loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس ، الصفحة : 498

مذكرة المشروع التمهيدي :

1 - تعرض هذه النصوص المدة التقادم المسكسب في العقار فهي خمس عشرة سنة في الحقوق العينية غير الموقوفة وثلاث وثلاثون سنة في الحقوق العينية الموقوفة فلا يملك شخص وقفة أو حق ارتفاق على عين موقوفة مثلاً إلا بهذه المدة والحساب بالتقويم الهجري (م 517 من المشروع ) ولا ذلك الوقف بالتقادم لأنه يشترط في إنشائه أن يكون بحجة شرعية ( أنظر م 1421 من المشروع وهي تقنين للقضاء المصري وليس لها نظير في التقنين الحالي) ، أما دعوى الإرث فهي تسقط بثلاث وثلاثين سنة والتقادم هنا مسقط لا مكسب ( لذلك يجب حذف « حقوق الإرث» من المادة 1421 وجعل الكلام عنها في التقادم المسقط ).

2 - على أنه في الحقوق العينية غير الموقوفة إذا اقترنت الحيازة بحسن النية واستندت إلى سبب صحيح فإن مدة التقادم المكسب تكون خمس سنوات فقط ولا يشترط حسن النية عند بدء الحيازة بل يكفي توافره عند تلقي الملكية بالسبب الصحيح فإذا اشترى شخص عقاراً من غير مالكه فيكفي أن يكون حسن النية وقت البيع حتى لو كان سيء النية وقت التسليم وحسن النية مفروض كما تقدم أما السبب الصحيح وهو العمل القانوني الناقل للملكية والصادر من غير مالك فلا يفرض وجوده بل يقع عبء إثباته على من يتمسك بالتقادم ويجب أن يكون السبب الصحيح مسجلاً خلافاً لما جرى عليه القضاء في مصر وآثر المشروع هذا الحل حتى يمكن التسجيل تمهيداً لإدخال السجل العقاري ( أنظر م 1420 من المشروع ويقابلها م 76 / 102 من التقنين الحالي ويؤخذ على نص التقنين الحالي أنه أغفل اشتراط حسن النية ولم يحدد معنى السبب الصحيح ولم يعرض لمسألة التسجيل وقد تدارك المشروع هذه العيوب ). 

الاحكام

1- نصت الفقرة الأولى من المادة 969 من القانون المدنى الجديد على إنه " إذا وقعت الحيازة على عقار أو على حق عينى عقارى ، وكانت مقترنة بحسن نية و مستندة فى الوقت ذاته إلى سبب صحيح ، فإن مدة التقادم المكسب تكون خمس سنوات " كما نصت الفقرة الثالثة منها على أن " السبب الصحيح سند يصدر من شخص لا يكون مالكا للشىء أو صاحباً للحق الذى يراد كسبه بالتقادم ، ويجب أن يكون مسجلا طبقا للقانون " ، ومن ثم فلا تؤدى الحيازة المستندة إلى عقد بيع إبتدائى إلى كسب ملكية العقار الذى وقعت عليه بالتقادم الخمسى ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه .

(الطعن رقم 223 لسنة 37 جلسة 1972/03/23 س 23 ع 1 ص 507 ق 80)

2- مؤدى نص المادة 969 من القانون المدنى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن ملكية العقار تكتسب بوضع اليد عليه مدة خمس سنوات متتالية متى كانت الحيازة مقترنة بحسن نية ومستندة فى ذات الوقت إلى سبب صحيح وكان حسن النية الذى يقتضيه التملك بالتقادم الخمسى هو اعتقاد المتصرف إليه اعتقاداً تاماً حين التصرف أن المتصرف مالك لما يتصرف فيه فإن كان هذا الاعتقاد يشوبه أدنى شك امتنع حسن النية ولقاضى الموضوع السلطة التامة فى استخلاص حسن النية وسوئها من ظروف الدعوى وملابساتها .

(الطعن رقم 4233 لسنة 65 جلسة 1997/12/13 س 48 ع 2 ص 1461 ق 273)

3- حسن النية الذى يقضيه التملك بالتقادم الخمسى هو اعتقاد المتصرف إليه اعتقاداً سليماً تاماً حين التصرف أن المتصرف مالك لما يتصرف فيه، بحيث إذا شاب هذا الاعتقاد ثمة شك انتفى حسن النية . وكان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الاستئناف بسبق منازعته للمطعون ضدهما الأولين فى وضع يدهما على أطيان النزاع قبل تلقى حقهما بالعقد المسجل ........... بتاريخ ........... وقدم تدليلاً على دفاعه صورة المحضر ............. إدارى مركز .............. والمتضمن شكواه بتاريخ .......... من اغتصاب المطعون ضده الأول لأطيان النزاع، وكذلك صورة رسمية من الحكم الصادر فى دعوى منع التعرض ............. مدنى أبو كبير الجزئية والتى أقامها بتاريخ ............. على المطعون ضده الأول ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على أن المطعون ضدهما الأول والثانى تملكا أطيان النزاع بالتقادم الخمسى إذ خلت الأوراق من دليل على منازعة الطاعن لهما فى وضع يدهما عليها، وأنه لم يقدم دليلا على سوء نيتهما، مما يبين منه أنه لم يطلع على المستندات المقدمة من الطاعن ويبحثها لتقديره رغم ما قد يكون لها من دلالة مؤثرة فى الدعوى بشأن ثبوت حسن النية أو سوئها، فإنه يكون معيباً بمخالفة الثابت فى الأوراق والقصور فى التسبيب .

(الطعن رقم 1034 لسنة 58 جلسة 1993/06/15 س 44 ع 2 ص 682 ق 247)

4- الحيازة التى يعتد بها فى أكتساب الملكية بالتقادم الخمسى هى الحيازة التى تجتمع مع السبب الصحيح و تستطل إلى مدة خمس سنوات ، فإن بدأت الحيازة قبل قيام السبب الصحيح يلحقها عيب ما ، فإن التمسك بهذا العيب الذى أعترى الحيازة فى تاريخ سابق على قيام هذا السبب لا يكون منتجاً ولا مجدياً طالما كان المعول عليه فى نطاق التقادم الخمسى هى الحيازة منذ أن تجتمع بالتصرف المسجل الصادر من غير مالك ، فيكون عندئذ هو سببها الصحيح الذى يركن إليه الحائز فى حيازته ويتمكن بمقتضاه من التملك إن إقترنت حيازته بحسن النية وقت تلقى الحق تطبيقاً لما تقضى به المادة 969 من القانون المدنى .

(الطعن رقم 224 لسنة 54 جلسة 1987/11/26 س 38 ع 2 ص 1012 ق 214)

5- شرط تملك العقار بالتقادم الخمسى المنصوص عليه بالمادة 969 من القانون المدنى هو وضع اليد عليه مدة خمس سنوات متتالية متى كانت الحيازة مقترنة بحسن نية و مستندة فى ذات الوقت إلى سبب صحيح وهو العقد الصادر من غير مالك بشرط أن يكون مسجلا . وحسن النية الذى يقتضيه التملك الخمسى هو إعتقاد المتصرف إليه إعتقادا سليما تاما حين التصرف أن المتصرف مالك لما يتصرف فيه بحيث إذا شاب هذا الإعتقاد ثمة شك إنتفى حسن النية .

