مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس ، الصفحة : 167
مذكرة المشروع التمهيدي :
1 - إن ملكية الطبقات لا تشتمل على ملكية مفرزة وملكية شائعة فحسب، بل تشتمل أيضاً على قيود قانونية ( أو حقوق إرتفاق ) ترد على حق الملكية في الأسفل وفي العلو .
2 - أما صاحب السفل فعليه أن يقوم بكل الأعمال والترميمات اللازمة لمنع سقوط العلو، وهذا إلتزام إيجابي يستطيع التخلص منه بالتخلى عن ملكية السفل ما هي القاعدة، فإذا امتنع عن القيام بالأعمال اللازمة ولم يتخل عن ملكية السفل جاز للمحكمة أن تأمر ببيع السفل و بإتخاذ الإجراءات العاجلة (م 1229 مکررة وتوافق م 34/ 55 من التقنين الحالى ) .
وهذا حكم على هام أخذ من الشريعة الإسلامية ( أنظر م 67 من مرشد الحيران) بل إن المشروع سار شوطاً أبعد من التقنين الحالي في الأخذ بالشريعة الإسلامية في هذه المسألة الهامة ، فألزم صاحب السفل إذا انهدم سفله أن يعيد بناءه وإلا بيع السفل ، ويجوز لصاحب العلو أن يعيد بناء السفل على نفقة صاحبه وله أن يمنع صاحب السفل من سکوناه والإنتفاع به حتى يوفيه حقه ، وله أن يؤجره بإذن القاضي ويستخلص حقه من أجرته (م 1229 مكررة ثانية من المشروع وتوافق م 67 من مرشد الحيران).
3 - أما صاحب العلو فلا يجوز له أن يزيد في ارتفاع بنائه بحيث يضر بالسفل، ولا أن يأتي أي عمل من شأنه أن يزيد في عبء السفل (م 1230 من المشروع وتوافق م 35 / 56 من التقنين الحالى و م 18 من مرشد الحيران ) .
إذ كان الثابت مما قدمه طرفا النزاع أمام محكمة الموضوع من مستندات أن المطعون ضده أقر فى البندين الثاني والعاشر من عقد البيع المؤرخ 1984/10/24 بأنه باع للطاعن شقة مفرزة هي الشقة رقم ... بالدور ... من العقار المبين فى صحيفة الدعوى، والتي تتعادل مع حصة شائعة فى العقار مقدارها ... وأن هذا البيع يخضع للقواعد المنظمة لملكية الطبقات المنصوص عليها فى المواد من 856 حتى 869 من القانون المدني - وهى ملكية مفرزة للطبقات أو الشقق، وشائعة شيوعاً إجبارياً فى أجزاء البناء المعدة للاستعمال المشترك، ورغم ذلك ظل - المطعون ضده - مصراً على نحو ما هو ثابت من طلب الشهر رقم ... لسنة ... المقدم منه تجديداً للطلب رقم .... لسنة ... ومما وجهه من إنذارات لمن اشتروا شقق العقار المشار إليه، ومن مشروع عقد البيع النهائي رقم .........في .......... على أن البيع لهؤلاء المشترين - ومن بينهم الطاعن - ينصب على حصة شائعة مقدارها 12س 14ط فى كامل أرض ومباني العقار، وامتنع عن تقديم المستندات اللازمة لتسجيل ملكية تلك الشقق مفرزة، فضلاً عن أنه تقاعس عن نقل تمويل العقار إلى اسمه حتى عام 1992 أي لمدة تزيد على سبع سنوات من تاريخ البيع الحاصل فى 1984/10/24 - وهى أعمال من شأنها منع الطاعن من استعمال حقه فى تسجيل ملكيته للشقة المبيعة له مفرزة، والحيلولة دون تحقق الشرط الواقف المنصوص عليه فى البند الحادي عشر من عقد البيع سالف البيان (شرط تعليق التزام المطعون ضده بنقل الملكية إلى الطاعن على استخراج شهادة تمويل العقار المشتمل على الشقة المبيعة وتشكيل اتحاد ملاك وقيام جميع المشترين بالتسجيل) فإن ذلك يشكل خطأ فى جانب المطعون ضده تترتب عليه مسئوليته العقدية مما يوجب اعتبار ذلك الشرط متحققا حكما. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وأقام قضاءه بعدم قبول دعوى الطاعن (دعواه بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع آنف البيان) على مجرد القول بأنه "لم يستوف ما اتفق عليه فى العقد من استخراج شهادة التمويل باسم البائع، وتشكيل اتحاد ملاك بين مشتري وحدات العقار" فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه.
