loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس ، الصفحة :   329

1- بعد أن قررت المادة 1357 قرينة في صالح مالك الأرض هي أنه مالك لما فوقها وما تحتها، أصبح عبء الإثبات على من يدعى ملكية بناء أو غراس أو منشآت أخرى والأرض ليست له . فإذا أقام الدليل على أن صاحب الأرض هو غير صاحب المنشآت، فلا تخلو الحال من أحد فروض ثلاثة : إما أن يكون صاحب الأرض هو الباني بأدوات غيره، وإما أن يكون صاحب الأدوات هو الباني في أرض غيره، وإما أن يكون الباني قد بني في أرض غيره وبأدوات غيره.

2- ففي الحالة الأولى : يجوز لصاحب الأدوات أن يطلب نزعها إذا لم يكن في ذلك ضرر يلحق الأرض، ويطلب نزعها في مدة سنة من اليوم الذي يعلم فيه باندماج الأدوات بالمنشآت، ويكون النزع على نفقة صاحب الأرض سواء كان سيء النية أو حسن النية فإن لم يطلب صاحب الأدوات نزعها في خلال هذه السنة، أو طلب ولكن كان في نزعها ضرر يلحق بالأرض، تملك صاحب الأرض الأدوات بالالتصاق، ودفع تعويضاً لصاحب الأدوات يزيد إذا كان صاحب الأرض سيء النية، وهذا الحكم يختلف عن حكم التقنين الحالي في أن هذا التقنين لا يميز بين ما إذا كان نزع المواد يلحق ضرراً بالأرض أو لا يلحق، ففي الحالتين يتمسك صاحب الأرض بالمواد ويدفع قيمتها مع التعويض إن كان له محل، ولا يجوز لصاحب المواد أن يطلب نزعها في أي حال، وواضح أن حكم المشروع وجه العدالة فيه أظهر.

ومفروض فيما تقدم أن صاحب الأرض بني بأدوات بناء، أما إذا كان قد أدخل في بنائه تمثالاً أو أثراً ثميناً أو نحو ذلك مما لا يعتبر من أدوات البناء، فلا يتملكه بالالتصاق مطلقاً، بل يجب نزعه في أي وقت يطلب صاحب التمثال أو الأثر فيه ذلك، ولو بعد السنة، بل ولو أحدث النزع ضرراً جسيماً للبناء.

3 – وفي الحالة الثانية : إذا كان صاحب الأدوات هو الباني في أرض غيره، يجب التفريق بين ما إذا كان سيء النية أو حسن النية فإذا كان سيء النية، أي يعلم أن الأرض ليست مملوكة له، وبني دون رضاء صاحب الأرض، كان لهذا، إذا أثبت ذلك، أن يطلب الإزالة على نفقة الباني وإعادة الشيء إلى أصله مع التعويض إن كان له محل، وذلك في ميعاد سنة من اليوم الذي يعلم فيه بإقامة المنشآت، فإذا مضت السنة، أو إذا لم يختر الإزالة، تلك المنشآت بالالتصاق، و دفع أقل القيمتين قيمة البناء مستحقاً للإزالة أو ما زاد في ثمن الأرض بسبب البناء فإذا لم يدفع أقل القيمتين كان للباني أن يلزمه بالدفع، إلا إذا اختار نزع الأدوات المملوكة له، مادام ذلك لا يلحق بالأرض ضرراً ( مادة 1359 من المشروع وهي توافق مادة 65 فقرة 1 و 2 من التقنين الأهلى إلا في تفصيلات أهمها ميعاد السنة وجواز مطالبة الباني بنزع الأدوات إذا لم يلحق الأرض ضرر من ذلك).

