loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : السادس، الصفحة : 78

مذكرة المشروع التمهيدي :

عرفت المادة 1193 الملكية الشائعة ويتبين من التعريف أن هذه الملكية وسط بين الملكية المفرزة والملكية المشتركة  فالحصة التي يملكها الشريك في الشيوع شائعة في كل المال لا تتركز في جانب منه بالذات وهذا ما يميز الملكية الشائعة عن الملكية المفرزة والشيء المملوك في الشيوع لا يملكه الشركاء مجتمعين بل يملك كل شريك حصة فيه وهذا ما يميز الملكية الشائعة عن الملكية المشتركة ومصدر الشيوع قد يكون العقد كما إذا اشترى شخصان مالاً على الشيوع وقد يكون الوصية كما إذا أوصى شخص لإثنين بمال على الشيوع وقد يكون أي سبب آخر من أسباب کسب الملكية وأكثر الأسباب إنتشاراً هو الميراث فإن الورثة تتوزع حصصهم شائعة في التركية وتحدد حصص الشركاء عند بدء الشيوع فإذا لم يكن هناك تحديد أو كان هناك شك في التحديد حسبت الحصص متساوية.

الأحكام

1 ـ إذ كان البيع قد ورد على حصة مفرزة و محددة إلتزم البائعون بإستنزالها من الأعيان الموقوفة قبل قسمتها ، فإن مفاد ذلك أن الطاعنة " البائعة الأولى " و شركاءها وافقوا على أن يخرج القدر المبيع من ملكيتهم قبل قسمتها بحيث لا يدخل فى أيه قسمة تجرى بينهم فيما بعد ، مما مقتضاها أن الصفقة - فى مقصود المتعاقدين - وحدة قائمة بذاتها لا يمكن تفريقها على المشترى ، و أن الإلتزام فى مفهوم إرادتهما ووفق الغرض الذى رميا إليه لا يجوز تنفيذه مقسما ، بل يجب تنفيذه بإعتباره كلا غير قابل للتجزئة ، و من ثم فإذا لم يكن قد جرى إستبعاد الأطيان المبيعة قبل وقوع القسمة فإن البيع الصادر إلى المشترى - المطعون ضده الأول - يكون صحيحاً و نافذا قبل البائعين جميعا أياً كانت النتيجة التى تترتب عليها قسمة الأطيان حتى و لو وقع القدر المبيع فى نصيب واحد منهم ، و هذا الشريك و شأنه فى الرجوع على باقى شركائه طبقا للقواعد المقررة قانوناً .

(الطعن رقم 286 لسنة 37 جلسة 1972/04/29 س 23 ع 2 ص 781 ق 122)

2 ـ إذا لم يعين الإتفاق أو القانون نصيب كل من الدائنين أو المدينين المتعددين لم يبق إلا أن ينقسم الإلتزام عليهم بحسب الرءوس أو بأنصبة متساوية و إذ خلا العقد - موضوع الدعوى - من تحديد نصيب كل من البائعين فى ثمن ما باعاه معا صفقة واحدة غير مجزأة ، فإنه يكون لكل بائع نصف ثمن المبيع .

(الطعن رقم 138 لسنة 37 جلسة 1972/03/09 س 23 ع 1 ص 364 ق 57)

3 ـ متى كانت حصص كل من الشركاء فى المحل التجارى لم تفرز فهم شركاء على الشيوع و تحسب الحصص متساوية إذا لم ترى المحكمة دليلا مقنعا على غير ذلك عملاً بحكم المادة 825 من القانون المدنى الجديد و التى قننت - على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور - ما كان معمولا به أثناء سريان القانون المدنى القديم.

(الطعن رقم 576 لسنة 34 جلسة 1970/01/08 س 21 ع 1 ص 24 ق 5)

4 ـ الحصة الشائعة يصح - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكون محلاً لأن يحوزها حائز على وجه التخصيص و الانفراد بنية تملكها و لا يحول دون ذلك اجتماع يد الحائز بيد مالك العقار بما يؤدى إلى المخالطة بينهما لأن هذه المخالطة ليست عيباً فى ذاتها و إنما العيب فيما ينشأ عنها من غموض و إبهام ، فإذا استطاع الشريك فى العقار الشائع أن يجوز حصة باقى شركائه المشتاعين حيازة تقوم على معارضة حق الملاك لها على نحو لا يترك محلاً لشبهة الغموض و الخفاء و مظنة التسامح ، و استمرت هذه الحيازة دون انقطاع خمس عشرة سنة فإنه يكسب ملكيتها بالتقادم .

(الطعن رقم 170 لسنة 50 جلسة 1980/12/18 س 31 ع 2 ص 2053 ق 381)

5 ـ الحصة الشائعة كالنصيب المفرز يصح كلاهما - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون محلا لأن يحوزه حائز على وجه التخصيص و الانفراد و لا فارق بينهما إلا من حيث أن الحائز للنصيب المفرز تكون يده بريئه من المخالطة . أما حائز الحصة الشائعة فيده بحكم الشيوع تخالط يد غيره من المشتاعين . و ليست هذه المخالطة عيبا فى ذاتها . و إنما العيب فيما ينشأ عنها من غموض و إبهام . فإذا انتفت و استقرت الحيازة على مناهضة حق باقى المالكين و مناقضتهم بما لا يترك مجالا لشبهة الغموض أو مظنة التسامح ،فإن الحيازة تصلح عندئذ لأن تكون أساساً لتملك الشائعة بالتقادم .

(الطعن رقم 133 لسنة 36 جلسة 1970/06/09 س 21 ع 2 ص 998 ق 160)

6 ـ إذا كان الخصوم فى دعوى القسمة لم يتجادلوا بشأن ملكية المطعون عليهم لبعض الأعيان المطلوب قسمتها بوضع يدهم عليها مفرزة المدة الطويلة المكسبة للملكية ، فإن الحكم الصادر منها بندب خبير لإجراء القسمة ، لا يمنع المطعون عليهم ، و هم ممن صدر عليهم هذا الحكم من أن يدعوا ملكية العين المتنازع عليها تأسيسا على أنهم وضعوا اليد عليها مفرزة بنية تملكها المدة الطويلة المكسبة للملكية .

(الطعن رقم 255 لسنة 36 جلسة 1971/06/24 س 22 ع 2 ص 809 ق 132)

7 ـ إذا كان الحكم قد خلص إلى أن وضع يد مورثة الطاعنين ، و يد الطاعنين من بعدها ، على أى جزء من القدر المطالب بتثبيت ملكيتهم إليه على الشيوع قد خلا من مواجهة باقى الشركاء بما يفيد جحد ملكيتهم و إنكارها عليهم فلا يكسبهم نصيب هؤلاء الشركاء مهما طالت مدة وضع اليد ، فإن الجدل حول عدم أخذ المحكمة بما قام فى الدعوى من أدلة مجابهة شركائهم بإنكار ملكيتهم لا يعدو أن يكون جدلا فى تقدير الدليل الذى لم تجد فيه محكمة الموضوع ما يكفى لإقتناعها و هو ما تستقل به وحدها و مرهون بما يطمئن إليه وجدانها .

(الطعن رقم 397 لسنة 35 جلسة 1969/12/25 س 20 ع 3 ص 1338 ق 208)

8 ـ الحيازة فى عنصرها المادى تقضى السيطرة الفعلية على الشىء الذى يجوز التعامل فيه ، و هى فى عنصرها المعنوى تستلزم نية إكتساب حق على هذا الشىء . و لما كانت الملكية الشائعة لا تنصب إلا غلى حصة شائعة فى أجزاء المال المشترك إلى أن تتميز بالفعل عند حصول القسمة ، فإن هذه الحصة يصح - و على ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن تكون محلاً لأن يحوزها حائز على وجه التخصيص و الإنفراد بنية إمتلاكها . و لا يحول دون ذلك إجتماع يد الحائز بيد مالك العقار بما يؤدى إلى المخالطة بينهما لأن هذه المخالطة ليست عيباً فى ذاتها و إنما العيب فيما ينشأ عنها من غموض أو إبهام و أنه إذا إستقرت الحيازة على مناهضة حق المالك و مناقصته بما لا يترك مجالاً لشبهة الغموض أو مظنة التسامح فإن الحيازة تصلح عندئذ لتملك الحصة الشائعة بالتقادم .

(الطعن رقم 266 لسنة 33 جلسة 1967/02/07 س 18 ع 1 ص 306 ق 47)

9 ـ متى كان الحكم إذ قضى بتثبيت ملكية الطاعن إلى المقدار الذى إشتراه شائعاً لا مفرزاً قد إستند إلى ما ورد بعقد شرائه فليس له أن يتمسك بما ينعاه على الحكم لعدم قضائه له بالملكية مفرزة إستناداً إلى أن ملكية البائعين له كانت مفرزة وأن ما ورد بالعقد من أن البيع شائع فى مساحة معينة إنما كان بناء على أمر المساحة إذ أن مؤدى هذا النعى مخالفة ما ورد بسند ملكيته فى هذا الخصوص.

(الطعن رقم 280 لسنة 20 جلسة 1953/04/16 س 4 ع 1 ص 889 ق 131)

10 ـ ليس فى القانون ما يمنع الشريك فى العقار الشائع من أن يكسب بالتقادم ملكية حصة أحد شركائه المشتاعين إذا استطاع أن يحوز هذه الحصة حيازة تقوم على معارضة حق المالك لها على نحو لا يترك محلاً لشبهة الغموض و الخفاء أو مظنة التسامح و استمرت هذه الحيازة دون انقطاع خمس عشرة سنة .

