مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس، الصفحة : 141
مذكرة المشروع التمهيدي :
الشيوع الإجباري هو شيوع دائم لا يجوز طلب القسمة فيه، فهو يختلف عن الشيوع المؤقت فيما إذا اتفق الشركاء على البقاء في الشيوع مدة معينة ويبرر الشيوع الدائم أن الغرض الذي أعد له المال الشائع يقتضي أن يبقى هذا المال دائماً في الشيوع.
مثل ذاك قنطرة شائعة بين الملاك المجاورين يعبرون عليها للطريق العام، فالغرض الذي التي أعدت له القنطرة هنا يقتضي أن تبقى دائمة شائعة، ولا يصح طلب القسمة فيها مثل ذلك أيضاً الحائط المشترك وقد تقدم بيانه والأجزاء المشتركة في ملكية الطبقات (م 1227) وسيأتي ذكرها.
1 ـ أن مؤدى نص المادة 850 من القانون المدنى يدل على أنه ولئن كان الأصل فى الشيوع التوقيت بحيث يكون مصيره مآلاً الزوال بالقسمة . وإستبدال كل شريك ملكيه مفرزه لجزء من المال بحقه الشائع فى المال كله . ( 2 ) الإ أنه إستثناء من هذا الأصل قد يكون الشيوع شيوعاً إجبارياً دائماً إذا كان المال الشائع مخصص لغرض معين يقتضى بقاءه دائماً على الشيوع باعتبار أن هذا المال بحسب ما أعد له من غرض لا يصلح أن يكون محلاً للقسمة . ( 3 ) وأن يحوز كل شريك جزءً مفرزاً منه على سبيل التخصيص والأنفراد مما مقتضاه أنه لا يجوز لأى من الشركاء المشتاعين أن يطلب قسمة المال الشائع شيوعاً إجبارياً أو إستلام جزء مفرز منه.
(الطعن رقم 4663 لسنة 70 جلسة 2013/12/02)
2 ـ إن الطريق المشترك فهو ذلك الذى يقيمه مجموعة من الجيران بقصد خدمة عقاراتهم سواء بالمرور أو المطل أو ليكون منوراً أو لاستخدامه فى توصيل مرافقهم المشتركة وهو ضرب من الشيوع الإجبارى الذى يمتنع فيه على أى منهم أن يطلب قسمته أو يغير الغرض من استعماله وذلك إعمالاً للمادة 850 من القانون المدنى والتى تنص على أنه " ليس للشركاء فى مال شائع أن يطلبوا قسمته إذا تبين من الغرض الذى أعد له هذا المال أنه يجب أن يبقى دائماً على الشيوع
(الطعن رقم 6409 لسنة 77 جلسة 2008/07/14 س 59 ص 780 ق 137)
تنص المادة 850 مدني على ما يأتي :
" ليس للشركاء فى مال شائع أن يطلبوا قسمته، إذا تبين من الغرض الذى أعد له هذا المال أنه يجب أن يبقى دائماً على الشيوع.
ويؤخذ من النص سالف الذكر أن الشيوع الإجبارى يختلف عن الشيوع العادي الذي بسطنا أحكامه فيما تقدم، فى أن الشيوع الإجباري لا يجوز لأى من الشركاء طلب القسمة فيه، ذلك أن الغرض الذى أعد له المال الشائع يقتضى أن يبقى دائماً على الشيوع، مثل ذلك قنطرة شائعة بين الملاك المجاورين يعبرون عليها للطريق العام، أو طريق مشترك أو ممر مشترك لملاك متجاورين، أو فناء مشترك يفصل ما بين ملكين متجاورين، أو بئر مشترك، أو مغسل مشترك، أو ترعة مشتركة، أو مصرف مشترك ومثل ذلك أيضاً الحائط المشترك، والأجزاء المشتركة في ملكية الطبقات.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الثامن الصفحة/ 1306)
الشيوع الإجباري أو الدائم هو الذی یأبی الغرض الذي أعد المال من أجله لأن تجرى بشأنه القسمة مثل الحائط المشترك والأجزاء المشتركة في ملكية الطبقات والمسقي أو المصرف المشترك والفناء الفاصل بين عقارين والقنطرة المعدة لمرور ملاكها والماكينة، ولكل شريك أن يستعمل المال كما لو كانت الملكية له وحدة بشرط ألا يحول دون استعمال باقي الشركاء ووفقاً للغرض الذي أعد المال من أجله فإن كان طريقاً كان له المرور في كل جزء منه ولكن ليس له وضع اشياء تحول أو تقلل من هذا الاستعمال، كما لا يجوز التصرف في المال المملوك في الشيوع الإجباري إلا تبعاً للحصة الأصلية إذ يعتبر من ملحقاتها ويبت قاضى الموضوع فيما إذا كان المال يدخل في الشيوع الإجباري فتمتنع قسمته أم لا يدخل، ويلتزم الشركاء بنفقات الصيانة بنسبة مصلحة كل منهم وليس للشريك الامتناع عن دفع نفقات الصيانة إلا بتركة حصته في المال المملوك في الشيوع الإجباري. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الحادي عشر الصفحة/ 608)
بعد أن نظم المشرع الملكية الشائعة بوجه عام، عرض بنصوص خاصة للشيوع الإجباري.
