مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس ، الصفحة : 440
مذكرة المشروع التمهيدي :
المواد 1394 و 1395 و 1396 توافق المواد 10 و 12 و 13 من قانون الشفعة الحالي، هذا وقد تناقشت اللجنة في جلستها الأخيرة التي عقدتها للنظر في نصوص، الشفعة (الجلسة الثانية عشرة) في إضافة نص يقضي بأن الغلة تكون للشفيع من وقت إعلانه الأخذ بالشفعة و عليه من ذلك الوقت أيضاً فوائد ما لم يودعه من الثمن في خزينة المحكمة، وقد اقترح أحد الأعضاء في لجنة فرعية نصاً بهذا المعنى ولكن اللجنة لم تناقشه (والرأي في ذلك أن الشفيع يحل محل المشتري في الصفقة، فيملك من وقت البيع الأول ويعتبر المشتري كأنه لم يملك أصلاً، إلا إذا استولى على ثمار المبيع إلى إعلان الرغبة فهو يتملك الثمار بالحيازة إذ هو حسن النية إلى هذا الوقت، وما دام قد تملك الثمار فلا يتقاضى فائدة على الثمن، و منذ يعلن الرغبة في الأخذ بالشفعة لايملك الثمار ، وتكون للشفيع إذ هو المالك ، و للمشتري أن يطالب بالفوائد من الوقت الذي لا يتملك فيه الثمار ).
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادة 1396 - فأقرتها اللجنة مع حذف عبارة «طبقاً للمادة 1390» تبعاً لتعديل تلك المادة بتركها لأحكام التسجيل بعد أن انفصلت عن القانون - وأصبح نصها ما يأتي :
لا يسري في حق الشفيع أي رهن رسمي أو أي حق اختصاص أخذ ضد المشتري كما لا يسري في حقه أي بيع صدر من المشتري، وأي حق عيني رتبه أو ترتب ضده، إذا كان ذلك قد تم بعد التاريخ الذي سجل فيه إعلان الرغبة فى الشفعة ويبقى مع ذلك للدائنين المقيدين ما كان لهم من حقوق الأولوية فيما آل للمشتري من ثمن العقار .
وأصبح رقمها 1021 في المشروع النهائي .
المشروع في مجلس النواب
وافق المجلس على المادة دون تعديل - تحت رقم 1018.
المشروع في مجلس الشيوخ
مناقشات لجنة القانون المدني :
محضر الجلسة الأربعين
تليت المادة 1018 ووافقت عليها اللجنة مع حذف عبارة «كما لا يسري في حقه، والاستعاضة عنها بكلمتي «ولا» و «ولا» في عبارة «ولا أي بيع صدر من المشتري ولا أي حق عینی رتبه أو ترتب ضده إذا كان كل ذلك».
وأصبح رقم المادة 947 .
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة.
1- لئن كان حق الشفيع فى طلب الأخذ بالشفعه إنما ينشأ بالبيع من قيام المسوغ إلا أن العين المشفوعة لا تصير على ملك الشفيع - فى غير حالة التراضى - إلا بالحكم النهائى القاضى بالشفعة - إذ أن المشرع عندما نظم أحكام الشفعه فى التقنين المدنى الحالى إنتهى إلى ترك الأمر فى تحديد بدء تاريخ ملكية الشفيع إلى ما كان عليه الحكم قبل صدور هذا التشريع فجاء نص المادة 944 منه مطابقاً فى هذا الصدد لنص المادة 18 من قانون الشفعة القديم ، وهو إذ كان ينص فى هذه المادة على أن حكم الشفعة يعتبر سنداً لملكية الشفيع إنما أراد بالسند السبب القانونى المنشىء لحق الملكية لا دليل الملكية أو حجتها . ومقتضى هذا النظر ولازمه أن العقار المشفوع فيه لا يصير إلى ملك الشفيع إلا بعد هذا الحكم أما قبله فلا ، لأن المسبب لا