(الطعن رقم 332 لسنة 34 جلسة 1968/03/21 س 19 ع 1 ص 580 ق 87)

11 ـ النص فى الفقرة الثانية من المادة 22 من القانون رقم 136 لسنة 1981 - بشأن بعض الأحكام الخاصة بتأخير وبيع الأماكن - يدل على أن المشرع قصد من هذا الحكم المستحدث الموازته بين مصلحة كل من المؤجر والمستأجر إذا ما أصبح الأخير من طبقة الملاك بأن أقام مبنى مملوكا له يزيد على ثلاث وحدات إذ أن المستأجر المالك أصبح فى غنى عن الحماية التى قررها المشرع للمستأجرين عامة عن طريق الامتداد القانوني لعقود الإيجار إذ استطاعته نقل سكنه إلى المبنى الجديد الذي يملكة أو يوفر مكانا ملائما لمالك العين المؤجر له فى المبنى الجديد بما لا يجاوز مثلى الأجرة المستحقة عليه والقول بغير ذلك يؤدى إلى إثراء طائفة من الملاك على غيرهم بغير مبرر ويعد ذلك مجافاة لروح العدالة وهو ما لا يتفق مع العقل والمنطق وإذ كان النص المتقدم ورد عاما مطلقا بشأن الملكية فلا محل لتخصيصه أو تقييده بالملكية المفرزة دون الشائعة إذ أن فى ذلك استحداث لحكم مغاير لم يأت به المشرع وخروج على قصد الشارع من إصداره والغرض الذى رمى إليه ولا يغير من ذلك ما ورد بالمواد من 825 إلى 828 من القانون المدنى إذ أن المالك إذ أن المالك على الشيوع له حق الملكية والتصرف والثمار بالنسبة لحصته.

(الطعن رقم 2788 لسنة 60 جلسة 1994/12/28 س 45 ع 2 ص 1727 ق 323)

12 ـ متى كانت حصص كل من الشركاء فى المحل التجارى لم تفرز فهم شركاء على الشيوع و تحسب الحصص متساوية إذا لم ترى المحكمة دليلا مقنعا على غير ذلك عملاً بحكم المادة 825 من القانون المدنى الجديد و التى قننت - على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور - ما كان معمولا به أثناء سريان القانون المدنى القديم.

(الطعن رقم 576 لسنة 34 جلسة 1970/01/08 س 21 ع 1 ص 24 ق 5)

 

13 ـ إن الطعن فى المنازعات المتعلقة بتقدير التعويض عن نزع ملكية المال الشائع ومقابل الانتفاع به يعتبر من أعمال إدارة المال الشائع وفقاً لنص المادتين 827 ، 828 من القانون المدنى ويحق لأى من الشركاء فى ملكية هذا المال القيام به منفرداً بما يقتضيه ذلك من قبض التعويض ومقابل الانتفاع بوصفه تصرفاً تقتضيه أعمال الإدارة ، ويعد فى هذه الحالة نائباً عن باقى الشركاء فى الطعن طالما أن أحداً منهم لم يعترض على هذا الإجراء .

(الطعن رقم 5241 لسنة 81 جلسة 2012/02/26 س 63 ص 319 ق 47)

14 ـ إن الملكية الشائعة تقع على مال معين تعييناً ذاتياً وبها يكون هذا المال مملوكاً لأكثر من شخص واحد كل بقدر حصته فيه ، فلا يقع حق كل من الشركاء إلا على حصة شائعة فى هذا المال مع بقاء المال ذاته كلاً غير منقسم ، وقد نصت المادتان 825 ،826 من القانون المدنى على أنه إذا ملك اثنان أو أكثر شيئاً غير مفرز حصة كل منهم فيه ، كانوا شركاء على الشيوع ومتساوين فى حصصهم إلا إذا قام الدليل على غير ذلك ، ويعتبر كل منهم مالكاً لحصته ملكاً تاماً وعلى تقدير شيوعها فى كل المال وليس تركيزها فى أحد جوانبه وهذه الخاصية وحدها هى التى تباعد بين الملكية المفرزة التى لا تخالطها غير يد صاحبها وبين الملكية الشائعة التى يتزاحم عليها الشركاء فيها وأن كانت كلتاهما ملكية فردية تتكامل عناصرها .

(الطعن رقم 3398 لسنة 72 جلسة 2015/05/11)

شرح خبراء القانون

إذا ملك إثنان أو أكثر مالاً بحصص معينة من غير أن تفرز حصة كل منهم فالمال مشاع وهم شركاء في الشيوع (م 825 مدني) ويملك كل شريك في الشيوع حصته الشائعة ملكاً تاماً وله أن يتصرف فيها بجميع التصرفات الجائزة ويتخذ التصرف في المال المشاع صوراً متعددة نقف عند ثلاث منها :

1- فتارة يتصرف الشريك في حصته كما هي شائعة فيبيعها مثلاً من شخص آخر شريك أو غير شريك وهذه الصورة لا تثير إشكالاً وهي الصورة الغالبة في التصرف في المال المشاع و نرجئ الكلام في تفصيلاتها فمكانه الملكية الشائعة ويلاحظ أن صاحب الحصة الشائعة المنقولة إذا باعها من أجنبي بطريقة الممارسة كان لشركائه في هذا المنقول الشائع أن يستردوا الحصة المبيعة في خلال ثلاثين يوماً من تاريخ علمهم بالبيع أو من تاريخ إعلانهم به م 833 مدني أما في العقار فللشركاء الأخذ بالشفعة، وفقاً للقواعد المقررة في هذا الشأن.

2 - وتارة يتصرف الشريك قبل القسمة في جزء مفرز من المال الشائع أو في كل المال الشائع إلا حصة فيه.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : الرابع، الصفحة : 375)

تنص المادة 825 على ما يأتي :

إذا ملك إثنان أو أكثر شيئاً غير مفرز حصة كل منهم فيه فهم شركاء على الشيوع وتحسب الحصص متساوية، إذا لم يقم دليل على غير ذلك.

ويتبين من هذا النص أن الملكية الشائعة تقع على مالك معين بالذات يملكه أكثر من شخص واحد وكما يكون الشيوع في حق الملكية يجوز كذلك أن يكون في الحقوق العينية الآخر كحق الإنتفاع وحق الرقابة وحق الارتفاق أما الحقوق الشخصية فالأصل فيها أن تنقسم إذا تعدد الدائنون ومع ذلك قد لا ينقسم الحق الشخصي في التضامن ما بين الدائنين وفي عدم قابلية الحق للإنقسام وقد سبق شرح كل ذلك في نظرية الإلتزام وتتناول هذه الملكية المال الشائع كله غير منقسم أما حق كل شريك فيقع على حصة شائعة في هذا المال ومن ثم يكون محل حق الشريك هو هذه الحصة الشائعة فحق الملكية على المال الشائع هو الذي ينقسم حصصياً دون أن ينقسم المال ذاته.

ولما كان ملاك المال الشائع متعددين فلا بد من تعيين حصة كل منهم في هذا المال النصف أو الربع أو الخمس أو غير ذلك وتتعين حصص الملاك في الشيوع عادة عند بدء الشيوع تبعاً لمصدره فإن كان ميراثاً عين القانون حصة كل وارث وإن كان وصية عين الموصي حصة كل موصى له وإن كان عقداً تكفل العقد بتعيين حصة كل شريك وقد لا تتعين الحصص كأن يشتري عدة أشخاص مالاً على الشيوع دون أن يبينوا حصة كل منهم فيما اشتروه فعند ذلك تكون الحصص متساوية ما دام لم يقم دليل على غير ذلك.

لا شك في أن الملكية الشائعة هي حق ملكية فهي تشتمل على جميع العناصر الملكية وللمالك في الشيوع حق الاستعمال وحق الاستغلال وحق التصرف ونصوص التقنين المدني صريحة في هذا المعنى فمن جهة رأينا أن المادة 825 مدني وهي في صدد التعريف بالملكية الشائعة، وتقول : " إذا ملك اثنان أو أكثر شيئاً " فهي تصف صراحة أصحاب الملكية الشائعة بأنهم يملكون الشيء الشائع أي أن حقهم فيه هو حق الملكية ومن جهة أخري سنرى أن المادة 826 / 1 مدني تجمع بين يدي المالك في الشيوع جميع عناصر الملكية من استعمال واستغلال وتصرف فتقول : كل شريك في الشيوع يملك حصته ملكاً تاماً وله أن يتصرف فيها وأن يستولي على ثمارها وأن يستعملها بحيث لا يلحق الضرر بحقوق سائر الشركاء.

بقى أن نعرف هل الملكية الشائعة هي حق ملكية فردية أو حق ملكية جماعية ؟ تجيب المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي على هذا السؤال بما يأتي " عرفت المادة .. الملكية الشائعة، ويتبين من التعريف أن هذه الملكية وسط بين الملكية المفرزة والملكية المشتركة ( الجماعية ) فالحصة التي يملكها الشريك في الشيوع شائعة في كل المال لا تتركز في جانب منه بالذات، وهذا ما يميز الملكية الشائعة عن الملكية المفرزة والشيء المملوك في الشيوع لا يملكه الشركاء مجتمعين بل يملك كل شريك حصته فيه، وهذا ما يميز الملكية الشائعة عن الملكية المشتركة ( الجماعية ).

فالملكية الشائعة لا تشترك إذن في طبيعتها مع الملكية الجماعية، بل هي تشترك في الطبيعة مع الملكية المفرزة إذا أن كلا من الملكية الشائعة والملكية المفرزة هي ملكية فردية.