(الطعن رقم 249 لسنة 50 جلسة 1984/01/24 س 35 ع 1 ص 280 ق 57)

6- النص فى الفقرة الثالثة من المادة 969 من القانون المدنى على أن السبب الصحيح الذى تكسب به ملكية العقار بحيازته خمس سنوات مع حسن النية هو السند الذى يصدر من شخص لا يكون مالكاً للشئ الذى يراد كسبه بالتقادم ، يدل على أنه متى كان البائع للمشترين المتزاحمين بعقودهم واحداً فلا وجه لتمسك أحدهم فى وجه الآخرين بتملك المبيع بالتقادم الخمسى .

(الطعن رقم 488 لسنة 48 جلسة 1982/06/03 س 33 ع 2 ص 662 ق 117)

7- إن مؤدى نص الفقرة الثالثة من المادة 969 من القانون المدني على أن "السبب الصحيح سند يصدر من شخص لا يكون مالكاً للشيء أوصاحباً للحق الذي يراد كسبه بالتقادم، ويجب أن يكون مسجلاً طبقاً للقانون" أن بيع ملك الغير يصلح لأن يكون سبباً صحيحاً لكسب ملكية العقار بالتقادم الخمسي متى كان هذا البيع مسجلاً. ولا يغير من ذلك أن يكون البائع فيه غاصباً أومستنداً فى تصرفه إلى عقد قابل للإبطال أوباطل أومعدوم لأن المشرع لم يجعل من سند البائع ركناً أوشرطاً لاعتبار التصرف سبباً صحيحاً للتملك بالتقادم الخمسي واكتفى بأن يكون التصرف ذاته صادراً من غير مالك، ومن ثم فإن الحكم بإبطال سند المالك أوبطلانه أو انعدامه لا يستتبع أي أثر على سند الحائز ولا ينال من صلاحيته لأن يكون سبباً صحيحاً لذلك التملك. لأن الخلف الخاص يستطيع أن يتمسك بحيازته هو وحده وأن يسقط حيازة سلفه، ويتحقق ذلك إذا كان السلف سيء النية ومناط سوء النية المانع من اكتساب الملك بالتقادم الخمسي ثبوت علم المتصرف إليه وقت تلقي الحق بأن المتصرف غير مالك لما تصرف فيه، أوثبوت قيام أدنى شك لديه فى ذلك.

(الطعن رقم 6210 لسنة 70 جلسة 2001/11/27 س 52 ع 2 ص 1222 ق 236)

8- السبب الصحيح فى تملك العقار بالتقادم الخمسي - على ما تقضى به المادة 969 من القانون المدني فى فقرتها الثالثة - هو كل تصرف قانوني يستند إليه واضع اليد فى حيازته للعقار يكون من شأنه نقل الملك لو أنه صدر من مالك أهل للتصرف، فإذا كان التصرف بيعاً وجب أن يكون البائع فى تصرفه مضيفاً الملك إلى نفسه رغم أنه غير مالك، أما إذا صدر البيع بصفته نائباً عن المالك وتبين عدم نيابته عنه أو كان نائباً ولكنه تجاوز حدود الوكالة فإنه لا يتأتى فى هذا المقام الاستناد إلى قيام السبب الصحيح وإنما يتعين فى هذا المجال إعمال ما تقضى به الأحكام الخاصة بالنيابة فى التعاقد وبآثار الوكالة.

(الطعن رقم 1664 لسنة 56 جلسة 1989/05/18 س 40 ع 2 ص 315 ق 210)

9- لما كان مؤدى نص الفقرة الثالثة من المادة 969 من القانون المدني على أن " السبب الصحيح سند يصدر من شخص لا يكون مالكاً للشىء أو صاحباً للحق الذى يراد كسبه بالتقادم و يجب أن يكون مسجلاً طبقاً للقانون " أن بيع ملك الغير يصلح لأن يكون سبباً صحيحاً لكسب ملكية العقار بالتقادم الخمسى متى كان هذا البيع مسجلاً  ولا يغير من ذلك أن يكون البائع فيه غاصباً أومستنداً فى تصرفه إلى عقد قابل للإبطال أو باطل أو معدوم لأن المشرع لم يجعل من سند البائع ركناً أو شرطاً لاعتبار التصرف سبباً صحيحاً للتملك بالتقادم الخمسي واكتفى بأن يكون التصرف ذاته صادراً من غير مالك ومن ثم فإن الحكم بإبطال سند المالك أو بطلانه أو إنعدامه لا يستتبع أى أثر ، على سند الحائز ولا ينال من صلاحيته لأن يكون سبباً صحيحاً لذلك التملك ولما كان ذلك وكان مناط سوء النيه المانع من إكتساب الملك بالتقادم الخمسي ثبوت علم المتصرف إليه وقت تلقى الحق بأن المتصرف غير مالك لما يتصرف فيه أو قيام أدنى شك لديه فى ذلك ، ولقاضى الموضوع السلطة التامة فى استخلاص حسن نية المتصرف إليه أو سوئها بشرط أن يكون استخلاصاً سائغاً .

(الطعن رقم 792 لسنة 55 جلسة 1988/04/26 س 39 ع 1 ص 692 ق 136)

10- السبب الصحيح هو السند الذى يصدر من شخص لا يكون مالكاً للشئ أوصاحباً للحق الذى يراد كسبه بالتقادم ، فإذا كان التصرف بيعاً يجب أن يكون البائع فى تصرفه مضيفاً الملك إلى نفسه ، أما إذا صدر البيع منه بصفته نائباَ عن المالك وتبين عدم نيابته عنه ، فإنه لا يتأتى فى هذا المقام الإستناد إلى وجود سبب صحيح . وإذا كان الواقع فى الدعوى أن إجراءات التنفيذ العقارى قد إتخذت ضد المطعون عليهم الستة الأول المالكين لحصة فى المنزل موضوع النزاع فى مواجهة وصى عليهم سبق عزله ، فإن الحكم برسو مزاد هذه الحصة على الطاعن لا يصلح أن يكون سبباً صحيحاً لتملك هذه الحصة بالتقادم الخمسى .

(الطعن رقم 142 لسنة 40 جلسة 1978/02/02 س 29 ع 1 ص 386 ق 77)

11- لما كان الطاعنون قد تمسكوا أمام محكمة الإستئناف يتملكهم أرض النزاع بالتقادم الخمسى إستناداً إلى حيازتهم لها مدة تزيد على خمس سنوات مقترنة بحسن النية ومستندة إلى السبب الصحيح وهو عقد البيع الصادر لمورثيهما ، وإذ كانت المادة 76 من التقنين المدنى السابق المقابلة للمادة 969 من التقنين الحالى قد نصت على أن ملكية العقار تكتسب بوضع اليد عليه مدة خمس سنوات متتالية متى كانت الحيازة مقترنة بحسن النية و مستندة فى ذات الوقت إلى سبب صحيح والسبب الصحيح هو العقد الصادر من غير مالك بشرط أن يكون مسجلاً ، وقد التفت الحكم المطعون فيه عن عقد الطاعنين المؤرخ 1936/9/23 والمسجل لكونه صادراً من غير مالك فإن إغفال الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع الجوهرى الذى لو حقق لجاز أن يتغير به وجه الرأى فى الدعوى يجعله مشوباً بالقصور .

