مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس ، الصفحة : 440
مذكرة المشروع التمهيدي :
المواد 1394 و 1395 و 1396 توافق المواد 10 و 12 و 13 من قانون الشفعة الحالي، هذا وقد تناقشت اللجنة في جلستها الأخيرة التي عقدتها للنظر في نصوص، الشفعة (الجلسة الثانية عشرة) في إضافة نص يقضي بأن الغلة تكون للشفيع من وقت إعلانه الأخذ بالشفعة و عليه من ذلك الوقت أيضاً فوائد ما لم يودعه من الثمن في خزينة المحكمة، وقد اقترح أحد الأعضاء في لجنة فرعية نصاً بهذا المعنى ولكن اللجنة لم تناقشه (والرأي في ذلك أن الشفيع يحل محل المشتري في الصفقة، فيملك من وقت البيع الأول ويعتبر المشتري كأنه لم يملك أصلاً، إلا إذا استولى على ثمار المبيع إلى إعلان الرغبة فهو يتملك الثمار بالحيازة إذ هو حسن النية إلى هذا الوقت، وما دام قد تملك الثمار فلا يتقاضى فائدة على الثمن، و منذ يعلن الرغبة في الأخذ بالشفعة لايملك الثمار ، وتكون للشفيع إذ هو المالك ، و للمشتري أن يطالب بالفوائد من الوقت الذي لا يتملك فيه الثمار ).
1- إنه و لئن كان المشرع لم يلزم الشفيع سوى بإيداع الثمن الحقيقى فحسب وأغفل ملحقات الثمن فيما يجب إيداعه بما ينبنى عليه عدم سقوط الحق فى الأخذ بالشفعة فى حالة عدم إيداع الملحقات إلا أن دعوى الشفعة تتسع مع هذا لبحث النزاع الذى يقوم بين طرفى الخصومة حول الزام الشفيع بأداء ملحقات الثمن من مصروفات رسمية وغير رسمية بحيث يتعين على المحكمة أن تفصل فى هذه المنازعة سواء أثيرت من جانب الشفيع أو المشترى ما دامت مطروحة عليها - لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الشفعاء المطعون ضدهم طلبوا الحكم بأحقيتهم فى أخذ العقار بالشفعة مقابل الثمن والمصاريف والملحقات ، وأن الخصوم تجادلوا أمام محكمة الدرجة الأولى دفعاً ورداً فى شأن قيمة هذه الملحقات ووجه الشفعاء للطاعنين اليمين الحاسمة فى شأن قيمة السمسرة ومصاريف المهندس الذى عاين العقار - كما استمرت المجادلة بين الخصوم فى ذلك الشأن أمام محكمة الإستئناف بما مؤداه أن النزاع بشأن قيمة الملحقات التى يلزم الشفعاء بدفعها للطاعنين كان مطروحاً مع طلب الشفعة أما محكمة الموضوع ومن ثم فهى تلتزم بالفصل فيه باعتبار أن الخصومة حق مشترك بين طرفيها وقد طرح كل منهما أمر هذه الملحقات فى دفاعه وطلباته الموضوعية فى الدعوى بما ينتفى معه وجه القول بوجوب المطالبة بها إستقلالا بطلب عارض رغم كونها مطروحة فعلا من جانب الطرفين وتناضلهم فيها طلباً ودفاعاً - لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن الشفيع لا يلزم بإيداع ملحقات الثمن بخزينة المحكمة وأن الطاعنين وشأنهم فى المطالبة بها بدعوى مستقلة بعد أن تقاعسوا عن إتخاذ الإجراء المناسب للمطالبة بها فى دعوى الشفعة فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون و الخطأ فى تطبيق القانون.
(الطعن رقم 1644 لسنة 51 جلسة 1985/04/09 س 36 ع 1 ص 565 ق 119)
2- لئن كان حق الشفيع فى طلب الأخذ بالشفعه إنما ينشأ بالبيع من قيام المسوغ إلا أن العين المشفوعة لا تصير على ملك الشفيع - فى غير حالة التراضى - إلا بالحكم النهائى القاضى بالشفعة - إذ أن المشرع عندما نظم أحكام الشفعه فى التقنين المدنى الحالى إنتهى إلى ترك الأمر فى تحديد بدء تاريخ ملكية الشفيع إلى ما كان عليه الحكم قبل صدور هذا التشريع فجاء نص المادة 944 منه مطابقاً فى هذا الصدد لنص المادة 18 من قانون الشفعة القديم ، وهو إذ كان ينص فى هذه المادة على أن حكم الشفعة يعتبر سنداً لملكية الشفيع إنما أراد بالسند السبب القانونى المنشىء لحق الملكية لا دليل الملكية أوحجتها . ومقتضى هذا النظر ولازمه أن العقار المشفوع فيه لا يصير إلى ملك الشفيع إلا بعد هذا الحكم أما قبله فلا ، لأن المسبب لا يوجد قبل سببه ولأن ما جعله المشرع من الأحكام منشأ للحقوق لا ينسحب على الماضى . ولا يفيد أن لحكم الشفعة أثراً رجعياً ما جاء فى المادة 946 من القانون المدنى من أن للمشترى الحق فى البناء والغراس فى العين المشفوعة ، ولا ما جاء فى المادة 947 من أنه لا يسرى فى حق الشفيع أى رهن رسمى أو أى حق إختصاص أخذ ضد المشترى ولا أى بيع صدر من المشترى ولا أى حق عينى رتبه أو ترتب ضده إذا كان كل ذلك قد تم بعد التاريخ الذى سجل فيه إعلان الرغبة فى الشفعة ، لأن المشرع إنما أخذ أحكام هاتين المادتين جملة من فقه الحنفية وهى مخرجة فيه . لا على فكرة الأثر الرجعى بل على فكرة العدل والبعد عن الجور والتوفبق بالقدر المستطاع بين ما تعارض من مصلحتى المشترى والشفيع وكذلك ، لا يتعارض القول بتملك الشفيع من وقت الحكم بالشفعة مع ما نص عليه فى المادة 1/945 من حلول الشفيع محل المشترى فى جميع حقوقه وإلتزاماته بالنسبة إلى البائع ولا مع ما نص عليه فى فقرتها الثالثة من أن الشفيع ليس له فى حالة إستحقاق العقار للغير بعد أخذه بالشفعة أن يرجع إلا على البائع فإن هذا لا يدل على أن الشفيع يحل محل المشترى من وقت طلب الشفعه .
