loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس، الصفحة :  421

 مذكرة المشروع التمهيدي :

1 - هذا النص يفرض على الشفيع أن يودع في خزينة المحكمة في ظرف خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة مبلغاً يساوي على الأقل ثلث الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع، وغنى عن البيان أن الشفيع إذا عرض الثمن كله عرضاً حقيقياً عند إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة أجزأه هذا عن  إيداع ثلث الثمن، وقد كان هذا الحكم مذكوراً في النص الذي أقرته اللجنة ولكنه حذف لبداهته ( أنظر الفقرتين الأوليين من المادة 1390).

2 - والفقرتان الأخيرتان من المادة 1390 توافقان الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 14 من قانون الشفعة الحالي.

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة 1390 واقترحت بعض تعديلات لفظية كما اقترح وجوب إبداع كل الثمن الحقيقي لا ثلثه، كما اقترح حذف العبارة الأخيرة من الفقرة الثالثة وكذا حذف الفقرة الرابعة مراعاة للتنسيق الخاص بأحكام التسجيل من حيث بيان جهة حصوله فوافقت اللجنة على كل ذلك وأصبح النص ما يأتي :

1 - إعلان الرغبة بالأخذ بالشفعة يجب أن يكون رسمياً وإلا كان باطلاً .

2 - وفي خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ هذا الإعلان يجب أن يودع بخزينة المحكمة الكائن فى دائرتها العقار كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع . مع مراعاة أن يكون هذا الإيداع قبل رفع الدعوى بالشفعة فإن لم يتم الإيداع فى هذا الميعاد على الوجه المتقدم سقط حق الأخذ بالشفعة.

3- ولا يكون هذا الإعلان حجة على الغير إلا إذا سجل.

وأصبح رقمها 1015 في المشروع النهائي .

المشروع في مجلس النواب

تقرير لجنة الشئون التشريعية :

رأت اللجنة حذف الفقرة الثانية وهي الخاصة بإيداع الثمن اكتفاء بعرضه عند إعلان عريضة دعوى الشفعة، وهذا العرض كاف لضمان جدية الدعوى، وهو لا يعطل في الوقت ذاته استغلال المال فيما إذا وجب إيداع الثمن.

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة - تحت رقم 1012.

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني :

محضر الجلسة الأربعين

تليت المادة 1012 فوافقت اللجنة على الفقرة الأولى منها وعلى ضم الفقرة الثانية إلى الأولى لاتصال حكمهما .

ولما كان مجلس النواب قد حذف من هذه المادة فقرة كان رقمها 2 وكانت تتضمن حكماً خاصاً بإيداع الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع ووقت الإيداع والجزاء على مخالفته، ولما كان المجلس أيضاً قد ضمن الفقرة الأولى من المادة 1013 ذلك الحكم وعدله من إيداع إلى عرض حقيقي للثمن الذي بيع به العقار المشفوع فيه، فإن اللجنة أثناء المناقشة في المادة 1013، وفي العرض الحقيقي للثمن ومداه، وهل العرض يكون للثمن المذكور في العقد أو الثمن الذي يعتقد الشفيع أنه الحقيقي، وما يترتب على عرض الشفيع الثمن الحقيقي وإيداع الفرق بينه وبين الثمن المذكور في العقد، رأت بعد أن عرضت عليها جملة اقتراحات ظهر بعد تحليلها أنه يرد عليها اعتراضات أن أسلم وسيلة هو إيداع كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع لأن الإيداع يحفظ حقوق الدائنين المسجلين وحق البائع في باقي الثمن إذا لم يكن قد دفع كله.

وقد ترتب على ذلك إعادة الفقرة 2 التي حذفها مجلس النواب إلى المادة 1012.

قرار اللجنة :

الموافقة على المادة كما وردت من مجلس النواب مع ضم فقرتيها إلى بعضهما، وإعادة الفقرة 2 التي حذفها ذلك المجلس .

تقرير اللجنة :

لم تر اللجنة الأخذ بالتعديل الذي اختاره مجلس النواب بل آثرت الأخذ بالنص المقدم من الحكومة وعدلته من طريق إدماج الفقرة الثالثة في الفقرة الأولى دون مساس بجوهر الحكم. وقد آثرت اللجنة أن يودع الشفيع كل الثمن الحقيقي دون أن يكتفي بعرضه دفعاً للمنازعات.

ولم تر اللجنة وجهاً للنص على تعيين المحكمة التي ترفع إليها الدعوى اكتفاء بأحكام قانون المرافعات.

وأصبح رقها 942.

محضر الجلسة الخامسة والستين

اقترح حضرات مستشارى محكمة النقض أن تكون الفقرة الثانية من المادة 942 على الوجه الآتي :

وخلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ هذا الإعلان يجب أن يعرض المن وإلا سقط حق الأخذ بالشفعة، وإنه إذا رؤى ضرورة إيداع الثمن فيكون الحكم بالسقوط في حالة عدم الإيداع جوازياً للقاضي، فاعترض معالي السنهورى باشا على هذا الاقتراح قائلاً إننا تعمدنا أن يكون الأمر إيداعاً حتى يكون العرض جدياً في الشفعة، وفي الواقع إنه لمن يريد الأخذ بالشفعة مدة 30 يوماً فله 15 يوماً من تاريخ الإنذار و15 يوماً من تاريخ الإعلان، ثم قال سعادة الرئيس لقد اتجه رأى اللجنة إلى تقييد الشفعة للتوفيق بين رأي القائلين بإلغاء هذا النظام، ورأي القائلين با بقائه واشتراط إيداع الثمن مظهر من مظاهر التقييد، ثم إن جعل الحكم بسقوط الحق في الشفعة جوازياً للقاضي عند عدم الإيداع لا يستجيب لما ينبغي للمعاملات من استقرار .

وتناقشت اللجنة في هل من المصلحة أن تكون المدة 15 يوماً أو 30 يوماً، وبعد ذلك انتهى رأيها إلى ما يأتي :

قرار اللجنة :

رأت اللجنة رفع المدة التي يجب أن يتم فيها الإيداع من خمسة عشر إلى ثلاثين يوماً توخياً للتيسير ولأن المشروع أخذ بوجوب العرض الحقيقي وتكليف الشفيع بإيداع الثمن، لهذا رؤى مد المدة إلى ثلاثين يوماً حتى يستطيع طالب الشفعة أن يكون عنده مدة معقولة.

ملحق تقرير اللجنة :

اقترح أن تعدل الفقرة الثانية من المادة 942 على النحو الآتي :

وخلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ هذا الإعلان يجب أن يعرض الثمن وإلا سقط حق الأخذ بالشفعة، وأنه إذا رؤى ضرورة إيداع الثمن فيكون الحكم بالسقوط في حالة عدم الإيداع جوازياً للقاضي .

ولم تر اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح لأنها اتجهت إلى تقييد الشفعة للتوفيق بين رأي القائلين بإلغاء هذا النظام، ورأي القائلين بإبقائه، واشتراط إيداع الثمن مظهر من مظاهر التقييد ثم إن جعل الحكم بسقوط الحق في الشفعة جوازياً للقاضي عند عدم الإيداع لا يستجيب لما ينبغي في المعاملات من استقرار على أن اللجنة رأت أن مدة الخمسة عشرة يوماً التي يجب أن يتم فيها الإيداع قصيرة جعلتها ثلاثين يوماً توخياً للتيسير وقررت تعديل النص على هذا الأساس.

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة.

الاحكام

1- إذ جاءت عبارة النص ( نص المادة 942/2 مدنى ) فى شأن إيداع الثمن الحقيقى ( فى دعوى الشفعة ) دون ثمة ملحقات عامة مطلقة فلا وجه لتقييدها بقصرها على إيداعه نقداً أو بإضافة ملحقات إليه دون إيداعه بشيك مصرفى لما هو مقرر فى قضاء محكمة النقض أنه متى كان النص عاماً مطلقاً فلا محل لتخصيصه أو تقييده باستهداء الحكمة منه إذ فى ذلك استحداث لحكم مغاير لم يأت به النص عن طريق التأويل ولأن الشيك المصرفى هو نوع من الشيكات يسحبها البنك على نفسه بناء على طلب عميله وخصماً من حسابه لديه لصالح المستفيد ومتى استوفى شرائطه القانونية فإن ملكية مقابل الوفاء به تنتقل لذمة المستفيد المالية بمجرد إصداره وتسليمه وبالتالى فهو أداة وفاء يقوم فيه الورق مقام النقد فإن إيداع الثمن خزينة المحكمة فى دعوى الشفعة بشيك مصرفى يحقق ذات غرض الشارع من إيداع الثمن نقداً فضلاً عن أن الشارع لم ينص على تضمين الثمن ثمة ملحقات .

(الطعن رقم 10162 لسنة 64 جلسة 2005/08/30 س 56 ص 768 ق 133)

2- إذ كانت المواد المنظمة لحق الشفعة فى القانون المدني لا يوجد فيها ولا فى قانون المرافعات نص صريح يشترط أن يكون إيداع الشفيع للثمن فى خزانة المحكمة الواقع فى دائرتها العقار والمختصة فى ذات الوقت قيمياً بنظر دعوى الشفعة وإنما ورد بنص المادة 942 /2 من القانون المدني لفظ المحكمة الكائن بدائرتها العقار عاماً يصدق على المحكمة الجزئية كما يصدق على المحكمة الكلية بمفهوم أن النطاق المكاني للمحكمتين واحد باعتبار أن النطاق المكاني للمحكمة الجزئية هو جزء من النطاق المكاني للمحكمة الكلية لأنه متى جاء لفظ المحكمة عاماً ولم يقم الدليل على تخصيصه وجب حمله على عمومه، لذلك إن إيداع الثمن أياً من خزانتي المحكمة الجزئية أو الكلية الواقع فى دائرتها العقار يحقق ذات غرض المشرع من توافر جدية الشفيع وليس فيه ما ينال من توجه المشرع إلى تقييد الحق فى الشفعة ومن ثم فلا يقبل أن يكون الإيداع فى خزانة المحكمة الجزئية - التي قد تكون هي الأقرب للعقار من المحكمة الكلية المختصة قيمياً بنظر الدعوى - سبباً فى سقوط حق الشفيع الذي ينبغي أن يتحقق إلا من خطأ يستأهله أو نص يوجبه . ويؤكد هذا النظر أن المشرع فى قانون المرافعات لم يرتب سقوط الحق فى أية دعوى بما فيها دعوى الشفعة إذا ما رفعت إلى محكمة غير مختصة قيمياً بنظر النزاع ومن ثم فإنه لا يكون مقبولاً أن يكون إيداع الثمن فى دعوى الشفعة والذي هو من إجراءاتها ولا يرقى لأهمية رفع الدعوى نفسها لا يساغ أن يكون هذا الإيداع فى محكمة غير مختصة قيمياً بنظر الدعوى سبباً فى سقوط حق الشفعة لأن هذا السقوط عندئذ سيأتي على غير خطأ يستأهله وبغير نص يوجبه .

(الطعن رقم 5789 لسنة 72 جلسة 2005/05/18 س 51 ع 1 ص 27 ( هيئة عامة )  )

3- النص المادة 942/ 2 من القانون المدني يوجب على الشفيع خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة أن يودع خزانة المحكمة الكائن بدائرتها العقار المشفوع فيه كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع مع مراعاة أن يكون هذا الإيداع قبل رفع دعوى الشفعة، فإن لم يتم الإيداع فى هذا الميعاد على الوجه المتقدم سقط حق الأخذ بالشفعة. وقد أبانت مناقشات لجنة الشئون التشريعية بمجلس النواب ولجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ على هذا النص قبل إقراره أن اشتراط إيداع الثمن خزانة المحكمة الكائن بدائرتها العقار قد جاء بغرض التأكيد على أن دعوى الشفعة دعوى عينية، وأن اشتراط إيداع كل الثمن الحقيقي خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة ورد ضماناً لجدية دعوى الشفعة ونأياً بها عن مجال المضاربة أو الاستغلال من جانب الشفيع وذلك بقصد تقييد دعوى الشفعة لصالح المشتري.

(الطعن رقم 5789 لسنة 72 جلسة 2005/05/18 س 51 ع 1 ص 27  ( هيئة عامة ) )

4- مفاد نص المادة 942 /2 من القانون المدني أن المشرع لم يشترط فى المحكمة الواجب إيداع ثمن العقار المشفوع فيه خزانتها إلا أن يكون العقار واقع فى دائرتها وإذا كان لفظ المحكمة الكائن فى دائرتها العقار وعلى ما أنتهت إليه الهيئة (الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية) قد جاء عاماً يصدق على المحكمة الجزئية جزء من النطاق المكاني للمحكمة الكلية، وأنه متى جاء لفظ المحكمة عاماً ولم يقم الدليل على تخصيصه وجب حمله على عمومه، ومن ثم فإن إيداع الثمن خزانة المحكمة الجزئية يحقق ذات غرض المشرع فى إيداع الثمن خزانة المحكمة الواقع فى دائرتها العقار ويتحقق به أيضاً مقصود المشرع فى توافر الجدية لدى الشفيع، وإذا تم هذا الإجراء صحيحاً على هذا النحو فلا يزول أثره لقضاء المحكمة الجزئية بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى، ومن ثم يبقى الحق فى الأخذ بالشفعة بمناى عن السقوط، وإذ ألتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي بخصوص ذلك يكون على غير أساس .

(الطعن رقم 5789 لسنة 72 جلسة 2005/05/18 س 51 ع 1 ص 27 ( هيئة عامة )  )

5- إذ كان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن الثمن الحقيقي للعقار المشفوع فيه هو ثمانية وعشرون ألفاً وأربعمائة جنيه وأن المطعون ضده الأول (الشفيع) يعلم بحقيقة هذا الثمن ودلل الطاعن على ذلك بقرائن منها عدم مناسبة الثمن المودع لثمن المثل للأرض موضوع الشفعة وقدم أصل عقد العقار المشفوع فيه ثابتاً به أن الثمن ثمانية وعشرون ألفاً وأربعمائة جنيه وطلب إحالة الدعوى للتحقيق أو ندب خبير لإثبات ذلك بيد أن الحكم المطعون فيه لم يأبه لهذا الدفاع ولا إلى طلب تحققه وأقام قضاءه على أن الثمن الحقيقي للعقار المشفوع فيه هو خمسة آلاف جنيه استناداً من الحكم المطعون فيه إلى صورة ضوئية لعقد البيع وطلب شهر العقد المقدم من وكيل الطاعن ذكر فيه أن الثمن خمسة آلاف جنيه، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد جحد الصورة الضوئية للعقد المشار إليه بما تنحسر به حجيتها فى الإثبات، وكان طلب شهر العقد لا يفيد بذاته انتفاء علم المطعون ضده الأول (الشفيع) بالثمن الحقيقي للعين المشفوع فيها فإن الحكم المطعون فيه فى التفاته عن تحقيق دفاع الطاعن فى هذا الخصوص رغم جوهرية هذا الدفاع وفي قضائه من بعد التفاته بأحقية المطعون ضده الأول فى أخذ العقار المشفوع فيه بالشفعة بالثمن الوارد فى الصورة الضوئية المجحودة لعقد البيع فإن يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع مما أساسه للخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 5789 لسنة 72 جلسة 2005/05/18 س 51 ع 1 ص 27 ( هيئة عامة )  )

6- متى كان الثمن المسمى فى عقد البيع المشفوع فيه صورياً وأقل من الثمن الحقيقي فإن للشفيع بإعتباره من الغير فى هذا العقد أن يأخذ بالعقد الظاهر ولا يلزم إلا بدفع الثمن المذكور فيه متى كان حسن النية بألا يكون عالماً بهذه الصورية وقت إظهار رغبته فى الأخذ بالشفعة وعبء الإثبات علمه بهذه الصورية يقع على عاتق من يدعيه وهو المشفوع ضده بأن يثبت مع صورية الثمن الظاهر علم الشفيع بحقيقة الثمن الذي تم به البيع فعلاً من قبل إعلان رغبته فى الأخذ بالشفعة فإن أفلح فى إثبات هذين الأمرين معاً كان الإيداع الذي قام به الشفيع ناقصاً أي مخالفاً لما أوجبته المادة 942 /2 من القانون المدني بما يسقط حق هذا الشفيع فى الأخذ بالشفعة، أما إذا فشل فى إثبات أي من هذين الأمرين أي لم يثبت أن الثمن المبين فى عقد البيع صوري ويقل عن الثمن الحقيقي أو اثبت ذلك ولكنه لم يثبت سوء نية الشفيع فان الثمن المبين فى العقد يعتبر من الناحية القانونية أنه هو الثمن الحقيقي بالنسبة لهذا الشفيع فيحق له الأخذ بالشفعة لقاءه ويكون إجراء الإيداع على هذا النحو صحيحاً قانوناً .

(الطعن رقم 5737 لسنة 62 جلسة 2000/01/13 س 51 ع 1 ص 118 ق 17)

7- اذ كان البين من الأوراق ان أياً من المطعون ضدهم لم يتمسك امام محكمة الموضوع بأن الطاعن الشفيع كان يعلم بصورية الثمن المسمى فى العقد المسجل المشفوع فيه أو طلب منها تمكينه من اثبات ذلك، فإن الحكم المطعون فيه اذ لم يعول على مقدار الثمن المودع من الطاعن والمسمى فى العقد متخذاً الثمن الوارد على خلافه بتقرير الخبير حجة على الطاعن ليلقى عليه تبعاً لذلك عبء اثبات صوريته وان الثمن الحقيقى هو الوارد فى العقد المسجل وهو ما ادى به الى القضاء بسقوط حق الطاعن فى أخذ العقار بالشفعة فإنه يكون فيما ذهب وانتهى اليه قد خالف القانون واخطأ فى تطبيقه .

(الطعن رقم 5737 لسنة 62 جلسة 2000/01/13 س 51 ع 1 ص 118 ق 17)

8- لما كانت محكمة الموضوع قد عهدت الى الخبير المنتدب بحث النزاع وبيان الثمن الحقيقى للارض المشفوع فيها وقت البيع والذى خلص فى تقريره الى ان سعر الارض مقداره .......... مراعياً فى ذلك تربه الارض وصقعها ومجارتها لمبانى بعضها حديث وبعضها قديم وجميع العناصر المؤثرة فى الاسعار وتلك السائدة فى منطقة عقار النزاع بما مؤداه ان هذا التقرير بنى على اعتبارات متعلقه بالقيمة التى كانت تساويها الارض المشفوع فيها وقت البيع ولا علاقة لها بالثمن الحقيقى الذى اتفق عليه الطاعن مع المطعون ضده الاول، واذ التفت الحكم المطعون فيه عن طلب الطاعن احالة الدعوى الى التحقيق لاثبات الثمن الحقيقى للارض المشفوع فيها فانه يكون فضلاً عن مخالفته القانون مشوبا بالاخلال بحق الدفاع .

