مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس ، الصفحة : 498
مذكرة المشروع التمهيدي :
1 - تعرض هذه النصوص المدة التقادم المسكسب في العقار فهي خمس عشرة سنة في الحقوق العينية غير الموقوفة وثلاث وثلاثون سنة في الحقوق العينية الموقوفة فلا يملك شخص وقفة أو حق ارتفاق على عين موقوفة مثلاً إلا بهذه المدة والحساب بالتقويم الهجري (م 517 من المشروع ) ولا ذلك الوقف بالتقادم لأنه يشترط في إنشائه أن يكون بحجة شرعية ( أنظر م 1421 من المشروع وهي تقنين للقضاء المصري وليس لها نظير في التقنين الحالي) ، أما دعوى الإرث فهي تسقط بثلاث وثلاثين سنة والتقادم هنا مسقط لا مكسب ( لذلك يجب حذف « حقوق الإرث» من المادة 1421 وجعل الكلام عنها في التقادم المسقط ).
2 - على أنه في الحقوق العينية غير الموقوفة إذا اقترنت الحيازة بحسن النية واستندت إلى سبب صحيح فإن مدة التقادم المكسب تكون خمس سنوات فقط ولا يشترط حسن النية عند بدء الحيازة بل يكفي توافره عند تلقي الملكية بالسبب الصحيح فإذا اشترى شخص عقاراً من غير مالكه فيكفي أن يكون حسن النية وقت البيع حتى لو كان سيء النية وقت التسليم وحسن النية مفروض كما تقدم أما السبب الصحيح وهو العمل القانوني الناقل للملكية والصادر من غير مالك فلا يفرض وجوده بل يقع عبء إثباته على من يتمسك بالتقادم ويجب أن يكون السبب الصحيح مسجلاً خلافاً لما جرى عليه القضاء في مصر وآثر المشروع هذا الحل حتى يمكن التسجيل تمهيداً لإدخال السجل العقاري ( أنظر م 1420 من المشروع ويقابلها م 76 / 102 من التقنين الحالي ويؤخذ على نص التقنين الحالي أنه أغفل اشتراط حسن النية ولم يحدد معنى السبب الصحيح ولم يعرض لمسألة التسجيل وقد تدارك المشروع هذه العيوب ).
1- نصت الفقرة الأولى من المادة 969 من القانون المدنى الجديد على إنه " إذا وقعت الحيازة على عقار أو على حق عينى عقارى ، وكانت مقترنة بحسن نية و مستندة فى الوقت ذاته إلى سبب صحيح ، فإن مدة التقادم المكسب تكون خمس سنوات " كما نصت الفقرة الثالثة منها على أن " السبب الصحيح سند يصدر من شخص لا يكون مالكا للشىء أو صاحباً للحق الذى يراد كسبه بالتقادم ، ويجب أن يكون مسجلا طبقا للقانون " ، ومن ثم فلا تؤدى الحيازة المستندة إلى عقد بيع إبتدائى إلى كسب ملكية العقار الذى وقعت عليه بالتقادم الخمسى ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه .
(الطعن رقم 223 لسنة 37 جلسة 1972/03/23 س 23 ع 1 ص 507 ق 80)
2- مؤدى نص المادة 969 من القانون المدنى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن ملكية العقار تكتسب بوضع اليد عليه مدة خمس سنوات متتالية متى كانت الحيازة مقترنة بحسن نية ومستندة فى ذات الوقت إلى سبب صحيح وكان حسن النية الذى يقتضيه التملك بالتقادم الخمسى هو اعتقاد المتصرف إليه اعتقاداً تاماً حين التصرف أن المتصرف مالك لما يتصرف فيه فإن كان هذا الاعتقاد يشوبه أدنى شك امتنع حسن النية ولقاضى الموضوع السلطة التامة فى استخلاص حسن النية وسوئها من ظروف الدعوى وملابساتها .
(الطعن رقم 4233 لسنة 65 جلسة 1997/12/13 س 48 ع 2 ص 1461 ق 273)
3- حسن النية الذى يقضيه التملك بالتقادم الخمسى هو اعتقاد المتصرف إليه اعتقاداً سليماً تاماً حين التصرف أن المتصرف مالك لما يتصرف فيه، بحيث إذا شاب هذا الاعتقاد ثمة شك انتفى حسن النية . وكان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الاستئناف بسبق منازعته للمطعون ضدهما الأولين فى وضع يدهما على أطيان النزاع قبل تلقى حقهما بالعقد المسجل ........... بتاريخ ........... وقدم تدليلاً على دفاعه صورة المحضر ............. إدارى مركز .............. والمتضمن شكواه بتاريخ .......... من اغتصاب المطعون ضده الأول لأطيان النزاع، وكذلك صورة رسمية من الحكم الصادر فى دعوى منع التعرض ............. مدنى أبو كبير الجزئية والتى أقامها بتاريخ ............. على المطعون ضده الأول ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على أن المطعون ضدهما الأول والثانى تملكا أطيان النزاع بالتقادم الخمسى إذ خلت الأوراق من دليل على منازعة الطاعن لهما فى وضع يدهما عليها، وأنه لم يقدم دليلا على سوء نيتهما، مما يبين منه أنه لم يطلع على المستندات المقدمة من الطاعن ويبحثها لتقديره رغم ما قد يكون لها من دلالة مؤثرة فى الدعوى بشأن ثبوت حسن النية أو سوئها، فإنه يكون معيباً بمخالفة الثابت فى الأوراق والقصور فى التسبيب .
(الطعن رقم 1034 لسنة 58 جلسة 1993/06/15 س 44 ع 2 ص 682 ق 247)
4- الحيازة التى يعتد بها فى أكتساب الملكية بالتقادم الخمسى هى الحيازة التى تجتمع مع السبب الصحيح و تستطل إلى مدة خمس سنوات ، فإن بدأت الحيازة قبل قيام السبب الصحيح يلحقها عيب ما ، فإن التمسك بهذا العيب الذى أعترى الحيازة فى تاريخ سابق على قيام هذا السبب لا يكون منتجاً ولا مجدياً طالما كان المعول عليه فى نطاق التقادم الخمسى هى الحيازة منذ أن تجتمع بالتصرف المسجل الصادر من غير مالك ، فيكون عندئذ هو سببها الصحيح الذى يركن إليه الحائز فى حيازته ويتمكن بمقتضاه من التملك إن إقترنت حيازته بحسن النية وقت تلقى الحق تطبيقاً لما تقضى به المادة 969 من القانون المدنى .
(الطعن رقم 224 لسنة 54 جلسة 1987/11/26 س 38 ع 2 ص 1012 ق 214)
5- شرط تملك العقار بالتقادم الخمسى المنصوص عليه بالمادة 969 من القانون المدنى هو وضع اليد عليه مدة خمس سنوات متتالية متى كانت الحيازة مقترنة بحسن نية و مستندة فى ذات الوقت إلى سبب صحيح وهو العقد الصادر من غير مالك بشرط أن يكون مسجلا . وحسن النية الذى يقتضيه التملك الخمسى هو إعتقاد المتصرف إليه إعتقادا سليما تاما حين التصرف أن المتصرف مالك لما يتصرف فيه بحيث إذا شاب هذا الإعتقاد ثمة شك إنتفى حسن النية .
(الطعن رقم 249 لسنة 50 جلسة 1984/01/24 س 35 ع 1 ص 280 ق 57)
6- النص فى الفقرة الثالثة من المادة 969 من القانون المدنى على أن السبب الصحيح الذى تكسب به ملكية العقار بحيازته خمس سنوات مع حسن النية هو السند الذى يصدر من شخص لا يكون مالكاً للشئ الذى يراد كسبه بالتقادم ، يدل على أنه متى كان البائع للمشترين المتزاحمين بعقودهم واحداً فلا وجه لتمسك أحدهم فى وجه الآخرين بتملك المبيع بالتقادم الخمسى .
(الطعن رقم 488 لسنة 48 جلسة 1982/06/03 س 33 ع 2 ص 662 ق 117)
7- إن مؤدى نص الفقرة الثالثة من المادة 969 من القانون المدني على أن "السبب الصحيح سند يصدر من شخص لا يكون مالكاً للشيء أوصاحباً للحق الذي يراد كسبه بالتقادم، ويجب أن يكون مسجلاً طبقاً للقانون" أن بيع ملك الغير يصلح لأن يكون سبباً صحيحاً لكسب ملكية العقار بالتقادم الخمسي متى كان هذا البيع مسجلاً. ولا يغير من ذلك أن يكون البائع فيه غاصباً أومستنداً فى تصرفه إلى عقد قابل للإبطال أوباطل أومعدوم لأن المشرع لم يجعل من سند البائع ركناً أوشرطاً لاعتبار التصرف سبباً صحيحاً للتملك بالتقادم الخمسي واكتفى بأن يكون التصرف ذاته صادراً من غير مالك، ومن ثم فإن الحكم بإبطال سند المالك أوبطلانه أو انعدامه لا يستتبع أي أثر على سند الحائز ولا ينال من صلاحيته لأن يكون سبباً صحيحاً لذلك التملك. لأن الخلف الخاص يستطيع أن يتمسك بحيازته هو وحده وأن يسقط حيازة سلفه، ويتحقق ذلك إذا كان السلف سيء النية ومناط سوء النية المانع من اكتساب الملك بالتقادم الخمسي ثبوت علم المتصرف إليه وقت تلقي الحق بأن المتصرف غير مالك لما تصرف فيه، أوثبوت قيام أدنى شك لديه فى ذلك.
(الطعن رقم 6210 لسنة 70 جلسة 2001/11/27 س 52 ع 2 ص 1222 ق 236)
8- السبب الصحيح فى تملك العقار بالتقادم الخمسي - على ما تقضى به المادة 969 من القانون المدني فى فقرتها الثالثة - هو كل تصرف قانوني يستند إليه واضع اليد فى حيازته للعقار يكون من شأنه نقل الملك لو أنه صدر من مالك أهل للتصرف، فإذا كان التصرف بيعاً وجب أن يكون البائع فى تصرفه مضيفاً الملك إلى نفسه رغم أنه غير مالك، أما إذا صدر البيع بصفته نائباً عن المالك وتبين عدم نيابته عنه أو كان نائباً ولكنه تجاوز حدود الوكالة فإنه لا يتأتى فى هذا المقام الاستناد إلى قيام السبب الصحيح وإنما يتعين فى هذا المجال إعمال ما تقضى به الأحكام الخاصة بالنيابة فى التعاقد وبآثار الوكالة.
(الطعن رقم 1664 لسنة 56 جلسة 1989/05/18 س 40 ع 2 ص 315 ق 210)
9- لما كان مؤدى نص الفقرة الثالثة من المادة 969 من القانون المدني على أن " السبب الصحيح سند يصدر من شخص لا يكون مالكاً للشىء أو صاحباً للحق الذى يراد كسبه بالتقادم و يجب أن يكون مسجلاً طبقاً للقانون " أن بيع ملك الغير يصلح لأن يكون سبباً صحيحاً لكسب ملكية العقار بالتقادم الخمسى متى كان هذا البيع مسجلاً ولا يغير من ذلك أن يكون البائع فيه غاصباً أومستنداً فى تصرفه إلى عقد قابل للإبطال أو باطل أو معدوم لأن المشرع لم يجعل من سند البائع ركناً أو شرطاً لاعتبار التصرف سبباً صحيحاً للتملك بالتقادم الخمسي واكتفى بأن يكون التصرف ذاته صادراً من غير مالك ومن ثم فإن الحكم بإبطال سند المالك أو بطلانه أو إنعدامه لا يستتبع أى أثر ، على سند الحائز ولا ينال من صلاحيته لأن يكون سبباً صحيحاً لذلك التملك ولما كان ذلك وكان مناط سوء النيه المانع من إكتساب الملك بالتقادم الخمسي ثبوت علم المتصرف إليه وقت تلقى الحق بأن المتصرف غير مالك لما يتصرف فيه أو قيام أدنى شك لديه فى ذلك ، ولقاضى الموضوع السلطة التامة فى استخلاص حسن نية المتصرف إليه أو سوئها بشرط أن يكون استخلاصاً سائغاً .
(الطعن رقم 792 لسنة 55 جلسة 1988/04/26 س 39 ع 1 ص 692 ق 136)
10- السبب الصحيح هو السند الذى يصدر من شخص لا يكون مالكاً للشئ أوصاحباً للحق الذى يراد كسبه بالتقادم ، فإذا كان التصرف بيعاً يجب أن يكون البائع فى تصرفه مضيفاً الملك إلى نفسه ، أما إذا صدر البيع منه بصفته نائباَ عن المالك وتبين عدم نيابته عنه ، فإنه لا يتأتى فى هذا المقام الإستناد إلى وجود سبب صحيح . وإذا كان الواقع فى الدعوى أن إجراءات التنفيذ العقارى قد إتخذت ضد المطعون عليهم الستة الأول المالكين لحصة فى المنزل موضوع النزاع فى مواجهة وصى عليهم سبق عزله ، فإن الحكم برسو مزاد هذه الحصة على الطاعن لا يصلح أن يكون سبباً صحيحاً لتملك هذه الحصة بالتقادم الخمسى .
(الطعن رقم 142 لسنة 40 جلسة 1978/02/02 س 29 ع 1 ص 386 ق 77)
11- لما كان الطاعنون قد تمسكوا أمام محكمة الإستئناف يتملكهم أرض النزاع بالتقادم الخمسى إستناداً إلى حيازتهم لها مدة تزيد على خمس سنوات مقترنة بحسن النية ومستندة إلى السبب الصحيح وهو عقد البيع الصادر لمورثيهما ، وإذ كانت المادة 76 من التقنين المدنى السابق المقابلة للمادة 969 من التقنين الحالى قد نصت على أن ملكية العقار تكتسب بوضع اليد عليه مدة خمس سنوات متتالية متى كانت الحيازة مقترنة بحسن النية و مستندة فى ذات الوقت إلى سبب صحيح والسبب الصحيح هو العقد الصادر من غير مالك بشرط أن يكون مسجلاً ، وقد التفت الحكم المطعون فيه عن عقد الطاعنين المؤرخ 1936/9/23 والمسجل لكونه صادراً من غير مالك فإن إغفال الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع الجوهرى الذى لو حقق لجاز أن يتغير به وجه الرأى فى الدعوى يجعله مشوباً بالقصور .