(الطعن رقم 275 لسنة 41 جلسة 1975/12/08 س 26 ص 1586 ق 298)

12- وضع اليد المكسب للملكية واقعة مادية مما يجوز إثباته بكافة الطرق ، فإن للمحكمة أن تعتمد فى ثبوت الحيازة بعنصريها المبينين بالمادتين 968 و969 من القانون المدنى على القرائن التى تستنبطها من وقائع الدعوى ما دام إستخلاصها سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق ، فلها أن تعتمد فى ذلك على تقارير الخبراء ولو كانت مقدمة فى دعاوى أخرى ما دامت مضمومة إلى ملف الدعوى وأصبحت من أوراقها التى تناضل الخصوم فى شأن دلالتها وأن تأخذ ضمن القرائن المستفادة من الأوراق - بما تطمئن إليه من أقول الشهود الذين سمعهم هؤلاء الخبراء دون حلف يمين ، وأن تستند إلى ما قضى به فى دعوى أخرى دون أن تتوافر لهذا القضاء حجية الأحكام فى الدعوى المطروحة عليها متى كان ذلك بحسبانه قرينة تدعم بها قضاءها . وهى لا تتقيد بقرينة من هذه القرائن دون أخرى ، ولها أن تطرح ما لا تطمئن إليه  فلا عليها وهى بصدد بحث كسب الملكية بالتقادم إن هى إستبعدت القرينة المستفادة من تكليف الأطيان بإسم حائزها إذا وجدت فى أوراق الدعوى ما تطمئن معه إلى أنه لم يكن يحوزها حيازة أصلية لحساب نفسه ، ولا أن تتقيد بتسجيل عقد ما دام قد ثبت لها أنه صدر من غير مالك لأن ذلك ليس سبباً بذاته لكسب الملكية ، كما أنها لاتلتزم بتعقب الخصوم فى شتى مناحى دفاعهم و الرد على كل قرينة غير قانونية يستندون إليها ما دامت قد أقامت قضاءها على الأسباب الكافية لحمله ، ولا أن تجيب طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق ما دامت قد وجدت فى أوراق الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدتها .

(الطعن رقم 1088 لسنة 48 جلسة 1984/05/24 س 35 ع 1 ص 1410 ق 272)

13- إذا دلل الحكم على ثبوت ملكية مورث المطعون عليهم للعين دون الحكومة ثم عاد وهو بصدد التدليل على عدم صحة الدفع بالتقادم الخمسى إلى إعتبار أن الحكومة هى المالكة للعين ورتب على ذلك قوله بأن العقد الصادر منها للطاعن لا يعتبر سبباً صحيحاً للتملك بالتقادم الخمسى لأنه صادر من مالك ، فإن ذلك مما يجعل أسبابه متهاترة بحيث لا يكون للمنطوق قائمة بعد أن خلا من الأسباب التى يمكن أن تحمله

(الطعن رقم 26 لسنة 36 جلسة 1970/04/30 س 21 ع 2 ص 748 ق 121)

شرح خبراء القانون
الفقه الإسلامي

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

مادة 950)

1- من حاز حق ملكية او حقاً عينياً آخر على عقار غير مقيد في السجل العيني ، مدة خمس سنوات ، وكانت حيازته مقترنة بحسن النية ومستندة في الوقت ذاته إلى سبب صحیح ، فلا تسمع عليه عند الانكار دعوي بالملكية أو بحق عيني آخر من أحد بعد تركها طوال هذه المدة بغير عذر شرعی •

۲ - ويجب أن يتوافر حسن النية طوال مدة الحيازة.

٣- والسبب الصحيح تصرف قانونی من شانه أن ينقل الحق أو ينشئه لو انه كان صادراً من صاحب الحق . ويجب أن يكون قد تم شهره وفقاً للقانون •

هذه المادة تقابل المادة 969 من التقنين الحالي .

وعلى نحو ما تقدم ذكره عن المادة السابقة ، فقد اخد المشروع في المادة المقترحة بمبدأ عدم سماع الدعوى الذي يقول به الفقه الإسلامي بدلاً من مبدأ كسب الحق بالتقادم الذي يأخذ به التقنين الحالى .

ويراعى في تطبيق المادة المقترحة ما يأتي :

أولا : أن الحق العيني العقارى المجاز يجب الا يكون مقيدا في السجل العینی - وذلك للأسباب التي تقدم ذكر ما عن المادة السابقة ..

ثانيا : ان الحائز في هذا الصدد هو الذي يحوز الحق حيازة شرعية بالمعنى الذي تقدم ذكره :

ثالثا : أن الحيازة يجب أن تستمر مدة خمس سنوات دون انقطاع ويرجع تقصير المدة في هذه الحالة إلى توافر حسن النية والسبب الصحيح لدى الحائز •

رابعا : أن الحااز يجب أن يدعى ملكية الشي المجاز او انه مصاحب حق عینی علی ؛ وهذا أمر طبیعی ، مادام انه حسن النية ولديه سبب صحيح واذا كان الحائر يجب عليه هذا الادعاء في التقدم الطويل ، فالأولى أن يكون هذا الادعاء واجبا عليه في التقادم القصير ، اذ ان هذا التقادم الأخير يجب ان يتوافر فيه حسن النية وهو اعتقاد الحان انه يتلقى الحق من صاحبه ، كما يجب توافر السبب الصحيح الذي يدل على أن الحائز قد تلقى الحق بموجب تصرف قانوني يعتقد الحائن انه صادر من مناحي الحق

خامسا : أن الحائر تطلب منه البينة على ما يدعيه كما أن المدعي وهو المنازع تقبل منه البينه على ما يدعيه : وهذا على خلاف ما هو مقرر في التقادم الطويل

والذي يجب اثباته في هذا الصدد لصالح الحائز امران ، هما حسن النية والسبب الصحيح -

أما حسن النية فيفترض توفره لدى الحائز ، وذلك طبقا للاصول العامة التي يتحدد في ضوئها عبء الاثبات. فيكفى الحائز في ذلك أن يدعى ملكية الشي الحاز أو انه صاحب حق عيني عليه . فاذا ملر منه هذا الادعاء افترض توافر حسن النية لديه . وإذا أدعي المنازع عدم توافر حسن النية لدى الحائز ، وجب عليه أن يقيم الدليل على مما يدعيه •

وأما السبب الصحيح فيجب على الحائز أن يثبته ، وذلك وفقا القواعد العامة في اثبات التصرف القانوني ويستطيع المنازع أن يتقدم بأدلة على عدم وجود سبب صحيح .

