مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس ، الصفحة : 329
1- بعد أن قررت المادة 1357 قرينة في صالح مالك الأرض هي أنه مالك لما فوقها وما تحتها، أصبح عبء الإثبات على من يدعى ملكية بناء أو غراس أو منشآت أخرى والأرض ليست له . فإذا أقام الدليل على أن صاحب الأرض هو غير صاحب المنشآت، فلا تخلو الحال من أحد فروض ثلاثة : إما أن يكون صاحب الأرض هو الباني بأدوات غيره، وإما أن يكون صاحب الأدوات هو الباني في أرض غيره، وإما أن يكون الباني قد بني في أرض غيره وبأدوات غيره.
2- ففي الحالة الأولى : يجوز لصاحب الأدوات أن يطلب نزعها إذا لم يكن في ذلك ضرر يلحق الأرض، ويطلب نزعها في مدة سنة من اليوم الذي يعلم فيه باندماج الأدوات بالمنشآت، ويكون النزع على نفقة صاحب الأرض سواء كان سيء النية أو حسن النية فإن لم يطلب صاحب الأدوات نزعها في خلال هذه السنة، أو طلب ولكن كان في نزعها ضرر يلحق بالأرض، تملك صاحب الأرض الأدوات بالالتصاق، ودفع تعويضاً لصاحب الأدوات يزيد إذا كان صاحب الأرض سيء النية، وهذا الحكم يختلف عن حكم التقنين الحالي في أن هذا التقنين لا يميز بين ما إذا كان نزع المواد يلحق ضرراً بالأرض أو لا يلحق، ففي الحالتين يتمسك صاحب الأرض بالمواد ويدفع قيمتها مع التعويض إن كان له محل، ولا يجوز لصاحب المواد أن يطلب نزعها في أي حال، وواضح أن حكم المشروع وجه العدالة فيه أظهر.
ومفروض فيما تقدم أن صاحب الأرض بني بأدوات بناء، أما إذا كان قد أدخل في بنائه تمثالاً أو أثراً ثميناً أو نحو ذلك مما لا يعتبر من أدوات البناء، فلا يتملكه بالالتصاق مطلقاً، بل يجب نزعه في أي وقت يطلب صاحب التمثال أو الأثر فيه ذلك، ولو بعد السنة، بل ولو أحدث النزع ضرراً جسيماً للبناء.
3 – وفي الحالة الثانية : إذا كان صاحب الأدوات هو الباني في أرض غيره، يجب التفريق بين ما إذا كان سيء النية أو حسن النية فإذا كان سيء النية، أي يعلم أن الأرض ليست مملوكة له، وبني دون رضاء صاحب الأرض، كان لهذا، إذا أثبت ذلك، أن يطلب الإزالة على نفقة الباني وإعادة الشيء إلى أصله مع التعويض إن كان له محل، وذلك في ميعاد سنة من اليوم الذي يعلم فيه بإقامة المنشآت، فإذا مضت السنة، أو إذا لم يختر الإزالة، تلك المنشآت بالالتصاق، و دفع أقل القيمتين قيمة البناء مستحقاً للإزالة أو ما زاد في ثمن الأرض بسبب البناء فإذا لم يدفع أقل القيمتين كان للباني أن يلزمه بالدفع، إلا إذا اختار نزع الأدوات المملوكة له، مادام ذلك لا يلحق بالأرض ضرراً ( مادة 1359 من المشروع وهي توافق مادة 65 فقرة 1 و 2 من التقنين الأهلى إلا في تفصيلات أهمها ميعاد السنة وجواز مطالبة الباني بنزع الأدوات إذا لم يلحق الأرض ضرر من ذلك).
وإن كان الباني حسن النية، بأن كان يعتقد أن الأرض مملوكة له، وهذا مفروض إلا إذا قام الدليل على العكس، أو كان قد حصل على ترخيص من مالك الأرض ولم يحصل اتفاق على مصير المنشآت، كما هو حال المستأجر (أنظر م 793 فقرة أولى من المشروع)، فلا يجوز لصاحب الأرض طلب الإزالة، ويمتلك المواد بالالتصاق، ويخير بين دفع قيمة المواد وأجرة العمل، أو دفع مازاد في قيمة الأرض بسبب البناء . وإذا كانت قيمة المنشآت قد بلغت حداً من الجسامة لا يستطيع معه أن يؤدي ما هو مستحق عنها فإن له أن يطلب تمليك الأرض للباني في نظير تعويض عادل هذا كله إلا إذا طلب الباني نزع الأدوات، ولم يكن نزعها يلحق بالأرض ضرراً جسيماً ( مادة 1360- 1361 من المشروع، وتختلفان مع المادة 65 فقرة 3 من التقنين الأهلى فى أن المشروع عرض لفرض ما إذا كان الباني يعلم أن الأرض مملوكة لغيره، ولكن أقام المنشآت بترخيص من صاحب الأرض، وكذلك أعطى المشروع للباني حق المطالبة بنزع الأدوات، وأعطى لصاحب الأرض الحق في تمليك الأرض للباني في نظير تعويض عادل، وهذان حقان سكت عنهما التقنين الحالي ).
وفي الفروض المتقدمة إذا تملك صاحب الأرض الأدوات بالالتصاق، وجب عليه أن يدفع التعويض للباني وفقاً للأحكام المتقدمة الذكر ويجوز للقاضي بناء على طلب صاحب الأرض، أن يقرر مايراه مناسباً للوفاء بهذا التعويض، وله أن يقضي بأن يكون الوفاء على أقساط دورية بشرط تقديم الضمانات اللازمة، ولصاحب الأرض أن يتحلل من تقديم الضمان، إذا هو وفي مالاً توازي فوائده بالسعر القانوني قيمة هذه الأقساط ( مادة 1362 من المشروع وهي تحيل على مادة 1434، فيرجع إلى المذكرة الإيضاحية بشأن هذه المادة ).
4 - وفي الحالة الثالثة : إذا كان الباني قد بني في أرض غيره و بأدوات غيره، يرجع صاحب الأدوات على الباني بالتعويض من أجل الأدوات، ويرجع البانی على صاحب الأرض بالتعويض وفقاً للأحكام السابقة، ويكون لصاحب الأدوات على صاحب الأرض دعوى مباشرة بقدر ما في ذمة صاحب الأرض للباني ( مادة 1365 من المشروع وتوافق مادة 66 من التقنين الأهلى مع غموض في عبارة هذا التقنين ).
5- ولا تنطبق الأحكام المتقدمة على الأكشاك والحوانيت والمآوي التي تقام على أرض الغير ولم يكن مقصوداً بقاؤها على الدوام . فهذه لا تملك بالالتصاق بل تبقى ملكاً لمن أقامها، ويكلف هذا إذا كان معتدياً بالإزالة وبالتعويض (م 1364 من المشروع وهي مأخوذة من المادة 677 من التقنين السويسري ) .
6- واستثناء من الأحكام المتقدمة، إذا جار الباني بحسن نية على أرض الجار، وكان يبني في أرضه فجاوزها إلى جزء صغير ملاصق له من أرض جاره، وبنی بناء ضخماً لو طبقت عليه الأحكام المتقدمة لأصبح جزء من هذا البناء الضخم ملكاً للجار، فإن الباني أن يجبر الجار على أن ينزل له عن ملكية الجزء المشغول بالبناء في نظير تعويض عادل ويلاحظ في تطبيق هذا الحكم شرطان أولهما أن الباني إنما يبني أصلاً في أرضه وقد جاوزها إلى جزء صغير ملاصق، والثاني أن هذه المجاوزة من الباني قد وقعت بحسن نية وقد جرى القضاء المصري على هذا المبدأ دون أن يستند إلى نص، فقنن المشروع (م 1363) هذا القضاء العادل، ودعمه بالنص الذي ينقصه .
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادة 1359 من المشروع، ووافقت اللجنة عليها بعد استبدال عبارة «إن كان له وجه » بعبارة « إذا كان له وجه » في الفقرة الأولى ، وكلمة « الإزالة » بكلمة « للإزالة » في الفقرة الثانية.
وأصبح رقم المادة 996 في المشروع النهائي.
المشروع في مجلس النواب
وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 993
المشروع في مجلس الشيوخ
مناقشات لجنة القانون المدني :
محضر الجلسة التاسعة والثلاثين
تليت المادة 993 فاعترض سعادة الرئيس على حكم الفقرة الأولى وقال إنه يفهم منه أنه إذا سكت صاحب الأرض ولم يطلب الإزالة في ميعاد سنة يسقط حقه في طلبها، وفي هذا تحسين المركز الباني سيء النية، وقد رأى سعادته أن مدة السنة قليلة لأنه قد يكون صاحب الأرض رقيق الحال بحيث لا يتمكن فيها من طلب الإزالة.
فرد عليه معالي السنهورى باشا قائلاً : إن مدة السنة تبدأ من وقت العلم وأنه إذا انقضت هذه السنة ولم يطلب صاحب الأرض إزالة المنشآت يكون ذلك بمثابة اختيار ضمني من صاحب الأرض لاستبقاء هذه المنشآت .
واستقر رأى اللجنة رغبة في إيضاح الحكم الوارد في هذه المادة واستكماله بما يبين حق صاحب الأرض في طلب إزالة المنشآت أو رضائه ببقائها على تعديل الفقرة الأولى من المادة بإضافة العبارة الآتية إلى نهايتها :
«وله أيضاً أن يطلب استبقاء المنشآت مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة أو دفع مبلغ يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت» .
وهذا فضلاً عن استبدال كلمة « مع » بعبارة « وأن يطلب » .
ورأت اللجنة كذلك تعديل الفقرة الثانية كالآتي :
«ويجوز لمن أقام المنشآت أن يطلب نزعها إن كان ذلك لا يلحق بالأرض ضرراً إلا إذا اختار صاحب الأرض أن يستبقي المنشآت طبقاً لأحكام الفقرة السابقة ».