(الطعن رقم 1727 لسنة 49 جلسة 1984/01/19 س 35 ع 1 ص 234 ق 49)
3- بينت المادة 946 من القانون المدنى ما يحق للمشترى اقتضاءه من الشفيع مقابل البناء أوالغرس الذى يجريه المشترى فى العقار المشفوع به والمادة 942 من هذا القانون حددت ما يجب على الشفيع إيداعه بأنه " كل الثمن الحقيقى الذى حصل به البيع ورتبت على مخالفة ذلك سقوط حق الأخذ بالشفعة ، وعبارة " كل الثمن الحقيقى الذى حصل به البيع " لا تتسع لأن يكون المستحق للمشترى مقابل البناء أو الغراس هو مما يجب على الشفيع إيداعه ، ومن ثم فان عدم إيداع الشفيع لهذا المقابل لا ينبنى عليه سقوط حق الأخذ بالشفعة ، إذ القول بغير ذلك فيه إضافة لاجراء من إجراءات الشفعة لا يتطلبه القانون وإعمال للجزاء فى غير النطاق الذى حدده .
(الطعن رقم 476 لسنة 47 جلسة 1980/06/03 س 31 ع 2 ص 1663 ق 309)
4- العبرة فى الشفعة هى بحالة العقار المشفوع فيه وقت بيعه ، فإذا أقام المشترى عليه بناء أوغرس فيه أشجار سواء قبل أو بعد إعلان الرغبة ، فإن ذلك لا يحول دون الحكم للشفيع بأحقيته فى الشفعة طالما قد توفرت لديه أسبابها و أستوافى إجراءتها القانونية و آية ذلك أن المشرع قد عالج هذه الحالة كأثر من الأثار المترتبة على الحكم بثبوت الشفعة فنص فى المادة 946 من القانون المدنى على أنه " 1 إذا بنى المشترى فى العقار المشفوع أوغرس فيه أشجار قبل إعلان الرغبة فى الشفعة كان المشفوع ملزماً تبعاً لما يختاره المشترى أن يدفع له أما المبلغ الذى أنفقه أو مقدار ما زاد فى قيمة العقار بسبب البناء أو الغراس . 2 أما أن يطلب الإزالة ، فإذا إختار أن يستبقى فى البناء أو الغراس فلا يلزم إلا بدفع قيمة أدوات البناء وأجره العمل أو نفقات الغراس " .
(الطعن رقم 61 لسنة 41 جلسة 1979/03/05 س 30 ع 1 ص 708 ق 131)
5- مفاد نص الفقرة الثانية من المادة 946 من القانون المدنى أن للشفيع الحق فى طلب إزالة البناء أو الغراس الذى يقيمه أو يغرسه المشترى فى العقار المشفوع فيه بعد إعلان الرغبة فى أخذ ذلك العقار بالشفعة وإعادته إلى أصله بإعتبار المشترى فى هذه الحالة حائزاً سئ النية وذلك تحسباً لما قد يسببه هذا البناء أو ذلك الغراس من ضرر بالعقار المشفوع فيه أو بالإنتفاع به.
(الطعن رقم 2264 لسنة 56 جلسة 1991/07/25 س 42 ع 2 ص 1490 ق 231)
تنص المادة 946 مدني على ما يأتي :
1 ـ " إذا بنى المشترى فى العقار المشفوع أو غرس فيه أشجارًا قبل إعلان الرغبة فى الشفعة، كان الشفيع ملزمًا تبعًا لما يختاره المشترى أن يدفع له إما المبلغ الذى أنفقه أو مقدار ما زاد فى قيمة العقار بسبب البناء أو الغراس".
2 ـ " وأما إذا حصل البناء أو الغراس بعد إعلان الرغبة فى الشفعة، كان للشفيع أن يطلب الإزالة، فإذا اختار أن يستبقى البناء أو الغراس فلا يلتزم إلا بدفع قيمة أدوات البناء وأجرة العمل أو نفقات الغراس".
والنص يواجه خصوصية هامة من خصوصيات علاقة الشفيع ويمكن القول بوجه عام إن المشتري إما أن يتسلم العقار المشفوع فيه من البائع، وعندئذٍ تنشأ علاقات متعددة بينه وبين الشفيع بسبب انتقال حيازة العقار المشفوع فيه إليه، أو لا يتسلمه، وفى الحالة الأخيرة، إذا لم يتسلم الشفيع العقار المشفوع فيه، فإن علاقته بالشفيع تكون جد محدودة، فهو قد اختفى من الصفقة كما قدمنا وحل الشفيع محله فيها، ولم يتسلم العقار المشفوع فيه حتى ينشأ عن هذا التسلم حقوق والتزامات لكل منهما قبل الآخر، وتكاد تنحصر العلاقة بينهما في رجوع المشتري على الشفيع بمصروفات للبيع التى يلتزم بها المشتري عادة فيدفعها، فإذا أخذ الشفيع بالشفعة رجع بها عليه، سواء تسلم العقار أو لم يستلمه، ويستوي في ذلك أن يكون المشتري قد سجل عقد شرائه أو لم يسجله، أما إذا تسلم المشتري العقار المشفوع فيه من البائع، وهذا هو الغالب، فسواء سجل عقد شرائه أو لم يسجله، فإن حقوقًا له قد تنشأ قبل الشفيع، وتنشأ للشفيع حقوق قبله، ذلك أن المشتري، وقد اختفى من الصفقة ولكنه تسلم العقار المشفوع فيه، يمكن اعتباره حائزًا لهذا العقار، ويكون حائزًا حسن النية قبل إعلانه برغبة الشفيع فى الشفعة، وحائزًا سيء النية بعد إعلانه بهذه الرغبة، وعلى ذلك تكون حقوق المشتري قبل الشفيع، إذا تسلم المشتري العقار المشفوع فيه ، هى :
( 1 ) استرداد الثمن إذا كان قد وفاه للبائع، واسترداد مصروفات البيع لأنه يكون قد دفعها.
( 2 ) التعويض عن المصروفات الضرورية والمصروفات المنفعة، إذا كان قد أنفق على العقار المشفوع فيه شيئًا من ذلك.
