loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس ، الصفحة :  217

مذكرة المشروع التمهيدي :

1 - أول إجراء يجب اتخاذه لتصفية التركة هو تعيين مصرف لها، وقد يكون المورث عين وصياً لتركته وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية ، فيقر القاضي هذا التعيين ويسري على الوصى مايسري على المصفي فيما لا يتعارض مع إرادة المورث المشروعة، فإن لم يكن المورث قد عين وصية للتركة ، جاز لكل ذي شأن، من وارث أو موصى له أو دائن أن يطلب من القاضي الجزئي الذي يقع في دائرتها آخر موطن للمورث تعيين مصف ، وللقاضي أن يعين المصفي إذا رأى موجباً لذلك، فإذا رؤى وجوب تعيين المصفي وأجمعت الورثة على شخص يعين مصفياً عينه القاضي ، أما إذا لم تجمع الورثة على أحد تولى القاضي إختيار المصفى بعد أن يسمع أقوال الورثة ويختاره من بينهم بقدر المستطاع .

2 - والمصفي وکيل عن الورثة ، فله أن يرفض تولى المهمة ، وله أن يتخلى عنها بعد قبولها ، شأنه في ذلك شأن كل وكيل، وكما أن القاضي هو الذي يعين المصفى فهو الذي يملك عزله أيضا بناء على طلب أحد من ذوى الشأن أو دون طلب ، سواء في ذلك أن يكون المصي قد عين بإجماع الورثة أو كان مختاراً من القاضي، وإذا عزل المصفي فللقاضي أن يستبدل به غيره بإجماع الورثة أو بإختياره هو حسب الأحوال، وللمصفي أن يطلب من القاضي تحديد أجر عادل يأخذه من مال التركة .

3 - ومتى عين المصفي على الوجه المتقدم ، قيد كاتب المحكمة من تلقاء نفسه أمر تعيينه في اليوم الذي صدر فيه هذا الأمر، ويكون التقييد في سجل عام يرتب على حسب أسماء المورثين، ويقيد في هامش السجل ما يصدر في شأن المصفي من عزل أو تنازل ولتقييد الأمر الصادر بتعيين المصفي أهمية كبيرة ، فهو الذي يكفل إعلان أن التركة قد خضعت لإجراءات التصفية ، وهو الذي يحدد الوقت الذي تصبح فيه التصفية جماعية فيمتنع إتخاذ أي إجراء فردی .

4 - ومهمة المصفي هي أن يتسلم أموال التركة ويتولى تصفيتها برقابة القاضي الجزئي ونفقات التصفية تتحملها التركة ، ولهذه النفقات امتياز المصروفات القضائية فهي ممتازة في المرتبة الأولى .

شرح خبراء القانون

إستحدث المشرع فى القانون المدنى القائم نظاما لتصفية التركة يكفل حماية مصلحة الورثة و من يتعامل معهم كما يكفل مصلحة دائنى التركة ، فإذا ما تقررت التصفية فإنها تكون جماعية فترتفع بذلك يد الدائنين و الورثة عن التركة و يمتنع على الدائنين العاديين من وقت قيد الأمر الصادر بتعيين المصفى إتحاذ أى إجراءات فردية على أعيان التركة حتى تتم التصفية ، و بهذا تتحق المساواة الفعلية بينهم كما هو الحال فى الأفلاس التجارى و تنتقل أموال التركة إلى الورثة خالية من الديون فيتحقق المبدأ القاضى بألا تركة إلا بعد سداد الديون على وجه عملى .

(الطعن رقم 7 لسنة 35 جلسة 1969/03/20 س 20 ع 1 ص 444 ق 72)

شرح خبراء القانون

وتنص المادة 879 مدني على ما يأتي :

 " 1 - على كاتب المحكمة أن يقيد يوماً فيوماً الأوامر الصادرة بتعيين المصفين وبتثبيت أوصياء التركة ، في سجل عام تدون فيه أسماء المورثين بحسب الأوضاع المقررة للفهارس الأبجدية . ويجب أن يؤشر في هامش السجل بكل أمر يصدر بالعزل وبكل ما يقع من تنازل " .

