loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس، الصفحة :   329

مذكرة المشروع التمهيدي :

1- بعد أن قررت المادة 1357 قرينة في صالح مالك الأرض هي أنه مالك لما فوقها وما تحتها، أصبح عبء الإثبات على من يدعى ملكية بناء أو غراس أو منشآت أخرى والأرض ليست له . فإذا أقام الدليل على أن صاحب الأرض هو غير صاحب المنشآت، فلا تخلو الحال من أحد فروض ثلاثة : إما أن يكون صاحب الأرض هو الباني بأدوات غيره، وإما أن يكون صاحب الأدوات هو الباني في أرض غيره، وإما أن يكون الباني قد بني في أرض غيره وبأدوات غيره.

2- ففي الحالة الأولى : يجوز لصاحب الأدوات أن يطلب نزعها إذا لم يكن في ذلك ضرر يلحق الأرض، ويطلب نزعها في مدة سنة من اليوم الذي يعلم فيه باندماج الأدوات بالمنشآت، ويكون النزع على نفقة صاحب الأرض سواء كان سيء النية أو حسن النية فإن لم يطلب صاحب الأدوات نزعها في خلال هذه السنة، أو طلب ولكن كان في نزعها ضرر يلحق بالأرض، تملك صاحب الأرض الأدوات بالالتصاق، ودفع تعويضاً لصاحب الأدوات يزيد إذا كان صاحب الأرض سيء النية، وهذا الحكم يختلف عن حكم التقنين الحالي في أن هذا التقنين لا يميز بين ما إذا كان نزع المواد يلحق ضرراً بالأرض أو لا يلحق، ففي الحالتين يتمسك صاحب الأرض بالمواد ويدفع قيمتها مع التعويض إن كان له محل، ولا يجوز لصاحب المواد أن يطلب نزعها في أي حال، وواضح أن حكم المشروع وجه العدالة فيه أظهر.

ومفروض فيما تقدم أن صاحب الأرض بني بأدوات بناء، أما إذا كان قد أدخل في بنائه تمثالاً أو أثراً ثميناً أو نحو ذلك مما لا يعتبر من أدوات البناء، فلا يتملكه بالالتصاق مطلقاً، بل يجب نزعه في أي وقت يطلب صاحب التمثال أو الأثر فيه ذلك، ولو بعد السنة، بل ولو أحدث النزع ضرراً جسيماً للبناء.

3 – وفي الحالة الثانية : إذا كان صاحب الأدوات هو الباني في أرض غيره، يجب التفريق بين ما إذا كان سيء النية أو حسن النية فإذا كان سيء النية، أي يعلم أن الأرض ليست مملوكة له، وبني دون رضاء صاحب الأرض، كان لهذا، إذا أثبت ذلك، أن يطلب الإزالة على نفقة الباني وإعادة الشيء إلى أصله مع التعويض إن كان له محل، وذلك في ميعاد سنة من اليوم الذي يعلم فيه بإقامة المنشآت، فإذا مضت السنة، أو إذا لم يختر الإزالة، تلك المنشآت بالالتصاق، و دفع أقل القيمتين قيمة البناء مستحقاً للإزالة أو ما زاد في ثمن الأرض بسبب البناء فإذا لم يدفع أقل القيمتين كان للباني أن يلزمه بالدفع، إلا إذا اختار نزع الأدوات المملوكة له، مادام ذلك لا يلحق بالأرض ضرراً ( مادة 1359 من المشروع وهي توافق مادة 65 فقرة 1 و 2 من التقنين الأهلى إلا في تفصيلات أهمها ميعاد السنة وجواز مطالبة الباني بنزع الأدوات إذا لم يلحق الأرض ضرر من ذلك).

