مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : السادس، الصفحة : 80
مذكرة المشروع التمهيدي :
الملكية في الشيوع كالملكية المفرزة تشتمل على عناصر ثلاثة : الإستعمال والإستغلال والتصرف إلا أن الإستعمال والإستغلال يتقيدان بحقوق الشركاء الآخرين فالمالك في الشيوع له أن يستعمل حقه وأن يستغله بحيث لا يلحق الضرر بحقوق سائر الشركاء أما حق الملاك المشتاع في التصرف فكحق المالك ملكية مفرزة على أن يقع تصرفه على حصته الشائعة فيستطيع أن يبيع هذه الحصة وأن يهبها وأن يرهنها رهناً رسمياً أو رهن حيازة أما إذا وقع التصرف على جزء مفرز من المال الشائع إذا باع مالك الحصة الشائعة جزءاً مفرزاً أو رهنه رهناً رسمياً أو رهن حيازة فيكون البيع أو الرهن صحيحاً إذا وقع هذا الجزء المفرز عند القسمة في نصيب المال الذي صدر منه التصرف فإذا لم يقع في نصيبه عند التصرف صادراً من غير سالك وأخذ حكمه إلا في الرهن الرسمي فقد وردت بشأنه أحكام خاصة لأهميته ( أنظر مادة 1446 من المشروع ) .
1ـ إن الملكية الشائعة تقع على مال معين تعييناً ذاتياً وبها يكون هذا المال مملوكاً لأكثر من شخص واحد كل بقدر حصته فيه ، فلا يقع حق كل من الشركاء إلا على حصة شائعة فى هذا المال مع بقاء المال ذاته كلاً غير منقسم ، وقد نصت المادتان 825 ،826 من القانون المدنى على أنه إذا ملك اثنان أو أكثر شيئاً غير مفرز حصة كل منهم فيه ، كانوا شركاء على الشيوع ومتساوين فى حصصهم إلا إذا قام الدليل على غير ذلك ، ويعتبر كل منهم مالكاً لحصته ملكاً تاماً وعلى تقدير شيوعها فى كل المال وليس تركيزها فى أحد جوانبه وهذه الخاصية وحدها هى التى تباعد بين الملكية المفرزة التى لا تخالطها غير يد صاحبها وبين الملكية الشائعة التى يتزاحم عليها الشركاء فيها وأن كانت كلتاهما ملكية فردية تتكامل عناصرها .
( الطعن رقم 3398 لسنة 72 ق - جلسة 11 / 5 / 2015 )
2ـ مؤدى نص المادة 826 من القانون المدنى يدل على أنه يشترط لأعمال الحلول العينى وفقاً لهذا النص أن تجرى قسمة بين الشركاء للمال الشائع يكون من شأنها أن تؤدى إلى افراز نصيب معين للشريك البائع يوازى حصته فى الشيوع بحيث يستأثر وحده بكل سلطات الملكية الخالصة على هذا الجزء وأن لا يقع المبيع فى الجزء المفرز الذى اختص به البائع بما مؤداه أنه لا مجال لأعمال الحلول العينى إلا إذا أصاب المتصرف بالبيع حصة مفرزه من المال الشائع، فإن اسفرت القسمة بين الشركاء عن اختصاص كل مجموعة منهم بقدر مفرز من المال الشائع مع بقاء الشريك البائع مالكاً لحصة شائعة فإنه يمتنع فى هذه الحالة إعمال الحلول العينى طالما أن نصيب البائع بقى شائعاً لم يتم إفرازه، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بصحة ونفاذ عقد البيع عن مساحة 4 ف شائعة فى 10 ف التى اختص بها . . . ووالدته، وشقيقاه وأقام قضاءه هذا على أن حق المطعون عليه الأول قد انتقل بقوة القانون إعمالاً للفقرة الثانية من المادة 826 سالفة البيان إلى الحصة الشائعة التى يمتلكها البائع له ضمن المساحة التى إختص بها ومن معه فى حين أنه لا مجال لأعمال الحلول العينى طالما بقيت حصة البائع شائعة ولم تسفرالقسمة عن اختصاصه بقدر مفرز فإنه يكون قضى فى الدعوى على خلاف سند المشترى وبالمخالفة لارادة المتعاقدين وأعمل الحلول العينى على خلاف مقتضى القانون.
( الطعن رقم 276 لسنة 57 ق - جلسة 1991/05/12 - س 42 ع 1 ص 1068 ق 169 )
3ـ النص فى الفقرة الثانية من المادة 826 من القانون المدنى يدل على أن بيع الشريك المشتاع لجزء من العقار الشائع قبل إجراء القسمة بين الشركاء لا يجيز للمشترى طلب تثبيت ملكيته لما أشتراه مفرزاً قبل أجراء القسمة و وقوع المبيع فى نصيب البائع له ولو كان عقده مسجلاً .
( الطعن رقم 383 لسنة 57 ق - جلسة 1990/07/25 - س 41 ع 2 ص 467 ق 251 )
4ـ النص فى المادة الثالثة من القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات والمادة 826 من القانون المدنى يدل على أن الشارع أراد أن يجعل ملكية ما إنتهى إليه الوقف فيه للواقف إن كان حياً وكان له حق الرجوع فيه وإن لم يكن كذلك آلت الملكية للمستحقين كل بقدر حصته . وذلك دون حاجة إلى شهر إنهاء الوقف إذ المرد فى هذا الإنهاء وما ترتب عليه من أيلولة الملكية إلى الواقف أو المستحقين بحسب الأحوال هو القانون ذاته لا مشيئة الواقف ، فلا يعتبر من التصرفات الواجبة الشهر - طبقاً للمادة 9 من قانون تنظيم الشهر العقارى رقم 114 لسنة 1946 . ويجوز للمستحق الذى آلت إليه ملكية الوقف المنتهى وبإعتباره شريكاً فى الشيوع أن يبيع ملكه قبل القسمة محدداً مفرزاً ويقع البيع الصحيح منتجاً لأثاره القانونية وإن كانت حالة التحديد هذه تظل معلقة على نتيجة القسمة أو إجازة الشركاء فى الشيوع .
( الطعن رقم 516 لسنة 52 ق - جلسة 1989/04/13 - س 40 ع 2 ص 78 ق 174 )
5ـ النص فى الفقرة الثانية من المادة 826 من القانون المدنى على أنه " إذا كان التصرف منصب على جزء مفرز من المال الشائع ولم يقع هذا الجزء عند القسمة فى نصيب المتصرف إنتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزء الذى آل إلى المتصرف بطريق القسمة . يدل على أن بيع الشريك المشتاع لجزء مفرز من العقار الشائع قبل إجراء القسمة بين الشركاء لا يجيز للمشترى طلب تثبيت ملكيته لما إشتراه مفرزاً قبل إجراء القسمة ووقوع المبيع فى نصيب البائع له ولو كان عقده مسجلاً .
( الطعن رقم 2123 لسنة 51 ق - جلسة 1984/11/25 - س 35 ع 2 ص 1894 ق 361 )
6 ـ بيع الشريك فى العقار الشائع قدراً مفرزاً قبل إجراء القسمة بين الشركاء لا يجعل المشترى - بالتطبيق للفقرة الثانية من المادة 826 من القانون المدنى - شريكاً فى العقار الشائع ولا يكون له أى حق من حقوق الشركاء ولا يلزم تمثيله فى القسمة حتى لو سجل عقده قبل القسمة .
( الطعن رقم 2123 لسنة 51 ق - جلسة 1984/11/25 - س 35 ع 2 ص 1894 ق 361 )
7ـ النص فى المادة 826 من القانون المدنى - يدل وعلى ما أوردته المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد على أن الملكية فى الشيوع كالملكية المفرزة تشتمل على عناصر ثلاثة : الإستعمال والإستغلال والتصرف . إلا أن الإستعمال والإستغلال يتقيدان بحقوق الشركاء الآخرين ، وكانت المطعون ضدها لم تقم دعواها بالطرد إلا على أساس غصب ملكها دون أن تنسب للطاعن الأول - الشريك المشتاع وهو والد الطاعن الثانى - أنه إستعمل حصته الشائعة إستعمالاً ألحق ضرراً بسائر الشركاء ، فإنه يكون من حقه إستعمال هذه الحصة لسكناه و عائلته وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بطرد الطاعنين من شقة النزاع فإنه يكون قد خالف القانون .
( الطعن رقم 976 لسنة 52 ق - جلسة 1984/06/13 - س 35 ع 2 ص 1658 ق 317 )
8ـ النص فى الفقرة الثانية من المادة 826 من القانون المدنى على أن " إذا كان التصرف منصباً على جزء مفرز من المال الشائع ولم يقع هذا الجزء عند القسمة فى نصيب المتصرف إنتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزء الذى آل إلى المنصرف بطريق القسمة " يدل على أن بيع الشريك المشتاع لجزء مفرز من العقار الشائع قبل إجراء القسمة بين الشركاء لا يجيز للمشترى طلب تثبيت ملكيته لما إشتراه مفرزاً قبل إجراء القسمة ووقوع المبيع فى نصيب البائع له ولو كان عقده مسجلاً .
( الطعن رقم 2382 لسنة 51 ق - جلسة 1982/11/04 - س 33 ع 2 ص 875 ق 159 )
9ـ لما كان المقرر فى قضاء هذه المحكمة [1] عملاً بالمادة 2/826 من القانون المدنى أنه إذا كان البيع الصادر من أحد المشتاعين قد أنصب على جزء مفرز من العقار الشائع وتمت قسمته بعد ذلك بين الشركاء فإن القسمة تكون حجة على المشترى ولو لم يكن طرفاً فيها ويترتب عليها فى حقه ما يترتب عليها فى حق المتقاسمين من إنهاء حالة الشيوع وإعتبار كل متقاسم مالكاً للجزء المفرز الذى وقع فى نصيبه ويتحدد بهذه القسمة مصير التصرف الصادر إليه فإذا وقع القدر المفرز المبيع له فى نصيب الشريك البائع خلص له هذا الضرر وإن لم يقع إنتقل حقه من وقت التصرف إلى الجزء الذى آل إلى البائع بطريق القسمة، وخلص القدر المبيع لمن خصص له فى القسمة مطهراً من هذا التصرف وبذلك يصبح إستمرار المشترى فى وضع يده على هذا القدر مجرداً من السند ويكون لمن إختص به الحق فى إستلامه من تحت يد المشترى ، كما يحق ذلك من إختص به ولو لم يسجل عقده .
( الطعن رقم 686 لسنة 48 ق - جلسة 1981/12/13 - س 32 ع 2 ص 2277 ق 414 )
10 ـ من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان البيع منصباً على جزء مفرز من العقار الشائع وكان سابقاً على إجراء القسمة بين الشركاء ، فإن المشترى فى هذه الحالة لا يعتبر بالتطبيق للفقرة الثانية من المادة 826 من القانون المدنى - حتى ولو سجل عقده قبل تسجيل القسمة - شريكاً فى العقار الشائع ولا يكون له أى حق من حقوق الشركاء وبالتالى لا يلزم تمثيله فى القسمة ، ومتى تمت هذه القسمة بين الشركاء ، فإنها تكون حجة عليه ولو لم يكن طرفاً فيها ، ويترتب عليها فى حقه ما يترتب عليها فى حق المتقاسمين من إنهاء حالة الشيوع وإعتبار كل متقاسم مالكاً للجزء المفرز الذى وقع فى نصيبه ويتحدد بهذه القسمة مصير التصرف الصادر إليه ، فإذا وقع القدر المبيع المفرز فى نصيب الشريك البائع خلص له هذا القدر ، وإن لم يقع إنتقل حقه من وقت التصرف إلى الجزء الذى آل إلى البائع بطريق القسمة .
( الطعن رقم 1409 لسنة 49 ق - جلسة 1981/01/20 - س 32 ع 1 ص 235 ق 48 )
11ـ مؤدى المادة العاشرة من قانون الشهر العقارى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه بمجرد حصول القسمة وقبل تسجيلها يعتبر المتقاسم فيما بينه وبين المتقاسمين الآخرين مالكاً ملكية مفرزة للجزء الذى وقع فى نصيبه هو دون غيره من أجزاء العقار المقسم وأنه لا يحتج بهذه الملكية المفرزة على الغير إلا إذا سجلت القسمة ، وأن الغير فى حكم المادة المذكورة هو من يتلقى حقاً عينياً على العقار على أساس أنه ما زال مملوكاً على الشيوع وقام بتسجيله قبل تسجيل سند القسمة ، أما من تلقى من أحد الشركاء حقاً مفرزاً فإنه لا يعتبر غيراً ولو سبق إلى تسجيل حقه قبل أن تسجل القسمة ، إذ أن حقه فى الجزء المفرز الذى أنصب عليه التصرف يتوقف مصيره على النتيجة التى تنتهى إليها القسمة وذلك لما هو مقرر بالمادة 2/826 من القانون المدنى من أن التصرف إذا أنصب على جزء مفرز من المال الشائع ولم يقع هذا الجزء عند القسمة فى نصيب المنصرف إنتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزء الذى إختص به المتصرف بموجب القسمة مما مفاده أن القسمة غير المسجلة يحتج بها على من إشترى جزءا مفرزاً من أحد المتقاسمين ويترتب عليها فى شأنه ما يترتب عليها فى شأن المتقاسمين من إنهاء حالة الشيوع اعتبار كل متقاسم مالكاً الجزء المفرز الذى وقع فى نصيبه بموجب القسمة .
( الطعن رقم 161 لسنة 47 ق - جلسة 1980/12/09 - س 31 ع 2 ص 2010 ق 374 )
12ـ نص المشرع فى المادة 826 من القانون المدنى على أن " كل شريك فى الشيوع يملك حصته ملكاً تاماً وله أن يتصرف فيها ويستولى على ثمارها وإذا كان التصرف منصباً على جزء مفرز من المال الشائع ولم يقع هذا الجزء عند القسمة فى نصيب المتصرف إنتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزء الذى آل إلى المتصرف بطريق القسمة .... " ثم نص فى المادة 936 من هذا القانون على أنه " يثبت الحق فى الشفعة للشريك فى الشيوع إذا بيع شيء من العقار الشائع إلى أجنبى " ، يدل على أن للمالك على الشيوع أن يبيع ملكه محدداً مفرزاً ويقع البيع صحيحاً وإن كانت حالة التحديد هذه تظل معلقة على نتيجة القسمة أو إجازة الشركاء فى الشيوع ، ومتى كان هذا البيع صحيحاً وصدر لأجنبى وكان الإفراز الذى تحدد به محل البيع لا يحاج به سائر الشركاء فى الشيوع طالما لم تتم القسمة قضاء أو رضاء مما يعتبر معه هذا التصرف بالنسبة لهم فى حكم التصرف فى قدر شائع فإنه ينبنى على هذا أن يثبت لهم حق الأخذ بالشفعة فى ذلك البيع وفقاً لصريح عبارة النص فى المادة 936 من القانون المدنى .
( الطعن رقم 784 لسنة 47 ق - جلسة 1980/05/01 - س 31 ع 2 ص 1283 ق 244 )
13ـ للشريك على الشيوع طبقاً للمادة 826 من القانون المدنى أن يتصرف فى حصته وأن يستولى على ثمارها وأن يستعملها ، إلا أنه لما كان ذلك مشروطاً بألا يلحق ضرراً بحقوق سائر الشركاء ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن مورث الطرفين كان يتخذ من عين النزاع مركزاً لإدارة أعماله وأمواله ، وإنها ظلت فى حيازته حتى وفاته ، وأن حيازتها إنتقلت بوفاته إلى جميع الورثه ، وأن أموال الشركة إذ وضعت تحت الحراسة القضائية فقد تعين الإبقاء على عين النزاع مقراً لإدارتها ، ورتب على ذلك أن فى إتخاذ الطاعن منها مقراً لإعماله إضراراً بحقوق باقى الورثة فإنه يكون صحيحاً فيما قضى به من طرد الطاعن من عين النزاع .
( الطعن رقم 229 لسنة 48 ق - جلسة 1979/02/07 - س 30 ع 1 ص 496 ق 96 )
14 ـ الغير فى حكم المادة العاشرة من قانون الشهر العقارى هو من تلقى حقاً عينياً على العقار على أساس أنه ما زال مملوكاً على الشيوع ، وقام بتسجيله قبل تسجيل سند القسمة ، و أما من تلقى من أحد الشركاء حقاً مفرزاً فإنه لا يعتبر غيراً ولو سبق إلى تسجيل حقه قبل أن تسجل القسمة ، إذ أن حقه فى الجزء المفرز الذى أنصب عليه التصرف يتوقف مصيره على النتيجة التى تنتهى إليها القسمة ، وذلك لما هو مقرر بالمادة 2/826 من القانون المدنى من أن التصرف إذا أنصب على جزء مفرز من المال الشائع ، ولم يقع هذا الجزء عند القسمة فى نصيب المتصرف إنتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزء الذى إختص به المتصرف بموجب القسمة ، مما مفاده أن القسمة غير المسجلة يحتج بها على من إشترى جزءاً مفرزاً من أحد المتقاسمين ، ويترتب عليها فى شأنه ما يترتب عليها فى شأن المتقاسمين من إنهاء حالة الشيوع ، وإعتبار كل متقاسم مالكاً الجزء المفرز الذى وقع فى نصيبه بموجب القسمة ومن ثم فإنه لا يكون لمن إشترى جزءاً مفرزاً لم يقع فى نصيب البائع له موجب القسمة أن يطلب الحكم بصحة عقد البيع بالنسبة إلى ذلك الجزء ذاته ، طالما أن القسمة وإن كانت لم تسجل تعتبر حجة عليه ، وترتب إنتقال حقه من الجزء المفرز المعقود عليه إلى النصيب الذى اختص به البائع بموجب تلك القسمة .
( الطعن رقم 291 لسنة 39 ق - جلسة 1975/01/30 - س 26 ع 1 ص 301 ق 65 )
15 ـ تصرف الشريك فى حصة شائعة نافذ فى مواجهة شركائه دون حاجة إلى موافقتهم طبقاً لنص المادة 1/826 من القانون المدنى .
( الطعن رقم 190 لسنة 32 ق - جلسة 1966/03/24 - س 17 ع 2 ص 723 ق 98 )
16ـ أثر القسمة غير المسجلة على المشترى للعقار من أحد الشركاء فيه بعقد مسجل قبل القسمة .(1) التصرف فى قدر شائع : إذا إشترى من أحد الشركاء نصيبه أو بعضه شائعاً وسجل عقده قبل تسجيل عقد القسمة إعتبر المشترى من الغير وبالتالى لا يحتج عليه بهذه القسمة يستوى فى ذلك أن يكون شراؤه سابقاُ على إجراء القسمة أو لاحقاً لها ويصبح فى الحالين شريكاً فى العقار الشائع بقدر الحصة التى إشتراها ويكون هو دون البائع له صاحب الشأن فى القسمة التى تجرى بخصوص هذا العقار قضاء أو إتفاقاُ بل له أن يطلب إجراء قسمة جديدة إذا لم يرتض القسمة التى تمت دون أن يكون طرفاً فيها . (2) التصرف فى المفرز قبل القسمة : إذا كان البيع منصباً على جزء مفرز من العقار الشائع وكان سابقاً على إجراء القسمة بين الشركاء فإن المشترى فى هذه الحالة لا يعتبر بالتطبيق للفقرة الثانية من المادة 826 من القانون المدنى حتى ولو سجل عقده قبل تسجيل القسمة - شريكاً فى العقار الشائع ولا يكون له أى حق من حقوق الشركاء وبالتالى لا يلزم تمثيله فى القسمة . ومتى تمت هذه القسمة بين الشركاء فإنها تكون حجة عليه ولو لم يكن طرفاً فيها ويترتب عليه فى حقه ما يترتب عليها فى حق المتقاسمين من إنهاء حالة الشيوع وإعتبار كل متقاسم مالكاً للجزء المفرز الذى وقع فى نصيب الشريك البائع خلص له هذا القدر وإن لم يقع إنتقل حقه من وقت التصرف إلى الجزء الذى آل إلى البائع بطريق القسمة (3) التصرف فى المفرز بعد القسمة : إذا كان التصرف فى الجزء المفرز لاحقاً لإجراء قسمة أم تسجل فإن الأمر لا يخرج عن أحد فرضين :"الأول" أن يكون الشريك البائع قد تصرف فى نصيبه الذى خصص له فى القسمة و فى هذه الحالة تكون القسمة حجة على المشترى ولا يجوز له أن يتحلل منها بحجة عدم تسجيلها إما على أساس إنه لا يعتبر من الغير فى حكم المادة 10 من القانون رقم 114 لسنة 1946 لأنه قد يكفى حقه على أساس القسمة لا على أساس أن الشيوع مازال قائماً وإما على أساس إنه بشرائه الجزء المفرز الذى إختص به الشريك البائع بمقتضى القسمة غير المسجلة يكون قد إرتضاها "الثانى" أن يقع التصرف على جزء مفرز غيرالجزء الذى إختص به الشريك البائع بمقضى القسمة غير المسجلة - فى هذه الحالة لا يتلقى المشترى حقه على أساس القسمة إذ هو قد أنكرها بشرائه ما لم تخصص للبائع له وإنما على أساس أن الشيوع ما زال قائماً رغم إجراء القسمة ومن ثم فإن المشترى أذ سجل عقده قبل تسجيل القسمة فى هذا الفرض من الغير ولا يحتج عليه بالقسمة التى تمت ويكون له إذا لم يرتض هذه القسمة أن يطلب إجراء قسمه جديدة .