وحذف عبارة « في مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة أو دفع مبلغ يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت».
ومن هذا يتضح أنه إذا مرت سنة ولم يستعمل صاحب الأرض حق الاختيار فليس له إلا أن يستبقي المنشآت مع دفع التعويض على الوجه المبين بهذه المادة وهي الخاصة بمن يقيم المنشآت وهو يعلم أن الأرض ملك غيره.
قرار اللجنة :
الموافقة على المادة 993 معدلة طبقاً لما ذكر آنفاً.
تقرير اللجنة :
أضافت اللجنة إلى الفقرة الأولى عبارة « أو أن يطلب استبقاء المنشآت مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة أو دفع مبلغ يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت، وقد تداركت اللجنة بهذه الإضافة نقصاً قصدت من وراء علاجه إلى إعطاء مالك الأرض حق استبقاء المنشآت، وفي هذه الحالة تقتضي العدالة ألا يكلف إلا تعویض صاحب المواد على الوجه المتقدم .
وحذفت اللجنة من الفقرة الثانية كلمة «كذلك» و استعاضت عن عبارة «في مقابل دفع قيمتها ألخ ...» بعبارة «طبقاً لأحكام الفقرة الأولى ».
وأصبح رقم المادة 924 .
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة.
1- من المقرر أنه وفقا للمادة 924/ 1 من القانون المدني يجب على المالك رفع دعوى بطلب إزالة المنشآت التي يقيمها الغير على نفقة من أقامها قبل انقضاء سنة من يوم علمه بإقامة المنشآت، ولا يكفي مجرد إبداء الرغبة في الإزالة خلال الميعاد، ولا يعتبر الميعاد مرعيا إلا برفع طلب الإزالة إلى القضاء وإلا سقط الحق فيه، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه – بتأييد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من عدم قبول الدعوى -، على سند من أن الطاعن. بصفته - لم يقم بالمطالبة القضائية في خلال سنة من تاريخ علمه بإقامة المنشآت ومن أقامها، ولا يغير من ذلك تحرير محضر أو تظلم إلى الجهات الإدارية، إذ أن هذه الإجراءات لا تقطع مدة سريان السقوط، وكان ما انتهى إليه الحكم يتفق وصحيح القانون، فإن النعي عليه بسبب الطعن يكون على غير أساس ومن ثم غير مقبول، ويضحى الطعن بالتالي قد أقيم على غير الأسباب المبينة بالمادتين 248، 249 من قانون المرافعات، مما يتعين معه الأمر بعدم قبوله عملا بالمادة 3/ 263 من ذات القانون .
( الطعن رقم 133 لسنة 69 ق - جلسة 18 / 1 / 2023)
2- النص فى الفقرة الأولى من المادة 924 من القانون المدني على أن : "إذا أقام شخص بمواد من عنده منشآت على أرض يعلم أنها مملوكة لغيره دون رضاء صاحب الأرض، كان لهذا أن يطلب إزالة المنشآت على نفقة من أقامها مع التعويض إن كان له وجه، وذلك فى ميعاد سنة من اليوم الذي يعلم فيه بإقامة المنشآت، أو أن يطلب استبقاء المنشآت مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة، أو دفع مبلغ يساوى ما زاد فى ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت" مفاده أن تملك صاحب الأرض للمنشآت التي يطلب استبقاءها بالالتصاق يكون مقابل تعويض صاحبها بأقل القيمتين المشار إليهما فى النص وهما : قيمة المنشآت مستحقة الإزالة أي قيمة الأنقاض بعد استنزال تكاليف الهدم، أو الفرق بين ثمن الأرض خالية من المنشآت وثمنها بعد إقامة المنشآت عليها باعتبار أن فرق الثمن هو ما زاد فى ثمن الأرض، ولا مراء فى أن التعويض فى هذه الحالة وإن كان مصدره القانون، إلا أنه يمثل قيمة ما أثري به صاحب الأرض بسبب إقامة المنشآت، وهو بهذه الصفة منبت الصلة بقواعد تقدير قيمة الدعوى المنصوص عليها فى المادة 37 من قانون المرافعات والتي تهدف إلى وضع معيار لتحديد الاختصاص القيمي لمحاكم الدرجة الأولى، ولمدى قابلية هذه الأحكام للطعن فيها .
(الطعن رقم 338 لسنة 63 جلسة 2000/02/08 س 51 ع 1 ص 289 ق 51)
3- لما كان المطعون فيه قد ذهب فى قضائه إلى رفض طلب الطاعنة إزالة المنشآت محل التداعى أو تثبيت ملكيتها لها مستحقة الإزالة أو البقاء وطلبها طرد المطعون عليه الأول منها على قوله إنه" وقد ثبت من الأرواق أن عقد البدل لم يحرر ولم يتم شهره فإن...."الطاعنة .....لم تعد مالكة بعد الرقبة أرض النزاع فلا يكون لها طلب إعمال المواد924،925،926من القانون المدنى الخاصة بإزالة المنشآت المقامة على تلك الأرض إذ أن هذا الطلب لا يكون إلا مالك الرقبة وعلى أساس قواعد الالتصاق المقررة للمالك الأمر الذى يتضح منه أن دعواها اقيمت قبل الأوان" وكان هذا القول من محكمة الاستئناف خطأ فى فهم الأساس القانونى الصحيح الواجب بناء حكمها عليه وفضلا عن انه لا يواجه كل الطلبات المطروحة فى الدعوى فإن الطاعنة لم تستند إلى عقد الاستبدال، وملكية حق الرقبة فى طلباتها وإنما ركنت فيها إلى حق الحكر وما يخوله لها من حق القرار وملكية ما أحدثه مورثها من منشآت على الأرض المحكرة ملكا عاما تاما وانتقل إليها من بعده فيكون لها حق حيازتها والانتفاع بها بكافة الأوجه. هذا إلى أن لها بمقتضاه حقا عينيا تتحمله العين المحكورة فى يد كل حائز لها يراد به استبقاءها البناء تحت يد المحتكر ما دام الحكر قائما، لما كان ما تقدم وكان البين من الأوراق وعلى ما حصله الحكم المطعون فيه وبما لا خلاف عليه بين الخصوم ان الحق فى الحكر على عين التداعى لازال قائما للطاعنة بما كان يتعين معه على محكمة الموضوع تكييف الدعوى تكييفا صحيحاً وإعمال أثر قيام هذا الحق المقرر للطاعنة وطبقا لطلباتها فى الدعوى على ما قام به المطعون عليه الأول وحسبما كشفت عنه وقائعها من أعمال مقتضاها المساس بحقوق المحتكرة والاعتداء على حقها فى القرار دون مسوغ أو سند، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض دعواها برمتها بما اشتملت عليه من طلبات على نحو ما سلف بيانه تأسيسا على عدم تملكها الرقبة فتحجب بذلك عن الفصل فى هذه الطلبات فإنه يكون قد أخطأ فى القانون.
(الطعن رقم 1766 لسنة 61 جلسة 1996/04/14 س 47 ع 1 ص 660 ق 123)
4- لما كان البين من مدونات الحكم الإبتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه أعمل حكم المادة 924 من القانون المدنى فى شأن إزالة المبانى التى أقامها الطاعن الأول على ما خلص إليه من أن الأخير لا سند له فى وضع يده على الأرض محل التداعى بعد أن أطرح دفاعه بشأن إستئجارة لها من الطاعنتين الثانية و الثالثة بما يوفر فى حقه سؤ النية لإقامته تلك المبانى فى أرض مملوكة للمطعون ضدهما و هو من الحكم إستخلاص سائغ يدخل فى نطاق السلطة التقديرية لقاضى الموضوع .
(الطعن رقم 381 لسنة 54 جلسة 1990/11/18 س 41 ع 2 ص 679 ق 284)
5- إذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعن شريك على الشيوع فى أرض النزاع مع المطعون عليها و يحق النصف لكل منهما ، وأنه لم يقم بالبناء على حصته من العقار تعادل نصيبه فيه ، بل أقام البناء على كامل الأرض المملوكة له والمطعون عليها مع علمه بذلك ورغم إنذارها له و طلبها منه وقف البناء لإقامته على الأرض المملوكة لها و لم يأخذ الحكم المطعون فيه بشهادة شاهديه من أنه قام بالبناء بموافقة المطعون عليها ، فإن ما إنتهى إليه الحكم من إعتبار الطاعن بانياً سيىء النية على أرض المطعون عليها وأنه يحق لها وطبقاً للمادة 924 من القانون المدنى إستبقاء نصف البناء على أن تدفع قيمته مستحق الإزالة إعمالاً لإحكام الإلتصاق ، لا يكون مخالفاً للقانون .
