مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس ، الصفحة : 440
مذكرة المشروع التمهيدي :
المواد 1394 و 1395 و 1396 توافق المواد 10 و 12 و 13 من قانون الشفعة الحالي هذا وقد تناقشت اللجنة في جلستها الأخيرة التي عقدتها للنظر في نصوص الشفعة (الجلسة الثانية عشرة) في إضافة نص يقضي بأن الغلة تكون للشفيع من وقت إعلانه الأخذ بالشفعة و عليه من ذلك الوقت أيضاً فوائد ما لم يودعه من الثمن في خزينة المحكمة وقد اقترح أحد الأعضاء في لجنة فرعية نصاً بهذا المعنى ولكن اللجنة لم تناقشه (والرأي في ذلك أن الشفيع يحل محل المشتري في الصفقة فيملك من وقت البيع الأول ويعتبر المشتري كأنه لم يملك أصلاً إلا إذا استولى على ثمار المبيع إلى إعلان الرغبة فهو يتملك الثمار بالحيازة إذ هو حسن النية إلى هذا الوقت وما دام قد تملك الثمار فلا يتقاضى فائدة على الثمن و منذ يعلن الرغبة في الأخذ بالشفعة لايملك الثمار وتكون للشفيع إذ هو المالك و للمشتري أن يطالب بالفوائد من الوقت الذي لا يتملك فيه الثمار ).
1- لما كان الحكم للشفيع بأحقيته فى أخذ العقار المبيع بالشفعة من المشترى الذي كان يستأجره قبل شرائه يزيل اتحاد الذمة ويعتبر عقد الإيجار كأنه لم ينته أصلاً , لأن الشفيع يحل بموجب حكم الشفعة محل المشترى فى عقد البيع , فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطرد (المقامة من الشفيع قبل المشترى) على سند من قيام عقد الإيجار المشار إليه يكون قد أصاب صحيح القانون .
(الطعن رقم 669 لسنة 63 جلسة 2000/05/02 س 51 ع 2 ص 637 ق 116)
2- إذ كان من مقتضى الأخذ بالشفعة - وفقاً لحكم المادة 945 من القانون المدنى - حلول الشفيع قبل البائع محل المشترى فى جميع حقوقه والتزاماته الناشئة عن عقد البيع المشفوع فيه ويتحمل المشترى فيها غٌرم الشفعة لخروجه من الصفقة عند إجابة الشفيع إلى طلبه ، ولا تستقيم خصومة الشفعة فى جميع مراحلها ومنها الطعن بالنقض إلا باختصام أطرافها الثلاثة - المشترى والبائع والشفيع _ كما يفصل فى حلول الشفيع قبل البائع محل المشترى ولو كان العقار خرج عن ملك المشترى بأى وجه من وجوه التصرف .
(الطعن رقم 6908 لسنة 66 جلسة 1997/11/30 س 48 ع 2 ص 1374 ق 255)
3- إذ كان الشارع قد استن أحكام الشفعه أستمداداً من مبادئ الشريعة الاسلامية لاعتبارات اجتماعية واقتصادية تقوم عليها مصلحة الجماعة فجعل البيع سبباً للشفعة وجعل حق الشفيع فيها متولداً من العقد ذاته بمجرد تمام انعقاد البيع على العين المشفوعة وكفل قيام هذا الحق دائماً للشفيع فى مواجهة البائع والمشترى على السواء ما لم يتم إنذاره رسمياً أو يسجل عقد البيع ويسقط الشفيع حقه فى الشفعة فإذا ما تمسك الأخير بهذا الحق وسلك فى سبيله طريق الدعوى التى يرفعها على كل من البائع والمشترى توصلاً إلى ثبوته حتى إذا ما صدر له حكم نهائى بذلك يعتبر سنداً لملكيته العقار المشفوع فيه فإنه يحل بموجبه محل المشترى فى جميع الحقوق والالتزامات الناشئة عن البيع فتخلص له ملكية العقار المبيع فى مقابل الثمن الحقيقى الذى أوجب عليه المشرع إيداعه خزانة المحكمة طبقاً للمادة 942 من القانون المدنى ضماناً لحق المشترى فيسترده الأخير إذا كان قد وفاه لما كان ذلك وكان حق الشفعة بهذه المثابة لا يعد تعرضاً موجباً لضمان الاستحقاق فمن ثم فإن استعمال الشفيع حقه فى الشفعه وصدور حكم نهائى بأحقيته للعقار المبيع لا يرتب مسئولية البائع قبل المشترى لتعويضه عما حاق به من ضرر بسبب استحقاق العقار للشفيع .
(الطعن رقم 574 لسنة 57 جلسة 1990/06/21 س 41 ع 2 ص 337 ق 231)
4- لما كانت الشفعة سبباً من أسباب كسب الملكية وينشأ حق الشفيع فى الأخذ بالشفعة بمجرد انعقاد البيع ولو كان غير مسجل أو غير ثابت التاريخ وكان من آثار الأخذ بالشفعة وفقاً لما هو مقرر بنص الفقرة الأولى من المادة 945 من القانون المدني أن يحل الشفيع محل المشترى فى جميع حقوقه والتزاماته فإن مؤدى ذلك أنه لا يجوز أن يحاج الشفيع فى دعواه بطلب الأخذ بالشفعة باكتساب المشترى لملكية العقار المشفوع فيه بسبب الحقوق والالتزامات الناشئة عن عقد البيع الصادر إليه ما لم يكن حق الشفعة ذاته قد سقط بأي سبب من أسباب السقوط، فيمتنع لذلك على هذا المشترى الاحتجاج بتملك العقار بانتقال ملكيته إليه بتسجيل العقد أو مجابهة الشفيع باكتمال مدة حيازته للعقار المشفوع فيه نتيجة ضم مدة حيازة سلفه البائع تنفيذاً لالتزامه بالتسليم الناشئ عن العقد لما فى ذلك كله من مناقضة لطبيعة الحق فى الأخذ بالشفعة والآثار القانونية المترتبة على ثبوت هذا الحق.
(الطعن رقم 1485 لسنة 56 جلسة 1989/06/29 س 40 ع 2 ص 723 ق 283)
5- من أحكام البيع المنصوص عليها فى المادة 439 من القانون المدني التزام البائع بضمان عدم التعرض للمشترى فى الانتفاع بالمبيع أو منازعته فيه وهو التزام مؤبد يتولد عن عقد البيع بمجرد انعقاده ولو لم يشهر فيمتنع على البائع أن يتعرض للمشترى سواء أكان التعرض مادياً أم كان تعرضاً قانونياً لأن من وجب عليه الضمان أمتنع عليه التعرض، ولما كان من آثار الأخذ بالشفعة أن الحكم الذي يصدر نهائياً بثبوتها يعتبر سنداً لملكية الشفيع فتنتقل ملكية العقار المشفوع فيه إلى الشفيع الذي يحل محل المشترى فى جميع حقوقه وإلتزاماته قبل البائع على ما تقضى به المادتان 944، 945/1 من القانون المدني، ومن ثم فإن طلب الأخذ بالشفعة يمتنع على البائع فى مواجهة من اشترى منه العقار حتى ولو انتقل إليه حق الشفعة بطريق الإرث لأن فى ذلك تعرضاً منه للمشترى فى العقار المبيع وإخلالاً بالتزامه الأبدي وليد عقد البيع ونقضاً لهذا العقد.
(الطعن رقم 1920 لسنة 55 جلسة 1988/06/16 س 39 ع 2 ص 1051 ق 174)
6- جرى نص المادة 1/945 من القانون المدنى على أن يحل الشفيع محل المشترى فى جميع حقوقه و إلتزماته و لذا يضحى المشترى بعد القضاء بالشفعة كما لو لم يشتر من قبل ، وإذ كان النص فى المادة 3 من القانون رقم 52 لسنة 1969 المقابلة للمادة 6 من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير و بيع الأماكن على أن " يعد فى حكم المستأجر مالك العقار المنزوع ملكيته بالنسبة إلى ما يشغله من هذا العقار " هو إستثناء خرج به المشرع على الأصل العام فلا يجوز التوسع فيه أو القياس عليه ، ومن ثم فلا يسرى حكمه على المشفوع منه.
(الطعن رقم 703 لسنة 49 جلسة 1985/03/07 س 36 ع 1 ص 358 ق 78)
7- النص فى الفقرة الأولى من المادة 945 من القانون المدنى على أنه " يحل الشفيع قبل البائع محل المشترى فى جميع حقوقه وإلتزاماته " مفاده أن البائع و ليس المشترى هو الذىيتحمل فى مواجهة الشفيع بكافة الإلتزامات التى كان يتحمل بها فى مواجهة المشترى ، ومن ذلك الإلتزام بنقل ملكية المبيع و تسليمه و ضمان التعرض والإستحقاق و العيوب الخفية ، كما أنه إذا تمت الشفعة إتفاقاً إلتزم الشفيع بالوفاء بالثمن إلى البائع مباشرة إلا أن يكون هذا الأخير قد سبق أن تقاضاه من المشترى فيلتزم الشفيع بأدائه إلية .
(الطعن رقم 524 لسنة 48 جلسة 1982/03/11 س 33 ع 1 ص 301 ق 55)
8- إذ أوجب الشارع فى الفقرة الثانية من المادة 942 من القانون المدنى على الشفيع أن يودع فى خلال ثلاثين يوما على الأكثر من تاريخ إعلان الرغبة فى الشفعة خزانة المحكمة الكائن فى دائرتها العقار كل الثمن الحقيقى الذى حصل به البيع ، مع مراعاة أن يكون هذا الإيداع قبل رفع الدعوى بالشفعة ، وإذ رتب على عدم إتمام الإيداع فى الميعاد المذكور على الوجه المتقدم سقوط حق الأخذ بالشفعة ، فقد دل على أن إيداع كامل الثمن الحقيقى فى ذلك الميعاد هو شرط لقبول دعوى الشفعة فلايملك البائع إعفاء الشفيع من شرط أوجبه القانون ، لأنه فضلاً عن أن هذا الإعفاء مخالف لصريح النص ، فإن الشرط المذكور لم يتقرر لمصلحة البائع وحده ، وإنما وضع لمصلحة من يكون له الحق فى الثمن المودع كله أو بعضه عندما يثبت حق الشفعة بحكم نهائى ، سواء كان صاحب هذا الحق هو المشترى الذى عجل كل الثمن أوبعضه للبائع ، أم هو البائع الذى لم يستوف الثمن كله ولا تعارض بين إشتراط القانون هذا الإيداع لقبول دعوى الشفعة وبين ما نص عليه فى المادة 2/945 منالقانون المدنى من أنه لا يحق للشفيع الإنتفاع بالأجل الممنوح للمشترى فى دفع الثمن إلا برضاء البائع ، ذلك أن هذا النص الأخير إنما ورد بصدد بيان أثار الشفعة ، أى بعد أن يثبت حق الشفيع فى الشفعة رضاء أو قضاء ، ويصبح الثمن من حق البائع وحده فيكون له فى هذه الحالة أن يمنح الشفيع فى الوفاء به الآجل الممنوح للمشترى ، ومن ثم لا يجوز استنادا إلى هذا النص تخويل البائع حق الإعفاء من شرط أوجبة القانون لقبول دعوى الشفعة . وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ، فإن النعى عليه بالخطأ فى تطبيق القانون يكون على غير أساس .
