مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس، الصفحة : 86
مذكرة المشروع التمهيدي :
إذا كان الأمر متعلقة بأعمال الإدارة المعتادة كإيجار المال الشائع، فإن اتفقت الأغلبية (على أساس قيمة الأنصباء) على اختيار مدیر من بين الشركاء أو من غيرهم كان هو صاحب الشأن في الإدارة، ولهذه الأغلبية أن تقيد المدير في إدارته بقواعد تضعها، وتسرى هذه القواعد على الجميع بما فيهم الأقلية، كما تسري على خلفاء الشركاء سواء أكان الخلف عاماً أم خاصاً، أما إذا لم يختاروا مديراً، وتولى أحد الشركاء الإدارة دون اعتراض من الباقين، عد وكيلا عنهم، وهو على كل حال يكون فضولياً فيما لا يكون فيه وكيلاً وذلك في حدود قواعد الفضالة.
فإذا لم يتول الإدارة أحد، وجب أن تكون الإدارة للجميع، ولكن لا يشترط أن ينعقد الإجماع فيما بينهم، بل ما يستقر عليه رأى الأغلبية ( على أساس قيمة الأنصباء دائماً ) يكون ملزماً للجميع بما فيهم الأقلية التي خالفت هذا الرأي وليس لهذه الأقلية حق التظلم إلى المحكمة ما دام الأمر يتعلق بالإدارة المعتادة فإن لم تكن هناك أغلبية، وشلت الإدارة بسبب ذلك، كان لكل شريك أن يطلب من المحكمة المختصة ( ويحسن النص على أن تكون المحكمة الجزئية التي يدخل في دائرتها العقار ) أن تعين من يدير المال الشائع من بين الشركاء أو من غيرهم، وتتخذ المحكمة من الإجراءات الوقتية ما تقتضيه ضرورة المحافظة على المال.
تنص المادة 828 مدني على ما يأتي :
1- ما يستقر عليه رأي أغلبية الشركاء في أعمال الإدارة المعتادة يكون ملزماً للجميع، وتحسب الأغلبية على أساس قيمة الأنصباء، فإن لم تكن ثمة أغلبية، فللمحكمة بناء على طلب أحد الشركاء أن تتخذ من التدابير ما تقتضيه الضرورة، ولها أن تعين عند الحاجة من يدير المال الشائع .
2- وللأغلبية أيضاً أن تختار مديراً، كما أن لها أن تضع للإدارة ولحسن الانتفاع بالمال الشائع نظاماً يسري حتى على خلفاء الشركاء جميعاً سواء أكان الخلف عاماً أم كان خاصاً .
3 - وإذا تولى أحد الشركاء الإدارة دون اعتراض من الباقين، عد وكيلاً عنهم.
ويخلص من هذا النص أنه في إدارة المال الشائع إدارة معتادة، لا تخلو الحال من أن نكون في أحد الفروض الثلاثة الآتية :
أولاً – أن يتولى أحد الشركاء الإدارة ولا يعترض عليه الباقون، فيعد وكيلاً عنهم وكالة عامة بالإدارة
ثانياً – فإذا لم يتول أحد الشركاء الإدارة، أو تولاها واعترض عليه الباقون، فالإدارة المعتادة تكون في هذا الحالة في يد أغلبية الشركاء على أساس قيمة الأنصباء فما يستقر عليه رأي هذه الأغلبية في الإدارة المعتادة يكون ملزماً لجميع الشركاء، من رضى منهم ومن لم يرض ويجوز لهذه الأغلبية أن تعين مديراً لإدارة المال الشائع إدارة معتادة، ولها أن تضع نظاماً لهذه الإدارة .
ثالثاً – فإذا تعذر وجود أغلبية من الشركاء، فلأي منهم أن يطلب من القاضي الأمر باتخاذ ما يلزم من التدابير المستعجلة مما تقتضيه الضرورة، وللقاضي أن يعين عند الحاجة مديراً للمال الشائع.