(الطعن رقم 275 لسنة 41 جلسة 1975/12/08 س 26 ص 1586 ق 298)
12- وضع اليد المكسب للملكية واقعة مادية مما يجوز إثباته بكافة الطرق ، فإن للمحكمة أن تعتمد فى ثبوت الحيازة بعنصريها المبينين بالمادتين 968 و969 من القانون المدنى على القرائن التى تستنبطها من وقائع الدعوى ما دام إستخلاصها سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق ، فلها أن تعتمد فى ذلك على تقارير الخبراء ولو كانت مقدمة فى دعاوى أخرى ما دامت مضمومة إلى ملف الدعوى وأصبحت من أوراقها التى تناضل الخصوم فى شأن دلالتها وأن تأخذ ضمن القرائن المستفادة من الأوراق - بما تطمئن إليه من أقول الشهود الذين سمعهم هؤلاء الخبراء دون حلف يمين ، وأن تستند إلى ما قضى به فى دعوى أخرى دون أن تتوافر لهذا القضاء حجية الأحكام فى الدعوى المطروحة عليها متى كان ذلك بحسبانه قرينة تدعم بها قضاءها . وهى لا تتقيد بقرينة من هذه القرائن دون أخرى ، ولها أن تطرح ما لا تطمئن إليه فلا عليها وهى بصدد بحث كسب الملكية بالتقادم إن هى إستبعدت القرينة المستفادة من تكليف الأطيان بإسم حائزها إذا وجدت فى أوراق الدعوى ما تطمئن معه إلى أنه لم يكن يحوزها حيازة أصلية لحساب نفسه ، ولا أن تتقيد بتسجيل عقد ما دام قد ثبت لها أنه صدر من غير مالك لأن ذلك ليس سبباً بذاته لكسب الملكية ، كما أنها لاتلتزم بتعقب الخصوم فى شتى مناحى دفاعهم و الرد على كل قرينة غير قانونية يستندون إليها ما دامت قد أقامت قضاءها على الأسباب الكافية لحمله ، ولا أن تجيب طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق ما دامت قد وجدت فى أوراق الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدتها .
(الطعن رقم 1088 لسنة 48 جلسة 1984/05/24 س 35 ع 1 ص 1410 ق 272)
13- إذا دلل الحكم على ثبوت ملكية مورث المطعون عليهم للعين دون الحكومة ثم عاد وهو بصدد التدليل على عدم صحة الدفع بالتقادم الخمسى إلى إعتبار أن الحكومة هى المالكة للعين ورتب على ذلك قوله بأن العقد الصادر منها للطاعن لا يعتبر سبباً صحيحاً للتملك بالتقادم الخمسى لأنه صادر من مالك ، فإن ذلك مما يجعل أسبابه متهاترة بحيث لا يكون للمنطوق قائمة بعد أن خلا من الأسباب التى يمكن أن تحمله
(الطعن رقم 26 لسنة 36 جلسة 1970/04/30 س 21 ع 2 ص 748 ق 121)
تنص المادة 969 مدني علي ما يأتي :
1 - إذا وقعت الحيازة علي عقار أو علي حق عيني عقاري وكانت مقترنة بحسن النية ومستندة فى الوقت ذاته إلى سبب صحيح فإن مدة التقادم المكسب تكون خمس سنوات .
2 - ولا يشترط توافر حسن النية إلا وقت تلقي الحق .
3 - والسبب الصحيح سند يصدر من شخص لا يكون مالكاً للشيء أو صاحب للحق الذى يراد كسبه بالتقادم ويجب أن يكون مسجلاً طبقاً للقانون .
والصورة المألوفة لتطبيق النص سالف الذكر هي أن يبيع غير المالك عقاراً باعتبار أنه هو المالك ويكون المشتري حسن النية أي يعتقد أن البائع مالك للعقار فإذا حاز المشتري العقار فإنه لا يحتاج في تملكه إياه إلي التقادم الكسب الطويل ومدته خمس عشرة سنة بل يكتفي في تملكه للعقار بالتقادم المكسب القصير ومدته خمس سنوات فقط والسبب في تقصير مدة التقادم وجعلها خمس سنوات بدلاً من خمس عشرة سنة هو أن الحائز هنا يمتاز عن الحائز في التقادم المكسب الطويل بأنه حسن النية وعنده سبب صحيح يدعم حسن نيته وهذا كله في العقار أما في المنقول فإن من يشتريه من غير مالك ويكون حسن النية يتملكه في الحال بمجرد الحيازة كما سيأتي وذلك بموجب القاعدة التي تقضي بأن الحيازة في المنقول سند الملكية .
فالقانون هنا يعالج حالة خاصة هي حالة من يتلقى الملكية من غير مالك بسبب صحيح وهو حسن النية وقد وجده جديراً بالعناية وأراد أن يحصنه من مطالبة المالك الحقيقي له فلم يرى أن يجعله معرضاً لهذه المطالبة طوال مدة الخمس العشرة سنة وهي المدة اللازمة للتملك بالتقادم المكسب الطويل بل قصر هذه المدة إلي خمس سنوات في العقار وألغاها أصلاً في المنقول فيتملك الحائز المنقول بمجرد الحيازة وذلك كله جزاء علي حسن النية المدعوم بالسبب الصحيح فالتقادم المكسب القصير في العقار ومدته خمس سنوات أريد به تغطية من يتعامل في العقار مع غير المالك فيصبح بعد انقضاء هذه المدة القصيرة كأنه تعامل مع المالك .
والتقادم المكسب القصير علي النحو الذي بيناه يشترك في أكثر قواعده مع التقادم المكسب الطويل ثم ينفرد بقواعد خاصة به .
القواعد التي يشترك فيها التقادم المكسب القصير مع التقادم المكسب الطويل :
الأصل أن قواعد التقادم المكسب الطويل تسري علي التقادم المكسب القصير إلا فيما استثني بنص خاص وعلى ذلك يسري علي التقادم المكسب القصير قواعد التقادم المكسب الطويل فيما يتعلق بالأمور الثلاثة الجوهرية الآتية : (1) كيف يتحقق التقادم . (2) إعمال التقادم . (3) الآثار التي تترتب علي التقادم وقد سبق أن طبقنا نفس القواعد علي كل من التقادم الطويل والتقادم القصير في مناسبات مختلفة .
1 - ففيما يتعلق بتحقق التقادم يتحقق التقادم المكسب القصير طبقاً للقواعد التي يتحقق بها التقادم المكسب الطويل فيجب أن يكون العقار الخاضع للتقادم المكسب القصير عقاراً قابلاً للتعامل فيه وقابلاً للحيازة ومن ثم لا يسري التقادم المكسب القصير علي الدومين العام ولا علي الدومين الخاص ولا علي الوقف الخيري ويجب أن يخضع العقار لحياة مستوفية لعنصريها المادي والمعنوي وخالية من العيوب ومدة التقادم وهي خمس سنوات في التقادم القصير كما قدمنا لا يجوز الاتفاق علي تعديلها وتحسب مدة التقادم بالأيام لا بالساعات ولا يحسب اليوم الأول وتكمل بانقضاء آخر يوم منها ويبدأ سريان التقادم من اليوم التالي لليوم الذي بدأت فيه الحيازة ولا يسري في الحقوق المعلقة علي شرط واقف إلا من وقت تحقق الشرط ولا في الحقوق المقترنة بأجل إلا من وقت حلول الأجل ولا في الحقوق الاحتمالية إلا من وقت تكامل عناصرها وإذا ثبت قيام الحيازة في وقت سابق معين وكانت قائمة حالاً فإن ذلك يكون قرينة علي قيامها في المدة ما بين الزمنين ما لم يقم الدليل علي العكس وتسري قواعد ضم المدد في حالة تعاقب الحائزين علي الوجه الذي بسطناه في التقادم الطويل وتسري قواعد وقف التقادم علي النحو الذي قدمناه فلا يسري التقادم القصير كما لا يسري التقادم الطويل كلما وجد مانع يتعذر معه علي المالك أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبياً ومن أسباب وقف التقادم أسباب تتعلق بالشخص ومنها أسباب ترجع إلي ظروف مادية اضطرارية كذلك تسري قواعد انقطاع التقادم فينقطع التقادم القصير بالمطالبة القضائية وبإقرار الحائز بحق المالك وبفقد الحيازة .
2 - وفيما يتعلق بأعمال التقادم يكون إعمال التقادم القصير كأعمال التقادم الطويل عن طريق التمسك بالتقادم فلا تقضي المحكمة بالتقادم القصير من تلقاء نفسها بل لابد من التمسك به ويتمسك به الحائز وكل ذي مصلحة ويجوز التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى ولا يجوز النزول عن التقادم القصير مقدما قبل ثبوت الحق فيه ولكن يجوز النزول عنه بعد ثبوت الحق فيه كما يجوز النزول عن المدة التي انقضت في تقادم قصيرة لم يكتمل.
3 - وفيما يتعلق بالآثار التي تترتب علي التقادم يترتب علي التقادم القصير نفس الآثار التي تترتب علي التقادم الطويل فالتقادم القصير سبباً لكسب الملكية وهو يكسب الملكية بأثر رجعي ويتخلف عنه التزام طبيعي .
ويمكن القول بوجه عام إن جميع القواعد التي تسري علي التقادم الطويل تسري علي التقادم القصير فيما عدا مسائل معينة انفرد بها التقادم القصير تنتقل الآن إليها .
القواعد التي ينفرد بها التقادم المكسب القصير : يمكن حصر هذه القواعد في أربع : المدة التي يتم بها التقادم القصير واقتصار التقادم القصير علي العقار دون المنقول وضرورة قيام السبب الصحيح واقتران السبب الصحيح بحسن النية .
أما المدة في التقادم القصير فهي خمس سنوات بدلاً من خمس عشرة سنة كما تقدم القول وتحسب علي الوجه الذي تحسب به مدة الخمس العشرة سنة في التقادم الطويل وقد سبق بيان ذلك ولا تحسب مدة الخمس السنوات إلا من وقت اجتماع السبب الصحيح والحيازة فإذا سبقت الحيازة السبب الصحيح أو سبق السبب الصحيح الحيازة لم تسري المدة إلا بعد أن السبب الصحيح إلي الحيازة أو تنضم الحيازة إلى السبب الصحيح .
ويقتصر التقادم القصير علي العقار دون المنقول فلا يخضع لهذا التقادم إلا عقار معين بالذات أو حق عيني علي عقار كحق الانتفاع بالعقار وحق الارتفاق الظاهر وحق رهن الحيازة العقاري أما المجموع من المال ولو لم يشتمل إلا علي عقارات فلا يخضع للتقادم القصير كما لا يخضع للتقادم الطويل فيما قدمنا فمن اشترى من الوارث الظاهر نصيباً في الميراث أي جزءاً من مجموع التركة وهو حسن النية يعتقد أن البالغ هو الوارث الحقيقي لا يملك بالتقادم القصير ما اشتراه ولو كان كله عقاراً فالتقادم القصير إنما يحول إذن دون دعوى إستحقاق عقار بالذات يرفعها مالك هذا العقار ولا يحول دون دعوى الإرث يرفعها الوارث الحقيقي .
بقي السبب الصحيح وحسن النية وهذان هما دعامتا التقادم المكسب القصير
ويشترط أيضاً إلى جانب السبب الصحيح في التملك بالتقادم المكسب القصير توافر حسن النية عند الحائز وفي ذلك تقول المادة 969 / 1 مدني كما رأينا : إذا وقعت الحيازة على عقار أو على حق عينى عقاري وكانت مقترنة بحسن النية ومستندة فى الوقت ذاته إلى سبب صحيح ومعنى حسن النية هنا على وجه التحديد هو كما قدمنا أن يكون الحائز قد اعتقد وقت تلقيه الملكية أو الحق أنه يتلقى الملكية من المالك أو الحق من صاحبه فحسن النية إذن يتحدد عند الحائز بأنه غلط يقع فيه يدفعه إلى الاعتقاد بأن المتصرف هو مالك العقار أو صاحب الحق ويجب أن يكون حسن النية كاملاً فأي شك يقع فى نفس الحائز في أن المتصرف قد لا يكون هو المالك أو هو صاحب الحق ينفي حسن النية .
الوقت الذي يجب أن يتوافر فيه حسن النية :
تنص الفقرة الثانية من المادة 969 مدنى كما رأينا على ما يأتى : ولا يشترط توافر حسن النية إلى وقت تلقى الحق فحسن النية على التحديد الذى قدمناه يجب أن يتوافر عند الحائز فى الوقت الذي كان فيه يتلقى الملكية أو الحق لو أنه كان يتعامل مع المالك أو صاحب الحق فإذا اشترى الحائز العقار من غير مالك فحتى يمكنه أن يتملك العقار بالتقادم المكسب القصير يجب أن يكون قد اعتقد بحسن نية وقت تسجيل عقد البيع وهو الوقت الذي يتلقى فيه ملكية العقار أنه اشترى من مالك وأن الملكية قد انتقلت إليه على هذا النحو بالتسجيل وهذا يكفي فلا يشترط أن يبقى حسن النية بعد ذلك طوال السنين الخمس اللازمة للتملك بالتقادم القصير فلو أنه علم ولو بعد انقضاء مدة قصيرة تسجيل البيع أن البائع غير مالك لما آثر ذلك في توافر شرط حسن النية فيه.
وأكثر من ذلك لو أنه كان حسن النية على النحو الذي قدمناه وقت تسجيل البيع وقبل أن يتسلم العقار المبيع علم أن البائع غير مالك فبدأت حيازته للعقار وهو على هذا العلم لعدم شرط حسن النية مع ذلك متوافراً عنده .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء / التاسع المجلد / الثاني الصفحة / 1474)
التقادم القصير سبب من أسباب کسب ملكية العقار أو الحق الوارد على عقار كحق الإنتفاع وحق الارتفاق ويتحقق التقادم القصير بالاستناد إلى سبب صحيح فلا ينشأ الحق فيه بموجب هذا السبب وإنما إستناداً إليه لأنه لو تعلق وجوده بالسبب الصحيح فلا يترتب أثره في تملك العقار أو الحق العيني العقاري باعتبار أن السبب الصحيح يتمثل في تصرف قانوني صادر من غير مالك فلا ينقل الملكية ولو كان مسجلاً ولكن اكتفى المشرع في الفقرة الأولى من المادة 969 من القانون المدني أن يستند الحائز إلى سبب صحيح وبالتالي يجب أن يكون هذا السبب موجود وقت بدء الحيازة حتى يمكن للحائز أن يستند إليه وأن يكون نافذة حتى يرتب آثاره ولما كان العقد الباطل بطلاناً مطلقاً هو عقد لا وجود له وليس من شأنه أن يرتب أية أثار فلا يصلح أن يكون سبباً صحيحاً خلافاً للعقد القابل للإبطال أو الذي توافر في شأنه سبب يؤدي إلى فسخه وينحصر البطلان المطلق في التصرف الصادر إلى الحائز من المتصرف ولا يمتد إلى التصرف الذي تلقى به المتصرف الملكية بحيث إذا كان طعن في التصرف الصادر للأخير بالبطلان المطلق بينما كان التصرف الصادر منه للحائز غير مشوب بهذا البطلان فللحائز تملك الحق بالتقادم الخمسي متى كان حسن النية وقت تسجيل التصرف الصادر له.
ويسري على التقادم القصير ذات القواعد التي تسري على التقادم الطويل من حيث حقق التقادم والتمسك به وأثره في كسب الملكية بأثر رجعي على نحو ما أوضحناه فيما تقدم ولكن يختص التقادم القصير بأنه لا يرد إلا على عقار دون المنقول فهذا يتم تملكه في الحال بالسبب الصحيح وحسن النية كما لا يرد التقادم القصير أو الطويل على مجموع من المال كالتركة فليس للمشتري من الوارث الظاهر جزءاً من التركة أن يتمسك بالتقادم فللوارث الحقيقي رفع دعوى الإرث ومدة التقادم القصير خمس سنوات تبدأ من وقت اجتماع السبب الصحيح بالحيازة فإن افترقا فلا يبدأ التقادم إلا من وقت تلاقيهما ومتى اجتمعت الحيازة القانونية بالسبب الصحيح واستمرت خمس سنوات وتوفر حسن النية تملك الحائز العقار بالتقادم القصير وبأثر رجعي منذ أن اجتمعت الحيازة بالسبب الصحيح وحسن النية.