وقد تناولت المادة 850 تعريف المقصود بالشيوع الإجباري. ويتضح من هذه المادة أن الفرق الجوهري بين الشيوع العادي والشيوع الإجباري هو أن الثاني شيوع دائم لا يصح فيه لأي من الشركاء طلب إنهائه بالقسمة فهو يختلف عن الشيوع المؤقت فيما إذا اتفق الشركاء على البقاء في الشيوع مدة معينة ويبرر الشيوع الدائم أن الغرض الذي أعد له المال الشائع يقتضي أن يبقى هذا المال دائماً في الشيوع. فقسمة هذا النوع من المال من شأنها تعطيل الاستفادة منه وعرقلة الانتفاع به أو أن طبيعته تنفر من القسمة، ولذلك يجب أن تبقى هذه الأجزاء المشتركة دائماً في الشيوع.
يميز الفقه بين نوعين من الشيوع الإجباري هما:
(1) - الشيوع الإجباري الأصلي :
وهو الشيوع الذي يكون محله أشياء مخصصة بطبيعتها لخدمة جماعة من الأفراد على وجه دائم، كمباني المدافن العائلية في الجبانات.
أما أراضي الجبانات فهي من الأموال العامة والبناء عليها إنما يكون بترخيص اداري.
(2) - الشيوع الإجباري التبعي :
وهو الشيوع الذي يكون محله أشياء مملوكة على الشيوع لعدة ملاك ومخصصة لخدمة عقارات يملكها كل منهم ملكية مفرزة.
والنوع الثاني يفوق في أهميته النوع الأول وتتعدد حالاته في العمل. ومن هذا الحالات حالتان خصهما المشرع بتنظيم تفصيلى الحالة الأولى هي حالة الحائط المشترك (م 814- 817)، فهو يفصل بين عقارين مملوك كل منهما ملكية مفرزة لأحد الشريكين في الحائط، وهو مخصص لخدمة هذين العقارين والحالة الثانية هي حالة المنازل المقسمة طبقاتها أو شققها إلى ملكيات مفرزة بين عدة ملاك (م 856- 869)، إذ تكون بعض أجزاء المنزل مشتركة بين هؤلاء الملاك.
على أن الشيوع الإجباري التبعي لا يقتصر على هاتين الحالتين، فمن صوره العملية حالة المسقاة المملوكة لعدة ملاك على الشيوع فيما بينهم مع تخصيصها لدى الأراضي التي يملكها كل منهم ملكية مفرزة. ويتحقق ذلك عملاً إذا شق مالك أرض مسقاة خاصة فيها ثم يتوفى عن عدة ورثة، فقد يرى الورثة عند قسمة الأرض أن يبقوا المسقاة شائعة بينهم مع تخصيصها لرى الأجزاء التي يختص بها كل منهم. ومثل المسقاة في ذلك البئر الذي يغترف منه كل من مالكيه المياه اللازمة للعقار الذي يملكه ملكية خالصة، ومثل ذلك الممر أو الفناء الذي يبقيه الشركاء في الشيوع بعد اقتسام الأراضي المحيطة به. ففي هذه الحالات جميعا يكون الشيوع تبعياً إذ أن محله عقارات ملحقة بعقارات أخرى مملوك كل منها ملكية مفرزة، وهو شيوع إجبارى إذ واضح من الغرض الذي خصص له الممر أو الفناء أو البئر أو المسقاة - وهو خدمة العقارات التي يملكها كل من الشركاء- أنه يجب أن يبقى دائماً في الشيوع.
والشيوع الإجباري لا يرد إلا على العقارات، لأن طبيعة الأشياء لا تقتضي الأشتراك في منقول على الدوام لخدمة عدة عقارات بحيث تمتنع قسمته . فإذا أمكن أن نتصور نظريا تحقق مثل هذا الغرض. كما إذا خصص مولد للكهرباء الإنارة منزلين متجاورين مثلا، فإننا نكون في الواقع بصدد عقار بالتخصيص فتنتفى بذلك الضرورة المسوغة لقيام الشيوع الإجباري.
غير أن الشيوع الجبري قد يرد استثناء على المنقولات كما في الأوشحة والوثائق والصور العائلية.
وكل ما يتميز به هذا النوع من الشيوع عن الشيوع العادي هو عدم إمكان طلب القسمة، إذ أن حالة الضرورة التي أملت الشيوع تقتضي بقاءه على الدوام، ما بقيت الأوضاع المبررة لوجوده .
ويترتب على هذا التكييف نتائج هامة نذكر منها:
إذا فصل الطريق المشترك بين بنائين، فلمالك كل بناء أن يفتح مطلاً مواجها على بناء جاره. والمسافة التي يتركها هي متران من حافة الطريق الملاصقة لأرض الجار، لا من منتصف الطريق كما ينبغي أن يكون الأمر لو أن الوضع كان ملكية مفرزة لنصف الطريق مصحوبة بحق ارتفاق بالمرور.
