loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس، الصفحة :  290

مذكرة المشروع التمهيدي :

1- تصفية التركة أمر اختياري قد لا يتم، فالتركة التي لم تصف يجوز للدائن أن ينفذ على أي مال فيها، سواء بقي في أيدي الورثة أو انتقل إلى الغير في مدى سنة من وقت موت المورث وبعد السنة لا يجوز للدائن أن ينفذ على عقار انتقل إلى الغير إلا إذا كان قد أشر بحقه في سجل المحكمة الجزئية التي يقع في دائرتها آخر موطن للمورث وكان تأشيره سابقاً على إشهار الغير لحقه.

2 - ويلاحظ أن التركات التي تتقرر تصفيتها، قد يتراخى طلب التصفية فيها إلى وقت طويل بعد موت المورث. وقد يجهل الخير الذي يتعامل مع الوارث ما إذا كانت التركة ستقرر تصفيتها، فما عليه إلا أن ينتظر سنة بعد موت المورث، ثم يقدم على التعامل مع الوارث مطمئناً إذا هو تثبت من أمرين : من أن أحداً من دائنى التركة لم يؤشر بحقه على النحو المتقدم، ومن أن أمراً بتعيين مصف للتركة لم يقيد على النحو الذي سبق ذكره . لأن تقييد الأمر الصادر بتعيين المصفي يكون له من الأثر بالنسبة للغير ما للتأشير بحق الدائن.

الأحكام

1- لما كان الثابت أن المصلحة المطعون ضدها قد اختصمت الطاعنين بوصفهما ورثه الممول " المدين " وطلبت الزام التركة ممثلة فى اشخاص الورثة بالدين محل فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزامهما بهذه الصفة بالمبلغ المحكوم به يكون موجهاً ضد التركة دون اشخاص الورثة أو أموالهم الخاصة ولا ينال من ذلك عدم وجود أصول للتركة إذ ان بحث مدى توافر هذه العناصر وكفايتها لسداد ديون المورث هو أمر يتعلق بمرحلة تنفيذ الحكم واستيفاء الدين المقضى به لاعند بحث وجوده والالزام به .

(الطعن رقم 557 لسنة 59 جلسة 1996/07/04 س 47 ع 2 ص 1081 ق 202)

2- متى كانت شخصية الوارث مستقلة - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - عن شخصية المورث ، وكانت التركة منفصلة عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة ، فإن ديون المورث تتعلق بتركته التى تظل منشغلة بمجرد الوفاة بحق عينى تبعى لدائنى المتوفى يخولهم تتبعها لإستيفاء ديونهم منها ، ولا تنشغل بها ذمة ورثته و من ثم لا تنتقل إلتزامات المورث إلى ذمة الوارث لمجرد كونه وارثاً إلا فى حدود ما آل إليه من أموال التركة ، ويكون للوارث أن يرجع بما أوفاه عن التركة ، من دين عليها ، على باقى الورثة بما يخصهم منه كل بقدر نصيبه بدعوى الحلول أو بالدعوى الشخصية ، فإن كان بدعوى الحلول فإنه يحل محل الدائن الأصلى فى مباشرة إجراءات إستيفاء حقه إذا أحاله إليه .

(الطعن رقم 1313 لسنة 50 جلسة 1984/05/30 س 35 ع 1 ص 1495 ق 286)

3- إن كان الوارث يحل محل مورثه بحكم الميراث فى الحقوق التى لتركته وفى الإلتزامات التى عليها ، إلا أن القانون جعل للوارث مع ذلك حقوقاً خاصة به لايرثها عن مورثه بل يستمدها من القانون مباشرة وهذه الحقوق تجعل الوارث غير ملزم بالتصرفات التى تصدر من المورث على أساس أن التصرف قد صدر إضراراً بحقه فى الإرث فيكون تحايلاً على القانون ومن ثم فإن موقف الوارث بالنسبة للتصرف الصادر من مورثه  سواء لأحد الورثة أو للغير يختلف بحسب ما إذا كانت صفته وسنده وحقه مستمداً من الميراث أى بإعتباره خلفاً عاماً للمورث أومستمداً من القانون أى بإعتباره من الغير بالنسبة لهذا التصرف فإن كانت الأولى أى بإعتباره وارث - كان مقيداً لمورثه بالإلتزامات والأحكام والآثار المفروضة عليه طبقاً للتعاقد والقانون أما إذا كانت الثانية  أى بإعتباره من الغير  فإنه لا يكون ملتزماً بالتصرف الصادر من المورث ولا مقيداً بأحكامه ولا بما ورد فى التعاقد الصادر بشأنه بل يسوغ له إستعمال كامل حقوقه التى خولها به القانون فى شأنه - بما لازمه إختلاف دعوى الوارث فى كل من الموقفين عن الآخر من حيث الصفة والسبب والطلبات والإثبات .

(الطعن رقم 1935 لسنة 49 جلسة 1984/05/15 س 35 ع 1 ص 1302 ق 248)

4- مفاد نص الفقرتين الأولى و الثانية للمادة 13 من قانون تنظيم الشهر العقارى رقم 114 لسنة 1946 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع لم يجعل شهر حق الأرث شرطاً لإنتقال الحقوق العينية العقارية إلى الورثه من وقت وفاة المورث بإعتبار أن إنتقال ملكية أعيان التركة بما فيها الحقوق العينية العقارية من المورث إلى الوارث أثر يترتب على واقعة الوفاة ، وأكتفى المشرع فى قيام تحديد الجزاء على عدم شهر حق الأرث بمنع شهر أى تصرف يصدر من الوارث فى أى عقار من عقارات التركة دون منع التصرف ذاته .

(الطعن رقم 1475 لسنة 49 جلسة 1983/03/30 س 34 ع 1 ص 861 ق 177)

5- تركة المدين تنشغل بمجرد الوفاة بديون وإلتزامات المتوفى بما يخوله لدائنيه إستيفاء ديونهم منها تحت يد الورثة أو خلفائهم ما دام أن الدين قائم لأن التركة منفصلة شرعاً عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة ، وترتيباً على ذلك يكون دفع المطالبة الموجهة إلى التركة فى شخص الورثة غير قابل للتجزئة يكفى أن يبديه البعض منهم فيستفيد منه البعض الآخر وإذ قضت محكمة الإستئناف بقبول الدفع بإنقضاء الخصومة بمضى المدة بالنسبة لبعض الورثة دون أحدهم الطاعن  الذى قضى برفض الدفع بالنسبة له وبإلزام التركة ممثلة فى شخصه بالدين فإنها تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 420 لسنة 42 جلسة 1983/03/29 س 34 ع 1 ص 848 ق 174)

6- مفاد نص المادة 1/87 من القانون المدنى أن أيلولة العقارات إلى الوارث بمقتضى حق الإرث إنما تترتب على مجرد واقعة هى موت المورث وقيام سبب الإرث بالوارث دون أن يكون ذلك متوقفاً على شهره ، والنص فى المادة 13 من قانون تنظيم الشهر العقارى رقم 114 لسنة 1946 غير مقصود به - كما ورد فى مذكرته الإيضاحية - الإخلال بالأحكام الواردة فى القانون المدنى التى تتناول إنتقال الحقوق بالميراث فالتصرف الصادر من الوارث فى حق عينى عقارى تلقاه بمقتضى حق الإرث تنطبق عليه الأحكام العامة المقررة لنوع هذا التصرف فإذا باع الوارث عقاراً تلقاه بالميراث فهو يلتزم بمجرد البيع بالإلتزامات الشخصية التى يلتزم بها البائع ومن بينها الإلتزام بنقل الملكية إلى المشترى وإتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك ومن بينها شهر حق الإرث ، ومفهوم المواد 2/879 ، 897 ، 900 ، 914 من القانون المدنى أن المشرع المصرى قد غلب مذهب فقهاء الشرع الذى يقضى بأن أموال المورث تنتقل إلى الورثة بمجرد الوفاة سواء كانت التركة مستغرقة بالدين أو غير مستغرقة أما إلتزامات المورث فلا تنتقل إلى ذمة الوارث لمجرد كونه وارثاً إلا فى حدود ما آل إليه من أموال التركة  وقانون تنظيم الشهر العقارى حماية لدائنى التركة ضد تصرفات الورثة الضارة بحقوقهم نص فى المادة 14 منه على أنه يجب التأشير بالمحررات المثبتة لدين من الديون العادية على المورث فى هامش تسجيل الإشهارات أوالأحكام أوالسندات وقوائم الجرد المتعلقة بها ويحتج بهذا التأشير من تاريخ حصوله ومع ذلك إذا تم التأشير فى خلال سنة من تاريخ التسجيل المشار إليه فللدائن أن يحتج بحقه على كل من تلقى من الوارث حقاً عينياً عقارياً وقام بشهره قبل هذا التأشير وتطبيقاً لهذا النص فإن لدائن المورث - والموصى له بعقار فى التركة إذا لم يسجل يكون فى مركز الدائن - إذا أشر بدينه فى هامش تسجيل إشهارات الوراثة الشرعية أوالأحكام النهائية أوغيرها من المستندات المثبتة لحق الإرث فى خلال سنة من تاريخ شهر حق الإرث أن يحتج عن كل من تلقى من الوارث حقاً عينياً وقام بشهره قبل هذا التأشير فإذا أهمل الوارث شهر حقه لم يلتزم دائن التركة بشهر دينه الذى يظل رغم خفائه عالقاً بأعيان التركة كما لو كانت مرهونة بها ، على أنه بالنسبة للوصية فنظرا للمادة التاسعة من قانون تنظيم الشهر العقارى رقم 114 لسنة 46 قد أخضعها للشهر بتسجيل المحرر المثبت لها بحيث يترتب على عدم التسجيل أن الحقوق التى ترمى إلى إنشائها لا تنشأ لا بين طرفيها ولا بالنسبة للغير فإنه يجب تسجيلها قبل مضى سنة من تاريخ شهر حق الإرث حتى يكون للموصى له أن يحتج بها على من تلقى من الوارث حقاً عينياً على العقار الموصى به ولو كان المتصرف إليه قد شهر حقه قبل تسجيل الوصية .

(الطعن رقم 939 لسنة 46 جلسة 1981/06/24 س 32 ع 2 ص 1925 ق 348)

7- يدل النص فى المادة الرابعة من قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 على أن التركة تنفصل عن المورث بوفاته ولاتؤول بصفة نهائية إلى الورثة إلا بعد أداء مصاريف تجهيزه من تلزمه نفقته وماعليه من ديون للعباد وما ينفذ من وصاياه ، ومن هنا كانت قاعدة لا تركه إلا بعد سداد الدين ، ومؤداها أن تظل التركة منشغلة بمجرد الوفاة بحق عينى تبعى لدائنى المتوفى يخولهم تتبعها لاستيفاء ديونم منها ، وتكون هذه الديون غير قابلة للإنقسام فى مواجهة الورثة يلتزم كل منهم بأدائها كاملة إلى الدائنين ، طالما كان قد آل إليه من التركة مايكفى للسداد فإن كان دون ذلك فلا يلزم إلا فى حدود ما آل إليه من التركة ، لأن الوارث لا يرث دين المورث وله الرجوع على باقى الورثة بما يخصهم فى الدين الذى وفاه كل بقدر نصيبه فى حدود ما آل إليه من التركة بدعوى الحلول أو الدعوى الشخصية .