( الطعن رقم 494 لسنة 29 ق - جلسة 1965/12/02 - س 16 ع 3 ص 1172 ق 184 )
17ـ الغير فى حكم المادة العاشرة من قانون الشهر العقارى هو من تلقى حقا عينيا على العقار على أساس أنه ما زال مملوكا على الشيوع وقام بتسجيله قبل تسجيل سند القسمة . و أما من تلقى من أحد الشركاء حقا مفرزا فإنه لا يعتبر غيرا ولو سبق إلى تسجيل حقه قبل أن تسجل القسمة إذ أن حقه فى الجزء المفرز الذى إنصب عليه التصرف يتوقف مصيره على النتيجة التى تنتهى إليها القسمة وذلك لما هو مقرر بالمادة 2/826 من القانون المدنى من أن التصرف إذا إنصب على جزء مفرز من المال الشائع ولم يقع هذا الجزء عند القسمة فى نصيب المتصرف إنتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزء الذى إختص به المتصرف بموجب القسمة ، مما مفاده أن القسمة غير المسجلة يحتج بها على من إشترى جزءا مفرزا من أحد المتقاسمين ويترتب عليها فى شأنه ما يترتب عليها فى شأن المتقاسمين من إنهاء حالة الشيوع وإعتبار كل متقاسم مالكا للجزء المفرز الذى وقع فى نصيبه بموجب القسمة . ومن ثم فإنه لا يكون لمن إشترى جزءا مفرزا لم يقع فى نصيب البائع له بموجب القسمة أن يطلب الحكم بصحة عقد البيع بالنسبة إلى ذلك الجزء ذاته طالما أن القسمة وإن كانت لم تسجل تعتبر حجة عليه وترتب إنتقال حقه من الجزء المفرز المعقود عليه إلى النصيب الذى إختص به البائع له بموجب تلك القسمة .
( الطعن رقم 364 لسنة 29 ق - جلسة 1964/04/02 - س 15 ع 2 ص 503 ق 81 )
18ـ من المقرر فى قضاء هذه المحكمة - أن للشريك على الشيوع أن يبيع جزءاً مفرزاً من المال الشائع إجراء القسمة فقد نصت المادة 826 فقرة ثانية من القانون المدنى على أنه "إذا كان التصرف منصباً على جزء مفرز من المال الشائع ولم يقع هذا الجزء عند القسمة فى نصيب المتصرف إنتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزاء الذى آل إلى المتصرف بطريق القسمة " ومتى تقرر ذلك فإن الطاعن يكون قد إشترى من المطعون عليه الجزء المفرز الذى يبيعه أو ما يحل محله مما يقع فى نصيب المطعون عليه عند القسمة ، فإن وقع الجزء المفرز فى نصيب المطعون عليه خلص للطاعن ، وأن لم يقع إنتقل حق الطاعن بحكم الحلول العينى من الجزء المفرز المبيع إلى الجزء المفرز الذى يؤول إلى المطعون عليه بطريق القسمة ومن ثم كان للوالد أن يبيع لإبنه مفرزاً أو شائعاً وأن يبيع أبنه بدوره إلى الطاعن مثل ذلك ، ومن ثم فإن النعى على الحكم المطعون فيه - بأن البائع لا يملك الحصة المبيعة مفرزة - يكون النعى على غير أساس .
( الطعن رقم 910 لسنة 45 ق - جلسة 1980/03/25 - س 31 ع 1 ص 888 ق 175 )
19ـ من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن المالك على الشيوع متى وضع يده على جزء مفرز من العقار فلا سبيل لانتزاعه منه ولو جاوز نصيبه بغير القسمة وإنما يقتصر حق الشركاء على طلب مقابل الانتفاع، لا يعدو أن يكون ترديداً للقواعد العامة التي تحمي الحائز الذي يستند إلى سبب صحيح حين تتوافر فى حيازته كافة الشروط القانونية لحماية الحيازة، فلا تسلب الحيازة استنادا إلى مجرد الارتكان إلى أصل الحق، كما تضمن هذا المبدأ بياناً لدعاوى أصل الحق التي يجوز رفعها فحصرها إما فى القسمة أو مجرد طلب مقابل الانتفاع عن الجزء الزائد عن النصيب لأن الشريك المشتاع مالك لكل ذرة فى المال الشائع، إلا أن كل ذلك مشروط بأن تكون حيازة الشريك المشتاع الذي يضع يده على جزء مفرز حيازة مشروعة جديرة بالحماية . فإن كانت وليدة اغتصاب أو غش أو معيبة بأي عيب تعين إهدارها حماية لحق باقي الشركاء فى الحيازة، كما يشترط لإعمال هذا المبدأ ألا تكون حيازة الشريك المشتاع محلا لعقد ينظمها ولا أن يكون انتقال الحيازة بين الشركاء يدخل فى نطاق إعمال هذا العقد وبسببه إذ يتحتم على الشركاء فى هذه الحالة إعمال أحكام العقد والالتجاء إلى دعواه ويمتنع عليهم الاحتكام إلى قواعد الحيازة، لأن العقد هو قانون المتعاقدين وشريعتهم .
( الطعن رقم 160 لسنة 69 ق - جلسة 2000/01/17 - س 51 ع 1 ص 140 ق 22 )
20 ـ إذ كان المالك على الشيوع واضعا يده على جزء مفرز من العقار يوازى حصته فإنه لا يكون من حق أحد الشركاء أن ينتزع منه هذا القدر بل كل ما له أن يطلب قسمه العقار، وينتقل هذا الحق للمتصرف إليه من هذا المالك.
( الطعن رقم 1583 لسنة 57 ق - جلسة 1994/03/06 - س 45 ع 1 ص 455 ق 94 )
21 ـ من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن المالك على الشيوع إذا وضع يده على جزء مفرز من العقار يوازى حصته الحق فى حماية وضع يده ، وليس من حق أحد الشركاء أن ينتزع منه هذا القدر بل كل ما له أن يطلب قسمة العقار أو يرجع على واضع اليد بما يقابل الإنتفاع بكافة الثمار التى تنتج من المال الشائع أثناء قيام الشيوع من حق الشركاء جميعاً بنسبة حصة كل منهم ، وللشريك على الشيوع أن يرجع بريع حصته على الشركاء الذين يضعون اليد على ما يزيد على حصتهم كل بقدر نصيبه فى هذه الزيادة .
( الطعن رقم 549 لسنة 47 ق - جلسة 1981/02/18 - س 32 ع 1 ص 554 ق 107 )
22ـ الثمار التى تنتج من المال الشائع أثناء قيام الشيوع من حق الشركاء جميعاً بنسبة كل منهم ، وللشريك على الشيوع أن يرجع بريع حصته على الشركاء اللذين يضعون اليد على ما يزيد عن حصتهم كل بقدر نصيبه فى هذه الزيادة .
( الطعن رقم 341 لسنة 39 ق - جلسة 1974/12/03 - س 25 ع 1 ص 1324 ق 226 )
23ـ إذا تعددت أعيان المال الشائع فإن حصة كل شريك فى الثمار التى تنتجها تكون بقدر حصته فيها مجتمعة وليست بقدر الثمار التى تنتجها كل عين بمفردها ، وعلى ذلك فإذا وضع أحد الشركاء على الشيوع يده على عين مفرزة وكانت ثمارها لا تجاوز نصيبه فى ثمار المال الشائع كله فإنه لا يجوز لباقى الشركاء مطالبته بريع عن حصصهم فى هذه العين لأن وضع يده إنما كان على عين تنتج ثماراً لا تزيد عن نصيبه فى ثمار أعيان المال الشائع مجتمعة .
( الطعن رقم 1368 لسنة 75 ق - جلسة 2006/02/14 - س 57 ص 157 ق 34 )
24ـ للمالك على الشيوع أن يدفع تعرض الشركاء له صونا لحيازته . وإذن فمتى كان الثابت أن المدعى هو الذى استلم الأطيان موضوع الدعوى واستمر حائزا لها حيازة هادئة ظاهرة وزرعها بواسطة مستأجريه حتى نازعه المدعى عليه فى حيازتها بعد شرائه نصيب شركائه ، فإنه يكون للمدعى أن يدفع تعرض المدعى عليه له وأن يرفع دعوى اليد ضده حماية لحيازته .
( الطعن رقم 224 لسنة 21 ق - جلسة 1954/12/16 - س 6 ع 1 ص 281 ق 36 )
25 ـ إذ كان الثابت فى عقد البيع الخاص بالأرض المنزوع ملكيتها أنها شائعة بين المطعون ضدهم أولاً وثانياً و " سمير .... " ومن ثم فإن فى انفراد الأولين دون الأخير بإقامة الدعوى بطلب زيادة التعويض المقدر عن كامل الأرض المنزوع ملكيتها وإلزام الهيئة الطاعنة بدفعه – دون اعتراض منه على ذلك – ما يكفى بذاته لاكتمال صفتهم فى الدعوى لاندراج ذلك ضمن أعمال حفظ المال الشائع . ويصح بالتالى القضاء لهم بالتعويض عن كامل المساحة المنزوع ملكيتها .
( الطعن رقم 4862 لسنة 73 ق - جلسة 2005/02/22 - س 56 ص 201 ق 36 )
26 - المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن النص فى المادة 826 من القانون المدنى يدل على أن للمالك على الشيوع أن يبيع ملكه محدداً مفرزاً ويقع البيع صحيحاً بين طرفيه وإن كانت حالة التحديد هذه تظل معلقة على نتيجة القسمة أو إجازة الشركاء على الشيوع ، ومتى كان هذا البيع صحيحاً وصدر لأجنبى وكان الإفراز الذى يتحدد به محل البيع لا يحاج به سائر الشركاء فى الشيوع طالما لم تتم القسمة قضاءً أو رضاءً مما يعتبر معه هذا التصرف بالنسبة لهم فى حكم التصرف فى قدر شائع ، وأن تصرف الشريك في مقدار شائع يزيد علي حصته لا ينفذ في حق الشركاء الآخرين فيما يتعلق بالقدر الزائد علي حصة الشريك المتصرف ويحق لهم أن يرفعوا دعوي تثبيت ملكيتهم وعدم نفاذ البيع فيما زاد علي حصة الشريك البائع دون انتظار نتيجة القسمة، إلا أنه إذا أقر الشركاء الباقين البيع فيما زاد عن حصة الشريك البائع سري العقد في حقهم وانقلب صحيحاً ، وإذا لم يقروه كان التصرف غير نافذ في حقهم ، وأن مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم – وعلي ما جري به قضاء هذه المحكمة – هي أن يكون الحكم قد بُنِيَ علي تحصيل خاطئ لما هو ثابت بالأوراق أو على تحريف للثابت مادياً ببعض هذه الأوراق ، وأن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد فى الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة فى اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو عدم فهم العناصر الواقعية التى تثبت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما فى حالة عدم اللزوم المنطقى للنتيجة التى انتهت إليها المحكمة بناءً على تلك العناصر التى تثبت لديها بأن كانت الأدلة التى قام عليها الحكم ليس من شأنها أن تؤدى عقلاً إلى ما انتهى إليه أو استخلص من الأوراق واقعة لا تنتجها. لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض دعوى الطاعنين علي سند من تمام القسمة بينهما وبين المطعون ضدهم من الرابع وحتي التاسعة وبين المطعون ضده الثاني بشأن الشقة محل عقد البيع الابتدائي موضوع التداعي بما يكون معه ذلك البيع صحيحاً ، علي الرغم من أن الثابت من أوراق الدعوي ومستنداتها وصورة تقرير الخبير المودع ملف الدعوي أن حالة الشيوع ما زالت قائمة بشأن تلك الشقة وأن الطاعنين يمتلكان فيها حصة بمقدار النصف مشاعاً ، وإذ قام المطعون ضدهما الثاني والثالث بالتصرف في تلك الشقة بأكملها بما فيها حصة الطاعنين الشائعة فإنهما يكونا قد تصرفا في حصة تزيد عن حصتهما فيها بما يحق معه للطاعنين طلب عدم نفاذ العقد فيما يتعلق بالقدر الزائد عن حصتهما ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض دعوى الطاعنين فإنه يكون مشوباً بالفساد فى الاستدلال الذى جره للخطأ فى تطبيق القانون بما يعيبه ويوجب نقضه .
( الطعن رقم 5992 لسنة 87 ق - جلسة 12 / 3 / 2023 )
بيع الشريك جزءاً مفرزاً من المال الشائع : إذا باع الشريك جزءاً مفرزاً من المال الشائع قبل قسمة هذا المال فإنه يكون قد باع ما يملك وما لا يملك ما يملك هو حصته في الشيوع في هذا الجزء المفرز وما لا يملك هو حصص سائر الشركاء في هذا الجزء ويجب لبيان الحكم في هذا الفرض أن نميز بين حالتين : فأما أن يكون المشتري عالماً بأن البائع لا يملك الجزء المفرز الذي يبيعه وإنما يملك حصة فيه على الشيوع وإما أن يكون غير عالم بذلك ويعتقد بحسن نية أن البائع يملك دون شريك الحصة المفرزة التي باعها .
ففي الحالة الأولى يكون المفروض أن المشتري قد إشترى من البائع الجزء المفرز أو ما يحل مما يقع في نصيب البائع عند القسمة فإن وقع الجزء المفرز عند القسمة في نصيب البائع فقد خلص للمشتري وإن لم يقع تحول حق المشتري بحكم الحلول العيني من الجزء المفرز المبيع إلى الجزء المفرز الذي وقع فعلاً في نصيب البائع وهذا الحكم منصوص عليه صراحة في التقنين المدني الجديد في الفقرة الثانية من المادة 826 إذ تقول : وإذا كان التصرف منصباً على جزء مفرز من المال الشائع ولم يقع هذا الجزء عند القسمة في نصيب المتصرف انتقل حق المتصرف إليه إلى الجزء الذي آل إلى المتصرف بطريق القسمة.
ومن ثم لا يجوز للمشتري في هذه الحالة أن يطلب إبطال البيع حتى بالنسبة إلى حصص الشركاء الآخرين غير الشريك البائع باعتبار أن البيع الواقع على هذه الحصص هو بيع ملك الغير بل يجب أن يتربص حتى يرى هل يقع عند القسمة الجزء المفرز المبيع في نصيب البائع فإن وقع فقد أصبح مالكاً له خلفاً عن البائع ومنذ البيع بفضل الأثر الكاشف للقسمة وإلا فقد ملك الجزء المفرز الذي وقع فعلاً في نصيب البائع بفضل الحلول العيني الذي نصت عليه المادة 826 مدني.
وفي الحالة الثانية إذا كان المشتري يجهل أن البائع لا يملك في الشيوع فقد وقع في غلط جوهري يتعلق بالعين المبيعة إذا كان يعتقد أنها مملوكة للبائع دون شريك فيكون البيع في حصة الشريك البائع بيعاً مشوباً بغلط جوهري وفي حصص سائر الشركاء بيع ملك الغير ومن ثم يكون قابلاً للإبطال في كل المبيع ويجوز إذن للمشتري قبل القسمة طلب إبطال البيع لا في حصص الشركاء الآخرين فحسب بل أيضاً في حصة الشريك البائع وهذا ما تنص عليه صراحة العبارة الأخيرة من الفقرة الثانية من المادة 826 مدني، إذ تقول : وللمتصرف إليه إذا كان يجهل أن المتصرف لا يملك العين المتصرف فيها مفرزة الحق في إبطال التصرف ولكن إذا حصلت القسمة قبل أن يطلب المشتري إبطال البيع فوقع الجزء المفرز المبيع في نصيب البائع اعتبر أنه مالك له وقت البيع بفضل الأثر الكاشف للقسمة فخلصت ملكيته للمشتري وانقلب البيع صحيحاً فلم يعد للمشتري الحق في طلب إبطال البيع وإذا كان بيع ملك الغير ينقلب صحيحاً بصيرورة البائع مالكاً للمبيع بعد البيع فأولى أن ينقلب البيع في الحالة التي نحن بصددها صحيحاً وقد اعتبر البائع مالكاً للمبيع وقت البيع أما إذا لم يقع الجزء المفرز المبيع في نصيب البائع فإن المشتري يستبقي حقه في طلب إبطال البيع ولا يجبر على أخذ الجزء المفرز الذي وقع فعلاً في نصيب البائع لأن الحلول العيني وفقاً للمادة 826 مدني لا يكون إلا حيث يعلم المشتري وقت البيع أن البائع لا يملك في الجزء المفرز إلا حصة في الشيوع.
بيع الشريك كل المال الشائع :
وإذا باع الشريك كل المال الشائع وكان المشتري وقت البيع يعتقد أن المال مملوك للبائع وحده فإن البيع يكون قابلاً للإبطال في حصة الشريك البائع للغلط الجوهري وفي حصص سائر الشركاء لأن بيع الشريك لها هو بيع لملك الغير.
فإذا كان المشتري يعلم وقت البيع أن للبائع شركاء في المال المبيع ولم يستطع البائع أن يستخلص ملكية كل هذا المال كان للمشتري الحق في طلب فسخ البيع فإن وقع جزء مفرز من المال المبيع في نصيب البائع عند القسمة كان للمشتري الحق إما في أخذه مع دفع ما يناسبه من الثمن وإما في فسخ البيع لتفرق الصفقة وإذا إستطاع البائع إستخلاص ملكية المبيع كأن حصل على إقرار الشركاء للبيع أو إشترى حصصهم أو إنتقلت إليهم هذه الحصص بأي سبب آخر من أسباب انتقال الملكية لم يعد للمشتري الحق في طلب فسخ البيع إذ تنتقل إليه من البائع ملكية كل المال المبيع ولا تتفرق عليه الصفقة.
أثر البيع في حقوق باقي الشركاء : وسواء وقع البيع على جزء مفرز من المال الشائع أو على كل المال الشائع فإن الشركاء الآخرين – غير الشريك البائع - يعتبرون من الغير في هذا البيع بالنسبة إلى حصصهم الشائعة في الجزء المفرز أو حصصهم الشائعة في كل المال الشائع وينفذ البيع في حقهم بالنسبة إلى حصة الشريك الشائعة فيحل المشتري محل الشريك البائع في هذه الحصة ويصبح شريكاً في الشيوع مع سائر الشركاء فليس لشريك من هؤلاء أن يتعرض للمشتري في حصته الشائعة ولا أن يطلب إبطال البيع في هذه الحصة ولا أن يدعي الإستحقاق فيها وإنما يستحق الشريك الجزء المفرز أو المال الشائع إذا وقع في نصيبه عند القسمة بفضل الأثر الكاشف لها وعلى العكس من ذلك يخلص للمشتري الجزء المفرز أو المال الشائع إذا وقع في نصيب البائع عند القسمة أو إذا أقر سائر الشركاء البيع قبل القسمة.
وقد جعل التقنين المدني الجديد مدة التقادم ثلاث سنوات - وكان التقنين المدني السابق يجعلها سنتين حتى يتسق التشريع في دعاوى الإبطال مع دعوى تكملة الثمن طوال المدة التي يبقى فيها الصبي غير كامل الأهلية حتى إذا بلغ سن الرشد فله هو أن يرفع دعوى تكملة الثمن في خلال الثلاث السنوات التي تلي بلوغه هذه السن فإن مات قبل انقضاء الثلاث السنوات، كان لورثته رفع الدعوى في المدة الباقية وإن مات بلوغه سن الرشد، فللورثة رفع الدعوى في خلال ثلاث سنوات من وقت موته والمدة مدة تقادم لا مدة سقوط فيرد عليها من أسباب الإنقطاع ما يرد على سائر مدد التقادم ولكنها لا توقف لأن التقادم الذي لا تزيد مدته على خمس سنوات لا يرد عليه الوقف بسبب عدم توافر الأهلية ولو لم يكن للدائن نائب يمثله (م 382 / 2 مدني ) أما إذا كان صاحب العقار محجوراً عليه فإنه يكون للقيم أن يرفع دعوى تكملة الثمن طوال مدة الحجر فإن مات صاحب العقار وهو لا يزال محجوراً عليه، فلورثته رفع الدعوى في خلال ثلاث سنوات من وقت موته وإذا رفع الحجر كان لصاحب العقار نفسه أو لورثته من بعده رفع الدعوى في خلال الثلاث سنوات التي تلي رفع الحجر على النحو الذي تقدم في شأن القاصر.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : الرابع، الصفحة : 376)
تنص الفقرة الأولي من المادة 826 مدني على ما يأتي :
كل شريك في الشيوع يملك حصته ملكاً تاماً وله أن يتصرف فيها وأن ستولي على ثمارها وأن يستعملها بحيث لا يلحق الضرر بحقوق سائر الشركاء ويتبين من النص سالف الذكر أن المكية الشائعة هي حق ملك تام فهي ملكية فردية كما قدمنا شأنها في ذلك شأن الملكية المفرزة.
