1- بعد أن قررت المادة 1357 قرينة في صالح مالك الأرض هي أنه مالك لما فوقها وما تحتها، أصبح عبء الإثبات على من يدعى ملكية بناء أو غراس أو منشآت أخرى والأرض ليست له . فإذا أقام الدليل على أن صاحب الأرض هو غير صاحب المنشآت، فلا تخلو الحال من أحد فروض ثلاثة : إما أن يكون صاحب الأرض هو الباني بأدوات غيره، وإما أن يكون صاحب الأدوات هو الباني في أرض غيره، وإما أن يكون الباني قد بني في أرض غيره وبأدوات غيره.
2- ففي الحالة الأولى : يجوز لصاحب الأدوات أن يطلب نزعها إذا لم يكن في ذلك ضرر يلحق الأرض، ويطلب نزعها في مدة سنة من اليوم الذي يعلم فيه باندماج الأدوات بالمنشآت، ويكون النزع على نفقة صاحب الأرض سواء كان سيء النية أو حسن النية فإن لم يطلب صاحب الأدوات نزعها في خلال هذه السنة، أو طلب ولكن كان في نزعها ضرر يلحق بالأرض، تملك صاحب الأرض الأدوات بالالتصاق، ودفع تعويضاً لصاحب الأدوات يزيد إذا كان صاحب الأرض سيء النية، وهذا الحكم يختلف عن حكم التقنين الحالي في أن هذا التقنين لا يميز بين ما إذا كان نزع المواد يلحق ضرراً بالأرض أو لا يلحق، ففي الحالتين يتمسك صاحب الأرض بالمواد ويدفع قيمتها مع التعويض إن كان له محل، ولا يجوز لصاحب المواد أن يطلب نزعها في أي حال، وواضح أن حكم المشروع وجه العدالة فيه أظهر.
ومفروض فيما تقدم أن صاحب الأرض بني بأدوات بناء، أما إذا كان قد أدخل في بنائه تمثالاً أو أثراً ثميناً أو نحو ذلك مما لا يعتبر من أدوات البناء، فلا يتملكه بالالتصاق مطلقاً، بل يجب نزعه في أي وقت يطلب صاحب التمثال أو الأثر فيه ذلك، ولو بعد السنة، بل ولو أحدث النزع ضرراً جسيماً للبناء.
3 – وفي الحالة الثانية : إذا كان صاحب الأدوات هو الباني في أرض غيره، يجب التفريق بين ما إذا كان سيء النية أو حسن النية فإذا كان سيء النية، أي يعلم أن الأرض ليست مملوكة له، وبني دون رضاء صاحب الأرض، كان لهذا، إذا أثبت ذلك، أن يطلب الإزالة على نفقة الباني وإعادة الشيء إلى أصله مع التعويض إن كان له محل، وذلك في ميعاد سنة من اليوم الذي يعلم فيه بإقامة المنشآت، فإذا مضت السنة، أو إذا لم يختر الإزالة، تلك المنشآت بالالتصاق، و دفع أقل القيمتين قيمة البناء مستحقاً للإزالة أو ما زاد في ثمن الأرض بسبب البناء فإذا لم يدفع أقل القيمتين كان للباني أن يلزمه بالدفع، إلا إذا اختار نزع الأدوات المملوكة له، مادام ذلك لا يلحق بالأرض ضرراً ( مادة 1359 من المشروع وهي توافق مادة 65 فقرة 1 و 2 من التقنين الأهلى إلا في تفصيلات أهمها ميعاد السنة وجواز مطالبة الباني بنزع الأدوات إذا لم يلحق الأرض ضرر من ذلك).
وإن كان الباني حسن النية، بأن كان يعتقد أن الأرض مملوكة له، وهذا مفروض إلا إذا قام الدليل على العكس، أو كان قد حصل على ترخيص من مالك الأرض ولم يحصل اتفاق على مصير المنشآت، كما هو حال المستأجر (أنظر م 793 فقرة أولى من المشروع)، فلا يجوز لصاحب الأرض طلب الإزالة، ويمتلك المواد بالالتصاق، ويخير بين دفع قيمة المواد وأجرة العمل، أو دفع مازاد في قيمة الأرض بسبب البناء . وإذا كانت قيمة المنشآت قد بلغت حداً من الجسامة لا يستطيع معه أن يؤدي ما هو مستحق عنها فإن له أن يطلب تمليك الأرض للباني في نظير تعويض عادل هذا كله إلا إذا طلب الباني نزع الأدوات، ولم يكن نزعها يلحق بالأرض ضرراً جسيماً ( مادة 1360- 1361 من المشروع، وتختلفان مع المادة 65 فقرة 3 من التقنين الأهلى فى أن المشروع عرض لفرض ما إذا كان الباني يعلم أن الأرض مملوكة لغيره، ولكن أقام المنشآت بترخيص من صاحب الأرض، وكذلك أعطى المشروع للباني حق المطالبة بنزع الأدوات، وأعطى لصاحب الأرض الحق في تمليك الأرض للباني في نظير تعويض عادل، وهذان حقان سكت عنهما التقنين الحالي ).