(الطعن رقم 7474 لسنة 65 جلسة 1996/11/20 س 47 ع 2 ص 1324 ق 242)

9- الشفيع -وعلى ماجرى به القضاء هذه المحكمة - فى حالة عدم إنذاره بالبيع ليس له من سبيل إلى معرفة الثمن الحقيقى الذى تم به هذا البيع فيجوز له إبداع الثمن الذى يعتقد أنه مقابل البيع أن يكمله عندما يتحقق من الثمن الحقيقى فيصبح الإيداع وإذا كان الثابت من الأوراق أن الشفيع كان قد بادر بإعلان رغبته فى الأخذ بالشفعة أى البائع والمشترى - الطاعن والمطعون ضده الثانى - قبل أن يوجه إليه إنذار الرسمى المنصوص عليه فى المادة 940من القانون المدنى وأودع خزانة المحكمة الثمن الذى قدرأن البيع حصل بموجبه" ثلاثة آلاف جنيه " ثم رفع دعوى الشفعة طالبا أخذ العقار المبيع بالشفعة مقابل الثمن الذى أودعه ثم قدم عقد البيع وثبت به أن الثمن مقداره ثلاثون ألف جنيه ثم ندبت المحكمة خبيرا لتقدير الثمن الذى حصل به البيع بمبلغ 250،5837 جنيه ولم يودع الشفيع الفرق بين المبلغ الذى أودعه الثمن الذى قدره الخبير وأخذت به المحكمة الموضوع فإنه لا يكون بذلك قد أودع كامل الثمن طبقا لما تفرضه المادة2/942من القانون المدنى بعد علمه اليقينى بحقيقة الأمر المسقط لحقه فى أخذ العقار المبيع بالشفعة.

(الطعن رقم 1027 لسنة 63 جلسة 1993/12/09 س 44 ع 3 ص 382 ق 355)

10- وضع القانون المدني نظاماً معيناً لإجراءات الأخذ بالشفعة نص عليه فى المواد من 940 إلى 943 وجعل إجراءات هذا النظام مرتبطة بعضها ببعض ارتباطاً وثيقاً وماسة بذات الحق وأوجب اتباعها وإلا سقط الحق فى الشفعة وكانت هذه الإجراءات جميعاً تبدأ من جانب الشفيع من تاريخ إعلان رغبته فى الأخذ بالشفعة وأن المشرع أوجب فى المادة 940 من القانون المدني على المشترى أو البائع إنذار الشفيع بحصول البيع وحدد فى المادة 941 من ذات القانون البيانات التي يجب أن يشتمل عليها وهي بيان العقار الجائز أخذه بالشفعة بياناً كافياً وبيان الثمن والمصرفات الرسمية وشروط البيع واسم كل من البائع والمشترى ولقبه وصناعته وموطنه وذلك بهدف علم الشفيع الشامل بأركان البيع الجوهرية لكي يقدر مصلحته فى طلب الشفعة ويتمكن من توجيه طلبه إلى من يجب توجيهه إليه، فإن القانون قد حدد طريقة خاصة لهذا العلم وهو ذلك الإنذار الرسمي المتضمن لتلك البيانات وإنه لا مجال للاعتداد بعلم الشفيع بها بغير تلك الوسيلة التي حددها القانون. فإذا لم يتم انذار الشفيع بالطريق الذي رسمه القانون فإن ميعاد إعلان رغبته فى أخذ العقار المبيع بالشفعة يكون منفتحاً أمامه إلى ما بعد تسجيل البيع بأربعة أشهر طبقاً لنص الفقرة ب من المادة 948 من القانون المدني.

(الطعن رقم 172 لسنة 54 جلسة 1991/02/14 س 42 ع 1 ص 446 ق 75)

11- إيداع كامل الثمن الحقيقي فى الميعاد وعلى الوجه المبين فى المادة 942 من القانون المدني هو شرط لقبول دعوى الشفعة. فإن تخلف هذا الشرط فى الدعوى رقم 363 لسنة 1969 مدني دمنهور الابتدائية لا يمنع الشفعاء من تداركه وإعلان رغبتهم فى أخذ أرض النزاع بالشفعة فى صحيفة الدعوى رقم 481 لسنة 1969 مدني دمنهور الابتدائية التي رفعت رأساً على البائعين والمشترى ما دامت إجراءات هذه الدعوى قد اتخذت فى وقت كان ميعاد إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة لم يزل مفتوحاً بسبب عدم توجيه الإنذار إلى الشفعاء بحصول البيع أصلاً طبقاً لما أوضحته المادة 941 سالفة الذكر وعدم تمام إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة فى صحيفة الدعوى الأولى لجميع أطراف البيع لسبب لا يسأل عنه الطاعنون متى كان لم يوجه إليهم إنذار بالبيع يتضمن بياناً بموطن المطعون ضدها العاشرة التي لم يتم إعلانها من قبل بتلك الرغبة.

(الطعن رقم 172 لسنة 54 جلسة 1991/02/14 س 42 ع 1 ص 446 ق 75)

12- إستخلاص الثمن الحقيقى من مسائل الواقع التى تستقل بها محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة . ولما كانت محكمة الإستئناف قد عهدت إلى الخبير المنتدب لبحث النزاع بيان الثمن الحقيقى للأرض المشفوع فيها و مدى مطابقتها للثمن المسمى بعقد البيع المسجل رقم ........ فإنتهى الخبير من بحثه إلى أن ثمنها الحقيقى يبلغ 3000 جنيه إستناداً لما هو ثابت بعقد البيع المسجل آنف البيان وأشار فى تقريره إلى أن الطاعن إدعى بأن الثمن الحقيقى يبلغ 4868.750 جنيهاً حسبما إتفق الطرفان فى عقد البيع الإبتدائى دون أن يقدم دليلاً على ذلك سوى العقد المسجل ، وكان الحكم المطعون فيه قد صدق على ما إنتهى إليه الخبير فى تقريره بخصوص الثمن الحقيقى للأرض المشفوع فيها ، لما كان ذلك و كانت أوراق الدعوى تدخلت مما يفيد صحة ما يدعيه الطاعن من تقديمه للمحكمة العقد الإبتدائى لأض النزاع إستدلالاً على أن ثمنها الحقيقى بما يزيد عن الثمن المثبت بالعقد المسجل ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بأسبابه سالفة البيان سائغاً و يكفى لحمل ما خلص إليه من أن الثمن الحقيقى الذى حصل به بيع تلك الأرض هو 3000 جنيه ، فإن النعى عليه بهذا السبب يكون على غير أساس .

(الطعن رقم 1221 لسنة 58 جلسة 1990/03/15 س 41 ع 1 ص 767 ق 128)

13- إنه ولئن كان المشرع لم يلزم الشفيع سوى بإيداع الثمن الحقيقى فحسب وأغفل ملحقات الثمن فيما يجب إيداعه بما ينبنى عليه عدم سقوط الحق فى الأخذ بالشفعة فى حالة عدم إيداع الملحقات إلا أن دعوى الشفعة تتسع مع هذا لبحث النزاع الذى يقوم بين طرفى الخصومة حول الزام الشفيع بأداء ملحقات الثمن من مصروفات رسمية وغير رسمية بحيث يتعين على المحكمة أن تفصل فى هذه المنازعة سواء أثيرت من جانب الشفيع أو المشترى ما دامت مطروحة عليها - لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الشفعاء المطعون ضدهم طلبوا الحكم بأحقيتهم فى أخذ العقار بالشفعة مقابل الثمن والمصاريف والملحقات ، وأن الخصوم تجادلوا أمام محكمة الدرجة الأولى دفعاً ورداً فى شأن قيمة هذه الملحقات ووجه الشفعاء للطاعنين اليمين الحاسمة فى شأن قيمة السمسرة ومصاريف المهندس الذى عاين العقار - كما استمرت المجادلة بين الخصوم فى ذلك الشأن أمام محكمة الإستئناف بما مؤداه أن النزاع بشأن قيمة الملحقات التى يلزم الشفعاء بدفعها للطاعنين كان مطروحاً مع طلب الشفعة أما محكمة الموضوع ومن ثم فهى تلتزم بالفصل فيه باعتبار أن الخصومة حق مشترك بين طرفيها وقد طرح كل منهما أمر هذه الملحقات فى دفاعه وطلباته الموضوعية فى الدعوى بما ينتفى معه وجه القول بوجوب المطالبة بها إستقلالا بطلب عارض رغم كونها مطروحة فعلا من جانب الطرفين وتناضلهم فيها طلباً ودفاعاً - لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن الشفيع لا يلزم بإيداع ملحقات الثمن بخزينة المحكمة وأن الطاعنين و شأنهم فى المطالبة بها بدعوى مستقلة بعد أن تقاعسوا عن إتخاذ الإجراء المناسب للمطالبة بها فى دعوى الشفعة فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون و الخطأ فى تطبيق القانون.

(الطعن رقم 1644 لسنة 51 جلسة 1985/04/09 س 36 ع 1 ص 565 ق 119)

14- إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة لا يعدو أن يكون ورقة من أوراق المحضرين يسرى عليه ما يسرى على تلك الأوراق من أحكام وهى بالنظر إلى أنها شكلية ورسمية فالكتابة شرط للإعتراف بوجودها ، ولا يثبت إعلان الخصم بالرغبة فى الأخذ بالشفعة وتاريخ هذا الإجراء إلا من واقع الورقة المثبته له أو صورتها إذ هى لاتستكمل دليل صحتها إلا من مجموع بياناتها ، ولا يجوز تكملة النقص فى البيانات الموجودة بها بدليل غير مستمد من الورقة ذاتها مهما بلغت قوة هذا الدليل ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد إلتزم هذا النظر ولم يعتد بإقرار المطعون ضده الثانى [البائع] بإعلانه فى منتصف شهر يونيو سنة 1976 بإنذار المطعون ضدها الأولى [الشفيعة] برغبتها فى أخذ العقار المبيع بالشفعة لأنه دليل غير مستمد من ورقة من أوراق المحضرين المثبتة لهذا الإعلان أو صورته ، ولم يثبت بالأوراق إعلانه بذلك قبل تاريخ 1976/7/31 فإنه لا يكون قد أخطأ فهم الواقع أو أخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 417 لسنة 48 جلسة 1981/04/29 س 32 ع 1 ص 1334 ق 243)

15- أوجب الشارع فى الفقرة الثانية من المادة 942 من القانون المدني على الشفيع أن يودع - فى خلال الميعاد الذي حدده - خزانة المحكمة الكائن فى دائرتها العقار كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع، ورتب على عدم إتمام الإيداع على هذا النحو سقوط حق الأخذ بالشفعة، وقد دل بذلك على أن يدفع كامل الثمن الحقيقي فى الميعاد بالكيفية التي حددها - هو شرط أساسي لقبول دعوى الشفعة مما يخول المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بسقوط حق الشفيع فى الأخذ بالشفعة إن هو أخل بما أوجبه عليه الشارع فى خصوص إيداع الثمن، ويجيز لمحكمة النقض أن تثير ذلك فى الطعن - باعتباره مسألة تتعلق بالنظام العام متى كانت واردة على ما رفع عنه الطعن وكانت جميع العناصر التي تتيح الإلمام بها قد توافرت لدى محكمة الموضوع. ومن المقرر أن إيداع الثمن باعتباره إجراء من إجراءات دعوى الشفعة يتعين اتخاذه أمام المحكمة المختصة قانوناً بنظرها وإلا سقط الحق فى الأخذ بالشفعة وإذ كان المطعون ضده قد أودع الثمن خزانة المحكمة الجزئية دون المحكمة الابتدائية الواقع بدائرتها العقار المشفوع فيه والتي أحيلت إليها الدعوى لنظرها باتفاق الخصوم باعتبارها المحكمة المختصة بنظرها، وقد دفع الطاعنان أمامها بسقوط حق المطعون ضده فى الأخذ بالشفعة لعدم إيداع الثمن خزينتها، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بأحقيته فى أخذ العقار بالشفعة مقابل الثمن المودع خزانة المحكمة الجزئية يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تأويله وتفسيره.

(الطعن رقم 488 لسنة 45 جلسة 1978/06/28 س 29 ع 1 ص 1595 ق 308)

16- إذ كانت المادة 942 من القانون المدنى نصت على أنه " يجب خلال ثلاثين يوما على الأكثر من تاريخ إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة - أن يودع خزانة المحكمة الكائن فى دائرتها العقار كل الثمن الحقيقى الذى حصل به البيع مع مراعاة أن يكون هذا الإيداع قبل رفع الدعوى بالشفعة ، فان لم يتم الإيداع فى هذا الميعاد على الوجه المتقدم سقط حق الأخذ بالشفعة " وكان إيداع الثمن الحقيقى خزانة المحكمة فى خلال الموعد الذى حددته المادة السالفة هو إجراء من إجراءات دعوى الشفعة فإنه يتعين إتخاذه أمام المحكمة المختصة قانوناً بنظر تلك الدعوى ، يؤكد ذلك أن المادة 943 من القانون المدنى قد حددت المحكمة التى ترفع إليها دعوى الشفعة بأنها المحكمة الكائن فى دائرتها العقار المشفوع فيه مستخدمة ذات العبارة التى حددت بها المادة 2/942 السابقة عليها المحكمة التى يجب أيداع الثمن الحقيقى بخزانتها إذ إستخدام هذه العبارة فى القضية بمعنى أصطلاحى واحد يدل على وجوب إيداع الثمن الحقيقى للعقار المشفوع فيه بخزانة المحكمة المختصة قانوناً بنظر دعوى الشفعة وإلا سقط الحق فيها ، وإذ كان المطعون ضده الأول قد أودع هذا الثمن خزانة محكمة أدفو الجزئية دون محكمة أسوان الإبتدائية الواقع بدائرتها العقار المشفوع فيه والتى رفعت إليها دعوى الشفعة ، وقد إعتبر الحكم المطعون فيه إيداع الثمن بخزينة المحكمة الجزئية صحيحاً تأسيسا على أن العقار يقع بدائرة محكمة أدفو الجزئية وإن كانت محكمة أسوان الإبتدائية هى المختصة بنظر الدعوى ، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تأويله وتفسيره بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن ، ونظرا لأن الموضوع صالح للفصل فيه ، ولما تقدم لا يعتد بالإيداع الحاصل و يعتبر طالب الشفعة متخلفا عن إيداع الثمن وفقا للقانون مما يسقط حقة فى الأخذ بالشفعة ويتعين لذلك إلغاء الحكم المستأنف و القضاء بسقوط حق المطعون ضده الأول فى الشفعة و رفض دعواه .

(الطعن رقم 376 لسنة 44 جلسة 1977/12/14 س 28 ع 2 ص 1794 ق 306)

17- إذ أوجب الشارع فى الفقرة الثانية من المادة 942 من القانون المدنى على الشفيع أن يودع فى خلال ثلاثين يوما على الأكثر من تاريخ إعلان الرغبة فى الشفعة خزانة المحكمة الكائن فى دائرتها العقار كل الثمن الحقيقى الذى حصل به البيع ، مع مراعاة أن يكون هذا الإيداع قبل رفع الدعوى بالشفعة ، وإذ رتب على عدم إتمام الإيداع فى الميعاد المذكور على الوجه المتقدم سقوط حق الأخذ بالشفعة ، فقد دل على أن إيداع كامل الثمن الحقيقى فى ذلك الميعاد هو شرط لقبول دعوى الشفعة فلا يملك البائع إعفاء الشفيع من شرط أوجبه القانون ، لأنه فضلاً عن أن هذا الإعفاء مخالف لصريح النص ، فإن الشرط المذكور لم يتقرر لمصلحة البائع وحده ، وإنما وضع لمصلحة من يكون له الحق فى الثمن المودع كله أو بعضه عندما يثبت حق الشفعة بحكم نهائى ، سواء كان صاحب هذا الحق هو المشترى الذى عجل كل الثمن أوبعضه للبائع ، أم هو البائع الذى لم يستوف الثمن كله ولا تعارض بين إشتراط القانون هذا الإيداع لقبول دعوى الشفعة وبين ما نص عليه فى المادة 9/945 من القانون المدنى من أنه لا يحق للشفيع الإنتفاع بالأجل الممنوح للمشترى فى دفع الثمن إلا برضاء البائع ، ذلك أن هذا النص الأخير إنما ورد بصدد بيان أثار الشفعة ، أى بعد أن يثبت حق الشفيع فى الشفعة رضاء أو قضاء ، ويصبح الثمن من حق البائع وحده فيكون له فى هذه الحالة أن يمنح الشفيع فى الوفاء به الآجل الممنوح للمشترى ومن ثم لا يجوز استنادا إلى هذا النص تخويل البائع حق الإعفاء من شرط أوجبة القانون لقبول دعوى الشفعة . وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ، فإن النعى عليه بالخطأ فى تطبيق القانون يكون على غير أساس .

(الطعن رقم 718 لسنة 41 جلسة 1976/01/29 س 27 ع 1 ص 347 ق 75)

18- يجب على الشفيع الذى يريد ممارسة حقه فى الأخذ بالشفعة فى حالة توالى البيوع أن يستعمل حقه وفقا للمادة 938 من القانون المدنى قبل المشترى الثانى وبالشروط التى اشترى بها متى ثبت أن البيع لذلك الأخير قد تم قبل تسجيل طلب إعلان الرغبة فى الشفعة . ولا يقدح فى ذلك ما قد يوهم به نص المادة المشار إليها من وجود إختلاف بينها وبين نص المادة التاسعة من قانون الشفعة الملغى ، لأن مرد ذلك إلى عدم أحكام الصياغة اللفظية للمادة 938 سالفة الذكر ، فالوقت المعول عليه لعدم الاحتجاج على الشفيع بالبيع الثانى هو وقت تسجيل إعلان الرغبة ، ولا عبرة بتاريخ حصول الإعلان ، ومما يؤيد هذا النظر المادة 947 من القانون المدنى التى تقضى بأنه لا يسرى فى حق الشفيع أى تصرف يصدر من المشترى إذا كان قد تم بعد التاريخ الذى سجل فيه إعلان الرغبة فى الشفعة ، مما مؤداه بمفهوم المخالفة أنه لا يحق للشفيع أن يتحلل من واجب إدخال المشترى الثانى فى دعوى الشفعة طالما أنه قد ثبت أن البيع لذلك الأخير قد تم قبل تسجيل إعلان رغبة الشفيع ، يؤكد هذا النظر أنالمادة 942 من القانون المدنى قضت بأن إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة لا يكون حجة على الغير إذا سجل . ولا عبرة بما يسوقه الطاعنان "الشفيعان" من أن عقد المشترى الثانى عقد صورى قصد به التحايل لمنع الشفعة إذ أن دعوى الشفعة لا تكون مقبوله إلا إذا دارت الخصومه فيها بين جميع أطرافها مهما تعددوا ، الأمر الذى يستلزم أن توجه الدعو ى إلى المشترى الثانى ، إذ هو صاحب الشأن الأول فى دفع الصورية و إثبات جدية عقده

(الطعن رقم 192 لسنة 36 جلسة 1970/11/10 س 21 ع 3 ص 1130 ق 184)

19- الشفعة رخصة تجيز تمليك العقار المبيع كله أو بعضه و لو جبرا على المشترى و البائع بما قام عليه من الثمن والمؤن، والحكم الذى يصدر نهائيا بثبوتها يعتبر سندا لملكية الشفيع يقوم مقام عقد البيع الذى يترتب عليه أن يحل الشفيع قبل البائع محل المشترى فى جميع حقوقه والتزاماته . لما كان ذلك فإنه يجب على الحكم بهذه المثابة أن يعنى بتحديد الثمن الذى يلتزم الشفيع بدفعه مقابل تملكه العقار ، سواء للبائع إذا لم يكن قد قبضه أو للمشترى إذا كان قد أداه . وإذ كان الحكم قد أغفل النص فى أسبابه ومنطوقه على الثمن الواجب على الشفيع دفعه لقاء امتلاك العين المشفوع فيها ، فإنه يكون قد خالف القانون ، ولا يغير من ذلك تقريره فى الأسباب أن الثمن مودع وغير متنازع فيه ، إذ يتعين عليه أن يبين صاحب الحق فى هذا الثمن المودع .

