمر فتح المنور مدة التقادم المكسب (خمس عشرة سنة) دون أن يقترن ذلك بمظنة العفو والتسامح من الجار فإن مالكه يعد مكتسباً لحق ارتفاق بالتقادم على ملك الجار ولا يجوز لجاره طلب إزالته.

وتلك مسألة يهتدي القاضي في تقديرها بظروف كل حالة فيراعي حجم المنور والمكان الذي فتح فيه وكيفية إستعماله وعلى الأخص مدى المضايقة التي يمكن أن يحدثها للجار فإذا انتفت مع هذه الظروف شبهة التسامح وكانت مدة التقادم قد استكملت إكتسب صاحب المنور إرتفاقاً على ملك الجار وإلا إعتبرت حيازته غير نافعة وجاز الحكم بإزالة المنور أو تعديله حتى بعد مضي مدة التقادم.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : الحادي عشر، الصفحة : 390)

 

 

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السادس عشر ، الصفحة / 216

جِوَارٌ

التَّعْرِيف:

1 - الْجِوَارُ - بِكَسْرِ الْجِيمِ - مَصْدَرُ جَاوَرَ، يُقَالُ: جَاوَرَ جِوَارًا وَمُجَاوَرَةً أَيْضًا. وَمِنْ مَعَانِي الْجِوَارِ الْمُسَاكَنَةُ وَالْمُلاَصَقَةُ، وَالاِعْتِكَافُ فِي الْمَسْجِدِ، وَالْعَهْدُ وَالأْمَانُ.

وَمِنَ الْجِوَارِ الْجَارُ، وَيُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ، مِنْهَا: الْمُجَاوِرُ فِي الْمَسْكَنِ، وَالشَّرِيكُ فِي الْعَقَارِ أَوِ التِّجَارَةِ، وَالزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ، وَالْحَلِيفُ، وَالنَّاصِرُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: كُلُّ مَنْ قَارَبَ بَدَنُهُ بَدَنَ صَاحِبِهِ قِيلَ لَهُ: جَارٌ.

وَقَالَ الرَّاغِبُ: الْجَارُ: مَنْ يَقْرُبُ مَسْكَنُهُ مِنْكَ، وَهُوَ مِنَ الأْسْمَاءِ الْمُتَضَايِفَةِ؛ فَإِنَّ الْجَارَ لاَ يَكُونُ جَارًا لِغَيْرِهِ إِلاَّ وَذَلِكَ الْغَيْرُ جَارٌ لَهُ، كَالأْخِ وَالصَّدِيقِ. وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ: وَهُوَ الْمُلاَصَقَةُ فِي السَّكَنِ أَوْ نَحْوِهِ كَالْبُسْتَانِ وَالْحَانُوتِ.

الأْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْجِوَارِ :

أ - حَدُّ الْجِوَارِ :

2 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ حَدَّ الْجِوَارِ أَرْبَعُونَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. مُسْتَدِلِّينَ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم قَالَ: «حَقُّ الْجَارِ أَرْبَعُونَ دَارًا هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا»

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْجَارَ هُوَ الْمُلاَصِقُ مِنْ جِهَةٍ مِنَ الْجِهَاتِ أَوِ الْمُقَابِلُ لَهُ بَيْنَهُمَا شَارِعٌ ضَيِّقٌ لاَ يَفْصِلُهُمَا فَاصِلٌ كَبِيرٌ كَسُوقٍ أَوْ نَهْرٍ مُتَّسِعٍ، أَوْ مَنْ يَجْمَعُهُمَا مَسْجِدٌ أَوْ مَسْجِدَانِ لَطِيفَانِ مُتَقَارِبَانِ، إِلاَّ إِذَا دَلَّ الْعُرْفُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْحَدِّ.

وَحَمَلُوا حَدِيثَ: «أَلاَ إِنَّ أَرْبَعِينَ دَارًا جَارٌ» عَلَى التَّكْرِمَةِ وَالاِحْتِرَامِ، كَكَفِّ الأْذَى، وَدَفْعِ الضَّرَرِ، وَالْبِشْرِ فِي الْوَجْهِ وَالإْهْدَاءِ.

وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ إِلَى أَنَّ الْجَارَ هُوَ الْمُلاَصِقُ فَقَطْ؛ لأِنَّ الْجَارَ مِنَ الْمُجَاوَرَةِ، وَهِيَ الْمُلاَصَقَةُ حَقِيقَةً. وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ هُوَ الْقِيَاسُ.

وَذَهَبَ الصَّاحِبَانِ (أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ) إِلَى أَنَّ الْجَارَ هُوَ الْمُلاَصِقُ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ يَجْمَعُهُمُ الْمَسْجِدُ؛ لأِنَّ هُمْ يُسَمَّوْنَ جِيرَانًا عُرْفًا وَشَرْعًا، وَقَوْلُهُمَا اسْتِحْسَانٌ. وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ صلي الله عليه وسلم : «لاَ صَلاَةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلاَّ فِي الْمَسْجِدِ» وَجَاءَ تَفْسِيرُهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه مَوْقُوفًا بِمَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، وَإِذَا كَانَ الْمَقْصُودُ بِرَّ الْجِيرَانِ فَاسْتِحْبَابُهُ شَامِلٌ لِلْمُلاَصِقِ وَغَيْرِهِ، وَلَمَّا كَانَ لاَ بُدَّ مِنَ الاِخْتِلاَطِ لِتَحَقُّقِ مَعْنَى الْمُجَاوَرَةِ كَانَ لاَ بُدَّ مِنِ اتِّحَادِ الْمَسْجِدِ لِتَحَقُّقِ الاِخْتِلاَطِ.

ب - حُقُوقُ الْجِوَارِ :

3 - جَاءَتِ النُّصُوصُ الشَّرْعِيَّةُ تَحُضُّ عَلَى احْتِرَامِ الْجِوَارِ، وَرِعَايَةِ حَقِّ الْجَارِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا).

 

فَالْجَارُ ذُو الْقُرْبَى، هُوَ الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ. وَالْجَارُ الْجُنُبُ: هُوَ الَّذِي لاَ قَرَابَةَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ. أَمَّا السُّنَّةُ فَمِنْهَا قَوْلُهُ صلي الله عليه وسلم : «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ».

وَقَوْلُهُ صلوات الله عليه وسلم : «وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ. وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ. وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ. قِيلَ: مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مَنْ لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ».

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَأْكِيدُ حَقِّ الْجَارِ لِقَسَمِهِ صلي الله عليه وسلم عَلَى ذَلِكَ، وَتَكْرِيرِهِ الْيَمِينَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَفِيهِ نَفْيُ الإْيمَانِ عَمَّنْ يُؤْذِي جَارَهُ بِالْقَوْلِ، أَوْ بِالْفِعْلِ، وَمُرَادُهُ الإْيمَانُ الْكَامِلُ. وَلاَ شَكَّ أَنَّ الْعَاصِيَ غَيْرُ كَامِلِ الإْيمَانِ.

وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام : «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ». وَقَوْلُهُ صلي الله عليه وسلم : «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ» هَذَا وَاسْمُ (الْجَارِ) جَاءَ فِي هَذَا الْمَقَامِ يَشْمَلُ الْمُسْلِمَ، وَغَيْرَ الْمُسْلِمِ، وَالْعَابِدَ وَالْفَاسِقَ، وَالْغَرِيبَ وَالْبَلَدِيَّ، وَالنَّافِعَ وَالضَّارَّ، وَالْقَرِيبَ وَالأْجْنَبِيَّ، وَالأْقْرَبَ دَارًا وَالأْبْعَدَ، وَلَهُ مَرَاتِبُ بَعْضُهَا أَعْلَى مِنْ بَعْضٍ.

قَالَ أَحْمَدُ: الْجِيرَانُ ثَلاَثَةٌ: جَارٌ لَهُ حَقٌّ، وَهُوَ الذِّمِّيُّ الأْجْنَبِيُّ لَهُ حَقُّ الْجِوَارِ. وَجَارٌ لَهُ حَقَّانِ: وَهُوَ الْمُسْلِمُ الأْجْنَبِيُّ لَهُ حَقُّ الْجِوَارِ، وَحَقُّ الإْسْلاَمِ. وَجَارٌ لَهُ ثَلاَثَةُ حُقُوقٍ: وَهُوَ الْمُسْلِمُ الْقَرِيبُ لَهُ حَقُّ الْجِوَارِ وَحَقُّ الإْسْلاَمِ وَحَقُّ الْقَرَابَةِ.