ومن ثم فما يجب اثباته في هذا الصدد لصالع المنازع أحد أمرين : فاما ان يثبت المنازع عدم توافر حسن النية لدى الحائز ، أي علم الحائز بانه يتلقى الحق من غير صاحبه ، واما ان يثبت عدم توافر السبب الصحيح

سادسا : أن حسن النية يجب توافره طوال مدة الحيازة ، وهذا على خلاف حکم التقنين الحالي : فلا يكفي ان يتوانى حسن النية لدى الحان عند تلقى الحق ، بل يجب أن يظل الحائز حسن النية طوال مدة الحيازة : ذلك أن علم الحائز اثناء الحيازة بأنه تلقى الحق من غير صاحيه يمكن أن يحمل على معنى الاقرار بحق المنازع ، وهذا الاقران من شأنه أن يستبعد حكم التقادم ، بحيث يؤدي الى سماع الدعوی والقضاء الصالح المنافيع . وقد تقدمت الإشارة إلى ما نصت عليه المجلة من أن الحق لا يسقط بتقادم الزمان ، وأنه اذا أقر المدعي عليه بالحق يحكم عليه باقراره دون اعتبار لمرور الزمان (م 1674 من المجلة ) ( أنظر الأشباه والنظائر لابن نجیم ص ۸۸) ومن ثم اذا نجح المنازع في اثبات زوال حسن النية لدى الحائت اثناء الحيازة

أي علم الحائز في هذه الأثناء بأنه تلقي الحق من غير صاحبه ، فانه يحكم لصالح المتنازع اذا كانت ادلته الأخرى كافية لأثبات أنه صاحب الحق الحان :

سابعا : أن يترك المدعي الدعوى طوال المدة المقررة لعدم سماعها بغير عذر شرعی

ثامنا : أنه إذا توافرت الشروط السالفة الذكر ، فان الحكم الذي يصدر بعدم سماع الدعوى يكون حجة لصالح الرائز بانه صاحب الحق المجاز :

والمادة المقترحة تقابل المادة 1158 /۲ من التقنين العراقي "

 و تقابل المادة 1182 من التقنين الأردنی -

ولم يعرض الفقه الاسلامي للصورة التي تناولتها المادة المقترحة • ولكن تقصير مدة التقادم فيها يبرره توافر حسن النية والسبب الصحيح لدى الحائز "

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الثالث عشر ، الصفحة / 118

تَقَادُمٌ

التَّعْرِيفُ:

1 - التَّقَادُمُ لُغَةً: مَصْدَرُ تَقَادَمَ يُقَالُ: تَقَادَمَ الشَّيْءُ أَيْ: صَارَ قَدِيمًا . وَقَدْ عَبَّرَتْ مَجَلَّةُ الأْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةُ عَنِ التَّقَادُمِ بِمُرُورِ الزَّمَانِ . وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ فِي الْجُمْلَةِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ. التَّقَادُمُ الْمَانِعُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى:

2 - لِوَلِيِّ الأْمْرِ مَنْعُ الْقُضَاةِ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى فِي أَحْوَالٍ بِشُرُوطٍ مَخْصُوصَةٍ، وَمِنْ ذَلِكَ مَنْعُ سَمَاعِ الدَّعْوَى فِي بَعْضِ الْحَالاَتِ بَعْدَ مُدَّةٍ مُحَدَّدَةٍ مَعْلُومَةٍ، وَمَعَ أَنَّ الْحَقَّ لاَ يَسْقُطُ بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ، إِلاَّ أَنَّ وَجْهَ هَذَا الْمَنْعِ هُوَ تَلاَفِي التَّزْوِيرِ وَالتَّحَايُلِ؛ لأِنَّ  تَرْكَ الدَّعْوَى زَمَانًا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ إِقَامَتِهَا، يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَقِّ ظَاهِرًا.

وَعَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمُحَدَّدَةِ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى سُقُوطِ الْحَقِّ فِي ذَاتِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ مَنْعِ الْقُضَاةِ عَنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى مَعَ بَقَاءِ الْحَقِّ لِصَاحِبِهِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ الْخَصْمُ يَلْزَمُهُ، وَلَوْ كَانَ التَّقَادُمُ مُسْقِطًا لِلْحَقِّ لَمْ يَلْزَمْهُ

مُدَّةُ التَّقَادُمِ الْمَانِعِ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى:

3 - فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ مُخْتَلِفُونَ فِي تَعْيِينِ الْمُدَّةِ الَّتِي لاَ تُسْمَعُ بَعْدَهَا الدَّعْوَى فِي الْوَقْفِ وَمَالِ الْيَتِيمِ وَالْغَائِبِ وَالإْرْثِ، فَجَعَلَهَا بَعْضُهُمْ سِتًّا وَثَلاَثِينَ سَنَةً، وَبَعْضُهُمْ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَبَعْضُهُمْ ثَلاَثِينَ فَقَطْ، إِلاَّ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْمُدَدُ طَوِيلَةً اسْتَحْسَنَ أَحَدُ السَّلاَطِينِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ جَعْلَهَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَقَطْ، وَحَيْثُ كَانَ الْقَضَاءُ يَتَخَصَّصُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْخُصُومَةِ، وَيَقْبَلُ التَّقْيِيدَ وَالتَّعْلِيقَ، فَقَدْ نُهِيَ قُضَاةُ ذَلِكَ السُّلْطَانِ عَنْ سَمَاعِ دَعْوَى تَرَكَهَا الْمُدَّعِي خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِلاَ عُذْرٍ، لَكِنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمَنْعِ بَعْضَ مَسَائِلَ، وَعَلَى هَذَا النَّهْيِ اسْتَقَرَّ خُلَفَاؤُهُ فِي الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، وَمِنْ ذَلِكَ يَظْهَرُ أَنَّ التَّقَادُمَ بِمُرُورِ الزَّمَانِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَمْرَيْنِ:

الأْوَّلُ: حُكْمٌ اجْتِهَادِيٌّ، نَصَّ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ.

وَالثَّانِي: أَمْرٌ سُلْطَانِيٌّ يَجِبُ عَلَى الْقُضَاةِ فِي زَمَنِهِ اتِّبَاعُهُ، لأِنَّ هُمْ بِمُقْتَضَاهُ مَعْزُولُونَ عَنْ سَمَاعِ دَعْوَى مَضَى عَلَيْهَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِدُونِ عُذْرٍ، وَالْقَاضِي وَكِيلٌ عَنِ السُّلْطَانِ، وَالْوَكِيلُ يَسْتَمِدُّ التَّصَرُّفَ مِنْ مُوَكِّلِهِ، فَإِذَا خَصَّصَ لَهُ تَخَصَّصَ، وَإِذَا عَمَّمَ تَعَمَّمَ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ وَغَيْرِهَا.

وَقَدْ فَرَّقَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ بَيْنَ هَذَيْنِ الأْمْرَيْنِ بِأَنَّ مَنْعَ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مَبْنِيٌّ عَلَى النَّهْيِ السُّلْطَانِيِّ، فَمَنْ نَهَى عَنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى لَهُ أَنْ يَأْمُرَ بِسَمَاعِهَا، وَأَمَّا عَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ ثَلاَثِينَ سَنَةً فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَنْعِ الْفُقَهَاءِ، فَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَنْقُضَهُ، لأِنَّ  أَمْرَ السُّلْطَانِ إِنَّمَا يَنْفُذُ إِذَا وَافَقَ الشَّرْعَ وَإِلاَّ فَلاَ.