(الطعن رقم 575 لسنة 35 جلسة 1970/03/19 س 21 ع 1 ص 470 ق 75)

20- إذا كان طالب الشفعة لم يودع كل الثمن طبقا لما توجبه المادة 942 من القانون المدنى بعد أن علم به علما يقينا من عقد البيع الذى قدمته المشترية ، فإن الحكم المطعون فيه إذا قضى بسقوط حقه فى الأخذ بالشفعة لعدم إيداعه كل الثمن الحقيقى الذى حصل به البيع و ذلك بالتطبيق لنص الفقرة الثانية من المادة 942 من القانون المدنى يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحاً ، لأنه إذا صح لطالب الشفعة أن يحتج بعدم علمه بحقيقة الثمن الذى حصل به البيع عند الإيداع ورفع دعوى الشفعة فإنه لايكون لهذا الإحتجاج وجه بعد تقديم عقد البيع من المشترية الثابت به الثمن الذى حصل به البيع ، كما لا يعفى طالب الشفعة من إيداع هذا الثمن كونه طعن عليه بالصورية لأنه فى هذه الحالة يكون مجازفا فيتحمل خطر هذه المجازفة إذا أخفق فى إثبات هذه الصورية .

(الطعن رقم 259 لسنة 35 جلسة 1969/05/01 س 20 ع 2 ص 706 ق 113)

21- الرهبنة - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - نظام متبع لدى بعض الطوائف المسيحية فى مصر . وقد إعترفت به الحكومة إذ منحت الرهبان بعض المزايا فأعفتهم من الخدمة العسكرية ومن الرسوم الجمركية ، وقد صرح الأمر العالى الصادر فى1883/5/14 بترتيب المجلس الملى لطائفة الأقباط الأرثوذكس وتحديداً إختصاصاته بأن للرهبنة نظاماً خاصاً يجب إحترامه والعمل على نفاذ الأحكام المقررة له . ووفقاً لهذه الأحكام لا تعدم الرهبنة شخصية الراهب ولا تمس أهلية وجوبه إذ يظل صالحاً لإكتساب الحقوق والتحمل بالإلتزامات ، وإنما يعتبر كل ما يقتنيه الراهب بعد إنخراطه فى سلك الرهبنة ملكاً للبيعة التى كرس حياته لخدماتها لأنه يعتبر طبقاً لأحكام الكنسية نائباً عن البيعة هذه الأموال إذ الأصل أن الراهب يدخل الدير فقيراً مجرداً عن كل مال كى يثقف ويربى وفقاً لأحكام الدين على حساب الدير وهو راض بالنظام الكنسى القاضى بأن كل ما يصيبه من رزق يعتبر أصلاً ملكاً للكنيسة ما لم يثبت عكس ذلك . وهذا الذى جرى عليه العرف الكنسى ليس فيه ما يخالف أحكام القانون أو مبادىء النظام العام .

(الطعن رقم 9 لسنة 32 جلسة 1966/05/01 س 17 ع 3 ص 1291 ق 176)

22- المناط فى أحقية الطاعن بوصفه راهباً - فى المطالبة بالشفعة يتحدد ، لا بما إذا كانت العين التى يشفع بها مملوكة له ملكية خاصة فحسب ، بل بما إذا كان المبلغ الذى أودعه ثمناً للعقار المشفوع فيه من ماله الخاص أيضا . فإذا كان الطاعن قد إقتصر على التمسك أمام محكمة الموضوع بأن العين التى يشفع بها مملوكة له ملكية خاصة . ولم يدع أن ثمن العقار المشفوع فيه الذى أودعه خزانة المحكمة هو من ماله الخاص . وكان ما قرره الطاعن من أن العين المشفوع بها هى من ماله الخاص لايدل بذاته على أن الثمن الذى أودعه يخرج عن مال البيعة ، وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة على أن يملكه الطاعن من مال بعد إنخراطه فى سلك الرهبنة يعتبر ملكاً للبيعة التى يتبعها وعلى أن الطاعن رفع دعوى الشفعة لحسابه الخاص لا بوصفه ممثلاً للكنيسة ، فإن هذا الذى قرره الحكم يكون صحيحاً فى القانون .

(الطعن رقم 9 لسنة 32 جلسة 1966/05/01 س 17 ع 3 ص 1291 ق 176)

23- الثمن الذى توجب المادة 942 من القانون المدنى على الشفيع إيداعه حتى لايسقط حقه فى الأخذ بالشفعة هو الثمن الذى حصل الاتفاق عليه بين البائع والمشترى وانعقد به البيع و لايكون هذا الثمن دائماً هو الثمن المسمى فى العقد إذ يحتمل أن يكون هذا الثمن غير حقيقى بقصد تعجيز الشفيع عن الأخذ بالشفعة ، وللشفيع أن يطعن فى هذا الثمن بالصورية وبأنه يزيد على الثمن الحقيقى وعندئذ يقع عليه عبء إثبات هذه الصورية و له أن يثبتها بطرق الإثبات القانونية كافة بحيث إن عجز عن إثباتها اعتبر أنه قد تخلف عن الإيداع المفروض عليه قانوناً إن كان المبلغ الذى أودعه يقل عن الثمن المسمى فى العقد .

(الطعن رقم 27 لسنة 29 جلسة 1963/12/05 س 14 ع 3 ص 1131 ق 161)

24- ايداع كامل الثمن الحقيقى فى الميعاد القانونى وعلى الوجه المبين فى المادة 942 من القانون المدنى شرط لقبول دعوى الشفعة و لا يعفى من واجب ايداع الثمن كاملاً أن يكون متفقاً على تأجيل بعضه فى عقد البيع المحرر بين المشترى و البائع و لا تعارض بين اشتراط القانون هذا الايداع لقبول دعوى الشفعة وبين ما نص عليه فى المادة 945 مدنى من أنه لا يحق للشفيع الانتفاع بالأجل الممنوح للمشترى فى دفع الثمن إلا برضاء البائع ، ذلك أن البائع لا يملك اعفاء الشفيع من شرط أوجبه القانون ، كما أن هذا النص إنما ورد بصدد بيان آثار الشفعة أى بعد أن يثبت حق الشفيع فى الشفعة رضاء أو قضاء و يصبح الثمن من حق البائع وحده فيكون له فى هذه الحالة أن يمنح الشفيع فى الوفاء به الأجل الممنوح للمشترى .

(الطعن رقم 284 لسنة 28 جلسة 1963/11/07 س 14 ع 3 ص 1011 ق 144)
 

شرح خبراء القانون

أهم تعديل استحدثه التقنين المدني الجديد، للتضييق من حق الأخذ بالشفعة، هو التعديل القاضي بوجوب إيداع الشفيع خزانة المحكمة " كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع، مع مراعاة أن يكون هذا الإيداع قبل رفع الدعوى بالشفعة، فإن لم يتم الإيداع فى هذا الميعاد على الوجه المتقدم سقط حق الأخذ بالشفعة " ( م 942 / 2 مدني ) . ولم يكن قانون الشفعة السابق بوجوب هذا الإيداع، بل كان يقتصر على النص على أن يكون إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة " مشتملاً على عرض الثمن وملحقاته الواجب دفعها قانوناً " ( م 14 / 1 من قانون الشفعة السابق ) . فلم يكن عرض الثمن عرضاً حقيقياً محتماً، يله الإيداع في خزانة المحكمة، بل كان يكفي أن يبدي الشفيع استعداده لدفع الثمن وملحقاته في صحيفة دعوى الشفعة، فوضع التقنين المدني الجديد، بإيجابه إيداع الثمن خزانة المحكمة، حداً لدعاوى الشفعة غير الجدية التي يقصد بها في الغالب فتح المجال للمضاربة عن طريق تهديد المشتري حتى يضطر إلى مساومة الشفيع على ترك دعوى الشفعة لقاء مبلغ من المال لا سيما إذا لوحظ أن الشفيع لم يكن ملزماً في قانون الشفعة السابق، كما هو ملزم في التقنين المدني الجديد ( م 943 مدني )، بقيد الدعوى في ميعاد معين، فكان يكتفي بإعلان صحيفتها دون أن يقيدها، ثم يفتح الباب لمساومة المشتري وهكذا ضيق التقنين المدني الجديد بهذا الحكم أشد التضييق من حق الشفعة، إذا أصبح واجباً على الشفيع أن يودع خزانة المحكمة كل الثمن قبل رفع دعوى الشفعة، وليس هذا بالأمر اليسير في كثير من الأحوال .

تنص الفقرة الأولى من المادة 942 مدنى على ما يأتي :

 " إعلان الرغبة بالأخذ بالشفعة يجب أن يكون رسمياً، وإلا كان باطلاً، ولا يكون هذا الإعلان حجة على الغير إلا إذا سجل".

فمتى أنذر الشفيع بوقوع البيع على الوجه الذي بسطناه فيما تقدم، فإنه يجب عليه، إذا أراد الأخذ بالشفعة، أن يبدي رغبته في ذلك، وأن يعلن هذه الرغبة إلى كل من المشتري والبائع وقد رأينا أن المادة 940 مدني تقول : " على من يريد الأخذ بالشفعة أن يعلن رغبته فيها إلى كل من البائع والمشتري . . . " فإعلان الرغبة يوجه من الشفيع إذا كان واحداً، أو من كل شفيع يريد الأخذ بالشفعة إذا تعدد الشفعاء . ويجب أن يوجه إلى كل من المشتري والبائع، فإذا وجه إلى أحدهما دون الآخر، أو وجه إلى أحدهما في الميعاد المقرر وإلى الآخر بعد الميعاد المقرر، كان بطلان ومن ثم تسقط شفعة الشفيع ذلك أن كلاً من المشتري والبائع خصم في دعوى الشفعة إذا أخذت بالتقاضي، وطرف فيها إذا تمت بالتراضي فالشفيع، إذا ثبت له الحق في الشفعة، يحل محل المشتري في مواجهة البائع، فيكون له حقوق المشتري قبل البائع وعليه التزاماته نحوه، ومن ثم كان هو طرفاً في الشفعة والطرف الآخر هو كل من المشتري والبائع.

ويكون إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة لكل من المشتري والبائع إعلاناً رسمياً على يد محض، وإلا كان باطلاً، كما تنص على ذلك صراحة المادتان 940 و 942 / 1 مدني سالفتا الذكر.

وإذا أعلن الشفيع رغبته في الأخذ الشفعة على الوجه المتقدم الذكر، ولم يمض في الإجراءات التالية لذلك، كأن لم يودع الثمن خزانة المحكمة أو لم يرفع دعوى الشفعة في الميعاد القانوني على ما سنذكره، فإن حقه في الشفعة يسقط وإعلانه الرغبة في الأخذ بالشفعة إرادة منفردة صادرة من جانبه، فهي تصرف قانوني صادر من جانب واحد وفي رأينا أن هذه الإرادة التي صدرت من جانب الشفيع هي العنصر الذي يستكمل به عناصر الأخذ بالشفعة، وبمجرد إعلانها إلى كل من البائع والمشتري تتكامل هذه العناصر، فيحل الشفيع محل المشتري إزاء البائع بحكم القانون ومن ثم لا يجوز للشفيع أن يرجع في هذه الإرادة ويعدل عن طلب الشفعة بعد أن أعلن رغبته في الأخذ بها، إلا برضاء المشتري ولابد من هذا الرضاء أيضاً – ومن باب أولى – إذا رفع الشفيع دعوى الشفعة، وأراد بعد ذلك العدول عن طلبها أما الرأي الذي يقول بأن الشفيع لا يتم له الأخذ بالشفعة إلا بصدور حكم بثبوت حقه في ذلك أو بالتراضي عليها مع المشتري، وسيجيء بيان ذلك، فإنه يذهب بحكم منطقي إلى أنه يجوز للشفيع أن يعدل عن طلب الشفعة بعد أن أعلن رغبته في الأخذ بها، وذلك ما لم يقبل المشتري طلب الشفيع ويسلم له الشفعة ويخطره بهذا القبول، فعند ذلك لا يجوز للشفيع أن يرجع في طلبه لحصول تعاقد صريح بين الطرفين لا يجوز الرجوع فيه إلا بتراض جديد.

ويصح للشفيع أن يستغنى عن إعلان رغبته في الأخذ بالشفعة برفع دعوى الشفعة رأساً على كل من البائع والمشتري ولكن يشترط في ذلك أن تعلن عريضة الدعوى إلى كل من البائع والمشتري في خلال خمسة عشر يوماً من يوم الإنذار بوقوع البيع حتى تصلح العريضة لأن تكون إعلاناً بالرغبة في الأخذ بالشفعة حاصلاً في الميعاد القانوني، كما يشترط إيداع الثمن خزانة المحكمة قبل رفع الدعوى حتى يكون رفع الدعوى صحيحاً إذ تشترط الفقرة الثانية من المادة 942 مدنى كما سنرى " أن يكون هذا الإيداع قبل رفع الدعوى بالشفعة" وعند ذلك يحل إعلان عريضة الدعوى محل إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة، ويستطيع الشفيع بعد ذلك أن يمضي في الإجراءات ولكن إذا سلم المشتري عند بدء إجراءات الدعوى بشفعة الشفيع، فإن الشفيع هو الذي يتحمل مصروفات الدعوى إذ يتبين أنه كان في غنى عن رفعها.

ويجوز إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ولو قبل إنذار الشفيع بوقوع البيع، فيستطيع الشفيع دون أن ينتظر هذا الإعلان، وبمجرد علمه بوقوع البيع، أن يبادر إلى إعلان رغبته في الأخذ بالشفعة إلى كل من المشتري والبائع، بل يجوز للشفيع أن يجاوز مرحلة إعلان الرغبة إلى مرحلة رفع دعوى الشفعة رأساً، بعد أن يودع الثمن خزانة المحكمة، ويقدم إعلان عريضة الدعوى مقام إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة كما سبق القول.

ولكن إذا لم يوجد مبدأ للوقت الذي يجوز فيه للشفيع إعلان رغبته في الأخذ بالشفعة غير وقت وقوع البيع، فإنه توجد نهاية لهذا الوقت لا يستطيع الشفيع إذا جاوزها أن يعلن رغبته في الأخذ بالشفعة إعلاناً صحيحاً، ومن ثم تسقط شفعته، فهو لا يستطيع أولاً أن يعلن رغبته في الأخذ بالشفعة، إذا أنذره البائع أو المشتري بوقوع البيع، إلا في خلال خمسة عشر يوماً من هذا الإنذار وهو لا يستطيع ثانياً أن يعلن هذه الرغبة، إذا لم ينذره البائع أو المشتري بوقوع البيع، إلا في خلال أربعة أشهر من وقت تسجيل البيع، وهو لا يستطيع أخيراً إعلان هذه الرغبة، إذا لم ينذر البيع ولم يسجل هذا العقد، بعد خمس عشرة سنة من تمام عقد البيع لأن حقه في طلب الشفعة يكون قد سقط بالتقادم . 

ونتناول هذه الفروض الثلاثة على التعاقب :

أولاً –إذا أنذر الشفيع بوقوع البيع : رأينا أن المادة 940 مدني تنص على أنه " من يريد الأخذ بالشفعة أن يعلن رغبته فيها إلى كل من البائع والمشترى خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ الإنذار الرسمي الذي يوجهه إليه البائع أو المشتري، وإلا سقط حقه . ويزاد على تلك المدة ميعاد المسافة إذا اقتضى الأمر ذلك " . فيجب إذن على الشفيع، إذا أنذره أي من البائع أو المشتري بوقوع البيع وأراد الأخذ بالشفعة، أن يعلن رغبته إلى كل من البائع والمشتري في الأخذ بها في خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ وصول الإنذار الرسمي إليه بوقوع البيع وكانت المادة 19 / 2 من قانون الشفعة السابق تقضي بأن يسقط حق الشفعة " إذا لم يظهر الشفيع رغبته في الأخذ بالشفعة في ظرف خمسة شعر يوماً من وقت علمه بالبيع أو من وقت تكليفه رسمياً بإبداء رغبته سواء كان بناء على طلب البائع أو بناء على طلب المشتري ويزاد على هذه المدة عند الاقتضاء ميعاد المسافة ". وكان المشروع التمهيدي لنص المادة 940 من التقنين المدني الجديد موافقاً في حكمه لحكم المادة 19 / 2 من قانون الشفعة السابق، إذ كان يقضي بأن ميعاد الخمسة العشر يوماً يسري من وقت إنذار الشفيع بوقوع البيع أو من وقت علمه بذلك وقد حذفت لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب عبارة " من تاريخ علمه بالبيع "، فجعلت ميعاد الخمسة العشر يوماً يسري من تاريخ الإنذار الرسمي وحده دون العلم بالبيع، " إذا دلت التجارب على أن إثبات لعلم بالبيع كواقعة مادية يثير كثيراً من الإشكالات والقضايا، فحسماً لذلك رأت اللجنة أن تبدأ المدة من تاريخ الإنذار الرسمي وحده " . وأبدت لجنة مجلس الشيوخ وجهة النظر هذه، إذ رأت حسماً للخلاف ومنعاً للإشكالات أن تقتصر على أن الميعاد يبدأ من تاريخ الإنذار الرسمي، لأنه تاريخ ثابت لا يحتمل التأويل " .