(الطعن رقم 980 لسنة 47 جلسة 1981/02/25 س 32 ع 1 ص 657 ق 126)

8- متى كان البين من الوقائع التى تضمنتها صحيفة الدعوى الإبتدائية ومن المستندات المقدمة فيها أن المطعون ضده قد إستهدف بدعواه بصفته أحد الورثة مخاصمة البنك الطاعن طالباً الحكم لتركة مورثه ممثلة فى شخصه ببراءة ذمته من الدين المتخذ بشأنه إجراءات نزع ملكية الأطيان الزراعية المخلفة عن المورث وإنه وإن لم يذكر صراحة بصحيفة الدعوى أنه يمثل باقى الورثة فى مخاصمة البنك إلا أن صفته كوارث تنصبه خصماً عن باقى الورثة ، واضحة جلية من بيانه لوقائع الدعوى بشقيها الأصلى والفرعى على حد سواء طالباً الحكم للتركة نفسها بكل حقها وليس فى أوراق الدعوى الإبتدائية ما يدل على أن المطعون ضده قد جعل الحقوق التى يطالب بها حقوقاً شخصية له ، كما لا يستفاد من الحكم الإبتدائى أنه قضى فيها على هذا الإعتبار فهو وإن لم يشر فى منطوقة صراحة إلى الحكم لورثته إلا أن المستفاد ضمناً من مدونات ذلك الحكم أنه قد إلتزم الوقائع التى عرضها المدعى بصحيفة دعواه والمستندات المقدمة فيها وهى وعلى ما سلف البيان  تؤدى إلى أن المطعون ضده قد خاصم البنك الطاعن بصفته ممثلاً للتركة لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ عنى بإبراز هذه الصفة و قضى فى الدعوى على هذا الأساس فإنه لا يكون قد عدل شخص المحكوم له فى الدعوى الأصلية أو إستجاب لطلب جديد فى الدعوى الفرعية وإنما قصد بيان هذه الصفة وتحديدها بما يتفق مع الواقع المطروح فى الدعوى وينبنى على ذلك أن طلب المطعون ضده أمام محكمة الإستئناف الحكم له شخصياً بالمبلغ محل الدعوى الفرعية هو  فى الواقع الطلب الجديد الذى لا يقبل أمام محكمة الإستئناف والذى واجهته المحكمة بالرفض ، وأن ما طرحه المطعون ضده من طلب إحتياطى فى خصوص الدعوى الفرعية هو  فى حقيقته  ذات الطلب الذى إستهدفه أمام المحكمة الإبتدائية .

(الطعن رقم 226 لسنة 42 جلسة 1977/06/08 س 28 ع 1 ص 1399 ق 242)

9- إذا كان الثابت أن الدعوى رفعت أمام محكمة أول درجة من الطاعنة وباقى الورثة ضد المطعون عليه بطلب الحكم ببراءة ذمة المورثة من مبلغ ... وحكم إبتدائياً بطلبات المدعيين فأقام المطعون عليه إستئنافاً عن هذا الحكم وإختصم جميع الورثة المحكوم لهم وحكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى فطعنت الطاعنة عن نفسها وبصفتها ممثلة لتركة المورثة فى هذا الحكم وكان لا يصلح إعتبار الطاعنة نائبة عن الورثة الذين لم يرفعوا الطعن لأنهم كانوا ماثلين فى الدعوى حتى صدر الحكم المطعون فيه ولا ينوب حاضر فى الطعن عمن كان حاضرا مثله فى الخصومة التى صدر فيها الحكم المطعون فيه لما كان ذلك فإن الطاعنة لا تعتبر ممثلة لتركة مورثها أو نائبة عن باقى الورثة فى هذا الطعن ومن ثم فإن الطعن المرفوع منها بصفتها ممثلة لتلك التركة يكون غير مقبول .

(الطعن رقم 592 لسنة 40 جلسة 1976/03/30 س 27 ع 1 ص 792 ق 154)

10- مفاد نص المادة 14 من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقارى مرتبطاً بنص المادة 13 منه وبما أورده المشرع بالمذكرة الإيضاحية لذات القانون ، إنه كان إعمال المفاضلة فى مقام نقل الملكية لا يتم إلا على أساس الأسبقية فى الشهر طبقاً للمادة التاسعة من القانون المشار إليه ، إلا أن المشرع فى سبيل الحد من التزاحم بين المتعاملين مع المورث والمتعاملين مع الوارث منع شهر تصرفات الوارث قبل شهر حقه فى الإرث فإذا كان الإرث لم يشهر فإن المشترى من الوارث لا يستطيع الإحتجاج بعقده فى مواجهة دائنى التركة - ومنهم المشترى من المورث بعقد غير مسجل . أما إذا أشهر حق الإرث فقد خول المشرع دائنى التركة - بما فيهم المشترى لعقار من المورث إذا لم يكن قد سجل عقد شرائه - وسيلة يتقدمون بها على المتعاملين مع الوارث وهى المبادرة إلى التأشير بحقوقهم فى هامش شهر حق الإرث خلال سنة من حصوله ، فإذا لم يؤشر الدائن بحقه إلا بعد إنتهاء هذا الميعاد فإنه يفقد الحق فى الإحتجاج بالتصرف الصادر إليه من المورث فى مواجهة المشترى من الوارث على أساس من الحماية المقررة له بموجب المادة 14 السالفة الذكر .

(الطعن رقم 57 لسنة 32 جلسة 1966/11/01 س 17 ع 4 ص 1599 ق 224)

11- متى كانت الدعوى مرفوعة على التركة وإنتهت منازعة المدعى عليه دفاعاً عن التركة  بأن السندات موضوع الدعوى لا تمثل قرضاً إلى ملزومية التركة بقيمة تلك السندات بإعتبارها وصية تنفذ من ثلث مالها فإن مصروفات الدعوى تكون مستحقة من مال التركة غير مقيدة بالقيد الخاص بالنفاذ فى الثلث ، ذلك أن الإلتزام بالمصروفات لا يستند إلى الوصية فى ذاتها بل إلى سبب قانونى آخر هو إلتزام من يخسر الدعوى بمصاريفها قانوناً [ م 358 مرافعات ] . وإذا كانت المصاريف تقدر على أساس المبلغ المقضى به وكان الحكم قد ترك أمر تحديده إلى ما يسفر عنه تحديد ثلث التركة فإن التطبيق الصحيح للمادة 357 من قانون المرافعات يقضى بأن يكون إلتزام التركة بالمصاريف قاصراً على ما يناسب مبلغ الوصية الذى ينفذ من ثلثها المقضى به .

(الطعن رقم 536 لسنة 26 جلسة 1962/06/21 س 13 ع 2 ص 837 ق 124)

شرح خبراء القانون

تنص المادة 914 مدني على ما يأتي :

إذا لم تكن التركة قد صفيت وفقاً لأحكام النصوص السابقة، جاز لدائني التركة العاديين أن ينفذوا بحقوقهم أو بما أوصى به لهم على عقارات التركة التي حصل التصرف فيها، أو التي رتبت عليها حقوق عينية لصالح الغير، إذا أشروا بديونهم وفقاً لأحكام القانون.

ويخلص من النص سالف الذكر أنه إذا لم تتقرر تصفية التركة تصفية جماعية على النحو الذي سنبينه، لم يكن أمام دائني التركة إلا اتخاذ إجراءات فردية للتنفيذ بحقوقهم على أموال التركة، كما كانوا يفعلون لو أن المورث مدينهم كان حياً وقد يقع أن يتصرف الورثة في عقارات التركة بعد شهر حقوقهم في الإرث، أو يرتبوا على هذه العقارات لصالح الغير حقاً عينياً كرهن رسمي أو رهن حيازة، إذا أن ملكية هذه العقارات قد انتقلت إلى الورثة بمجرد موت المورث كما سبق القول فعلى دائني التركة (وكذلك الموصى لهم إذا أصبحوا دائنين للتركة بموجب الوصية ويأتون في الترتيب بعد الدائنين)، إذا أرادوا أن يحتفظوا لأنفسهم بحق تتبع العقارات في أيدي الذين تصرف لهم الورثة، وبحق التقدم على الدائنين الذين رتبت لهم الورثة على العقارات حقوقاً عينية، أن يقوموا بنشر حقوقهم وفقاً لأحكام القانون.

فدين التركة يجب إذن شهره، ويكون ذلك عادة في خلال سنة من شهر حق الإرث ونبحث في هذا الصدد المسائل الآتية : ( 1 ) من يقوم بشهر الدين. ( 2 ) كيف يكون شهر الدين. ( 3 ) حالة شهر الدين في خلال سنة من شهر حق الإرث. ( 4 ) حالة شهر الدين بعد انقضاء سنة من شهر حق الإرث. ( 5 ) حالة عدم شهر الدين أصلاً. ( 6 ) حالة تصرف الوارث في منقول للتركة قبل سداد ديونها.

من يقوم بشهر الدين :

الذي يقوم بشهر الدين هو دائن التركة نفسه، فهو صاحب الشأن في ذلك وكل دائن من الدائنين العاديين للتركة يستطيع أن يقوم بشهر دينه والدائنون العاديون للتركة هم دائنوا المورث، وهم الذين كانت الذمة المالية لمدينهم المورث ضماناً عاماً لحقوقهم، فإذا مات المدين أصبحت تركته هي الضمان العام لهذه الحقوق ويدخل أيضاً ضمن الدائنين للتركة الموصى لهم الذين يصبحون بموجب الوصية دائنين للتركة، وهم غير دائني المورث الأصليين لأنهم لم يصبحوا دائنين إلا بموت المورث، وقد أصبحوا دائنين مباشرة للتركة دون أن يكونوا دائنين للمورث نفسه  والموصى له الذي يصبح دائناً للتركة بموجب الوصية إما أن يكون قد أوصى له بمبلغ من النقود يأخذه من التركة فيصبح دائناً بهذا المبلغ، أو أن يكون قد أوصى له بعين معينة بالذات في التركة، عقاراً كانت أو منقولاً، فيكون له حق المطالبة بها وفي الحالتين يجب عليه أن يؤشر بما أوصى له به على هامش شهر حق الإرث، حتى إذا ما تصرف الوارث في أعيان التركة أو في العقار الموصى به أو رتب عليها حقاً عينياً كان للموصى له حق التتبع وحق التقدم كسائر دائني التركة غير أن الموصى له يتأخر عن دائني التركة الأصليين، ولهؤلاء أن يتقاضوا حقوقهم أولاً من أعيان التركة بما في ذلك العين الموصى بها عقاراً كانت أو منقولاً، فإن بقى شيء أخذ الموصى  له منه ما أوصى له به، وما يبقى بعد ذلك فهو للورثة.