(الطعن رقم 718 لسنة 41 جلسة 1976/01/29 س 27 ع 1 ص 347 ق 75)
9- متى كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى نفى ركن الخطأ عن المطعون عليها - الشفيع- فى إقامتها السور حول القدر المتنازع عليه - المشفوع فيه - استنادا إلى الأسباب السائغة التى استدل بها على أنها لم تكن تعتقد وقت البناء أنها تعتدى على حيازة الطاعن أوملكيته بل كانت على العكس تعتقد أنها تقيم البناء فى القدر الوارد بعقد البيع الذى حلت فيه محل المشفوع منه ، وإذ كان إعلان المطعون عليها بصحيفة دعوى الملكية ، ليس من شأنه أن ينفى استمرار هذا الاعتقاد وإنما الذى ينفيه أويؤيده هو الحكم النهائى الصادر فيها فإنه يكون على غير أساس النعى على الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون لتقريره بانعدام ركن الخطأ فى حق المطعون عليها سواء قبل أو بعد رفع دعوى الملكية ، ولا عبرة فى هذا الخصوص باستناد الطاعن إلى المادة 2/966 من القانون المدنى التى تنص على أن حسن النية يزول من وقت إعلان الحائز بعيوب حيازته فى صحيفة الدعوى ، لأن مجال تطبيق هذه المادة إنما يكون فى صدد مطالبة المالك بثمار العين التى اعتدى الغير على حيازتها ، وليس فى شأن المسئولية التقصيرية .
(الطعن رقم 240 لسنة 36 جلسة 1971/04/08 س 22 ع 2 ص 443 ق 69)
10- المقصود بشروط البيع التى استلزم القانون بيانها فى الإنذار هى شروطه الاساسية التى لابد من علم الشفيع بها حتى يستطيع الموازنة بين أن يقدم على طلب الشفعة أو لايقدم . وإذ كان شرط منح المشترى أجلاً فى الوفاء ببعض الثمن لا يتوقف عليه تقرير صاحب الحق فى الشفعة لموقفه من حيث الأخذ بها أو تركها ذلك أنه ملزم فى جميع الأحوال طبقا للمادة 942 من القانون المدنى بايداع كل الثمن الحقيقى الذى حصل البيع به وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة وقبل رفع الدعوى بها وإلا سقط حقه فى الأخذ بالشفعة ، كما أنه طبقاً للمادة 945 مدنى لا يستفيد الشفيع من الأجل الممنوح للمشترى إلا برضاء البائع وحتى فى حالة حصول هذا الرضاء فانه لايترتب عليه اعفاء الشفيع من واجب ايداع كامل الثمن بما فيه المؤجل فى الميعاد القانونى ، ومن ثم فليس ثمة نفع يعود على الشفيع من علمه بشرط تأجيل الثمن قبل إعلان رغبته فيها و بالتالى فان عدم اشتمال الانذار الموجه من المشترى إلى الشفيع على هذا الشرط لا يترتب عليه بطلان هذا الانذار . ولا يعتبر كذلك من شروط البيع التى توجب المادة 941 من القانون المدنى اشتمال الانذار عليها ما ورد فى عقد البيع الصادر للمطعون ضده الأول (المشترى) من أن البائع له تلقى ملكية ما باعه بطريق الشراء من آخر بعقد ابتدائى ، كما لم يوجب القانون تضمين هذا الانذار شروط عقد تمليك البائع .
(الطعن رقم 284 لسنة 28 جلسة 1963/11/07 س 14 ع 3 ص 1011 ق 144)
11- ايداع كامل الثمن الحقيقى فى الميعاد القانونى وعلى الوجه المبين فى المادة 942 من القانون المدنى شرط لقبول دعوى الشفعة ولا يعفى من واجب ايداع الثمن كاملاً أن يكون متفقاً على تأجيل بعضه فى عقد البيع المحرر بين المشترى و البائع و لا تعارض بين اشتراط القانون هذا الايداع لقبول دعوى الشفعة وبين ما نص عليه فى المادة 945 مدنى من أنه لا يحق للشفيع الانتفاع بالأجل الممنوح للمشترى فى دفع الثمن إلا برضاء البائع ، ذلك أن البائع لا يملك اعفاء الشفيع من شرط أوجبه القانون ، كما أن هذا النص إنما ورد بصدد بيان آثار الشفعة أى بعد أن يثبت حق الشفيع فى الشفعة رضاء أو قضاء و يصبح الثمن من حق البائع وحده فيكون له فى هذه الحالة أن يمنح الشفيع فى الوفاء به الأجل الممنوح للمشترى .
(الطعن رقم 284 لسنة 28 جلسة 1963/11/07 س 14 ع 3 ص 1011 ق 144)
12- النص فى المادة 945 من القانون المدنى الجديد على حلول الشفيع محل المشترى فى حقوقه و إلتزاماته بالنسبة إلى البائع هو نص لم يستحدث حكما جديدا بل هو مماثل لنص المادة 13 من قانون الشفعة القديم - وهو لا يفيد إعتبار الشفيع الذى حكم له بطلبه حالا محل المشترى فى الريع منذ قيام الطلب - إذ إعتباره كذالك - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا يجوز إلا على تقدير أثر رجعى لحلوله محل المشترى الأمر الذى يتنافى مع ما هو مقرر من أن حكم الشفعة منشىء لا مقرر لحق الشفيع مما يمتنع معه القول بحلوله محل المشترى قبل الحكم نهائيا بالشفعة - و إذا كان من آثار عقد البيع نقل منفعة المبيع إلى المشترى - المشفوع منه - فإن ثمرته تكون له من تاريخ إبرام البيع ما لم يوجد إتفاق مخالف - و لما كان الحكم المطعون فيه قد إنتهى فى قضائه إلى تقرير حق المشترين فى ريع العين المشفوعة من تاريخ تنازل البائعين لهم عن عقد إيجارها حتى صدور حكم نهائى بالشفعة لصالح الشفيع فإنه لا يكون قد أخطأ تطبيق القانون .
(الطعن رقم 92 لسنة 25 جلسة 1959/05/14 س 10 ع 2 ص 426 ق 65)
تنص المادة 945 مدني على ما يأتي :
1 ـ يحل الشفيع قبل البائع محل المشتري فى جميع حقوقه والتزاماته .
2 ـ وإنما لا يحق له الانتفاع بالأجل الممنوح للمشتري في دفع الثمن إلا برضاء البائع .
3 ـ وإذا استحق العقار للغير بعد أخذه بالشفعة فليس للشفيع أن يرجع إلا على البائع .
ويخلص من هذا النص أنه متى ثبت للشفيع حقه في الشفعة رضاء أو قضاء تحول البيع بين أن يكون بين البائع والمشتري إلى أن يكون بين البائع والشفيع ويعتبر الشفيع هو المشتري منذ البداية إذ أنه قد حل محل المشتري في هذا البيع ويختفي شخص المشتري من الصفقة ولا يتوسط بين البائع والشفيع ولا يعتبر أن هناك بيعاً أولاً انعقد بين البائع والمشتري ثم أعقبه بيع ثان انعقد بين المشتري والشفيع فباع البائع للمشتري ثم باع المشتري للشفيع بل هو بيع واحد انعقد بين البائع والشفيع فقامت بينهما صلة مباشرة وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ويترتب على ما قدمناه أن العلاقة ما بين الشفيع والبائع يحددها عقد البيع وقد أصبح فيه الشفيع مشترياً ويحل قبل البائع محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته كما يقول النص م 945 / 1 مدني ومن ثم يلتزم البائع نحو الشفيع بجميع التزامات البائع كما يلتزم الشفيع نحو البائع بجميع التزامات المشتري.
والتزامات البائع هي نقل ملكية المبيع والتسليم وضمان التعرض و الاستحقاق وضمان العيوب الخفية والتزامات المشتري هى دفع الثمن والفوائد إذا كان لها مقتض وتسلم المبيع . (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ التاسع المجلد/ الأول الصفحة/ 971)
يترتب على ثبوت الحق في الشفعة قضاء أو رضاء أن يحل الشفيع محل المشتري في البيع فيلتزم بكافة الالتزامات التي يرتبها عقد البيع وتكون له كافة الحقوق المرتبة عليه فتنتقل الملكية من البائع على الشفيع مباشرة بمجرد تسجيل الأخير الحكم النهائي أو تسجيل إقرار التسليم بالشفعة أو التأشير بهما ويلتزم البائع بتسليم العقار بالحالة التي كان عليها وقت البيع مع ملحقاته فإذا هلك العقار قبل التسليم هلاكاً كلياً كانت التبعة على البائع أن كان العقار تحت يده ووجب فسخ البيع ورد الثمن وتسقط الشفعة وتكون على المشتري إذا كان قد تسلم العقار أما أن كان الهلاك جزئياً قبل التسليم كان الخيار للمشتري في طلب الفسخ أو إبقاء العقار مع انقاص الثمن فإذا طلب الشفيع بالشفعة سرى ما أختاره المشتري عليه فإن كان الفسخ سقطت الشفعة وذلك كله قبل الحكم نهائياً بالشفعة أما بعد الحكم فإن كان المشتري لم يظهر اختياره، انتقل الخيار للشفيع فإن اختار الفسخ سقطت الشفعة وانفسخ البيع ولا يكون للمشتري الحق في العقار إلا بموجب عقد جديد فإذا كان الهلاك الجزئي بعد الحكم والعقار في يد المشتري كان الشفيع بالخيار بين الفسخ أو أخذ العقار فالعبرة في تبعة الهلاك هي بالتسليم فمن كان العقار تحت يده تحمل تبعة الهلاك إلا إذا كان قد أنذر الطرف الآخر باستلامه فإن كانت التبعة على البائع التزم برد الثمن وأن كانت على المشتري أو الشفيع استحق البائع الثمن وتسری هنا أحكام المواد 432 و 435 و 437 و 438 مدني ويلتزم الشفيع بكافة التزامات المشتري (م 456 إلى 464 مدني) .