 " 2 - ويكون لقيد الأمر الصادر بتعيين المصفي من الأثر على حق الغير الذي يتعامل مع الورثة في شأن عقارات التركة ما للتأشير المنصوص عليه في المادة 914 .

قيد الأوامر الصادرة بتعيين المصفين – نصوص قانونية : وقد رأينا أن المادة 879 مدني تقضي بأن " على كاتب المحكمة أن يقيد يوماً فيوماً الأوامر الصادرة بتعيين المصفين وبتثبيت أوصياء التركة ، في سجل عام تدون فيه أسماء المورثين حسب الأوضاع المقررة للفهارس الأبجدية : ويجب أن يؤشر في هامش السجل بكل أمر يصدر بالعزل وبكل ما يقع من تنازل " ، وقيد الأمر الصادر بتعيين المصفي إذا اختارته المحكمة أو أجمعت عليه الورثة ، وبتثبيت الوصي إذا عين المورث وصياً للتركة قبل موته ، مسألة هامة إذ تترتب عليها نتائج خطيرة كما سنرى : لذلك يجب أن يكون القيد في اليوم نفسه الذي يصدر فيه الأمر بالتعيين أو بالتثبيت . ويعد كاتب المحكمة لهذا القيد سجلاً عاماً ، تقيد فيه أسماء المورثين بحسب الترتيب الأبجدي ، فيسهل العثور على أسم المورث المطلوب عند البحث عنه، فإذا صدر أمر بتعيين مصف أو بتثبيت وصي للتركة ، عمد كاتب المحكمة في يوم صدور الأمر إلى قيد هذا الأمر ، ويتضمن طبعاً اسم المصفي أو الوصي أمام اسم المورث، فيستطيع دائن التركة مثلاً ، إذا علم أن مدينه قد مات ، أن يعرف ما إذا كان قد تقررت تصفية تركته تصفية جماعية ، وذلك بأن يبحث في قلم كتاب المحكمة الابتدائية التي يدخل في دائرتها آخر موطن لهذا المدين ، وفي السجل المعد لقيد الأوامر الصادرة بتعيين المصفين ، وأمام اسم المدين ( المورث ) المدون في السجل بحسب الترتيب الأبجدي ، ما إذا كان قد صدر أمر بتعيين مصف للتركة ، فإذا كان قد صدر هذا الأمر ، فإنه لا محالة يعثر على اسم المورث مدوناً في السجل ، ويجد أمام هذا الأسم الأمر الصادر بتعيين المصفي مقيداً، ويجب أيضاً على كاتب المحكمة أن يؤشر في هامش السجل ، بجانب كل أمر صادر بتعيين مصف للتركة ، كل أمر يصدر بعزل هذا المصفي أو ما يقع منه من تنازل أو تنح عن مهمته ، ثم يقيد أمام اسم المورث دائماً الأمر الصادر بتعيين المصفي الجديد الذي حل محل المصفي السابق، وبذلك يتمكن كل من يطلع على هذا السجل أن يعلم بالنسبة إلى تركة معينة ، ما إذا كانت هذه التركة قد تقررت تصفيتها تصفية جماعية ، ومن هو المصفي الذي عين للقيام بهذه التصفية ، ومن عسى أن يكون قد حل محله إذا كان قد عزل أو كان قد تنحى .

وتقول الفقرة الثانية من المادة 879 مدني كما رأينا : " ويكون لقيد الأمر الصادر بتعيين المصفي من الأثر في حق الغير الذي يتعامل مع الورثة في شأن عقارات التركة ما للتأشير المنصوص عليه في المادة 914 " . والتأشير المنصوص عليه في المادة 914 مدني هو تأشير دائن التركة بحقه في هامش تسجيل حق الإرث ، وقد رأينا أن هذا التأشير يغل يد الورثة عن التصرف في أموال التركة .