وخلاصة ما قدمناه أن الملكية أما أن تكون ملكية فردية أو ملكية جماعية، والملكية الفردية أما أن تكون ملكية مفرزة أو ملكية شائعة ومن ثم تكون الملكية الشائعة هي حق ملكية حقيقية، وهي أحد نوعي الملكية الفردية .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : الثامن، الصفحة : 1046)

يتوفر الشيوع عندما يكون الشيء الواحد مملوكاً في مجموعة لعدة أشخاص من غير أن يخصص لكل منهم جزء مادی معین وتكون الأنصبة متساوية أو مختلفة ويحددها المصدر المنشئ للشيوع ودائماً يكون سبباً من أسباب کسب الملكية فإن کان ميراثاً عین القانون حصة كل وارث وأن كان وضع اليد المدة الطويلة تساوت الأنصبة وأن كان وصية عين الموصى حقة كل موصي له وإن كان عقداً تكفل العقد بتعيين حصة كل شريك فإن لم تتعين الحمص كانت متساوية وعلى من يدعى عكس ذلك فعليه إثبات ما يدعيه وقد ينشأ الشيوع من الإلتصاق أو الإستيلاء أو الشفعة ولكل من المشتاعين الحق في الشيوع في كل جزء من أجزاء المال الشائع وبقدر نصيبه ولكنه لا يملك هذا الجزء رحله وإنما يشترك معه فيه باقي المشتاعين كل بقدر حصته ولا يعتبر المال شائعاً اذا كان مملوكاً لشركة لها الشخصية المعنوية إلا بعد حلها وتصفيتها فتصبح أموالها شائعة بين الشركاء فقد يتم الاتفاق بين مالك أرض والغير على أن ينشئ الأخير بناء على الأرض يقسم بعد تمامه بينهما بنسبة يتم الإتفاق عليها ويتضمن هذا الاتفاق إنشاء شركة بن مالك الأرض ومن أقام البناء فتصبح ملكية الأرض والبناء للشركة متى تم تسجيل عقدها فإذا امتنع مالك الأرض عن القيام بإجراءات التسجيل جاز للشريك الآخر رفع دعوى بصحة ونفاذ عقد الشركة ويتعين لقبولها تسجيل صحيفتها وقتی صدر الحكم وتأشر به في هامش تسجيل الصحيفة إنتقلت الملكية للشركة وكانت ملكية مفرزة فإن كان العقد قد وتضمن طريقة القسمة كما لو تضمن أن كل شريك يختص بطابق فتنتقل الملكية مفرزة فور التسجيل إذ يختص الطرف الأول في العقد بالطابق الأول ويختص الطرف الثاني فيه بالطابق الثاني ثم يختص الطرف الأول بالطابق الثالث وهكذا حتى نهاية الطوابق فإذا توافر سبب لفسخ العقد أو إبطاله فإنه يترتب على صدور حكم نهائي بالفسخ أو الإبطال عودة الشريكين إلى ما كانا عليه قبل التعاقد إذا كانت أعمال البناء لم يبدأ في تنفيذها أما إن كان قد بدء في تنفيذها فلا يكون للفسخ أو الأبطال أثر رجعي وإنما تدخل الشركة في دور التصفية وتصبح جميع أموالها شائعة بين الشريكين وذلك على التفصيل الذي أوضحناه عندما تناولنا الإختصاص بقسمة أموال الشركة عند حلها .

وفي الملكية الشائعة يجوز للشريك الذي ينفرد بالحيازة المادية أن يكتسب ملكية حصة شريكه بالتقادم ويشترط لذلك أن يجابه شريكه مجابهة صريحة تقطع في الدلالة على أنه ينكر عليه ملكيته في المال الشائع وأن يستمر على هذا الإنكار خمس عشرة سنة فإن لم يتوافر ذلك فإن وضع اليد وحده لا يكفي الإكثاپ ملكية الحصة الشائعة مهما طالت مدته لما يكتنفه من غموض وإبهام إذ يدون تلك المجابهة تكون الحيازة بالأصالة عن واضع اليد وبالنيابة عن باقي الشركاء في الشيوع فيكتنفها الغموض والإبهام وبالتالي لا تصلح لإكتساب الملكية لما يتطلبه ذلك من أن تكون الحيازة واضحة لا ليس فيها حتى لو كان المال الشائع ينتج ثمرات انفرد بها الشريك واضع اليد لتوافر مظنة التسامح من باقي الشركاء وهو ما يتوافر به أيضاً الغموض وبالتالي لا يكفي أن يتمسك واضع اليد بانفراده بالثمرات دون باقي الشركاء لإكتساب ملكية حصصهم بالتقادم وإنما يجب عليه إثبات مجابهتهم مجابهة ساطعة منكراً عليهم حقهم ومدعياً الملكية له وحده دونهم كتحرير محضر لأخذ التعهد عليهم بعدم التعرض له في ملكته لعين النزاع وأن لاحق لهم في التعرض له فيها ويجب التوافر المجابهة أن يسأل الشركاء جميعاً في هذا المحضر ومن هذا التاريخ يبدأ سريان التقادم حتى لو أنكروا ما يدعيه واضع اليد طالما إستمر في وضع يده مدة خمس عشرة سنة، شروط التقادم .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الحادي عشر، الصفحة : 337)

الملكية الشائعة : هي ملكية أكثر من شخص لشيء واحد بغیر فرز وتجنيب نصيب كل منهم في هذا الشيء فالمالك في الشيوع يملك حصة تقدر بنسبة من المال ولكن هذه النسبة لا يقابلها جزء محدد من الشيء محل الحق فهو يشترك هو وباقي الملاك كل بقدر حصته في كل ذرة من ذرات الشيء المملوك لهم شيوعاً فلا يختص أي منهم منفرداً بقدر محدد من الشيء.

وعلى ذلك فالملكية التي تثبت لشخص اعتباري واحد كشركة لا تعتبر ملكية شائعة، لأن المالك ليس هو الشركاء المتعددون بل هو الشركة باعتبارها شخصاً إعتبارياً مستقلاً عن أشخاص الشركة.

والشيوع حالة قانونية تنتج عن تعدد أصحاب الحق العيني الأصلي فالشيوع متصور بالنسبة لكل الحقوق العينية الأصلية وإذا كان المشرع قد اقتصر على تنظيم الملكية الشائعة فذلك يرجع إلى أنها الصورة الغالبة للشيوع.

ومثال الشيوع في حق الإنتفاع أن يوصي شخص بحق الإنتفاع لعدة أشخاص فيكون بذلك مالاً شائعاً بين الموصى لهم جميعاً أما الحق الشخصي إن تعدد أصحابه فإما أن يؤدي إلى إنقسامه وهذا هو الأصل وإما أن يكون الالتزام غير قابل للإنقسام أو موصوفاً بتضامن إيجابي.

ولمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها عن قيام حالة الشيوع التي يدعيها أحد الأخصام من أي دليل في الدعوى دون أن تكون ملزمة بندب خبير.

كل سبب يؤدى إلى كسب ملكية مفرزة يصلح سبباً لنشوء ملكية شائعة مادام أن هذا السبب يتصل بأكثر من شخص في نفس الوقت فقد يكون تصرفاً قانونياً أي عقداً أو وصية أو يكون واقعة مادية.

ومثل التصرف المنشيء لملكية شائعة أن يشترى شخصان أو أكثر مالاً على الشيوع أو يوصي شخصان لإثنين أو أكثر بمال على الشيوع.

ومثل الواقعة المادية المنشئة الملكية شائعة أن يرث عدة أشخاص مالاً على الشيوع أو يحوز شخصان مالاً حيازة مشتركة بريئة من الغموض الذي قد يشوبها عادة في هذه الحالة بسبب مخالطة يد الحائز يد غيره من المشتاعين وذلك طول المدة اللازمة لكسب الملكية بالتقادم.

وأكثر أسباب الشيوع وقوعاً في الحياة العملية هو الميراث.

تحدد حصص الشركاء في المال الشائع عند بدء الشيوع فإن لم يكن هناك تحديد أو كان هناك شك في التحديد حسب الحصص بالتساوي وإذا كان مصدر الشيوع هو الميراث فإن القانون هو الذي يحدد نصيب كل شريك في المال الشائع الموروث.

لاشك أن الملكية الشائعة مساوئ اجتماعية واقتصادية تجعل الاستمرار فيها أمراً غير مرغوب فيه.

فتعدد الملاك في الملكية الشائعة يؤدي إلى إشكالات عديدة فيما يتعلق بمزاولة كل مالك سلطاته على الشيء ولاسيما الاستعمال والاستغلال فإذا لوحظ أن الشيوع ينشأ عادة بين من تربطهم وشائج القربى فإن استمراره قد يؤدي إلى النفور والقطيعة وذلك أمر غير مرغوب فيه اجتماعياً.

كما أن استقلال كل شريك بحصته يتيح له إجادة استغلالها وتكريس طاقته في ذلك إذ ينطوى هذا الاستقلال على حافز قوي على العمل والإبداع ولذلك فإن الملكية المفرزة أكثر إنتاجاً من الملكية الشائعة.

وورود أكثر من حق على ملكية شيء واحد ينطوي على كثير من التعقيد والغموض من الناحية القانونية.

انقضاء الشيوع :

السبب الرئيس لانقضاء الشيوع هو القسمة، إلا أن هناك أسباباً أخرى ثانوية ينقضي بها الشيوع ومثال ذلك:

أن يكتسب أحد الملاك المشتاعين ملكية أنصبة باقي الشركاء وذلك عن طريق الميراث أو الوصية أو الهبة أو البيع أو المقايضة أو بوضع اليد المدة الطويلة المكسب للملكية ذلك أن حيازة الحصة الشائعة كالنصيب المفرز تصلح لأن تكون أساساً لتملكها بالتقادم.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : الحادي عشر، الصفحة : 429)

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الأول ، الصفحة / 263

إجارة الْمشاع:

39 - إذا كانت الْعيْن الْمتعاقد على منْفعتها مشاعًا، وأراد أحد الشّريكيْن إجارة منْفعة حصّته، فإجارتها للشّريك جائزةٌ بالاتّفاق. أمّا إجارتها لغيْر الشّريك فإنّ الْجمْهور (الصّاحبيْن من الْحنفيّة والشّافعيّة والْمالكيّة وفي قوْلٍ لأحْمد) يجيزونها أيْضًا؛ لأنّ الإْجارة أحد نوْعي الْبيْع، فتجوز إجارة الْمشاع كما يجوز بيْعه، والْمشاع مقْدور الانْتفاع بالْمهايأة، ولهذا جاز بيْعه. جاء في الْمغْني: واخْتار أبو حفْصٍ الْعكْبريّ جواز إجارة الْمشاع لغيْر الشّريك. وقدْ أوْمأ إليْه أحْمد؛ لأنّه عقْدٌ في ملْكه يجوز مع شريكه، فجاز مع غيْره كالْبيْع، ولأنّه يجوز إذا فعله الشّريكان معًا فجاز لأحدهما فعْله في نصيبه مفْردًا كالْبيْع.