تولى أغلبية الشركاء للإدارة : فإذا كانت هناك أغلبية من الشركاء، على أساس قيمة الأنصباء، متفقة على الوجه الذي يدار به المال الشائع، فهذه الأغلبية هي التي تدير هذا المال، ولو كانت شخصاً واحداً من الشركاء يملك أكثر من نصف المال الشائع فإذا كان أحد الشركاء يملك أكثر من النصف، كان له وحده حق الإيجار وإذا كان لا يملك إلا الثلث مثلا وأجر المال الشائع كله لشريك آخر يملك هو أيضاً الثلث، كان الشريكان المؤجر والمستأجر موافقين على الإيجار، ولما كانا يملكان الثلثين فإن الإيجار يسرى في حق باقي الشركاء وكذلك يسري الإيجار في حق باقي الشركاء لو أجر الشريكان اللذان يملكان الثلثين العين الشائعة كلها لأجنبي ( الوسيط 6 فقرة 52 ص 60 وليس لباقي الشركاء، مهما كان عددهم، أن يعترضوا على إدارة الأغلبية ما دامت لم تخرج على حدود الإدارة المعتادة، على الوجه الذي بيناه فيما تقدم .وليس للأقلية أن تعترض إلا إذا كانت الأغلبية قد تعسفت في استعمال حقها في الإدارة، وراعت مصالحها وأهدرت مصالح الأقلية، لا سيما إذا كانت الأغلبية عدداً قليلاً من الشركاء أو كانت شريكاً واحداً فقط حسن كيرة فقرة 107 ص 349 - إسماعيل غانم فقرة 69 ص 151 وفقرة 72 ص 158 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 127 ص 193 - منصور مصطفى منصور فقرة 58 ص 141، وهناك ملجأ آخر تلوذ به الأقلية، بل يلوذ به أي شريك، وهو طلب القسمة للخروج من الشيوع . وقد ترى الأغلبية ألا تدير المال الشائع بنفسها، بل تقيم وكيلاً عنها، من بين الشركاء أنفسهم أو من غيرهم، في هذا الإدارة فيكون هذا الوكيل نائباً عن الأغلبية في حدود الإدارة المعتادة وأعمال الإدارة التي يقوم بها تكون نافذة في حق الجميع انظر آنفا فقرة 496 وقد ترى الأغلبية عدم إطلاق يد هذا الوكيل . بل تضع نظاماً يكفل حسن الانتفاع بالمال الشائع وإدارته على وجه مرضي فيصبح هذا النظام ملزماً لجميع الشركاء، وملزماً للوكيل الذي اختارته الأغلبية، وملزماً لمن يخلف الشركاء من خلف عام كالوارث ومن خلف خاص كالمشتري وقد يتضمن هذا النظام قيوداً على سلطة الوكيل، فلا يستطيع مثلاً أن يؤجر المال الشائع لأكثر من سنة، أو يلزم بإيداع ريع المال في مصرف معين وبديهي أن هذا النظام قابل للتعديل، ويعدله من يملك وضعه، فيجوز لأغلبية الشركاء – وليس من الضروري أن تكون هي نفس الأغلبية التي قامت بوضع النظام – تعديله أو إلغاؤه ووضع نظام جديد، أو إلغاؤه أصلاً دون وضع أي نظام آخر.
عدم توفر أغلبية من الشركاء لإدارة المال الشائع :
فِإذا لم تتوافر أغلبية من الشركاء، بحسب قيمة الأنصباء، لإدارة المال الشائع بل تعارضت ميولهم واختلفت اتجاهاتهم دون أن تخلص منهم أغلبية، لم يبق إلا الالتجاء إلى القضاء وإذا أجر أحد الشركاء جزءاً مفرزاً من العين الشائعة يعادل حصته، فإنه لا يستطيع تسليم هذا الجزء المفرز إلى المستأجر إذا اعترض الشركاء الآخرون ويكون الإيجار معلقاً على شرط حصول القسمة بين الشركاء ووقوع الجزء المفرز في نصيب الشريك المؤجر فإذا وقع جزء مفرز آخر في نصيب الشريك المؤجر، فالرأي الغالب في الفقه أن ينتقل الإيجار إليه بحكم الحلول العين المقرر في التصرف في جزء مفرز من المال الشائع وفقاً للمادة 826 / 2 مدني .