وعلى ذلك يكون لقيد الأمر الصادر بتعيين المصفي أثران هامان :

( أولاً ) لا يجوز للوارث ، من وقت قيد الأمر الصادر بتعيين المصفي إلى أن يتسلم شهادة التوريث التي تعطي له بعد تسوية الديون وسيأتي بيانها فيما يلي ، أن يتصرف في أموال التركة أو أن يستوفى ما للتركة من ديون، وتنص المادة 884 في هذا الصدد على ما يأتي : " لا يجوز للوارث ، قبل أن تسلم إليه شهادة التوريث المنصوص عليها في المادة 901 ، على أن يتصرف في مال التركة ، كما لا يجوز له أن يستوفي ما للتركة من ديون أو أن يجعل ديناً عليه قصاصاً بدين للتركة ".

ذلك أنه من وقت قيد الأمر الصادر بتعيين المصفي تبدأ الصفة الجماعية للتصفية ، وهذه الصفة لها أثرها بالنسبة إلى الورثة كما نرى هنا ، وبالنسبة إلى دائني التركة كما سيجئ فبالنسبة إلى الورثة تغل أيديهم عن التصرف في أموال التركة بالبيع أو الرهن أو غير ذلك من التصرفات ، عن قبض الديون التي للتركة ، وعن إجراء المقاصة في دين عليه بدين للتركة على دائنه وذلك لأن التصفية الجماعية تكون قد بدأت بقيد الأمر الصادر بتعيين المصفي وشأن التركة التي تصفي تصفية جماعية هو شأن أموال المفلس التي تصفي تصفية جماعية ، وشأن المصفي هو شأن سنديك التفليسة وكما تغل يد المفلس عن التصرف في أمواله كذلك تغل يد الورثة عن التصرف في أموال التركة ، وكما يكون للسنديك وحده حق التصرف في أموال المفلس كذلك يكون للمصفي وحده حق التصرف في أموال التركة، ولا ضير في ذلك على الورثة فقد علموا بتعيين المصفي وقد يكونون هم الذي اختاروه ، ولا على من قد يتعامل مع الورثة فهؤلاء يستطيعون قبل التعامل أن يبحثوا في سجلات المحكمة الابتدائية فيعثروا على الأمر الصادر بتعيين المصفي مقيداً فيعلموا أن الورثة لا يحق لهم التعامل في أموال التركة ، ولا على المدينين للتركة فهؤلاء قبل أن يوفوا ديونهم للورثة بطريق مباشر ، أو يوفوها بطريق غير مباشر بأن يجعلوها قصاصاً في حق لهم على الورثة ، يستطيعون هم أيضاً أن يعثروا في سجلات المحكمة الابتدائية على الأمر الصادر بتعيين المصفي فيعلموا أن الوفاء بالديون يجب أن يكون للمصفي دون الورثة، ويحسن بمصفي التركة أن يبادر منذ تعييه إلى تسجيل شهادة الإرث في مكاتب الشهر التي تقع في دوائرها عقارات التركة ، وبذلك يستحث دائني التركة أن يؤشروا بحقوقهم على هامش هذا التسجيل ، فيتمكن من معرفة الديون العادية التي على التركة مما يساعده على تسوية هذه الديون، وبذلك أيضاً يكون أمام من يتعامل مع الورثة طريقان لمعرفة الخطر الذي يتهددهم إذا أقدموا على هذا التعامل : طريق قيد الأمر بتعيين المصفي في سجلات المحكمة ، وطريق تأشير دائني التركة بحقوقهم على هامش تسجيل حق الإرث في مكاتب الشهر العقاري .