لا ينقضي حق المالك في الشيوع الإجباري بعدم استعمال الجزء المشترك مدة خمس عشرة سنة أو أكثر، في حين أن حقوق الارتفاق تنتهي بعدم استعمالها طوال هذه المادة (م 1027 مدنی).
3- لا يسري على الشيوع الجبرى بعض الأحكام الخاصة بحق الارتفاق ومن تلك الأحكام:
(أ)- حكم المادة 1023 / 2 مدنی والتي تجيز لمالك العقار المرتفق به أن يطلب نقل الارتفاق إلى وضع آخر من العقار أو إلى عقار آخر يملكه هو أو يملكه أجنبي إذا قبل الأجنبي ذلك إذا كان الوضع الذي عين أصلا قد أصبح من شأنه أن يزيد من عبء الارتفاق أو أصبح الارتفاق مانعا من إحداث تحسينات في العقار المرتفق به.
(ب)- حكم المادة 1028 مدني التي تقضي بأن: "ينتهي حق الارتفاق إذا تغير وضع الأشياء بحيث تصبح في حالة لا يمكن فيها استعمال هذا الحق. ويعود إذا عادت الأشياء إلى وضع يمكن معه استعمال الحق، إلا أن يكون قد انتهي بعدم الاستعمال".
(ج)- حكم المادة 1029 مدنی والتي تقضي بأن: المالك العقار المرتفق به أن يتحرر من الارتفاق كله أو بعضه إذا فقد الارتفاق كل منفعة للعقار المرتفق، أو لم يبق له غير فائدة محدودة لا تتناسب البتة مع الأعباء الواقعة على العقار المرتفق به".
(د) حكم المادة 1020 / 2 مدنی والتي تقضي بأنه لا يجوز أن يترتب على ما يجد من حاجات العقار المرتفق أي زيادة في عبء الارتفاق، بل إن للمالك فى الشيوع الإجباري أن يستعمل الجزء المشترك لمواجهة الحاجات الجديدة لعقاره على أن النتائج المتقدمة كلها لا تترتب إلا حيث يتحقق الشيوع الإجباري، ولما كان ذلك رهنا بتحقق حالة الضرورة التي يمتنع معها طلب القسمة، فإن تقدير قيام هذه الضرورة أمر موضوع يستقل بتقديره قاضي الموضوع. فإذا رأى أن قسمة الجزء الشائع ليس من شأنها أن تعطل الانتفاع به، أو أن تحول دون استعماله فيما أعد له، جاز له أن يأمر بقسمته فله مثلاً أن يأمر بقسمة فناء مشترك بين منزلين، إذا تبين أن لكل منهما فناء آخر مستقلا يكفي لتحقيق الغرض الذي أعد له الفناء المشترك.
ويجوز أيضا أن يتفق الملاك على جعل الجزء المشترك محملاً بارتفاق متبادل، بدلا من اعتباره في حالة شيوع إجبارى، ويتحقق ذلك عملا بأن يكون هناك مالكان متجاوران يملك كل منهما نصف ممر مشترك ملكية خالصة، ولكن نظراً لضيق الجزء الذي يملكه كل منهما، وعدم كفايته لمواجهة حاجات منزله، يتفقان على أن يحمل كل منهما الجزء الذي يملكه بحق ارتفاق لمصلحة العقار المملوك لجاره، فعندئذ تطبق أحكام الارتفاق، ولا تسري أحكام الشيوع الإجباري.
إذا كان الشيوع الإجباري يتميز عن الشيوع العادي بالقاعدة الأساسية التي وضعها المشرع وهي عدم جواز طلب القسمة، فهناك أحكام أخرى تميز هذا الشيوع استخلصها الفقهاء من الخاصة المميزة وهي إعداد المال الشائع ليبقى على الدوام في الشيوع مستعينين في ذلك بالأحكام التفصيلية التي وضعها المشرع للحالات الخاصة التي عنى بتنظيمها ونبين ذلك فيما يلى:
(1) سلطة التصرف :
إذا كانت القاعدة في الشيوع العادي أن الشريك له أن يتصرف في حصته لمن يشاء، ففي الشيوع الإجباري لا يجوز للشريك أن يتصرف في حصته تصرفاً يتعارض مع الغرض الذي أعد له هذا المال. وتطبيقاً لهذا لا يجوز للشريك في مدافن الأسرة أو أوراقها الخاصة أن يتصرف في حصته لأجنبي، كما لا يجوز للشريك في الشيوع الإجباري التبعي أن يتصرف في حصته في المال الشائع إلا مع العقار الذي تعتبر هذه الحصة من توابعه.