وإن كان الباني حسن النية، بأن كان يعتقد أن الأرض مملوكة له، وهذا مفروض إلا إذا قام الدليل على العكس، أو كان قد حصل على ترخيص من مالك الأرض ولم يحصل اتفاق على مصير المنشآت، كما هو حال المستأجر (أنظر م 793 فقرة أولى من المشروع)، فلا يجوز لصاحب الأرض طلب الإزالة، ويمتلك المواد بالالتصاق، ويخير بين دفع قيمة المواد وأجرة العمل، أو دفع مازاد في قيمة الأرض بسبب البناء . وإذا كانت قيمة المنشآت قد بلغت حداً من الجسامة لا يستطيع معه أن يؤدي ما هو مستحق عنها فإن له أن يطلب تمليك الأرض للباني في نظير تعويض عادل  هذا كله إلا إذا طلب الباني نزع الأدوات، ولم يكن نزعها يلحق بالأرض ضرراً جسيماً ( مادة 1360-  1361 من المشروع، وتختلفان مع المادة 65 فقرة 3 من التقنين الأهلى فى أن المشروع عرض لفرض ما إذا كان الباني يعلم أن الأرض مملوكة لغيره، ولكن أقام المنشآت بترخيص من صاحب الأرض، وكذلك أعطى المشروع للباني حق المطالبة بنزع الأدوات، وأعطى لصاحب الأرض الحق في تمليك الأرض للباني في نظير تعويض عادل، وهذان حقان سكت عنهما التقنين الحالي ).

وفي الفروض المتقدمة إذا تملك صاحب الأرض الأدوات بالالتصاق، وجب عليه أن يدفع التعويض للباني وفقاً للأحكام المتقدمة الذكر ويجوز للقاضي بناء على طلب صاحب الأرض، أن يقرر مايراه مناسباً للوفاء بهذا التعويض، وله أن يقضي بأن يكون الوفاء على أقساط دورية بشرط تقديم الضمانات اللازمة، ولصاحب الأرض أن يتحلل من تقديم الضمان، إذا هو وفي مالاً توازي فوائده بالسعر القانوني قيمة هذه الأقساط ( مادة 1362 من المشروع وهي تحيل على مادة 1434، فيرجع إلى المذكرة الإيضاحية بشأن هذه المادة ).

4 - وفي الحالة الثالثة : إذا كان الباني قد بني في أرض غيره و بأدوات غيره، يرجع صاحب الأدوات على الباني بالتعويض من أجل الأدوات، ويرجع البانی على صاحب الأرض بالتعويض وفقاً للأحكام السابقة، ويكون لصاحب الأدوات على صاحب الأرض دعوى مباشرة بقدر ما في ذمة صاحب الأرض للباني ( مادة 1365 من المشروع وتوافق مادة 66 من التقنين الأهلى مع غموض في عبارة هذا التقنين ).

5- ولا تنطبق الأحكام المتقدمة على الأكشاك والحوانيت والمآوي التي تقام على أرض الغير ولم يكن مقصوداً بقاؤها على الدوام . فهذه لا تملك بالالتصاق بل تبقى ملكاً لمن أقامها، ويكلف هذا إذا كان معتدياً بالإزالة وبالتعويض (م 1364 من المشروع وهي مأخوذة من المادة 677 من التقنين السويسري ) .

6- واستثناء من الأحكام المتقدمة، إذا جار الباني بحسن نية على أرض الجار، وكان يبني في أرضه فجاوزها إلى جزء صغير ملاصق له من أرض جاره، وبنی بناء ضخماً لو طبقت عليه الأحكام المتقدمة لأصبح جزء من هذا البناء الضخم ملكاً للجار، فإن الباني أن يجبر الجار على أن ينزل له عن ملكية الجزء المشغول بالبناء في نظير تعويض عادل ويلاحظ في تطبيق هذا الحكم شرطان أولهما أن الباني إنما يبني أصلاً في أرضه وقد جاوزها إلى جزء صغير ملاصق، والثاني أن هذه المجاوزة من الباني قد وقعت بحسن نية وقد جرى القضاء المصري على هذا المبدأ دون أن يستند إلى نص، فقنن المشروع (م 1363) هذا القضاء العادل، ودعمه بالنص الذي ينقصه .

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة 1365 من المشروع، ورأت اللجنة تعديلها تعديلاً لفظياً بالصيغة الآتية:

إذا أقام أجني منشآت بمواد مملوكة لغيره فليس مالك المواد أن يطلب استردادها وإنما يكون له أن يرجع بالتعويض على هذا الأجنبي، كما له أن يرجع على مالك الأرض بما لا يزيد على ما هو باق في ذمته من قيمة تلك المنشآت .

وأصبح رقم المادة 1002 في المشروع النهائي .

المشروع في مجلس النواب

وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 999

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني :

وافقت اللجنة على المادة دون تعديل .

وأصبح رقها 930

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة كما أقرتها اللجنة.

الأحكام

1- لمالك الأرض الحق فى مطالبة من أقام بناء على أرضه بالريع طالما أن هذا الأخير يتنفع بالمبنى ، لا يغير من ذلك حق أقام البناء فى التعويض الذى يقرره القانون .

(الطعن رقم 803 لسنة 49 جلسة 1983/02/16 س 34 ع 1 ص482 ق 106)

شرح خبراء القانون

تنص المادة 930 مدني على ما يأتي :

 "إذا قام أجنبي منشآت بمواد مملوكة لغيره، فليس لمالك المواد أن يطلب استردادها  وإنما يكون له أن يرجع بالتعويض على هذا الأجنبي، كما له أن يرجع على مالك الأرض بما لا يزيد على ما هو باق في ذمته من قيمة تلك المنشآت".

وهذه الصورة الثالثة من صور الالتصاق الصناعي، وفيها يقيم الباني منشآت في أرض غيره مواد مملوكة لشخص ثالث فيكون أمامنا أشخاص ثلاثة : صاحب المواد التي أقام بها الباني المنشآت، والباني الذي أقام المنشآت، وصاحب الأرض التي أقيمت فيها المنشآت . وعلينا إذن أن نحدد : (1) علاقة صاحب المواد بالباني . (2) علاقة صاحب المواد بصاحب الأرض . (3) علاقة الباني بصاحب الأرض.

- علاقة صاحب المواد بالباني : لما كانت المواد منقولاً، فمن الجائز أن يكون الباني قد حازها بحسن نية وبسبب صحيح، فيكون قد تملكها بالحيازة فإذا أقام بها منشآت في أرض غيره، يكون قد أقام هذه المنشآت بمواد مملوكة له في أرض الغير، ولا رجوع لصاحب المواد السابق عليه بشيء، وتكون العلاقة بينه وبين صاحب الأرض محكومة بالقواعد التي فصلناها في الصورة الثانية من صور الالتصاق الصناعي في المطلب السابق.

أما إذا كان الباني لم يتملك المواد بالحيازة، بل أقام بها المنشآت وهي غير مملوكة له، فقد يكون بنى في أرض غيره وهو سيء النية فأجبر على نزعها من الأرض، أو بنى وهو حسن النية واختار هو أن ينتزعها من الأرض وفي الحالتين، ما دامت المواد قد نزعت من الأرض ولم يتملكها صاحب الأرض بالالتصاق، فإنه يبدو أن صاحب المواد يستطيع استردادها من الباني ما دامت قد احتفظ بذاتيتها، لأن صاحب الأرض لم يتملكها بالالتصاق ولم تنتقل ملكيتها إلى الباني بسبب من أسباب انتقال الملك فبقيت على ملك صاحبها، ويكون أيضاً لهذا الأخير أن يرجع على الباني بالتعويض إن كان قد أصابه ضرر.

وإذا كان صاحب الأرض قد تملك المواد بالالتصاق، فإن لصاحب المواد أن يرجع على الباني بالتعويض لأنه قد تسبب في أن تضيع عليه ملكية مواده فيرجع بقيمة هذه المواد وقت إقامة المنشآت بها، وبالتعويض عما قد يكون أصابه من ضرر بسبب فقده لملكية المواد.

– علاقة صاحب المواد بصاحب الأرض : إذا تملك صاحب الأرض المواد بالالتصاق، فإن ملكية هذه المواد تنتقل من صاحبها إلى صاحب الأرض بسبب من أسباب كسب الملكية هو هذا الالتصاق بالذات وليس صاحب الأرض في الأصل مسئولاً نحو صاحب المواد، وإنما هو مسئول نحو الباني بالتعويض الذي فصلناه فيما تقدم . ولما كان صاحب الأرض مديناً للبانين وكان الباني مديناً بدوره لصاحب المواد على الوجه الذي أسلفناه، فإنه يجوز لصاحب المواد أن يرجع على صاحب الأرض بالدعوى غير المباشرة باعتباره دائناً لدائنه .

ولكن القانون أعطى لصاحب المواد فوق ذلك دعوى مباشرة على صاحب الأرض، إذ تقول العبارة الأخيرة من المادة 930 مدني كما رأينا : " كما له ( لصاحب المواد ) أن يرجع على مالك الأرض بما لا يزيد على ما هو باق في ذمته من قيمة هذه المنشآت " . ذلك أن الباني إذا كان قد بنى وهو سيء النية ولم يطلب صاحب الأرض الإزالة، فعلى صاحب الأرض أن يدفع للباني أدنى القيمتين، قيمة المنشآت مستحقة الإزالة وقيمة ما زاد في الأرض بسبب المنشآت وإذا كان الباني قد بنى وهو حسن النية، ولم يطلب نزع المنشآت من الأرض، فعلى صاحب الأرض أن يدفع للباني أدنى القيمتين، قيمة المواد مع أجر العمل وقيمة ما زاد في الأرض بسبب المنشآت ونرى من ذلك أن صاحب الأرض، في الحالتين، إذا تملك المنشآت بالالتصاق، عليه أن يدفع تعويضاً للباني بمقدار حدده القانون على النحو سالف الذكر وعلى صاحب الأرض أن يدفع هذا التعويض للباني، فإن دفعه كله أو بعضه دون أن يعلم بحق صاحب المواد قبل الباني، فقد برئت ذمته من هذا التعويض بمقدار ما دفع أما إذا أنذر صاحب المواد صاحب الأرض بما له من حق التعويض في ذمة الباني على النحو الذي قدمناه، فإنه يجب على صاحب الأرض أن يستبقي في يده التعويض المستحق للباني قبله أو الباقي من هذا التعويض ويكون لصاحب المواد الحق في الرجوع على صاحب الأرض بدعوى مباشرة، بالتعويض المستحق له قبل الباني في حدود التعويض المستحق للباني قبل صاحب الأرض أو ما هو باق في ذمته من هذا التعويض فإذا دفع صاحب الأرض للباني التعويض المستحق له بالرغم من الإنذار الموجه إليه من صاحب المواد، لم يسر هذا الدفع في حق صاحب المواد وكان لهذا الأخير أن يرجع على صاحب الأرض بما هو مستحق له في حدود الباقي في ذمة صاحب الأرض للباني وقت الإنذار ولصاحب الأرض أن يرجع على الباني بما أجبر على دفعه لصاحب المواد على النحو المتقدم الذكر.

ويبرر إعطاء القانون لصاحب المواد هذه الدعوى المباشرة على صاحب الأرض أن المنفعة التي قدمها صاحب المواد بمواده كانت هي السبب في حق التعويض الذي وجد في ذمة صاحب الأرض للباني وتقوم الدعوى المباشرة على نص صريح، يرجع إلى أن الدائن الذي ثبتت له دعوى مباشرة ضد مدين مدينه هو شخص قد أوجد لمدينه حقاً في ذمة مدين المدين، بسبب منفعة قدمها أو بسبب خسارة تحملها وهنا توجد منفعة قدمها صاحب المواد كما سبق القول، كما يوجد النص الصريح في العبارة الأخيرة من المادة 930 مدني سالفة الذكر .

– علاقة الباني بصاحب الأرض : أما علاقة الباني بصاحب الأرض فواضحة مما قدمناه في الصورة الثانية من صور الالتصاق الصناعي فالباني إما أن يكون سيء النية، أو حسن النية.

فإن كان سيء النية، كان لصاحب الأرض أن يطلب الإزالة وإعادة الأرض إلى أصلها مع التعويض وعند ما يزيل الباني المواد من الأرض،  يجوز كما قدمنا  أن يستردها صاحبها منه وإذا لم يطلب صاحب الأرض الإزالة، تملك المنشآت بالالتصاق، ووجب عليه أن يدفع للباني أدنى القيمتين، قيمة المنشآت مستحقة الإزالة وقيمة ما زاد في الأرض بسبب المنشآت وفي حدود هذا التعويض يستطيع صاحب المواد أن يرجع بدعوى مباشرة على صاحب الأرض لتقاضى ما يستحقه من التعويض قبل الباني.

وإن كان الباني حسن النية، كان له أن ينزع المواد من الأرض مع إعادة الأرض إلى أصلها وعندما ينزع الباني المواد من الأرض، يجوز هنا أيضاً كما قدمنا  أن يستردها صاحبها منه وإذا لم ينزع الباني المواد من الأرض، تملك صاحب الأرض المنشآت بالالتصاق، على أن يدفع للباني أدنى القيمتين، قيمة المواد مع أجر العمل وقيمة ما زاد في الأرض بسبب المنشآت وهنا أيضاً يستطيع صاحب المواد أن يرجع في حدود هذا التعويض بدعوى مباشرة على صاحب الأرض، لتقاضي ما يستحقه من التعويض قبل الباني ويلاحظ أخيراً أنه إذا كان التزام صاحب الأرض بتعويض الباني على النحو سالف الذكر مرهقاً له، كان أن يملك الأرض للباني في نظير تعويض عادل طبقاً للقواعد المقررة في هذا الشأن. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ التاسع، المجلد/ الأول، الصفحة/ 432)

إذا بني شخص أو غرس اشجاراً في أرض ليست مملوكة له وبأدوات ليست مملوكة له أيضاً ولم تتوزع هذه الأشياء وفقاً لأحكام الالتصاق على نحو ما سلف، فإن مالك الأرض يتملكها بالالتصاق ويكون الباني هو المسئول أصلاً عن تعويض صاحب الادوات ولكن يجوز للأخير الرجوع على مالك الأرض عن طريق الدعوى غير المباشرة باسم مدينه وهو البانی، كما يكون لصاحب الأدوات الرجوع على مالك الأرض أيضاً بدعوى مباشرة بما لا يزيد على ما هو باق في ذمته من قيمة الأدوات، ويكون الرجوع بأقل القيمتين قيمة المنشآت مستحقة الإزالة أو قيمة ما زاد بسبب المنشآت في الأرض وذلك إذا كان البانی سيء النية، أما أن كان حسن النية فيكون الرجوع على مالك الأرض بقيمة المواد وقت البناء مضافاً إليها أجر العمل أو بقيمة ما زاد في الأرض بسبب المنشآت (م 924 925 و 927)، ويجب على صاحب الأدوات أن ينذر مالك الأرض بعدم الوفاء للباني إذ أن الوفاء السابق على الإنذار يبريء ذمة مالك الأرض ما لم يثبت صاحب الادوات وجود تواطؤ بين مالك الأرض والمباني للإضرار به، أما الوفاء الذي يتم بعد الإنذار فلا يعتد به

وإذا نزعت الأدوات من الأرض وظلت على حالتها الأولى فلصاحبها استردادها من تحت يد حائزها بدعوى الاستحقاق مع التعويض أن كان له مقتضى ولكنه لا يجبر على الاسترداد فله أن يقتصر على طلب التعويض، ويراعى أن البانی إذا كان حسن النية وتوفر لديه السبب الصحيح فإنه يتملك الأدوات بالحيازة فترفض دعوى الاستحقاق. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الثاني عشر الصفحة/ 380)

تفترض هذه الحالة أن شخصاً أقام منشآت بمواد مملوكة لغيره، في أرض مملوكة لشخص ثالث.