يوجد قبل سببه ولأن ما جعله المشرع من الأحكام منشأ للحقوق لا ينسحب على الماضى . ولا يفيد أن لحكم الشفعة أثراً رجعياً ما جاء فى المادة 946 من القانون المدنى من أن للمشترى الحق فى البناء والغراس فى العين المشفوعة ، ولا ما جاء فى المادة 947 من أنه لايسرى فى حق الشفيع أى رهن رسمى أو أى حق إختصاص أخذ ضد المشترى ولا أى بيع صدر من المشترى ولا أى حق عينى رتبه أو ترتب ضده إذا كان كل ذلك قد تم بعد التاريخ الذى سجل فيه إعلان الرغبة فى الشفعة ، لأن المشرع إنما أخذ أحكام هاتين المادتين جملة من فقه الحنفية وهى مخرجة فيه . لا على فكرة الأثر الرجعى ، بل على فكرة العدل والبعد عن الجور و التوفبق بالقدر المستطاع بين ما تعارض من مصلحتى المشترى والشفيع ، وكذلك ، لا يتعارض القول بتملك الشفيع من وقت الحكم بالشفعة مع ما نص عليه فى المادة 1/945 من حلول الشفيع محل المشترى فى جميع حقوقه وإلتزاماته بالنسبة إلى البائع ولا مع ما نص عليه فى فقرتها الثالثة من أن الشفيع ليس له فى حالة إستحقاق العقار للغير بعد أخذه بالشفعة أن يرجع إلا على البائع - فإن هذا لا يدل على أن الشفيع يحل محل المشترى من وقت طلب الشفعه .
(الطعن رقم 1727 لسنة 49 جلسة 1984/01/19 س 35 ع 1 ص 234 ق 49)
2- مؤدى نص المادتين 938 ،947 من القانون المدنى أن بيع العين التى تجوز الشفعة فيها بيعاً ثابتاً سارياً فى حق الشفيع يوجب عليه أن لايطلب أخذها بالشفعة إلا من المشترى الثانى وبالشروط التى إشترى بها وإن البيع الثانى يسرى فى حق الشفيع إذا كان قد تم فعلاً تسجيل رغبته فى الأخذ بالشفعة فلا يشترط أن يكون ثابت التاريخ أو يكون قد أنذر به رسمياً أوعلم به علماً واقعياً .
(الطعن رقم 1528 لسنة 49 جلسة 1983/06/12 س 34 ع 2 ص 1412 ق 278)
3- يجب على الشفيع الذي يريد الأخذ بالشفعة فى حالة توالي البيوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يستعمل حقه وفقاً للمادة 938 من القانون المدني ضد المشتري الثاني وبالشروط التي اشترى بها متى ثبت أن البيع لذلك الأخير قد تم قبل تسجيل إعلان الرغبة فى الشفعة فالوقت المعول عليه لعدم الاحتجاج على الشفيع بالبيع الثاني هو وقت تسجيل إعلان الرغبة لا وقت حصول الإعلان، ومما يؤيد هذا النظر المادة 947 من القانون المدني التي تقضي بأنه لا يسري فى حق الشفيع أي تصرف يصدر من المشتري إذا كان قد تم بعد التاريخ الذي سجل فيه إعلان الرغبة فى الشفعة مما مؤداه بمفهوم المخالفة أن الشفيع يحاج بالتصرف الذي يصدر من المشتري طالما ثبت أن هذا التصرف قد تم قبل تسجيل إعلان رغبة الشفيع، وأن المادة 942 من ذات القانون قد أكدت هذا النظر إذ قضت بأن إعلان الرغبة فى الشفعة لا يكون حجة على الغير إلا إذا سجل، لما كان ما تقدم وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن لم يسجل إعلان رغبته فى الأخذ بالشفعة الحاصل فى 28/ 4 1973 ، وكان المطعون عليهما قد أخطراه فى 5/ 5/ 1973 بحصول البيع الثاني فإن الحكم إذ اعتد بهذا العقد والثمن الوارد به فإنه لا يكون خالف القانون.
(الطعن رقم 1020 لسنة 45 جلسة 1978/12/12 س 29 ع 2 ص 1891 ق 365)
4- أنه و إن كان الطاعنون قد وصفوا تدخلهم أمام محكمة أول درجة بأنه إنضمامى و لم يطلبوا صراحة الحكم لأنفسهم بحق ذاتى ، إلا أنه لما كان تدخلهم مبنياً على إدعائهم شراء العقار - محل طلب الشفعة - ولهذا فقد دفعوا بسقوط حق المطعون عليه الأول - طالب الشفعة . لعدم إنذارهم برغبته فى العقار المذكور بالشفعة ولعدم إختصامهم فى الدعوى ومن ثم فإن تدخلهم على أساس من هذا الإدعاء يكون فى حقيقته وبحسب مرماه ، تدخلاً هجومياً لا إنضمامياً لأن الفصل فى موضوع هذا التدخل يقتضى بحث ما إذا كان عقدهم سابقاً أو لاحقاً على التاريخ الذى سجل فيه إعلان الرغبة فىالشفعة وفقاً لما تقضى به المادة 947 من القانون المدنى وإذا إنتهى الحكم المستأنف إلى أن عقد الطاعنين لاحق على هذا التسجيل ، وخلص إلى أنه لا يسرى فى حق المطعون عليه الأول ، فإن هذا القضاء يكون حكماً عليهم فى شأن ما يدعونه من حقوق على العقار المذكور فى مواجهة الخصوم فى الدعوى ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم جواز الإستئناف المرفوع من الطاعنين تأسيساً على أن تدخلهم أمام محكمة أول درجة كان تدخلاً إنضمامياً ، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 717 لسنة 43 جلسة 1977/04/26 س 28 ع 1 ص 1050 ق 180)
5- يجب على الشفيع الذى يريد ممارسة حقه فى الأخذ بالشفعة فى حالة توالى البيوع أن يستعمل حقه وفقا للمادة 938 من القانون المدنى قبل المشترى الثانى وبالشروط التى اشترى بها متى ثبت أن البيع لذلك الأخير قد تم قبل تسجيل طلب إعلان الرغبة فى الشفعة . ولا يقدح فى ذلك ما قد يوهم به نص المادة المشار إليها من وجود إختلاف بينها وبين نص المادة التاسعة من قانون الشفعة الملغى ، لأن مرد ذلك إلى عدم أحكام الصياغة اللفظية للمادة 938 سالفة الذكر ، فالوقت المعول عليه لعدم الاحتجاج على الشفيع بالبيع الثانى هو وقت تسجيل إعلان الرغبة ، ولا عبرة بتاريخ حصول الإعلان ، ومما يؤيد هذا النظر المادة 947 من القانون المدنى التى تقضى بأنه لا يسرى فى حق الشفيع أى تصرف يصدر من المشترى إذا كان قد تم بعد التاريخ الذى سجل فيه إعلان الرغبة فى الشفعة ، مما مؤداه بمفهوم المخالفة أنه لا يحق للشفيع أن يتحلل من واجب إدخال المشترى الثانى فى دعوى الشفعة طالما أنه قد ثبت أن البيع لذلك الأخير قد تم قبل تسجيل إعلان رغبة الشفيع ، يؤكد هذا النظر أن المادة 942 من القانون المدنى قضت بأن إعلان الرغبة فى الأخذ بالشفعة لا يكون حجة على الغير إذا سجل . ولاعبرة بما يسوقه الطاعنان "الشفيعان" من أن عقد المشترى الثانى عقد صورى قصد به التحايل لمنع الشفعة إذ أن دعوى الشفعة لا تكون مقبوله إلا إذا دارت الخصومه فيها بين جميع أطرافها مهما تعددوا ، الأمر الذى يستلزم أن توجه الدعو ى إلى المشترى الثانى ، إذ هو صاحب الشأن الأول فى دفع الصورية و إثبات جدية عقده .
(الطعن رقم 192 لسنة 36 جلسة 1970/11/10 س 21 ع 3 ص 1130 ق 184)
6- الشفعة فى العقار المبيع بشرط اختيار الغير تخضع لأحكام هذا النوع من البيوع تكملها و تحد منها أحكام الشفعة . وحاصل ما اتفق عليه الرأى فى أحكام البيع على شرط اختيار الغير أن عقد البيع يظل قائما نافذا فى حق المشترى الظاهر إلى أن يعمل حقه فى اختيار الغير . وإذا كان إعمال هذا الاختيار يسند شراء من يختاره إلى عقد البيع الأول ومن تاريخ انعقاده فيرتب له قبل البائع نفس الحقوق المقررة فى عقد البيع المذكور فإنه يكسبه أيضا حقوقا قبل المشترى الظاهر إذ يحل محله فى جميع الحقوق والالتزامات المترتبة على عقد شرائه والتى كانت تظل متعلقة به لو أنه يعمل حقه فى الاختيار . ولما كان مقررا بالمادة 12 من قانون الشفعة أن الشفيع لايحاج بأى حق اكتسبه الغير ضد المشترى بعد تسجيل إنذار الشفعة ، فإنه إذا كان إنذار الشفعة قد سجل قبل الانذار المعلن للشفيع الذى ثبت به تاريخ الإتفاق الذى عقد بين المشترى الأول و بين من أدخلهم معه فى الشراء والذى قال فيه هذا المشترى إنه تنازل لهم عن بعض العقار المبيع له وهو ما يعتبرونه إعمالا لحق اختيار الغير ، كان الحكم الذى يقضى بعدم جواز الاحتجاج على الشفيع بما ترتب على هذا الاختيار من حقوق لمن أدخلوا فى الشراء وبالتالى عدم سقوط حقه فى الشفعة لإدخالهم فى الدعوى بعد الميعاد المقرر فى القانون حكما قائما على أساس قانونى صحيح لا يؤثر فى صحته ما يكون قد اعتوره من تقريرات أخرى مخالفة للقانون .
(الطعن رقم 101 لسنة 17 جلسة 1950/03/09 س 1 ع 1 ص 312 ق 81)
تنص المادة 947 مدني على ما يأتي :
"لا يسري فى حق الشفيع أى رهن رسمي أو أي حق اختصاص أخذ ضد المشتري ولا أي بيع صدر من المشتري ولا أى حق عيني رتبه أو ترتب ضده، إذا كان كل ذلك قد تم بعد التاريخ الذى سجل فيه إعلان الرغبة فى الشفعة، ويبقى مع ذلك للدائنين المقيدين ما كان لهم من حقوق الأولوية فيما آل للمشتري من ثمن العقار " .
ويواجه النص حالة ما إذا ترتبت حقوق عينية على العقار المشفوع فيه من جانب المشتري ومتى تسري فى حق الشفيع، وهنا يجب التمييز بين الحقوق العينية التى ترتبت قبل تسجيل إعلان الرغبة فى الشفعة وتلك التى ترتبت بعد تسجيل هذا الإعلان، وقبل ذلك نبحث حالة الحقوق العينية التى ترتبت على العقار المشفوع فيه من جانب البائع ومتى تسري فى حق الشفيع، وهنا أيضاً تميز بين الحقوق التى ترتبت قبل تسجيل إعلان الرغبة فى الشفعة وتلك التى ترتبت بعد تسجيل هذا الإعلان.
وعلى ذلك نبحث المسائل الآتية : ( 1 ) الحقوق العينية التى ترتبت على العقار المشفوع فيه من جانب البائع قبل تسجيل إعلان الرغبة فى الشفعة . ( 2 ) الحقوق العينية التى ترتبت على العقار المشفوع فيه من جانب البائع بعد تسجيل إعلان الرغبة فى الشفعة . ( 3 ) الحقوق العينية التى ترتبت على العقار المشفوع فيه من جانب المشتري قبل تسجيل إعلان الرغبة فى الشفعة . ( 4 ) الحقوق العينية التى ترتبت على العقار المشفوع فيه من جانب المشتري بعد تسجيل إعلان الرغبة فى الشفعة.
- الحقوق العينية التى ترتبت على العقار المشفوع فيه من جانب البائع قبل تسجيل إعلان الرغبة فى الشفعة : والحقوق العينية التى يمكن أن يرتبها البائع على العقار المشفوع فيه حقوق متنوعة بتنوع التصرفات التى يجريها البائع فى هذا العقار، وأبلغ هذه التصرفات هو أن يتصرف البائع فى ملكية العقار نفسها، فيبيع العقار أو يقايض عليه أو يهبه مثلاً، وقد تكون التصرفات دون ذلك، بأن يرتب البائع على العقار حقاً عينياً أصلياً كحق انتفاع أو حق ارتفاق، وقد يترتب على العقار من جانب البائع حق عيني تبعي، كأن يرهنه رهناً رسمياً أو رهناً حيازياً أو يأخذ على العقار حق اختصاص من قبل دائني البائع أو يترتب عليه حق امتياز يكفل ديناً فى ذمة البائع، كل هذه حقوق عينية تترتب على العقار المشفوع فيه من جانب البائع.
الحقوق العينية التى ترتبت على العقار المشفوع به من جانب البائع بعد تسجيل إعلان الرغبة فى الشفعة : أما إذا ترتب حق عيني على العقار المشفوع فيه من جانب البائع على الوجه المتقدم ذكره ، ولكن صاحب هذا الحق لم يشهره إلا بعد أن سجل الشفيع إعلان البائع بطلب الشفعة، أو بعد أن سجل المشتري عقد شرائه ، فإن هذا الحق لا يكون نافذاً فى حق الشفيع.
الحقوق العينية التى ترتبت على العقار المشفوع فيه من جانب المشترى قبل تسجيل إعلان الرغبة فى الشفعة : والمفروض هنا أن الحقوق العينية قد ترتبت على العقار المشفوع فيه على الوجه الذى سبق بسطه ، من جانب المشتري، لا من جانب البائع كما كان الأمر فيما تقدم، فإذا ترتبت هذه الحقوق العينية قبل تسجيل إعلان المشتري بطلب الشفعة، فإنها تسري فى حق الشفيع كما يستفاد بطريق الدليل العكسى من المادة 947 مدنى سالفة الذكر.
ويتخذ أنصار الرأي القائل بأن حكم الشفعة منشئ لحق الشفيع وبأن المشتري يبقى مالكاً للعقار المشفوع فيه حتى صدور هذا الحكم من هذه القاعدة دليلاً على صحة ما يذهبون إليه، فعندهم أنه ما دامت تصرفات المشتري فى الفرض المتقدم تسري فى حق الشفيع، فليس ذلك إلا لأن المشتري يعتبر مالكاً للعقار وقد تصرف فيه فسرى تصرفه فى حق الشفيع وهذا الدليل لا يستقيم، إذ لو تمسكنا به لنتج عنه أن المشتري وقد بقى مالكاً للعقار المشفوع فيه إلى وقت صدور حكم الشفعة وفقاً لما يقول به أنصار هذا الرأي، كان ينبغي أن تسري تصرفاته فى حق الشفيع، ليس فحسب التصرفات الصادرة قبل تسجيل إعلانه بطلب الشفعة، بل أيضاً التصرفات الصادرة بعد تسجيل هذا الإعلان إذا تمت قبل صدور حكم الشفعة، وهذا ما يخالف صريح نص المادة 947 مدني، هذا إلى أنه يمكن فى كثير من اليسر تبرير نفاذ تصرفات المشتري فى حق الشفيع إذا صدرت قبل تسجيل إعلان طلب الشفعة للمشتري بغير التجاء إلى فكرة أن المشتري يبقى مالكاً للعقار المشفوع فيه، فقد قدمنا أن المشتري، بعد أن يأخذ الشفيع بالشفعة، يعتبر منذ إبرام البيع حائزاً للعقار المشفوع فيه، ويكون بمثابة المالك الظاهر للعقار، وكل من يتعامل معه قبل تسجيل إعلانه بطلب الشفعة يكون حسن النية إذا حسبه مالكاً، ذلك بأن هذا الغير الذى يتعامل معه لا يستطيع أن يكشف من سجلات الشهر العقاري، قبل تسجيل هذا الإعلان، عن أنه مطلوب منه الأخذ بالشفعة، فيكون الغير حسن النية إذا تعامل معه على أساس أنه هو المالك وأن ملكيته غير مهددة، ومن ثم يكون المشتري، إلى حين تسجيل الإعلان، في مركز المالك الظاهر الذى يتعامل مع الغير حسن النية، فينفذ تعامله فى حق المالك الحقيقي وهو هنا الشفيع، ويرجع الشفيع على المشتري بقاعدة الإثراء بلا سبب، شأن كل مالك حقيقي عندما يرجع على المالك الظاهر الذى تسرى تصرفاته فى حقه، فإذا ما سجل إعلان الشفيع للمشتري بطلب الشفعة، فإن من يتعامل مع المشتري بعد هذا التسجيل لا يعتبر حسن النية، إذ كان يمكنه أن يعرف من تسجيل الإعلان أنه يتعامل مع مشتر مطلوب منه الأخذ بالشفعة فملكتيه مهددة بالزوال، وعلى ذلك لا ينفذ تعامله مع هذا المشتري فى حق المالك الحقيقى أي فى حق الشفيع.
الحقوق العينية التي ترتبت على العقار المشفوع فيه من جانب المشتري بعد تسجيل إعلان الرغبة فى الشفعة : وهذا هو الفرض الذى تواجهه مباشرة المادة 947 مدني سالفة الذكر فهى تقرر أن الحقوق العينية التى تترتب على العقار المشفوع فيه من جانب المشتري، بعد تسجيل إعلان الرغبة، لا تسري فى حق الشفيع، وقد قدمنا أن السبب فى ذلك أن المشتري، ولو أنه يعتبر مالكاً ظاهراً، إلا أنه يتعامل فى العقار بعد تسجيل إعلان الرغبة، فلا يعتبر من يتعامل معه حسن النية إذ كان يمكنه أن يكشف من سجلات الشهر العقاري عن حقيقة مركز المشتري.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ التاسع المجلد/ الأول الصفحة/ 1016)
انتقال الضمان الثمن المودع :
إذا وجد حق عيني تبعي على العقار المشفوع فيه، سابقاً على تسجيل إعلان الرغبة، نفذ في حق الشفيع، فإن كان المبلغ المضمون بهذا الحق يعادل الثمن المودع أو يقل عنه، انتقل الضمان إلى هذا الثمن ويكون للدائنين المقيدين ما كان لهم من حقوق الأولوية، فيستوفي صاحب القيد الأسبق حقه کاملاً من الثمن المودع.
أما أن كان الثمن المودع لا يكفي للوفاء بحقوق الدائنين المقيدين، ظل الحق العيني التبعي مثقلاً للعقار، وجاز للدائنين، أو لمن لم يستوف حقه کاملاً منهم، إتخاذ إجراءات نزع ملكيته، ومتى قام الشفيع بتسجيل حكم الشفعة، اعتبر حائزاً للعقار فينذر بالدفع أو التخلية، وبذلك فإن حكم الشفعة لا يطهر العقار المشفوع فيه، سواء سجل هذا الحكم أو لم يسجل، وحينئذٍ يرجع الشفيع على البائع بضمان الاستحقاق.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الثالث عشر الصفحة/ 463)
إذا سجل إعلان الرغبة في الشفعة فلا يسري في حق الشفيع أي تصرف يصدر من المشتري بعد ذلك في خصوص العقار المبيع.
فإذا باع المشتري العقار بعد التاريخ الذي سجل فيه إعلان الرغبة فلا يسري هذا البيع في حق الشفيع، بحيث يكون له أن يأخذ بالشفعة من المشتري الأول وبالشروط التي اشترى بها، ومن ثم فلا يلزم بإدخال المشتري الثاني في دعوى الشفعة، على أنه يلاحظ أن هذا الحكم مقرر لحماية الشفيع وليس مفروضاً عليه، حيث يجوز للشفيع أن يتغاضى عن البيع الأول ويطلب الشفعة في البيع الثاني إذا كان له مصلحة في ذلك، كما لو كان الثمن في البيع الثاني أقل منه في البيع الأول، إنما يتعين عليه في هذه الحالة أن يطلب الشفعة في البيع الثاني بإجراءات مبتدأة غير تلك التي اتخذها بسبب البيع الأول.
وإذا رتب المشتري على العقار بعد هذا التاريخ حقاً عينياً كالرهن، أو ترتب ضده على العقار حقاً عينياً كالاختصاص، فلا تسري هذه الحقوق بالنسبة إلى الشفيع بحيث ينتقل إليه العقار إذا ما حكم له بالشفعة خالصاً منها.
غير أنه إذا كان المشتري قد دفع الثمن للبائع فإن الدائنين المقيدة حقوقهم في هذه الحالة يبقى لهم حق الأولوية على الثمن الذي يسترده المشتري، وهذا الحكم الذي نصت عليه المادة (947) ليس إلا تطبيقاً للقواعد الخاصة بميزة التقدم التي تثبت لصاحب الحق العيني، إذ أنه طبقاً لهذه القواعد لا تقتصر ميزة الأولوية التي للدائن المقيد حقه على الثمن المتحصل من البيع الجبري للشيء محل الحق، بل تمتد كذلك إلى مقابل نقدي لهذا الشيء، ومن ثم فإن فكرة الحلول العيني ليست هي الأساس الذي يقوم عليه ذلك الحكم .
إذا رتب البائع على العقار حق ارتفاق أو انتفاع ولم يتم تسجيله قبل تسجيل إعلان الرغبة، أما إذا رتب البائع رهناً رسمياً أو حيازياً أو ترتب عليه حق اختصاص أو امتياز، ولم تفيد تلك الحقوق قبل تسجيل إعلان الرغبة، فإنها لا تسري في حق الشفيع، وفي هذه الحالة يحتفظ الدائن بحق الأولوية على ما عسى أن يكون قد آل للبائع من ثمن العقار.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثالث عشر الصفحة/ 338)
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
مادة 916)
١- اذا كان المبيع عقاراً ، فلا يسري في حق الشفيع أي تصرف يصدر من المشتري من شأنه نقل الملكية أو ترتیب حق عینی آخر ولا أي حق عيني ترتب ضده ، اذا كان ذلك قد تم بعد تاريخ تسجيل اعلان الرغبة في الشفعة. ويبقى مع ذلك للدائنين المقيدة حقوقهم ما كان لهم من حقوق الأولوية فيما آل الى المشتري من ثمن العقار.
۲- اما اذا كان المبيع منقولاً ، فلا تسري هذه التصرفات والحقوق في حق الشفيع اذا كان المشتري يعلم باعلان الرغبة في الشفعة.
هذه المادة تقابل المادة 947 من التقنين الحالي .
وقد أدخلت على هذه المادة التعديلات الأتية :
أ- جعل النص الحالي فقرة أولى في المادة المقترحة ، مع اضافة عبارة : اذا كان البيع عقاراً في صدر النص کی يكون حكمه خاصاً بالعقار.
۲ - حذف الألفاظ الزائدة في هذه الفقرة والاكتفاء بما يدل على المعنى المقصود.
۳- أضافة فقرة ثانية بين الحكم في حالة بيع المنقول . حيث تكون العبرة بعلم المشتري باعلان الرغبة .
والمادة المقترحة تقابل المادة 1144 من التقنين العراقي.
و تقابل المادة 1167 من التقنين الأردنی.
و تقابل المادة ۹۰۲ من التقنين الكويتي.
ويتفق حكم المادة المقترحة مع ما يقرره الفقه الاسلامي . فقد جاء في قواعد ابن رجب ( القاعدة 53 ص 86) أن الشفيع اذا طلب الشفعة لا يصح تصرف المشترى لأن حقه تقرر وثبت.