وعنْد أبي حنيفة وزفر وهو وجْهٌ في مذْهب أحْمد لا تجوز لأنّ اسْتيفاء الْمنْفعة في الْجزْء الشّائع لا يتصوّر إلاّ بتسْليم الْباقي، وذلك غيْر متعاقدٍ عليْه، فلا يتصوّر تسْليمه شرْعًا. والاسْتيفاء بالْمهايأة لا يمْكن على الْوجْه الّذي يقْتضيه الْعقْد، إذ التّهايؤ بالزّمن انْتفاعٌ بالْكلّ بعْض الْمدّة، والتّهايؤ بالْمكان انْتفاعٌ يكون بطريق الْبدل عمّا في يد صاحبه، وهذا ليْس مقْتضى الْعقْد .

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السادس والعشرون ، الصفحة / 20

الشَّرِكَةُ

التَّعْرِيفُ:

1 - الشِّرْكَةُ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ، كَنِعْمَةٍ أَوْ بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ، كَكَلِمَةٍ - وَيَجُوزُ مَعَ الْفَتْحِ أَيْضًا إِسْكَانُ الرَّاءِ - اسْمٌ مَصْدَرُ شَرِكَ، كَعَلِمَ: يُقَالُ: شَرِكَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي الْبَيْعِ وَالْمِيرَاثِ يَشْرَكُهُ شِرْكًا وَشَرِكَةً، خَلَطَ نَصِيبَهُ بِنَصِيبِهِ، أَوِ اخْتَلَطَ نَصِيبَاهُمَا. فَالشَّرِكَةُ إِذَنْ: خَلْطُ النَّصِيبَيْنِ وَاخْتِلاَطُهُمَا، وَالْعَقْدُ الَّذِي يَتِمُّ بِسَبَبِهِ خَلْطُ الْمَالَيْنِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا - لِصِحَّةِ تَصَرُّفِ كُلِّ خَلِيطٍ فِي مَالِ صَاحِبِهِ - يُسَمَّى شَرِكَةً تَجَوُّزًا، مِنْ إِطْلاَقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ وَإِرَادَةِ السَّبَبِ.

وَأَمَّا فِي الاِصْطِلاَحِ الْفِقْهِيِّ: فَالشَّرِكَةُ قِسْمَانِ: شَرِكَةُ مِلْكٍ وَشَرِكَةُ عَقْدٍ .

أَمَّا شَرِكَةُ الْعَقْدِ فَسَيَأْتِي الْكَلاَمُ عَلَيْهَا فِي قِسْمِهَا الْخَاصِّ بِهَا:

وَأَمَّا شَرِكَةُ الْمِلْكِ فَهِيَ أَنْ يَخْتَصَّ اثْنَانِ فَصَاعِدًا بِشَيْءٍ وَاحِدٍ، أَوْ مَا هُوَ فِي حُكْمِهِ.

وَالَّذِي فِي حُكْمِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ هُوَ الْمُتَعَدِّدُ الْمُخْتَلِطُ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ أَوْ يَتَعَسَّرُ تَفْرِيقُهُ لِتَتَمَيَّزَ أَنْصِبَاؤُهُ. سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْعَيْنُ وَالدَّيْنُ وَغَيْرُهُمَا. فَالدَّارُ الْوَاحِدَةُ، أَوِ الأْرْضُ الْوَاحِدَةُ، مَثَلاً تَثْبُتُ فِيهَا شَرِكَةُ الْمِلْكِ بَيْنَ اثْنَيْنِ إِذَا اشْتَرَيَاهَا أَوْ وَرِثَاهَا أَوِ انْتَقَلَتْ إِلَيْهِمَا بِأَيِّ سَبَبٍ آخَرَ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ، كَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ. وَكَذَلِكَ الإْرْدَبَّانِ مِنَ الْقَمْحِ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنَ الْقَمْحِ وَالآْخَرُ مِنَ الشَّعِيرِ، أَوِ الْكِيسَانِ مِنَ الدَّنَانِيرِ ذَاتِ السِّكَّةِ الْوَاحِدَةِ، يُخْلَطَانِ مَعًا طَوَاعِيَةً أَوِ اضْطِرَارًا - كَإِنِ انْفَتَقَ الْكِيسَانِ الْمُتَجَاوِرَانِ.

وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ وُقُوعَ شَرِكَةِ الْمِلْكِ فِي الدُّيُونِ؛ لأِنَّ الدَّيْنَ وَصْفٌ شَرْعِيٌّ فِي الذِّمَّةِ، فَلاَ يُمْلَكُ - وَتَمْلِيكُهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ، هُوَ فِي حَقِيقَةِ الأْمْرِ ، إِسْقَاطٌ لاَ تَمْلِيكٌ.

وَلَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّهُ يُمْلَكُ، قَالُوا: بِدَلِيلِ أَنَّ مَا يَقْبِضُهُ أَحَدُ الدَّائِنِينَ عَنْ حِصَّتِهِ مِنَ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الدَّائِنِينَ، حَتَّى لَيَتَعَذَّرُ التَّخَلُّصُ مِنْ هَذِهِ الشَّرِكَةِ إِلاَّ بِإِعْمَالِ الْحِيلَةِ - كَأَنْ يَهَبَ الْمَدِينُ لِقَابِضِ قَدْرِ نَصِيبِهِ مَا قَبَضَهُ، وَيُبْرِئَهُ الْقَابِضُ مِنْ حِصَّتِهِ فِي الدَّيْنِ.

أَمَّا غَيْرُ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ، فَكَحَقِّ صَاحِبَيِ الدَّارِ فِي حِفْظِ نَحْوِ الثَّوْبِ تُلْقِيهِ فِيهَا الرِّيحُ فَإِنَّهُ حَقٌّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا شَرِكَةَ مِلْكٍ، إِذْ يَمْلِكُهُ كِلاَهُمَا.

وَلَيْسَ يُخَالِفُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ خِلاَفًا يُذْكَرُ فِي ثُبُوتِ شَرِكَةِ الْمِلْكِ، عَلَى هَذَا النَّحْوِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بَعْضُهُمْ بِاسْمِهَا بَلْ يَتَعَمَّدُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ أَنْ يَجْمَعُوهَا فِي تَعْرِيفٍ وَاحِدٍ مَعَ شَرِكَةِ الْعَقْدِ، كَمَا فَعَلَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ، إِذْ عَرَّفَ الشَّرِكَةَ مُطْلَقًا بِأَنَّهَا: (ثُبُوتُ الْحَقِّ فِي شَيْءٍ لاِثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ عَلَى جِهَةِ الشُّيُوعِ). وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إِذْ عَرَّفَهَا كَذَلِكَ بِأَنَّهَا: (تَقَرُّرُ مُتَمَوَّلٍ بَيْنَ مَالِكَيْنِ فَأَكْثَرَ).

تَقْسِيمُ شَرِكَةِ الْمِلْكِ :

أَوَّلاً: إِلَى شَرِكَةِ دَيْنٍ، وَشَرِكَةِ غَيْرِهِ.

2 - أ - فَشَرِكَةُ الدَّيْنِ: أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مُسْتَحَقًّا لاِثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ: كَمِائَةِ دِينَارٍ فِي ذِمَّةِ تَاجِرٍ تَجْزِئَةً لأِصْحَابِ (الشَّرِكَةِ) الَّتِي يُعَامِلُهَا.

ب - وَشَرِكَةُ غَيْرِ الدَّيْنِ: هِيَ الشَّرِكَةُ الْحَاصِلَةُ فِي الْعَيْنِ أَوِ الْحَقِّ أَوِ الْمَنْفَعَةِ: كَمَا هُوَ الْحَالُ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّيَّارَاتِ أَوِ الْمَنْسُوجَاتِ

 

أَوِ الْمَأْكُولاَتِ فِي الْمَتْجَرِ الْمُشْتَرَكِ، وَبِالنِّسْبَةِ لِحَقِّ شُفْعَةِ الشَّرِيكَيْنِ فِيمَا بَاعَهُ ثَالِثُهُمَا، وَحَقِّ سُكْنَى الدَّارِ أَوْ زِرَاعَةِ الأْرْضِ لِمُسْتَأْجِرِيهَا عَلَى الشُّيُوعِ وَلاَ خِلاَفَ لأِحَدٍ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ فِي صِحَّةِ هَذَا التَّقْسِيمِ .

ثَانِيًا - إِلَى اخْتِيَارِيَّةٍ، وَاضْطِرَارِيَّةٍ (جَبْرِيَّةٍ):

3 - أ - فَالاِخْتِيَارِيَّةُ: هِيَ الَّتِي تَكُونُ بِإِرَادَةِ الشَّرِيكَيْنِ أَوِ الشُّرَكَاءِ: سَوَاءٌ بِوَاسِطَةِ عَقْدٍ أَمْ بِدُونِهِ، وَسَوَاءٌ وَقَعَ الْعَقْدُ مُشْتَرَكًا مُنْذُ بِدَايَتِهِ، أَمْ طَرَأَ عَلَيْهِ اشْتِرَاكُهُمَا، أَمْ طَرَأَ الاِشْتِرَاكُ فِي الْمَالِ بَعْدَ الْعَقْدِ.

فَمِثَالُ مَا كَانَ بِوَاسِطَةِ عَقْدٍ مُشْتَرَكٍ مُنْذُ الْبَدْءِ، مَا لَوِ اشْتَرَى اثْنَانِ دَابَّةً لِلْجَرِّ أَوِ الرُّكُوبِ، أَوْ بِضَاعَةً يَتَّجِرَانِ فِيهَا. وَكَالشِّرَاءِ قَبُولُ هِبَةِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ غَيْرِهِ، أَوِ الْوَصِيَّةُ أَوِ التَّصَدُّقُ بِهِ.