(الطعن رقم 5414 لسنة 63 جلسة 2001/02/13 س 52 ع 1 ص 312 ق 64)
تنص المادة 859 مدني على ما يأتي :
" 1 - على صاحب السفل أن يقوم بالأعمال والترميمات اللازمة لمنع سقوط العلو " .
" 2 - فإذا امتنع عن القيام بهذه الترميمات ، جاز للقاضى أن يأمر ببيع السفل . ويجوز فى كل حال لقاضى الأمور المستعجلة أن يأمر بإجراء الترميمات العاجلة .
وقد قدمنا أن فى نظام السفل والعلو ، يملك السفل صاحبه مفرزاً ويدخل في ذلك الأرض المقام عليها البناء كله ، ما لم يوجد اتفاق على غير ذلك ، ويدخل فى ذلك أيضاً الأساسات والجدران الرئيسية والسقف ، فلا شيء من ذلك يعتبر شائعاً شيوعاً إجبارياً بينه وبين صاحب العلو كما يكون الأمر فى نظام الطبقات المفرزة والشيوع الإجبارى الذى سيأتى بيانه ويملك العلو صاحبه مفرزاً أيضاً على النحو الذى يملك به السفل صاحبه فيما قدمناه ، فيدخل فى ذلك الجدران الرئيسية والسقف والأرضية ، وكل ما يصل العلو بالسفل هو أن للعلو حق القرار على السفل ، وحق القرار هذا هو الذي تستمد منه إلتزامات صاحب السفل نحو صاحب العلو .
وأول إلتزام يستمد من حق القرار هذا هو أن يقوم صاحب السفل " بالأعمال والترميمات اللازمة لمنع سقوط العلو " ( م 859 / 1 مدنى ) ، وترتيباً على ذلك يكون على مالك السفل " إجراء ما يلزم لصيانة السقف والأخشاب الحاملة له ، إذ أنها تعتبر ملكاً له " ( م 36 / 57 مدنى سابق ) ، وذلك منعاً لسقوط السقف فيسقط معه العلوولا يقتصر الأمر على صيانة السقف وترميمه بل يجب على صاحب السفل أيضاً صيانة جدران السفل وترميمها عند الاقتضاء وبالجملة صيانة جميع أجزاء السفل المملوكة له ملكية مفرزة وترميمها ، وذلك لمصلحة العلو واحتفاظا له بحق القرار على السفل وإذا تعدد ملاك السفل، كانوا مسئولية بالتضامن عن هذا الإلتزام (استئناف مختلط 9 نوفمبر سنة 1933 م 46 ص 24 . وتتكلم المحكمة عن التضامن لا التضامم )، ولكنه لا يلتزم إلا بترميم سفله ، فلا يلتزم بإجراء ترميمات فى العلو نفسه لمنع سقوطه مصر الكلية الوطنية 26 مايو سنة 1931 المحاماة 13 رقم 142 ص 315 .
فإذا قصر صاحب السفل فى القيام إلتزامه بحيث يترتب على تقصيره تهديد سلامة العلو ، جاز لصاحب العلو أن يلجأ إلى القضاء ليلزم صاحب السفل أن يقوم بالأعمال الضرورية فى سفله لمنع العلو من السقوط . ويجوز الالتجاء إلى قاضى الأمور المستعجلة فى ذلك ، إذا كان إجراء الترميمات أمراً عاجلاً ويجوز فى جميع الأحوال أن يستأذن صاحب العلو القضاء فى أن يقوم هو بالترميمات الضرورية فى السفل ، على أن يرجع بما أنفقه فى ذلك على صاحب السفل استئناف مصر 6 مارس سنة 1919 المجموعة الرسمية 21 رقم 8 ص 15 – محمد على عرفة فقرة 360 ص 482 – ص 484 ويجوز لصاحب العلو ، لإسترداد ما أنفقه من مصروفات وقياسا على ما سيجئ فى المادة 860 / 2 مدنى ، أن يحبس السفل فى يده إذا كان قد تسلمه لترميمه ، وأن يمنع صاحب السفل من السكنى والانتفاع حتى يؤدى ما فى ذمته، ويجوز لصاحب العلو أيضاً أن يحصل على إذن فى إيجاد السفل أو سكناه ، استيفاء لحقه وليس فى هذا كله إلا تطبيق للقواعد العامة .
