مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس ، الصفحة :260
مذكرة المشروع التمهيدي :
من المحتمل أن دائناً للتركة، وليس له تأمين خاص على عين من أعيانها، و يعلم بالتكليف الذي وجهه المصفي للدائنين ولم يظهر في قائمة الجرد، حتى تمت عملية التصفية، واستولى كل وارث على نصيبه من التركة خالصاً من الديون، يستطيع هذا الدائن دون شك الرجوع على أموال التركة ما بقيت في أيدي الورثة، ولكن إذا تصرف الوارث في مال التركة لأجنبي حسن النية وجب أن يحمي هذا الأجنبي، وليس للدائن إلا الرجوع على الوارث في حدود ما عسى أن يكون هذا قد أخذه مقابلاً لمال التركة كالثمن إذا كان التصرف بیعاً والبدل إذا كان مقايضة والعوض إذا كان هبة.
إنه و إن كان القانون قد أوجب رفع المنازعة فى صحة الجرد فى الميعاد ثلاثين يوما ، إلا أنه جعل إنفتاح هذا الميعاد رهنا بقيام المصفى بإخطار المنازع بإيداع القائمة محل المنازعة ، أما ذوو الشأن الذين لم يخطروا بإيداع القائمة فلا يتقيدون بداهة بهذا الميعاد لتوقف الإلتزام به على حصول الأخطار بإيداع القائمة ، و من ثم فإن لهؤلاء أن يرفعوا منازعتهم فى صحة الجرد إلى المحكمة فى أى وقت إلى ما قبل تمام التصفية ، و نص المادة 897 من القانون المدنى من العموم بحيث يشمل جميع الدائنين العاديين الذين لم ينازعوا فى قائمة الجرد قبل تمام التصفية و لا يدع مجالا لإستثناء من لم يخطر منهم بإيداع تلك القائمة ، هذا إلى أن إستثناء هؤلاء يترتب عليه إهدار الصفة الجماعية للتصفية و تفويت ما هدفه المشرع منها من تحقيق المساواة بين الدائنين العاديين و تأمين الغير الذى يتعامل مع الورثة فى أموال التركة بعد تمام التصفية من ظهور دائن للتركة ينازعه .
(الطعن رقم 7 لسنة 35 جلسة 1969/03/20 س 20 ع 1 ص 444 ق 72)
تنص المادة 897 مدني على ما يأتي :
" دائنو التركة الذين لم يستوفوا حقوقهم لعدم ظهورها في قائمة الجرد ولم تكن لهم تأمينات على أموال التركة، لا يجوز لهم أن يرجعوا على من كسب بحسن نية حقاً عينياً على تلك الأموال، وإنما لهم الرجوع على الورثة بسبب إثرائهم".
ويعرض هذا النص لدائني التركة الذين ليس لهم تأمين خاص على أموال التركة، ولم يعلموا بالتكليف الذي وجهه المصفي للدائنين، بل قد يكونون لم يعلموا بموت المدين، فلم تظهر الديون التي لهم على التركة في قائمة الجرد، ولم يستطيعوا المنازعة في القائمة لجهلهم بها، فهؤلاء يبقون في الغالب مجهولين حتى تتم التصفية، ويستولي كل وارث على نصيبه على اعتبار أنه خالص من الديون، لا شك في أن هؤلاء الدائنين تبقى حقوقهم قائمة ما داموا لم يستوفوها، ويستطيعون الرجوع بها على أموال التركة ما بقيت هذه الأموال في أيدي الورثة، إذ لا تركة إلا بعد سداد الديون ، فإذا رجع أحد منهم على عين للتركة في يد أحد الورثة ونفذ بحقه على هذا العين ، رجع الوارث على الورثة الباقين كل بقدر حصته في الدين.