( ثانياً ) لا يجوز لدائني التركة ، من وقت قيد الأمر الصادر بتعيين المصفي ، أن يتخذوا أي إجراء فردي على أموال التركة ، فقد بدأت الصفة الجماعية للتصفية من وقت قيد هذا الأمر كما قدمنا ، فيجب أن تكون إجراءات دائني التركة إجراءات جماعية ، وفي مواجهة المصفي لا في مواجهة الورثة ، وتنص المادة 883 مدني في هذا الصدد على ما يأتي : " 1 - لا يجوز من وقت قيد الأمر الصادر بتعيين المصفي أن يتخذ الدائنون أي إجراء على التركة ، كما لا يجوز لهم أن يستمروا في أي إجراء اتخذوه ، إلا فيم واجهة المصفي . 2 - وكل توزيع فتح ضد المورث ، ولم تقل قائمته النهائية ، يجب وقفه حتى تتم تسوية جميع ديون التركة متى طلب ذلك أحد ذوي الشأن ".

فكل إجراء فردي يتخذه أحد دائني التركة على أموالها بعد قيد الأمر الصادر بتعيين المصفي يكون باطلاً ، إذ يجب كما قدمنا بعد قيد هذا الأمر أن تكون إجراءات الدائنين جماعية وفي مواجهة المصفي ، فالمصفي هو الذي يفحص الديون التي لهم ، ويحصرها ، ويقوم بسدادها ، فإذا كانت التركة موسرة تقاضي كل دائن حقه كاملاً ، وإذا كانت معسرة تقاضى كل دائن من أموال التركة بنسبة الحق الذي له ، وبذلك تتحقق المساواة الفعلية ما بين الدائنين ، وهذه هي فائدة التصفية الجماعية للتركة بالنسبة إلى الدائنين .

 وغني عن البيان أنه إذا كان لدائن منهم حق التقدم قانوناً كأن كان دائناً مرتهناً أو له حق امتياز ، استوفى حقه من المال محل الضمان متقدماً على سائر الدائنين ، ويلاحظ في هذا الصدد أنه لا يجوز لأي من دائني التركة ، بعد موت المدين ، أن يأخذ حق اختصاص على عقار في التركة ( م 1085 / 2 مدني ) ، فإنه بموت المدين يتحدد مركز دائنيه بعضهم بالنسبة إلى بعض حتى تتحقق المساواة فيما بينهم ، فلا يتفاضلون بعضهم على بعض إلا بسبب كان موجوداً قبل موت المدين ، كرهن أو امتياز أو اختصاص أخذ في حياة المدين ، وإذا اتخذ أحد دائني التركة إجراء فردياً على مال المدين قبل موته ، بأن حجز مثلاً على ماله ، فبموت المدين وقيد الأمر الصادر بتعيين المصفي يجب وقف هذا الإجراء الفردي ، ولا يجوز للدائن أن يستمر فيه إلا في مواجهة المصفية ، وبذلك ينقلب إلى إجراء جماعي ، ويتخلص الدائن مع سائر دائني التركة أموال المدين إلا إذا كان له حق التقدم بسبب موجود قبل موت المدين كما سبق القول،ولكن إذا كان الدائن قد وصل في الإجراء الفردي الذي اتخذه على مال المدين حال حياته إلى حد بيع هذا المال وفتح باب التوزيع فيه وإقفال قائمة التوزيع النهائية ، فعند ذلك يكون الدائن قد وصل في الإجراء الفردي الذي اتخذه إلى نهايته ، ولم يعد هناك بد من تنفيذ قائمة التوزيع النهائية كما هي ، وحصول كل دائن على ما خصص له في هذه القائمة . أما إذا كانت قائمة التوزيع النهائية لم تقفل قبل قيد الأمر بتعيين المصفي ، فإنه يجب وقفها بناءً على طلب المصفي أو بناءً على طلب أي من ذوي الشأن كوارث أو دائن ، وذلك حتى يتم حصر ديون التركة جميعاً فتضم التوزيعات بعضها إلى بعض ، وتسوي الديون جملة واحدة .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفي الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ التاسع المجلد/ الأول الصفحة/ 161)

 