(الطعن رقم 1241 لسنة 47 جلسة 1981/03/24 س 32 ع 1 ص 927 ق 172)
6- نصت الفقرة الأولى من المادة 923 من القانون المدني على أنه "يكون ملكاً خالصاً لصاحب الأرض ما يحدثه فيه من بناء أو غراس أو منشآت أخرى يقيمها بمواد مملوكة لغيره إذا لم يكن ممكناً نزع هذه المواد دون أن يلحق هذه المنشآت ضرر جسيم أو كان ممكناً نزعها ولكن لم ترفع الدعوى باستردادها خلال سنة من اليوم الذي يعلم فيه مالك المواد أنها اندمجت فى هذه المنشآت.. " ونصت الفقرة الأولى من المادة 924 من القانون المذكور على أنه "إذا أقام شخص بمواد من عنده منشآت على أرض يعلم أنها مملوكة لغيره دون رضاء صاحب الأرض، كان لهذا أن يطلب إزالة المنشآت على نفقة من أقامها مع التعويض إن كان له وجه، وذلك فى ميعاد سنة من اليوم الذي يعلم فيه بإقامة المنشآت" وكلمة "يطلب" الواردة بهذا النص تؤدي ذات المعنى الوارد بنص المادة 923 وهو "رفع الدعوى" وقد عبر القانون المدني فى العديد من نصوصه بكلمة "يطلب" قاصداً بها المطالبة القضائية بإعتبارها الوسيلة القانونية التي يلجأ بمقتضاها صاحب الحق إلى القضاء ليعرض عليه ما يدعيه طالباً الحكم له به، هذا إلى أن صياغة عجز الفقرة الأولى من المادة 924 بالجمع بين الحق فى طلب الإزالة والحق فى طلب التعويض خلال ميعاد السنة تؤكد المراد بمعنى "الطلب" وهو "رفع الدعوى" وإلا جاز القول بأنه يكفي مجرد إبداء الرغبة بأي طريق فى طلب التعويض خلال سنة دون حاجة للالتجاء إلى القضاء فى هذا الميعاد وهو ما لا يسوغ، وعلى ذلك فلا يعتبر الميعاد مرعياً إلا برفع طلب الإزالة إلى القضاء وإلا سقط الحق فيه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بتفسيره كلمة "يطلب" الواردة فى المادة 924 من القانون بأنها تعنى مجرد إبداء الرغبة فى الإزالة ولو بكتاب مسجل أو شفوياً فإنه يكون قد انحرف عن المعنى الذي تؤديه هذه الكلمة، وإذ رفض على هذا الأساس دفاع الطاعنة بسقوط حق المطعون ضده فى طلب الإزالة فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه.
(الطعن رقم 1236 لسنة 47 جلسة 1978/05/17 س 29 ع 1 ص 1265ق 248)
7- نص المادة 160 من القانون المدنى يدل على أن فسخ العقد إتفاقاً أو قضاء يترتب عليه إنحلال العقد وإعتباره كأن لم يكن وتعود الحال إلى ما كانت عليه قبل العقد وإذا كان العقد بيعاً وفسخ رد المشترى المبيع إلى البائع ورد البائع الثمن إلى المشترى ، فإذا كان المشترى قد أقام بناء على العين المبيعة أعتبر بانياً بسوء نية ما دام الفسخ قد ترتب بسبب آت من جهته ، وفى هذه الحالة تطبق القاعدة المقررة فى المادة 924 من القانون المدنى التى تنص على أنه ,, إذا أقام شخص بمواد من عنده منشآت على أرض يعلم أنها مملوكة لغيره دون رضاء صاحب الأرض ، كان لهذا أن يطلب إزالة المنشآت على نفقة من أقامها مع التعويض إن كان له وجه وذلك فى ميعاد سنة من اليوم الذى يعلم فيه بإقامة المنشآت مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة أو دفع مبلغ يساوى ما زاد فى ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت ويجوز لمن أقام المنشآت أن يطلب نزعها إن كان لا يلحق بالأرض ضرراً ، إذا إختار صاحب الأرض أن يستبقى المنشآت طبقاً لأحكام الفقرة السابقة ، وذلك بالنسبة لحق البائع فى طلب إزالة ما يكون المشترى قد أقامه من مبان على الأرض المبيعة أو إستبقاؤه مع دفع المقابل ، وكذلك حق المشترى الذى أقام البناء على الأرض التى عادت ملكيتها إلى البائع بفسخ العقد و بيان قدر المقابل الذى يستحقه عند إزالة البناء ولا يتصور فى هذه الحالة إعمال القاعدة الواردة فى تلك المادة والتى تقيد حق صاحب الأرض فى طلب إزالة البناء بأن يكون طلبه خلال سنة من يوم علمه بإقامة البناء ، ذلك أنه طالما أن العقد ما زال قائماً لم يفسخ فلا يتصور إلزام البائع بذلك للقيد الزمنى عند طلبه الإزالة لأن ذلك لن يكون إلا بعد إنحلال العقد ، ومن ثم فإن ذلك القيد الزمنى فى طلب الإزالة لا يسرى فى حق البائع إلا من تاريخ الحكم النهائى بفسخ العقد إذا كان البائع عالماً بإقامة المنشآت قبل ذلك أو من تاريخ علمه بإقامتها إذا كان العلم بعد الفسخ وفى جميع الأحوال فإن حق البائع فى طلب الإزالة يسقط بمضى خمسة عشر عاماً من تاريخ الحكم إذ كان ذلك فإنه يكون غير منتج النعى على الحكم المطعون فيه بالخطأ فى تطبيق القانون إذ إحتسب مدة السنة من تاريخ علم المطعون عليهما بإقامة المنشآت قبل فسخ العقد طالما أنه إنتهى صحيحاً إلى رفض الدفع بسقوط حقها فى طلب الإزالة .
(الطعن رقم 472 لسنة 44 جلسة 1977/12/15 س 28 ع 2 ص 1821 ق 311)
8- الحائز الذى يقيم المنشآت على أرض مملوكة لغيره ، يفترض فيه أنه كان حسن النية وقت أن أقام هذه المنشآت ، و المقصود بحسن النية فى تطبيق المادة 295 من القانون المدنى أن يعتقد البانى أن له الحق فى إقامة المنشآت ، و لا يلزم أن يعتقد أنه يملك الأرض ، فإذا مدعى مالك الأرض أن البانى سىء النية ، فعليه حسبما تقضى به المادة 924 من القانون المدنى أن يقيم الدليل على أن البانى كان يعلم وقت أن أقام المنشآت أن الأرض مملوكة لغيره وأنه أقامها دون رضاء مالك الأرض .
(الطعن رقم 19 لسنة 42 جلسة 1976/02/17 س 27 ع 1 ص 453 ق 93)
9- إستناد الحكم إلى عدم تسجيل العقد الذى اشترى به الطاعنون الأرض و أن هذه الأرض لا تدخل فى سند ملكية البائع لهم ، لا يدل بذاته على أنهم كانوا سيىء النية وقت إقامة المنشآت لأن العبرة فى هذا الخصوص بأن يعتقد البانى أن له الحق فى إقامة المنشآت ، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وعاره قصور وفساد فى الإستدلال .
(الطعن رقم 19 لسنة 42 جلسة 1976/02/17 س 27 ع 1 ص 453 ق 93)
10- نص المادة 1/924 من القانون المدنى ، يدل وفقا لما صرحت به فى صدرها على أن الحق الذى قرره المشرع فى طلب إزالة المنشأت التى يقيمها الشخص على أرض الغير بسوء نية إنما هو رخصة ناشئة عن حق الملكية ذاته وقد خولها القانون لصاحب الأرض بوصفه مالكا ، وليس لغيره الحق فى استعمالها ، ولما كان الطاعن قد تمسك فى دفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه لا يجوز للمطعون عليهما الأولين طلب إزالة المنشآت التى أقامها هو على الأرض موضوع النزاع لأنهما إشتريا هذه الأرض بعقد لم يسجل ، ولأن المطعون عليه الثالث البائع لهما غير مالك أصلا للعين المذكورة ، وكان حق ملكية العقار وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا ينتقل فيما بين المتعاقدين ولا بالنسبة إلى الغير إلا بالتسجيل ، فلا تنتقل الملكية لمن اشترى منه ، لأنها لا تؤول إليه هو إلا بتسجيل عقده ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن قضى بإجابة المطعون عليهما الأولين إلى طلباتهم بإزالة المنشآت التى أقامها الطاعن على الأرض المتنازع عليها تأسيسا على أن المشترى و لو لم يسجل عقده حق إستغلال العقار المبيع من تاريخ التعاقد ، وأن البائع يلتزم بتسليم هذا العقار بحالته التى هو عليها وقت تحرير العقد فإذا هو إحدث فيه منشأت بعد التعاقد فيكون للمشترى أن يطالبه بإزالتها ، مما مفاده أن الحكم أجاز للمطعون عليهما الأولين قبل تسجيل عقدهما الحق فى طلب إزالة المنشآت التى أحدثها الطاعن فى الأرض التى قاما بشرائها هذا إلى أن الحكم لم يعن بتحقيق ملكيتهما لهذه العين رغم تمسك الطاعن بأنها غير مملوكة أصلا للبائع لهما وأكتفى فى هذا الخصوص بما أورده الخبير فى تقريره من أن عقد المطعون عليهما الأولين على العين موضوع النزاع وهو أمر لا يدل على ثبوت الملكية للبائع المذكور ، لما كان ذلك فأن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون و شابه قصور يبطله .