وَمِثَالُ مَا كَانَ بِوَاسِطَةِ عَقْدٍ طَرَأَ اشْتِرَاكُهُ أَوِ اشْتِرَاكُهُ فِي الْمَالِ بَعْدَهُ، أَنْ يَقَعَ الشِّرَاءُ أَوْ قَبُولُ الْهِبَةِ أَوِ الْوَصِيَّةِ مِنْ وَاحِدٍ، ثُمَّ يُشْرِكَ مَعَهُ آخَرَ، فَيَقْبَلَ الآْخَرُ الشَّرِكَةَ - بِعِوَضٍ أَوْ بِدُونِهِ.

وَمِثَالُ مَا كَانَ بِدُونِ عَقْدٍ مَا لَوْ خَلَطَ اثْنَانِ مَالَيْهِمَا، وَمَا لَوِ اصْطَادَ اثْنَانِ صَيْدًا بِشَرَكٍ نَصَبَاهُ، أَوْ أَحْيَيَا أَرْضًا مَوَاتًا.

ب - وَالاِضْطِرَارِيَّةُ، أَوِ الْجَبْرِيَّةُ: هِيَ الَّتِي تَكُونُ دُونَ إِرَادَةِ أَحَدٍ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ أَوِ الشُّرَكَاءِ: كَمَا لَوِ انْفَتَقَتِ الأْكْيَاسُ، وَاخْتَلَطَ مَا فِيهَا مِمَّا يَعْسُرُ - إِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ - فَصْلُ بَعْضِهِ عَنْ بَعْضٍ لِتَتَمَيَّزَ أَنْصِبَاؤُهُ، كَبَعْضِ الْحُبُوبِ. أَمَّا إِذَا وَقَعَ الْخَلْطُ بِفِعْلِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ، دُونَ إِذْنِ بَاقِيهِمْ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: إِنَّ الْخَالِطَ يَمْلِكُ مَا خَلَطَهُ بِمَالِ نَفْسِهِ، وَيَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالْمِثْلِ لِتَعَدِّيهِ، أَيْ فَلاَ شَرِكَةَ .

وَهَذَا الَّذِي تَقَدَّمَ لاَ خِلاَفَ فِيهِ إِلاَّ فِي مِثْلِ مَسْأَلَةِ: تَمَلُّكِ شَخْصٍ: مَالَ غَيْرِهِ بِمُجَرَّدِ الاِسْتِبْدَادِ بِخَلْطِهِ بِمَالِ نَفْسِهِ، بِحَيْثُ لاَ يَتَمَيَّزَانِ، أَوْ يَشُقُّ وَيَعْسُرُ تَمْيِيزُهُمَا، فَقَدْ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّهُ يَمْلِكُهُ بِذَلِكَ وَيَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ لِلآْخَرِ بَدَلُهُ، وَقَالَ بِذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَمَعَهُ جَمَاهِيرُ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ، وَقَالَ: إِنَّهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ اعْتَمَدَهُ أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ، بَعْدَ أَنْ قَيَّدُوهُ فِي الأْوْجَهِ بِامْتِنَاعِ التَّصَرُّفِ فِيمَا مَلَكَ بِالْخَلْطِ، حَتَّى يُؤَدِّيَ بَدَلَهُ لِصَاحِبِهِ؛ لأِنَّ الَّذِي مَلَكَهُ كَذَلِكَ، لَوْ كَانَ مَلَكَهُ بِمُعَاوَضَةٍ رِضَائِيَّةٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ حَتَّى يَرْضَى صَاحِبُهُ بِذِمَّتِهِ، فَأَوْلَى إِذَا مَلَكَهُ بِدُونِ رِضَاهُ.

وَمِنْ فُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ الثَّلاَثَةِ، مَنْ يُنْكِرُ هَذَا التَّمَلُّكَ الْقَسْرِيَّ، وَيَجْعَلُ الْمَالَ مُشْتَرَكًا: كَمَا هُوَ أَحَدُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ، وَاخْتَارَهُ التَّقِيُّ السُّبْكِيُّ، وَأَطَالَ فِي الاِنْتِصَارِ لَهُ، وَعَلَيْهِ أَشْهَبُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَجَمَاهِيرُ مُتَأَخِّرِي الْحَنَابِلَةِ .

أَحْكَامُ شَرِكَةِ الْمِلْكِ:

4 - الأْصْلُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ أَوِ الشُّرَكَاءِ فِي شَرِكَةِ الْمِلْكِ أَجْنَبِيٌّ بِالنِّسْبَةِ لِنَصِيبِ الآْخَرِ. لأِنَّ هَذِهِ الشَّرِكَةَ لاَ تَتَضَمَّنُ وَكَالَةً مَا، ثُمَّ لاَ مِلْكَ لِشَرِيكٍ مَا فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَلاَ وِلاَيَةَ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ أَيِّ طَرِيقٍ آخَرَ. وَالْمُسَوِّغُ لِلتَّصَرُّفِ إِنَّمَا هُوَ الْمِلْكُ أَوِ الْوِلاَيَةُ وَهَذَا مَا لاَ يُمْكِنُ تَطَرُّقُ الْخِلاَفِ إِلَيْهِ.

وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مَا يَلِي:

5 - 1 - لَيْسَ لِشَرِيكِ الْمِلْكِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ شَيْءٌ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ التَّعَاقُدِيَّةِ: كَالْبَيْعِ، وَالإْجَارَةِ، وَالإْعَارَةِ وَغَيْرِهَا، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ هَذَا. فَإِذَا تَعَدَّى فَآجَرَ، مَثَلاً، أَوْ أَعَارَ الْعَيْنَ الْمُشْتَرَكَةَ فَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوِ الْمُسْتَعِيرِ، فَلِشَرِيكِهِ تَضْمِينُهُ حِصَّتَهُ وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا لاَ خِلاَفَ فِيهِ .

6 - 2 - لِكُلِّ شَرِيكٍ فِي شَرِكَةِ الْمِلْكِ أَنْ يَبِيعَ نَصِيبَهُ لِشَرِيكِهِ، أَوْ يُخْرِجَهُ إِلَيْهِ عَنْ مِلْكِهِ عَلَى أَيِّ نَحْوٍ، وَلَوْ بِوَصِيَّةٍ، إِلاَّ أَنَّ الْمُشْتَرَكَ لاَ يُوهَبُ دُونَ قِسْمَةٍ، مَا لَمْ يَكُنْ غَيْرَ قَابِلٍ لَهَا. وَسَيَأْتِي اسْتِثْنَاءُ حَالَةِ الضَّرَرِ. هَكَذَا قَرَّرَهُ الْحَنَفِيَّةُ. وَهُوَ فِي الْجُمْلَةِ مَحَلُّ وِفَاقٍ - إِلاَّ أَنَّ هِبَةَ الْمُشَاعِ سَائِغَةٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِإِطْلاَقٍ: كَمَا قَرَّرَهُ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.

وَالْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ هِبَةَ الْمُشَاعِ لاَ تَجُوزُ - بِمَعْنَى عَدَمِ إِثْبَاتِ مِلْكٍ نَاجِزٍ - فَالْهِبَةُ صَحِيحَةٌ، وَلَكِنْ يَتَوَقَّفُ الْمِلْكُ عَلَى الإْفْرَازِ ثُمَّ التَّسْلِيمِ .

7 - 3 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَبِيعَ نَصِيبَهُ لِغَيْرِ شَرِيكِهِ - فِي غَيْرِ حَالَةِ الضَّرَرِ الآْتِيَةِ - بِدُونِ إِذْنٍ مِنْهُ، وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ حَالَةً وَاحِدَةً: هِيَ حَالَةُ اخْتِلاَطِ الْمَالَيْنِ دُونَ شُيُوعٍ - لِبَقَاءِ كُلِّ مَالٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ، وَإِنْ عَسُرَ تَمْيِيزُهُ، أَوْ تَعَذَّرَ: سَوَاءٌ كَانَ اخْتِلاَطًا عَفْوِيًّا، أَمْ نَتِيجَةَ خَلْطٍ مَقْصُودٍ مِنْ جَانِبِ الشُّرَكَاءِ.

فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ: أَيْ حَالَةِ اخْتِلاَطِ الْمَالَيْنِ دُونَ شُيُوعٍ: لاَ بُدَّ مِنْ إِذْنِ الشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ لِيَصِحَّ بَيْعُهُ لِغَيْرِهِ، مَا دَامَ الْمَالُ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا لَمْ يُقْسَمْ بَعْدُ .

وَسِرُّ التَّفْرِقَةِ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ هَذِهِ الْحَالَةِ، حَيْثُ تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْبَيْعِ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ عَلَى إِذْنِهِ، وَبَيْنَ غَيْرِهَا، حَيْثُ لاَ يُوجَدُ هَذَا التَّوَقُّفُ، أَنَّهُ فِي حَالَةِ شُيُوعِ الْمَالِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ - بِسَبَبِ إِرْثِهِمَا إِيَّاهُ، أَوْ وُقُوعِ شَرِكَتِهِمَا فِيهِ بِسَبَبٍ آخَرَ يَقْتَضِي هَذَا الشُّيُوعَ: كَشِرَائِهِمَا إِيَّاهُ مَعًا، أَوْ إِشْرَاكِ أَحَدِهِمَا صَاحِبَهُ فِيهِ بِحِصَّةٍ شَائِعَةٍ - يَكُونُ كُلُّ جُزْءٍ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ - مَهْمَا دَقَّ وَصَغُرَ - مُشْتَرَكًا بَيْنَ الشُّرَكَاءِ، وَبَيْعُ النَّصِيبِ الشَّائِعِ جَائِزٌ لِلشَّرِيكِ وَلِغَيْرِهِ، إِذْ لاَ مَانِعَ مِنْ تَسْلِيمِهِ وَتَسَلُّمِهِ فَإِنَّ الإْفْرَازَ لَيْسَ مِنْ شَرَائِطِ التَّسْلِيمِ - وَمِنْ ثَمَّ فَلاَ نِزَاعَ فِي صِحَّةِ بَيْعِ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ فِيمَا لاَ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ ذَاتًا كَالدَّابَّةِ، وَالْبَيْتِ الصَّغِيرِ إِلاَّ أَنَّهُ إِذَا سَلَّمَ الْبَائِعُ الْعَيْنَ الْمُشْتَرَكَةَ كُلَّهَا، دُونَ إِذْنِ شَرِيكِهِ، كَانَ كَالْغَاصِبِ، وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ كَغَاصِبِ الْغَاصِبِ، بِالنِّسْبَةِ لِحِصَّةِ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَبِعْ: حَتَّى إِذَا تَلِفَتِ الْعَيْنُ كَانَ لِلَّذِي لَمْ يَبِعْ حَقُّ الرُّجُوعِ بِضَمَانِ حِصَّتِهِ عَلَى أَيِّ الشَّخْصَيْنِ شَاءَ: الْبَائِعِ أَوِ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ إِذَا رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي، يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ.