(2) سلطة الاستعمال:
حقوق الشركاء في استعمال المال الشائع شيوعاً جبرياً أوسع نطاقاً من حقوقهم في الشيوع العادي. فلكل شريك استعمال المال الشائع كما لو كان مملوكاً له بالكامل بشرط ألا يغير من تخصيص المال الشائع ولا يستخدمه بطريقة تؤدي إلى الانتقاص من حقوق باقي الشركاء وأن يراعى في هذا الاستخدام أن يكون قاصراً على خدمة العقارات التي أعد هذا المال لخدمتها وليس لمنفعة عقارات أخرى. وبالتطبيق لذلك يجوز للشريك في فناء شائع أن يفتح عليه مطلات إذا كان عرض الفناء كله أزيد من المسافة القانونية، كما له الحق في صرف مياهه المنزلية ومياه الأمطار إذا كان في الفناء متسع لها. وللشريك أن يحدث تعديلات من شأنها تحقيق منفعة شخصية في استعماله دون حاجة لاستئذان شركائه فله ردم أرض الفناء وتعليتها أو أن يجري أعمال حفر في الفناء لتوصيل المياه والكهرباء إلى عقاره. كما يجوز للشريك في طريق مشترك أن يقيم على جانبيه سوراً لتحسين منظره بشرط ألا يؤدي ذلك إلى تعطيل أو عرقلة المرور فيه... إلخ.
ولكن لا يجوز للشريك في فناء مشترك أن يبني فيه مخزناً أو يشغله بمهمات أو أدوات تعوق استخدامه أو أن يحوطه بسور إذا كان الفناء مخصصاً للمرور أو التهوية... الخ).
(3) نفقات إدارة المال الشائع وحفظه :
يلتزم الشركاء في الشيوع الإجباري كما هو الحال في الشيوع العادي، بالمساهمة في نفقات إدارة المال الشائع وحفظه وفي الضرائب وسائر التكاليف المقررة عليه. ولا صعوبة في تطبيق هذه القاعدة إذا كان الشيوع الإجباري أصلياً، إذ يتحدد نصيب كل شريك في النفقات بنسبة حصته في المال الشائع، وهي ذات القاعدة التي تحكم الشيوع العادي (م 831). أما في الشيوع الإجبارى التبعي فقد أورد المشروع قاعدتين مختلفتين في الحالتين اللتين عنی بتنظيمها ففي الحائط المشترك رأينا أن المادة 814 / 2 تنص على أن نفقات إصلاحه أو تجديده، إذا ما أصبح غير صالح للغرض الذي خصص له، تكون على الشركاء كل "بنسبة حصته فيه".
وفي ملكية الطبقات سنرى أن المادة 858 تنص على أن يكون نصيب كل مالك في تكاليف الأجزاء المشتركة بنسبة قيمة الجزء الذي له في الدار. فيتعين اختيار إحدى هاتين القاعدتين لتصميمها على حالات الشيوع الإجبارى التبعي التي لم يرد في شأنها نص خاص. والعدالة تقتضي تصميم القاعدة الثانية، فتقسم النفقات بين الشركاء بنسبة قيمة العقارات التي خصص الشيء الشائع لخدمتها مالم يوجد اتفاق على غير ذلك.
ولما كان التزام الشريك - في الشيوع الإجباري- بالمساهمة في نفقات الصيانة يعد بمثابة تكليف عيني يقع على العقار الشائع ذاته ويتبعه بالتالي تحت أي يد يكون، فإنه من الممكن للشريك التخلص من هذا الالتزام بالتخلي عن ملكية حصته الشائعة في المال الشائع لباقي شركائه في هذا المال وهذا التخلي يعد عملاً قانونياً من جانب واحد لا يلزم فيه موافقة باقي الشركاء.
ولا يلزم فيه أي شكل خاص هذا مع ملاحظة أن التخلى لا يعفى الشريك من التزامه بنفقات الصيانة الناجمة عن سوء استعماله للمال المشترك، فمصدر التزامه هنا هو الخطأ وبالتالي فهو التزام شخصي لا يبرأ منه إلا بالوفاء به.
غير أنه يستثنى من ذلك الأجزاء المشتركة في ملكية الطبقات، حيث لا يحق للشريك أن يتخلى عن نصيبه فيها للتخلص من الاشتراك في تكاليف حفظها. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الحادي عشر الصفحة/ 800)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثالث والثلاثون ، الصفحة / 239
مَسَائِلُ ذَاتُ اعْتِبَارَاتٍ خَاصَّةٍ:
47- الْمَسْأَلَةُ الأْولَى: قِسْمَةُ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ لاَ تَقْبَلُ الْقسْمَةَ: كَالثَّوْبِ وَالإْنَاءِ وَالْعَقَارِ الْوَاحِدِ الَّذِي هُوَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ، أَعْنِي أَنَّ فِي قِسْمَتِهِ إِضْرَارًا بِجَمِيعِ الشُّرَكَاءِ أَوْ بِبَعْضٍ مِنْهُمْ أَوْ فَسَادًا وَإِضَاعَةَ مَالٍ دُونَ نَفْعٍ مَا.
وَجَوَابُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ - مِنْ حَيْثُ الإْجْبَارُ عَلَى الْقِسْمَةِ أَوِ التَّرَاضِي عَلَيْهَا - يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي بَيَانِ مَعْنَى الضَّرَرِ الْمَانِعِ مِنْ قِسْمَةِ الإْجْبَارِ لَكِنْ لِلْمَالِكِيَّةِ بِهَا فَضْلُ عِنَايَةٍ، وَلَهُمْ فِيهَا مَزِيدُ بَيَانٍ، وَهَذَا مَوْضِعُ تَفْصِيلِهِ: ذَلِكَ أَنَّهُمْ تَفْرِيعًا عَلَى ضَرَرِ الْقِسْمَةِ حِينَئِذٍ يَجْعَلُونَ لِلشَّرِيكَيْنِ - وَيَنُوبُ الْقَاضِي عَنِ الْغَائِبِ مِنْهُمَا، فَيُمْضِي لَهُ مَا يَرَاهُ - الْخِيَارَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ:
1 - الإْبْقَاءُ عَلَى الشَّرِكَةِ، وَالاِنْتِفَاعُ بِالْعَيْنِ مُشْتَرَكَةً.