والدائن الذي يقوم بشهر الدين هو الدائن العادي للموروث أما الدائن الذي يكفل حقه رهن أو اختصاص أو امتياز على عقار من عقارات المورث وقد قام بقيد هذا التأمين، وبتجديد القيد في المواعيد المحددة قانوناً، فإنه ليس في حاجة إلى التأشير بحقه في هامش تسجيل حق الإرث وذلك أن حقه مكفول بالتأمين العيني الذي حصل عليه في حياة المورث، ويستطيع أن يتتبع العقار الضامن لحقه وأن يتقدم فيه علي سائر الدائنين من غير أن يؤشر بحقه بعد موت المدين ولكنه مع ذلك قد يرى نفسه في حاجة إلى هذا التأشير، إذا هو رأى أن التأمين العيني الذي حصل عليه لم يعد كافياً للوفاء بحقه، فيكون التأشير مفيداً له حتى يستعمل حتى التتبع وحق التقدم على عقارات التركة لاستيفاء ما يبقى غير مضمون من حقه .

وإذا كان الموصى به عيناً معينة بالذات، وكانت في حدود ثلث التركة، وبقى في التركة ما يكفي لوفاء ديونها، فإن الموصى له يصبح مالكاً للعين الموصى بها بموجب الوصية، وعلى ذلك يكون له أن يرفع دعوى الاستحقاق باعتباره مالكاً للعين . فإذا كانت العين عقاراً، وجب عليه أن يسجل الوصية حتى تنتقل إليه ملكية العقار الموصى به، كما تقضي قواعد التسجيل المقررة في هذا الشأن ( أنظر ما يلي فقرة 86 ) .

كيف يكون شهر الدين :

يكون شهر الدين بطريق التأشير الهامشي، ويحصل هذا التأشير في هامش تسجيل الإشهادات أو الأحكام أو السندات المثبته لحق الإرث وسنرى فيما يلي أن حق الإرث يجب شهره، ويقوم الوارث أو أي ذي شأن أخر بهذا الشهر، ويقدم للشهر السند المثبت لحق الإرث من إعلام وراثة أو حكم أو أي سند آخر فيجب إذن، حتى يتم شهر الدين، أن يكون حق الإرث قد سبق شهره، وذلك حتى يتمكن الدائن من شهر الدين بالتأشير على هامش تسجيل حق الإرث فإذا لم يكن حق الإرث قد شهر، فإن شهر الدين يكون غير مستطاع، ولكن الوارث في هذه الحالة لا يستطيع التصرف في أعيان التركة إذ هو لا يستطيع ذلك إلا بعد شهر حق الإرث كما سيجيء.

ولما كان للدائن مصلحة في شهر حقه، فقد أجيز له، كواحد من أصحاب الشأن أن يقوم هو بنفسه بشهر حق الإرث بطريق التسجيل حتى يتمكن من التأشير على هامش التسجيل بسند حقه فيأمن على هذا السند من العبث والضياع، ولا يبقى في حالة تربص دائم يوالي البحث المستمر في مختلف مكاتب الشهر التي تقع عقارات التركة في دائرة اختصاصها حتى يعثر على تسجيل لحق الإرث فيؤثر على هامشه بسند حقه فتجنباً لهذا الإرهاق يقوم هو بشهر حق الإرث، ويقوم في الوقت ذاته بالتأشير على هامش تسجيل هذا الحق بسند الدين الذي له، فيطمئن بذلك إلى المحافظة على حقه وكل ذلك إلا تراخى الوارث في شهر حق الإرث، بالرغم من أن له مصلحة في المبادرة إلى شهره حتى يستطيع التصرف في عقارات التركة من جهة، وحتى تظهر من جهة أخرى الديون العادية التي على المورث عن طريق التأشير بها على هامش تسجيل حق الإرث فيتمكن الوارث من فحصها ومناقشتها ومن الوفاء بها إذا اقتنع بصحتها حتى تتخلص التركة من الديون.

ويجري شهر الدين بأن يقدم الدائن لمكتب الشهر العقاري الذي تم فيه شهر حق الإرث، أو لمكاتب الشهر العقاري في حالة تعدد عقارات التركة، طلباً بالتأشير الهامشي مصحوباً بسند الدين الذي يريد التأشير به وسائر الأوراق المؤيدة لهذا الدين فيتم التأشير بناء على هذا الطلب، وفقاً لإجراءات نص عليها المواد 37 – 40 من قانون الشهر العقاري وهي النصوص الخاصة بالتأشيرات الهامشية ولما كانت المستندات المقدمة تأييداً لطلب التأشير الهامشي تحفظ في مكاتب الشهر، فقد كان الأصل أن يقدم الدائن السند المثبت لحقه لحفظه بمكتب الشهر العقاري ضمن المستندات بعد إجراء التأشير المطلوب، ويعطي الدائن صورة فوتوغرافية من هذا السند ولكن الدائن قد يكون في حاجة إلى استرداد أصل السند للمطالبة به ودياً أو قضائياً، ومن ثم نصت الفقرة الأخيرة من المادة 23 من اللائحة التنفيذية لقانون الشهر العقاري على ما يأتي : " ومع ذلك يجوز للدائن، بالنسبة إلى التأشيرات المنصوص عليها في المادة 14 من القانون رقم 114 لسنة 1946، أن يسترد سند الدين بعد استخراج صورة فوتوغرافية منه وإقراره عليها بما يفيد صحتها " . فعلى الدائن الذي يريد استرداد أصل سند الدين أن يتقدم بطلب بذلك إلى أمين مكتب الشهر، فيرد له أصل السند ولكن لما كان هذا الأصل واجب الحفظ كمستند من مستندات التأشير الهامشي، فقد استعيض عنه بصورة فوتوغرافية تستخرج على نفقة الدائن، ويجب أن يوقع الدائن وأمين المكتب على هذه الصورة الفوتوغرافية بما يفيد صحتها ومطابقتها للأصل الذي تم التأشير بموجبه.

وتنص الفقرة الأولى من المادة 18 من قانون الشهر العقاري على أنه يجوز " لكل ذي شأن أن يطلب إلى قاضي الأمور المستعجلة محو التأشير المشار إليه في المادة الرابعة عشرة، فيأمر به القاضي إذا كان سند الدين مطعوناً فيه طعناً جدياً " فيجوز إذن أن يطلب محو التأشير الوارث، أو دائن آخر للتركة، أو دائن شخصي للوارث، أو مشتر من الوارث، أو أي شخص آخر يضره التأشير فيطلب محوه ويطلب ذو المصلحة محو التأشير إذا كان الدين المؤشر به مطعوناً فيه طعناً جدياً، إما في وجوده أصلاً أو لانقضائه بعد وجوده بأن تقدمت مثلاً مخالصة بالدين والطعن يتم بطريق التقاضى بدعوى مستعجلة يختصم فيها المدعى الدائن العادي، ويدخل فيها خصماً مكتب الشهر ليصدر الحكم في مواجهته فإذا تبين لقاضي الأمور المستعجلة أن الطعن الموجه لسند الدين هو طعن جدي، كأن كانت هناك مخالصة عنه يقدمها الوارث أو حكم صدر ببطلان الدين، أمر بمحو التأشير  ويشهر حكم المحو بطريق التأشير الهامشي على هامش تسجيل حق الإرث، إعلاماً للغير بإلغاء التأشير بسند الدين وعلى هذا النحو لا يصبح الوارث أو ذو المصلحة تحت رحمة أي تأشير يقوم به دائن مزعوم، لا سيما أن التأشير يتم أصلاً في غيبة الورثة، وليس لدى مكاتب الشهر المعلومات التي تخولها حق رفض هذا التأشير منذ البداية.

حالة شهر الدين في خلال سنة من شهر حق الإرث :

رأينا أن الفقرة الثانية من المادة 14 من قانون الشهر العقاري تنص على ما يأتي : " ويحتج بهذا التأشير من تاريخ حصوله، ومع ذلك إذا تم التأشير في خلال سنة من تاريخ التسجيل المشار إليه تسجيل حق الإرث، فللدائن أن يحتج بحقه على كل من تلقى من الوارث حقاً عينياً عقارياً وقام بشهره قبل هذا التأشير " ويخلص من هذا النص أنه إذا قام الدائن بالتأشير بحقه وفقاً للإجراءات التي تقدم ذكرها، في خلال سنة من شهر حق الإرث، كان له على عقارات التركة حق التتبع وحق التقدم. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ التاسع المجلد/ الأول الصفحة/ 140 )

انتقال التركة وشهر حق الارث :
يصبح الوارث مالكاً للتركة من وقت الوفاة، ولكنه وإن كان له الحق في التصرف في حصته بأي نوع من أنواع التصرفات كبيع أو هبة أو رهن فإنه لا يستطيع شهر هذه التصرفات إلا إذا قام بشهر حق الإرث الذي آلت إليه التركة بموجبه ويجوز قصر شهر حق الإرث على جزء من عقارات التركة ويكون الشهر بتسجيل إعلام « أو اشهاد » الوراثة أو الأحكام النهائية أو غيرها من السندات المثبتة لحق الإرث مع قوائم جرد التركة إذا اشتملت على حقوق عقارية وذلك بمكاتب الشهر العقارى التي تقع التركة في دائرتها، ولا يخضع حق الإرث للشهر إلا إذا كان قد نشأ اعتباراً من أول يناير 1947 وهو تاريخ العمل بقانون الشهر العقارى رقم 114 لسنة 1946 أو كان الوارث یبغی شهر التصرف في مال من أموال التركة، فإن لم يقصد هذا الشهر فلا يلزم بشهر حقه في الإرث إذ أن الملكية انتقلت إليه بوفاة مورثه وبدون أي إجراء أو تسجيل، ولكن يجوز للوارث شهر حقه في الإرث حتى إذا لم يكن يرغب في التصرف .

نشوء حق الإرث :
حق الإرث، ليس حقاً عينياً لأنه ينشأ فور موت المورث ولو له يكن له مال ، ولكن أن ترتب للمورث حق على مال معین بعد موته، كما لو استحق معاشاً، فان هذا الحق ينتقل على الفور لورثته استناداً إلى حقهم في الإرث كذلك ليس حق الإرث حقاً شخصياً إذ يتطلب ذلك وجود علاقة دائنية ولا توجد مثل هذه العلاقة فيما بين المورث وورثته ومن ثم يكون حق الإرث حقاً أساسه الخلافة، فيخلف الوارث المورث حسبما تقضي به شريعة كل منهما، فقد تقتصر الخلافة على الحقوق دون الالتزامات فلا تنتقل هذه الحقوق إلى الورثة إلا بعد الوفاء بتلك الالتزامات كما هو الحكم في الشريعة الإسلامية إذ لا تركة إلا بعد سداد الديون.