أَمَّا النَّصِيبُ غَيْرُ الشَّائِعِ فِي شَرِكَةِ الْمِلْكِ، فَبَاقٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ - إِلاَّ أَنَّهُ الْتَبَسَ بِغَيْرِهِ أَوْ تَعَسَّرَ فَصْلُهُ. وَهَذَا الاِلْتِبَاسُ أَوِ التَّعَسُّرُ لاَ يَمْنَعُ الْقُدْرَةَ عَلَى تَسْلِيمِهِ إِلَى الشَّرِيكِ، إِذَا بَاعَهُ إِيَّاهُ، وَلَكِنَّهُ يَمْنَعُ هَذِهِ الْقُدْرَةَ وَيُنَافِيهَا إِذَا بَاعَ النَّصِيبَ لأِجْنَبِيٍّ عَنِ الشَّرِكَةِ، دُونَ إِذْنِ شَرِيكِهِ، إِذْ لاَ يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ أَوْ تَسَلُّمُهُ، إِلاَّ مَخْلُوطًا بِنَصِيبِ هَذَا الشَّرِيكِ، فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إِذْنِهِ .

وَقَالَ الْقَرَافِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي الذَّخِيرَةِ: (إِذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي حَيَوَانٍ مَثَلاً بِمِيرَاثٍ أَوْ غَيْرِهِ لاَ يَجُوزُ لأِحَدِهِمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ إِلاَّ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ: فَلَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ وَسَلَّمَ الْجَمِيعَ لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إِذْنِ شَرِيكِهِ، كَانَ ضَامِنًا عَلَى مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ. لأِنَّ أَحْسَنَ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ كَالْمُودَعِ فِي الأْمَانَةِ، وَهَذَا إِذَا وَضَعَ يَدَ الأْجْنَبِيِّ يَضْمَنُ لِتَعَدِّيهِ، وَلاَ يَلْزَمُ عَدَمُ صِحَّةِ الْبَيْعِ؛ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّسْلِيمِ: لأِنَّهُ إِنْ كَانَ شَرِيكُهُ حَاضِرًا، سَلِمَ الْبَيْعُ لَهُ، وَتَقَعُ الْخُصُومَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي، أَوْ غَائِبًا، رَفَعَ أَمْرَهُ إِلَى الْحَاكِمِ، وَيَأْذَنُ لَهُ فِي الْبَيْعِ وَوَضْعِ مَالِ الْغَائِبِ تَحْتَ يَدِهِ).

حَالَةُ الضَّرَرِ:

8 - بَيْعُ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ فِي الْبِنَاءِ أَوِ الْغِرَاسِ، أَوِ الثَّمَرِ أَوِ الزَّرْعِ، لاَ يَجُوزُ. وَيَعْنُونَ بَيْعَ الْحِصَّةِ فِي ذَلِكَ مُنْفَرِدَةً عَنِ الأْرْضِ الَّتِي هِيَ فِيهَا.

أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ: فَإِنَّهُ إِنْ شَرَطَ هَدْمَ الْبِنَاءِ، وَقَلْعَ الْغِرَاسِ، فَلاَ يَتَأَتَّى دُونَ هَدْمِ وَقَلْعِ حِصَّةِ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَبِعْ - لِمَكَانِ الشُّيُوعِ - وَذَلِكَ ضَرَرٌ لاَ يَجُوزُ. وَلأِنَّ شَرْطَ بَقَائِهِمَا إِنَّمَا هُوَ شَرْطُ مَنْفَعَةٍ لأِحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ زَائِدَةٍ عَنْ مُقْتَضَى الْبَيْعِ، فَيَكُونُ شَرْطًا فَاسِدًا فِي نَفْسِهِ، مُفْسِدًا لِلْعَقْدِ أَيْضًا، لِمَكَانِ الرِّبَا، إِذْ هِيَ زِيَادَةٌ عَرِيَّةٌ عَنِ الْعِوَضِ .

 

وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلثَّمَرِ أَوِ الزَّرْعِ: فَإِذَا لَمْ يَبْلُغْ أَوَانَ قَطْعِهِ فَبِدُونِ إِذْنِ الشَّرِيكِ لاَ يَصِحُّ بَيْعُ الْحِصَّةِ لأِجْنَبِيٍّ ؛ لِلُحُوقِ الضَّرَرِ بِهِ حِينَئِذٍ، إِذْ سَيُطَالِبُ الْمُشْتَرِي بِقَطْعِ مَا اشْتَرَاهُ، وَلاَ سَبِيلَ إِلَيْهِ إِلاَّ بِقَطْعِ حِصَّةِ هَذَا الشَّرِيكِ .

9 - (4) ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ فِي حُضُورِ الشَّرِيكِ، لاَ يَنْتَفِعُ شَرِيكُهُ الآْخَرُ بِالْمَالِ الْمُشْتَرَكِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ؛ لأِنَّهُ بِدُونِ الإْذْنِ يَكُونُ غَصْبًا، وَيَدْخُلُ فِي الإْذْنِ: الإْذْنُ الْعُرْفِيُّ.

فَإِذَا رَكِبَ الشَّرِيكُ الدَّابَّةَ الْمُشْتَرَكَةَ، أَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا، بِدُونِ إِذْنِ شَرِيكِهِ فَتَلِفَتْ أَوْ هَزِلَتْ وَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا، ضَمِنَ حِصَّةَ. شَرِيكِهِ فِي حَالِ التَّلَفِ، وَضَمِنَ نَقْصَ قِيمَتِهَا فِي حَالَةِ الْهُزَالِ.

وَإِذَا زَرَعَ الأْرْضَ الْمُشْتَرَكَةَ، أَوْ بَنَى فِيهَا، وَشَرِيكُهُ حَاضِرٌ، دُونَ إِذْنٍ مِنْهُ، طُبِّقَتْ أَحْكَامُ الْغَصْبِ: فَتَنْقَسِمُ الأْرْضُ بَيْنَهُمَا، وَعَلَيْهِ قَلْعُ مَا وَقَعَ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَضَمَانُ نَقْصِ أَرْضِهِ. إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الزَّرْعُ قَدْ أَدْرَكَ أَوْ كَادَ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ إِلاَّ ضَمَانُ نُقْصَانِ الأْرْضِ ، دُونَ قَلْعِ الزَّرْعِ وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الآْخَرِ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى الَّذِي زَرَعَ الأْرْضَ الْمُشْتَرَكَةَ نِصْفَ الْبَذْرِ، عَلَى أَنْ يَكُونَ الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا لأِنَّهُ بَيْعُ مَعْدُومٍ إِنْ كَانَ الزَّرْعُ لَمْ يَنْبُتْ بَعْدُ، وَإِلاَّ فَلاَ بَأْسَ بِذَلِكَ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَيْضًا أَنْ يُصِرَّ عَلَى قَلْعِ الزَّرْعِ مَتَى كَانَتِ الْقِسْمَةُ مُمْكِنَةً.

وَهُنَا لِلشَّافِعِيَّةِ ضَابِطٌ حَسَنٌ: الشَّرِيكُ أَمِينٌ إِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلِ الْمُشْتَرَكَ، أَوِ اسْتَعْمَلَهُ مُنَاوَبَةً - لأِنَّ هَا إِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ - وَإِلاَّ: فَإِنِ اسْتَعْمَلَهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَعَارِيَّةٌ، أَوْ بِدُونِ إِذْنِهِ فَغَصْبٌ. وَمِنَ الاِسْتِعْمَالِ حَلْبُ الدَّابَّةِ اللَّبُونِ .

10 - (5) فِي حَالَةِ غَيْبَةِ الشَّرِيكِ أَوْ مَوْتِهِ، يَكُونُ لِشَرِيكِهِ الْحَاضِرِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالْمُشْتَرَكِ انْتِفَاعًا لاَ يَضُرُّ بِهِ .

11 - (6) ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا احْتَاجَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ إِلَى النَّفَقَةِ - سَوَاءٌ لِلتَّعْمِيرِ، أَمْ لِغَيْرِهِ - كَبِنَاءِ مَا تَخَرَّبَ، وَإِصْلاَحِ مَا وَهَى، وَإِطْعَامِ الْحَيَوَانَاتِ، وَلَكِنْ نَشِبَ النِّزَاعُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ: فَأَرَادَ بَعْضُهُمُ الإْنْفَاقَ، وَأَبَى الآْخَرُونَ - فَفِي الْحُكْمِ تَفْصِيلٌ؛ لأِنَّ الْمَالَ إِمَّا قَابِلٌ لِلْقِسْمَةِ أَوْ غَيْرُ قَابِلٍ:

أ - فَفِي الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ: كَالدَّارِ الْفَسِيحَةِ، وَالْحَوَانِيتِ الْمُعَدَّةِ لِلاِسْتِغْلاَلِ وَالْحَيَوَانَاتِ الْمُتَعَدِّدَةِ، لاَ إِجْبَارَ عَلَى الْمُمْتَنِعِ، وَلَكِنْ يُقْسَمُ الْمَالُ لِيَقُومَ بِإِصْلاَحِ مَالِهِ وَالإْنْفَاقِ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ - اللَّهُمَّ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْمُمْتَنِعُ، عَلَى خِلاَفِ الْمَصْلَحَةِ، وَصِيًّا أَوْ نَاظِرَ وَقْفٍ (كَمَا فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ وَقْفَيْنِ مَثَلاً) فَإِنَّهُ يُجْبَرُ؛ لأِنَّ تَصَرُّفَهُ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ.