شروط التقادم القصير :
يتفق التقادم القصير مع التقادم الطويل في الشروط الواجب توافرها في الحيازة فيجب أن تكون هادئة ومستمرة وظاهرة وغير غامضة ويختلفان فيما يتعلق بالمدة وحسن النية فإن كان حسن النية شرط في كسب الملكية بالتقادم القصير فإنه لا يعتد به في التقادم الطويل فيكتسب الحائز الملكية ولو كان مغتصباً للعقار ويعلم بأنه مملوك لغيره وحتى لو بدأ حيازته له بالإكراه طالما زال هذا الإكراه بعد ذلك وأصبحت الحيازة هادئة واستمرت على ذلك خمس عشرة سنة.
وتنحصر شروط التقادم القصير فيما يلي :
أولاً : الحيازة :
يجب أن تتوافر في الحيازة الشروط التي تطلبها القانون لكسب الملكية أو الحق العيني أن تستمر مستوفيه لتلك الشروط لمدة خمس سنوات.
ثانياً : توافر السبب الصحيح :
والسبب الصحيح هو كل تصرف قانوني يستند إليه واضع اليد في حيازته للعقار ويكون صادرة من غير مالك وقد يكون التصرف ناقلاً للملكية كالبيع والمقايضة والهبة والوصية بعقار معين وبيع العقار المحجوز عليه والوفاء بمقابل هو عقار وتقديم العقار كحكمة في شركة وقد يكون التصرف منشئ للحق العینی كحق انتفاع أو حق ارتفاق ظاهر أو حق رهن حيازي ويخرج عن نطاق السبب الصحيح الوقائع المادية كوفاة المورث والتصرفات القانونية التي ليس من شأنها نقل حق عيني أو إنشائه کالايجار والعارية والحراسة والوكالة والوديعة وغيرها من التصرفات التي تنشئ التزامات شخصية وأيضاً القسمة الاختيارية والصلح والحكم القضائي لأنها كاشفة عن حق وليست ناقلة أو منشئة له .
فالتصرف الصادر من الوكيل بموجب توكيل ساري لا يعتبر صادرة من غير مالك حتى لو جاوز الوكيل حدود وكالته وبالتالي يخضع لقواعد الوكالة من حيث صدوره في حدودها أو تجاوز به الوكيل وكالته فيعتبر التصرف صادراً من المالك والمقرر أن مثل هذا التصرف لا يعتبر سبباً صحيحاً لكن إذا تصرف الوكيل بعد إلغاء وكالته ولم تتوافر قواعد الوكالة الظاهرة فإن التصرف يكون صادراً من غير مالك وبالتالي يعتبر سبياً صحيحاً.
وإن كان المتصرف مسخراً من المالك واسم مستعار فإن التصرف يكون صادراً في الحقيقة من الأصيل وهو المالك فلا يعتبر سبباً صحيحاً.
المشتري الذي لم يسجل عقده وإن كان لا يعتبر مالكاً باعتبار أن الملكية في المواد العقارية لا تنتقل إلا بالتسجيل فإن التصرف الصادر منه للحائز لا يعتبر صادراً من غير مالك وإنما من شخص يجوز له إجبار المالك على نقل الملكية إليه تنفيذاً لإلتزامه بنقلها بموجب دعوى صحة ونفاذ التصرف والتسليم وبالتالي لا يعتبر التصرف من المشتري للحائز سبباً صحيحاً لأن التصرف الذي يعتبر سبباً صحيحاً يجب أن يكون صادراً من شخص لا يمكنه نقل الملكية لمن تصرف له وهو مالم يتوافر لدى هذا المشتري إذ يجوز وفقاً لالتزام البائع بنقل الملكية إتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذ هذا الإلتزام.
مفاد نص المادة 969 من القانون المدني أن السبب الصحيح يجب أن يكون مسجلاً وبالتالي إذا كان التصرف غير مسجلاً فلا يعتبر سبباً صحيحاً مما يحول دون التمسك بالتقادم القصير ولكن يجوز التمسك بالتقادم الطويل خلافاً للقانون المدني القديم إذ كانت الملكية تنقل دون تسجيل التصرف وبالتالي لم يكن يشترط في السبب الصحيح أن يكون مسجلاً وذلك على نحو ما أوضحناه ببند وقت توافر حسن النية في التقادم القصير .
إذا تعددت التصرفات القانونية الصادرة من المالك فإن الملكية تنتقل إلى من قام بتسجيل تصرفه أولاً ولو لم يكن هو الحائز للعقار وبالتالي يجوز له أن يرفع دعوى باستحقاق العقار والتسليم ولا يعتد حيث بحيازة مشتري آخر للعقار حتى لو كان قد سجل التصرف الصادر له وظلت حيازته خمس سنوات إذ لا يعتبر التصرف الصادر له سبباً صحيحاً وإنما يخضع النزاع للأسبقية في التسجيل طالما كانت جميع التصرفات الواردة على العقار صادرة من مالكه.
أما إن كان أحدهما صادر من غير مالك وحاز المصرف إليه العقار بحسن نية المدة خمس سنوات تملكه بالتقادم الخمسي حتی لو وجد تسجيل سابق على تسجيله وإذ لا يخضع النزاع في هذه الحالة الأسبقية التسجيل لصدور التصرفين من شخصين مختلفين وأن الحائز لا يحاج بأية تسجيلات على العقار طالما توافرت له شروط التقادم الذي يتمسك به.
يعتبر نص القانون الذي يوجب شهر قوائم العقارات الشاغرة التي لا وارث لها واقعة مادية وبذلك لا يتم شهر تلك القوائم بموجب تصرف قانوني صادر من غير مالك وبالتالي فإن الحيازة التي تستند إلى نص في القانون قرر إجراء شهر العقارات معينة لا يتوافر به السبب الصحيح .
وإذ نصت المادة الأولى من القانون رقم 71 لسنة 1961 بشأن التركات الشاغرة على أن تؤول إلى الدولة ملكية التركات الشاغرة التي يخلفها المتوفون بغیر وارث بالجمهورية العربية المتحدة - جمهورية مصر - أياً كانت جنسيتهم وذلك من تاريخ وفاتهم وينقضي كل حق يتعلق بالتركة بمضي خمس عشرة سنة من تاريخ الوفاة ولو كان سببه الميراث تراجع بند حظر تملك التركات الشاغرة بالتقادم فيما يلي.
ويقوم بنك ناصر الاجتماعي بإعداد قائمة بالعقارات التي يموت مالكها بدون وارث وبشهرها تنتقل الملكية من تاريخ الشهر.
ولما كان السبب الصحيح يجب أن يكون تصرفاً قانونياً صادرة من غير مالك ويتم تسجيله فلا يعد نهى القانون الذي يتم التسجيل بموجبه سبياً صحيحاً فلا تملك بنك ناصر الاجتماعي العقار الذي أشهر قائمته ولو استمر الإستيلاء عليه مدة خمس سنوات لكن إذا إستمر حيازته خمس عشرة سنة كسب الملكية بالتقادم الطويل وفقاً للقواعد العامة إذ يجوز للأشخاص الاعتبارية العامة إكتساب الملكية بهذا التقادم .
لا يصلح التصرف الباطل أو الصوري صورية مطلقة لأن يكون سبیاً صحيحاً لأنه لا وجود له بينما يصلح التصرف القابل للإبطال لغلط أو تدليس أو إكراه أو لوروده على عقار لقاصر أو لمخالفة التصرف لشرط مانع من التصرف " م 824 " ذلك أنه يشترط في التقادم وفقاً لنص المادة 969 توافر السبب الصحيح وهو التصرف الذي يستند إليه واضع اليد ويجب أن يكون تصرفاً حقيقياً صادراً من غير مالك للعين فإن كان صورياً صورة مطلقة فلا يكون له وجود في الحقيقة ومن ثم لا يصلح لان يكون سبباً صحيحاً فينتفي عن التقادم القصير أول شروطه مما يحول دون التمسك به.
فإن كان المتصرف مالكاً ظنياً أي اعتقد بأنه مالك لعين الشخص الذي يضع يده على العين باعتبار أنها آلت إليه بالميراث ثم يتضح أنه غير وارث فإنه لا يكون مالكاً ويكون التصرف قد صدر من غير مالك وفي هذا الفرض أيضاً لا يعتبر التصرف سبباً صحيحاً لأنه ليس تصرفاً حقيقياً وانما تصرفاً لا وجود له مفاد ذلك أن واضع اليد بموجب تصرف صوري صورية مطلقة لا يكون له الحق في الإدعاء بتملكه العين بالتقادم القصير.
ولا يصلح التصرف المعلق على شرط واقف لأن يكون سبباً صحيحاً إلا من وقت حقق الشرط أما التصرف المعلق على شرط فاسخ فيصلح لأن يكون سبباً صحيحاً لأنه نافذ في الحال ولا يصلح التصرف الظني لأن يكون سبباً صحيحاً وهو الذي يعتبر الشخص بموجبه أنه صاحب حق على عقار بينما هو ليس كذلك كالموصي له بعقار معين عندما يضع يده على العقار ثم يتبين أن الموصي رجع في الوصية قبل وفاته فالوصية في هذه الحالة تعتبر تصرفاً ظنياً .
حسن النية هو اعتقاد التصرف إليه اعتقاداً تاماً حين التصرف أن المتصرف مالك لما يتصرف فيه فإن كان هذا الإعتقاد يشوبه أدنى شك امتنع حسن النية ويتوفر حسن النية بغلط وقع فيه الحائز ويستوي أن يكون غلطاً في الواقع كان يشتري الحائز من مالك أبطل عقده دون أن يعلم الحائز بالإبطال وقد يكون الغلط في القانون كان يشتري الحائز عقارة ويرد بعقد البيع أن الملكية آلت إلى البائع بالهبة ولا يعلم الحائز أن الهبة يجب أن تكون رسمية وإلا كانت باطلة فإن تبين قاضي الموضوع توفر حسن النية بالرغم من ذلك فلا عبرة بالغلط الذي وقع فيه الحائز أياً ما كان مادام مغتفراً فإن كان الخطأ جسيماً تحقق به سوء النية .
وينتفي حسن النية إذا كان الحائز يعلم بوجود سبب من أسباب الفسخ أو البطلان بسند من تلقى منه الحق أما العيوب التي تشوب السبب الصحيح وتجعله قابلاً للابطال فلا تنفي عن الحائز حسن النية طالما أن الحائز كان لا يعلم أن المتصرف غير مالك ولم يساوره أدنى شك في ذلك.
حسن النية الواجب توافره في التقادم القصير هو إعتقاد المتصرف إليه إعتقاداً راسخاً حين تلقيه الحق أن المتصرف هو المالك لما يتصرف فيه.
والعبرة في توافر حسن نية الحائز بوقت تلقيه الحق ويفترض أنه حسن النية في هذا الوقت على نحو ما تقدم وعلى من يدعي سوء نيته إثبات ذلك وأنه كان سيء النية وقت أن تلقى الحق محل هذا التقادم فإن أثبت أنه كان سيء النية بعد أن تلقى الحق فلا ينال ذلك من توافر حسن نية الحائز إذ لا يؤثر سوء النية التالي لتلقي الحق على اكتساب العقار أو الحق العيني العقاري بالتقادم القصير .
ولتحديد وقت تلقى الحق نفرق بين أحكام القانون المدني السابق، وبين أحكام القانون المدني الحالي فكان الحق العيني العقاري في ظل القانون المدني السابق ينتقل من المتصرف إلى المتصرف إليه فور إبرام العقد العرفي ودون حاجة إلى التسجيل وبالتالي كان المتصرف إليه يتلقى الحق فور إبرام العقد العرفي ومن ثم كان يكفي توافر حسن النية وقت إبرام العقد العرفي.
أما في ظل القانون المدني الحالي فإن العقد العرفي لا يرتب إلا التزامات شخصية فلا تنتقل ملكية الحق العيني العقاري إلا بالتسجيل وبالتالي فإن التصرف إليه لا يتلقى الحق إلا بالتسجيل فإذا سجل الحائز سنده توافر السبب الصحيح ويجب أن يكون حسن النية وقت هذا التسجيل فإن كان حسن النية وقت إبرام العقد العرفي ثم أصبح سيء النية وقت تسجيله إنتفی حسن النية.
ولا يشترط توافر حسن النية عند بدء الحيازة بل يكفي توافره وقت تلقي الحق على نحو ما تقدم طالما كانت الحيازة تالية لتلقي الحق مثال ذلك أن يتسلم المشتري العقار بعد تسجيل العقد فإن كان سيء النية عند التسليم فلا ينال ذلك من توافر شروط التقادم طالما استمرت الحيازة مدة خمس سنوات مستوفية شروطها من سوء وظهور واستمرار على نحو ما أوضحناه فيما تقدم وليس من بينها حسن النية أما إن بدأت الحيازة بسوء نية قبل تلقي الحق توافر سوء النية وقت تلقي لحق مثال ذلك أن يتوافر سوء نية المشتري عند تسلمه العقار بموجب العقد العرفي فيستمر سوء النية عند تسجيله.
التمسك باكتساب ملكية العقار بالتقادم القصير دفع موضوعي غیر متعلق بالنظام العام فلا تتصدى له المحكمة من تلقاء نفسها وإنما يجب أن يتمسك به من تقرر لمصلحته وهو المشتري عندما يرد البيع على عقار غير مملوك للبائع فإن لم يتمسك به المشتري فلا يجوز للبائع أن يتمسك به وبالتالي إذا توافرت شروط الدفع وأقام المشتري دعوى ضد البائع بإبطال عقد البيع عملاً بالمادة 466 من القانون المدني التي تجيز للمشتري في بيع ملك الغير أن يطلب إبطال البيع سواء سجل العقد أو لم يسجل فلا يجوز للبائع طلب رفض الدعوى إستناداً إلى ثبوت حق المشتري في الدفع باكتساب العقار بالتقادم القصير أو إستناداً إلى تملكه هو العقار بذات التقادم وحينئذ تلتزم المحكمة بالقضاء بأبطال البيع والتعويض إن كان له مقتضى وطلبه المشتري.