2 - بَيْعُ الْعَيْنِ وَاقْتِسَامُ ثَمَنِهَا، وَمِنْهُ أَوْ بِمَثَابَتِهِ الْمُزَايَدَةُ عَلَيْهَا بَعْدَ رُسُوِّ سِعْرِهَا فِي السُّوقِ (أَوْ بَعْدَ تَقْوِيمِ خَبِيرٍ إِنْ لَمْ يَرْضَوُا السُّوقَ) - وَتُسَمَّى الْمُقَاوَاةَ - فَمَنْ رَغِبَ فِيهَا بِأَكْثَرَ أَخَذَهَا، وَإِذَا اسْتَوَيَا فَالْمُمْتَنِعُ مِنَ الْبَيْعِ أَوْلَى بِأَخْذِهَا، ثُمَّ عَلَى آخِذِهَا أَنْ يَدْفَعَ لِصَاحِبِهِ مُقَابِلَ حَقِّهِ فِي ثَمَنِ الْجُمْلَةِ.
هَذَا إِذَا كَانَتِ الْقِسْمَةُ مَحْضَ فَسَادٍ كَقِسْمَةِ بِئْرٍ، أَمَّا إِذَا كَانَتْ ضَارَّةً، مَعَ إِمْكَانِ الاِنْتِفَاعِ بِالْمَقْسُومِ بَعْدَهَا انْتِفَاعًا مَا مُخَالِفًا لِجِنْسِ مَنْفَعَتِهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ كَدَارٍ يُمْكِنُ جَعْلُهَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ مَرْبِطَيْنِ لِدَابَّتَيْنِ، فَإِنَّ لِلشُّرَكَاءِ وَجْهًا ثَالِثًا مِنْ وُجُوهِ الْخِيَارِ: هُوَ أَنْ يَقْتَسِمُوا الْعَيْنَ بِطَرِيقِ التَّرَاضِي.
إِلاَّ أَنَّ الإْجْبَارَ عَلَى الْبَيْعِ مَشْرُوطٌ عِنْدَهُمْ بِعِدَّةِ شَرَائِطَ.
أ - أَنْ يَطْلُبَ الْبَيْعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ، فَلاَ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِ الْعَيْنِ دُونَ طَلَبٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمَا
ب - أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ عَدَمِ قَابِلِيَّةِ الْقِسْمَةِ؛ لأِنَّهُ مَعَ قَبُولِ الْقِسْمَةِ لاَ يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ مُؤْثِرُهَا عَلَيْهِ .
ج - أَنْ يَنْقُصَ ثَمَنُ حِصَّةِ طَالِبِ الْبَيْعِ، لَوْ بِيعَتْ مُنْفَرِدَةً، وَإِلاَّ فَلْيَبِعْ إِنْ شَاءَ حِصَّتَهُ وَحْدَهَا، إِذْ لاَ ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ.
د - أَنْ لاَ يَلْتَزِمَ الشَّرِيكُ الآْخَرُ بِفَرْقِ الثَّمَنِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى بَعْضِ الْحِصَّةِ مُنْفَرِدَةً، وَإِلاَّ فَلاَ مَعْنَى لإِجْبَارِهِ عَلَى الْبَيْعِ.
هـ - أَنْ يَكُونَ الشَّرِيكَانِ قَدْ مَلَكَا الْعَيْنَ جُمْلَةً فَلَوْ مَلَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ عَلَى حِدَةٍ، لَمَا كَانَ لَهُ الْحَقُّ فِي إِجْبَارِ شَرِيكِهِ عَلَى الْبَيْعِ، لأِنَّهُ مِلْكٌ عَلَى حِدَةٍ فَيَبِيعُ عَلَى حِدَةٍ، وَلَكِنْ أَنْكَرَ هَذِهِ الشَّرِيطَةَ ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ مِنْ كِبَارِ الْمَالِكِيَّةِ وَقَالَ الْيَزْنَاسِيُّ: الْعَمَلُ الآْنَ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِهَا .
و - أَنْ لاَ تَكُونَ الْعَيْنُ عَقَارًا لِلاِسْتِغْلاَلِ كَالْمَطْحَنِ وَالْمَخْبَزِ وَالْمَصْنَعِ وَالْحَمَّامِ؛ لأِنَّ عَقَارَ الاِسْتِغْلاَلِ، أَوْ (رِيعَ الْغَلَّةِ) كَمَا يَقُولُونَ، لاَ تَنْقُصُ قِيمَةُ الْحِصَّةِ مِنْهُ إِذَا بِيعَتْ مُفْرَدَةً، بَلْ رُبَّمَا زَادَتْ، وَأَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ هَذِهِ الشَّرِيطَةَ (عَلَى أَنَّهَا لَوْ سَلِمَتْ، فَإِنَّ شَرِيطَةَ نَقْصِ ثَمَنِ الْحِصَّةِ تُغْنِي عَنْهَا) .