وعلى ذلك فإنه تنشأ في هذه الحالة علاقات ثلاث هي:

أولاً : علاقة مالك الأرض بمن أقام المنشآت فيها.

لم تتعرض المادة 930 لحكم هذه العلاقة.

ويرجع ذلك إلى أنها تخضع للأحكام الصورة الخاصة بإقامة منشآت في ملك الغير المنصوص عليها في المادتين 924، 925 مدنی.

ثانياً : علاقة من أقام المنشآت بمالك المواد :

إذا تملك مالك الأرض المواد بالالتصاق، فليس لمالك هذه المواد استردادها لأنه ليس بينه وبين مالك الأرض ثمة علاقة وليس دائناً له بالتالي.

وإنما يحق له الرجوع بالتعويض على من أقام المنشآت باعتباره المعتدى على حقه في ملكية هذه المواد.

وهذا التعويض لا يقتصر على المطالبة بقيمة تلك المواد، بل وبمقدار الخسارة التي تحملها مالكها من جراء حرمانه منها، يصرف النظر عن حسن نية الباني أو سوء نيته.

وهذا التصميم يقتضيه إطلاق نص المادة 930 عند ذكر التعويض مجرداً من التحفظات التي وردت بالمواد السابقة التي لم تذكر التعويض إلا مقترناً بعبارة "إن كان له وجه" فلا بد وأن يكون لإضفاء هذه العبارة من المادة 930 مغزى خاص عناه المشرع بإسقاطها من هذا النص، وهو أن يكون من أقسام المنشآت مسئولاً عن التعويض قبل مالك الأدوات في سائر الحالات.

ولا غرابة في أن تتفرد هذه الحالة بحكم خاص من حيث استحقاق التعويض إذ أنها في الواقع حالة شاذة بما تضمنته من عدوان مزدوج على ملك الغير وعلى مواد الغير ولا يمكن أن يفترض حسن النية فيمن يقدم على مثل هذا العدوان .

 - ثالثاً : علاقة مالك المواد بمالك الأرض:

إذا تملك مالك الأرض المنشآت التي أقيمت في أرضه بحكم الالتصاق، فإن مالك الأرض لا يسأل أمام صاحب المواد وإنما تنحصر مسئوليته قبل البانی فحسب، ولذلك لا يحق لمالك المواد طلب استردادها، وإنما له الرجوع على البانی مطالباً بالتعويض. ويكون مالك الأرض مسئولاً قبل الباني عن التعويض على النحو الذي ذكرنا - سلفا.

وليس معنى هذا أن مالك المواد لبس له أي رجوع على مالك الأرض. فهو يستطيع أن يرجع على مالك الأرض بحق من أقام المنشآت في طلب التعويض عن المواد عن طريق الدعوى غير المباشرة تطبيقاً للمادة 235 مدنی. فيطالب صاحب الأرض عن طريق هذه الدعوى بما هو ثابت في ذمته (أي ذمة مالك الأرض) لصاحب المنشآت. 

ولكن قد يتعرض صاحب المواد في هذا الرجوع غير المباشر لخطر مزاحمة دائني صاحب المنشآت الآخرين له على مبلغ التعويض ولذلك وحماية لصاحب المواد ونزولاً على اعتبار أنه صاحب الفضل في صيرورة صاحب الأرض مديناً لصاحب المنشآت، ولتحقق الارتباط بين الديون، منح المشرع صاحب المواد الحق في دعوى مباشرة قبل صاحب الأرض ليختص بحق مقيم المنشآت بالتعويض الذي يستحقه عن قيمة الأدوات.

ولكن هذا الرجوع المباشر محدود بما يكون باقياً في ذمة مالك الأرض من التعويض لمن أقام المنشآت.

ويجب من ثم على مالك الأرض أن يمتنع عن دفع التعويض للباني منذ أن ينذره صاحب المواد بحقه في التعويض قبل هذا الأخير، ويكون وفاؤه للبانی رغم هذا الإنذار، غير مبرئ لذمته قبل صاحب المواد الذي يكون له الرجوع بما هو مستحق له.