وإذا تمسك المتصرف إليها بالتقادم وجب أن يقرع به سمع المحكمة حتی تلتزم بالتصدي له ويتحقق ذلك عندما يفصح عن قصده في عبارة واضحة جلية فيتمسك باكتساب ملكية عقار النزاع بالتقادم القصير فلا تكفي العبارة الغامضة التي لا تدل على المراد من الدفع کالعبارة التي تتضمن تقريرات قانونية متعلقة بالتقادم والآثار المترتبة عليه وإذ لم تتضمن نوع التقادم حتى تلتزم المحكمة ببحث شروطه فلم يوجب عليها القانون بحث جميع أنواع التقادم لتستخلص النوع الواجب تطبيقه على واقعة الدعوى فلا تثريب عليها في هذه الحالة إذا التفتت عن الدفع طالما جاء مهما حتى لو كان في مكنتها التعرف عليه ففي ذلك تقديم دليل للخصم وهو ما لا يجوز لها قانوناً. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار / أنور طلبة ، المكتب الجامعي الحديث ، الجزء / الرابع عشر الصفحة/ 64)
يقوم التقادم الخمسي على أنه إذا وقعت الحيازة على عقار أو حق عيني على عقار وكانت مقترنة بحسن النية ومستندة فى الوقت ذاته إلى سبب صحيح فإن مدة التقادم المكسب تكون خمس سنوات بدلاً من خمس عشرة سنة أي بدلاً من التقادم الطويل وهذا التقادم القصير هو ميزة أو استثناء لصالح من يتلقى العقار من غير مالكه وهو يعتقد بحسن نية أنه يتعامل مع المالك الحقيقي لهذا العقار فهذا الحائز يقوم بكل ما يتطلبه القانون منه للحصول على ملكية العقار ولكن فاته أن يلحظ العيب الذي يعتور سند من تلقى عنه الحق ولما كان هذا التصرف لا يؤدي قانوناً إلى نقل الملكية لصدوره من غير مالك فقد رأى المشرع أنه يكفي لتغطية هذا العيب الجسيم أن تنتقل حيازة العقار إلى المتصرف إليه وأن يسكت المالك الحقيقي خمس سنوات دون أن يطالب باستحقاق العقار فإن هو سكت طوال هذه المدة أصبح الحائز أجدر منه برعاية القانون نظراً لحسن نيته وإنخداعه بالمظهر الخارجي الذي أسهم المالك الحقيقي في وجوده بإهماله وتقاعسه عن حماية حقه.
وهذا التقادم القصير يجعل المتصرف إليه في المركز الذي كان يتوفر له لو أنه تعامل مع المالك الحقيقي .
- مجال الاحتجاج بالتقادم الخمسي :
لا يسري التقادم الخمسي إلا على العقارات فلا يجوز التمسك به في مجال المنقولات وهذا واضح من صريح نص الفقرة الأولى من المادة 969 التي تجري على أن : إذا وقعت الحيازة على عقار أو على حق عيني عقاري وكانت.... إلخ - ويعزي قصر هذا التقادم على العقارات إلى أن حيازة المنقول بسبب صحیح وحسن نية تؤدي إلى تملكه في الحال دون حاجة إلى مضي مدة ما عملاً بقاعدة الحيازة في المنقول سند الحائز .
كما أن صياغة الفقرة المذكورة تقطع بأنه لا محل للتمسك بالتقادم الخمسي إلا إذا كانت الحيازة منصبة على عقار معين بالذات فلا يجوز التمسك بهذا التقادم لمن حاز بسبب صحيح وحسن نية عقاراً ضمن مجموعة قانونية أو فعلية کتركة أو محل تجاري.
إنما يسرى هذا التقادم على حق الملكية وكافة الحقوق العينية الأصلية الأخرى وعلى حق الرهن الحيازي .
يشترط لتوافر التقادم الخمسى أربعة شروط هي :
1 - حيازة قانونية
2 - استمرار الحيازة مدة خمس سنوات.
3 - أن تكون الحيازة مستندة إلى سبب صحيح.
4- أن يكون الحائز حسن النية ونعرض لهذه الشروط بالتفصيل فيما يلي:
الشرط الأول
وجود حيازة قانونية
مضمون الشرط:
يشترط لتوافر التقادم الخمسي وجود حيازة قانونية أي الحيازة المادية المقترنة بنية التملك أو بنية استعمال حق عيني على عقار فالحيازة المادية وحدها أو العرضية لا يمكن أن تؤدي إلى كسب الملكية أو الحق العيني بالتقادم ولن يستطيع الحائز العرضي أن يكسب بالتقادم إلا إذا تغيرت صفة حيازته.
ويجب أن تكون الحيازة القانونية خالية من العيوب التي تعيبها وهي الإكراه والخفاء والغموض.
وهذه الحيازة الخالية من العيوب يجب أن تكون منصبة على ذات الحق المراد کسبه بالتقادم فالتقادم لا يؤدي إلا إلى كسب ذات الحق محل الحيازة فإذا حاز الشيء على سبيل الملك استطاع كسب الملكية بالتقادم وإذا حاز عليه حق انتفاع لم يكن له أن يكسب بالتقادم سوى الانتفاع دون الملكية وكذلك الحال لو كان حائزاً لحق ارتفاق .
وهذه الحيازة هي ذاتها الحيازة التي تكسب الملكية بالتقادم الطويل وقد عرضنا لها تفصيلاً فنكتفي بالإحالة إلى ما قدمناه.
الشرط الثاني
أن تستمر الحيازة مدة خمس سنوات كاملة
- مضمون الشرط :
رأينا أن مدة الحيازة المكسبة للملكية في التقادم الطويل خمس عشرة سنة ميلادية كاملة.
أما مدة الحيازة في التقادم القصير فهى خمس سنوات ميلادية كاملة فقط ويسري على هذه المدة ما سنذكره في شرح المادة (973).
انظر شرح المادة المذكورة .
الشرط الثالث
وجود السبب الصحيح :
- تعريف السبب الصحيح :
عرفت الفقرة الثالثة من المادة 969 السبب الصحيح بأنه : سند يصدر من شخص لا يكون مالكاً للشيء أو صاحباً للحق الذي يراد کسبه بالتقادم ويجب أن يكون مسجلاً طبقاً للقانون .
فما تجدر الإشارة إليه منذ البداية أن المقصود بالسند في هذا الصدد هو التصرف الصادر إلى الحائز والذي تستند إليه الحيازة كالبيع الذي بموجبه اشترى الحائز العقار محل الحيازة وليس المقصود بالسند هنا الكتابة المثبتة للتصرف القانوني الصادر إلى الحائز.
كما أن وجود سبب صحیح تستند إليه الحيازة في التقادم الخمسي يفترض أن الحق محل الحيازة كان لينتقل إلى الحائز باعتباره خلفاً خاصاً للمتصرف لو أنه كان صادراً من المالك أو صاحب الحق.
وسمي السبب بالسبب الصحيح لأنه ينقل الملكية لو صدر من المالك أو صاحب الحق لا لأنه خال من أسباب البطلان فالتصرف القابل للإبطال يعتبر مع ذلك سبباً صحيحاً كما سنرى ولا يهم بعد ذلك أن يكون التصرف مشوباً بعيوب أخرى أو غير مشوباً مادام له وجود قانوني .
وقد عرفت محكمة النقض السبب الصحيح بأنه هو كل تصرف قانوني يستند عليه واضع اليد في حيازته للعقار ويجعل وضع يده عليه حلالاً سليماً من شبهة الغصب في نظره واعتقاده هو.
والمراد بكون السبب صحيحاً في هذا الباب هو أن يكون بطبيعته ناقلاً للملك لو أنه صدر من مالك أهل للتصرف.
يجب أن يتوافر في السبب الصحيح عدة شروط هي :
أولاً : أن يكون تصرفاً قانونياً صادراً إلى الحائز باعتباره خلفاً خاصاً :
يشترط في السبب الصحيح أن يكون تصرفاً صادراً إلى الحائز باعتباره خلفاً خاصاً للمتصرف كالبيع والهبة والوصية بما معين ويعتبر من هذا القبيل أيضاً الأحكام الناقلة للحق كحكم مرسي المزاد الذي يؤدي إلى نزع ملكية المدين بناء على طلب دائنيه.
وترتيباً على ذلك لايعتبر سبباً صحيحاً ما يأتي :
1 - الميراث :
لا يعتبر الميراث سبباً صحيحاً لأنه ليس تصرفاً لأن الوارث خلف عام لموروثه فحيازته استمرار الحيازة مورثه ومن ثم لا يكون له فيما يتعلق بالتقادم الخمسي سند خاص به بل يرجع في هذا الشأن إلى سند المورث فإذا كانت حيازة المورث تستند إلى سبب صحيح استند إليها الوارث على اعتبار أن حيازة الوارث تعد امتداداً لحيازة مورثه .
2 - محضر التسليم الرسمي :
لا يعتبر محضر التسليم الرسمي الذي يتسلم بمقتضاه الراسي عليه المزاد الأطيان التي رسا عليه مزادها تصرفاً بعكس حکم مرسي المزاد ومن ثم لا يعد سبباً صحيحاً .
3 - الوصية بحصة في التركة :
لا تعتبر الوصية بحصة في التركة سبباً صحيحاً رغم كونها تصرفاً صادراً إلى الحائز لأن الموصى له في هذه الحالة خلف عام للموصي فيصدق عليه ما ذكرناه في خصوص الوارث .
ثانياً : أن يكون التصرف صادراً من غير مالك أو صاحب للحق العيني.
يشترط في السبب الصحيح أن يكون التصرف صادراً من غير مالك أو صاحب للحق العيني محل الحيازة .
وعلى ذلك إذا صدر التصرف من مالك فإنه لا يعتبر سبباً صحيحاً يجوز للحائز أن يتملك بالتقادم الخمسي لأن التقادم الخمسي يقتصر غرضه على تغطية العيب الناجم عن عدم ملكية المتصرف فهو لا يؤدي إلى زوال العيوب الأخرى التي تلحق التصرف.
ويستوي لاعتبار المتصرف غير مالك ألا يكون له أي حق أصلاً علی العقار أو يكون له حق ولكنه زال بأثر رجعي كما لو أبطل سنده أو فسخ.
كما يستوي أن يكون سند المتصرف أو حيازته معيبة بعيوب تمنعه هو من كسب الملكية وما ذلك إلا لأن المتصرف إليه لا يكسب الملكية انتقالاً من المتصرف وإنما يكسبها بالحيازة المدعمة بالسبب الصحيح الذي لا يعدو كونه عنصراً من عناصر الحيازة لا سبباً لكسب الملكية فلا اعتداد إذن بما إذا كانت حيازة المتصرف قانونية أم عارضة ولا بما إذا كان يستند في حيازته إلى سند أم أنه كان مجرد من السند أصلاً كالمغتصب إذا في هذه الحالات يكون المتصرف إليه إذا كان حسن النية ومضت خمس سنوات على حيازته للعقار المتصرف فيه أن يتوقى أثر زوال سند المتصرف زوالاً رجعياً بالتمسك بالتقادم الخمسي استناداً إلى أنه بهذا الزوال يعتبر هذا التصرف سبباً صحيحاً فيكتسب بهذا التقادم ملكية العقار المتصرف فيه دون أن يتأثر بالزوال الرجعي السند المالك المتصرف وقد لا يكون في حاجة إلى ذلك إذا كان قد سجل تصرفه بحسن نية قبل التأشير بدعوى الإبطال أو الفسخ المرفوعة على المتصرف.
يشترط التمسك باكتساب الملكية بالتقادم الخمسي أن يكون التصرف الذي يعتبر سنداً صحيحاً صادراً إلى المتمسك بالتقادم.
إذا كان سند البائع للحائز عقداً غير مسجل صادراً له من المالك الحقيقي فإنه لا يكون للمشتري منه التمسك بتملك المبيع بالتقادم الخمسي لأن البائع وإن كان لا يعتبر مالكاً إلا أنه يستطيع الحصول على الملكية بتسجيل العقد الصادر له من المالك أو بمطالبة المالك مطالبة قضائية بتنفيذ التزامه عیناً بنقل الملكية إليه وتسجيل الحكم الذي يصدر بعد ذلك .
يشترط أن يكون التصرف من شأنه أن ينقل الملكية لو أنه صدر من المالك أو صاحب الحق العيني .
فالتصرفات التي ليس من شأنها نقل الملكية وإنما ترتب مجرد التزامات شخصية لا تصلح سبباً صحيحاً للتملك الخمسي ومثل ذلك : عقد الإيجار وعقد الوديعة وعقد الحراسة وعقد العارية وعقد الوكالة فلا يستطيع الحائز بمقتضى هذه العقود التملك بالتقادم الخمسي حتى لو غير صفة حيازته من عرضية إلى أصلية لأنه لا تتوافر لديه حسن النية ولأنه لا يستطيع الارتكان إلى عقد من العقود السابقة لتخلف وصف السب الصحيح فيها .
ومن أمثلة التصرفات التي من شأنها نقل الملكية ما يأتي:
1 - البيع .
2 - عقد المقايضة :
ويحدث ذلك إذا قايض شخص آخر منزلاً بأرض مثلاً وكان لا يملك المنزل الذي قايض علية أو زالت ملكيته كان المقايض الآخر أن يعتقد بحسن نية أن المقايض الأول يملك المنزل وبالتالي يتوافر لديه السبب الصحيح الذي يؤدي مع الحيازة لمدة خمس سنوات إلى تملك المنزل.
3 - رسو مزاد العقار المحجوز عليه :
فهو بمثابة بيع البائع فيه هو المدين والمشتري هو الراسي عليه المزاد ومن ثم يصلح أن يكون سبباً صحيحاً فلو أن العقار كان غير مملوك للمدين ورسا مزاده على شخص يعتقد أنه مملوك للمدين فقد توافر عند الراسي عليه المزاد السبب الصحيح وهو رسو المزاد وحسن النية وعلى ذلك يجوز أن يتملك العقار الذي رسا عليه مزاده بالتقادم المكسب القصير أما إذا كان الراسي عليه المزاد سييء النية فإنه لا يتملك بالتقادم القصير .
4 - الوصية :
إذا كانت الوصية بعقار معين بالذات وكان الموصي لا يملك العقار الموصى به جاز للموصى عليه تملك العقار بالتقادم الخمسي إذا توافر له شرطاً الحيازة وحسن النية.
5 - الهبة :
فالهبة تصرف ناقل للملكية.
6 - الوفاء بمقابل .
7 - تقديم الشريك عقاراً حصة له في شركة.
8 - الأخذ بالشفعة :
يرى بعض الفقهاء أن الأخذ بالشفعة يصلح أن يكون سبباً صحيحاً فلو أن عقار باعه غير مالك لمشتري حسن النية فأخذه شفيع بالشفعة وهو حسن النية أي يعتقد أن العقار مملوك للبائع فإن الشفيع يستطيع أن يستند إلى الشفعة باعتبارها سبباً صحيحاً وإلى حسن نيته فيتملك العقار بالتقادم المكسب القصير استناداً إلى ما يأتي:
(أولاً) أن الشفعة واقعة مركبة ويدخل في تركيبها إرادة الشفيع في أن يأخذ بالشفعة وهذه الإرادة هي تصرف قانوني ناقل للملكية .
(ثانياً) أن الشفيع يحل محل المشتري في جميع حقوقه ومن حق المشتري حسن النية الذي اشترى من غير مالك أن يتملك العقار المبيع بالتقادم المكسب القصير فكذلك الشفيع الذي حل محله يستطيع هو أيضاً أن يتملك العقار بالتقادم المكسب القصير .
أما العقود الكاشفة للحقوق العينية فلا تعتبر سنداً صحيحاً للتملك بالتقادم الخمسي.
ومن أمثلة ذلك :
(أ) - القسمة الرضائية :
عقد القسيمة لا يعتبر بذاته سبباً صحيحاً لأنه كاشف للحقوق لا ناقلاً لها ولكن يعتبر عقد القسمة متمماً لسبب صحيح هو عقد البيع ومكملاً له بمعنى أنه يجعل وضع يد المشتري على الشيوع بعيداً عن كل إبهام إذ يتمكن المشتري بمقتضاه من وضع يده على المبيع مفرزاً محدداً بشرط أن تحتسب مدة التقادم في مثل هذا الفرض ابتداءً من وقت حصول القسمة مع البائعين للمشتري لا من الوقت الذي صدر فيه عقد البيع على الشيوع .