وإن كان الباني حسن النية، بأن كان يعتقد أن الأرض مملوكة له، وهذا مفروض إلا إذا قام الدليل على العكس، أو كان قد حصل على ترخيص من مالك الأرض ولم يحصل اتفاق على مصير المنشآت، كما هو حال المستأجر (أنظر م 793 فقرة أولى من المشروع)، فلا يجوز لصاحب الأرض طلب الإزالة، ويمتلك المواد بالالتصاق، ويخير بين دفع قيمة المواد وأجرة العمل، أو دفع مازاد في قيمة الأرض بسبب البناء . وإذا كانت قيمة المنشآت قد بلغت حداً من الجسامة لا يستطيع معه أن يؤدي ما هو مستحق عنها فإن له أن يطلب تمليك الأرض للباني في نظير تعويض عادل  هذا كله إلا إذا طلب الباني نزع الأدوات، ولم يكن نزعها يلحق بالأرض ضرراً جسيماً ( مادة 1360-  1361 من المشروع، وتختلفان مع المادة 65 فقرة 3 من التقنين الأهلى فى أن المشروع عرض لفرض ما إذا كان الباني يعلم أن الأرض مملوكة لغيره، ولكن أقام المنشآت بترخيص من صاحب الأرض، وكذلك أعطى المشروع للباني حق المطالبة بنزع الأدوات، وأعطى لصاحب الأرض الحق في تمليك الأرض للباني في نظير تعويض عادل، وهذان حقان سكت عنهما التقنين الحالي ).

وفي الفروض المتقدمة إذا تملك صاحب الأرض الأدوات بالالتصاق، وجب عليه أن يدفع التعويض للباني وفقاً للأحكام المتقدمة الذكر ويجوز للقاضي بناء على طلب صاحب الأرض، أن يقرر مايراه مناسباً للوفاء بهذا التعويض، وله أن يقضي بأن يكون الوفاء على أقساط دورية بشرط تقديم الضمانات اللازمة، ولصاحب الأرض أن يتحلل من تقديم الضمان، إذا هو وفي مالاً توازي فوائده بالسعر القانوني قيمة هذه الأقساط ( مادة 1362 من المشروع وهي تحيل على مادة 1434، فيرجع إلى المذكرة الإيضاحية بشأن هذه المادة ).

4 - وفي الحالة الثالثة : إذا كان الباني قد بني في أرض غيره و بأدوات غيره، يرجع صاحب الأدوات على الباني بالتعويض من أجل الأدوات، ويرجع البانی على صاحب الأرض بالتعويض وفقاً للأحكام السابقة، ويكون لصاحب الأدوات على صاحب الأرض دعوى مباشرة بقدر ما في ذمة صاحب الأرض للباني ( مادة 1365 من المشروع وتوافق مادة 66 من التقنين الأهلى مع غموض في عبارة هذا التقنين ).

5- ولا تنطبق الأحكام المتقدمة على الأكشاك والحوانيت والمآوي التي تقام على أرض الغير ولم يكن مقصوداً بقاؤها على الدوام . فهذه لا تملك بالالتصاق بل تبقى ملكاً لمن أقامها، ويكلف هذا إذا كان معتدياً بالإزالة وبالتعويض (م 1364 من المشروع وهي مأخوذة من المادة 677 من التقنين السويسري ) .

6- واستثناء من الأحكام المتقدمة، إذا جار الباني بحسن نية على أرض الجار، وكان يبني في أرضه فجاوزها إلى جزء صغير ملاصق له من أرض جاره، وبنی بناء ضخماً لو طبقت عليه الأحكام المتقدمة لأصبح جزء من هذا البناء الضخم ملكاً للجار، فإن الباني أن يجبر الجار على أن ينزل له عن ملكية الجزء المشغول بالبناء في نظير تعويض عادل ويلاحظ في تطبيق هذا الحكم شرطان أولهما أن الباني إنما يبني أصلاً في أرضه وقد جاوزها إلى جزء صغير ملاصق، والثاني أن هذه المجاوزة من الباني قد وقعت بحسن نية وقد جرى القضاء المصري على هذا المبدأ دون أن يستند إلى نص، فقنن المشروع (م 1363) هذا القضاء العادل، ودعمه بالنص الذي ينقصه .

الأحكام

1- إن التعويض العادل الذى يمنح لصاحب الأرض مقابل تنازله لجاره عن ملكية الجزء المشغول بالبناء وعلى ما جرى به نص المادة 928 من القانون المدنى هو مقابل استبقاء المبانى دون إزالة وذلك على شرط أن يكون الجار صاحب البناء حسن النية عند البناء على الجزء الملاصق لأرضه وأن حسن النية يفترض ما لم يقم الدليل على العكس أو تقوم أسباب تحول حتما دون قيام هذا الافتراض .