وَأَوْلَى الْجِوَارِ بِالرِّعَايَةِ مَنْ كَانَ أَقْرَبَهُمْ بَابًا. وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْبُخَارِيُّ حِينَ قَالَ: بَابٌ: حَقُّ الْجِوَارِ فِي قُرْبِ الأْبْوَابِ. وَأَدْرَجَ تَحْتَهُ حَدِيثَ «عَائِشَةَ رضي الله عنها. قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَالَ: إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا».

وَمِنْ حُقُوقِ الْجِوَارِ مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي قَوْلِهِ: لَيْسَ حَقُّ الْجِوَارِ كَفَّ الأْذَى فَقَطْ، بَلِ احْتِمَالُ الأْذَى، فَإِنَّ الْجَارَ أَيْضًا قَدْ كَفَّ أَذَاهُ، فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ قَضَاءُ حَقٍّ وَلاَ يَكْفِي احْتِمَالُ الأْذَى، بَلْ لاَ بُدَّ مِنَ الرِّفْقِ، وَإِسْدَاءِ الْخَيْرِ وَالْمَعْرُوفِ.. وَمِنْهَا: أَنْ يَبْدَأَ جَارَهُ بِالسَّلاَمِ، وَيَعُودَهُ فِي الْمَرَضِ، وَيُعَزِّيَهُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ، وَيُهَنِّئَهُ عِنْدَ الْفَرَحِ، وَيُشَارِكَهُ السُّرُورَ بِالنِّعْمَةِ، وَيَتَجَاوَزَ عَنْ زَلاَّتِهِ، وَيَغُضَّ بَصَرَهُ عَنْ مَحَارِمِهِ، وَيَحْفَظَ عَلَيْهِ دَارَهُ إِنْ غَابَ، وَيَتَلَطَّفَ بِوَلَدِهِ، وَيُرْشِدَهُ إِلَى مَا يَجْهَلُهُ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ.. هَذَا إِلَى جُمْلَةِ الْحُقُوقِ الثَّابِتَةِ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ.

وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: إِنَّ الْمُجَاوَرَةَ تُوجِبُ لِكُلٍّ مِنَ الْحَقِّ مَا لاَ يَجِبُ لأِجْنَبِيٍّ، وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا لاَ يَحْرُمُ عَلَى الأْجْنَبِيِّ. فَيُبِيحُ الْجِوَارُ الاِنْتِفَاعَ بِمِلْكِ الْجَارِ الْخَالِي مِنْ ضَرَرِ الْجَارِ، وَيَحْرُمُ الاِنْتِفَاعُ بِمِلْكِ الْجَارِ إِذَا كَانَ فِيهِ إِضْرَارٌ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

مجلة الأحكام العدلية

مادة (1203) شباك المنزل

إذا كان لواحد شباك فوق قامة الإنسان فليس لجاره أن يكلفه سدّه لاحتمال أنه يضع سلّماً وينظر إلى مقر نساء ذلك الجار.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفور له (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه

(مادة 4)
الحقوق التي بها يكون التصرف والانتفاع بالأعيان على ثلاثة أنواع
الأول- حق ملك رقبة العين ومنفعتها
الثاني- حق ملك الانتفاع بالعين دون الرقبة
الثالث- حق الشرب والمسيل والمرور والتعلى ونحو ذلك من الحقوق

(مادة 62)
رؤية المحل الذي هو مقر للنساء يعد ضرراً فاحشاً فلا يسوغ إحداث شباك أو بناء يجعل فيه شباكاً للنظر مطلاً على محل نساء جاره وأن أحدث ذلك يؤمر برفع الضرر إما بسد الشباك أو ببناء ساتر فإن كان الشبك المحدث مرتفعاً فوق قامة الإنسان فليس للجار طلب سده.