(الطعن رقم 189 لسنة 42 جلسة 1976/01/13 س 27 ع 1 ص 197 ق 49)
11- إذ كان الحكم المطعون فيه إعتبر القضاء بالإزالة نتيجة مترتبة على القضاء بثبوت الملكية مع أن القضاء به يكون طبقاً لقواعد الإلتصاق المنصوص عليها فى المادة 65 من التقنين المدنى السابق المقابلة للمادتين 924 ، 925 من التقنين الحالى والتى تفرق بين إقامة المنشآت على أرض الغير دون رضاء صاحبها وبين إقامتها على أرض يعتقد من أقامها بحسن نية أن له الحق فى ذلك ففى الحالة الأولى يكون لصاحب الأرض طلب الإزالة على نفقة من أقامها وفى الحالة الثانية لا يحق له طلب الإزالة ولكن يخير بين دفع قيمة المواد وأجرة العمل أو دفع قيمة ما زاد فى ثمن الأرض بسبب المنشآت ، لما كان ذلك . وكان الطاعنون قد برروا إقامتهم المبانى والمنشآت على الأرض بسبق شراء مورثيهم لها بعقد مسجل وهو ما ينطوى على التحدى بحسن نيتهم وقت تشييدها فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل بحث حسن أو سوء نية الطاعنين يكون مشوباً بالقصور فضلاً عن الخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 275 لسنة 41 جلسة 1975/12/08 س 26 ص 1586 ق 298)
12- النص فى الفقرة الأولى من المادة 924 من القانون المدنى على أنه " إذا أقام شخص بمواد من عنده منشآت على أرض يعلم أنها مملوكة لغيره دون رضاء صاحب الأرض ، كان لهذا أن يطلب إزالة المنشآت على نفقة من أقامها مع التعويض إن كان له وجه ، وذلك فى ميعاد سنة من اليوم الذى يعلم فيه بإقامة المنشآت " يفيد أن لصاحب الأرض أن يطلب خلال سنة إزالة المنشآت المقامة على أرضه على نفقة من إقامها ، فإذا سكت و لم يطلب الإزالة سقط حقه فى طلبها ، ولازم ذلك أن يكون عالماً بشخص من أقامها حتى يتسنى له من بعد أن يوجه إليه طلب إزالتها على نفقته على نحو ما صرح به صدر النص لأن العلم بإقامة المنشآت لا يقتضى حتماً وبطريق اللزوم العلم بمن أقامها ، ومن ثم فإن ميعاد السنة الذى يتعين طلب الإزالة خلاله لا يبدأ إلا من اليوم الذى يعلم فيه صاحب الأرض بإقامة المنشآت وشخص من أقامها . إذ كان ذلك ، وكان الحكم المطعون قد إعتد بتاريخ علم الطاعنة بإقامة المنشآت وأجرى ميعاد السنة منه و رتب على ذلك قضاءه بسقوط حقها فى طلب الإزالة دون أن يعنى ببحث تاريخ علمها بإقامة المطعون ضده الثانى للمنشآت ، وهو ما قد يتغير به وجه الرأى فى الدعوى ، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون و شابه قصور فى التسبيب .
(الطعن رقم 207 لسنة 40 جلسة 1975/02/03 س 26 ع 1 ص 319 ق 69)
13- إذ كان الحكم المطعون فيه قد أطرح دفاع الطاعن بحسن نيته فى جميع الصور وإنتهى إلى أنه قد قام عامداً بهدم عقار المطعون ضدها دون مسوغ وأقام بناءه على أرض ذلك العقار المملوكة لغيره ، ودلل سائغاً على علم الطاعن بإقامة البناء على ملك الغير وسوء نيته فيما أقدم عليه ، وكان أمر العلم بإقامة البناء وثبوت حسن نية من أقامه أو سوء نيته مما تستقل به محكمة الموضوع بلا معقب عليها من محكمة النقض ما دامت قد أقامت قضاءها فيه على أسباب سائغة تكفى لحمله فإن النعى على الحكم المطعون بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه يكون فى غير محله .
(الطعن رقم 297 لسنة 38 جلسة 1974/12/09 س 25 ع 1 ص 1373 ق 233)
14- إذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت سوء نية الطاعنين فى إقامة المبانى وطبق على واقعة النزاع المادة 65 من القانون المدنى القديم ، وكان المشرع قد خول مالك الأرض - وفقاً لأحكام الإلتصاق المنصوص عليها فى تلك المادة - الحق فى تملك البناء الذى يقيمه الغير فى أرضه دون رضاه وقضى بأن للمالك الخيار بين طلب إبقاء البناء و طلب إزالته على نفقة من أقامه . وكان الحكم المطعون فيه قد إلتزم هذا النظر ، وقضى بناء على طلب ملاك الأرض - المطعون عليهم - بإزالة المبانى التى أقامها الطاعنون فى أرضهم ، فإنه يكون قد إلتزم صحيح القانون .
(الطعن رقم 163 لسنة 38 جلسة 1973/05/08 س 24 ع 2 ص 717 ق 127)
تنص المادة 924 مدني على ما يأتي :
1 - إذا أقام شخص بمواد من عنده منشآت على أرض يعلم أنها مملوكة لغيره دون رضاء صاحب الأرض، كان لهذا أن يطلب إزالة المنشآت على نفقة من أقامها مع التعويض إن كان له وجه، وذلك في ميعاد سنة من اليوم الذي يعلم فيه بإقامة المنشآت، أو أن يطلب استبقاء المنشآت مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة، أو دفع مبلغ يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت .
2 - ويجوز لمن أقام المنشآت أن يطلب نزعها إذا كان ذلك لا يلحق بالأرض ضرراً، إلا إذا اختار صاحب الأرض أن يستبقى المنشآت طبقاً لأحكام الفقرة السابقة.
والنص جاء في عبارات عامة تشمل كل شخص يقيم منشآت في أرض غيره بمواد من عنده، وهو يعلم أن الأرض غير مملوكة له ونقتصر هنا على تطبيقه في أحد فروضه، هو الفرض الذي يكون فيه الباني في أرض غيره حائزاً للأرض بنية تملكها، وترفع عليه دعوى استحقاق من مالك الأرض، فيسترد هذا الأخير الأرض والمنشآت طبقاً للقواعد التي سنذكرها فيما بعد وهذه القواعد هي الأحكام العامة في الالتصاق فيما يتعلق بالباني في أرض غيره بمواد من عنده وهو يعلم أن الأرض غير مملوكة له، نوردها هنا، على أن نطبقها بعد ذلك في فروض أخرى مختلفة غير فروض الحائز للأرض بنية تملكها .
ونفرض الآن أن شخصاً وضع يده على أرض مملوكة لغيره باعتبار أنه المالك، وقد أقام منشآت في هذه الأرض بمواد من عنده ونفرض أن مالك الأرض رفع دعوى الاستحقاق على الحائز واسترد الأرض، فعند ذلك تأتي مسألة المنشآت ويفترض بادئ ذي بدء، أن الحائز حسن النية وقت أن أقام المنشآت، فإذا أدعى مالك الأرض أنه سيء النية، أي يعلم وقت أن أقام المنشآت أن الأرض مملوكة لغيره وقد أقام المنشآت دون رضاء مالك الأرض، فعلى هذا الأخير يقع عبء الإثبات وعلى ذلك يجب على مال الأرض أن يثبت سوء من أقام المنشآت، كأن يثبت أن هذا الأخير قد اغتصب الأرض، أو أنه حازها في مبدأ الأمر وهو حسن النية بأن اعتقد أنه وارث لها أو أنها آلت إليه عن طريق الوصية ثم كشف بعد ذلك أنه غير وارث أو أن الوصية باطلة أو عدل عنها الموصي ومع ذلك بقى حائزاً للأرض وأقام فيها المنشآت وهو يعلم أنها غير مملوكة له .
ففي هذا الفرض، عندما يسترد مالك الأرض أرضه وتأتي مسألة المنشآت التي أقامها الحائز، يضع القانون في هذه المسألة قواعد مفصلة، يستخلص منها أنه يجب التمييز بين عهدين :
العهد الأول : السنة التي تبدأ من اليوم الذي يعلم فيه مالك الأرض بإقامة المنشآت، وعبء إثبات العلم هنا يقع على صاحب المنشآت، وله أن يثبت ذلك بجميع طرق الإثبات لأن العلم واقعة مادية . ففي خلال هذه السنة يكون صاحب الأرض بالخيار بين أمرين : الأمر الأول أن يطلب إزالة المنشآت على نفقة من أقامها، ويطلب منه فوق ذلك التعويض عما عسى أن تحدثه إزالة المنشآت من ضرر بالأرض، وذلك جزاء سوء نية من أقام المنشآت فقد أقامها في الأرض وهو يعلم أنها غير مملوكة له وفي هذه الحالة يهدم صاحب المنشآت فقد أقامها في الأرض وهو يعلم أنها غير مملوكة له وفي هذه الحالة يهدم صاحب المنشآت منشآته ويأخذها أنقاضاً بعد أن يدفع مصروفات الهدم، ولا محل هنا لإعمال الالتصاق سبباً لكسب الملكية فقد أزيلت المنشآت ولم يتملكها صاحب الأرض والأمر الثاني، إذا لم يطلب صاحب الأرض إزالة المنشآت، فله أن يعلن في خلال السنة إرادته في استبقاء المنشآت في الأرض، وعند ذلك يتملكها بالالتصاق وعليه أن يدفع تعويضاً لصاحب المنشآت أقل القيمتين :
(1) قيمها مستحقة الإزالة، فقد كان من حقه أن يطلب إزالتها فله أن يستبقيهما مستحقة الإزالة، أي أنه يدفع قيمة الأنقاض منقوصاً منها مصروفات الهدم .
(2) قيمة ما زاد في ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت، وتقدر هذه القيمة بخبير عند الاقتضاء، وتمثل المقدار الذي اغتنى به صاحب الأرض بسبب إقامة المنشآت ويلاحظ، أولاً، أننا قد انحرفنا عن قواعد الإثراء بلا سبب، فقد كانت هذه القواعد تقضي على صاحب الأرض بأن يدفع أقل القيمتين، قيمة ما اغتنى به هو وقيمة ما افتقر به صاحب المنشآت .