(الطعن رقم 3253 لسنة 74 جلسة 2005/03/13)

2- مؤدى نص المادة 928 من القانون المدنى وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة وأفصحت عنه المذكرة الإيضاحية أنه إذا كان مالك الأرض وهو يقيم عليها بناء قد جاوزها إلى جزء صغير من الأرض مملوك للجار الملاصق وكانت هذه المجاورة من البانى قد وقعت بحسن نية فإنه يجوز للقاضى استثناء من قواعد الالتصاق التى تقضى بتمليك هذا الجزء من البناء لصاحب الأرض أن يجبره على أن ينزل للبانى عن ملكية الجزء المشغول بالبناء مقابل تعويض عادل، لما كان ذلك وكان الطاعنون قد تمسكوا فى دفاعهم أمام محكمة الاستئناف بامتلاكهم الفناء موضوع النزاع بموجب عقود مسجلة ترتد إلى العقد الصادر لهم بالمسجل رقم 4032 لسنة 1969 توثيق المنصورة وبوضع يدهم عليه المدة الطويلة المكسبة للملكية أو المقترن بحسن النية والسبب الصحيح وبأنهم كانوا حسنى النية حين أقاموا البناء وفتحوا المطلات وقاموا بإيداع ثمن الجزء المشغول بالبناء خزينة المحكمة بما يمتنع معه الحكم بالإزالة، وأن المطعون ضدهم استندوا فى ملكيتهم لهذا الفناء إلى مجرد حكم تثبيت الملكية رقم 235 لسنة 1938 مدنى بندر المنصورة لم يسجل ولم يقترن بوضع اليد ولم يصدر فى مواجهة سلفهم، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتثبيت ملكية المطعون ضدهم للفناء وإزالة البناء وسد المطلات أخذا بتقارير الخبراء رغم تباين نتائجها فى شأن ملكية هذا الفناء مع ما أقر به مورث المطعون ضدهم فى الدعوى رقم 235 لسنة 1938 مدنى بندر المنصورة من أنه مملوك له وللسلف الأول للطاعنين بالاشتراك بينهما وأنه مخصص لمنفعة عقاريهما دون أن يتضمن أسبابه ما يزيل هذا التباين أو يستجب إلى طلب الطاعنين إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات ملكيتهم لهذا الفناء بالتقادم الطويل أو القصير المقترن بحسن النية والسبب الصحيح، أو يعرض لما تمسكوا به بشأن حسن نيتهم فى إقامة المنشآت والمطلات مع أنه دفاع جوهرى من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأى فى الدعوى فإنه يكون معيباً بالقصور فى التسبيب.

(الطعن رقم 4334 لسنة 62 جلسة 1994/05/18 س 45 ع 1 ص 861 ق 165)

3- مؤدى نص المادة 928 من القانون المدنى - وعلى ما أوضحته المذكرة الإيضاحية لهذا القانون - أنه إذا كان مالك الأرض و هو يقيم بناء عليها قد جاوزها بحسن نية إلى جزء صغير من أرض ملاصقة جاز للمحكمة إذا رأت محلاً لذلك - أن تجبر صاحب هذه الأرض على أن ينزل للبانى عن ملكية الجزء المشغول بالبناء - فى نظير تعويض عادل - وذلك إستثناء من القواعد العامة التى لا تجيز نزع الملكية لمنفعة خاصة ، وقواعد الإلتصاق التى تقرر لصاحب الأرض الحق فى أن يتملك البناء أو يطلب إزالته وحسن النية يفترض ما لم يقم الدليل على العكس أو تقوم أسباب تحول حتماً دون قيام هذا الإفتراض ، والمقصود بحسن النية فى تطبيق هذا النص الإستثنائى أن يعتقد الباقى إعتقاداً جازماً و مبرراً أثناء البناء أنه يبنى على أرضه ولا يجاوزها إلى أرض جاره وهو يقتضى أن يكون قد بذل كل ما هو مألوف من جهد للتحقق من حدود أرضه و لم يخطىء فى ذلك عن رعونه أو لامبالاة أو تقصير ، سواء قبل البدء فى إقامة البناء أو فور تنبيهه إلى المجاوزة أثناء إقامته فإذا أفادت ظروف الدعوى وملابساتها أدنى شك فى ذلك أمتنع إفتراض حسن النية ووجب إعتبار البانى سيىء النيه .