وإذا قام مالك العقار ببيعه لمن كان يستأجره انقضى عقد الإيجار باتحاد الذمة بعد أن أخذت صفة المالك والمستأجر في شخص واحد لكن إذا زال اتحاد الذمة لأي سبب مثل فسخ أو بطلان عقد البيع أعتبر هذا العقد كأن لم يكن منذ إبرامه فيسترد عقد الإيجار قوته ونفاذه وأيضاً إذا ظل عقد البيع صحيحة ونافذة ولكن حل فيه الشفيع محل المشتري زال إتحاد الذمة منذ إبرام عقد البيع فيسترد المشفوع منه صفته التي كانت له قيل إبرام هذا العقد فيظل مستأجراً للعقار المشفوع فيه وينفذ هذا الإيجار في حق الشفيع كخلف خاص للمؤجر .
إذا استوفت دعوى الشفعة مقوماتها جميعاً ثم صدر حكم بأحقية الشفيع في أخذ العقار المبيع بالشفعة وحاز هذا الحكم قوة الأمر المقضي وأصبح الثمن بذلك من حق البائع وحده جاز للأخير في هذه الحالة أن يتصرف في الثمن كيفما يشاء بعد أن يقبضه من خزانة المحكمة فله رده كله إلى الشفيع ومنحه أجة للوفاء به أو تقسيطه على أجال وفي هذه الحالة لا يعتبر هذا التصرف قرضاً وإنما يظل المبلغ على طبيعته ثمناً للعقار المشفوع فيه ويترتب على ذلك أن الشفيع إذا أخل بالتزامه بالوفاء في الميعاد المتفق عليه جاز للبائع إعمال شرط عقد البيع الذي حل فيه الشفيع محل المشتري فإن تضمن شرطة ناسخاً صريحاً جاز للبائع التمسك به فلا تكون للمحكمة سلطة تقديرية في القضاء بالفسخ أما إن لم يكن العقد يتضمن هذا الشرط فلا يجوز للبائع إلا أن يطلب الفسخ القضائي وفقاً لشرط الفسخ الضمني الذي تتضمنه العقود الملزمة للجانبين .
كما تسري الفوائد التي تضمنها عقد البيع وذلك اعتباراً من تاريخ رد الثمن إلى الشفيع فإن لم يكن العقد يتضمن فوائد فلا تسري في حق الشفيع أية فوائد إلا من تاريخ المطالبة القضائية في حالة التأخير في الوفاء بالثمن أو بقسط منه. ويجوز الاتفاق عند رد الثمن على الفوائد.
أن الشفيع وإن كان يختصم في دعواه البائع والمشتري ويقضي له ضدهما بأحقيته في أخذ العقار بالشفعة إلا أنه يترتب على هذا القضاء أن يحل الشفيع قبل البائع محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته ومن هذه الحقوق حق المشتري في الرجوع على البائع بضمان الإستحقاق وفقاً للقواعد المقررة لهذا الضمان ولم يقصد المشرع الخروج على هذه القواعد بما نص عليه بالمادة 945 من القانون المدني من أنه «إذا أستحق العقار للغير بعد أخذه بالشفعة فليس للشفيع أن يرجع إلا على البائع وبالتالي يكون حتى الشفيع في هذا الرجوع هو ذات حق المشتري فيتحدد مداه بما تضمنه عقد البيع إذ تنص المادة 445 من القانون المدني على أنه يجوز للمتعاقدين باتفاق خاص أن يزيد ضمان الاستحقاق أو أن ينقصا منه أو أن يسقط هذا الضمان على أن يقع باطلاً كل شرط يسقط الضمان أو ينقصه إذا كان البائع قد تعمد إخفاء حق الأجنبي وإذا كان استحقاق المبيع قد نشأ من فعل الغير فإن البائع يكون مسئولاً عن رد قيمة المبيع وقت الاستحقاق إلا إذا أثبت أن المشتري كان يعلم وقت البيع سبب الاستحقاق أو أنه إشترى ساقط الخيار.
عدم تحقق ضمان الإستحقاق بحكم الشفعة :
يتحقق ضمان الإستحقاق بنزع ملكية البيع من المشتري بسبب يرجع الى البائع نفسه إذ يتوافر بذلك خطأ البائع الموجب للضمان أما إذا نزع المبيع من المشتري بسبب يرجع إلى إرادة المشرع فإن الخطأ ينتفي بالنسبة للبائع كما ينتفي بالنسبة للمشرع فلا يتحقق الضمان وينفسخ العقد ما بين البائع والمشتري وللأخير أن يسترد ما دفعه من ثمن دون تضمينات.
لئن كان الحكم الذي يصدر نهائياً بثبوت الشفعة يعتبر سنداً الملكية الشفيع وأن المبيع تنتقل ملكيته بتسجيل هذا الحكم إلا أن هذا لا يحول دون مالك العقار وطلب الحكم باستحقاقه ومتى قضى له بذلك إسترد العقار حتى لو كان الشفيع قد سجل حكم الشفعة فإن كان الشفيع بعد أخذ العقار أقام به بناء أو منشآت ثابتة أو غراس يبقى بالأرض مدة طويلة كأشجار الفاكهة فإن ملكيتها تنتقل للمالك بالالتصاق ويتوافر حسن النية لدى الشفيع مما يحول دون المالك وطلب إزالة تلك المنشآت ويلتزم بأن يدفع قيمة المواد وأجرة العمل أو أن يدفع مبلغاً يساوي مازاد في ثمن الأرض بسبب هذه المنشأت ما لم يطلب الشفيع نزعها ولا ينال من توافر حسن نية الشفيع أن يكون المالك قد أعلنه بدعوى الاستحقاق إذ لا يترتب على هذا الإعلان إلا التزام الشفيع برد الثمار التي قبضها والتي أهمل في قبضها فلا ينتفي عنه حسن النية بالنسبة لما أقامه من منشأت وفقاً لقواعد الالتصاق كما لا يتوافر به الخطأ التقصير في جانبه. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الثالث عشر الصفحة/ 446)
تنص الفقرة الأولى من المادة على أن: يحل الشفيع قبل البائع محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته .
فالشفعة في نظر القانون هي تحويل الحقوق والالتزامات ما بين البائع والمشتري إلى ما بين البائع والشفيع فتزول صلة البائع بالمشتري فيما لكل منهما من حقوق على الآخر بموجب عقد البيع لتكون صلته في تلك الحقوق بالشفيع.
فعقد البيع الذي انتقلت به الملكية إلى المشتري لا ينفسخ بالحكم الصادر بثبوت الشفعة وإنما تتحول الالتزامات والحقوق التي تكون قد ترتبت على هذا العقد من ذمة المشتري إلى ذمة الشفيع منذ صدور الحكم النهائي وعلى هذا فإن المشتري يكون مالكاً إلى حين الحكم النهائي بالشفعة وبالحكم النهائي يحل محله الشفيع في العقد.
ويحل الشفيع محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته كما وردت تماما في العقد المبرم بين البائع والمشتري فإن كان عقد البيع قد أوجب على المشتري التزامات خاصة فإن الشفيع يلتزم بها فلو وجد في العقد شرط يلزم المشتري ببناء منزل للسكني في الأرض المبيعة خلال عام من وقت البيع وإلا فسخ العقد فإن الشفيع يخضع لنفس الالتزام والحلول في نفس العقد بشروطه تماما يعتبر المقابل المعقول لحرمان المالك من اختيار المتصرف إليه وحتى لا تكون الشفعة مصدراً للإضرار بالبائع فيجب أن يحصل البائع على نفس الأداء والمزايا التي كان يخولها له العقد المبرم مع المشتري.
ويكون للشفيع أن يطالب البائع بتنفيذ كل ما التزم به في مواجهة المشتري وأهم هذه الالتزامات نقل الملكية إلى الشفيع فإذا كان عقد الشراء غير مسجل كان للشفيع أن يطلب الحكم له بصحة التعاقد ومن حقه أن يوجه هذا الطلب في صحيفة دعوى الشفعة فإن فعل وجب أن يتضمن الحكم الصادر بأحقيته في أخذ العقار بالشفعة الحكم بصحة التعاقد على بيع العقار في نفس الوقت وذلك على سند مما تنص عليه المادة (944) من أن الحكم الذي يصدر نهائياً بالشفعة يعتبر سنداً لملكية الشفيع فلا يأتي اعتبار هذا الحكم سنداً للملكية إذا لم يكن عقد البيع مسجلاً إلا إذا تضمن في نفس الوقت الحكم بصحة ونفاذ هذا العقد.
ويتم هذا الحلول - طبقاً لما أخذت به محكمة النقض- من تاريخ التراضي على الشفعة أو الحكم النهائي الصادر بثبوت الشفعة.
ويترتب على الحلول أن البائع يستطيع أن يتمسك في مواجهة الشفيع بكافة الدفوع التي كان يستطيع أن يتمسك بها في مواجهة المشتري مثل بطلان البيع بسبب الغلط أو غير ذلك.
كما يستطيع أن يتمسك في مواجهته بالفسخ أو بالدفع بعدم التنفيذ في حالة عدم تنفيذ التزام من الالتزامات التي يفرضها العقد على عاتق المشتري.
تنص الفقرة الثانية من المادة على أنه: وإنما لا يحق له الانتفاع بالأجل الممنوح للمشتري في دفع الثمن إلا برضاء البائع .
فهذا النص يتناول علاقة الشفيع بالبائع فيما يتعلق بأداء الثمن بعد القضاء له بالشفعة وقضت بأن الشفيع لا يفيد من الأجل الذي منحه البائع للمشتري في سداد الثمن سواء كان ذلك بتأجيل الثمن كله أو بعضه أو دفعه مقسطاً وحكمة ذلك أن البائع يراعي في هذا التأجيل اعتبارات خاصة بالمشتري قد لا تكون متوافرة في الشفيع فإذا ما حصل الشفيع على رضاء البائع بإفادته من هذا الأجل فهو جائز.
ولا شأن لهذا النص بإيداع الثمن الحقيقي للعقار المبيع قبل رفع دعوى الشفعة فقد أوضحنا في موضعه أن إيداع هذا الثمن واجب على الشفيع وهو شرط لقبول الدعوى بل لا يملك البائع إعفاءه من هذا الإيداع.
تنص الفقرة الثالثة من المادة على أن:
وإذا استحق العقار للغير بعد أن أخذه بالشفعة فليس للشفيع أن يرجع إلا على البائع وتلك نتيجة حتمية لحلول الشفيع محل المشتري إذا المعتبر في هذا النص أن الشفيع هو الطرف الآخر في علاقة البيع القائمة والتي حل فيها بمقتضى الأخذ بالشفعة محل المشتري وبالتالي لا يعتبر الشفيع خلفاً خاصاً للمشتري وإنما هو خلف للبائع يتلقى منه العقار مباشرة ولذلك يستطيع الشفيع أن يطالب البائع بكل الالتزامات الناشئة عن هذا العقد ومن أهم هذه الالتزامات الالتزام بالضمان.