وهو هنا يدفع أقل القيمتين : قيمة ما اغتنى به هو وقيمة الأنقاض بعد هدم المنشآت وهذه القيمة الأخيرة تكون عادة أقل من قيمة ما افتقر به صاحب المنشآت، إذ أن هذه القيمة الأخيرة هي قيمة المواد وأجرة العمل فيكون صاحب المنشآت قد عوامل معاملة أسوأ مما تقضي به قواعد الإثراء بلا سبب، وذلك كما قدمنا جزاء له على سوء نيته وعلى ذلك يكون التزام صاحب الأرض بدفع أقل القيمتين على النحو الذي قدمناه ليس مصدره الإثراء بلا سبب، بل مصدره هو القانون فهو الذي قضى بذلك، وتكون مدة تقادم هذا الالتزام خمس عشرة سنة كما هو الأمر في الالتزامات الناشئة من القانون، لا ثلاث سنوات وهي مدة تقادم الالتزامات الناشئة من الإثراء بلا سبب، ويلاحظ، ثانياً، أن تخيير صاحب الأرض بين دفع قيمة الأنقاض بعد هدم المنشآت وقيمة ما زاد في ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت يستفاد منه أن قيمة ما زاد في ثمن الأرض قد تكون أقل من قيمة الأنقاض، فيختار صاحب الأرض دفعها دون دفع قيمة الأنقاض ولا يتصور أن تكون قيمة الأنقاض أكبر من قيمة زيادة ثمن الأرض إلا إذا افترضنا أن مواد البناء قد علا سعرها لظروف استثنائية، فأصبح نزع القديم منها كالأبواب والشبابيك والأدوات الصحية ونحوها يعود بقيمة أكبر من قيمة بقائها في الأرض وما ينتج عن ذلك من زيادة ثمن الأرض وهذا الافتراض لايتحقق، كما قدمنا، إلا في ظروف استثنائية محضة.
وفي خلال السنة أيضاً، وفي الوقت الذي يكون فيه لصاحب الأرض الخيار الذي قدمناه، تقضي الفقرة الثانية من المادة 924 مدني، كما قدمنا، بأنه " يجوز لمن أقام المنشآت أن يطلب نزعها إن كان ذلك لا يلحق بالأرض ضرراً، إلا إذا اختار صاحب الأرض أن يستبقى المنشآت طبقاً لأحكام الفقرة السابقة " ويخلص من ذلك أن صاحب المنشآت يستطيع ألا ينتظر سنة كاملة حتى يستعمل صاحب الأرض خياره، إذ يستطيع هو منذ البداية دون أن ينتظر انقضاء السنة أن يبادر إلى طلب نزع المنشآت، فيجبر بذلك صاحب الأرض على قبول نزع المنشآت أو على استعمال خياره في استبقائها مع دفع أقل القيمتين على النحو الذي قدمناه ولكن يشترط في ذلك أن يكن نزع المنشآت ليس من شأنه أن يلحق ضرراً بالأرض، وإلا حملنا هذا الضرر لصاحب الأرض دون مسوغ إذا هو اضطر أن يقبل نزع المنشآت دون أن يطلب استبقاءها وعلى هذا النحو يكون وضع الطرفين في خلال السنة على الوجه الآتي : لصاحب الأرض أن يطلب الإزالة أو الاستبقاء مع دفع أقل القيمتين، وكذلك لصاحب المنشآت أن يطلب الإزالة إذا كانت لا تلحق بالأرض ضرراً فيجبر بذلك صاحب الأرض على قبول الإزالة أو على استبقاء المنشآت مع دفع أقل القيمتين وذلك منذ البداية وقبل انقضاء السنة .
العهد الثاني : عند انقضاء السنة فإذا انقضت السنة دون أن يختار صاحب الأرض الإزالة أو يعلن إرادته في الاستبقاء، ودون أن يطلب صاحب المنشآت نزعها إذا كان النزع لا يلحق بالأرض ضرراً، فإن المنشآت تبقى في الأرض، ويتملكها صاحب الأرض بالالتصاق ويجبر صاحب الأرض على استبقائها لأنه لا يستطيع طلب الإزالة بعد أن انقضت السنة، كما يجر على دفع أقل القيمتين على النحو الذي قدمناه .
ولكن يلاحظ أن الفقرة الثانية من المادة 924 مدني، عندما أجازت لصاحب المنشآت طلب نزعها إذا كان النزع لا يلحق بالأرض ضرراً، لم تحدد ميعاداً لهاذ الطلب، كما حددت الفقرة الأولى من المادة نفسها ميعاد سنة لصاحب الأرض في طلب الإزالة . وعلى ذلك يبدو أنه يجوز لصاحب المنشآت حتى بعد انقضاء السنة، طلب نزعها إذا كان النزع لا يلحق بالأرض ضرراً وعند ذلك يكون صاحب الأرض مخيراً بين قبول النزع أو استبقاء المنشآت مع دفع أقل القيمتين أما إذا لم يطلب صاحب المنشآت نزعها بعد انقضاء السنة وطالب صاحب الأرض بدفع التعويض، فإن هذا الأخير يكون مجبراً على دفع أقل القيمتين لصاحب المنشآت.
وتكون ملكية صاحب الأرض للمنشآت بطريق الالتصاق إذن ملكية معلقة على شرط واقف، هو ألا ننزع المنشآت من الأرض، لا بناء على طلب صاحب الأرض في خلال السنة وليس هذا شرطاً إرادياً محضاً لأن الأمر لا يتوقف على محض إرادة صاحب الأرض بل تختلط بإرادته ظروف تكيف من هذه الإرادة، ولا بناء على طلب صاحب المنشآت في أي وقت واستجابة صاحب الأرض لهذا الطلب . فإذا لم تنزع المنشآت من الأرض، تحقق الشرط الواقف، وأصبحت ملكية صاحب الأرض للمنشآت بطريق الالتصاق ملكية نافذة باتة، وكان لتحقق الشرط أثر رجعي فتستند ملكية صاحب الأرض للمنشآت إلى وقت إدماجها في الأرض. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ التاسع، المجلد/ الأول، الصفحة/ 370)
إذا أقام شخص بناء أو غراساً له اتصال قرار بالأرض بأدوات مملوكة له في أرض مملوكة لغيره، وكان سيء النية أي يعلم أن الأرض مملوكة لغيره فللمالك أن يطلب إزالة المنشآت أو بقائها، فأن طلب الازالة، تعين عليه إبداء هذا الطلب خلال سنة من علمه بإقامة البناء وبشخص من أقامه حتى يمكنه توجيه طلب الازالة إليه، فلا يكفي العلم بإقامة البناء فقط، ومن ثم لا تبدأ مدة السنة إلا من اليوم الذي يجتمع فيه العلم بإقامة البناء وبشخص من أقامه.
ويقع عبء اثبات هذا العلم على عائق البانی بكافة طرق الإثبات، ويقدم الطلب في صورة دعوى استحقاق أي دعوى ملكية وليست دعوى حيازة يطلب فيها الإزالة على نفقة البانی وبتعويض ما لحق الأرض من ضرر، كما يكون للمالك خلال تلك السنة أن يطلب استبقاء المنشآت مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة، ويكون طلب الازالة أو الاستبقاء بطريق الدعوى على نحو ما يلى.
وإذا انقضت السنة ولم يطلب المالك الإزالة سقط حقه في طلبها والتزم بدفع أقل القيمين على نحو ما يلي، ومصدر هذا الالتزام هو القانون وليس الإثراء بلا سبب فيتقادم بانقضاء خمس عشرة سنة كسائر الالتزامات التي مصدرها القانون وليس بثلاث سنوات.
فإذا لم يطلب صاحب الأرض الإزالة، أو طلبها بعد إنقضاء سنة من وقت توافر علمه بإقامة البناء وبشخص من إقامة، سقط حقه في طلب الإزالة، وتملك البناء بالالتصاق، في حالة عدم طلب من أقامه نزعه، ويترتب على تملك البناء بالالتصاق عملاً بالمادة 924 من القانون المدني أن يلتزم صاحب الأرض بأن يدفع للبانی تعويضاً يقدر بأقل القيمتين قيمة البناء باعتباره انقاضاً ولا يدخل أجر الهدم في تقدير هذه القيمة، أو ما زاد في قيمة الأرض بسبب البناء وتعهد المحكمة بذلك إلى خبير لبيان قيمة الأرض خالية وقت الاستحقاق ثم بيان قيمة الأرض بما عليها من منشأت فيكون الفرق هو ما زاد في قيمة الأرض فيقضي به اللبانى ضد من يكون مالكاً للأرض وقت طلب التعويض ولو لم يكن مالكاً وقت البناء على أن يخصم من التعويض قيمة الثمار التي قبضها الباني والتي أهمل في قبضها «م 979»، حتى لا يجمع بين ثمرة البدلين وهما الانتفاع بالمبنى والتعويض المستحق عنه. وتقدير قيمة التعويض يتم على نحو ما تقدم وليس على أساس قيمة الدعوى الذي حددته المادة 37 من قانون المرافعات.
في ملكية الطبقات، يكون العلو مملوكاً لأحد الأشخاص وفقاً لما يتفق عليه الملاك، وحينئذ يخضع العلو لنص المادة 924 من القانون المدني وبالتالي يتملك صاحبه البناء الذي يقيمه الغير بعلوه على التفصيل المتقدم.
وراجع بند البناء الذي يقيمه البائع قبل التسجيل، فيما يلي، عندما يكون صاحب العلو لم يسجل عقده بينما أقام البناء مالك الأرض.
تنفيذ الإزالة لا يتطلب ترخيصاً :
نظم القانون رقم 106 لسنة 1976 للعدل، قواعد إزالة البانی المخالفة للشروط التي حددها بصدد توجيه وتنظيم أعمال البناء، وتتم الإزالة بموجبه بالطريق الإدارى بواسطة الجهة القائمة بأعمال التنظيم، أو بموجب حكم صادر من المحكمة الجنائية تبعاً للعقوبة الجنائية المقررة لمخالفة أحكامه.
كما حظر الأمر العسکری رقم 2 لسنة 1998 هدم أو التصريح بهدم القصور والفيلات، كما نظم القانون رقم 605 لسنة 1954 هدم المنشآت الآيلة للسقوط.