(الطعن رقم 1374 لسنة 53 جلسة 1987/06/16 س 38 ع 2 ص 837 ق 177)

4- يدل نص المادة الخامسة من القانون المدنى على أن مناط التعسف فى استعمال الحق الذى يجعله محظوراً باعتباره إستعمالا غير مشروع له هو تحقق إحدى الصور المحددة على سبيل الحصر فى المادة الخامسة سالفة الذكر والتى تدور كلها حول قصد صاحب الحق من استعماله لحقه أومدى أهمية أو مشروعية المصالح التى يهدف إلى تحقيقها و ذلك دون نظر إلى مسلك خصمه إزاء هذا الحق ، وإذ كان دفاع الطاعن لدى محكمة الإستئناف قد قام على تعسف المطعون ضدها فى طلبها طرده من الأرض محل النزاع - وهى شريط ضيق يخترق أرضه - وإزالة ما عليها من بناء على سند من أنها لم تبغ من دعواها سوى الإضرار به وأن مصلحتها فى إسترداد هذه الأرض - إن توافرت - قليلة الأهمية بالنسبة للأضرار التى تلحق به من جراء إزالة ما أقامه عليها من بناء ، فإن الحكم المطعون فيه إذ إلتفت عن هذا الدفاع لمجرد القول بأن الطاعن استولى بغير حق على أرض المطعون ضدها وأقام بناء عليها يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.

(الطعن رقم 1244 لسنة 54 جلسة 1985/04/04 س 36 ع 1 ص 545 ق 114)

5- مؤدى نص المادة 928 من القانون المدني ، وعلى ما أوضحته المذكرة الإيضاحية أنه إذا كان مالك الأرض وهو يقيم عليها بناء قد جاوزها إلى جزء صغير من الأرض مملوك للجار الملاصق وكانت هذه المجاورة من المباني قد وقعت بحسن نية ، فإنه يجوز للقاضي استثناء من قواعد الالتصاق التي تقضي بتمليك هذا الجزء من البناء لصاحب الأرض الملاصقة أن يجبره على أن ينزل للباني عن ملكية الجزء المشغول بالبناء مقابل تعويض عادل ، ولما كان الثابت فى الدعوى أن الطاعن قد تمسك فى دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأنه كان حسن النية حين أقام المباني على الدكان الذي تدعي المطعون عليهن ملكيته، ولم يجاوز ملكه إلا فى مساحة صغيرة وأنه لا يجوز فى هذه الحالة القضاء بإزالة المباني وإنما يقتصر حق المطعون عليهن على المطالبة بالتعويض وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإزالة هذه المباني دون أن يعرض لدفاع الطاعن سالف البيان ويعنى بالرد عليه ، مع أنه دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يغير وجه الرأي فى الدعوى ، لما كان ذلك فإن الحكم يكون مشوباً بقصور يبطله .

(الطعن رقم 615 لسنة 39 جلسة 1974/12/31 س 25 ع 1 ص 1562 ق 264)

6- يشترط لتطبيق المادة 928 من القانون المدنى أن يكون مالك الأرض وهو يقيم عليها بناء قد جار بحسن نية على جزء من الأرض الملاصقة فشغله بالبناء ، وإذ كان الثابت من تقرير الخبير الذى أخذ به الحكم المطعون فيه أن قطعة الأرض موضوع النزاع عبارة عن أرض فضاء ليس عليها أى بناء للطاعنة ، فإنه لا يكون محل لتطبيق المادة المذكورة ولا على محكمة الموضوع أن هى إلتفتت عن هذا الطلب بعد أن سجلت فى حكمها أن الأرض فضاء .