وَدَعَاوَى الدَّيْنِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَقَارِ الْمَمْلُوكِ وَالْمِيرَاثِ وَمَا لاَ يَعُودُ مِنَ الدَّعَاوَى إِلَى الْعَامَّةِ وَلاَ إِلَى أَصْلِ الْوَقْفِ فِي الْعَقَارَاتِ الْمَوْقُوفَةِ بَعْدَ أَنْ تُرِكَتْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِلاَ عُذْرٍ لاَ تُسْمَعُ، وَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الدَّعْوَى تَعُودُ إِلَى أَصْلِ الْوَقْفِ فَتُسْمَعُ، وَلَوْ تُرِكَتِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ بِلاَ عُذْرٍ.

4 - وَمُدَّةُ الْمَنْعِ مَعَ سَمَاعِ الدَّعْوَى تُحْسَبُ بِالتَّارِيخِ الْقَمَرِيِّ (الْهِجْرِيِّ) كَمَا قَرَّرَتْ ذَلِكَ جَمْعِيَّةُ الْمَجَلَّةِ اتِّبَاعًا لِلْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ إِلاَّ إِذَا اتُّفِقَ عَلَى خِلاَفِهِ وَعَيَّنَا تَارِيخًا شَمْسِيًّا، وَالْمَنْعُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى إِنَّمَا هُوَ لِلْقُضَاةِ، أَمَّا الْمُحَكَّمُونَ فَلاَ يَشْمَلُهُمُ النَّهْيُ، فَلَوْ حَكَّمَ اثْنَانِ شَخْصًا فِي نِزَاعٍ مَضَى عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَلَوْ بِلاَ عُذْرٍ فَإِنَّ الْمُحَكَّمَ يَسَعُهُ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا وَلاَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ النَّظَرُ فِي النِّزَاعِ.

وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّزَاعِ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ (وَهُوَ كُلُّ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الْوَقْفِ) فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ حَتَّى سِتٍّ وَثَلاَثِينَ سَنَةً، وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّزَاعِ فِي غَيْرِ أَصْلِ الْوَقْفِ كَأُجْرَةِ النَّاظِرِ وَاَلَّذِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْوَقْفِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ حَتَّى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَقَطْ. 

الأْعْذَارُ الْمُبِيحَةُ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً:

5 - أَوْرَدَتْ مَجَلَّةُ الأْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ مِنَ الأْعْذَارِ الَّتِي يُبَاحُ مَعَهَا سَمَاعُ الدَّعْوَى بَعْدَ مُدَّةِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، الصِّغَرُ، وَالْجُنُونُ، وَالْغَيْبَةُ عَنِ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ مَوْضُوعُ النِّزَاعِ مُدَّةَ السَّفَرِ، أَوْ كَوْنُ خَصْمِهِ مِنَ الْمُتَغَلِّبَةِ، وَفِيمَا يَلِي تَفْصِيلُهَا:

1 - الصِّغَرُ: إِذَا كَانَ صَاحِبُ الْحَقِّ صَغِيرًا وَسَكَتَ عَنِ الدَّعْوَى الْمُدَّةَ الْمُقَرَّرَةَ فَإِنَّ الْمُدَّةَ تُحْسَبُ عَلَيْهِ مِنْ تَارِيخِ بُلُوغِهِ رَشِيدًا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ أَوْ وَصِيٌّ بِاتِّفَاقٍ، وَمَعَ الْخِلاَفِ فِي حَالِ وُجُودِ الْوَلِيِّ أَوِ الْوَصِيِّ، وَرَجَّحَتْ لَجْنَةُ الْمَجَلَّةِ الإْطْلاَقَ لِمَصْلَحَةِ الصَّغِيرِ، وَمَنْ فِي حُكْمِهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ وَصِيٌّ .

وَمِثْلُ ذَلِكَ الْمَجْنُونُ، فَإِنَّ الْمُدَّةَ لاَ تُحْسَبُ إِلاَّ مِنْ تَارِيخِ إِفَاقَتِهِ، وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ، فَإِنَّ الْمُدَّةَ تُحْسَبُ مِنْ تَارِيخِ زَوَالِ الْعَتَهِ.

2 - غَيْبَةُ صَاحِبِ الْحَقِّ عَنِ الْبَلَدِ مُدَّةَ السَّفَرِ وَهِيَ مُدَّةُ الْقَصْرِ.

3 - إِذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنَ الْمُتَغَلِّبَةِ بِأَنْ كَانَ أَمِيرًا جَائِرًا مَثَلاً فَذَلِكَ عُذْرٌ يُبِيحُ لِلْمُدَّعِي السُّكُوتَ عَنْ رَفْعِ الدَّعْوَى، وَلاَ تَبْتَدِئُ الْمُدَّةُ حَتَّى يَزُولَ الْجَوْرُ وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ .

مَتَى تَبْتَدِئُ الْمُطَالَبَةُ بِالْحَقِّ؟

6 - مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا جَاءَ فِي مَجَلَّةِ الأْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ أَنَّهُ يَبْتَدِئُ مُرُورُ الزَّمَانِ مِنْ تَارِيخِ ثُبُوتِ الْحَقِّ لِلْمُدَّعِي بِإِقَامَةِ الدَّعْوَى بِالْمُدَّعَى بِهِ، فَمُرُورُ الزَّمَانِ فِي دَعْوَى دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ إِنَّمَا يَبْتَدِئُ مِنْ تَارِيخِ حُلُولِ الأْجَلِ لأِنَّهُ قَبْلَ حُلُولِهِ لاَ يَمْلِكُ الْمُدَّعِي الدَّعْوَى وَالْمُطَالَبَةَ بِذَلِكَ الدَّيْنِ، فَمَثَلاً لَوِ ادَّعَى وَاحِدٌ عَلَى آخَرَ فَقَالَ: لِي عَلَيْكَ كَذَا دَرَاهِمَ مِنْ ثَمَنِ الشَّيْءِ الَّذِي بِعْتُهُ لَكَ قَبْلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مُؤَجَّلاً ثَمَنُهُ لِثَلاَثِ سِنِينَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لأِنَّهُ يَكُونُ قَدْ مَرَّ اعْتِبَارًا مِنْ حُلُولِ الأْجَلِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً لاَ غَيْرُ، وَمَثَلاً لَوْ وَقَفَ وَاقِفٌ وَقْفَهُ وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ الاِسْتِحْقَاقُ لِذُرِّيَّتِهِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ، فَلاَ يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ مِنَ الْبَطْنِ الثَّانِي إِلاَّ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْبَطْنِ الأْوَّلِ، فَلَوْ وَقَفَ رَجُلٌ عَقَارًا وَشَرَطَ وِلاَيَتَهُ وَغَلَّتَهُ لأِوْلاَدِهِ ثُمَّ لأِحْفَادِهِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ فَقَامَ أَحَدُ أَوْلاَدِهِ لِصُلْبِهِ «أَيْ مِنَ الْبَطْنِ الأْوَّلِ» وَبَاعَ ذَلِكَ الْعَقَارَ لآِخَرَ وَظَلَّ الآْخَرُ مُتَصَرِّفًا فِيهِ مُدَّةَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَبَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ تُوُفِّيَ الْبَائِعُ فَقَامَ أَحَدُ أَبْنَائِهِ يَدَّعِي ذَلِكَ الْعَقَارَ عَلَى الْمُشْتَرِي اسْتِنَادًا عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلاَ يَمْنَعُهُ مُضِيُّ هَذِهِ الْمُدَّةِ، لأِنَّ  حَقَّ إِقَامَةِ الدَّعْوَى لاَ يَثْبُتُ لِلْحَفِيدِ إِلاَّ بَعْدَ وَفَاةِ وَالِدِهِ بِمُقْتَضَى شَرْطِ الْوَاقِفِ، فَلاَ يَبْتَدِئُ مُرُورُ الزَّمَانِ بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّهِ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ وَفَاةِ أَبِيهِ.

وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ وَقَفَ وَاقِفٌ عَقَارًا وَشَرَطَ غَلَّتَهُ لأِوْلاَدِهِ الذُّكُورِ وَبَعْدَ انْقِطَاعِهِمْ عَلَى بَنَاتِهِ، فَبَاعَ أَوْلاَدُهُ الذُّكُورُ، ذَلِكَ الْعَقَارَ لِرَجُلٍ وَسَلَّمُوهُ إِيَّاهُ وَبَعْدَ سِتِّينَ سَنَةً مَثَلاً انْقَطَعَتْ ذُرِّيَّةُ الْوَاقِفِ الذُّكُورِ فَقَامَتْ بَنَاتُهُ يَدَّعِينَ ذَلِكَ الْعَقَارَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِحُكْمِ الْوَقْفِ، تُسْمَعُ دَعْوَاهُنَّ وَلاَ يَمْنَعُ مُرُورُ هَذِهِ الْمُدَّةِ مِنْ سَمَاعِ دَعْوَاهُنَّ، لأِنَّ  حَقَّ إِقَامَةِ الدَّعْوَى لَمْ يَثْبُتْ لَهُنَّ إِلاَّ بَعْدَ انْقِطَاعِ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ الذُّكُورِ.

وَيَبْتَدِئُ مُرُورُ الزَّمَانِ بِالنِّسْبَةِ لِمُؤَجَّلِ الصَّدَاقِ مِنْ وَقْتِ الطَّلاَقِ أَوْ مِنْ تَارِيخِ مَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، لأِنَّ  الصَّدَاقَ الْمُؤَجَّلَ لاَ يَصِيرُ مُعَجَّلاً إِلاَّ مِنْ تَارِيخِ الطَّلاَقِ الْبَائِنِ أَوِ الْوَفَاةِ.

7 - وَتَبْتَدِئُ مُطَالَبَةُ الْمَدِينِ الْمُفْلِسِ مِنْ تَارِيخِ زَوَالِ الإْفْلاَسِ كَأَنْ كَانَ لِدَائِنٍ عَلَى مَدِينٍ مَبْلَغٌ مِنَ الْمَالِ مَثَلاً وَكَانَ الْمَدِينُ مُفْلِسًا مُدَّةَ عَشْرِ سَنَوَاتٍ مَثَلاً فَإِنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ لاَ تَدْخُلُ فِي الزَّمَنِ وَتَبْتَدِئُ مُدَّةُ الْمُطَالَبَةِ مِنْ تَارِيخِ يَسَارِ الْمُفْلِسِ لأِنَّ  تَرْكَ الدَّعْوَى بِسَبَبِ إِفْلاَسِ الْمَدِينِ كَانَ بِعُذْرٍ إِذْ لاَ يَتَأَتَّى لَهُ إِقَامَةُ الدَّعْوَى مَا دَامَ الْمَدِينُ مُفْلِسًا.

وَنَصَّتِ الْمَادَّةُ (1669) مِنَ الْمَجَلَّةِ عَلَى أَنَّهُ «إِذَا تَرَكَ وَاحِدٌ دَعْوَاهُ بِلاَ عُذْرٍ وَمَرَّ عَلَيْهَا الزَّمَانُ عَلَى مَا ذُكِرَ آنِفًا فَكَمَا لاَ تُسْمَعُ تِلْكَ الدَّعْوَى فِي حَيَاتِهِ لاَ تُسْمَعُ أَيْضًا مِنْ وَرَثَتِهِ بَعْدَ مَمَاتِهِ».

وَجَاءَ فِي شَرْحِهَا: وَذَلِكَ لأِنَّ  الْوَارِثَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا، فَمَا يَمْنَعُ سَمَاعَ دَعْوَى الْمُوَرِّثِ يَمْنَعُ سَمَاعَ دَعْوَى الْوَارِثِ. وَلَكِنَّ هَذَا إِذَا ادَّعَى الْوَارِثُ ذَلِكَ الْمِلْكَ بِالإْرْثِ عَنْ مُوَرِّثِهِ، أَمَّا لَوِ ادَّعَاهُ بِسَبَبٍ آخَرَ فَلاَ يَكُونُ تَرْكُ مُوَرِّثِهِ لِلدَّعْوَى مَانِعًا مِنْ سَمَاعِ دَعْوَاهُ، لأِنَّهُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ لاَ يَدَّعِي تَلَقِّي الْمِلْكِ مِنْ مُوَرِّثِهِ فَلاَ يَكُونُ قَائِمًا مَقَامَهُ، فَمَثَلاً لَوْ أَوْصَى رَجُلٌ بِعَقَارٍ لاِبْنِ زَيْدٍ الْقَاصِرِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً قَامَ ابْنُ زَيْدٍ الَّذِي بَلَغَ رَشِيدًا وَادَّعَى ذَلِكَ الْعَقَارَ بِمُقْتَضَى تِلْكَ الْوَصِيَّةِ عَلَى وَارِثِ الْمُوصِي تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلاَ يَمْنَعُهُ مِنْهَا تَرْكُ أَبِيهِ ذَلِكَ الْعَقَارَ فِي يَدِ وَارِثِ الْمُوصِي لأِنَّهُ هَاهُنَا لاَ يَدَّعِي الْمِلْكَ بِسَبَبِ الإْرْثِ عَنْ أَبِيهِ بَلْ بِسَبَبِ الْوَصِيَّةِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَلَكِنْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمُوصِي قَدْ تَرَكَ الدَّعْوَى بِهَذَا الْعَقَارِ وَهُوَ فِي يَدِ آخَرَ مُدَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً لاَ تُسْمَعُ بِهِ دَعْوَى الْمُوصَى لَهُ لأِنَّ  الْمُوصَى لَهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوصِي فَمَا مُنِعَ عَنْهُ الْمُوصِي مُنِعَ عَنْهُ الْمُوصَى لَهُ لأِنَّ  الْوَصِيَّةَ أُخْتُ الْمِيرَاثِ، وَمِثْلُ الْوَصِيَّةِ بِهَذَا الْمَعْنَى الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالْهِبَةُ.