ويجوز لصاحب العلو ، بدلاً مما تقدم أن يطلب من القاضى أن يأمر ببيع السفل لمن يشتريه ويرممه ، فيمنع بذلك سقوط العلو والقاضى يجيب صاحب العلو إلى ما يطلب من ذلك ، إذا وجد مبرراً لإجابة الطلب وتنص الفقرة الثانية من المادة 859 مدنى فى صدرها صراحة على ذلك ، إذ تقول : " فإذا امتنع ( صاحب السفل ) عن القيام بهذه الترميمات ، جاز للقاضى أن يأمر ببيع السفل " .
ويلاحظ أن إلتزام صاحب السفل بترميم سفله منعاً لسقوط العلو إلتزام عينى ، فيستطيع التخلص منه إذا هو تخلى عن ملكية السفل . (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الثامن ، الصفحة/ 1335)
لما كان للعلو حق قرار على السفل، ومن ثم التزم صاحب السفل بالقيام بكل الأعمال والترميمات اللازمة لمنع سقوط العلو مثل صيانة السقف والاخشاب الحاملة له والجدران وإلا كان لصاحب العلو أن يجبر صاحب السفل على ذلك يحكم بتصدره من القضاء وأن توافر شرط الإستعجال استصدر حكماً من قاضى الأمور المستعجلة بإجراء الترميمات اللازمة على أن يرجع بالتكاليف على صاحب السفل، ولصاحب العلو في حالة حيازته وحده للسفل لإجراء الترميمات أن يحبس هذا السفل حتى يستوفي ما أنفقه في إصلاحه كما له أن يستصدر حكماً بسکتی السفل أو تأجيره استيفاء لحقه ، وإذا تعدد أصحاب السفل كانوا مسئولين بالتضامن توزيع التكاليف على كل منهم بنسبة حصته في السفل إذ لا تضامن بينهم إلا إذا وجد اتفاق بسند التمليك على ذلك وحينئذ يكون الرجوع على أي منهم بكل التكاليف.
ويجوز لصاحب العلم أن يطلب من القضاء أن يأمر ببيع السفل إذا أمتنع صاحبه عن إجراء الترميمات اللازمة وتسرى على هذا البيع الأحكام المتعلقة بالتنفيذ على العقار على أن يكون الثمن الأساسي هو المحدد للسفل يسند التمليك ما لم يتضمن هذا السند حكماً آخر فيتعين اتباعه.
ولصاحب السفل أن يتخلص من النفقات بتخليه عن السفل وحينئذ يتملكه صاحب العلو ويلتزم بإجراء الترميمات اللازمة ويجب تسجيل سند التخطي استقل الملكية إليه. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الحادي عشر ، الصفحة/633)
وقد استبقى التقنين المدني الجديد ملكية السفل و العلو كما كانت في التقنين المدني السابق ونقل من هذا التقنين النصوص الخاصة بهذا الموضوع، وكما نقل عن القضاء المصري ما أقره من المبادئ في هذا الشأن.
وبذلك ظل هذا التنظيم قائما بجانب التنظيم الآخر الذي نقله المشرع عن القانون الفرنسي الصادر في 28 يونيه سنة 1938، والذي يقوم على أن تكون العمارة من أجزاء مفرزة هي الطبقات و الشقق لكل طبقة أو شقة مالك يستقل بها، ومن أجزاء شائعة شيوعاً إجبارياً .
إلتزامات متبادلة بين صاحب السفل وصاحب العلو :
رتب الشارع إلتزامات متبادلة بين ملاك الطبقات المختلفة، وهذه الإلتزامات مستمدة من طبيعة الأشياء، إذ أن هذا النوع الخامس من الملكية يقتضي تساند الأجزاء المختلفة وارتكاز بعضها على البعض الآخر، وهذا الضرب من التساند والإرتكاز يجعل كل جزء مفرز من هذه الملكية محملاً بحقوق ارتفاق لمصلحة الجزء المستند إليه أو المرتكز عليه، وإذ كانت هذه التكاليف المتبادلة بين الأجزاء المملوكة ملكية مفرزة من قبيل الإرتفاق، وجب أن تسرى عليها الأحكام المقررة بالنسبة إلى حقوق الإرتفاق.