وعلى ذلك لا يعتد بعلم الشفيع بوقوع البيع، كما كان يعتد به في قانون الشفعة الأسبق - ومهما أقام المشتري من دليل على علم الشفيع بالبيع وأثبت على وجه التحقيق أنه علم به في وقت معين، فإن ميعاد الخمسة العشر يوماً لا يسري من هذا الوقت . ويستطيع الشفيع أن ينتظر ولا يطلب الشفعة حتى يصله الإنذار الرسمي بوقوع البيع، ويبقى محتفظاً بحقه في طلب الشفعة المدة التي تفصل ما بين العلم بالبيع وتاريخ الإنذار الرسمي مهما طالت، فإذا ما وصله الإنذار الرسمي بوقوع البيع، فعند ذلك فقط يسري ميعاد الخمسة العشر يوماً، ويتعين عليه إذا أراد الأخذ بالشفعة أن يعلم رغبته في ذلك في خلال هذه المدة إلى كل من البائع والمشتري ويحسب ميعاد الخمسة العشر يوماً وفقاً للقواعد المقررة في قانون المرافعات فلا يحسب اليوم الذي سلم فيه الشفيع الإنذار الرسمي، وإلا كان الميعاد ناقصاً، وقد نصت المادة 20 / 1 مرافعات في هذا الصدد على أنه " إذا عين القانون للحضور أو لحصول الإجراءات ميعاداً مقدراً بالأيام أو بالشهور أو بالسنين، فلا يحسب منه يوم التكليف أو التنبيه أو حدوث الأمر المعتبر في نظر القانون مجرباً للميعاد . . . " ويحسب اليوم الأخير، فيجب على الشفيع أن يعلم رغبته في الأخذ بالشفعة بحيث يصل هذا الإعلان إلى كل من البائع والمشتري في ميعاد نهايته اليوم الخامس عشر من اليوم التالي لليوم الذي تسلم فيه الشفيع الإنذار الرسمي . وقد نصت المادة 20 / 1 مرافعات في هذا المعنى على أن " . . . ينقضي الميعاد بانقضاء اليوم الأخير منه، إذا كان ظرفاً يجب أن يحصل فيه الإجراء . . . " . ونصت المادة 6 مرافعات، في خصوص أن تكون العبرة بحصول الإعلان فعلاً إلى البائع والمشتري لا بتقديمه إلى قلم المحضرين، على أنه " إذا نص القانون على ميعاد حتمي لرفع دعوى أو طعن أو أي إجراء آخر يحصل بالإعلان، فلا يعتبر الميعاد مرعياً إلا إذا تم إعلان الخصم خلاله" وقد نصت العبارة الأخيرة من المادة 940 مدني كما رأينا، على أن " يزاد على تلك المدة ميعاد المسافة إذا اقتضى الأمر ذلك " . والمفروض هنا أن يكون بين موطن الشفيع وموطن البائع أو موطن المشتري مسافة يحسب لها ما يعاد، إذ المطلوب أن يعلن الشفيع كلاً من البائع والمشتري في مواطنه، فإذا بعد هذا الموطن عن موطن الشفيع يحسب لهذا البعد ميعاد المسافة الذي يقرره القانون . وقد نصت المادة 21 مرافعات في هذا الصدد على أنه " إذا كان الميعاد معيناً في القانون للحضور أو لمباشرة إجراء فيه، زيد عليه يوم لكل مسافة مقدارها خمسون كيلو متراً بين المكان الذي يجب الانتقال منه وبين المكان الذي يجب الانتقال إليه، وما يزيد من الكسور على ثلاثين كيلو متراً يزاد له يوم على الميعاد، ولا يجوز بأية حال أن يتجاوز ميعاد المسافة أربعة أيام . ويكون ميعاد المسافة خمسة عشر يوماً بالنسبة لمن يقع مواطنه في مناطق الحدود " . فإذا بعد موطن المشتري عن موطن الشفيع بمقدار خمسين كيلو متراً أو ستين كيلو متراً أو سبعين كيلو متراً، زيد ميعاد المسافة، بالنسبة إليه، يوماً واحداً فيصبح الميعاد ستة عشر يوماً . و إذا بعد موطن البائع عن موطن الشفيع بمقدار تسعين كيلو متراً أو مائة كيلو متر إلى مائة وثلاثين، زيد الميعاد، بالنسبة إليه، يومين فيصبح سبعة عشر يوماً وإذا بعد موطن أي من البائع أو المشتري عن موطن الشفيع بمقدار مائتي كيلو متر أو أكثر، زيد ميعاد المسافة، بالنسبة إليه، أربعة أيام فيصبح الميعاد تسعة عشر يوماً، وإذا وقع اليوم الأخيرمن ميعاد الخمسة الشعر يوماً فيما إذا لم تكن هناك مواعيد مسافة، أو وقع اليوم الأخير من الميعاد مضموماً إليه مواعيد المسافة متصلة به اتصالاً مباشراً بحيث يكون هو وإياها ميعاداً واحداً متواصل الأيام، في يوم عطلة رسمية، امتد الميعاد إلى أول يوم عمل بعدها. وقد نصت المادة 23 مرافعات في هذا الصدد على أنه " إذا صادف آخر الميعاد عطلة رسمية، امتد إلى أول يوم عمل بعدها " . فإذا ما انتهى ميعاد الخمسة العشر يوماً، وكانت الأيام الأربعة التالية لانتهائه أيام عطلة، وكان الواجب ضم ويمين إلى الميعاد للمسافة، فإن هذين اليومين يتصلان بالميعاد الأصلي اتصالاً مباشراً، وينتهيان نهاية اليومين الأولين من أيام العطلة، ولما كان اليوم التالي لانتهائهما هو يوم عطلة أيضاً وكذلك اليوم الذي يليه، إنه يجب إتمام إعلان الشفعة في اليوم التالي مباشرة لانتهاء أيام العطلة الأربعة.

والميعاد، ضمت إليه مواعيد مسافة أو لم تضم، ليس مدة تقادم بل مدة سقوط، فيسري حتى على الغائبين ومن كان غير أهل  للتصرف، ولا يقبل الانقطاع  ولا الوقف.

تسجيل إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة : رأينا أن الفقرة الأولى من المادة 942 مدنى تنص على أن " إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة يجب أن يكون رسمياً، وإلا كان بطالً . ولا يكون هذا الإعلان حجة على الغير إلا إذا سجل " . ويخلص من هذا النص أن تسجيل إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة ليس إجراء ضرورياً من إجراءات الشفعة، وإنما هو طريق لجعل هذا الإعلان حجة على الغير، فيستطيع الشفيع بعد إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة ألا يسجل هذا الإعلان، ويمضي في إجراءات الشفعة التالية فيودع الثمن خزانة المحكمة ويرفع دعوى الشفعة ويستصدر حكماً بثبوت حقه في الشفعة، ولا يمنعه من ذلك أن إعلان طلب الشفعة لم يسجل . ولكنه في هذه الحالة يعرض نفسه لخطر تصف المشتري في العقار المشفوع فيه، ويصبح هذا التصرف نافذاً في حق الشفيع ما دام قد صدر قبل تسجيل إعلان طلب الشفعة، حتى لو صدر بعد ذلك حكم يقضي بثبوت حق الشفعة للشفيع . فيجدر إذن بالشفيع، إذا أعلن رغبته في الأخذ بالشفعة لكل من البائع والمشتري، أن يبادر إلى تسجيل هذا الإعلان فيم كتب الشهر العقاري الكائن بدائرته العقار المشفوع فيه، وبذلك يأمن من تصرفات المشتري التي تصدر بعد هذا التسجيل، إذ تصبح غير نافذة في حقه . وقد نصت المادة 947 مدني في هذا المعنى على أنه " لا يسري في حق الشفيع أيرهن رمسي أو أي حق اختصاص أخذ ضد المشتري ولا أي بيع صدر من المشتري ولا أي حق عيني رتبه أو ترتب ضده، إذا كان كل ذلك قد تم بعد التاريخ الذي سجل فيه إعلان الرغبة فى الشفعة . ويبقى مع ذلك للدائنين المقيدين ما كان لهم من حقوق الأولوية فيما آل للمشتري من ثمن العقار " . وسيجيء تفصيل ذلك عند الكلام في آثار الأخذ بالشفعة .

وليس هناك ميعاد لتسجيل إعلان طلب الشفعة، فيصح أن يتم التسجيل في أي وقت، حتى بعد رفع دعوى الشفعة، ولكن إذا تأخر الشفيع في تسجيل الإعلان، فإنه يعرض نفسه كما قدمنا لخطر أن يصدر من المشتري تصرف في العقار المشفوع فيه قبل تسجيل الإعلان فيصبح هذا التصرف نافذاً في حق الشفيع .

وهناك أمر آخر يجعل لتسجيل إعلان طلب الشفعة أثراً له أهميته . فقد قدمنا أن المشتري إذا باع العقار المشفوع فيه لمشتر ثان قبل تسجيل إعلان طلب الشفعة، فإن هذا البيع الثاني يكون نافذاً في حق الشفيع، وينسخ البيع لأول من ناحية الأخذ بالشفعة، ويتعين على الشفيع عندئذ أن يطلب الشفعة في البيع الثاني في مواعيده وبشروطه  م 938 مدني، وتبطل الإجراءات التي يكون الشفيع قد باشرها للأخذ بالشفعة في البيع الأول، ومن ثم يكون من مصلحة الشفيع أن يبادر إلى تسجيل إعلان طلب الشفعة، حتى يحدد بهذا التسجيل البيع المشفوع فيه، فيمضي في الإجراءات بالنسبة إلى هذا البيع وهو آمن من تعاقب البيوع وما يستتبع هذا التعاقب من نسخ البيع الذي يأخذ فيه بالشفعة ما يترتب على ذلك من بطلان الإجراءات التي يكون قد اتخذها في شأن هذا البيع . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأنه إذا باع العين مشتريها بعد تقديم طلب الشفعة وتسجيله، فإن دعوى الشفعة تقام على المشتري الأول بالشروط التي اشترى بها  .

تنص الفقرة الثانية من المادة 942 مدنى على ما يأتي :

 " وخلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ هذا الإعلان إعلان طلب الشفعة، يجب أن يودع خزانة المحكمة الكائن فى دائرتها العقار كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع، مع مراعاة أن يكون هذا الإيداع قبل رفع الدعوى بالشفعة . فإن لم يتم الإيداع فى هذا الميعاد على الوجه المتقدم، سقط حق الأخذ بالشفعة " .

ويخلص من هذا النص أنه يجب على الشفيع إيداع كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع خزانة المحكمة الكائن فى دائرتها العقار المشفوع فيه، وذلك في خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان طلب الشفعة وقبل رفع دعوى الشفعة، وهذا الإيداع على الوجه المتقدم الذكر ضروري، فإن لم يقم به الشفيع سقط حقه في الأخذ بالشفعة سقط حقه في الأخذ بالشفعة 

وقت إيداع الثمن ومكانه : تقضي المادة 942 / 2 مدني، كما رأينا، بان إيداع الثمن يجب أن يتم في خلال ثلاثين يوما على الأكثر من تاريخ إعلان طلب الشفعة، مع مراعاة أن يكون هذا الإيداع قبل رفع دعوى الشفعة، ويجب أن يكون الإيداع في خزانة المحكمة الكائن فى دائرتها العقار المشفوع فيه وهي المحكمة المختصة بنظر دعوى الشفعة.

فيصح إذن أن يكون إيداع الشفيع للثمن عقب إعلان رغبته في الأخذ بالشفعة، أو عند إعلان هذه الرغبة فيضمن الإعلان بياناً بأنه أودع الثمن في خزانة المحكمة ويجوز أن يتراخى الإيداع إلى ما بعد ذلك، ريثما يدبر الشفيع المبلغ الواجب إيداعه . ولكن لا يجوز أن يتأخر الإيداع بحيث يجاوز ثلاثين يوماً من وقت إعلان طلب الشفعة، أي من وقت وصول الإعلان إلى كل من البائع والمشتري، ولا يحسب يوم وصول الإعلان، فيسري الميعاد في اليوم التالي، وينقضي بانقضاء ثلاثين يوما ابتداء من هذا اليوم، فيجب أن يتم الإيداع في اليوم الثلاثين على الأكثر، فإذا صادف يوم عطلة، امتد الميعاد إلى أول يوم من أيام العمل يلي انتهاء العطلة، وقد يصل إلا عن طلب الشفعة إلى البائع وإلى المشتري في يومين مختلفين، في حدود الخمسة عشر يوماً من يوم الإنذار الرسمي بوقوع البيع، فتكون العبرة بآخر هذين اليومين لا بأولهما، لأن إعلان طلب الشفعة لا يتم إلا إذا وصل الإعلان إلى كل من البائع والمشتري . فإذا وصل الإعلان إلى المشتري في يوم معين، ثم وصل الإعلان إلى البائع بعد يومين مثلاً من اليوم الذي وصل فيه الإعلان إلى المشتري، فإن ميعاد الثلاثين يوما يسري، من اليوم التالي لليوم الذي وصل فيه الإعلان إلى البائع .

ويجب على كل حال أن يكون الإيداع قبل رفع دعوى الشفعة .

ملحقات الثمن : رأينا فيما تقدم أن الشفيع يجب عليه أن يوجع كل الثمن خزانة المحكمة، فهل يجب عليه أيضاً أن يودع مع الثمن ملحقاته ؟ وملحقات الثمن قد تكون رسمية كرسوم توثيق عقد البيع المشفوع فيه ورسوم تسجيله ورسوم استخراج الشهادات العقارية، وقد تكون غير رسمية كالسمسرة وأتعاب المحاماة ومصروفات معاينة العقار المشفوع فيه.

لم نذكر المادة 942 / 2 مدني، في شأن الإيداع، إلا إيداع " كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع "، فلم نذكر ملحقات الثمن، ولو أراد الشارع أن تودع ملحقات الثمن، رسمية أو غير رسمية، لما فاته ذكر ذلك، فقد ذكر، في شأن البيانات التي يجب أن يشتمل عليها الإنذار الرسمي بوقوع البيع الموجه من البائع أو المشتري للشفيع  م 941 مدني، أن من هذه البيانات " بيان الثمن والمصروفات الرسمية "، فلم يغفل المصروفات، بل لم يغفل تحديد نوعها . فلو أراد أن يودع مع الثمن ملحقاته، لما أغفل ذكر الملحقات، ولنص عليها نصا صريحا كما فعل في البيانات واجب ذكرها في الإنذار الرسمي، وقد اكتفى المشرع بإيداع كل الثمن دون إيداع الملحقات، إذ قد لا يتيسر حساب الملحقات على وجه التحقيق لأول وهلة وبخاصة غير الرسمية منها، وقد كان المشروع التمهيدي لنص المادة 942 / 2 مدني يكتفي بإيداع " ثلث الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع "، فرفع ثلث الثمن إلى كل الثمن في المراحل التالية، وهذا يدل على أنه لم يكن المقصود أن يودع الشفيع خزانة المحكمة كل ما يستحق في ذمته لقاء الأخذ بالشفعة، بل يودع مبلغاً يكفي للدلالة على جدية طلبه وعلى أنه لا يقصد المساومة والمضاربة بطلبه الشفعة، وإذا كان المشرع قد أوجب إيداع " كل الثمن "، فليس المقصود من هذا التعبير أن يتضمن الثمن ملحقاته، وإنما أريد أن يشمل الإيداع " كل " الثمن بعد أن كان لا يشمل في المشروع التمهيدي إلا " ثلثه " كما سبق القول، فالشفيع إذن لا يلتزم بإيداع ملحقات الثمن، وتكون هذه محل مطالبة من المشتري للشفيع في أثناء نظر دعوى الشفعة، وعلى المشتري أن يقدم ما يثبته مفردات هذه الملحقات وانه صرفها جميعاً حتى يقضى له بها على الشفيع.

الجزاء المترتب على عدم إيداع الثمن في الميعاد القانوني : رأينا أن المادة 942 / 2 مدني، بعد أن قررت وجوب إيداع كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع خزانة المحكمة الكائن فى دائرتها العقار المشفوع فيه في ميعاد معين حددته نصت في أخرها على ما يأتي : " فإن لم يتم الإيداع فى هذا الميعاد على الوجه المتقدم، سقط حق الأخذ بالشفعة"، فالنص صريح إذن في أن جزاء إخلال الشفيع بالتزامه من إيداع كل الثمن الحقيقي خزانة المحكمة في الميعاد القانوني هو سقوط حقه في الشفعة.

ويستطيع المشتري أو البائع أن يدفع بسقوط حق الشفعة لهذا السبب في أية حالة كانت عليها الدعوى، بل إن للمحكمة أن تقضي بذلك من تلقاء نفسها، وقد قدمنا أن سقوط الشفعة بسبب انقضاء مواعيدها هو من النظام العام، فللمحكمة أن تقضي بسقوط الشفعة من تلقاء نفسها وفي أية حالة كانت عليها الدعوى، وحتى لو نزل صاحب الحق صراحة عن التمسك بالسقوط، وقد قضت محكمة النقض، في خصوص إيداع الثمن، بأن للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بسقوط حق الشفيع في الأخذ بالشفعة إذا لم يقم بإيداع الثمن في الميعاد المحدد في المادة 942 مدنى .

وما دام يجوز للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بسقوط حق الشفيع لعدم إيداع الثمن في الميعاد المحدد، فإنه يترتب على ذلك أنه يجوز إبداء الدفع بسقوط الشفعة لهذا السبب لأول مرة، لا فحسب أمام محكمة الاستئناف، بل أيضاً أمام محكمة النقض. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ التاسع المجلد/ الأول الصفحة/ 628)

أن القانون لم يوجب تسجيل إعلان الرغبة في الشفعة، ولكن إذا قام الشفيع به، فإنه يحول بذلك دون نفاذ تصرفات المشتري في حقه بحيث إذا تصرف المشتري في العقار أو رتب عليه حقاً عينياً أصلياً كحق انتفاع أو ارتفاق، أو رتب حقاً عينياً تبعياً كرهن أو ترتب ضده اختصاص أو امتياز، وكان ذلك بعد تسجيل إعلان الرغبة، فإن أياً من هذه الحقوق لاينفذ في حقه، أما إذا ترتبت هذه الحقوق أو رتب ضده قبل تسجيل إعلان الرغبة نفذت في حقه، فإن كان التصرف بيعاً امتنعت الشفعة في البيع الأول وانتقل حق الشفيع إلى البيع الثاني وبشروطه وفي مواعيده، وأن كان حقاً عينياً غير حق الملكية، انتقلت الملكية للشفيع محملة بهذا الحق.

ومتى قام المشترى - سواء سجل عقده قبل تسجيل إعلان الرغبة أو لم يسجل عقده - ببيع العقار قبل تسجيل إعلان الرغبة نفذ هذا البيع في حق الشفيع وتعين عليه ترك دعواه الأولى برفع دعوى جديدة للمطالبة بالشفعة في البيع الأخير في مواعيده وبشروطه ما لم يطعن عليه بالصورية المطلقة.