وقد يوجد حق الإرث ولكن لا يترتب عليه انتقال التركة إلى الوارث، حسبما تنص عليه شريعة المورث فإن كانت الشريعة الإسلامية هى الواجبة التطبيق، فان التركة لا تنتقل إلى الوارث إذا تسبب في قتل مورثه على التفصيل الذي قال به فقهاء المسلمين. وقد لا يوجد حق الارث أصلاً رغم موت المورث ووفقاً لشريعته كما فى حالة اختلاف الديانة والدار ولا يكفى اختلاف الدارين إذ لا يحول ذلك وحده دون نشوء حق الإرث إذ تقضى الشريعة أن أموال المسلمين لا تنتقل لغير المسلمين.

انتقال التركة بموجب حق الإرث :
متى نشأ حق الإرث بوفاة المورث، وفور وفاته، فإن التركة تتفتح وتنتقل جميع أعيانها من عقار ومنقول، وسواء كان المنقول مادياً أو معنوياً، إلى الورثة، فيكتسب هؤلاء ملكية كافة الأعيان بموجب واقعة مادية هي الوفاة، ولما كانت الوقائع المادية لا تخضع للشهر لترتيب أثره، فإن الملكية تنتقل للورثة فور وفاة المورث دون حاجة لإجراء أي شهر وحتى لا تبقى التركة بدون مالك بعد وفاة مالكها.

شهر حق الإرث :
تنص المادة 13 من قانون الشهر العقاري على أنه  :
يجب شهر حق الإرث بتسجيل اشهادات الوراثة الشرعية أو الأحكام النهائية أو غيرها من المستندات المثبتة لحق الإرث مع قوائم جرد التركة إذا اشتملت على حقوق عينية عقارية وذلك بدون رسم وإلى أن يتم هذا التسجيل لا يجوز شهر أي تصرف يصدر من الوارث في حق من هذه الحقوق.

ويجوز أن يقصر شهر حق الإرث على جزء من عقارات التركة وفي هذه الحالة يعتبر هذا الجزء وحدة يبني على أساسها تصرفات الورثة.

مفاد ذلك، أن حق الإرث يخضع للشهر بطريق التسجيل، وكل ما يتطلبه القانون في طلب شهر حق الإرث، وبعد أن يخطر الطالب بالقبول للشهر، يحرر مشروع المحرر بنقل صورة حرفية من المستند المثبت لحق الإرث سواء كان اشهاد وراثة شرعي أو حكم نهائي أو غير ذلك من المستندات المثبتة لحق الإرث کشهادة الإرث «م 901 مدني»، ويتضمن جدولاً توضح به العقارات التي تتضمنها التركة يقسم إلى خانات تخصص الأولى للأرقام المسلسلة أن تعددت العقارات والثانية لمسطح العقار والثالثة لرقم العقار أو اسم الحوض والرابعة لحدود العقار، ويختتم المحرر بإقرار الطلب برغبته في شهر حق الإرث تحت مسئوليته ودون مسئولية الشهر العقاري.

فإن تناول شهر حق الإرث أكثر من شخص، كاشهار حق الإرث بالنسبة لوالد الوارث ووالدته، خصص الجدول الأول (أ) لعقارات الوالد، والجدول الثاني ( ب) لعقارات الوالدة. ثم يخصص بند لبيان التكليف لكل من عقارات التركة، ويحرر المشروع على الورق الأزرق المدموغ.

ويقدم طلب شهر حق الإرث من أي من الورثة ويكون بذلك نائباً عن باقی الورثة، كما يجوز تقديم الطلب من ولى أو وصي أو قيم أو وكيل عن أي من الورثة أو من دائني التركة أو موصى له أو مصفى التركة أو من المشتري أو المرتهن من الوارث، ويرفق بالطلب إعلام الورثة أو الحكم النهائي أو شهادة الإرث ((م 901 مدنی )) ، وإذا كان مقدم الطلب غير وارث فيقدم ما يثبت صفته کتوكيل ويجب أن يكون خاصاً في شهر حق الإرث، أو قرار الوصاية أو القوامة، وكشوف رسمية بعقارات المورث من دفاتر العوائد، ومستندات ملكية المورث فإن تعذرت على الطلب كما لو كان دائناً فيكتفي بكشوف رسمية من دفاتر التكليف منذ عام 1923 حتى تاريخ وفاة المورث، «م 48 - 52 شهر عقارى». كما نص قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964 في المادتين 30 و 46 على ما يتبع في شهر حق الإرث، وقد صدر هذا القانون ليحل محل قانون الشهر العقارى حتى يتم التسجيل على أسس عينية وليست شخصية.

وسبق أن أوضحنا أن شهر حق الإرث يلزم في التركات التي تخضع لنظام التصفية حتى يؤشر دائنو التركة بديونهم على هامش شهر حق الإرث فيتمكن المصفى من حصر ديون التركة وإعداد قائمة بأصول التركة وديونها، أما التركات التي لم تخضع لنظام التصفية، فإن شهر حق الإرث المتعلق بها يكون لازماً حتى يتمكن الورثة من شهر تصرفاتهم الواردة على أعيان التركة العقارية وحتى يأمن من يتلقى تصرفاً من الورثة أن هذا التصرف ينفذ في حق الغير على نحو ما سوف نوضحه فيما بعد، ويجري العمل على شهر حق الإرث مع شهر تصرف الوارث.

وبعد التأشير على مشروع المحرر بخاتم «صالح للشهر» يصدق على التوقيعات فيه ويسجل بدفتر الشهر، وتسلم للطالب صورة منه وترسل أخرى لمأمورية الضرائب العقارية لتعديل التكليف من اسم المورث إلى أسماء الورثة.

ويجوز اشهار حق الإرث مع إشهار التصرف الصادر من الوارث، فيتضمن المحرر بنود عقد البيع بالإضافة إلى قوائم جرد التركة متمثلة في الجداول سالفة البيان وصيغة المستندات المثبتة لحق الإرث  .

الآثار المترتبة على شهر حق الإرث :
يترتب على شهر حق الإرث، إمكان شهر التصرفات الصادرة من الورثة والمتعلقة بالحقوق العينية العقارية الواردة على عقارات التركة وتنص المادة 14 من قانون الشهر العقاري على أنه «يجب التأشير بالمحررات المثبتة لدين من الديون العادية على المورث في هامش تسجيل الاشهادات أو الأحكام أو السندات وقوائم الجرد المتعلقة بها ويحتج بهذا التأشير من تاريخ حصوله، ومع ذلك إذا تم التأشير في خلال سنة من تاريخ التسجيل المشار إليه فللدائن أن يحتج بحقه على كل من تلقى من الوارث حقاً عينياً عقارياً وقام بشهره قبل هذا التأشير.

فمتى تم شهر حق الإرث، جاز شهر التصرفات الصادرة من الورثة متعلقة بعقارات التركة، ويتعين على دائني التركة التأشير بحقوقهم التي كانت قد ترتبت في ذمة المورث بموجب سندات دین عادية كسند أذني أو شيك أو كمبيالة أو أي سند آخر يتضمن مديونية المورث، ويكون هذا التأشير في هامش تسجيل حق الإرث في خلال سنة من تاريخ إجراء هذا التسجيل حتى يتمكن الدائن من الاحتجاج بحقه على الغير الذي آلت إليه ملكية أي عقار من عقارات التركة عن طريق الوارث حتى لو كان الغير قد أشهر التصرف الصادر له من الوارث قبل أن يؤشر دائن التركة بحقه طالما تم هذا التأشير خلال سنة من تاريخ تسجيل حق الإرث، وفی احتساب هذه السنة لا يحتسب اليوم الذي تم فيه التسجيل ويبدأ الميعاد اعتباراً من اليوم التالى وينتهي بانتهاء اليوم المماثل لليوم الذي سرى منه الميعاد من العام التالى ما لم يكن يوم عطلة رسمية فيمتد الميعاد إلى أول يوم عمل ولو أدى ذلك إلى امتداد الميعاد لأكثر من سنة، ذلك لأن من حق الدائن أن يحفظ حقه بالتأشير به حتى اليوم الأخير المكمل للسنة فإن صادف هذا اليوم عطلة عجز الدائن عن استعمال حقه وأصبح الأجل ناقصاً وتعين تكملته بإضافة أول يوم عمل بعد هذه العطلة، ولا يمتد بعد ذلك حتى لو صادف الأيام الأخيرة من السنة أيام عطلة كما لو صادف الخمسة أيام الأخيرة من السنة عطلة رسمية كعطلة العيد، فإن التأشير لا يمتد لمدة خمسة أيام بعد هذه العطلة إنما يمتد يوماً واحداً بعدها.

شهر حقوق دائني التركة  :

أوضحنا بالبند السابق أن المادة 14 من قانون الشهر العقارى أوجبت على دائني التركة أن يؤشروا بالمحررات المثبتة لدين من الديون العادية في هامش شهر حق الإرث، وأن هذا التأشير حجة على الغير من تاريخ حصوله ومتى تم خلال سنة من تاريخ شهر حق الإرث كان حجة على الغير ولو كان حق الغير مشهراً قبل هذا التأشير.

وأوضحنا كذلك، أن شهر حق الإرث غير قاصر على الورثة وإنما يجوز لكل دائن بدين عادي أن يتخذ إجراءات شهره حتى يتمكن بعد إتمام الشهر من التأشير بسند دينه في هامش شهر حق الإرث.

فإن لم يشهر حق الإرث، فإن ذلك لا يحول دون انتقال أعيان التركة إلى الورثة، إذ تنتقل إليهم ملكيتها بوفاة مورثهم أي بموجب واقعة مادية لا تخضع للشهر بأي طريق من طرقه، ولكل وارث وقد ثبتت له الملكية، أن يستعمل أعيان التركة وأن يستغلها وأن يتصرف فيها ببيع أو هبة أو مقايضة أو بغير ذلك من التصرفات، ويكون تصرفه صحيحاً وملزماً لكنه لا يستطيع نقل ملكية العقار إلى المتصرف إليه لأن هذه الملكية لا تنتقل من الوارث إلى الغير إلا إذا تم شهر التصرف المبرم بينهما، وهذا الشهر غير جائز قانوناً إلا إذا كان حق الإرث قد شهر، ولكان حق الإرث قد شهر، ولما كان حق الإرث لم يشهر فان التصرف يظل بدون إشهار ومن ثم تظل الملكية للوارث التصرف، ولما كانت القاعدة في الشريعة الإسلامية، وهي القانون المعمول به في مسائل الإرث، ألا تركة إلا بعد سداد الديون، فإن للدائن اتخاذ الإجراءات التي يتمكن بها من الرجوع على التركة، ولما كان دينه عادياً غير مضمون برهن أو اختصاص أو امتياز، وكان النص في الفقرة الثانية من المادة 1085 من القانون المدني يجري على أنه لا يجوز اللدائن بعد موت المدين أخذ اختصاص على عقارات التركة، تعين عليه اتخاذ إجراءات شهر حق الإرث أولاً حتى إذا ما تم ذلك حفظ حقه بالتأشير بسند دینه في هامش هذا الشهر، ثم يبدأ في اتخاذ إجراءات الرجوع على التركة برفع الدعوى أو استصدار أمر أداء، ويجوز له أن يسير في الطريقين معاً وفي وقت واحد، فيتخذ إجراءات شهر حق الإرث وفي ذات الوقت يتخذ إجراءات الرجوع على التركة، ومتى حصل على سند تنفيذي اتخذ إجراءات نزع ملكية عقارات التركة وتتبعها في أي يد تكون.