ولعل أثقل التكاليف هي ما يتحمل به صاحب السفل، فهو ملزم بحكم موقع طبقته بأن يتحمل ثقل العلو، وبالتالي أن يجري في طبقته سائر الأعمال التي تكفل بأداء هذه الخدمة المفروضة عليه.
وصاحب السفل ليس ملزما فقط بأن يقف من التكليف المقرر على ملكه موقفاً سلبياً، كما هو الشأن بالنسبة إلى مالك العقار المرتفق به وفقاً للقواعد العامة (م 1021)، بل إن المشرع يلزمه بأن يتخذ الأعمال الإيجابية اللازمة المواجهة هذا التكليف .
ومن هذا ما سنعرض له في البند التالي.
إلتزام صاحب السفل بالقيام بالأعمال والترميمات اللازمة لمنع سقوط العلو :
يلتزم صاحب السفل بالقيام بالأعمال والترميمات اللازمة لمنع سقوط العلو، كأن يصلح جداراً داخل شقته يرتكز عليه العلو أو يرمم السقف الذي تستند إليه أرضية العلو.
غير أن صاحب السفل يستطيع طبقاً للقواعد العامة أن يتخلص من هذا الإلتزام بالتخلي عن ملكية السفل.
فإذا امتنع صاحب السفل عن القيام بالأعمال والترميمات اللازمة، جاز لصاحب العلو أن يطلب من القاضي أن يأمر ببيع السفل لمن يشتريه ويرممه فيمتنع بذلك سقوط العلو.
وأمر القاضي ببيع السفل جاء على خلاف القواعد العامة، ومن ثم فإن هذه السلطة التي أعطيت للقاضي هي سلطة جوازية .
غير أن هذا لا يمنع من أن يطلب صاحب العلو الإذن له بالقيام بترميم السفل على نفقة صاحب السفل بدلاً من بيعه طبقاً للقواعد العامة المنصوص عليها بالمادة 209 مدني التي تقضي بأنه في الإلتزام بعمل، إذا لم يقم المدين بتنفيذ التزامه، جاز للدائن أن يطلب ترخيصاً من القضاء في تنفيذ الإلتزام على نفقة المدين إذا كان هذا التنفيذ ممكناً .
والقاضي يوازن بين ذلك وبين الأمر ببيع السفل على ضوء الإعتبارات المختلفة التي تحيط بالموقف، سواء من حيث قدرة صاحب السفل المالية أو مقدار النفقات اللازمة للترميم أو قيمة السفل، فإذا بان القاضي أن النفقات اللازمة للترميم تحمل صاحب السفل عبئاً فوق طاقته، أو أن هذه النفقات من الجسامة بحيث لا تتناسب مطلقاً مع قيمة السفل، جاز له أن يأمر ببيع السفل، وإذا بان للقاضى غير ذلك جاز له أن يرخص لصاحب العلو في أن يقوم بالترميم على نفقة صاحب السفل .
وتقضى المادة بأنه يجوز في كل حال لقاضي الأمور المستعجلة أن يأمر بإجراء الترميمات العاجلة. ومن ثم فلا يحق لصاحب العلو أن يقوم بالترميمات في حالة الاستعجال على نفقة صاحب السفل دون ترخيص من القضاء، وذلك على خلاف ما تقضى به القواعد العامة (م 2/ 209 مدنی ).
فقد أراد الشارع أن يجعل التقدير في حالة الإستعجال للقضاء من أول الأمر، وذلك نظراً إلى ما يلقي على عاتق صاحب السفل في هذه الحالة من عبء مالي قد يكون كبيراً .(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الحادي عشر الصفحة/ 851)
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفور له (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
(مادة 4)
الحقوق التي بها يكون التصرف والانتفاع بالأعيان على ثلاثة أنواع
الأول- حق ملك رقبة العين ومنفعتها
الثاني- حق ملك الانتفاع بالعين دون الرقبة
الثالث- حق الشرب والمسيل والمرور والتعلى ونحو ذلك من الحقوق