أما إذا آجر الشريك حصته الشائعة فقط، لا كل العين ولا جزءاً مفرز منها، ففي هذه الحالة يكون الإيجار صحيحاً، ولكن يتعذر على المؤجر أن يسلم حصته الشائعة إلى المستأجر إلى أن تتم القسمة لا يكون لمستأجر الحصة الشائعة أكثرها للشريك المؤجر ويترتب على ذلك أن أغلبية الشركاء يستطيعون إيجار العين كلها ويكون الإيجار نافذاً في حق الشريك المؤجر وفي حق المستأجر منه، ولا يبقى للمستأجر إلا الرجوع على المؤجر . فإذا لم توجد أغلبية جاز للشريك المؤجر وللمستأجر منه عن طريق الدعوى غير المباشرة، أن يطلب من المحكمة المختصة أن تتخذ من التدابير ما تقتضيه ضرورة استغلال المال الشائع ( م 828 مدني )، فتعين المحكمة مديراً يتولى إدارة العين الشائعة، وإذا عينته فقد يقر الإيجار الصادر من الشريك المؤجر أما إذا تمت القسمة، فإن المستأجر يتسلم حصة المؤجر المفرزة وينحصر الإيجار فيها ( الوسيط 6 فقرة 52 ص 63 – ص 65) . فيجوز لأي من الشركاء أن يرفع الأمر إلى المحكمة - أو الجزئية بسبب النصاب وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : " فإن لم تكن هناك أغلبية، وشلت الإدارة بسبب ذلك، كان لكل شريك أن يطلب من المحكمة المختصة ( ويحسن النص على أن تكون المحكمة الجزئية التي يدخل في دائرتها العقار ) أن تعين من يريد المال الشائع من بين الشركاء أو من غيرهم، وتتخذ المحكمة من الإجراءات الوقتية ما تقتضيه ضرورة المحافظة على المال ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 86 ) . ولم يأخذ هذا النص يجعل المحكمة المختصة هي المحكمة الجزئية، فوجب إذن أن تكون المحكمة الجزئية أو المحكمة الكلية بحسب النصاب وعلى المحكمة أن تأمر باتخاذ الإجراءات والتدابير التي تقتضيها الضرورة فقد تأمر بإيجار الأرض الزراعية لمن يتقدم لاستئجارها بأجرة مناسبة خوفاً من فوات الصفقة، وتندب لذلك أحد الشركاء لإبرام عقد الإيجار وقد تعين المحكمة عند الحاجة مديراً للمال الشائع، من الشركاء أو من غيرهم، ويكون لهذا المدير سلطة الحارس القضائي، فيقوم بأعمال الإدارة المعتادة، ويقدم الحساب للشركاء وذلك كله إلى أن يعود الشركاء أو أغلبيتهم إلى الاتفاق وعند ذلك يتنحى المدير الذي اختارته المحكمة، أو إلى تتم إجراءات قسمة المال الشائع إذا طلب أحد الشركاء القسمة. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الثامن )
تحسب الاغلبية بقيمة الانصباء وليس بعدد الرؤوس فيجوز أن توفر هذه الأغلبية في شخص واحد يمتلك أكثر من النصف، ومتى اتفقت هذه الأغلبية على عمل من أعمال الإدارة المعتادة كالإيجار تنفذ هذا العمل في حق باقي الشركاء دون أن يكون لهم حق الاعتراض الا إذا تعرفت الأغلبية فاستعملت حقها استعمالاً غير مشروع بأن تعمدت الأضرار بالأقلية (م 5 مدنی) كما يجوز لأي شريك أن يطلب القسمة ليخرج عن حالة الشيوع، وإذا أجر شريك لشريك آخر وكان مجموع نصيبهما يجاوز النصف نفذ للايجار في حي الباقين، فإن كان أقل من النصف وأجاز الايجار شريك ثالث وكانت الأنصبة الثلاثة تجاوز النصف نفذ الإيجار في حق الباقين، وللاغلبية أن تختار مديراً من بينهم أو من الغير فيكون وكيلا عن جميع الشركاء وقد تفع له الأغلبية نظاماً يلتزم به ويسرى في حق من يخلفهم كخلف عام كالوارث أو خاص کمشتری، ويجوز تعديل هذا النظام إذا اتفق أغلبية الشركاء على تعديله.
ويترتب على تسليم العين لأحد الشركاء انقضاء العلاقة الإيجارية، وحينئذ يستند الشريك في انتفاعه إلى قواعد الملكية بحيث إذا أجريت القسمة للعقار بطريق التصفية أي بیعة، التزم هذا الشريك بتسليم العين للمشتري كأثر من آثار البيع، أما إن كان مستأجراً لها من له حق الإدارة، فإن انتفاعه يستند إلى عقد الإيجار وبالتالي لا يجوز للمشترى إخلائه من العين إلا إذا توافر سبب من أسباب الإخلاء.
ولا يكفي أن يضع أحد الشركاء يده على وحدة في العقار الشائع حتى يمتنع على باقي الشركاء طلب طرده منها، اذ يجب التحقق هذا الأثر أن يستند الشريك في وضع يده إلى رضاء باقي الشركاء أو الشركاء الذين يتوافر لهم معه النصاب المقرر لنفاذ حق الادارة في مواجهة باقي الشركاء، وحينئذ يستند هذا الشريك إلى حق في انتفاعه بالوحدة يحول دون الأقلية وطلب طرده ولا يكون أمامهم إلا إنتظار إجراء القسمة.
للشريك في الشيوع الحق في الانتفاع بجزء مفرز من المال الشائع يعادل حصته، سواء استند في انتفاعه إلى حقه في الملكية الشائعة أو باعتباره مستأجرة لهذا الجزء، وفي الحالة الأخيرة يخضع في علاقته بباقي الشركاء إلى أحكام عقد الإيجار الذي أبرمه معهم، فإن كان خاضعاً للتشريع الاستثنائية امتد العقد بقوة القانون مما يحول دونهم وطلب إخلائه إلا إذا توافر سبب من أسباب الاخلاء ويسرى العقد في حق الخلف العام أو الخاص لهؤلاء الشركاء، ولما كان امتداد الإيجار الخاضع للتشريع الاستثنائى مقرراً لمصلحة المستأجر، ومن ثم يجوز له أن يتنازل عن هذا الامتداد وبالتالي يسقط حقه فيه، ويترتب على ذلك أن الشريك المستأجر إذا وافق على تسليم وحدته المؤجرة إلى مشترى العقار، وجب عليه تنفيذ تعهده واخلاء الوحدة وتسليمها للمشتري في التاريخ المتفق عليه، فإن امتنع عن ذلك، كان وضع يده بدون سند من القانون وأصبح غاصباً مما يجري معه للمشتري طلب طرده بدعوى مستعجلة ثم الرجوع عليه بالتعويض عن هذا السبب، وحينئذ يقدر التعويض وفقاً للقواعد العامة بقدر ما لحق المشترى من خسارة وما فاته من کسب دون اعتداد بمقدار الأجرة التي كان يدفعها الشريك قبل انقضاء عقد الإيجار .
فإن كانت الوحدة التي يشغلها الشريك خاضعة للقانون المدني، انقضى عقد الإيجار بالتنازل عنه على نحو ما تقدم، أو بانقضاء مدته في حالة عدم التنازل ولما كان عقد البيع، ولو لم يكن مشهراً، ينقل للمشتري حق الانتفاع بالبيع وطرد الغاصب، فإنه يجوز للمشترى رفع كافة الدعاوى المترتبة على هذا الحق .
إذا قام أحد الشركاء، ولم يكن نصيبه يجاوز النصف، بإدارة المال الشائع ولم يعترض عليه باقي الشركاء. اعتبرت هذه الإدارة قائمة على وكالة ضمنية، فيعتبر الشريك أصيلاً عن نفسه ووكيلاً عن باقي الشركاء فتنفذ في حق باقي الشركاء متى كانت من أعمال الإدارة المعتادة، كالإيجار وإجراء الترميمات الضرورية وقبض الأجرة والمخاصمة القضائية المتعلقة بالإدارة، وزراعة الأرض وجني المحصول وبيعه وشراء البذور والاستعانة بعمال في الادارة وعليه تقديم حساب لشركائه فإذا اعترض بعض الشركاء وكانت انصباؤهم أقل من النصف فلا يعتد باعتراضهم، أما أن كانت تجاوز النصف فإن أعماله السابقة والتالية لهذا الاعتراض لا تنفذ في حق جميع الشركاء، فإن أجر العين بعد ذلك كان لهذه الأغلبية أخراج المستأجر من حصص جميع الشركاء بما فيها حصة الشريك المؤجر ولهم اللجوء في سبيل ذلك إلى قاضي الأمور المستعجلة.
أن الشريك المفوض بالإدارة لا يملك أن يعقد إيجارة تزيد مدته على ثلاث سنوات وإلا أنقصت المدة إلى ثلاث سنوات عملاً بالمادتين 559، 701 من القانون المدني، وأن العبرة بالمدة التي تضمنها عقد الإيجار، فإن لم تجاوز ثلاث سنوات، نفذت في حق جميع الشركاء حتى لو امتدت لمدة تجاوز ذلك بموجب تشريعات الإيجار الاستثنائية.
وإذا عزل المدير بعد رفع دعوى الإخلاء، فإنها تظل مقبولة طالما توافرت الصفة في رفعها، ويحل المدير الجديد محل المدير المعزول في مباشرتها، واذا حضر أحد الشركاء دون اعتراض الأغلبية، توافرت له الصفة في مباشرة الدعوى.
للأغلبية أن تختار مديراً للمال الشائع، وحينئذ يجوز لها أن تحدد له القواعد التي يلتزم بها، فتكون صلاحيته في أعمال الإدارة محصورة في التزامه بتلك القواعد، فإن خالفها، كان العمل الذي باشره لاينفذ في حق الأغلبية، إذ يكون المدير قد خرج عن حدود نيابته ما لم تتجزء الأغلبية صراحة أو ضمنا، ولها عزل المدير في أي وقت دون حاجة إلى اللجوء للقضاء لاستصدار حكم بذلك، لأن مناط هذا اللجوء، عدم توافر تلك الأغلبية، كما لو كان المال مملوكاً لشريكين كل بحق النصف، فإن كان أحدهما مديراً، فلا يجوز للشريك الآخر عزله، إلا باستصدار حكم بذلك من القضاء. ولا يسان القول بأن ما تضمنته المادة 715 من القانون المدني جاء قيداً على حق الأغلبية يحول بينها وبين عزل الشريك الذي إختارته لإدارة المال الشائع، لأن هذا الشريك وإن كان وكيلا عن الأغلبية فهو أصيل عن نفسه، وقد اختارته ليعمل لصالحها ولصالحه ومن ثم فلا يترتب على هذا الاختيار أن يعمل الشريك لصالحه فحسب، التعارض ذلك مع طبيعة إدارة المال الشائع.
ويجب سحب الحق في أعمال الادارة قبل مباشرة تلك الأعمال، فإن أبرم المدير إيجاراً قبل سحب الحق منه، نفذ هذا الإيجار في حي الأغلبية ما لم يكن قد تم بطريق الغش والتواطؤ إضراراً بالأغلبية فيقع باطلاً كما لو علم المدير بعزم الأغلبية بسحب حق الإدارة منه وعزله، فقام بابرام الايجار بالتواطؤ مع المستأجر فإذا انتفى التواطؤ، نفذ الإيجار في حي الأغلبية.
وإذا اختارت الأغلبية مديراً للمال الشائع، أصبحت له الصفة في القيام بأعمال الإدارة جميعها، دون باقي الشركاء، بحيث إذا قام غيره بها كانت غير نافذة في حقهم إلا إذا أقرتها الأغلبية صراحة أو ضمناً، والأصل أن يتصرف أثر الإقرار للعمل الذي قام به الشريك غير المدير ويقف أثر الإقرار عند هذا الحد، وبالتالي لا يترتب على الإقرار أن يصبح هذا الشريك مديراً للمال الشائع إلى جانب المدير المعين بمعرفة الأغلبية ما لم تتكرر منه أعمال الادارة وتقرها الأغلبية محسوبة بإضافة نصيبه إلى أنصباء المقرين .
فإن لم تختار الأغلبية مديراً للمال الشائع، وقام أحد الشركاء بأعمال الإدارة، دون إعتراض من الأغلبية، اختفت صفته في مباشرتها، فإن قام شريك آخر بتلك الأعمال دون إعتراض من الأغلبية، أصيح بدوره مديراً للمال الشائع، إعمال الإرادة الضمنية للأغلبية التي يتم بموجبها تعيين مدير الشيوع في حالة عدم وجود إتفاق صریح.
إذا أتفق الشركاء جميعاً أو الأغلبية على تعيين مدير المال الشائع، أعتبر الدين وكيلاً عن الشركاء جميعاً حتى لو كان تعيينه قد تم بمعرفة أغلبية الشركاء، إذ يرى رأي الأغلبية على الأقلية التي اعترضت وحينئذ لا يعتد باعتراض الأقلية، فيعمل المدير لمصلحته ومصلحة باقي الشركاء جميعاً، وبالتالي تنصرف آثار أعماله له ولباقي الشركاء، بحيث إذا انطوت على خطأ تقصيري أو عقدی وترتب عليه فيدرر بالغير، حققت مسئولية جميع الشركاء المدنية، فإن ارتكب المدير خطأ جنائياً، كان هو وحده المسئول عنه جنائياً، باعتبار أن هذا الخطأ دائماً خطأ شخصياً لا يسأل عنه إلا من اقترفه، ويعتبر مدير المال الشائع هر الحارس عليه بحيث إذا سقطت شرفة أو جزء من البناء كان في حاجة إلى صيانة وأحدث ضرراً بالغير، كان المدير مسئولاً جنائياً، فإن ترتب على ذلك مسئولية مدنية، كان المدير وباقي الشركاء مسئولین مدنياً عن تعويض الضرر الناشئ عن خطأ المدير .
تعتبر أعمال الادارة فيما بين مدير المال الشائع وباقي الشركاء، وقائع مادية ولو تعلقت بتصرف قانوني مترتب على تلك الأعمال كبيع المحصول أو شراء البذور والسماد، وبالتالي يجوز للشريك إثباتها بكافة الطرق المقررة قانوناً ومنها البيئة والقرائن، أما التصرفات القانونية التي يبرمها المدير مع الغير مستأجر المال أو مشتري المحصول فتضع في إثباتها للقواعد العامة.
إذا لم تتوفر الاغلبية وشلت الإدارة لأي من الشركاء أن يرفع دعوى أمام المحكمة الجزئية أو الكلية بحسب النصاب .
تعني حجية الحكم انصراف قوته التنفيذية إلى من كان طرفاً في الخصومة حقيقة أو حكماً، فالحكم النهائي الصادر ضد مدير المال الشائع، تكون له الحجية قبل هذا الشريك وباقي الشركاء، ويعتبر الشريك المدير مثلاً لباقي الشركاء سواء كانت وكالته عنهم صريحة بالاتفاق على تعيينه، ويكفي لذلك إنفاق الأغلبية دون إعتداد باعتراض الأقلية، إذ ينفذ العمل في حق جميع الشركاء بمن فيهم الأقلية وبالتالي يعتبر جميع الشركاء طرفاً في الخصومة ممثلين في شخص المدير فيحاجون بالحكم الصادر لمصلحه أو ضده.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الحادي عشر، الصفحة/ 422)
المقصود بأعمال الإدارة المعتادة، كل الأعمال والتصرفات اللازمة لاستغلال الشيء فيما أعد له بطبيعته والحصول على ثماره.
فالإدارة تشمل زراعة الأرض واستئجار العمال لها وشراء البذور والمبيدات والماكينات، وتشمل تخزين المحصول وبيعه.
وبالنسبة للمباني تشمل تأجيرها مفروشة أو خالية مادام الإيجار لمدة معقولة وبأجرة المثل وتشمل قبض الأجرة وإعطاء المخالصات.
وتشمل الإدارة المعتادة كذلك توظيف النقود وإيداعها في البنوك في حسابات جارية أو كودائع بفائدة أو شراء سندات الاستثمار مادام التوظيف مؤقتاً ولا يترتب عليه تجميد الأموال لفترة طويلة.
ولا تدخل في هذه الأعمال تلك التي تعتبر نافعة للشيء أو لزيادة قيمته أو زيادة نفعه ولا يدخل فيها كذلك الأعمال الكمالية التي تسعى إلى زخرفة الشيء وزينته.
ويلحق الفقه عادة أعمال الحفظ بأعمال الإدارة وتناول معظم الفقهاء الفرنسيين بالدراسة أعمال الحفظ بالتبعية لأعمال الإدارة باعتبار أنها وجه من وجوه هذه الأخيرة.
فالمشروع اكتفي برأي الأغلبية المطلقة في إدارة المال الشائع إدارة معتادة.
والأغلبية لا تقاس بعدد الأشخاص وإنما بقيمة الأنصباء فقد يتعلق الأمر بمالك واحد تحقق حصته هذه الأغلبية وقد يملكها أكثر من مالك.
والأغلبية المطلوبة هي الحصة أو الحصص التي تجاوز قيمتها نصف قيمة المال الشائع فمن يملك هذه الأغلبية تكون له سلطات المجموع.
والقرار الذي تتخذه الأغلبية يلزم الأقلية فور صدوره، كما يلزم خلفاءها. ويظل نافذاً حتى يحدث أحد أمرين : إما أن تعدل عنه الأغلبية أو تعدله، وإما أن تقرر المحكمة إلغاءه على التفصيل الذي سيلي ذكره.
وإذا قررت الأغلبية العدول عن القرار السابق أو تعديله فإن قرارها الجديد يلزم بدوره الأقلية وينفذ فور صدوره وهي أغلبية بدورها تحسب على أساس الأنصبة بصرف النظر عن أشخاص من يوافقون عليها.
فقد خولت الفقرة المذكورة أغلبية الشركاء في المال الشائع بالإضافة إلى القيام بأعمال الإدارة المعتادة أمرين آخرين :
الأمر الأول: اختيار مدير، ومفهوم ذلك أن يكون لهذا المدير فقط سلطة القيام بأعمال الإدارة المعتادة، إذ يفسر السماح لهذه الأغلبية بأن تقوم بتعيين مديراً على أنها لم تشأ أن تقوم بهذه الأعمال بنفسها وإنما أنابت عنها هذا المدير، ومن ثم تأتي سلطاته على الأكثر، بقدر ما يكون لهذه الأغلبية من سلطات.
الأمر الثاني: وضع نظام للإدارة ولحسن الانتفاع بالمال الشائع.
ووضع نظام الإدارة المال الشائع أمر يتسق مع الاعتراف للأغلبية بالقيام بأعمال الإدارة المعتادة، ومن ثم لا ينفي أن يتجاوز هذا النظام حدود هذه الأعمال. ويكون لهذا النظام صفة الاستمرار، بمعنى أنه كما يلتزم الشركاء بمراعاته يلتزم بمراعاته أيضاً خلفاؤهم، لا فرق في ذلك بين خلف عام وخلف خاص، بل وحتى ولو لم يعلم به هذا الخلف الخاص، إذ الفقرة الثانية المذكورة.
حين قررت سريانه عليه إنما تكون قد افترضت - فرضاً لا يقبل إثبات العكس علمه به.
ويجوز لهذه الأغلبية أن تجمع بين هذين العملين، فتعين مديراً وتضع نظاماً الحسن إدارة المال.
وفي هذه الحالة يعتبر هذا النظام قيدا على سلطة المدير، فإن احترمه سری عمله في حق الشركاء وإن خرج عنه كان متجاوزاً لحدود سلطته. ومثال ذلك أن تقرر الأغلبية إيداع الريع في مصرف معين.
أغلبية الشركاء في المال الشائع إذا أصدرت قرارها في أعمال الإدارة المعتادة، كان قرارها ملزماً للأقلية ونافذاً في حقها ونضيف هنا أنه يجوز للأقلية التظلم من قرارات الأغلبية أمام المحكمة المختصة فيما بنظر الدعوى غير أن هذا التظلم يقتصر على أحوال التعسف في استعمال الحق طبقاً القواعد العامة فقط، فلا يجوز للأقلية أن تبنى تظلمها على عدم ملائمة القرار لصالح الشركاء طالما أنه خلا من التعسف ذلك أن المشرع لم ينظم رقابة
خاصة على قرارات الأغلبية فيما يتعلق بأعمال الإدارة المعتادة على خلاف ما سنراه في أعمال الإدارة غير المعتاد.
ويعد قرينة على التعسف قلة عدد الأغلبية بالنسبة لعدد الأقلية.
وتستطيع الأقلية التخلص من رأى الأغلبية بطلب إجراء القسمة القضائية فقد لا يتفق الشركاء جميعاً على أعمال الإدارة، كما قد لا تتوافر الأغلبية اللازمة للإدارة والتي تحسب على أساس قيمة الأنصباء، ومن ثم يجوز لأي من الشركاء أن يرفع الأمر إلى المحكمة الابتدائية أو الجزئية المختصة قيمياً، وعلى المحكمة أن تأمر باتخاذ الإجراءات والتدابير التي تقتضيها الضرورة. فقد تأمر المحكمة بتأجير الأرض الزراعية لمن يتقدم لاستئجارها بأجرة مناسبة خوفاً من فوات الصفقة، وتندب لذلك أحد الشركاء لإبرام عقد الإيجار ولها أن تعين عند الحاجة من يدير هذا المال سواء من بين الشركاء أم أجنبياً عنهم، وتكون لهذا المدير سلطات الحارس القضائي. ويلزم بتقديم حساب إلى الشركاء.
غير أن المحكمة لاتملك التعاقد نيابة عن الشركاء، فهي تأمر فقط بما يتخذ من أعمال الإدارة المعتادة وإذا تولى أحد الشركاء أمام الإدارة دون اعتراض من الباقين عد وكيلاً عنهم". فإذا تولى أحد الشركاء إدارة المال الشائع إدارة معتادة، ولم يعترض عليه باقي الشركاء أو أغلبية الشركاء التي تملك حق الإدارة، فيكون هذا الشريك أصيلاً عن نفسه ووكيلاً عن باقي الشركاء في إدارة المال الشائع إدارة معتادة وتنفذ أعمال الإدارة المعتادة التي تصدر منه في حق الشركاء، وذلك استناداً إلى القواعد العامة التي تقضي بانعقاد العقود ومن بينها الوكالة بالإرادة الضمنية المستخلصة من ظروف الحال ومن بينها الاعتراض فضلاً عن أن المشرع لم يكتف بالقواعد العامة وإنما نص صراحة على هذه الوكالة في الفقرة الثانية من المادة 828 مدنی.
وفي هذه الحالة يكون إيجار هذا الشريك المال الشائع مثلاً نافذاً في حق باقي الشركاء وكذلك قبضه للأجرة وقيامه بأعمال الصيانة ودفعه الضرائب وغير ذلك من أعمال الحفظ، وله أن يزرع الأرض الزراعية وأن ينفق على الزراعة ما تقتضيه من مصروفات، وأن يستأجر عمال الزراعة وأن يشترى ما يلزم من سماد وبذور، وبيع المحصولات في الأسواق بأثمانها الجارية. ومن هذه الأعمال ما هو عمل مادي كزراعة الأرض وما هو تصرف قانونى کالشراء والبيع.
واعتبار الشريك الذي ينفرد بعمل من عمل الإدارة وكيلاً عن الباقين المقصور على أعمال الإدارة المعتادة وليس شرطا القيام وكالة الشريك الغانم العمل الإدارة أن يسكت جميع الشركاء الباقين، كما قد ينال على ذلك شاهر النص، بل يكفي أن يعلم به، فلا يعترض عليه من الشركاء من يملك مع الشريك أغلبية الأنصباء، لأن حق الإدارة لا يلزم لثبوته الإجماع، بل يكفى توافر الأغلبية، وعلى ذلك إذ أجر أحد الشركاء المال الشائع، وعلم بذلك باقيهم، ولم يعترض عليه سوی نفر قليل منهم فإن ذلك لا يمنع من نفاذ الإيجار في مواجهة الجميع، حتى من اعترض، مادام أن المؤجر ومن لم يعترض، كانوا يملكون معاً الأغلبية المطلقة للأنباء. وينفذ عمل الوكيل في هذه الحالة، في حق الجميع على أساس الوكالة عن الأغلبية غير المعترضة والنيابة عن الأقلية عملا بالمادة 828 مدني التي تلزم الأقلية برأي الأغلبية وإذا استقال أحد الشركاء بتأجير العين الشائعة، بالرغم من اعتراض الأكثرية، فلا ينفذ الإيجار في حق باقي الشركاء، وإنما يحق لهم أن يطالبوا بإخلاء العين المؤجرة.
ويجوز بعد أن يتولى الشريك الإدارة دون اعتراض من الباقين، أن على إدارته بعض الشركاء فيكون ذلك بمثابة عزل له من الوكالة يعترض الضمنية. فإذا كان الباقي من الشركاء ممن لم يعترضوا على إدارته هم الأغلبية بحسب حصصهم في المال الشائع، ويدخل في ذلك حصته هو، بقى الشريك متوليا الإدارة، ولكن باعتباره معينا من قبل الأغلبية فتسري أعمال إدارته في حق المعترضين على أساس أنه يمثل الأغلبية. أما إذا اعترض على إدارته من الشركاء من تكون حصصهم في المال الشائع تزيد على النصف، فإنه لا يصبح ممثلاً للأغلبية، ومن ثم لا يستطيع المضي في إدارته ويجب عليه أن يتنحى.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الحادي عشر الصفحة/ 480)