وَحُجَّةُ الْمَالِكِيَّةِ فِي الإْجْبَارِ عَلَى الْبَيْعِ الْقِيَاسُ عَلَى الشُّفْعَةِ بِجَامِعِ دَفْعِ الضَّرَرِ فِي كُلٍّ وَالْجَمَاهِيرُ مِنْ حَنَفِيَّةٍ وَشَافِعِيَّةٍ وَكَثِيرٌ مِنَ الْحَنَابِلَةِ يَرُدُّونَهُ بِأَنَّ الأْصْلَ أَنَّ الْجَبْرَ عَلَى إِزَالَةِ الْمِلْكِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ، لقوله تعالي: (لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ)، فَلاَ يُنْتَقَلُ عَنْهُ إِلاَّ بِدَلِيلٍ نَاقِلٍ، وَلَيْسَ هُنَا هَذَا الدَّلِيلُ النَّاقِلُ، إِذِ الْقِيَاسُ عَلَى الشُّفْعَةِ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ، فَلَوْ لَمْ تُشْرَعِ الشُّفْعَةُ لَلَزِمَ ضَرَرٌ مُتَجَدِّدٌ عَلَى الدَّوَامِ، وَلاَ كَذَلِكَ الْبَيْعُ مَعَ الشَّرِيكِ وَلَعَلَّهُ لِذَلِكَ عَدَلَ ابْنُ رُشْدٍ الْحَفِيدُ إِلَى الاِسْتِدْلاَلِ بِمُجَرَّدِ الاِسْتِصْلاَحِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ، مَعَ أَنَّ فِيهِ إِنْزَالَ ضَرَرٍ بِالشَّرِيكِ الْمُمْتَنِعِ، فَهِيَ إِذَنْ مُوَازَنَةٌ بَيْنَ الضَّرَرَيْنِ، أَلاَ تَرَاهُ يَقُولُ: وَهَذَا مِنْ بَابِ الْقِيَاسِ الْمُرْسَلِ .
وَالْحَنَابِلَةُ فِي مُعْتَمَدِهِمْ يُوَافِقُونَ الْمَالِكِيَّةَ عَلَى إِجْبَارِ الشَّرِيكِ عَلَى الْبَيْعِ مَعَ شَرِيكِهِ، بَلْ يُطْلِقُونَ الْقَوْلَ بِأَنَّ مَنْ دَعَا شَرِيكَهُ إِلَى الْبَيْعِ فِي كُلِّ مَا لاَ يَنْقَسِمُ إِلاَّ بِضَرَرٍ أَوْ رَدِّ عِوَضٍ أُجْبِرَ عَلَى إِجَابَتِهِ، فَإِنْ أَبَى بِيعَ عَلَيْهِمَا وَقُسِمَ الثَّمَنُ وَيَزِيدُونَ أَنَّهُ لَوْ دُعِيَ إِلَى الإْجَارَةِ أُجْبِرَ أَيْضًا .
وَقَدْ ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ طَلَبَ الْبَيْعِ لَيْسَ حَتْمًا لإِِجْبَارِ الشَّرِيكِ عَلَى الْبَيْعِ مَعَ شَرِيكِهِ، بَلْ يَكْفِي طَلَبُ الْقِسْمَةِ؛ لأِنَّ حَقَّ الشَّرِيكِ فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ لاَ فِي قِيمَةِ النِّصْفِ، فَلاَ يَصِلُ إِلَى حَقِّهِ إِلاَّ بِبَيْعِ الْكُلِّ، وَلِذَا أَمَرَ الشَّرْعُ فِي السِّرَايَةِ أَنْ يُقَوَّمَ الْعَبْدُ كُلُّهُ، ثُمَّ يُعْطَى الشُّرَكَاءُ قِيمَةَ حِصَصِهِمْ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: عَيْنُ الْمَاءِ.