ب - وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ قَابِلاً لِلْقِسْمَةِ، أُجْبِرَ الشَّرِيكُ عَلَى الْمُشَارَكَةِ فِي النَّفَقَةِ؛ لأِنَّ امْتِنَاعَهُ مُفَوِّتٌ لِحَقِّ شَرِيكِهِ فِي الاِنْتِفَاعِ بِمَالِهِ وَذَلِكَ كَمَا فِي نَفَقَةِ دَابَّةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ كَرْيِ نَهْرٍ، أَوْ مَرَمَّةِ قَنَاةٍ أَوْ بِئْرٍ، أَوْ إِصْلاَحِ آلَةِ رَيٍّ، أَوْ سَفِينَةٍ، أَوْ حَائِطٍ لاَ يَنْقَسِمُ لِضِيقِ عَرْصَتِهِ (مَوْضِعِ بِنَائِهِ) أَوْ لِحُمُولَةٍ عَلَيْهِ، إِلاَّ أَنْ تَكُونَ الْحُمُولَةُ كُلُّهَا لِغَيْرِ طَالِبِ الْعِمَارَةِ إِلاَّ أَنَّ مُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ مَالُوا إِلَى الْقَوْلِ: بِأَنَّ الْجِدَارَ الْوَاسِعَ الْعَرْصَةِ مُلْحَقٌ هُنَا بِمَا لاَ يَنْقَسِمُ؛ لِتَضَرُّرِ الشَّرِيكِ فِيهِ بِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِي إِصْلاَحِهِ وَتَرْمِيمِهِ.

وَالْمَالِكِيَّةُ يُوَافِقُونَ الْحَنَفِيَّةَ مُوَافَقَةً تَكَادُ تَكُونُ تَامَّةً، وَيَزِيدُونَ أَنَّ الشَّرِيكَ إِذَا أَصَرَّ عَلَى الاِمْتِنَاعِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَبِيعُ عَلَيْهِ حِصَّتَهُ كُلَّهَا لِمَنْ يَقُومُ بِالنَّفَقَةِ اللاَّزِمَةِ. وَلَمْ يَجْتَزِئُوا بِبَيْعِ مَا يَكْفِي لِسَدَادِ هَذِهِ النَّفَقَةِ، مَنْعًا لِضَرَرِ تَكْثِيرِ الشُّرَكَاءِ، وَلاَ بِإِجْبَارِ الشَّرِيكِ الْقَادِرِ عَلَى النَّفَقَةِ وَحْدَهُ، دُونَ لُجُوءٍ إِلَى الْبَيْعِ (كَمَا لَمْ يَلْجَئُوا إِلَيْهِ فِي الْحِصَّةِ الَّتِي هِيَ وَقْفٌ، وَمَنَعُوهُ إِذَا كَانَ ثَمَّتَ مَا يُغْنِي عَنْهُ: مِنْ رِيعٍ لَهَا مُتَجَمِّعٍ، أَوْ أُجْرَةٍ مُتَاحَةٍ بِسَبَبِ وُجُودِ رَاغِبٍ فِي الاِسْتِئْجَارِ بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ مَثَلاً) مَعَ أَنَّهُ قَدْ قِيلَ عِنْدَهُمْ بِكُلٍّ مِنْ هَذَا وَذَاكَ. أَمَّا حَيْثُ لاَ يُوجَدُ مَا يُغْنِي فِي الْحِصَّةِ الْمَوْقُوفَةِ عَنِ الْبَيْعِ، فَإِنَّهَا تُبَاعُ كُلُّهَا - كَغَيْرِ الْمَوْقُوفَةِ - مَنْعًا لِكَثْرَةِ الأْيْدِي، كَمَا اسْتَدْرَكَهُ النَّفْرَاوِيُّ عَلَى بَعْضِ شُرَّاحِ خَلِيلٍ، وَلَمْ يَجْعَلُوا الْوَقْفَ مَانِعًا مِنَ الْبَيْعِ إِلاَّ إِذَا كَانَ الْمُشْتَرَكُ جَمِيعُهُ وَقْفًا، وَحِينَئِذٍ يَقُومُ الطَّالِبُ بِالنَّفَقَةِ اللاَّزِمَةِ، ثُمَّ يَسْتَوْفِي مَا يَخُصُّ الْحِصَّةَ الأْخْرَى مِنْ غَلَّتِهَا.

وَمَعَ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ الْمَالِكِيَّةَ لاَ يَرَوْنَ إِجْبَارَ الشَّرِيكِ إِذَا امْتَنَعَ عَنِ الإْصْلاَحِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ نَفْعٌ مُحَقَّقٌ: وَقَدْ مَثَّلُوهُ بِإِصْلاَحِ الْعُيُونِ وَالآْبَارِ - حَتَّى لَقَدْ رَفَضُوا قَوْلَ مَنْ قَالَ مِنْهُمْ بِالإْجْبَارِ إِذَا كَانَ عَلَى هَذِهِ الْعُيُونِ أَوِ الآْبَارِ زَرْعٌ، أَوْ شَجَرٌ فِيهِ ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ. وَرَأَوْا أَنْ يَقُومَ بِالإْصْلاَحِ الشَّرِيكُ الَّذِي يُرِيدُهُ، ثُمَّ يَحُولُ بَيْنَ الشَّرِيكِ الْمُمْتَنِعِ وَبَيْنَ كَمِّيَّةِ الْمَاءِ الزَّائِدَةِ - الَّتِي نَتَجَتْ مِنْ عَمَلِيَّةِ الإْصْلاَحِ إِلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ مَا يَخُصُّهُ مِنَ النَّفَقَاتِ، وَلَوْ ظَلَّ كَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ.

نَعَمْ سِيَاقُ كَلاَمِ الْمَالِكِيَّةِ هُنَا فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ، (لَكِنَّهُمْ نَصُّوا - فِي مَوْضِعِهِ - عَلَى مَا يُفِيدُ أَنَّ الْحَيَوَانَ لاَ يَخْتَلِفُ حُكْمُهُ): ذَلِكَ أَنَّهُمْ جَعَلُوا لِلْقَاضِي السُّلْطَةَ نَفْسَهَا إِذَا كَانَ الْحَيَوَانُ مِلْكًا خَاصًّا، وَامْتَنَعَ مَالِكُهُ عَنِ الإْنْفَاقِ عَلَيْهِ - غَايَةُ الأْمْرِ أَنَّهُمْ زَادُوا إِعْطَاءَ الْمَالِكِ خِيَارَ ذَبْحِ مَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ مِنَ الْحَيَوَانِ حَتَّى إِذَا رَفَضَ هَذَا وَذَاكَ أَيْضًا نَابَ عَنْهُ الْقَاضِي .

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي نَفَقَةِ الْحَيَوَانِ الْمُشْتَرَكِ إِلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ.

أَمَّا فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ، فَلِكُلٍّ مِنَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ قَوْلاَنِ: قَوْلٌ بِإِجْبَارِ الشَّرِيكِ عَلَى التَّعْمِيرِ وَالإْنْفَاقِ مَعَ شَرِيكِهِ؛ دَفْعًا لِلضَّرَرِ، وَصِيَانَةً لِلأْمْلاَكِ عَنِ التَّعْطِيلِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْحَنَابِلَةُ وَكَثِيرٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: كَالْغَزَالِيِّ وَابْنِ الصَّلاَحِ. وَقَوْلٌ بِعَدَمِ الإْجْبَارِ لأِنَّ الْمُمْتَنِعَ يَتَضَرَّرُ بِالنَّفَقَةِ أَيْضًا، وَالضَّرَرُ لاَ يُزَالُ بِالضَّرَرِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ عُذْرٌ، أَوْ وُجْهَةُ نَظَرٍ، ثُمَّ كُلُّ مَا لَيْسَتْ لَهُ رَوْحٌ.. فَلَيْسَتْ لَهُ فِي نَفْسِهِ حُرْمَةٌ يَسْتَحِقُّ الإْنْفَاقَ مِنْ أَجْلِهَا، وَلاَ فِي تَعْطِيلِهِ إِضَاعَةُ مَالٍ مُحَرَّمَةٌ شَرْعًا، إِذْ لاَ يَعُدُّونَ التَّرْكَ مِنْ هَذِهِ الإْضَاعَةِ، بَلْ لاَ بُدَّ مِنْ فِعْلٍ إِيجَابِيٍّ: كَأَنْ يَقْذِفَ الشَّخْصُ بِمَتَاعِهِ إِلَى الْبَحْرِ. وَهَذَا هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الشَّافِعِيَّةُ، وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: إِنَّهُ أَقْوَى دَلِيلاً، وَإِنْ كَانَ الْجُورِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ يَسْتَثْنِي النَّبَاتَ وَيُلْحِقُهُ بِالْحَيَوَانِ. وَمِنَ الشَّافِعِيَّةِ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، بِأَنَّ الأْمْرَ يُوَكَّلُ إِلَى الْقَاضِي: فَإِنْ لَمْ يَرَ مِنَ الشَّرِيكِ الْمُمْتَنِعِ إِلاَّ الْعِنَادَ أَجْبَرَهُ، وَإِلاَّ فَلاَ .

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الخامس، الصفحة / 286

إِفْرَازٌ

التَّعْرِيفُ:

- الإْفْرَازُ فِي اللُّغَةِ: التَّنْحِيَةُ، وَهِيَ عَزْلُ شَيْءٍ عَنْ شَيْءٍ وَتَمْيِيزُهُ وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَالُ الْفُقَهَاءِ عَنْ ذَلِكَ.

الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الْعَزْلُ:

الْعَزْلُ يَخْتَلِفُ عَنِ الإْفْرَازِ. فِي أَنَّ الإْفْرَازَ يَكُونُ لِجُزْءٍ مِنَ الأْصْلِ، أَوْ كَالْجُزْءِ مِنْهُ فِي شِدَّةِ اخْتِلاَطِهِ بِهِ، أَمَّا الْعَزْلُ فَهُوَ التَّنْحِيَةُ، وَالشَّيْءُ الْمُنَحَّى قَدْ يَكُونُ جُزْءًا مِنَ الْمُنَحَّى عَنْهُ، وَقَدْ لاَ يَكُونُ، بَلْ قَدْ يَكُونُ خَارِجًا عَنْهُ. كَالْعَزْلِ عَنِ الزَّوْجَةِ.

ب - الْقِسْمَةُ:

- الْقِسْمَةُ قَدْ تَكُونُ بِالإْفْرَازِ وَقَدْ يُقْصَدُ بِهَا بَيَانُ الْحِصَصِ دُونَ إِفْرَازٍ، كَمَا فِي الْمُهَايَأَةِ.

الْحُكْمُ الإِجْمَالِيُّ:

- الإْفْرَازُ يَرِدُ عَلَى الأْعْيَانِ دُونَ الْمَنَافِعِ وَلِذَلِكَ لَمَّا بَيَّنَ الْفُقَهَاءُ أَنْوَاعَ الْقِسْمَةِ، قَالُوا: الْقِسْمَةُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ قِسْمَةَ أَعْيَانٍ، أَوْ قِسْمَةَ مَنَافِعَ، وَسَمَّوْا قِسْمَةَ الْمَنَافِعِ الْمُهَايَأَةَ.

أَمَّا قِسْمَةُ الأْعْيَانِ: فَقَالُوا إِمَّا أَنْ تَكُونَ قِسْمَةَ إِفْرَازٍ، أَوْ قِسْمَةَ تَعْدِيلٍ، وَهُمْ يَعْنُونَ بِقِسْمَةِ الإْفْرَازِ: الْقِسْمَةَ الَّتِي لاَ يُحْتَاجُ فِيهَا إِلَى رَدٍّ وَلاَ تَقْوِيمٍ.

وَالْفُقَهَاءُ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي حَقِيقَةِ الْقِسْمَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ بَيْعٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ إِفْرَازٌ، وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ إِفْرَازُ بَعْضِ الأْنْصِبَاءِ عَنْ بَعْضٍ وَمُبَادَلَةُ بَعْضٍ بِبَعْضٍ. كَمَا بَيَّنَ الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْقِسْمَةِ. وَإِذَا كَانَتِ الْقِسْمَةُ فِي حَقِيقَتِهَا لاَ تَخْلُو مِنَ الإْفْرَازِ، فَإِنَّ هَذَا الإِفْرَازَ يُسْقِطُ حَقَّ الشُّفْعَةِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الشُّفْعَةَ لاَ تُسْتَحَقُّ بِالْجِوَارِ، كَمَا بَيَّنَ الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ.

- الإْفْرَازُ وَاجِبٌ فِي الْعُقُودِ الَّتِي يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ لِلُزُومِهَا أَوْ تَمَامِهَا، وَهِيَ: الْوَقْفُ، وَالْهِبَةُ، وَالرَّهْنُ، وَالْقَرْضُ، إِذَا وَرَدَتْ عَلَى مُشَاعٍ، عَلَى خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ فِي ذَلِكَ تَجِدُهُ فِي أَبْوَابِهَا مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ.

- يَجِبُ رَدُّ الْعَيْنِ الْمُسْتَحَقَّةِ الْمَخْلُوطَةِ بِغَيْرِهَا إِنْ أَمْكَنَ إِفْرَازُهَا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وَجَبَ رَدُّ بَدَلِهَا، كَمَا إِذَا غَصَبَ شَيْئًا فَخَلَطَهُ بِمَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ عَنْهُ، وَجَبَ إِفْرَازُهُ وَرَدُّهُ إِلَى مَنْ غَصَبَهُ مِنْهُ كَمَا فَصَّلَ ذَلِكَ الْفُقَهَاءُ فِي كِتَابِ الاِسْتِحْقَاقِ وَالْغَصْبِ.

- وَالإْفْرَازُ يَقُومُ مَقَامَ الْقَبْضِ فِي التَّبَرُّعَاتِ الَّتِي يَكُونُ الْقَصْدُ مِنْهَا تَحْقِيقَ مَثُوبَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَاَلَّتِي يَكُونُ التَّمْلِيكُ فِيهَا لِلَّهِ تَعَالَى كَالزَّكَاةِ. فَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فَعَزَلَهَا فَهَلَكَتْ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ لاَ يَلْزَمُهُ إِخْرَاجُهَا مِنْ جَدِيدٍ عَلَى خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ مَوْطِنُهُ بَابُ الزَّكَاةِ.

 

____________________________________________________________________________

كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله )محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية(بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه

( مادة 634)

الشركة على نوعين شركه بملك وشركة بعقد.

( مادة 635)

شركة الملك هي ان يملك اثنان فأكثر عيناً أو ديناً بسبب من أسباب الملك.

( مادة 636)

شركة الملك نوعان شركة اختيارية وشركة جبرية.

فالشركة الاختيارية هي أن يملك الشريكان أو الشريك مالابشراء أوهبة أو وصية أوخلط لاموالهم باختيارهم والشركة الجبرية هي ان يملك الشريكان أو الشركاء مالا بارث أو باختلاط المالين بلا اختیار المالكين اختلاطا لا يمكن معه تميزهما حقيقة أن كانا متحدي الجنس أو يمكن التمييز بينهما بمشقة وكلفة بان كانا مختلفين جنسا

( مادة 643)

إذا باع أحد الشريكين المال المشترك بدون إذن شريكه وسلمه للمشتری فهلك عنده فالشريك الآخر أن يضمن شريك أو المشتري فان ضمن الشريك جازالسعوله كل الثنوان ضمن المشتري رجع بنصف الثمن على بائعه والبائع لا يرجع على أحد وكذلك الحكم اذا كان الشركاء ثلاثة وباع أحدهم المال المشترك وسله باذن الاخر وبدون اذن الثالث فللثالث تضمين شريكيه الاخرين أوتضمين المشتري

(مادة 644)

إذا اختلط المالان بصنع مالكيهما أو بدون صنعهم فلا يجوز لاحد الشريكين فيهما أن يبيع حصته بدون اذن شریکه كما سبق في مادة 639 من أول الباب

( مادة 645 )

إذا كان أحد الشريكين في الدار المشتركة مدة من الزمن وشريكه اضر فليس له أن يطالبه اجرة المدة الماضية وأن يطلب السكني بقدر ماسكن الاخر واعماله أن يطلب قسمة الدار افرازا ان كانت قابلة للقسمة أو يتم يتهيأها شريكه كما هو مذكور في مادة 647 و648

( مادة 646 )

لكل من الشركاء السكني في الدار المشتركة بقدر حصته

( مادة 647 )

يجوز للشريك الحاضر أن ينتفع بكل الدار المشتركة في غيبة شريكه اذا كان يعلم أن السکنی لاتنقصها ولا أجر عليه حصة شريكه الغائب وليس للشريك إذا حضر أن يسكن قدر ماسکن شریکه

( مادة 648)

يجوز للشريك الحاضر أن ينتفع بقدر حصته من الملك المشترك في غيبة شريكه بوجه لايضره بأن يكون الانتفاع مالايختلف باختلاف المستعمل

( مادة 649)

لا يجوز للشريك الانتفاع بالملك المشترك في غايبة شريكه إن كان الانتفاع به يختلف باختلاف المستعمل

( مادة 650)

لايجوز للشريك الحاضر أن يسكن في حصن شريك الغائب إذا كانت الحصص مفرزة وان سكنها وتخربت فعليه ضمانها

(مادة 652)

إذا علم الشريك الحاضر أن زراعة الأرض المشتركه تنقصها أو الترك ينفعها ويزيدها قوة فليس له أن يزرع فيها شيأ أصلا

( مادة 653)

حصة أحد الشريكين أمانة في يد الاخر فإن هلكت بدون تعذیه فلا ضمان عليه

مجلة الأحكام العدلية

مادة (786) الوديعة التي بحاجة إلى نفقة

الوديعة التي تحتاج إلى النفقة كالخيل والبقر نفقتها على صاحبها وإذا كان صاحبها غائباً فيرفع المستودع الأمر إلى الحاكم والحاكم حينئذ يأمر بإجراء الأنفع والأصلح في حق صاحب الوديعة فإن كان يمكن إيجار الوديعة يؤجرها المستودع برأي الحاكم وينفق عليها من أجرتها أو يبيعها بثمن مثلها وإذا لم يمكن إيجارها فيبيعها فوراً بثمن المثل أو ينفق عليها المستودع من ماله ثلاثة أيام ثم يبيعها بثمن مثلها ثم يطلب نفقة تلك الأيام الثلاثة من صاحبها وإذا انفق عليها بدون إذن الحاكم فليس له مطالبة صاحبها بما أنفقه عليها.

مجلة الأحكام العدلية

مادة (1060) شركة الملك

شركة الملك: هي كون الشيء مشتركاً بين إثنين فأكثر أي مخصوصاً بهما بسبب من أسباب التملك كاشتراء واتهاب وقبول وصية وتوارث أو بخلط أموالهم أو اختلاطها في صورة لا تقبل التمييز والتفريق كأن يشتري إثنان مالاً أو يهبهما واحد أو يوصي لهما ويقبلا أو يرثاه فيصير ذلك مشتركاً بينهما ويكون كل منهما شريك الآخر في هذا المال وكذلك إذا خلط إثنان بعض ذخيرتهما ببعض أو اهرقت عدو لهما بوجه ما فاختلطت ذخيرة الاثنين ببعضها فتصير هذه الذخيرة المخلوطة والمختلطة بين الاثنين مالاً مشتركاً.

مادة (1067) شركة العين

شركة العين: الاشتراك في المال المعين والموجود كاشتراك اثنين شائعاً في شاة أو في قطيع غنم.