(الطعن رقم 17 لسنة 36 جلسة 1970/03/19 س 21 ع 1 ص 484 ق 78)

7- إذا كان الحكم الصادر بندب خبير قد حسم النزاع القائم بين الطرفين فى خصوص إنطباق المادة 928 من القانون المدنى و قطع بأنها هى الواجبة التطبيق على موضوع النزاع لتوافر شروط إعمال أحكامها و أفصح صراحة تبعاً لذلك عن أن حق الطاعن قاصر على تعويض الضرر الذى لحقه من تعدى المطعون ضده على جزء من ملكه ببنائه فيه ، و لم يبق سوى الفصل فى مقدار التعويض حتى يقدم الخبير تقريره فى هذا الشأن ، وإذ يعد هذا من الحكم فصلاً قطعياً فى شق من الموضوع كان مثار نزاع بين الخصوم و أنهى الخصومة فى شأنه بحيث لا يجوز للمحكمة إعادة النظر فيه ، فإن هذا الحكم ، وفقا" لنص المادة 378 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - هو مما يجوز الطعن فيه على إستقلال لإشتماله على قضاء فى الموضوع .

(الطعن رقم 277 لسنة 33 جلسة 1967/02/28 س 18 ع 1 ص 504 ق 76)

شرح خبراء القانون

تنص المادة 928 مدني على ما يأتي :

"إذا كان مالك الأرض وهو يقيم عليها بناء قد جار بحسن نية على جزء من الأرض الملاصقة، جاز للمحكمة إذا رأت محلاً لذلك أن تجبر صاحب هذه الأرض على أن ينزل لجاره عن ملكية الجزء المشغول بالبناء، وذلك في نظير تعويض عادل.

ويفرض هذا النص أن أرضاً بنى عليها مالكها، وفي أثناء البناء جاوز، دون أن يتنبه لذلك، حدود ملكه إلى جزء صغير من الأرض الملاصقة لأرضه، فامتد البناء إلى هذا الجزء الصغير وقد يكون ذلك، كما هو الغالب، لعدم ظهور الحدود وابهامها ما بين الجيران وهذا فرض يدخل في نطاق أحكام الالتصاق . فالباني قد بنى بحسن نية في هذا الجزء الصغير الملاصق لأرضه، فيكون قد بنى في ملك غيره . وكان مقتضى تطبيق أحكام الالتصاق في هذا الفرض أن يتملك الجار الملاصق الجزء من البناء المقام على هذا الجزء الصغير من أرضه بالالتصاق، وذلك بأدنى القيمتين، قيمة ما أنفقه الباني في هذا الجزء من البناء وقيمة ما زاد في الجزء الصغير الملاصق بسبب البناء وكلا القيمتين تافه إزاء التضحية التي يتحملها الباني من أن يكون جزء لا يتجزأ من بنائه مملوكاً لجاره بالالتصاق وإذا جاز للباني وهو حسن النية أن ينزع البناء من الجزء الملاصق، فإن تضحيته تكون تضحية أكبر وإذا جاز للجار الملاصق أن يملك هذا الجزء الصغير من الأرض لصاحب البناء، فإن هذا هو حق للجار الملاصق لا التزام عليه، ولا يستطيع الباني أن يجبره على استعماله والحل العادل في هذا الفرض هو جواز إجبار الجار الملاصق على أن ينزل عن ملكية هذا الجزء الصغير من أرضه المشغول بالبناء لجاره الباني في نظير تعويض عادل . ولكن هذا الحل العادل يخالف أحكام الالتصاق كما رأينا، ومع ذلك فقد كان القضاء المصري يجري عليه في عهد التقنين المدني السابق أخذاً بمقتضيات العدالة وكان ينقصه أن يستند إلى نص في ذلك يستثنى هذا الفرض من أحكام الالتصاق، ويجعل الحكم فيه هو هذا الحكم العادل.

وقد أوجد التقنين المدني الجديد هذا النص العادل، وهو المادة 928 مدني سالفة الذكر ويجب لتطبيقها توافر شرطين : (1) أن يكون الباني إنما يبني أصلاً في أرضه، وقد جاوزها إلى جزء صغير من الأرض مملوك للجار الملاصق . (2) أن تكون هذه المجاوزة من الباني قد وقعت بحسن نية .