ولكن إذا تصرف الوارث في عين للتركة، أو رتب عليها حقاً عينياً كرهن لأجنبي حسن النية لأي علم إن هناك دائنين للتركة لم يستوفوا حقوقهم، لم يستطع هؤلاء الدائنون أن يتتبعوا العين أو يتقدموا على الأجنبي، حتى لو لم يشهر حق الإرث أو شهر ولم تنقض سنة من وقت شهره واستطاع الدائنون أن يؤشروا بحقوقهم على هامش تسجيل حق الإرث قبل انقضاء هذه السنة، ذلك لأن التصفية الجماعية تقطع السبيل على دائني التركة الذين لم يتقدموا في التصفية، وإذا كانت التصفية لا تحمي الورثة من هؤلاء الدائنين ما دامت أعيان التركة باقية في أيديهم، فإنها تحمي الغير، ومن يتعامل مع الوارث بحسن نية بعد انتهاء التصفية من حقه أن يطمئن إلى أن التصفية قد خلصت التركة من الديون، فلا يجوز لدائن لم يظهر في التصفية أن يتتبع عيناً للتركة تحت يده أو أن يتقدم عليه فيها . وإنما يجوز لهذا الدائن أن يرجع على الوارث الذي تصرف في هذه العين أو رتب عليها حقاً عينياً، وذلك – كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي – " في حدود ما عسى أن يكون قد أخذه مقابلاً لمال التركة، كالثمن إذا كان التصرف بيعاً والبدل إذا كان مقايضة والعوض إذا كان هبة والرجوع هنا يكون بسبب إثراء الوارث على حساب الدائن، وهذا كله دون إخلال برجوع الدائن على الوارث الذي تصرف في العين عن طريق غير طريق الإثراء هذا، وذلك بأن يرجع الدائن على أعيان التركة التي لا تزال باقية في يد هذا الوارث كما سبق القول.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ التاسع المجلد/ الأول الصفحة/ 216)
الدائن الذي ترتب له تأمين عيني على عقار من عقارات التركة، لا يدخل في التصفية الجماعية للتركة ولا في قسمة الغرماء التي قد تنتهي إليها تلك التصفية، وإنما ينفذ بإجراء فردي على العقار محل التأمين العيني بكامل دينه، ويجب على المصفي إدراج أصحاب الحقوق العينية التبعية المقيدة، في قائمة جرد التركة، ليس لإشراكهم في أعمال التصفية، وإنما لإخراج العقارات الضامنة لحقوقهم من تلك الأعمال وليعلم الدائنون العاديون بذلك حتى لا يعترضون على قائمة الجرد لعدم إدراج تلك العقارات بها، وسبيل المصفي إلى معرفة الدائنين أصحاب تلك القيود، هو الشهادة العقارية التي يحصل عليها متضمنة التصرفات الواردة على عقارات التركة و التي تم شهرها.
أما الدائن العادي فإن المصفي قد لا يعرفه وقد لا يقف هذا الدائن على النشر الذي تم (م 886) ومن ثم يظل بعيداً عن التصفية حتى تتم ويأخذ كل وارث نصيبه، فإن ظهر هذا الدائن بعد ذلك فله التنفيذ على أموال التركة تحت يد وارث أو أكثر على قدر ما يفي دينه، فهذه الأموال تركة ولا تركة إلا بعد سداد الدين، ويكون للوارث الذي نزعت حصته الرجوع على الورثة الآخرين فيأخذ نصيباً مساو للقدر الذي يستحقه على أساس أموال التركة الباقية تحت يد الورثة.
أما إذا تصرف الوارث في العين التي آلت إليه من التركة لشخص حسن النية سواء بالبيع أو المقايضة أو بالهبة أو رتب عليها حقاً عينياً كرهن، فإن الدائن لا يستطيع انتزاع العين من حائزها حسن النية الذي اطمأن بانتهاء إجراءات التصفية، كما لا يستطيع التقدم على من ترتب له حق عیني، ولكن يكون لهذا الدائن الرجوع على الوارث في حدود ما عسى أن يكون هذا قد أخذه مقابلاً لمال التركة، كالثمن إذا كان التصرف بيعة والبدل إذا كان مقايضة والعوض إذا كان هبة أما إذا ظهر الدائن العادي قبل أن تتم التصفية فله أن ينازع في قائمة الجرد في أي وقت لإدراج دينه بها.
هذا إذا كانت التركة موسرة، وتجاوزت حقوقها ديونها، أما إذا كانت معسرة، وتجاوزت دیونها حقوقها، فلم ينقل شیء من أعيانها للورثة، وبالتالي لم يتحقق تابع شرح إثراء لهؤلاء ولم يغتنموا شيئاً من التركة مما يحول دون الرجوع عليهم بالغرم، كان المصفي نائباً قانونياً عن الورثة ، فلا يجوز الرجوع عليه شخصية في المسائل المدنية، وبالتالي إذا كان قد أغفل بعض إجراءات الشهر مما ترتب عليه عدم اكتمال عناصر القرينة المترتبة على دعوته للدائنين، وبالتالي عدم تحقق علم الدائن بإجراءات التصفية، فإن هذا لا يسوغ الرجوع عليه أو على الورثة إذا كانت التصفية قد تمت دون أن يشارك النكن فيها، إذ كان عليه أن يتابع التركة بعد وفاة مدينة ويطلع على السجل العام المعد لقيد التركات الخاضعة لنظام التصفية.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الثاني عشر الصفحة/ 95)
وقد لا يعلم بعض دائني التركة بالتكليف الذي وجهة المصفى إلى الدائنين ليتقدموا بحقوقهم، بل قد لا يعلمون بوفاة مدينهم وبالتالي لا تظهر ديونهم في قائمة الجرد، ويظلون في الغالب مجهولين حتى تتم التصفية.
ولا ضير في ذلك على الدائن الذي كان له حق عيني تبعي على عين أو أكثر في التركة، إذ يستطيع بما له من ميزة التتبع أن ينفذ على الأعيان المثقلة بحقه في أي يد تكون.
أما الدائنون العاديون الذين لم تكن لهم تأمينات على أموال التركة فتبقى حقوقهم عليها طالما بقيت هذه الأموال في أيدي الورثة، ويستطيعون التنفيذ على أي عين منها في يد الوارث، ليستوفوا حقوقهم، ليرجع هذا الأخير، على بقية الورثة، بقدر حصة كل منهم، لأنه لا تركة إلا بعد سداد الديون.
فإذا تصرف الورثة في أموال التركة بنقل ملكيتها أو بترتيب حق عيني عليها وكان المتصرف إليه حسن النية، لا يعلم بحق الدائنين على تلك الأموال، امتنع على ولاء الدائنين تتبعها حتى ولو كانوا قد قاموا بالتأشير بحقوقهم على هامش تسجيل حق الإرث في خلال السنة التالية لحصوله، أو كان حق الإرث لم يسجل، لأن التصفية الجماعية تقطع السبيل على دائني التركة الذين لم يتقدموا في التصفية وتحمي الغير التي يتعامل مع الورثة بعد انتهائها، ولا يجوز من ثم للدائنين الذين لم يظهروا في التصفية تتبع أعيان التركة في يد المتصرف إليه، أو التقدم على دائن رتب له الوارث تأميناً عينياً عليها). وإنما يجوز للدائنين أن يرجعوا على الورثة بسبب إثرائهم، أي بقدر ما يكون قد أخذ مقابلاً لمال التركة، كالثمن إذا كان التصرف بيعاً والبدل إذا كان مقايضة والعوض إذا كان هبة.
والرجوع هنا يكون بسبب إثراء الوارث على حساب الدائن، وهذا لا يخل بحق هؤلاء الدائنين في التنفيذ على أعيان التركة الأخرى التي لازالت في يد الورثة.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثاني عشر الصفحة/ 80)
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
( مادة ۹۷۷)
لا يجوز لدانتي التركة الذين لم يستوفوا حقوقهم لعدم ظهورها في قائمة الجرد ولم تكن لهم تأمينات على أموال التركة أن يرجعوا على من کسب بحسن نية حقاً عينياً على تلك الأموال ، وانما لهم الرجوع على الورثه بسبب إثراتهم •
هذه المادة تتفق مع المادة ۸۹۷ من التقنين الحالي .
وقد أدخل تعديل لفظى على هذه المادة .
أنظر المذكرة الايضاحية للمادة المقابلة في المشروع التمهيدي للتقنين الحالى (م ۱۳۳۰ ، في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 6 ص 260
والمادة المقترحة تتفق مع المادة ۱۱۰۷ من التقلين الاردني "
وحكمها يقبله الفقه الاسلامی ، لأنه يكفل الحماية للغير الذي يتعامل بحسن نية في شان مال من أموال التركة ، مع الاحتفاظ للدائنين بحقهم في الرجوع على الورثه •