والهدم والإزالة المقررة بموجب هذه التشريعات لا تسري على الإزالة المقررة بموجب المادة 924 من القانون المدني والتي يرجع سببها إلى قيام شخص بالبناء في أرض غير مملوكة له، مما يجيز لصاحب الأرض أن يطلب إزالة البناء سواء كان قصراً أو فيلاً أو عمارة سكنية أو إدارية، ومتى توافرت شروط تلك المادة، قضت المحكمة بالازالة وهذا قضاء له حجيته المطلقة أمام المحكوم عليه والجهة الإدارية القائمة على أعمال التنظيم فيما يتعلق بتنفيذه دون حاجة لاستصدار ترخیص بالإزالة، أو اختصام تلك الجهة، سواء قبل الحكم أو بعده.
الدعوى بإزالة البناء والتعويض أو إستبقائه:
يدل نص المادة 924 من القانون المدني، على أن من يقيم بناء على أرض يعلم أنها مملوكة لغيره دون رضاء صاحبها، يعرض نفسه للمسئولية مصدرها القانون تجيز لصاحب الأرض أن يطلب إزالة البناء مع التعويض، أو يطلب إستبقاءه مقابل دفع قيمته مستحق الإزالة أو دفع مبلغ يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسبب هذا البناء.
والمقصود بالطلب، هو الطلب القضائي الذي يقدم للقضاء في الشكل الإجرائي الذي نص عليه قانون المرافعات، متمثلاً فى صحيفة الدعوى التي تودع قلم كتاب المحكمة عملاً بالمادة 63 من هذا القانون. وبالتالى ينصرف هذا الطلب إلى الدعوى دون أي إجراء آخر، فإذا حدد القانون میعاداً لتقديم الطلب القضائي، تعين إيداع صحيفة الدعوى خلاله وإلا سقط الحق فيه، وهو ما تصدى له المحكمة ولو من تلقاء نفسها، باعتبار ذلك من شروط قبول الدعوى، وإيداع الصحيفة في هذا الميعاد يعتبر إجراء قاطعاً لمدة السقوط. فلا يغني عن إيداعها أي إجراء آخر، ويزول أثرها بالقضاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن.
والدعوى بإزالة البناء أو إستبقائه، هي دعوى إستحقاق حتى لو ادعى البانی ملكيته للأرض، فهي من دعاوى الملكية، ذلك لأن مفاد قيام البانی بالبناء، أن كانت له حيازة الأرض والسيطرة عليها مما تمكن معه من إقامة البناء وبالتالي يكون لصاحب الأرض استردادها من الباني الذي يعتبر مغتصباً لها، وهو ما تتوافر به مقومات دعوى الاستحقاق، التي هي في حقيقتها دعوى استرداد العقار المغتصب ولقيامها على حق الملكية، فإن الطلب فيها ينصرف إلى تقرير هذا الحق، على التفصيل الذي أوضحناه بدعوى الاستحقاق فيما تقدم. وباعتبار تلك الدعوى من الدعاوى العقارية العينية، فأن الاختصاص بها ينعقد للمحكمة الكائن العقار بدائرتها.
ويستند صاحب الأرض إلى هذه الدعوى سواء طلب الإزالة أو إستبقاء البناء لأنه عندما يطلب الازالة، يستند في طلبه إلى ملكيته للأرض التي إغتصبها البانی فتنصرف الدعوى إلى استحقاقه لها وطرد الغاصب منها مع إزالة البناء الذي أقامه عليها، وعندما يطلب استبقاء البناء، فإن البناء والأرض يكونان ملكاً له ولكنها تحت يد المغتصب الباني، والسبيل إلى استردادهما هو دعوى الاستحقاق التي تستند إلى حق الملكية، وتثبت ملكية الأرض بالسبب الذي اكتسبت به، كالعقد المسجل، بينما تثبت ملكية البناء بواقعة التصاقه بالأرض المملوكة للمدعى وهي واقعة مادية.
ويجب رفع دعوى إزالة المنشآت خلال سنة وإلا سقط الحق فيها.
الأصل في تقدير قيمة الدعوى عند وجود طلبات غير مقدرة القيمة، ألا يعتد بهذه الطلبات عند تقدير قيمة الدعوى، لكن أورد المشرع استثناء على هذا الأصل بالنسبية لطلب الإزالة، فأوجب بموجب الفقرة الثانية من المادة 36 من قانون المرافعات، الاعتداد بقيمة البناء أو الغراس، إذا طلب إزالته، في حين أن الإزالة من الطلبات التابعة للطلب الأصلي وهي غير مقدرة القيمة.
ويترتب على ذلك، أن المدعي إذا رفع دعوى استحقاق، على نحو ما تقدم، وطلب إزالة البناء أو الغراس، تعین تقدير قيمة الدعوى بقيمة الطلبين معاً، الأرض والبناء، باعتبار أن طلب ملكية الأرض سيتضمن المنازعة في حق صاحب البناء في حق القرار، وهو حق عینی، ومن ثم فان النزاع يشمل العقار كله، أرضاً وبناء، وهو ما يجب معاه أن تقدر قيمة الدعوى بقيمة الأرض وقيمة البناء معاً.
وكان قانون المرافعات القديم لم ينص على الاستثناء الذي تضمنته الفقرة الثانية من المادة 36 من قانون المرافعات الحالي، وبالتالي كان طلب الازالة لا يدخل في تقدير قيمة الدعوى عملاً بالمادة 30 من القانون القديم
وتقدر قيمة البناء باعتبارها يوم رفع الدعوى وفقاً لقيمته بالحالة التي كان عليها في ذلك اليوم دون اعتداد بقيمته التي حددها القانون المدني في المادتين 924، 925 منه، لتعلق بالتقدير الأخير بتحديد التزام صاحب الأرض قبل البانی.
تسري أحكام الالتصاق على الحائز بنية التملك، على أنه إن كان سبب الملكية باطلاً بطلاناً مطلقاً، فإن البانی لا يعد مالكاً بل يكون بانياً في ملك غيره ويكون سيء النية إن كان يعلم بالعيب الذي شاب عقده ومن ثم تسری المادة 924 أما إن كان لا يعلم ذلك توفر لديه حسن النية وسرت المادة 925.
فإن كان العقد قابلاً للإبطال، وأبطل، فوفقاً للأثر الرجعي للإبطال، فإن البانی لا يكون مالكاً عند البناء، ومن ثم يعتبر حسن النية أو سيئها وفقاً لما إذا كان يعلم بالعيب الذي شاب عقده أو كان لا يعلم به.
وفي حالة فسخ عقد المالك، يكون الفسخ بأثر رجعي، فيعتبر البانی غیر مالك وقت البناء، فإن كان سبب الفسخ يرجع إليه كعدم وفائه بباقي الثمن، اعتبر بانياً سيء النية ومرت أحكام المادة 924.
أشارت المذكرة الايضاحية للمادة 934 من القانون المدني إلى أن للتسجيل أثراً رجعياً فيما بين المتعاقدين، ومفاد ذلك أن المشتري عندما يسجل عقد البيع فإنه يعتبر مالكاً لا من وقت التسجيل، وإنما من وقت أبرام العقد، وقد اعتنق فريق من الفقه هذا القول وقرروا أن البائع عندما يقيم بناء أو غراساً بالعقار المبيع، فإنه يكون بانياً سيء النية في أرض مملوكة لغيره متى سجل المشتري عقد البيع، إذ تنتقل إليه الملكية ليس من تاريخ التسجيل وإنما من وقت إبرام العقد ومن ثم تسري على لبائع الباني في هذه الحالة أحكام المادة 924 من القانون المدني إذ يتحقق سوء النية لديه بعلمه أنه تصرف في العقار وأنه بإقامة البناء إنما يعتدي على حق للمشتري.
لما كان عقد البيع غير المسجل يرتب للمشتري كافة الحقوق والدعاوى التي يرتبها عقد البيع المسجل فيما عدا إنتقال الملكية وثبوتها وما يتفرع عن ذلك، كطلب استبقاء المنشآت أو إزالتها وفقاً لنص المواد 922 ،924، 925 التي اختصت المالك وحده بذلك، أما المشترى بموجب عقد غير مسجل، فله كافة الحقوق والدعاوى التي يرتبها عقده، والتي تتمثل في حقه في تسلم العقار والانتفاع به، وبالتالي يجوز له طلب طرد الغاصب لتعارض الغصب مع انتفاعه بالعقار وإن حدث الغضب قبل التسليم، فلا يمس ذلك حتى المشتري في الإنتفاع مما يحول دونه وطلب الريع أما إذا حدث بعد التسليم، فيكون له الحق في طلب الريع.
حسن نية البانی مفترض قانوناً، فيعتبر البانی حسن النية عندما أقام البناء، وأنه يستند في ذلك لسبب يخوله ذلك، وبالتالي يجب على من يدعى سوء نيته، أن يثبت ذلك بكافة طرق الإثبات، فيقيم الدليل على أن الباني كان يعلم، أو كان في إمكانه أن يعلم بأن الأرض مملوكة للغير.
ويقع على مالك الأرض إثبات سوء نية الباني، والعبرة في ذلك بوقت إقامة البناء لا بوقت وضع اليد، ويعتبر البانی سيء النية إذا كان مغتصباً للأرض أو مشتری من غير مالك أو أهمل في فحص سند الملكية فلم يتبين ما شابه من بطلان ومن أقيمت عليه دعوى استحقاق ومن يشتري بناء مقام على أرض الغير ويزيد عليه أما وارث المستأجر إذا بني في الأرض المؤجرة فقد لا يكون سيء النية.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الثاني عشر، الصفحة/ 337)
تفترض هذه الصورة أن من أقام المنشآت كان يملك المواد المستخدمة في ذلك ولكنه لم يكن يملك الأرض أي أن الباني أو الغارس أقام المنشآت أو الغراس بمواد مملوكة له فوق أرض مملوكة لغيره وذلك بسوء نية وهذه الصورة الأكثر شيوعاً في العمل.