أما إذا لم يقم صاحب المواد بإنذار صاحب الأرض، وقام الأخير بوفاء ما بقي في ذمته إلى صاحب المنشآت، فإنه يبرأ قبل صاحب المواد. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/  الثاني عشر، الصفحة/   308)

الفقه الإسلامي

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

مادة 897

  1. اذا أحدث شخص بناء أو منشات أخرى أو غراساً على أرض غيره بمواد مملوكة لشخص ثالث ، كان لمالك المواد أن يرجع بالتعويض على من أحدث هذه المنشآت ، كما له أن يرجع على صاحب الأرض بما لا يزيد عن ما بقي في ذمته من قيمة هذه المنشآت .

٢واذا كان من أحدث البناء أو المنشآت أو الغراس حسن النية كان لمالك المواد أن يطلب نزعها اذا كان ذلك لا يلحق بالأض ضرراً .

هذه المادة تقابل المادة ۹۳۰ من التقنين الحالي •

وقد أدخلت على هذه المادة تعديلات لفظية على النحو الورد في الفقرة الأولى من المادة المقترحة ، وحذفت منها العبارة التي تقول  " فليس لمالك المواد أن يطلب استردادها" ، بسبب استحداث الفقرة الثانية من المادة المقترحة •

واستحدثت الفقرة الثانية من المادة المقترحة ، حيث نص على أنه واذا كان من احدث البناء أو المنشآت او الغراس حسن النية . كان لمالك المواد أن يطلب نزعها اذا كان ذلك لا يلحق بالأرض ضرراً. ذلك أنه اذا كان من أحدث المنشات حسن النية ، فانه يكون له وفقاً للمادة 894 أن يطلب تزعها، وبالتالى يستطيع مالك المواد وفقاً للقواعد العائعة أن يطلب نزعها بالدعوى غير المباشرة ، وبالإضافة إلى ذاك رؤی إعطاء مالك المواد دعوى مباشرة يطلب بها نزع هذه المواد ، وهو حكم ليس لصاحب الأرضي أن يتضرر منه ما دام أن من أحدث المنشآت يستطيع طلب نزعها ( أنظر في هذا المعنى المذكرة الايضاحية للمادة 886 من التقنين الكويتي).

انظر المذكرة الايضاحية للمادة المقابلة في المشروع التمهيدي للتقنين الحالي (م 1365) في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 6 ص ۳۳۱ و ۳۳۲.

والمادة المقترحة تتفق مع المادة ۸۸٦ من التقنين الكويتي.

وتقابل المادة ۱۱۲۲ من التقنين العراقي التي تتفق مع المادة ۹۳۰ من التقنين المصري الحالي.

و تقابل المادة 1143 من التقنين الاردني التي تتفق مع المادة 930 من التقنين المصري الحالي .

وفي الفقه الاسلامي : انظر المادة 906 من المجلة ، وقد تقدم ذكرها وانظر القوانين الفقهية لابن جزی میں ۳۱۷ • القواعد الفقهية لابن رجب ص 154 و 155.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجلة الأحكام العدلية

مادة (906) الأرض المغصوبة

إن كان المغصوب أرضاً وكان الغاصب أنشأ عليها بناء أو غرس فيها اشجاراً يؤمر الغاصب بقلعها وان كان القلع مضراً بالأرض فللمغصوب منه أن يعطي قيمته البناء أو الغرس مستحق القلع ويتملكه ويضبط الأرض ولكن لو كانت قيمة الأشجار أو البناء أزيد من قيمة الأرض وكان قد أنشأ أو غرس بزعم سبب شرعي كان حينئذ لصاحب البناء أو الأشجار أن يعطي قيمة الأرض ويتملكها. مثلاً لو أنشأ أحد على العرصة الموروثة له من والده بناء بمصرف أزيد من قيمة العرصة ثم ظهر لها مستحق فالباني يعطي قيمة العرصة ويضبطها.