48 - لاَ تُقْسَمُ لاَ جَبْرًا وَلاَ تَرَاضِيًا، إِذْ لاَ يُمْكِنُ قَسْمُهَا إِلاَّ بِوَضْعِ حَاجِزٍ فِيهَا أَوْ أَكْثَرَ بَيْنَ النَّصِيبَيْنِ أَوِ الأْنْصِبَاءِ ، وَفِي هَذَا مِنَ الضَّرَرِ وَنَقْصِ الْمَاءِ مَا يَجْعَلُ الْقِسْمَةَ فَسَادًا، أَمَّا مَجْرَى الْمَاءِ إِذَا اتَّسَعَ لِمَجْرَيَيْنِ، فَإِنَّهُ تَصِحُّ قِسْمَتُهُ تَرَاضِيًا لاَ جَبْرًا، إِذْ لاَ يُمْكِنُ تَحَقُّقُ الْمُسَاوَاةِ، فَقَدْ يَكُونُ انْدِفَاعُ الْمَاءِ فِي جَانِبٍ أَقْوَى مِنْهُ فِي الآْخَرِ، كَمَا أَنَّ الْمَاءَ نَفْسَهُ تُمْكِنُ قِسْمَتُهُ تَرَاضِيًا، كَيْفَمَا شَاءَ الشُّرَكَاءُ، أَمَّا جَبْرًا فَلاَ يُقْسَمُ إِلاَّ بِالْقِلْدِ - وَهُوَ الْمِعْيَارُ الَّذِي يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى إِعْطَاءِ كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ - هَكَذَا قَرَّرَهُ الْمَالِكِيَّةُ وَأُصُولُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ لاَ تَأْبَى مِنْ قِسْمَةِ الْعَيْنِ نَفْسِهَا تَرَاضِيًا لاَ إِجْبَارًا، كَمَا يُفْهَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الاِخْتِلاَفُ فِي رَفْعِ الطَّرِيقِ وَمِقْدَارِهِ:
49 - قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَقَاسِمُونَ فِي قِسْمَةِ دَارٍ أَوْ أَرْضٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَقْتَسِمُ وَلاَ نَدَعُ طَرِيقًا، وَقَالَ بَعْضٌ: بَلْ نَدَعُهُ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَنْظُرُ فِي التَّوْفِيقِ بَيْنَ الْمَصْلَحَةِ، وَتَحْقِيقِ مَعْنَى الْقِسْمَةِ عَلَى الْكَمَالِ مَا أَمْكَنَ، فَإِنْ كَانَ بِوُسْعِ كُلٍّ مِنْهُمْ أَنْ يَتَّخِذَ لِنَفْسِهِ طَرِيقًا عَلَى حِدَةٍ اسْتَوْفَى مَعْنَى الْقِسْمَةِ، وَلَمْ يُبْقِ شَيْئًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ، وَإِلاَّ فَالْمَصْلَحَةُ تَقْتَضِي إِبْقَاءَ طَرِيقٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمْ، إِذْ لاَ يَكْمُلُ الاِنْتِفَاعُ بِالْمَقْسُومِ بِدُونِهِ، فَيُجْبِرُهُمْ عَلَى ذَلِكَ، يَقْسِمُ مَا عَدَا الطَّرِيقَ، وَيُبْقِي الطَّرِيقَ عَلَى الشَّرِكَةِ الأْولَى دُونَ تَغْيِيرٍ، إِلاَّ أَنْ يَقَعَ التَّشَارُطُ عَلَى شَيْءٍ مِنَ التَّغْيِيرِ، كَأَنْ يَتَّفِقُوا عَلَى أَنْ يَجْعَلُوهُ بَيْنَهُمْ عَلَى التَّفَاوُتِ وَقَدْ كَانَ عَلَى التَّسَاوِي لأِنَّ الْقِسْمَةَ عَلَى التَّفَاوُتِ بِالتَّرَاضِي جَائِزَةٌ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيَّاتِ، أَوْ عَلَى أَنْ يَجْعَلُوا مِلْكِيَّةَ الطَّرِيقِ لِبَعْضِهِمْ، وَحَقَّ الْمُرُورِ فَحَسْبُ لِلآْخَرِينَ، وَقَيَّدُوهُ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ بِأَنْ تَكُونَ مِلْكِيَّةُ الطَّرِيقِ لِمَنْ تَرَكَ مُقَابِلاً لَهُ مِنْ نَصِيبِهِ، وَأَهْمَلُوهُ فِي الْمَجَلَّةِ .
فَإِذَا اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الطَّرِيقِ فَبَالَغَ بَعْضُهُمْ فِي سَعَتِهِ، وَبَعْضُهُمْ فِي ضِيقِهِ، وَبَعْضُهُمْ فِي عُلُوِّهِ، وَبَعْضُهُمْ فِي انْخِفَاضِهِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَجْعَلُهُ عَلَى عَرْضِ بَابِ الدَّارِ وَارْتِفَاعِهِ؛ لأِنَّ هَذَا يُحَقِّقُ الْمَقْصُودَ مِنْهُ، وَلاَ تَتَطَلَّبُ الْحَاجَةُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُحَدَّدُ ارْتِفَاعُهُ بِمَا ذَكَرْنَا لِيَتَمَكَّنَ الشُّرَكَاءُ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِهَوَائِهِ وَرَاءَ هَذَا الْمِقْدَارِ، كَأَنْ يُشْرِعَ أَحَدُهُمْ جَنَاحًا؛ لأِنَّهُ حِينَئِذٍ بَاقٍ عَلَى خَالِصِ حَقِّهِ، إِذِ الْهَوَاءُ فِيمَا فَوْقَ ارْتِفَاعِ الْبَابِ مَقْسُومٌ بَيْنَهُمْ، كَمَا أَنَّ هَذَا التَّحْدِيدَ يَمْنَعُ عُدْوَانَ أَحَدِهِمْ بِالْبِنَاءِ أَخْفَضَ مِنْ ذَلِكَ فَوْقَ الطَّرِيقِ الْمُشْتَرَكِ، إِذْ يَكُونُ حِينَئِذٍ بَانِيًا عَلَى الْهَوَاءِ الْمُشْتَرَكِ، وَهُوَ لاَ يَجُوزُ دُونَ رِضَا بَاقِي الشُّرَكَاءِ، هَذَا فِي طَرِيقِ الدَّارِ، أَمَّا طَرِيقُ الْحَقْلِ فَيَكُونُ بِمِقْدَارِ مَا يَمُرُّ ثَوْرٌ وَاحِدٌ، إِذْ لاَ بُدَّ لِلزِّرَاعَةِ مِنْهُ، فَيَقْتَصِرُ فِيهِ عَلَى الْحَدِّ الأْدْنَى، وَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُ إِلَى مُرُورِ ثَوْرَيْنِ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ أَيْضًا إِلَى مُرُورِ عَرَبَةٍ وَمَا إِلَيْهَا عَلَى فُحْشِ تَفَاوُتِ الأْحْجَامِ فَلاَ يَقِفُ عِنْدَ حَدٍّ .