أما أن كان حق الإرث قد شهر، تعين على الدائن أن يؤشر بسند دينه في هامش شهر حق الإرث وذلك خلال سنة من تاريخ هذا الشهر حتى يمكنه الاحتجاج بحقه على الغير الذي اكتسب حقاً عينياً عقارياً على عقارات التركة ومتى تم التأشير خلال هذه السنة تقدم الدائن العادي على من اكتسب هذا الحق من الوارث ولو أشهر الأخير تصرفه قبل أن يؤشر الدائن بحقه. فإن تم التأشير بعد انقضاء السنة، خلص الحق العينى للمتصرف اليه ولم يتعلق به حق الدائن ويشترط لذلك أن يكون شهر التصرف سابقاً على التأشير إذ تخضع المفاضلة حينئذ للقواعد العامة المقررة في قانون الشهر العقارى لخروجها عن نطاق الاستثناء الذي أوردته المادة 14 من هذا القانون، أما إن كان التأشير أسبق على شهر التصرف، كان للدائن تتبع العقار والتنفيذ عليه تحت أي يد يكون إن كان التصرف وارداً على ملكيته، أما إن كان عبارة عن رهن رسمي فللدائن الحق في التقدم على الدائن المرتهن، وتكون العبرة دائماً بشهر التصرف الصادر من الوارث إلى الغير فلا يحاج الدائن بالتاريخ العرفي للتصرف . 

هذا بالنسبة للدائن العادي، أما الدائن الذي تقرر له حق عيني تبعي على التركة، فتتم المفاضلة بينه وبين المتصرف إليه على أساس أسبقية شهر تصرف كل منهما فيقدم الأسبق ولا يؤشر الدائن الذي ترتب له حق عيني تبعي في هامش شهر حق الإرث إذ سبق قيد حقه، والفرض هنا أن الحق العيني التبعي تقرر في حياة المورث فيحاج به الوارث وخلفه ويتقدم على الديون العادية ولو تأشر بها. 

ودائنو التركة العاديون متساوون حتى لو سبق أحدهم الآخر في التأشير، فإن كانت حصيلة التنفيذ لا تفى كل ديونهم، خضعوا جميعاً لقسمة الغرماء، فإن وجد دائن عادى لم يؤشر بدينه، أو أشر به بعد انقضاء السنة، ولم تصدر تصرفات من الورثة، انضم هذا الدائن لجماعة الغرماء وشاركهم اقتسام حصيلة التنفيذ، فان كانت قد صدرت تصرفات من الورثة اقتصر التوزيع على الدائنين الذين أشروا بدينهم، أما باقى الحصيلة ان وجد فيكون من حق المتصرف إليه متى كان حقه قد أشهر قبل أن يتمكن الدائن العادى الأخير من التأشير بدينه.

الدائن الذي بيده سند تنفيذي :
فإن كان بيد الدائن حكم صادر له ضد المورث کان له تنفيذه على أموال التركة تحت يد الورثة أو على العقارات التي تحت يدهم أو يد من تلقى منهم حقاً عليها، سواء شهر حق الإرث أو لم يشهر، فإن كان الدائن أقام دعواه ضد المورث ثم توفي الأخير قبل صدور حكم نهائي فيها، انقطع سير الخصومة بحكم القانون إذا كانت الدعوى لم تتهيأ للحكم في موضوعها «م 130 مرافعات»، وتستأنف الدعوى سيرها إذا حضر بالجلسة التالية للوفاة وارث المتوفى وإلا فبإعلان يصدر من أحد الخصوم لخصمه «م 133 مرافعات» فإن تعدد الورثة فيكفي توجيه الإعلان من أحدهم أو إلى أحدهم إذ أن الوارث ينتصب خصماً عن باقي الورثة في الدعاوى التي ترفع من التركة أو عليها إذا لم يوجد تعارض في المصالح بين الوارث الممثل في الدعوى ووارث آخر وإلا فلا يحاج الأخير بالحكم ويعتبر غيراً، فإذا صدر حكم قام الدائن بتنفيذه مراعياً أحكام المادة 284 مرافعات التي أوجبت أن لم يكن التنفيذ قد بدأ حال حياة المورث، أن يعلن المحكوم له أو من بيده عقد رسمی الورثة بسنده ثم يبدأ التنفيذ بعد مضي ثمانية أيام من تاريخ إعلانهم، ويجوز قبل انقضاء ثلاثة أشهر من الوفاة إعلان أوراق التنفيذ إلى ورثته جملة واحدة في آخر موطن للمورث بغير بيان أسمائهم وصفاتهم، ويكون ذلك جوازياً لطالب التنفيذ فإن كان يعرف جميع الورثة فله إعلانهم جميعاً، فإن كان لا يعرفهم، فقد خوله القانون أن يعلنهم بغير بيان أسمائهم وصفاتهم إذا رغب في التنفيذ خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الوفاة، أما بعد ذلك فيجب عليه أن يتحرى عن جميع الورثة لإعلانهم بأوراق التنفيذ وإلا كان لمن لم يعلن منهم أن يطلب بطلان التنفيذ الذي اتخذ في غير مواجهته كما له التدخل في دعوى التنفيذ العقارى طالباً إبطال الإجراءات، وله رفع دعوى أصلية يبطلان حكم مرسي المزاد أن كان قد صدر دون أن يمثل فيه، ويمكن التعرف على الورثة إذا كان حق الإرث قد أشهر إذ يتضمن أسماءهم، ويشترط للبطلان أن يكون للتمسك به مصلحة يترتب على التنفيذ في غير مواجهته الإخلال بها كأن يكون الدين قد انقضى بالنسبة له فإن لم تتوافر هذه المصلحة كان التنفيذ الذي اتخذ في مواجهة بعض الورثة صحيحاً بالنسبة للباقين وفقاً للقاعدة سالفة الذكر .

 الدائن الذي بيده سند عرفي  :
أن كان بيد الدائن سند عرفي، سند دین أو عقد بيع عرفي، فيجب عليه مطالبة الورثة بدينه، فإن كان حق الإرث قد شهر، وجب على الدائن التأشير على هامشه بهذا السند خلال سنة من تاريخ الشهر حتى يكون له حق تتبع العقار الذي يتصرف فيه الورثة والتنفيذ عليه تحت يد المتصرف إليه حتى لو كان الأخير قد سجل هذا التصرف وكان حسن النية، وكذلك الحال إذا كان التصرف عبارة عن رهن رسمی فيكون للدائن الذي أشر بسند دينه على نحو ما سلف حق التقدم على من ارتهن من الورثة، أما إن جاء التأشير بعد انقضاء سنة من شهر حق الإرث فلا يتقدم الدائن أو يتتبع العقار إلا إذا كان التأشير بدينه سابق على تسجيل التصرف الصادر من الورثة أو سابق على قيد الرهن الصادر منهم، فإن جاء التأشير لاحقاً لتسجيل التصرف أو لقيد الرهن سقط حق الدائن في التتبع أو التقدم، ومن ثم فالعبرة بتسجيل التصرف أو قيد الرهن أو غيره من الحقوق العينية فلا يحاج الدائن بالتاريخ العرفي للتصرف.

ومن ثم يتعين على الدائن العادي المبادرة إلى شهر حق إرث مدينه بمجرد وفاة الأخير، ثم يؤشر على هامش هذا التسجيل بسند دينه حتى لا تنفذ تصرفات الورثة في حقه على نحو ما تقدم.

ويترتب على ما تقدم أنه يجب على من يتعامل مع وارث أن يتحقق من أن تعامله هذا جاء بعد انقضاء سنة من تاريخ شهر حق الإرث ثم يبادر باتخاذ إجراءات التسجيل أو برفع دعوى بصحة ونفاذ البيع وتسجيل صحيفتها ثم التأشير بمنطوق الحكم على هامش تسجيل الصحيفة حتى يعتبر البيع مسجلاً من تاريخ تسجيل الصحيفة (م 14 و 17 من قانون الشهر العقارى و 31 من قانون السجل العيني).

الموصى له : ويعتبر الموصى له دائناً للتركة ويتعين عليه التأشير بالوصية، فإن كانت الوصية بعين معينة تصرف فيها الورثة كان للموصى له حق تتبعها بدعوى استحقاق متی كان قد سجل وصيته على ما أوضحناه ببند المفاضلة بين الموصى له وبين من تلقى الملكية من وارث، فيما يلى.

التصرفات الواجب التأشير بها  :

تخضع جميع التصرفات التي ترتب التزاماً شخصياً في ذمة المورث للتأشير بها في هامش شهر حق الإرث، فقد ترتبت هذه الالتزامات في ذمة المورث حال حياته، وبموته انقضت ذمته المالية وانتقلت عناصرها إلى ما قد يتركه من أموال، فتمثل هذه الأموال العنصر الإيجابي للذمة المالية بينما تمثل ديون المورث العنصر السلبي، ولا يخلص العنصر الإيجابي للورثة إلا بعد قضاء العنصر السلبي.

فالعنصر السلبي هو كل علاقة دائنية بين المورث ودائنه أياً ما كان هذا الدين سواء كان التزاماً بعمل أو بالامتناع عن عمل أخل به المورث، وسواء كان مصدره العقد أو العمل غير المشروع، فإن كان العقد، تعین التأشير بالالتزام المترتب عليه حتى لو كان من المحررات واجبة الشهر طالما لم يشهر بعد، كعقد البيع والشركة أن كانت حصة المورث لم تدفع بالكامل والوصية إن لم تكن قد أشهرت وغير ذلك من التصرفات التي ترتب التزاماً في ذمة المورث قبل وفاته، فان أشهرت التصرفات أو صحف الدعاوى المتعلقة بها كدعوى صحة التعاقد، حل هذا الإشهار محل التأشير الهامشي إذ يغني طريق من طرق الشهر عن أي طريق آخر من هذه الطرق، فيقوم الشهر بطريق التسجيل مقام الشهر بطريق التأشير الهامشي. وإن كان المصدر هو العمل غير المشروع وثبت الالتزام بمحرر كعقد صلح أو حكم نهائي، تعين التأشير به، فإن لم يوجد صلح أو حكم، تعذر التأشير لعدم وجود محرر وتعين على المضرور الرجوع على الورثة لالزامهم بدفع التعويض من تركة مورثهم .