يكون الباني أو الغارس سئ النية إذا أقام البناء أو الغراس بمواد من عنده علی أرض يعلم أنها مملوكة لغيره دون رضاء صاحب الأرض، وأنه ليس له الحق في إقامة البناء أو الغراس.
ويستوي مع هذا العلم الجهل الناشئ عن خطأ جسيم فيعتبر سئ النية من يشتري من غير مالك إذا كان قد أهمل في مطالبة البائع بتقديم سند ملكيته أو إذا أهمل في فحص السند.
وحسن النية مفترض طبقاً للمبادئ العامة ويتعين من ثم على مالك الأرض أن يقيم الدليل على أن من أقام المنشآت كان سيء النية والعبرة في تقرير سوء النية بوقت إقامة المنشآت لا وقت حيازة الأرض ولا وقت رفع الدعوى.
وتستقل محكمة الموضوع بتقدير حسن نية الباني في أرض الغير أو سوء نيته بلا معقب عليها من محكمة النقض مادامت قد أقامت قضاءها فيه على أسباب سائغة تكفي لحمله.
وإذا بني المالك في أرضه ثم زالت ملكيته بأثر رجعي، سواء كان مالكا تحت شرط فاسخ وتحقق الشرط بعد البناء. أو فسخ عقده أو أبطل بعد البناء. فمن المستقر عليه أن الباني يعتبر بانياً في ملك الغير وتسري عليه أحكام الالتصاق. حقاً عندما قام الباني بالبناء كان مالكاً، فاحتمال تحقق الشرط الفاسخ أو الفسخ أو الحكم بالبطلان لا ينفي أنه المالك وقت البناء ولكن لما كان تحقق الشرط أو الفسخ أو البطلان يؤدي إلى زوال العقد بأثر رجعي، فإن الباني يعتبر قانوناً كأنه لم يتملك الأرض فزوال الملكية يرجع إلى تاريخ العقد نفسه. ولهذا فإنه وقت البناء يكون بانياً في أرض الغير.
ذهبت محكمة النقض في قضاء قديم لها إلى أن البائع الذي يقيم بناء بالأرض المبيعة قبل التسجيل، ثم تم التسجيل وانتقلت الملكية إلى المشتري، يعتبر كأنه أحدث هذا البناء في أرض مملوكة لغيره، ويعامل معاملة من أقام بسوء نية بناء في أرض مملوكة لغيره، ويخضع لحكم المادة 924 مدني.
وضع المشرع الباني أو الغارس بسوء نية على أرض الغير، تحت رحمة صاحب الأرض جزاء له على سوء نيته وتعديه على ملك الغير فأجاز للمالك أن يطلب أحد أمرين:
(أ) – طلب إزالة المنشآت على نفقة من أقامها :
يجوز لصاحب الأرض أن يطلب إلزام الباني بإزالة المنشآت التي أقامها على أرضه وعلى نفقته.
ويثبت لصاحب الأرض الحق في هذا الطلب بوصفه مالكا بصرف النظر عن قيمة المنشآت بالنسبة للأرض.
كما يعد ذلك تطبيقاً للقواعد العامة في المسئولية التقصيرية، لأن إقامة المنشآت على أرض الغير اعتداء على ملكيته، ويعتبر خطأ عمدياً لأن من أقامها بحسب الفرض، كان سئ النية يعلم أنه يقيم منشآت في أرض غيره دون رضاه وليس له الحق في إقامتها.
غير أن المادة قيدت طلب الإزالة بقيد زمني هو ميعاد سنة من اليوم الذي يعلم فيه صاحب الأرض بإقامة المنشآت، فإذا سكت ولم يطلب الإزالة في ميعاد سنة يسقط حقه في طلبها.
وفي هذا تحسين لمركز البانی سئ النية عما كان عليه في القانون القديم حيث كان لصاحب الأرض حق طلب الإزالة في أي وقت دون قيد أو شرط.
والمقصود بعبارة "أن يطلب إزالة المنشآت.... وذلك في ميعاد سنة. ... ألخ، هو رفع الدعوى، ولذلك لا يعتبر ميعاد السنة مرعياً إلا إذا رفع صاحب الأرض دعواه بالإزالة خلال مدة سنة، فلا يكفي لمراعاة ميعاد السنة إبداء الرغبة في الإزالة بأي طريق آخر، ولو كان كتاباً مسجلاً.
وتبدأ مدة السنة التي يتعين رفع دعوى الإزالة خلالها من اليوم الذي يعلم فيه صاحب الأرض بإقامة المنشآت وشخص من أقامها، فعلمه بشخص من أقامها لازم حتى يتسنى له أن يوجه إليه طلب إزالتها.
وحق المالك في طلب الإزالة رخصة له ناشئة عن حق الملكية، وليس لغيره الحق في استعمالها.
يحق لصاحب البناء بالإضافة إلى طلب الإزالة، أن يطالب بالتعويض عما أصابه من ضرر، كأن تكون إقامة المنشآت سبباً في حرمانه من الانتفاع بالأرض مدة معينة أو يترتب على إزالة المنشآت ضرر بالأرض.
يجوز لصاحب الأرض بدلاً من طلب الإزالة، أن يطلب استبقاء المنشآت مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة، أو دفع مبلغ يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت.
فإذا طلب صاحب الأرض استبقاء المنشآت، أو مضت مدة السنة التي يجوز له خلالها طلب الإزالة دون رفع دعوى الإزالة، فإنه يتملك المنشآت بالالتصاق. ولكي لا يثرى صاحب الأرض بدون حق على حساب من أقام المنشآت، ألزمه النص في هذه الحالة إما بأن يدفع له قيمة المنشآت مستحقة الإزالة، أو دفع مبلغ يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت.
والمقصود بدفع قيمة المنشآت مستحقة الإزالة، هو احتساب قيمتها كما لو كانت أنقاضا بصرف النظر عن الثمن الذي اشتريت به، وعن أجرة العمال وغيرها من نفقات البناء أو الغراس.
أما المبلغ المساوى لما زاد في ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت فيحسب كالآتي: يقدر ثمن المثل للأرض خالية من المنشآت.
ثم يقدر ثمن المثل للأرض بعد إقامة المنشآت.
ويكون الفرق ما بين الثمنين هو ما زاد في ثمن الأرض بسبب إقامة المنشآت. وعادة يستعين القاضي في احتساب هذه الزيادة بأهل الخبرة.
والعبرة في تقدير الزيادة في القيمة بوقت استرداد العقار لأن المالك لا يلزم إلا بدفع الزيادة التي يستفيد منها. ولذلك لا تحسب قيمة البناء الذي يهلك بحادث مفاجئ، فهو يهلك على محدثه.
والزيادة الواجب دفعها هي الزيادة الناتجة من البناء أو الغراس، لا الزيادة الناتجة بسبب خارج عن عمل البانی، فالزيادة العادية في القيمة الناشئة لسبب اتساع المدينة التدريجي، لا تدخل في التعويض الذي يجب على المالك دفعه.
للباني أن يطلب نزع ما أقام من منشآت إذا كان ذلك لا يلحق بالأرض ضرراً، ولا يجبر الباني على الانتظار مدة السنة، وهي المدة التي يكون فيها لصاحب الأرض المطالبة بالإزالة أو الاستبقاء لما أقيم، وعندئذ يكون على صاحب الأرض أن يحدد موقفه إما أن يوافق الباني على ما يطلب وإما أن يطلب استبقاء هذه المنشآت مقابل دفع أقل القيمتين قيمتها مستحقة الإزالة أو دفع مبلغ يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثاني عشر، الصفحة/ 253)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السابع والثلاثون ، الصفحة / 57
الشُّرُوطُ الْخَاصَّةُ بِالْخَارِجِ مِنَ الأْرْضِ (قِسْمَةُ الْمَحْصُولِ)
13 - يُقْصَدُ بِالْخَارِجِ مِنَ الأْرْضِ :
الْمَحْصُولُ الَّذِي سَيُقْسَمُ عَلَى أَطْرَافِ عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ.
وَيُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْخَارِجِ مِنَ الأْرْضِ شُرُوطٌ هِيَ:
أ - أَنْ يُبَيِّنَ فِي عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ نَصِيبَ مَنْ لاَ بَذْرَ لَهُ مِنَ الْخَارِجِ مِنَ الأْرْضِ ، فَلَوْ سَكَتَ عَنْهُ فَسَدَتِ الْمُزَارَعَةُ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ، لأِنَّ الْمُزَارَعَةَ اسْتِئْجَارٌ بِبَعْضِ الْخَارِجِ وَالسُّكُوتُ عَنْ ذِكْرِ الأْجْرَةِ مُفْسِدٌ لِلإْجَارَةِ، فَكَذَلِكَ السُّكُوتُ عَنْ ذِكْرِ الْخَارِجِ يُفْسِدُ الْمُزَارَعَةَ، وَقَالُوا - أَيِ الْحَنَفِيَّةُ -: يَجِبُ أَنْ يُبَيِّنَ نَصِيبَ مَنْ لاَ بَذْرَ مِنْ قِبَلِهِ، لأِنَّهُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ أَوْ أَرْضِهِ فَلاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا، وَإِذَا لَمْ يُسَمِّ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ، وَسَمَّى مَا لِلآْخَرِ جَازَ، لأِنَّ مَنْ لاَ بَذْرَ مِنْ قِبَلِهِ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِالشَّرْطِ، أَمَّا صَاحِبُ الْبَذْرِ فَيَسْتَحِقُّ بِمِلْكِهِ الْبَذْرَ فَلاَ يَنْعَدِمُ اسْتِحْقَاقُهُ بِتَرْكِ الْبَيَانِ فِي نَصِيبِهِ، وَإِنْ سَمَّى نَصِيبَ صَاحِبِ الْبَذْرِ وَلَمْ يُسَمِّ مَا لِلآْخَرِ، فَفِي الْقِيَاسِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، لاَ يَجُوزُ، لأِنَّهُ مْ ذَكَرُوا مَا لاَ حَاجَةَ إِلَى ذِكْرِهِ وَتَرَكُوا مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ، وَمَنْ لاَ بَذْرَ مِنْ قِبَلِهِ يَسْتَحِقُّ بِالشَّرْطِ فَبِدُونِ الشَّرْطِ لاَ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، وَلَكِنْ فِي الاِسْتِحْسَانِ عِنْدَهُمْ: الْخَارِجُ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَالتَّنْصِيصُ عَلَى نَصِيبِ أَحَدِهِمَا يَكُونُ بَيَانًا بِأَنَّ الْبَاقِيَ لِلآْخَرِ .