( 3 ) التعويض عن البناء أو الغراس ، إذا كان قد بنى أو غرس فى العقار المشفوع فيه، طبقًا للأحكام الواردة فى المادة 946 مدني سالفة الذكر، وأما حقوق الشفيع قبل المشتري فهي : ( 1 ) تسلم العقار المشفوع فيه وما ينطوي عليه ذلك من تحمل تبعة الهلاك، لأن المشتري وقد تسلم العقار المشفوع فيه من البائع يلتزم بتسليمه للشفيع، ولا يلتزم المشتري بنقل ملكية العقار المشفوع فيه إلى الشفيع ولا بضمان التعرض والاستحقاق ولا بضمان العيوب الخفية، فهذه كلها التزامات يتحمل بها البائع رأساً نحو الشفيع، وقد تقدم القول فيها. ( 2 ) استرداد ثمار العقار المشفوع فيه، لأن المشتري وقد تسلم هذا العقار يكون قد قبض ثماره.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ التاسع المجلد/ الأول الصفحة/ 996)
فرق المشرع بين البناء أو الغراس الذي يقيمه المشترى قبل أن يعلنه الشفيع برغبته في أخذ العقار بالشفعة، والبناء أو الغراس الذي يقيمه بعد هذا الإعلان ففي الحالة الأولى، يلتزم الشفيع بأن يدفع للمشتري، إما المبلغ الذي أنفقه في البناء أو الغراس، أو مقدار مازاد في قيمة العقار بسبب هذه الأعمال، على أن يكون الخيار بين القيمتين للمشترى، فيختار أكبر القيمتين، وإن توافر لدى المشتري سبب يؤدي إلى رفض دعوى الشفعة أو عدم قبولها أو سقوط الحق فيها، فإنه يتمسك بهذا الطلب بصفة أصلية، ثم يتقدم بطلب احتياطي بالقضاء له في حالة ثبوت الشفعة، بالتزام الشفيع بأن يدفع له قيمة البناء أو الغراس التي يقدرها المشتري، ولا يعتبر هذا الطلب العارض تسليماً من المشتري بحق الشفيع في الشفعة، فقد تقدم به على سبيل الاحتياط حتى إذا ما قضى بالشفعة، طرح الطلب الاحتياطي على المحكمة، فإن لم يتقدم المشتري بهذا الطلب العارض في دعوى الشفعة، رفع به دعوى مبتدأة، بعد الحكم في دعوى الشفعة.
ولما كانت قيمة البناء أو الغراس، ليست من قبيل ثمن المبيع، ومن ثم فلا يلتزم الشفيع بإيداعها خزانة المحكمة، لانحصار التزامه القانوني بالإيداع في الثمن الحقيقي الذي تم به البيع، وأن الإخلال بهذا الالتزام هو الذي يترتب عليه سقوط الحق في الشفعة، فلا يمتد هذا السقوط الى عدم إيداع قيمة البناء أو الغراس.
وإذا ثار الخلاف، حول تقدير قيمة البناء أو الغراس، ندبت المحكمة خبيراً لبيانها، ولها في هذه الحالة، أن تتصدى للدعوى الأصلية، وهي دعوى الشفعة فتقضي فيها بحكم موضوعي، فإن قضت بثبوت الحق في الشفعة، حددت جلسة أخرى لنظر المنازعة المتعلقة بالطلب العارض، فإن كانت قد قضت في الدعوى الأصلية بثبوت الحق في الشفعة، وفي الطلب العارض بندب خبير لتقدير قيمة البناء أو الغراس، حددت جلسة مقبلة ليقدم الخبير تقريره، إذ ليس في تحديد جلسة أخرى النظر الطلب العارض بعد الفصل في دعوى الشفعة، إضرار بسير العدالة، إذ لا يتوقف الفصل في هذا الطلب على الفصل في دعوى الشفعة لاستقلال الطلبات فيهما، وذلك عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة 127 من قانون المرافعات الذي يجري بأن حكم المحكمة في موضوع الطلبات العارضة مع الدعوى الأصلية كلما أمكن ذلك وإلا استبقت الطلب العارض للحكم فيه بعد تحقيقه.
أما في الحالة الثانية، إذا حصل البناء أو الغراس بعد إعلان الرغبة في الشفعة، كان للشفيع أن يطلب الإزالة، فإذا اختار أن يسبق البناء أو الغراس، فلا يلتزم إلا بدفع قيمة أدوات البناء وأجرة العمل أو نفقات الغراس.
وإذا ثار الخلاف حول وقت إقامة البناء أو الغراس، فادعى المشتري إقامتها قبل اعلانه بالرغبة، بينما تمسك الشفيع بإقامتها بعد إعلان الرغبة، تحمل الشفيع عبء إثبات ما يدعيه، لأن الظاهر يؤيد المشتري خاصة إذا تقدم بعقود مقاولة وفواتير شراء محمل تواريخ سابقة على إعلان الرغبة.
فإن أنفق المشتري على العقار مصروفات ضرورية أو نافعة أو كمالية، فيعتبر حائزاً في معنى المادة 980 من القانون المدني، ويرجع بها على الشفيع باعتبار الأخير مالكاً.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الثالث عشر الصفحة/ 458)
إذا كان المشتري قد أحدث زيادة في المبيع قبل إعلان الرغبة في الشفعة، سواء كانت الزيادة بالبناء أو بالغراس أو غير ذلك كعمل شيء من التحسينات التي لا يصدق عليها لفظ البناء مثل استصلاح الأراضي أو التربة بما يزيد خصوبتها، فإنه لا لوم على المشتري في هذه الحالة إذ أنه يبني أو يدخل تحسينات في لحظة لا يعلم فيها بأن هناك من يرغب في الأخذ بالشفعة فهو كان حسن النية، ومن ثم يلتزم الشفيع بما يختاره المشتري، وهو طبعا يختار أكبر القيمتين مما يأتي:
إما قيمة ما أنفقه لإدخال التحسينات أي التكلفة الفعلية وهي تمثل ما افتقر به المشتري، وإما ما زاد في قيمة المشفوع فيه بسبب ما أحدثه المشتري من تحسينات، ولكن لا يجوز للشفيع أن يطلب الإزالة.
إذا أحدث المشتري البناء أو الغراس أو التحسينات بعد إعلانه بالرغبة في أخذ العقار بالشفعة.
كان للشفيع الخيار بين أمرين :
(1) طلب الإزالة:
وفي هذه الحالة تكون الإزالة وإعادة المبيع إلى حالته الأصلية على نفقة المشتري، مع التعويض إن كان له مقتض.
وفي هذا يتماثل مركز المشتري مع مركز الحائز سيء النية في الأحكام العامة للالتصاق.
(۲) استبقاء البناء أو الغراس :
وفي هذه الحالة لا يلزم المشتري إلا بدفع قيمة أدوات البناء وأجرة العمل أو نفقات الغراس.
وهنا نجد مركز المشتري أفضل من مركز من يبني أو يغرس فى ملك غيره وهو سيء النية حيث يلتزم مالك الأرض، إذا اختار استبقاء المنشآت وفقاً لنص المادة (924) بأن يدفع إما قيمتها مستحقة الإزالة وإما ما زاد في ثمن الأرض، وهو يختار الأقل بداهة.
بأن المشتري، إذا أنفق على العقار المشفوع فيه مصروفات ضرورية، استردها بأكملها من الشفيع، وعليه أن يثبت مقدار هذه المصروفات، في أثناء دعوى الشفعة ليقضي له بها، أو أن يرفع بها دعوى على حدة، أما المصروفات النافعة فيطبق في شأنها قواعد الالتصاق المقررة في المادتين (924، 925مدني) وقد تناولنا شرح هاتين المادتين في المجلد سالف الذكر ويجب التمييز في هذا الصدد بين ما إذا كانت هذه المصروفات النافعة قد أنفقت على العقار المشفوع فيه قبل إعلان المشتري برغبة الشفيع في الشفعة فيكون المشتري في هذه الحالة حسن النية وتسري عليه أحكام المادة (925 مدني) وما إذا كانت هذه المصروفات قد أنفقت بعد إعلان المشتري برغبة الشفيع في الشفعة فيكون المشتري في هذه الحالة سيء النية وتسري عليه أحكام المادة (924)، وفي الحالتين يطالب المشتري الشفيع بالتعويض عن المصروفات النافعة طبقاً للأحكام المشار إليها إما أثناء نظر دعوى الشفعة، أو في دعوى جديدة على حدة، وإذا كانت المصروفات كمالية، فليس للمشتري أن يطالب الشفيع بشيء منها، سواء أنفقت هذه المصروفات بعد إعلان المشتري برغبة الشفيع في الشفعة أو قبل إعلان هذه الرغبة، ويكون الشفيع بالخيار بين أن يستبقى المنشآت الكمالية التي استحدثها المشتري مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة، أو أن يجبر المشتري على إزالتها وعلى إعادة العقار إلى حالته الأولى، ويطالب الشفيع المشتري بذلك إما في أثناء دعوى الشفعة، أو في دعوى جديدة على حدة وللمشتري حبس العقار المشفوع فيه حتى يسترد من الشفيع المستحق له، بسبب المصروفات الضرورية والمصروفات النافعة والمصروفات الكمالية.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثالث عشر الصفحة/ 328)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الرابع والعشرون ، الصفحة / 73
زِيَادَةُ الْمَشْفُوعِ فِيهِ هَلْ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِلشَّفِيعِ ؟:
21 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي زِيَادَةِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ هَلْ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِلشَّفِيعِ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ زِيَادَةَ الْمَبِيعِ الَّتِي حَدَثَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي قِبَلَ الآْخِذِ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ، إِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً غَيْرَ مُتَمَيِّزَةٍ كَالشَّجَرِ إِذَا كَبُرَ فَهِيَ لِلشَّفِيعِ، لِعَدَمِ تَمَيُّزِهَا فَتَبِعَتِ الأْصْلَ ، كَمَا لَوْ رَدَّ بِعَيْبٍ أَوْ خِيَارٍ أَوْ إِقَالَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً مُتَمَيِّزَةً كَالْغَلَّةِ وَالأْجْرَةِ وَالطَّلْعِ الْمُؤَبَّرِ وَالثَّمَرَةِ الظَّاهِرَةِ، فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي لاَ حَقَّ لِلشَّفِيعِ فِيهَا؛ لأِنَّ هَا حَدَثَتْ فِي مِلْكِهِ، وَتَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مُبْقَاةً فِي رُءُوسِ النَّخْلِ إِلَى الْجُذَاذِ.
وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي الزِّيَادَةِ الْمُتَمَيِّزَةِ غَيْرِ الظَّاهِرَةِ قَوْلاَنِ:
أَحَدُهُمَا - وَهُوَ الْقَدِيمُ -: تَتْبَعُ الأْصْلَ كَمَا فِي الْبَيْعِ.
وَالثَّانِي - وَهُوَ الْجَدِيدُ -: لاَ تَتْبَعُ الأْصْلَ لأِنَّهُ اسْتِحْقَاقٌ بِغَيْرِ تَرَاضٍ فَلاَ يُؤْخَذُ بِهِ إِلاَّ مَا دَخَلَ بِالْعَقْدِ وَيُخَالِفُ الْبَيْعَ؛ لأِنَّهُ اسْتِحْقَاقٌ عَنْ تَرَاضٍ يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى الاِسْتِثْنَاءِ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَثْنِ تَبِعَ الأْصْلَ .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ زِيَادَةَ الْمَشْفُوعِ فِيهِ كَالثَّمَرِ الَّذِي عَلَى النَّخْلِ لِلشَّفِيعِ إِذَا شَرَطَهُ فِي الْبَيْعِ؛ لأِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ بِدُونِ الشَّرْطِ، فَإِذَا شَرَطَهُ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ وَاسْتُحِقَّ بِالشُّفْعَةِ، لأِنَّهُ بِاعْتِبَارِ الاِتِّصَالِ صَارَ كَالنَّخْلِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لاَ شُفْعَةَ فِيهِ لِعَدَمِ التَّبَعِيَّةِ، حَتَّى لاَ يَدْخُلَ فِي الْبَيْعِ بِدُونِ الشَّرْطِ، وَإِذَا دَخَلَ فِي الشُّفْعَةِ فَإِذَا جَذَّهُ الْمُشْتَرِي نَقَصَ حِصَّتُهُ مِنَ الثَّمَنِ لأِنَّهُ صَارَ مَقْصُودًا بِالذِّكْرِ، فَقَابَلَهُ شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَرَةَ لأِنَّ هَا نَفْلِيَّةٌ أَيْ زِيَادَةٌ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى النَّخْلِ ثَمَرٌ وَقْتَ الْبَيْعِ فَأَثْمَرَ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ بِالثَّمَرَةِ؛ لأِنَّ الْبَيْعَ سَرَى إِلَيْهَا فَكَانَتْ تَبَعًا، فَإِذَا جَذَّهَا الْمُشْتَرِي فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ النَّخْلَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، لأِنَّ الثَّمَرَةَ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً وَقْتَ الْعَقْدِ، فَلَمْ تَكُنْ مَقْصُودَةً فَلاَ يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي الْمَأْخُوذِ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ غَلَّتَهُ، أَيْ غَلَّةَ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ الَّتِي اسْتَغَلَّهَا قَبْلَ أَخْذِهِ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ؛ لأِنَّهُ كَانَ ضَامِنًا لَهُ، وَفِي الْحَدِيثِ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ».
وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي (شُفْعَةٍ).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السادس والعشرون ، الصفحة / 161
الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ فِي الْمَالِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ:
48 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا إِذَا بَنَى الْمُشْتَرِي فِي الأْرْضِ الْمَشْفُوعِ فِيهَا أَوْ غَرَسَ فِيهَا، ثُمَّ قُضِيَ لِلشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ، وَسَبَبُ الاِخْتِلاَفِ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هُوَ تَرَدُّدُ تَصَرُّفِ الْمَشْفُوعِ عَلَيْهِ الْعَالِمِ بِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ عَلَيْهِ بَيْنَ شُبْهَةِ تَصَرُّفِ الْغَاصِبِ وَتَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي الَّذِي يَطْرَأُ عَلَيْهِ الاِسْتِحْقَاقُ وَقَدْ بَنَى فِي الأْرْضِ وَغَرَسَ وَذَلِكَ أَنَّهُ وَسَطٌ بَيْنَهُمَا.
فَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ شَبَهُ الاِسْتِحْقَاقِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ، وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ شَبَهُ التَّعَدِّي كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِنَقْضِهِ أَوْ يُعْطِيَهُ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا بَنَى الْمُشْتَرِي فِي الأْرْضِ الْمَشْفُوعِ فِيهَا أَوْ غَرَسَ، ثُمَّ قُضِيَ لِلشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِالثَّمَنِ وَالْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا، وَإِنْ شَاءَ أَجْبَرَ الْمُشْتَرِيَ عَلَى قَلْعِهِمَا، فَيَأْخُذُ الأْرْضَ فَارِغَةً. وَهَذَا هُوَ جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
وَوَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. أَنَّهُ بَنَى فِي مَحَلٍّ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ مُتَأَكِّدٌ لِلْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ تَسْلِيطٍ مِنْ جِهَةِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ فَيُنْقَضُ كَالرَّاهِنِ إِذَا بَنَى فِي الْمَرْهُونِ، وَهَذَا لأِنَّ حَقَّهُ أَقْوَى مِنْ حَقِّ الْمُشْتَرِي؛ لأِنَّهُ يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا يُنْقَضُ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَتَصَرُّفَاتُهُ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، أَنَّهُ لاَ يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْقَلْعِ وَيُخَيَّرُ الشَّفِيعُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ بِالثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدَهُ أَنَّهُ مُحِقٌّ فِي الْبِنَاءِ؛ لأِنَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الدَّارَ مِلْكُهُ، وَالتَّكْلِيفُ بِالْقَلْعِ مِنْ أَحْكَامِ الْعُدْوَانِ وَصَارَ كَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا، وَكَمَا إِذَا زَرَعَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لاَ يُكَلَّفُ الْقَلْعَ، وَهَذَا لأِنَّ فِي إِيجَابِ الْقِيمَةِ دَفْعَ أَعْلَى الضَّرَرَيْنِ بِتَحَمُّلِ الأْدْنَى فَيُصَارُ إِلَيْهِ .
أَمَّا الزَّرْعُ فَالْقِيَاسُ قَلْعُهُ وَلَكِنَّ الاِسْتِحْسَانَ عَدَمُ قَلْعِهِ، لأِنَّ لَهُ نِهَايَةً مَعْلُومَةً وَيَبْقَى بِالأْجْرِ وَلَيْسَ فِيهِ كَثِيرُ ضَرَرٍ .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا أَحْدَثَ الْمُشْتَرِي بِنَاءً أَوْ غَرْسًا أَوْ مَا يُشْبِهُ ذَلِكَ فِي الشِّقْصِ قَبْلَ قِيَامِ الشَّفِيعِ، ثُمَّ قَامَ الشَّفِيعُ بِطَلَبِ شُفْعَتِهِ فَلاَ شُفْعَةَ إِلاَّ أَنْ يُعْطَى الْمُشْتَرِي قِيمَةَ مَا بَنَى وَمَا غَرَسَ.
وَلِلْمُشْتَرِي الْغَلَّةُ إِلَى وَقْتِ الأْخْذِ بِالشُّفْعَةِ لأِنَّهُ فِي ضَمَانِهِ قَبْلَ الأْخْذِ بِهَا وَالْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا بَنَى الْمُشْتَرِي أَوْ غَرَسَ أَوْ زَرَعَ فِي الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ ثُمَّ عَلِمَ الشَّفِيعُ فَلَهُ الأْخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَقَلْعُ بِنَائِهِ وَغَرْسِهِ وَزَرْعِهِ مَجَّانًا لاَ بِحَقِّ الشُّفْعَةِ، وَلَكِنْ لأِنَّهُ شَرِيكٌ وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إِذَا انْفَرَدَ بِهَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ فِي الأْرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ كَانَ لِلآْخَرِ أَنْ يَقْلَعَ مَجَّانًا.
وَإِنْ بَنَى الْمُشْتَرِي وَغَرَسَ فِي نَصِيبِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَالتَّمْيِيزِ ثُمَّ عَلِمَ الشَّفِيعُ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَلْعُهُ مَجَّانًا، لأِنَّهُ بَنَى فِي مِلْكِهِ الَّذِي يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ فَلاَ يُقْلَعُ مَجَّانًا.
فَإِنِ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي قَلْعَ الْبِنَاءِ أَوِ الْغِرَاسِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلاَ يُكَلَّفُ تَسْوِيَةَ الأْرْضِ . لأِنَّهُ كَانَ مُتَصَرِّفًا فِي مِلْكِهِ، فَإِنْ حَدَثَ فِي الأْرْضِ نَقْصٌ فَالشَّفِيعُ إِمَّا أَنْ يَأْخُذَهُ عَلَى صِفَتِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَتْرُكَ، فَإِنْ لَمْ يَخْتَرِ الْمُشْتَرِي الْقَلْعَ، فَلِلشَّفِيعِ الْخِيَارُ بَيْنَ إِبْقَاءِ مِلْكِهِ فِي الأْرْضِ بِأُجْرَةٍ وَبَيْنَ تَمَلُّكِهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الأْخْذِ ، وَبَيْنَ أَنْ يَنْقُضَهُ وَيَغْرَمَ أَرْشَ النَّقْصِ.
وَلَوْ كَانَ قَدْ زَرَعَ فَيَبْقَى زَرْعُهُ إِلَى أَنْ يُدْرِكَ فَيَحْصُدَهُ، وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالأْجْرَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا بَنَى الْمُشْتَرِي أَوْ غَرَسَ أَعْطَاهُ الشَّفِيعُ قِيمَةَ بِنَائِهِ أَوْ غَرْسِهِ، إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ بِنَاءَهُ وَغِرَاسَهُ، فَلَهُ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَخْذِهِ ضَرَرٌ. لأِنَّهُ مَلَكَهُ، فَإِذَا قَلَعَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ تَسْوِيَةُ الْحُفَرِ وَلاَ نَقْصُ الأْرْضِ ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي؛ لأِنَّهُ غَرَسَ وَبَنَى فِي مِلْكِهِ، وَمَا حَدَثَ مِنَ النَّقْصِ إِنَّمَا حَدَثَ فِي مِلْكِهِ، وَذَلِكَ لاَ يُقَابِلُهُ ثَمَنٌ.
وَظَاهِرُ كَلاَمِ الْخِرَقِيِّ، أَنَّ عَلَيْهِ ضَمَانَ النَّقْصِ الْحَاصِلِ بِالْقَلْعِ؛ لأِنَّهُ اشْتُرِطَ فِي قَلْعِ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ عَدَمُ الضَّرَرِ، وَذَلِكَ لأِنَّهُ نَقْصٌ دَخَلَ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ لأِجْلِ تَخْلِيصِ مِلْكِهِ فَلَزِمَهُ ضَمَانُهُ؛ لأِنَّ النَّقْصَ الْحَاصِلَ بِالْقَلْعِ إِنَّمَا هُوَ فِي مِلْكِ الشَّفِيعِ. فَأَمَّا نَقْصُ الأْرْضِ الْحَاصِلُ بِالْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ فَلاَ يَضْمَنُهُ.
فَإِنْ لَمْ يَخْتَرِ الْمُشْتَرِي الْقَلْعَ فَالشَّفِيعُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ ثَلاَثَةِ أَشْيَاءَ:
أ - تَرْكِ الشُّفْعَةِ.
ب - دَفْعِ قِيمَةِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ فَيَمْلِكُهُ مَعَ الأْرْضِ .
ج - قَلْعِ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ وَيَضْمَنُ لَهُ مَا نَقَصَ بِالْقَلْعِ .
وَإِنْ زَرَعَ فِي الأْرْضِ فَلِلشَّفِيعِ الأْخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَيَبْقَى زَرْعُ الْمُشْتَرِي إِلَى أَوَانِ الْحَصَادِ، لأِنَّ ضَرَرَهُ لاَ يَبْقَى وَلاَ أُجْرَةَ عَلَيْهِ لأِنَّهُ زَرَعَهُ فِي مِلْكِهِ؛ وَلأِنَّ الشَّفِيعَ اشْتَرَى الأْرْضَ وَفِيهَا زَرْعٌ لِلْبَائِعِ مُبْقًى إِلَى الْحَصَادِ بِلاَ أُجْرَةٍ كَغَيْرِ الْمَشْفُوعِ، وَإِنْ كَانَ فِي الشَّجَرِ ثَمَرٌ ظَاهِرٌ أَثْمَرَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَهُوَ لَهُ مُبْقًى إِلَى الْجُذَاذِ كَالزَّرْعِ .
تَبِعَةُ الْهَلاَكِ:
50 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، إِلَى أَنَّهُ إِذَا هَدَمَ الْمُشْتَرِي بِنَاءَ الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ أَوْ هَدَمَهُ غَيْرُهُ أَوْ قَلَعَ الأْشْجَارَ الَّتِي كَانَتْ مَغْرُوسَةً فِي الأْرْضِ الْمَشْفُوعَةِ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الْعَرْصَةَ أَوِ الأْرْضَ بِحِصَّتِهَا مِنَ الثَّمَنِ بِأَنْ يُقْسَمَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْعَرْصَةِ أَوِ الأْرْضِ وَقِيمَةِ الْبِنَاءِ أَوِ الشَّجَرِ وَمَا خَصَّ الْعَرْصَةَ أَوِ الأْرْضَ مِنْهُ يَدْفَعُهُ الشَّفِيعُ وَتَكُونُ الأْنْقَاضُ وَالأْخْشَابُ لِلْمُشْتَرِي. وَإِذَا تَخَرَّبَتِ الدَّارُ الْمَشْفُوعَةُ أَوْ جَفَّتْ أَشْجَارُ الْبُسْتَانِ الْمَشْفُوعِ بِلاَ تَعَدِّي أَحَدٍ عَلَيْهَا يَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى، فَإِنْ كَانَ بِهَا أَنْقَاضٌ أَوْ خَشَبٌ وَأَخَذَهُ الْمُشْتَرِي تَسْقُطُ حِصَّتُهُ مِنَ الثَّمَنِ بِأَنْ يُقْسَمَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الدَّارِ أَوِ الْبُسْتَانِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَقِيمَةِ الأْنْقَاضِ وَالْخَشَبِ يَوْمَ الأْخْذِ ، وَإِذَا تَلِفَ بَعْضُ الأْرْضِ الْمَشْفُوعَةِ بِغَرَقٍ أَوْ نَحْوِهِ سَقَطَتْ حِصَّةُ التَّالِفِ مِنْ أَصْلِ الثَّمَنِ، وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الأْرْضَ مَعَ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ بِالثَّمَنِ الأْوَّلِ إِذَا كَانَ مُتَّصِلاً، فَأَمَّا إِذَا زَالَ الاِتِّصَالُ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ فَلاَ سَبِيلَ لِلشَّفِيعِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ عَيْنُهُ قَائِمَةً سَوَاءٌ أَكَانَ الزَّوَالُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَمْ بِصُنْعِ الْمُشْتَرِي أَوِ الأْجْنَبِيِّ؛ لأِنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ فِي هَذِهِ الأْشْيَاءِ إِنَّمَا ثَبَتَ مَعْدُولاً بِهِ عَنِ الْقِيَاسِ مَعْلُولاً بِالتَّبَعِيَّةِ وَقَدْ زَالَتِ التَّبَعِيَّةُ بِزَوَالِ الاِتِّصَالِ فَيُرَدُّ الْحُكْمُ فِيهِ إِلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، إِلَى أَنَّهُ لاَ يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي نَقْصَ الشِّقْصِ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِلاَ سَبَبٍ مِنْهُ وَإِنَّمَا بِسَبَبٍ سَمَاوِيٍّ أَوْ تَغَيُّرِ سُوقٍ أَوْ كَانَ بِسَبَبٍ مِنْهُ وَلَكِنَّهُ فَعَلَهُ لِمَصْلَحَةٍ كَهَدْمٍ لِمَصْلَحَةٍ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا أَمْ لاَ. فَإِنْ هَدَمَ لاَ لِمَصْلَحَةٍ ضَمِنَ، فَإِنْ هَدَمَ وَبَنَى فَلَهُ قِيمَتُهُ عَلَى الشَّفِيعِ قَائِمًا لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ وَتُعْتَبَرُ يَوْمَ الْمُطَالَبَةِ وَلَهُ قِيمَةُ النَّقْصِ الأْوَّلِ مَنْقُوضًا يَوْمَ الشِّرَاءِ .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ تَعَيَّبَتِ الدَّارُ الْمُشْتَرَى بَعْضُهَا أَخَذَ الشَّفِيعُ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ تَرَكَ كَتَعَيُّبِهَا بِيَدِ الْبَائِعِ، وَكَذَا لَوِ انْهَدَمَتْ بِلاَ تَلَفٍ لِشَيْءٍ مِنْهَا، فَإِنْ وَقَعَ تَلَفٌ لِبَعْضِهَا فَبِالْحِصَّةِ مِنَ الثَّمَنِ يَأْخُذُ الْبَاقِيَ .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ، إِلَى أَنَّهُ إِنْ تَلِفَ الشِّقْصُ أَوْ بَعْضُهُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَهُوَ مِنْ ضَمَانِهِ. لأِنَّهُ مِلْكُهُ تَلِفَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ إِنْ أَرَادَ الشَّفِيعُ الأْخْذَ بَعْدَ تَلَفِ بَعْضِهِ أَخَذَ الْمَوْجُودَ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ سَوَاءٌ أَكَانَ التَّلَفُ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى أَمْ بِفِعْلِ آدَمِيٍّ، وَسَوَاءٌ أَتَلِفَ بِاخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي كَنَقْضِهِ لِلْبِنَاءِ أَمْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ مِثْلَ أَنِ انْهَدَمَ.
ثُمَّ إِنْ كَانَتِ الأْنْقَاضُ مَوْجُودَةً أَخَذَهَا مَعَ الْعَرْصَةِ بِالْحِصَّةِ وَإِنْ كَانَتْ مَعْدُومَةً أَخَذَ الْعَرْصَةَ وَمَا بَقِيَ مِنَ الْبِنَاءِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْعَنْبَرِيِّ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ تَعَذَّرَ عَلَى الشَّفِيعِ أَخْذُ الْجَمِيعِ وَقَدَرَ عَلَى أَخْذِ الْبَعْضِ فَكَانَ لَهُ بِالْحِصَّةِ مِنَ الثَّمَنِ كَمَا لَوْ تَلِفَ بِفِعْلِ آدَمِيٍّ سِوَاهُ أَوْ لَوْ كَانَ لَهُ شَفِيعٌ آخَرُ. أَوْ نَقُولُ: أَخَذَ بَعْضَ مَا دَخَلَ مَعَهُ فِي الْعَقْدِ، فَأَخَذَهُ بِالْحِصَّةِ كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ سَيْفٌ.
وَأَمَّا الضَّرَرُ فَإِنَّمَا حَصَلَ بِالتَّلَفِ وَلاَ صُنْعَ لِلشَّفِيعِ فِيهِ وَالَّذِي يَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ يُؤَدِّي ثَمَنَهُ فَلاَ يَتَضَرَّرُ الْمُشْتَرِي بِأَخْذِهِ.
وَإِنَّمَا قَالُوا بِأَخْذِ الأْنْقَاضِ وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً لأِنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لِلشُّفْعَةِ كَانَ حَالَ عَقْدِ الْبَيْعِ وَفِي تِلْكَ الْحَالِ كَانَ مُتَّصِلاً اتِّصَالاً لَيْسَ مَآلُهُ إِلَى الاِنْفِصَالِ وَانْفِصَالُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لاَ يُسْقِطُ حَقَّ الشُّفْعَةِ. وَإِنْ نُقِضَتِ الْقِيمَةُ مَعَ بَقَاءِ صُورَةِ الْمَبِيعِ مِثْلَ انْشِقَاقِ الْحَائِطِ وَانْهِدَامِ الْبِنَاءِ، وَشُعْثِ الشَّجَرِ فَلَيْسَ لَهُ إِلاَّ الأْخْذُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوِ التَّرْكُ. لأِنَّ هَذِهِ الْمَعَانِيَ لاَ يُقَابِلُهَا الثَّمَنُ بِخِلاَفِ الأْعْيَانِ .
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الحادي والثلاثون ، الصفحة / 177
الْغَرْسُ فِي الأْرْضِ الْمَشْفُوعِ فِيهَا:
8 - إِذَا أَحْدَثَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَشْفُوعِ بِنَاءً أَوْ غِرَاسًا قَبْلَ قِيَامِ الشَّفِيعِ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ، ثُمَّ طَالَبَ الشَّفِيعُ بِشُفْعَتِهِ، فَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ:
فَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: الشَّفِيعُ بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ الْمُشْتَرِي وَقِيمَةِ الْبِنَاءِ أَوِ الْغَرْسِ، وَإِنْ شَاءَ كَلَّفَ الْمُشْتَرِيَ بِقَلْعِهِ؛ لأِنَّهُ غَرْسٌ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ مُتَأَكِّدٌ لِلْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ تَسْلِيطٍ مِنْ جِهَةِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ، فَيُنْقَضُ، كَالرَّاهِنِ إِذَا بَنَى أَوْ غَرَسَ فِي الرَّهْنِ .
وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَهُ الْحَنَابِلَةُ: أَنَّ لِلشَّفِيعِ الْخِيَارَ بَيْنَ أَخْذِ الْمَشْفُوعِ مَعَ الْغِرَاسِ مُقَابِلَ دَفْعِ قِيمَةِ الْغِرَاسِ، وَبَيْنَ الْقَلْعِ، لَكِنَّهُمْ أَضَافُوا: إِنْ أَحَبَّ الشَّفِيعُ قَلْعَ الْغِرَاسِ يَضْمَنُ نَقْصَهُ مِنَ الْقِيمَةِ بِالْقَلْعِ، وَهِيَ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الأْرْضِ مَغْرُوسَةً وَبَيْنَ قِيمَتِهَا خَالِيَةً .
وَقَالَ مَالِكٌ: لاَ شُفْعَةَ إِلاَّ أَنْ يُعْطِيَ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ مَا بَنَى وَمَا غَرَسَ .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: لَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَشْفُوعِ وَلَمْ يَعْلَمِ الشَّفِيعُ بِهِمَا، ثُمَّ عَلِمَ، قَلَعَ ذَلِكَ مَجَّانًا؛ لِعُدْوَانِ الْمُشْتَرِي .
وَلِلتَّفْصِيلِ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (شُفْعَة ف 48).
غَلَّةُ الْمَشْفُوعِ فِيهِ:
5 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي غَلَّةِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ
الَّتِي تَحْدُثُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الأْخْذِ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ، هَلْ تَكُونُ لِلشَّفِيعِ، أَوْ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي؟
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ غَلَّةَ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ الَّتِي تَحْدُثُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَخْذِهِ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ، تَكُونُ لَهُ؛ لأِنَّ هَذِهِ الْغَلَّةَ حَدَثَتْ فِي مِلْكِهِ؛ وَلأِنَّهُ كَانَ ضَامِنًا لِلْمَشْفُوعِ فِيهِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم: «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ».
وَإِنْ زَرَعَ الْمُشْتَرِي فِي الأْرْضِ فَلِلشَّفِيعِ الأْخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَيَبْقَى زَرْعُ الْمُشْتَرِي إِلَى أَوَانِ الْحَصَادِ وَلاَ أُجْرَةَ عَلَيْهِ؛ لأِنَّهُ زَرَعَهُ فِي مِلْكِهِ؛ وَلأِنَّ الشَّفِيعَ اشْتَرَى الأْرْضَ وَفِيهَا زَرْعٌ لِلْبَائِعِ، فَكَانَ لَهُ مُبَقًّى إِلَى الْحَصَادِ بِلاَ أُجْرَةٍ كَغَيْرِ الْمَشْفُوعِ، وَإِنْ كَانَ فِي الشَّجَرِ ثَمَرٌ ظَاهِرٌ أَثْمَرَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَهُوَ لَهُ مُبْقًى إِلَى الْجُذَاذِ كَالزَّرْعِ .
وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ الْمَشْفُوعَ فِيهِ لَوْ كَانَ نَخْلاً وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثَمَرٌ وَقْتَ الْبَيْعِ ثُمَّ أَثْمَرَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ بِالثَّمَرَةِ؛ لأِنَّ الْبَيْعَ سَرَى إِلَيْهَا فَكَانَتْ تَبَعًا، فَإِذَا جَذَّهَا الْمُشْتَرِي فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ النَّخْلَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، لأِنَّ الثَّمَرَةَ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً وَقْتَ الْعَقْدِ فَلَمْ تَكُنْ مَقْصُودَةً، فَلاَ يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ .
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إِنِ اشْتَرَى شِقْصًا وَحَدَثَ فِيهِ زِيَادَةٌ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الشَّفِيعُ، فَإِنْ كَانَتْ زِيَادَةً لاَ تَتَمَيَّزُ - كَالْفَصِيلِ إِذَا طَالَ وَامْتَلأَ - فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُهُ مَعَ زِيَادَتِهِ؛ لأِنَّ مَا لاَ يَتَمَيَّزُ يَتْبَعُ الأْصْلَ فِي الْمِلْكِ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَمَيِّزَةً - كَالثَّمَرَةِ - فَإِنْ كَانَتْ ثَمَرَةٌ ظَاهِرَةٌ لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ فِيهَا حَقٌّ لأِنَّ هَا لاَ تَتْبَعُ الأْصْلَ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ ظَاهِرَةٍ فَفِي الْجَدِيدِ لاَ تَتْبَعُ لأِنَّهُ اسْتِحْقَاقٌ بِغَيْرِ تَرَاضٍ، فَلاَ يُؤْخَذُ بِهِ إِلاَّ مَا دَخَلَ بِالْعَقْدِ .
_______________________________________
مجلة الأحكام العدلية
مادة (1044) الزيادة على البناء
لو زاد المشتري على البناء المشفوع شيئاً من ماله كصبغه فشفيعه مخير إن شاء تركه وان شاء تملكه بإعطاء ثمن البناء وقيمة الزيادة. وان كان المشتري قد أحدث على العقار المشفوع بناء أو غرس فيه اشجاراً فالشفيع بالخيار إن شاء تركه وان شاء تملك المشفوع بإعطاء ثمنه وقيمة الأبنية والأشجار وليس له أن يجبر المشتري على قلع الأبنية أو الأشجار.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفور له (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
(مادة 130)
إذا بنى المشتري بناء في الدار أو الأرض المشفوعة أو غرس فيها أشجاراً فالشفيع بالخيار إن شاء تركها وإن شاء أخذها بالثمن المسمى ودفع قيمة البناء والشجر مستحق القلع أو يكلف المشتري قلعهما وإذا زاد المشتري على العقار المشفوع شيئاً من ماله بان بيضه أو صبغه بألوان فإن الشفيع يكون بالخيار إن شاء تركه وإن شاء أخذه بالثمن وقيمة الزيادة.
(مادة 131)
إذا هدم المشتري بناء الدار المشفوعة أو هدمه غيره أو قلع الأشجار التي كانت مغروسة في الأرض المشفوعة يأخذ الشفيع العرصة أو الأرض بحصتها من الثمن بأن يقسم الثمن على قيمة العرصة أو الأرض وقيمة البناء أو الشجر وما خص العرصة أو الأرض منه يدفعه الشفيع وتكون الأنقاض والأخشاب للمشتري.
(مادة 132)
إذا تخربت الدار المشفوعة أو جفت أشجار البستان المشفوع بلا تعدي أحد عليها يأخذها الشفيع بالثمن المسمى.
فإن كان بها أنقاض أو خشب وأخذه المشتري تسقط حصته من الثمن بأن يقسم الثمن على قيمة الدار أو البستان يوم العقد وقيمة الانقضاض والخشب يوم الأخذ.
(مادة 133)
إذا تلف بعض الأرض المشفوعة بغرق أو نحوه سقطت حصة التالف من أصل الثمن.
(مادة 134)
إذا أخذ الشفيع العقار المشفوع وبنى فيه بناء أو غرس فيه أشجاراً ثم استحق العقار فإنه يرجع بالثمن فقط ولا رجوع له بقيمة البناء والشجر على أحد بمعنى أنه لا يرجع بما نقص بالقلع.
(مادة 135)
الشفعة لا تقبل التجزئة فليس للشفيع أن يأخذ بعض العقار المشفوع ويترك بعضه جبراً على المشتري إنما إذا تعدد المشترون واتحد البائع وقبضوا المبيع منه أو لم يقبضوه ودفعوا له الثمن فللشفيع أن يأخذ نصيب بعضهم ويترك الباقي.