محو التأشير الهامشى :
تنص الفقرة الأولى من المادة 18 من قانون الشهر العقاري على أن لكل ذي شأن أن يطلب إلى قاضي الأمور المستعجلة محو التأشير المشار إليه في المادة الرابعة عشرة فيأمر به القاضي إذا كان سند الدين مطعوناً فيه طعناً جدياً، ومن ثم يجوز للوارث ولكل ذي مصلحة أن يطلب إلى قاضي الأمور المستعجلة محو التأشير الذي قام به الدائن، فيأمر به القاضي إذا كان سند الدين مطعوناً فيه طعناً جدياً وهذا لا يمنع من رفع دعوى موضوعية ضد الورثة فإن صدر حكم لصالحه قام بالتأشير به على هامش شهر حتى الإرث (م 18 شهر عقاري).

الإجراءات التحفظية أو التنفيذية التي يتخذها الدائن : ولكل من دائني التركة، بعد أن يشهر حقه، أن يتخذ من الإجراءات التحفظية أو التنفيذية وفقاً لسند دينه فإن كان حكماً عليه الصيغة التنفيذية أو عقداً رسمياً عليه هذه الصيغة، أن يبادر إلى التنفيذ على أموال التركة بالحجز عليها تحت يد الورثة أو تبعها والحجز عليها تحت يد من تصرف إليه الورثة ولو كان حسن النية وسجل عقده أو وضع يده المدة القصيرة إذ لا يسقط الدين إلا بخمس عشرة سنة فتنتقل الملكية مثقلة بالحق العيني، ومن سبق من الدائنين إلى التنفيذ بحقه استوفاه دون من تأخر منهم (راجع م 914) كما يجوز اتخاذ إجراءات جماعية بالنسبة للتركات الكبيرة، عن طريق التصفية حسبما سنوضحه في م 876 وما بعدها، ويكفي أن يتخذ الدائن هذه الإجراءات في مواجهة أحد الورثة دون الباقين عملاً بالقاعدة الشرعية التي تقضي بأن الوارث ينتصب خصماً عن باقي الورثة في الدعاوى التي ترفع من التركة أو عليها إذا لم يوجد تعارض في المصالح بين الوارث الممثل في الدعوى ووارث آخر أو تحايل وإلا فلا يعتبر الاخير محكوماً عليه مباشرة بل يكون من الغير فلا يحوز الحكم قبله حجية ما.

وصدور حكم ضد الورثة بالزامهم بدین مورثهم من تركته، ليس فيه مساس بحقوقهم الشخصية، إذ لا يجوز تنفيذه إلا على الأموال التي آلت إليهم من تركة مورثهم، ويظل الحكم صحيحاً يحاج به الورثة حتى لو لم توجد تركة حاضرة وقت الوفاة أو قت رفع الدعوى. وتكون للحكم قوته التنفيذية حتى إذا ما ظهرت حقوق للمورث، كان الحكم هو سند التنفيذ عليها، فإن لم تظهر تلك الحقوق، فلن يضار الورثة بالحكم لعدم جواز تنفيذه على حقوقهم، وتسقط القوة التنفيذية للحكم بالتقادم الطويل بانقضاء خمس عشرة سنة، ويترتب على ذلك قبول الدعوى ولو لم تكن للمورث تركة ظاهرة وقت رفعها.

لا يعتبر تعامل دائن التركة مع الورثة بصفاتهم الشخصية جديدة للدين بتغيير الدين لما يتطلبه التجديد من اتفاق صريح على إبرامه واستخلاصه بوضوح ولعدم افتراضه وذلك على نحو ما أوضحناه بالبند (ثانيا) بالمادة 352 وبالمادة 354.

الوفاء بديون التركة :

يتم الوفاء بالديون أولاً ثم الوصايا في حدود ثلث الباقي بعد سداد الديون، ودائنوا التركة العاديون متساوون حتى لو سبق أحدهم الآخر في التأشير، أما الدائنون الذين ترتبت لهم حقوق عينية على العقارات حال حياة المورث فيبقون على حالهم وبنفس مرتبتهم فلهم التتبع والتقدم حتى على الدائنين العاديين للتركة دون حاجة إلى تأشيرهم بديونهم إذ أنها مقيدة من قبل، وإذا سقط حق أحد الدائنين العاديين في التتبع والتقدم بغش من الورثة كان له الرجوع عليهم بالتعويض فإن كانوا حسني النية رجع عليهم بالثمن.

ويجب على الدائن عند رجوعه على الورثة أن يطلب إلزامهم بالوفاء بالذين من تركة مورثهم، وحينئذ لا يجوز لهم طلب رفض الدعوى استناداً إلى إشعار التركة، لانتفاء الضرر بالنسبة لهم إذا قضى للدائن بطلباته إذ ينحصر تنفيذ الحكم في الأموال التي تكون قد آلت إليهم من مورثهم، فإن لم توجد فلا يجوز تنفيذ الحكم على أموالهم الخاصة، ويقع على الدائن إثبات ملكية المورث للأموال محل التنفيذ، لأن الظاهر يشهد بملكية الحائز للأموال التي في حيازته متى كانت منقولاً.

تصرف الوارث في التركة وفقاً لقانون الشهر العقاري :
متى انفتحت التركة بوفاة المورث، انتقلت أعيانها سواء كانت عقارات أو منقولات إلى الورثة وفور الوفاة دون أن يتوقف ذلك على إجراء ما، فيصبح الوارث مالكاً لها بسبب وفاة مورثه، وتثبت له الملكية بجميع عناصرها فيكون له استعمال الاعيان أو استغلالها أو التصرف فيها، ويكون تصرفه صادراً من مالك ولو تعلق بعقار ولو لم يشهر حقه في الإرث.

وإذ تنص المادة 13 من قانون الشهر العقارى رقم 114 لسنة 1946 على أنه يجب شهر الإرث بتسجيل شهادات الوراثة وإلى أن يتم هذا التسجيل لا يجوز شهر أي تصرف يصدر من الوارث مما مفاده أن للوارث التصرف في الحقوق العينية العقارية التي آلت إليه بالميراث،. ويكون هذا التصرف صحيحاً منتجاً لكافة آثاره القانونية، إلا أنه لا يجوز شهره إلا بعد تسجيل حق الإرث، فإن لم يكن حق الإرث قد سجل ظل تصرف الوارث غير جائز شهره، فلا تنتقل الملكية حينئذ من الوارث إلى المشترى منه لأن الملكية لا تنتقل إلى الأخير إلا بشهر التصرف الصادر له وهو ما لم يتم ويتطلب شهر حق الإرث. ويجوز شهر التصرف مع شهر حق الإرث.

وأوضحنا بالمادة 474 فيما تقدم حكم بيع الوارث حصته في التركة والمفاضلة بين البيع الصادر منه والبيع الصادر من المورث قبل وفاته عن نفس العين المبيعة.

وإذ يترتب على وفاة المورث في القانون المدني الجديد وقانون الشهر العقارى رقم 114 لسنة 1946 انتقال ملكية عقارات التركة إلى الورثة وبالتالي يكون لهم الحق في التصرف فيها، ولكن لا ينفذ هذا التصرف في مواجهة داني التركة إلا إذا أشهر حق الإرث وانقضى عام دون أن يقوم الدائنون بالتأشير بحقوقهم في هامش تسجيل حق الإرث، ويعتبر تصرف الوارث صادراً من مالك سواء تم شهر حق الإرث أولم يشهر، طالما لم يشهر التصرف الصادر من المورث إذا لا تنتقل الملكية من المورث إلى الغير إلا بتسجيل هذا التصرف .

أما في ظل القانون المدنى القديم وقانون التسجيل رقم 18 لسنة 1923 فإن عقد بيع العقار الذى لم يسجل كان يترتب عليه نقل الملكية بالنسبة للعاقدين ولمن ينوب عنهما، بحيث إذا توفى البائع قبل تسجيل العقد، فإن الملكية تكون قد انتقلت منه إلى المشترى فور التعاقد، فإن توفى البائع بعد إبرام العقد، فلا ينتقل العقار إلى ورثته، فقد سبق انتقال ملكيته إلى المشترى، وبالتالي إذا باع الوارث ذات العقار الذي سبق لمورثه بيعه، فإن البيع يكون وارداً على ملك الغير وهو المشترى من المورث الذي يجوز له التمسك بعدم نفاذ البيع في حقه البيع في حقه حتى لو تم تسجيله، لأن التسجيل لا ينقل الملكية إلى المشترى إلا إذا كان البائع مالكاً. للعقار، ولكن إذ تم التسجيل توافر السبب الصحيح الذي يتملك المشترى العقار به بالتقادم الخمسي. 

خلاصة ما تقدم، أنه فى ظل القانون المدنى السابق، كانت ملكية العقار تنتقل من المورث إلى المشترى منه بموجب عقد البيع غير المسجل وبالتالي إذا توفى البائع بعد إبرام عقد البيع، فإن العقار المبيع تكون ملكيته قد انتقلت إلى المشتري فلا تنتقل إلى الورثة. أما فى ظل القانون المدنى الحالى، فإن ملكية العقار لا تنتقل من المورث إلى المشترى منه إلا بتسجيل عقد البيع، فإذا توفى المورث قبل التسجيل، انتقلت ملكية العقار إلى الورثة بالميراث، ويكون لهم الحق في التصرف فيه، وتكون المفاضلة بين البيع الصادر من المورث والبيع الصادر من الوارث . 

تصرف الوارث فى التركة وفقاً لقانون السجل العينى :

جاء قانون السجل العيني بحكم مخالف لما تضمنه قانون الشهر العقاري فيما يتعلق بتصرف الوارث في حق عيني عقاري، فقد تضمن نص الفقرة الأولى من المادة 30 أنه إلى أن يتم قيد حق الإرث، لا يجوز للوارث أن يتصرف في حق من الحقوق العينية العقارية، وذلك على التفصيل الذي أوضحناه بالمادة 934 فيما يلى.