لما كان الوصي على التركة الذي يعينه المورث قبل وفاته أو المصفي هو الذي يمثل التركة ويتعين على دائنيها أن يوجهوا طلباتهم إليه، وحتى يمكن للدائنين معرفة ما إذا كانت تركة مدينهم خضعت للتصفية الجماعية فيتخذوا الأجراء في مواجهة المصفی أم أنها لم تخضع لهذه التصفية فيتخذوا الأجراء في مواجهة الورثة أو أحدهم بإعتباره نائباً عن الباقين، فقد أوجب القانون إنشاء سجل خاص بالتركات التي تخضع لنظام التصفية الجماعية بالمحكمة الابتدائية التي افتتحت فيها التركة وهي محكمة آخر موطن للمورث، يسلسل أبجدياً وفقاً لأسماء المورثين ويقيد به يوماً فيوماً أسماء أوصياء التركات التي تثبتهم المحكمة أو المصفيين الذين يختارهم الورثة أو تعينهم المحكمة والقرارات التي صدرت في هذا الشأن وكل ما يطرأ على هذه البيانات من تعديل كتعیین مصف جديد.

الآثار المترتبة على قيد أوامر التعيين :

تنص المادة 884 من القانون المدني على أنه لا يجوز للوارث قبل أن تسلم إليه شهادة التوريث المنصوص عليها في المادة 901 أن يتصرف في مال التركة، مفاد ذلك أنه متى قيد الأمر الصادر بتعيين المصفى، غلت يد الورثة بالنسبة لأموال التركة، فلا يكون لهم التصرف فيها ببيع أو مقايضة أو رهن أو غير ذلك وإلا كان هذا التصرف غير نافذ في حق المصفي ولما كانت المادة 879 من ذات القانون توجب على كاتب المحكمة قيد الأمر الصادر بتعيين المصفى في السجل الأبجدي المعد لذلك بالمحكمة التي كان بها آخر موطن للمورث وأن يؤشر في هامش السجل بكل أمر يصدر متعلقة بالتصفية، وجعلت لقيد الأمر ذات الأثر المترتب على التأشير في هامش شهر حق الإرث بالنسبة للغير، ومن ثم يحاج الغير بالآثار المترتبة على نظام التصفية منذ قيد الأمر فيعتبر التصرف الصادر له من الوارث غير نافذ في حق المصفي الذي له استرداد عقار التركة لو كان المتصرف إليه قد تسلمه، وفي التركات الخاضعة لنظام التصفية، لا يشهر حق الإرث وحده إنما بشهر مع شهادة التوريث التي يتسلمها الوارث من القاضي بعد انتهاء إجراءات التصفية.

لذلك يتعين على من له علاقة دائنية بالمورث أو من يرغب في التعامل مع الوارث أن يطلع على سجل قيد الأوامر الصادرة بتعيين المصفيين للوقوف على ما إذا كانت التركة خضعت لنظام التصفية من عدمه حتى يقرر التعامل مع الوارث أو عدم التعامل معه.

ووفقاً للمادة 886 من القانون المدني، يوجه المصفى تكليفه علينا لدائني التركة ومدینیها يدعوهم فيه لأن يقدموا بياناً بما لهم من حقوق وما عليهم من ديون، وينشر على النحو المبين بها.

وإذ يترتب على وفاة المورث انفتاح تركته وانتقال أعيانها إلى ورثته فور وفاته، مما يجوز معه أن يتصرفوا في عقاراتها و منقولاتها بإعتبار أن ملكيتها قد انتقلت إليهم بالميراث، إلا أن التصرفات الواردة على عقار لا تنفذ في حق الغير إلا إذا أشهر حق الإرث وإنقضت سنة دون أن يؤشر دائنو التركة بحقوقهم في هامش تسجيل حق الإرث، فإذا خضعت التركة لنظام التصفية، فإن يد الورثة لا تقل عن أعمال التصرف إلا من اليوم الذي قيد فيه أمر تعيين المصفي أو أمر تثبیت وصى التركة، فان كان الوارث قد تصرف في عقار من عقارات التركة بعد وفاة المورث وقبل قيد الأمر المشار إليه، فانه يكون قد تصرف في تركة لم تكن خاضعة لنظام التصفية، وبالتالي يكون تصرفه صحيحة ولكن لا ينفذ في حق الغير إلا إذا تم شهر حق الإرث ولم يؤشر في هامش بحق للغير ترتب في ذمة المورث، فإذا انقضت تلك السنة دون إجراء أي تأشير، نفذ التصرف في حق الغير وانتقلت ملكية العقار إلى المتصرف إليه متى سجل عقده قبل قيد أمر تعيين المصفى .