ومصادر الملكية الشائعة هي نفس أسباب كسب الملكية التي سنبحثها تفصيلاً في الجزء التاسع من الوسيط وأهم هذه الأسباب بالنسبة إلى الملكية الشائعة هو الميراث فأكثر ما يكون الشيوع عند وفاة المورث وتركه ورثه متعددين فتنتقل إليهم أمواله شائعة وقد يكون مصدر الشيوع الوصية كما إذا أوصى شخص لإثنين بمال على الشيوع وقد يكون مصدر الشيوع العقد كما إذا إشترى شخصان مالاً على الشيوع أو كما إذا باع مالك الدار نصف داره في الشيوع وقد يكون مصدر الشيوع أي سبب آخر من أسباب كسب الملكية كالإستيلاء والإلتصاق والشفعة والتقادم.
صحة التصرف ونفاذه في حق باقي الشركاء : يجوز للشريك أن يتصرف في حصته الشائعة بجميع أنواع التصرف وقد رأينا أن المادة 826 /1 مدني تنص على أن " كل شريك في الشيوع يملك حصته ملكاً تاماً وله أن يتصرف فيها .
فيجوز للشريك أن يتصرف في حصته معاوضة كان يبيعها أو يقابض عليها أو تبرعاً كأن يهبها .
ويجوز أن يصدر التصرف إلى أحد الشركاء الآخرين أو إليهم جمعاً وإذا صدر التصرف من شريك إلى شريك وترتب على ذلك أن زالت حالة الشيوع فإن هذا التصرف يعتبر في حكم القسمة بطريق التصفية كما لو بيع المال الشائع كله لأحد الشركاء فإن التصرف يعتبر في حكم القسمة بطريق التصفية كما لو بيع المال الشائع كله لأحد الشركاء كما يجوز أن يصدر إلى أجنبي من غير الشركاء ويكون هذا تصرفاً في حصة شائعة ولو كان الشريك البائع واضعاً يده على قدر مفرز (نقض مدني 16 أبريل سنة 1953 مجموعة المكتب الفني في خمسة وعشرين عاماً جزء 2 ص) وإذا جاوز الشريك البائع مقدار نصيبه الشائع، كان البيع غير نافذ في حق باقي الشركاء فيما جاوز هذا النصيب (نقض مدني 15 ديسمبر سنة 1949 مجموعة المكتب الفني في خمسة وعشرين عاما جزء أو ل ص 375).
ولا يمنع الشريك من التصرف في حصته الشائعة اتفاقه مع شركائه الآخرين على البقاء في الشيوع مدة معينة فهذا الاتفاق إنما يمنعه من طلب القسمة قبل إنقضاء المدة المتفق عليها ولا يمنعه من التصرف في حصته الشائعة ويتقيد المشتري لهذه الحصة باعتباره خلفاً خاصاً بالاتفاق على البقاء في الشيوع المدة المعينة في الإتفاق وفي حالة التصرف إلى أجنبي يجوز لباقي الشركاء أن يستردوا الحصة المبيعة في المنقول كما سنرى .
ومتى تم هذا التصرف كان صحيحاً نافذاً في حق باقي الشركاء دون حاجة إلى أي إجراء آخر فليس ضرورياً أن يعلن التصرف إلى باقي الشركاء أو أن يوافقوا على التصرف كما في حوالة الحق لأننا هنا في صدد حق عيني لا حق شخصي ولكن إعلان باقي الشركاء بالتصرف يكون مفيداً إذ يجعل ميعاد الحق في الاسترداد في المنقول أو الحق في الأخذ بالشفعة في العقار يسري على هؤلاء الشركاء .
ويترتب على التصرف في الحصة الشائعة أن يحل المتصرف له - المشتري أو الموهوب له مثلاً - محل الشريك المتصرف في ملكية الحصة الشائعة ويصبح هو الشريك في المال الشائع بدلاً من الشريك المتصرف ويلاحظ أنه يجب تسجيل التصرف إذا كانت الحصة الشائعة عقاراً حتى تنتقل الملكية إلى المتصرف إليه ويستوي في ذلك أن يكون هذا العقار قائماً بذاته أو داخلاً في مجموع من المال كما لو تصرف الوارث في نصيبه الشائع في التركة وكانت التركة تشتمل على عقارات.
ترتيب حق عيني أصلي على الحصة الشائعة : أهم الحقوق العينية الأصلية - عدا حق الملكية - هي حق الانتفاع وحق الارتفاق وحق الحكر أما الحكر فتستعصي طبيعة الشيوع عليه ومن ثم لا يجوز لصاحب الحصة أما الحكر فتستعصي طبيعة الشيوع عليه ومن ثم لا يجوز لصاحب الحصة الشائعة أن يرتب حق حكر على حصته لأن الحكر يقتضي البناء أو الغراس في أرض مفرزة هذا إلى أن الحكر أصبح لا يجوز ترتيبه إلا على أرض موقوفة والأرض الموقوفة لا تكون شائعة بل هي مملوكة للوقف .
وكذلك حق الارتفاق لا يرد على حصة شائعة فلا يجوز للشريك في العقار الشائع أن يرتب على حصته الشائعة حق ارتفاق لأن حق الإتفاق يقتضي مباشرة صاحب هذا الحق أعمالاً لا تصح مباشرتها إلا على عقار مفرز وقد رأينا أنه يجوز لجميع الشركاء في العقار الشائع أن يرتبوا معاً حق ارتفاق على هذا العقار ويبقى حق الارتفاق على العقار كله أياً كانت نتيجة القسمة وكما لا يجوز ترتيب حق الارتفاق على حصة شائعة كذلك لا يجوز ترتيبه لمصلحة حصة شائعة لأن حق الارتفاق غير قابل للتجزئة.
وهذا يمكن دون شك لصاحب الحصة الشائعة أن يرتبه على حصته ويكون لصاحب حق الانتفاع في الحصة الشائعة جميع الحقوق التي يحولها هذا الحق بما يتلاءم مع الشيوع فيجوز له أن يستغل الحصة الشائعة ويقوم بإدارتها إدارة معتادة مع سائر الشركاء في المال الشائع وعلى هذا الأساس يستطيع صاحب حق الإنتفاع أن ينفق مع سائر الشركاء على مهايأة مكانية أو زمانية فإن هذا الضرب من القسمة يدخل في شؤون الإدارة المعتادة ولكن يلزم إجماع الشركاء عليه كما قدمنا ويدخل في هذا الإجماع صوت صاحب حق الانتفاع لا تنقلب بعد خمس عشرة سنة إلى قسمة نهائية لأن الشريك صاحب الرقبة وهو وحده الذي يملك القسمة النهائية لم يكن طرفاً في المهايأة المكانية وإذا كانت المهايأة قد تمت من قبل أن يتقرر حق الانتفاع فإن صاحب هذا الحق يلتزم بها فإذا كانت مهايأة مكانية ودامت خمس عشرة سنة فإنها تنقلب إلى قسمة نهائية إذ أن الشريك صاحب الرقبة قد كان طرفاً فيها قبل أن يرتب حق الانتفاع وتسري أحكام الإدارة المعتادة في المال الشائعة هنا وإذا إقتضى شأن من شؤون هذه الإدارة أغلبية الشركاء اعتد برأي صاحب حق الانتفاع لا برأي الشريك صاحب الرقبة أما فيما يجاوز الإدارة المعتادة إلى الإدارة الغير المعتادة وكذلك في أعمال التصرف وفي طلب القسمة يكون الشريك صاحب الرقبة هو صاحب الشأن في ذلك ولا شأن لصاحب حق الانتفاع فإذا انقضى حق الإنتفاع قبل انقضاء الشيوع آلت الملكية كاملة إلى الشريك صاحب الرقبة وعاد يمارس جميع الحقوق الشريك أما إذا بقى حق الإنتفاع قائماً بعد انقضاء الشيوع بأن قسمت العين الشائعة مثلاً ووقع منها جزء مفرز في نصيب الشريك صاحب الرقبة فإن حق الانتفاع ينتقل الىهذا الجزء المفرز بحكم الحلول العيني وهذا ما يصح الأخذ به طبقاً للنظرية الحديثة في الحلول العيني.
ترتيب حق عيني تبعي على الحصة الشائعة :
الحقوق العينية التبعية هي حق الرهن الرسمي وحق رهن الحيازة وحق الاختصاص وحق الامتياز ويجوز أن تترتب كل هذه الحقوق على الحصة الشائعة .
فيجوز أن يترتب حق إمتياز على الحصة الشائعة إذا باعها صاحبها ولم يقبض الثمن كله فيكون له حق إمتياز على الحصة الشائعة التي باعها سواء كانت عقاراً أو منقولاً بما تبقى له من الثمن.
ويجوز أن يترتب حق إختصاص على الحصة الشائعة فيحصل دائن صاحب الحصة الشائعة في عقار على إختصاص بهذه الحصة إذا كان قد استوفي الشروط المقررة قانوناً .
ويجوز كذلك أن يرهن صاحب الحصة الشائعة في عقار حصته رهناً رسمياً وقد نصت المادة 1/1039 مدني صراحة على جواز ذلك فقالت : " وإذا رهن أحد الشركاء حصته الشائعة ".
ويجوز أخيراً أن يرهن صاحب الحصة الشائعة حصته رهن حيازة ولا يحول دون ذلك أن رهن الحيازة يقتضي حيازة الشيء المرهون حتى يكون نافذاً في حق الغير فإن الحصة الشائعة قابلة لأن تكون محلاً للحيازة .
تنص الفقرة الثانية من المادة 826 مدني على ما يأتي :
وإذا كان التصرف منصباً على جزء مفرز من المال الشائع ولم يقع هذا الجزء عند القسمة في نصيب المتصرف انتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزء آل إلى المتصرف بطريق القسمة وللمتصرف إليه إذا يجهل أن المتصرف لا يملك العين المتصرف فيها مفرزة الحق في إبطال التصرف .
ويحسن قبل بحث هذه المسألة أن نضعها وضعاً عملياً مبسطاً فلنفترض أن هناك أرضاً شائعة بين شريكين لكل منهما النصف في الشيوع وأن أحد الشريكين حدد جزءاً مفرزاً من هذه الأرض بمقدار النصف وباعه مفرزاً متوقعاً أن هذا الجزء الذي باعه هو الذي سيقع في نصيبه عند القسمة وهنا يجب التمييز بين فرضين :
(الفرض الأول) أن يكون المشتري للجزء المفرز قد اعتقد أن الشريك في حالة الشيوع وأن الجزء المفرز الذي باعه هذا الشريك لا يزال شائعاً بينه وبين الشريك الآخر .
الفرض الأول – المشتري يعتقد أن البائع يملك المبيع مفرزاً :
هنا يبين أن المشتري قد وقع في غلط في صفة جوهرية في الشيء المبيع إذ اعتقد أن المبيع يملكه البائع مفرزاً لا شائعاً ومن ثم يكون البيع قابلاً للغلط ويجوز للمشتري طلب إبطاله وفقاً للقواعد العامة إذا تقدم بالطلب قبل القسمة ولا يجبر على انتظار القسمة ونتيجتها.
ويستطيع المشتري في هذه الحالة أن يجيز العقد فيصبح البيع صحيحاً غير قابل للإبطال ويكون حكمه حكم البيع الذي صدر لمشتر غير واقع في الغلط أي مشتر يعلم أن الجزء المفرز الذي اشتراه مملوك للبائع على الشيوع وسنين هذا الحكم فيما يلي.
أما بعد القسمة أي بعد أن يقسم الشريك البائع الأرض الشائعة بينه وبين شريكه الآخر فلا تخلو الحال من أحد أمرين:
أولاً – يقع الجزء المفرز المبيع في نصيب الشريك البائع على ما توقع وعند ذلك تخلص ملكية هذا الجزء للمشتري بعد التسجيل ولا يعود يستطيع إبطال العقد للغلط حتى لو كان لم يجزه ذلك أن البائع يكون قد نفذ العقد على الوجه الذي قصد إليه المشتري وتنص المادة 124 مدني على أنه " 1 - ليس لمن وقع في غلط أن يتمسك به على وجه يتعارض مع ما يقضي به حسن النية.
2- ويبقى بالأخص ملزماً بالعقد الذي قصد إبرامه إذا أظهر الطرف الآخر استعداده لتنفيذ هذا العقد ".
ثانياً - لا يقع الجزء المفرز المبيع في نصيب الشريك البائع خلافاً لما توقع وعند ذلك يبقى البيع على حاله قابلاً للإبطال إذا كان المشتري لم يجزه من قبل ويستطيع المشتري في هذه الحالة أن يطلب إبطال البيع للغلط وفقاً للقواعد العامة إذ أراد أن تخلص له ملكية جزء مفرز بالذات فلم تخلص له هذه الملكية وهذا ما قصدت إليه العبارة الأخيرة من المادة 2/826 مدني فقد قالت كما رأينا : " وللمتصرف إليه، إذا كان يجهل أن المتصرف لا يملك العين المتصرف فيها مفرزة الحق في إبطال التصرف " ويلاحظ أنه يجوز للمشتري حتى في هذه المرحلة أن يجيز البيع فينزل عن حقه في طلب إبطاله للغلط وعند ذلك ينقلب البيع صحيحاً ملزماً لكل من البائع والمشتري ويتحول التصرف من الجزء المفرز الذي وقع عليه البيع إلى الجزء المفرز الذي وقع بالفعل في نصيب البائع، فتنقل إلى المشتري ملكية هذا الجزء الأخير بعد التسجيل.
وما قلنا في البيع يقال في كل تصرف آخر غير ناقل للملكية، فنص المادة 2/826 مدني عام يشمل كل تصرف .
الفرض الثاني – المشتري يعلم أن البائع لا يملك المبيع إلا شائعاً :
هنا لا يكون المشتري واقعاً في غلط فهو يعلم عندما اشتري أن الجزء المفرز الذي اشتراه لا يملكه بائعه مفرزاً وإنما يملكه شائعاً مع شريكه الآخر والمشتري قد توقع، كما توقع البائع أن هذا الجزء المفرز سيقع في نصيب البائع عند القسمة، فيتخلص للمشتري ملكيته بفضل الأثر الكاشف للقسمة ويجب لمعرفة حكم هذا البيع – وكل تصرف آخر ناقل للملكية غير البيع لأن النص العام يشمل التصرفات جميعها – التمييز بين حكم التصرف قبل أن تتم القسمة وحكمه بعد أن تتم .
حكم التصرف قبل أن تتم القسمة :
لم تبين المادة 2/826 مدني حكم التصرف قبل أن تتم القسمة، واقتصرت على أن تبين هذا الحكم بعد أن تتم القسمة فوجب إذن أن تطبق القواعد العامة فيما يتعلق بحكم التصرف قبل أن تتم القسمة وقد سبق أن قلنا بياناً لهذا الحكم عند الكلام في البيع ما يأتي : " إذا باع الشريك جزءاً مفرزاً من المال الشائع قبل القسمة هذا المال فإنه يكون قد باع ما يملك هو حصته في الشيوع في هذا الجزء المفرز وما لا يملك هو حصص سائر الشركاء في هذا الجزء .
ونضيف هنا أن البيع يعتبر صحيحاً فيما بين المتعاقدين في كل الجزء المفرز المبيع ولكنه غير نافذ في حق الشريك الآخر فيما يتعلق بحصته في الشيوع في هذا الجزء المفرز ولا يستطيع المشتري إبطال البيع، لا بالنسبة إلى حصة البائع الشائعة في الجزء المفرز المبيع لأن الشريك البائع قد باع ما يملك ولأن المشتري ليس واقعاً في غلط ولا بالنسبة إلى حصة الشريك الآخر الشائعة في الجزء المفرز المبيع بدعوى أن البيع في هذه الحصة هو بيع ملك الغير وقد سبق قلنا في تعليل هذا الشق الأخير ما يأتي : " وذلك لأن البيع الواقع على حصص الشركاء يختلف عن بيع ملك الغير في أن هذه الحصص قد تقع في نصيب الشريك البائع عند القسمة فتعتبر بفضل الأثر الكاشف للقسمة أنها كانت مملوكة للشريك البائع وقت البيع فلا يكون قد باع ما لا يملك هذا إلى أن المشتري وهو يعلم أن البائع لا يملك كل الجزء المفرز الذي يبيعه يكون قد أرتضى شراء ما ستتركز عليه حصة البائع الشائعة بعد القسمة.
حكم التصرف بعد أن تتم القسمة :
فإذا قسمت الأرض الشائعة بين الشريكين فلا تخلو الحال من أحد أمرين :
(الأمر الأول ) أن يقع الجزء المفرز المبيع في نصيب الشريك البائع وحكم ذلك واضح ولذلك لم تعرض له المادة 2/826 مدني ذلك أن ملكية الجزء المفرز المبيع تخلص للمشتري بالتسجيل بعد أن وقعت في نصيب الشريك البائع، فاستقر البيع بفضل الأثر الكاشف للقسمة، ولم يعد للشريك الآخر أي حق في الجزء المفرز المبيع .
(الأمر الثاني) ألا يقع الجزء المفرز المبيع في نصيب الشريك البائع بل يقع في نصيب الجزء المفرز الآخر، وهذا هو الأمر الذي عرضت لها المادة 2/826 مدني لأن هذا النص أراد أن يقرر حكماً ينحرف به عن مجرد تطبيق القواعد العامة فقد كان مقتضى تطبيق هذه القواعد أن المشتري وقد ضاع عليه الجزء المفرز الذي إشتراه بالذات لا يجبر على قبول الجزء الآخر الذي وقع في نصيب البائع فمن حقه إذن أن يطلب فسخ البيع أو إبطاله بإعتباره صادراً من غير مالك.
ولكن المادة 2/826 مدني تقول كما رأينا : " وإذا كان التصرف منصباً على جزء مفرز من المال الشائع، ولم يقع هذا الجزء عند القسمة في نصيب المتصرف انتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزء الذي آل المتصرف بطريق القسمة " فتنتقل إذن بعد التسجيل، ملكية المفرز الآخر الذي وقع في نصيب الشريك البائع إلى المشتري ويحل هذا الجزء حلولاً عينياً محل الجزء المفرز المبيع ومن ثم يعتبر البيع واقعاً لا على الجزء المفرز المبيع في الأصل بل على الجزء المفرز الذي وقع بعد القسمة في نصيب الشريك البائع وتعليل ذلك واضح فإن المشتري وهو يعلم أن البائع لا يملك كل الجزء المفرز الذي يبيعه الشائع بعد القسمة كما سبق القول.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : الثامن، الصفحة : 1053)
التصرفات الواردة على المال الشائع
1- التصرف في حصة شائعة
فيجب أن يتعرف فيها وفقاً للحق الثابت له وبالتالي يجب أن يكون التصرف وارداً على حصته شائعة وحينئذ ينفذ التصرف بالنسبة لباقي الشركاء، فإن تجاوز هذا الحق، وتصرف في حصته مفرزة أو في حصة شائعة تجاوز حصته فإن تصرفه بالنسبة للحصة المفرزة ولا ينفذ بالنسبة لباقي الشركاء ولا ينفذ فيما جاوز حصته الشائعة ويكون لباقي الشركاء رفع دعوى بعدم سريان التصرف فيما جاوز حصة الشريك الشائعة وتثبيت ملكيتهم لما جاوزها.
فيتوفر الشيوع في الملك، عندما يكون العقار الواحد مملوكاً في مجموعة لعدة أشخاص من غير أن يخصص لكل منهم جزء مادي معين وتكون الأنصبة متساوية أو متفاوتة وفقاً للمصدر المنشئ للشيوع ودائماً يكون سبباً من أسباب کسب الملكية كميراث أو عقد بيع أو رسمية ولكل من المشتاعين الحق على الشيوع في كل جزء من أجزاء العقار الشائع وبقدر حصته .
ولكل شريك الحق في ملكية العقار بقدر حصته فله استعماله واستغلاله والتصرف فيه بما لا يتعارض مع حالة الشيوع القائمة ويضر بحقوق باقى الشركاء ومن ثم يكون له التصرف في حصته على حالتها شائعة أو مفرزة محددة فإن تصرف فيها شائعة كان تصرفه نافذاً في حق باقي الشركاء ومتى شهر انتقلت إلى المتصرف إليه ملكية حصة الشريك المتصرف فيصبح الأول شریكاً في الشيوع لا يحاج بأي قسمة تتعلق بالعقار الشائع إلا إذا كان ممثلاً في إجراءاتها أما اذا تصرف الشريك في حصته الشائعة بما يتنافى مع حالة الشيوع القائمة بأن أفرز بنفسه حصة في المال وتصرف فيها مفرزة وقام المتصرف اليه بتسجيل هذا التصرف فإنه يكون صحيحاً لكنه غير نافذ في حق باقي الشركاء إلا إذا أقروه فإن لم يصدر منهم هذا الإقرار كان الإفراز معلقاً على نتيجة القسمة فإن ترتب على القسمة اختصاص الشريك المتصرف بالعقار المتصرف فيه استقر هذا العقار للمتصرف إليه ويعتبر أنه المالك وحده أما أن اختص هذا الشريك بجزء آخر من العقار فإن حق التصرف إليه ينتقل إلى هذا الجزء باعتباره هو الذي كان مملوكاً له تعرف منذ قيام حالة الشيوع دون الجزء محل التصرف بمعنى أن هذا الجزء يحل حلولاً عينياً محل الجزء المتصرف فيه فإن كان هناك فرق في القيمة تعين دفعه رضاء أو قضاء.
وينحصر حق المشتري في هذه الحالة في طلب تسليم الحصة المبيعة شائعة وبالتالي لا يجوز له طلب تسليم حصة مفرزة لما في ذلك من مخالفة للآثار التي يرتبها عقد البيع الذي يستمد منه حقه في طلب التسليم.
تتوافر للملكية الشائعة عناصر الملكية المفرزة، من استعمال واستغلال وتصرف، بحيث إذا وضع أحد الشركاء اليد على حصة مفرزة تعادل حصته، امتنع على باقي الشركاء التعرض له في ذلك، وإذا تصرف فيها، كان تصرفه صحيحاً فيما بينه وبين المشتري ومتوقفاً على نتيجة القسمة لنفاذه في مواجهة باقي الشركاء وبالتالي يعتبر هذا البيع وارداً على حصة شائعة بالنسبة لباقي الشركاء.
فإن كانت الحصة عبارة عن وحدة سكنية فإن قانون إيجار الأماكن لا يعتد إلا بالبيع الأول الوارد عليها سواء كان مسجلاً أو غير مسجل متى كانت تلك الوحدة مملوكة ملكية مفرزة بحيث إذا تم بيعها مرة ثانية كان البيع التالي باطلاً بطلاناً مطلقاً عملاً 23 من القانون رقم 136 لسنة 1981.
أما إن كانت الوحدة مازالت مملوكة على الشيوع فإن أحكام هذا البطلان لا يری عليها وإنما تكون المفاضلة وفقاً للأسبقية في التسجيل وفقاً للقواعد العامة وما نص عليه قانون الشهر العقارى والوحدة المفرزة التي يضع الشريك يده عليها وإن كانت تعتبر قانوناً شائعة في علاقته باقي الشركاء إلا أنه يجوز له التصرف فيها وتسليمها للمتعاقد معه وبالتالي تعتبر مفرزة في علاقة هذا الشريك الأخير ويتوقف مصير التصرف على نتيجة القسمة فيكون للمتصرف إليه الحق دائماً في وحدة مفرزة دون إعتداد بحالة الشيوع القائمة بين الشركاء ويترتب على ذلك أن البيع التالي لذات الوحدة يقع باطلاً بطلاناً مطلقاً ويتحقق هذا البطلان أيضاً إذا صدر البيع من جميع الشركاء إذ لهم الحق في بيع جزء مفرز وبالتالي إذا أبرم الجميع بيعاً تالياً وقع باطلاً بطلاناً مطلقاً إذ يتم الإفراز بالقمة أو بإجماع آراء الشركاء أو إقرارهم للبيع .
متى تصرف الشريك في الشيوع في قدر یوازی حصته في المال الشائع شائعة فيه صح التصرف ونفذ في حق باقي الشركاء متى تم تسجيل التصرف إذ يعتبر هؤلاء من طبقة الغير مما يتطلب شهر التصرف حتى يمكن للمتصرف اليه أن يحتج عليهم بالتصرف وحينئذ يلتزم هؤلاء باتهامه في دعوى القسمة وإلا كانت غير نافذة في حقه ويكون له طلب إجراء قسمة جديدة كما يترتب على شهر التصرف انتقال ملكية الحصة الشائعة إلى المتصرف إليه بالنسبة له والبائع له وباقي الشركاء عملاً بنص المادة التاسعة من قانون الشهر العقاري فإن لم يشهر التصرف ظل العقار مشاعاً فيما بين الشريك البائع وباقي شركائه وظلت لهم ملكيته دون المشتري من الشريك وإذا أقام الشركاء دعوى القمة فلا إلزام عليهم باختصام المشترى من أحدهم إذ لا يحاجون بهذا التصرف إلا إذا كان مسجلاً .
2- رهن الحصة الشائعة
طالما أن لكل شريك ملكية جزء في المال الشائع، ومن ثم يكون له الحق في رهن ما يملك ويكون رهناً صحيحاً ونافذاً سواء تعلق الرهن بحصته شائعة أو مفرزة إلا أنه إذا تمت القسمة واختص الشريك الراهن بحصة غير التي كانت قد رهنها مفرزة انتقل الرهن إلى الحصة التي اختص بها الشريك الراهن بناءً على القسمة لما لها من أثر کاشف مفاده أن الشريك الراهن كان يمتلك تلك الحصة وحلها منذ نشوء الشيوع فينتقل إليها الرهن بحكم القانون إذ كان من قبل وارداً على حصة غير مملوكة للراهن ووفقاً للمفهوم العادى لنصوص القانون وعلى هدي ما تقدم يكون رهن حصة مفرزة من جميع الشركاء صحيحاً ونافذاً ولكن إذا تمت القسمة واختص أحد الشركاء بهذا الجزء فإن الرهن لا يسري بالنسبة له إلا بقدر مسؤوليته عن الحق المضمون إلا أن المشرع أورد نصاً قانونياً يحول دون التمسك بذلك فقد جرى نص الفقرة الأولى من المادة 1039 من القانون المدني على أن يبقى نافذاً الرهن الصادر من جميع الملاك لعقار شائع أياً كانت النتيجة التي تترتب على قسمة العقار فيما بعد أو على بيعه لعدم إمكان قسمته مما مفاده أن يستمر الرهن كما لو لم تكن هناك قسمة فيمتنع على الشريك الذي اختص بهذا الجزء أن يطلب محو القيد الوارد عليه بقدر حكم باقي الشركاء بالنسبة للحق المضمون بالرهن كما لا يلتزم الدائن المرتهن بإجراء أي تعديل في قيد الرهن.
متى تمت القسمة رضاءً أو قضاءً وتم تسجيل العقد أو الحكم المثبت لها كان هذا إشهاراً للقسمة يقوم قرينة قانونية قاطعة على علم الكافة بنتيجة القسمة بما فيهم الدائن المرتهن من أحد الشركاء إلا أن المشرع لم يكتف بهذا العلم الإفتراضي فأوجب على أي ذي شأن بأخطار هذا الدائن بتسجيل القسمة وباختصاص الشريك الراهن بعقار آخر غير العقار المرهون وحينئذ يلتزم الدائن وفي خلال تسعين يوماً من هذا الأخطار بتقديم عريضة إلى رئيس أحدى الدوائر المدنية بالمحكمة الابتدائية الواقع بدائرتها العقار الذي آل إلى الشريك الراهن ليصدر عليها أمراً بتخويله إجراء قيد جديد يتعلق بالعقار الذي آل للراهن وفقاً لمبدأ الحلول العيني وتضمن العريضة البيانات المتعلقة بالرهن وبنتيجة القسمة وقيمة الرهن وقيمة العقار المطلوب إجراء قيد جديد عليه حتى يرد القيد على قدر قيمة الرهن وللقاضي الإستعانة بخبير ومتى صدر الأمر يتعين اتخاذ إجراءات شهره بطريق قيد قائمته.
3- التصرف في حصة مفرزة :
تصرف الشريك فى حصته مفرزة :
مفاد المادة 826 من القانون المدني، أن للشريك في المال الشائع، الحق في أن يتصرف في حصته شائعة أو مفرزة ويكون تصرفه في حصة مفرزة صحيحاً فيما بينه وبين المتصرف إليه مما يجوز معه للأخير استصدار حكم بصحة ونفاذ التصرف ومتى سجل هذا الحكم أو العقد إلتزم به البائع ويمتنع عليه أن يتصرف في ذات الحصة مرة أخرى ولكن إن لم يكن المشترى قد تسلم الحصة فلا يجوز له أن يطلب تسلمها وإن تسلمها فإنه يحل محل البائع في الإنتفاع بها سواء سجل العقد أو لم يسجله وله حماية وضع يده بدعاوى الحيازة إذا تعرض له أي من الشركاء أو غيرهم إذ ينتقل للمشترى ولو لم يسجل عقد البيع جميع الدعاوى المتعلقة بالمبيع وحقه في الإنتفاع به طالما كانت الحصة في حيازة الشريك البائع وقام بتسليمها للمشتري فإن لم تكن في حيازته فلا يجوز تسليمها إلا بموافقة باقي الشركاء أو بعد القسمة واختصاص الشريك البائع بها .
إذا باع الشريك ما يجاوز حصته كان البيع غير نافذ في حق باقي الشركاء بالنسبة للقدر الزائد ويكون لهم الحق في رفع دعوى بتثبيت ملكيتهم للقدر الزائد وبعدم نفاذ البيع في هذا القدرة وإذا باع الشريك المشتاع جزءاً مفرزاً من مثقول شائع تملكه المشترى حسن النية لا بموجب عقد البيع إنما بموجب الحيازة وترى هذه الأحكام على كل تصرف آخر غير ناقل للملكية فحكم المادة 2/826 يشمل كل تصرف .
للشريك في المال الشائع الحق في التصرف في حصته شائعة أو مفرزة فإذا باعها مفرزة كان البيع صحيحاً فيما بينه وبين المشترى منه بحيث إذا تم تسجيل عقد البيع أو الحكم الصادر بصحته ونفاذه أو التأشير به في هامش تسجيل صحيفة الدعوى، انتقلت ملكية هذه الحصة إلى المشتري في علاقته مع الشريك البائع ويترتب على ذلك أن هذا الشريك لا يصبح مالكاً لتلك الحصة بحيث إذا باعها مرة أخرى بعد هذا التسجيل كان البيع وارداً على ملك الغير مما يجوز معه للمشترى وقد أصبح مالكاً أن يرفع دعوى بإبطال البيع التالي وتحقق بذلك مسئولية الشريك البائع المدنية والجنائية لتصرفه في ملك الغير.
أما في علاقة المشترى بباقي الشركاء فإن البيع يعتبر واردة على حصة شائعة إذ لا يحاج هؤلاء بالبيع الوارد على حصة مفرزة ولو كان مسجلاً ويتوقف مصير هذا البيع على نتيجة القسمة بحيث إن اختص بموجبها الشريك البائع استقرت الملكية للمشترى منه أما إن اختص بغيرها انتقل حق المشترى إلى الحصة التي اختص بها الشريك البائع وفقاً لقاعدة الحلول العيني .
وإذا كان الشريك مستأجراً وأجريت القسمة فلا أثر لها على عقد الإيجار إلا إذا اختص هذا الشريك بالعين المؤجرة إذ ينقضي الايجار في هذه الحالة باتحاد الذمة أما إذا اختص بها شريك آخر ظل عقد الإيجار نافذاً في حقه ولا يملك التمسك بانتقال هذا العقد إلى العين التي اختص بها المستأجر، ووفقاً للأثر الكاشف للقسمة يعتبر عقد الإيجار مبرماً منذ بدء الشيوع ولو لم يكن الشريك الذي اختص بالعين المؤجرة هو الذي أبرم العقد إذ يكون من أبرمه وكيلاً عنه وكالة قانونية مستندة إلى أحكام الشيوع.
وإذا تصرف الشريك المشتاق في حصته مفرزة، وكان المشتري يعلم بأن هذا الشريك لا يملك إلا حصة شائعة فيكون البيع قبل القسمة صحيحاً فيما بين طرفيه ولكنه غير نافذ في حق باقي الشركاء وليس للمشتري أن يطلب أبطال البيع إذ أنه بعلمه بحالة الشيوع يكون موافقاً على شراء الحصة التي تقول للبائع بعد القسمة فلذلك يكون البيع صحيحاً فيما بينهما .
أما إذا كان المشتري يجهل أن البائع يمتلك الجزء المبيع شائعاً واعتقد بأنه يمتلكه مفرزاً فإنه يكون له الحق في إبطال البيع لوقوعه في غلط في صفة جوهرية في المبيع ويجب لأبطال البيع أن يطلبه قبل القسمة إذ أنه بتمامها ووقوع الجزء المبيع في نصيب البائع فإن الملكية تخلص للمشتري بعد التسجيل ويكون البائع قد نفذ البيع أما إذا لم يقع الجزء المبيع في نصيب الشريك البائع فيكون للمشتري أن يطلب إبطال البيع إذا لم يكن قد أجازه من قبل كما يجوز له بعد هذه القسمة أجازة البيع ومن ثم لا يجوز له العودة إلى طلب أبطاله ويتحول التصرف إلى الجزء الذي وقع في نصيب البائع بعد التسجيل ويراعى أن المشتري إذا حاز الأرض المفرزة التي إشتراها مدة خمس سنوات فإنه يتملكها بهذا التقادم القصير لتوفر السبب الصحيح وهو عقد البيع الصادر له من الشريك الذي لا يملك المبيع مفرزاً ولتوفر حسن نيته ولا يكون لباقي الشركاء الحق في إسترداد حصصهم من تحت يده .
إذا تمت القسمة ووقع الجزء المفرز المبيع في نصيب الشريك البائع خلصت ملكيته للمشتري بعد التسجيل أما أن وقع جزء آخر في نصيبه فان هذا الجزء يحل حلولاً عينياً محل الجزء المبيع على أنه إذا كان هناك فرق في القيمة بين الجزءين تعين دفع الفرق رضاء أو قضاء ويتعين على المشتري إن لم يكن قد سجل عقده أن يؤشر به على هامش تسجيل القسمة أن كانت قد سجلت لينفذ في حق الغير من تاريخ التأشير ويعتبر هذا التأثير الهامشي بمثابة تسجيل للعقد .
وللشريك في الشيوع أن يبيع حصته شائعة أو مفرزة فإذا باعها شائعة وسجل المشتري عقد البيع، أصبح شريكاً في الشيوع وخلفاً خاصاً للبائع وتكون له الصفة في كل ما يتصل بالشيوع .
أما اذا باع الشريك حصة مفرزة، وسجل المشتري عقد البيع فإنه لا يكون شريكاً في الشيوع وتظل الحصة المبيعة بالنسبة لباقي الشركاء شائعة وليست مفرزة بحيث اذا بيع العقار المجاور لها جاز لهم أخذه بالشفعة .
شهر التصرف الوارد على حصة مفرزة والتأشير بالحلول العيني
شهر التصرف والتأشير بالحلول :
مؤدي الشيوع أن كل شريك يملك في كل جزء من أجزاء العقار بقدر نصيبه في المال بحيث إذا باع أحد الشركاء أي جزء مفرز، كان بيعه وارداً على ما يملك وما يملكه باقي الشركاء وبيع ملك الغير صحيح فيما بين المتعاقدين ولكنه لا ينفذ في حق المالك إلا اذا أقره مما مفاده أن بيع حصة مفرزة من أحد الشركاء يكون صحيحاً ولكنه لا ينفذ في حق باقي الشركاء إلا إذا أقروه وقد يرد الإقرار في شكل تصديق باقي الشركاء للبيع المقرر فيتضمنهم عقد البيع كطرف ثالث يخصص لهم بند يقرون بموجبه بأنهم يصادقون على البيع المبرم بين الطرفين الأول والثاني ويصدقون على توقيعاتهم على مشروع العقد ومتى تم تسجيل العقد المتضمن التصادق انتقلت ملكية الحصة المبيعة مفرزة وقد يرد التعليق مستقلاً في شكل إقرار ووفقاً للمادة التاسعة من قانون الشهر العقارى يكون الإفراز تصرفاً قانونياً ناقلاً للملكية من المقر إلى المشتري بطريق التسجيل .
فإن كان الإقرار ضمنياً كما لو تصرف كل شريك في حصته مفرزة فيكفي شهراً للإقرار شهر كل من هذه التصرفات وحينئذ يكون ذلك قرينة على قبول كل شريك لتصرف باقي الشركاء في حصصهم مفرزة واسقاطاً لحقه في الإعتراض مما يحول دونه والإعتراض اللاحق لشهر تصرفه.
إذا تصرف الشريك في قدر مفرز يعادل حصته في المال الشائع ولم يقره باقی الشركاء صراحة أو ضمناً كان هذا الإفراز معلقاً على نتيجة القسمة فإن لم يقع هذا الجزء في نصيب البائع إنتقل حق المشترى من وقت التصرف إلى الجزء الذي آل إلى البائع بطريق القسمة فيحل هذا الجزء حلولاً عينياً محل الجزء المبيع على أنه إذا كان هناك فرق في القيمة بين الجزئين تعين دفع الفرق رضاء أو قضاء ويقع الحلول العيني بقوة القانون عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة 826 من القانون المدني ويرتد أثره إلى وقت تسجيل عقد البيع قبل إجراء القسمة ومن ثم فلا يترتب على الحلول انتقال ملكية جديدة إلى المشتري وإنما تحديداً للعين التي نقلت إليه بموجب التصرف الصادر له كما لا يتضمن تغييراً في الحق العيني إذ يظل الحق هو ذاته حق ملكية أرجأ المشرع تحديد محله بصفة نهائية لحين إجراء القسمة، ولذلك لم يرد نص في القانون بوجوب شهر الحلول العيني إكتفاء بشهر التصرف وتعليق تحديد العين على إجراء القسمة واشهرها.
ويترتب على الحلول العيني أن المشتري يفقد ملكية العين التي تضمنها عقد البيع لينتقل حقه في الملكية إلى عين أخرى ويعتبر أنه تملك العين الأخيرة من وقت تسجيل عقده فإن كان المشتري قد سجل عقد البيع الصادر له فإن حق الملكية ينتقل إليه إعتباراً من تاريخ هذا التسجيل سواء بالنسبة للعين التي تعاقد عليها أو بالنسبة للعين التي حلت محلها.
أما إن كان المشتري لم يسجل عقده رغم تسجيل القسمة فإنه يتعين تحرير عقد جديد بما يتفق والقسمة ثم إتخاذ إجراءات تسجيله وفقاً للإجراءات العادية المتعلقة بعقد البيع.
إذا تصرف الشريك في جزء مفرز من العقار الشائع وتم شهر هذا التصرف قبل إجراء القسمة فإن ملكية هذا الجزء تنتقل إلى المتصرف إليه معلقة على نتيجة القسمة فإذا وقع هذا الجزء عند القسمة في نصيب المتعارف استقرت الملكية للمتصرف إليه ولا إشكال في هذا الفرض ولكن يثور الأشكال عندما يتصرف الشريك في جزءين من المال الشائع لشخصين مختلفين يسجل كل منهما تصرفه ولم تكن حصة الشريك تسمح له إلا بالتصرف في جزء واحد فإذا ما أجريت القسمة ووقع أحد الجزءين في نصيب الشريك المتصرف فإعمالاً للحلول العيني وعلى ما نصت عليه المادة 826 من القانون المدني ينتقل حق المتصرف إليه في الجزء الآخر من وقت شهر تصرفه إلى الجزء الذي آل إلى التصرف وفي هذه الحالة نجد هذا الجزء سبق للشريك التصرف فيه ونقل ملكيته للغير وحينئذ مجری المفاضلة على أساس الأسبقية في التسجيل لكل من التصرفين لأن ملكية كل منهما ثبت من تاريخ تعرفه وتستقر إعتباراً من هذا التاريخ عند إجراء القسمة فإن كان التصرف المتعلق بالجزء الذي آل إلى الشريك بطريق القسمة سابقاً في التسجيل على التصرف المتعلق بالجزء الآخر ثبتت الملكية نهائياً لصاحب التصرف الأول والعكس صحيح.
استعمال واستغلال المال الشائع
إن مناط حق الشريك في استعمال واستغلال حصته يرتبط بوضع يده على تلك الحصة بموافقة باقي الشركاء فإن توافرت تلك الموافقة ثبت الحق للشريك في الانتفاع بالحصة المفرزة فيكون له أن يستعملها بنفسه في الغرض المخصصة له أو يستغلها في ذات الغرض بأن يؤجرها أو يستغلها في مشروع تجاري أو صناعي دون أن يكون لباقي الشركاء الاعتراض على ذلك ما لم يترتب على هذا الإستغلال إضرار بهم وكل ما يجوز لهم هو أن يطلبوا قمة المال الشائع .
وللشريك واضع اليد حماية حيازته بدعاوى الحيازة ضد باقي الشركاء أو ضد الخلف العام أو الخاص لأحدهم .
أما إذا وضع أحد الشركاء اليد على حصة مفرزة دون موافقة باقي الشركاء كان مغتصباً و جاز لهؤلاء أو المدير الشيوع طرده والرجوع عليه بالتعويض .
وإذا وضع الشريك يده على جزء مفرز من المال الشائع بموجب عقد فإنه يلتزم بكل ما تضمنه هذا العقد بإعتباره متعاقدة فإن كان عقد إيجار خضع الشريك لآثار هذا العقد من حقوق والتزامات مثله في ذلك مثل المستأجر غير الشريك وبالتالي يلتزم بالوفاء بالأجرة وعدم التخلي للغير عن العين المؤجرة وعلم تغيير الاستعمال وإلا جاز الحكم بإخلائه.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الحادي عشر، الصفحة : 346)
الرأي السائد في الفقه أن حق الشريك المشتاع هو حق ملكية فملكية الشيء الشائع يتعدد فيها الملاك أما الشيء وهو محل هذه الملكية فلا يتجزأ أي أن الملكية تنقسم إلى ملكيات متعددة بقدر عدد الشركاء بينما لا يكون هناك تقسيم مادي للشيء ومقتضى هذا أن يرد حق كل شريك على الشيء في مجموعه وإن كان محدداً بقدر حصته ولا يقدح في ذلك أن الشريك المشتاع لا يستطيع أن يستأثر بجميع مزايا المال الشائع إذ أن الشركاء الآخرين يشاركونه في الحصول على هذه المزايا ملاك مثله وكل ما هنالك أن الشريك المشتاع ليس له أن يمارس سلطات المالك إلا بطريقة لا يترتب عليها المساس بحقوق الشركاء الآخرين.
وقد قننت المادة 825 مدنی رأي الفقه واعتبرت حق الشريك المشتاع حق ملكية إذ تنص على أنه : إذا ملك اثنان أو أكثر شيئاً غير مفرزة حصة كل منهم فيه، فهم شركاء فيه على الشيوع.
حق المالك في الشيوع في استعمال واستغلال المال الشائع :
الملكية في الشيوع كالملكية المفرزة تشتمل على عناصر ثلاثة :
الاستعمال والاستغلال والتصرف فلكل شريك أن يستعمل المال الشائع ويستغله بقدر حصته وله الحق في ثمار الحصة التي يمتلكها وقد نصت المادة على ذلك صراحة.
غير أن سلطة الشريك في الاستعمال والاستغلال مقيدة بحقوق الشركاء الآخرين وهي ترد مثل حقه على العين الشائعة جميعها ولكن الشريك مقيد في ذلك بألا يلحق الضرر بحقوق باقي الشركاء.
ويترتب على ذلك أن الشريك ليس له أن ينفرد بأي عمل يتضمن تغييراً فيما أعد له الشيء الشائع من إستعمال أو استغلال أو يقتضي الاستئثار به أو بجزء معين منه، وإنما تقتصر الأعمال التي للشريك أن يقوم بها بمفرده على تلك التي تتفق وما أعدت له العين الشائعة ويستطيع الشركاء جميعاً القيام بها في نفس الوقت بحيث لا يترتب على قيام أحدهم بها منع الباقين عنها مثل ذلك المرور في الأرض واستخراج الماء من البئر أو المسقاة والصيد في الغابة أو الترعة وللشريك أن يتنازل عن حقه هذا للغير إن لم يكن ذلك يتعارض مع إعداد العين الشائعة وبشرط أن يمتنع هو بعد ذلك عن إستعمال ذلك الحق إذ أن في مضاعفة الإستعمال إضراراً بحقوق سائر الشركاء فلا يجوز.
أما أعمال الاستعمال والاستغلال التي تقتضي الاستئثار بالعين الشائعة أو بجزء منها وهي الأغلب في تلك الأعمال فلا يجوز لأي من الشركاء أن ينفرد بالقيام بها ولو كان الجزء المعين الذي يستأثر الشريك به معادلاً في نسبته إلى مجموع مساحة العين لحصته الشائعة فيها أو أقل منها ذلك أن حقوق الشركاء جميعاً ترد على العين جميعها مادامت حالة الشيوع فيكون الشركاء الآخرين منع الشريك من الانفراد بالقيام بأي عمل مادي من شأنه أن يشغل العين أو جزء منها كزراعتها أو البناء عليها ولا يحتج عليهم بالأعمال القانونية التي ينفرد الشريك بإبرامها إذا كانت تقتضي تسليم العين أو جزء منها كتأجيرها للغير.
وعلى ذلك فإذا وضع الشريك يده على العين أو جزء معين منها بغية القيام بمفرده بزراعتها مثلاً كان لسائر الشركاء الإعتراض على ذلك وإذا زرع فعلاً أو أقام غراسياً أو بناءً أو منشآت أخرى بمفرده كان لسائر الشركاء طلب إزالة الزرع أو الغرس أو هدم البناء أو المنشآت ولو كان ما أقامه الشريك متفقاً وما أعدت له الأرض الشائعة.
ويثبت هذا طالما ليس هناك ثمة تعسف في استعمالهم لهذا الحق.
وإذا إنفرد أحد الشركاء بتأجير العين الشائعة كلها أو بعضها فلا ينفذ الإيجار في حق الشركاء الآخرين فيكون لهؤلاء أن يستغلوا العين دون اعتبار الوجود المستأجر من شريكهم فيؤجرونها مثلاً إلى مستأجر آخر يصبح هو صاحب الحق في الانتفاع بها إذا كان قد استأجرها من الأغلبية التي تملك التأجير وإذا كان المستأجر الأول قد شغل العين جاز لهم أن يطلبوا طرده عنها ولا يحق لهذا المستأجر أن يدفع دعوى الإخلاء بوجوب إنتظار نتيجة القسمة الإحتمال أن تقع العين المؤجرة في نصيب المؤجر إنما يقع الإيجار الذي انفرد الشريك بإبرامه صحيحاً بين طرفيه فلا يجوز للمؤجر أن يتحلل منه بحجة أن شركاءه قد اعترضوا عليه ولا يجوز ذلك للمستأجر بحجة أنه مهدد في الإنتفاع بالعين بسبب عدم نفاذ الإيجار في حق الشركاء الآخرين إلا إذا كان قد وقع في غلط بأن حسب أن الملكية خاصة للمؤجر ثم تبين بعد ذلك أنها شائعة إذ في هذه الحالة يكون المستأجر قد وقع في غلط جوهري يجيز له أن يطلب الإبطال كما لا يجوز للمستأجر أن يطلب الفسخ طالما أن المؤجر يمكنه من الإنتفاع بالعين ولم يتعرض له أحد وإذا أجريت القسمة ووقعت العين المؤجرة في نصيب الشريك المؤجر استقر الأمر للمستأجر أما إذا وقع في نصيب المؤجر نتيجة للقسمة عين غير التي أجرها فإن حق المستأجر ينتقل إلى العين التي آلت إلى المؤجر في حدود القدر المؤجر له وذلك قياساً على حكم المادة 2/826 مدني ولا يعني ذلك أن هناك حلولاً عينياً في هذه الحالة فالحلول العيني لا يؤدي إلى إنتقال حق شخصي يتصل بعين إلى أخرى بل ينطبق فقط بالنسبة إلى الحقوق والتكاليف العينية وإنما ينطبق حكم المادة المذكورة بطريق القياس فحسب إذ أن هذا هو الذي يتفق مع مسلك الشارع في تنظيمه للشيوع.
للشريك الذي استأثر فعلاً بوضع اليد على جزء من المال الشائع أن يلجأ إلى دعاوى الحيازة لحماية حيازته إذا توافرت في حيازته عموماً الشروط التي يتطلبها القانون بالنسبة لكل دعوى من دعاوى الحيازة الثلاث.
قد لا يمس تصرف الشريك في حصته الشائعة ملكية الحصة الشائعة بل يكون موضوعه إنشاء حق عيني آخر غير الملكية على هذه الحصة.
والحقوق العينية الأصلية التي يمكن أن يرد عليها تصرف الشريك في حصته الشائعة هي الانتفاع والاستعمال والسكنى.
أما حق الارتفاق فلا تصلح الحصة الشائعة لكي يرد عليها هذا الحق لأنه بحسب السائد لا يقبل التجزئة ومن ثم فلا يكون لها أو عليها.
أما حق الحكر فلا يجوز إنشاؤه - منذ العمل بالقانون المدني الحالي - إلا على أرض موقوفة هذا بالإضافة إلى أن هذا الحق يخول صاحبه سلطة البناء أو الغراس على الأرض والبناء والغراس لا يكون إلا على جزء مفرز ويستحيل أن يكون حصة شائعة.
أما عن الحقوق العينية التبعية فلا يكون للمالك على الشيوع إلا ترتيب حق الرهن بنوعيه : الرسمي والحيازي. لأن كلا من الاختصاص والامتياز ينشأ بغض النظر عن إرادة الشريك.
ولما كان كل من حق الاستعمال والسكنى ليس إلا وجهاً من أوجه حق الانتفاع فتقتصر على تناول حق الانتفاع.
ونعرض لما تقدم بالتفصيل على النحو الآتي
ترتيب حق الانتفاع :
يكون ترتيب حق الإنتفاع من مالك الحصة الشائعة صحيحاً ونافذاً سواء بالنسبة للشريك المتصرف أو بالنسبة لزملائه من الشركاء دون حاجة إلى موافقتهم أما صحته ونفاذه بالنسبة للمتصرف فأمر بدهي لأنه هو الذي رتب الحق على ملكه وأما صحته ونفاذه بالنسبة للشركاء الآخرين فمرجعها إلى أن ترتيب الشريك الحق على حصته ليس فيه مساس بحقوقهم.
وإذا كان الحق المترتب حق انتفاع فإن المنتفع يكون وحده صاحب الحق في ثمار الحصة التي ترتب عليها حقها فحق الانتفاع يعطى لصاحبه حق جنى الثمار وكذلك يكون المنتفع لا الشريك المتصرف الذي استبقى الرقبة - هو صاحب الرأي عند القيام بأعمال الإدارة المعتادة جميعاً ولما كانت المادة 1/988 مدني تقضي بأنه لا يجوز للمنتفع أن يستعمل الشيء إلا بحالته التي تسلمه بها وبحسب ما أعد له فإن المنتفع لا تكون له الصفة في القيام بأعمال الإدارة غير المعتادة ولا الموافقة على القيام بها بل يكون ذلك للشريك صاحب الرقبة .
رهن الشريك حصته الشائعة رهناً رسمياً أو حيازياً :
الشريك أن يرهن حصته الشائعة رهناً رسمياً إن كانت حصته شائعة في عقار.
ويكون الرهن عندئذ صحيحاً لأن الشريك أنشأه في حدود حقه ولا يصح القول بوجوب توقف الرهن على نتيجة القسمة لأن الرهن الرسمي لا يستلزم الحيازة حتى لنفاذه ضد الغير فيجب القول إذن بأن رهن الحصة الشائعة هو رهن صحيح ونافذ في حق جميع الشركاء شأنه شأن بيع الحصة الشائعة فإذا حل أجل الدين المضمون بالرهن ولم يقم المدين الراهن بالوفاء كان للدائن المرتهن أن يطلب التنفيذ على الحصة الشائعة المرهونة وبيعها حتى ولو لم تكن القسمة قد أجريت بعد ولا يمكن حرمان الدائن من هذا الحق بمقولة وجوب انتظار نتيجة القسمة.
كما يجوز له أن يرهن حصته الشائعة رهناً حيازياً سواء كان المال الشائع عقاراً أو منقولاً ويكون الرهن صحيحاً - كالرهن الرسمي تماماً - وهذا الحكم وإن كان محل خلاف في ظل القانون القديم نظراً لأن الحيازة فيه كانت شرطاً الصحة العقد فإنه لا يجوز أن يكون موضعاً للشك في ظل القانون الجديد الذي يجعل الحيازة شرطاً لنفاذ الرهن في حق الغير.
ويمكن تحقيق الحيازة بالنسبة للحصة الشائعة بوسائل متعددة حتى يكون الرهن نافذاً في حق الغير فيجوز أن يتفق الراهن والمرتهن وباقي الشركاء على تسليم المال إلى أحد الشركاء الذي يقبل حيازة الحصة المرهونة نيابة عن المرتهن أي بصفته عدلاً فإن المادة 1109 تشترط لنفاذ الرهن في حق الغير أن يكون الشيء المرهون في يد الدائن أو الأجنبي الذي إرتضاه المتعاقدان ويجوز أن يتفق الجميع على تسليم الشيء المرهون كله إلى الدائن المرتهن فيجوز الشیء فيما يتعلق بالحصة المرهونة باعتباره دائناً مرتهناً وفيما يتعلق بسائر الحصص باعتباره وكيلاً أو مديراً.
أحكام الانتفاع بالرهن بعد وقوع القسمة :
المقصود بذلك الأحكام التي تتبع في حالة وقوع قسمة المال الشائع قبل حلول أجل الدين المضمون بالرهن الرسمي أو الحيازي وأثر القسمة على وجود حق الإنتفاع.
ولتناول هذا الأثر يتعين التفرقة بين الحالات الآتية :
1- أن تؤول إلى الراهن عين أخرى غير التي رهن حصة شائعة فيها.
2- أن يختص الشريك بجزء مفرز من نفس العقار الذي رهن حصة شائعة فيه.
3- أن يختص الشريك بكامل العقار الذي رهن حصة شائعة فيه.
4- أن يؤول إلى الشريك منقول.
5- أن يؤول إلى الشريك مبلغ من النقود.
إذا رهن الشريك جزءاً مفرزاً في العقار الشائع لم ينفذ هذا الرهن في حق الشركاء الآخرين ولهؤلاء أن يتمسكوا بحقوقهم في هذا الجزء المفرز باعتباره شائعاً بينهم جميعاً.
أما الدائن المرتهن فإنه إذا كان لا يعلم أن الجزء المفرز الذي إرتهنه هو شائع بين الراهن له وسائر شركائه يستطيع أن يبطل عقد الرهن للغلط وإذا كان يعلم بشيوع الجزء المفرز فإنه لا يستطيع إبطال الرهن للغلط. ويكون الرهن فيما بين الشريك الراهن والدائن المرتهن صحيحاً على إعتبار أن الدائن المرتهن قد رضي بإنتظار نتيجة القسمة.
غير أنه يجوز لسائر الشركاء رفع دعوى الإستحقاق لتأكيد حقوقهم الشائعة في هذا الجزء المفرز ويجوز لهم إقرار الرهن فيصبح الرهن صادراً من جميع الشركاء وينفذ في حقهم جميعاً.
أما إذا حصلت قسمة للمال الشائع ووقع الجزء المفرز في نصيب الشريك الراهن فإن الرهن يكون باتاً إذ يتبين أن الشريك كان يملك هذا الجزء المفرز من بداية الأمر وقت رهنه.
أما إذا وقع في نصيب الشريك الآخر جزء آخر من نفس المال أو في مال آخر فإن الرهن ينتقل إلى الجزء الآخر الذي آل إليه أو إلى المال الآخر الذي إختص به.
وانتقال الرهن في الحالة الأولى يأتي تطبيقاً للقاعدة العامة التي تحكم التصرف في المال الشائع عموماً تلك القاعدة التي تضمنتها المادة 2/826 بقولها :
2- وإذا كان التصرف منصبا على جزء من هذا المال الشائع ولم يقع هذا الجزء عند القسمة في نصيب المتصرف انتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزء الذي آل إلى المتصرف بطريق القسمة.
وللمتصرف إليه إذا كان يجهل أن المتصرف لا يملك العين المتصرف فيها مفرزة الحق في إبطال التصرف - فالقاعدة العامة هي أنه إذا تصرف الشريك في جزء مفرز من المال الشائع ثم اختص عند القسمة بجزء آخر فإن حق المتصرف إليه ينتقل إلى هذا الجزء الآخر من وقت التصرف وهذا القاعدة تسري على الرهن شأنه في هذا الشأن شأن غيره من الحقوق وعلى رأسها حق الملكية أما بالنسبة إلى الحالة الثانية وهي الحالة التي ينتقل فيها الرهن من عين إلى أخرى مستقلة عنها فإن الرهن ينتقل بمرتبته إلى قدر من هذه العين يعادل قيمة العين التي كانت مرهونة في الأصل وذلك عملاً بالفقرة الثانية من المادة 1039 مدني التي تجري على أن : وإذا رهن أحد الشركاء حصته الشائعة في العقار أو جزءاً مفرزاً من هذا العقار ثم وقع في نصيبه عند القسمة أعيان غير التي رهنها انتقل الرهن بمرتبته إلى قدر من هذه الأعيان يعادل قيمة العقار الذي كان مرهوناً في الأصل ويعين هذا القدر بأمر على عريضة ويقوم الدائن المرتهن بإجراء قيد جديد يبين فيه القدر الذي إنتقل إليه الرهن خلال تسعين يوماً من الوقت الذي يخطره فيه أي ذي شأن بتسجيل القسمة ولا يضر إنتقال الرهن على هذا الوجه برهن صدر من جميع الشركاء ولا بإمتياز المتقاسمين.
وهذا النص وإن ورد في الرهن الرسمي إلا أنه يطبق بطريق القياس على الرهن الحيازي.
راجع في حكم إنتقال نصيب الراهن إلى منقول أو مبلغ من النقود البند السابق.
رهن أحد الشركاء لجميع العقار الشائع :
إذا رهن أحد الشركاء جميع العقار الشائع فإنه يكون قد تجاوز الحصة المملوكة له فإذا كان الدائن المرتهن يعتقد أن الشريك الراهن يملك المال الشائع جميعه كان له طلب إبطال عقد الرهن للغلط.
أما إذا كان عالماً أن الشريك الراهن لا يملك سوى حصة في العقار المرهون فإن الرهن يكون صحيحاً ولكنه لا ينفذ في حق سائر الشركاء المشتاعين ويجب إنتظار نتيجة القسمة فلا يعتبر هذا رهناً لملك الغير لأن الراهن يملك حصة شائعة في هذا العقار.
فإذا حصلت القسمة وآل العقار كله إلى الشريك الراهن زال كل عائق عن نفاذ الرهن.
وإذا أمكنت قسمة العقار أجزاء مفرزة ووقع في نصيب الشريك الراهن جزء مفرز من هذا العقار الشائع فإن الدائن المرتهن وكان على بينة من هذا الأمر يتركز حق رهنة في الجزء المفرز الذي وقع في نصيب الشريك الراهن وذلك ما لم يكن هناك إتفاق صريح أو ضمني بين الشريك الراهن والدائن المرتهن على شيء آخر فقد يتفقان على أنه إذا لم يقع كل العقار الشائع في نصيب الشريك الراهن، جاز للدائن المرتهن إيطال الرهن، وقد يتفقان على أن الرهن يبقى على الجزء المفرز الذي وقع في نصيب الشريك الراهن ولكن على هذا الشريك أن يستكمل الرهن بأي ضمان آخر رهن رسمي أو رهن حيازة أو كفالة.
تصرف الشريك في حصته الشائعة :
ذكرنا سلفا أن الشريك في الشيوع مالك لحصته الشائعة، ومن ثم له عليها سلطات المالك الثلاث : الاستعمال والاستغلال والتصرف.
فالمالك يستطيع أن يأتي أي تصرف على حصته الشائعة سواء كان المتصرف إليه هو أحد الشركاء أو شخصاً من الغير ويكون تصرفه نافذاً في حق بقية الشركاء وقد حرص المشرع على أن يؤكد هذا المعنى فضمن الفقرة الأولى من المادة 826 مدني أن كل شريك في الشيوع يملك حصته ملكاً تاماً وله أن يتصرف فيها.
ومن ثم فإن للشريك في المال الشائع أن ينقل ملكية حصته الشائعة إلى باقي شركائه في المال الشائع جميعاً أو إلى واحد منهم أو إلى الغير يستوي أن يكون ذلك بمقابل كالبيع أو بغير مقابل کالهبة.
وسواء كان المقابل مبلغاً من النقود أو أي مال آخر كما في المقايضة وفي جميع الأحوال يكون تصرفه نافذاً في مواجهة جميع الشركاء دون حاجة إلى موافقتهم أو إعلانهم بهذا التصرف.
ويترتب على ذلك أن يحل المتصرف إليه محل الشريك المتصرف سواء في حصته الشائعة كلها أو في جزء منها بحسب الأحوال وتكون له كافة حقوقه وعليه كافة التزاماته باعتباره شريكاً في الشيوع ومن ثم يكون المتصرف إليه هو صاحب الشأن عند قسمة الأعيان التي تلقى حصة شائعة فيها.
فهذا النص يميز بين فرضين :
الفرض الأول : أن يكون المشترى للجزء المفرز قد اعتقد أن الشريك البائع يملك هذا الجزء مفرزاً لا شائعاً ولذلك أقدم على الشراء مطمئناً إلى أن ملكية هذا الجزء ستخلص له.
فالمشتري هنا يعتقد أن الحصة المفرزة التي باعها له الشريك على الشيوع يملكها هذا الشريك مفرزة وبالتالي فإنه يكون قد وقع في غلط في صفة جوهرية في الشيء المبيع باعتقاده أن المبيع يملكه البائع مفرزاً لا شائعاً ومن ثم يكون البيع قابلاً للإبطال للغلط عملاً بالمادة 121 مدنی ويجوز للمشترى طلب إبطاله إذا تقدم بالطلب قبل القسمة ولا يجبر على إنتظار القسمة ونتيجتها ويستطيع المشتري في هذه الحالة أن يجيز العقد فيصبح البيع صحيحاً غير قابل للإبطال ويكون حكمه حكم البيع الذي صدر لمشتر غیر واقع في الغلط أي مشتر يعلم أن الجزء المفرز الذي اشتراه مملوك للبائع على الشيوع أما بعد أن يقسم الشريك البائع الأرض الشائعة بينه وبين شريكه الآخر فلا يخلو الحال من أحد أمرين :
الأول : أن يقع الجزء المفرز المبيع في نصيب الشريك البائع على ما توقع وعندئذ تخلص ملكية هذا الجزء المشتري بعد التسجيل ولا يستطيع بعد ذلك إبطال العقد للغلط حتى لو كان لم يجزه ذلك أن البائع يكون قد نفذ العقد على الوجه الذي قصده إليه المشتري.
وتنص المادة 124 مدني على أنه : 1- ليس لمن وقع في غلط أن يتمسك به على وجه يتعارض مع ما يقضي به حسن النية.
2- ويبقى بالأخص ملزماً بالعقد الذي قصد إبرامه إذا أظهر الطرف الآخر استعداده لتنفيذ هذا العقد.
إذ بعد أن أصبح المتصرف مالكا للشيء ملكية مفرزة لم يعد هناك ما يبرر التمسك بالإبطال.
الثاني : ألا يقع الجزء المفرز المبيع في نصيب الشريك البائع :
وهنا لا يقع الجزء المفرز المبيع في نصيب الشريك البائع على غير ما كان يتوقع المشتري إذ أراد أن تخلص له ملكية جزء مفرز بالذات فلم تخلص له هذه الملكية ومن ثم يكون لهذا المشتري أن يطلب إبطال البيع لوقوعه في الغلط عملاً بالمادة 121 مدنی.
الفرض الثاني :
أن يكون المشترى عالما أن البائع لا يملك المبيع إلا شريكاً على الشيوع.
فبهذا لا يكون المشتري قد وقع في غلط في صفة جوهرية في الشيء ومن ثم لا يجوز له طلب إبطال العقد. وإنما ينتقل حقه إلى الحصة المفرزة التي آلت إلى المتصرف بالقسمة، وذلك تطبيقاً للمادة 2/926 مدني التي تقرر صراحة أنه وإذا كان التصرف منصباً على جزء مفرز من المال الشائع ولم يقع هذا الجزء عند القسمة في نصيب المتصرف انتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزء الذي آل إلى المتصرف بطريقة القسمة.
وهذا الحكم يمتد ليشمل التصرف الناقل للملكية وسائر الحقوق العينية الأخرى وجدير بالذكر أن الفرق بالزيادة أو بالنقصان بين الحصة المتصرف فيها والحصة التي انتقل إليها حق المتصرف إليه تسوي بطريقة التعويض النقدي الذي يدفعه المتصرف إلى المتصرف إليه أو العكس.
أما في الحالة التي يخرج المتصرف فيها من القسمة بغير نصيب أو بنصيب نقدي فإن حق المتصرف إليه يتحول إلى تعويض نقدی ويكون له الحجز على النصيب النقدي تحت يد باقي المتقاسمين قبل سداده للمتصرف.
وقد بين المشرع الإجراءات الواجبة الإتباع لتعيين العقار الذي ينتقل إليه حكم المتصرف إليه إن كان التصرف رهناً رسمياً فنصت المادة 2/1039 على أنه : وإذا رهن أحد الشركاء ... أو جزءاً مفرزاً من هذا العقار ثم وقع في نصيبه عند القسمة أعيان غير التي رهنها انتقل الرهن بمرتبته إلى قدر من هذه الأعيان يعادل قيمة العقار الذي كان مرهوناً في الأصل ويعين هذا القدر بأمر على عريضة ويقوم الدائن المرتهن بإجراء قيد جديد يبين فيه القدر الذي إنتقل إليه الرهن في خلال تسعين يوماً من الوقت الذي يخطره فيه أي ذي شأن بتسجيل القسمة ولا يضر إنتقال الرهن على هذا الوجه برهن صدر من جميع الشركاء ولا بإمتياز المتقاسمين ويمكن بطريق القياس إتباع الإجراءات ذاتها أياً كان التصرف الذي انفرد به الشريك فإن كان التصرف بيعاً كان علی المشتري أن يستصدر أمراً على عريضة بتخصيص جزء مما آل إلى الشريك البائع ينتقل إليه حقه ثم يقوم المشتري بتسجيل هذا الأمر إن كان الشيء عقاراً فإن تم هذا التسجيل في خلال فترة التسعين يوماً فإن أثره يستند إلى وقت تسجيل البيع فلا تنفذ في حق المشتري التصرفات التي صدرت من البائع في الفترة ما بين تسجيل البيع وتسجيل أمر التخصيص.
ولكن إذا كان كافة الشركاء قد قرروا رهناً على ذلك الجزء الذي آل إلى الشريك البائع بمقتضى القسمة فإن هذا الرهن يظل نافذاً ويؤول الجزء الذي اختص به المشترى بمقتضى أمر القاضي محملاً بذلك الرهن كما يظل إمتياز المتقاسمين ثابتاً لهم ولو كان المشتري قد أجرى التسجيل في خلال 90 يوماً من تاريخ إخطاره بتسجيل القسمة وقبل أن يتم قيد إمتياز المتقاسمين.
ومفاد ما تقدم أن تصرف الشريك المشتاع في جزء مفرز لا يعتبر تصرفاً في ملك الغير ولو أسفرت القسمة بعد ذلك على وقوع ذلك الجزء في نصيب شريك آخر شريك آخر.
حكم تصرف الشريك في جزء مفرز من المال الشائع قبل إجراء القسمة :
لم تبين المادة 2/826 مدنی حكم تصرف الشريك فى حصته مفرزة أي في حصة مفرزة تعادل نصيبه في المال الشائع قبل أن تتم القسمة واقتصرت على أن تبين هذا الحكم بعد أن تتم القسمة فوجب إذن تطبيق القواعد العامة فيما يتعلق بحكم التصرف قبل أن تتم القسمة.
وتقضي هذه القواعد بأنه إذا باع الشريك جزءاً مفرزاً من المال الشائع قبل قسمة هذا المال فإنه يكون قد باع ما يملك ومالاً يملك ما يملك هو حصته في الشيوع في هذا الجزء المفرز ومالاً يملك هو حصص سائر الشركاء في هذا الجزء ويعتبر البيع صحيحاً فيما بين المتعاقدين في كل الجزء المفرز المبيع.
ولا يستطيع المشتري إبطال البيع لا بالنسبة إلى حصة البائع الشائعة في الجزء المفرز لأن الشريك البائع قد باع ما يملك ولأن المشترى ليس واقعاً في غلط ولا بالنسبة إلى حصة الشريك الآخر الشائعة في الجزء المفرز المبيع بدعوى أن البيع في هذه الحصة هو بيع ملك الغير لأن البيع الواقع على حصص الشركاء يختلف عن بيع ملك الغير في أن هذه الحصص قد تقع في نصيب الشريك البائع عند القسمة فتفيد بفضل الأثر الكاشف للقسمة أنها مملوكة الشريك البائع وقت البيع فلا يكون قد باع ما لا يملك هذا إلى أن المشتري وهو يعلم أن البائع لا يملك كل الجزء المفرز الذي يبيعه يكون قد ارتضى شراء ما ستتركز عليه حصة البائع الشائعة بعد القسمة.
ونظراً لورود حقوق الشركاء الآخرين على الجزء المفرز لأن الشريك يملك كل ذرة في المال الشائع فإن التصرف يكون غير نافذ في حقهم فيما يتعلق بحصصهم في الشيوع في هذا الجزء المفرز فقبل القسمة تتعلق حقوق كافة الشركاء بهذا الجزء المفرز وما دام الشركاء لم يرتضوا القسمة فإن الشيوع يظل قائماً بالنسبة لجميع أجزاء الشيء الشائع.
ويترتب على عدم نفاذ التصرف في مواجهة باقي الشركاء ما يأتي :
1- أنه لا يحل المتصرف إليه محل الشريك المتصرف في الشيوع فلا يصبح المتصرف إليه شريكاً في الشيوع ومن ثم لا يحق له المشاركة في إدارة المال الشائع ولا يكون له حق طلب القسمة إنما يكون ذلك من حق المتصرف وحده باعتبار أنه مازال هو الشريك في الشيوع.
2- لا يجوز للشركاء في الشيوع رفع دعوى الاستحقاق إلا بعد القسمة ووقوع المبيع في نصيب المدعي وليس في نصيب البائع لذلك المشتري أما إذا تمت القسمة ووقع الجزء المفرز المبيع في نصيب المتصرف فإن التصرف ينفذ في مواجهة كافة الشركاء بأثر رجعي إعمالاً لمبدأ الأثر الرجعي للقسمة.
إذا باع الشريك في المال الشائع حصة مفرزة في المال الشائع فإنه لا يجوز تسليم المشترى هذه الحصة مفرزة ما لم يثبت حصول قسمة نافذة ووقوع القدر المبيع في نصيب البائع بمقتضى هذه القسمة لأن البائع لم يكن يملك وضع يده مفرزاً على حصته قبل القسمة ولا يمكن أن يكون للمشتري أكثر مما كان السلفه البائع فضلاً عن أن هذا التسليم يترتب عليه إفراز لجزء من المال الشائع بغير الطريق الذي رسمه القانون. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : الحادي عشر، الصفحة : 438)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الأول ، الصفحة / 263
إجارة الْمشاع:
39 - إذا كانت الْعيْن الْمتعاقد على منْفعتها مشاعًا، وأراد أحد الشّريكيْن إجارة منْفعة حصّته، فإجارتها للشّريك جائزةٌ بالاتّفاق. أمّا إجارتها لغيْر الشّريك فإنّ الْجمْهور (الصّاحبيْن من الْحنفيّة والشّافعيّة والْمالكيّة وفي قوْلٍ لأحْمد) يجيزونها أيْضًا؛ لأنّ الإْجارة أحد نوْعي الْبيْع، فتجوز إجارة الْمشاع كما يجوز بيْعه، والْمشاع مقْدور الانْتفاع بالْمهايأة، ولهذا جاز بيْعه. جاء في الْمغْني: واخْتار أبو حفْصٍ الْعكْبريّ جواز إجارة الْمشاع لغيْر الشّريك. وقدْ أوْمأ إليْه أحْمد؛ لأنّه عقْدٌ في ملْكه يجوز مع شريكه، فجاز مع غيْره كالْبيْع، ولأنّه يجوز إذا فعله الشّريكان معًا فجاز لأحدهما فعْله في نصيبه مفْردًا كالْبيْع.
وعنْد أبي حنيفة وزفر وهو وجْهٌ في مذْهب أحْمد لا تجوز لأنّ اسْتيفاء الْمنْفعة في الْجزْء الشّائع لا يتصوّر إلاّ بتسْليم الْباقي، وذلك غيْر متعاقدٍ عليْه، فلا يتصوّر تسْليمه شرْعًا. والاسْتيفاء بالْمهايأة لا يمْكن على الْوجْه الّذي يقْتضيه الْعقْد، إذ التّهايؤ بالزّمن انْتفاعٌ بالْكلّ بعْض الْمدّة، والتّهايؤ بالْمكان انْتفاعٌ يكون بطريق الْبدل عمّا في يد صاحبه، وهذا ليْس مقْتضى الْعقْد .
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الخامس، الصفحة / 286
إِفْرَازٌ
التَّعْرِيفُ:
- الإْفْرَازُ فِي اللُّغَةِ: التَّنْحِيَةُ، وَهِيَ عَزْلُ شَيْءٍ عَنْ شَيْءٍ وَتَمْيِيزُهُ وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَالُ الْفُقَهَاءِ عَنْ ذَلِكَ.
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْعَزْلُ:
الْعَزْلُ يَخْتَلِفُ عَنِ الإْفْرَازِ. فِي أَنَّ الإْفْرَازَ يَكُونُ لِجُزْءٍ مِنَ الأْصْلِ، أَوْ كَالْجُزْءِ مِنْهُ فِي شِدَّةِ اخْتِلاَطِهِ بِهِ، أَمَّا الْعَزْلُ فَهُوَ التَّنْحِيَةُ، وَالشَّيْءُ الْمُنَحَّى قَدْ يَكُونُ جُزْءًا مِنَ الْمُنَحَّى عَنْهُ، وَقَدْ لاَ يَكُونُ، بَلْ قَدْ يَكُونُ خَارِجًا عَنْهُ. كَالْعَزْلِ عَنِ الزَّوْجَةِ.
ب - الْقِسْمَةُ:
- الْقِسْمَةُ قَدْ تَكُونُ بِالإْفْرَازِ وَقَدْ يُقْصَدُ بِهَا بَيَانُ الْحِصَصِ دُونَ إِفْرَازٍ، كَمَا فِي الْمُهَايَأَةِ.
الْحُكْمُ الإِجْمَالِيُّ:
- الإْفْرَازُ يَرِدُ عَلَى الأْعْيَانِ دُونَ الْمَنَافِعِ وَلِذَلِكَ لَمَّا بَيَّنَ الْفُقَهَاءُ أَنْوَاعَ الْقِسْمَةِ، قَالُوا: الْقِسْمَةُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ قِسْمَةَ أَعْيَانٍ، أَوْ قِسْمَةَ مَنَافِعَ، وَسَمَّوْا قِسْمَةَ الْمَنَافِعِ الْمُهَايَأَةَ.
أَمَّا قِسْمَةُ الأْعْيَانِ: فَقَالُوا إِمَّا أَنْ تَكُونَ قِسْمَةَ إِفْرَازٍ، أَوْ قِسْمَةَ تَعْدِيلٍ، وَهُمْ يَعْنُونَ بِقِسْمَةِ الإْفْرَازِ: الْقِسْمَةَ الَّتِي لاَ يُحْتَاجُ فِيهَا إِلَى رَدٍّ وَلاَ تَقْوِيمٍ.
وَالْفُقَهَاءُ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي حَقِيقَةِ الْقِسْمَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ بَيْعٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ إِفْرَازٌ، وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ إِفْرَازُ بَعْضِ الأْنْصِبَاءِ عَنْ بَعْضٍ وَمُبَادَلَةُ بَعْضٍ بِبَعْضٍ. كَمَا بَيَّنَ الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْقِسْمَةِ. وَإِذَا كَانَتِ الْقِسْمَةُ فِي حَقِيقَتِهَا لاَ تَخْلُو مِنَ الإْفْرَازِ، فَإِنَّ هَذَا الإِفْرَازَ يُسْقِطُ حَقَّ الشُّفْعَةِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الشُّفْعَةَ لاَ تُسْتَحَقُّ بِالْجِوَارِ، كَمَا بَيَّنَ الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ.
- الإْفْرَازُ وَاجِبٌ فِي الْعُقُودِ الَّتِي يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ لِلُزُومِهَا أَوْ تَمَامِهَا، وَهِيَ: الْوَقْفُ، وَالْهِبَةُ، وَالرَّهْنُ، وَالْقَرْضُ، إِذَا وَرَدَتْ عَلَى مُشَاعٍ، عَلَى خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ فِي ذَلِكَ تَجِدُهُ فِي أَبْوَابِهَا مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ.
- يَجِبُ رَدُّ الْعَيْنِ الْمُسْتَحَقَّةِ الْمَخْلُوطَةِ بِغَيْرِهَا إِنْ أَمْكَنَ إِفْرَازُهَا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وَجَبَ رَدُّ بَدَلِهَا، كَمَا إِذَا غَصَبَ شَيْئًا فَخَلَطَهُ بِمَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ عَنْهُ، وَجَبَ إِفْرَازُهُ وَرَدُّهُ إِلَى مَنْ غَصَبَهُ مِنْهُ كَمَا فَصَّلَ ذَلِكَ الْفُقَهَاءُ فِي كِتَابِ الاِسْتِحْقَاقِ وَالْغَصْبِ.
- وَالإْفْرَازُ يَقُومُ مَقَامَ الْقَبْضِ فِي التَّبَرُّعَاتِ الَّتِي يَكُونُ الْقَصْدُ مِنْهَا تَحْقِيقَ مَثُوبَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَاَلَّتِي يَكُونُ التَّمْلِيكُ فِيهَا لِلَّهِ تَعَالَى كَالزَّكَاةِ. فَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فَعَزَلَهَا فَهَلَكَتْ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ لاَ يَلْزَمُهُ إِخْرَاجُهَا مِنْ جَدِيدٍ عَلَى خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ مَوْطِنُهُ بَابُ الزَّكَاةِ.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السادس والعشرون ، الصفحة / 20
الشَّرِكَةُ
التَّعْرِيفُ:
1 - الشِّرْكَةُ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ، كَنِعْمَةٍ أَوْ بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ، كَكَلِمَةٍ - وَيَجُوزُ مَعَ الْفَتْحِ أَيْضًا إِسْكَانُ الرَّاءِ - اسْمٌ مَصْدَرُ شَرِكَ، كَعَلِمَ: يُقَالُ: شَرِكَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي الْبَيْعِ وَالْمِيرَاثِ يَشْرَكُهُ شِرْكًا وَشَرِكَةً، خَلَطَ نَصِيبَهُ بِنَصِيبِهِ، أَوِ اخْتَلَطَ نَصِيبَاهُمَا. فَالشَّرِكَةُ إِذَنْ: خَلْطُ النَّصِيبَيْنِ وَاخْتِلاَطُهُمَا، وَالْعَقْدُ الَّذِي يَتِمُّ بِسَبَبِهِ خَلْطُ الْمَالَيْنِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا - لِصِحَّةِ تَصَرُّفِ كُلِّ خَلِيطٍ فِي مَالِ صَاحِبِهِ - يُسَمَّى شَرِكَةً تَجَوُّزًا، مِنْ إِطْلاَقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ وَإِرَادَةِ السَّبَبِ.
وَأَمَّا فِي الاِصْطِلاَحِ الْفِقْهِيِّ: فَالشَّرِكَةُ قِسْمَانِ: شَرِكَةُ مِلْكٍ وَشَرِكَةُ عَقْدٍ .
أَمَّا شَرِكَةُ الْعَقْدِ فَسَيَأْتِي الْكَلاَمُ عَلَيْهَا فِي قِسْمِهَا الْخَاصِّ بِهَا:
وَأَمَّا شَرِكَةُ الْمِلْكِ فَهِيَ أَنْ يَخْتَصَّ اثْنَانِ فَصَاعِدًا بِشَيْءٍ وَاحِدٍ، أَوْ مَا هُوَ فِي حُكْمِهِ.
وَالَّذِي فِي حُكْمِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ هُوَ الْمُتَعَدِّدُ الْمُخْتَلِطُ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ أَوْ يَتَعَسَّرُ تَفْرِيقُهُ لِتَتَمَيَّزَ أَنْصِبَاؤُهُ. سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْعَيْنُ وَالدَّيْنُ وَغَيْرُهُمَا. فَالدَّارُ الْوَاحِدَةُ، أَوِ الأْرْضُ الْوَاحِدَةُ، مَثَلاً تَثْبُتُ فِيهَا شَرِكَةُ الْمِلْكِ بَيْنَ اثْنَيْنِ إِذَا اشْتَرَيَاهَا أَوْ وَرِثَاهَا أَوِ انْتَقَلَتْ إِلَيْهِمَا بِأَيِّ سَبَبٍ آخَرَ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ، كَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ. وَكَذَلِكَ الإْرْدَبَّانِ مِنَ الْقَمْحِ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنَ الْقَمْحِ وَالآْخَرُ مِنَ الشَّعِيرِ، أَوِ الْكِيسَانِ مِنَ الدَّنَانِيرِ ذَاتِ السِّكَّةِ الْوَاحِدَةِ، يُخْلَطَانِ مَعًا طَوَاعِيَةً أَوِ اضْطِرَارًا - كَإِنِ انْفَتَقَ الْكِيسَانِ الْمُتَجَاوِرَانِ.
وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ وُقُوعَ شَرِكَةِ الْمِلْكِ فِي الدُّيُونِ؛ لأِنَّ الدَّيْنَ وَصْفٌ شَرْعِيٌّ فِي الذِّمَّةِ، فَلاَ يُمْلَكُ - وَتَمْلِيكُهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ، هُوَ فِي حَقِيقَةِ الأْمْرِ ، إِسْقَاطٌ لاَ تَمْلِيكٌ.
وَلَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّهُ يُمْلَكُ، قَالُوا: بِدَلِيلِ أَنَّ مَا يَقْبِضُهُ أَحَدُ الدَّائِنِينَ عَنْ حِصَّتِهِ مِنَ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الدَّائِنِينَ، حَتَّى لَيَتَعَذَّرُ التَّخَلُّصُ مِنْ هَذِهِ الشَّرِكَةِ إِلاَّ بِإِعْمَالِ الْحِيلَةِ - كَأَنْ يَهَبَ الْمَدِينُ لِقَابِضِ قَدْرِ نَصِيبِهِ مَا قَبَضَهُ، وَيُبْرِئَهُ الْقَابِضُ مِنْ حِصَّتِهِ فِي الدَّيْنِ.
أَمَّا غَيْرُ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ، فَكَحَقِّ صَاحِبَيِ الدَّارِ فِي حِفْظِ نَحْوِ الثَّوْبِ تُلْقِيهِ فِيهَا الرِّيحُ فَإِنَّهُ حَقٌّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا شَرِكَةَ مِلْكٍ، إِذْ يَمْلِكُهُ كِلاَهُمَا.
وَلَيْسَ يُخَالِفُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ خِلاَفًا يُذْكَرُ فِي ثُبُوتِ شَرِكَةِ الْمِلْكِ، عَلَى هَذَا النَّحْوِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بَعْضُهُمْ بِاسْمِهَا بَلْ يَتَعَمَّدُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ أَنْ يَجْمَعُوهَا فِي تَعْرِيفٍ وَاحِدٍ مَعَ شَرِكَةِ الْعَقْدِ، كَمَا فَعَلَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ، إِذْ عَرَّفَ الشَّرِكَةَ مُطْلَقًا بِأَنَّهَا: (ثُبُوتُ الْحَقِّ فِي شَيْءٍ لاِثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ عَلَى جِهَةِ الشُّيُوعِ). وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إِذْ عَرَّفَهَا كَذَلِكَ بِأَنَّهَا: (تَقَرُّرُ مُتَمَوَّلٍ بَيْنَ مَالِكَيْنِ فَأَكْثَرَ).
تَقْسِيمُ شَرِكَةِ الْمِلْكِ :
أَوَّلاً: إِلَى شَرِكَةِ دَيْنٍ، وَشَرِكَةِ غَيْرِهِ.
2 - أ - فَشَرِكَةُ الدَّيْنِ: أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مُسْتَحَقًّا لاِثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ: كَمِائَةِ دِينَارٍ فِي ذِمَّةِ تَاجِرٍ تَجْزِئَةً لأِصْحَابِ (الشَّرِكَةِ) الَّتِي يُعَامِلُهَا.
ب - وَشَرِكَةُ غَيْرِ الدَّيْنِ: هِيَ الشَّرِكَةُ الْحَاصِلَةُ فِي الْعَيْنِ أَوِ الْحَقِّ أَوِ الْمَنْفَعَةِ: كَمَا هُوَ الْحَالُ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّيَّارَاتِ أَوِ الْمَنْسُوجَاتِ
أَوِ الْمَأْكُولاَتِ فِي الْمَتْجَرِ الْمُشْتَرَكِ، وَبِالنِّسْبَةِ لِحَقِّ شُفْعَةِ الشَّرِيكَيْنِ فِيمَا بَاعَهُ ثَالِثُهُمَا، وَحَقِّ سُكْنَى الدَّارِ أَوْ زِرَاعَةِ الأْرْضِ لِمُسْتَأْجِرِيهَا عَلَى الشُّيُوعِ وَلاَ خِلاَفَ لأِحَدٍ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ فِي صِحَّةِ هَذَا التَّقْسِيمِ .
ثَانِيًا - إِلَى اخْتِيَارِيَّةٍ، وَاضْطِرَارِيَّةٍ (جَبْرِيَّةٍ):
3 - أ - فَالاِخْتِيَارِيَّةُ: هِيَ الَّتِي تَكُونُ بِإِرَادَةِ الشَّرِيكَيْنِ أَوِ الشُّرَكَاءِ: سَوَاءٌ بِوَاسِطَةِ عَقْدٍ أَمْ بِدُونِهِ، وَسَوَاءٌ وَقَعَ الْعَقْدُ مُشْتَرَكًا مُنْذُ بِدَايَتِهِ، أَمْ طَرَأَ عَلَيْهِ اشْتِرَاكُهُمَا، أَمْ طَرَأَ الاِشْتِرَاكُ فِي الْمَالِ بَعْدَ الْعَقْدِ.
فَمِثَالُ مَا كَانَ بِوَاسِطَةِ عَقْدٍ مُشْتَرَكٍ مُنْذُ الْبَدْءِ، مَا لَوِ اشْتَرَى اثْنَانِ دَابَّةً لِلْجَرِّ أَوِ الرُّكُوبِ، أَوْ بِضَاعَةً يَتَّجِرَانِ فِيهَا. وَكَالشِّرَاءِ قَبُولُ هِبَةِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ غَيْرِهِ، أَوِ الْوَصِيَّةُ أَوِ التَّصَدُّقُ بِهِ.
وَمِثَالُ مَا كَانَ بِوَاسِطَةِ عَقْدٍ طَرَأَ اشْتِرَاكُهُ أَوِ اشْتِرَاكُهُ فِي الْمَالِ بَعْدَهُ، أَنْ يَقَعَ الشِّرَاءُ أَوْ قَبُولُ الْهِبَةِ أَوِ الْوَصِيَّةِ مِنْ وَاحِدٍ، ثُمَّ يُشْرِكَ مَعَهُ آخَرَ، فَيَقْبَلَ الآْخَرُ الشَّرِكَةَ - بِعِوَضٍ أَوْ بِدُونِهِ.
وَمِثَالُ مَا كَانَ بِدُونِ عَقْدٍ مَا لَوْ خَلَطَ اثْنَانِ مَالَيْهِمَا، وَمَا لَوِ اصْطَادَ اثْنَانِ صَيْدًا بِشَرَكٍ نَصَبَاهُ، أَوْ أَحْيَيَا أَرْضًا مَوَاتًا.
ب - وَالاِضْطِرَارِيَّةُ، أَوِ الْجَبْرِيَّةُ: هِيَ الَّتِي تَكُونُ دُونَ إِرَادَةِ أَحَدٍ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ أَوِ الشُّرَكَاءِ: كَمَا لَوِ انْفَتَقَتِ الأْكْيَاسُ، وَاخْتَلَطَ مَا فِيهَا مِمَّا يَعْسُرُ - إِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ - فَصْلُ بَعْضِهِ عَنْ بَعْضٍ لِتَتَمَيَّزَ أَنْصِبَاؤُهُ، كَبَعْضِ الْحُبُوبِ. أَمَّا إِذَا وَقَعَ الْخَلْطُ بِفِعْلِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ، دُونَ إِذْنِ بَاقِيهِمْ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: إِنَّ الْخَالِطَ يَمْلِكُ مَا خَلَطَهُ بِمَالِ نَفْسِهِ، وَيَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالْمِثْلِ لِتَعَدِّيهِ، أَيْ فَلاَ شَرِكَةَ .
وَهَذَا الَّذِي تَقَدَّمَ لاَ خِلاَفَ فِيهِ إِلاَّ فِي مِثْلِ مَسْأَلَةِ: تَمَلُّكِ شَخْصٍ: مَالَ غَيْرِهِ بِمُجَرَّدِ الاِسْتِبْدَادِ بِخَلْطِهِ بِمَالِ نَفْسِهِ، بِحَيْثُ لاَ يَتَمَيَّزَانِ، أَوْ يَشُقُّ وَيَعْسُرُ تَمْيِيزُهُمَا، فَقَدْ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّهُ يَمْلِكُهُ بِذَلِكَ وَيَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ لِلآْخَرِ بَدَلُهُ، وَقَالَ بِذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَمَعَهُ جَمَاهِيرُ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ، وَقَالَ: إِنَّهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ اعْتَمَدَهُ أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ، بَعْدَ أَنْ قَيَّدُوهُ فِي الأْوْجَهِ بِامْتِنَاعِ التَّصَرُّفِ فِيمَا مَلَكَ بِالْخَلْطِ، حَتَّى يُؤَدِّيَ بَدَلَهُ لِصَاحِبِهِ؛ لأِنَّ الَّذِي مَلَكَهُ كَذَلِكَ، لَوْ كَانَ مَلَكَهُ بِمُعَاوَضَةٍ رِضَائِيَّةٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ حَتَّى يَرْضَى صَاحِبُهُ بِذِمَّتِهِ، فَأَوْلَى إِذَا مَلَكَهُ بِدُونِ رِضَاهُ.
وَمِنْ فُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ الثَّلاَثَةِ، مَنْ يُنْكِرُ هَذَا التَّمَلُّكَ الْقَسْرِيَّ، وَيَجْعَلُ الْمَالَ مُشْتَرَكًا: كَمَا هُوَ أَحَدُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ، وَاخْتَارَهُ التَّقِيُّ السُّبْكِيُّ، وَأَطَالَ فِي الاِنْتِصَارِ لَهُ، وَعَلَيْهِ أَشْهَبُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَجَمَاهِيرُ مُتَأَخِّرِي الْحَنَابِلَةِ .
أَحْكَامُ شَرِكَةِ الْمِلْكِ:
4 - الأْصْلُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ أَوِ الشُّرَكَاءِ فِي شَرِكَةِ الْمِلْكِ أَجْنَبِيٌّ بِالنِّسْبَةِ لِنَصِيبِ الآْخَرِ. لأِنَّ هَذِهِ الشَّرِكَةَ لاَ تَتَضَمَّنُ وَكَالَةً مَا، ثُمَّ لاَ مِلْكَ لِشَرِيكٍ مَا فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَلاَ وِلاَيَةَ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ أَيِّ طَرِيقٍ آخَرَ. وَالْمُسَوِّغُ لِلتَّصَرُّفِ إِنَّمَا هُوَ الْمِلْكُ أَوِ الْوِلاَيَةُ وَهَذَا مَا لاَ يُمْكِنُ تَطَرُّقُ الْخِلاَفِ إِلَيْهِ.
وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مَا يَلِي:
5 - 1 - لَيْسَ لِشَرِيكِ الْمِلْكِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ شَيْءٌ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ التَّعَاقُدِيَّةِ: كَالْبَيْعِ، وَالإْجَارَةِ، وَالإْعَارَةِ وَغَيْرِهَا، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ هَذَا. فَإِذَا تَعَدَّى فَآجَرَ، مَثَلاً، أَوْ أَعَارَ الْعَيْنَ الْمُشْتَرَكَةَ فَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوِ الْمُسْتَعِيرِ، فَلِشَرِيكِهِ تَضْمِينُهُ حِصَّتَهُ وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا لاَ خِلاَفَ فِيهِ .
6 - 2 - لِكُلِّ شَرِيكٍ فِي شَرِكَةِ الْمِلْكِ أَنْ يَبِيعَ نَصِيبَهُ لِشَرِيكِهِ، أَوْ يُخْرِجَهُ إِلَيْهِ عَنْ مِلْكِهِ عَلَى أَيِّ نَحْوٍ، وَلَوْ بِوَصِيَّةٍ، إِلاَّ أَنَّ الْمُشْتَرَكَ لاَ يُوهَبُ دُونَ قِسْمَةٍ، مَا لَمْ يَكُنْ غَيْرَ قَابِلٍ لَهَا. وَسَيَأْتِي اسْتِثْنَاءُ حَالَةِ الضَّرَرِ. هَكَذَا قَرَّرَهُ الْحَنَفِيَّةُ. وَهُوَ فِي الْجُمْلَةِ مَحَلُّ وِفَاقٍ - إِلاَّ أَنَّ هِبَةَ الْمُشَاعِ سَائِغَةٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِإِطْلاَقٍ: كَمَا قَرَّرَهُ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.
وَالْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ هِبَةَ الْمُشَاعِ لاَ تَجُوزُ - بِمَعْنَى عَدَمِ إِثْبَاتِ مِلْكٍ نَاجِزٍ - فَالْهِبَةُ صَحِيحَةٌ، وَلَكِنْ يَتَوَقَّفُ الْمِلْكُ عَلَى الإْفْرَازِ ثُمَّ التَّسْلِيمِ .
7 - 3 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَبِيعَ نَصِيبَهُ لِغَيْرِ شَرِيكِهِ - فِي غَيْرِ حَالَةِ الضَّرَرِ الآْتِيَةِ - بِدُونِ إِذْنٍ مِنْهُ، وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ حَالَةً وَاحِدَةً: هِيَ حَالَةُ اخْتِلاَطِ الْمَالَيْنِ دُونَ شُيُوعٍ - لِبَقَاءِ كُلِّ مَالٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ، وَإِنْ عَسُرَ تَمْيِيزُهُ، أَوْ تَعَذَّرَ: سَوَاءٌ كَانَ اخْتِلاَطًا عَفْوِيًّا، أَمْ نَتِيجَةَ خَلْطٍ مَقْصُودٍ مِنْ جَانِبِ الشُّرَكَاءِ.
فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ: أَيْ حَالَةِ اخْتِلاَطِ الْمَالَيْنِ دُونَ شُيُوعٍ: لاَ بُدَّ مِنْ إِذْنِ الشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ لِيَصِحَّ بَيْعُهُ لِغَيْرِهِ، مَا دَامَ الْمَالُ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا لَمْ يُقْسَمْ بَعْدُ .
وَسِرُّ التَّفْرِقَةِ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ هَذِهِ الْحَالَةِ، حَيْثُ تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْبَيْعِ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ عَلَى إِذْنِهِ، وَبَيْنَ غَيْرِهَا، حَيْثُ لاَ يُوجَدُ هَذَا التَّوَقُّفُ، أَنَّهُ فِي حَالَةِ شُيُوعِ الْمَالِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ - بِسَبَبِ إِرْثِهِمَا إِيَّاهُ، أَوْ وُقُوعِ شَرِكَتِهِمَا فِيهِ بِسَبَبٍ آخَرَ يَقْتَضِي هَذَا الشُّيُوعَ: كَشِرَائِهِمَا إِيَّاهُ مَعًا، أَوْ إِشْرَاكِ أَحَدِهِمَا صَاحِبَهُ فِيهِ بِحِصَّةٍ شَائِعَةٍ - يَكُونُ كُلُّ جُزْءٍ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ - مَهْمَا دَقَّ وَصَغُرَ - مُشْتَرَكًا بَيْنَ الشُّرَكَاءِ، وَبَيْعُ النَّصِيبِ الشَّائِعِ جَائِزٌ لِلشَّرِيكِ وَلِغَيْرِهِ، إِذْ لاَ مَانِعَ مِنْ تَسْلِيمِهِ وَتَسَلُّمِهِ فَإِنَّ الإْفْرَازَ لَيْسَ مِنْ شَرَائِطِ التَّسْلِيمِ - وَمِنْ ثَمَّ فَلاَ نِزَاعَ فِي صِحَّةِ بَيْعِ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ فِيمَا لاَ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ ذَاتًا كَالدَّابَّةِ، وَالْبَيْتِ الصَّغِيرِ إِلاَّ أَنَّهُ إِذَا سَلَّمَ الْبَائِعُ الْعَيْنَ الْمُشْتَرَكَةَ كُلَّهَا، دُونَ إِذْنِ شَرِيكِهِ، كَانَ كَالْغَاصِبِ، وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ كَغَاصِبِ الْغَاصِبِ، بِالنِّسْبَةِ لِحِصَّةِ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَبِعْ: حَتَّى إِذَا تَلِفَتِ الْعَيْنُ كَانَ لِلَّذِي لَمْ يَبِعْ حَقُّ الرُّجُوعِ بِضَمَانِ حِصَّتِهِ عَلَى أَيِّ الشَّخْصَيْنِ شَاءَ: الْبَائِعِ أَوِ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ إِذَا رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي، يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ.
أَمَّا النَّصِيبُ غَيْرُ الشَّائِعِ فِي شَرِكَةِ الْمِلْكِ، فَبَاقٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ - إِلاَّ أَنَّهُ الْتَبَسَ بِغَيْرِهِ أَوْ تَعَسَّرَ فَصْلُهُ. وَهَذَا الاِلْتِبَاسُ أَوِ التَّعَسُّرُ لاَ يَمْنَعُ الْقُدْرَةَ عَلَى تَسْلِيمِهِ إِلَى الشَّرِيكِ، إِذَا بَاعَهُ إِيَّاهُ، وَلَكِنَّهُ يَمْنَعُ هَذِهِ الْقُدْرَةَ وَيُنَافِيهَا إِذَا بَاعَ النَّصِيبَ لأِجْنَبِيٍّ عَنِ الشَّرِكَةِ، دُونَ إِذْنِ شَرِيكِهِ، إِذْ لاَ يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ أَوْ تَسَلُّمُهُ، إِلاَّ مَخْلُوطًا بِنَصِيبِ هَذَا الشَّرِيكِ، فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إِذْنِهِ .
وَقَالَ الْقَرَافِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي الذَّخِيرَةِ: (إِذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي حَيَوَانٍ مَثَلاً بِمِيرَاثٍ أَوْ غَيْرِهِ لاَ يَجُوزُ لأِحَدِهِمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ إِلاَّ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ: فَلَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ وَسَلَّمَ الْجَمِيعَ لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إِذْنِ شَرِيكِهِ، كَانَ ضَامِنًا عَلَى مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ. لأِنَّ أَحْسَنَ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ كَالْمُودَعِ فِي الأْمَانَةِ، وَهَذَا إِذَا وَضَعَ يَدَ الأْجْنَبِيِّ يَضْمَنُ لِتَعَدِّيهِ، وَلاَ يَلْزَمُ عَدَمُ صِحَّةِ الْبَيْعِ؛ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّسْلِيمِ: لأِنَّهُ إِنْ كَانَ شَرِيكُهُ حَاضِرًا، سَلِمَ الْبَيْعُ لَهُ، وَتَقَعُ الْخُصُومَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي، أَوْ غَائِبًا، رَفَعَ أَمْرَهُ إِلَى الْحَاكِمِ، وَيَأْذَنُ لَهُ فِي الْبَيْعِ وَوَضْعِ مَالِ الْغَائِبِ تَحْتَ يَدِهِ).
حَالَةُ الضَّرَرِ:
8 - بَيْعُ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ فِي الْبِنَاءِ أَوِ الْغِرَاسِ، أَوِ الثَّمَرِ أَوِ الزَّرْعِ، لاَ يَجُوزُ. وَيَعْنُونَ بَيْعَ الْحِصَّةِ فِي ذَلِكَ مُنْفَرِدَةً عَنِ الأْرْضِ الَّتِي هِيَ فِيهَا.
أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ: فَإِنَّهُ إِنْ شَرَطَ هَدْمَ الْبِنَاءِ، وَقَلْعَ الْغِرَاسِ، فَلاَ يَتَأَتَّى دُونَ هَدْمِ وَقَلْعِ حِصَّةِ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَبِعْ - لِمَكَانِ الشُّيُوعِ - وَذَلِكَ ضَرَرٌ لاَ يَجُوزُ. وَلأِنَّ شَرْطَ بَقَائِهِمَا إِنَّمَا هُوَ شَرْطُ مَنْفَعَةٍ لأِحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ زَائِدَةٍ عَنْ مُقْتَضَى الْبَيْعِ، فَيَكُونُ شَرْطًا فَاسِدًا فِي نَفْسِهِ، مُفْسِدًا لِلْعَقْدِ أَيْضًا، لِمَكَانِ الرِّبَا، إِذْ هِيَ زِيَادَةٌ عَرِيَّةٌ عَنِ الْعِوَضِ .
وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلثَّمَرِ أَوِ الزَّرْعِ: فَإِذَا لَمْ يَبْلُغْ أَوَانَ قَطْعِهِ فَبِدُونِ إِذْنِ الشَّرِيكِ لاَ يَصِحُّ بَيْعُ الْحِصَّةِ لأِجْنَبِيٍّ ؛ لِلُحُوقِ الضَّرَرِ بِهِ حِينَئِذٍ، إِذْ سَيُطَالِبُ الْمُشْتَرِي بِقَطْعِ مَا اشْتَرَاهُ، وَلاَ سَبِيلَ إِلَيْهِ إِلاَّ بِقَطْعِ حِصَّةِ هَذَا الشَّرِيكِ .
9 - (4) ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ فِي حُضُورِ الشَّرِيكِ، لاَ يَنْتَفِعُ شَرِيكُهُ الآْخَرُ بِالْمَالِ الْمُشْتَرَكِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ؛ لأِنَّهُ بِدُونِ الإْذْنِ يَكُونُ غَصْبًا، وَيَدْخُلُ فِي الإْذْنِ: الإْذْنُ الْعُرْفِيُّ.
فَإِذَا رَكِبَ الشَّرِيكُ الدَّابَّةَ الْمُشْتَرَكَةَ، أَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا، بِدُونِ إِذْنِ شَرِيكِهِ فَتَلِفَتْ أَوْ هَزِلَتْ وَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا، ضَمِنَ حِصَّةَ. شَرِيكِهِ فِي حَالِ التَّلَفِ، وَضَمِنَ نَقْصَ قِيمَتِهَا فِي حَالَةِ الْهُزَالِ.
وَإِذَا زَرَعَ الأْرْضَ الْمُشْتَرَكَةَ، أَوْ بَنَى فِيهَا، وَشَرِيكُهُ حَاضِرٌ، دُونَ إِذْنٍ مِنْهُ، طُبِّقَتْ أَحْكَامُ الْغَصْبِ: فَتَنْقَسِمُ الأْرْضُ بَيْنَهُمَا، وَعَلَيْهِ قَلْعُ مَا وَقَعَ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَضَمَانُ نَقْصِ أَرْضِهِ. إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الزَّرْعُ قَدْ أَدْرَكَ أَوْ كَادَ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ إِلاَّ ضَمَانُ نُقْصَانِ الأْرْضِ ، دُونَ قَلْعِ الزَّرْعِ وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الآْخَرِ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى الَّذِي زَرَعَ الأْرْضَ الْمُشْتَرَكَةَ نِصْفَ الْبَذْرِ، عَلَى أَنْ يَكُونَ الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا لأِنَّهُ بَيْعُ مَعْدُومٍ إِنْ كَانَ الزَّرْعُ لَمْ يَنْبُتْ بَعْدُ، وَإِلاَّ فَلاَ بَأْسَ بِذَلِكَ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَيْضًا أَنْ يُصِرَّ عَلَى قَلْعِ الزَّرْعِ مَتَى كَانَتِ الْقِسْمَةُ مُمْكِنَةً.
وَهُنَا لِلشَّافِعِيَّةِ ضَابِطٌ حَسَنٌ: الشَّرِيكُ أَمِينٌ إِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلِ الْمُشْتَرَكَ، أَوِ اسْتَعْمَلَهُ مُنَاوَبَةً - لأِنَّ هَا إِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ - وَإِلاَّ: فَإِنِ اسْتَعْمَلَهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَعَارِيَّةٌ، أَوْ بِدُونِ إِذْنِهِ فَغَصْبٌ. وَمِنَ الاِسْتِعْمَالِ حَلْبُ الدَّابَّةِ اللَّبُونِ .
10 - (5) فِي حَالَةِ غَيْبَةِ الشَّرِيكِ أَوْ مَوْتِهِ، يَكُونُ لِشَرِيكِهِ الْحَاضِرِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالْمُشْتَرَكِ انْتِفَاعًا لاَ يَضُرُّ بِهِ .
11 - (6) ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا احْتَاجَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ إِلَى النَّفَقَةِ - سَوَاءٌ لِلتَّعْمِيرِ، أَمْ لِغَيْرِهِ - كَبِنَاءِ مَا تَخَرَّبَ، وَإِصْلاَحِ مَا وَهَى، وَإِطْعَامِ الْحَيَوَانَاتِ، وَلَكِنْ نَشِبَ النِّزَاعُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ: فَأَرَادَ بَعْضُهُمُ الإْنْفَاقَ، وَأَبَى الآْخَرُونَ - فَفِي الْحُكْمِ تَفْصِيلٌ؛ لأِنَّ الْمَالَ إِمَّا قَابِلٌ لِلْقِسْمَةِ أَوْ غَيْرُ قَابِلٍ:
أ - فَفِي الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ: كَالدَّارِ الْفَسِيحَةِ، وَالْحَوَانِيتِ الْمُعَدَّةِ لِلاِسْتِغْلاَلِ وَالْحَيَوَانَاتِ الْمُتَعَدِّدَةِ، لاَ إِجْبَارَ عَلَى الْمُمْتَنِعِ، وَلَكِنْ يُقْسَمُ الْمَالُ لِيَقُومَ بِإِصْلاَحِ مَالِهِ وَالإْنْفَاقِ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ - اللَّهُمَّ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الْمُمْتَنِعُ، عَلَى خِلاَفِ الْمَصْلَحَةِ، وَصِيًّا أَوْ نَاظِرَ وَقْفٍ (كَمَا فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ وَقْفَيْنِ مَثَلاً) فَإِنَّهُ يُجْبَرُ؛ لأِنَّ تَصَرُّفَهُ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ.
ب - وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ قَابِلاً لِلْقِسْمَةِ، أُجْبِرَ الشَّرِيكُ عَلَى الْمُشَارَكَةِ فِي النَّفَقَةِ؛ لأِنَّ امْتِنَاعَهُ مُفَوِّتٌ لِحَقِّ شَرِيكِهِ فِي الاِنْتِفَاعِ بِمَالِهِ وَذَلِكَ كَمَا فِي نَفَقَةِ دَابَّةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ كَرْيِ نَهْرٍ، أَوْ مَرَمَّةِ قَنَاةٍ أَوْ بِئْرٍ، أَوْ إِصْلاَحِ آلَةِ رَيٍّ، أَوْ سَفِينَةٍ، أَوْ حَائِطٍ لاَ يَنْقَسِمُ لِضِيقِ عَرْصَتِهِ (مَوْضِعِ بِنَائِهِ) أَوْ لِحُمُولَةٍ عَلَيْهِ، إِلاَّ أَنْ تَكُونَ الْحُمُولَةُ كُلُّهَا لِغَيْرِ طَالِبِ الْعِمَارَةِ إِلاَّ أَنَّ مُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ مَالُوا إِلَى الْقَوْلِ: بِأَنَّ الْجِدَارَ الْوَاسِعَ الْعَرْصَةِ مُلْحَقٌ هُنَا بِمَا لاَ يَنْقَسِمُ؛ لِتَضَرُّرِ الشَّرِيكِ فِيهِ بِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِي إِصْلاَحِهِ وَتَرْمِيمِهِ.
وَالْمَالِكِيَّةُ يُوَافِقُونَ الْحَنَفِيَّةَ مُوَافَقَةً تَكَادُ تَكُونُ تَامَّةً، وَيَزِيدُونَ أَنَّ الشَّرِيكَ إِذَا أَصَرَّ عَلَى الاِمْتِنَاعِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَبِيعُ عَلَيْهِ حِصَّتَهُ كُلَّهَا لِمَنْ يَقُومُ بِالنَّفَقَةِ اللاَّزِمَةِ. وَلَمْ يَجْتَزِئُوا بِبَيْعِ مَا يَكْفِي لِسَدَادِ هَذِهِ النَّفَقَةِ، مَنْعًا لِضَرَرِ تَكْثِيرِ الشُّرَكَاءِ، وَلاَ بِإِجْبَارِ الشَّرِيكِ الْقَادِرِ عَلَى النَّفَقَةِ وَحْدَهُ، دُونَ لُجُوءٍ إِلَى الْبَيْعِ (كَمَا لَمْ يَلْجَئُوا إِلَيْهِ فِي الْحِصَّةِ الَّتِي هِيَ وَقْفٌ، وَمَنَعُوهُ إِذَا كَانَ ثَمَّتَ مَا يُغْنِي عَنْهُ: مِنْ رِيعٍ لَهَا مُتَجَمِّعٍ، أَوْ أُجْرَةٍ مُتَاحَةٍ بِسَبَبِ وُجُودِ رَاغِبٍ فِي الاِسْتِئْجَارِ بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ مَثَلاً) مَعَ أَنَّهُ قَدْ قِيلَ عِنْدَهُمْ بِكُلٍّ مِنْ هَذَا وَذَاكَ. أَمَّا حَيْثُ لاَ يُوجَدُ مَا يُغْنِي فِي الْحِصَّةِ الْمَوْقُوفَةِ عَنِ الْبَيْعِ، فَإِنَّهَا تُبَاعُ كُلُّهَا - كَغَيْرِ الْمَوْقُوفَةِ - مَنْعًا لِكَثْرَةِ الأْيْدِي، كَمَا اسْتَدْرَكَهُ النَّفْرَاوِيُّ عَلَى بَعْضِ شُرَّاحِ خَلِيلٍ، وَلَمْ يَجْعَلُوا الْوَقْفَ مَانِعًا مِنَ الْبَيْعِ إِلاَّ إِذَا كَانَ الْمُشْتَرَكُ جَمِيعُهُ وَقْفًا، وَحِينَئِذٍ يَقُومُ الطَّالِبُ بِالنَّفَقَةِ اللاَّزِمَةِ، ثُمَّ يَسْتَوْفِي مَا يَخُصُّ الْحِصَّةَ الأْخْرَى مِنْ غَلَّتِهَا.
وَمَعَ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ الْمَالِكِيَّةَ لاَ يَرَوْنَ إِجْبَارَ الشَّرِيكِ إِذَا امْتَنَعَ عَنِ الإْصْلاَحِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ نَفْعٌ مُحَقَّقٌ: وَقَدْ مَثَّلُوهُ بِإِصْلاَحِ الْعُيُونِ وَالآْبَارِ - حَتَّى لَقَدْ رَفَضُوا قَوْلَ مَنْ قَالَ مِنْهُمْ بِالإْجْبَارِ إِذَا كَانَ عَلَى هَذِهِ الْعُيُونِ أَوِ الآْبَارِ زَرْعٌ، أَوْ شَجَرٌ فِيهِ ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ. وَرَأَوْا أَنْ يَقُومَ بِالإْصْلاَحِ الشَّرِيكُ الَّذِي يُرِيدُهُ، ثُمَّ يَحُولُ بَيْنَ الشَّرِيكِ الْمُمْتَنِعِ وَبَيْنَ كَمِّيَّةِ الْمَاءِ الزَّائِدَةِ - الَّتِي نَتَجَتْ مِنْ عَمَلِيَّةِ الإْصْلاَحِ إِلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ مَا يَخُصُّهُ مِنَ النَّفَقَاتِ، وَلَوْ ظَلَّ كَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ.
نَعَمْ سِيَاقُ كَلاَمِ الْمَالِكِيَّةِ هُنَا فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ، (لَكِنَّهُمْ نَصُّوا - فِي مَوْضِعِهِ - عَلَى مَا يُفِيدُ أَنَّ الْحَيَوَانَ لاَ يَخْتَلِفُ حُكْمُهُ): ذَلِكَ أَنَّهُمْ جَعَلُوا لِلْقَاضِي السُّلْطَةَ نَفْسَهَا إِذَا كَانَ الْحَيَوَانُ مِلْكًا خَاصًّا، وَامْتَنَعَ مَالِكُهُ عَنِ الإْنْفَاقِ عَلَيْهِ - غَايَةُ الأْمْرِ أَنَّهُمْ زَادُوا إِعْطَاءَ الْمَالِكِ خِيَارَ ذَبْحِ مَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ مِنَ الْحَيَوَانِ حَتَّى إِذَا رَفَضَ هَذَا وَذَاكَ أَيْضًا نَابَ عَنْهُ الْقَاضِي .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي نَفَقَةِ الْحَيَوَانِ الْمُشْتَرَكِ إِلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ.
أَمَّا فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ، فَلِكُلٍّ مِنَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ قَوْلاَنِ: قَوْلٌ بِإِجْبَارِ الشَّرِيكِ عَلَى التَّعْمِيرِ وَالإْنْفَاقِ مَعَ شَرِيكِهِ؛ دَفْعًا لِلضَّرَرِ، وَصِيَانَةً لِلأْمْلاَكِ عَنِ التَّعْطِيلِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْحَنَابِلَةُ وَكَثِيرٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: كَالْغَزَالِيِّ وَابْنِ الصَّلاَحِ. وَقَوْلٌ بِعَدَمِ الإْجْبَارِ لأِنَّ الْمُمْتَنِعَ يَتَضَرَّرُ بِالنَّفَقَةِ أَيْضًا، وَالضَّرَرُ لاَ يُزَالُ بِالضَّرَرِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ عُذْرٌ، أَوْ وُجْهَةُ نَظَرٍ، ثُمَّ كُلُّ مَا لَيْسَتْ لَهُ رَوْحٌ.. فَلَيْسَتْ لَهُ فِي نَفْسِهِ حُرْمَةٌ يَسْتَحِقُّ الإْنْفَاقَ مِنْ أَجْلِهَا، وَلاَ فِي تَعْطِيلِهِ إِضَاعَةُ مَالٍ مُحَرَّمَةٌ شَرْعًا، إِذْ لاَ يَعُدُّونَ التَّرْكَ مِنْ هَذِهِ الإْضَاعَةِ، بَلْ لاَ بُدَّ مِنْ فِعْلٍ إِيجَابِيٍّ: كَأَنْ يَقْذِفَ الشَّخْصُ بِمَتَاعِهِ إِلَى الْبَحْرِ. وَهَذَا هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الشَّافِعِيَّةُ، وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: إِنَّهُ أَقْوَى دَلِيلاً، وَإِنْ كَانَ الْجُورِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ يَسْتَثْنِي النَّبَاتَ وَيُلْحِقُهُ بِالْحَيَوَانِ. وَمِنَ الشَّافِعِيَّةِ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، بِأَنَّ الأْمْرَ يُوَكَّلُ إِلَى الْقَاضِي: فَإِنْ لَمْ يَرَ مِنَ الشَّرِيكِ الْمُمْتَنِعِ إِلاَّ الْعِنَادَ أَجْبَرَهُ، وَإِلاَّ فَلاَ .
رَهْنُ الْمُشَاعِ:
10 - يَصِحُّ رَهْنُ الْمُشَاعِ، مِنْ عَقَارٍ وَحَيَوَانٍ، كَمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، وَهِبَتُهُ، وَوَقْفُهُ، سَوَاءٌ كَانَ الْبَاقِي لِلرَّاهِنِ أَوْ لِغَيْرِهِ، إِذْ لاَ ضَرَرَ عَلَى الشَّرِيكِ؛ لأِنَّهُ يَتَعَامَلُ مَعَ الْمُرْتَهِنِ كَمَا كَانَ يَتَعَامَلُ مَعَ الرَّاهِنِ، وَقَبْضُهُ بِقَبْضِ الْجَمِيعِ، فَيَكُونُ بِالتَّخْلِيَةِ فِي غَيْرِ الْمَنْقُولِ، وَبِالنَّقْلِ فِي الْمَنْقُولِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ .
وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: لاَ يَصِحُّ رَهْنُ الْمُشَاعِ، لِعَدَمِ كَوْنِهِ مُمَيَّزًا، وَمُوجِبُ الرَّهْنِ: الْحَبْسُ الدَّائِمُ مَا بَقِيَ الدَّيْنُ، وَبِالْمُشَاعِ يَفُوتُ الدَّوَامُ؛ لأِنَّهُ لاَ بُدَّ مِنَ الْمُهَايَأَةِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: رَهَنْتُكَ يَوْمًا دُونَ يَوْمٍ. وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الشُّيُوعُ مُقَارِنًا أَوْ طَارِئًا، رَهَنَ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ؛ لأِنَّ الشَّرِيكَ يُمْسِكُهُ يَوْمًا رَهْنًا، وَيَوْمًا يَسْتَخْدِمُهُ . انْظُرْ: (رَهْنٌ).
هِبَةُ الْمُشَاعِ:
11 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: إِلَى جَوَازِ هِبَةِ الْمُشَاعِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَا أَمْكَنَ قِسْمَتُهُ، وَمَا لَمْ يُمْكِنْ قِسْمَتُهُ، وَسَوَاءٌ وَهَبَهُ لِشَرِيكِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ .
وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: لاَ يَجُوزُ هِبَةُ مُشَاعٍ شُيُوعًا مُقَارِنًا لِلْعَقْدِ فِيمَا يَنْقَسِمُ وَلأِنَّهُ مَا مِنْ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمُشَاعِ إِلاَّ وَلِلشَّرِيكِ فِيهِ مِلْكٌ، فَلاَ تَصِحُّ هِبَتُهُ؛ لأِنَّ الْقَبْضَ الْكَامِلَ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَقِيلَ يَجُوزُ هِبَتُهُ لِشَرِيكِهِ. أَمَّا إِذَا كَانَ الْمُشَاعُ غَيْرَ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ، بِحَيْثُ لاَ يَبْقَى مُنْتَفَعًا بِهِ إِذَا قُسِمَ تَجُوزُ هِبَتُهُ . وَانْظُرْ: (هِبَةٌ).
إِجَارَةُ الْمُشَاعِ:
12 - يَجُوزُ إِجَارَةُ الْمُشَاعِ لِلشَّرِيكِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، أَمَّا إِجَارَتُهُ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّتِهِ. فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: إِلَى صِحَّةِ إِجَارَةِ الْمُشَاعِ، وَهُوَ قَوْلُ الصَّاحِبَيْنِ: (أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ)، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، لأِنَّ الإِْجَارَةَ أَحَدُ نَوْعَيِ الْبَيْعِ، فَتَجُوزُ فِي الْمُشَاعِ، كَمَا تَجُوزُ فِي بَيْعِ الأْعْيَانِ ، وَالْمُشَاعُ مَقْدُورُ التَّسْلِيمِ بِالْمُهَايَأَةِ؛ وَلأِنَّهُ عَقْدٌ فِي مِلْكِهِ، يَجُوزُ مَعَ شَرِيكِهِ فَجَازَ مَعَ غَيْرِهِ كَالْبَيْعِ؛ وَلأِنَّهُ يَجُوزُ إِذَا فَعَلَهُ الشَّرِيكَانِ مَعًا فَجَازَ لأِحَدِهِمَا فِعْلُهُ فِي نَصِيبِهِ مُنْفَرِدًا كَالْبَيْعِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ، وَهُوَ الْقَوْلُ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: لاَ تَجُوزُ إِجَارَةُ الْمُشَاعِ؛ لأِنَّهُ لاَ يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ فَلَمْ تَصِحَّ إِجَارَتُهُ كَالْمَغْصُوبِ.
وَلأِنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ إِلاَّ بِتَسْلِيمِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَلاَ وِلاَيَةَ لَهُ عَلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ .
وَانْظُرْ: (إِجَارَةٌ).
وَقْفُ الْمُشَاعِ:
13 - يَجُوزُ وَقْفُ الْمُشَاعِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، وَأَبِي يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ لِمَا وَرَدَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ – رضي الله عنه أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرِ، فَأَتَى النَّبِيَّ ، صلي الله عليه وسلم يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالاً قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُ بِهِ؟ قَالَ: إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا. قَالَ: فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ» أَنَّهُ لاَ يُبَاعُ، وَلاَ يُوهَبُ، وَلاَ يُورَثُ، وَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الْفُقَرَاءِ، وَفِي الْقُرْبَى، وَفِي الرِّقَابِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالضَّيْفِ .
وَلأِنَّهُ عَقْدٌ يَجُوزُ عَلَى بَعْضِ الْجُمْلَةِ مُفْرِزًا فَجَازَ عَلَيْهِ مُشَاعًا كَالْبَيْعِ، وَكَالْعَرْصَةِ يَجُوزُ بَيْعُهَا فَجَازَ وَقْفُهَا كَالْمُفْرَزَةِ؛ وَلأِنَّ الْوَقْفَ تَحْبِيسُ الأْصْلِ ، وَتَسْبِيلُ الْمَنْفَعَةِ، وَهَذَا يَحْصُلُ فِي الْمُشَاعِ كَحُصُولِهِ فِي الْمُفْرَزِ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: لاَ يَصِحُّ وَقْفُ الْمُشَاعِ فِيمَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ، أَمَّا مَا لاَ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ فَيَصِحُّ وَقْفُهُ اتِّفَاقًا .
انْظُرْ: (وَقْفٌ).
الْمِلْكُ الْمُشَاعُ فِي عَقَارٍ:
14 - إِذَا مَلَكَ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ عَقَارًا مِلْكًا مُشَاعًا، وَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لأِجْنَبِيٍّ ، ثَبَتَ لِلآْخَرِ حَقُّ الشُّفْعَةِ، وَهَذَا مَحَلُّ اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.
انْظُرْ: (شُفْعَةٌ).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثلاثون ، الصفحة / 256
بَيْعُ الشَّرِيكِ حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ:
26 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، وَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ إِلَى أَنَّ بَيْعَ الشَّرِيكِ حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ بِدُونِ إِذْنِ شَرِيكِهِ يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا عَلَى إِجَازَةِ الشَّرِيكِ أَوِ الشُّرَكَاءِ الآْخَرِينَ .
وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَاهُ جَابِرٌ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ كَانَ لَهُ شَرِيكٌ فِي حَائِطٍ فَلاَ يَبِعْ نَصِيبَهُ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَعْرِضَهُ عَلَى شَرِيكِهِ» وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى «حَتَّى يَعْرِضَهُ عَلَى شَرِيكِهِ فَيَأْخُذَ أَوْ يَدَعَ، فَإِنْ أَبَى فَشَرِيكُهُ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يُؤْذِنَهُ» .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي الرِّوَايَةِ الأْخْرَى إِلَى أَنَّ تَصَرُّفَ الشَّرِيكِ فِي الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ يَكُونُ بَاطِلاً، سَوَاءٌ أَكَانَ هَذَا الْجُزْءُ قَلِيلاً أَمْ كَثِيرًا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ هَذَا التَّصَرُّفُ بَيْعًا أَمْ هِبَةً .
_____________________________________________________________________
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله )محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية(بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
(مادة 12)
إذا كانت العين مشتركة بين اثنين أو أكثر فلكل واحد من الشركاء حق الانتفاع بحصته والتصرف فيها تصرفاً لا يضر بالشريك وله استغلالها وبيعها مشاعة حيث كانت معلومة القدر بغير إذن الشريك .
( مادة 639)
لكل واحد من الشركاء في الملك أن يتصرف في حصته کیف شاء بدون اذن شريكه بجميع التصرفات التي لا يترتب عليها ضرر لشريكه فله بيع حصته ولو من غيرشریکه بلا اذن الان صورة الخلط والاختلاط فانه لا يجوز البيع من غير شريكه بلا اذنه وليس له أن يتصرف في حصته تصرفا مضرا بدون إذن شريكه
( مادة 640)
كل واحد من الشركاء الاجنبي في الامتناع عن تصرف مضر في حصة شريكه فليس له أن يتصرف فيها تصرفا مضرا بأي وجه كان من غير رضاه ولا أن يجبر شريكه على بيع حصته له أو لغيره
( مادة 641)
يجوز لاحد الشريكين بيع حصته مشاعة من العقار المشترك وغيره لشريكه ولغير شريكه بلا إذنه ما لم يترتب على ذلك ضرر للشريك
( مادة 642)
مع مافيه ضرر على الشريك غير جائز بلا اذنه فلا يصح لأحد الشريكين في بناء أو شجر لم يبلغ أوان قطعه أو زرع لم يدرك أن يبيع حصته فيه بدون الارض لغيرشریکه بلا اذنه وله بيعه لشريكه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مشروع تقنين الشريعة الإسلامية على مذهب الإمام الأعظم ابى حنيفة (رضى الله عنه ) إعداد اللجنة التحضيرية لتقنين الشريعة الإسلامية بإشراف مجمع البحوث الإسلامية الطبعة التمهيدية (1392هـ ـ 1972م )
مصطلحات فقهية باب البيع
مادة ۲۸ - المشاع : ما يحتوي على حصص شائعة .
مادة ۲۹ - الحصة الشائعة هي : السهم الساري الى كل جزء من أجزاء المال المشترك .
مادة ۳۰ - الجنس : مالا يكون بين أفراده تفاوت فاحش بالنسبة إلى الغرض منه .
مجلة الأحكام العدلية
مادة (1071) التصرف المستقل
يجوز لأحد أصحاب الحصص التصرف مستقلاً في الملك المشترك بإذن الآخر. لكن لا يجوز له أن يتصرف تصرفاً مضراً بالشريك.