دعوى صحة التعاقد من المشترى من الوارث  :
أوضحنا فيما تقدم أن لكل ذي مصلحة أن يتقدم بطلب لشهر حق الإرث، وأن التصرف الصادر من الوارث هو تصرف صحيح وان كان يتوقف شهره على شهر حق الإرث، وأنه يجوز شهر التصرف مع حق الإرث في محرر واحد وهذا يتطلب تصديق الوارث البائع على توقيعه عند وصول المحرر إلى مرحلة الشهر، مفاد ذلك أن الوارث إذا امتنع عن تنفيذ التزامه بنقل الملكية إلى المشترى منه، كان لهذا الأخير تنفيذ هذا الالتزام عیناً دون تدخل الوارث رفع دعوى بصحة ونفاذ عقد البيع حتي إذا ما صدر حكم فيها كان بديلاً عن تصديق الوارث على توقيعه وبشهر هذا الحكم تنتقل الملكية إلى المشتري باعتبار أن دعوى صحة التعاقد هي دعوى استحقاق مآلا، لا يحول دون قبولها أن يكون حق الإرث لم يشهر بعد، لأن الحكم الصادر فيها يقوم مقام تصديق الوارث على عقد البيع، وحينئذ يتوقف شهر الحكم على شهر حق الإرث، ومتى شهر الحق الأخير أمكن شهر الحكم فتنتقل الملكية للمشترى. فإن رفع المشترى دعوى صحة التعاقد قبل شهر حق الإرث، فإن ذلك لا يحول دون قبولها طالما تم شهر صحيفتها. ولما كان شهر تلك الصحيفة لا يترتب عليه نقل ملكية العقار المبيع، وإنما يترتب هذا الأثر على شهر الحكم الصادر فيها أو التأشير به في هامش تسجيل صحيفة الدعوى، ومن ثم فإنه لا يجوز شهر الحكم أو التأشير به إلا إذا أشهر حق الإرث والعبرة في نفاذ تصرف الوارث في مواجهة دائني التركة، هو بشهر حق الإرث وانقضاء سنة دون أن يؤشر الدائنون بحقوقهم، وبالتالي لا يحاج الدائنون بشهر صحيفة دعوى صحة التعاقد إذا ما قضت سنة على شهرها، إذ لم يلزمهم القانون بالتأشير بحقوقهم على أي محرر بشهر وإنما قصر ذلك على المحرر المتضمن حق الإرث . 
 حق دائن التركة في تتبع عقاراتها : 

يختلف حق الدائن في تتبع عقارات التركة في القانون المدنى القديم، عنه في القانون المدني الحالي. 

فى ظل القانون المدنى القديم. كانت الشريعة الإسلامية هي القانون الواجب التطبيق إذا ما طرحت مسألة من مسائل المواريث على المحاكم المدنية بصفة فرعية، وبالتالي كان يتعين الرجوع إلى الشريعة الإسلامية بوجه عام، وإلى أرجح الآراء في فقه الحنفية بوجه خاص بالنسبة إلى حقوق الورثة في التركة ومدى تأثرها بحقوق دائني المورث، وكانت التركة عند الحنفية، مستغرقة أو غير مستغرقة، تنشغل بمجرد الوفاة بحق عينى لدائنى المتوفى يخول لهم تتبعها وإستيفاء ديونهم منها بالتقدم على سواهم ممن تصرف لهم الوارث أو من دائني هذا الوارث، ولم يشترط هذا القانون أن يكون الدين مسجلاً أو مشهراً، فيكون للدائن حق التتبع في جميع الأحوال ولا يحول دون ذلك إلا سقوط حقه بالتقادم. 

أما في ظل القانون المدني الحالي، فلم يعد حق التتبع مطلقاً، وإنما قيده  المشرع ووضع له شروطاً إذا أخل الدائن بها سقط حقه في التتبع، فقد أوجب القانون، على التفصيل المتقدم، على الوارث أن يشهر حق الإرث حتى يمكنه شهر التصرف الصادر منه المتعلق بعقارات التركة، بحيث إن لم يشهر هذا الحق، امتنع عليه شهر البيع الصادر منه، وبالتالي يجوز للدائن أن يتتبع عقارات التركة تحت أي يد تكون، سواء كانت يد الوارث أو المشترى منه، وفي أي وقت طالما أن حق الدائن لم يسقط بالتقادم، وتتفق هذه الحالة مع القانون المدني السابق أما إذا تم شهر حق الإرث، فإنه يتعين على دائني التركة التأشير بحقوقهم في هامش هذا الشهر خلال سنة من تاريخ شهر حق الإرث، فإذا قاموا بذلك احتفظوا بحقهم في تتبع عقارات التركة تحت أي يد تكون، وفي أي وقت أما إن لم يتم هذا التأشير أو تم بعد انقضاء سنة، سقط حقهم في التتبع واستقرت الملكية للمشتري من الوارث طالما سجل عقده، إذ أن مناط الحماية المقررة لدائني التركة، هو قيام هؤلاء بالتأشير بحقوقهم خلال سنة من شهر حق الإرث فإن لم يتم التأشير خلال تلك السنة أو تم بعدها، فإن المفاضلة بين البيع الصادر من المورث والبيع الصادر من الوارث عن ذات العقار، تتم بأسبقية التسجيل إذ كان كل منهما مالكاً وقت تصرفه ويعتبر دائناً للتركة كل من كان له حق في ذمة المورث، کالمقرض والمشترى . 

منقولات التركة :

أما بالنسبة للمنقولات، فإن المتصرف إليه يكتسبها متى كان حسن النية ولا يكون للدائن إلا الرجوع على الورثة بالثمن إذا كانوا حسني النية أو بالتعويض إذا كانوا سيئي النية.

يترتب على إفتتاح التركة بموت المورث، إنتقال أعيان التركة إلى الورثة كل بقدر نصيبه الشرعي فيها، وقد يقوم أحد الورثة بتمثيل التركة بأن ينتصب نائباً عن باقي الورثة، بموجب نيابة صريحة أو ضمنية نستخلص من قيادة بشئون التركة دون إعتراض من باقي الورثة، بأن يطالب بحق لها لا يحق لنفسه، أو يدافع عن حقوقها دون أن يقصر دفاعه على ما يخصه منها، وحينئذ ينصب نائباً عن باقي الورثة، أما إذا قام كل وارث باتخاذ الإجراءات الكفيلة بالمحافظة على حقوقه في التركة دون حقوق باقی الورثة، فلا يعتبر نائباً عن باقي الورثة، فينحصر آثار الإجراء فيه وحده كما لو دفع بانقضاء الدين بالتقادم لسبب يتعلق به وحده، أو يطلب ما يخصه من التركة.

وإذا اختصم جميع الورثة أمام محكمة الدرجة الأولى، فلا يتصب أحدهم نائباً عن الباقين، وبالتالي يجب اختصامهم جميعاً أمام محكمة الدرجة الثانية فإن صدر الحكم ضدهم، وجب رفع الاستئناف منهم جميعاً إذا كان موضوع الدعوى قابلاً للتجزئة، كدعوى صحة ونفاذ عقد بيع أرض، أما أن كان الموضوع غير قابل للتجزئة، ولم يرفع الاستئناف إلا من بعضهم، وجب على المحكمة أن تكلف المستأنف باختصام باقي الورثة ولو بعد الميعاد، ولهؤلاء التدخل في الاستئناف ولو بعد الميعاد.

وإذا إتخذ أحد الورثة إجراء لمصلحة التركة يحفظ به حق باقي الشركاء فيها من السقوط، فهو يقوم في هذا الشأن مقامهم ويعتبر في إتخاذ هذا الإجراء نائباً عنهم، فينصرف أثره إليهم وفقاً لقواعد النيابة .

ينصرف  نص المادة 53 من قانون المرافعات إلى الدعاوى التي ترفع من دائن المورث على التركة بمطالبتها بالحق الذي تقرر له في ذمة المورث قبل وفاته، كذلك الدعاوى التي ترفع من بعض الورثة على البعض الآخر، وينعقد الاختصاص المحلي بهذه الدعاوى جميعاً للمحكمة التي يقع بدائراتها آخر موطن كان للمورث قبل وفاته، ويشترط لانعقاد الاختصاص لهذه المحكمة أن يكون الدعوى مرفوعة من الدائن على التركة أو من وارث على آخر وألا تكون التركة قد قسمت سواء كانت بعد قسمة قضائية أو قسمة اتفاقية ولو لم تسجل، الاقتصار اختصاص المحكمة المشار إليها على الدعاوى المنقولة دون الدعاوى العينية العقارية، بحيث إذا رفعت الدعوى على التركة بعد القسمة على الورثة، تعین رفعها أمام محكمة موطن أي منهم عملاً بالمادة 49 / 3 من قانون المرافعات، وإذا رفعت الدعوى من التركة على مدين المورث، تعین رفعها وفقاً للقواعد العامة.

ويشترط كذلك أن يكون المورث مصرياً، فإن كان أجنبياً، تعين الالتزام بنص الفقرة الأولى من المادة 17 من القانون المدني.

إلزام التركة مصاريف الدعوى :

إن كانت التركة غير خاضعة لنظام التصفية، كان لكل من دائني التركة أن يتخذ إجراء فردياً لاستيفاء حقه فله إقامة دعوى للمطالبة بحقه ضد الورثة ليقضي فيها بإلزامهم بالوفاء بالتزام مورثهم من تركته، كما تقضي المحكمة بإلزام الورثة بمصاريف الدعوى من تركة مورثهم كذلك إذ أن الدعوى موجهة في الأصل إلى التركة في أشخاص الورثة ومن ثم فإن التركة هي التي تلتزم المصاريف وليس الورثة لانتفاء التزامهم الشخصي متى كانت التركة معسرة لا تفي بالتزام الدائن، أما أن كانت تفي فإن الورثة يلتزمون المصاريف إذ كان يتعين عليهم الوفاء للدائن بحقه مما آل إليهم من التركة دون أن يضطروه لإقامة الدعوى، وعلى المدعي إثبات يسار التركة لإلزام الورثة المصاريف فإن لم يثبت ذلك التزمت التركة المصاريف.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الثاني عشر، الصفحة/ 119)

وإذ كانت المادة قد تناولت حقوق الدائنين العاديين دون غيرهم من الدائنين الذين حصلوا في حياة المورث على تأمين عينى يضمن ديونهم سواء كان رهناً أو اختصاصاً أو امتیازاً، فلأن هؤلاء الدائنين يكونون في مأمن من كل خطر يهدد حقوقهم. حيث يخولهم هذا الضمان التقدم في استيفاء حقوقهم من المقابل النقدي للمال المحمل بالتأمين على الدائنين العاديين للتركة والدائنين التالين لهم في المرتبة، كما يخولهم تتبع هذا المال إذا حصل التصرف في أي يد يكون.

غير أن هؤلاء الدائنين قد تثبت لهم مع ذلك الحقوق التي يخولها القانون الدائنين العاديين للتركة. إذ القاعدة أن الدائن صاحب التأمين العيني لا يفقد حقه في المزايا التي يقررها القانون لكل الدائنين وعليه إذا لم يكف المال المحمل بالضمان في هذه الحالة اللودء بكل الدين استطاع الدائن أن ينفذ على أي مال آخر في التركة وأن يتتبع هذا المال في الحدود المقررة لغيره من دائني التركة العاديين.

حالتا اتخاذ الدائنين إجراءات التنفيذ الفردي وأثرهما :

 الحالة الأولى :

حالة عدم تصرف الورثة في أموال التركة أو عدم ترتيبهم حق عيني عليها للغير:

أن التركة تنتقل إلى الورثة محملة بديونها، ولاستقلال شخصية الوارث عن شخصية المورث ينحصر ضمان دائني المورث في أموال التركة، فلا يحق لهم التنفيذ على أموال الوارث الخاصة ولو كانت أموال التركة لا تكفي للوفاء بديونهم.