(ب) - عقد الصلح :
لا يصلح عقد الصلح سبباً صحيحاً لأنه تصرف كاشف فإذا تنازع شخصان على عقار وتصالحا على اعتباره ملكاً لأحدهما فلا يجوز لهذا أن يستند إلى عقد الصلح باعتباره سبباً صحيحاً في مواجهة المالك الحقيقي لكن إذا أعطى أحد المتصالحين عقاراً خاصاً به للمتصالح الآخر في مقابل بعض الأعيان المتنازع عليها فإن الصلح بالنسبة إلى هذا العقار غير المتنازع عليه يعتبر تصرفاً قانونياً ناقلاً للملكية ويجوز تملكه بالتقادم الخمسي .
(ج) – الأحكام القضائية :
يلحق أيضاً بالعقود غير الناقلة للملكية الأحكام القضائية فهى لا تعتبر أسباباً صحيحة للتملك الخمسي لأنها كاشفة للحقوق وليست ناقلة لها فإذا تنازع شخصان على ملكية عقار فرفع أحدهما دعوى الإستحقاق وحكم لصالحه ثم تبين بعد ذلك أن العقار مملوك لشخص ثالث فلا يجوز لمن صدر الحكم الصالحه أن يستند إليه باعتباره سبباً صحيحاً للتملك بالتقادم الخمسي .
إنما يستثنى من ذلك التصرف المرتب لرهن حيازي عقاري إذ أن الحق العيني التبعي العقاري ينتقل فيما بين المتعاقدين بمجرد العقد فلا يجب فيه القيد إلا لكي يكون حجة على الغير (م 12 من قانون تنظيم الشهر العقاري) .
واشتراط تسجيل السبب الصحيح من شأنه أن يجعل كسب الحق بالتقادم الخمسي نادر الوقوع في الحياة العملية لأن مكاتب الشهر العقاري لا تقوم بتسجيل التصرف إلا إذا قدمت إليه المستندات المؤيدة لملكية المتصرف.
الوضع بالنسبة لبعض الفروض للسبب الصحيح:
1 - التصرف القانوني الباطل :
ليس للتصرف الباطل وجود قانوني فهو لا ينتج الآثار المقصودة منه أياً كان سبب البطلان ولهذا لا تنتقل الملكية أو الحق العيني بموجبه ولو كان مسجلاً ومن ثم لا يصلح سبباً صحيحاً ويجوز للمالك أن يتمسك ببطلانه إذ أن البطلان المطلق يحق لكل ذي مصلحة أن يتمسك به (م 141 مدني) ومن الواضح أن للمالك مصلحة جدية في التمسك ببطلان السند الذي يستند إليه الحائز .
ويستوي أن يكون بطلان التصرف راجعاً إلى سبب شكلي أو موضوعي.
ومثل التصرف الباطل لعيب شكلي عقد الهبة الذي يحرر في عقد عرفي فهو لا يصلح أن يكون سبباً للتملك بالتقادم الخمسي.
أما إذا لجأ المتعاقدان إلى ستر الهبة في شكل عقد من عقود المعاوضة فيمكن اعتبار العقد الساتر سبباً صحيحاً متى توافرت صفات هذا العقد و عناصره اللازمة لإتمامه من حيث الظاهر.
وكذلك إذا قام الواهب أو ورثته مختارين بتنفيذ هبة باطلة لعيب في الشكل انقلبت الهبة صحيحة فإنه يزول أثر هذا البطلان ويصح اعتبار عقد الهبة سبباً صحيحاً للاحتجاج به قبل المالك الحقيقي إذ تنص المادة 489 مدني على أنه إذا قام الواهب أو ورثته مختارين بتنفيذ هبة باطلة لعيب في الشكل انقلبت الهبة صحيحة.
ومن الأمثلة أيضاً الوصية إذا لم تستوف الشكل المطلوب فإنها تعد باطلة ولا تصلح سنداً للتملك بالتقادم الخمسي .
ومن أمثلة بطلان التصرف لسبب موضوعي أن يكون محل العقد وسببه غير مشروعين كما إذا كان القصد من شراء العقار إدارته للدعارة وكان البائع عالماً بقصد المشتري إذ يقع العقد باطلاً بطلاناً مطلقاً لمخالفته للآداب .
وكذلك يعد باطلاً بطلاناً مطلقاً كل تصرف يقع في تركة إنسان على قيد الحياة (م 2/ 131 مدني) وعقد الهبة الذي يعقده الواهب لخليلته إذا كان الباعث على هذا التبرع إيجاد علاقة غير شريفة بينهما .
وكذلك عقد البيع الوارد على حقوق متنازع فيها إذا كان المشتري أحد الأشخاص المذكورين في المادتين 471 ،472 من القانون المدني إذ أنهما تقرران بطلان البيع الذي يتم بالمخالفة لحكمهما بطلاناً مطلقاً .
التصرف القابل للإبطال يقع صحيحاً ومنتجاً لآثاره ويظل كذلك إلى أن يحكم بإبطاله فهو من هذا ينقل الملكية أو الحق العيني ولا يجوز للمالك أن يتمسك بهذا الإبطال لأن الحق في طلب الإبطال لا يثبت إلا للعاقد الذي شرع الإبطال لمصلحته (م 138 مدني).
فمن يشتري عقاراً من شخص ناقص الأهلية غير مالك يحق له إذا كان حسن النية وحاز العقار لمدة خمس سنوات أن يستند إلى عقد البيع باعتباره سبباً صحيحاً في تمسكه بالتقادم الخمسي ضد المالك الحقيقي .
وكذلك إذا باع شخص عقاراً لا يملكه وكان البيع مشوباً بعيب من عيوب الإرادة كالغلط أو التدليس أو الإكراه فإنه يصلح أن يكون سبباً صحيحاً للتملك بالتقادم الخمسي .
غير أنه إذا أبطل من تقرر الإبطال لمصلحته التصرف القانوني فإن هذا التصرف يصبح لا وجود له فلا يعود صالحاً لأن يكون سبباً صحيحاً .
التصرف القانوني الظني هو التصرف الذي لا وجود له في الحقيقة ولكنه متوهم الوجود فيظن الحائز للعقار أن العقار قد انتقل إليه بتصرف قانوني ناقل للملكية مع أن هذا التصرف لا وجود له إلا في مخيلته كما لو عهد شخص إلى وكيل له بشراء عقار فيأتيه هذا الوكيل موهما إياه أنه اشترى له عقاراً معيناً فيضع الموكل يده عليه اعتقاداً منه أن وكيله اشترى هذا العقار باسمه.
ومثل ذلك أيضاً أن يبيع شخص أراضي لا يملكها لمشتري حسن النية ويعين في عقد البيع هذه الأراضى ثم يضع المشتري يده عليها ولكن يدخل ضمن ما وضع يده عليه أرض أخرى لم يشملها عقد البيع ويعتقد المشتري بحسن نية أن عقد البيع قد شملها فعقد البيع فيما يتعلق بهذه الأرض عقد ظني لا وجود له إلا في مخيلة المشتري ومن ثم لا يستطيع هذا الأخير أن يستند إلى هذا العقد الظني وأن يعتبره سبباً صحيحاً لتملك الأرض التي لم يشملها عقد البيع ضد المالك الحقيقي بالتقادم المكسب القصير .
يجب التفرقة بين الصورية المطلقة والصورية النسبية ففي الصورية المطلقة يكون العقد الظاهر لاوجود له في الحقيقة وهذا النوع من الصورية لا يصلح لأن يكون سبباً صحيحاً تكتسب معة الملكية بالتقادم الخمسي لأن العقد منعدم الوجود قانوناً أما الصورية النسبية فإن العقد له وجود قانوني غير أن الطرفين يخفيان حقيقته كتحرير عقد هبة في صورة عقد بيع فالعقد الظاهر هو البيع وهو عقد صوري و العقد المستتر هو الهبة وهو العقد الحقيقي ويكون الغرض من الصورية عادة الهرب من رسمياً العقد فيما لو ظهرت الهبة في ثوبها الحقيقي وهذا النوع من الصورية يصلح معه العقد الساتر أن يكون سبباً صحيحاً متى كان هذا العقد مستوفياً لجميع أوضاعه الشكلية بحيث يبدو للمطلع عليه للوهلة الأولى أنه عقد بيع حقيقي .
وقد تناول الصورية النسبية ركناً أو شرطاً في العقد كعقد بيع يذكر فيه الطرفان ثمناً أقل من الثمن الحقيقي لتخفيف رسوم التسجيل أو ثمناً أكبر من الثمن الحقيقي منعاً من الأخذ بالشفعة وهذا النوع من الصورية يصلح معه العقد لأن يكون سبباً صحيحاً التملك بالتقادم الخمسي لأن العقد في هذه الحالة وجوداً قانونياً .
ويأخذ حكم التصرف الصوري صورية مطلقة العقد المزور فهو لا وجود له في الحقيقة .
إذا كان التصرف القانوني الناقل للملكية معلقاً على شرط واقف فإن هذا : الانتقال لا يتم لو أن التصرف صدر من مالك إلا إذا تحقق الشرط وعليه لا يصلح هذا التصرف سبباً صحيحاً طالما أن الشرط لم يتحقق فإذا تحقق الشرط فإن التصرف يعتبر سبباً صحيحاً من وقت هذا التحقق فلا تحسب مدة التقادم إلا من هذا الوقت.
ولا مجال هنا لانطباق فكرة الأثر الرجعي للشرط لو أن الحيازة كانت قائمة قبل تحقق الشرط، لأن الحيازة لا تعتبر مستندة إلى سبب صحيح إلا من الوقت الذي يكون الشرط فيه قد تحقق فعلاً أما الحيازة السابقة على ذلك فإنها تكون - مقترنة بالتزام الحائز بالرد في حالة تخلف الشرط فتكون بذلك حيازة عرضية.
أما إذا كان التصرف القانوني الناقل للملكية معلقا على شرط فاسخ، فمثل هذا التصرف ينقل الملكية لو أنه صدر عن مالك، وبالتالي يصلح لأن يكون سبباً صحيحاً فإذا لم يتحقق الشرط اعتبر التصرف سبباً صحيحاً بصفة نهائية أما إذا تحقق الشرط فإن التصرف يزول فينعدم السبب الصحيح ولا يستطيع الحائز التمسك بالتقادم الخمسي بل عليه أن يرد العقار للمالك الحقيقي إذا استرده بدعوى الاستحقاق .
يشترط أن يكون السبب الصحيح مسجلاً لأن الملكية والحقوق العينية الأخرى لا تنتقل سواء بالنسبة للمتعاقدين أو الغير إلا بالتسجيل ومن ثم إذا كان التصرف الصادر من المتصرف إلى المتصرف إليه الحائز غير مسجل فإنه لا يكون من شأنه نقل الملكية إليه لو كان المتصرف مالكاً ومن ثم لا يصلح عقد البيع العرفي غير المسجل مثلاً سبباً صحيحاً لاكتساب الملكية بالتقادم الخمسي .
يقع على الحائز الذي يتمسك بالتقادم إثبات السبب الصحيح في التقادم الخمسي وذلك على خلاف ما سنرى في خصوص تملك المنقول بالحيازة حيث يفترض في حائز المنقول أنه يستند في حيازته إلى سبب صحيح (م 3/ 976 مدني).
ويكون إثبات السبب الصحيح طبقاً للقواعد العامة في الإثبات حيث يجب الكتابة أو ما يقوم مقامها في الإثبات إذ زادت قيمة العقار على ألف جنيه فإذا كانت قيمته تقل عن ذلك جاز الإثبات بالبينة والقرائن.
ويجب على الحائز أيضاً أن يثبت أن السبب الصحيح مسجل طبقاً لما يقضي به القانون .
ولا يغني عن إثبات السبب الصحيح ثبوت حسن النية فكل من السبب الصحيح وحسن النية شرط مستقل عن الآخر.
المقصود بحسن النية:
اشترطت الفقرة الأولى من المادة 969 لاكتساب حيازة العقار بالتقادم الخمسي أن تكون حيازة الحائز مقترنة بحسن النية .
وقد عرفت محكمة النقض حسن النية بقولها :
حسن النية الذي يقتضيه التملك بالتقادم الخمسي هو اعتقاد المتصرف إليه اعتقاداً باتاً حين التصرف أن المتصرف مالك لما يتصرف فيه فإذا كان يشوب ذلك الاعتقاد أدنى شك امتنع حسن النية.
فحسن النية في هذا الخصوص يقوم أساساً على اعتقاد الحائز أنه يتعامل مع مالك العقار أو صاحب الحق العيني على العقار إنما يجب أن يكون هذا الاعتقاد تاماً بحيث إذا ساور الحائز أدنى شك في هذا الشأن كان سيء النية وهذا معیار شخصي ينظر فيه إلى مدى ما يقوم في نفس الحائز من اعتقاد فيما يتعلق بصفة الشخص الذي يتعامل معه فليست العبرة بما يمكن أن يعتقده الشخص العادي لو أنه وجد في نفس ظروف الحائز بل العبرة بما يقوم لدى الحائز نفسه من اعتقاد فحسن النية إذن يتحدد عند الحائز بأنه غلط يقع فيه يدفعه إلى الاعتقاد بأن المتصرف هو مالك العقار أو صاحب الحق .
أمثلة لحسن النية وسوئها :
1 - تتصل البائع من الضمان بشرط صريح في عقد البيع إذا اقترن بعدم تناسب الثمن مع قيمة المبيع يكفي لاعتبار المشتري سيء النية .
2 - علم الحائز وهو يشتري العقار أن ملكية البائع له محل نزاع في دعوى ملكية أمام القضاء لا يجعله حسن النية لأن العلم بوجود مثل هذا النزاع ينافي الاعتقاد الأكيد بأن البائع مالك لهذا العقار .
3 - إذا كان سند حق المتصرف مشوباً بعيب ينفي وجود هذا الحق أو يمكن أن يؤدي إلى زواله كما لو كان هذا السند باطلاً أو قابلاً للإبطال أو الفسخ أو الرجوع فإن علم الحائز بهذا العيب يستبعد حسن النية لديه لأنه ينافي الاعتقاد بأن المتصرف قد توافرت له الملكية بصفة أكيدة فالمشتري الذي يعلم أن البائع له لم يوف بثمن العقار لمن سبق أن اشتراه منه لا يعتبر حسن النية فلا يكون له أن يتمسك بالتقادم الخمسي ضد البائع الأصلي الذي يرفع دعوى الفسخ لعدم الوفاء بالثمن.
4 - إذا كان الحائز قد أخطأ فيما يتعلق بالقيمة القانونية السند المتصرف كما لو كان هذا السند باطلاً واعتقد الحائز أنه بحالته هذه ينقل الملكية إلى المتصرف فإن هذا الاعتقاد ينهض بتوافر حسن النية حيث يستوي لتوافر حسن النية لدى الحائز أن يكون اعتقاده بأن المتصرف مالك راجعاً إلي غلط فی الواقع أو غلط في القانون .
5 - مجرد علم المشتري بعدم نقل الأطيان المبيعة بعقد مسجل إلى اسم البائع لبائعه لايكفي للدلالة على سوء النية لأنه وحده لا يدل على أن المشتري كان يعلم أنه اشترى من غير مالك إذ يجوز أن يعتقد أن البائع له مالك رغم علمه بتكليف المبيع على غيره .
