loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : السادس، الصفحة : 98

مذكرة المشروع التمهيدي :

قصر المشروع حق استرداد الحصة الشائعة على المنقول دون العقار وجعل الشفعة في العقار مغنية عن هذا الحق حتى لا تتضارب الحقوق في الميدان الواحد ولم ير المشروع التمييز بين شريك أصلي وشريك عارض وجعل الحق في المنقول الشائع أو في المجموع من المال ( كالمتجر أو التركة ولو حوت عقاراً) وقيده مواعيد قصيرة حتى لا يظل مصير التصرف معلقاً مدة طويلة فأوجب على المسترد أن يعلن البائع والمشتري برغبته في الاسترداد في ظرف شهر على الأكثر من يوم أن يعلن بالبيع ولم يحدد ميعاداً للإعلان بالبيع بل ترك الأمر ليقظة صاحب الشأن فإن أعلن المسترد رغبته في الإسترداد وأتفق الجميع حل المسترد محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته كما في الشفعة وعوض المسترد المشتري كل ما أنفقه وإذا لم يتم الإتفاق تولت المحكمة الفصل في الأمر ولم يلزم المشروع المسترد أن يعرض الثمن عرضاً حقيقياً فيكفي إذن إظهار الرغبة في الاسترداد و في الاستعداد لدفع الثمن وبقية النفقات وإذا أراد أكثر من شريك أن يسترد الحصة المبيعة كان لكل منهم أن يسترد بنسبة حصته.

الأحكام

1 ـ النص فى الفقرة الأولى من المادة 833 من القانون المدنى على أن " الشريك فى المنقول الشائع أو فى المجمع من المال أن يسترد قبل القسمة الحصة الشائعة التى باعها شريك غيره لأجنبى بطريق الممارسة ، ذلك خلال ثلاثين يوما من تاريخ عمله بالبيع أو من تاريخ إعلانه به، ويتم الاسترداد بإعلان يوجه إلى كل من البائع والمشترى ويحل المسترد محل المشترى فى جميع حقوقه والتزاماته إذا هو عوضه عن كل ما أنفقه" وفى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى على أن " قصر المشروع حق استرداد الحصة الشائعة على المنقول دون العقار، وجعل الشفعة فى العقار مغنيه عن هذا الحق _ فإن أعلن المسترد رغبته فى الاسترداد وأتفق الجميع حل المسترد محل المشترى فى جميع حقوقه والتزاماته كما فى الشفعة، وعوض المسترد المشترى كل ما أنفقه _ ولم يلزم المشروع المسترد أن يعرض الثمن عرضا حقيقيا فيكفى أذن إظهار الرغبة فى الاسترداد وفى الاستعداد لدفع الثمن وبقية النفقات" يدل على أنه يتعين أن يشتمل الإعلان الذى يوجه من الشريك البائع لحصة شائعة فى المنقول أو فى مجموع من المال أو ممن اشترى منه إلى باقي الشركاء على شرط البيع ومنها مقدار الثمن الذى تم به، حتى يستطيع هؤلاء أن يعملوا أرادتهم فى الصفقة فيستردونها أو يتركونها، وأن المقصود بالعلم الذى يبدأ منه سقوط الحق فى طلب استرداد الحصة المبيعة هو العلم الحقيقى بشروط البيع شاملة الثمن المدفوع دون العلم الظنى.

(الطعن رقم 1191 لسنة 53 جلسة 1992/02/10 س 43 ع 1 ص 277 ق 60)

2 ـ من المقرر أن النص فى المادة 833 من القانون المدنى أن " الشريك فى المنقول الشائع أو فى مجموع من المال أن يسترد قبل القسمة الحصة الشائعة التى باعها شريك غيره لأجنبى بطريق الممارسة ... " مؤداه أنه يشترط لاستعمال حق الاسترداد وفقاً لأحكامه أن يكون البيع محل الاسترداد صادراً من أحد الشركاء فى الشيوع إلى أجنبى عنهم حتى لا يتضرر باقى الشركاء من دخوله بينهم.

(الطعن رقم 1611 لسنة 53 جلسة 1985/04/22 س 36 ع 1 ص 631 ق 132)

3 ـ النص فى المادة 833 من القانون المدني على أن "للشريك فى المنقول الشائع أو فى المجموع من المال أن يسترد قبل القسمة الحصة الشائعة التي باعها شريك غيره لأجنبي ..." إنما قصد به كف الأجانب عن إقتحام حرم الشركاء فى ملكيتهم للمنقول الشائع أو المجموع من المال وجعلهم فى مأمن من دخيل يطرأ فيفسد عليهم محيطهم، لما كان ذلك وكان المحل التجاري وعلى ما يقضى به القانون رقم 11 لسنة 1940 يعتبر منقولاً معنوياً يشمل مجموعة العناصر المادية والمعنوية المخصصة لمزاولة المهنة التجارية من إتصال بالعملاء وسمعة واسم وعنوان تجارى وحق فى الإجارة وحقوق الملكية الأدبية والفنية مستقلة عن المفردات المكونة لها، وإذ كان الثابت من الأوراق أن المحل التجاري مثار النزاع مملوك على الشيوع لورثة المرحوم ... وليس من بينهم الطاعنين فيكون بيع أحد الشركاء حصته الشائعة فى هذا المحل لهما هو بيع لأجنبيين يجوز فيه لأي من الشركاء والآخرين حق استرداد الحصة المبيعة عملاً بنص المادة المذكورة.

(الطعن رقم 976 لسنة 53 جلسة 1989/01/30 س 40 ع 1 ص 342 ق 66)

شرح خبراء القانون

تنص المادة 833 مدني على ما يأتي :

1 - للشريك في المنقول الشائع أو في المجموع من المال أن يسترد قبل القسمة الحصة الشائعة التي باعها شريك غيره لأجنبي بطريق الممارسة، وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ عمله بالبيع أو من تاريخ إعلانه به ويتم الاسترداد بإعلانه يوجه إلى كل من البائع والمشتري، ويحل المسترد محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته إذا هو عوضه عن كل ما أنفقه.

2 - وإذا تعدد المستردين، فلكل منهم أن يسترد بنسبة حصته ويخلص من هذا النص أن القانون أعطى للشريك في الشيوع حق استرداد الحصة الشائعة التي باعها شريك آخر وسنرى أن في الشفعة أيضاً يكون للشريك في الشيوع حق استرداد الحصة الشائعة التي باعها شريك آخر، فحق الاسترداد وحق الشفعة متماثلان من هذا الوجه وقد كان التقنين المدني السابق يطلق حق الاسترداد في المنقول والعقار، فترتب على ذلك أن تزاحم في العقار حق الاسترداد مع حق الشفعة، ولكل من الحقين إجراءاته الخاصة به وقد أراد التقنين المدني الجديد تجنب هذا التزاحم فرسم لكل من الحقين نطاقه الخاص .فحق الشفعة، ومصدره التاريخي هو الشريعة الإسلامية،إنما يرد في بيع حصة شائعة في العقار، وقد يرد في غير الشيوع، ومن ثم لا يمكن قصره على الشيوع فوجبت معالجته ضمن أسباب كسب الملكية أما حق الاسترداد، ومصدره التاريخي هو القانون الفرنسي ومع ذلك فقد خالف التقنين المصري الفرنسي في حق الاسترداد من وجوه مختلفة منها أن هذا الحق مقصور في فرنسا على الشيوع الوراثي، وهو جائز في مصر أياً كان سبب الشيوع ثم هو في فرنسا لا يرد إلا في مجموع من المال هو التركة، ويرد في مصر، إلى جانب المجموع من المال، في المنقول الشائع القائم بذاته وفي فرنسا يصح استعمال الحق في أية معاوضة ولو لم تكن بيعاً، أما في مصر فلا يصح استعمال الحق إلا في البيع وليس لاستعمال الحق في أية معاوضة مواعيد معينة، أما في مصر فيتعين استعماله في خلال مدة معينة .

انظر في حق الاسترداد في فرنسا : أوبر ورو 10 طبعة خامسة فقرة 621 ثالثاً ص 125 - ص 150 - بيدان وليبال 5 مكرر في المواريث طبعة ثانية سنة 1936 فقرة 887 وما بعدها – بلانيول وربير وموري وفبالتون 4 في المواريث طبعة ثانية سنة 1955 فقرة 551 وما بعدها – بلانيول وربير ورولانجيه 4 سنة 1959 فقرة 2816 وما بعدها – بودر وقال في المواريث 3 طبعة ثالثة فقرة 2575 وما بعدها – انسيكلوبيديا داللوز 5 سنة 1955 لفظ ص 196 - ص إنما يرد في بيع حصة شائعة في المنقول أو في مجموع من المال ولو اشتمل هذا المجموع على عقار فهذا الحق هو إذن ملازم للشيوع، ولذلك نعالجه في هذا المكان وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي، في خصوص الفصل ما بين نطاق حق الشفعة ونطاق حق الاسترداد، ما يأتي : " قصر المشروع حق الاسترداد الحصة الشائعة على المنقول دون العقار، وجعل الشفعة في العقار مغنية عن هذا الحق، حتى لا تتضارب الحقوق في الميدان الواحد " ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 98 ) .وهناك فروق كثيرة ما بين حق الشفعة وحق الاسترداد، تبررها الأهمية العملية الواضحة لحق الشفعة وكثرة ممارسة هذا الحق في التعامل، واختلاف مصدره التاريخي عن المصدر التاريخي الذي لحق الاسترداد . وقد كان واجبا أن يحتفظ التقنين المدني الجديد بحق الشفعة للأسباب المتقدمة، وأن يعتد فيها بأحكام الشريعة الإسلامية وبما قرره القضاء والفقه من مبادئ كثيرة هامة في عهد التقنين المدني السابق، لم يكن سديداً إخضاع حق الاسترداد لجميع القواعد المعقدة المقررة في حق الشفعة ( انظر مع ذلك إسماعيل غانم فقرة ص 187 - حسن كيرة فقرة 121 ص 406 - ص 407 ) مع ندرته في العمل، لمجرد التماثل في الطبيعة ما بين حق الشفعة وحق الاسترداد كذلك لم يكن سديداً حذف حق الاسترداد في المنقول والمجموع من المال، فلا يزال هذا الحق مفيداً في هذه الدائرة فاقتضى الأمر الجمع بين الحقين، مع تحديد نطاق كل منهما على الوجه الذي بيناه.

وقد قضت محكمة النقض بأن الشفعة والاسترداد، وإن كانا متفقين في أن كلا منهما يؤدي إلى نوع من الافتئات على حرية التبايع وإلى نزع الملك جبراً على مشتريه، فإنهما مع ذلك حقان متغايران من حيث المصدر والحكمة والسبب والمحل وذلك بأن الشفعة مصدرها القوانين الإسلامية، وحكمتها دفع الضرر شريك جديد أو جار طارئ، وسببها الموجب لها هو اتصال ملك الشفيع بالمبيع اتصال شركة أو جوار، ومحلها أن يكون المبيع عقاراً فلا شفعة في منقول أما الاسترداد فمصدره القانون الفرنسي، وحكمته حفظ أسرار التركات وكف الأجانب عن النفاذ إليها وجعل الورثة في مأمن من دخيل يطرأ فيفسد عليه محيطهم العائلي، وسببه الشركة في الإرث، ومحله أن يكون المبيع حصة إلى من حصة التركة عامة متطوراً كوحدة قانونية تنتظم كل ما يقوم بمال من حقوق والوجبات ( نقض مدني 21 نوفمبر سنة 1946 مجموعة المكتب الفني في خمسة وعشرين عاماً جزء أول.

ويتبين من النص الذي أسلفناه أن لحق لاسترداد شروطاً يجب توافرها وله إجراءات خاصة به، وتترتب عليه آثار معينة .

نطاق حق الاسترداد : نحدد أولاً نطاق حق الاسترداد، فهذا النطاق هو الذي يهيمن على شروطه وقد قدمنا أن حق الاسترداد لا يرد إلا في منقول شائع قائم بذاته، وإلا في مجموع المال ولو اشتمل هذا المجموع على عقار .

فالعقار الشائع المعين بالذات لا يكون محلاً لحق الاسترداد، وإنما هو محل لحق الشفعة الذي سنبسط أحكامه عند الكلام في أسباب كسب الملكية، وحق الشفعة هو الذي يرد، حتى لو كان سبب الشيوع في العقار هو الميراث، وحتى لو كان العقار هو كل ما تركه المورث . فإذا باع أحد الورثة لأجنبي حصته الشائعة في عقار معين بالذات، ولو كان هذا العقار داخلاً في التركة، بل لو كان هو كل التركة، فإن أخذ باقي الورثة لهذه الحصة من الأجنبي إنما يكون عن طريق حق الشفعة لا عن طريق حق الاسترداد نقض مدني 29 مارس سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 94 ص 531 16 فبراير سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 30 ص 225 - إسماعيل غانم 83 ص 189 - حسن كيرة فقرة 123 ص 411 - منصور مصطفى منصور فقرة 66 ص.

وقد كان القضاء، في عهد التقنين المدني السابق، قد استقر بعد تردد على قصر حق الاسترداد على المجموع من المال كان القضاء في مبدأ الأمر يذهب إلى جواز استرداد الحصة الشائعة في المجموع من المال أو في عين معينة يصعب على المشتري تسلمها بدون أن يطلع على أسرار التركة ( استئناف وطني دوائر مجتمعة 30 نوفمبر سنة 1922 المحاماة 3 رقم 40 ص 71 - نقض مدني 8 يونيه سنة 1944 . مجموعة عمر 4 رقم 150 ص 414 – 24 مايو سنة 1945 مجموعة عمر رقم 259 ص 698 ) . ثم عدل عن ذلك، واستقر على قصر حق الاسترداد على الحصة الشائعة في المجموع عن المال، دون الحصة الشائعة في عين بالذات، لأن حلول أجنبي محل أحد الشركاء في جزء شافع في مجموع التركة هو وحده الذي قدر فيه الشارع الفرنسي إذاعة أسرار التركة وإفساد محيطها، ولهذا نيط ثبوت حق الاسترداد في فرنسا ببيع حصة شائعة في مجموع الملك كله، لا يبيع حصة شائعة في عين معينة منه وإذا كان هذا هو مناط الاسترداد في فرنسا، فهو بذاته مناطه في مصر، إذ ليس في نص المادة 462 / 561 مدني ( قديم ) ما يفيد أن الشارع المصري أراد بوضعها استحداث قاعدة جديدة لها عنده حكمة غير الحكمة التي أملتها المادة 841 مدني فرنسي على الشارع الفرنسي .. وحيث أن الأخذ بمطلق لفظ الحصة الشائعة الذي ورد في نص المادة 462 / 561 مدني ( قديم )…يؤدي إلى جواز الاسترداد مع جواز الشفعة كلما كان المبيع حصة شائعة في عقار معين من الملك المشترك، وهو ما لا يمكن أن يكون الشارع المصري قد أراده لأنه لم يقيد حق الاسترداد بمثل ما قيد به حق الشفعة من مواعيد وإجراءات، فإذا أجير الاسترداد مع جواز الشفعة لترتب على هذا الجواز الاستغناء بالاسترداد عن الشفعة خلاصاً من قيودها، وفي ذلك تعطيل للأحكام التي لم تضع هذه القيود عبثاً ( نقض مدني 21 نوفمبر سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 110 ص 248 - 13 مارس سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 170 ص 380 - 22 مايو سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 208 ص 447 - 19 نوفمبر سنة 1948 مجموعة عمر 5 573 ص 546 - 29 مارس سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 94 ص 531 - 12 يونيه سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 188 ص 1194 - 4 ديسمبر سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 26 ص 162 - 16 فبراير سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 30 ص 225 ). دون المنقول المعين بالذات حيث لم يجعل فيه لا استردادا ولا شفعة، ودون العقار المعين بالذات حيث جعل فيه حق الشفعة دون حق الاسترداد، أما التقنين المدني الجديد فهو صريح، كما رأينا، في أن حق الاسترداد يرد في المجموع من المال وفي المنقول المعين بالذات (م 833 مدني) .ومثل المجموع من المال هو التركة والمتجر فإذا باع أحد الورثة حصته الشائعة في التركة لأجنبي، كان لباقي الورثة أخذ هذه الحصة من الأجنبي عن طريق حق الاسترداد، حتى لو كانت التركة تشتمل على عقارات كما سبق القول، ما دامت هذه العقارات مندمجة في هذا المجموع من المال وإذا باع أحد أصحاب المتجر حصته الشائعة في المتجر لأجنبي، كان لباقي أصحاب المتجر أخذ هذه الحصة من الأجنبي عن طريق حق الاسترداد.

وكذلك يرد حق الاسترداد، في التقنين المدني الجديد، على المنقول الشائع المعين بالذات، أي غير المندمج في مجموع من المال، كالسيارات والحلي والجواهر والأواني وأثاث المنزل ويستوي أن يكون الشيوع، في المجموع من المال أو المنقول العين بالذات، ناشئاً عن الإرث أو عن غيره أما في فرنسا يرد حق الاسترداد، كما قدمنا، إلا في الشيوع الوراثي.

وغذ تحدد نطاق حق الاسترداد على هذا النحو، فإن الشروط الواجب توافرها لاستعمال هذا الحق أربعة : ( 1 ) أن يصدر بيع من أحد الشركاء في الشيوع . (2)أن يرد هذا البيع على حصة شائعة في منقول أو مجموع من المال . ( 3 ) أن يصدر البيع إلى أجنبي عن الشركاء . ( 4 ) أن يكون المسترد هو أحد الشركاء .

ميعاد الاسترداد : يجب طلب الاسترداد قبل القسمة، ويكون ذلك كما تقول المادة 833 / 1 مدني فيما رأينا " خلال ثلاثين يوماً من تاريخ علمه علم الشريك المسترد بالبيع أو من تاريخ إعلانه به .

والذي يقع عملاً هو أن الشريك البائع لحصته الشائعة، أو من اشتري منه هذه الحصة، يبادر لم يعين القانون ميعادا للإعلان، بل ترك ذلك ليقظة صاحب الشأن مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 98 إلى إعلان باقي الشركاء بالبيع، ولم يشترط القانون أن يكون هذا الإعلان رسمياً على يد محضر كما اشترط ذلك في الشفعة، ومن ثم يصح أن يكون بكتاب مسجل أو غير مسجل، ويصح أن يكون شفوياً ولكن يقع عبء الإثبات على الشريك البائع والمشتري.

ومتى تم الإعلان للشركاء، فعلي الشريك الذي يريد أن يسترد أن يطلب الاسترداد من كل من الشريك البائع والمشتري، وذلك في خلال ثلاثين يوماً من يوم إعلانه بالبيع.

وليس إعلان البيع ضرورياً، فقد لا يعلن الشركاء بالبيع، ومع ذلك إذا ثبت علم شريك فعلاً بهذا البيع، فإن هذا الشريك يجب إذا أراد الاسترداد أن يطالب به في خلال ثلاثين يوماً من يوم علمه بالبيع وعبء إثبات العلم بالبيع يقع على الشريك البائع وعلى المشتري، والعلم واقعة مادية يجوز إثباتها بجميع الطرق.

فإذا انقضى ميعاد الثلاثين يوما محسوباً من يوم إعلان بالبيع أو من يوم العلم به بحسب الأحوال، ولم يطلب أي من الشركاء الاسترداد أو طلب أحد الشركاء الاسترداد بإعلان وجهه في الميعاد للبائع دون المشتري، أو للمشتري دون البائع، إذ أن طلب الاسترداد لا يعتد به إلا إذا وجه في الميعاد القانوني إلى كل من المشتري والبائع فقد سقط الحق فيه، وأصبح بيع الحصة الشائعة للأجنبي بيعاً باتاً لا يجوز الاسترداد فيه.

كيف يحصل الاسترداد :

كل ما قاله القانون في هذا الشأن هو أن الاسترداد يتم "بإعلان يوجه إلى كل من البائع والمشتري" (م 833 / 1 مدني) فمن يريد من الشركاء استرداد الحصة الشائعة المبيعة، عليه أن يعلن، في خلال ثلاثين يوماً من يوم إعلانه بالبيع، أو من يوم علمه به، كلا من البائع والمشتري أنه يسترد الحصة المبيعة ولم يحدد القانون هنا أيضاً،كما حدد للشفعة، شكلاً خاصاً للإعلان فيجوز أن يكون الإعلان على يد محضر وهذا هو الأسلم، كما يجوز أن يكون بكتاب مسجل مصحوب بعلم وصول أو غير مصحوب به، أو بكتاب غير مسجل، بل قد يكون الإعلان شفوياً على أن يكون عبء إثباته على الشريك المسترد .

ويجب على الشريك، وهو يسترد الحصة الشائعة المبيعة، أن يعرض استعداده، في الإعلان الذي يطلب فيه الاسترداد، لدفع الثمن والفوائد والمصروفات . ولكن لا يشترط أن يعرض ذلك عرضاً حقيقياً، بل ولا أن يودع الثمن خزانة المحكمة كما يجب الإيداع في الشفعة بل يكفي أن يظهر المسترد استعداده لأن يدفع الثمن وملحقاته للبائع، أو للمشتري إذا كان قد دفع الثمن للبائع.

فإذا استرد الشريك الحصة الشائعة المبيعة على النحو الذي قدمناه، بأن أعلن كلا من البائع والمشتري باسترداده لهذه الحصة وباستعداده لدفع المقابل، فإنه لا يبقى بعد ذلك إلا أن يتسلم المسترد الحصة الشائعة وان يدفع المقابل أما للبائع إذا كان هذا لم يتسلم شيئاً من المشتري، أو للمشتري نفسه إذا كان قد دفع الثمن للبائع .

وفي رأينا أنه لا حاجة إلى تنظيم دعوى قضائية بشيء من ذلك كما نظمت دعوى الشفعة، وذلك على أساس أن الاسترداد يكون قد تم فعلاً بمجرد إعلانه لكل من البائع والمشتري على الوجه الذي قدمناه، ونستند في ذلك إلى التفصيل الذي سنورده فيها يلي متعلقاً بتحديد الوقت الذي يتم فيه الاسترداد .

وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأن المادة 462 مدني ( قديم ) لم توجب على طالب الاسترداد أن يعرض الثمن خلافاً لما هو مقرر في قانون الشفعة، وهذا يفيد أنه لا يجوز رفض طلب الاسترداد بمقولة أن الثمن الذي عرضه الطالب هو دون الثمن الذي ثبت لدى القضاء أنه الثمن الحقيقي، إلا أن أعرض الطالب عن الاسترداد مقابل هذا الثمن بعد أن تتاح فرصة العلم به فإذا كان ثمن الحصة المبيعة بقى مختلفاً عليه إلى أن حسمت محكمة الاستئناف هذا الخلاف بحكمها مثبتة فيه الثمن الحصة المبيعة بقى مختلفاً عليه إلى أن حسمت محكمة الاستئناف هذا الخلاف بحكمها مثبتة فيه الثمن الحقيقي، ثم حكمت المحكمة في ذات الوقت برفض طلب الاسترداد لكون الطالب لم يبد استعداده لدفع هذا الثمن، فإنها تكون قد خالفت القانون ( نقض مدني 18 أبريل سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 65 ص 152. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الثامن، الصفحة/ 1126)

للشريك في المنقول الشائع أو في المجموع من المال، أن يسترد الحصة الشائعة التي باعها شريك آخر الأجنبي بطريق الممارسة، إذا توافرت الشروط التالية:

1- وجود عقد بيع تام صادر من أحد الشركاء، فلا يجوز الاسترداد إذا كان البيع في مرحلة التمهيد ولو صدر ایجاب ملزم، ولا في الهبة أو الوصية أو المقايضة أو في غير ذلك من التصرفات التي لا تكون بيعاً، على أن يتم البيع اختباراً أي بالممارسة، فلا يجوز الاسترداد إذا كان البيع جبراً بالمزاد تنفيذاً لحجز أوقعه دائن الشريك أو بمزاد تم وفقا لأحكام القانون إذ كان للمسترد الدخول فيه.

2 - أن يرد البيع على حصة في منقول شائع أو في مجموع من المال، سواء تم بيعها شائعة أو مفرزة، ذلك أن الإفراز ينحصر في الشريك البائع والمشترى منه، وتظل الحصة شائعة في العلاقة بين هذا الشريك وباقي الشركاء فلا يحاج الأخيرون بهذا الإفراز، وبالتالي يعتبر البيع بالنسبة لهم وارداً على حصة شائعة في المنقول الشائع أو في المجموع من المال، ويكون لأي منهم الحق في استردادها.

ويرد الاسترداد على الحصة التي يبيعها أحد الشركاء، وهي دائماً تكون شائعة إذا وردت على منقول، فان وردت على مجموع من المال كمصنع ألحق به أرض زراعية لتصنيع الناتج منها وأرض فضاء ومخازن، جاز أن يرد البيع على حصة شائعة أو مفرزة كما لو ورد البيع على الأرض الفضاء الداخلة في هذا المجموع وحينئذ يرد على هذا البيع الاسترداد دون الشفعة رغم تعلق البيع بعقار، إذ طالما كان البيع واردة على حصة في مجموع من المال، فيرد عليه الاسترداد دون الشفعة.

ووفقاً لقواعد الشيوع لا يحاج باقي الشركاء بالتصرف الوارد على حصة مفرزة فيظل بالنسبة لهم وارداً على حصة شائعة ويجوز لهم استردادها .

وإذا تعددت عناصر التركة، بتعدد عقاراتها، كانت مجموعاً من المال يرد عليه الاسترداد دون الشفعة فلا يلتزم المسترد بإجراءات الشفعة وللمحكمة إعطاء الدعوی کیفها الصحيح ثم تنزل عليها القواعد التي تتفق مع هذا التكييف بحيث أن رفع الوارث دعواه باعتبارها دعوى شفعة ولم يلتزم باجراءاتها فلا تقضي المحكمة بسقوط حقه وإنما تفصل فيها باعتبارها دعوى استرداد الحصة المبيعة وفقاً للمادة 833 من القانون المدني بحيث إذا توافرت شروطها قضت بالاسترداد.

3 - أن يتم البيع لأجنبي عن الشيوع، فإن تم لأي من الشركاء الآخرين، مهما كانت حصته، فلا يجوز لأي شريك آخر أن يولي الاسترداد إذ أن جميع الشركاء في درجة واحدة قياساً على الشفعة.

4 - أن يكون النرد شريكاً في المال، وأن تثبت له هذه الصفة عند بيع الحصة التي يريد استردادها وأن يقی شریكاً حتى يتم الاسترداد أو ترفع به الدعوى ويثبت هذا الحق للخلف العام كالوارث والخلف الخاص كالمشتري، كما لا يجوز الاسترداد إذا تمت القسمة فإن كانت دعوى الاسترداد قد رفعت تعین القضاء بعدم قبولها .

وإذا تعدد المستردون، فلكل منهم أن يعترض بنسبة حصته، وهذا حق شخصی فلا يجوز لدائني الشريك استعمال حقه في الاسترداد.

ويقوم المسترد بإعلان رغبته في الاسترداد لكل من البائع والمشترى، ومتى تم الإعلان أو علم الشريك بالبيع أن لم يعلن إليه، تعين عليه المطالبة بالاسترداد خلال ثلاثين يوماً ابتداء من وقت الإعلان أو العلم، ويسرى هذا الميعاد بالنسبة لكل شريك على حدة، فإذا انقضى الميعاد دون أن يستعمل أحد من الشركاء، رغم إعلانه أو علمه، حقه في الاسترداد سقط هذا الحق وأصبح البيع باتاً نافذاً في حق باقي الشركاء.

ومتى تم الاسترداد كان ذلك بأثر رجعي فيعتبر أن البيع تم منذ البداية للمسترد ويترتب على ذلك :

1- يسقط أي تصرف اجراه المشتري على الحصة كرهن أو حق انتفاع، وإذا استحقت الحصة فلا يرجع المسترد بضمان الاستحقاق على المشتري بل على البائع، وإذا كان المشتري دفع الثمن قبل الاسترداد التزم المسترد برده إليه مع فوائده من يوم دفعه وما تحمله من نفقات كرسوم التسجيل والسمسرة ومصروفات الحفظ والصيانة، على أن يلتزم المشتري برد الثمار التي حصل عليها من يوم البيع ليوم الاسترداد.

2- يحل المسترد محل المشتري في ذات العقد بما تضمنه من شروط، كتقسيط الثمن أو تأجيله على أن يقدم للبائع تأمينا إذا طلب ذلك، ولا يلتزم المسترد إلا بدفع الثمن الحقيقي وله اثبات صورية الثمن الوارد بالعقد بجميع الطرق، ويلتزم البائع بنقل الملكية للمسترد من وقت البيع لا من وقت الاسترداد فإن كانت الحصة مجموع من المال تشتمل على عقار وجب التسجيل، فإن كان المشتري قد سجل اكتفى المسترد بالتأشير بالاسترداد على هامش هذا التسجيل واذا سجل المسترد صحيفة دعوى الاسترداد فإن الحكم بالاسترداد يحتج به على من ترتبت لهم حقوق عينية من المشتري بعد تسجيل الصحيفة، واذا تعاقبت البيوع، حصل الاسترداد من المشتري الثاني وبالشروط التى اشترى بها إذا تم البيع الثاني قبل إعلان المسترد رغبته في الاسترداد .

3 - يعتبر البيع في العلاقة بين البائع والمشتري، كأن لم يكن، فليس للبائع مطالبة المشتري بالثمن وليس للمشترى مطالبة البائع بنقل الملكية أو بضمان الاستحقاق، وتلقي المقامية التي وقعت بين الثمن وبين حق للمشتري في ذمة البائع فيعود هذا الحق في ذمة البائع كما يزول اتحاد الذمة .

طلب استرداد الحصة المبيعة في المنقول الشائع أو في مجموع من المال، هو طلب لا يقبل التجزئة، ويسقط الحق فيه إذا لم يعلن المسترد كل من البائع والمشتري ولو تعدداً خلال المدة التي حددتها المادة 833 من القانون المدني، أما إذا تم إعلانهما في الميعاد، ورفع المستورد الدعوى على أحدهما فقط، وجب على المحكمة أن تكلفه باختصام الآخر. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الحادي عشر، الصفحة/ 455)

حق الاسترداد (retrait) هو حق الشريك في المنقول الشائع أو في المجموع من المال في أن يحل محل المشتري للحصة الشائعة التي باعها شريك غيره لأجنبي.

وحق الاسترداد وحق آخر هو حق الشفعة تغياً منهما الشارع أن يمكن الشركاء من منع دخول أجنبي بينهم في الشيوع. ولكل من الحقين نطاقه الذي يباشر فيه، فحق الاسترداد لا يكون إلا في بيع الحصة الشائعة في منقول أو في مجموع من المال، وحق الشفعة لا يكون إلا في بيع الحصة الشائعة في عقار معين. وبذلك لا يكون أمام الشريك في بيع معين إلا طريق واحد يتحدد بحسب المال الذي تخرج منه الحصة المبيعة.

ولئن كان حق الاسترداد وحق الشفعة يتفقان في المبررات التي تنهض بهما في الشيوع، إلا أن للشفعة نطاقاً يجاوز حالة الشيوع، فلها أسباب عديدة يعتبر الشيوع واحداً منها. ولذلك تنفرد الشفعة بقيود وأحكام لا نجدها في الاسترداد.

والمصدر التاريخي لحق الاسترداد هو القانون الفرنسي، أما المصدر التاريخي لحق الشفقة فهو الشريعة الإسلامية.

نطاق حق الاسترداد :

(أ) من حيث الموضوع :

لا يثبت حق الاسترداد إلا بالنسبة إلى الحصة الشائعة في منقول معين، أو مجموع من المال، كالتركة التي تتكون من عناصر متعددة، وأموال الشركة بعد حلها، والمتجر وهو يتكون من عناصر متعددة حتى لو حوى هذا المجموع عقاراً، إذ المجموع في حد ذاته يعتبر منقولاً معنوياً. أما إذا كان المبيع حصة شائعة في عقار معين فإنه لا يجوز الاسترداد، ولا سبيل في هذه الحالة للحلول محل المشترى إلا عن طريق الشفعة.

وعلى ذلك فحق استرداد الحصة الشائعة يثبت أياً كان مصدر الشيوع، فیستوى أن يكون الشيوع ناشئاً عن الإرث أو غير ذلك من الأسباب.

ولا يجوز الاسترداد إلا في كل الحصة المبيعة، حيث لا تجوز تجزئة الصفقة على المشتري، وذلك حتى يتحقق الغرض من الاسترداد، وهو عدم دخول الأجنبي في الشيوع، لأنه لو أجيز استرداد بعض الحصة المبيعة لبقى المشتري شريكاً في الشيوع بالجزء المتبقي، وبذلك تنتفي العلة من الاسترداد.

(ب) من حيث الأشخاص :

يثبت حق الاسترداد لكل شريك في الشيوع وقت البيع، وذلك دون تفرقة بين شريك أصلي، وهو الذي كان موجوداً منذ بدء الشيوع، وشريك عارض وهو الذي لم يدخل في الشيوع إلا في تاريخ لاحق، کورثة الشركاء الأصليين، والموصى لهم بحصة أحد الشركاء، والشريك الذي يشتري حصة أحد الشركاء ويحل محله. فلا يحرم من هذا الحق إلا الشركاء الطارئين بعد البيع، فليس لهم التضرر من حالة سابقة على نشوء حقهم.

ولكن ليس لدائني الشريك أن يستردوا باسمه عن طريق الدعوى غير المباشرة، لأن الاسترداد رخصة، ولا يجوز للدائن بالدعوى غير المباشرة أن يستعمل ما للمدين من رخص.

ولكن سبق أحد الشركاء إلى المطالبة بالاسترداد لا يؤدي إلى حرمان باقيهم من استعمال هذا الحق، مادامت لم تمض المواعيد القانونية التي حددها القانون لاستعماله.

وقبول الشركاء مشاركة أجنبي باعه أحدهم حصته، لا يمنعهم من أن يعودوا إلى طلب استرداد هذه الحصة بالذات إذا تصرف فيها هذا الشريك الطارئ بالبيع لأجنبي آخر، لأن المادة لم تفرق بين البيع الصادر من شريك أصلي لأجنبي وبين البيع الصادر من هذا الشريك الطارئ لأجنبی آخر إذ كلاهما قد يضر بمن هم شركاء في الملك في وقت البيع.

شروط الاسترداد :

يشترط لثبوت حق استرداد الحصة الشائعة توافر الشروط الآتية :

الشرط الأول :

أن يكون التصرف الصادر من الشريك بيعاً. وهذا ما تنص عليه صراحة المادة 833 مدني. ومن ثم إذا كان التصرف الناقل للملكية ليس بيعاً، لما جاز الاسترداد، يستوي أن يكون بمقابل كالمقايضة أو بغير مقابل کالهبة والوصية.

وتستند هذه التفرقة على أنه في غير حالة البيع يصعب على الشريك المسترد أن يقدم للشريك المتصرف نفس ما قدمه المتصرف إليه مقابلاً للحصة، سواء كان هذا المقابل مادياً أو أدبياً.

فإذا كان محل البيع إنشاء حق انتفاع مع بقاء الشريك البائع مالكاً لحصته، فلا يجوز الاسترداد. ومن هذا يتضح ضيق نطاق الاسترداد عن نطاق الشفعة .

غير أنه ينبغي مراعاة أن وصف التصرف ليس مما يستقل به طرفاه، ومن ثم يجوز للمسترد - وهو من الغير - أن يثبت أن وصف التصرف بغير البيع ليس مما يطابق الواقع وأنه بيع في حقيقته، ويكون له أنه يكشف عن التكييف الحقيقي بكافة طرق الإثبات.

الشرط الثاني :

أن يكون المبيع حصة شائعة :

يشترط أن يكون المبيع حصة شائعة، لأن بيع الحصة الشائعة هو الذي يؤدي إلى دخول الأجنبي شريكا في الشيوع والغرض من الاسترداد هو منع دخول الأجنبي.

فلا يجوز الاسترداد إذا كان البيع وارداً على جزء مفرز من المال الشائع، لأن هذا البيع لا ينفذ في حق الشركاء الآخرين ولا يترتب عليه بالتالي دخول المشترى شريكاً في الشيوع، وبذلك تنتفي الحكمة من الاسترداد.

وإذا كانت الحصة المبيعة شائعة، فلا يجوز للمسترد أن يسترد نسبة منها إذا فوق أن في استرداد هذه النسبة تبعيضاً غير جائز للصفقة، فإنه لا يؤدي إلى تحاشى المساوئ المترتبة على دخول الأجنبي الذي سيظل شريكا بحصة ضئيلة أو كبيرة. أما إذا بيعت أكثر من حصة لأكثر من أجنبي، فإنه يجوز للشريك أو الشركاء أن يستردوا الحصة المبيعة لواحد منهم، فقد يتضرر الشركاء من دخول أحد المشترين معهم في حين لا يتضررون من دخول الآخر.

الشرط الثالث:

أن يكون البيع صادراً لأجنبي:

يشترط أن يكون البيع صادراً للأجنبي، فإذا كان المشترى هو أحد الشركاء، فلا يجوز الاسترداد، لأن البيع حينئذ لن يؤدي إلى دخول أجنبي بين الشركاء، وبذلك تنتفي الحكمة من الاسترداد.

الشرط الرابع:

أن يكون البيع قد تم بطريق الممارسة:

يشترط أن يكون البيع قد تم بطريق الممارسة. فإذا كان البيع قد تم بطريق المزاد ورسا المزاد على أجنبي فلا يجوز الاسترداد، إذا كانت لدى الشركاء فرصة الدخول في المزاد فلا يمكن الأجنبي من رسو المزاد عليه، فتخلفهم عن ذلك رضاء ضمني منهم بأن يكون الأجنبي شريكاً.

والبيع بالمزاد العلني الذي يمنع من استعمال حق الاسترداد هو البيع الجبري والاختياري على حد سواء.

غير أنه يشترط أن يكون البيع قد تم وفقاً لإجراءات رسمها القانون. وإذا كان المشرع لم ينص صراحة على أن البيع بالمزاد الذي يحول دون الاسترداد هو البيع بالمزاد العلني وفقاً لإجراءات رسمها القانون، في حين أنه نص على ذلك بالنسبة للشفعة (م 939 / 1 - (أ) مدنی). إلا أنه يجب إعمال هذا الحكم بالنسبة للاسترداد، لأن البيع بالمزاد الذي يتم وفقا لإجراءات رسمها القانون هو الذي تتحقق فيه الضمانات التي تكفل علم الشركاء به كما تكفل جدية المزاد. وعلى ذلك فإذا عرض أحد الشركاء حصته للبيع في مزاد بغير إجراءات رسمها القانون، فلا يحول هذا دون سائر الشركاء وطلب الاسترداد، إذ يبرر تقاعس الشريك لا على أساس عزوفه عن تلك الحصة المبيعة بل على أساس عدم اطمئنانه لإجراءات البيع.

يجب على المسترد أن يعلن البائع والمشتري برغبته في الاسترداد.

ويتضمن الإعلان رغبة المسترد في استرداد الحصة المبيعة، مع استعداده لدفع الثمن مع ملحقاته لصاحب الحق فيه.

وفيما عدا تحديد ميعاد لإعلان رغبة الشريك في الاسترداد لم ينص القانون على وجوب القيام بأي إجراء آخر، ولذلك فلا يلزم المسترد بإيداع الثمن الذي حصل به البيع خزانة المحكمة، وذلك على خلاف ماهو مقرر في الشفعة (م 942 / 2 ) ولا حتى بعرضه عرضاً حقيقياً.

لم يبين القانون شكل الإعلان بالاسترداد، ومن ثم فإنه يجوز أن يتم بأي طريقة، فلا يشترط أن يكون رسمياً، وذلك على خلاف ما هو مقرر في الشفعة حيث نصت الفقرة الأولى من المادة 942 مدنى على أن إعلان الرغبة بالشفعة يجب أن يكون رسمياً وإلا كان باطلاً فيكفي أن يكون إعلان الاسترداد بخطاب مسجل أو بخطاب عادي أو حتى شفاهة، ويقع على عاتق من يدعى حصول الإعلان إثباته.