وَالْمَذَاهِبُ الأْخْرَى عَلَى خِلاَفِهِ أَخْذًا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْهُ صلي الله عليه وسلم : «إِذَا اخْتَلَفْتُمْ فِي الطَّرِيقِ جُعِلَ عَرْضُهُ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ»، وَيَحْرِصُ الْحَنَابِلَةُ هُنَا عَلَى التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ حَدِيثَهُ صلي الله عليه وسلم فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِجَمَاعَةٍ أَرَادُوا الْبِنَاءَ فِيهَا، وَتَشَاجَرُوا فِي مِقْدَارِ مَا يَتْرُكُونَهُ مِنْهَا لِلطَّرِيقِ، وَأَنَّهُ لاَ عَلاَقَةَ لَهُ إِطْلاَقًا بِالطَّرِيقِ الْعَامِّ حَتَّى يُتَمَسَّكَ بِهِ فِي جَوَازِ تَضْيِيقِهِ إِلَى سَبْعَةِ أَذْرُعٍ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلاَمِ الْمَالِكِيَّةِ .
وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنْ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ فِي الطَّرِيقِ إِشْرَاعُ جَنَاحٍ فِيهِ، مَهْمَا كَانَ ارْتِفَاعُهُ إِلاَّ بِرِضَا سَائِرِ الشُّرَكَاءِ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ كُلٍّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ رَأْيٌ بِالْجَوَازِ، بِشَرِيطَةِ عَدَمِ الضَّرَرِ بِحَجْبِ ضَوْءٍ أَوْ تَعْوِيقِ رَاكِبٍ مَثَلاً، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالأْشْبَهُ بِمَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ .
__________________________________________________________________
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله )محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية(بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
( مادة 656)
إذا احتاج الملك المشترك الذي لايقبل القسمة الى عمارة وكان أحد الشريكين غائبا وأراد الحاضر عمارته فان عمره باذن الحاكم كان له الرجوع على صاحبه المصاريف التي تخص حصته وان عمره بلا اذن الحاكم فلا رجوع له على شريكه بشئ مما صرفه على العمارة
مجلة الأحكام العدلية
مادة (1142) عدم جواز تقسيم أوراق الكتاب المشترك
كما انه لا يجوز تقسيم أوراق الكتاب المشترك كذلك لا يجوز أيضاً تقسيم الكتاب المتعدد الأجزاء والجلود جلداً جلداً.
مادة (1143) الطريق المشترك
ينظر في الطريق المشترك بين اثنين فأكثر وليس لغيرهم. فيه حق أصلاً حين طلب أحدهم قسمته وامتناع الآخر. فإن كان بعد القسمة يبقى لكل واحد طريق يقسم وإلا فلا يقسم جبراً إلا إذا كان لكل واحد طريق ومنفذ غيره فإنه في ذلك الحال يقسم.
مادة (1144) المسيل المشترك
المسيل المشترك أيضاً كالطريق المشترك أي إذا طلب أحدهم قسمته وامتنع الآخر فإن كان بعد القسمة يبقى لكل واحد مجرى لمائة أو يتخذ كل مسيلاً في محل غيره يقسم وإلا فلا.
مادة (1145) حق المرور
كما انه يجوز أن يبيع شخص طريقه الملك على أن يبقى له حق المرور يجوز أيضاً أن يقتسم اثنان عقارهما المشترك بينهما على أن تكون رقبة الطريق المشترك يعني ملكيته لأحدهما وللثاني حق المرور فقط.
مادة (1146) الحائط الفاصل بين الحصتين
كما يجوز ترك الحائط الفاصل بين الحصتين مشتركاً في تقسيم الدار بين الشريكين تجوز أيضاً القسمة على جعله ملكاً لأحدهما خاصةً.
مادة (1223) حق الدخول في الطريق الخاص
للمارّين في الطريق العام حق الدخول في الطريق الخاص عند الازدحام فلا يسوغ لأصحاب الطريق الخاص أن يبيعوه ولو اتفقوا ولا يسوغ أن يقسموه بينهم، ولا يجوز أن يسدوا فمه.