فإذا توافر هذان الشرطان، جاز للقاضي ألا يجري أحكام الالتصاق، وأن يستثنى هذا الفرض من هذه الأحكام . وبدلاً من أن يملك الجزء من البناء لصاحب الجزء الصغير من الأرض الملاصق، يملك هذا الجزء الصغير من الأرض لصاحب البناء، وذلك في نظير تعويض عادل يقدره الخبير عند الاقتضاء ويلاحظ أن هذا أمر جوازي للقاضي وخاضع لتقديره،  فإذا رأى من ظروف القضية ومن حسن نية الباني ومن صغر الجزء من الأرض الملاصقة المشغول بالبناء ما يشفع في الأخذ بهذا الحكم الذي يخرج فيه على أحكام الالتصاق، جاز له أن يستثنى هذا الفرض، وبدلاً من أن يخضعه لأحكام الالتصاق يخضعه لهذا الحكم العادل  . (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ التاسع، المجلد/ الأول، الصفحة/ 425)

إذا جار البانی بحسن نية على جزء من الأرض المجاورة، جاز له تملك هذا الجزء نظير تعويض عادل وبناء على طلب الخصم فليس للمحكمة أن تقضي بذلك من تلقاء نفسها، ويشترط للقضاء بذلك :

1- أن نكون بصدد بناء يشيده البانی فی ملكه.

 2 - أن يكون الجزء الذي جار عليه يسيراً.

٣- أن يتم ذلك بحسن نية بان يعتقد أنه يبني في ملكه، فإن ساءت نيته خاصة إذا نبهه الجار إلى ذلك فإنه يتعين تطبيق أحكام المادة 924 فيكون للجار طلب إزالة البناء الذي يشغل أرضه أو تملكه بأدنى القيمتين قيمته مستحق الهدم أو قيمة ما زاد في أرضه بسبب البناء، فيتضمن النص استثناء من أحكام الالتصاق ومتى توافرت الشروط السابقة، جاز للمحكمة أن تجبر مالك الأرض على أن ينزل عن الجزء المشغول بالبناء لجاره وهذا أمر جوازی لها وتقدر له تعويضاً قد يكون أكبر من قيمة الأرض المشغولة مستهدية بأثر انتزاع هذا الجزء بالنسبة لباقي الارض فان لم يكن مؤثراً قدرت التعويض بقيمة الأرض وقت البناء.

والعبرة بتوافر حسن النية وقت البناء أي عند البدء فيه في الجزء المملوك للجار، ولا تأثير لتوافر سوء النية بعد ذلك، طالما بدء في البناء، فإن لم يكن قد بدء فيه، وتجاوز البانی حدود ملكه في أعمال حفر الأساسات، فعارضه الجار، سواء بتحرير محضر بالشرطة أو بتوجيه إنذار يحذره فيه من تجاوز ملكه عند البناء ورغم ذلك بدأ في البناء، فإنه يكون سيء النية.

وأن كان حسن النية مفترضاً، فإن مناط ذلك عدم وجود أسباب تقطع بسوء نية الباني، فيصبح معها سيء النية، كما في المثال المتقدم، أو كان الجزء الذي جار عليه مبنياً ووضع الباني الأساس على نحو يحتم هدم جزء من بناء الجار عند الإرتفاع فوق الأساس، وأيضاً إذا التزم البانی حدود ملكه عند إرتفاعه بالبناء حتى ارتفاع بناء الجار ثم تجاوز بعد ذلك حدود ملكه وجار على ملك جاره.

وحتى تسرى المادة 928 من القانون المدني، يجب أن يكون الجزء المسلوب صغيراً، وتلك مسألة واقع يستقل بتقديرها قاضي الموضوع، ويختلف التقدير من واقعة إلى أخرى، فقد تكون المجاوزة أكثر من متر، وتعتبرها المحكمة صغيرة إذا كانت الأرض متسعة، وقد تعتبرها كبيرة بالنظر إلى مساحة الأرض فتقضى بالإزالة دون اعتداد بالأضرار التي قد تلحق بالمباني طالما كان سيء النية، ولا يعتبر الجار قد أساء استعمال حقه في طلب الإزالة، إذ لا تسرى نظرية إساءة استعمال الحق إذا توافر سوء النية في الاعتداء على ملك الغير.

ومتى قضت المحكمة بإلزام صاحب الأرض بالنزول لجاره عن ملكية الجزء المشغول بالبناء محددة مساحته، فإن ملكية هذا الجزء لا تنتقل إلى الباني إلا بتسجيل هذا الحكم، فإن لم يتم تسجيله واستمر البناء خمس عشرة سنة، تملك البانی هذا الجزء بالتقادم، فإن تهدم البناء قبل ذلك، ظلت للحكم حجيته لكن إذا باع صاحب الأرض أرضه بما فيها هذا الجزء وسجل المشتري عقده قبل تسجيل الحكم تملك كل الأرض بما فيها هذا الجزء .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الثاني عشر، الصفحة/ 375)

تتحقق هذه الحالة بتوافر شروط ثلاثة هي:

1- أن يكون مالك الأرض قد أقام عليها بناء.

فلا يتوافر الشرط إذا لم يقم الباني بأي بناء على أرضه وإنما بني جزءاً يسيراً من أرض الجار أو يكون البناء قد أقيم على أرض الجار مباشرة وكان تابعاً لبناء أقامه الباني على أرضه كجراج ملحق بمنزله.

فالشارع يواجه الصورة الغالبة وهي التعدي على أرض الجار بسبب عدم وضوح الحدود بين الجيران. فلفظ "جار "يفيد أن البناء أصلاً كان على أرض البانی وبمناسبة ذلك البناء حدث التعدي على الأرض الملاصقة. أما من يبني على أرض جاره فقط أياً كان مقدار التعدي فإنه يخضع لأحكام الالتصاق.

2- أن ينحصر نطاق التعدي في جزء يسير من الأرض المجاورة.

ولا يتم تحديد هذا القدر على أساس المقارنة بين الأرض التي أقيم عليها البناء والجزء الذي اعتدى عليه من أرض الجار، وإنما بالنظر فقط إلى مساحة الجزء الذي تم التعدي عليه في إطار مساحة أرض الجار المعتدى عليه.

وعادة ما يتمثل هذا الجزء اليسير في عدة أمتار أقيم عليها حائط للجار أو امتدت إليه أساسات البناء الذي يقوم به الباني أما إذا امتد التعدى إلى جزء كبير من الأرض فلا تطبق المادة 928.

ولا يلزم أن تكون قيمة البناء أزيد من قيمة الأرض أو تتناسب القيمتان إلى حد بعيد فالمعيار الذي اعتمده المشرع هو معیار مساحي أساساً أي أن يكون الجزء المعتدى عليه يسيراً أما مسألة القيمة فقد يأخذها القاضي في اعتباره عن تقدير التمليك من عدمه.

وتقدير مدى جسامة التعدي يخضع لتقدير قاضي الموضوع.

3- أن تكون هذه المجاوزة من الباني قد وقعت بحسن نية فيجب أن يعتقد البانی أنه يبني على أرض مملوكة له أو يحق له على الأقل البناء فيها فهذه المادة تواجه صورة إبهام وغموض الحدود بين الملاك المتجاورين .

والعبرة في توافر حسن النية بوقت البناء ولو زال بعد ذلك.

ولا يعد البانی حسن النية إذا نبهه الجار إلى هذا التعدي فتمادى فيه رغم ذلك ومن ثم يجبر على إزالة ما أقامه من بناء في أرض غيره، بصرف النظر عن مدى الضرر الذي يلحقه من جراء الإزالة.

إذا قضى القاضي بتمليك أرض الجار الباني، فإن التمليك يقتصر على الجزء المشغول بالبناء كصریح نص المادة 928 مدنی، فلا يجوز تمليك الباني أي مساحة أخرى لأي سبب كان وعلة ذلك واضحة وهي أن هذه المادة أتت بحكم استثنائی مخالف للقواعد العامة التي لا تجيز نزع الملكية لمنفعة خاصة، ومن ثم لا يجوز التوسع في تطبيقها بحال من الأحوال.