ب - أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ صَاحِبِ الأْرْضِ وَالْمُزَارِعِ، لأِنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْمُزَارَعَةِ، فَلَوْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ مِنَ الأْرْضِ لأِحَدِ هِمَا فَقَطْ، فَسَدَتِ الْمُزَارَعَةُ، لأِنَّ مَعْنَى الشَّرِكَةِ لاَزِمٌ لِهَذَا الْعَقْدِ وَكُلُّ شَرْطٍ يَكُونُ قَاطِعًا لَهَا يَكُونُ مُفْسِدًا لِلْعَقْدِ، فَالْمُزَارَعَةُ تَنْعَقِدُ إِجَارَةً فِي الاِبْتِدَاءِ، وَتَقَعُ شَرِكَةً فِي الاِنْتِهَاءِ، كَمَا ذَكَرْنَا.
ج - أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْضَ الْخَارِجِ مِنَ الأْرْضِ ذَاتِهَا، فَلَوْ شَرَطَا أَنْ تَكُونَ الْحِصَّةُ مِنْ مَحْصُولِ أَرْضٍ أُخْرَى بَطَلَتِ الْمُزَارَعَةُ، لأِنَّهَا اسْتِئْجَارٌ بِبَعْضِ الْخَارِجِ مِنَ الأْرْضِ وَلَيْسَتْ كَالإْجَارَةِ الْمُطْلَقَةِ.
د - أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْبَعْضُ مِنَ الْخَارِجِ مَعْلُومَ الْقَدْرِ، سَوَاءٌ بِالتَّسَاوِي أَوْ بِالتَّفَاوُتِ حَسَبَ الاِتِّفَاقِ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، كَالنِّصْفِ، وَالثُّلُثِ، وَالرُّبُعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، لأِنَّ تَرْكَ التَّقْدِيرِ يُؤَدِّي إِلَى الْجَهَالَةِ الْمُفْضِيَةِ إِلَى الْمُنَازَعَةِ، وَلِهَذَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ مِقْدَارِ الأْجْرَةِ فِي الإْجَارَةِ فَكَذَلِكَ فِي الْمُزَارَعَةِ.
غَيْرَ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ والْحَنَابِلَةَ فِي الْمَذْهَبِ اشْتَرَطُوا التَّسَاوِيَ فِي الرِّبْحِ إِذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْهُمَا مُتَسَاوِيًا، فَإِنْ كَانَ مُتَفَاضِلاً فَعَلَى قَدْرِ بَذْرِ كُلٍّ .
هـ - أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنَ الْخَارِجِ جُزْءًا شَائِعًا مِنَ الْجُمْلَةِ كَالنِّصْفِ أَوِ الثُّلُثِ أَوِ الرُّبُعِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ شَرَطَ لأِحَدِ هِمَا كَمِّيَّةً مُعَيَّنَةً مِنَ الْمَحْصُولِ كَعَشَرَةِ أَرَادِبَّ مِنَ الْقَمْحِ أَوْ خَمْسَةِ قَنَاطِيرَ مِنَ الْقُطْنِ، فَإِنَّ الْعَقْدَ لاَ يَصِحُّ مُطْلَقًا لأِنَّ الْمُزَارَعَةَ فِيهَا مَعْنَى الإْجَارَةِ وَالشَّرِكَةِ - كَمَا سَبَقَ - وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ فِيهَا مَعْنَى الإْجَارَةِ وَالشَّرِكَةِ، فَإِنَّ اشْتِرَاطَ قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنَ الْخَارِجِ لأِحَدِ هِمَا يَنْفِي لُزُومَ مَعْنَى الشَّرِكَةِ، لاِحْتِمَالِ أَنَّ الأْرْضَ لاَ تُخْرِجُ زِيَادَةً عَلَى الْقَدْرِ الْمَعْلُومِ فَلاَ يَبْقَى لِلطَّرَفِ الآْخَرِ شَيْءٌ.
وَكَذَلِكَ إِذَا اشْتَرَطَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ قَدْرُ الْبَذْرِ لِنَفْسِهِ وَالْبَاقِي يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا فَسَدَتِ الْمُزَارَعَةُ لاِحْتِمَالِ أَنَّ الأْرْضَ لاَ تُنْتِجُ إِلاَّ قَدْرَ الْبَذْرِ فَيَكُونُ الْخَارِجُ كُلُّهُ لَهُ، وَيُحْرَمُ الآْخَرُ مِنَ الْمَحْصُولِ، فَيَنْتَفِي مَعْنَى الشَّرِكَةِ، وَلأِنَّ صَاحِبَ الْبَذْرِ فِي الْحَقِيقَةِ شَرَطَ قَدْرَ الْبَذْرِ لَهُ لاَ عَيْنَ بَذْرِهِ، لأِنَّ عَيْنَهُ تَهْلِكُ فِي التُّرَابِ، وَهَذَا الشَّرْطُ لاَ يَصِحُّ، لأِنَّهُ يَكُونُ بِمَثَابَةِ اشْتِرَاطِ كَمِّيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنَ الْمَحْصُولِ لَهُ، وَهَذَا يُفْسِدُ الْمُزَارَعَةَ.
وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا الشَّرْطِ أَيْضًا أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الاِتِّفَاقُ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِصَاحِبِ الأْرْضِ زَرْعُ نَاحِيَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنَ الأْرْضِ ، وَلِلْمُزَارِعِ زَرْعُ النَّاحِيَةِ الأْخْرَى، وَمِثْلُ هَذَا الاِتِّفَاقِ مُفْسِدٌ لِلْمُزَارَعَةِ نَفْسِهَا، وَذَلِكَ كَأَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا لِنَفْسِهِ مَا عَلَى السَّوَاقِي وَالْجَدَاوِلِ إِمَّا مُنْفَرِدًا أَوْ بِالإْضَافَةِ إِلَى نَصِيبِهِ .
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قِيسٍ الأْنْصَارِيِّ قَالَ: «سَأَلْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ رضي الله عنه عَنْ كِرَاءِ الأْرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فَقَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ، إِنَّمَا كَانَ النَّاسُ يُؤَاجِرُونَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيّ صلي الله عليه وسلم عَلَى الْمَاذِيَانَاتِ وَإِقْبَالِ الْجَدَاوِلِ وَأَشْيَاءَ مِنَ الزَّرْعِ فَيَهْلِكُ هَذَا وَيَسْلَمُ هَذَا، وَيَسْلَمُ هَذَا وَيَهْلِكُ هَذَا فَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ كِرَاءٌ إِلاَّ هَذَا، فَلِذَلِكَ زَجَرَ عَنْهُ، فَأَمَّا شَيْءٌ مَعْلُومٌ مَضْمُونٌ فَلاَ بَأْسَ بِهِ» .
وَبِأَنَّ اشْتِرَاطَ زَرْعِ نَاحِيَةٍ مُعَيَّنَةٍ يَمْنَعُ لُزُومَ الشَّرِكَةِ فِي الْعَقْدِ، لأِنَّهُ شَيْءٌ مَعْلُومٌ وَقَدْ يَتْلَفُ زَرْعُ مَا عُيِّنَ لأِحَدِ هِمَا دُونَ الآْخَرِ فَيَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالْغَلَّةِ دُونَ صَاحِبِهِ.
_______________________________________
مجلة الأحكام العدلية
مادة (901) الغصب
الحال الذي هو مساو للغصب في إزالة التصرف حكمه حكم الغصب، كما أن المستودع إذا أنكر الوديعة يكون في حكم الغاصب. وبعد الإنكار إذا تلفت الوديعة في يده بلا بعدٍ يكون ضامناً.
مادة (902) اتباع الأقل في القيمة الأكثر
لو خرج ملك أحد من يده بلا قصد. مثلاً لو سقط جبل بما عليه من الروضة على الروضة التي تحته يتبع الأقل في القيمة الأكثر، يعني صاحب الأرض التي قيمتها أكثر يضمن لصاحب الأقل وَيتملَّك تلك الأرض. مثلاً لو كان قبل الانهدام قيمة الروضة الفوقانية خمسمائة وقيمة التحتانية ألفاً يضمن صاحب الثانية لصاحب الأولى قيمتها ويتملكها كما إذا سقط من يد أحد لؤلؤ قيمته خمسون قرشاً والتقطته دجاجة قيمتها خمسة فصاحب اللؤلؤ يعطي الخمسة ويأخذ الدجاجة.
مادة (903) زوائد المغصوب
زوائد المغصوب لصاحبه، وإذا استهلكها الغاصب يضمنها. وإذا استهلك الغاصب يضمنها. مثلاً إذا استهلك لبن الحيوان أو فلوه الحاصلين حال كون المغصوب في يده أو ثمر البستان المغصوب الذي حصل حال كون المغصوب في يده ضمنها حيث أنها أموال المغصوب منه كذلك أغتصب أحد بيت نحل العسل مع نحلة واستردها المغصوب منه يأخذ أيضاً العسل الذي حصل عند الغصب.