أما إن تم قيد الأمر في خلال السنة المحددة للتأشير في هامش تسجيل حق الإرث، فإن هذا القيد يؤدي إلى عدم نفاذ تصرف الوارث في حق المصفى ويخوله الحق في استرداد العقار حتى لو كان المنصرف إليه قد تسلمه، دون حاجة بالمصفى إلى التأشير بأمر تعيينه في هامش تسجيل حق الإرث، باعتبار أن قيد الأمر في السجل المعد لذلك يعتبر إشهاراً يتعادل مع الإشهار بطريق التأشير الهامشي، ولا ينال من ذلك أن يكون المتصرف إليه قد سجل عقده، لأن هذا التسجيل لا ينقل إليه إلا بانقضاء سنة دون حصول شهر يؤدي إلى عدم نفاذ التصرف، سواء مثل هذا الشهر في قيد أمر تعيين المصفي أو في التأثير الذي يقوم به الدائنون.

وتثبت الصفة للمصفى فور تعيينه، فيكون نائبة قانونية عن الورثة، ولا يجوز لدائني التركة إتخاذ أية إجراءات فردية إذا تصبح التصفية جماعية ويتكامل، على نحو ما تقدم، نظام قيد أمر تعيين المصفي مع نظام شهر حق الإرث الذي يتم بالشهر العقاري.

(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الثاني عشر الصفحة/ 54)

متى قام القاضي بتعيين المصفي علي سالم المتقدم، أو قضي بتثبيت الوصی الذي عينه المورث، وجب على كاتب المحكمة من تلقاء نفسه قيد أمر التعيين أو التثبيت في اليوم الذي صدر فيه الأمر، ويكون القيد في سجل عام يرتب على حسب أسماء المورثين. ويقيد في هامش السجل ما يصدر في شأن المصفي من عزل أو تنازل.

ولهذا القيد أهمية كبرى فهو الذي يكفل إعلان أن التركة قد خضعت لإجراءات التصفية، وهو الذي يحدد الوقت الذي تصبح فيه التصفية جماعية فيمتنع اتخاذ أي إجراء فردی، فيستطيع الدائن إذا مات مدينة الوقوف عما إذا كانت التركة قد أخضعت للتصفية الجماعية فلا يتخذ إجراءاً فردياً أم لا، عن طريق الإطلاع على هذا الدفتر الأبجدي الذي يرتب بأسماء المورثين كما يتسنى له العلم بأسم المصفي وما إذا كان قد تنحى أو عزل ومن حل محله.

تنص الفقرة الثانية من المادة على أن يكون لقيد الأمر الصادر بتعيين المصفى من الأثر في حق الغير الذي يتعامل مع الورثة في شأن عقارات التركة ما للتأشير المنصوص عليه في المادة 914 والمادة المذكورة كما سنرى تنص على أنه إذا لم تكن التركة قد صفيت وفقا لأحكام النصوص السابقة، جاز لدائني التركة العاديين أن ينفدوا بحقوقهم أو بما أوصى به لهم على عقارات التركة التي حصل التصرف فيها، أو التي رتبت عليها حقوق عينية لصالح الغير، إذا أشروا بديونهم وفقاً لأحكام القانون.