والثمن الحقيقي الذي عنته تلك الفترة، هو الثمن الذي تلاقت عليه الإرادة الحقيقية لكل من البائع والمشتري. فاذا تضمنها عقد البيع، وجب على الشفيع أن يودع الثمن الوارد به، ويكون هذا الثمن هو المعول عليه عند الفصل في دعوى الشفعة، بحيث إذا طلب الشفيع ندب خبير لتقدير قيمة العقار، وخلص إلى قيمة أقل من الثمن المسمى في العقد، فإن العبرة تكون دائماً بالثمن الأخير، فإن كان الشفيع أودعه، فانه يكون قد نفذ التزامه القانوني، أما إن كان قد أودع ثمناً أقل، فإن حقه في الشفعة يكون قد سقط حتى لو كان ما أودعه يعادل القيمة التي خلص الخبير إليها، إذ يحاج الشفيع بالثمن الوارد بعقد البيع ما لم يقدم الدليل على صوريته، ولا يصلح تقرير الخبير دليلا على ذلك، وإنما يجوز للمحكمة أن تستند اليه في استخلاص صورية الثمن التي تضمنتها أقوال شهود الإثبات ترجيحا لتلك الأقوال أو طرحا لها، أو تستند اليه كدليل مرجح للدليل الذي اطمأنت إليه، كما لو تضمن العقد المسجل ثمناً يغاير ما تضمنه العقد الابتدائى.

ولا يعتد في إستخلاص الثمن الحقيقي بكيفية الوفاء به، فقد يكون مقسطاً أو يقوم المشتري بالوفاء بجزء منه للدائن الذي له حق عینی تبعي على العقار کرهن أو اختصاص أو إمتياز، وحينئذ يتمثل الثمن الحقيقي في جزء الثمن الذي قبضه البائع، وفي الجزء الذي تم الوفاء به للدائن صاحب الحق العيني التبعي، وبالتالي يلتزم الشفيع بايداع الجزءين إن كان قد أنذر وتضمن الإنذار شرط الوفاء للدين. فإن لم يكن قد أنذر، وأودع الجزء من الثمن الذي قبضة البائع، ثم تبين عند نظر دعوى الشفعة، الجزء الذي تم الوفاء به الدائن، تعين على الشفيع إيداعه تكملة الثمن، إلى ما قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى، إذ لا يتقيد في ذلك بميعاد الثلاثين يوماً المحددة لإيداع الثمن، لارتباط هذا الميعاد بإعلان الرغبة.

إذا أنذر الشفيع بحصول البيع، فإن الإنذار يتضمن الثمن الذي حصل به البيع، ويقيم القانون قرينة بسيطة على أن هذا الثمن، هو الثمن الحقيقى حتى يقيم الشفيع الدليل على أن الثمن الحقيقي يقل عن ذلك، وبالتالي يجب على الشفيع أن يودع الثمن الذي تضمنه الإنذار، حتى يحفظ حقه من السقوط إذا تمسك بصورية هذا الثمن ولم يتمكن من تقديم الدليل على ذلك. أما إذا قدمه متضمنا الثمن الحقيقي، التزمت به المحكمة عند قضائها باستحقاقه للعقار بالشفعة، مما يجوز معه للشفيع أن يسترد المبلغ الذي يتجاوز الثمن الحقيقي، وذلك بعد صدور الحكم في الشفعة، ويحسن أن ينتظر الشفيع حتى صيرورة الحكم نهائياً حتى يستقر التقدير، أما إذا استرد الشفيع هذا المبلغ بعد صدور الحكم الابتدائي، ثم رأت المحكمة الاستئنافية أن الثمن الذي تضمنه الإنذار هو الثمن الحقيقي، وأن الثمن المودع يقل عنه، قضت ومن تلقاء نفسها بسقوط الحق في الشفعة.

وقد يودع الشفيع الثمن حسبما تضمنه عقد البيع الابتدائى محل دعوى الشفعة، وعند تسجيل العقد، يتبين أن الثمن يقل عن الثمن الذي تضمنه عقد البيع الابتدائي، فينازع الشفيع في تقرير الثمن متمسكاً بأن الثمن الحقيقي هو ما تضمنه العقد المسجل، فتندب المحكمة خبيراً لبيان ما إذا كان الثمن الحقيقي يتفق مع العقد الابتدائي أو العقد المسجل، فيقدم الخبير تقريره متضمناً أن الثمن الحقيقي هو ما تضمنه العقد المسجل، فتقضى المحكمة وفقاً لذلك، وتكون قد استخلصت الثمن الحقيقي مما تضمنه العقد الأخير، وليس في ذلك قضاء بالشفعة وفقا لهذا العقد، وإنما وفقاً للعقد الابتدائي الذي تضمن ثمناً صورياً قام الدليل عليه على نحو ماتضمنه العقد المسجل وتقريره الخبير.

يلتزم الشفيع بإيداع الثمن نقداً بخزينة المحكمة مهما كان مقداره، ولا يغني عن ذلك ابداع خطاب ضمان صادر من أحد البنوك، أو إيداع شيك مصرفي مقبول الدفع. ويتم الإيداع نقداً على ذمة المشتري بموجب محضر إيداع يصرح به للمشتري بالقبض بعد صدور حكم نهائي بالشفعة أو بعد إقرار الأخير بتنازله عن البيع للشفيع وبأحقيته في أخذ العقار بالشفعة.

فإن أودع الشفيع شيكاً بالثمن ثم قام برفع الدعوى، سقط حقه في الشفعة ما لم يبادر قبل انقضاء الأجل المحدد لرفع الدعوى، باتخاذ اجراءات جديدة بإيداع الثمن نقدا ثم رفع دعوى جديدة - بعد ترك الدعوى الأول للشطب - للمطالبة بأخذ العقار بالشفعة، ذلك لأن المقرر قانوناً أن الشيك وأن كان يعتبر أداة وفاء إلا أن الالتزام المترتب في ذمة الشفيع لا ينقضي بمجرد محب الشيك بل بقيام المسحوب عليه بصرف قيمته للمستفيد وهو المشتري وهذا الاخير لا يتقدم لصرف قيمة الشيك وإلا أعتبر مسلماً بطلبات الشفيع، فان لم يسلم بها ولم يصرف قيمة الشيك كان الشفيع لم ينفذ التزامه بالوفاء بالثمن المتمثل في إيداعه نقداً خزينة المحكمة، فقد اعتد المشرع بهذا الإيداع النقدي وحده وأعتبره وفاء من الشفيع بالتزامه.

ولما كان إيداع الثمن، إجراء سابق على دعوى الشفعة، ولا يعتبر من إجراءات التقاضي، وبالتالي يجوز إتخاذه بموجب وكالة رسمية أو شفوية، بحيث إذا قام شخص بأيداع الثمن نيابة عن الشفيع دون أن تكون لديه وكالة رسمية، وكان ذلك في الميعاد المقرر، فإن الإيداع يكون صحيحاً، وتستقيم به دعوى الشفعة إذا رفعت بدورها في الميعاد، يستوى أن يتم الإيداع بمعرفة محام أو غير محام.

إذا تم بيع عقارات متعددة بصفقة واحدة أو بصفقات متعددة، وكان البيع مما يقبل التجزئة وفقاً لطبيعة هذه العقارات وما يتفق وإرادة البائع والمشترى الفعلية، جاز للشفيع أن يأخذ بالشفعة العقار الذي توافرت له فيه شروط الشفعة دون باقی العقارات، ولا يعتبر ذلك تجزئة للشفعة. وبالتالي لا يلتزم الشفيع إلا بإيداع الثمن الخاص بهذا العقار وحده حتى لو تم بيع جميع العقارات بعقد واحد.

فإذا قام الشفيع بايداع الثمن الذي اعتقد أنه الثمن الحقيقي، ولم يتمكن من إثبات الصورية، سقط حقه في الشفعة وامتنع عليه تكملة الثمن في الاستئناف. أما إذا تمكن من إثباتها وأن الثمن الذي أودعه هو الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع، استقامت الدعوى، وله إذا أخفق في هذا الأثبات أمام محكمة الدرجة الأولى، أن يقيم الدليل عليه أمام المحكمة الاستئنافية، باعتبار أن الصورية دفاع موضوعی يجوز التمسك به في أية حالة تكون عليها الدعوى أمام محكمة الموضوع.

ومتى تمسك الشفيع بصورية الثمن الذي تضمنه العقد، أمام محكمة الموضوع، ورفضت دعواه، جاز له التمسك بذلك أمام محكمة النقض، إذا كان الحكم صدر مشوباً بالخطأ فى تطبيق القانون أو مخالفته أو بالقصور في التسبيب أو الإخلال بحق الدفاع أو مخالفة الثابت في الأوراق.

لا يجوز للبائع إعفاء الشفيع من إيداع كامل الثمن :

توجب المادة 942 من القانون المدني، على الشفيع، إذا أراد الأخذ بالشفعة، أن يودع خزانة المحكمة كل الثمن، وحدد القانون الجزاء الذي يترتب على الإخلال بهذا الالتزام، متمثلاً في سقوط حق الأخذ بالشفعة.

يجوز لدائني الشفيع توقيع الحجز على الثمن المودع، وذلك وفقاً لإجراءات حجز ما للمدين لدى الغير، ويثبت لهم هذا الحق منذ إيداع الثمن وحتى صدور حكم نهائي بالشفعة. وفي حالة التنازل إلى ما قبل إسترداد الشفيع للثمن إن لم يوجد شرط بمحضر الإيداع يعلق الصرف على تسجيل التنازل، فان وجد هذا الشرط وتم التسجيل، انتقلت ملكية الثمن للمشتري أو له وللبائع على نحو ما تقدم، مما يحول دون دائني الشفيع والحجز على الثمن المودع.

ومتى تم الحجز على الثمن المودع من دائني الشفيع، تخلف شرط الإيداع مما يتعين معه القضاء بسقوط حق الشفيع ما لم يتمكن من استصدار حكم بعدم الاعتداد بالحجز، فإن صدر هذا الحكم قبل صدور الحكم في دعوى الشفعة، استرد الإيداع قوته، ولو كان الحكم بعدم الاعتداد لم يصبح نهائياً بعد، باعتبار أن الأحكام الصادرة في المواد المستعجلة نافذة نفاذأً معجلاً بقوة القانون ولو طعن فيها بالاستئناف.

للشفيع الحق في أن يسترد الثمن الذي أودعه خزينة المحكمة في حالتين :

(أ) إذا صدر حكم برفض دعواه بالمعنى الواسع لهذا القضاء وينصرف ذلك الى عدم قبول الدعوى أو سقوط الحق في الشفعة لاي سبب من الأسباب، ولا يشترط أن يصبح الحكم نهائياً، ذلك أن للشفيع الحق في استرداد الثمن من خزينة المحكمة في أي وقت، دون حاجة لعرض الأمر على المحكمة إذ لما يتعلق للغير - المشتري - حق في الثمن، ودون حاجة أيضاً لإعلانه لاقتصار الاعلان على علاقة الدائنية وليست كذلك علاقة الشفيع بباقي أطراف دعوى الشفعة.

(ب) للشفيع الحق في استرداد الثمن في أي وقت طالما لم يقر المشتري بقبوله حلول الشفيع محله في البيع، دون حاجة لموافقة المحكمة على هذا الاسترداد أو إعلان باقي أطراف الدعوى، اذ يظل الشفيع وحده الموجه للثمن المودع، فقد يبقى على إيداعه وقد يحتاج إليه وقد يعدل عن طلب الشفعة لأي سبب من الأسباب وحينئذ بحق له التقدم بطلب لأمين عام المحكمة لاسترداد الثمن فيسترده ولو قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى، ومتى قام بسحبه سقط حقه في الشفعة، ولا كان الساقط لا يعود فإن حق الشفعة لايعود أبداً حتى لو أودع الشفيع الثمن أثر استرداده له، وتقضي المحكمة بسقوط حقه إذا حضر باقي الأطراف وطلبوا الفصل في الدعوى، فان لم يحضر أحد أو أنسحب من حضر شطبت المحكمة الدعوى.

إذا لم يقم البائع أو المشتري بإنذار الشفيع حتى يعلم بالبيع وشروطه ومنها الثمن ولم يتم تسجيل البيع حتى يعلم الشفيع بالثمن. ففي هذه الحالة يكون للشفيع أن يودع خزانة المحكمة الثمن الذي علم، أن البيع تم به ثم يرفع دعوى الشفعة فيكون هذا الإيداع صحيحاً ولو ثبت من العقد المقدم في الدعوى أنه أقل من الثمن الحقيقي اذ يكون الشفيع معذوراً، على أن يطلب من المحكمة أجلاً لتكملة الثمن عند علمه بالثمن الحقيقي وعلى المحكمة أجابته لهذا الطلب.

إذا كان عقد البيع صورياً صورية مطلقة، فهو عقد معدوم فيما بين المتعاقدين، أما بالنسبة للشفيع، وهو من طبقة الغير، فيكون صحيحاً ونافذاً ويجوز له طلب أخذ العقار بالشفعة، ولا يحول بينه وبين هذا الطلب إلا سوء نيته بتوافر علمه بصورية العقد صورية مطلقة، ويفترض أنه حسن النية إلى أن يثبت المتعاقدان سوء نيته.

ويجوز للمحكمة من تلقاء نفسها أن توجه الى المشتري يميناً متممة على أنه إشتري بالثمن الوارد بالعقد ودفعه بأكمله للبائع، ترجيحاً للأدلة التي توافرت في الدعوى، إثباتاً ونفياً. أما إذا كانت قد إطمأنت لأي من هذه الأدلة، قضت وفقاً لها دون حاجة إلى توجيه تلك اليمين، إذ ينحصر توجههاً عند الحاجة لتتميم الدليل.

وقد يكون الثمن الوارد بعقد البيع أقل من الثمن الحقيقي للتهرب من رسوم التسجيل، وحينئذ يجوز للشفيع أخذ العقار بهذا الثمن، ومتى أودعه، كان الإيداع صحيحاً استناداً إلى العقد الظاهر. وتوافر بذلك أيضاً، الصورية النسبية الثمن، فإذا أقام البائع والمشترى الدليل عليها أثناء نظر دعوى الشفعة بأظهار العقد الحقيقي المستتر وورقة الضد، تعيين على المحكمة ألا تكتفي به لاستخلاص الثمن الحقيقي، وإنما تندب خبيراً لتقدير قيمة العقار وبيان ما إذا كان الثمن الحقيقي هو الذي تضمنه العقد الظاهر أم العقد المستتر.

 على الشفيع أن يودع خزانة المحكمة الكائن في دائرتها العقار كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع على أن ترفع دعوى الشفعة أمام ذات المحكمة.

ويجب ربط الاختصاص المحلى بنظر دعوى الشفعة بالاختصاص القيمى دون فصل بينهما، بحيث إذا كان العقار المشفوع فيه يقع في دائرة محكمة المواد الجزئية، فإن هذه المحكمة لا تكون هي الواجب إيداع الثمن بها إلا إذا كانت قيمة العقار تجعل الاختصاص القيمى منعقداً لها .

الثمن يجب أن يودع خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان كل من البائع والمشتري برغبة الشفيع بالأخذ بالشفعة، وبعد أن يودع الشفيع الثمن يرفع دعوى الشفعة. وذلك بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة التي تم الإيداع بها، ولم تتطلب تلك المادة إنقضاء مدة معينة بين إيداع الثمن ورفع الدعوى، ومن ثم يجوز للشفيع أن يودع الثمن وبعد الإنتهاء من محضر الإيداع، يقوم في نفس اليوم وبعد تحرير محضر الإيداع مباشرة، بإيداع صحيفة دعوى الشفعة قلم کتاب ذات المحكمة، وحينئذ يكون إيداع الثمن قد سبق إيداع صحيفة دعوى الشفعة، وهو ما تتطلبه المادة 942 .

أن القانون قد عين لإيداع الثمن ورفع دعوى الشفعة ميعاداً مقدراً بالأيام، يبدأ من تاريخ إعلان الرغبة الى كل من البائع والمشتري، ولا يتم إعلان الرغبة إلا بإعلان كل من البائع والمشترى ولو تعددوا، إذ لا يتجزأ الإعلان في هذه الحالة، وبالتالى يبدأ ميعاد إيداع الثمن ورفع الدعوى من تاريخ آخر إعلان يتم به إعلان الرغبة.

ومتی ثم إعلان الرغبة، كان هذا الإعلان هو الإجراء الذي حدده القانون لبدء" میعاد إيداع الثمن ورفع الدعوى، فلا يحسب من الميعاد اليوم الذي تم فيه الإعلان، وإنما يبدأ الميعاد إعتباراً من اليوم التالي لإتمام الإعلان، وينتهي الميعاد بانقضاء اليوم الثلاثين. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الثالث عشر، الصفحة/ 252)

أوجبت الفقرة الأولى من المادة أن يكون إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة رسمياً. وإلا كان باطلاً.

ورسمية هذا الإعلان تستوجب إتمامه على يد محضر. ولا يغني عن الرسمية أن يتم هذا الإعلان بكتاب مسجل ولو كان مصحوباً بعلم وصول، لأنه طالما حدد القانون طريقة خاصة للإعلان، وهو الإعلان الرسمي على يد محضر، فإنه لا مجال للاعتداد بأية وسيلة أخرى.

ويسري على هذا الإعلان ما يسرى على الإنذار الرسمي الذي يوجه من البائع والمشتري لدعوته إلى الأخذ بالشفعة.

تنص الفقرة الثانية من المادة على أن:

"وخلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ هذا الإعلان يجب أن يودع خزانة المحكمة الكائن فى دائرتها العقار كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع... إلخ" فقد أوجبت هذه الفقرة على الشفيع أن يودع كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع.

والحكمة من إيداع الثمن هو ضمان الجدية في طلب الشفعة، وقطع الطريق على المضاربين، حيث كان يتخذ من مجرد ثبوت الحق في الشفعة وسيلة للابتزاز والمساومة، فاستلزام المشرع إيداع كل الثمن كان الإجراء الحاسم في دابر هذه المساومات واختفائها. وعلى ذلك لا يكفي أن يودع الشفيع جزءاً من الثمن ولو كان معظمه حتى ولو كان البائع قد منح المشترى أجلاً في الوفاء ببعض الثمن.

المقصود بالثمن الحقيقي الذي يجب على الشفيع إيداعه خزانة المحكمة، هو من الذي حصل الاتفاق عليه بين البائع والمشتري، قل هذا الثمن عن قيمة عين الحقيقية وقت البيع أو زاد عليها.

إذا لم يعلن الشفيع من البائع أو المشتري بإظهار رغبته في الأخذ بالشفعة، وبالتالى لم يعلن بالثمن الحقيقي الذي حصل به البيع، ولكنه علم بحصول البيع، فأودع الثمن الذي ظنه الثمن الحقيقي، ثم ظهر أنه على خلافه، بعد تقديم عقد البيع، فإنه يكون للشفيع إيداع باقي الثمن، وتستقيم بالتالي دعواه.