يجب السريان حكم المادة 928 أن يكون التعدي بسبب إقامة بناء، فلا تسري المادة في حالة إقامة غراس فالنص لم يذكر إلا البناء. ويرجع ذلك إلى أن التعدى المقصود في النص هو الذي يحدث عندما يقيم الباني أصلاً بناء على أرضه، بحيث يكون البناء ما أقيم منه على أرض الباني وما أقيم على أرض الجار، كلاً واحداً مترابطاً ومتكاملاً والمساس بجزء منه يؤدي إلى تهدم البناء بأكمله أما الغراس فإنها بحكم طبيعتها لا تقبل أن يكون الغارس قد تعدى على أرض الجار وهو يقيمها أصلاً على أرضه. فالغراس تتكون من شجيرات يمكن أن تقوم كل واحدة منها بأكملها في حيز ضيق، ومن ثم فإن التعدي على أرض الجار يكون بإنشاء غراس جديدة وليس بامتداد الغراس التي أقامها الغارس أصلاً على أرضه. وينبني على ذلك أن إزالة ما أقيم في أرض الجار لا يمس إطلاقاً ما أقيم في أرض الغارس.

والمقصود بالتعويض العادل هو تعويض يتفق مع الظروف الملابسة لكل حالة على حدة حتى يحقق العدالة في الحالة الخاصة. فلا يلزم أن يقدر التعويض طبقاً لقواعد الالتصاق، أو بقيمة الجزء المشغول بالبناء، بل تراعي المحكمة جبر كافة الأضرار التي يتعرض لها المالك من جراء فقده لملكه. فيجب علاوة على قيمة الأرض تعويض ما عسى أن يصيب المالك من أضرار من جراء حرمانه من هذا الجزء اليسير من ملكه. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/  الثاني عشر، الصفحة/ 298)

الفقه الإسلامي

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

مادة 896

اذا كان صاحب الأرض ، وهو يقوم عليها بناء ، قد جار بحسن نية على جزء صغير من الأرض الملاصقة ، جاز للمحكمة أن تقضي بتمليك الجزء المشغول بالبناء نظير مقابل عادل.

هذه المادة تتفق مع المادة ۹۲۸ من التقنين الحالي .

وقد أدخلت على هذه المادة تعديلات لفظية : وأضيفت كلمة :صغير ، بعد كلمة . جزء ، ليكون ذلك دليلاً على حسن النية . واستبدلت عبارة : مقابل عادل ، في نهاية النص بعبارة ( تعویض عادل والمقصود بالنص على المقابل العادل ألا يتقيد القاضي بقيمة الجزء الصغير من الأرض الملاصقة ، وانما يراعى كافة الظروف التي تحيط بالحالة المعروضة عليه .

انظر المذكرة الايضاحية المادة المقابلة في المشروع التمهيدي للتقنين الحالى (م 1363 ) في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 6 ص ۳۳۲.

والمادة المقترحة تطابق المادة 885 من التقنين الكويتي .

وحكمها يتفق مع قواعد الفقه الإسلامي ، فقد تقدم أن المادة 906 من المجلة تنص في شطرها الأخير على ما يأتی : ۰۰۰۰ ولكن لو كانت قيمة الأشجار أو البناء ازيد من قيمة الأرض ، و كان انشا أو غرس بزعم سبب شرعي ، كان حينئذ لصاحب البناء أو الأشجار أن يعظی قيمة الأرض ويتملكها .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجلة الأحكام العدلية

مادة (906) الأرض المغصوبة

إن كان المغصوب أرضاً وكان الغاصب أنشأ عليها بناء أو غرس فيها اشجاراً يؤمر الغاصب بقلعها وان كان القلع مضراً بالأرض فللمغصوب منه أن يعطي قيمته البناء أو الغرس مستحق القلع ويتملكه ويضبط الأرض ولكن لو كانت قيمة الأشجار أو البناء أزيد من قيمة الأرض وكان قد أنشأ أو غرس بزعم سبب شرعي كان حينئذ لصاحب البناء أو الأشجار أن يعطي قيمة الأرض ويتملكها. مثلاً لو أنشأ أحد على العرصة الموروثة له من والده بناء بمصرف أزيد من قيمة العرصة ثم ظهر لها مستحق فالباني يعطي قيمة العرصة ويضبطها.