 وَإِذَا تَرَكَ الْمُوَرِّثُ الدَّعْوَى مُدَّةً وَتَرَكَهَا الْوَارِثُ مُدَّةً أُخْرَى وَبَلَغَ مَجْمُوعُ الْمُدَّتَيْنِ حَدَّ مُرُورِ الزَّمَانِ فَلاَ تُسْمَعُ تِلْكَ الدَّعْوَى، لأِنَّهُ حَيْثُ كَانَ الْوَارِثُ قَائِمًا مَقَامَ الْمُوَرِّثِ كَانَا كَشَخْصٍ وَاحِدٍ حُكْمًا، فَلَوْ تَرَكَ الْمُوَرِّثُ الدَّعْوَى ثَمَانِيَ سِنِينَ مَثَلاً وَتَرَكَهَا الْوَارِثُ سَبْعَ سِنِينَ صَارَ كَأَنَّ الْوَارِثَ تَرَكَ الدَّعْوَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلاَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَمِثْلُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي كَالْمُوصِي وَالْمُوصَى لَهُ، فَلَوْ كَانَ وَاحِدٌ مُتَصَرِّفًا فِي عَرْصَةٍ مُتَّصِلَةٍ بِدَارٍ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَصَاحِبُ الدَّارِ سَاكِتٌ، ثُمَّ أَوْصَى صَاحِبُ الدَّارِ بِدَارِهِ هَذِهِ إِلَى رَجُلٍ، فَقَامَ الْمُوصَى لَهُ يَدَّعِي أَنَّ الْعَرْصَةَ طَرِيقٌ خَاصٌّ لِلدَّارِ الْمُوصَى لَهُ بِهَا لاَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ.

وَإِذَا مَاتَ أَحَدٌ وَفِي وَرَثَتِهِ بَالِغٌ وَقَاصِرٌ، فَإِنَّ الْبَالِغَ إِذَا تَرَكَ الدَّعْوَى الْمُدَّةَ الْمُقَرَّرَةَ بِلاَ عُذْرٍ فَلاَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَأَمَّا الْقَاصِرُ فَلاَ يُحْسَبُ عَلَيْهِ مُرُورُ الزَّمَانِ إِلاَّ مِنْ تَارِيخِ بُلُوغِهِ رَشِيدًا، مَعَ مُلاَحَظَةِ الْخِلاَفِ السَّابِقِ فِي وُجُودِ الْوَصِيِّ وَعَدَمِهِ.

8 - وَكُلُّ مَا تَقَدَّمَ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى لِمُرُورِ الزَّمَانِ إِنَّمَا هُوَ عِنْدَ إِنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِذَا اعْتَرَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحَقِّ لِلْمُدَّعِي تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي مَهْمَا طَالَ الزَّمَانُ، وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الإْنْكَارِ إِنَّمَا هُوَ عَدَمُ الإْنْكَارِ أَمَامَ الْقَاضِي فَلاَ يُعْتَبَرُ عَدَمُ الإْنْكَارِ خَارِجَ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، وَلاَ يَصِحُّ الاِحْتِجَاجُ بِهِ لِوُجُودِ شُبْهَةِ التَّزْوِيرِ، وَلأِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَنْعُ مِنْ سَمَاعِ أَصْلِ الدَّعْوَى

فَفَرْعُهَا وَهُوَ ادِّعَاءُ الإْقْرَارِ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنَ السَّمَاعِ لأِنَّ  النَّهْيَ يَشْمَلُهَا، وَلَكِنْ إِذَا كَانَ الإْقْرَارُ الْمُدَّعَى بِهِ قَدْ أُيِّدَ بِسَنَدٍ جَاءَ بِخَطِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ خَتْمِهِ الْمَعْرُوفَيْنِ وَلَمْ تَمُرَّ مُدَّةُ التَّقَادُمِ مِنْ تَارِيخِ السَّنَدِ إِلَى وَقْتِ رَفْعِ الدَّعْوَى فَعِنْدَ ذَلِكَ تُسْمَعُ دَعْوَى الإْقْرَارِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ.

وَالأْحْكَامُ الْمُتَقَدِّمَةُ الْخَاصَّةُ بِمُرُورِ الزَّمَانِ إِنَّمَا هِيَ لِلْحُقُوقِ الْخَاصَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالإْقْرَارِ، أَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالأْمُورِ الْعَامَّةِ كَالطَّرِيقِ وَنَحْوِهَا فَلاَ تَسْرِي عَلَيْهَا أَحْكَامُ مُرُورِ الزَّمَانِ، فَتُسْمَعُ وَإِنْ طَالَتِ الْمُدَّةُ، وَمَا تَقَدَّمَ هُوَ خُلاَصَةُ أَحْكَامِ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِمُرُورِ الزَّمَانِ.

9 - أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَيُعَبِّرُونَ عَنْ مُرُورِ الزَّمَانِ بِالْحَوْزِ وَالْحِيَازَةِ وَعِنْدَهُمْ أَنَّ هُنَاكَ دَعَاوَى لاَ تُسْمَعُ مُطْلَقًا، وَهِيَ الدَّعَاوَى الَّتِي تُوجِبُ مَعَرَّةً كَالدَّعَاوَى الَّتِي تُرْفَعُ عَلَى مَنْ عُرِفَ بِالاِسْتِقَامَةِ وَالشَّرَفِ فِي الْمُعَامَلَةِ كَأَنْ يَدَّعِي شَخْصٌ مَعْرُوفٌ بِالْفَقْرِ وَالتَّجَنِّي عَلَى النَّاسِ عَلَى شَخْصٍ يُطَالِبُهُ بِعَقَارٍ فِي يَدِهِ.

وَالْحِيَازَةُ عِنْدَهُمْ عَلَى قِسْمَيْنِ:

1 - حِيَازَةٌ مَعَ جَهْلِ أَصْلِ الْمِلْكِ لِمَنْ هُوَ؟.

2 - حِيَازَةٌ مَعَ عِلْمِ أَصْلِ الْمِلْكِ لِمَنْ هُوَ؟.

فَالأْولَى تَكْفِي فِيهَا الْحِيَازَةُ الْمَانِعَةُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى لِمُدَّةِ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَحُوزُ عَقَارًا أَمْ غَيْرَهُ.

وَالثَّانِيَةُ لاَ بُدَّ فِيهَا مِنْ عَشْرِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ فِي الْعَقَارِ، أَوْ عَامَيْنِ فِي الدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ وَنَحْوِهَا، وَيُشْتَرَطُ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى فِي كُلٍّ مِنَ الْحِيَازَتَيْنِ أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ بِذِكْرِ الْيَدِ، وَتَصَرُّفُ الْحَائِزِ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ، وَالنِّسْبَةُ، وَعَدَمُ الْمُنَازَعِ، وَطُولُ الْمُدَّةِ عَشْرَةُ أَشْهُرٍ فِي الأْولَى وَعَشَرُ سِنِينَ فِي الثَّانِيَةِ، وَعَدَمُ عِلْمِهِمْ بِمَا يُفَوِّتُ عَلَى الْمَالِكِ الأْصْلِيِّ حَقَّهُ فِي اسْتِرْجَاعِ مِلْكِهِ، فَلاَ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ مَعَ فَقْدِ هَذِهِ الأْمُورِ أَوْ صِيغَةِ الشَّهَادَةِ الَّتِي تُثْبِتُ الْمِلْكَ لِلْمُدَّعِي، وَهُمْ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الشَّاهِدِ ذِي الْعِلْمِ وَغَيْرِهِ.