المعول عليه في الثمن الذي يلتزم به الشفيع هو الثمن الذي انعقدت عليه إرادة البائع والمشترى حقيقة. فإذا كان الثمن المذكور في عقد البيع ثمناً صورياً، كانت العبرة بالنسبة إلى الشفيع بالثمن الحقيقي. والأصل أن الثمن المذكور في العقد هو الثمن الحقيقي. فإذا ادعى الشفيع أن الثمن المذكور في العقد أكبر من الثمن الحقیقی جاز له أن يثبت الثمن الحقيقي، فإذا نجح في هذا الإثبات فلا يلتزم إلا بالثمن الحقيقي الذي أقام الدليل عليه. وفي هذه الحالة يستطيع الشفيع أيضاً أن يقتصر على إيداع ما يعتقد أنه الثمن الحقيقي، ويكون عليه حينئذ أن يقيم الدليل أثناء نظر الدعوى على صحة اعتقاده، فإذا عجز عن ذلك سقط حقه في الأخذ بالشفعة، ولا يحول دون هذا السقوط أن يقوم بتكملة الثمن أثناء نظر الدعوى، إذ يعتبر أنه قد تخلف عن القيام بما يفرضه القانون من إيداع كل الثمن الحقيقي قبل رفع الدعوى. ولذلك يكون من الأحوط أن يودع الشفيع الثمن المذكور في العقد، ثم يثبت الصورية أثناء نظر الدعوى، وهذا بطبيعة الحال إذا كان يريد الأخذ بالشفعة حتى لو كان ذلك بالثمن المذكور في العقد في حال عجزه عن إثبات الصورية.

فإذا أثبت الشفيع أن المبلغ الذي أودعه لا يقل عن الثمن الحقيقي فإن الإيداع يكون صحيحاً وله أن يسترد الفرق إذا أودع مبلغاً أكبر من الثمن.

ولما كان الشفيع يعتبر من الغير بالنسبة للبائع والمشتري، فله إثبات صورية الثمن بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة والقرائن.

إذا كان الثمن المسمى بعقد البيع المشفوع فيه صورياً وأقل من الثمن الحقيقي فإن للشفيع - باعتباره من الغير في هذا الصدد - إذا كان حسن النية أن يأخذ بالعقد الظاهر ولا يلزم إلا يدفع الثمن المذكور فيه.

يجوز إيداع الثمن بشيك مصرفي مقبول الدفع، وهو الذي أطلق عليه قانون التجارة الجديد الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999 (المعدل) الشيك المؤشر عليه بالاعتماد من المسحوب عليه م 482.

أما إذا أودع الثمن بشيك مصر في عادي، فإنه لا يدل على الإيداع إلا إذا تم صرف قيمته خلال الميعاد القانوني المحدد للإيداع.

ولا يعتبر إبداعاً للثمن تقديم كفيل موسر أو خطاب ضمان لأداء الثمن في حالة الحكم بالأحقية في الشفعة .

إلا أن محكمة النقض أجازت إيداع الثمن بشيك مصرفي عادی.

لا يجوز للبائع إعفاء الشفيع من إيداع الثمن:

إيداع الشفيع ثمن العقار المشفوع فيه خزانة المحكمة المختصة في الميعاد الذي حدده القانون، شرط لقبول دعوى الشفعة، فلا يملك البائع إعفاء الشفيع منه، فضلاً عن أن الشرط المذكور لم يتقرر لمصلحة البائع وحده، وإنما وضع المصلحة من يكون له الحق في الثمن المودع كله أو بعضه عندما يثبت حق الشفعة بحكم نهائي، سواء كان صاحب هذا الحق هو المشتري الذي عجل كل الثمن أو بعضه للبائع، أم هو البائع الذي لم يستوف الثمن كله أو بعضه.

نص المادة (942) أغفل النص على إيداع ملحقات الثمن.

ومن ثم لا يلزم الشفيع بإيداع ملحقات الثمن.

توجب الفقرة الثانية من المادة (942 مدنى) "مراعاة أن يكون هذا الإيداع (أي إيداع الثمن قبل رفع دعوى الشفعة)".

فيجب إذن أن يتم إيداع ثمن العقار المشفوع فيه قبل رفع دعوى الشفعة، وقد استوجب المشرع ذلك ضمانا للجدية في طلب الشفعة غير أن المشرع لم يحدد فاصلا زمنيا محددا بين الإيداع ورفع الدعوى، فيجوز أن يودع الثمن ثم ترفع الدعوى بعد الإيداع في ذات اليوم.

وعلى ذلك يجب على المحكمة أن تتحقق من أن الإيداع قد تم قبل رفع دعوى الشفعة. ويكون ذلك عن طريق ما يرد في صحيفة دعوى الشفعة من الإشارة إلى رقم قسيمة الإيداع وتاريخ الإيداع ورقم حافظة التوريد ورقم اليومية وغير ذلك من بيانات تسمح للمحكمة من التثبت على وجه التعيين من توافر هذا الشرط. وعلى ذلك فإن لم تستطع المحكمة التثبت من ذلك بطريقة قاطعة كما لو أن لم تتضمن صحيفة الدعوى بيانات تفيد ذلك، سقط حق الشفيع في الشفعة.

أوجبت الفقرة الثانية من المادة (942 مدنى) أن يكون إيداع الثمن في "خزانة المحكمة الكائن فى دائرتها العقار" وليس المقصود بالمحكمة الكائن في دائرتها العقار المحكمة المختصة قيميا بنظر دعوى الشفعة وإنما يقصد بها أي من المحكمة الجزئية أو المحكمة الابتدائية الكائن فى دائرتها العقار .

نصت صراحة على جزاء عدم إيداع الثمن خزانة المحكمة الكائن فى دائرتها العقار خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ هذا الإعلان مع مراعاة أن يكون هذا الإيداع قبل رفع الدعوى بالشفعة سقوط الحق في الأخذ بالشفعة.

ويجوز لكل من المشتري والبائع أن يدفع بسقوط حق الأخذ بالشفعة في أية حالة كانت عليها الدعوى، بل للمحكمة أن تقضي بالسقوط من تلقاء نفسها لتعلق ذلك بالنظام العام وفي أية حالة كانت عليها الدعوى، حتى ولو نزل صاحب الحق صراحة عن التمسك بالسقوط.

إيداع الثمن خزانة المحكمة الكائن فى دائرتها العقار في خلال الموعد القانوني هو إجراء من إجراءات الشفعة، وشرط لقبول الدعوى، ويتعلق بالتالي بالنظام العام ومن ثم يجب على المحكمة إذا لم يودع الثمن خزانة المحكمة الكائن فى دائرتها العقار في الموعد المحدد أن تقضى من تلقاء نفسها بعدم قبول الدعوى .

وإذا قضى بسقوط حق الشفيع في الأخذ بالشفعة، لعدم إيداع الثمن خزانة المحكمة المختصة أو عدم إيداعه في الميعاد القانوني، سقط حق الشفيع في الأخذ بالشفعة بصفة نهائية ولم يعد له الحق في معاودة إجراءات الشفعة من جديد بصدد العقد المشفوع فيه. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/  الثالث عشر، الصفحة / 217)

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  السادس والعشرون ، الصفحة /   148

مَرَاحِلُ طَلَبِ الأْخْذِ  بِالشُّفْعَةِ:

27 - عَلَى الشَّفِيعِ أَنْ يُظْهِرَ رَغْبَتَهُ بِمُجَرَّدِ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ بِمَا يُسَمِّيهِ الْفُقَهَاءُ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ، ثُمَّ يُؤَكِّدَ هَذِهِ الرَّغْبَةَ وَيُعْلِنَهَا وَيُسَمَّى هَذَا طَلَبَ التَّقْرِيرِ وَالإْشْهَادِ، فَإِذَا لَمْ تَتِمَّ لَهُ الشُّفْعَةُ تَقَدَّمَ لِلْقَضَاءِ بِمَا يُسَمَّى بِطَلَبِ الْخُصُومَةِ وَالتَّمَلُّكِ .

أ - طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ

28 - وَقْتُ هَذَا الطَّلَبِ هُوَ وَقْتُ عِلْمِ الشَّفِيعِ بِالْبَيْعِ، وَعِلْمُهُ بِالْبَيْعِ قَدْ يَحْصُلُ بِسَمَاعِهِ بِالْبَيْعِ بِنَفْسِهِ، وَقَدْ يَحْصُلُ بِإِخْبَارِ غَيْرِهِ لَهُ.

وَاخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ وَالْعَدَالَةِ فِي الْمُخْبِرِ.

فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُشْتَرَطُ أَحَدُ هَذَيْنِ إِمَّا الْعَدَدُ فِي الْمُخْبِرِ وَهُوَ رَجُلاَنِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَإِمَّا الْعَدَالَةُ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لاَ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ وَلاَ الْعَدَالَةُ، فَلَوْ أَخْبَرَهُ وَاحِدٌ بِالشُّفْعَةِ عَدْلاً كَانَ أَوْ فَاسِقًا، فَسَكَتَ وَلَمْ يَطْلُبْ عَلَى فَوْرِ الْخَبَرِ عَلَى رِوَايَةِ الأْصْلِ  أَوْ لَمْ يَطْلُبْ فِي الْمَجْلِسِ عَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ. بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ عِنْدَهُمَا إِذَا ظَهَرَ كَوْنُ الْخَبَرِ صَادِقًا. وَذَلِكَ لأِنَّ  الْعَدَدَ وَالْعَدَالَةَ لاَ يُعْتَبَرَانِ شَرْعًا فِي الْمُعَامَلاَتِ وَهَذَا مِنْ بَابِ الْمُعَامَلَةِ فَلاَ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ وَلاَ الْعَدَالَةُ.

وَوَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّ هَذَا إِخْبَارٌ فِيهِ مَعْنَى الإْلْزَامِ. أَلاَ تَرَى أَنَّ حَقَّ الشَّفِيعِ يَبْطُلُ لَوْ لَمْ يَطْلُبْ بَعْدَ الْخَبَرِ فَأَشْبَهَ الشَّهَادَةَ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ أَحَدُ شَرْطَيِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ الْعَدَدُ أَوِ الْعَدَالَةُ .

29 - وَشَرْطُ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ أَنْ يَكُونَ مِنْ فَوْرِ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ . إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ، حَتَّى لَوْ عَلِمَ بِالْبَيْعِ وَسَكَتَ عَنِ الطَّلَبِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ بَطَلَ حَقُّ الشُّفْعَةِ فِي رِوَايَةِ الأْصْلِ . وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ عَلَى الْمَجْلِسِ كَخِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ وَخِيَارِ الْقَبُولِ مَا لَمْ يَقُمْ عَنِ الْمَجْلِسِ أَوْ يَتَشَاغَلْ عَنِ الطَّلَبِ بِعَمَلٍ آخَرَ لاَ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ، وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ هَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَوَجْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ ثَبَتَ نَظَرًا لِلشَّفِيعِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ فَيَحْتَاجُ إِلَى التَّأَمُّلِ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ هَلْ تَصْلُحُ بِمِثْلِ هَذَا الثَّمَنِ وَأَنَّهُ هَلْ يَتَضَرَّرُ بِجِوَارِ هَذَا الْمُشْتَرِي فَيَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ، أَمْ لاَ يَتَضَرَّرُ بِهِ فَيَتْرُكُ. وَهَذَا لاَ يَصِحُّ بِدُونِ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ، وَالْحَاجَةُ إِلَى التَّأَمُّلِ شَرْطُ الْمَجْلِسِ فِي جَانِبِ الْمُخَيَّرَةِ، وَالْقَبُولِ، كَذَا هَاهُنَا. وَوَجْهُ رِوَايَةِ الأْصْلِ  مَا رُوِيَ أَنَّ الرَّسُولَ ، صلي الله عليه وسلم  قَالَ: «الشُّفْعَةُ كَحَلِّ الْعِقَالِ»   وَلأِنَّهُ حَقٌّ يَثْبُتُ عَلَى خِلاَفِ الْقِيَاسِ، إِذِ الأْخْذُ  بِالشُّفْعَةِ تَمَلُّكُ مَالٍ مَعْصُومٍ بِغَيْرِ إِذْنِ مَالِكِهِ لِخَوْفِ ضَرَرٍ يَحْتَمِلُ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ فَلاَ يَسْتَقِرُّ إِلاَّ بِالطَّلَبِ عَلَى الْمُوَاثَبَةِ .

وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ الْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ الْمُوَاثَبَةِ حَالاَتٍ يُعْذَرُ فِيهَا بِالتَّأْخِيرِ كَمَا إِذَا سَمِعَ بِالْبَيْعِ فِي حَالِ سَمَاعِهِ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ أَوْ سَلَّمَ عَلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ طَلَبِ الشُّفْعَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ .

وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ هُنَاكَ حَائِلٌ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا نَهْرٌ مَخُوفٌ، أَوْ أَرْضٌ مَسْبَعَةٌ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمَوَانِعِ، لاَ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ بِتَرْكِ الْمُوَاثَبَةِ إِلَى أَنْ يَزُولَ الْحَائِلُ .

30 - وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ لَيْسَتْ عَلَى الْفَوْرِ بَلْ وَقْتُ وُجُوبِهَا مُتَّسِعٌ، وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْوَقْتِ هَلْ هُوَ مَحْدُودٌ أَمْ لاَ؟ فَمَرَّةً قَالَ: هُوَ غَيْرُ مَحْدُودٍ وَأَنَّهَا لاَ تَنْقَطِعُ أَبَدًا، إِلاَّ أَنْ يُحْدِثَ الْمُبْتَاعُ بِنَاءً أَوْ تَغْيِيرًا كَثِيرًا بِمَعْرِفَتِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ عَالِمٌ سَاكِتٌ، وَمَرَّةً حَدَّدَ هَذَا الْوَقْتَ بِسَنَةٍ، وَهُوَ الأْشْهَرُ  كَمَا يَقُولُ ابْنُ رُشْدٍ وَقِيلَ أَكْثَرُ مِنَ السَّنَةِ وَقَدْ قِيلَ عَنْهُ إِنَّ الْخَمْسَةَ الأْعْوَامَ  لاَ تَنْقَطِعُ فِيهَا الشُّفْعَةُ .

31 - وَالأْظْهَرُ  عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الشُّفْعَةَ يَجِبُ طَلَبُهَا عَلَى الْفَوْرِ لأِنَّ هَا حَقٌّ ثَبَتَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَكَانَ عَلَى الْفَوْرِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِرِوَايَةِ الأْصْلِ  وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ، وَمُقَابِلُ الأْظْهَرِ  ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ مُؤَقَّتٌ بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الْمُكْنَةِ، فَإِنْ طَلَبَهَا إِلَى ثَلاَثٍ كَانَ عَلَى حَقِّهِ، وَإِنْ مَضَتِ الثَّلاَثُ قَبْلَ طَلَبِهِ بَطَلَتْ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: تَمْتَدُّ مُدَّةً تَسَعُ التَّأَمُّلَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الشِّقْصِ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ مُمْتَدٌّ عَلَى التَّأْبِيدِ مَا لَمْ يُسْقِطْهُ أَوْ يُعَرِّضْ بِإِسْقَاطِهِ .

وَقَدِ اسْتَثْنَى بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ عَشْرَ صُوَرٍ لاَ يُشْتَرَطُ فِيهَا الْفَوْرُ هِيَ:

1)لَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا فَإِنَّهُ لاَ يُؤْخَذُ بِالشُّفْعَةِ مَا دَامَ الْخِيَارُ بَاقِيًا.

2) إِنَّ لَهُ التَّأْخِيرَ لاِنْتِظَارِ إِدْرَاكِ الزَّرْعِ حَصَادَهُ عَلَى الأْصَحِّ .

3) إِذَا أُخْبِرَ بِالْبَيْعِ عَلَى غَيْرِ مَا وَقَعَ مِنْ زِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ فَتَرَكَ ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلاَفُهُ فَحَقُّهُ بَاقٍ.

4) إِذَا كَانَ أَحَدُ الشَّفِيعَيْنِ غَائِبًا فَلِلْحَاضِرِ انْتِظَارُهُ وَتَأْخِيرُ الأْخْذِ  إِلَى حُضُورِهِ.

5) إِذَا اشْتَرَى بِمُؤَجَّلٍ.

 6) لَوْ قَالَ: لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ لِي الشُّفْعَةَ وَهُوَ مِمَّنْ - يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ.

7)  لَوْ قَالَ الْعَامِّيُّ. لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ الشُّفْعَةَ عَلَى الْفَوْرِ، فَإِنَّ الْمَذْهَبَ هُنَا وَفِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ قَبُولُ قَوْلِهِ.

8)  لَوْ كَانَ الشِّقْصُ الَّذِي يَأْخُذُ بِسَبَبِهِ مَغْصُوبًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْبُوَيْطِيُّ فَقَالَ: وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ رَجُلٍ شِقْصٌ مِنْ دَارٍ فَغَصَبَ عَلَى نَصِيبِهِ ثُمَّ بَاعَ الآْخَرُ نَصِيبَهُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ سَاعَةَ رُجُوعِهِ إِلَيْهِ، نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ.

9) الشُّفْعَةُ الَّتِي يَأْخُذُهَا الْوَلِيُّ لِلْيَتِيمِ لَيْسَتْ عَلَى الْفَوْرِ، بَلْ حَقُّ الْوَلِيِّ عَلَى التَّرَاخِي قَطْعًا، حَتَّى لَوْ أَخَّرَهَا أَوْ عَفَا عَنْهَا لَمْ يَسْقُطْ لأِجْلِ  الْيَتِيمِ.

10) لَوْ بَلَغَهُ الشِّرَاءُ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ فَأَخَّرَ لِيَعْلَمَ لاَ يَبْطُلُ، قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ .

32 - وَالصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ - أَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ عَلَى الْفَوْرِ إِنْ طَالَبَ بِهَا سَاعَةَ يَعْلَمُ بِالْبَيْعِ وَإِلاَّ بَطَلَتْ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ، وَحُكِيَ عَنْهُ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ أَنَّ الشُّفْعَةَ عَلَى التَّرَاخِي لاَ تَسْقُطُ مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَى مِنْ عَفْوٍ أَوْ مُطَالَبَةٍ بِقِسْمَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ .

وَإِنْ كَانَ لِلشَّفِيعِ عُذْرٌ يَمْنَعُهُ الطَّلَبَ مِثْلُ أَنْ لاَ يَعْلَمَ بِالْبَيْعِ فَأَخَّرَ إِلَى أَنْ عَلِمَ وَطَالَبَ سَاعَةَ عَلِمَ أَوْ عَلِمَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ لَيْلاً فَأَخَّرَ الطَّلَبَ إِلَى الصُّبْحِ أَوْ أَخَّرَ الطَّلَبَ لِشِدَّةِ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ حَتَّى يَأْكُلَ وَيَشْرَبَ، أَوْ أَخَّرَ الطَّلَبَ مُحْدِثٌ لِطَهَارَةٍ أَوْ إِغْلاَقِ بَابٍ أَوْ لِيَخْرُجَ مِنَ الْحَمَّامِ أَوْ لِيَقْضِيَ حَاجَتَهُ، أَوْ لِيُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ وَيَأْتِيَ بِالصَّلاَةِ بِسُنَنِهَا، أَوْ لِيَشْهَدَهَا فِي جَمَاعَةٍ يَخَافُ فَوْتَهَا وَنَحْوِهِ، كَمَنْ عَلِمَ وَقَدْ ضَاعَ مِنْهُ مَالٌ فَأَخَّرَ الطَّلَبَ يَلْتَمِسُ مَا سَقَطَ مِنْهُ لَمْ تَسْقُطِ الشُّفْعَةُ، لأِنَّ  الْعَادَةَ تَقْدِيمُ هَذِهِ الْحَوَائِجِ وَنَحْوِهَا عَلَى غَيْرِهَا فَلاَ يَكُونُ الاِشْتِغَالُ بِهَا رِضًا بِتَرْكِ الشُّفْعَةِ، كَمَا لَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُسْرِعَ فِي مَشْيِهِ أَوْ يُحَرِّكَ دَابَّتَهُ فَلَمْ يَفْعَلْ وَمَضَى عَلَى حَسَبِ عَادَتِهِ، وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنِ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا عِنْدَ الشَّفِيعِ فِي هَذِهِ الأْحْوَالِ، فَتَسْقُطُ بِتَأْخِيرِهِ؛ لأِنَّهُ مَعَ حُضُورِهِ يُمْكِنُهُ مُطَالَبَتُهُ مِنْ غَيْرِ اشْتِغَالٍ عَنْ أَشْغَالِهِ إِلاَّ الصَّلاَةَ فَلاَ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِتَأْخِيرِ الطَّلَبِ لِلصَّلاَةِ وَسُنَنِهَا، وَلَوْ مَعَ حُضُورِ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الشَّفِيعِ؛ لأِنَّ  الْعَادَةَ تَأْخِيرُ الْكَلاَمِ عَنِ الصَّلاَةِ، وَلَيْسَ عَلَى الشَّفِيعِ تَخْفِيفُ الصَّلاَةِ - وَلاَ الاِقْتِصَارُ عَلَى أَقَلِّ مَا يُجْزِئُ فِي الصَّلاَةِ .

الإْشْهَادُ  عَلَى طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ:

33 - الإْشْهَادُ  لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ فَلَوْ لَمْ يُشْهِدْ صَحَّ طَلَبُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، وَإِنَّمَا الإْشْهَادُ  لِلإْظْهَارِ عِنْدَ الْخُصُومَةِ عَلَى تَقْدِيرِ الإْنْكَارِ ؛ لأِنَّ  مِنَ الْجَائِزِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لاَ يُصَدِّقُ الشَّفِيعَ فِي الطَّلَبِ أَوْ لاَ يُصَدِّقُهُ فِي الْفَوْرِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فَيَحْتَاجُ إِلَى الإْظْهَارِ  بِالْبَيِّنَةِ عِنْدَ الْقَاضِي عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ التَّصْدِيقِ، لاَ أَنَّهُ شَرْطُ صِحَّةِ الطَّلَبِ، هَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ. قَالَ الشَّافِعِيَّةُ إِنْ كَانَ لِلشَّفِيعِ عُذْرٌ يَمْنَعُ الْمُطَالَبَةَ، فَلْيُوَكِّلْ فِي الْمُطَالَبَةِ أَوْ يُشْهِدْ عَلَى طَلَبِ الشُّفْعَةِ، فَإِنْ تَرَكَ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ مِنْهَا بَطَلَ حَقُّهُ فِي الأْظْهَرِ  .

وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِسَيْرِهِ إِلَى الْمُشْتَرِي فِي طَلَبِهَا بِلاَ إِشْهَادٍ، وَلاَ تَسْقُطُ إِنْ أَخَّرَ طَلَبَهُ بَعْدَ الإْشْهَادِ ، أَيْ إِنَّ الْحَنَابِلَةَ يَشْتَرِطُونَ الإْشْهَادَ  لِصِحَّةِ الطَّلَبِ . وَيَصِحُّ الطَّلَبُ بِكُلِّ لَفْظٍ يُفْهَمُ مِنْهُ طَلَبُ الشُّفْعَةِ كَمَا لَوْ قَالَ: طَلَبْتُ الشُّفْعَةَ أَوْ أَطْلُبُهَا أَوْ أَنَا طَالِبُهَا، لأِنَّ  الاِعْتِبَارَ لِلْمَعْنَى .

 ب - طَلَبُ التَّقْرِيرِ وَالإْشْهَادِ:

34 - هَذِهِ الْمَرْحَلَةُ مِنَ الْمُطَالَبَةِ اخْتَصَّ بِذِكْرِهَا الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا: يَجِبُ عَلَى الشَّفِيعِ بَعْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ أَنْ يُشْهِدَ وَيَطْلُبَ التَّقْرِيرَ  وَطَلَبُ التَّقْرِيرِ هُوَ أَنْ يُشْهِدَ الشَّفِيعُ عَلَى الْبَائِعِ إِنْ كَانَ الْعَقَارُ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ، أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْعَقَارُ فِي يَدِهِ، أَوْ عِنْدَ الْمَبِيعِ بِأَنَّهُ طَلَبَ وَيَطْلُبُ فِيهِ الشُّفْعَةَ الآْنَ.

وَالشَّفِيعُ مُحْتَاجٌ إِلَى الإْشْهَادِ  لإِثْبَاتِهِ  عِنْدَ الْقَاضِي وَلاَ يُمْكِنُهُ الإْشْهَادُ  ظَاهِرًا عَلَى طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ لأِنَّهُ عَلَى فَوْرِ الْعِلْمِ بِالشِّرَاءِ - عِنْدَ الْبَعْضِ - فَيَحْتَاجُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى طَلَبِ الإْشْهَادِ  وَالتَّقْرِيرِ .

35 - وَلِبَيَانِ كَيْفِيَّتِهِ نَقُولُ: الْمَبِيعُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَالشَّفِيعُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ طَلَبَ مِنَ الْبَائِعِ، وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ مِنَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ عِنْدَ الْمَبِيعِ.

أَمَّا الطَّلَبُ مِنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فَلأِنَّ  كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَصْمٌ، الْبَائِعُ بِالْيَدِ وَالْمُشْتَرِي بِالْمِلْكِ، فَصَحَّ الطَّلَبُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

وَأَمَّا الطَّلَبُ عِنْدَ الْمَبِيعِ فَلأِنَّ  الْحَقَّ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، فَإِنْ سَكَتَ عَنِ الطَّلَبِ مِنْ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَعِنْدَ الْمَبِيعِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ لأِنَّهُ فَرَّطَ فِي الطَّلَبِ.

وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ شَاءَ طَلَبَ مِنَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ شَاءَ عِنْدَ الْمَبِيعِ، وَلاَ يَطْلُبُ مِنَ الْبَائِعِ لأِنَّهُ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ خَصْمًا لِزَوَالِ يَدِهِ وَلاَ مِلْكَ لَهُ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الأْجْنَبِيِّ.

هَذَا إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الطَّلَبِ مِنَ الْمُشْتَرِي أَوِ الْبَائِعِ أَوْ عِنْدَ الْمَبِيعِ .

وَالإْشْهَادُ  عَلَى طَلَبِ التَّقْرِيرِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّتِهِ وَإِنَّمَا هُوَ لِتَوْثِيقِهِ عَلَى تَقْدِيرِ الإْنْكَارِ  كَمَا فِي طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ. وَتَسْمِيَةُ الْمَبِيعِ وَتَحْدِيدُهُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الطَّلَبِ وَالإْشْهَادِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ شَرْطٌ؛ لأِنَّ  الطَّلَبَ لاَ يَصِحُّ إِلاَّ بَعْدَ الْعِلْمِ وَالْعَقَارُ لاَ يَصِيرُ مَعْلُومًا إِلاَّ بِالتَّحْدِيدِ فَلاَ يَصِحُّ الطَّلَبُ وَالإْشْهَادُ  بِدُونِهِ .

36 - وَاخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ فِي أَلْفَاظِ الطَّلَبِ، وَصَحَّحَ الْكَاسَانِيُّ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الطَّلَبِ أَيَّ لَفْظٍ كَانَ يَكْفِي، نَحْوُ أَنْ يَقُولَ: ادَّعَيْتُ الشُّفْعَةَ أَوْ سَأَلْتُ الشُّفْعَةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الطَّلَبِ، قَالَ الْكَاسَانِيُّ: لأِنَّ  الْحَاجَةَ إِلَى الطَّلَبِ، وَمَعْنَى الطَّلَبِ يَتَأَدَّى بِكُلِّ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ بِلَفْظِ الطَّلَبِ أَمْ بِغَيْرِهِ، وَمِنْ صُوَرِ هَذَا الطَّلَبِ مَا ذُكِرَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ، وَهِيَ أَنْ يَقُولَ الشَّفِيعُ: إِنَّ فُلاَنًا اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ وَأَنَا شَفِيعُهَا، وَقَدْ كُنْتُ طَلَبْتُ الشُّفْعَةَ وَأَطْلُبُهَا الآْنَ فَاشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ .

37 - وَأَمَّا حُكْمُ هَذَا الطَّلَبِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَهُوَ اسْتِقْرَارُ الْحَقِّ، فَالشَّفِيعُ إِذَا أَتَى بِطَلَبَيْنِ صَحِيحَيْنِ (طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَطَلَبِ التَّقْرِيرِ) اسْتَقَرَّ الْحَقُّ عَلَى وَجْهٍ لاَ يَبْطُلُ بِتَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ أَمَامَ الْقَاضِي بِالأْخْذِ  بِالشُّفْعَةِ أَبَدًا حَتَّى يُسْقِطَهَا بِلِسَانِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى قَالَ: إِذَا تَرَكَ الْمُخَاصَمَةَ إِلَى الْقَاضِي فِي زَمَانٍ يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى الْمُخَاصَمَةِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، وَلَمْ يُؤَقِّتْ فِيهِ وَقْتًا، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَدَّرَهُ بِمَا يَرَاهُ الْقَاضِي، وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ، إِذَا مَضَى شَهْرٌ بَعْدَ الطَّلَبِ وَلَمْ يَطْلُبْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَيْضًا وَبِهِ أَخَذَتِ الْمَجَلَّةُ . وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ: أَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ ثَبَتَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ الشَّفِيعِ وَلاَ يَجُوزُ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنِ الإْنْسَانِ  عَلَى وَجْهٍ يَتَضَمَّنُ الإْضْرَارَ  بِغَيْرِهِ، وَفِي إِبْقَاءِ هَذَا الْحَقِّ بَعْدَ تَأْخِيرِ الْخُصُومَةِ أَبَدًا إِضْرَارٌ بِالْمُشْتَرِي؛ لأِنَّهُ لاَ يَبْنِي وَلاَ يَغْرِسُ خَوْفًا مِنَ النَّقْضِ وَالْقَلْعِ فَيَتَضَرَّرُ بِهِ، فَلاَ بُدَّ مِنَ التَّقْدِيرِ بِزَمَانٍ، وَقُدِّرَ بِالشَّهْرِ لأِنَّهُ أَدْنَى الآْجَالِ، فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ وَلَمْ يَطْلُبْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ فَرَّطَ فِي الطَّلَبِ فَتَبْطُلُ شُفْعَتُهُ.

وَوَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، أَنَّ الْحَقَّ لِلشَّفِيعِ قَدْ ثَبَتَ بِالطَّلَبَيْنِ وَالأْصْلُ  أَنَّ الْحَقَّ مَتَى ثَبَتَ لإِنْسَانٍ لاَ يَبْطُلُ إِلاَّ بِإِبْطَالِهِ وَلَمْ يُوجَدْ لأِنَّ  تَأْخِيرَ الْمُطَالَبَةِ مِنْهُ لاَ يَكُونُ إِبْطَالاً، كَتَأْخِيرِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَسَائِرِ الدُّيُونِ .

ج - طَلَبُ الْخُصُومَةِ وَالتَّمَلُّكِ:

38 - طَلَبُ الْخُصُومَةِ وَالتَّمَلُّكِ هُوَ طَلَبُ الْمُخَاصَمَةِ عِنْدَ الْقَاضِي، فَيَلْزَمُ أَنْ يَطْلُبَ الشَّفِيعُ وَيُدْعَى فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ بَعْدَ طَلَبِ التَّقْرِيرِ وَالإْشْهَادِ.

وَلاَ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِتَأْخِيرِ هَذَا الطَّلَبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ إِنْ تَرَكَهَا شَهْرًا بَعْدَ الإْشْهَادِ  بَطَلَتْ.

وَلاَ فَرْقَ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ قَاضٍ لاَ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ بِالتَّأْخِيرِ بِالاِتِّفَاقِ. لأِنَّهُ لاَ يَتَمَكَّنُ مِنَ الْخُصُومَةِ إِلاَّ عِنْدَ الْقَاضِي فَكَانَ عُذْرًا.

وَإِذَا تَقَدَّمَ الشَّفِيعُ إِلَى الْقَاضِي فَادَّعَى الشِّرَاءَ وَطَلَبَ الشُّفْعَةَ سَأَلَهُ الْقَاضِي فَإِنِ اعْتَرَفَ بِمِلْكِهِ الَّذِي يَشْفَعُ بِهِ، وَإِلاَّ كَلَّفَهُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ؛ لأِنَّ  الْيَدَ ظَاهِرٌ مُحْتَمَلٌ فَلاَ تَكْفِي لإِثْبَاتِ  الاِسْتِحْقَاقِ .

فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الْبَيِّنَةِ اسْتَحْلَفَ الْمُشْتَرِيَ بِاللَّهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مَالِكٌ لِلَّذِي ذَكَرَهُ مِمَّا يَشْفَعُ بِهِ، فَإِنْ نَكَلَ أَوْ قَامَتْ لِلشَّفِيعِ بَيِّنَةٌ ثَبَتَ حَقُّهُ فِي الْمُطَالَبَةِ، فَبَعْدَ ذَلِكَ يَسْأَلُ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلِ ابْتَاعَ أَمْ لاَ؟ فَإِنْ أَنْكَرَ الاِبْتِيَاعَ قِيلَ لِلشَّفِيعِ: أَقِمِ الْبَيِّنَةَ لأِنَّ  الشُّفْعَةَ لاَ تَجِبُ إِلاَّ بَعْدَ ثُبُوتِ الْبَيْعِ وَثُبُوتُهُ بِالْحُجَّةِ - فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا اسْتَحْلَفَ الْمُشْتَرِيَ بِاللَّهِ مَا ابْتَاعَ أَوْ بِاللَّهِ مَا اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ شُفْعَةً مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ.

وَلاَ يَلْزَمُ الشَّفِيعَ إِحْضَارُ الثَّمَنِ وَقْتَ الدَّعْوَى بَلْ بَعْدَ الْقَضَاءِ، فَيَجُوزُ لَهُ الْمُنَازَعَةُ وَإِنْ لَمْ يُحْضِرِ الثَّمَنَ إِلَى مَجْلِسِ الْقَضَاءِ .

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /   الثلاثون ، الصفحة / 30

 

الْعُذْرُ فِي تَأْخِيرِ طَلَبِ الشُّفْعَةِ :

40 - اتَّفَقَ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ  الأْرْبَعَةِ  عَلَى أَنَّ عَدَمَ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ أَوِ الشِّرَاءِ يُعَدُّ عُذْرًا فِي تَأْخِيرِ طَلَبِ الشُّفْعَةِ  وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي صُوَرِ هَذَا الْعُذْرِ بَعْدَ الْعِلْمِ عَلَى النَّحْوِ الآْتِي:

فَالْحَنَفِيَّةُ يُعِدُّونَ التَّأْخِيرَ فِي طَلَبِ الشُّفْعَةِ جَائِزًا لِلأْعْذَارِ  الآْتِيَةِ:

السَّفَرِ، كَأَنْ سَمِعَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ فَحِينَئِذٍ يَطْلُبُ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ، ثُمَّ يُشْهِدُ إِنْ قَدَرَ وَإِلاَّ وَكَّلَ، أَوْ كَتَبَ كِتَابًا، ثُمَّ يُرْسِلُهُ إِلَى الْبَائِعِ عَلَى أَسَاسِ أَنَّ طَلَبَ الشُّفْعَةِ فَوْرِيٌّ عِنْدَهُمْ.

وَمِنَ الأْعْذَارِ  عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: تَعَسُّرُ الْوُصُولِ إِلَى الْقَاضِي فَهُوَ عُذْرٌ فِي تَأْخِيرِ الشَّفِيعِ الْجَارِ، وَالصَّلاَةُ الْمَفْرُوضَةُ فَهِيَ عُذْرٌ فِي تَأْخِيرِ طَلَبِ الشُّفْعَةِ .

وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَيُعِدُّونَ عَدَمَ طَلَبِ الْمُشْتَرِي مِنَ الشَّفِيعِ تَقْدِيمَ طَلَبِ الشُّفْعَةِ أَوْ إِسْقَاطَهَا، وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ بِالشِّرَاءِ، عُذْرًا فَيَقُولُونَ: عِنْدَ الشِّرَاءِ يَطْلُبُ الْمُشْتَرِي مِنَ الشَّفِيعِ طَلَبَ الشُّفْعَةِ أَوْ إِسْقَاطَهَا، فَإِذَا رَفَضَ إِصْدَارَ أَحَدِهِمَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِإِسْقَاطِهَا، وَلاَ عُذْرَ لَهُ بِتَأْخِيرِ اخْتِيَارِ أَحَدِ الأْمْرَيْنِ، إِلاَّ بِقَدْرِ مَا يَطَّلِعُ بِهِ عَلَى الشَّيْءِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ كَسَاعَةٍ مَثَلاً، وَبِنَاءً عَلَى هَذَا إِذَا لَمْ يَطْلُبْ مِنْهُ الْمُشْتَرِي الطَّلَبَ أَوِ الإْسْقَاطَ  - وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ بِالشِّرَاءِ - يَكُونُ عُذْرًا لِلشَّفِيعِ .

وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَقَالُوا: الأْظْهَرُ  أَنَّ الشُّفْعَةَ عَلَى الْفَوْرِ، فَإِذَا عَلِمَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ فَلْيُبَادِرْ عَلَى الْعَادَةِ، فَإِنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ غَائِبًا عَنْ بَلَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ خَائِفًا مِنْ عَدُوٍّ فَلْيُوَكِّلْ إِنْ قَدَرَ، وَإِلاَّ فَلْيُشْهِدْ عَلَى الطَّلَبِ فَإِنْ تَرَكَ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ مِنْهُمَا بَطَلَ حَقُّهُ فِي الأْظْهَرِ .

 وَلِلتَّفْصِيلِ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (شُفْعَةٌ ف 31).

وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ عَلَى الرَّأْيِ الصَّحِيحِ: يَجُوزُ لِلشَّفِيعِ أَنْ يُؤَخِّرَ طَلَبَ الشُّفْعَةِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهَا لِعُذْرٍ، وَذَلِكَ كَأَنْ يَعْلَمَ لَيْلاً فَيُؤَخِّرَهُ إِلَى الصُّبْحِ، أَوْ لِشِدَّةِ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ حَتَّى يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ، أَوْ لِطَهَارَةٍ أَوْ إِغْلاَقِ بَابٍ أَوْ لِيَخْرُجَ مِنَ الْحَمَّامِ، أَوْ لِيُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ وَيَأْتِيَ بِالصَّلاَةِ وَسُنَّتِهَا، أَوْ لِيَشْهَدَهَا فِي جَمَاعَةٍ يَخَافُ فَوْتَهَا.. لأِنَّ الْعَادَةَ تَقْدِيمُ هَذِهِ الْحَوَائِجِ عَلَى غَيْرِهَا، فَلاَ يَكُونُ الاِشْتِغَالُ بِهَا رِضًى بِتَرْكِ الشُّفْعَةِ .

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الحادي والثلاثون ، الصفحة / 327

غَيْبَةُ الشَّفِيعِ:

8 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ غَيْبَةَ مُسْتَحِقِّ الشُّفْعَةِ لاَ تُسْقِطُ حَقَّهُ فِي الْمُطَالَبَةِ بِالشُّفْعَةِ.

وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِالشُّفْعَةِ عَلَى الْفَوْرِ سَاعَةَ مَا يَعْلَمُ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ . لِقَوْلِهِ صلي الله عليه وسلم : «الشُّفْعَةُ لِمَنْ وَاثَبَهَا».

9 - وَاسْتَثْنَوْا مِنْ هَذَا الْحُكْمِ حَالاَتٍ، مِنْهَا: إِذَا كَانَ مُسْتَحِقُّ الشُّفْعَةِ غَائِبًا: فَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا كَانَ بَعْضُهُمْ غَائِبًا يَقْضِي بِالشُّفْعَةِ بَيْنَ الْحَاضِرِينَ فِي الْجَمِيعِ، وَلاَ يَنْتَظِرُ لِحُضُورِ الْغَائِبِ لاِحْتِمَالِ عَدَمِ طَلَبِهِ فَلاَ يُؤَخِّرُ بِالشَّكِّ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الشَّرِيكُ غَائِبًا فَطَلَبَ الْحَاضِرُ، يَقْضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ كُلِّهَا، ثُمَّ إِذَا حَضَرَ وَطَلَبَ قُضِيَ لَهُ بِهَا، فَإِنْ كَانَ مِثْلَ الأْوَّلِ  كَأَنْ كَانَا شَرِيكَيْنِ أَوْ جَارَيْنِ قُضِيَ لَهُ بِنِصْفِهِ، وَلَوْ كَانَ الْغَائِبُ فَوْقَهُ كَأَنْ يَكُونَ الأْوَّلُ  جَارًا وَالثَّانِي شَرِيكًا فَيَقْضِي لِلْغَائِبِ الَّذِي حَضَرَ بِالْكُلِّ، وَتَبْطُلُ شُفْعَةُ الأْوَّلِ  . وَإِنْ كَانَ دُونَهُ، كَأَنْ كَانَ الأْوَّلُ  شَرِيكًا وَالَّذِي حَضَرَ جَارًا مَنَعَهُ. وَذَلِكَ لأِنَّ  الشُّفْعَةَ لِلْجَارِ تَثْبُتُ عِنْدَهُمْ فِي حَالَةِ عَدَمِ الشَّرِيكِ . وَقَالَ الأْبِيُّ  مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنْ أَخَذَ الْحَاضِرُ جَمِيعَ مَا يَشْفَعُ فِيهِ هُوَ وَشَرِيكُهُ الْغَائِبُ. ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ فَلِمَنْ حَضَرَ بَعْدَ غَيْبَتِهِ مِنَ الشُّفَعَاءِ حِصَّتُهُ مِنَ الْمَشْفُوعِ فِيهِ مِنَ الْحَاضِرِ إِنْ أَحَبَّ ذَلِكَ.

ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الْعُهْدَةِ، أَيْ ضَمَانِ ثَمَنِ حِصَّةِ مَنْ حَضَرَ بَعْدَ غَيْبَتِهِ إِنْ ظَهَرَ فِيهَا عَيْبٌ أَوِ اسْتُحِقَّتْ:

فَفِي رَأْيٍ أَنَّ الْعُهْدَةَ عَلَى الشَّفِيعِ الَّذِي حَضَرَ ابْتِدَاءً وَأَخَذَ الْجَمِيعَ؛ لأِنَّ  الَّذِي حَضَرَ بَعْدَ غَيْبَتِهِ إِنَّمَا أَخَذَ حِصَّتَهُ مِنْهُ لاَ مِنَ الْمُشْتَرِي؛ وَلأِنَّ  الَّذِي حَضَرَ لَوْ أَسْقَطَ شُفْعَتَهُ فَلاَ تَرْجِعُ لِلْمُشْتَرِي، بَلْ تَبْقَى لِمَنْ هِيَ بِيَدِهِ وَهُوَ الْحَاضِرُ ابْتِدَاءً.

وَفِي رَأْيٍ آخَرَ: الْعُهْدَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَطْ؛ لأِنَّ  الشَّفِيعَ الأْوَّلَ  إِنَّمَا أَخَذَ مِنَ الْمُشْتَرِي حِصَّةَ الْغَائِبِ نِيَابَةً عَنْهُ .

وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ كَانَ الشَّفِيعُ غَائِبًا عَنْ بَلَدِ الْمُشْتَرِي غَيْبَةً حَائِلَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُبَاشَرَةِ الطَّلَبِ، فَلْيُوَكِّلْ فِي طَلَبِهَا إِنْ قَدَرَ عَلَى التَّوْكِيلِ فِيهِ، لأِنَّهُ  الْمُمْكِنُ، وَيُعْذَرُ الْغَائِبُ فِي تَأْخِيرِ الْحُضُورِ، وَإِلاَّ بِأَنْ عَجَزَ عَنِ التَّوْكِيلِ فَلْيُشْهِدْ عَلَى الطَّلَبِ لَهَا عَدْلَيْنِ أَوْ عَدْلاً وَامْرَأَتَيْنِ، فَإِنْ تَرَكَ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ مِنْهُمَا بَطَلَ حَقُّهُ فِي الأْظْهَرِ .

وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الشَّفِيعُ غَائِبًا فَحَضَرَ عِنْدَ قَاضِي بَلَدِ الْغَيْبَةِ، وَأَثْبُت الشُّفْعَةَ، وَحَكَمَ لَهُ بِهَا، وَلَمْ يَتَوَجَّهْ إِلَى بَلَدِ الْبَيْعِ أَنَّ الشُّفْعَةَ لاَ تَبْطُلُ لأِنَّ هَا تَقَرَّرَتْ بِحُكْمِ الْقَاضِي .

وَمِثْلُهُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَابِلَةُ، إِلاَّ أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا مَسْأَلَةَ التَّوْكِيلِ إِلاَّ فِي قِيَامِ الْعُذْرِ بِهِ .

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / التاسع والثلاوثون  ، الصفحة /  11

أَثَرُ الْمَلاَءَةِ فِي أَخْذِ الْمَشْفُوعِ

4 - مِنْ أَحْكَامِ الشُّفْعَةِ: أَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَقْتَ لُزُومِهِ قَدْرًا وَجِنْسًا وَصِفَةً  لِحَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله تعالي عنه«فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا بِالثَّمَنِ».

فَإِنْ كَانَ ثَمَنُ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ مُؤَجَّلاً إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ مُؤَجَّلاً إِلَى أَجَلِهِ، لأِنَّ  الشَّفِيعَ يَسْتَحِقُّ الأْخْذَ بِقَدْرِ الثَّمَنِ وَصِفَتِهِ، وَالتَّأْجِيلُ مِنْ صِفَتِهِ، وَهَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.

لَكِنَّ الشَّفِيعَ لاَ يَسْتَحِقُّ الأْخْذَ إِلاَّ بِشُرُوطٍ.

قَالَ الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ الشَّفِيعُ أَخْذَ الشِّقْصِ بِالثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ إِذَا كَانَ مُوسِرًا بِالثَّمَنِ يَوْمَ الأْخْذِ ، وَلاَ يُلْتَفَتُ لِيُسْرِهِ يَوْمَ حُلُولِ الأْجَلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَلاَ يَكْفِي تَحَقُّقُ يُسْرِهِ يَوْمَ حُلُولِ الأْجَلِ بِنُزُولِ جَامَكِيَّةٍ أَوْ مَعْلُومِ وَظِيفَةٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إِذَا كَانَ يَوْمَ الأْخْذِ  مُعْسِرًا مُرَاعَاةً لِحَقِّ الْمُشْتَرِي، وَلاَ يُرَاعَى خَوْفُ طُرُوِّ عُسْرِهِ قَبْلَ حُلُولِ الأْجَلِ إِلْغَاءً لِلطَّارِئِ، لِوُجُودِ مُصَحِّحِ الْعَقْدِ يَوْمَ الأْخْذِ  وَهُوَ الْيُسْرُ.

فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الشَّفِيعُ مُوسِرًا يَوْمَ الأْخْذِ ، فَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَأْتِيَ بِضَامِنٍ مَلِيءٍ أَوْ بِرَهْنٍ ثِقَةٍ، فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الأْخْذَ، وَإِذَا لَمْ يَكُنِ الشَّفِيعُ مُوسِرًا وَقْتَ الأْخْذِ  وَلَمْ يَأْتِ بِضَامِنٍ مَلِيءٍ أَوْ رَهْنٍ ثِقَةٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَعْجِيلُ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ بِبَيْعِ الشِّقْصِ لأَِجْنَبِيٍّ، فَإِنْ لَمْ يُعَجِّلِ الثَّمَنَ فَلاَ شُفْعَةَ لَهُ.

لَكِنْ إِذَا تَسَاوَى الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي فِي الْعَدَمِ فَلاَ يَلْزَمُ الشَّفِيعَ حِينَئِذٍ الإْتْيَانُ  بِضَامِنٍ مَلِيءٍ، وَيَحِقُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ إِلَى ذَلِكَ الأْجَلِ، وَهَذَا عَلَى الْمُخْتَارِ.

وَمُقَابِلُ الْمُخْتَارِ: أَنَّهُ مَتَى كَانَ الشَّفِيعُ مُعْدَمًا فَلاَ يَأْخُذُهُ إِلاَّ بِضَامِنٍ مَلِيءٍ وَلَوْ كَانَ مُسَاوِيًا لِلْمُشْتَرِي فِي الْعَدَمِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الشَّفِيعُ أَشَدَّ عَدَمًا مِنَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ مَلِيءٍ، فَإِنْ أَبَى أَسْقَطَ الْحَاكِمُ شُفْعَتَهُ .

وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: إِنْ كَانَ ثَمَنُ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ مُؤَجَّلاً أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِالأْجَلِ إِنْ كَانَ الشَّفِيعُ مَلِيئًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَلِيئًا - بِأَنْ كَانَ مُعْسِرًا - أَقَامَ كَفِيلاً مَلِيئًا بِالثَّمَنِ وَأَخَذَ الشِّقْصَ بِالثَّمَنِ مُؤَجَّلاً، لأِنَّ  الشَّفِيعَ يَسْتَحِقُّ الأْخْذَ بِقَدْرِ الثَّمَنِ وَصِفَتِهِ، وَالتَّأْجِيلُ مِنْ صِفَتِهِ، وَاعْتُبِرَتِ الْمَلاَءَةُ أَوِ الْكَفِيلُ دَفْعًا لِضَرَرِ الْمُشْتَرِي .

هَذَا إِذَا كَانَ ثَمَنُ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ مُؤَجَّلاً، فَإِنْ كَانَ حَالًّا وَعَجَزَ الشَّفِيعُ عَنْهُ أَوْ عَنْ بَعْضِهِ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ، وَلَوْ أَتَى الشَّفِيعُ بِرَهْنٍ أَوْ ضَمِينٍ لَمْ يَلْزَمِ الْمُشْتَرِيَ قَبُولُهُمَا وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ مُحْرَزًا وَالضَّمِينُ مَلِيئًا، لِمَا عَلَى الْمُشْتَرِي مِنَ الضَّرَرِ بِتَأْخِيرِ الثَّمَنِ، وَالشُّفْعَةُ شُرِعَتْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ، فَلاَ تَثْبُتُ مَعَهُ .

وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الأْظْهَرِ: إِنْ كَانَ ثَمَنُ الْمَشْفُوعِ مُؤَجَّلاً فَلِلشَّفِيعِ الْخِيَارُ: إِنْ شَاءَ أَخَذَ بِثَمَنٍ حَالٍّ، وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ حَتَّى يَنْقَضِيَ الأْجَلُ  ثُمَّ يَأْخُذَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِي الْحَالِّ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ، وَلَيْسَ الرِّضَا بِالأْجَلِ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي رِضًا بِهِ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ، لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي الْمَلاَءَةِ.

وَقَالَ زُفَرُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: يَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ تَنْزِيلاً لَهُ مَنْزِلَةَ الْمُشْتَرِي، وَلأِنَّ  كَوْنَهُ مُؤَجَّلاً وَصْفٌ فِي الثَّمَنِ كَالزِّيَافَةِ، وَالأَْخْذُ بِالشُّفْعَةِ بِالثَّمَنِ، فَيَأْخُذُهُ بِأَصْلِهِ وَوَصْفِهِ كَمَا فِي الزُّيُوفِ.

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: يَأْخُذُهُ بِسِلْعَةٍ لَوْ بِيعَتْ إِلَى ذَلِكَ الأْجَلِ لَبِيعَتْ بِذَلِكَ الْقَدْرِ .

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الثاني والأربعون  ، الصفحة / 288

تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ بِطَرِيقِ الْهَزْلِ:

39 - نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ هَازِلاً قَبْلَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ؛ لأِنَّ  التَّسْلِيمَ بِطَرِيقِ الْهَزْلِ كَالسُّكُوتِ مُخْتَارًا، إِذِ اشْتِغَالُهُ بِالتَّسْلِيمِ هَازِلاً سُكُوتٌ عَنْ طَلَبِ الشُّفْعَةِ عَلَى الْفَوْرِ ضَرُورَةً، وَأَنَّهَا تَبْطُلُ بِحَقِيقَةِ السُّكُوتِ مُخْتَارًا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ؛ لأِنَّهُ دَلِيلُ الإْعْرَاضِ عَنْ طَلَبِهَا، فَكَذَا تَبْطُلُ بِالسُّكُوتِ حُكْمًا.

أَمَّا بَعْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ، وَطَلَبِ التَّقْرِيرِ وَالإْشْهَادِ، فَإِنَّ التَّسْلِيمَ بِطَرِيقِ الْهَزْلِ بَاطِلٌ، وَالشُّفْعَةُ بَاقِيَةٌ لأِنَّ  التَّسْلِيمَ مِنْ جِنْسِ مَا يَبْطُلُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ، حَتَّى لَوْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ بَعْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَطَلَبِ التَّقْرِيرِ، عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ بَطَلَ التَّسْلِيمُ، وَبَقِيَتِ الشُّفْعَةُ؛ لأِنَّ  تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ فِي مَعْنَى التِّجَارَةِ؛ لأِنَّهُ اسْتِبْقَاءُ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ عَلَى مِلْكِهِ، وَلِهَذَا يَمْلِكُ الأْبُ  وَالْوَصِيُّ تَسْلِيمَ شُفْعَةِ الصَّبِيِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، كَمَا يَمْلِكَانِ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ لَهُ، فَيَتَوَقَّفُ عَلَى الرِّضَا بِالْحُكْمِ، وَالْخِيَارُ يَمْنَعُ الرِّضَا بِهِ، فَيَبْطُلُ التَّسْلِيمُ، فَكَذَا الْهَزْلُ يَمْنَعُ الرِّضَا بِالْحُكْمِ، فَيَبْطُلُ بِهِ التَّسْلِيمُ، كَمَا يَبْطُلُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ، وَتَبْقَى الشُّفْعَةُ .

___________________________________________

مجلة الأحكام العدلية

مادة (1028) طلبات الشفعة

يلزم في الشفعة ثلاثة طلبات هي: طلب المواثبة وطلب التقرير والاشهاد وطلب الخصومة والتملك.

 

مادة (1030) التزام الشفيع

يلزم الشفيع بعد طلب المواثبة أن يشهد ويطلب التقرير بأن يقول في حضور رجلين أو رجل وامرأتين عند المبيع إن فلاناً قد اشترى هذا العقار أو عند المشتري أنت قد اشتريت العقار الفلاني أو عند البائع إن كان العقار موجوداً في يده أنت قد بعت عقارك وأنا شفيعه بهذه الجهة وكنت طلبت الشفعة والان اطلبها أيضاً اشهدوا وان كان الشفيع في محل بعيد ولم يمكنه طلب التقرير والإشهاد بهذا الوجه يوكَّل آخر وإن لم يجد وكيلاً أرسل مكتوباً.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفور له  (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية  1891 افرنجيه

(مادة 117)
طلب الشفعة على ثلاثة أوجه طلب مواثبة وطلب إشهاد وتقرير وطلب تملك.
(مادة 118)
طلب المواثبة هو أن يبادر الشفيع بطلب الشفعة فوراً في مجلس علمه بالبيع والمشتري والثمن ولو علم بذلك بعد حين بدون أن يصدر منه ما يدل على الأعراض وأن يشهد على طلبه خشية جحود المشتري لا لزوماً.
(مادة 119)
طلب التقرير هو أن يشهد الشفيع على البائع أن كان العقار المبيع في يده أو على المشتري وإن لم يكن العقار في يده أو عند المبيع بأنه طلب ويطلب فيه الشفعة الآن والمدة الفاصلة بين هذا الطلب والطلب الأول مقدرة بالتمكن منه فإن تمكن بكتاب أو رسول ولم يشهد بطلت شفعته وإن لم يتمكن منه فلا تسقط.
وأن أشهد الشفيع في طلب المواثبة عند أحد من هؤلاء المذكورين كفاه ذلك الإشهاد فقام مقام الطلبين.
(مادة 120)
طلب التملك هو طلب المخاصمة والمرافعة عند القاضي فإذا أخره الشفيع بعد طلب المواثبة والتقرير شهراً واحداً بلا عذر بطلت شفعته وإن أخره بعذر مقبول فلا تسقط.

(مادة 136)
تبطل الشفعة بترك طلب المواثبة أو باختلال شرط من شروط صحته وتسقط أيضاً بترك طلب التقرير والإشهاد مع إمكانه والقدرة عليه وبتأخير طلب المخاصمة شهراً بلا عذر.

(مادة 144)
إذا أخبر الشفيع بمقدار الثمن فاستكثره فسلم في الشفعة ثم تحقق له أن الثمن أقل مما أخبر به فله حق الشفعة.
(مادة 145)
إذا علم باسم المشتري فسلم في الشفعة ثم بان له أن المشتري هو غير من سمى فله حق الشفعة.
(مادة 146)
إذا بلغ الشفيع شراء نصف العقار المشفوع فسلم في الشفعة ثم تحقق له شراء كل المبيع فله الشفعة وفي عكسه لا شفعة له.