فأموال التركة تتحمل بحق عيني تبعي لصالح الدائنين العاديين يترتب عليه أن دائني الوارث لا يستطيعون مزاحمة دائني المورث في اقتضاء حقوقهم من هذه الأموال ولو رتب لهم الوارث عليها حقاً عينياً، فيفضل دائنو المورث على دائني الوارث في هذا المجال. وتثبت هذه الأفضلية لدائني المورث حتى لو لم يقوموا بشهر حقوقهم. فطالما كانت أموال التركة باقية على ملك الوارث فإنه يحق لدائني المورث، أن ينفذوا عليها الاقتضاء حقوقهم، حتى لو لم يقوموا بشهر هذه الحقوق رغم استطاعتهم ذلك، ولا يكون لدائني الوارث الحق في اقتضاء حقوقهم من ثمن هذه الأموال إلا بعد أن يستوفي دائنو المورث حقوقهم. ذلك أن القانون جعل شهر حقوق دائني المورث بطريق التأشير الهامشي، ولم يجعله بطريق التسجيل. ومقتضى هذا أنه إذا أهمل الوارث في شهر حق الإرث فلا يكون في استطاعة دائن المورث أن يقوم بشهر دينه إلا أنه مع ذلك تثبت لهذا الدائن بمقتضى ما له من حق عيني تبقى على أموال التركة الأفضلية على دائن الوارث فخفاء ديون التركة في هذه الحالة لا يحول دون ثبوت هذه الأفضلية، حيث لا يصح أن تكون حماية حقوق دائني المورث رهينة بمبادرة الوارث إلى شهر حقه ولهذا فإن هذه الأفضلية تثبت لدائني المورث حتى لو لم يقوموا بشهر حقوقهم رغم استطاعتهم ذلك.

الحالة الثانية:

حالة تصرف الورثة في أموال التركة أو ترتيبهم حق عيني عليها للغير:

يترتب على تملك الوارث لأموال التركة المدينة من وقت الوفاة أن يكون في استطاعته من هذا الوقت التصرف في تلك الأموال، حيث يقع تصرفه صحيحاً باعتباره صادراً من مالك، ويترتب على ذلك قيام تعارض بين مصلحة دائني المورث الذين تعلقت حقوقهم بأموال التركة ومصلحة المتصرف إليه. وكلتاهما مصلحة جديرة بالاعتبار، الأمر الذي يوجب التوفيق بينهما ولا يكفي لحماية حقوق دائني المورث أن يعترف لهم القانون بحق عيني تبعي على أموال التركة، بل يجب فضلاً عن ذلك أن تنظم الوسيلة التي تكفل لهم الاحتجاج بحقوقهم على من صدر له التصرف، بحيث تقوم المفاضلة بين المصلحتين المتعارضتين على أساس التوفيق بينهما.

ويجب لذلك التفرقة بين التصرف في العقار أو ترتيب حق عيني عليه وبين التصرف في المنقول.

التصرف في العقار أو ترتيب حق عيني عليه:

تنص المادة 914 مدني على أنه إذا لم تكن التركة قد صفيت وفقاً لأحكام النصوص السابقة، جاز لدائني التركة العاديين أن ينفذوا بحقوقهم أو بما أوصى به لهم على عقارات التركة التي حصل التصرف فيها، أو التي رتبت عليها حقوق عينية لصالح الغير، إذا أشروا بديونهم وفقاً لأحكام القانون.

وعلى ذلك إذا تصرف الورثة في عقارات التركة بعد شهر حقوقهم في الإرث، أو رتبوا على هذه العقارات لصالح الغير حقاً عينياً كرهن رسمي أو رهن حيازة، فإنه يجب على الدائنين إذا أرادوا الاحتفاظ لأنفسهم بحق تتبع العقارات في أيدي المتصرف إليهم، وبحق التقدم على الدائنين الذين رتبت لهم الورثة على العقارات حقوقاً عينية، أن يقوموا بشهر حقوقهم وفقاً لأحكام القانون. والمقصود هنا قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946.

وما يسري على الدائنين يسري على الموصى لهم، لأنهم قد أصبحوا دائنين للتركة بمجرد موت المورث.

والقاعدة أنه لا يجوز شهر تصرف يصدر من الوارث في حق عيني على عقار من عقارات التركة إلا إذا تم تسجيل حق الإرث ومعنى هذا أنه إذا لم يتم تسجيل حق الإرث فلا يستطيع المتصرف إليه أن يتوصل إلى شهر التصرف وبالتالي لا يكسب الحق في مواجهة دائني التركة وإنما يكون بالنسبة إليهم مجرد دائن عادی.

أما إذا تم تسجيل حق الإرث فإن المتصرف إليه يستطيع أن يقوم بشهر التصرف.

تعدد دائني المورث:

الأفضلية المترتبة على أسبقية الشهر لا تكون إلا بين دائني التركة ومن ترتبت لهم حقوق عينية على عقاراتها عن طريق التعامل مع الوارث. أما دائنو التركة فلا تهم أسبقية الشهر بالنسبة إليهم، فهم جميعاً بمنزلة سواء فيما يتعلق بحقهم في التتبع، فلا يتقدم أحدهم على آخر لكونه قد سبق في التأشير بدينه. لكن الدائن الذي أشر بدينه في خلال هذه السنة يستطيع أن يتتبع العقار الذي حصل التصرف فيه أثناء هذه المدة، بينما لا يستطيع ذلك الدائن الذي لم يؤشر بدينه.

ونفاذ حق الدائن قبل من يتلقى من الوارث حقاً عينياً على عقار من عقارات التركة في الحدود السالفة الذكر يثبت لكل شخص يعتبر دائناً عادياً للتركة كالمشتري من المورث بعقد لم يسجل قبل الوفاة لأنه يكون مجرد دائن عادی. والموصى له بعقار في التركة ولم يسجل الوصية، فهو دائن عادى للتركة.

حكم المتصرف إليه سئ النية:

لما كان القصد من تحديد مدة معينة للتأشير بدين الدائن هو حماية المشتري أو المرتهن حسن النية، أي ذلك الذي قام بكل الأبحاث والتحريات اللازمة للتحقق من سلامة العين من الحقوق، فطبيعي أنه إذا ساءت نية المشتري بأن كان عالماً بالدين رغم عدم التأشير به، ولم يبق بالتركة ما يفي بسداد الديون، فقد ظهر أنه يريد الإضرار بالدائنين، فيرد عليه قصده ولا ينفذ تصرفه في مواجهتهم، ويكون لهم حق الرجوع عليه، فإما خلى بينهم وبين التنفيذ على العين، ثم رجع على الوارث البائع بما دفع من ثمن، وإما أدى إليهم قيمتها وقت تسلمها ورجع بذلك على الوارث. وما ذلك إلا تطبيقاً للأحكام العامة التي شرعها القانون لحماية الدائنين العاديين، فجعلت المادة 237 مدني لكل دائن أصبح حقه مستحق الأداء، وصدر من مدينه تصرف ضار به أن يطلب عدم نفاذ هذا التصرف في حقه.

حكم تصرف الوارث سيء النية :

إذا كان الوارث الذي تصرف في المال المثقل بالدين سئ النية، سواء كان موسراً أو معسراً فإنه تصرفه ينفذ في حق الدائن المتأخر إذا كان المشترى حسن النية. ذلك أنه قد تعلق بالعين حقان: حق الدائن وحق المشتري، ولا بد من تقديم أحدهما على الآخر. وقد نص القانون على أن يقدم أسبقهما في إجراء الشهر. فإذا أغفل دائن التركة شهر حقه خلال المدة التي حددها القانون انبنى على ذلك اعتباره مقصراً، فلا يكون له سبيل على المشتري الذي بادر إلى تسجيل حقه إنما سبيله على الوارث في هذه الحال إن أراد لتعديه على حق الدائنين بهذا التصرف فيلزمه الضمان، ويرجع الغرماء على الورثة بقدر الثمن، سواء أكان فيه وفاء بالدين أم لا، ولا رجوع لهم على المشتري بشيء.

التصرف في المنقولات:

لم يوجب القانون شهر السندات المثبتة لحق الإرث في المنقولات ولكن ذلك لا يمنع أن حقوق دائني المورث تتعلق بها كالعقارات سواء بسواء، ولكن هذه المنقولات لا تكون ضماناً كافياً لهؤلاء الدائنين. إذ يترتب على تطبيق قاعدة الحيازة في المنقول سند الحائز المقررة بالمادة 976 من القانون المدني، تعطيل حق هؤلاء الدائنين في تتبع منقولات التركة، فلو حدث أن باع الوارث منقولاً ورثه وسلمه إلى مشتر حسن النية، لا يعلم أنه يشتري جزءاً من تركة مدينه، فإن هذا المشتري يكسب ملكية المنقول خالصة، أي خالية من حقوق دائني تركة المورث.

أما إذا كان المشترى سئ النية يعلم بانتماء المنقول إلى تركة لم تسدد ديونها بعد، فلا يستطيع التمسك بالقاعدة السابقة، ويكون لدائني التركة تتبع هذا المنقول تحت يده وحجزه وبيعه بالمزاد استيفاء لحقوقهم.

من يقوم بشهر الدين ؟

تنص الفقرة الأولى من المادة 14 من قانون تنظيم الشهر العقاري على أنه: يجب التأشير بالمحررات المثبتة لدين من الديون العادية... الخ"- فقد ورد النص عاماً، ومن ثم فهو يشمل أي دائن عادي للمورث سواء كان وارثاً أو غير وارث. ويدخل ضمن هؤلاء الدائنين الموصى لهم سواء كانت الوصية بمبلغ من النقود أو بعين معينة، لأن الموصى لهم يصبحون دائنين للمورث بعد وفاته.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثاني عشر  الصفحة/ 114) 

الفقه الإسلامي

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

( مادة ۹۹۳)

اذا لم تكن التركة قد صفیت وفقاً لأحكام النصوص السابقة . جاز لدائني التركة العاديين أن يتقدوا بحقوقهم أو بما أوصي به لهم على عقارات التركة التي حصل التصرف فيها ، أو التي رتبت عليها حقوق عينية لصالح الغير ، اذا اشروا بديونهم وفقاً لأحكام القانون.

هذه المادة تطابق المادة 914 من التقنين الحالي.

. و تقابل المادة ۱۱۰۷ من التقنين العراقي.

و تقابل المادة ۱۱۲۳ من التقنين الأردني.

 والتأشير المشار اليه في المادة المقترحة بينت أحكامه المادة 14 من قانون تنظیم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 ، و كذلك المادة ۳۱ من قانون نظام السجل العيني رقم 142 لسنة 1964.

والسند الشرعي للمادة المقترحة أن حكمها من قبيل الأمور التنظيمية التي تكفل حماية حقوق دائني التركة والموصى لهم .