10 - وَجُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ يَرَوْنَ أَنَّهُ لاَ يُسْأَلُ عَنْ مَصْدَرِ حِيَازَتِهِ فَلاَ يُقَالُ لَهُ: كَيْفَ حُزْتَ مَا تَضَعُ يَدَكَ عَلَيْهِ؟ خِلاَفًا لاِبْنِ رُشْدٍ، فَإِنَّهُ جَزَمَ بِأَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ سُؤَالِ الْحَائِزِ عَنْ مَصْدَرِ حِيَازَتِهِ، هَلْ هُوَ الْمِيرَاثُ مَثَلاً أَوِ الشِّرَاءُ أَوِ الْهِبَةُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ؟ وَلاَ بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ، فَأَمَّا مُجَرَّدُ دَعْوَى الْمِلْكِ دُونَ أَنْ يَدَّعِيَ شَيْئًا مِنْ هَذَا فَلاَ يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ الْحِيَازَةِ إِذَا ثَبَتَ أَصْلُ الْمِلْكِ لِغَيْرِهِ .

وَرَأَى ابْنُ رُشْدٍ خِلاَفَ رَأْيِ الْجُمْهُورِ، وَرَأْيُ الْجُمْهُورِ هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ، اللَّهُمَّ إِلاَّ إِذَا كَانَ الْحَائِزُ مَعْرُوفًا بِالتَّسَلُّطِ وَالْغَصْبِ وَالتَّعَدِّي، فَلاَ بُدَّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنْ يُبَيِّنَ بِأَيِّ وَجْهٍ صَارَ إِلَيْهِ وَلاَ يَنْفَعُهُ قَوْلُهُ اشْتَرَيْتُهُ مِنَ الْقَائِمِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ وَرَثَتِهِ بَلْ لاَ بُدَّ مِنْ إِثْبَاتِهِ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْهُ فَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ بِيَدِهِ بِمَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ.

وَإِنْ عُرِفَ أَنَّ حِيَازَتَهُ كَانَتْ بِبَاطِلٍ لَمْ يَنْفَعْهُ طُولُ الْحِيَازَةِ وَإِنِ ادَّعَى شِرَاءَهُ، إِلاَّ أَنْ يَطُولَ ذَلِكَ نَحْوَ الْخَمْسِينَ سَنَةً وَنَحْوَهَا وَالْقَائِمُ حَاضِرٌ لاَ يُغَيِّرُ وَلاَ يَدَّعِي شَيْئًا، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْحَائِزَ إِذَا حَازَ الْعَقَارَ مُدَّةَ عَشْرِ سِنِينَ مَعَ وُجُودِ الْمُدَّعِي وَسُكُوتِهِ بِلاَ عُذْرٍ فَإِنَّ مُضِيَّ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ يَمْنَعُ سَمَاعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي، وَمَا قَارَبَ عَشْرَ سِنِينَ يَأْخُذُ حُكْمَ الْعَشْرِ فَإِذَا نَقَصَتْ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ أَخَذَتْ حُكْمَ الْعَشْرِ، وَأَمَّا إِذَا قَامَتِ الْخُصُومَةُ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْحَائِزِ أَمَامَ الْقَضَاءِ أَوْ غَيْرِهِ كَالْمُحَكِّمِينَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ الْمُدَّةَ، وَفِي غَيْرِ الْعَقَارِ يَمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى مَعَ عَدَمِ الْعُذْرِ مُضِيُّ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَهُنَاكَ خِلاَفَاتٌ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ فِي ذَلِكَ، وَالتَّخَاصُمُ يَقْطَعُ مُضِيَّ الْمُدَّةِ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَاشْتَرَطَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ تَكْرَارَ التَّخَاصُمِ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ عَنْ سَحْنُونٍ، وَإِذَا سَكَتَ بَعْدَ الْمُنَازَعَةِ عَشْرَ سِنِينَ فَإِنَّ سُكُوتَهُ يَمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ دَعْوَاهُ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا سَكَتَ الْمُدَّعِي عَنْ مُخَاصَمَةِ الْحَائِزِ عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ رَفَعَ الْمُدَّعِي أَمْرَهُ لِيَقْضِيَ لَهُ وَعَلَّلَ سُكُوتَهُ بِأَنَّ بَيِّنَتَهُ كَانَتْ غَائِبَةً ثُمَّ جَاءَتْ، فَقِيلَ: يُقْبَلُ عُذْرُهُ وَقِيلَ: لاَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: كُنْتُ فَاقِدًا مُسْتَنَدِي ثُمَّ وَجَدْتُهُ، وَكَذَلِكَ جَهْلُ الْحُكْمِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ جَهْلَهُ أَنَّ الْحِيَازَةُ تَمَلُّكُ الْحَائِزِ لَيْسَ عُذْرًا وَسُكُوتُ الْمُوَرِّثِ ثُمَّ الْوَارِثِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ يَمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى لأِنَّ هُمَا كَشَخْصٍ وَاحِدٍ، وَقِيلَ تُحْسَبُ مُدَّةُ الْمُوَرِّثِ وَحْدَهَا وَمُدَّةُ الْوَارِثِ وَحْدَهَا فَلاَ يُجْمَعَانِ مَعًا.  

11 - وَنَفَقَةُ غَيْرِ الزَّوْجَةِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ فَلاَ تَصِيرُ بِفَوْتِهَا دَيْنًا فِي ذِمَّةِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ إِلاَّ بِاقْتِرَاضِ قَاضٍ بِنَفْسِهِ أَوْ مَأْذُونِهِ لِغَيْبَةٍ أَوْ مَنْعٍ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ بِشَرْطِ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ احْتِيَاجُ الْفَرْعِ وَغِنَى الأْصْلِ مَثَلاً.

أَمَّا نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ فَلاَ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ بَلْ تَصِيرُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ، وَالْمُرَادُ بِالنَّفَقَةِ هُنَا مَا سِوَى الْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ، لأِنَّ  نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ لِلاِسْتِمْتَاعِ وَالتَّمْكِينِ، وَكَذَلِكَ الْمَهْرُ بَعْدَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ لاَ يَسْقُطُ بِالتَّقَادُمِ، بَلْ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ وَيُسْتَحَقُّ بِالْمَوْتِ أَوِ الطَّلاَقِ الْبَائِنِ وَيَصِيرُ مَأْمُونًا مِنْ سُقُوطِهِ.  

12 - وَيُبَيِّنُ أَيْضًا مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ وَالْمَالِكِيَّةَ يَكَادُونَ يَتَّفِقُونَ عَلَى إِبَاحَةِ سَمَاعِ الدَّعْوَى لِلأْعْذَارِ، وَهِيَ عَلَى الْجُمْلَةِ الصِّغَرُ وَالْغَيْبَةُ الْبَعِيدَةُ وَالْجُنُونُ وَالْعَتَهُ وَكُلُّ عُذْرٍ يَمْنَعُ الْمُدَّعِيَ مِنْ رَفْعِ الدَّعْوَى كَأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَا سَطْوَةٍ وَيُخَافُ مِنْهُ - عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ.