مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس، الصفحة : 479
مذكرة المشروع التمهيدي :
للحيازة دعاوي ثلاث تحميها هي :
1- دعوى استرداد الحيازة : ويستطيع الحائز أن يسترد بها حيازته ممن اغتصبها ويشترط أن ترفع الدعوى في السنة التالية لانتزاع الحيازة كرها أو لكشف انتزاعها خلسة، وترفع ضد من انتزع الحيازة أو من خلفه ولو كان حسن النية على أن الحائز الذي يرفع دعوى استرداد الحيازة يجب أن يكون هو نفسه قد استمرت حيازته سنة كاملة على الأقل فإن لم تكن قد استمرت هذه المدة وانتزعت منه فإن كان لم يستردها في خلال السنة كان من انتزع الحيازة هو الحائز وهو الذي تحمي حيازته لأنها بقيت سنة أما إذا أراد استردادها في خلال السنة وكان كل من المسترد و منتزع الحيازة لم تمض على حيازته سنة كاملة فيكسب الدعوى من كانت حيازته أفضل والحيازة الأفضل هي التي تقوم على سند قانوني فإن تعادلت السندات كانت الحيازة الأفضل هي الحيازة الأسبق في التاريخ.
2 - دعوى منع التعرض : وهذه لا تعطي إلا لمن بقيت حيازته سنة كاملة وترفع في خلال سنة من بدء التعرض .
3- دعوى وقف الأعمال الجديدة : وهي كذلك لا تعطي إلا لمن بقيت حيازته سنة كاملة وموضوع الدعوى ليس هو تعرضاً تم بل أعمالاً لو تمت لكان فيها تعرض للحيازة كما إذا بدأ شخص بناء حائط لو تم لسد النور على مطل للجار فيرفع الجار دعوى وقف الأعمال الجديدة بشرط ألا يكون قد مضي عام على العمل الذي بدأ وبشرط ألا يكون العمل قد تم فإن تم العمل كانت الدعوى التي ترفع هی دعوى منع التعرض فإذا ما استوفت دعوى وقف الأعمال الجديدة شروطها ورفعت في الميعاد كان القاضي حسب تقديره أن يمنع استمرار الأعمال أو أن يأذن في استمرارها بكفالة في الحالتين فتكون الكفالة في الحالة الأولى لضمان التعويض فما إذا تبين في دعوى الموضوع أن الأعمال التي وقفت كان ينبغي أن تستمر وفي الحالة الثانية لضمان التعويض فيما إذا تبين أن الأعمال التي أذن في استمرارها كان ينبغي أن توقف.
1- إن إحداث تغيير فى العين محل دعوى رد الحيازة لا يحول قانوناً دون القضاء بردها للمدعى إذا ما توافرها شروطها المنصوص عليها فى المادة 958 من القانون المدنى مع إعادة العقار إلى أصله إن كان المدعى عليه قد أحدث فيه تغييراً ، فإن كان قد أقام فيه بناءً جديداً قضى بهدمه ، أوهدم بناءً كان موجوداً قضى بإعادته لأصله .
(الطعن رقم 6468 لسنة 72 جلسة 2014/04/15)
2- إذ كان الثابت فى الأوراق - وحصله الحكم المطعون فيه - أن واقعة الدعوى تخلص فى أن وزير الشئون البلدية والقروية أصدر قراراً فى الأول من مارس 1959 أتبعه باستدراك نشر فى الجريدة الرسمية بتاريخ 1963/2/18 باعتماد خطوط تنظيم المناطق الحديثة بمدينة .... بناءً على الصلاحيات المخولة بمقتضى المادة 13 من القانون 106 لسنة 1976 بشأن تنظيم المباني وأن الوحدة المحلية لمركز ومدينة ..... رفضت الترخيص للمطعون ضده الثاني بتعلية دور أول علوي وإقامة مبان حديثة لوقوع عقاره داخل خطوط التنظيم المشار إليها ، ومن ثم أقام والمطعون ضدهما الأول والثالث الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بطلب عدم الاعتداد بالقرار سالف الذكر لانعدامه طبقاً للمادة العاشرة من القانون رقم 577 لسنة 1954 وبعدم تعرض الطاعنين (المحافظ ورئيس الوحدة المحلية لذلك المركز والمدنية) لهم فى أملاكهم . وإذ كان قرار اعتماد خط التنظيم موضوع النزاع قد صدر مستكملاً - فى ظاهره - مقومات القرار الإداري غير المشوب بعيب ينحدر به إلى درجة العدم وكان المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن التعرض المستند إلى أمر إداري اقتضته مصلحة عامة لا يصلح أساساً لرفع دعوى حيازة بمنع هذا التعرض ، وذلك لما يترتب حتماً على الحكم فى هذه الدعوى - لمصلحة رافعها - من تعطيل هذا الأمر ووقف تنفيذه ، وهو ما يمتنع على المحاكم بنص المادة 17 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972، ولا يكون للحائز فى هذه الحالة من سبيل لدفع هذا التعرض سوى الالتجاء إلى القضاء الإداري لوقف تنفيذ الأمر أو إلغائه ، فإن الاختصاص بنظر النزاع المطروح - بوجهيه - ينعقد لمحاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه .
(الطعن رقم 4889 لسنة 63 جلسة 2000/11/21 س 51 ع 2 ص 1031 ق 196)
3- الدعوى بطلب تسجيل التصرفات الواردة على عقار أو بصورية هذه التصرفات تعد من قبيل الدعاوى المتعلقة بأصل الحق ، ومن ثم فإن رفع المطعون ضده الدعوى بطلب الحكم بشطب التسجيلات الواردة على عين النزاع أو بصورية عقد شراء الطاعنة الأولى لها يترتب عليه سقوط ادعائه بالحيازة على الطاعنين إذا كانت الدعوى قد رفعت على الطاعنين أنفسهم .
(الطعن رقم 4701 لسنة 69 جلسة 2000/10/17 س 51 ع 2 ص 937 ق 178)
4- النص فى الفقرة الأولى من المادة 44 من قانون المرافعات على أن " لا يجوز أن يجمع المدعى فى دعوى الحيازة بينها وبين المطالبة بالحق وإلا سقط ادعاؤه بالحيازة " - يدل على أنه لا يجوز للمدعى أن يجمع بين دعوى الحيازة ودعوى أصل الحق ، وذلك لاعتبارات قدرها المشرع هي استكمال حماية الحيازة لذاتها مجردة عن أصل الحق ، فإذا ما لجأ المدعى إلى رفع الدعوى بأصل الحق حين يقع اعتداء على حيازته ، فان ذلك يعد تسليما بحيازة خصمه ونزولا منه عن الحماية التي قررها له القانون بما يستتبع سقوط الادعاء بالحيازة على مجرد رفع الدعوى بأصل الحق ، كل ذلك ما لم يكن العدوان على الحيازة قد وقع بعد رفع الدعوى بأصل الحق .
(الطعن رقم 4701 لسنة 69 جلسة 2000/10/17 س 51 ع 2 ص 937 ق 178)
5- إذا كان الواقع فى الدعوى فى ضوء ما حصله الحكم المطعون فيه وأقر به المطعون ضدهما فى صحيفة دعواهما أن قطعة الأرض موضوع النزاع من أملاك الدولة الخاصة، وأن أولهما طلب من إدارة الأموال المستردة فى 6/12/1985 أن تبيعه إياها، ثم طلب الاثنان من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي شراءها فى 7/2/1994 فإن دعواهما بطلب منع التعرض لهما فيها تكون حرية بعدم القبول لورودها على مال لا ترد عليه دعاوى الحيازة، وإذ لم يزعم المطعون ضدهما أن حيازتهما انتزعت منهما بالقوة أو بالغصب علنا أو خفية، أو نتيجة غش أو خداع أو تدليس - وهو شرط لازم لقبول دعوى استرداد الحيازة - وإنما قالا إنهما فوجئا بتعرض بعض عمال الشركة الطاعنة لهما فى حيازتهما وتقديم بلاغ ضدهم، فإن طلبهما استرداد الحيازة يكون هو الآخر حريا بعدم القبول، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برد حيازة المطعون ضدهما للأرض موضوع النزاع وبمنع تعرض الطاعنة لهما فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه.
(الطعن رقم 2369 لسنة 68 جلسة 1999/11/30 س 50 ع 2 ص 1184 ق 232)
6- إذ كان الواقع فى الدعوى أن الطاعنين أقاماها بطلب الحكم بمنع تعرض المطعون ضدهم لهما فى الانتفاع بقطعة أرض قالا إنهما يملكانها ويضعان اليد عليها ، وأن هذا التعرض أدى إلى صدور قرار من جهة الإدارة بوقف إجراءات الترخيص بإقامة بناء على تلك الأرض - فإن الفصل فى هذا النزاع لا ينطوى على مساس بأمر إدارى يمتنع على المحاكم إلغاؤه أو تأويله أو وقف تنفيذه لأن البحث فيه يتعلق بالتحقق مما إذا كان هناك تعد من المطعون ضدهم على حيازة الطاعنين بإدعاء حق يتعارض مع حق هذين الأخيرين فى وضع اليد ، ومن ثم فإن النزاع فى حقيقته يخرج عن نطاق الأمر الإدارى سالف البيان لأن التعرض المدعى به لا يستند إلى هذا الأمر وإنما هو الذى أدى إلى صدوره ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى باختصاص محاكم القضاء الإدارى بنظر الدعوى فإنه يكون قد خالف القانون فى مسألة اختصاص متعلق بالولاية.
(الطعن رقم 2639 لسنة 62 جلسة 1999/01/26 س 50 ع 1 ص 126 ق 19)
7- لما كان الثابت من الأوراق - وبما لا خلاف عليه بين الخصوم - أن المطعون عليهما " أولا" تضعان اليد على مساحة معينة فى حدود حصتهما الشائعة المملوكة لهما والتي تقع ضمن مساحة اكبر تمتلك الدولة بدورها حصة شائعة فيها فيكون لهما - بصفتهما هذه - أن يستعينا بدعاوى اليد - ومنها دعوى منع التعرض - فى حماية يدهم لمنع تعرض الطاعن لهما ،ولا يحول بينهما وبين هذه الحماية أن يكون الطاعن بصفته - بدوره - مالكا لحصة على الشيوع فى كامل المساحة يضع اليد عليها مفرزة خصص جزء منها دارا للمسنين ويؤجر باقيها لآخرين لان مرد كل ذلك يخضع لأحكام الملكية الشائعة والقواعد التي وضعها الشارع لتنظيمها والتي تقضى بأن لكل من الشركاء على الشيوع حق ملكية حقيقية فى حصته الشائعة.
(الطعن رقم 891 لسنة 62 جلسة 1998/01/18 س 49 ع 1 ص 114 ق 26)
8- دعوى الطرد للغضب من دعاوى اصل الحق يستهدف بها رافعها ان يحمى حقه فى استعمال الشئ واستغلاله فيسترده ممن يضع اليد عليه بغير حق سواء اكان قد وضع اليد بسبب قانونى ثم زال هذا السبب واستمر واضعاً اليد وهى بذلك تختلف عن دعوى استرداد الحيازة التى يرفعها الحائز حتى ولو لم يكن صاحب حق - الذى كانت له حيازة قائمة وقت الغصب ثم اعتدى على حيازته بغير رضاه فانتزعت منه خفية او بالقوة لما كان ذلك وكانت دعوى الطاعن قد اقيمت بطلب طرد المطعون ضدها باعتباره مالكا للعقار قد استضاف المطعون ضدها فلا تعطيها هذه الاستضافة مهما طال امدها الحق فى البقاء فى العين على خلاف ارادته... وهو ما حصله الحكم المطعون فيه واقام عليه قضاء فى رفضة لثبوت العلاقة الايجارية بين الطرفين، فانه اذ انتهى رغم ذلك الى الغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من طرد المطعون ضدها تأسيساً على مجرد القول بأن العين شغلت بموافقة المالك ومن ثم فقد انتفى الغضب، فانه يكون قد خالف القانون واخطأ فى تطبيقه .
(الطعن رقم 6154 لسنة 62 جلسة 1996/12/16 س 47 ع 2 ص 1576 ق 287)
9- لما كان الحكم الصادر فى الدعوى رقم67لسنة1984مدنى مركز شبين الكوم فى دعوى حيازة أقامها الطاعن الثانى فى الطعن الماثل ضد المطعون عليه الأول وآخر بطلب رد حيازته لمساحة12س و3ط وتسليمها له تأسيسا على غصبهما لها وسلب حيازتها منه وقضى له فيها بطلباته فى حين أن الدعوى المطروحة أقيمت من الطاعنين على المطعون عليهم وآخر بطلب بطلان عقد البيع المؤرخ1982/10/11والمسجل برقم5935لسنة1982شبين الكوم بطلانا نسبيا لوقوع خطأ به فى نسبة وحدات تمليك أطيان النزاع وكان لا حجية للحكم الصادر فى دعاوى وضع اليد فى دعوى النزاع على الملك لاختلاف الدعويين موضوعا وسببا ومن ثم فلا يكون للحكم الصادر فى الدعوى رقم67لسنة1984مدنى مركز شبين الكوم الجزئية ثمة حجية فى الدعوى الماثلة المطعون على حكمها ولا يجوز قوة الأمر المقضى بالنسبة لها.
(الطعن رقم 1197 لسنة 61 جلسة 1996/03/10 س 47 ع 1 ص 439 ق 85)
10- لما كان الثابت أن المطعون ضدهما الأول والثانية قد افتتحا دعواهما بطلب الحكم ضد الطاعن وحدة باسترداد حيازتهما لأرض النزاع من تحت يده وبالتالى فهى من دعاوى الحيازة المعرفة فى القانون أساسها الأصلى الحيازة المادية بشروطها القانون ومرماها حماية هذه الحيازة ولامحل فيها للتعرض لبحث الحق وفحص ما يتمسك به الخصوم من مستندات تتعلق به لأنها لا تتناول غير واقعة الحيازة المادية، فإنها تعد بهذه الثابة دعوى متميزة لها كيانها الخاص ومستقلة كل الاستقلال عن طلب المطعون ضدهما المذكورين بطلان عقد الإيجار الصادر إلى الطاعن من الخصوم المدخلين فى مرحلة لاحقة من مراحل الدعوى إذ يختلف هذا الطلب عن الطلب الأصلى فى موضوعه وفى سببه وفى خصومه ومن ثم لا يجوز تقديمه فى صورة طلب عارض .
(الطعن رقم 1222 لسنة 60 جلسة 1995/01/05 س 46 ع 1 ص 89 ق 20)
11- إذ كان البين من الأوراق أن المطعون ضده قد أقام دعواه بإخلاء الدكان محل النزاع وتسليمه إليه على سند من أنه هو المستأجر له من المؤجر -___ - وأن الطاعن لا سند له فى الاستئثار به وأنه يعد غاضبا، فإن الدعوى على هذه الصورة تكون من الدعاوى المتعلقة بأصل الحق وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون، ولا محل للقول بأن المؤجر وحدة هو صاحب الحق فى إخلاء العين ذلك أنه وإن كان عقد الإيجار الصادر من صاحب الحق فى التأجير ينشئ للمستأجر حقا شخصيا قبل المؤجر إلا أن لهذا الحق الشخصى خاصية تميزه فهو حق فى الانتفاع بالعين المؤجرة ويتصل اتصالا وثيقا بهذه العين، مما يقتضى امتداد أثره إلى الغير الذى يتعرض له فى الانتفاع بها، بما يحق معه للمستأجر الاستناد إلى حقه الناشئ عن ذلك العقد فى مواجهة المغتصب لها لإثبات أحقيته فى الإنتفاع بالعين دونه .
(الطعن رقم 1001 لسنة 55 جلسة 1994/06/30 س 45 ع 2 ص 1136 ق 215)
12- إذ كان الحكم الصادر من محكمة النقض بتاريخ 1988/2/22 فى الطعون أرقام 1587 , 1381 ، 1125 لسنة 57 ق المرفوعة عن الحكم الصادر من المحكمة الاستئناف بتاريخ 1987/3/13قد عرض للقرائن التى استدل بها الحكم الأخير على وجود حيازة للمطعون ضده على حجرات النزاع ووقوع غضب من الطاعنين لها وهى أقوال شهود المطعون ضده فى الشكوى رقم 4014 لسنة 1976 إدارى قصر النيل ، و دعوى سماع الأقوال رقم 4918 لسنة 1979 مستعجل القاهرة وفى التحقيقات التى تمت فى الدعوى رقم 3537 لسنة 1976 مدنى جنوب القاهرة الابتدائية وما ورد بالحكم الصادر فى الدعوى رقم 532 لسنة 1974 مدنى جنوب القاهرة الابتدائية من أن مورث الطاعنين أقر بمحضر الشرطة المؤرخ 1960/12/25أنه يشتغل حجرة بشقة النزاع ، والمخالصة المؤرخة1961/4/17 الصادرة من مالك العقار للمطعون ضده و أورد حكم محكمة النقض أن هذه القرائن بمفردها لا تفيد أن للمطعون ضدة حيازة مادية على حجرات النزاع ووقوع غصب عليها من الطاعنين ولا تؤدى إلى ما استخلصه الحكم منها، ولا تكشف عن فقد حيازة المطعون ضده لها وفقا لما اشترطته المادة 958 من القانون المدنى فيكون الحكم الناقض قد قطع فى مسألة قانونية هى عدم كفاية هذه القرائن على وجود حيازة مادية حالة للمطعون ضده على حجرات النزاع ووقوع غضب لها من الطاعنين ، ويتعين على محكمة الاحالة أن تتبع الحكم الناقض فى هذه المسألة القانونية التى فصلت فيها هذه المحكمة .
(الطعن رقم 2243 لسنة 62 جلسة 1993/06/17 س 44 ع 2 ص 712 ق 254)
13- مؤدى النص فى المادة 44/1 من قانون المرافعات أنه لا يجوز أن يجمع المدعى فى دعوى الحيازة بينها وبين المطالبة بالحق وإلا سقط ادعاؤه بالحيازة إلا أن دعوى الحيازة التى لا يجوز الجمع بينها وبين المطالبة بالحق هى تلك التى ترفع من الحائز على المعتدى نفسه بالنسبة إلى ذات العين المتعدى عليها فلا ينصرف هذا الحظر إلى أى دعوى أخرى يقيمها الحائز على خصم آخر غير المعتدى ولم يكن خلفاً له ولو كانت بالمطالبة الحق .
(الطعن رقم 2652 لسنة 57 جلسة 1992/12/14 س 43 ع 2 ص 1322 ق 270)
14- مفاد نص المادتين575/1، 958 من القانون المدني يدل على أن المشرع وإن كان قد أباح للمستأجر أن يرفع بإسمه على المتعرض جميع دعاوى الحيازة سواء كان تعرض الغير له تعرضاً مادياً أو تعرضاً مبنياً على سبب قانوني إلا أن شرط ذلك أن تكون له حيازة مادية وحالية على العين ومعنى كونها مادية أن تكون يده كحائز متصلة بالعقار إتصالا فعلياً يجعل العقار تحت تصرفه المباشر ومعنى كونها حالية أن يكون هذا الإتصال قائماً حال وقوع الغصب وإذ إنتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض الدعوى على سند من عدم توافر أي حيازة للطاعن فإنه لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
(الطعن رقم 1377 لسنة 51 جلسة 1989/04/17 س 40 ع 2 ص 95 ق 176)
15- لما كانت دعوى الحيازة التى لا يجوز الجمع بينها و بين المطالبة بالحق و إلا سقط الإدعاء بالحيازة طبقاً لنص المادة 44 من قانون المرافعات هى تلك التى ترفع من الحائز على المعتدى نفسه ، و كان المطعون ضده الأول قد قصر طلباته أمام محكمة أول درجة على طلب إسترداد الحيازة ، ثم طلب فى الإستئناف - إحتياطياً وبالنسبة للمؤجر فقط ، الحكم بصحة و نفاذ عقد الإيجار فإنه لا يكون قد جمع بالنسبة لمورث الطاعنين بين دعوى الحيازة وبين الدعوى بالحق .
(الطعن رقم 1516 لسنة 51 جلسة 1989/02/14 س 40 ع 1 ص 470 ق 86)
16- المنتفع و إن جاز له فى القانون أن يحمى حيازته لحق الإنتفاع بدعاوى الحيازة ، إلا أنه يتعين أن يثبت بداءة أن العقار المطلوب دفع العدوان عن حيازته مثقل بحق عينى أكتسبه رافع الدعوى بسبب من الأسباب المقررة بالمادة 985 من القانون المدنى لأكتساب حق الإنتفاع ، لما كان ذلك و كان البين من الأوراق و مدونات الحكم المطعون فيه أن الأرض محل التداعى من أملاك الدولة الخاصة التى تزرع خفية و أثبت الخبير فى تقريره أن الطاعن ليس إلا مجرد واضع يد عليها و قيد أسمه بسجلات مصلحة الأملاك بإعتباره مستغلا للأرض بطريق الخفية ، و كان الطاعن لم يقدم إلى محكمة الموضوع ثمة دليل يفيد حصول تصرف من الحكومة فى أرضها أكتسب بمقتضاه حقاً عينياً بالإنتفاع ، فإنه لا يكون صحيحاً ما يثيره فى النعى من الإدعاء بحيازتها على سند من قيام هذا الحق .
(الطعن رقم 452 لسنة 54 جلسة 1987/11/26 س 38 ع 2 ص 1007 ق 213)
17- النص فى الفقرة الأولى من المادة 958 من القانون المدنى على أن " لحائز العقار إذا فقد الحيازة أن يطلب خلال السنة التالية لفقدها ردها إليه ... " يدل على أن فوات هذه المدة دون رفع الدعوى يؤدى إلى إنقضاء الحق فيها ، و بالتالى فهى مدة تقادم خاص و ينقطع بالمطالبة القضائية عملاً بالمادة 383 من القانون المدنى ، وإذ تقضى المادة 63 من قانون المرافعات بأن ترفع الدعوى بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك ، وكانت المادة 958 من القانون المدنى المشار إليها لم ترسم طريقاً معيناً لرفع الدعوى بإسترداد الحيازة فإنها تعتبر مرفوعة من تاريخ إيداع صحيفتها .
(الطعن رقم 1312 لسنة 52 جلسة 1987/02/12 س 38 ع 1 ص 238 ق 55)
18- دعوى إسترداد الحيازة . وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة تقوم قانوناً على رد الإعتداد غير المشروع دون نظر إلى صفة واضع اليد ، فلا يشترط توافر نية التملك عنده ، ويكفى لقبولها أن يكون لرافعها حيازة مادية حالة تجعل يد الحائز متصلة بالعقار إتصالاً فعلياً قائماً فى حالة وقوع الغصب ، والعبره فى ثبوت هذه الحيازة وهى واقعة مادية - بما يثبت قيامه فعلاً و لو خالف الثابت بمستندات .
(الطعن رقم 1312 لسنة 52 جلسة 1987/02/12 س 38 ع 1 ص 238 ق 55)
19- أوجبت المادتان 958 ، 961 من القانون المدنى أن ترفع دعوى إسترداد الحيازة و دعوى منع التعرض خلال السنة التالية لفقدها أو من وقوع التعرض وهى مدة سقوط يجب أن ترفع الدعوى خلالها وكانت الدعوى تعتبر مرفوعة بإيداع صحيفتها قلم الكتاب طبقاً لنص المادة 63 من قانون المرافعات و كان الثابت فى الدعوى أن المطعون ضده أقام دعواه بمنع التعرض بصحيفة قدمها لقلم الكتاب فى 1978/6/1 لمنع التعرض الحاصل بتاريخ 1978/4/12 فإن الدعوى تكون قد أقيمت فى الميعاد ولا يغير من ذلك تعديل المطعون ضده لطلباته الحاصل فى 1979/12/4 إلى طلب الحكم بإسترداد حيازته ذلك أن التاريخ الأخير لا يعتبر رفعاً لدعوى جديدة وأن رفع الدعوى بمنع التعرض فى الميعاد وتكييف المحكمة لها أنها دعوى بإسترداد الحيازة أوطلب الحائز الحكم بإعتبارها كذلك لا يؤثر على تاريخ رفعها أياً كان تاريخ تعديل الطالب.
(الطعن رقم 2095 لسنة 50 جلسة 1985/01/06 س 36 ع 1 ص 77 ق 20)
20- أوجبت المادتان 958 ، 961 من القانون المدنى أن ترفع دعوى إسترداد الحيازة ودعوى منع التعرض خلال السنة التالية لفقدها أو من وقوع التعرض وهى مدة سقوط يجب أن ترفع الدعوى خلالها وكانت الدعوى تعتبر مرفوعة بإيداع صحيفتها قلم الكتاب طبقاً لنص المادة 63 من قانون المرافعات و كان الثابت فى الدعوى أن المطعون ضده أقام دعواه بمنع التعرض بصحيفة قدمها لقلم الكتاب فى 1978/6/1 لمنع التعرض الحاصل بتاريخ 1978/4/12 فإن الدعوى تكون قد أقيمت فى الميعاد ولا يغير من ذلك تعديل المطعون ضده لطلباته الحاصل فى 1979/12/4 إلى طلب الحكم بإسترداد حيازته ذلك أن التاريخ الأخير لا يعتبر رفعاً لدعوى جديدة وأن رفع الدعوى بمنع التعرض فى الميعاد وتكييف المحكمة لها أنها دعوى بإسترداد الحيازة أو طلب الحائز الحكم بإعتبارها كذلك لا يؤثر على تاريخ رفعها أياً كان تاريخ تعديل الطالب.
(الطعن رقم 2095 لسنة 50 جلسة 1985/01/06 س36 ع 1 ص 77 ق 20)
21- النص فى المادة 958 من القانون المدنى على أن " لحائز العقار إذا فقد الحيازة أن يطلب خلال السنة التالية لفقدها ردها إليه ، فإذا كان فقد الحيازة خفية بدأ سريان السنة من وقت أن ينكشف ذلك و يجوز أيضاً أن يسترد الحيازة من كان حائزاً بالنيابة عن غيره " يدل على أن دعوى إسترداد الحيازة إنما شرعت لحماية الحائز من أعمال الغصب ومن ثم كان قبولها رهناً بأن يكون لرافعها حيازة مادية خالية ومعنى كونها مادية أن تكون يد الحائز متصلة بالعقار إتصالاً فعلياً يجعل العقار تحت تصرفه المباشر ومعنى كونها حالية أن يكون هذا الإتصال قائماً حال وقوع الغصب ولا يشترط أن تكون هذه الحيازة مقرونة بنية التملك فيكفى لقبولها أن تكون لرافعها حيازة فعلية ومن ثم يجوز رفعها من المستأجر مباشرة ودون حاجة لإختصام المؤجر .
(الطعن رقم 2 لسنة 49 جلسة 1984/04/09 س 35 ع 1 ص 943 ق 178)
22- قاضى الدعوى ملزم فى كل حال بإعطاء الدعوى وصفها الحق و إسباغ التكييف القانونى الصحيح عليها ، دون تقيد بتكييف الخصوم لها فى حدود سبب الدعوى والعبرة من التكييف هو بحقيقة المقصود من الطلبات فيها ، لا بالألفاظ التى صيغت فيها هذه الطلبات . ولما كان المطعون عليه الأول قد أقام دعواه على أنه مستأجر للعين موضوع النزاع منذ سنة 1955 ، وأن الشركة الطاعنة قد إستولت عليها بغير حق فى يونية سنة 1963 ثم قامت بتسليمها للشركة الأخرى ، وطلب الحكم بإلزامها فى مواجهة المطعون عليه الرابع بصفته مالك العين المؤجرة بتمكينه من العين وتسليمها له ، فإن حقيقة ما ينشده بدعواه هو رد حيازتها إليه ، ويكون التكييف القانونى الصحيح لهذه الدعوى - وفقاً لحقيقة المقصود من الطلبات المقدمة بها ، لا بالألفاظ التى صيغت فيها هذه الطلبات - هو أنها دعوى إسترداد حيازة . ولا وجه للقول بأنها تستند إلى الحق لا إلى الحيازة ، لأن محل ذلك أن يكون رافع الدعوى مرتبطاً مع المدعى عليه فيها بعقد ، ويكون إنتزاع الحيازة داخلاً فى نطاق هذا العقد . ولما كان المطعون عليه الأول لا يرتبط بالطاعنين بأى عقد ، وقد وجه إليهما - فى مواجهة المطعون عليه الرابع بصفته - طلب التمكين والتسليم وكف المنازعة ، فإن تكييف الحكم المطعون فيه هذا الطلب بأنه دعوى تمكين موضوعية تختلف عن دعاوى الحيازة يكون غير سديد .
(الطعن رقم 25 لسنة 50 جلسة 1981/01/01 س 32 ع 1 ص 89 ق 20)
23- المحكمة الإبتدائية تختص بالحكم إبتدائياً فى جميع الدعاوى المدنية و التجارية التى ليست من إختصاص محكمة المواد الجزئية ، ويكون حكمها إنتهائياً إذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز مائتين وخمسين جنيهاً على ما تقضى به المادة 47 من قانون المرافعات ، وتختص محكمة الإستئناف بالحكم فى قضايا الإستئناف التى ترفع إليها عن الأحكام الصادرة إبتدائياً من المحاكم الإبتدائية إتباعاً لحكم المادة 48 منه ، وأن تقدير قيمة الدعوى فيما يتعلق بنصاب الإستئناف يكون وفقاً لأحكام المواد من 36 إلى 41 على ما تقضى به المادة 223 منه ، إلا أنه لما كانت دعاوى الحيازة تقدر قيمتها بقيمة الحق الذى ترد عليه الحيازة عملاً بنص الفقرة الرابعة من المادة 37 من ذلك القانون ، وكان الحق مثار النزاع هو حق المطعون عليه فى الإنتفاع بالعين المؤجرة إليه ، وكان القانون رقم 52 لسنة 1961 الذى يحكم واقعة النزاع قد أضفى على عقود إيجار الأماكن التى تخضع لحكمه إمتداداً قانونياً غير محدود المدة مما تعتبر معه قيمة عقد الإيجار ، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة غير قابلة للتقدير ومن ثم و عملاً بنص المادة 41 مرافعات تعتبر قيمتها زائدة على مائتين وخمسين جنيهاً ، فإن الحكم الصادر فى الدعوى الماثلة يكون مما يجوز إستئنافه أمام محكمة الإستئناف .
(الطعن رقم 624 لسنة 47 جلسة 1980/04/26 س 31 ع 1 ص 1243 ق 236)
24- وإن كانت محكمة الموضوع غير مقيدة بالتكييف الذى يسبغه المدعى على داعوه ، إلا أنه يجب عليها إعطاء الدعوى وصفها الحق و تكييفها القانونى الصحيح وإذ كان عقد البيع و لو لم يكن مشهراً ينقل إلى المشترى الحيازة القانونية للعين المبيعة والدعاوى المرتبطة بها ، وكان الواقع أن الطاعن أقام الدعوى بطلب طرد المطعون عليه من المنزل موضوع النزاع و تسليمه له تأسيساً على أنه إشتراه بعقد عرفى وأن المطعون عليه يضع اليد على المنزل دون سند قانونى ، فإن التكييف القانونى السليم للواقعة هو أنها دعوى بطرد الغاصب للمنزل وتسليمه لصاحب الحيازة القانونية له ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا التكييف ووصف الدعوى بأنها دعوى إستحقاق المنزل ، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون . وإذ أدى هذا الخطأ إلى حجب محكمة الإستئناف نفسها عن تحقيق سند حيازة المطعون عليه للمنزل وأحقية الطاعن فى طلب طرده منه ، فإن حكمها يكون كذلك مشوباً بالقصور .
(الطعن رقم 443 لسنة 46 جلسة 1980/04/22 س 31 ع 1 ص 1178 ق 226)
25- يشترط لقبول دعوى منع التعرض أن يكون المدعى عليه قد تعرض للمدعى فى وضع يده ، و لا يعتبر تسليم العين المتنازع عليها تنفيذاً للحكم الصادر بذلك ضد واضع اليد تعرضاً له . و لما كان الحكم المطعون فيه قد إستند فى قضائه برفض دعوى منع التعرض المقامة من الطاعن الأول إلى أن تنفيذ الحكم الصادر ضده فى الدعويين رقمى ... ... لا يعد تعرضاً لهذا الطاعن فى وضع يده ، فإن الحكم لا يكون بذلك قد بنى على أسباب متعلقة بأصل الحق و إنما نفى عن الدعوى توافر أحد شروط قبولها .
(الطعن رقم 593 لسنة 46 جلسة 1979/11/27 س 30 ع 3 ص 75 ق 352)
26- إذ كان الطاعن قد أسس دعواه - بطلب طرد واضع اليد على العقار مشتراه - على عقدى البيع العرفيين الصادرين له و كان عقد البيع - و لو لم يكن مشهرا - ينقل إلى المشترى جميع الحقوق المتعلقة بالمبيع و الدعاوى المرتبطة به بما فى ذلك طلب تسليم العين المبيعة وطرد الغاصب منها إستنادا إلى أن العقد العرفى يمنح المشترى الحق فى استلام المبيع لأنه من الآثار التى تنشأ عن عقد البيع الصحيح . وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بقضائه برفض الدعوى تأسيسا على أن الطاعن لم يكتسب ملكية المنزل محل النزاع لعدم شهر عقدى شرائه فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 445 لسنة 46 جلسة 1979/05/28 س 30 ع 2 ص 461 ق 269)
27- إذ كان البين من الصورة الرسمية لكل من الحكم المطعون فيه و صحيفة إفتتاح الدعوى و مذكرة الطاعن لمحكمة الإستئناف أن الطاعن أقام الدعوى بطلب طرد المطعون عليه من المنزل محل النزاع و تسليمه إليه إستناداً إلى ملكيتة له فدفعها المطعون عليه بأنه هو المالك للمنزل بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية ، فإن الدعوى على هذه الصورة تكون دعوى ملكية ولا تغير من طبيعتها أن المدعى لم يطلب فيها الحكم بالملك إذ أن طلبه الحكم بطرد المدعى عليه منتزع من حقه فى الملك لا من حقه فى الحيازة التى لم يتعرض لطلب حمايتها .
(الطعن رقم 447 لسنة 46 جلسة 1979/04/26 س 30 ع 2 ص 202 ق 222)
28- إذا تعددت أعمال التعرض و تباعدت و إستقل بعضها عن بعض أو صدرت عن أشخاص مختلفين فكل عمل من هذه الأعمال يعتبر تعرضاً قائماً بذاته وتتعدد فيها دعاوى منع التعرض بتعدد هذه الأعمال أو الأشخاص الصادرة عنهم ، وتحتسب مدة السنة بالنسبة لكل دعوى من تاريخ وقوع التعرض الذى أنشأ هذه الدعوى ، لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه صدرت عن المطعون ضدها الأولى أعمال تعرض لحيازه الطاعن تتابعت بتقديم الشكوى رقم 1751 لسنة 1970 إدارى الخليفة ، وإقامه الدعوى رقم 2768 لسنة 1970 مستعجل القاهرة ،وقد إنتهت هذه الأعمال بصدور حكم إستئناف فى 1970/5/31 بعدم إختصاص القضاء المستعجل بنظر الدعوى ، ثم عادت المطعون ضدها الأولى بعد قرابة عام وقدمت شكوى إلى المطعون ضدهما الثانى والثالث اللذين قاما بإجراء تصحيح فى 1971/5/18 وذلك بالتأشير على هامش عقد شراء الطاعن لعقار النزاع بما يفيد أن حقيقة مساحته هى 225 متراً مربعاً وليست 265.5 متراً مربعاً وكان هذا الإجراء يتضمن إعتداء جديداً على حيازة الطاعن فيما لو ثبت توافر شروطها - وينشى له حقاً رفع دعوى منع تعرض مختلفه عن تلك التى نشأت عن الأعمال السابقه ويبدأ إحتساب مدة السنة المقررة لرفعها من تاريخ حدوث هذا التعرض الجديد فى 1971/5/18 . و إذ أقام الطاعن دعواه بمنع التعرض فى غضون شهر فبراير 1972 فانه اقامها الطاعن من دعواه بمنع التعرض فى غضون شهر فبراير سنة 1972 فإنه يكون أقامها فى الميعاد القانونى .
(الطعن رقم 117 لسنة 46 جلسة 1979/04/16 س 30 ع 2 ص 131 ق 209)
29- الحكم الصادر فى دعوى منع التعرض لا يحوز قوة الأمر المقضى فى دعوى الملك لإختلاف الموضوع فى الدعويين ، لا يغير من ذلك ما يقوله الطاعنون من أن الحكم بمنع تعرض مصلحة الأملاك لهم فى أرض النزاع قد أقام قضاءه على أساس أن هذه الأرض من الأموال الخاصة المملوكة للدولة وأن مورثهم وهم من بعده وضعوا اليد عليها مدة تزيد على الخمسين عاما قبل العمل بالقانون رقم 147 لسنة 1957 الذى ينص على عدم جواز تملك أملاك الدولة الخاصة أو كسب حق عينى عليها بالتقادم ذلك أن هذا القول من الحكم لم يكن للفصل فى أصل الحق و إنما للبحث فى توافر الحيازة بشروطها القانونية أوعدم توافرها ، لأن قاضى الحيازة ممنوع من التعرض للملكية و من بناء حكمه على أساس ثبوتها أو نفيها ، وكل ما يقرره فى شأنها لا يحوز أية حجية لدى المحكمة التى يعرض عليها النزاع فى أصل الحق ومن ثم لا تتقيد به تلك المحكمة .
(الطعن رقم 750 لسنة 43 جلسة 1978/01/03 س 29 ع 1 ص 66 ق 20)
30- مفاد نص المادة 958 من القانون المدنى أن دعوى إسترداد الحيازة إنما شرعت لحماية الحائز من أعمال الغصب ، ومن ثم كان قبولها رهناً بأن يكون لرافعها حيازة مادية حالية ، ومعنى كونها مادية أن تكون يد الحائز متصلة بالعقار إتصالاً فعلياً يجعل العقار تحت تصرفه المباشر ،ومعنى كونها حالية أن يكون هذا الإتصال قائماً حال وقوع الغضب ، ويشترط أن تكون هذه الحيازة بنية التملك ، ويكفى لقبولها أن يكون لرافعها حيازة فعلية ، ومن ثم يجوز رفعها من المستأجر ، والمراد بالقوة المستعملة لسلب الحيازة كل فعل يؤدى إلى منع الحيازة الواقعية لا فرق فى ذلك بين القوة المادية أو المعنوية ، فيجوز أن يبنى الإغتصاب على أساليب الغش والتداليس والخداع وغيرها من المؤثرات المعنوية ، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه إستظهر أن الحيازة المادية والحالية كانت خالصة للمطعون عليها الأولى دون المطعون عليه الثانى إبنها الذى كانت إقامته موقوتة مبنية على عمل من أعمال التسلح الذى لا يكسب صاحبه حقاً يعارض صاحب الحيازة ، وأن حالة الغش مستفادة من عدم وجود تفويض من المطعون عليها الأولى له بالتنازل عن الشقة موضوع النزاع بعد إستقلالها بها خلفاً لزوجها المستأجر السابق ، وكان إستخلاص الحكم توافر عناصر الغش هو إستخلاص سائغ مارسته محكمة الموضوع فى حدود سلتطها التقديرية ، ورتب الحكم على ذلك توافر شروط دعوى إسترداد الحيازة فإن ذلك لاينطوى على خطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 711 لسنة 42 جلسة 1976/05/05 س 27 ع 1 ص 1063 ق 204)
31- الإلتجاء إلى دعوى العقد لا إلى الحيازة محله أن يكون رافع الدعوى مرتبطاً مع المدعى عليه فيها بعقد و يكون إنتزاع الحيازة داخلاً فى نطاق هذا العقد ، و إذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه الأخير المستأجر الذى إنتقلت إليه من الطاعنين المالكين حيازة الشقة المغتصبة لا تربط بالمطعون عليها الأولىخلف المستأجر السابق التى سلبت حيازتها أى علاقة تعاقدية فإنه يجوز لها من ثم اللجوء إلى دعوى الحيازة .
(الطعن رقم 711 لسنة 42 جلسة 1976/05/05 س 27 ع 1 ص 1063 ق 204)
32- متى كانت المطعون ضدها الأولى قد طلبت الحكم بالتعويض الذي قدرته فى الصحيفة وما يستجد ابتداء من أول نوفمبر سنة 1965 لحين إزالة التعرض ، وكان يبين من الرجوع إلى تقرير الخبير أنه أثبت حصول تعرض المطعون ضده الثاني للعين المؤجرة محل النزاع ، وذلك فى كل المرات التي انتقل فيها للمعاينة ، كما يبين من الرجوع إلى محاضر أعمال هذا الخبير أن وكيل الشركة الطاعنة قرر أن الشركة أنذرت المطعون ضده الثاني بفسخ عقد الإيجار المبرم بينهما إن لم يكف عن التعرض للمطعون ضدها الأولى فى العين المؤجرة إليها من نفس الشركة والمجاورة للعين المؤجرة للمطعون ضده الثاني فإن ما قرره الحكم المطعون فيه من أن تعرض المطعون ضده المذكور لم يزل قائماً استناداً إلى تقرير الخبير ومحاضر أعماله لا يكون قد خالف الثابت فى الأوراق ولا يعيب الحكم - وقد قضى بالتعويض المستحق حتى نهاية شهر فبراير سنة 1970 السابق على صدوره - أنه لم يبين سنده فى استمرار التعرض حتى ذلك التاريخ، ذلك أنه متى ثبت حصول التعرض المادي، فإنه يفترض استمراره إلى أن يقوم الدليل على زواله .
(الطعن رقم 454 لسنة 40 جلسة 1975/02/19 س 26 ع 1 ص 440 ق 90)
33- النص فى المادة 48/1 من قانون المرافعات السابق على أنه "لا يجوز أن يجمع المدعي فى دعوى الحيازة بينها وبين المطالبة بالحق وإلا سقط ادعاؤه بالحيازة" يدل على أنه لا يجوز للمدعى أن يجمع بين دعوى الحيازة ودعوى أصل الحق ، يستوي فى ذلك أن يطالب فى دعوى الحيازة ذاتها بموضوع الحق أو أن يرفع دعوى الحيازة مستقلة عن دعوى الملكية ، وذلك لإعتبارات قدرها المشرع هي استكمال حماية الحيازة لذاتها مجردة عن أصل الحق ، ويبقى هذا المنع قائماً ما دامت دعوى الحيازة منظورة وإلا سقط حق المدعي فى الإدعاء بالحيازة . لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أنه كان يتعذر على الشركة المطعون عليها الثانية (المدعية فى دعوى الحيازة) أن ترفع دعوى الملكية طوال المدة التي نظرت فيها دعوى الحيازة بسبب عدم جواز الجمع بين الدعويين مما يعتبر مانعاً يوقف سريان التقادم المكسب للملكية ، عملاً بحكم المادة 382/1 من القانون المدني ، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون .
(الطعن رقم 463 لسنة 38 جلسة 1974/11/05 س 25 ع 1 ص 1185 ق 199)
34- الدفع بعدم قبول الدعوى بالحق من المدعى عليه فى دعوى الحيازة قبل الفصل فى دعوى الحيازة وتنفيذ الحكم الذى يصدر فيها ، أوتخليه عن الحيازة لخصمه من تلقاء نفسه، هو فى حقيقته دفع موضوعى ، وبالقضاء به تكون محكمة الدرجة الأولى قد استنفذت ولايتها فى الفصل فى موضوع الدعوى ، ويطرح الإستئناف المرفوع عن هذا الحكم الدعوى بما احتوته من طلبات وأوجه دفاع على محكمة الإستئناف التى لا يجوز لها إذا ما ألغت الحكم المستأنف وقبلت الدعوى أن تعيدها لمحكمة الدرجة الأولى لنظر موضوعها .
(الطعن رقم 485 لسنة 36 جلسة 1971/04/22 س 22 ع 2 ص 553 ق 87)
35- مناط عدم جواز الطعن بالنقض فىالأحكام الصادرة من محاكم الإستئناف فى دعاوى الحيازة وفقا للفقرة الأخيرة من المادة الخامسة من القانون رقم 56 لسنة 1959 قبل تعديله بالقانون رقم 74 لسنة1963 هو أن تكون الدعوى التى صدر فيها الحكم محل الطعن من دعاوى الحيازة التى كان القاضى الجزئى يختص بنظرها طبقا للفقرة "أ" من المادة 47 من قانون المرافعات السابق ، فإذا لم تكن الدعوى فى حقيقتها من تلك الدعاوى فإن قضاء محكمة الإستئناف فى إستئناف الحكم الصادر فيها لا يرد عليه الحظر من الطعن الوارد فى المادة الخامسة سالفة البيان .
(الطعن رقم 138 لسنة 36 جلسة 1970/06/09 س 21 ع 2 ص 1008 ق 161)
36- الفيصل فى جواز الطعن أو عدم جوازه - فى الأحكام الصادرة فى دعاوى الحيازة - إنما يتوقف على التكييف الصحيح للدعوى التى صدر فيها الحكم المطعون فيه ولمحكمة النقض فى سبيل الفصل فى هذه المسألة الأولية أن تراقب محكمة الإستئناف فى تكييفها للدعوى ، وأن تعطيها ما ترى أنه وصفها الحق و تكييفها القانونى الصحيح ، غير متقيده فى ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بالوصف الذى اسبغته عليها محكمة الإستئناف ، إذ أن الأخذ بهذا التكييف على علته قد يؤدى إلى حرمان المحكوم عليه من حقه فى الطعن بالنقض فى حالة خطأ محكمة الإستئناف فى تكيف الدعوى واعتبارها من دعاوى الحيازة .
(الطعن رقم 138 لسنة 36 جلسة 1970/06/09 س 21 ع 2 ص 1008 ق 161)
37- الاعتراض على تنفيذ القرار الصادر من وزارة الإصلاح الزراعى بالإستيلاء على القدر الزائد عن المسموح بتملكه قانوناً - لا يصلح أساسا لرفع دعوى حيازة لمنع تنفيذه ، وذلك لما يترتب حتما على الحكم فى هذه الدعوى لمصلحة رافعها من تعطيل هذا الأمر ووقف تنفيذه ، وهو ما يمنع على المحاكم بنص المادة 15 من القانون رقم 56 لسنة 1959 والمادة 16 من القانون رقم 43 لسنة 1965 فى شأن السلطة القضائية
(الطعن رقم 138 لسنة 36 جلسة 1970/06/09 س 21 ع 2 ص 1008 ق 161)
38- مفاد نص المادة 13 مكرراً من قانون الإصلاح الزراعى رقم 178 لسنة 1952 المضافة بالقانون رقم 131 لسنة 1953 والمعدلة بالقانونين 225 لسنة 1953 و245 لسنة 1955 أنه لا يكون لمن يدعى أن تعرضا وقع عليه من جراء تنفيذ أمر الإستيلاء أن يلجأ إلى جهة القضاء العادى أوالإدارى لوقف تنفيذ هذه القرار ، وله أن يلجأ إلى اللجنة القضائية المنصوص عليها فى المادة 13 مكرراً سالفة البيان للفصل فى طلب ملكية العقار أن كان لذلك وجه . لما كان ذلك ، و كانت دعوى المطعون عليهم تهدف إلى منع تنفيذ وزارة الإصلاح الزراعى ، فإن الدعوى - بمنع التعرض - تخرج قطعا من ولاية المحاكم ، ولا تكون من دعاوى الحيازة التى يختص بنظرها القاضى الجزئى طبقا للمادة 1/47 من قانون المرافعات السابق
(الطعن رقم 138 لسنة 36 جلسة 1970/06/09 س 21 ع 2 ص 1008 ق 161)
لكل حق دعوى تحميه وتستقل دعوى الحيازة عن دعوی حق الملكية فلكل منهما نطاقه وموضوعه إذ تتصرف دعوى الحيازة إلى حماية الحائز من سلب حيازته أو التعرض له فيها وبالتالي تنحصر حجية الحكم الصادر فيها في هذا النطاق فإن كان حكماً موضوعياً كان وقتياً لا يمتد إلى الحق محل تلك الحيازة فيبقى هذا الحق ليتناضل فيه الأطراف بعد ذلك في دعوى الحق التي لا - يجوز دفعها بالحكم الصادر في دعوى الحيازة إذ لم يتصد الحكم الأخير إلا للشروط اللازمة للفصل في دعوى الحيازة سواء تعلقت بالاسترداد أو منع التعرض أو وقف الأعمال.
فلمن نزع عقاره أن يرفع دعوى باسترداد الحيازة وعليه - کمدعي - الاستمرار فيها حتى يصدر حكم بشأنها كما له أن يرفع دعوى الملكية أن كان مالكاً وهي دعوى الاستحقاق على أنه لا يجوز له وفقاً للمادة 44 مرافعات الجمع بين الدعويين .
كذلك لا يجوز للمدعى عليه في دعوى الحيازة أن يجمع بين الدعويين فيجب أن ينحصر دفاعه في الحيازة فيدفع بعدم ثبوت شروطها أو أنها غير ثابتة للمدعي أما أن دفع دعوى الحيازة بدفع يؤدي إلى الجمع بينها وبين الحق كأن يدفع بأنه المالك فأن هذا الدفع لا يكون مقبولاً كما لا يستطيع رفع دعوى الملكية إلا بعد الحكم نهائياً في دعوى الحيازة وقيامه بتنفيذ هذا الحكم وإلا كانت دعواه غير مقبولة لكن له التخلي عن الحيازة بعد رفع الدعوى ومن ثم يتعين قبولها.
ولا ينحصر الحظر في المدعي والمدعى عليه وانما يمتد الى المحكمة التي تنظر دعوى الحيازة وبالتالي يمتنع عليها أن تقيم قضاءها في تلك الدعوى على سند من ثبوت الحق أو نفيه لأنها في هذه الحالة تكون قد فصلت في دعوى الحيازة على أساس الحق وهو ما يتحقق به الجمع بين دعوى الحق ودعوى الحيازة إذ يجب عليها أن تفصل في دعوى الحيازة على سند من الشروط التي تطلبها القانون لقبولها فلا تقيم قضاءها فيها إستناداً إلى الحق في العقار محل هذه الحيازة فقد تكون مستندات الملكية واضحة وجليه ومع ذلك تتوافر شروط الحيازة بالنسبة للخصم الآخر فيقضي لصالحه في دعوى الحيازة.
وثار الخلف في قضاء النقض بصدد طبيعة السنة الواجب أن يرفع الحائز دعوى الحيازة خلالها فذهب حكم إلى اعتبارها میعاد سقوط بينما ذهب حکم آخر الى أنه لا وجه في العمل للتفرقة بين مواعيد السقوط و مدد التقادم المسقط إلا أنه لما كانت مدد التقادم أو مواعيد السقوط لا يسري عليها كلها أحكام واحدة.
ورفع دعوى الحيازة خلال سنة من فقدها شرط لتوافر شرط إستمرار الحيازة بحيث إذا انقضت سنة فإن مدة الحيازة السابقة على سلبها لا تحتسب عند إحتساب مدة التقادم المكسب.
الحالات التي يجوز فيها اللجوء لدعاوى الحيازة :
1 - الحائز العرضي :
وبالتالي لا يجوز للحائز العرضي إلا اللجوء لدعوى إسترداد الحيازة عملاً بنص المادة 958 من القانون المدني الذي يدل على أن دعوى إسترداد الحيازة إنما شرعت لحماية الحائز أياً كان وصف حيازته سواء كانت عرضية أو أصيلة ولم يتطلب النص لقبولها إلا أن يكون لرافعها حيازة مادية أي أن يكون له وضع يد متصل بالعقار اتصالاً فعلياً يجعل العقار تحت تصرفه المباشر وأن تكون هذه الحيازة حالية أي يتوافر وضع اليد وقت وقوع الغصب.
2 - الشريك في الشيوع :
إذ ملك إثنان أو أكثر عقاراً غير مفرزة حصة كل منهم فيه فهم شركاء على الشيوع فإن كان العقار مملوكاً لشخص واحد كانت ملكيته له مفرزة وسواء كانت ملكية العقار شائعة أو مفرزة فأن الحيازة ترد عليه فيكون الشريك في الشيوع حائزاً لحصته سواء كان المال الشائع تحت يد أحد الشركاء بصفته مديراً للشيوع أو تحت يد مستأجر له وبالتالي يجوز للشريك أن يحمي حيازته بجميع دعاوي الحيازة سواء ضد باقي الشركاء أو ضد الغير إذ لا يلزم أن يكون الشريك واضعة اليد على حصته لقبول دعواه فإن كان واضعة اليد جاز له كذلك حماية حيازته بدعاوي الحيازة ضد باقي الشركاء أو ضد الغير.
3 - صاحب حق الانتفاع :
حق الانتفاع من الحقوق العينية العقارية المتفرعة عن حق الملكية ويكتسب بتصرف قانوني أو بالشفعة أو بالتقادم عملاً بالمادة 958 من القانون المدني فإن كان المدعي في دعوى الحيازة يستند إلى حيازته للعقار محل حق الانتفاع بموجب تصرف قانوني سواء كان مشهرة أو غير مشهر أو يستند إلى وضع اليد بنية التملك قبل إكتمال مدة التقادم المكسب لهذا الحق كانت دعواه مقبولة إذ يجوز له إسترداد حيازته ومنع تعرض الغير له فيها ووقف الأعمال الجديدة التي يباشرها الغير ويجوز له كل ذلك إذا تسلم العقار المشفوع فيه حتى ولو لم يكن حكم الشفعة قد أشهر إذ يكون هذا الحكم بمثابة عقد بيع غير مشهر وهو يجيز للمشتري الذي تسلم العقار المبيع اللجوء لتلك الدعاوي ليحمي بها حيازته ضد غير البائع له.
فإن كان واضع اليد على العقار لم يصدر له من مالكه تصرف قانوني يجيز له الانتفاع به ومع ذلك توافر لديه العنصر المعنوي للحيازة وكان حق الانتفاع مما يجوز تملكه بالتقادم جاز له اللجوء لجميع دعاوي الحيازة سواء بالنسبة للمالك أو غيره أما إن كان حق الانتفاع لا يجوز تملكه بالتقادم كحق الانتفاع الوارد على أملاك الدولة الخاصة فإن واضع اليد عليها لا يستطيع أن يحمي حيازته للعقار أما تلك الجهة فإنها تلجأ لإسترداد ملكها من المغتصب إلى القرار الإداري الذي تقوم بتنفيذه بالطريق المباشر ويخرج عن ولاية القضاء العادي الذي لايجوز له التصدي لهذا القرار بالإلغاء أو التأويل إلا في حالة واحدة عند إنعدام القرار الإداري وهو مالاً يتوافر بالنسبة للقرار بطرد الغاصب من العقار المملوك للدولة سواء كانت ملكيتها له خاصة أو عامة وذلك عملاً بالمادتين 87، 970 من القانون المدني وراجع فيما يلي الحالات التي لا يجوز اللجوء بصددها لدعاوي الحيازة.
4 - صاحب حق الارتفاق :
الارتفاق حق يحد من منفعة عقار لفائدة عقار غيره يملکه شخص آخر، ويكتسب بتصرف قانوني أو بالميراث أو بالتقادم ولصاحب هذا الحق حمايته بدعوى منع التعرض أو بدعوى وقف الأعمال الجديدة فإن كان الارتفاق بالمطل أو بعدم البناء، جاز لصاحب حق الارتفاق أن يرفع دعوى بمنع جاره من إتمام الأعمال التي يترتب عليها المساس بحقه فاذا تمت الاعمال وأدت التي تعطيل حق الارتفاق جاز لصاحبه اللجوء لدعوى منع التعرض له في حيازته لحق الارتفاق وحينئذ تتسع ولاية قاضي الحيازة لإزالة الأعمال المخالفة. .
5 - مالك الرقبة :
إذا كانت ملكية الرقبة لشخص وملكية حق الإنتفاع لشخص آخر فإن حيازة الرقبة تكون لمالكها وينوب عنه فيها مالك حق الانتفاع الذي يحوز بدوره الحق الاخير.
فإذا قام مالك حق الإنتفاع بالتعدي على حيازة حق الرقبة سواء بهدم أو تعديل أو بناء جاز لمالك الرقبة اللجوء لدعوى منع التعرض في حالة الهدم أو التعديل ولدعوى وقف الأعمال الجديدة في حالة البناء لمساس ذلك بحيازته لحق الرقبة.
ولجوء مالك الرقبة لدعوى الحيازة يفترض معه عدم وجود عقد بينه وبين صاحب حق الإنتفاع كما لو كان مالك العقار تصرف في الرقبة لشخص وفي حق الانتفاع لشخص أخر أما إن أبقى لنفسه الرقبة وتصرف في حق الانتفاع فلا يجوز لأي منهما اللجوء لدعوى الحيازة وإنما لدعوى العقد.
6- حائز العقار :
أوضحنا فيما تقدم أن لحائز العقار أن يلجأ لدعاوي الحيازة سواء كانت حيازته أصيلة أم عرضية عدا الحائز الذي تتخذ ضده إجراءات التنفيذ العقاري.
7- المشتري بعقد غير مسجل :
عقد البيع غير المسجل يرتب للمشتري جميع الحقوق والدعاوي المتعلقة بالمبيع بما في ذلك نفی حق الارتفاق الذي يدعيه الجار وطرد الغاصب فإذا تسلم المشتري العقار المبيع واستند في دعواه إلى عقد البيع كانت الدعوى متعلقة بأصل الحق وليست من دعاوي الحيازة.
لكن إذا إستند إلى وضع يده على العقار المبيع فإن الدعوى تكون من دعاوي الحيازة التي يجوز له رفعها فيسترد بموجبها حيازته التي سلبها منه الغير، أو يمنع تعرضه، أو يوقف أعماله الجديدة إذ يكفي لقبول هذه الدعاوي الحيازة التي توافرت له وهي حيازة قانونية إذ توافر له عنصرها المادي بوضع يده على المبيع وكذلك عنصرها المعنوي بتوافر نية التملك لديه.
ويجب لقبول أي من هذه الدعاوي أن يكون المشتري قد رفعها على غير البائع له أما رجوعه على البائع فيكون بموجب أي من الدعاوي المتعلقة بعقد البيع وبالتالي بأصل الحق كطلب تسليم المبيع أو ضمان التعرض و الإستحقاق.
8- المرخص له بالإنتفاع بأملاك الدولة :
الحالات التي لا يجوز فيها اللجوء لدعاوي الحيازة :
(1) سلب الحيازة بالتنفيذ الجبري :
(2) طرد الغاصب لأملاك الدولة والوحدات الاقتصادية :
(3) التعرض المستند لأمر إداري :
(4) وجود عقد :
فإن وجد عقد بيع إلتزم البائع بتسليم المبيع وعدم التعرض للمشتري فإذا امتنع البائع عن التسليم رفع المشتري دعوى بصحة ونفاذ العقد والتسليم وإذا تم التسليم وتعرض البائع للمشتري رفع الأخير عليه دعوى إستناداً إلى التزامه بضمان عدم التعرض وينتقل التزام المتعاقد التي خلفه العام فيلتزم هذا الخلف بالتسليم وبالضمان على نحو ما كان يلتزم به سلفه.
ويشترط لقبول دعوى إسترداد الحيازة :
(1) الحيازة المادية بشروطها القانونية :
يكفی توافر الحيازة المادية الحالية بأن تكون للمدعي حيازة ثابتة وقت حصول الاعتداء عليها ويكفي فيها أن تكون حيازة مادية ولو لم تكن بقصد التملك، على أن تكون حيازة هادئة وظاهرة ويجوز لمن كان نائباً عن غيره في الحيازة رفع هذه الدعوى کالمستأجر والمستعير والحارس والمرتهن رهن حيازة ولن يضع اليد على أموال الدولة مادامت تكفي الحيازة المادية التي لا يكون القصد منها اكتساب الملكية بالتقادم وأيضاً للمرخص له في استعمال المال العام فله استرداد حيازته ونطاق ذلك ألا تكون الإدارة هي التي سلبت الحيازة إنما يكون الغير هو الذي سلبها لأن التعرض المستند إلى قرار إداري تقتضيه مصلحة عامة لا يصلح أساساً لرفع دعاوي الحيازة لمنع هذا التعرض لما يترتب على الحكم فيها لمصلحة الحائز من وقف تنفيذ القرار الإداري وهو ما لا يجوز قانوناً بالنسبة للحالات التي لا يجوز فيها اللجوء إلى دعاوي الحيازة .
ويجب أن تكون للمدعي وقت سلب الحيازة حيازة مادية وقت وقوع الاعتداء بأن تكون يده متصلة بالعقار إتصالاً مادياً وقت سلب حيازته بأن تتوافر سيطرته عليه ولا يلزم أن يكون متواجداً به في ذلك الوقت وإنما يكفي بسط سيطرته عليه أما اذا فقد هذه السيطرة قبل سلب الحيازة فلا تكون له حيازة حالية وبذلك يفقد شرط من شروط قبول الدعوى مثال ذلك أن يقضي بطرد الحائز للعقار ويتم تنفيذ هذا الحكم فيفقد الحائز سيطرته المادية على العقار بحيث إذا سلبت حيازته بعد ذلك فلا يجوز له رفع دعوى إسترداد الحيازة لأنه لم تكن له حيازة مادية حالية وقت سلب الحيازة أما أن كانت للحائز حيازة مادية حالية وقت سلبها توافرت شروط قبولها .
(2) فقد الحيازة :
بأن يحرم الحائز حرماناً كاملاً من الانتفاع بالعين بالقوة ولكن لا يلزم أن يتوفر ذلك بالإكراه المادي فيكفي أن يكون رغم إرادة الحائز على نحو لا سبيل له إلى دفعه بأن كان إيثاراً للعافية ولو لم يقع إعتداء مادي أو كان وليد غش أو تدليس أو تخیل فكل عمل غير مشروع يعد أكراها مادام أن من شأنه الإخلال بالنظام والأمن العام فمن يدعي حقاً على العقار يكون سبيله لإسترداده اللجوء للقضاء وإلا أعتبر معتدياً وتعين رد العقار إلى حائزه ثم يلجأ من يدعي حقاً عليه للمطالبة به قضائياً فليس للإنسان أن يأخذ حقه بيده وتستوي الخلسة مع الإكراه فمن يستولي على حق بطريق الخفية يكون مغتصبة وللحائز أن يسترد العقار منه وإذا نزع العقار من الحائز تنفيذاً لحكم قضائي لم يكن الحائز طرفاً فيه اعتبر هذا التنفيذ عصية حتى لو كان القصد من التنفيذ تسلم العقار لحارس قضائي ومن ثم يكون للحائز استرداد العقار ممن انتقل إليه تنفيذاً لهذا الحكم وقد يقوم الغصب على الغش والخديعة والتحايل فإن كانت الحيازة لم تفقد بالقوة أو الإكراه بل تم التخلي عنها طواعية وبدون غش أو مخيل فإن استردادها لا يكون عن طريق دعوى الحيازة وإنما عن طريق دعوى الحق وهي دعوى طرد الغاصب أو دعوى الإستحقاق.
(3) يجب رفع الدعوى خلال سنة من سلب الحيازة :
ولا يشترط لقبول دعوى إسترداد الحيازة أن يكون المدعي قد وضع يده على العقار مدة سنة سابقة على سلب الحيازة إذ يكفي أن يكون له حيازة ظاهرة وهادئة ولو لم تستمر مدة سنة كاملة خلافاً لدعوی منع التعرض ووقف الأعمال الجديدة إذ تطلب القانون لقبولهما أن تكون الحيازة قد إستمرت سنة كاملة قبل التعرض أو البدء في الأعمال.
شرط الاستعجال : متى توافرت شروط دعوی استرداد الحيازة على نحو ما سلف وكان الاعتداء يستدعي اتخاذ إجراء وقتي بشأنه وكان يخشى على مصالح الحائز من فوات الوقت فله أن يلجأ لقاضي الأمور المستعجلة ليرد إليه حيازته كإجراء وقتي لحين اللجوء لمحكمة الموضوع.
ولا تعتبر الدعوى المستعجلة من دعاوى الحيازة وأنما مجرد إجراء وقتي حكمه قواعد الدعوى التي ترفع إلى قاضي الأمور المستعجلة.
يترتب على الحكم برد الحيازة أن تعتبر الحيازة مستمرة منذ بدء وضع اليد وحتى تنفيذ الحكم بردها فإذا كانت بنية التملك أحتسبت مدة الغصب ضمن مدة التقادم وكأنها لم تنقطع وإن كان الحائز ينوب عن غيره أحتسبت مدة الغصب ضمن مدة التقادم بالنسبة للأصيل فإن كان المؤجر يحوز عقاراً بنية التملك وبعد تأجيره سلبت حيازته من المستأجر فإن استرداد الأخير له يؤدي إلى إعتبار أن حيازة المؤجر مستمرة منذ بدء وضع يده وحتی تمسكه بالتقادم طالما لم ينقطع التقادم.
دعوى منع التعرض
أن الحائر العقار اللجوء لدعوى منع التعرض في كل صور التعرض للحيازة وهي دعوى موضوعية يتناول فيها القاضي بحث أصل الحيازة وصفاتها القانونية ليستخلص ما إذا كانت بنية التملك أم كانت عرضية أو على سبيل التسامح مما تنتفي معه نية التملك وله في سبيل ذلك إحالة الدعوى إلى التحقيق ولو من تلقاء نفسه للوقوف على وصف الحيازة وما هي التعرض الذي تقبل معه دعوى منع التعرض، وبالتالي لا يجوز التصدي لها إلا بعد بحث أصل الحيازة وصفاتها القانونية، وهو ما يحول دون رفعها أمام قاضي الأمور المستعجلة.
ويشترط لقبول دعوى منع التعرض أن تتوافر الشروط التالي :
(1) توافر الحيازة القانونية للمدعي بعنصريها المادي والمعنوي : بمعنى أن تكون الحيازة أصيلة أي بنية التملك فلا تكفي الحيازة العارضة لمنع التعرض الواقع على حق الملكية ومن ثم لا تقبل الدعوى إذا أقامها حائز لم تنصرف نيته إلى تملك العقار أو صاحب حق الانتفاع أو صاحب حق الارتفاق أو المرتهن رهن حيازة أو المستأجر فحيازة هؤلاء بالنسبة لحق الملكية هي حيازة عارضة ينوبون فيها عن المالك. فالملك وحده هو صاحب الحيازة الأصيلة الذي تقبل منه دعوى منع التعرض، ولكن يعتبر هؤلاء حائزین أصليين بالنسبة للحق المقرر لهم على العقار، فالمستأجر يعتبر حائزا أصيلا بالنسبة لحقه في الانتفاع بالعين ومن ثم يحق له رفع دعوى منع التعرض ضد كل من يتعرض له في هذا الانتفاع.
ويجب توافر نية التملك أن تكون حيازة المدعى - أن لم يكن مالکاً ۔ متعدية قصد بها کسب ملكية العقار على التفصيل الذي أوضحناه ببند شروط الحيازة المكسبة للحق فيما تقدم فإن لم تكن الحيازة متعدية فلا تتوافر نية التملك وبالتالي تفقد دعوى منع التعرض أحد شروط قبولها كما لو كانت الحيازة على سبيل التسامح كفتح مطل على أرض فضاء أو حديقة للجار خاصة إذا كان المطل على الحديقة في الطوابق العليا وأيضاً السماح بالمرور.
ولا يتوافر العنصر المعنوي للحيازة إلا بتوافر العنصر المادي المتمثل في وضع اليد فإذا تمسك المدعى عليه بعدم توافره تعين على المحكمة إحالة الدعوى إلى التحقيق وتكلف المدعي إثباته بكافة الطرق المقررة قانوناً بإعتباره واقعة مادية.
(2) يجب أن تكون الحيازة قد استمرت للمدعي لمدة سنة كاملة على الأقل ظاهرة هادئة غير غامضة ويقع على المدعي إثبات ذلك ولكن لا يشترط أن يكون حسن النية وللخلف أن يضم مدة سلفه.
(3) أن يكون العقار أو الحق العيني موضوع الحيازة مما يمكن إكتساب ملكيته بمضي المدة ومن ثم لا تقبل دعوى منع التعرض التي يقيمها مغتصب المال المملوك للدولة سواء كان مالاً عامة أو خاصة إذ لا يجوز تملكه بالتقادم (م 970) وكذلك أموال الجهات الواردة بهذا النص فإن كانت الحيازة واقعة على حق ملكية لأحد الأفراد أو حق انتفاع أو حق ارتفاق ظاهر فيجوز اللجوء بصدده لدعوى منع التعرض لإمكان إكتسابه بالتقادم أما حقوق الارتفاق غير الظاهرة فلا تكتسب بالتقادم.
(4) أن يقع تعرض للحائز بعمل مادي أو قانوني يتضمن ادعاء ينطوي على منازعة للحائز في حيازته ويتم التعرض المادي بأي فعل مادي يتوفر به الاعتداء على العين فيحرم الحائز من الانتفاع بها كلياً أو جزئياً كسلب الحيازة أو زراعة الأرض أو تمهيدها للزراعة أو حرثها أو ربها أو إقامة بناء أو حفر مسقى أو قطع أشجار أو فتح نافذة غير قانونية لما في ذلك من ادعاء الحق ارتفاق على عقار الحائز أو سد مطل اکتسبه صاحبه بالتقادم.
أما التعرض القانوني فيكون بادعاء المدعى عليه لحق يعارض به حيازة المدعي كما إذا أنذر المدعى عليه مستأجر العقار بدفع الأجرة له دون المدعي وكما إذا وجه المدعى عليه انذاراً للمدعي بعدم البناء في الأرض التي في حيازة الأخير وكذلك إذا أنذر الجار جاره بعدم هدم الجدار لأنه مشترك بينهما .
فإن لم يقع التعرض على نحو ما تقدم فلا تكفي الخشية من وقوعه في المستقبل وهو أمر قد لا يتحقق ويتعلق بحق سلبي لا يجوز اللجوء في شأنه إلى دعوى منع التعرض مثال ذلك أن توجد أرض فضاء بين عقارين خصصت كمطل لهما وحظر على المالكين البناء بها فتتوافر لكل منهما الحيازة القانونية ولا يجوز لأي منهما اللجوء إلى دعوى منع التعرض إلا إذا وقع تعرض من المالك الآخر فإن لم يقع التعرض فلا تقبل دعوى منع التعرض لمجرد رغبة رافعها في الزام المدعى عليه بعدم البناء لأن هذه الغاية منحققه بالفعل بموجب الاتفاق المبرم بين المالكين على ترك الأرض فضاء لتكون مطلاً للعقارين.
(5) أن ترفع الدعوى خلال سنة من حصول التعرض فإن انقضت هذه المدة سقط حق الحائز في رفع دعوى منع التعرض ولا يكون له إلا رفع دعوى الحق وإذا تعددت أعمال التعرض وكانت مستقلة فتتعدد دعاوي منع التعرض وتحتسب السنة من بداية كل عمل وأن كان التعرض بمثابة عمل أقيم في ملك المدعى عليه فلا تبدأ السنة إلا من الوقت الذي يتحقق به التعرض بهذا العمل للمدعي فمن يقيم بناء في ملکه يؤدي إلى سد مطل فإن التعرض لصاحب المطل لا يتحقق إلا بوصول البناء إلى مطله فتبدأ السنة من هذا الوقت وإن كان له أن يلجأ لدعوى وقف الأعمال الجديدة وفي حالات التسامح لا تبدأ السنة إلا من وقت مجابهة المتعرض للحائز وليس من وقت وضع اليد الذي تم على سبيل التسامح كما لا تبدأ السنة إلا من وقت علم الحائز بالتعرض إن لم يكن قد بدأ في مواجهته .
إتساع ولاية قاضي منع التعرض للإزالة والتسليم :
ينشأ طلب الحائز بازالة أعمال التعرض عندما يتحقق هذا التعرض بالفعل أما قبل ذلك فلا يكون لهذا الطلب محل ولذلك لا يطرح طلب الإزالة إلا على المحكمة التي تنظر دعوى منع التعرض فدعوى إسترداد الحيازة ترمي إلى رد الحيازة فلا يثور فيها طلب الإزالة إلا إذا قام المدعى عليه باقامة بناء بالعقار وحينئذ يتحقق التعرض بإقامة البناء مما يوجب على المدعى أن يعدل طلباته إلى منع تعرض والإزالة وأيضاً إذا بدأ الجار في إقامة بناء يترتب على الاستمرار فيه سد مطل لجاره فيرفع الأخير دعوى بوقف الأعمال الجديدة لأن التعرض لم يتم بعد فإذا إستمرت أعمال البناء حتى وصلت إلى الحد الذي يترتب عليه سد المطل تحقق بذلك التعرض مما يوجب على المدعي تعديل طلباته إلى منع التعرض والإزالة.
يدل ذلك على أن إزالة الأعمال التي أدت إلى تحقق التعرض للحائز لا تطرح إلا في دعوى منع التعرض دون دعوى استرداد الحيازة ووقف الأعمال الجديدة والطلب المتعلق بذلك موضوعي لمساسة بأصل الحيازة وصفاتها ولذلك تختص به محكمة الموضوع التي تنظر دعوى منع التعرض ويخرج عن ولاية قاضي الأمور المستعجلة بحيث إذا طرح عليه هذا الطلب مع دعوى منع التعرض تعين عليه أن يقضي بعدم إختصاصه، ولا يقف عند هذا الحد وإنما يأمر بإحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع المختصة باعتبار أن الطلبات المطروحة عليه موضوعية وقد رفعت إليه بطريق الخطأ.
دعوى وقف الأعمال الجديدة
ويجب أن ترفع الدعوى خلال سنة من البدء في الأعمال المطلوب وقفها حتى لو أوقف المدعى عليه العمل مؤقتاً فإن انقضت السنة سقط حق المدعي في الدعوى ولا يكون أمامه إلا اللجوء لدعوى منع التعرض إذا كانت الأعمال قد وصلت إلى الحد الذي يتوافر به التعرض ومن هذا الوقت يجب على الحائز رفع دعوى منع التعرض خلال سنة من هذا الوقت بحيث إذا إنقضت تلك السنة سقط حق الحائز في رفع دعوى منع التعرض ولا يبقى أمامه إلا رفع دعوى الحق بطلب الإزالة والتعويض إن توافر الضرر بالحائز فإن كان في التنفيذ العيني إرهاق للمدين استحال التنفيذ العيني إلى تنفيذ بطريق التعويض على نحو ما أوضحناه بصدد التنفيذ العيني لإلتزام المدين.
فيبدأ الحق في إقامة دعوى وقف الأعمال الجديدة عندما يبدأ الجار مثلاً في أعمال الحفر لتشييد بناء من شأنه إذا وصل لإرتفاع معين أدى إلى سد مطل فتبدأ السنة من تاريخ البدء في هذه الأعمال حتى لو توقفت مؤقتاً فإن لم تكن هذه الدعوى قد رفعت في موعدها ووصلت أعمال البناء إلى الإرتفاع الذي أدى إلى سد المطل وجب رفع دعوى منع التعرض خلال سنة من وصول أعمال البناء لهذا الارتفاع.
وإن ترتب على البدء في أعمال الحفر تحقق التعرض للجار كما لو ألقيت الأتربة بممر مشترك بين الجارين جاز في صحيفة واحدة طلب وقف الأعمال الجديدة ومنع التعرض طالما لم يترتب على إلقاء الأتربة المنع الكلي من إستعمال الممر وإلا تحقق التعرض ومن ثم يكون اللجوء لدعوى منع التعرض وحدها.
فإن رفع الحائز دعوى وقف الأعمال الجديدة وحدها وقبل الفصل فيها حقق التعرض له بوصول البناء إلى ما يجاوز المطل مما أدى إلى سده وحينئذ تنتفي مصلحة الحائز من الدعوى فإن كانت موضوعية وجب عليه تعديل طلباته فيها إلى منع التعرض وحينئذ تتسع ولاية قاضي الحيازة إلى الحكم بالازالة فإن كانت قد رفعت دعوى مستعجلة قضى فيها بعدم الإختصاص دون إحالة لمساس الحكم بأصل الحق ولم تمتد إلى طلب موضوعى .
شرط الاستعجال :
دعوى وقف الأعمال الجديدة هي دعوی موضوعية يتناول فيها القاضي بحث أصل الحيازة وصفاتها القانونية من أنها بنية التملك وظاهرة وهادئة وأنها إستمرت سنة كاملة ولذلك فإن الحكم الذي يصدر فيها بحسم النزاع بالنسبة للحيازة.
لكن إذا توافر شرط الاستعجال مع شروط تلك الدعوى جاز للحائز رفع دعوى مستعجلة أمام قاضي الأمور المستعجلة بطلب وقف الأعمال الجديدة ولا تعتبر تلك الدعوى من دعاوي الحيازة وإنما مجرد إجراء عاجل لا يمس موضوع الحيازة.
اختصاص النيابة العامة بمنازعات الحيازة :
تنصرف منازعات الحيازة إلى كل عمل يعتبر تعرضاً للحائز وذلك بسلب حيازته أو التعرض له فيها بمنعه من دخول العقار الذي في حيازته أو منعه من الانتفاع به بأي وجه من أوجه التعرض وقد تتحقق المنازعة عند البدء في أعمال يترتب على اكتمالها التعرض للحائز مثال ذلك أن يكون للجار حق ارتفاق بالمطل أو بعدم البناء على عقار جاره فيبدأ مالك العقار المرتفق به في البناء بحيث إذا أكتمل البناء أدى إلى عدم انتفاع جاره بالمطل على النحو الذي تطلبه القانون أو أدى إلى سده كما أن البدء في البناء يؤدي إلى المساس بإرتفاق علم البناء ويتحقق به التعرض للجار في حيازته لهذا الحق ولحق المطل ومن ثم تكون له مصلحة قائمة في طلب إلزام جاره بوقف هذه الأعمال.
وتكون المنازعة جنائية إذا كان القانون يعاقب على العمل الذي نشأت عنه کدخول عقار يقصد منع حيازته بالقوة وتكون مدنية في غير هذه الحالة کالمنازعة المتعلقة بمنع التعرض أو بوقف الإعمال الجديدة.
وسواء كانت المنازعة مدنية أو جنائية فإن القضاء هو المختص بالتصدي لها عن طريق الدعوى الموضوعية التي لا يستند فيها المدعي إلى أصل الحق وإلا سقط ادعاؤه بالحيازة عملاً بالمادة 44 من قانون المرافعات أو عن طريق الدعوی المستعجلة متى توافرت شروطها ورغبة من المشرع في سرعة التصدي لمنازعات الحيازة فقد أجاز للنيابة العامة أن تصدر قرارا مسبباً واجب التنفيذ فور صدوره حسماً لتلك المنازعات إلى أن تعرض على القضاء أن كان هناك وجه لذلك.
وتظل النيابة العامة مختصة حتى لو كان الشاکي سبق له رفع الدعوى المتعلقة بالمنازعة أمام للقضاء سواء كانت دعوى مدنية موضوعية أو مستعجلة أو مباشرة أمام محكمة الجنح لأن منع النيابة من إجراء التحقيقات في الدعاوي المطروحة على القضاء يقتصر على الدعاوي الجنائية عندما يقصد بالتحقيق أعداد الدليل إذ طالما طرحت الدعوى الجنائية على المحكمة كانت هى وحدها صاحبة الولاية في التحقيقات التي تجرى في شأنها ولا يجوز لها ندب النيابة العامة أو تكليفها باجرائها وإلا كان الإجراء باطلاً .
ولا يسري ذلك بالنسبة للأجراء الذي تتخذه النيابة العامة سواء بالتحقيق أو أصدار قرار في المنازعة المتعلقة بالحيازة لأنها بذلك لا تتدخل في ولاية المحكمة ولا تسلب منها تلك الولاية لتعلق الإجراء بالمنازعة وتحديد من يقر القانون حيازته لتمكينه منها دون بحث لأركان الجريمة إلا في حالة أعداد أدلتها للتصرف فيها.
ومفاد ما تقدم أن الشاکي إذا بادر برفع دعوى ثم حرر محضر بالمنازعة كان للنيابة إصدار قرار فيها واجب التفيذ فور صدوره ولا تحول الدعوى القائمة ولو كانت مستعجلة من التظلم منه وحينئذ يجب ضم الدعويين للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد فإن لم يكن تنفيذ القرار قد تم جاز للمتظلم أن يطلب وقف تنفيذه إلى أن يفصل في التظلم فإن كان قد تم فيتوقف مصيره على الفصل في التظلم أو في الدعوى.
وتصدر النيابة قرارها بابقاء الحال على ما هو عليه أو بتمكين الشاکي من عقار النزاع ومنع تعرض المشكو في حقه له مما يقتضي نزعه من حائزه ونقل حيازته للشاکي ويجب أن يصدر القرار بما يتفق ونصوص القانون فإن كانت شروط الحيازة متوافرة لدى الحائز بأن كانت هادئة وظاهرة ومستمرة صدر القرار بابقاء الحال على ما هو عليه حتى لو تضمنت الأوراق الدليل على ملكية الشاكي للعقار إذ يقتصر البحث في منازعات الحيازة على مدى توافر أو انتفاء شروط الحيازة دون أن يتعدى ذلك إلى أدلة الملكية .
وللنيابة سماع أطراف النزاع وإجراء التحقيقات اللازمة بمعرفتها أو عن طريق الشرطة استيفاء لبعض الأوجه اللازمة لإصدار القرار فإن كانت التحقيقات التي أجرتها الشرطة كافية أصدرت النيابة قرارها دون حاجة لإجراء تحقيق أو سماع أقوال أطراف النزاع.
ويجب أن يصدر القرار من رئيس نيابة أو محام عام أو نائب عام مساعد باعتبارهم من أعضاء النيابة الذين أجاز القانون لهم ذلك فإن صدر من وکیل نيابة أو مساعد أو معاون كان باطلاً ولا يصححه اعتماده من أحد الأعضاء الجائز الهم اصداره إذ يجب توافر صفة من أصدره وقت صدوره وليس في وقت لاحق ولا يحول هذا البطلان دون تنفيذ القرار ويجب التمسك به بطريق التظلم فإن إنقضی میعاد التظلم امتنع النعي عليه أو الغاؤه من الرئيس الأعلى لمن أصدره ولا يكون أمام المتضرر إلا رفع دعوى الحيازة أو دعوى أصل الحق ولا تتقيد المحكمة في أي منهما بقرار النيابة.
تسبيب القرار الصادر في منازعات الحيازة :
يجب على النيابة أن تقرن قرارها الصادر في المنازعة المتعلقة بالحيازة بالأسباب التي أقامته عليها حتى يعلم من صدر ضده الأسباب التي أدت إلى إصداره ليقبله أن كان في محله أو يتظلم منه أن كان معيبة وحتي تمكن المحكمة التي تنتظر التظلم من الفصل فيه سواء بالتأييد أو التعديل أو الإلغاء.
ويخضع التسبيب لذات الضوابط التي يخضع لها تسبیب الأحکام مما يتعين معه بیان وقائع المنازعة وأسانيد وحجج الخصوم ثم الرد عليها بما يتفق والقرار فأذا شابها قصور أو تناقض أدى إلى بطلائه ويكفي في التسبيب أن يقيم القرار.
ويتكرر البطلان بطريق التظلم من القرار وطلب عدم الاعتداد به، ومتى قضت محكمة التظلم بعدم الاعتداد بالقرار، فإنها تضمن قضاءها التصدي للمنازعة بأجراء وقتی بإبقاء الحال على ما هو عليه أو بطرد الحائر من العقار ورد الحيازة للمتظلم .
إعلان القرار الصادر في منازعات الحيازة :
متى أصدرت النيابة قرارا في منازعة من منازعات الحيازة وجب عليها أعلاه الأطراف المحاماة به ويتم الإعلان الأشخاصهم أو بموطنهم حتى يتحقق علمهم اليقين أو الظني فإن أعلن مباشرة لجهة الإدارة كان باطلاً إذ لا يتحقق بذلك العلم الظني الا إذا توجه المحضر إلى الوطن وامتنع من وجد به عن بيان اسمه وصفته أو عن تسلم الصورة أو عن التوقيع بما يفيد استلامها وحينئذ يتعين على المحضر تسليمها لجهة الإدارة ويتحقق بذلك العلم الظني.
ويجب أن يتم الإعلان بموجب ورقة من أوراق المحضرين وعلى يد أحدهم فإن تم بالطريق الإداري كان باطلاً ولا يعتد بالعلم اليقيني بأقرار الخصم بعلمه بالقرار ومتى شاب الإعلان للبطلان أو تم بغير الطريق الذي تطلبه القانون فلا يجري میعاد التظلم ولا يسقط الحق فيه ولكن يجوز التظلم رغم عدم إعلان القرار باعتبار أن الميعاد مقرر لمصلحة المتظلم ومن ثم يكون له التنازل عنه.
ويجب على النيابة إعلان ذوي الشأن بالقرار خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدوره وهذا ميعاد تنظيمي لا يترتب البطلان على مخالفته ويؤدي التراخي فيه إلى عدم سريان ميعاد التظلم إلا اعتباراً من اليوم التالي لإجرائه.
وإذا تظلم من صدر القرار ضده وتمسك ببطلان إعلانه أدى ذلك إلى فتح ميعاد التظلم بحيث أن كان قد رفع بعد الميعاد كان مقبولاً شکلاً .
ويكفي إعلان منطوق القرار دون حاجة لإعلان أسبابه ويكون لمن صدر ضده الإطلاع عليها بالنيابة التي أصدرته .
تنفيذ القرار الصادر في منازعات الحيازة :
تقتضي منازعات الحيازة التدخل الفوري للسلطة ممثلة في النيابة العامة لتصدر قراراً يكون واجب التنفيذ فوراً ولو باستعمال القوة الجبرية ويتم التنفيذ عن طريق الشرطة وليس عن طريق المحضرين.
ولا يتوقف التنفيذ على إعلان القرار وإنما يجب ولو لم يكن قد تم إعلانه وينحصر أثر الإعلان في سريان ميعاد التظلم وإذ لم يترتب على التظلم وقف تنفيذ القرار ومن ثم فلا يتوقف التنفيذ على هذا الإعلان يدل على ذلك ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 44 مكرراً من أنه يجوز بناء على طلب المتظلم أن يوقف القاضي تنفيذ القرار التظلم منه إلى أن يفصل في التظلم إن لم يكن التنفيذ قد تم قبل التصدي لهذا الطلب فإن كان قد تم فلا يرد عليه الوقف وإنما الإلغاء ويتوقف ذلك على الفصل في التظلم.
ولايخضع تنفيذ القرار لإشكالات التنفيذ لانحصار ذلك في تنفيذ الأحكام والعقود الرسمية دون القرارات التي تصدرها النيابة في منازعات الحيازة ويكون طلب وقف تنفيذها بطريق التظلم منها أمام قاضي الأمور المستعجلة.
ولا يحول دون تنفيذ القرار أن يكون قد صدر ممن لا يملك إصداره کصدوره من وكيل نيابة ولا يجوز للرئيس المباشر له أو غيره كالمحامي العام إلغاء القرار ولو بطريق التظلم منه إذ يستوفي القرار عناصره فور صدوره ولكنه يكون مشوباً بالبطلان وقد حدد المشرع طريق النعي على القرار بالتظلم منه أمام قاضي الأمور المستعجلة ومتى طلب المتظلم وقف تنفيذه جاز للقاضي إجابته لهذا الطلب قبل الفصل في التظلم فإن لم يطلب المتظلم وقف التنفيذ ظل التنفيذ منتجة آثاره إلى أن يقضي في التظلم وإذا انقضى ميعاد التظلم دون رفعه فلا يجوز لأي من أعضاء النيابة أو حتى النائب العام وقف التنفيذ ولا يبقى إلا رفع دعوى موضوعية بالحيازة أو بأصل الحق أو دعوى مستعجلة أن توافرت شروطها وحينئذ يتوقف مصير التنفيذ على الحكم الذي يصدر في الدعوى إذ يحوز القرار حجية مؤقتة إلى أن يصدر حكم من الفضاء سواء في التظلم من القرار أو في الدعوى المقامة .
التظلم من القرار الصادر في منازعات الحيازة :
كان القرار الصادر من النيابة العامة في منازعات الحيازة يخضع لسلسلة من التظلمات تنتهي بالتظلم إلى النائب العام ثم يلجأ المتضرر بعد ذلك إلى قاضي الأمور المستعجلة طالباً عدم الاعتداد بالقرار الصادر من النيابة العامة ورد الحيازة إليه أو تقديم الطلبات التي تتفق ومصلحته.
ورغبة من المشرع في تدارك هذه السلسلة فقد أضاف المادة 44 مکرراً إلى قانون المرافعات وقصر التظلم على رفعه إلى قاضي الأمور المستعجلة رخصه وحده بنظره والفصل فيه مما يحول دون التظلم إلى الرئيس المباشر لعضو النيابة الذي أصدر القرار وإلا كان عليه أرفاق التظلم بالقرار بحيث أن خالف ذلك وأصدر قراراً بإلغاء أو تعديل القرار التظلم منه كان قراره مشوباً بالبطلان لصدوره بالمخالفة لقواعد الأختصاص مما يجوز معه للمتضرر التظلم منه إلى قاضي الأمور المستعجلة باعتبار القرار صادرة من عضو نيابة في منازعة من منازعات الحيازة ويقضي فيه بالإلغاء ولا يحول هذا القضاء دون المتظلم ورفع تظلم جديد إلى قاضي الأمور المستعجلة أن لم يكن حقه فيه قد سقط فيقضي بتأييد القرار أو بتعديله أو بالغائه ولا يتعارض هذا القضاء مع القضاء السابق لاختلاف الموضوع في كل منهما.
ويرفع التظلم أمام قاضي الأمور المستعجلة بالمحكمة التي يقع عقار النزاع بدائرتها بالإجراءات المعتادة لرفع الدعاوي وذلك بإيداع صحيفة الدعوى قلم كتاب هذه المحكمة ليقوم بطلب ملف القرار المتظلم منه من النيابة التي أصدرته ويجب رفع التظلم في ميعاد خمسة عشر يوماً من يوم إعلان القرار للمتظلم وهذا ميعاد سقوط يوقف بالقوة القاهرة ويترتب على انقضائه دون رفع التظلم سقوط الحق فيه ويبدأ الميعاد من اليوم التالي لإعلان المتظلم بالقرار الصادر من النيابة ولا يغني عن الإعلان أي إجراء آخر أو العلم اليقيني الثابت بإقرار المتظلم بعلمه بصدور القرار إذ طالما جعل المشرع بدء ميعاد الطعن بالإعلان فأنه يقصر هذا البدء على هذا الإجراء وحده وفي الشكل الذي حدده له بأن يكون على يد محضر وبورقة من أوراق المحضرين مستوفية بياناتها فإن شابها البطلان إنتفى أثرها في بدء ميعاد التظلم بحيث إذا رفع التظلم بعد انقضاء خمسة عشر يوماً من تاريخ الإعلان كان التظلم مقبولاً شكلاً .
ولم يورد المشرع أحكامة خاصة بالتظلم في قرار النيابة العامة ومن ثم يخضع لذات القواعد التي تخضع لها الدعوى المستعجلة من شطب وانقطاع وسقوط وما يترتب على ذلك من جزاءات كاعتبار التظلم كأن لم يكن أن لم يعجل في الميعاد ولا يحول شطبه أكثر من مرة من اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بنظره، شأن التظلم في ذلك شأن سائر الدعاوي المستعجلة لكنه لا يخضع للوقف أنما يفصل فيه بحالته ويكفي أن تعلن صحيفته أو يحضر المتظلم ضده لانعقاد الخصومة فيه دون حاجة لإعادة الإعلان حتى لو كان الأخير لم يعلن لشخصه ويكون الحكم الصادر فيه واجب التنفيذ فوراً لصدوره في مادة مستعجلة عملاً بالمادة 288 مرافعات وتستأنف الأحكام الصادرة في التظلم أمام المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية دون اعتداد بقيمة العقار الواردة عليه الحيازة ويحوز الحكم الصادر في التظلم حجية مؤقتة لا تزول إلا برفع الدعوى الموضوعية مما يحول دون المحكوم عليه ورفع دعوى مستعجلة عن ذات الموضوع الذي صدر في شأنه قرار النيابة والذي تم الفصل فيه في التظلم الذي رفع طعناً في هذا القرار وإلا قضى في الدعوى اللاحقة بعدم جوازها لسبق الحكم فيها لكن إذا رفع المتضرر المحكوم عليه في التظلم دعوی موضوعية سواء كانت دعوى حيازة أو دعوى بأصل الحق زالت حجية الحكم المستعجل بالنسبة للمحكمة التي تنظر الدعوى الموضوعية وتظل الحجية سالفة البيان قائمة بالنسبة للطلب المستعجل إذا تعارض معها ولو قدم تبعاً للدعوى الموضوعية.
ويقتصر الحكم في التظلم على تأييد القرار أو تعديله أو الغائه ومن ثم إذا نعی على القرار بالبطلان لصدوره من عضو غير مختص بإصداره أو لقصور في أسبابه أو لعدم التوقيع عليه أو لأي سبب آخر أقتصر القضاء في التظلم على إلغاء القرار بعد التصدي في الأسباب لأوجه النعي فإذا قضى ببطلان القرار كان في ذلك الغاء له يحول دون الطعن في الحكم لأن الطاعن لن يحقق من طعنه سوى مصلحة نظرية بحتة لا تصلح لقبول الطعن إذ أوجب المشرع لقبول الطعن توافر المصلحة القائمة التي تحقق للطاعن مصلحة حقيقية كذلك الحال إذا قضى بعدم الاعتداد بالقرار.
وافترض المشرع توافر الشروط اللازمة لاختصاص قاضي الأمور المستعجلة بنظر التظلم مما يمتنع عليه بحث هذه الشروط أو القضاء يعدم اختصاصه بنظر التظلم أو إحالته إلى محكمة الموضوع.
ويخضع قاضي التظلم للقواعد التي يلتزم بها قاضي الأمور المستعجلة فلا يجوز له الاستناد في قضائه إلى أصل الحق إلا بالقدر اللازم لإصدار حكمه الوقتي فإن بحث النزاع بحثاً موضوعياً فلا يكتسب قضاؤه أية حجية أمام محكمة الموضوع إلا أن الأسباب التي وردت في هذا الصدد زائدة عن حاجة الإجراء المفتي المنوط بقاضي الأمور المستعجلة ولذلك لا تكون لها حجية ولا تتقيد بها محكمة الموضوع.
ويجوز رفع التظلم ولو لم يعلن القرار كما يجوز التمسك بعدم الاعتلاء بالقرار في أية حالة يكون عليها التظلم ولا يسقط الحق في ذلك العالم التمسك به بصحيفة التظلم إذ ينصرف هذا الدفع إلى طلب إلغاء القرار.
والقرار الصادر من النيابة العامة في منازعات الحيازة له حجية وقتية ترتبط بالظروف التي لابست اصداره ولا يحول هذا القرار دون اللجوء إلى المحكمة المختصة بطلب إسترداد الحيازة أو منع التعرض وحينئذ لا تفيد المحكمة بالقرار الصادر من النيابة العامة باعتباره قراراً وقتياً وانما تلتزم بشروط الدعوى المرفوعة إليها.
وتمتد منازعات الحيازة إلى ملحقات العقار وتشمل حقوق الارتفاق والأشياء المثبتة به والتي لا يمكن فصلها بدون تلف وملحقات الأرض الزراعية.
ومناط التأثيم في سلب الحيازة إنتفاء الشروط التي يترتب عليها حماية وضع اليد بحيث إذا توافرت أدى ذلك إلى إباحة وضع اليد وجاز للحائز حماية حيازته ولا يجوز إستردادها إلا بموجب حكم قضائي فيما عدا أملاك الدولة والوقف والمؤسسات الاقتصادية والشركات التابعة لها باعتبار أن أملاك هذه الجهات لا ترد عليها الحيازة التي يحميها القانون .
إختصاص القاضي الجزئي وتفتيش الري بمنازعات الحيازة :
تختص محكمة المواد الجزئية بمنازعات الحيازة المتعلقة بالإنتفاع بالمياه وتطهير الترع والمساقي والمصارف عملاً بالمادة 43 من قانون المرافعات كما ينعقد هذا الاختصاص لتفتيش الري عملاً بقانون الري الذي منحه إختصاصاً بالتصدي لهذه المنازعات وإصدار القرارات الإدارية في الوقت المناسب من وقوع المنازعة سواء تعلقت بسلب الحيازة أو التعرض فيها كسد ترعة أو مصرف أو تغيير مسارها أو وضع ما يحول دون انسياب المياه في مجراه ومتى ثم تنفيذ هذه القرارات برد الحيازة أو منع التعرض لم يعد هناك محل للجوء إلى المحكمة الجزئية في شأن منازعة الحيازة إذ يترتب على صدور قرار من تفتیش الري أو حكم من المحكمة إنقضاء المنازعة ولا يبقى بعد ذلك الإ دعوى أصل الحق وهي دعوى تقرير حق الارتفاق أو إنكار هذا الحق وهو ما تختص به محكمة المواد الجزئية وحدها دون تفتيش الري مهما كانت قيمة الدعوى عمة بالاختصاص الاستثنائي لهذه المحكمة.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الثالث عشر الصفحة/ 564)
تنص المادة 958 مدنى على ما يأتى :
1 - لحائز العقار إذا فقد الحيازة أن يطلب خلال السنة التالية لفقدها ردها إليه فإذا كان فقد الحيازة خفية بدأ سريان السنة من وقت أن ينكشف ذلك .
2 - ويجوز أيضاً أن يسترد الحيازة من كان حائزاً بالنيابة عن غيره
ويخلص من هذه النصوص ما يأتى : ( 1 ) المدعي في دعوى استرداد الحيازة هو الحائز للعقار ولو كان حائزاً عرضياً بالنيابة عن غيره ( 2 ) المدعى عليه في دعوى استرداد الحيازة هو من انتزع الحيازة من الحائز وكذلك خلفه ولو كان حسن النية ( 3 ) المدة التي ترفع في خلالها دعوى استرداد الحيازة هى سنة من وقت فقد الحيازة أو من وقت العلم بفقدها . ( 4 ) ما يحكم به القاضي في دعوى استرداد الحيازة يختلف باختلاف ما إذا كانت الحيازة قد دامت سنة قبل انتزاعها وما إذا كانت قد انتزعت بالقوة وما إذا كان منتزع الحيازة أحق بالتفضيل . ( 5 ) التكييف القانوني لدعوى استرداد الحيازة هو إنها تتراوح بين أن تكون دعوى شخصية من دعاوي المسئولية ودعوى مستقلة من دعاوى الحيازة .
وليس يلزم أن يكون المدعى عليه الذي ارتكب هذا العمل العدواني سيئ النية فقد يكون متقداً بحسن نية بل يكون على حق في اعتقاده بأن العقار الذي انتزع حيازته هو عقار مملوك له ولكنه مع ذلك يكون قد أخطا في تعمده أن يأخذ حقه بيده بدلاً من أن يلجأ إلى القضاء ومن ثم يكون إنتزاعه الحيازة عملاً عدوانياً يوجب قبل كل أمر آخر أن ترد الحيازة إلى الحائز ثم ينظر بعد ذلك بالوسائل التي قررها القانون من الخصمين له الحق في ملكية العقار أو له الحق في حيازته .
ولا يجوز للمدعي رفع دعوى استرداد الحيازة إذا كان مرتبطاً مع المدعى عليه بعقد وكان انتزاع الحيازة يدخل في نطاق هذا العقد فالواجب في هذه الحالة أن يلجأ المدعي إلى دعوى العقد لا إلى دعوى استرداد الحيازة لإلزام المدعى عليه بمراعاة شروط العقد.
وإذا انتقلت حيازة العقار المغتصب من المغتصب إلى الغير سواء كان الغير خلفاً عاماً كالوارث أن خلفاً خاصاً كالمشتري في خلف المغتصب الذي انتقلت إليه الحيازة يكون هو المدعى عليه في دعوى استرداد الحيازة ويستطيع المدعي أن يسترد منه حيازة العقار بهذه الدعوى حتى لو كان الخلف حسن النية لا يعلم أن سلفه قد اغتصب حيازة العقار وتنص المادة 60 صراحة على هذا الحكم إذ تقول كما رأينا : " للحائز أن يرفع في الميعاد القانوني دعوى إسترداداً الحيازة على من انتقلت إليه حيازة الشئ المغتصب منه ولو كان هذا الأخير حسن النية أما في فرنسا فدعوى استرداد الحيازة دعوى شخصية محضة لا ترفع إلا على مغتصب الحيازة نفسه ولا ترفع على الغير الذي انتقلت إليه الحيازة المغتصبة إلا إذا كان شريكاً للمغتصب أو كان سيئ النية يعلم أن الحيازة التي انتقلت إليه حيازة مغتصبة ومن ذلك نرى أن دعوى استرداد الحيازة في مصر تنطوي على شئ من العينية فهى إلى أنها جزاء على الاغتصاب في ذاته تعتبر كذلك حماية للحيازة فيجوز عن طريقها للحائز أن يسترد حيازته لا من المغتصب فحسب بل أيضاً من الغير الذي نقل إليه المغتصب الحيازة ولو كان هذا الغير حسن النية .
المدة التي ترفع فى خلالها دعوى استرداد الحيازة :
تنص المادة 958 / 1 مدني كما رأينا على أن لحائز العقار إذا فقد الحيازة أن يطلب خلال السنة التالية لفقدها ردها إليه فإذا كان فقد الحيازة خفية بدأ سريان السنة من وقت أن ينكشف ذلك فيجب إذن أن ترفع دعوى استرداد الحيازة في خلال سنة واحدة تسري من وقت انتزاع الحيازة من الحائز إذا كان هذا الانتزاع بالقوة أو بالغصب علانية إذ يكون الحائز عالماً في هذه الحالة بوقت انتزاع الحيازة منه أما إذا كان انتزاع الحيازة وقع خلسة دون أن يعلم به الحائز وقت وقوعه فإن السنة التي يجب أن ترفع في خلالها دعوى استرداد الحيازة تسري من وقت أن ينكشف ذلك أي من وقت أن يعلم الحائز بانتزاع الحيازة منه ومدة السنة هذه مدة سقوط لا مدة تقادم فإذا لم ترفع دعوى استرداد الحيازة في خلالها لم يجز رفعها بعد انقضاء السنة والدعوى التي ترفع بعد انقضاء هذه المدة لا يجوز قبولها ولما كانت مدة السنة مدة سقوط فإنه يترتب على ذلك أنها تسري على غير كاملي الأهلية من قاصر ومحجور عليه وعلى الغائبين ويترتب على ذلك أيضاً أنها لا توقف ولا تنقطع وهذا هو الرأي المعمول به في فرنسا وإن كانت محكمة النقض الفرنسية قضت في بعض أحكامها بأن مدة السنة التي يجب أن ترفع في خلالها دعاوي الحيازة هى مدة تقادم لا مدة سقوط فيرد عليها الوقف والانقطاع .
ما يحكم به في دعوى استرداد الحيازة – أحوال أربع :
أما الذي يحكم به القاضي في دعوى استرداد الحيازة إذا توفرت شروطها على النحو الذي بسطناه فيختلف باختلاف الأحوال وهناك أحوال أربع يجب في هذا الصدد تمييزها بعضها عن بعض الحالة الأولى ) إذا كان المدعى الذي انتزعت منه الحيازة قد دامت حيازته مدة لا تقل عن سنة . ( الحالة الثانية ) إذا كانت حيازة المدعي لم تدم سنة كاملة ولكن المدعي فقد الحيازة بالقوة ) الحالة الثالثة (إذا كانت حيازة المدعي لم تدم سنة كاملة ولم يفقد المدعي الحيازة بالقوة ( بل فقدها غصباً أو خلسة ) ولكن المدعى عليه لا يستند إلى حيازة أحق بالتفضيل . ( الحالة الرابعة ) إذا كانت حيازة المدعى لم تدم سنة كاملة ولم يفقد المدعي الحيازة بالقوة ولكن المدعى عليه يستند إلى حيازة أحق بالتفضيل .
الحالة الأولى – حيازة المدعي دامت مدة لا تقل عن سنة : ويلاحظ فى هذه الحالة أن المدعي كان يستطيع رفع دعوى منع التعرض لأن حيازته دامت مدة لا تقل عن سنة وإنما لجأ إلى دعوى استرداد الحيازة لأن الاعتداء على حيازته لم يقتصر على مجرد التعرض لها بل انتهى إلى انتزاعها منه عنفاً أو غصباً أو اختلاساً فليس له بد من رفع دعوى استرداد الحيازة .
فإذا ما رفعها قضى له برد حيازته إليه وبإعادة العقار إلى أصله إن كان المدعى عليه قد أحدث فيه تغييراً فإن كان قد أقام فيه بناء جديداً اقضى بهدمه أو هدم بناء كان موجوداً قضى بإعادته ويستطيع القاضي أن يحكم على المدعى عليه بغرامة تهديدية ليحمله على تنفيذ ما قضى عليه به كذلك يحكم القاضي بتعويض على المدعى عليه عما سببه من أضرار للمدعي بسبب التعدي على حيازته وذلك طبقاً لقواعد المسئولية التقصيرية .
والحكم الذي يصدر برد الحيازة إلى المدعي في الحالة التي نحن بصددها يرد الحيازة إليه وكأنها لم تنقطع مدة انتزاعها منه والمفروض أن المدعي قد دامت حيازته قبل انتزاعها مدة لا تقل عن سنة فعندما ترد إليه الحيازة تعتبر هذه الحيازة دائمة لم تنقطع فتكون قد دامت أكثر من سنة وعلى ذلك يستطيع دفع الاعتداء عنها بجميع دعاوي الحيازة لأنها دامت سنة بل أكثر كما سبق القول ومن ثم يستطيع أن يرفع دعوى استرداد الحيازة من جديد فيما إذا انتزعت منه الحيازة مرة أخرى .
الحالة الثانية : حيازة المدعي لم تدم سنة كاملة ولكن الحيازة انتزعت بالقوة : في هذه الحالة لا يكون للمدعي عدوى منع التعرض لو وقع اعتداء على حيازته دون أن تنتزع منه الحيازة لأن الحيازة لم تدم سنة كاملة وشرط دعوى منع التعرض أن تدوم الحيازة المدة كما سنرى .
ولكن المفروض في هذه الحالة أن الحيازة قد انتزعت من المدعي بالقوة لذلك يكون له رفع دعوى استرداد الحيازة بالرغم من أن حيازته لم تدم سنة كاملة لأنه لا يشترط في هذه الحالة أن تكون الحيازة قد دامت هذه المدة وتكون دعوى استرداد الحيازة هنا جزاء على انتزاع الحيازة بالقوة أي دعوى مسئولية تقصيرية أكثر منها دعوى لحماية الحيازة وتنص الفقرة الثانية من المادة 959 مدني كما رأينا في هذا الصدد على ما يأتى : أما إذا كان فقد الحيازة بالقوة فللحائز في جميع الأحوال أن يسترد خلال لسنة المالية حيازته من المتعدي .
وعلى ذلك يقضي للمدعي برد حيازته إليه وبإعادة العقار إلى أصلة وبالغرامة التهديدية شأن المدعي في هذه الحالة شأنه في الحالة الأولى ويقضي له كذلك بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب انتزاع حيازته منه ويلاحظ هنا بوجه خاص استعمال المدعى عليه للقوة في انتزاع الحيازة .
والحكم الذى يصدر برد الحيازة في هذه الحالة يقتصر على رد الحيازة المادية إلى المدعى موقتاً دون أن يحسم النزاع فيمن له حق الحيازة القانونية فيجوز للمدعى عليه بعد أن يرد الحيازة للمدعي أن يعود فيرفع هو دعوى استرداد الحيازة على المدعي إذا استطاع رفعها في الميعاد القانوني وأثبت أن المدعي كان قد سبق له أن انتزع منه الحيازة فإذا نحج في دعواه واسترد الحيازة كان له أيضاً أن يرفع دعوى منع التعرض أو دعوى وقف الأعمال الجديدة إذا توافرت شروط أى دعوى منها .
الحالة الثالثة - حيازة المدعى لم تدم سنة كاملة ولم تنتزع بالقوة ولكن المدعى عليه لا يستند إلى حيازة أحق بالتفضيل : في هذه الحالة الثالثة لم تدم حيازة المدعي سنة كاملة ولم تنتزع منه بالقوة حتى يحل له رفع دعوى استرداد الحيازة كما كان يفعل في الحالتين الأولى والثانية ولكن القانون يعطيه مع ذلك حق رفع دعوى استرداد الحيازة لأن المدعى عليه الذي انتزع منه الحيازة لا يستند هو نفسه إلى حيازة أحق بالتفضيل .
وهنا تعمد الفقرة الأولى للمادة 959 مدني إلى وضع قواعد للمفاضلة بين حيازة وأخرى وهى قواعد تشبه القواعد التي وضعها القضاء الفرنسي لإثبات حق الملكية إذ هى مثلها تميز بين صور ثلاث : صورة ما إذا وجد سند قانوني عند كل من الخصمين وصورة ما إذا لم يوجد سند قانوني عند أي من الخصمين وصورة ما إذا وجد سند قانوني عند أحد الخصمين دون الآخر وقد سبق بسط هذه القواعد فيما يتعلق بإثبات حق الملكية والآن نعرض لنظائرها فيما يتعلق بالمفاضلة بين حيازة وأخرى فقد نصت الفقرة الأولى من المادة 959 مدني كما رأينا على أنه إذا لم يكن من فقد الحيازة قد انقضت على حيازته سنة وقت فقدها فلا يجوز أن يسترد الحيازة إلا من شخص لا يستند إلى حيازة أحق بالتفضيل والحيازة الأحق بالتفضيل هى التي تقوم على سند قانوني فإذا لم يكن لدى أي من الحائزين سند أو تعادلت سنداتهم كانت الحيازة الأحق هى الأسبق في التاريخ ويستخلص من النص سالف الذكر أنه إذا أريدت المفاضلة بين حيازتين وجب التمييز بين الصورة الآتية : ( 1 ) إذا قامت كل من الحيازتين على سند قانوني كأن يتمسك المدعي بسند بيع صادر له من شخص في حين أن المدعى عليه يتمسك بسند بيع صادر له من شخص آخر فضلت الحيازة الأسبق في التاريخ سواء كان سندها سابقاً على سند الحيازة الأخرى أولاً حقاً له . ( 2 ) إذا لم تقم أي من الحيازتين على سند قانوني فإن الحيازة الأسبق في التاريخ هى التي تفضل هنا أيضاً . ( 3 ) إذا قامت إحدى الحيازتين على سند قانوني ولم تقم الحيازة الأخرى على سند مقابل فضلت الحيازة التي تقوم على سند قانوني سواء كانت سابقة على الحيازة الأخرى أو لا حقه لها .
ونطبق هذه القواعد في الحالة الثالثة التى نحن بصددها فإذا كان المدعى عليه في دعوى استرداد الحيازة لم يثبت أنه كان يجوز العقار حيازة أحق بالتفضيل من حيازة المدعي فلم يثبت أن حيازته تقوم سند قانوني في حين أن حيازة المدعي لا تقوم على سند مقابل أو لم يثبت أن حيازته أسبق في التاريخ في حين أن كلاً من الحيازتين يقوم على سند قانوني أولاً يقوم أي منهما على هذا السند كسب المدعي الدعوى وقضى برد الحيازة إليه وبإعادة العقار إلى أصله وبالغرامة التهديدية وبالتعويض كما هو الأمر في الحالتين الأولى والثانية وإذا ردت الحيازة إلى المدعي بقيت مستقرة عنده لأن المدعى عليه لم يثبت أنه كان يجوز العقار حيازة أحق بالتفضيل وإذا أراد المدعى عليه أن يسترد العقار من المدعي لم يكن أمامه لاسترداده إلا أن يرفع دعوى الملكية على المدعى لأن هذا هو الحائر فيصبح المدعى عليه في دعوى استرداد الحيازة مدعياً في دعوى الملكية ويحمل عبء إثبات حق ملكيته للعقار .
الحالة الرابعة – حيازة المدعى لم تدم سنة كاملة ولم تنزع بالقوة ولكن المدعى عليه يستند إلى حيازة أحق بالتفضيل : في هذه الحالة الرابعة لم تدم حيازة المدعي سنة كاملة ولم تنتزع منه بالقوة فليس له أن يسترد حيازته لأحد هذين السببين ثم إن المدعى عليه يستند إلى حيازة أحق بالتفضيل فيضل عليه ولا يستطيع المدعى أن يسترد منه الحيازة وهذه الحالة الرابعة هى الحالة الوحيدة بين الحالات الأربع التي فيها لا يستطيع المدعي أن يسترد الحيازة بالرغم من أن الحيازة قد انتزعت منه غصباً أو خلسة ما دامت لم تنتزع منه بالقوة وما دامت حيازة المدعى عليه أحق بالتفضيل.
ويحمل المدعى عليه عبء إثبات أن حيازته أحق بالتفضيل وعليه أن يثبت إذا قام كل من الحيازتين على سند قانوني أو لم يقم أي منهما على هذا السند أن حيازته أسبق في التاريخ من حيازة المدعي وكذلك تكون حيازته أحق بالتفضيل إذا هو أثبت أنها تقوم على سند قانوني ولم يثبت المدعي أن حيازته تقوم هى أيضاً على سند قانونى .
فإذا أثبت المدعى عليه أن حيازته أحق بالتفضيل على الوجه سالف الذكر لم يقض برد الحيازة إلى المدعي وبقى المدعي عليه مستقراً في الحيازة التي انتزعها لأنها حيازة أحق بالتفضيل كما سبق القول وإذا أراد المعنى أن يسترد العقار فليس أمامه إلا أن يرفع دعوى الملكية بعد أن أخفق في دعوى استرداد الحيازة وفي دعوى الملكية يبقى المدعى عليه وقد استقر في حيازته هو المدعى عليه كما كان فى دعوى استرداد الحيازة ، ويقع عبء إثبات الملكية على المدعى فإذا استطاع أن يثبت ملكيته استرد العقار بالرغم من أن حيازة المدعى عليه أحق بالتفضيل وإذا لم يستطيع إثبات ملكيته بقى العقار في يد المدعى عليه بعد أن أثبت أن حيازته أحق بالتفضيل .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ التاسع المجلد/ الثاني الصفحة/ 1242)
كانت دعاوي الحيازة في ظل التشريع الروماني والتشريع الفرنسي القديم تكفل حماية كافة الأموال والحقوق العينية العقارية والمنقولة على السواء إلا أن التقنينات الحديثة - ومن بينها التقنين المدني - جرت على الحد من هذه الدعاوي بأن جعلها مقصورة فقط على حماية الأموال والحقوق العينية العقارية دون الأموال والحقوق العينية المنقولة.
ويرجع ذلك إلى أن المنقول ليس كالعقار مستقر ثابت يتيسر معه تمييز الحيازة عن الملكية في شأنه فيد الحائز للمنقول تختلط بيد المالك وبالتالي تختلط الحيازة في المنقول بالملكية فدعوى الملكية تحمي حيازة المنقول وملكيته معاً فالحيازة في المنقول إذا اقترنت بحسن النية هي سند الملكية .
( الدعوى الأولى )
دعوى استرداد الحيازة
- تعريف دعوى استرداد الحيازة:
دعوى استرداد الحيازة شرعت لحماية الحائز من أعمال الغصب ومن ثم كان رفعها رهناً بأن يكون لرافعها حيازة مادية حالية ومعنى كونها مادية أن تكون يد الحائز متصلة بالعقار اتصالاً فعلياً يجعل العقار تحت تصرفه المباشر ومعنى كونها حالية أن يكون هذا الاتصال قائماً حال وقوع الغصب ولا يشترط أن تكون هذه الحيازة بنية التملك ويكفي لقبولها أن يكون لرافعها حيازة فعلية ومن ثم يجوز رفعها من المستأجر والمراد بالقوة المستعملة لسلب الحيازة كل فعل مادي أدى إلى منع الحيازة الواقعية لا فرق في ذلك بين القوة المادية أو المعنوية ولو لم تستعمل القوة أو العنف .
وتختلف دعوى استرداد الحيازة عن دعوى الطرد للغصب، التي هي من دعاوى الحق.
يشترط لرفع دعوى استرداد الحيازة توافر الشروط الثلاثة الآتية:
1- وجود حيازة مادية لعقار.
2- سلب الحيازة من الحائز عنوة.
3- رفع الدعوى خلال السنة التالية لسلب الحيازة أو خلال سنة من وقت انکشاف سلب الحيازة إذا تمت خفية.
ونعرض لهذه الشروط بالتفصيل على النحو التالي
الشرط الأول
وجود حيازة مادية لعقار
- المقصود بالحيازة المادية
ذكرنا أن دعوى استرداد الحيازة تقوم قانوناً على رد الاعتداء غير المشروع بصرف النظر عن وضع اليد في ذاته.
ولذلك يكفي لرفع دعوى استرداد الحيازة أن يكون الحائز حائزاً لعقار حيازة مادية هادئة ظاهرة حالية فلا يلزم أن يكون حائزاً حيازة قانونية يتوافر فيها الركنان المادي والمعنوي.
والمقصود بالحيازة المادية أن تكون يد الحائز متصلة بالعقار اتصالاً فعلياً يجعل العقار تحت تصرفه المباشر.
ومعنى كون الحيازة حالية أن يكون هذا الاتصال قائماً في حالة وقوع الغصب والعبرة في ثبوت هذه الحيازة - وهي واقعة مادية- بما يثبت قيامه فعلاً ولو خالف الثابت بمستندات
ويجب أن تكون الحيازة هادئة ظاهرة ولا يشترط أن تستمر الحيازة لمدة سنة كما هو الحال في دعوى منع التعرض.
وإن كنا سنرى أن استمرار الحيازة لمدة سنة له أهمية عند المفاضلة بين حيازتين أنظر شرح المادة 959 مدني .
وطالما لا يشترط في الحيازة توافر ركنها المعنوي فإنه يجوز رفع دعوى استرداد الحيازة من كل من.
١- الحائز العرضي: وهو الحائز لحساب غيره كصاحب حق الانتفاع أو المرتهن رهن حيازة أو المستأجر أو الحارس القضائي فهم يحوزون حق الملكية حيازة عرضية لحساب المالك.
وقد نصت على ذلك صراحة الفقرة الثانية من المادة 958بقولها: ويجوز أيضاً أن يسترد الحيازة من كان حائزاً بالنيابة عن غيره .
ومع مراعاة أن المادة أجازت للمستأجر رفع كافة دعاوي وضع اليد.
2- الحائز على سبيل التسامح : ولو رفعت الدعوى ضد المالك الذي أجاز له الحيازة على سبيل التسامح.
3- الحائز بموجب ترخيص إداري:
إذا كان المرخص له بالانتفاع بالمال العام قد تعرض له الغير بقصد منع انتفاعه بهذا المال لأن المرخص له بالانتفاع بجزء من هذا المال له نوع من الحيازة تخول له الاحتماء بدعاوي وضع اليد ضد كل من يتعرض له من الأفراد في الانتفاع بهذا المال.
أما إذا كانت الحكومة هي التي منعت المرخص له من الانتفاع بالمال العام قبل انقضاء مدة الترخيص فلا يجوز للمرخص له الالتجاء إلى قاضي اليد بطلب استرداد حيازته لهذا المال لأن هذه التراخيص غير ملزمة للسلطة المرخصة التي لها دائماً لداعي المصلحة العامة الحق في إلغائها والرجوع فيها قبل حلول أجلها وعدا ذلك تخضع لحكم الشروط والقيود الواردة فيها وإعطاء التراخيص ورفضها والرجوع فيها كل ذلك أعمال إدارية بحكم القانون العام.
جعل القانون لكل ذي يد على عقار أن يحمي يده بدعاوي وضع اليد ولما كان وضع اليد بمعناه القانوني كما يقع على العقار المفرز يقع على الحصة الشائعة ومن ثم فإنه يجوز لكل واضع يد على حصة شائعة أن يستعين بدعاوي وضع اليد ومن بينها دعوى استرداد الحيازة.
الشرط الثاني
سلب الحيازة من الحائز
المقصود بسلب الحيازة:
يشترط لقبول دعوى استرداد الحيازة أن تكون حيازة المدعى للعقار قد سلبت منه أي أن يكون الفعل الذي يتظلم منه المدعي قد أدى إلى فقد حيازته للعقار كله أو بعضه مع إقامة العقبات المائية في سبيل عودته إليه فإذا كان المدعي مستمراً في حيازة العين وكل ما حدث له هو تعكير في الحيازة لم يفقده إياها فليس له أن يرفع دعوى استرداد الحيازة إذ يلزم لرفعها أن يكون الفعل المرتكب قد أدى إلى زوال حيازة المدعي المادية للعقار فإذا كان الفعل قد أدى إلى زوال الحيازة حق للحائز أن يطلب استرداد هذه الحيازة المسلوبة.
وقد يحرم الحائز من الانتفاع الكامل بالحيازة دون أن يكون هناك سلب للحيازة كأن يهدم المعتدي مسقى في أرضه هو يروي منها الجار أرضه وإنما يجوز رفع دعوى منع التعرض لحماية الحيازة المعنوية لحق الارتفاق .
قد يقع سلب الحيازة مصحوبا باعتداء أو تعد على شخص الحائز أو غيره وبإحداث جروح به أو بغيره فتكون الحيازة قد وقعت بالقوة والإكراه سواء كانت الأفعال التي سلبت الحيازة يعاقب عليها القانون الجنائي أو لا يعاقب .
ويعد من قبيل القوة اغتصاب العقار بأعمال التهديد والوعيد المصحوب بمجاهرات عدائية.
كما يمكن أن يقع سلب الحيازة بالقوة المعنوية كالإغتصاب بناء على أساليب الغش والتدليس والخداع وغير ذلك من المؤثرات المعنوية وهذه المؤثرات تؤدي إلى سلب الحيازة بالقوة المعنوية وهي تتعادل مع القوة المادية .
إلا أن القانون لا يتطلب ضرورة سلب الحيازة بالقوة والإكراه وإنما يكفي أن يستولى المعتدي على العقار غصباً وقهراً أو خلسة دون علم الحائز طالما أن الغصب يوجه إلى العقار ذاته بحيث يقوم عقبة أمام الحائز في حيازته ولا يستطيع تخطيها إلا إذا التجأ إلى العنف.
غير أننا سنرى أن السلب الحيازة بالقوة فائدة إذ يخول الحائز الحق في استرداد حيازته خلال السنة التالية دون المفاضلة بين حيازته وحيازة المعتدي .
وواقعة سلب الحيازة وتاريخها من المسائل الموضوعية المتروكة لتقدير قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً وله سنده في الأوراق.
-يجب أن يكون العمل المادي الذي سلبت به الحيازة قد أجرى في عقار المدعي:
يجب القبول دعوى استرداد الحيازة أن يكون العمل المادي الذي سلب به المدعى عليه الحيازة من المدعي قد تم في عقار المدعي أما إذا كان ما قام به المدعى عليه في ملكه الواقع في حيازته فإن الدعوى تكون غير مقبولة.
إذا نزعت الحيازة نفاذاً لحكم قضائي لم يكن واضع اليد طرفاً فيه جاز الواضع اليد أن يسترد حيازته لأن الأحكام لا حجية لها إلا على الخصوم .
ولا يضار بها من لم يكن طرفاً فيها لا فرق في ذلك بين حكم مرسي المزاد وغيره من الأحكام أو العقود الرسمية إذ يعتبر تنفيذها بالتسليم على غير من كان طرفاً فيها سلباً للحيازة يجيز رفع دعوى استرداد الحيازة.
أما إذا كان فقد الحيازة تنفيذاً لحكم قضائي أو عقد له حجيته قبل الحائز فإن ذلك لا يعد أصلاً سلباً للحيازة ومن ثم لا تقبل دعوى استرداد الحيازة في هذه الصورة.
المقرر أن التعرض المستند إلى قرار إداري اقتضته مصلحة عامة لا يصلح أساساً لرفع دعاوي الحيازة بصفة عامة وضمنها دعوى استرداد الحيازة - لمنع هذا التعرض وذلك لما يترتب حتما على الحكم في هذه الدعوى لمصلحة رافعها من تعطيل هذا القرار ووقف تنفيذه وهو ما يمتنع على المحاكم بنص المادة 17 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 التي تجري على أن:
ليس للمحاكم أن تنظر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في أعمال السيادة ولها دون أن تؤول الأمر الإداري أو توقف تنفيذه أن تفصل:
(1) في المنازعات المدنية والتجارية التي تقع بين الأفراد والحكومة أو الهيئات العامة بشأن عقار أو منقول عدا الحالات التي ينص فيها القانون علی غير ذلك .
(2) في كل المسائل الأخرى التي يخولها القانون حق النظر فيها .
ومن ثم لا يكون أمام الحائز إلا اللجوء إلى القضاء الإداري طالباً إلغاء القرار الإداري وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذه.
الشرط الثالث
رفع دعوى استرداد الحيازة خلال سنة
تحديد الميعاد وحكمته:
حددت المادة ميعاداً لرفع دعوى استرداد الحيازة فأوجبت رفع الدعوى خلال السنة التالية لفقد الحيازة فإذا فقدت الحيازة خفية بدأ سريان السنة من وقت أن ينكشف ذلك .
وقد عبرت المادة عن ميعاد رفع الدعوى بعبارة أن يطلب خلال السنة
التالية ....
وحدد المشرع مدة السنة لرفع الدعوى لإعتبارين:
1- أنه إذا تمكن الغاصب من وضع يده على العين مدة سنة وضعا ظاهراً هادئاً مقروناً بنية التملك فقد اكتسب حيازة جديدة يترتب عليها زوال حيازة واضع اليد السابق.
2- أنه إذا سكت الحائز سنة كاملة مع تكرار العدوان الواقع عليه كان ذلك مما يعيب الحيازة ويفقدها صفة الهدوء فتصبح دعوى اليد غير جائزة القبول بسبب عدم توافر صفات الحيازة.
- كيفية احتساب الميعاد :
يحسب الميعاد من اليوم التالي لتاريخ سلب الحيازة وينتهي بانتهاء اليوم الأخير في السنة. بصرف النظر عن علم واضع اليد أو عدم علمه بسلب الحيازة وفي حالة الاغتصاب الواقع بالغش والتدليس لا يعبأ بتاريخ الدخول في العقار مادام أن نية الاغتصاب لم تكن ظاهرة جلية بل تبدأ مدة السنة من التاريخ الذي تظهر فيه تلك النية بوضوح فإذا أدخل إنسان آخر في عقار تحت حيازته بدافع المروءة والشهامة أو تسامحاً وكرماً منه وكان الشخص المذكور يبطن نية إغتصاب فلا يعتبر بدء وقوع الاغتصاب وإنما يحسب الميعاد من يوم وضوح النية.
وإذا وقع سلب الحيازة خفية فلا تبدأ مدة السنة إلا من يوم ظهورها للعيان .
فلا يكون بدء احتساب مدة السنة من يوم الاكتشاف الفعلي لسلب الحيازة من جانب الحائز ولكن من اليوم الذي كان يستطيع أن يكتشفه وفقاً للحرص العادي للشخص المعتاد والقول بغير ذلك يعني ترك مسألة تحديد بدء الميعاد لشخص المدعي الذي يستطيع الزعم بأنه لم يكتشف فقد الحيازة إلا في اليوم الذي يناسبه.
لم يرسم المشرع طريقاً خالصاً لرفع دعوى استرداد الحيازة ومن ثم فإنها ترجع طبقاً للقواعد العامة الواردة في قانون المرافعات أي بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة (م 63) .
ولا عبرة بتاريخ إعلان صحيفة الدعوى إلى المدعى عليه.
وترفع الدعوى أمام المحكمة المختصة قيمياً بنظر الدعوى طبقاً للقواعد العامة فإذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز أربعين ألف جنيه رفعت إلى المحكمة الجزئية ويكون حكمها انتهائياً إذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز خمسة آلاف جنيه (م 42/1مرافعات).
وترفع الدعوى إلى المحكمة الابتدائية إذا كانت قيمة الدعوى تجاوز أربعين ألف جنيه.
ويكون حكمها انتهائياً إذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز أربعين ألف جنيه .
(م 1/ 47 مرافعات ). وتقدر قيمة الدعوى بقيمة الحق الذي ترد عليه الحيازة (م37/4 مرافعات).
إذا رفعت الدعوى في خلال السنة التالية لفقد الحيازة أمام محكمة غير مختصة، فإن الدعوى تكون مقبولة لأن المشرع في المادة ۱۱۰ مرافعات يوجب على المحكمة غير المختصة ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالولاية إحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة كما يلزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها مما يجعل رفع الدعوى أمام المحكمة غير المختصة مؤدياً بذاته إلى نظرها وكأنه إجراء من إجراءات رفعها أمامها.
لا تثريب على المحكمة أثناء نظر دعوى منع التعرض أن تعتبرها دعوی استرداد حيازة وتحكم فيها على هذا الأساس متي تبينت توافر شروطها، إلا أنه لا تنافر ولا تعارض بين دعوى استرداد الحيازة ودعوى منع التعرض لأن أساسهما واحد.
دعوى استرداد الحيازة في القانون المصري دعوى تتراوح بين أن تكون دعوی وضعت جزاء لعمل غير مشروع هو انتزاع الحيازة فهی دعوى من دعاوي المسئولية وبين أن تكون دعوی وضعت لحماية الحيازة فهی دعوى من دعاوي الحيازة .
يحكم القاضي في دعوى استرداد الحيازة: مرمة يحكم القاضي في دعوى استرداد الحيازة - إذا توافرت شروطها- برد الحيازة إلى المدعي وبرد الحالة إلى ما كانت عليها قبل رفع الدعوى فإذا كان المدعى عليه قد أقام منشآت في العقار وجب الحكم عليه بهدمها وإذا كان قد هدم منشآت كانت قائمة تعين الحكم عليه بإقامتها .
ويستطيع القاضي أن يحكم على المدعى عليه بغرامة تهديدية يحمله على تنفيذ ما قضى عليه به.
ويجوز للقاضي أن يأمر بشمول الحكم الصادر في الدعوى بالنفاذ المعجل بلا كفالة عملاً بالفقرة السادسة من المادة 290 مرافعات إذا كان يترتب على تأخير التنفيذ ضرر جسيم بمصلحة المحكوم له.
ويجوز أن يحكم القاضي بالتعويض للمدى بناء على طلبه إن رأي موجباً لذلك.
يختص القاضي المستعجل بنظر دعوى استرداد الحيازة إذا توافر فيها شرط اختصاصه العامان وهما: الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق.
والاستعجال يتوافر فيها لأنه نقوم قانوناً على رد اعتداء غير مشروع بدون النظر إلى وضع اليد في ذاته.
كما أنه لا يترتب على الفصل فيها المساس بأصل الحق لأن القاضي المستعجل لا يتعرض فيها لأصل النزاع فهو لا يبحث نية التملك عند واضع اليد ولا شروط الحيازة القانونية.
ولما كان قضاء القاضى المستعجل في دعوى استرداد الحيازة لايعتبر قضاء في وضع يد وإنما قضاء بإجراء تحفظي يراد منه رد عدوان الغاصب محافظة على الأوضاع المائية الثابتة لضمان استقرار الأمن فإن قضاءه يقتصر على رد الحيازة فلا يجوز له القضاء بإعادة العقار إلى أصله وذلك بإزالة ما أحدثه المدعى عليه من تغيير سواء بإزالة ما أقامه من مبان أو بإعادة ما هدمه منها.
لأن ذلك يعتبر قضاء موضوعياً يخرج عن اختصاص القضاء المستعجل .(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثالث عشر الصفحة/ 502)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثامن عشر ، الصفحة / 278
أَنْوَاعُ الْحِيَازَةِ:
7 - الْحِيَازَةُ تَكُونُ بِنَوْعٍ مِنَ الأْنْوَاعِ الآْتِيَةِ:
(أ) فِي الْعَقَارِ: السُّكْنَى، الاِزْدِرَاعُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَفِي الْمَنْقُولِ: الرُّكُوبُ فِي الدَّوَابِّ. اللُّبْسُ فِي الثِّيَابِ. الاِنْتِفَاعُ فِي الأْوَانِي وَنَحْوُ ذَلِكَ.
(ب) النَّوْعُ الْمُتَوَسِّطُ فِي الْعَقَارِ: الْهَدْمُ وَالْبِنَاءُ فِيمَا لاَ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ لِبَقَاءِ الأْصْلِ، وَالْغَرْسُ لِلأْشْجَارِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَفِي الْمَنْقُولِ الاِسْتِغْلاَلُ وَهُوَ إِيجَارُ الدَّوَابِّ، وَالثِّيَابِ، وَقَبْضُ الأْجْرَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ.
(ج) النَّوْعُ الأْقْوَى: التَّفْوِيتُ بِالْبَيْعِ، وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَالنُّحْلِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لاَ يَفْعَلُهُ الرَّجُلُ إِلاَّ فِي مَالِهِ.
أَثَرُ الْحِيَازَةِ:
8 - يَقُولُ ابْنُ رُشْدٍ: إِنَّ مُجَرَّدَ الْحِيَازَةِ لاَ تَنْقُلُ الْمِلْكَ عَنِ الْمَحُوزِ عَلَيْهِ إِلَى الْحَائِزِ، وَلَكِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ كَإِرْخَاءِ السُّتُورِ، وَمَعْرِفَةِ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأْشْيَاءِ. مَعْنَى هَذَا أَنَّ الْحَائِزَ لاَ يَنْتَفِعُ بِالْحِيَازَةِ إِلاَّ إِذَا جَهِلَ الْوَجْهَ الَّذِي حَازَ بِهِ أَوِ ادَّعَى شِرَاءً، وَأَمَّا إِذَا عَرَفَ وَجْهَ دُخُولِهِ فِي حَوْزِهِ كَكِرَاءٍ، أَوْ عُمْرَى، أَوْ إِسْكَانٍ، أَوْ إِرْفَاقٍ، أَوْ إِجَارَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنَّ طُولَ الْحَوْزِ لاَ يَنْقُلُ الْمِلْكَ.
شُرُوطُ الْحِيَازَةِ بَيْنَ الأْجَانِبِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ:
9 - يَقُولُ خَلِيلٌ: إِنْ حَازَ أَجْنَبِيٌّ غَيْرُ شَرِيكٍ وَتَصَرَّفَ ثُمَّ ادَّعَى حَاضِرٌ سَاكِتٌ بِلاَ مَانِعٍ عَشْرَ سِنِينَ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ، وَلاَ بَيِّنَتُهُ إِلاَّ بِإِسْكَانٍ وَنَحْوِهِ.
فَالْحَوْزُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يَكُونُ دَالًّا عَلَى مِلْكِ الْحَائِزِ إِذَا تَوَفَّرَ مَا يَلِي:
أَوَّلاً: أَنْ يَتَصَرَّفَ الْحَائِزُ: وَالتَّصَرُّفُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ هُوَ مَا كَانَ كَالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ فِيمَا لاَ ضَرُورَةَ دَاعِيَةٌ إِلَيْهِ. أَمَّا السُّكْنَى وَنَحْوُهَا، فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ حِيَازَةٌ. يَقُولُ ابْنُ رُشْدٍ: وَأَمَّا حِيَازَةُ الأْجْنَبِيِّينَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِيمَا لاَ شَرِكَةَ بَيْنَهُمْ فِيهِ، فَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْحِيَازَةَ تَكُونُ بَيْنَهُمْ فِي الْعَشَرَةِ أَعْوَامٍ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَدْمٌ وَلاَ بُنْيَانٌ، وَفِي كِتَابِ الْجِدَارِ لاِبْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا لاَ تَكُونُ حِيَازَةً إِلاَّ مَعَ الْهَدْمِ وَالْبُنْيَانِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ حَسَنِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْهُ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْقَوْلِ مَا أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ بَلاَغًا (أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ تَكَارَى أَرْضًا. فَلَمْ تَزَلْ فِي يَدَيْهِ بِكِرَاءٍ حَتَّى قَالَ ابْنُهُ وَهُوَ أَبُو سَلَمَةَ أَوْ حُمَيْدٌ: فَمَا كُنْتُ أَرَاهَا إِلاَّ لَنَا مِنْ طُولِ مَا مَكَثَتْ فِي يَدَيْهِ حَتَّى ذَكَرَهَا لَنَا عِنْدَ مَوْتِهِ فَأَمَرَ بِقَضَاءِ شَيْءٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ كِرَائِهَا ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ).
10 - ثَانِيًا: أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي حَاضِرًا عَالِمًا، فَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً فَهُوَ بَاقٍ عَلَى حَقِّهِ وَيَخْتَلِفُ تَقْدِيرُ الْغَيْبَةِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَالْبُعْدِ وَالْقُرْبِ، وَتَقْدِيرُ الْغَيْبَةِ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ هُوَ بِالْمَرَاحِلِ.
فَإِذَا كَانَ الْمُدَّعِي عَلَى سَبْعَةِ مَرَاحِلَ فَأَكْثَرَ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى حُجَّتِهِ وَلَوْ طَالَ أَمَدُ غِيَابِهِ مَا طَالَ، فَالْغَائِبُ فِي مِثْلِ هَذَا الْبُعْدِ مَعْذُورٌ، سَوَاءٌ أَكَانَ رَجُلاً أَمِ امْرَأَةً، وَإِذَا كَانَ عَلَى ثَلاَثِ أَوْ أَرْبَعِ مَرَاحِلَ فَالْمَرْأَةُ مَعْذُورَةٌ بِلاَ خِلاَفٍ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ إِنْ أَبْدَى عُذْرَهُ فِي عَدَمِ الْقِيَامِ، وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ عُذْرُهُ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: هُوَ عَلَى حَقِّهِ لَهُ الْقِيَامُ مُعَلِّلاً بِأَنَّهُ كَمْ مِمَّنْ لاَ يَتَبَيَّنُ عُذْرُهُ لِلنَّاسِ وَهُوَ مَعْذُورٌ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: مَنْ كَانَ عَلَى ثَلاَثِ مَرَاحِلَ لاَ قِيَامَ لَهُ بَعْدَ الأْجَلِ إِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ عُذْرُهُ، فَابْنُ الْقَاسِمِ جَعَلَهُ مَعْذُورًا: وَابْنُ حَبِيبٍ جَعَلَهُ غَيْرَ مَعْذُورٍ حَتَّى يَثْبُتَ خِلاَفُ ذَلِكَ.
وَحَدَّدَ ابْنُ عَرَفَةَ مَوْطِنَ الْخِلاَفِ قَائِلاً: الْخِلاَفُ فِي الْقَرِيبِ هُوَ إِذَا عَلِمَ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَعْلَمْ فَلاَ حِيَازَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا، غَيْرَ أَنَّهُ فِي الْغَالِبِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْعِلْمِ حَتَّى يَثْبُتَ عِلْمُهُ، وَفِي الْحَاضِرِ مَحْمُولٌ عَلَى الْعِلْمِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ.
وَاسْتَحَبَّ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ لِلْغَائِبِ إِذَا عَلِمَ وَمَنَعَهُ مَانِعٌ مِنَ الْحُضُورِ لِطَلَبِ حَقِّهِ أَنْ يُشْهِدَ أَنَّهُ عَلِمَ، وَأَنَّ سُكُوتَهُ عَنِ الْمُطَالَبَةِ إِنَّمَا هُوَ لأِجْلِ الْعُذْرِ مَعَ تَأْكِيدِهِمَا عَلَى أَنَّهُ إِذَا عَلِمَ وَلَمْ يُشْهِدْ لَمْ يُوهِنْ ذَلِكَ حُجَّتَهُ إِلاَّ أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ جِدًّا، مِثْلَ السَّبْعِينَ وَالثَّمَانِينَ سَنَةً وَمَا قَارَبَهَا، وَيَكُونُ مَعَ ذَلِكَ سَمَاعٌ مُسْتَفِيضٌ بِأَنَّهَا مِلْكٌ لِلَّذِينَ هِيَ بِأَيْدِيهِمْ تَدَاوَلُوهَا هُمْ وَمَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ بِمَا يُحَازُ بِهِ الْمِلْكُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ كَالْحِيَازَةِ عَلَى الْحَاضِرِ، وَإِنْ كَانَتِ الْغَيْبَةُ بَعِيدَةً، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَبِقَوْلِهِمَا أَقُولُ.
فَالْغَائِبُ يَكُونُ عَلَى حُجَّتِهِ إِذَا اجْتَمَعَ أَمْرَانِ: أَنْ يَطُولَ ذَلِكَ جِدًّا فِيمَا تَهْلِكُ فِيهِ الْبَيِّنَاتُ، وَتَتَعَاقَبُ الأْجْيَالُ كَالسَّبْعِينَ وَالثَّمَانِينَ، وَأَنْ يَتَأَيَّدَ الْحَوْزُ بِشَهَادَةِ سَمَاعٍ أَنَّ الْحَائِزَ وَمَنْ سَبَقَهُ مَالِكُونَ لِمَا تَحْتَ أَيْدِيهِمْ.
وَإِذَا كَانَتِ الْغَيْبَةُ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمٍ فَالرَّجُلُ هُوَ كَالْحَاضِرِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَهِيَ عَلَى حَقِّهَا. قَالَ ابْنُ فَرْحُونَ: فَرْعٌ: وَفِي الطُّرُرِ لاِبْنِ عَاتٍ وَمَغِيبُ الْمَرْأَةِ عَلَى مَسِيرَةِ الْيَوْمِ لاَ يَقْطَعُ حُجَّتَهَا لِقَوْلِهِعليه الصلاة والسلام: «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ عَلَيْهَا».
قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ الْمُتَأَخِّرِينَ.
وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ هُوَ الْعِلْمُ الشَّامِلُ لأِمْرَيْنِ. الْعِلْمُ بِأَنَّ الْحَائِزَ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ، وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْمَحُوزَ مِلْكُهُ، فَإِذَا جَهِلَ أَنَّ الْمَحُوزَ مِلْكُهُ فَإِنْ كَانَ وَارِثًا حَلَفَ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ وَقُضِيَ لَهُ بِبَيِّنَتِهِ، وَإِذَا قَالَ عَلِمْتُ بِالْمِلْكِ وَلَكِنِّي لَمْ أَجِدِ الْوَثِيقَةَ الْمُثْبِتَةَ لِلْمِلْكِ إِلاَّ الآْنَ، فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ، وَرَجَّحَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ بِذَلِكَ فَلاَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَكَذَلِكَ إِذَا ادَّعَى أَنَّ سُكُوتَهُ إِنَّمَا كَانَ مِنْ أَجْلِ عَدَمِ وُجُودِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي تَشْهَدُ لَهُ.
ثَالِثًا: أَنْ يَسْكُتَ الْمَحُوزُ عَنْهُ الْحَاضِرُ طِوَالَ الْمُدَّةِ وَلاَ يُطَالِبُ بِحَقِّهِ، فَإِنْ نَازَعَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ وَلَمْ يَزَلْ يُخَاصِمُ وَيَطْلُبُ فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ، وَإِنْ نَازَعَ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ لَمْ يُفِدْهُ، وَيَكُونُ كَمَنْ هُوَ سَاكِتٌ، قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ: فِيمَنْ أَثْبَتَ بَيِّنَةً فِي أَرْضٍ أَنَّهَا لَهُ، وَأَثْبَتَ الَّذِي فِي يَدِهِ أَنَّهُ يَحُوزُهَا عَشْرَ سِنِينَ بِمَحْضَرِ الطَّالِبِ، فَأَقَامَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً أَنَّهُ طَلَبَهَا وَنَازَعَ فِيهَا هَذَا، قَالَ: إِنْ قَالُوا إِنَّهُ لَمْ يَزَلْ يُخَاصِمُ وَيَطْلُبُ لَيْسَ أَنْ يُخَاصِمَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ يُمْسِكَ نَفَعَهُ ذَلِكَ، وَإِلاَّ لَمْ يَنْفَعْهُ، وَلاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ الطَّلَبُ عِنْدَ الْحَاكِمِ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ: الطَّلَبُ النَّافِعُ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ الْحَاكِمِ.
11 - رَابِعًا: أَنْ لاَ يَمْنَعَهُ مِنَ الْمُطَالَبَةِ مَانِعٌ: وَالْمَوَانِعُ كَثِيرَةٌ وَمُتَنَوِّعَةٌ لَمْ يَقَعِ اسْتِقْصَاؤُهَا، وَإِنَّمَا وَقَعَ التَّنْبِيهُ عَلَى بَعْضِهَا احْتِيَاطًا لِحَقِّ الْمَالِكِ.
فَمِنَ الْمَوَانِعِ، الْخَوْفُ مِنَ الْحَائِزِ كَمَا إِذَا كَانَ الْحَائِزُ ذَا سُلْطَةٍ وَظَالِمًا. أَوْ كَانَ مُسْتَنِدًا إِلَى سُلْطَانٍ جَائِرٍ وَكَأَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ مَدِينًا مُعْسِرًا وَحَلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ، وَالْحَائِزُ رَبُّ الدَّيْنِ يَخْشَى إِنْ هُوَ طَالَبَهُ بِالتَّخَلِّي عَنِ الْحَوْزِ أَنْ يُطَالِبَ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ، وَمِثْلُهُ إِذَا كَانَ الْمُدَّعِي سَفِيهًا أَوْ صَغِيرًا أَوْ بِكْرًا لَمْ تُعَنِّسْ مَنْ كَانَ هَذَا حَالُهُ، فَإِنَّ أَجَلَ الْحَوْزِ مُعْتَبَرٌ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الْمَانِعِ، وَفِي وَثَائِقِ ابْنِ الْعَطَّارِ لاَ يَقْطَعُ قِيَامُ الْبِكْرِ غَيْرِ الْعَانِسِ وَلاَ قِيَامُ الصَّغِيرِ، وَلاَ قِيَامُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فِي رِقَابِ الأْمْلاَكِ، وَلاَ فِي إِحْدَاثِ الاِعْتِمَارِ بِحَضْرَتِهِمْ إِلاَّ أَنْ يَبْلُغَ الصَّغِيرُ وَيَمْلِكَ نَفْسَهُ مِنَ الْوَلِيِّ، وَتُعَنِّسَ الْجَارِيَةُ وَيُحَازَ عَلَيْهِمْ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَهُمْ عَالِمُونَ بِحُقُوقِهِمْ لاَ يَعْتَرِضُونَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَيَنْقَطِعُ حِينَئِذٍ قِيَامُهُمْ وَمَا لَمْ يَعْرِفُوا لاَ يَنْقَطِعُ قِيَامُهُمْ.
فَأَصْحَابُ الأْعْذَارِ هَؤُلاَءِ يُعْتَبَرُ أَمَدُ السُّكُوتِ الْمُسْقِطِ لِحَقِّهِمْ بَعْدَ حُصُولِ أَمْرَيْنِ. حُصُولِ عِلْمِهِمْ بِأَنَّ الْحَائِزَ يَحُوزُ مِلْكَهُمْ وَسُكُوتَهُمْ بَعْدَ الْعِلْمِ عَشْرَ سِنِينَ بِغَيْرِ عُذْرٍ.
وَمِنَ الأْعْذَارِ الْمَقْبُولَةِ الَّتِي يَبْقَى مَعَهَا الْمُدَّعِي عَلَى حَقِّهِ وَإِنْ طَالَ كَوْنُ الْمَحُوزِ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الثَّرَاءِ وَالْفَضْلِ، مِنْ شَأْنِهِ إِرْفَاقُ النَّاسِ وَالتَّوْسِعَةُ عَلَيْهِمْ، فَقَدْ سُئِلَ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى السَّرَّاجُ عَنْ أُنَاسٍ لَهُمْ أَمْلاَكٌ عَدِيدَةٌ فِي بِلاَدٍ شَتَّى وَبِكُلِّ مَوْطِنٍ، وَجَرَتْ عَادَتُهُمْ مَعَ النَّاسِ أَنَّهُمْ يَتَفَضَّلُونَ مَعَهُمْ فِي أَمْلاَكِهِمْ بِالْبِنَاءِ وَالْحَرْثِ وَالْغِرَاسَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِمَارَةِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ لِكَثْرَةِ ذِمَّتِهِمْ وَغِنَاهُمْ وَعُلُوِّ هِمَّتِهِمْ وَمَحَاسِنِهِمْ مَعَ النَّاسِ، ثُمَّ إِنَّ بَعْضَ السَّاكِنِينَ أَنْكَرُوا الْفَضْلَ وَالإْحْسَانَ وَالْخَيْرَ، وَأَرَادُوا بِزَعْمِهِمْ أَنْ يَمْتَازُوا بِبَعْضِ الأْمْلاَكِ بِسَبَبِ الْعِمَارَةِ وَيَنْسُبُوهَا لأِنْفُسِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ، فَهَلْ تَجُوزُ الْعِمَارَةُ عَلَى أَصْحَابِ الأْمْلاَكِ أَمْ لاَ تَجُوزُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إِلاَّ إِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ بِانْتِقَالِ الأْمْلاَكِ بِبَيْعٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ صَدَقَةٍ؟ فَأَجَابَ أَنَّهَا لاَ تَجُوزُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إِلاَّ إِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ مَقْبُولَةٌ بِانْتِقَالِ الأَْمْلاَكِ، إِمَّا بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْعِمَارَةِ الْعَارِيَةِ عَنْ ذَلِكَ فَلَغْوٌ، وَلاَ عِبْرَةَ بِهَا وَلاَ مُعَوَّلَ عَلَيْهَا. وَدَقَّقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْحَائِكُ فَقَالَ: إِنَّ فَتْوَى السَّرَّاجِ هِيَ فِيمَا إِذَا كَانَتِ الأْرْضُ الْمَذْكُورَةُ مَعْرُوفَةً لِلْقَائِمِ وَمَنْسُوبَةً إِلَيْهِ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ فَلاَ تُنْزَعُ مِنْ يَدِ حَائِزِهَا.
12 - خَامِسًا: أَنْ تَسْتَمِرَّ الْحِيَازَةُ عَشْرَ سِنِينَ فَأَكْثَرَ: إِذَا حَازَ الأْجْنَبِيُّ غَيْرُ الشَّرِيكِ عَقَارًا وَتَوَفَّرَتِ الشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ قَبْلَ هَذَا فَإِنَّهُ لاَ يَنْتَفِعُ بِحِيَازَتِهِ إِلاَّ إِذَا طَالَ أَمَدُ الْحِيَازَةِ.
وَالطُّولُ الْمُعْتَبَرُ دَلِيلاً عَلَى الْمِلْكِيَّةِ قَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَحْدِيدِهِ هَلْ يُؤَقَّتُ بِزَمَنٍ، أَوْ مَرْجِعُ ذَلِكَ إِلَى اقْتِنَاعِ الْحَاكِمِ.
فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: مَا سَمِعْتُ مَالِكًا يُحَدِّدُ فِيهِ عَشْرَ سِنِينَ وَلاَ غَيْرَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى أَنَّ هَذَا قَدْ حَازَهَا دُونَ الآْخَرِ فِيمَا يُكْرَى وَيُهْدَمُ وَيُبْنَى وَيُسْكَنُ.
وَذَهَبَ رَبِيعَةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ حَاضِرًا وَمَالُهُ فِي يَدِ غَيْرِهِ فَمَضَتْ لَهُ عَشْرُ سِنِينَ وَهُوَ عَلَى ذَلِكَ، كَانَ الْمَالُ لِلَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ بِحِيَازَتِهِ إِيَّاهُ عَشْرَ سِنِينَ، إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَ الآْخَرُ بِبَيِّنَةٍ عَلَى أَنَّهُ أَكْرَى، أَوْ أَسْكَنَ، أَوْ أَعَارَ عَارِيَّةً، أَوْ صَنَعَ شَيْئًا مِنْ هَذَا، وَإِلاَّ فَلاَ شَيْءَ لَهُ.
وَعُمْدَةُ التَّقْدِيرِ بِعَشْرِ سِنِينَ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ يَرْفَعُهُ إِلَى الرَّسُولِ صلي الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ حَازَ شَيْئًا عَشْرَ سِنِينَ فَهُوَ لَهُ». قَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ.
وَرَوَاهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ مَرْفُوعًا: «مَنِ احْتَازَ شَيْئًا عَشْرَ سِنِينَ فَهُوَ لَهُ». كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي بَابِ الأْقْضِيَةِ.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَبِالْعَشْرِ سِنِينَ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ.
وَلاِبْنِ الْقَاسِمِ كَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ السَّبْعَ وَالثَّمَانَ وَمَا قَارَبَ الْعَشْرَ مِثْلُ الْعَشَرَةِ.
وَيَقُولُ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِهِ لِكَلاَمِ الْمُسْتَخْرَجَةِ الْعَشْرَ سِنِينَ وَمَا قَارَبَهَا يُرِيدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَالشَّهْرَيْنِ وَالثَّلاَثَةَ وَمَا قَارَبَ مِنْهَا ثُلُثَ الْعَامِ وَأَقَلَّ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ مَا قَرُبَ مِنَ الْعَشَرَةِ الأْعْوَامِ بِالْعَامِ وَالْعَامَيْنِ حِيَازَةٌ.
قَالَ الْحَطَّابُ: فَتَحَصَّلَ فِي مُدَّةِ الْحِيَازَةِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ:
الأْوَّلُ: قَوْلُ مَالِكٍ إِنَّهَا لاَ تُحَدُّ بِسِنِينَ مُقَدَّرَةٍ بَلْ بِاجْتِهَادِ الإْمَامِ.
الثَّانِي: أَنَّ الْمُدَّةَ عَشْرُ سِنِينَ وَهُوَ الْقَوْلُ الْمُعْتَمَدُ بِنَاءً عَلَى الْحَدِيثِ وَوَجَّهَهُ أَيْضًا ابْنُ سَحْنُونٍ بِأَنَّ اللَّهَ لَمَّا أَمَرَ نَبِيَّهُ بِالْقِتَالِ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ كَانَ أَبْلَغَ فِي الإْعْذَارِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ مُدَّةَ الْحِيَازَةِ سَبْعُ سِنِينَ فَأَكْثَرُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الثَّانِي.
وَإِذَا كَانَتِ الْحِيَازَةُ فِي إِرْفَاقٍ فَفِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ الْمَنْسُوبَةِ لِوَلَدِ ابْنِ فَرْحُونَ (مَسْأَلَةٌ) فِي قَنَاةٍ تَجْرِي مُنْذُ أَرْبَعِ سِنِينَ فِي أَرْضِ رَجُلٍ، وَالَّذِي تَجْرِي عَلَيْهِ سَاكِتٌ لاَ تَكُونُ السَّنَةُ حِيَازَةً لِلتَّغَافُلِ عَنْ مِثْلِهَا وَسُكُوتُ أَرْبَعِ سِنِينَ طُولٌ.
أَمَّا إِذَا كَانَتِ الْحِيَازَةُ فِي مَنْقُولٍ فَقَالَ أَصْبَغُ: إِنَّ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ فِي الثِّيَابِ حِيَازَةٌ إِذَا كَانَتْ تُلْبَسُ وَتُمْتَهَنُ، وَإِنَّ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلاَثَ حِيَازَةٌ فِي الدَّوَابِّ إِذَا كَانَتْ تُرْكَبُ، وَفِي الإْمَاءِ إِذَا كُنَّ يُسْتَخْدَمْنَ، وَفِي الْعَبِيدِ وَالْعُرُوضِ فَوْقَ ذَلِكَ وَلاَ تَبْلُغُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بَيْنَ الأْجْنَبِيِّينَ إِلَى عَشَرَةِ أَعْوَامٍ كَمَا يَصْنَعُ فِي الأْصُولِ (الْعَقَارِ).
وَجَاءَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لاَ فَرْقَ فِي الأْجَلِ بَيْنَ الثِّيَابِ وَالْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ، وَبَيْنَ الدُّورِ، وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الدَّوَابَّ وَالثِّيَابَ وَالْعُرُوضَ كُلَّهَا وَالْحَيَوَانَ كُلَّهُ، هَلْ كَانَ مَالِكٌ يَرَى أَنَّهَا إِذَا حَازَهَا رَجُلٌ بِمَحْضَرٍ مِنْ رَجُلٍ فَادَّعَاهَا الَّذِي حِيزَتْ عَلَيْهِ أَنَّهُ لاَ حَقَّ لَهُ فِيهَا، لأِنَّ هَذَا قَدْ حَازَهَا دُونَهُ، وَهَلْ كَانَ يَقُولُ فِي هَذِهِ الأْشْيَاءِ مِثْلَ مَا يَقُولُهُ فِي الدُّورِ وَالْحِيَازَةِ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا إِلاَّ أَنَّ ذَلِكَ عِنْدِي مِثْلُ مَا قَالَ مَالِكٌ فِي الدُّورِ إِذَا كَانَتِ الثِّيَابُ تُلْبَسُ وَتُمْتَهَنُ، وَالدَّوَابُّ تُكْرَى وَتُرْكَبُ.
وَيَجِبُ حَمْلُ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّ التَّحْدِيدَ لَيْسَ قَارًّا، وَإِنَّمَا هُوَ لاِجْتِهَادِ الْحَاكِمِ يَنْظُرُ فِي الظُّرُوفِ الْمُحِيطَةِ بِالْقَضِيَّةِ وَيُعْطِي لِكُلِّ حَالَةٍ مَا يُنَاسِبُهَا حَسَبَ اخْتِلاَفِ الأْعْرَافِ وَالأْشْخَاصِ.
13 - وَتُضَافُ مُدَّةُ حِيَازَةِ الْوَارِثِ إِلَى مُدَّةِ حِيَازَةِ الْمُوَرِّثِ، فَإِذَا حَازَ الْمُوَرِّثُ الشَّيْءَ خَمْسَ سِنِينَ وَحَازَهُ الْوَارِثُ خَمْسَ سِنِينَ ضُمَّتْ مُدَّةُ هَذَا إِلَى مُدَّةِ ذَاكَ وَسَقَطَ حَقُّ الْقَائِمِ فِي الدَّعْوَى.
14 - سَابِعًا: أَلاَّ يَكُونَ الْمَحُوزُ وَقْفًا: إِذَا كَانَ الْمَحُوزُ حَبْسًا فَإِنَّهُ لاَ تَسْقُطُ الدَّعْوَى وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ، فَفِي نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ: سُئِلَ عَنْ جَمَاعَةٍ وَاضِعِينَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى أَمْلاَكِهِمْ وَمُوَرِّثِهِمْ وَمُوَرِّثِ مُوَرِّثِهِمْ نَحْوًا مِنْ سَبْعِينَ عَامًا يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَالتَّعْوِيضِ وَالْقِسْمَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ وُجُوهِ التَّفْوِيتِ، فَادَّعَى عَلَيْهِمْ بِوَقْفِيَّتِهَا شَخْصٌ حَاضِرٌ عَالِمٌ بِالتَّفْوِيتِ الْمَذْكُورِ وَالتَّصَرُّفِ هُوَ وَمُوَرِّثُهُ مِنْ قَبْلِهِ. فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ: لاَ يَجِبُ الْقَضَاءُ بِالْحَبْسِ إِلاَّ بَعْدَ أَنْ يَثْبُتَ التَّحْبِيسُ وَمِلْكُ الْمُحَبِّسِ لِمَا حَبَسَهُ يَوْمَ التَّحْبِيسِ وَبَعْدَ أَنْ تَتَعَيَّنَ الأْمْلاَكُ الْمُحَبَّسَةُ بِالْحِيَازَةِ لَهَا عَلَى مَا تَصِحُّ فِيهِ الْحِيَازَةُ، فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى وَجْهِهِ وَأَعْذَرَ إِلَى الْمَقُومِ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ مِنْ تَرْكِ الْقَائِمِ وَأَبِيهِ قَبْلَهُ عَلَيْهِمْ وَطُولِ سُكُوتِهِمَا عَنْ طَلَبِ حَقِّهِمَا مَعَ عِلْمِهِمَا بِتَفْوِيتِ الأْمْلاَكِ فَالْقَضَاءُ بِالْحَبْسِ وَاجِبٌ، وَالْحُكْمُ بِهِ لاَزِمٌ.
وَمِنْ بَابِ أَوْلَى الْحَبْسُ الْعَامُّ بِمَا يَشْمَلُهُ مِنْ مَسْجِدٍ وَطَرِيقٍ وَمَصَالِحَ عَامَّةٍ.
قَالَ الزَّرْقَانِيُّ: وَمِنْ شُرُوطِهَا - أَيِ الْحِيَازَةِ - أَنْ يَدَّعِيَ الْحَائِزُ مِلْكَ الشَّيْءِ الْمَحُوزِ، أَيْ وَلَوْ مَرَّةً، وَأَمَّا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ إِلاَّ مُجَرَّدَ الْحَوْزِ فَلاَ يَنْفَعُهُ.
وَلاَ يَنْفَعُ الْحَائِزَ الْمُدَّعِيَ الْمِلْكِيَّةُ بِحِيَازَتِهِ إِلاَّ مَعَ جَهْلِ الْمُدْخَلِ فِي هَذَا الأْصْلِ الْمَحُوزِ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ هَلْ بِعَارِيَّةٍ مَثَلاً أَوْ لاَ؟ أَعْنِي هَلْ دَخَلَ بِوَجْهٍ لاَ يَقْتَضِي نَقْلَ الْمِلْكِ كَالْعَارِيَّةِ وَالإْسْكَانِ وَنَحْوِهِمَا أَمْ لاَ. لأِنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ أَنَّ دُخُولَهُ كَانَ بِشَيْءٍ مِنْهَا مَا نَفَعَتْهُ حِيَازَتُهُ وَلَوْ طَالَتْ.
مَا تُوجِبُهُ الْحِيَازَةُ:
15 - يَقُولُ ابْنُ الْحَاجِبِ: إِنَّ الدَّعْوَى تَنْقَسِمُ إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ:
أ - الدَّعْوَى الْمُشَبَّهَةُ: وَهِيَ الدَّعْوَى الَّتِي تُوجِبُ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِهَا مِنْ غَيْرِ إِثْبَاتِ خُلْطَةٍ، وَهِيَ الدَّعْوَى اللاَّئِقَةُ بِالْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَذَلِكَ كَالدَّعَاوَى عَلَى الصُّنَّاعِ الْمُنْتَصِبِينَ لِلصِّنَاعَةِ وَالتِّجَارَةِ فِي الأْسْوَاقِ وَالْمُسَافِرِ عَلَى رُفْقَتِهِ.
ب - الدَّعْوَى الْبَعِيدَةُ: وَهِيَ الَّتِي لاَ تُشْبِهُ فَلاَ تُسْمَعُ وَلاَ يُلْتَفَتُ إِلَيْهَا، كَدَعْوَى دَارٍ بِيَدِ حَائِزٍ يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِالْهَدْمِ، وَالْبُنْيَانِ، وَالْعِمَارَةِ مُدَّةً طَوِيلَةً، وَالْمُدَّعِي شَاهِدٌ سَاكِتٌ وَلاَ مَانِعَ مِنْ خَوْفٍ وَلاَ قَرَابَةٍ وَلاَ صِهْرٍ وَشُبْهَةٍ.
ج - الدَّعْوَى الْمُتَوَسِّطَةُ بَيْنَ الْمُشْبِهَةِ وَالْبَعِيدَةِ، فَتُسْمَعُ مِنْ مُدَّعِيهَا، وَيُمَكَّنُ مِنْ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَا فِيهِ مَعَرَّةٌ.
وَأَمَّا الدَّعْوَى بِمَا فِيهِ مَعَرَّةٌ عَلَى غَيْرِ لاَئِقٍ بِهِ فَلاَ يَمِينَ فِيهَا.
فَابْنُ الْحَاجِبِ كَمَا يَدُلُّ النَّصُّ أَعْلاَهُ يَعْتَبِرُ الْحِيَازَةَ بِشُرُوطِهَا، كَالشَّهَادَةِ الْقَاطِعَةِ الَّتِي تُثْبِتُ الْحَقَّ لِصَاحِبِهَا بِدُونِ يَمِينٍ، وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ فَدَعْوَى الْقَائِمِ (الْمُدَّعِي) بَاطِلَةٌ مِنْ أَصْلِهَا، وَطُولُ الْمُدَّةِ كَافٍ فِي إِثْبَاتِ الْحَائِزِ لِشَهَادَةِ الْعُرْفِ، وَابْنُ الْحَاجِبِ يَعْتَبِرُ الْعُرْفَ كَشَاهِدَيْنِ.
16 - وَذَهَبَ ابْنُ رُشْدٍ إِلَى التَّفْصِيلِ، فَقَالَ: إِنَّ الدَّعْوَى عَلَى الْحَائِزِ تَنْقَسِمُ إِلَى أَقْسَامٍ، وَلِكُلِّ قِسْمٍ حُكْمُهُ:
1 - أَنْ لاَ تَتَأَيَّدَ دَعْوَى الْمُدَّعِي عَلَى الْحَائِزِ بِبَيِّنَةٍ وَلاَ إِقْرَارٍ مِنَ الْحَائِزِ، وَلَمْ تَتَضَمَّنِ الدَّعْوَى الْوَجْهَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ بِهِ الْحَائِزُ، وَكَانَتْ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ فَهَذِهِ الدَّعْوَى مِنْ أَصْلِهَا لاَ تُوجِبُ سُؤَالَ الْحَائِزِ وَلاَ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ لِرَدِّ دَعْوَى الْمُدَّعِي.
2 - مِثْلُ الصُّورَةِ الأْولَى إِلاَّ أَنَّ الْقَائِمَ يَدَّعِي أَنَّ الْحَائِزَ إِنَّمَا كَانَ يَتَصَرَّفُ فِي الْحَوْزِ كِرَاءً، أَوْ إِسْكَانًا، أَوْ إِعَارَةً، فَتَجِبُ يَمِينُ الْحَائِزِ لِرَدِّ دَعْوَى الْمُدَّعِي.
3 - أَنْ يَقُومَ الْقَائِمُ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ وَلَمْ يُؤَيِّدْ دَعْوَاهُ فَتَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْحَائِزِ.
4 - أَنْ تَتَأَيَّدَ دَعْوَى الْمُدَّعِي بِبَيِّنَةٍ، أَوْ بِإِقْرَارِ الْحَائِزِ بَعْدَ أَمَدِ الْحِيَازَةِ، وَهُنَا يُسْأَلُ الْحَائِزُ عَنِ الْوَجْهِ الَّذِي صَارَ بِهِ إِلَيْهِ الْمَحُوزُ، فَإِنْ بَيَّنَ وَجْهًا قُبِلَ مَعَ يَمِينِهِ، وَتَسْقُطُ دَعْوَى الْمُدَّعِي سَوَاءٌ أَذَكَرَ أَنَّهُ صَارَ إِلَيْهِ بِشِرَاءٍ مِنَ الْقَائِمِ، أَوْ مِنْ مُوَرِّثِهِ، أَوْ بِهِبَةٍ، أَوْ بِصَدَقَةٍ مِنْهُ، وَنَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِالتَّفْرِقَةِ بَيْنَ ادِّعَاءِ الشِّرَاءِ وَادِّعَاءِ التَّبَرُّعِ فَقَدْ سُئِلَ عَنِ الَّذِي يَكُونُ بِيَدِهِ الْمَسْكَنُ أَوِ الأْرْضُ فَيُقِيمُ رَجُلٌ عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّهُ مَسْكَنُهُ أَوْ أَرْضُهُ، أَوْ يُقِرُّ لَهُ بِذَلِكَ الَّذِي هُوَ بِيَدِهِ، وَيَدَّعِي الَّذِي هُوَ بِيَدِهِ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ، أَوْ وَهَبَهُ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلاَ يَأْتِي بِبَيِّنَةٍ عَلَى شَيْءٍ مِنْ دَعْوَاهُ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي هُوَ بِيَدِهِ، إِذَا كَانَ قَدْ حَازَهُ الزَّمَانُ الَّذِي يُعْلَمُ فِي مِثْلِهِ أَنْ قَدْ هَلَكَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْبَيْعِ مَعَ يَمِينِهِ، وَأَمَّا الصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ وَالنُّزُولُ (أَيِ الإْسْكَانُ) فَإِنِّي أَرَى أَنْ يَحْلِفَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ بِاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ مَا وَهَبَ وَلاَ تَصَدَّقَ وَلاَ أَنْزَلَ وَلاَ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ إِلاَّ عَلَى وَجْهِ الْتِمَاسِ الرِّفْقِ بِهِ. فَيُرَدُّ إِلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَةَ مَا أَحْدَثَ عَلَيْهِ نَقْضًا إِنْ أَحَبَّ، وَإِنْ أَبَى أَسْلَمَ إِلَيْهِ نَقْضَهُ مَقْلُوعًا، وَوَجْهُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالتَّبَرُّعِ أَنَّ الأْصْلَ فِي نَقْلِ الأْمْلاَكِ هُوَ الْبَيْعُ، وَأَمَّا التَّبَرُّعُ فَنَادِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَيْعِ فَضَعُفَتْ دَعْوَى مُدَّعِيهِ.
وَإِذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنَ الْحَائِزِ وَصَادَقَهُ الْحَائِزُ عَلَى ذَلِكَ إِلاَّ أَنَّهُ ادَّعَى الإْقَالَةَ بَعْدَ الْبَيْعِ فَيُصَدَّقُ الْحَائِزُ بِيَمِينِهِ، قَالَ ابْنُ عَاصِمٍ: وَإِذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنَ الْحَائِزِ وَصَادَقَهُ الْحَائِزُ عَلَى ذَلِكَ إِلاَّ أَنَّهُ ادَّعَى الإْقَالَةَ بَعْدَ الْبَيْعِ فَيُصَدَّقُ الْحَائِزُ بِيَمِينِهِ، قَالَ ابْنُ عَاصِمٍ:
وَإِنْ يَكُنْ مُدَّعِيًا إِقَالَةً
فَمَعَ يَمِينِهِ لَهُ الْمَقَالَةُ
الْحِيَازَةُ بَيْنَ الأْجَانِبِ الشُّرَكَاءِ:
17 - حُكْمُ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ كَحُكْمِ الْمَرْتَبَةِ السَّابِقَةِ فِي كُلِّ التَّفْصِيلاَتِ، إِلاَّ أَنَّ الْحِيَازَةَ لاَ تَكُونُ مُؤَثِّرَةً إِلاَّ إِذَا كَانَتْ مِنَ النَّوْعِ الثَّانِي، أَعْنِي الْغَرْسَ وَالْقَلْعَ فِي الأْشْجَارِ، وَالْبِنَاءَ وَالْهَدْمَ فِي الدُّورِ، وَكِرَاءَ الْحَيَوَانِ وَأَخْذَ أُجْرَةِ ذَلِكَ، أَمَّا لَوْ ضَعُفَتِ الْحِيَازَةُ فَكَانَتْ بِالسُّكْنَى أَوِ الزِّرَاعَةِ أَوِ الاِسْتِخْدَامِ، فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَبْقَى عَلَى حَقِّهِ وَلَوْ مَضَتِ الْمُدَّةُ.
وَرُوِيَ عَنْ مُطَرِّفٍ أَنَّ الشُّرَكَاءَ الأَْجَانِبَ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ، وَوَهَّنَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا الْقَوْلَ لأِنَّ إِلْغَاءَ تَأْثِيرِ عَلاَقَةِ الشَّرِكَةِ فِي التَّسَامُحِ بَعِيدٌ، ثُمَّ رَجَّحَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الأْشْرَاكِ الأْجْنَبِيِّينَ حُكْمَ الْقَرَابَةِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمِيرَاثِ الَّذِينَ لَيْسُوا بِأَشْرَاكٍ وَهَذَا الاِخْتِيَارُ يُبَيِّنُهُ الْبَنْدُ التَّالِي.
الْحِيَازَةُ بَيْنَ الأْقَارِبِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ، وَالأْقَارِبِ الشُّرَكَاءِ:
18 - الْحِيَازَةُ بَيْنَ الأْقَارِبِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ، وَالأْقَارِبِ الشُّرَكَاءِ، حَصَّلَ ابْنُ رُشْدٍ فِي هَاتَيْنِ الْمَرْتَبَتَيْنِ ثَلاَثَةَ أَقْوَالٍ:
الأْوَّلُ: أَنَّ الْحِيَازَةَ بَيْنَهُمْ إِذَا كَانَتْ بِالْهَدْمِ وَالْبُنْيَانِ وَاسْتَمَرَّتْ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ، فَهِيَ قَاطِعَةٌ لِحُجَّةِ الْقَائِمِ.
الثَّانِي: أَنَّهَا لاَ تَكُونُ حِيَازَةً بَيْنَهُمْ إِلاَّ فِيمَا جَاوَزَ الأْرْبَعِينَ سَنَةً.
الثَّالِثُ: التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الأْقَارِبِ الشُّرَكَاءِ وَغَيْرِ الشُّرَكَاءِ، فَغَيْرُ الشُّرَكَاءِ تَكْفِي مُدَّةُ السَّنَوَاتِ الْعَشْرِ مَعَ الْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ، وَالشُّرَكَاءُ لاَ بُدَّ مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً.
وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ هَذِهِ الأْقْوَالِ هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي. يَقُولُ الزَّرْقَانِيُّ فِي تَحْلِيلِ قَوْلِ خَلِيلٍ: وَفِي الشَّرِيكِ الْقَرِيبِ مَعَ الْهَدْمِ وَالْبُنْيَانِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَ كُلٍّ قَوْلاَنِ، أَحَدُهُمَا: عَشْرُ سِنِينَ، وَالثَّانِي: زِيَادَةٌ عَلَى أَرْبَعِينَ عَامًا مَعَهُمَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
وَذَلِكَ إِذَا لَمْ تَكُنْ عَدَاوَةٌ بَيْنَ الأْقَارِبِ شُرَكَاءَ كَانُوا أَوْ لاَ، أَمَّا إِذَا حَصَلَتْ بَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ الأْجَانِبِ السَّابِقُ. يَقُولُ ابْنُ عَاصِمٍ. وَذَلِكَ إِذَا لَمْ تَكُنْ عَدَاوَةٌ بَيْنَ الأْقَارِبِ شُرَكَاءَ كَانُوا أَوْ لاَ، أَمَّا إِذَا حَصَلَتْ بَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ الأْجَانِبِ السَّابِقُ. يَقُولُ ابْنُ عَاصِمٍ.
وَالأْقْرَبُونَ حَوْزُهُمْ مُخْتَلِفٌ
بِحَسَبِ اعْتِمَارِهِمْ يَخْتَلِفُ
فَإِنْ يَكُنْ بِمِثْلِ سُكْنَى الدَّارِ
وَالزَّرْعِ لِلأْرْضِ وَالاِعْتِمَارِ
فَهُوَ بِمَا يَجُوزُ الأْرْبَعِينَ
وَذُو تَشَاجُرٍ كَالأْبْعَدِينَ
وَمِثْلُهُ مِمَّا إِذَا كَانَ عُرْفُ الْبَلَدِ عَدَمَ التَّسَامُحِ. ذَكَرَهُ ابْنُ سَلَمُونَ فِي وَثَائِقِهِ.
الْحِيَازَةُ بَيْنَ الأْبِ وَابْنِهِ:
19 - بِمَا أَنَّ التَّسَامُحَ بَيْنَ الأْبِ وَابْنِهِ مِمَّا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ فِي الأْقْطَارِ الْمُخْتَلِفَةِ، فَإِنَّ حِيَازَةَ أَحَدِهِمَا عَلَى الآْخَرِ إِنْ كَانَتْ مِنَ النَّوْعِ الأْوَّلِ فَهِيَ غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ، وَلِلْقَائِمِ مِنْهُمَا الْحَقُّ فِي الْمُطَالَبَةِ بِدُونِ تَحْدِيدِ أَمَدٍ، وَإِنْ كَانَتْ مِنَ النَّوْعِ الثَّانِي، أَعْنِي الْهَدْمَ، أَوِ الْبِنَاءَ، أَوِ الْغَرْسَ، أَوِ الإْيجَارَ، وَقَبَضَ الأْجْرَةَ فَلاَ تَكُونُ الْحِيَازَةُ مُؤَثِّرَةً إِلاَّ إِذَا طَالَ أَمَدُهَا طُولاً تَهْلِكُ فِيهِ الْبَيِّنَاتُ، وَيَنْقَطِعُ الْعِلْمُ بِحَقِيقَةِ مَا يَدَّعِيهِ كُلٌّ مِنْهُمَا. فَإِذَا بَلَغَتِ الْحِيَازَةُ مِثْلَ هَذَا الطُّولِ، انْقَطَعَتْ حُجَّةُ الْمُدَّعِي وَقُضِيَ لِلْحَائِزِ الْمُدَّعِي الْمِلْكِيَّةَ - وَلَمْ يُحَدِّدِ الزَّرْقَانِيُّ الْمُدَّةَ بِأَجَلٍ وَإِنَّمَا رَبَطَهَا بِسِنِّ الشُّهُودِ - وَنُقِلَ عَنْ مُخْتَصَرِ الْمُتَيْطِيِّ، أَنَّهُ ذَكَرَ فِي مَحَلٍّ عِشْرِينَ سَنَةً، وَفِي مَحَلٍّ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ اسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الأْقَارِبَ بِغَيْرِ عَلاَقَةِ الْبُنُوَّةِ وَالأْبُوَّةِ تَكُونُ الْحِيَازَةُ بَيْنَهُمْ بِمَا يُجَاوِزُ الأْرْبَعِينَ، فَكَيْفَ تَكُونُ بَيْنَ الأْبِ وَابْنِهِ دُونَ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِعِشْرِيْنَ سَنَةً، أَوْ كَيْفَ تَكُونُ مُسَاوِيَةً عَلَى الْقَوْلِ بِأَرْبَعِينَ.
وَحَدَّدَ الدَّرْدِيرُ فِي شَرْحِهِ عَلَى خَلِيلٍ أَقَلَّ الْمُدَّةِ بِسِتِّينَ سَنَةً بَيْنَ الاِبْنِ وَأَبِيهِ.
الْحِيَازَةُ بَيْنَ الأْخْتَانِ وَالأْصْهَارِ وَالْمَوَالِي:
20 - وَيَشْمَلُ الْمَوْلَى الأْعْلَى وَالأْسْفَلَ إِذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمْ قَرَابَةٌ، وَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ كُلُّهَا لاِبْنِ الْقَاسِمِ: الأْوَّلُ: أَنَّهُمْ كَالأْقَارِبِ فَلاَ تَحْصُلُ الْحِيَازَةُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ مَعَ الطُّولِ جِدًّا، بِأَنْ تَزِيدَ مُدَّتُهَا عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً سَوَاءٌ كَانَ التَّصَرُّفُ بِالْهَدْمِ وَالْبُنْيَانِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا، أَوْ كَانَ بِالاِسْتِغْلاَلِ بِالْكِرَاءِ، أَوِ الاِنْتِفَاعِ بِنَفْسِهِ بِسُكْنَى أَوِ ازْدِرَاعٍ. وَقِيلَ إِنَّهُمْ كَالأْجَانِبِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ فَيَكْفِي فِي الْحِيَازَةِ عَشْرُ سِنِينَ مَعَ التَّصَرُّفِ مُطْلَقًا، أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِالْهَدْمِ، أَوِ الْبِنَاءِ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ كُلٍّ مِنْهُمَا، أَوِ بِالإْجَارَةِ أَوْ بِالاِسْتِغْلاَلِ بِنَفْسِهِ بِسُكْنَى أَوِ ازْدِرَاعٍ، وَقِيلَ كَالأْجَانِبِ الشُّرَكَاءِ، فَيَكْفِي فِي الْحِيَازَةِ عَشْرُ سِنِينَ مَعَ التَّصَرُّفِ بِالْهَدْمِ، أَوِ الْبِنَاءِ، وَمَا يَقُومُ مَقَامَ كُلٍّ، لاَ بِاسْتِغْلاَلٍ أَوْ سُكْنَى أَوِ ازْدِرَاعٍ.
وَأَمَّا إِذَا كَانَ بَيْنَ الأْصْهَارِ قَرَابَةٌ يَجْرِي فِيهِمْ مَا يَجْرِي فِي الأْقَارِبِ.
الْحِيَازَةُ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ فِي الْمَرَاتِبِ الْخَمْسَةِ.
21 - سَبَقَ أَنَّ الْحِيَازَةَ بَيْنَ الأْجَانِبِ فِي الْمَنْقُولاَتِ أَقَلُّ مُدَّةٍ مِنَ الرِّبَاعِ وَالْعَقَارَاتِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَإِنَّ حِيَازَةَ الْمَنْقُولاَتِ لاَ تَخْتَلِفُ عَنْ حِيَازَةِ الْعَقَارَاتِ، يَقُولُ خَلِيلٌ: وَإِنَّمَا تَفْتَرِقُ الدَّارُ مِنْ غَيْرِهَا فِي حِيَازَةِ الأْجْنَبِيِّ، وَمَفْهُومُ هَذَا أَنَّ الْحِيَازَةَ بَيْنَ الأْقَارِبِ لاَ تَفْتَرِقُ فِيهَا حِيَازَةُ الْعَقَارِ عَنْ حِيَازَةِ الْمَنْقُولِ فَلاَ بُدَّ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى أَرْبَعِينَ عَامًا، وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْمَنْقُولَ كَالْعُرُوضِ الَّتِي تَطُولُ مُدَّتُهَا كَالنُّحَاسِ وَالْبُسُطِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُسْتَعْمَلُ، فَيَكْفِي فِيهَا الْعَشْرُ سِنِينَ بِخِلاَفِ مَا لاَ تَطُولُ مُدَّتُهَا كَالثِّيَابِ تُلْبَسُ فَيَنْبَغِي أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ بِالاِجْتِهَادِ.
وَيُوَضِّحُ الزَّرْقَانِيُّ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: لاَ كَثِيَابٍ مَعَ لُبْسٍ فَيَنْبَغِي حِيَازَتُهُ دُونَ تِلْكَ الْمُدَّةِ لِعَدَمِ بَقَائِهِ فِيهَا فَيَبْعُدُ تَحْدِيدُهُ بِذَلِكَ.
التَّصَرُّفُ مِنَ النَّوْعِ الثَّالِثِ:
22 - سَبَقَ أَنَّ التَّصَرُّفَ بِسَبَبِ الْحِيَازَةِ أَنْوَاعٌ: وَأَنَّ أَقْوَى الأْنْوَاعِ هُوَ التَّصَرُّفُ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالنُّحْلِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الْمُفَوِّتَةِ عَنِ الْمَالِكِ حُقُوقَ الْمِلْكِيَّةِ، وَهَذَا التَّفْوِيتُ مِنَ الْحَائِزِ لاَ يَخْلُو وَضْعُهُ، إِمَّا أَنْ يَفُوتَ الْكُلُّ، أَوِ الْبَعْضُ، فَإِنْ فَوَّتَ الْكُلَّ فَلَهُ أَحْوَالٌ.
أ - الْحَالَةُ الأْولَى: أَنْ يَفُوتُ الْحَائِزُ بِالْبَيْعِ بِحُضُورِ الْمَحُوزِ عَنْهُ فَيَعْتَرِضَ عَلَى الْبَيْعِ فَلاَ يَنْفُذَ الْبَيْعُ.
ب - الثَّانِيَةُ: أَنْ يَسْكُتَ وَقْتَ مَجْلِسِ الْبَيْعِ بِدُونِ عُذْرٍ ثُمَّ يَقُومَ عَقِبَ الْمَجْلِسِ مُطَالِبًا بِحَقِّهِ فَيَنْفُذُ الْبَيْعُ وَيَسْتَحِقُّ الثَّمَنَ، وَإِنْ سَكَتَ حَتَّى مَضَى الْعَامُ وَنَحْوُهُ نَفَذَ الْبَيْعُ وَاسْتَحَقَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ مَعَ يَمِينِهِ فِي بَيَانِ الْوَجْهِ الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ مِنْ شِرَاءٍ أَوْ مُقَاسَمَةٍ.
ج - الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ لاَ يَكُونَ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْبَيْعِ فَيَعْلَمَ بِهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَيَقُومَ بِمُجَرَّدِ مَا يَبْلُغُهُ الْخَبَرُ فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ، إِنْ شَاءَ أَنْفَذَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْبَيْعَ.
د - الْحَالَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ لاَ يَكُونَ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْعَقْدِ فَيَعْلَمَ بِهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَلاَ يَقُومَ إِلاَّ بَعْدَ الْعَامِ وَنَحْوِهِ، فَالْبَيْعُ نَافِذٌ وَلَيْسَ لَهُ إِلاَّ الثَّمَنُ.
هـ - الْحَالَةُ الْخَامِسَةُ: أَنْ لاَ يَكُونَ حَاضِرًا وَيَبْلُغُهُ الْخَبَرُ وَيَسْكُتُ حَتَّى تَمْضِيَ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ فَلاَ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا.
و - الْحَالَةُ السَّادِسَةُ: أَنْ يَقَعَ التَّفْوِيتُ بِالْهِبَةِ أَوِ الصَّدَقَةِ، وَقَدْ كَانَ حَاضِرًا مَجْلِسَ التَّفْوِيتِ وَاعْتَرَضَ فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ.
ز - الْحَالَةُ السَّابِعَةُ: مِثْلُ سَابِقَتِهَا إِلاَّ أَنَّهُ سَكَتَ فِي مَجْلِسِ التَّفْوِيتِ، ثُمَّ أَبْدَى اعْتِرَاضَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ.
ح - الْحَالَةُ الثَّامِنَةُ: أَنْ يَكُونَ غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِ التَّفْوِيتِ فَيَقُومُ بِمُجَرَّدِ مَا يَبْلُغُهُ الْخَبَرُ فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ.
ط - الْحَالَةُ التَّاسِعَةُ: أَنْ يَقُومَ بَعْدَ الْعَامِ وَنَحْوِهِ فَالْقَوْلُ لِلْحَائِزِ.
تَفْوِيتُ الْبَعْضِ وَلَهُ أَحْوَالٌ:
وَكَذَلِكَ إِذَا فَوَّتَ الْبَعْضَ لَهُ أَحْوَالٌ:
الْحَالَةُ الأْولَى: إِذَا فَوَّتَ الأْكْثَرَ، فَمَا فَاتَ حُكْمُهُ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ وَالْقَلِيلُ قَد اخْتُلِفَ فِيهِ، فَرَوَى يَحْيَى عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الأْقَلَّ يَتْبَعُ الأْكْثَرَ يَسْتَحِقُّهُ الْحَائِزُ بِيَمِينِهِ، وَفُهِمَ مِنْ كَلاَمِ سَحْنُونٍ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ لاَ يَرَى أَنَّ الأْقَلَّ تَبَعٌ لِلأْكْثَرِ، فَيَكُونُ لِلْمَحُوزِ عَلَيْهِ حَقُّهُ بَعْدَ يَمِينِهِ.
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: إِذَا فَوَّتَ الأْقَلَّ فَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ رِوَايَتَانِ أَنَّ الأْقَلَّ قَدْ تَمَّتْ حِيَازَتُهُ وَيَبْقَى الأْكْثَرُ عَلَى حَالِهِ يُطَبَّقُ فِيهِ مَقَايِيسُ الْحِيَازَةِ السَّابِقَةِ، وَرُوِيَ أَنَّ الأْقَلَّ يَكُونُ تَبَعًا لِلأْكْثَرِ فَلاَ يَرْتَفِعُ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ وَيَأْخُذُ الْمَحُوزُ عَلَيْهِ حَقَّهُ.
وَإِذَا فَوَّتَ النِّصْفَ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ، وَلاَ يَكُونُ بَعْضُ ذَلِكَ تَبَعًا لِلْبَعْضِ.
تَأَخُّرُ الْحِيَازَةِ عَنْ ثُبُوتِ حَقِّ الْمِلْكِيَّةِ:
23 - إِذَا مَلَكَ شَخْصٌ مَالاً بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَتَأَخَّرَ حَوْزُهُ لَهُ فَهَلْ يُعْتَبَرُ هَذَا الْحَوْزُ مُسْقِطًا لِحَقِّهِ؟ أَنَّهُ إِنْ أَعْلَمَ وَجْهَ التَّمَلُّكِ وَتَأَخَّرَ الْحَوْزُ، فَإِنَّ الْمُدَّةَ لاَ تُؤَثِّرُ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ لِقَوْلِهِ صلي الله عليه وسلم : «لاَ يَبْطُلُ حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَإِنْ قَدُمَ» وَبِنَاءً عَلَى هَذَا فَإِذَا عَيَّنَ لاِمْرَأَةٍ صَدَاقَهَا حُقُولاً فَقَبَضَتِ الْبَعْضَ مِنْ يَدِ الزَّوْجِ أَوْ وَالِدِهِ، وَبَقِيَ قِسْمٌ لَمْ تَقْبِضْهُ إِلَى أَنْ مَاتَ الْمَالِكُ الأْصْلِيُّ وَالْيَدُ لِلزَّوْجِ فَإِنَّ طُولَ الْمُدَّةِ لاَ يُؤَثِّرُ فِي مُطَالَبَتِهَا بِحَقِّهَا وَتَسْتَحِقُّهُ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهَا فَوَّتَتْ صَدَاقَهَا بِمُفَوِّتٍ. وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِّ أَنَّ مَنْ قَامَ بِعَقْدِ شِرَاءٍ مِنَ الْمُقَّوَمِ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ أَبِيهِ قَبْلَهُ، وَتَارِيخُ الشِّرَاءِ أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً، وَقَالَ لَمْ يَعْلَمْ بِشِرَاءِ أَبِيهِ وَلاَ جَدِّهِ إِلَى الآْنَ فَلْيَحْلِفْ عَلَى ذَلِكَ وَيَأْخُذُ الأْمْلاَكَ. ا هـ. عَلَّقَ عَلَيْهِ الرَّهُونِيُّ وَلاَ يَعْتَرِضُ هَذَا مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ رُسُومَ الأْشْرِيَةِ لاَ يُنْزَعُ بِهَا مِنْ يَدِ حَائِزٍ، لأِنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَقْدُ الشِّرَاءِ مِنَ الْمُقَوَّمِ عَلَيْهِ، لأِنَّ عِلَّةَ عَدَمِ الاِنْتِزَاعِ بِعُقُودِ الأْشْريَةِ أَنَّ الإْنْسَانَ قَدْ يَبِيعُ مَا لاَ يَمْلِكُ، وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْعِلَّةُ مُنْتَفِيَةً إِذَا كَانَ الْمُقَوَّمُ عَلَيْهِ هُوَ الْبَائِعَ، كَانَ رَسْمُ الشِّرَاءِ مُؤَيِّدًا لِلْقَائِمِ تَأْيِيدًا يُوجِبُ رَفْعَ يَدِ الْحَائِزِ، وَكَذَلِكَ إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْحَقِّ وَلَمْ يَحُزِ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ حَقَّهُ، فَإِنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ لاَ يَنْتَفِعُ بِطُولِ الْحِيَازَةِ، وَالْقَائِمُ يَكُونُ عَلَى حَقِّهِ مَتَى قَامَ بِهِ. وَوَرَثَةُ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَتِهِ، وَذَلِكَ لأِنَّ الْحِيَازَةَ لاَ يَنْتَفِعُ بِهَا إِلاَّ مَعَ جَهْلِ أَصْلِ الدُّخُولِ فِيهَا، وَالطُّولُ الْمَذْكُورُ قِيلَ: عِشْرُونَ سَنَةً عَلَى مَا وَقَعَ فِي سَمَاعِ عِيسَى فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ، وَحَدَّهُ ابْنُ حَبِيبٍ خَمْسِينَ سَنَةً وَحَكَاهُ عَنْ مُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ وَدَقَّقَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إِذَا ادَّعَى الْحَائِزُ بَعْدَ طُولِ الْمُدَّةِ أَنَّهُ صَارَ إِلَيْهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِوَجْهٍ عَيَّنَهُ مِمَّا يَصِحُّ بِهِ انْتِقَالُ الأْمْلاَكِ، وَأَمَّا طُولُ بَقَائِهِ وَحْدَهُ بِيَدِهِ فَلاَ يُعْتَبَرُ نَاقِلاً لِلْمِلْكِ.
الْحِيَازَةُ كَسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِيَّةِ:
24 - تَكُونُ الْحِيَازَةُ مُفِيدَةً لِلْمِلْكِيَّةِ إِذَا كَانَ مَوْضُوعُهَا الْمَالَ الْمُبَاحَ الَّذِي لَيْسَ فِي مِلْكِ أَحَدٍ وَقْتَ وَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُوجَدْ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ يَمْنَعُ مِنْ تَمَلُّكِهِ وَيَشْمَلُ أَنْوَاعًا أَرْبَعَةً:
أ - إِحْيَاءُ الْمَوَاتِ (ر: إِحْيَاءُ الْمَوَاتِ، وَأَرْضٌ).
ب - الاِصْطِيَادُ (ر. صَيْدٌ).
ج - أَخْذُ الْكَلأَ وَنَحْوِهِ (ر: احْتِشَاشٌ، وَكَلأَ).
د - أَخْذُ مَا يُوجَدُ فِي بَاطِنِ الأْرْضِ (ر. مَعَادِنُ، رِكَازٌ).
هَذَا، وَهُنَاكَ مَسَائِلُ أُخْرَى تَتَعَلَّقُ بِالْحِيَازَةِ، كَضَرُورَتِهَا فِي عَقْدِ الْهِبَةِ، وَعَدَمِ تَمَامِ التَّبَرُّعِ بِدُونِهَا، وَأَثَرُهَا فِي عَقْدِ الرَّهْنِ وَتَعْيِينُ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَأَثَرُ شَهَادَةِ السَّمَاعِ عَلَى الْحِيَازَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ، تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَاتِ: (تَبَرُّعٌ، دَعْوَى، رَهْنٌ، شَهَادَةٌ، قَبْضٌ، هِبَةٌ).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثالث والأربعون ، الصفحة / 301
وَضْعُ الْيَدِ
التَّعْرِيفُ:
1 - مِنْ مَعَانِي الْوَضْعِ فِي اللُّغَةِ: التَّرْكُ، يُقَالُ: وَضَعْتُ الشَّيْءَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَضْعًا تَرَكْتُهُ هُنَاكَ.
وَيَأْتِي بِمَعْنَى الإْسْقَاطِ، يُقَالُ: وَضَعْتُ عَنْهُ دَيْنَهُ أَسْقَطْتُهُ .
وَالْيَدُ فِي اللُّغَةِ مِنَ الْمَنْكِبِ إِلَى أَطْرَافِ الأْصَابِعِ، وَالْجَمْعُ الأْيْدِ، وَالأْيَادِي جَمْعُ الْجَمْعِ.
وَالْيَدُ: النِّعْمَةُ وَالإْحْسَانُ، وَتُطْلَقُ الْيَدُ عَلَى الْقُدْرَةِ، وَيَدُهُ عَلَيْهِ: أَيْ سُلْطَانُهُ، وَالأْمْرُ بِيَدِ فُلاَنٍ: أَيْ فِي تَصَرُّفِهِ .
وَقَالَ الرَّاغِبُ الأْصْفَهَانِيُّ: اسْتُعِيرَ الْيَدُ لِلْحَوْزِ وَالْمِلْكِ مَرَّةً، يُقَالُ: هَذَا فِي يَدِ فُلاَنٍ أَيْ فِي حَوْزِهِ وَمِلْكِهِ، وَلِلْقُوَّةِ مَرَّةً، يُقَالُ: لِفُلاَنٍ يَدٌ عَلَى كَذَا، وَمَالِي بِكَذَا يَدٌ .
وَوَضْعُ الْيَدِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ هُوَ: تَصَرُّفُ ذِي الْيَدِ فِي عَيْنٍ بِالْفِعْلِ، أَوْ ثُبُوتُ تَصَرُّفِهِ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلاَّكِ .
قَالَ عَلِي حَيْدَر: ذُو الْيَدِ هُوَ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَى عَيْنٍ بِالْفِعْلِ، أَوِ الَّذِي يَثْبُتُ تَصَرُّفُهُ فِي عَيْنٍ وَانْتِفَاعُهُ مِنْهَا تَصَرُّفَ الْمُلاَّكِ.
وَيُطْلِقُ الْفُقَهَاءُ وَضْعَ الْيَدِ كَذَلِكَ وَيُرِيدُونَ بِهِ وَضْعَ الْيَدِ الْحِسِّيَّةِ - وَهِيَ الْجَارِحَةُ - عَلَى شَيْءٍ مَا .
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْحِيَازَةُ:
2 - الْحِيَازَةُ فِي اللُّغَةِ: ضَمُّ الشَّيْءِ وَجَمْعُهُ يُقَالُ: حُزْتُ الشَّيْءَ وَأَحُوزُهُ حَوْزًا وَحِيَازَةً: ضَمَمْتُهُ وَجَمَعْتُهُ، وَكُلُّ مَنْ ضَمَّ إِلَى نَفْسِهِ شَيْئًا فَقَدَ حَازَهُ .
وَالْحِيَازَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ: هِيَ وَضْعُ الْيَ - دِ عَلَى الشَّيْءِ وَالاِسْتِيلاَءُ عَلَيْهِ .
وَوَضْعُ الْيَدِ أَعَمُّ مِنَ الْحِيَازَةِ.
ب - الْغَصْبُ:
3 - الْغَصْبُ فِي اللُّغَةِ: الأْخْذُ قَهْرًا وَظُلْمًا. يُقَالُ: غَصَبَ الشَّيْءَ غَصْبًا أَخَذَهُ قَهْرًا وَظُلْمًا، وَالاِغْتِصَابُ مِثْلُهُ .
وَالْغَصْبُ فِي الاِصْطِلاَحِ: إِزَالَةُ يَدِ الْمَالِكِ عَنْ مَالِهِ الْمُتَقَوِّمِ عَلَى سَبِيلِ الْمُجَاهَرَةِ وَالْمُغَالَبَةِ بِفِعْلٍ فِي الْمَالِ .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ وَضْعِ الْيَدِ وَالْغَصْبِ أَنَّ وَضْعَ الْيَدِ أَعَمُّ مِنَ الْغَصْبِ.
أَوَّلاً: الأْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِوَضْعِ الْيَدِ بِمَعْنَى التَّصَرُّفِ فِي عَيْنٍ
أ - دَلاَلَةُ وَضْعِ الْيَدِ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ:
4 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى أَنَّ وَضْعَ الْيَدِ دَلِيلُ الْمِلْكِ وَلَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ تَفْصِيلٌ:
قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: وَضْعُ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفُ مِنْ أَقْوَى مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْمِلْكِ، وَلِذَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ.
قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: إِذَا ادَّعَى وَاضِعُ الْيَدِ عَلَى الأْرْضِ الَّذِي تَلَقَّاهَا شِرَاءً أَوْ إِرْثًا أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ أَنَّهَا مِلْكُهُ، وَأَنَّهُ يُؤَدِّي خَرَاجَهَا، فَالْقَوْلُ لَهُ، وَعَلَى مَنْ يُخَاصِمُهُ فِي الْمِلْكِ الْبُرْهَانُ إِنْ صَحَّتْ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ شَرْعًا وَاسْتُوفِيَتْ شُرُوطُ الدَّعْوَى.
ثُمَّ يَقُولُ: وَقَدْ قَالُوا إِنَّ وَضْعَ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفَ مِنْ أَقْوَى مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْمِلْكِ، وَلِذَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ.
وَفِي رِسَالَةِ الْخَرَاجِ لأِبِي يُوسُفَ: وَأَيُّمَا قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْخَرَاجِ أَوِ الْحَرْبِ بَادُوا فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَبَقِيَتْ أَرْضُهُمْ مُعَطَّلَةً وَلاَ يُعْرَفُ أَنَّهَا فِي يَدِ أَحَدٍ، وَلاَ أَنَّ أَحَدًا يَدَّعِي فِيهَا دَعْوَى، وَأَخَذَهَا رَجُلٌ فَحَرَثَهَا وَغَرَسَ فِيهَا وَأَدَّى عَنْهَا الْخَرَاجَ أَوِ الْعُشْرَ فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِلإْمَامِ أَنْ يُخْرِجَ شَيْئًا مِنْ يَدِ أَحَدٍ إِلاَّ بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعْرُوفٍ .
وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ وَضْعَ الْيَدِ - أَيِ الْحِيَازَةَ - إِذَا طَالَ وَلَمْ يُوجَدْ مُنَازِعٌ، وَهُوَ يَتَصَرَّفُ تَصَرُّفَ الْمُلاَّكِ دَلَّ عَلَى الْمِلْكِ، وَإِنْ لَمْ تَطُلِ الْحِيَازَةُ لَمْ يَثْبُتِ الْمِلْكُ.
قَالَ سَحْنُونٌ: الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ أَنْ تَطُولَ الْحِيَازَةُ وَهُوَ يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُ الْمُلاَّكُ لاَ مُنَازِعَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ تَطُلِ الْحِيَازَةُ لَمْ يَثْبُتِ الْمِلْكُ .
وَاخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْمَالِكِيَّةِ فِي سُؤَالِ الْحَائِزِ الأْجْنَبِيِّ مِنْ أَيْنَ صَارَ إِلَيْهِ الْمِلْكُ؟ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ فِي ذَلِكَ بِحَسَبِ اخْتِلاَفِ الْوُجُوهِ:
فَوَجْهٌ: لاَ يُسْأَلُ الْحَائِزُ عَمَّا فِي يَدَيْهِ مِنْ أَيْنَ صَارَ إِلَيْهِ، وَتَبْطُلُ دَعْوَى الْمُدَّعَى فِيهِ بِكُلِّ حَالٍ، فَلاَ يُوجِبُ يَمِينًا عَلَى الْحَائِزِ الْمُدَّعَى فِيهِ، إِلاَّ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَعَارَهُ إِيَّاهُ فَتَجِبُ لَهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ عَلَى ذَلِكَ. وَهَذَا الْوَجْهُ هُوَ إِذَا لَمْ يَثْبُتِ الأْصْلُ لِلْمُدَّعِي وَلاَ أَقَرَّ لَهُ بِهِ الْحَائِزُ الَّذِي حَازَهُ فِي وَجْهِهِ الْعَشَرَةَ الأْعْوَامِ وَنَحْوَهَا، وَلَوِ ادَّعَى عَلَيْهِ مَا فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ مَالُهُ وَمِلْكُهُ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ عَلَيْهِ فِي وَجْهِهِ لَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ.
وَوَجْهٌ: يُسْأَلُ الْحَائِزُ عَمَّا فِي يَدَيْهِ مِنْ أَيْنَ صَارَ إِلَيْهِ؟ وَلاَ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ وَيُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ إِذَا ثَبَتَ الأْصْلُ لِلْمُدَّعِي، أَوْ أَقَرَّ لَهُ بِهِ الْحَائِزُ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ عَلَيْهِ، فَيَجِبُ أَنْ يُسْأَلَ مِنْ أَيْنَ صَارَ إِلَيْهِ؟ وَيُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ.
وَوَجْهٌ: يُخْتَلَفُ فِيهِ، فَقِيلَ: إِنَّهُ لاَ يَلْزَمُ الْمَطْلُوبَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُوقَفَ عَلَى الإْقْرَارِ أَوِ الإْنْكَارِ، وَقِيلَ إِنَّهُ يُوقَفُ وَيُسْأَلُ مِنْ أَيْنَ صَارَ إِلَيْهِ؟ وَهُوَ إِذَا ثَبَتَتِ الْمَوَارِيثُ وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهَا لأِبِيهِ أَوْ جَدِّهِ . (ر: حِيَازَة ف 6)
ب - كَيْفِيَّةُ وَضْعِ الْيَدِ:
5 - وَضْعُ الْيَدِ يَكُونُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبهِ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلاَفِ مَا تُوضَعُ الْيَدُ عَلَيْهِ.
6 - فَفِي الْعَقَارِ يَحْصُلُ وَضْعُ الْيَدِ عَلَيْهِ بِأَحَدِ أُمُورٍ:
- أَنْ يَسْكُنَ الدَّارَ، وَأَنْ يُحْدِثَ أَبْنِيَةً فِيهَا.
- وَفِي الْعَرْصَةِ حَفْرُ بِئْرٍ أَوْ نَهَرٍ أَوْ قَنَاةٍ، أَوْ غَرْسُ أَشْجَارٍ، أَوْ زَرْعُ مَزْرُوعَاتٍ، أَوْ إِنْشَاءُ أَبْنِيَةٍ أَوْ صُنْعُ لَبِنٍ.
- وَفِي الْحَرَجِ وَالْغَابِ قَطْعُ الأْشْجَارِ مِنْهَا وَبَيْعُهَا، وَبِالاِنْتِفَاعِ مِنْهَا بِوَجْهٍ قَرِيبٍ مِنْ ذَلِكَ.
- وَفِي الْمَرْعَى قَطْعُ الْحَشَائِشِ وَحِفْظُهَا وَبَيْعُهَا، أَوْ رَعْيُ الْحَيَوَانَاتِ فِيهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ.
أَمَّا وُجُودُ مِفْتَاحِ بَابِ الدَّارِ فِي يَدِ أَحَدٍ فَلاَ يَكُونُ بِمُجَرَّدِ وُجُودِهِ فِي يَدِهِ ذَا يَدٍ، فَلِذَلِكَ إِذَا كَانَ أَحَدٌ سَاكِنًا فِي دَارٍ وَأَشْيَاؤُهُ مَوْضُوعَةٌ فِيهَا، وَكَانَ مِفْتَاحُ تِلْكَ الدَّارِ فِي يَدِ آخَرَ، فَالْوَاضِعُ الْيَدِ عَلَى الدَّارِ هُوَ السَّاكِنُ فِيهَا وَلَيْسَ حَامِلَ مِفْتَاحِ بَابِهَا .
قَالَ أَصْبَغُ: مَا حَازَهُ الأْجْنَبِيُّ عَلَى الأْجْنَبِيِّ بِحَضْرَتِهِ وَعِلْمِهِ أَيَّ الْحِيَازَاتِ كَانَتْ مِنْ سُكْنَى فَقَطْ أَوِ ازْدِرَاعٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ بُنْيَانٍ صَغُرَ شَأْنُهُ أَوْ عَظُمَ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْحِيَازَاتِ كُلِّهَا فَذَلِكَ يُوجِبُهُ لِحَائِزِهِ .
7 - أَمَّا وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْمَنْقُولِ فَيَكُونُ بِكُلِّ مَا يَدُلُّ عَلَى حِيَازَةِ الشَّخْصِ لَهُ، قَالَ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ: مَا حَازَهُ الأْجْنَبِيُّ عَلَى الأْجْنَبِيِّ مِنَ الْعَبِيدِ وَالإْمَاءِ وَالدَّوَابِّ وَالْحَيَوَانِ كُلِّهِ وَالْعُرُوضِ كُلِّهَا فَأَقَامَ ذَلِكَ فِي يَدَيْهِ يَخْتَدِمُ الرَّقِيقَ وَيَرْكَبُ الدَّوَابَّ وَيَحْلِبُ الْمَاشِيَةَ وَيَمْتَهِنُ الْعُرُوضَ فَذَلِكَ كُلُّهُ كَالْحَائِزِ .
ج - وَسَائِلُ إِثْبَاتِ وَضْعِ الْيَدِ:
8 - يُفَرِّقُ الْحَنَفِيَّةُ فِي إِثْبَاتِ وَضْعِ الْيَدِ بَيْنَ الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ، فَيَلْزَمُ إِثْبَاتُ الْيَدِ بِالْبَيِّنَةِ فِي الْعَقَارِ الْمُنَازَعِ فِيهِ، وَلاَ يُحْكَمُ بِهَا بِتَصَادُقِ الْخَصْمَيْنِ.
وَمَعْنَى هَذَا كَمَا فِي دُرَرِ الْحُكَّامِ: أَنَّهُ لاَ يُحْكَمُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذُو يَدٍ بِإِقْرَارِهِ عِنْدَ دَعْوَى الْمُدَّعِي، فَإِذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فِي الْعَقَارِ الْمُنَازَعِ فِيهِ، فَلأِجْلِ صِحَّةِ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يَلْزَمُ إِثْبَاتُ وَضْعِ الْيَدِ بِالْبَيِّنَةِ؛ لأِنَّ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ هِيَ دَعْوَى إِزَالَةِ الْيَدِ وَتَرْكِ التَّعَرُّضِ؛ وَطَلَبُ إِزَالَةِ الْيَدِ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى ذِي الْيَدِ.
وَلاَ يَثْبُتُ وَضْعُ الْيَدِ بِعِلْمِ الْقَاضِي؛ لأِنَّ عِلْمَ الْقَاضِي لَيْسَ مِنْ أَسْبَابِ الْحُكْمِ.
كَمَا لاَ يَثْبُتُ وَضْعُ الْيَدِ فِي الْعَقَارِ بِتَصَادُقِ الْخَصْمَيْنِ؛ لأِنَّ الْيَدَ فِيهِ غَيْرُ مُشَاهَدَةٍ، فَلَعَلَّهُ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا تَوَاضُعًا فِيهِ لِيَكُونَ لَهُمَا ذَرِيعَةً إِلَى أَخْذِهِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ.
فَإِذَا ثَبَتَ وَضْعُ الْيَدِ بِمُجَرَّدِ الإْقْرَارِ وَثَبَتَتِ الْمِلْكِيَّةُ بِالشُّهُودِ وَحُكِمَ بِهَا لاَ يَنْفُذُ الْحُكْمُ .
9 - وَيُسْتَثْنَى مِنْ لُزُومِ إِثْبَاتِ وَضَاعَةِ الْيَدِ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ مَسَائِلُ الشِّرَاءِ وَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ. وَهِيَ أَنَّهُ:
إِذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلاً: إِنَّنِي كُنْتُ اشْتَرَيْتُ مِنْكَ ذَلِكَ الْعَقَارَ، أَوْ كُنْتَ غَصَبْتَهُ مِنِّي فَلاَ حَاجَةَ إِلَى إِثْبَاتِ كَوْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَا الْيَدِ بِالْبَيِّنَةِ؛ لأِنَّ دَعْوَى الْفِعْلِ كَمَا تَصِحُّ عَلَى ذِي الْيَدِ تَصِحُّ عَلَى غَيْرِهِ، فَعَدَمُ ثُبُوتِ الْيَدِ لاَ يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى.
وَإِنَّ الَّذِي يُحْدِثُ يَدَهُ تَغَلُّبًا عَلَى مَالٍ لاَ يُعَدُّ وَاضِعًا الْيَدَ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ فِي نَفْسِ الأْمْرِ، فَعَلَيْهِ إِذَا ثَبَتَ لِلْقَاضِي إِحْدَاثُ يَدِهِ تَغَلُّبًا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ يُؤْمَرُ بِرَدِّ الْمَالِ الْمَذْكُورِ إِلَى الشَّخْصِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ، وَيُعَدُّ ذَلِكَ الشَّخْصُ ذَا الْيَدِ.
10 - أَمَّا الْمَنْقُولُ فَذُو الْيَدِ عَلَيْهِ هُوَ مَنْ وُجِدَ فِي يَدِهِ فَلاَ حَاجَةَ فِيهِ إِلَى إِثْبَاتِ الْيَدِ بِالْبَيِّنَةِ.
وَعَلَى هَذَا فَإِذَا وُجِدَ الْمَنْقُولُ فِي يَدِ أَيِّ شَخْصٍ كَانَ فَهُوَ ذُو الْيَدِ؛ لأِنَّ وَضْعَ الْيَدِ فِي الْمَنْقُولِ كَمَا يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ يَثْبُتُ بِالْمُشَاهَدَةِ وَالْعِيَانِ وَبِالإْقْرَارِ .
وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وُجُودَ الْمَالِ الْمَنْقُولِ فِي يَدِهِ وَادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّ الْمَالَ الْمَنْقُولَ كَانَ تَحْتَ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْذُ سَنَةٍ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فِي ذَلِكَ فَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ وَيُعْتَبَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَا الْيَدِ .
د - وَضْعُ الْيَدِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ:
11 - وَمَنْ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ عُدْوَانًا فَهُوَ غَاصِبٌ وَيُنْظَرُ التَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (غَصْب ف 1 وَمَا بَعْدَهَا).
وَإِنْ أَخَذَ مَالَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ خَطَأً كَأَنْ ظَنَّ أَنَّهُ مَلَكَهُ، وَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ؛ لأِنَّهُ حَقُّ الْعَبْدِ فَلاَ يُتَوَقَّفُ عَلَى قَصْدِهِ وَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ؛ لأِنَّ الْخَطَأَ مَرْفُوعُ الْمُؤَاخَذَةِ شَرْعًا بِبَرَكَةِ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ: «رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا» وَقَوْلِهِ صلي الله عليه وسلم : «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» .
هـ - التَّنَازُعُ فِي وَضْعِ الْيَدِ:
12 - إِذَا تَنَازَعَ شَخْصَانِ فِي عَقَارٍ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا كَوْنَهُ ذَا الْيَدِ فِي ذَلِكَ الْعَقَارِ تُطْلَبُ أَوَّلاً الْبَيِّنَةُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى كَوْنِهِ ذَا الْيَدِ، فَإِذَا أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ تَثْبُتُ يَدُهُمَا مَعًا عَلَى الْعَقَارِ، وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُدَّعًى عَلَيْهِ فِي الْقِسْمِ الْوَاضِعِ الْيَدِ عَلَيْهِ وَمُدَّعِيًا فِي الْقِسْمِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ خَارِجًا؛ لأِنَّ هُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي أَسْبَابِ الثُّبُوتِ إِلاَّ أَنَّهُمَا مَا لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ مِلْكَهُمَا الْمُشْتَرَكَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالإْقْرَارِ فَلاَ يُقَسَّمُ الْمِلْكُ بَيْنَهُمَا. وَإِذَا أَظْهَرَ أَحَدُهُمَا الْعَجْزَ عَنْ إِثْبَاتِ وَضْعِ يَدِهِ وَأَقَامَ الآْخَرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى كَوْنِهِ وَاضِعَ الْيَدِ يُحْكَمُ بِكَوْنِهِ ذَا الْيَدِ مُسْتَقِلًّا وَمُدَّعًى عَلَيْهِ، وَيُعَدُّ الآْخَرُ خَارِجًا وَمُدَّعِيًا .
و - مَرَاتِبُ وَضْعِ الْيَدِ:
13 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي وَضْعِ الْيَدِ، وَلاَ بَيِّنَةَ لأِحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يُقْضَى لِلأْقْوَى مِنْهُمَا، أَوْ يَشْتَرِكَانِ إِذَا تَسَاوَيَا فِي الْقُوَّةِ.
وَلِلْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ:
فَقَدْ نَصُّ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى مَا يَلِي:
اللاَّبِسُ لِلثَّوْبِ أَحَقُّ مِنْ آخِذِ الْكُمِّ، قَالَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ: فَيُقْضَى لَهُ قَضَاءُ تَرْكٍ لاَ اسْتِحْقَاقٍ، حَتَّى لَوْ أَقَامَ الآْخَرُ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ ذَلِكَ يُقْضَى لَهُ.
وَالرَّاكِبُ أَحَقُّ مِنْ آخِذِ اللِّجَامِ.
وَمَنْ فِي السَّرْجِ أَحَقُّ مِنْ رَدِيفِهِ (وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: أَقُولُ لَكِنَّ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُلْتَقَى مِثْلَ الرَّأْيِ الأْوَّلِ) بِخِلاَفِ مَا إِذَا كَانَا رَاكِبَيْنِ فِي السَّرْجِ فَإِنَّهُمَا بَيْنَهُمَا قَوْلاً وَاحِدًا، كَمَا فِي الْغَايَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ اشْتِرَاكُهُمَا إِذَا لَمْ تَكُنْ مُسْرَجَةً.
وَذُو حِمْلِ الدَّابَّةِ أَوْلَى مِمَّنْ عَلَّقَ كُوزَهُ بِهَا؛ لأِنَّهُ أَكْثَرُ تَصَرُّفًا، أَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ بَعْضُ حِمْلِهَا؛ كَمَا إِذَا كَانَ لأِحَدِهِمَا مَنٌّ وَالآْخَرِ مِائَةُ مَنٍّ، كَانَتْ بَيْنَهُمَا.
وَالْجَالِسُ عَلَى الْبِسَاطِ، وَالْمُتَعَلِّقُ بِهِ سَوَاءٌ كَجَالِسِيهِ، وَكَرَاكِبِي سَرْجٍ - وَكَذَا مَنْ مَعَهُ ثَوْبٌ وَطَرَفُهُ مَعَ الآْخَرِ - لاَ هُدْبَتُهُ، أَيْ طُرَّتُهُ غَيْرُ الْمَنْسُوجَةِ؛ لأِنَّ هَا لَيْسَتْ بِثَوْبٍ.
أَمَّا جَالِسَا دَارٍ تَنَازَعَا فِيهَا فَإِنَّهُ لاَ يُقْضَى لَهُمَا لاِحْتِمَالِ أَنَّهَا فِي يَدِ غَيْرِهِمَا.
وَنَصُّوا أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْحَائِطَ يَكُونُ لِمَنْ جُذُوعُهُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ لأِحَدِهِمَا جِذْعٌ أَوْ جِذْعَانِ دُونَ الثَّلاَثَةِ وَلِلآْخَرِ عَلَيْهِ ثَلاَثَةُ أَجْذَاعٍ أَوْ أَكْثَرُ.
ذُكِرَ فِي النَّوَازِلِ أَنَّ الْحَائِطَ يَكُونُ لِصَاحِبِ الثَّلاَثَةِ، وَلِصَاحِبِ مَا دُونَ الثَّلاَثَةِ مَوْضِعُ جِذْعِهِ، قَالَ: وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ آخِرًا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إِنَّ الْقِيَاسَ أَنْ يَكُونَ الْحَائِطُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَبِهِ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه يَقُولُ أَوَّلاً، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الاِسْتِحْسَانِ.
وَكَذَا يَكُونُ الْحَائِطُ لِمَنْ هُوَ مُتَّصِلٌ بِهِ اتِّصَالَ تَرْبِيعٍ - بِأَنْ تَتَدَاخَلَ أَنْصَافُ لَبِنَاتِهِ فِي لَبِنَاتِ الآْخَرِ - وَلَوْ مِنْ خَشَبٍ فَبِأَنْ تَكُونَ الْخَشَبَةُ مُرَكَّبَةً فِي الأْخْرَى لِدَلاَلَتِهِ عَلَى أَنَّهُمَا بُنِيَا مَعًا، وَلِذَا سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لأِنَّهُ حِينَئِذٍ يُبْنَى مُرَبَّعًا؛ وَلاَ يَكُونُ لِمَنْ لَهُ اتِّصَالُ مُلاَزَقَةٍ أَوْ نَقْبٌ وَإِدْخَالٌ (بِأَنْ نَقَبَ وَأَدْخَلَ الْخَشَبَةَ)، أَوْ هَرَادِي (كَقَصَبٍ وَطَبَقٍ يُوضَعُ عَلَى الْجُذُوعِ) وَلاَ يُخَصُّ بِهِ صَاحِبُ الْهَرَادِي، بَلْ صَاحِبُ الْجِذْعِ الْوَاحِدِ أَحَقُّ مِنْهُ.
وَلَوْ لأِحَدِهِمَا جُذُوعٌ وَلِلآْخَرِ اتِّصَالٌ، فَلِذِي الاِتِّصَالِ وَلِلآْخَرِ حَقُّ الْوَضْعِ، وَقِيلَ لِذِي الْجُذُوعِ.
وَذُو بَيْتٍ مِنْ دَارٍ فِيهَا بُيُوتٌ كَثِيرَةٌ كَذِي بُيُوتٍ مِنْهَا فِي حَقِّ سَاحَتِهَا، فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَالطَّرِيقِ.
وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ لِلْيَدِ مَرَاتِبَ مُرَتَّبَةً، فَأَعْظَمُهَا ثِيَابُ الإْنْسَانِ الَّتِي عَلَيْهِ وَمِنْطَقَتُهُ، وَيَلِيهِ الْبِسَاطُ الَّذِي هُوَ جَالِسٌ عَلَيْهِ، وَالدَّابَّةُ الَّتِي هُوَ رَاكِبُهَا، وَيَلِيهِ الدَّابَّةُ الَّتِي هُوَ سَائِقُهَا أَوْ قَائِدُهَا، وَيَلِيهِ الدَّارُ الَّتِي هُوَ سَاكِنُهَا فَهِيَ دُونَ الدَّابَّةِ، لِعَدَمِ اسْتِيلاَئِهِ عَلَى جَمِيعِهَا. قَالَ فِي تَهْذِيبِ الْفُرُوقِ: قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: تُقَدَّمُ أَقْوَى الْيَدَيْنِ عَلَى أَضْعَفِهِمَا، فَرَاكِبُ الدَّابَّةِ يُقَدَّمُ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى السَّائِقِ عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا، وَإِذَا تَنَازَعَ السَّاكِنَانِ الدَّارَ سَوَّى بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا .
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا تَدَاعَيَا دَابَّةً وَلأِحَدِهِمَا عَلَيْهَا حِمْلٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْحِمْلِ مَعَ يَمِينِهِ لاِنْفِرَادِهِ فِي الاِنْتِفَاعِ بِالدَّابَّةِ، وَلَوْ تَدَاعى ثَلاَثَةٌ دَابَّةً: وَاحِدٌ سَائِقُهَا، وَالآْخَرُ آخِذٌ بِزِمَامِهَا، وَالثَّالِثُ رَاكِبُهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ لِوُجُودِ الاِنْتِفَاعِ فِي حَقِّهِ.
وَلَوْ تَنَازَعَا عَلَى حَيَوَانٍ، وَيَدُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْحَيَوَانِ، وَيَدُ الآْخَرِ عَلَى حِمْلِهِ فَإِنَّهُ لِمَنْ يَدُهُ عَلَى الْحَيَوَانِ، لاَ لِمَنْ يَدُهُ عَلَى حِمْلِهِ.
وَلَوْ تَنَازَعَا فِي ثَوْبٍ، أَحَدُهُمَا لاَبِسُهُ وَالآْخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ يُجَاذِبُهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ اللاَّبِسِ مِنْهُمَا؛ لأِنَّهُ الْمُنْفَرِدُ بِالاِنْتِفَاعِ.
وَلَوْ تَنَازَعَا فِي سَفِينَةٍ، أَحَدُهُمَا رَاكِبٌ وَالآْخَرُ مُمْسِكُهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ؛ لأِنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِيهَا. وَكَذَا فِي مُمْسِكِ جَنْبِهَا وَمُمْسِكِ رِبَاطِهَا، يُصَدَّقُ مُمْسِكُ الْجَنْبِ .
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: لَوْ تَنَازَعَا دَابَّةً، أَحَدُهُمَا رَكِبَهَا أَوْ لَهُ عَلَيْهَا حِمْلٌ، وَالآْخَرُ آخِذٌ بِزِمَامِهَا أَوْ سَائِقُهَا، فَهِيَ لِلأْوَّلِ بِيَمِينِهِ؛ لأِنَّهُ تَصَرُّفٌ أَقْوَى، وَيَدُهُ آكَدُ.
وَإِنْ تَنَازَعَا ثِيَابَ عَبْدٍ عَلَيْهِ فَهِيَ لِصَاحِبِ الْعَبْدِ.
وَإِنْ تَنَازَعَا قَمِيصًا أَحَدُهُمَا لاَبِسُهُ وَالآْخَرُ آخِذٌ بِكُمِّهِ فَهُوَ لِلأْوَّلِ.
وَلَوْ كَانَتْ دَارٌ فِيهَا أَرْبَعَةُ بُيُوتٍ، فِي أَحَدِهَا سَاكِنٌ وَفِي الثَّلاَثَةِ الأْخْرَى سَاكِنٌ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا هُوَ سَاكِنٌ فِيهِ.
وَإِنْ تَنَازَعَا سَاحَةَ الدَّارِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لاِشْتِرَاكِهِمَا فِي ثُبُوتِ الْيَدِ عَلَيْهَا. وَلَوْ كَانَتْ شَاةٌ مَذْبُوحَةٌ مَسْلُوخَةٌ بِيَدِ أَحَدِهِمَا جِلْدُهَا وَرَأْسُهَا وَسَوَاقِطُهَا، وَبِيَدِ الآْخَرِ بَقِيَّتُهَا، وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كُلَّهَا، وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِدَعْوَاهُمَا، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا بِيَدِ صَاحِبِهِ مِنَ الشَّاةِ لأِنَّ بَيِّنَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَارِجَةٌ.
وَإِنْ تَنَازَعَ صَاحِبُ الدَّارِ وَخَيَّاطٌ فِيهَا فِي إِبْرَةٍ وَمِقَصٍّ فَهُمَا لِلْخَيَّاطِ عَمَلاً بِالظَّاهِرِ.
(ر: تَعَارُض ف 4 - 11، تَنَازُع بِالأْيْدِي)
__________________________________________________________________
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
نظرة عامة :
يتصل موضوع الحيازه وأثرها في عدم سماع الدعوى بحق عینی ضد الحائز بما تقدم ذكره في النظرة العامة أو ض وع عدم سماع الدعوى بالالتزام والفقه الاسلامی پرد الموضوعين الى أساس واحد، هو تلك القاعدة الأساسية التي تستند إلى الحديث الشريف الذي يقول : ولا يبطل حق أمري، مسلم وأن قدم . فجوهر الفكرة واحد في الموضوعين . وبناء على ذلك نصبت المجلة على أن الحق لا يسفل بتقادم الزمان ، وانه اذا أقر المدعى عليه بالحق يحكم عليه باقی ره دون اعتبار لمرور الزمان (م 1674 من الجلة ) (انفار الأشياء والنفائز لابن نجیم ص ۸۸ ) وبهذا أخذت جميع المذاهب الفقهية .
الا أن المذهبين المالكي والحنفي ، وان كانا قد أقرا عدم سقوط الحق بالتقادم ، الا انهما اقرا من جهة أخرى عدم س ماع الدعوى بالدين أو الحق العيني بعد مضي مدة معينة . فقد جاء في شرح الحطاب (ج 6 ص ۲۲۸ و229):«... المنسوبة لولد ابن فرحون : الساكت عن طلب الدين ثلاثين سنة . لاقول له ، ويصدق الغريم في دعوى الدفع ، ولا يكلف الغريم ببينة لامكان موتهم أو نسيانهم للشهادة ۰۰۰ وفي كتاب محمد بن ياسين ، في مدعی دین سلف بعد عشرين سنة ، أن المدعى عليه مصدق في القضاء ، اذ الغالب الا يؤخر السلف مثل هذه المدة السرعات ** قال عبد الملك : وقال لي مطرق واسمع ان التالي رجل حقا قديما ، وقام عليه بل کی حقه وذلك القيام بعد العشرين سنة ونحوعا ، أخذه به ، وعلى الآخر البراءة منه وفي مقيد الحكام أن ذكر الحق المشهود له لا يبطل الا يطول الزمان کائثلاثي بينة والأربعين ، و لذلك ونصت الماده 1660 من المجلة على أنه لا تسمع دعوى الدين والوديعة والملك والعقار .. بعد أن تركت خمس عشرة سنة ::
أنظر المبررات التي اسند اليه فتهاء المذهبين المالكي والحنفی فيما راوه من عدم سماع الدعوى وما انتهى اليه المشروع فيما يتعلق بمدة التقادم في النظارة العامة التي تقدم ذكرها في خصوم عدم سماع الدعوى بالالتزام •
1-تعريف الحيازة واركانها
مادة ۹۱۸)
الحيازة سلطة فعلية يباشرها الجائز بنفسه أو بواسطة غيره على شيء مادی ، بحيث تكون في مظهرها الخارجي وفي قصد الحائز مزاولة للملكية أو لحق عینی آخر •
هذه المادة تقابل المادة 1398 من المشروع التمهيدي للتقنين الحالي .
ويتضح من التعريف المقترح ان قوام الحيازة سلطة فعلية يباشرها الحائز على شيء مادي ، سواء كان ذلك بنفسه أو بواسطة غيره ، وسواء كان الشيء عقارا أو منقولا . فالحيازة لا ترد على الأشياء غير المادية کالمصنفات الأدبية ، أو الحقوق الشخصية " وما يقال عن حيازة الحق الشخصي ليس حيازة بالمعنى الفني ، وانما يراد به المطر الذي يتوافر في أوضاع قانونية معينة على غير الحقيقة فيقع في رادع الناس آمد حفیت و اسلام اون بحسن نية على مقتضاه . نحائز ال اين يقتل به الد: أن العاشر ، گالوارث الفلامر بالنسبة إلى ما كان للمتوفی ، من ديون وقات الذكية الايشادية للمادة ۱۳۹۸ من المشروع التمهیدی التنين الحالي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج6 ص 450 ).
ولهذا فان حيازة الدين بهذا المعنى لا يترتب عليها ای من ازاز التي تترتب على الحياة الحقيقية ، ويستثنى من ذلك الدين الثابت فی مسند الحاء له . حيته يعتبر الدين انه اندمج في السند ، فيكون جائز السند حائزا الدين الثابت فيه بالمعنى الفني ، ومن ثم تنطبق عليه أحكام الحيازة -
کما يبين من التمرين أن السلطة الفعلية الذي يباشرها الحائز على التي يجب ان تتفق في تلهر ها الخارجي ام مزاولة الحق اللي ترد عليه الحيازة : وهذا هو العنصر المادي للحيازة : فهو عبارة عن مجموع الأعمال المادية التي يباشرها عادة صاحب الحق الذي ترد عليه الحيارة. باشا كان هذا الحق حق مائية ، وجب ان يعاشر الحائز الأعمال المادية التي يباشرها المالك ، واذا كان حقا عينيا أخر تعين ان يقوم الحان بالأعمال المادية التي باشرها صاحب هذا الحق ، أما التصرفات الهادوية. فالبيع والانجاز . فلا تنتهي النهوض باسنتر المادي في الحيازة ، لانها قد تصدر من ش خس لا تتوافر له الحيازة ، اذ شي لا تقتفي أن يكون من صدر منه التصرف سلطة فعلية على الشيء .
كذلك يبين من التعريف أن السلطة الفعلية التي بیا شعرها الحار على التي يجب أن تكون بقصد مزاولة الحق الذي ترد عليه الحيازة • وهذا هو العنصر المعنوي للحيازة ، فهو عبارة عن نية الحائز في أن يظهر بمظي المالك او صاحب الحق العيني الآخر الذي ترد عليه الحيازة * فهو بعبارة أخرى تية أحائز في أن يعمل لحساب نفسه . حيث يباشر الأعمال المادية التي تعتبر از اوله للدني الذي ترد عليه الحياة الحساب نفسه - ابها الشخص الذي لا تتوافر لدية هذه النية ، لانه يعمل لحساب غيره ، فلا يكون حائزا حقيقيا ، بل يعتبر حائزا عرضيا ، كما هي الحال بالتجه الى السابع والمستأجر والمستعير .
على أن مقومات العنصر المعنوي للحيازة لا يقتصر على ذلك ، فلا يكفي التوافرة أن تكون الأعمال التي تصدر من الحائز يقصد بها مزاواة الحق الحاز ، بل يجب فضلا عن ذلك أن يدعى الحائز الحق لنفسه عند المنازعة . وهذا شرط يتطلبه الفقه الاسلامی ، لانه يعتبر الحيازة ومن ثم فلا يكون في عدم سماع الدعوى خروج على
دليلا على الحق القاعدة الأساسية التي جاءت في الحديث الشريف الذي يقول : لا يبطل حق امرى ، مسلم وان قدم ، وفي هذا المعنى عند فقهاء المذهب دالمالکی ، اول الشمس و قی:« وفي شرط حامی، هو ان يدعى الحائز لا يبطل وقت المنازعة ملك الشيء المحاز ، واما اذا لم يان له حجة الا مجرد الجوز فلا تنفعه ، ( حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ج4 ص235 )
وقد راعي المشروع ذلك في نصوصة . حيث يشترط لعدم سماع الدعوى أن ينكر الحائز ما يدعيه المدعي
وقد تعددت تعاريف الحيازة في الفقه الاسلامی ، منها ما جا۔ في المذهب المالكي في الشرح الكبير : يقول الدردير : الحيازة مي وضع اليد عى الشيء والاستيلاء عليه ، والتصرف یکون لواحد من امور سكني او اسكان او زرع او غرس او بيع او هدم او بناء او قطع شجر او عتق ...) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج 4 ص 207
وفي خصوص العنصر المادة للجيازة في المذهب الحنفى يقول الكاساني ( لان اليد على العقار لاتثبت بالكون فيه وانما تثبت بالتصرف فيه ، والبدائع ج 6 ص 256) • وهذا ما يقوله ايضا ابن عابدين نقلا عن اليد، ( حاشية ابن عابدین ج 5 ص 587 ) • پالتصرف ويقول ائر يعلى : وقال الشافعي رحمه , به دلیل الملك اليد مع التتم في وبه قال الحصان لان اليد متنوعة إلى ملك ووديعه وعارية واجارة وزمن ، فلا يمتاز الا بالتصرف ، ( فتح القدير ج 6 ص 24 و25) وفي المذهب المالكي يقول الحطاب : اضعفها السكنى والازدراع ، ويليها الهدم والبنيان والفرس والاستغلال .
والحازة تكون ثلاثة اشياء : ويليها التفويت بالبيع والهية والصدقة والنحلة والعتق وما اشية ذلك ، مما لا يفعله الرجل الا في ماله ، ( شرح الحطاب ج 6 ص۲۲۲) .
وقد عرض محمد بن قيم الجوزية ، وهو من فقهاء المذهب الحنبلي المذهب المالكي في تعريف الحيازة واركتها وآثارها ممتدحا اياه . حيث عقد نصلا في مذهب أهل المدينة في الدعاوى ، فقال فيه : : وهو من أسد المذاهب واهمها ، وهي عندهم على ثلاث مراتب .. واها المرتبة الثالثة فمثالها أن يكون رجل جائزة الدار مته رقا فيها البستی العديدة الليلة بالماء والهدم والادارة والعمارة. ويسمها إلى نفسه ويضيفها إلى ملکه اوانسان حاضر براه و شما بعد أفعاله فیها طول بدبي !هدية وهو مع ذلك لا يعارضه لا يذكر أن له فيا حقا ولا مانع معد من مطالبته من خوف سلطان أو ما أشبه ذلك من الضرر المانع بن المطالبة بالحقوق ، ولا بينه و بين المتصرف في الدان قراية : شركة ني میراث أو ما أشبه ذلك مما يتسامح فيه القرابات والضمير بينهم بل كان عاريا من جميع ذلك ، ثم جاء بعد طول هذه المدة يدعها لنفسه ويزغم انها له ويريد أن يقيم بذك منه ، فدعواه غير مسموعة اصلا فضلا عن بينته ، و تبقى الدار بید جان ما الان کل دعوی بادها العرف وتنة ا العادة فانها مرفوضة غير مسموعة ، قال الله تعالى وامر بالعرف وقد أوجبت الشريعة الرجوع اليه عند الاحتلال في الدعاوی كالفنت والحمولة والسير وفي الأبنية ومعاقد القمل ووضع الحدور على الحائط وغير ذلك ، ( الطرق الحكومية في السياسة الشرعية ، مطبعة الاداب والمؤيد بمقر سنة ۱۳۱۷ هجرية ، ص ۸۸ و ۸۹).
والمادة المقترحة تقابل المادة ۱ / ۱۱۷۱ من التقنين الاردني.
و تقابل الماده 905 من التقنين الكویتی ۰
( مادة ۹۲۰ )
لا تقوم الحياژة على عمل يأتية الشخص على أنه من المباحات أو بعمل يتحمله الغير على سبيل التسامح "
هذه المادة تتفق مع الفقرة الأولى من المادة 949 من التقنين الحالي .
وقد أدخلت على هذا النص تعديلات لفظية وحذفت منه عبارة و مجرد رخصه ، لأن المقصود حق يباح للشخص أن يمارسه اذا اراد كأن يفتح الشخص مطلاً على ملك الجار مع مراعاة المسافة القانونية ، ولا يعتبر حائزاً لحق ارتفاق ، لأنه أتی عملاً مباحاً ليس فيه تعد على أحد.
والمادة المقترحة تطابق المادة 907 من التقنين الكویتی.
وتتفق مع ما جاء في المادة 1145/2 من التقنين العراقي .
و عدم قيام الحيازة بعمل يأتيه الشخص على أنه من المباحات يتفق مع القواعد العامة في الفقه الاسلامي -
أما عدم قيام الحيازة بعمل يتحمله الغير على سبيل التسامح ، فان فقهاء المذهب المالكي قد تحدثوا عنه بمناسبة الحيازة بين الأقارب والتمييز بينهم وبين الأجانب، واحتمال أن تكون اعمال الحيازة بين الأقارب من قبل التسامح و منم في من يحددون مددا للحيازة بين الأقارب تختلف باختلاف أعمال الحيازة ، كما أنهم يميزون بين البلاد التي يتوسع اهلها في أعمال التسامح فيها بين الأقارب . فتطول مدة الحيازة بينهم ، والبلاد التي لا يتوسع الأقارب فيها في أعمال التسامح فيما بعدم فتقصر هذه المدة * ومن أقوالهم ما يقوله المواق: ,۰۰۰ وقل انما يفرق بين القرارات والاجنبيين في البلاد التي يعرف أهلها أنههم توسعون بذاك لقرابتهم . ومن هذا المعنى ما نقله البرزلی من الباحي ان عشر سنين لا تقطع حق القرابة الا ان ثبت ان بين القائم والقوم عليه من عدم المسامحة والتشاح في مالا يترك الحق به هذه المدة . وحكي مثل هذا في الحقوق في غير الأملاك ، ( الحطاب ج6 ص 226 )۰
والی المذهب الحنفی تنص المادة دمين في سد الديران في هذا الصدد على ما يأتي : العم ان يرجع عن اراحته ولا يلزم بالاذن و الرضا . فان لمن لاحي حق المرور في عرضه اخر ومن فيها مدة باذن صاحبها ، فلا يترتب على مروره حق له بل لصاحب العرصة أن بشعة من المرور متى شاء: وفي هذا المعني ايفا ما تنص عليه المادة 1226 من المجلة ،
( مادة ۹۲۳)
اذا اقترنت السيارة باكراه أو حصلت خفية او كان فيها لبس ، فلا يكون لها أثر قيل من وقع عليه الإكراه أو اخفيت عنه الحيازة أو التبس عليه أمرها الا من الوقت الذي تزول فيه هذه العيوب :
هذه المادة تطابق الفقرة الثانية من المادة 949 من التقنين الحالي "
و تطابق المادة 1146 من التقنين العراقي و تطابق المادة ۱۱۷۲ من التقنين الأردنی . و تطابق المادة ۹۱۱ من التقنين الكويتي •
ويتضح من المادة المقترحة أن عيوب الحيازة هي الأكراد والخفاء واللبس أي أن الشروط التي تطلب في الحيازة . لكي تكون صالحة لأن تنتج آثارها ، هي الهدوء والظهور والوضوح ، ويتحدث الفقه الاسلامی عن شرط الهدوء في كلامه عن شرول عدم الاكراه وعن شرط الظهور في شرط حضور للحاز عليه ورؤيته التصرفات وأعمال الحائز ، وعن شرط الوضوح في كلامه عن الحيازة بين الأقارب والشركاء •
انظر : المدونة الكبرى للإمام مالك ص ۳۲ - 46: مختصر خليل ص 263 وما بعدها - الشرح الكبير للدردير على هامش حاشية الدسواتی ج 4 ص ۲۲۳ - شرح الحطاب ج6 ص ۲۲۱ و ۲۲۷ • الطرق الحكمية لابن قيم الجوزية ص ۸۸ و ۸۹ ۲- اثبات الحيازة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجلة الأحكام العدلية
مادة (1226) الرجوع عن الإباحة
للمبيح صلاحية أن يرجع عن إباحته، والضرر لا يكون لازماً بالإذن والرضى فإذا لم يكن لواحد حق المرور في عرصة آخر ومرَّ فيها بمجرد إذن صاحبها مدة فلصاحبها بعد ذلك أن يمنعه من المرور إن شاء.