ويظل البائع ملزماً بالضمان حتى لو كان المشتري هو الذي قبض الثمن من الشفيع فإنه لا شأن له بضمان الاستحقاق فلا يرجع الشفيع عليه ثم يرجع هو (أي المشتري على البائع بل يرجع الشفيع رأساً على البائع .
ولكن إذا كان العقد المشفوع فيه مسجلاً وتثبت الشفعة للشفيع رضاء أو قضاء فإن المشتري هو الذي يكون مسئولاً أمام الشفيع عن ضمان التعرض والاستحقاق وضمان العيوب الخفية وإن كان له أن يدخل البائع في دعوى الضمان حتى يصدر الحكم في مواجهته فيسهل على المشتري بعد ذلك الرجوع عليه.
والالتزام بالضمان يشمل ضمان عدم تعرض البائع الفعلي أو القانوني وكذلك يشمل ضمان عدم تعرض الغير القانوني طبقاً للقواعد العامة في عقد البيع بشرط أن يكون للغير حق قائم على المبيع وقت البيع أو يكون قد ثبت حقه بعد البيع إذا كان هذا الحق قد آل إليه من البائع نفسه.
كما أن البائع يلتزم بضمان العيوب الخفية رغم عدم وجود نص لأنه نتيجة طبيعية للحلول.
ومنطق الحلول يفرض أيضاً أنه إذا كان العقد متضمناً لشرط يعدل أحكام الضمان سواء بالزيادة أو الإنقاص أو الإسقاط فإن هذا الشرط يسري في حق الشفيع طبقاً للقواعد العامة في عقد البيع.
- عدم سريان حكم المادة (6) من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن على المشفوع منه .
هلاك المبيع:
لم يرد بقانون الشفعة القديم ولا بنصوص الشفعة في القانون المدني الجديد نص خاص بما يجب اتباعه في حالة هلاك العقار المشفوع فيه كله أو بعضه ولذلك ذهب الشراح إلى وجوب تحكيم القواعد العامة التي وردت بالقانون في شأن هلاك المبيع وقد جعل القانون الهلاك على البائع قبل التسليم وعلى المشتري بعد التسليم كما يظهر من نص المادة (437 مدني) التي تجري على أن: إذا هلك المبيع قبل التسليم لسبب لا يد للبائع فيه انفسخ البيع واسترد المشتري الثمن إلا إذا كان الهلاك بعد إعذار المشتري لتسلم المبيع .
ولتطبيق هذا الحكم على الشفعة تجب التفرقة بين فترتين:
(أ) قبل الحكم نهائياً بالشفعة:
إذا هلك المبيع في يد البائع بسبب لا يد له فيه قبل تسليمه للمشتري فالهلاك على البائع بما يؤدي إلى انفساخ البيع ورد الثمن إن كان قد دفع وتسقط الشفعة وهذا سواء أكان الهلاك قبل إعلان الشفيع رغبته الشفيع رغبته في الأخذ بالشفعة أم بعد إعلان الرغبة وقبل رفع الدعوى أو بعد رفع الدعوى وقبل الحكم فيها نهائياً .
وإذا هلك المبيع في يد المشتري بعد تسليمه إليه فالهلاك على المشتري وهذا أيضاً سواء أكان الهلاك قبل إعلان الشفيع رغبته في الأخذ بالشفعة أم بعد إعلان الرغبة وقبل رفع الدعوى أم بعد رفع الدعوى وقبل الحكم فيها نهائياً وسنرى أن للشفيع حتى الحكم أن ينزل عن حقه في الشفعة.
وإذا كان الشفيع قد تسلم العقار المشفوع فيه وهلك فإنه يتحمل تبعة الهلاك وجاز للبائع أن يقبض الثمن من خزانة المحكمة إذا لم يكن قد قبضه قبل الهلاك فإذا كان قد قبضه لم يجز للشفيع أن يطالبه برده وإذا أعذر البائع الشفيع ليتسلم العقار فمن وقت الإعذار يعتبر العقار في حكم المسلم للشفيع فإذا هلك حتى قبل التسليم الفعلي فإن هلاكه يكون على الشفيع لا على البائع وفي هذا تقول العبارة الأخيرة من المادة (437 مدني): إلا إذا كان الهلاك بعد إعذار المشتري لتسلم المبيع أي أن الهلاك يكون استثناء على الشفيع إذا وقع بعد إعذاره لتسلم المبيع.
(ب) بعد الحكم نهائياً بالشفعة:
إذا هلك المبيع في يد البائع، بعد الحكم نهائياً بالشفعة فالهلاك عليه ووجب فسخ العقد ورد الثمن إلى من دفعه وإذا هلك في يد المشتري قبل تسليمه إلى الشفيع فالهلاك يكون على المشتري إذ أنه ملزم بتسليم العقار المشفوع فيه.
الهلاك الجزئي:
بمقتضى أحكام البيع العامة إذا كان الهلاك جزئياً فهو على المشتري إذا حصل بعد تسليم المبيع إليه أما إذا حصل في يد البائع قبل تسليم العقار للمشتري فيطبق حكم المادة (438) التي جاء فيها: إذا نقصت قيمة المبيع قبل التسليم لتلف أصابه جاز للمشتري إما أن يطلب فسخ البيع إذا كان النقص به بحيث لو طرأ قبل العقد لما تم البيع وإما أن يبقى البيع مع إنقاص الثمن
و لتطبيق هذا الحكم على الشفعة نفرق بين فترتين:
(أ) قبل الحكم نهائياً بالشفعة :
إذا حصل الهلاك الجزئي في يد البائع قبل تسليم المبيع إلى المشتري كان الخيار للمشتري بين الفسخ في الحالة المنصوص عليها في المادة وبين إبقاء المبيع مع إنقاص الثمن وإذا حصل الاختيار قبل طلب الشفعة سرى على الشفيع ما اختاره المشتري فإذا اختار الفسخ سقطت الشفعة وإذا اختار إبقاء المبيع جاز للشفيع أن يطلب المبيع بالشفعة وإذا طلبت الشفعة قبل حصول الاختيار فإن المشتري إما أن يظهر اختياره وإما ألا يظهره حتى يملك الشفيع وإذا أظهر المشتري اختياره رغم طلب الشفعة فإما أن يختار إبقاء المبيع وإما أن يختار الفسخ فإذا اختار إبقاء المبيع فلا حرج من ذلك على الشفيع لأن له حتى الحكم أن ينزل عن الشفعة إذا شاء وإذا اختار المشتري الفسخ سقط حق الشفعة.
وليس للشفيع ما يتضرر منه لأنه بالفسخ تعود العين إلى البائع كما كانت فلم ويوجد ما اضطر الشفيع من أجله للمطالبة بالشفعة وإذا حصل الهلاك الجزئي تحت يد المشتري بعد تسلمه العقار المبيع فإذا كان قد حصل قبل طلب الشفعة فالهلاك على المشتري وللشفيع أن يطلب الشفعة إذا أراد أو يترك أما إذا حصل الهلاك الجزئي بعد إعلان الرغبة في الشفعة وقبل الحكم نهائياً فالهلاك على المشتري كذلك و للشفيع أن ينزل عن الشفعة إذا أراد لأن له ذلك حتى الحكم.
(ب) بعد الحكم نهائياً بالشفعة:
بعد الحكم نهائياً بالشفعة يحل الشفيع بناء على المادة (945) محل المشتري لدى البائع في جميع حقوقه والتزاماته فإذا كان الهلاك الجزئي في يد البائع لم يكن المشتري قد أظهر اختياره فإن الخيار يكون بعد الحكم للشفيع فله أن يختار إبقاء المبيع وإذا اختار الفسخ فإن ذلك يسري على المشتري لأن ملكية العين قد انتقلت إلى الشفيع وقد حل بالنسبة إلى البائع محل المشتري وإذا حصل الهلاك الجزئي في يد المشتري بعد الحكم بالشفعة أي قبل تسلیم العين المشفوعة إلى الشفيع فإنه يكون للشفيع الخيار بين إبقاء العين وبين الفسخ أما إذا حصل الهلاك الجزئي بعد تسليم العقار للشفيع فإن الهلاك يكون عليه. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثالث عشر الصفحة/ 318)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثاني، الصفحة / 23
هـ - ثمن الْمشْفوع فيه:
41 - اخْتلف الْفقهاء في كوْن ثمن الْمشْفوع فيه هلْ يجب حالًّا، أوْ يجوز فيه التّأْجيل، فيرى الْحنفيّة والشّافعيّة أنّه يجب حالًّا ولوْ كان الثّمن مؤجّلاً على الْمشْتري، ويرى الْمالكيّة والْحنابلة أنّه إذا بيع الْعقار مؤجّلاً أخذه الشّفيع إلى أجله.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثالث ، الصفحة / 230
الاِسْتِحْقَاقُ فِي الشُّفْعَةِ:
25 - يَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَوِ اسْتَحَقَّ الْمَشْفُوعَ بَطَلَتِ الشُّفْعَةُ، وَرَجَعَ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ عَلَى مَنْ أَخَذَهُ مِنْهُ، وَقَرَارُ الضَّمَانِ (أَيْ نِهَايَتُهُ) عَلَى الْبَائِعِ.
وَيَخْتَلِفُونَ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ الأْوَّلُ، وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ رَأْيَانِ:
أ - الأْوَّلُ: بُطْلاَنُ الْبَيْعِ وَالشُّفْعَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، وَقَوْلُ غَيْرِ الْمُقَدَّمِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا؛ لأِنَّ مَالِكَهُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ، وَيَرْجِعُ الشَّفِيعُ بِمِثْلِ مَا دَفَعَ، وَهُوَ قَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ إِنْ كَانَ الاِسْتِحْقَاقُ قَبْلَ الأْخْذِ بِالشُّفْعَةِ حَيْثُ كَانَ الثَّمَنُ غَيْرَ نَقْدٍ.
ب - وَالثَّانِي: صِحَّةُ الشُّفْعَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ الَّذِي هُوَ الْمَذْهَبُ إِنْ حَصَلَ الاِسْتِحْقَاقُ بَعْدَ الأْخْذِ بِالشُّفْعَةِ، وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ بِقِيمَةِ الشُّفْعَةِ لاَ بِقِيمَةِ الْمُسْتَحَقِّ، إِلاَّ إِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ نَقْدًا مَسْكُوكًا فَيَرْجِعُ بِمِثْلِهِ.
أَمَّا إِنْ كَانَ الثَّمَنُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَالشُّفْعَةُ اتِّفَاقًا - كَأَنِ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَدَفَعَ عَمَّا فِيهَا فَخَرَجَ الْمَدْفُوعُ مُسْتَحَقًّا - وَأَبْدَلَ الثَّمَنَ بِمَا يَحِلُّ مَحَلَّهُ فِي الأْخْذِ بِالشُّفْعَةِ عِنْدَ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَالشُّفْعَةِ.