6 - الغلط في الواقع أو الغلط في القانون الذي يقع فيه الحائز يجعله حسن النية كما لو تعامل الحائز مع مالك سابق للعقار تكون ملكيته قد فسحت أو بآخر وهذا ايضآ غلط في الواقع ويصح أن يتعامل الحائز مع شخص سند ملكيته للعقار حسن النية أو سيء النية وهو يعتقد أن هذا الحائز يملك العقار بسبب أو بآخر وهذا أيضاً غلط في الواقع ويصح أن يتعامل الحائز مع شخص سند ملكيته للعقار هبة في صورة بيع وهو سند عرفي وقد ذكر فيه أن البائع قد وهب الثمن للمشتري فيعتقد الحائز أن الهبة على هذا الوجه صحيحة دون ورقة رسمية ثم يتبين بعد أن يشتري العقار من الموهوب له أن الهبة باطلة لأنها هبة مكشوفة لا هبة مستترة فلا بد من كتابتها في ورقة رسمية وهذا غلط في القانون .
- الوقت الذي يتوافر فيه حسن النية :
تنص الفقرة الثانية من المادة 969 على أن : ولا يشترط توافر حسن النية إلا وقت تلقي الحق .
فحسن النية يجب أن يتوافر عند الحائز في الوقت الذي كان فيه يتلقى الملكية أو الحق لو أنه كان يتعامل مع المالك أو صاحب الحق ولما كانت الملكية العقارية والحقوق العينية الأخرى لا تنتقل إلا بالتسجيل كما أن المشرع أوجب في الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة تسجيل السبب الصحيح فإن التسجيل هو الوقت الذي يتلقى فيه الحائز الحق من سلفه ويترتب على هذا أنه يجب أن يكون الحائز حسن النية في الوقت الذي يتم فيه تسجيل السبب الصحيح الذي يتخذه أساساً لوضع اليد ولا عبرة بالوقت الذي بدأت فيه الحيازة ومؤدي هذا أنه يجب للتمسك بالتقادم الخمسي المكسب أن يكون الحائز معتقداً وقت تسجيل سنده أن المتصرف مالك للعقار أو مالك للحق.
وإذا كان سند الحائز وصية تسجيل الوصية أثناء حياة الموصي لا ينتقل الحق إلى الموصى له وإنما يقع ذلك بعد وفاة الموصي فيجب إذن أن يكون الموصى له حسن النية وقت وفاة الموصى بمعنى أن يكون معتقداً اعتقاداً تاماً أن الموصي مالك لما أوصي به أما إذا سجلت الوصية بعد وفاة الموصي فالعبرة بحسن النية وقت تسجيل الوصية لأنه هو الوقت الذي ينتقل فيه الحق للموصى له فيما لو كان الموصي مالكاً لما أوصي به .
أما إذا تعلق الأمر برهن حيازي عقاري فإن الوقت الذي يجب توافر حسن النية فيه هو وقت انعقاد السبب الصحيح لأن هذا الحق ينتقل فيما بين المتعاقدين بمجرد العقد فلا يطلب فيه القيد إلا لكي يكون حجة على الغير (م 12 من قانون تنظيم الشهر العقاري) .
ويعد شرط حسن النية متوافراً ولو علم الحائز بعد تسجيل سنده وقبل تسلم العقار بأن المتصرف غير مالك.
وعلى ذلك يكفي في خصوص التقادم الخمسي أن يكون الحائز حسن النية وقت تسجيل سنده ولا ينال من توافر حسن النية سوء النية الذي يطرأ بعد ذلك فلا يشترط توافر حسن النية عند بدء الحيازة ولا أثناء سريان التقادم فإذا اشترى شخص عقاراً من غير مالك وكان يعتقد وقت تسجيل البيع أنه تلقي العقار من مالكه الحقيقي، ثم انكشفت له الحقيقة بعد ذلك حيث علم أن البائع لم يكن مالكاً للعقار فإنه يحق له مع ذلك أن يتمسك بالتقادم الخمسي في مواجهة المالك الحقيقي وهذه قاعدة رومانية قديمة أخذ بها الشارع الفرنسي ثم أخذ بها الشارع المصري .
- إثبات حسن النية :
تنص الفقرة الثالثة من المادة 965 مدني على أن حسن النية يفترض دائماً ما لم يقم الدليل على العكس".
فالأصل أن يعتبر الحائز حسن النية فإذا تمسك الحائز بالتقادم الخمسي فلا يكون عليه أن يقيم الدليل على حسن نيته حيث يقوم هذا الافتراض لصالحه .
وإذا ادعى الخصم وهو المالك أو صاحب الحق العيني أن الحائز کان سيء النية وقت تلقى الحق وقع عليه عبء إثبات هذا الادعاء. ويجوز له الإثبات بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة والقرائن. .
ويستطيع الخصم أن ينقض هذا الافتراض بأن يقيم الدليل على سوء نية الحائز إذا أثبت أحد أمور ثلاثة : فهو يثبت أن الحائز كان يعلم وقت تلقى الحق أن من تصرف إليه غير مالك أو يثبت أن جهل الحائز لعدم ملكية من تصرف إليه كان ناشئاً عن خطأ جسيماً أو يثبت أن الحائز اغتصب الحيازة بالإكراه .
وقد رأينا فيما تقدم القاعدة فيما يتعلق بإثبات تغير صفة الحيازة التي نصت عليها المادة 967 مدني وهي أن تبقى الحيازة محتفظة بالصفة التي بدأت بها وقت كسبها ما لم يقم الدليل على عكس ذلك وتتفق هذه القاعدة أيضاً مع الأصول العامة التي يتحدد في ضوئها عبء الإثبات.
فإذا كانت الحيازة قائمة قبل بدء سريان التقادم الخمسى وثبت أنها بسوء نية فإن الحائز حين يتمسك بهذا التقادم لا يفترض توافر حسن النية لديه بل يتعين عليه حينئذ أن يقيم الدليل على أنه قد طرأ ما يجعله حسن النية بأن يثبت مثلاً أنه في أثناء الحيازة اشترى العقار من شخص يعتقد أنه المالك الحقيقي.
ويقع كثيراً في العمل أن يلجأ المالك الحقيقي في إثبات سوء نية الحائز إلى سند المتصرف الذي تعامل الحائز على مقتضاه فقد يتبين من هذا السند أن المتصرف غير مالك أو أن ملكيته ليست خالصة فيستخلص من ذلك سوء نية الحائز مادام يعلم أو كان ينبغي أن يعلم أنه يتعامل مع غيره.
حسن النية مسألة تتعلق بالواقع ولقاضي الموضوع استخلاصها من العقد ومن الظروف التي أحاطته وقت إنشائه ومن كافة ملابسات الدعوى إلا أنه يجب أن يكون ما استخلصه من نصوص العقد ومن الظروف الخاصة به مطابقاً لتعريف سوء النية المسقط لدعوى اكتساب الملك بالتقادم الخمسي و لمحكمة النقض حق الرقابة على التطبيق .(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثالث عشر الصفحة/ 656)
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
مادة 950)
1- من حاز حق ملكية او حقاً عينياً آخر على عقار غير مقيد في السجل العيني ، مدة خمس سنوات ، وكانت حيازته مقترنة بحسن النية ومستندة في الوقت ذاته إلى سبب صحیح ، فلا تسمع عليه عند الانكار دعوي بالملكية أو بحق عيني آخر من أحد بعد تركها طوال هذه المدة بغير عذر شرعی •
۲ - ويجب أن يتوافر حسن النية طوال مدة الحيازة.
٣- والسبب الصحيح تصرف قانونی من شانه أن ينقل الحق أو ينشئه لو انه كان صادراً من صاحب الحق . ويجب أن يكون قد تم شهره وفقاً للقانون •
هذه المادة تقابل المادة 969 من التقنين الحالي .
وعلى نحو ما تقدم ذكره عن المادة السابقة ، فقد اخد المشروع في المادة المقترحة بمبدأ عدم سماع الدعوى الذي يقول به الفقه الإسلامي بدلاً من مبدأ كسب الحق بالتقادم الذي يأخذ به التقنين الحالى .
ويراعى في تطبيق المادة المقترحة ما يأتي :
أولا : أن الحق العيني العقارى المجاز يجب الا يكون مقيدا في السجل العینی - وذلك للأسباب التي تقدم ذكر ما عن المادة السابقة ..
ثانيا : ان الحائز في هذا الصدد هو الذي يحوز الحق حيازة شرعية بالمعنى الذي تقدم ذكره :
ثالثا : أن الحيازة يجب أن تستمر مدة خمس سنوات دون انقطاع ويرجع تقصير المدة في هذه الحالة إلى توافر حسن النية والسبب الصحيح لدى الحائز •
رابعا : أن الحااز يجب أن يدعى ملكية الشي المجاز او انه مصاحب حق عینی علی ؛ وهذا أمر طبیعی ، مادام انه حسن النية ولديه سبب صحيح واذا كان الحائر يجب عليه هذا الادعاء في التقدم الطويل ، فالأولى أن يكون هذا الادعاء واجبا عليه في التقادم القصير ، اذ ان هذا التقادم الأخير يجب ان يتوافر فيه حسن النية وهو اعتقاد الحان انه يتلقى الحق من صاحبه ، كما يجب توافر السبب الصحيح الذي يدل على أن الحائز قد تلقى الحق بموجب تصرف قانوني يعتقد الحائن انه صادر من مناحي الحق
خامسا : أن الحائر تطلب منه البينة على ما يدعيه كما أن المدعي وهو المنازع تقبل منه البينه على ما يدعيه : وهذا على خلاف ما هو مقرر في التقادم الطويل
والذي يجب اثباته في هذا الصدد لصالح الحائز امران ، هما حسن النية والسبب الصحيح -
أما حسن النية فيفترض توفره لدى الحائز ، وذلك طبقا للاصول العامة التي يتحدد في ضوئها عبء الاثبات. فيكفى الحائز في ذلك أن يدعى ملكية الشي الحاز أو انه صاحب حق عيني عليه . فاذا ملر منه هذا الادعاء افترض توافر حسن النية لديه . وإذا أدعي المنازع عدم توافر حسن النية لدى الحائز ، وجب عليه أن يقيم الدليل على مما يدعيه •
وأما السبب الصحيح فيجب على الحائز أن يثبته ، وذلك وفقا القواعد العامة في اثبات التصرف القانوني ويستطيع المنازع أن يتقدم بأدلة على عدم وجود سبب صحيح .
ومن ثم فما يجب اثباته في هذا الصدد لصالع المنازع أحد أمرين : فاما ان يثبت المنازع عدم توافر حسن النية لدى الحائز ، أي علم الحائز بانه يتلقى الحق من غير صاحبه ، واما ان يثبت عدم توافر السبب الصحيح
سادسا : أن حسن النية يجب توافره طوال مدة الحيازة ، وهذا على خلاف حکم التقنين الحالي : فلا يكفي ان يتوانى حسن النية لدى الحان عند تلقى الحق ، بل يجب أن يظل الحائز حسن النية طوال مدة الحيازة : ذلك أن علم الحائز اثناء الحيازة بأنه تلقى الحق من غير صاحيه يمكن أن يحمل على معنى الاقرار بحق المنازع ، وهذا الاقران من شأنه أن يستبعد حكم التقادم ، بحيث يؤدي الى سماع الدعوی والقضاء الصالح المنافيع . وقد تقدمت الإشارة إلى ما نصت عليه المجلة من أن الحق لا يسقط بتقادم الزمان ، وأنه اذا أقر المدعي عليه بالحق يحكم عليه باقراره دون اعتبار لمرور الزمان (م 1674 من المجلة ) ( أنظر الأشباه والنظائر لابن نجیم ص ۸۸) ومن ثم اذا نجح المنازع في اثبات زوال حسن النية لدى الحائت اثناء الحيازة
أي علم الحائز في هذه الأثناء بأنه تلقي الحق من غير صاحبه ، فانه يحكم لصالح المتنازع اذا كانت ادلته الأخرى كافية لأثبات أنه صاحب الحق الحان :
سابعا : أن يترك المدعي الدعوى طوال المدة المقررة لعدم سماعها بغير عذر شرعی
ثامنا : أنه إذا توافرت الشروط السالفة الذكر ، فان الحكم الذي يصدر بعدم سماع الدعوى يكون حجة لصالح الرائز بانه صاحب الحق المجاز :
والمادة المقترحة تقابل المادة 1158 /۲ من التقنين العراقي "
و تقابل المادة 1182 من التقنين الأردنی -
ولم يعرض الفقه الاسلامي للصورة التي تناولتها المادة المقترحة • ولكن تقصير مدة التقادم فيها يبرره توافر حسن النية والسبب الصحيح لدى الحائز "
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثالث عشر ، الصفحة / 118
تَقَادُمٌ
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّقَادُمُ لُغَةً: مَصْدَرُ تَقَادَمَ يُقَالُ: تَقَادَمَ الشَّيْءُ أَيْ: صَارَ قَدِيمًا . وَقَدْ عَبَّرَتْ مَجَلَّةُ الأْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةُ عَنِ التَّقَادُمِ بِمُرُورِ الزَّمَانِ . وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ فِي الْجُمْلَةِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ. التَّقَادُمُ الْمَانِعُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى:
2 - لِوَلِيِّ الأْمْرِ مَنْعُ الْقُضَاةِ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى فِي أَحْوَالٍ بِشُرُوطٍ مَخْصُوصَةٍ، وَمِنْ ذَلِكَ مَنْعُ سَمَاعِ الدَّعْوَى فِي بَعْضِ الْحَالاَتِ بَعْدَ مُدَّةٍ مُحَدَّدَةٍ مَعْلُومَةٍ، وَمَعَ أَنَّ الْحَقَّ لاَ يَسْقُطُ بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ، إِلاَّ أَنَّ وَجْهَ هَذَا الْمَنْعِ هُوَ تَلاَفِي التَّزْوِيرِ وَالتَّحَايُلِ؛ لأِنَّ تَرْكَ الدَّعْوَى زَمَانًا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ إِقَامَتِهَا، يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَقِّ ظَاهِرًا.
وَعَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمُحَدَّدَةِ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى سُقُوطِ الْحَقِّ فِي ذَاتِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ مَنْعِ الْقُضَاةِ عَنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى مَعَ بَقَاءِ الْحَقِّ لِصَاحِبِهِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ الْخَصْمُ يَلْزَمُهُ، وَلَوْ كَانَ التَّقَادُمُ مُسْقِطًا لِلْحَقِّ لَمْ يَلْزَمْهُ
مُدَّةُ التَّقَادُمِ الْمَانِعِ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى:
3 - فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ مُخْتَلِفُونَ فِي تَعْيِينِ الْمُدَّةِ الَّتِي لاَ تُسْمَعُ بَعْدَهَا الدَّعْوَى فِي الْوَقْفِ وَمَالِ الْيَتِيمِ وَالْغَائِبِ وَالإْرْثِ، فَجَعَلَهَا بَعْضُهُمْ سِتًّا وَثَلاَثِينَ سَنَةً، وَبَعْضُهُمْ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَبَعْضُهُمْ ثَلاَثِينَ فَقَطْ، إِلاَّ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْمُدَدُ طَوِيلَةً اسْتَحْسَنَ أَحَدُ السَّلاَطِينِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ جَعْلَهَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَقَطْ، وَحَيْثُ كَانَ الْقَضَاءُ يَتَخَصَّصُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْخُصُومَةِ، وَيَقْبَلُ التَّقْيِيدَ وَالتَّعْلِيقَ، فَقَدْ نُهِيَ قُضَاةُ ذَلِكَ السُّلْطَانِ عَنْ سَمَاعِ دَعْوَى تَرَكَهَا الْمُدَّعِي خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِلاَ عُذْرٍ، لَكِنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمَنْعِ بَعْضَ مَسَائِلَ، وَعَلَى هَذَا النَّهْيِ اسْتَقَرَّ خُلَفَاؤُهُ فِي الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، وَمِنْ ذَلِكَ يَظْهَرُ أَنَّ التَّقَادُمَ بِمُرُورِ الزَّمَانِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَمْرَيْنِ:
الأْوَّلُ: حُكْمٌ اجْتِهَادِيٌّ، نَصَّ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ.