ميعاد الإعلان :

أوجبت الفقرة الأولى من المادة 833 أن يكون إعلان البائع والمشتري بالاسترداد خلال ثلاثين يوماً من تاريخ علمه بالبيع أو من تاريخ إعلانه به. ويجب أن يتم الإعلان للبائع والمشتري خلال هذا الميعاد فإذا لم يعلنا خلال هذا الميعاد أو لم يعلن أحدهما خلاله سقط حق المسترد في الاسترداد.

فميعاد الإعلان المذكور يبدأ إما من تاريخ إعلان البائع الشريك بالبيع أو من تاريخ علم الشريك بالبيع.

ولم يحدد القانون ميعاداً للإعلان بالبيع بل ترك الأمر ليقظة صاحب الشأن. كما أنه لم يشترط أن يكون الإعلان رسمياً، وذلك على خلاف ماهو مقرر في الشفعة (م 1/942 مدنى) فيصح الإعلان بأي طريق، كالشأن فى إعلان الاسترداد، فيكون بإعلان على يد محضر أو بخطاب مسجل أو بخطاب عادي أو حتى شفاهة. ويقع على من يدعى حصول الإعلان إثباته.

والإعلان الذي يبدأ منه الميعاد، يجب أن يشتمل على شروط البيع ومنها مقدار الثمن الذي تم به، حتى يستطيع الشركاء أن يعملوا إرادتهم في الصفقة فيستردونها أو يتركونها، والمقصود بالعلم الذي يبدأ منه سقوط الحق في طلب استرداد الحصة هو العلم الحقيقي بشروط البيع شاملة الثمن المدفوع دون العلم الظني. ويجوز إثبات هذا العلم بكافة طرق الإثبات القانونية لأنه يرد على واقعة مادية.

وعبارة من تاريخ علمه بالبيع أو من تاريخ إعلانه به أن العبرة في بدء الميعاد بأي الأمرين أسبق، فإذا كان الإعلان سابقاً على العلم بدأ الميعاد من تاريخ الإعلان، وإذا كان العلم سابقاً على الإعلان بدأ الميعاد من تاريخ العلم.

ويجب أن يتم الإعلان إلى الشريك البائع والمشتري خلال الميعاد سالف الذكر وفقاً للقواعد المقررة في قانون المرافعات، ولا عبرة بتسليم ورقة الإعلان لقلم المحضرين.

إذا أسفر إعلان المسترد البائع والمشتري باسترداد الحصة المبيعة عن موافقتهما على الاسترداد، فإن الاسترداد يكون قد تم باتفاق الطرفين ويحل المسترد محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته ويعوض المسترد المشتري كل ما أنفقه، مع مراعاة التسجيل لنقل ملكية العقار إذا كانت الحصة شائعة في مجموع من المال يشمل على عقارات. ومن ثم فلا يضحى ثمة محل لرفع دعوى في هذه الحالة.

ثانياً : رفع دعوى الاسترداد :

إذا لم يتم استرداد الحصة المبيعة بالتراضي بعد إعلان الاسترداد تعیین على المسترد رفع دعوى الاسترداد أمام المحكمة المختصة. وترفع الدعوى ضد الشريك البائع والمشتري في كافة مراحل التقاضي ويترتب على عدم إعلان أحدهما بالدعوى عدم قبولها بالنسبة للثاني الذي تم إعلانه فهي دعوى غير قابلة للتجزئة، لأن الاسترداد عندما يتم فهو يتم في مواجهة كل من البائع والمشتري إذ يترتب عليه حلول المسترد محل المشتري في علاقته بالبائع. وتقضي المحكمة بعدم القبول من تلقاء نفسها.

إعلان الرغبة في الاسترداد في الميعاد ضروري لقيام الحق فيه، ولو تم الاسترداد بالتراضي بين المسترد والمتبايعين. فإذا لم يعلن المسترد رغبته في الميعاد، وتراضي الجميع - مع ذلك - على نزول المشتري عن الحصة المبيعة إلى الشريك، لم يكن هذا استعمالاً لحق الاسترداد، بل كان تقابلاً من البيع الأول وإبرام بيع جديد بين الشريكين. ولما كان التقايل لا يمس حقوق الغير فإن الحصة الشائعة تعود إلى البائع مثقلة بما يكون المشتري قد رتبه عليها من حقوق وتنتقل بها إلى الشريك الآخر.

فليس الاسترداد إعادة بيع من المشتري إلى المسترد، وإنما هو إحلال المسترد محل المشتري في الصفقة التي عقدها هذا الأخير مع الشريك البائع. فهو حلول شخصي بموجبه أخذ المسترد مكان المشتري وأصبح هو المشتري مباشرة من البائع، وأصبحت له جميع حقوق المشتري وعليه جميع التزاماته، وذلك لا من وقت الاسترداد فحسب، بل ينسحب هذا الحلول بأثر رجعي إلى وقت البيع الصادر من الشريك البائع إلى المشتري. فيكون للاسترداد أثر رجعي، ويعتبر بيع الحصة الشائعة كأنه صدر ابتداء إلى المسترد، ويختفي شخص المشتري، ولا يبقى إلا البائع والمسترد.

وهذا الحلول معلق على شرط واقف هو في المسترد الثمن وملحقاته، وعلى هذا نص عجز الفقرة الأولى من المادة 833 بقوله : "إذا هو عوضه عن كل ما أنفقه".

ويترتب على ما تقدم النتائج الآتية :

1-أن المسترد يلتزم في مواجهة البائع بالالتزامات التي كان يلتزم بها المشتري السابق، وينفس حدود ما كان يلتزم به.

فإذا كان المشتري لم يوف الثمن إلى البائع، التزم المسترد بالوفاء به إلى البائع.

والثمن الذي يلتزم به المسترد هو الثمن الحقيقي، فإذا ادعى صورية الثمن المذكور في العقد كان له أن يثبت هذه الصورية بجميع طرق الإثبات طبقاً للقواعد العامة.

ويجوز له إثبات الثمن الحقيقي بتوجيه اليمين إلى المشتري، ولكن لا يجوز توجيه اليمين إلى البائع، لأنه ليس طرفاً في الدعوى.

وإذا كان البائع قد منح المشتري أجلاً لدفع الثمن، أو اتفق معه على السداد مقسطاً، فإنه يحق للمسترد الانتفاع بالأجل أو التقسيط حسب الأحوال وذلك على خلاف ما هو مقرر في الشفعة حيث لا يحق للشفيع أن ينتفع بالأجل الممنوح للمشتري إلا برضاء البائع ( 945 /2مدنی).

غير أنه يجوز للبائع إذا رغب المسترد في الإفادة من تأجيل الثمن أو تقسيطه أن يطلب من هذا الأخير تقديم تأمين كاف.

وإذا كان الثمن محددا بشكل مرتب مدى الحياة، فإن كان البائع قد مات وقت استعمال الاسترداد فإن المرتب ينقضي، ولا يدفع المسترد إلا مجموع المرتبات التي دفعها المشتري بالفعل. أما إذا كان لا يزال حياً فإنه يجب عليه أن يرد المبالغ التي دفعت وأن يلتزم بدفع المرتبات اللاحقة بحيث لا يكون المشتري مهدداً بأى رجوع لاحق وليس له أن يطلب دفع رأس المال، كما أنه لا يمكن إلزامه بذلك.

أما إذا كان المشتري قد أوفي بالثمن للبائع، فإنه يجب على المسترد أن يدفع للمشتري الثمن الذي أوفي به. بالتفصيل السابق - وفوائده من يوم الوفاء. كما يجب عليه أن يدفع للمشتري كل ما تحمله من نفقات كأجرة السمسرة ورسوم التسجيل وما أسهم به من نفقات في حفظ الأموال الشائعة وإدارتها.

ويكون المسترد الحق في الثمار التي أنتجها الشيء في المدة ما بين إبرام البيع وتمام الاسترداد.

ولا يجوز للمسترد أن يمتنع عن دفع الثمن للمشترى بحجة أنه مهدد باستحقاق المبيع، إذ أن استحقاق المبيع يضمنه البائع للمسترد فلا يقبل من المسترد أن يتخذ من هذا السبب ذريعة لتعطيل حق المشتري في استرداد ما دفعه.

وللمشتري أن يحبس المبيع حتى يستوفي كل ما أنفقه من ثمن ومصروفات وذلك طبقا للمادة 246 مدني التي تنص على أن : "لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به، مادام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام يترتب عليه بسبب التزام المدين ومرتبط به".

2- سقوط كل تصرف يكون المشتري قد أجراه على الحصة المبيعة.

ذلك أن المسترد لا يعتبر خلفاً للمشترى، بل خلفا للبائع، لأنه تلقى بمقتضى الأسترداد الحصة الشائعة مباشرة منه ثم لا يحتج عليه بالحقوق التي يكون المشتري قد رتبها على الحصة المبيعة إذ تؤول إليه خالصة منها. وبالتالي فإن أي تصرف يكون قد أجراه المشتري على الحصة المبيعة يعتبر قد صدر من غير مالك ويسقط بالتالي ولا يحتج به على المسترد. فإذا كان المشتري قد رهن الحصة الشائعة قبل الاسترداد أو رتب عليها حق انتفاع فإنها تعود إلى المسترد خالصة منهما.

ولا يرد على هذا النتيجة من قيد سوى القيد الخاص بحماية المتصرف إليه حسن النية. فإذا كان المشتري قد تصرف إلى شخص حسن النية فإن الحق الذي يتلقاه هذا الشخص ينفذ في مواجهة المسترد وتطبيقاً لقانون الشهر العقاري فإنه متى سجلت صحيفة دعوى الاسترداد في حالة استرداد الحصة الشائعة في مجموع من المال به عقار، فإن أي حق يتلقاه الغير بعد تسجيل الصحيفة لا يحتج به على المسترد إذ أن هذا الغير يعتبر من تاريخ هذا التسجيل سيء النية.

3- يلتزم البائع بنقل ملكية الحصة الشائعة المبيعة إلى المسترد فتنتقل هذه الملكية مباشرة إلى المسترده وتنتقل الملكية إلى المسترد من وقت إبرام عقد البيع لا من وقت الاسترداد في الحصة الشائعة في المنقول المعين بالذات. أما إذا كان المبيع حصة شائعة في مجموع من المال يشتمل على عقار فلا بد الانتقال الملكية في هذا العقار من التسجيل، فإن كان المشتري قد سبق له أن سجل عقد البيع، فيكفي أن يؤشر المسترد على هامش هذا التسجيل بالاسترداد أما إذا كان المشتري لم يسبق له التسجيل فعلى المسترد أن يقوم بتسجيل الاسترداد حتى تنتقل إليه الملكية.

4- إذ استحقت الحصة الشائعة أو ظهر بها عيب خفي رجع المسترد بالضمان على البائع لا على المشتري، فلا يلزم المشتري بأي ضمان نحو المسترد، لأن المسترد يعتبر كأنه اشترى مباشرة من البائع، ومن ثم فإن البائع هو الذي يلتزم بضمان الاستحقاق.

5- تعود الحقوق التي انقضت باتحاد الذمة بسبب انتقال الحصة المبيعة، لأن البيع الذي كان سببا في اتحاد الذمة قد سقط مستنداً إلى الماضي.

6- بما أن المسترد يعتبر خلفاً للبائع مباشرة، فحيازة المشتري السابقة تمحى.

7- يستفيد المستورد من كل المزايا التي كانت الأموال المشتراة محلاً لها في المدة من وقت البيع لوقت الاسترداد وعلى الخصوص المزايا الناتجة من انقضاء المرتب مدى الحياة.

8- بما أن الاسترداد ليس بيعا فلا يكون للمسترد امتياز البائع، ولكن يكون له امتياز المتقاسم إذا ترتب على الاسترداد إنهاء الشيوع.

تسجيل المبيع إذا كان في مجموع من المال به عقار:

إذا كان المبيع حصة في مجموع من المال، وكان هذا المجموع يشتمل على عقار، فإنه يجب تسجيل الاتفاق الذي يتم به الاسترداد أو الحكم الذي يصدر بالاسترداد، وذلك لكي تنتقل ملكية الحصة الشائعة في العقار من البائع إلى المسترد قياساً على ما هو مقرر بالنسبة إلى حكم الشفعة (م 944 مدنی).

وذلك لأن الاسترداد نوع من الشفعة وكونه كذا يستلزم أن يطبق عليه من القواعد الموضوعية للشفعة ما تقتضيه هذه النوعية، مادامت هذه القواعد غير مخالفة لأحكام القانون العام.

وإذ كان في الاسترداد، كما في الشفعة يحل المسترد بالنسبة إلى البائع محل المشتري في جميع ما كان له من الحقوق أو عليه من الالتزامات، وقد أوجب المشرع تسجيل حكم الشفعة رغم ذلك فإنه يكون من اللازم تسجيل حكم الاسترداد، كما هو لازم في حكم الشفعة لاتحاد العلة في الحالتين.

ويترتب على وجوب التسجيل أنه لا يجوز الاحتجاج بالأثر الرجعي للاسترداد على الغير الذي تلقى من المشتري بحسن نية حقاً عينياً على الحصة الشائعة في العقار قبل هذا التسجيل. وإذا سجلت صحيفة دعوى الاسترداد فإن الحكم الصادر بالاسترداد يكون حجة على من ترتبت له حقوق عينية من المشتري بعد تسجيل صحيفة الدعوى، سواء كان الغير حسن النية أو سيء النية، ولا يكون حجة على الغير الذي كسب حقه بحسن نية قبل هذا التسجيل (م 1017 من قانون الشهر العقارى.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الحادي عشر، الصفحة/ 520)