فَإِنِ اسْتَحَقَّ بَعْضَ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِيهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَصَحَّ فِي الْبَاقِي عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَفِيهِ خِلاَفٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ بِنَاءً عَلَى رِوَايَتَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
وَإِنْ دَفَعَ الشَّفِيعُ بَدَلاً مُسْتَحَقًّا لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَتُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، زَادَ الشَّافِعِيَّةُ: وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ، لأِنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ فِي الطَّلَبِ وَالأْخْذِ، سَوَاءٌ أَكَانَ بِمُعَيَّنٍ أَمْ لاَ، فَإِنْ كَانَ بِمُعَيَّنٍ احْتَاجَ إِلَى تَمَلُّكٍ جَدِيدٍ.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السادس والعشرون ، الصفحة / 158
طَرِيقُ التَّمَلُّكِ بِالشُّفْعَةِ:
44 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي كَيْفِيَّةِ التَّمَلُّكِ بِالشُّفْعَةِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلشَّفِيعِ إِلاَّ بِتَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي بِالتَّرَاضِي، أَوْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي.
أَمَّا التَّمَلُّكُ بِالتَّسْلِيمِ مِنَ الْمُشْتَرِي فَظَاهِرٌ؛ لأِنَّ الأْخْذَ بِتَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي بِرِضَاهُ بِبَدَلٍ يَبْذُلُهُ الشَّفِيعُ وَهُوَ الثَّمَنُ يُفَسِّرُ الشِّرَاءَ وَالشِّرَاءُ تَمَلُّكٌ.
وَأَمَّا قَضَاءُ الْقَاضِي فَلأِنَّهُ نَقْلٌ لِلْمِلْكِ عَنْ مَالِكِهِ إِلَى غَيْرِهِ قَهْرًا، فَافْتَقَرَ إِلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ كَأَخْذِ دَيْنِهِ. وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِالشُّفْعَةِ وَكَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ، فَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ: الْبَيْعُ لاَ يُنْتَقَضُ بَلْ تَتَحَوَّلُ الصَّفْقَةُ إِلَى الشَّفِيعِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ الَّذِي جَرَى بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَيَنْعَقِدُ لِلشَّفِيعِ بَيْعٌ آخَرُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَوَجْهُ مَنْ قَالَ بِالتَّحَوُّلِ، أَنَّ الْبَيْعَ لَوِ انْتَقَضَ لِتَعَذُّرِ الأْخْذِ بِالشُّفْعَةِ؛ لأِنَّ الْبَيْعَ مِنْ شَرَائِطِ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فَإِذَا انْتُقِضَ لَمْ يَجِبْ فَتَعَذَّرَ الأْخْذُ .
وَوَجْهُ مَنْ قَالَ إِنَّهُ يُنْتَقَضُ، نَصَّ كَلاَمِ مُحَمَّدٍ حَيْثُ قَالَ: انْتُقِضَ الْبَيْعُ فِيمَا بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَهَذَا نَصٌّ فِي الْبَابِ.
وَمِنَ الْمَعْقُولِ أَنَّ الْقَاضِيَ إِذَا قَضَى بِالشُّفْعَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَقَدْ عَجَزَ الْمُشْتَرِي عَنْ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَالْعَجْزُ عَنْ قَبْضِهِ يُوجِبُ بُطْلاَنَ الْبَيْعِ لِخُلُوِّهِ عَنِ الْفَائِدَةِ، كَمَا إِذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ.
وَلأِنَّ الْمِلْكَ قَبْلَ الأْخْذِ بِالشُّفْعَةِ لِلْمُشْتَرِي لِوُجُودِ آثَارِ الْمِلْكِ فِي حَقِّهِ وَلَوْ تَحَوَّلَ الْمِلْكُ إِلَى الشَّفِيعِ لَمْ يَثْبُتِ الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي .
45 - وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَخَذَهُ مِنْهُ وَدَفَعَ الثَّمَنَ إِلَى الْمُشْتَرِي، وَالْبَيْعُ الأْوَّلُ صَحِيحٌ؛ لأِنَّ اسْتِحْقَاقَ التَّمَلُّكِ وَقَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ.
ثُمَّ إِذَا أَخَذَ الدَّارَ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ يَدْفَعُ الثَّمَنَ إِلَى الْبَائِعِ وَكَانَتِ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ، وَيَسْتَرِدُّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ مِنَ الْبَائِعِ إِنْ كَانَ قَدْ نَقَدَ.
وَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي دَفَعَ الثَّمَنَ إِلَى الْمُشْتَرِي، وَكَانَتِ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ؛ لأِنَّ الْعُهْدَةَ هِيَ مِنَ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الاِسْتِحْقَاقِ فَيَكُونُ عَلَى مَنْ قَبَضَهُ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إِذَا كَانَ نَقَدَ الثَّمَنَ وَلَمْ يَقْبِضِ الدَّارَ حَتَّى قُضِيَ لِلشَّفِيعِ بِمَحْضَرٍ مِنْهُمَا أَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الدَّارَ مِنَ الْبَائِعِ وَيَنْقُدُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي وَالْعُهْدَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْقُدْ دَفَعَ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ إِلَى الْبَائِعِ، وَالْعُهْدَةُ عَلَى الْبَائِعِ .
46 - وَشَرْطُ جَوَازِ الْقَضَاءِ بِالشُّفْعَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: حُضُورُ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ؛ لأِنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ لاَ يَجُوزُ، فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَلاَ بُدَّ مِنْ حُضُورِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي جَمِيعًا؛ لأِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَصْمٌ، أَمَّا الْبَائِعُ فَبِالْيَدِ، وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَبِالْمِلْكِ فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْضِيًّا عَلَيْهِ فَيُشْتَرَطُ حُضُورُهُمَا لِئَلاَّ يَكُونَ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ عَنْهُ خَصْمٌ حَاضِرٌ.
وَأَمَّا إِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَحُضُورُ الْبَائِعِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَيُكْتَفَى بِحُضُورِ الْمُشْتَرِي لأِنَّ الْبَائِعَ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ خَصْمًا لِزَوَالِ مِلْكِهِ وَيَدِهِ عَنِ الْمَبِيعِ فَصَارَ كَالأْجْنَبِيِّ، وَكَذَا حُضُورُ الشَّفِيعِ أَوْ وَكِيلِهِ شَرْطُ جَوَازِ الْقَضَاءِ لَهُ بِالشُّفْعَةِ، لأِنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ كَمَا لاَ يَجُوزُ، فَالْقَضَاءُ لِلْغَائِبِ لاَ يَجُوزُ أَيْضًا، ثُمَّ الْقَاضِي إِذَا قَضَى بِالشُّفْعَةِ يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلشَّفِيعِ وَلاَ يَقِفُ ثُبُوتُ الْمِلْكِ لَهُ عَلَى التَّسْلِيمِ؛ لأِنَّ الْمِلْكَ لِلشَّفِيعِ يَثْبُتُ بِمَنْزِلَةِ الشِّرَاءِ، وَالشِّرَاءُ الصَّحِيحُ يُوجِبُ الْمِلْكَ بِنَفْسِهِ .
47 - وَوَقْتُ الْقَضَاءِ بِالشُّفْعَةِ، هُوَ وَقْتُ الْمُنَازَعَةِ وَالْمُطَالَبَةِ بِهَا فَإِذَا طَالَبَهُ بِهَا الشَّفِيعُ يَقْضِي لَهُ الْقَاضِي بِالشُّفْعَةِ، سَوَاءٌ أَحْضَرَ الثَّمَنَ أَمْ لاَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْبِسَ الدَّارَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ مِنَ الشَّفِيعِ وَلِلْبَائِعِ حَقُّ حَبْسِ الْمَبِيعِ لاِسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يَنْقُدَ حَبَسَهُ الْقَاضِي؛ لأِنَّهُ ظَهَرَ ظُلْمُهُ بِالاِمْتِنَاعِ مِنْ إِيفَاءِ حَقٍّ وَاجِبٍ عَلَيْهِ، فَيَحْبِسُهُ وَلاَ يَنْقُضُ الشُّفْعَةَ، وَإِنْ طَلَبَ أَجَلاً أَجَّلَهُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً؛ لأِنَّهُ لاَ يُمْكِنُهُ النَّقْدُ لِلْحَالِ فَيَحْتَاجُ إِلَى مُدَّةٍ يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنَ النَّقْدِ فَيُمْهِلُهُ وَلاَ يَحْبِسُهُ، فَإِنْ مَضَى الأْجَلُ وَلَمْ يَنْقُدْ حَبَسَهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لاَ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى يُحْضِرَ الشَّفِيعُ الْمَالَ، فَإِنْ طَلَبَ أَجَلاً أَجَّلَهُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلَمْ يَقْضِ لَهُ بِالشُّفْعَةِ، فَإِنْ قَضَى بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ أَبَى الشَّفِيعُ أَنْ يَنْقُدَ حَبَسَهُ .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الشَّفِيعَ يَمْلِكُ الشِّقْصَ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلاَثَةٍ:
أ - حُكْمُ الْحَاكِمِ لَهُ.
ب - دَفْعُ ثَمَنٍ مِنَ الشَّفِيعِ لِلْمُشْتَرِي.
ج - الإْشْهَادُ بِالأْخْذِ وَلَوْ فِي غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي، وَقِيلَ لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِحُضُورِهِ .
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: لاَ يُشْتَرَطُ فِي التَّمَلُّكِ بِالشُّفْعَةِ حُكْمُ الْحَاكِمِ، وَلاَ إِحْضَارُ الثَّمَنِ، وَلاَ حُضُورُ الْمُشْتَرِي وَلاَ رِضَاهُ، وَلاَ بُدَّ مِنْ جِهَةِ الشَّفِيعِ مِنْ لَفْظٍ، كَقَوْلِهِ: تَمَلَّكْتُ، أَوِ اخْتَرْتُ الأْخْذَ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ أَخَذْتُهُ بِالشُّفْعَةِ، وَمَا أَشْبَهَهُ. وَإِلاَّ، فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمُعَاطَاةِ. وَلَوْ قَالَ. أَنَا مُطَالِبٌ بِالشُّفْعَةِ، لَمْ يَحْصُلْ بِهِ التَّمَلُّكُ عَلَى الأْصَحِّ ، وَبِهِ قَطَعَ الْمُتَوَلِّي. وَلِذَلِكَ قَالُوا: يُعْتَبَرُ فِي التَّمَلُّكِ بِهَا، أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا لِلشَّفِيعِ، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا ذَلِكَ فِي الطَّلَبِ. ثُمَّ لاَ يَمْلِكُ الشَّفِيعُ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ، بَلْ يُعْتَبَرُ مَعَهُ أَحَدُ أُمُورٍ.
الأْوَّلُ: أَنْ يُسَلِّمَ الْعِوَضَ إِلَى الْمُشْتَرِي، فَيَمْلِكَ بِهِ إِنِ اسْتَلَمَهُ، وَإِلاَّ فَيُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، أَوْ يَرْفَعَ الأْمْرَ إِلَى الْقَاضِي حَتَّى يُلْزِمَهُ التَّسْلِيمَ. قَالَ النَّوَوِيُّ: أَوْ يَقْبِضُ عَنْهُ الْقَاضِي.
الثَّانِي: أَنْ يُسَلِّمَ الْمُشْتَرِي الشِّقْصَ وَيَرْضَى بِكَوْنِ الثَّمَنِ فِي ذِمَّةِ الشَّفِيعِ، إِلاَّ أَنْ يَبِيعَ، وَلَوْ رَضِيَ بِكَوْنِ الثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَمْ يُسَلِّمِ الشِّقْصَ، فَوَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: لاَ يَحْصُلُ الْمِلْكُ؛ لأِنَّ قَوْلَ الْمُشْتَرِي وَعْدٌ. وَأَصَحُّهُمَا: الْحُصُولُ؛ لأِنَّهُ مُعَاوَضَةٌ، وَالْمِلْكُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ لاَ يَقِفُ عَلَى الْقَبْضِ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَحْضُرَ مَجْلِسَ الْقَاضِي وَيُثْبِتَ حَقَّهُ بِالشُّفْعَةِ، وَيَخْتَارَ التَّمَلُّكَ، فَيَقْضِيَ الْقَاضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لاَ يَحْصُلُ الْمِلْكُ حَتَّى يَقْبِضَ عِوَضَهُ، أَوْ يَرْضَى بِتَأَخُّرِهِ، وَأَصَحُّهُمَا: الْحُصُولُ.
وَإِذَا مَلَكَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بِغَيْرِ الطَّرِيقِ الأْوَّلِ ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَسَلَّمَهُ حَتَّى يُؤَدِّيَ الثَّمَنَ، وَأَنْ يُسَلِّمَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ وَلاَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُؤَخِّرَ حَقَّهُ بِتَأْخِيرِ الْبَائِعِ حَقَّهُ. وَإِذَا لَمْ يَكُنِ الثَّمَنُ حَاضِرًا وَقْتَ التَّمَلُّكِ، أُمْهِلَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ. فَإِنِ انْقَضَتْ وَلَمْ يُحْضِرْهُ فَسَخَ الْحَاكِمُ تَمَلُّكَهُ، هَكَذَا قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ وَالْجُمْهُورُ. وَقِيلَ: إِذَا قَصَّرَ فِي الأْدَاءِ، بَطَلَ حَقُّهُ. وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ، رُفِعَ الأْمْرُ إِلَى الْحَاكِمِ وَفَسَخَ مِنْهُ .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الشَّفِيعَ يَمْلِكُ الشِّقْصَ بِأَخْذِهِ بِكُلِّ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى أَخْذِهِ، بِأَنْ يَقُولَ قَدْ أَخَذْتُهُ بِالثَّمَنِ أَوْ تَمَلَّكْتُهُ بِالثَّمَنِ أَوِ اخْتَرْتُ الأْخْذَ بِالشُّفْعَةِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ إِذَا كَانَ الثَّمَنُ وَالشِّقْصُ مَعْلُومَيْنِ، وَلاَ يَفْتَقِرُ إِلَى حُكْمِ حَاكِمٍ.
وَقَالَ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ: يَمْلِكُهُ بِالْمُطَالَبَةِ؛ لأِنَّ الْبَيْعَ السَّابِقَ سَبَبٌ، فَإِذَا انْضَمَّتْ إِلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ كَانَ كَالإْيجَابِ فِي الْبَيْعِ انْضَمَّ إِلَيْهِ الْقَبُولُ.
وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَالإْجْمَاعِ فَلَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى حُكْمِ حَاكِمٍ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ.
وَعَلَى هَذَا فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ قَدْ أَخَذْتُ الشِّقْصَ بِالثَّمَنِ الَّذِي تَمَّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، وَهُوَ عَالِمٌ بِقَدْرِهِ وَبِالْمَبِيعِ صَحَّ الأْخْذُ ، وَمَلَكَ الشِّقْصَ وَلاَ خِيَارَ لِلشَّفِيعِ وَلاَ لِلْمُشْتَرِي؛ لأِنَّ الشِّقْصَ يُؤْخَذُ قَهْرًا وَالْمَقْهُورُ لاَ خِيَارَ لَهُ. وَالآْخِذُ قَهْرًا لاَ خِيَارَ لَهُ أَيْضًا.
وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَوِ الشِّقْصُ مَجْهُولاً لَمْ يَمْلِكْهُ بِذَلِكَ؛ لأِنَّهُ بَيْعٌ فِي الْحَقِيقَةِ، فَيُعْتَبَرُ الْعِلْمُ بِالْعِوَضَيْنِ كَسَائِرِ الْبُيُوعِ، وَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالشُّفْعَةِ، ثُمَّ يَتَعَرَّفُ مِقْدَارَ الثَّمَنِ مِنَ الْمُشْتَرِي أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَالْمَبِيعِ فَيَأْخُذُهُ بِثَمَنِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ لَهُ الأْخْذَ مَعَ جَهَالَةِ الشِّقْصِ بِنَاءً عَلَى بَيْعِ الْغَائِبِ .
اسْتِحْقَاقُ الْمَشْفُوعِ فِيهِ لِلْغَيْرِ:
49 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي عُهْدَةِ الشَّفِيعِ أَهِيَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَمْ عَلَى الْبَائِعِ. يَعْنِي إِذَا أَخَذَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ فَظَهَرَ مُسْتَحَقًّا، فَعَلَى مَنْ يَرْجِعُ الثَّمَنُ؟
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا أَخَذَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ فَظَهَرَ مُسْتَحَقًّا فَرُجُوعُهُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِهِ.
وَإِنْ وَجَدَهُ مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ أَخْذُ أَرْشِهِ مِنْهُ، وَالْمُشْتَرِي يَرُدُّ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ يَأْخُذُ الأْرْشَ مِنْهُ سَوَاءٌ قَبَضَ الشِّقْصَ مِنَ الْمُشْتَرِي أَوْ مِنَ الْبَائِعِ فَالْعُهْدَةُ عِنْدَهُمْ عَلَى الْمُشْتَرِي.
وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ، أَنَّ الشُّفْعَةَ مُسْتَحَقَّةٌ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَحُصُولِ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ يَزُولُ الْمِلْكُ مِنَ الْمُشْتَرِي إِلَى الشَّفِيعِ بِالثَّمَنِ فَكَانَتِ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ؛ وَلأِنَّهُ مَلَكَهُ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ فَمَلَكَ رَدَّهُ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ كَالْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ الأْوَّلِ .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، إِلَى أَنَّهُ إِذَا قُضِيَ لِلشَّفِيعِ بِالْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ فَأَدَّى ثَمَنَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ، فَإِنْ أَدَّاهُ لِلْمُشْتَرِي فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ سَوَاءٌ اسْتُحِقَّ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ إِلَيْهِ أَوْ بَعْدَهُ، وَإِنْ كَانَ أَدَّاهُ لِلْبَائِعِ وَاسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ وَهُوَ فِي يَدِهِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ الثَّمَنِ لِلشَّفِيعِ.
وَيَرْجِعُ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ فَقَطْ إِنْ بَنَى أَوْ غَرَسَ ثُمَّ اسْتُحِقَّتِ الْعَيْنُ، وَلاَ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ عَلَى أَحَدٍ لأِنَّهُ لَيْسَ مُقَرَّرًا بِهِ .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ: الْعُهْدَةُ عَلَى الْبَائِعِ؛ لأِنَّ الْحَقَّ ثَبَتَ لَهُ بِإِيجَابِ الْبَائِعِ فَكَانَ رُجُوعُهُ عَلَيْهِ كَالْمُشْتَرِي .
تَبِعَةُ الْهَلاَكِ:
50 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، إِلَى أَنَّهُ إِذَا هَدَمَ الْمُشْتَرِي بِنَاءَ الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ أَوْ هَدَمَهُ غَيْرُهُ أَوْ قَلَعَ الأْشْجَارَ الَّتِي كَانَتْ مَغْرُوسَةً فِي الأْرْضِ الْمَشْفُوعَةِ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الْعَرْصَةَ أَوِ الأْرْضَ بِحِصَّتِهَا مِنَ الثَّمَنِ بِأَنْ يُقْسَمَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْعَرْصَةِ أَوِ الأْرْضِ وَقِيمَةِ الْبِنَاءِ أَوِ الشَّجَرِ وَمَا خَصَّ الْعَرْصَةَ أَوِ الأْرْضَ مِنْهُ يَدْفَعُهُ الشَّفِيعُ وَتَكُونُ الأْنْقَاضُ وَالأْخْشَابُ لِلْمُشْتَرِي. وَإِذَا تَخَرَّبَتِ الدَّارُ الْمَشْفُوعَةُ أَوْ جَفَّتْ أَشْجَارُ الْبُسْتَانِ الْمَشْفُوعِ بِلاَ تَعَدِّي أَحَدٍ عَلَيْهَا يَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى، فَإِنْ كَانَ بِهَا أَنْقَاضٌ أَوْ خَشَبٌ وَأَخَذَهُ الْمُشْتَرِي تَسْقُطُ حِصَّتُهُ مِنَ الثَّمَنِ بِأَنْ يُقْسَمَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الدَّارِ أَوِ الْبُسْتَانِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَقِيمَةِ الأْنْقَاضِ وَالْخَشَبِ يَوْمَ الأْخْذِ ، وَإِذَا تَلِفَ بَعْضُ الأْرْضِ الْمَشْفُوعَةِ بِغَرَقٍ أَوْ نَحْوِهِ سَقَطَتْ حِصَّةُ التَّالِفِ مِنْ أَصْلِ الثَّمَنِ، وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الأْرْضَ مَعَ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ بِالثَّمَنِ الأْوَّلِ إِذَا كَانَ مُتَّصِلاً، فَأَمَّا إِذَا زَالَ الاِتِّصَالُ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ فَلاَ سَبِيلَ لِلشَّفِيعِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ عَيْنُهُ قَائِمَةً سَوَاءٌ أَكَانَ الزَّوَالُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَمْ بِصُنْعِ الْمُشْتَرِي أَوِ الأْجْنَبِيِّ؛ لأِنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ فِي هَذِهِ الأْشْيَاءِ إِنَّمَا ثَبَتَ مَعْدُولاً بِهِ عَنِ الْقِيَاسِ مَعْلُولاً بِالتَّبَعِيَّةِ وَقَدْ زَالَتِ التَّبَعِيَّةُ بِزَوَالِ الاِتِّصَالِ فَيُرَدُّ الْحُكْمُ فِيهِ إِلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، إِلَى أَنَّهُ لاَ يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي نَقْصَ الشِّقْصِ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِلاَ سَبَبٍ مِنْهُ وَإِنَّمَا بِسَبَبٍ سَمَاوِيٍّ أَوْ تَغَيُّرِ سُوقٍ أَوْ كَانَ بِسَبَبٍ مِنْهُ وَلَكِنَّهُ فَعَلَهُ لِمَصْلَحَةٍ كَهَدْمٍ لِمَصْلَحَةٍ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا أَمْ لاَ. فَإِنْ هَدَمَ لاَ لِمَصْلَحَةٍ ضَمِنَ، فَإِنْ هَدَمَ وَبَنَى فَلَهُ قِيمَتُهُ عَلَى الشَّفِيعِ قَائِمًا لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ وَتُعْتَبَرُ يَوْمَ الْمُطَالَبَةِ وَلَهُ قِيمَةُ النَّقْصِ الأْوَّلِ مَنْقُوضًا يَوْمَ الشِّرَاءِ .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ تَعَيَّبَتِ الدَّارُ الْمُشْتَرَى بَعْضُهَا أَخَذَ الشَّفِيعُ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ تَرَكَ كَتَعَيُّبِهَا بِيَدِ الْبَائِعِ، وَكَذَا لَوِ انْهَدَمَتْ بِلاَ تَلَفٍ لِشَيْءٍ مِنْهَا، فَإِنْ وَقَعَ تَلَفٌ لِبَعْضِهَا فَبِالْحِصَّةِ مِنَ الثَّمَنِ يَأْخُذُ الْبَاقِيَ .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ، إِلَى أَنَّهُ إِنْ تَلِفَ الشِّقْصُ أَوْ بَعْضُهُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَهُوَ مِنْ ضَمَانِهِ. لأِنَّهُ مِلْكُهُ تَلِفَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ إِنْ أَرَادَ الشَّفِيعُ الأْخْذَ بَعْدَ تَلَفِ بَعْضِهِ أَخَذَ الْمَوْجُودَ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ سَوَاءٌ أَكَانَ التَّلَفُ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى أَمْ بِفِعْلِ آدَمِيٍّ، وَسَوَاءٌ أَتَلِفَ بِاخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي كَنَقْضِهِ لِلْبِنَاءِ أَمْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ مِثْلَ أَنِ انْهَدَمَ.
ثُمَّ إِنْ كَانَتِ الأْنْقَاضُ مَوْجُودَةً أَخَذَهَا مَعَ الْعَرْصَةِ بِالْحِصَّةِ وَإِنْ كَانَتْ مَعْدُومَةً أَخَذَ الْعَرْصَةَ وَمَا بَقِيَ مِنَ الْبِنَاءِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْعَنْبَرِيِّ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ تَعَذَّرَ عَلَى الشَّفِيعِ أَخْذُ الْجَمِيعِ وَقَدَرَ عَلَى أَخْذِ الْبَعْضِ فَكَانَ لَهُ بِالْحِصَّةِ مِنَ الثَّمَنِ كَمَا لَوْ تَلِفَ بِفِعْلِ آدَمِيٍّ سِوَاهُ أَوْ لَوْ كَانَ لَهُ شَفِيعٌ آخَرُ. أَوْ نَقُولُ: أَخَذَ بَعْضَ مَا دَخَلَ مَعَهُ فِي الْعَقْدِ، فَأَخَذَهُ بِالْحِصَّةِ كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ سَيْفٌ.
وَأَمَّا الضَّرَرُ فَإِنَّمَا حَصَلَ بِالتَّلَفِ وَلاَ صُنْعَ لِلشَّفِيعِ فِيهِ وَالَّذِي يَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ يُؤَدِّي ثَمَنَهُ فَلاَ يَتَضَرَّرُ الْمُشْتَرِي بِأَخْذِهِ.
وَإِنَّمَا قَالُوا بِأَخْذِ الأْنْقَاضِ وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً لأِنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لِلشُّفْعَةِ كَانَ حَالَ عَقْدِ الْبَيْعِ وَفِي تِلْكَ الْحَالِ كَانَ مُتَّصِلاً اتِّصَالاً لَيْسَ مَآلُهُ إِلَى الاِنْفِصَالِ وَانْفِصَالُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لاَ يُسْقِطُ حَقَّ الشُّفْعَةِ. وَإِنْ نُقِضَتِ الْقِيمَةُ مَعَ بَقَاءِ صُورَةِ الْمَبِيعِ مِثْلَ انْشِقَاقِ الْحَائِطِ وَانْهِدَامِ الْبِنَاءِ، وَشُعْثِ الشَّجَرِ فَلَيْسَ لَهُ إِلاَّ الأْخْذُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوِ التَّرْكُ. لأِنَّ هَذِهِ الْمَعَانِيَ لاَ يُقَابِلُهَا الثَّمَنُ بِخِلاَفِ الأْعْيَانِ .
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الحادي والثلاثون ، الصفحة / 36
الْعُهْدَةُ فِي الشُّفْعَةِ:
2 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ إِذَا ثَبَتَتْ لأِكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ، وَحَضَرَ بَعْضُهُمْ فَإِنَّهَا تُعْطَى لِمَنْ حَضَرَ إِذَا طَلَبَهَا، لَكِنَّهَا لاَ تَتَجَزَّأُ، فَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَهَا جَمِيعَهَا، أَوْ يَتْرُكَهَا جَمِيعَهَا؛ لأِنَّ فِي تَجْزِئَتِهَا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ، وَهُوَ ضَرَرٌ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، فَإِذَا أَخَذَهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ، ثُمَّ حَضَرَ الآْخَرُ وَطَلَبَ حِصَّتَهُ مِنَ الشُّفْعَةِ يُقْضَى لَهُ بِالنِّصْفِ، وَلَوْ كَانُوا ثَلاَثَةً فَحَضَرَ الثَّالِثُ أَيْضًا يُقْضَى لَهُ بِثُلُثِ مَا فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ، وَهَكَذَا تَحْقِيقًا لِلتَّسْوِيَةِ .
وَهَلْ يَقْضِي الْقَاضِي بِكَتْبِ الْعُهْدَةِ - أَيْ ضَمَانِ الثَّمَنِ عِنْدَ الاِسْتِحْقَاقِ - عَلَى الْبَائِعِ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ عَلَى الشَّفِيعِ الأْوَّلِ إِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَخَذَ مِنْهُ حِصَّتَهُ؟
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: عُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي لاَ عَلَى الْبَائِعِ، سَوَاءٌ أَأَخَذَ الشُّفْعَةَ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَمْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ، لأِنَّ الْمِلْكَ انْتَقَلَ إِلَيْهِ مِنَ الْمُشْتَرِي.
وَزَادَ الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ إِذَا أَخَذَ الْحَاضِرُ الْجَمِيعَ بِالشُّفْعَةِ، ثُمَّ جَاءَ الْغَائِبُ كَانَ مُخَيَّرًا فِي كَتْبِ عُهْدَتِهِ إِنْ شَاءَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ شَاءَ عَلَى الشَّفِيعِ الأْوَّلِ ؛ لأِنَّهُ كَانَ مُخَيَّرًا فِي الأْخْذِ، فَهُوَ كَمُشْتَرٍ مِنَ الْمُشْتَرِي .
وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ بِيعَتِ الدَّارُ لِلْمُشْتَرِي وَقَضَى الْقَاضِي لِلشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ، فَإِنْ كَانَتْ أُخِذَتْ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ فَالْعُهْدَةُ عَلَى الْبَائِعِ؛ لأِنَّهُ هُوَ الْقَابِضُ لِلثَّمَنِ، وَقَدْ انْفَسَخَ الْبَيْعُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، أَمَّا إِذَا أُخِذَتِ الدَّارُ بِالشُّفْعَةِ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي، فَالْبَيْعُ الأْوَّلُ صَحِيحٌ، وَيَدْفَعُ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ إِلَى الْمُشْتَرِي، وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي، لأِنَّهُ هُوَ الْقَابِضُ لِلثَّمَنِ؛ وَلأِنَّ الشَّيْءَ انْتَقَلَ مِنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي .
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَالأْصْلُ عِنْدَهُمْ أَنَّ عُهْدَةَ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي، لأِنَّ الشَّفِيعَ مَلَكَ الشِّقْصَ مِنْ جِهَتِهِ، فَهُوَ كَبَائِعِهِ، وَعُهْدَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ، إِلاَّ إِذَا أَقَرَّ الْبَائِعُ وَحْدَهُ بِالْبَيْعِ. وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ وَأَخَذَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ مِنَ الْبَائِعِ، فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْعُهْدَةُ عَلَى الْبَائِعِ، لِحُصُولِ الْمِلْكِ لِلشَّفِيعِ مِنْ جِهَتِهِ .
غَلَّةُ الْمَشْفُوعِ فِيهِ:
5 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي غَلَّةِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ
الَّتِي تَحْدُثُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الأْخْذِ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ، هَلْ تَكُونُ لِلشَّفِيعِ، أَوْ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي؟
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ غَلَّةَ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ الَّتِي تَحْدُثُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَخْذِهِ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ، تَكُونُ لَهُ؛ لأِنَّ هَذِهِ الْغَلَّةَ حَدَثَتْ فِي مِلْكِهِ؛ وَلأِنَّهُ كَانَ ضَامِنًا لِلْمَشْفُوعِ فِيهِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم: «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ».
وَإِنْ زَرَعَ الْمُشْتَرِي فِي الأْرْضِ فَلِلشَّفِيعِ الأْخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَيَبْقَى زَرْعُ الْمُشْتَرِي إِلَى أَوَانِ الْحَصَادِ وَلاَ أُجْرَةَ عَلَيْهِ؛ لأِنَّهُ زَرَعَهُ فِي مِلْكِهِ؛ وَلأِنَّ الشَّفِيعَ اشْتَرَى الأْرْضَ وَفِيهَا زَرْعٌ لِلْبَائِعِ، فَكَانَ لَهُ مُبَقًّى إِلَى الْحَصَادِ بِلاَ أُجْرَةٍ كَغَيْرِ الْمَشْفُوعِ، وَإِنْ كَانَ فِي الشَّجَرِ ثَمَرٌ ظَاهِرٌ أَثْمَرَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَهُوَ لَهُ مُبْقًى إِلَى الْجُذَاذِ كَالزَّرْعِ .
وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ الْمَشْفُوعَ فِيهِ لَوْ كَانَ نَخْلاً وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثَمَرٌ وَقْتَ الْبَيْعِ ثُمَّ أَثْمَرَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ بِالثَّمَرَةِ؛ لأِنَّ الْبَيْعَ سَرَى إِلَيْهَا فَكَانَتْ تَبَعًا، فَإِذَا جَذَّهَا الْمُشْتَرِي فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ النَّخْلَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، لأِنَّ الثَّمَرَةَ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً وَقْتَ الْعَقْدِ فَلَمْ تَكُنْ مَقْصُودَةً، فَلاَ يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ .
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إِنِ اشْتَرَى شِقْصًا وَحَدَثَ فِيهِ زِيَادَةٌ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الشَّفِيعُ، فَإِنْ كَانَتْ زِيَادَةً لاَ تَتَمَيَّزُ - كَالْفَصِيلِ إِذَا طَالَ وَامْتَلأَ - فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُهُ مَعَ زِيَادَتِهِ؛ لأِنَّ مَا لاَ يَتَمَيَّزُ يَتْبَعُ الأْصْلَ فِي الْمِلْكِ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَمَيِّزَةً - كَالثَّمَرَةِ - فَإِنْ كَانَتْ ثَمَرَةٌ ظَاهِرَةٌ لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ فِيهَا حَقٌّ لأِنَّ هَا لاَ تَتْبَعُ الأْصْلَ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ ظَاهِرَةٍ فَفِي الْجَدِيدِ لاَ تَتْبَعُ لأِنَّهُ اسْتِحْقَاقٌ بِغَيْرِ تَرَاضٍ، فَلاَ يُؤْخَذُ بِهِ إِلاَّ مَا دَخَلَ بِالْعَقْدِ .
غَيْبَةُ الشَّفِيعِ:
8 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ غَيْبَةَ مُسْتَحِقِّ الشُّفْعَةِ لاَ تُسْقِطُ حَقَّهُ فِي الْمُطَالَبَةِ بِالشُّفْعَةِ.
وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِالشُّفْعَةِ عَلَى الْفَوْرِ سَاعَةَ مَا يَعْلَمُ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ . لِقَوْلِهِ صلي الله عليه وسلم : «الشُّفْعَةُ لِمَنْ وَاثَبَهَا».
9 - وَاسْتَثْنَوْا مِنْ هَذَا الْحُكْمِ حَالاَتٍ، مِنْهَا: إِذَا كَانَ مُسْتَحِقُّ الشُّفْعَةِ غَائِبًا: فَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا كَانَ بَعْضُهُمْ غَائِبًا يَقْضِي بِالشُّفْعَةِ بَيْنَ الْحَاضِرِينَ فِي الْجَمِيعِ، وَلاَ يَنْتَظِرُ لِحُضُورِ الْغَائِبِ لاِحْتِمَالِ عَدَمِ طَلَبِهِ فَلاَ يُؤَخِّرُ بِالشَّكِّ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الشَّرِيكُ غَائِبًا فَطَلَبَ الْحَاضِرُ، يَقْضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ كُلِّهَا، ثُمَّ إِذَا حَضَرَ وَطَلَبَ قُضِيَ لَهُ بِهَا، فَإِنْ كَانَ مِثْلَ الأْوَّلِ كَأَنْ كَانَا شَرِيكَيْنِ أَوْ جَارَيْنِ قُضِيَ لَهُ بِنِصْفِهِ، وَلَوْ كَانَ الْغَائِبُ فَوْقَهُ كَأَنْ يَكُونَ الأْوَّلُ جَارًا وَالثَّانِي شَرِيكًا فَيَقْضِي لِلْغَائِبِ الَّذِي حَضَرَ بِالْكُلِّ، وَتَبْطُلُ شُفْعَةُ الأْوَّلِ . وَإِنْ كَانَ دُونَهُ، كَأَنْ كَانَ الأْوَّلُ شَرِيكًا وَالَّذِي حَضَرَ جَارًا مَنَعَهُ. وَذَلِكَ لأِنَّ الشُّفْعَةَ لِلْجَارِ تَثْبُتُ عِنْدَهُمْ فِي حَالَةِ عَدَمِ الشَّرِيكِ . وَقَالَ الأْبِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنْ أَخَذَ الْحَاضِرُ جَمِيعَ مَا يَشْفَعُ فِيهِ هُوَ وَشَرِيكُهُ الْغَائِبُ. ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ فَلِمَنْ حَضَرَ بَعْدَ غَيْبَتِهِ مِنَ الشُّفَعَاءِ حِصَّتُهُ مِنَ الْمَشْفُوعِ فِيهِ مِنَ الْحَاضِرِ إِنْ أَحَبَّ ذَلِكَ.
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الْعُهْدَةِ، أَيْ ضَمَانِ ثَمَنِ حِصَّةِ مَنْ حَضَرَ بَعْدَ غَيْبَتِهِ إِنْ ظَهَرَ فِيهَا عَيْبٌ أَوِ اسْتُحِقَّتْ:
فَفِي رَأْيٍ أَنَّ الْعُهْدَةَ عَلَى الشَّفِيعِ الَّذِي حَضَرَ ابْتِدَاءً وَأَخَذَ الْجَمِيعَ؛ لأِنَّ الَّذِي حَضَرَ بَعْدَ غَيْبَتِهِ إِنَّمَا أَخَذَ حِصَّتَهُ مِنْهُ لاَ مِنَ الْمُشْتَرِي؛ وَلأِنَّ الَّذِي حَضَرَ لَوْ أَسْقَطَ شُفْعَتَهُ فَلاَ تَرْجِعُ لِلْمُشْتَرِي، بَلْ تَبْقَى لِمَنْ هِيَ بِيَدِهِ وَهُوَ الْحَاضِرُ ابْتِدَاءً.
وَفِي رَأْيٍ آخَرَ: الْعُهْدَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَطْ؛ لأِنَّ الشَّفِيعَ الأْوَّلَ إِنَّمَا أَخَذَ مِنَ الْمُشْتَرِي حِصَّةَ الْغَائِبِ نِيَابَةً عَنْهُ .
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ كَانَ الشَّفِيعُ غَائِبًا عَنْ بَلَدِ الْمُشْتَرِي غَيْبَةً حَائِلَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُبَاشَرَةِ الطَّلَبِ، فَلْيُوَكِّلْ فِي طَلَبِهَا إِنْ قَدَرَ عَلَى التَّوْكِيلِ فِيهِ، لأِنَّهُ الْمُمْكِنُ، وَيُعْذَرُ الْغَائِبُ فِي تَأْخِيرِ الْحُضُورِ، وَإِلاَّ بِأَنْ عَجَزَ عَنِ التَّوْكِيلِ فَلْيُشْهِدْ عَلَى الطَّلَبِ لَهَا عَدْلَيْنِ أَوْ عَدْلاً وَامْرَأَتَيْنِ، فَإِنْ تَرَكَ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ مِنْهُمَا بَطَلَ حَقُّهُ فِي الأْظْهَرِ .
وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الشَّفِيعُ غَائِبًا فَحَضَرَ عِنْدَ قَاضِي بَلَدِ الْغَيْبَةِ، وَأَثْبُت الشُّفْعَةَ، وَحَكَمَ لَهُ بِهَا، وَلَمْ يَتَوَجَّهْ إِلَى بَلَدِ الْبَيْعِ أَنَّ الشُّفْعَةَ لاَ تَبْطُلُ لأِنَّ هَا تَقَرَّرَتْ بِحُكْمِ الْقَاضِي .
وَمِثْلُهُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَابِلَةُ، إِلاَّ أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا مَسْأَلَةَ التَّوْكِيلِ إِلاَّ فِي قِيَامِ الْعُذْرِ بِهِ .
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الأربعون ، الصفحة / 323
اسْتِحْقَاقُ النَّصِيبِ (الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ لِلْغَيْرِ):
13 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا إِذَا أَخَذَ الشَّفِيعُ النَّصِيبَ (الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ فِيهِ) ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ لِلْغَيْرِ.
فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الشَّفِيعَ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِهِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ أَدَّاهُ لِلْمُشْتَرِي فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ، سَوَاءٌ اسْتَحَقَّ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ إِلَيْهِ أَوْ بَعْدَهُ، وَإِنْ أَدَّاهُ لِلْبَائِعِ وَاسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ وَهُوَ فِي يَدِهِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ الثَّمَنِ لِلشَّفِيعِ.
وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (شُفْعَة ف 49).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الحادي والأربعون ، الصفحة / 323
نَمَاءُ الْمَشْفُوعِ فِيهِ:
15 - إِذَا نَمَا الْمَشْفُوعُ فِيهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الأْخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهِ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَتِ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلشَّفِيعِ وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي الْمَأْخُوذِ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ.
وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (زِيَادَة ف 21)
_______________________________________________________________
مجلة الأحكام العدلية
مادة (1044) الزيادة على البناء
لو زاد المشتري على البناء المشفوع شيئاً من ماله كصبغه فشفيعه مخير إن شاء تركه وان شاء تملكه بإعطاء ثمن البناء وقيمة الزيادة. وان كان المشتري قد أحدث على العقار المشفوع بناء أو غرس فيه اشجاراً فالشفيع بالخيار إن شاء تركه وان شاء تملك المشفوع بإعطاء ثمنه وقيمة الأبنية والأشجار وليس له أن يجبر المشتري على قلع الأبنية أو الأشجار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفور له (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
(مادة 125)
لا يثبت الملك للشفيع في البيع إلا بقضاء القاضي أو بأخذ من المشتري بالتراضي.
(مادة 126)
تملك العقار قضاء كان أو رضاء يعتبر شراء جديداً في حق الشفيع فله خيار الرؤية والعيب وأن اشترط المشتري مع بائعه البراءة منها.
(مادة 127)
إذا قضى للشفيع بالمبيع وكان ثمنه مؤجلاً على المشتري يأخذه الشفيع بثمن حال فإن أداه للبائع سقط الثمن عن المشتري وأن أداه للمشتري فليس للبائع أن يطالب المشتري به قبل حلول الأجل المتفق عليه.
(مادة 128)
إذا قضى للشفيع بالعقار المشفوع فأدى ثمنه ثم استحق المبيع فإن كان أداه للمشتري فعليه ضمانه سواء استحق قبل تسليمه إليه أو بعده وإن كان أداه للبائع واستحق المبيع وهو في يده فعليه ضمان الثمن للشفيع.
(مادة 129)
للشفيع أن ينقض جميع تصرفات المشتري حتى لو وقف العقار المشفوع أو جعله مسجداً فله نقضه.
(مادة 135)
الشفعة لا تقبل التجزئة فليس للشفيع أن يأخذ بعض العقار المشفوع ويترك بعضه جبراً على المشتري إنما إذا تعدد المشترون واتحد البائع وقبضوا المبيع منه أو لم يقبضوه ودفعوا له الثمن فللشفيع أن يأخذ نصيب بعضهم ويترك الباقي.