وَالثَّانِي: أَمْرٌ سُلْطَانِيٌّ يَجِبُ عَلَى الْقُضَاةِ فِي زَمَنِهِ اتِّبَاعُهُ، لأِنَّ هُمْ بِمُقْتَضَاهُ مَعْزُولُونَ عَنْ سَمَاعِ دَعْوَى مَضَى عَلَيْهَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِدُونِ عُذْرٍ، وَالْقَاضِي وَكِيلٌ عَنِ السُّلْطَانِ، وَالْوَكِيلُ يَسْتَمِدُّ التَّصَرُّفَ مِنْ مُوَكِّلِهِ، فَإِذَا خَصَّصَ لَهُ تَخَصَّصَ، وَإِذَا عَمَّمَ تَعَمَّمَ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ وَغَيْرِهَا.
وَقَدْ فَرَّقَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ بَيْنَ هَذَيْنِ الأْمْرَيْنِ بِأَنَّ مَنْعَ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مَبْنِيٌّ عَلَى النَّهْيِ السُّلْطَانِيِّ، فَمَنْ نَهَى عَنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى لَهُ أَنْ يَأْمُرَ بِسَمَاعِهَا، وَأَمَّا عَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ ثَلاَثِينَ سَنَةً فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَنْعِ الْفُقَهَاءِ، فَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَنْقُضَهُ، لأِنَّ أَمْرَ السُّلْطَانِ إِنَّمَا يَنْفُذُ إِذَا وَافَقَ الشَّرْعَ وَإِلاَّ فَلاَ.
وَدَعَاوَى الدَّيْنِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَقَارِ الْمَمْلُوكِ وَالْمِيرَاثِ وَمَا لاَ يَعُودُ مِنَ الدَّعَاوَى إِلَى الْعَامَّةِ وَلاَ إِلَى أَصْلِ الْوَقْفِ فِي الْعَقَارَاتِ الْمَوْقُوفَةِ بَعْدَ أَنْ تُرِكَتْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِلاَ عُذْرٍ لاَ تُسْمَعُ، وَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الدَّعْوَى تَعُودُ إِلَى أَصْلِ الْوَقْفِ فَتُسْمَعُ، وَلَوْ تُرِكَتِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ بِلاَ عُذْرٍ.
4 - وَمُدَّةُ الْمَنْعِ مَعَ سَمَاعِ الدَّعْوَى تُحْسَبُ بِالتَّارِيخِ الْقَمَرِيِّ (الْهِجْرِيِّ) كَمَا قَرَّرَتْ ذَلِكَ جَمْعِيَّةُ الْمَجَلَّةِ اتِّبَاعًا لِلْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ إِلاَّ إِذَا اتُّفِقَ عَلَى خِلاَفِهِ وَعَيَّنَا تَارِيخًا شَمْسِيًّا، وَالْمَنْعُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى إِنَّمَا هُوَ لِلْقُضَاةِ، أَمَّا الْمُحَكَّمُونَ فَلاَ يَشْمَلُهُمُ النَّهْيُ، فَلَوْ حَكَّمَ اثْنَانِ شَخْصًا فِي نِزَاعٍ مَضَى عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَلَوْ بِلاَ عُذْرٍ فَإِنَّ الْمُحَكَّمَ يَسَعُهُ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا وَلاَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ النَّظَرُ فِي النِّزَاعِ.
وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّزَاعِ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ (وَهُوَ كُلُّ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الْوَقْفِ) فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ حَتَّى سِتٍّ وَثَلاَثِينَ سَنَةً، وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّزَاعِ فِي غَيْرِ أَصْلِ الْوَقْفِ كَأُجْرَةِ النَّاظِرِ وَاَلَّذِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْوَقْفِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ حَتَّى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَقَطْ.
الأْعْذَارُ الْمُبِيحَةُ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً:
5 - أَوْرَدَتْ مَجَلَّةُ الأْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ مِنَ الأْعْذَارِ الَّتِي يُبَاحُ مَعَهَا سَمَاعُ الدَّعْوَى بَعْدَ مُدَّةِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، الصِّغَرُ، وَالْجُنُونُ، وَالْغَيْبَةُ عَنِ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ مَوْضُوعُ النِّزَاعِ مُدَّةَ السَّفَرِ، أَوْ كَوْنُ خَصْمِهِ مِنَ الْمُتَغَلِّبَةِ، وَفِيمَا يَلِي تَفْصِيلُهَا:
1 - الصِّغَرُ: إِذَا كَانَ صَاحِبُ الْحَقِّ صَغِيرًا وَسَكَتَ عَنِ الدَّعْوَى الْمُدَّةَ الْمُقَرَّرَةَ فَإِنَّ الْمُدَّةَ تُحْسَبُ عَلَيْهِ مِنْ تَارِيخِ بُلُوغِهِ رَشِيدًا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ أَوْ وَصِيٌّ بِاتِّفَاقٍ، وَمَعَ الْخِلاَفِ فِي حَالِ وُجُودِ الْوَلِيِّ أَوِ الْوَصِيِّ، وَرَجَّحَتْ لَجْنَةُ الْمَجَلَّةِ الإْطْلاَقَ لِمَصْلَحَةِ الصَّغِيرِ، وَمَنْ فِي حُكْمِهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ وَصِيٌّ .
وَمِثْلُ ذَلِكَ الْمَجْنُونُ، فَإِنَّ الْمُدَّةَ لاَ تُحْسَبُ إِلاَّ مِنْ تَارِيخِ إِفَاقَتِهِ، وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ، فَإِنَّ الْمُدَّةَ تُحْسَبُ مِنْ تَارِيخِ زَوَالِ الْعَتَهِ.
2 - غَيْبَةُ صَاحِبِ الْحَقِّ عَنِ الْبَلَدِ مُدَّةَ السَّفَرِ وَهِيَ مُدَّةُ الْقَصْرِ.
3 - إِذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنَ الْمُتَغَلِّبَةِ بِأَنْ كَانَ أَمِيرًا جَائِرًا مَثَلاً فَذَلِكَ عُذْرٌ يُبِيحُ لِلْمُدَّعِي السُّكُوتَ عَنْ رَفْعِ الدَّعْوَى، وَلاَ تَبْتَدِئُ الْمُدَّةُ حَتَّى يَزُولَ الْجَوْرُ وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ .
مَتَى تَبْتَدِئُ الْمُطَالَبَةُ بِالْحَقِّ؟
6 - مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا جَاءَ فِي مَجَلَّةِ الأْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ أَنَّهُ يَبْتَدِئُ مُرُورُ الزَّمَانِ مِنْ تَارِيخِ ثُبُوتِ الْحَقِّ لِلْمُدَّعِي بِإِقَامَةِ الدَّعْوَى بِالْمُدَّعَى بِهِ، فَمُرُورُ الزَّمَانِ فِي دَعْوَى دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ إِنَّمَا يَبْتَدِئُ مِنْ تَارِيخِ حُلُولِ الأْجَلِ لأِنَّهُ قَبْلَ حُلُولِهِ لاَ يَمْلِكُ الْمُدَّعِي الدَّعْوَى وَالْمُطَالَبَةَ بِذَلِكَ الدَّيْنِ، فَمَثَلاً لَوِ ادَّعَى وَاحِدٌ عَلَى آخَرَ فَقَالَ: لِي عَلَيْكَ كَذَا دَرَاهِمَ مِنْ ثَمَنِ الشَّيْءِ الَّذِي بِعْتُهُ لَكَ قَبْلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مُؤَجَّلاً ثَمَنُهُ لِثَلاَثِ سِنِينَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لأِنَّهُ يَكُونُ قَدْ مَرَّ اعْتِبَارًا مِنْ حُلُولِ الأْجَلِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً لاَ غَيْرُ، وَمَثَلاً لَوْ وَقَفَ وَاقِفٌ وَقْفَهُ وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ الاِسْتِحْقَاقُ لِذُرِّيَّتِهِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ، فَلاَ يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ مِنَ الْبَطْنِ الثَّانِي إِلاَّ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْبَطْنِ الأْوَّلِ، فَلَوْ وَقَفَ رَجُلٌ عَقَارًا وَشَرَطَ وِلاَيَتَهُ وَغَلَّتَهُ لأِوْلاَدِهِ ثُمَّ لأِحْفَادِهِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ فَقَامَ أَحَدُ أَوْلاَدِهِ لِصُلْبِهِ «أَيْ مِنَ الْبَطْنِ الأْوَّلِ» وَبَاعَ ذَلِكَ الْعَقَارَ لآِخَرَ وَظَلَّ الآْخَرُ مُتَصَرِّفًا فِيهِ مُدَّةَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَبَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ تُوُفِّيَ الْبَائِعُ فَقَامَ أَحَدُ أَبْنَائِهِ يَدَّعِي ذَلِكَ الْعَقَارَ عَلَى الْمُشْتَرِي اسْتِنَادًا عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلاَ يَمْنَعُهُ مُضِيُّ هَذِهِ الْمُدَّةِ، لأِنَّ حَقَّ إِقَامَةِ الدَّعْوَى لاَ يَثْبُتُ لِلْحَفِيدِ إِلاَّ بَعْدَ وَفَاةِ وَالِدِهِ بِمُقْتَضَى شَرْطِ الْوَاقِفِ، فَلاَ يَبْتَدِئُ مُرُورُ الزَّمَانِ بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّهِ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ وَفَاةِ أَبِيهِ.
وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ وَقَفَ وَاقِفٌ عَقَارًا وَشَرَطَ غَلَّتَهُ لأِوْلاَدِهِ الذُّكُورِ وَبَعْدَ انْقِطَاعِهِمْ عَلَى بَنَاتِهِ، فَبَاعَ أَوْلاَدُهُ الذُّكُورُ، ذَلِكَ الْعَقَارَ لِرَجُلٍ وَسَلَّمُوهُ إِيَّاهُ وَبَعْدَ سِتِّينَ سَنَةً مَثَلاً انْقَطَعَتْ ذُرِّيَّةُ الْوَاقِفِ الذُّكُورِ فَقَامَتْ بَنَاتُهُ يَدَّعِينَ ذَلِكَ الْعَقَارَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِحُكْمِ الْوَقْفِ، تُسْمَعُ دَعْوَاهُنَّ وَلاَ يَمْنَعُ مُرُورُ هَذِهِ الْمُدَّةِ مِنْ سَمَاعِ دَعْوَاهُنَّ، لأِنَّ حَقَّ إِقَامَةِ الدَّعْوَى لَمْ يَثْبُتْ لَهُنَّ إِلاَّ بَعْدَ انْقِطَاعِ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ الذُّكُورِ.
وَيَبْتَدِئُ مُرُورُ الزَّمَانِ بِالنِّسْبَةِ لِمُؤَجَّلِ الصَّدَاقِ مِنْ وَقْتِ الطَّلاَقِ أَوْ مِنْ تَارِيخِ مَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، لأِنَّ الصَّدَاقَ الْمُؤَجَّلَ لاَ يَصِيرُ مُعَجَّلاً إِلاَّ مِنْ تَارِيخِ الطَّلاَقِ الْبَائِنِ أَوِ الْوَفَاةِ.
7 - وَتَبْتَدِئُ مُطَالَبَةُ الْمَدِينِ الْمُفْلِسِ مِنْ تَارِيخِ زَوَالِ الإْفْلاَسِ كَأَنْ كَانَ لِدَائِنٍ عَلَى مَدِينٍ مَبْلَغٌ مِنَ الْمَالِ مَثَلاً وَكَانَ الْمَدِينُ مُفْلِسًا مُدَّةَ عَشْرِ سَنَوَاتٍ مَثَلاً فَإِنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ لاَ تَدْخُلُ فِي الزَّمَنِ وَتَبْتَدِئُ مُدَّةُ الْمُطَالَبَةِ مِنْ تَارِيخِ يَسَارِ الْمُفْلِسِ لأِنَّ تَرْكَ الدَّعْوَى بِسَبَبِ إِفْلاَسِ الْمَدِينِ كَانَ بِعُذْرٍ إِذْ لاَ يَتَأَتَّى لَهُ إِقَامَةُ الدَّعْوَى مَا دَامَ الْمَدِينُ مُفْلِسًا.
وَنَصَّتِ الْمَادَّةُ (1669) مِنَ الْمَجَلَّةِ عَلَى أَنَّهُ «إِذَا تَرَكَ وَاحِدٌ دَعْوَاهُ بِلاَ عُذْرٍ وَمَرَّ عَلَيْهَا الزَّمَانُ عَلَى مَا ذُكِرَ آنِفًا فَكَمَا لاَ تُسْمَعُ تِلْكَ الدَّعْوَى فِي حَيَاتِهِ لاَ تُسْمَعُ أَيْضًا مِنْ وَرَثَتِهِ بَعْدَ مَمَاتِهِ».
وَجَاءَ فِي شَرْحِهَا: وَذَلِكَ لأِنَّ الْوَارِثَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا، فَمَا يَمْنَعُ سَمَاعَ دَعْوَى الْمُوَرِّثِ يَمْنَعُ سَمَاعَ دَعْوَى الْوَارِثِ. وَلَكِنَّ هَذَا إِذَا ادَّعَى الْوَارِثُ ذَلِكَ الْمِلْكَ بِالإْرْثِ عَنْ مُوَرِّثِهِ، أَمَّا لَوِ ادَّعَاهُ بِسَبَبٍ آخَرَ فَلاَ يَكُونُ تَرْكُ مُوَرِّثِهِ لِلدَّعْوَى مَانِعًا مِنْ سَمَاعِ دَعْوَاهُ، لأِنَّهُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ لاَ يَدَّعِي تَلَقِّي الْمِلْكِ مِنْ مُوَرِّثِهِ فَلاَ يَكُونُ قَائِمًا مَقَامَهُ، فَمَثَلاً لَوْ أَوْصَى رَجُلٌ بِعَقَارٍ لاِبْنِ زَيْدٍ الْقَاصِرِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً قَامَ ابْنُ زَيْدٍ الَّذِي بَلَغَ رَشِيدًا وَادَّعَى ذَلِكَ الْعَقَارَ بِمُقْتَضَى تِلْكَ الْوَصِيَّةِ عَلَى وَارِثِ الْمُوصِي تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلاَ يَمْنَعُهُ مِنْهَا تَرْكُ أَبِيهِ ذَلِكَ الْعَقَارَ فِي يَدِ وَارِثِ الْمُوصِي لأِنَّهُ هَاهُنَا لاَ يَدَّعِي الْمِلْكَ بِسَبَبِ الإْرْثِ عَنْ أَبِيهِ بَلْ بِسَبَبِ الْوَصِيَّةِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَلَكِنْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمُوصِي قَدْ تَرَكَ الدَّعْوَى بِهَذَا الْعَقَارِ وَهُوَ فِي يَدِ آخَرَ مُدَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً لاَ تُسْمَعُ بِهِ دَعْوَى الْمُوصَى لَهُ لأِنَّ الْمُوصَى لَهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوصِي فَمَا مُنِعَ عَنْهُ الْمُوصِي مُنِعَ عَنْهُ الْمُوصَى لَهُ لأِنَّ الْوَصِيَّةَ أُخْتُ الْمِيرَاثِ، وَمِثْلُ الْوَصِيَّةِ بِهَذَا الْمَعْنَى الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالْهِبَةُ.