والتأشير المنصوص عليها في المادة 914 هو تأشير دائن التركة بحقه في هامش تسجيل حق الإرث - كما سنرى - ومن ثم فإنه يترتب على قيد الأمر أثران هامان هما :

أولاً : يمتنع على الورثة من وقت قيد الأمر التصرف في أموال التركة أو استيفاء ما للتركة من ديون إما مباشرة أو بطريق غير مباشر عن طريق المقاصة.

لا يجوز لدائني التركة من وقت قيد الأمر إتخاذ أي إجراء على التركة أو الإستمرار في أي إجراء اتخذوه إلا في مواجهة المصفى. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثاني عشر  الصفحة/ 41)

الفقه الإسلامي

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

( مادة 959)

1- على كاتب المحكمة ، في اليوم الذي تقيد فيه دعوى تعيين المصفی أو تثبيت وصي التركة ، أن يسجل صحيفتها في سجل خاص يرتب بحسب أسماء المورثين . وعليه أن يؤشر في هامش التسجيل المذكور بالحكم الصادر في الدعوى وبكل حكم يصدر بتأيیده او بالغائه ، وبكل حكم يصدر بالعزل ، وبكل ما يقع من رفض أو تنح ، وذلك كله يوم صدور الحكم .

۲- وعلى الكاتب كذلك أن يرسل الى قلم كتاب محكمة القاهرة الابتدائية صورة من هذه التسجيلات والتأشيرات لاثباتها في سجل عام ينظم بقرار يصدر من وزير العدل

٣- ويكون للتأشير بالحكم الصادر بتعيين المصفي أو بتثبيت وصي التركة من الأثر في حق الغير الذي يتعامل مع الورثة في شان عقارات التركة ما للتأشير المنصوص عليه في المادة ۹۹۳، وذلك من تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى في السجل الخاص.

هذه المادة تقابل المادة ۸۷۹ من التقنين الحالي.

ونظرا الى أن طريقة الشهر المنصوص عليها في هذه المادة لا تكفي لتحقيق الحماية المطلوبة ، فقد روى في الفقرتين الاولى والثانية من المادة المقترحة تنظيم طريقة للشهر تكون اجدي في تحقيق هذه الحماية . فطبقا لطريقة الشهر المقترحة يكون هناك سجلان ، أحدهما خاص تدون فيه أسماء المورثین بحسب الأوضاع المقررة للفهارس الابجدية ويوضع في قلم كتاب المحكمة التي نشرت دعوى التصفية ، والآخر عام بوضع في قلم كتاب محكمة القاهرة الابتدائية وينظم بقرار يصدر من وزير العدل ، وعلى كاتب المحكمة التي نظرت دعوى أن يسجل صحيفة هذه الدعوى في السجل الخاص ، و ذلك في اليوم الذي تقيد فيه الدعوى ، سواء كانت بتعيين المصفی او تثبیت وصي التركة . وعليه أن يؤشر في هامش هذا التسجيل بالحكم الذي أشار في الدعوى بالتعيين أو بالثبيت و وبكل حكم يصدر بتأييده أو بالغائه ، وبكل حكم يصدر بعزل المصفى به وبكل ما يقع منه من رفض، على أن يتم ذلك كله يوم صدور الحكم " وعليه كذلك أن يرسل الى قلم کتاب محكمة القاهرة الابتدائية صورة من هذه التسجيلات والتأشيرات لاثباتها في السجل العام الذي يتم تنظيمه بقرار يصدر من وزير العدل.

ويكون للتأشير بالحكم الصادر بتعيين المصفي أو بتثبيت وصي التركة من الأثر في حق الغير الذي يتعامل مع الورثة في عقارات التركة ما للتأشير المنصوص عليه في المادة ۹۹۳ ، وذلك من تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى في السجل الخاص -

والمادة المقترحة تقابل المادة ۱۰۹۰ من التقنين الأردني .

ومن الواضح أن أحكام المادة المقترحة يقبلها الفقه الاسلامی ، لأنها تتضمن تنظيماً للإجراءات الكفيلة بحماية حقوق المتعاملين مع الورثة في شان عقارات التركة.