وفي الفروض المتقدمة إذا تملك صاحب الأرض الأدوات بالالتصاق، وجب عليه أن يدفع التعويض للباني وفقاً للأحكام المتقدمة الذكر ويجوز للقاضي بناء على طلب صاحب الأرض، أن يقرر مايراه مناسباً للوفاء بهذا التعويض، وله أن يقضي بأن يكون الوفاء على أقساط دورية بشرط تقديم الضمانات اللازمة، ولصاحب الأرض أن يتحلل من تقديم الضمان، إذا هو وفي مالاً توازي فوائده بالسعر القانوني قيمة هذه الأقساط ( مادة 1362 من المشروع وهي تحيل على مادة 1434، فيرجع إلى المذكرة الإيضاحية بشأن هذه المادة ).
4 - وفي الحالة الثالثة : إذا كان الباني قد بني في أرض غيره و بأدوات غيره، يرجع صاحب الأدوات على الباني بالتعويض من أجل الأدوات، ويرجع البانی على صاحب الأرض بالتعويض وفقاً للأحكام السابقة، ويكون لصاحب الأدوات على صاحب الأرض دعوى مباشرة بقدر ما في ذمة صاحب الأرض للباني ( مادة 1365 من المشروع وتوافق مادة 66 من التقنين الأهلى مع غموض في عبارة هذا التقنين ).
5- ولا تنطبق الأحكام المتقدمة على الأكشاك والحوانيت والمآوي التي تقام على أرض الغير ولم يكن مقصوداً بقاؤها على الدوام . فهذه لا تملك بالالتصاق بل تبقى ملكاً لمن أقامها، ويكلف هذا إذا كان معتدياً بالإزالة وبالتعويض (م 1364 من المشروع وهي مأخوذة من المادة 677 من التقنين السويسري ) .
6- واستثناء من الأحكام المتقدمة، إذا جار الباني بحسن نية على أرض الجار، وكان يبني في أرضه فجاوزها إلى جزء صغير ملاصق له من أرض جاره، وبنی بناء ضخماً لو طبقت عليه الأحكام المتقدمة لأصبح جزء من هذا البناء الضخم ملكاً للجار، فإن الباني أن يجبر الجار على أن ينزل له عن ملكية الجزء المشغول بالبناء في نظير تعويض عادل ويلاحظ في تطبيق هذا الحكم شرطان أولهما أن الباني إنما يبني أصلاً في أرضه وقد جاوزها إلى جزء صغير ملاصق، والثاني أن هذه المجاوزة من الباني قد وقعت بحسن نية وقد جرى القضاء المصري على هذا المبدأ دون أن يستند إلى نص، فقنن المشروع (م 1363) هذا القضاء العادل، ودعمه بالنص الذي ينقصه .
تنص المادة 929 مدني على ما يأتي :
"المنشآت الصغيرة، كالأكشاك والحوانيت والمأوى التي تقام على أرض الغير دون أن يكون مقصوداً بقاؤها على الدوام، تكون ملكاً لمن أقامها .
وهذا استثناء آخر من أحكام الالتصاق، اقتبس من المادة 677 مدني سويسري . فإن الأصل أن المنشآت، كبيرة كانت أو صغيرة، متى اندمجت في الأرض، تملكها صاحب الأرض بالالتصاق على التفصيل الذي قدمناه ولكن القانون استثنى في هذا الفرض المنشآت الصغيرة التي تقاوم موقتاً على أرض الغير، دون أن يقصد بقاؤها فيها على الدوام وذلك كالأكشاك الخشبية والدكاكين الصغيرة والعشش والاستراحات المؤقتة وأكشاك الاستحمام التي لها أساس ثابت في الأرض وغير ذلك من المآوي. فهذه ليست فحسب منشآت صغيرة، بل هي أيضاً منشآت مؤقتة لم يقمها صاحبها على أرض الغير على سبيل الدوام وكان مقتضى تطبيق أحكام الالتصاق أن صاحب الأرض يتملكها بالالتصاق، على أن يدفع تعويضاً لأصحابها يختلف باختلاف الأحوال.
ولكن استثناء من أحكام الالتصاق، ونظراً لصغر قيمة هذه المنشآت وبالأخص لأنها منشآت موقتة لم يقصد من إقامتها أن تبقى على سبيل الدوام، قضت المادة 929 مدني سالفة الذكر بأن صاحب الأرض لا يتملكها بالالتصاق، بل تبقى ملكاً لمن أقامها ويستوي في ذلك أن يكون من أقام هذه المنشآت حسن النية يعتقد أن له الحق في إقامتها في أرض الغير، أو كان سيء النية يعلم أن الأرض مملوكة للغير وألا حق له في إقامة المنشآت عليها .
ويترتب على ذلك أن صاحب هذه المنشآت يستطيع نزعها من الأرض حتى لو كان سيء النية، بشرط أن يعيد الأرض إلى أصلها وأن يعوض صاحب الأرض عما عسى أن يكون قد أصابه من الضرر . ويترتب على ذلك أيضاً أن صاحب الأرض يستطيع أن يطلب إزالتها حتى لو كان صاحبها حسن النية، ما دام لم يتفق معه على إقامتها أو لم يحدد الاتفاق مصير المنشآت.
وتبقى المنشآت قائمة على الأرض ومملوكة لمن أقامها، حتى ينزعها هذا الأخير أو يطلب إزالتها صاحب الأرض وذلك ما لم يتفق صاحب الأرض وصاحب المنشآت على أمر آخر، كأن يتفقا على أن تبقى المنشآت في الأرض لمدة معينة في نظير أجرة عن الأرض يدفعها صاحب المنشآت، أو يتفقا على تملك صاحب الأرض للمنشآت أو صاحب المنشآت للأرض في نظير مبلغ معين أو يتفقا على أي أمر آخر . (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ التاسع، المجلد/ الأول، الصفحة/ 430)
جاء النص باستثناء آخر فقرر أن أحكام الالتصاق لا تنطبق على الأكشاك والحوانيت والكباين والعشش والمآوي الأخرى التي تقام على أرض الغير ولم يكن مقصوداً بقاؤها على الدوام، فلا تملك لصاحب الأرض بالالتصاق بل تبقى ملكاً لمن أقامها حتى لو كان لها أساس مستقر بالارض استقرار قرار إذ أن العبرة بالقصد من إقامة المنشاة فإن انصرف قصد الباني إلى بقائها على الدوام طبقت عليها أحكام الالتصاق أما إن لم يكن مقصوداً بقاؤها على الدوام فلا تنطبق أحكام الالتصاق سواء كانت مقامة بأخشاب أو بغيرها، فتبقى ملكاً لمن أقامها ولو كان سيء النية فله أن ينزعها بشرط أن يعيد الأرض إلى ما كانت عليه مع تعویض مالك الأرض أن كان هناك ضرر، واستخلاص القصد من سلطة قاضي الموضوع.
ولمالك الأرض أن يطلب إزالة النشأة على نفقة من أقامها فيدفع بذلك الاعتداء الواقع على ملکه، وله أيضاً أن ينفق وصاحب المنشأة على ما يتبع بشأنها، فإن اتفقا على أجرة معينة كانت هذه الأجرة عن الأرض الفضاء فيحكم العقد نصوص القانون المدني دون نصوص قانون إيجار الأماكن، حتى لو تم الإيجار قبل التعديل الذي أدخل على القانون الأخير والذي أخضع إيجار الأماكن الخالية للقانون المدنى. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الثاني عشر الصفحة/ 379)
أن هذه المنشآت لا تسري عليها أحكام الالتصاق.
وقد نصت المادة على أنها تكون ملكاً لمن أقامها.
ومقتضى هذا تطبيق القواعد العامة في حق الملكية سواء بالنسبة لمالك الأرض أو بالنسبة لمالك المنشآت التي أقامها على أرض غيره.
ولما كانت الملكية حقاً جامعاً مانعاً بحيث يجوز للمالك أن يمنع الغير من أن يقيد أية فائدة من ملكه حتى إذا لم يلحقه ضرر من ذلك، فإنه يكون من حق المالك دائماً أن يطلب إزالة هذه المنشآت على نفقة من أقامها مع التعويض إن كان له وجه، ولكن ليس له أن يستبقيها رغم معارضة من أقامها في تركها.
ولا يحول دون الاستجابة إلى طلب الإزالة إلا أن يكون المالك قد رخص في إقامة هذه المنشآت، فعندئذ تسوي علاقته بمن أقامها على أساس الحكم الوارد بالمادة 926 مدنی.
كما أنه يحق للباني أن يزيل المنشآت في أي وقت ما لم يوجد اتفاق بينه وبين مالك الأرض على أيلولة المنشآت المالك الأرض في وقت معين. ( موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثاني عشر، الصفحة/ 306)
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
مادة 898
المنشآت الصغيرة ، کالاكشاك والحوانيت والمآوي التي تقام على أرض الغير دون أن يكون مقصوداً بقاؤها على الدوام ، تكون ملكاً لمن أقامها .
هذه المادة تطابق المادة ۹۲۹ من التقنين الحالي •
انظر المذكرة الايضاحية للمادة المقابلة في المشروع التمهيدي للتقنين الحالى (م 1364 ) في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 6 ص ۳۳۲.
والسند الشرعي للمادة المقترحة تلك القاعدة التي تنص عليها المادة التالية من المجلة فتقول : « الأمور بمقاصدها ، يعني ان الحكم الدی يترتب على أمر يكون على مقتضى ما هو المقصود من ذلك الأمر.
والمنشآت الصغيرة التي أشارت اليها المادة المقترحة انما اقيمت دون أن يكون مقصود بقاؤها على الدوام ، ولهذا تظل ملكاً لن أقامها استثناء من أحكام الالتصاق.