وَإِذَا تَرَكَ الْمُوَرِّثُ الدَّعْوَى مُدَّةً وَتَرَكَهَا الْوَارِثُ مُدَّةً أُخْرَى وَبَلَغَ مَجْمُوعُ الْمُدَّتَيْنِ حَدَّ مُرُورِ الزَّمَانِ فَلاَ تُسْمَعُ تِلْكَ الدَّعْوَى، لأِنَّهُ حَيْثُ كَانَ الْوَارِثُ قَائِمًا مَقَامَ الْمُوَرِّثِ كَانَا كَشَخْصٍ وَاحِدٍ حُكْمًا، فَلَوْ تَرَكَ الْمُوَرِّثُ الدَّعْوَى ثَمَانِيَ سِنِينَ مَثَلاً وَتَرَكَهَا الْوَارِثُ سَبْعَ سِنِينَ صَارَ كَأَنَّ الْوَارِثَ تَرَكَ الدَّعْوَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلاَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَمِثْلُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي كَالْمُوصِي وَالْمُوصَى لَهُ، فَلَوْ كَانَ وَاحِدٌ مُتَصَرِّفًا فِي عَرْصَةٍ مُتَّصِلَةٍ بِدَارٍ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَصَاحِبُ الدَّارِ سَاكِتٌ، ثُمَّ أَوْصَى صَاحِبُ الدَّارِ بِدَارِهِ هَذِهِ إِلَى رَجُلٍ، فَقَامَ الْمُوصَى لَهُ يَدَّعِي أَنَّ الْعَرْصَةَ طَرِيقٌ خَاصٌّ لِلدَّارِ الْمُوصَى لَهُ بِهَا لاَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ.
وَإِذَا مَاتَ أَحَدٌ وَفِي وَرَثَتِهِ بَالِغٌ وَقَاصِرٌ، فَإِنَّ الْبَالِغَ إِذَا تَرَكَ الدَّعْوَى الْمُدَّةَ الْمُقَرَّرَةَ بِلاَ عُذْرٍ فَلاَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَأَمَّا الْقَاصِرُ فَلاَ يُحْسَبُ عَلَيْهِ مُرُورُ الزَّمَانِ إِلاَّ مِنْ تَارِيخِ بُلُوغِهِ رَشِيدًا، مَعَ مُلاَحَظَةِ الْخِلاَفِ السَّابِقِ فِي وُجُودِ الْوَصِيِّ وَعَدَمِهِ.
8 - وَكُلُّ مَا تَقَدَّمَ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى لِمُرُورِ الزَّمَانِ إِنَّمَا هُوَ عِنْدَ إِنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِذَا اعْتَرَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحَقِّ لِلْمُدَّعِي تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي مَهْمَا طَالَ الزَّمَانُ، وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الإْنْكَارِ إِنَّمَا هُوَ عَدَمُ الإْنْكَارِ أَمَامَ الْقَاضِي فَلاَ يُعْتَبَرُ عَدَمُ الإْنْكَارِ خَارِجَ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، وَلاَ يَصِحُّ الاِحْتِجَاجُ بِهِ لِوُجُودِ شُبْهَةِ التَّزْوِيرِ، وَلأِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَنْعُ مِنْ سَمَاعِ أَصْلِ الدَّعْوَى
فَفَرْعُهَا وَهُوَ ادِّعَاءُ الإْقْرَارِ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنَ السَّمَاعِ لأِنَّ النَّهْيَ يَشْمَلُهَا، وَلَكِنْ إِذَا كَانَ الإْقْرَارُ الْمُدَّعَى بِهِ قَدْ أُيِّدَ بِسَنَدٍ جَاءَ بِخَطِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ خَتْمِهِ الْمَعْرُوفَيْنِ وَلَمْ تَمُرَّ مُدَّةُ التَّقَادُمِ مِنْ تَارِيخِ السَّنَدِ إِلَى وَقْتِ رَفْعِ الدَّعْوَى فَعِنْدَ ذَلِكَ تُسْمَعُ دَعْوَى الإْقْرَارِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ.
وَالأْحْكَامُ الْمُتَقَدِّمَةُ الْخَاصَّةُ بِمُرُورِ الزَّمَانِ إِنَّمَا هِيَ لِلْحُقُوقِ الْخَاصَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالإْقْرَارِ، أَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالأْمُورِ الْعَامَّةِ كَالطَّرِيقِ وَنَحْوِهَا فَلاَ تَسْرِي عَلَيْهَا أَحْكَامُ مُرُورِ الزَّمَانِ، فَتُسْمَعُ وَإِنْ طَالَتِ الْمُدَّةُ، وَمَا تَقَدَّمَ هُوَ خُلاَصَةُ أَحْكَامِ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِمُرُورِ الزَّمَانِ.
9 - أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَيُعَبِّرُونَ عَنْ مُرُورِ الزَّمَانِ بِالْحَوْزِ وَالْحِيَازَةِ وَعِنْدَهُمْ أَنَّ هُنَاكَ دَعَاوَى لاَ تُسْمَعُ مُطْلَقًا، وَهِيَ الدَّعَاوَى الَّتِي تُوجِبُ مَعَرَّةً كَالدَّعَاوَى الَّتِي تُرْفَعُ عَلَى مَنْ عُرِفَ بِالاِسْتِقَامَةِ وَالشَّرَفِ فِي الْمُعَامَلَةِ كَأَنْ يَدَّعِي شَخْصٌ مَعْرُوفٌ بِالْفَقْرِ وَالتَّجَنِّي عَلَى النَّاسِ عَلَى شَخْصٍ يُطَالِبُهُ بِعَقَارٍ فِي يَدِهِ.
وَالْحِيَازَةُ عِنْدَهُمْ عَلَى قِسْمَيْنِ:
1 - حِيَازَةٌ مَعَ جَهْلِ أَصْلِ الْمِلْكِ لِمَنْ هُوَ؟.
2 - حِيَازَةٌ مَعَ عِلْمِ أَصْلِ الْمِلْكِ لِمَنْ هُوَ؟.
فَالأْولَى تَكْفِي فِيهَا الْحِيَازَةُ الْمَانِعَةُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى لِمُدَّةِ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَحُوزُ عَقَارًا أَمْ غَيْرَهُ.
وَالثَّانِيَةُ لاَ بُدَّ فِيهَا مِنْ عَشْرِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ فِي الْعَقَارِ، أَوْ عَامَيْنِ فِي الدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ وَنَحْوِهَا، وَيُشْتَرَطُ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى فِي كُلٍّ مِنَ الْحِيَازَتَيْنِ أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ بِذِكْرِ الْيَدِ، وَتَصَرُّفُ الْحَائِزِ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ، وَالنِّسْبَةُ، وَعَدَمُ الْمُنَازَعِ، وَطُولُ الْمُدَّةِ عَشْرَةُ أَشْهُرٍ فِي الأْولَى وَعَشَرُ سِنِينَ فِي الثَّانِيَةِ، وَعَدَمُ عِلْمِهِمْ بِمَا يُفَوِّتُ عَلَى الْمَالِكِ الأْصْلِيِّ حَقَّهُ فِي اسْتِرْجَاعِ مِلْكِهِ، فَلاَ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ مَعَ فَقْدِ هَذِهِ الأْمُورِ أَوْ صِيغَةِ الشَّهَادَةِ الَّتِي تُثْبِتُ الْمِلْكَ لِلْمُدَّعِي، وَهُمْ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الشَّاهِدِ ذِي الْعِلْمِ وَغَيْرِهِ.
10 - وَجُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ يَرَوْنَ أَنَّهُ لاَ يُسْأَلُ عَنْ مَصْدَرِ حِيَازَتِهِ فَلاَ يُقَالُ لَهُ: كَيْفَ حُزْتَ مَا تَضَعُ يَدَكَ عَلَيْهِ؟ خِلاَفًا لاِبْنِ رُشْدٍ، فَإِنَّهُ جَزَمَ بِأَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ سُؤَالِ الْحَائِزِ عَنْ مَصْدَرِ حِيَازَتِهِ، هَلْ هُوَ الْمِيرَاثُ مَثَلاً أَوِ الشِّرَاءُ أَوِ الْهِبَةُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ؟ وَلاَ بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ، فَأَمَّا مُجَرَّدُ دَعْوَى الْمِلْكِ دُونَ أَنْ يَدَّعِيَ شَيْئًا مِنْ هَذَا فَلاَ يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ الْحِيَازَةِ إِذَا ثَبَتَ أَصْلُ الْمِلْكِ لِغَيْرِهِ .
وَرَأَى ابْنُ رُشْدٍ خِلاَفَ رَأْيِ الْجُمْهُورِ، وَرَأْيُ الْجُمْهُورِ هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ، اللَّهُمَّ إِلاَّ إِذَا كَانَ الْحَائِزُ مَعْرُوفًا بِالتَّسَلُّطِ وَالْغَصْبِ وَالتَّعَدِّي، فَلاَ بُدَّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنْ يُبَيِّنَ بِأَيِّ وَجْهٍ صَارَ إِلَيْهِ وَلاَ يَنْفَعُهُ قَوْلُهُ اشْتَرَيْتُهُ مِنَ الْقَائِمِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ وَرَثَتِهِ بَلْ لاَ بُدَّ مِنْ إِثْبَاتِهِ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْهُ فَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ بِيَدِهِ بِمَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ.
وَإِنْ عُرِفَ أَنَّ حِيَازَتَهُ كَانَتْ بِبَاطِلٍ لَمْ يَنْفَعْهُ طُولُ الْحِيَازَةِ وَإِنِ ادَّعَى شِرَاءَهُ، إِلاَّ أَنْ يَطُولَ ذَلِكَ نَحْوَ الْخَمْسِينَ سَنَةً وَنَحْوَهَا وَالْقَائِمُ حَاضِرٌ لاَ يُغَيِّرُ وَلاَ يَدَّعِي شَيْئًا، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْحَائِزَ إِذَا حَازَ الْعَقَارَ مُدَّةَ عَشْرِ سِنِينَ مَعَ وُجُودِ الْمُدَّعِي وَسُكُوتِهِ بِلاَ عُذْرٍ فَإِنَّ مُضِيَّ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ يَمْنَعُ سَمَاعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي، وَمَا قَارَبَ عَشْرَ سِنِينَ يَأْخُذُ حُكْمَ الْعَشْرِ فَإِذَا نَقَصَتْ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ أَخَذَتْ حُكْمَ الْعَشْرِ، وَأَمَّا إِذَا قَامَتِ الْخُصُومَةُ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْحَائِزِ أَمَامَ الْقَضَاءِ أَوْ غَيْرِهِ كَالْمُحَكِّمِينَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ الْمُدَّةَ، وَفِي غَيْرِ الْعَقَارِ يَمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى مَعَ عَدَمِ الْعُذْرِ مُضِيُّ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَهُنَاكَ خِلاَفَاتٌ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ فِي ذَلِكَ، وَالتَّخَاصُمُ يَقْطَعُ مُضِيَّ الْمُدَّةِ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَاشْتَرَطَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ تَكْرَارَ التَّخَاصُمِ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ عَنْ سَحْنُونٍ، وَإِذَا سَكَتَ بَعْدَ الْمُنَازَعَةِ عَشْرَ سِنِينَ فَإِنَّ سُكُوتَهُ يَمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ دَعْوَاهُ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا سَكَتَ الْمُدَّعِي عَنْ مُخَاصَمَةِ الْحَائِزِ عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ رَفَعَ الْمُدَّعِي أَمْرَهُ لِيَقْضِيَ لَهُ وَعَلَّلَ سُكُوتَهُ بِأَنَّ بَيِّنَتَهُ كَانَتْ غَائِبَةً ثُمَّ جَاءَتْ، فَقِيلَ: يُقْبَلُ عُذْرُهُ وَقِيلَ: لاَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: كُنْتُ فَاقِدًا مُسْتَنَدِي ثُمَّ وَجَدْتُهُ، وَكَذَلِكَ جَهْلُ الْحُكْمِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ جَهْلَهُ أَنَّ الْحِيَازَةُ تَمَلُّكُ الْحَائِزِ لَيْسَ عُذْرًا وَسُكُوتُ الْمُوَرِّثِ ثُمَّ الْوَارِثِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ يَمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى لأِنَّ هُمَا كَشَخْصٍ وَاحِدٍ، وَقِيلَ تُحْسَبُ مُدَّةُ الْمُوَرِّثِ وَحْدَهَا وَمُدَّةُ الْوَارِثِ وَحْدَهَا فَلاَ يُجْمَعَانِ مَعًا.
11 - وَنَفَقَةُ غَيْرِ الزَّوْجَةِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ فَلاَ تَصِيرُ بِفَوْتِهَا دَيْنًا فِي ذِمَّةِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ إِلاَّ بِاقْتِرَاضِ قَاضٍ بِنَفْسِهِ أَوْ مَأْذُونِهِ لِغَيْبَةٍ أَوْ مَنْعٍ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ بِشَرْطِ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ احْتِيَاجُ الْفَرْعِ وَغِنَى الأْصْلِ مَثَلاً.
أَمَّا نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ فَلاَ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ بَلْ تَصِيرُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ، وَالْمُرَادُ بِالنَّفَقَةِ هُنَا مَا سِوَى الْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ، لأِنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ لِلاِسْتِمْتَاعِ وَالتَّمْكِينِ، وَكَذَلِكَ الْمَهْرُ بَعْدَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ لاَ يَسْقُطُ بِالتَّقَادُمِ، بَلْ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ وَيُسْتَحَقُّ بِالْمَوْتِ أَوِ الطَّلاَقِ الْبَائِنِ وَيَصِيرُ مَأْمُونًا مِنْ سُقُوطِهِ.
12 - وَيُبَيِّنُ أَيْضًا مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ وَالْمَالِكِيَّةَ يَكَادُونَ يَتَّفِقُونَ عَلَى إِبَاحَةِ سَمَاعِ الدَّعْوَى لِلأْعْذَارِ، وَهِيَ عَلَى الْجُمْلَةِ الصِّغَرُ وَالْغَيْبَةُ الْبَعِيدَةُ وَالْجُنُونُ وَالْعَتَهُ وَكُلُّ عُذْرٍ يَمْنَعُ الْمُدَّعِيَ مِنْ رَفْعِ الدَّعْوَى كَأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَا سَطْوَةٍ وَيُخَافُ مِنْهُ - عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ.