مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس، الصفحة : 514
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- يشترط في تلك المنقول بالحيازة ما يأتي :
(أ) أن يكون الشيء منقولاً أو حقاً عينياً على منقول کرهن حيازة أو سند لحامله وهو منقول معنوي تجسد فأخذ حكم المنقول المادي .
(ب) أن تكون هناك حيازة متوافرة الشروط .
(ج) أن تكون الحيازة مقترنة بحسن النية وحسن النية مفروض كما هي القاعدة .
(د) أن تستند الحيازة إلى سبب صحيح والسبب الصحيح يفرض هنا بخلاف السبب الصحيح في التقادم القصير فمجرد الحيازة إذن يفرض معها حسن النية والسبب الصحيح حتى يقوم الدليل على العكس.
2- والحيازة لاتكسب ملكية المنقول حسب بل هي أيضاً تزيل التكاليف والقيود العينية التي تنقل المنقول فلو وضع الحائز يده على منقول وهو مرهون رهن حيازة ملكه في الحال خالصاً من الرهن ( وهذا بخلاف العقار المرهون رهناً رسمياً أنظر مادة 1510).
ذلك لأن لحيازة المنقول أثرين لا أثراً واحداً : أثراً مكسباً وأثراً مسقطاً فبمجرد توفرها تكسب الحائز الملكية و تسقط التكاليف ومتى تبين هذان الأثران المتميزان أصبحنا في غنى عن النظرية الفقهية التي تجعل الحيازة مكسبة لملكية جديدة متميزة عن الملكية القديمة، فإن هذا القول يصطدم مع ما هو معروف من أن الملكية حق دائم وأصبح من الواضح أن الملكية هي هي لم تتغير وأنها انتقلت بحكم الحيازة وانتقلت خالصة من التكاليف بحكم الحيازة أيضاً .
3– فإذا كان المنقول مسروقاً أو ضائعاً فإن الحائز لا يملكه بل تبقى دعوى المالك في الاسترداد قائمة ثلاث سنوات من وقت الضياع أو السرقة وليس من الضروري أن تستمر حيازة المسروق أو الضائع طول هذه المدة فقد يضيع المنقول ولا يحوزه أحد مدة سنتين ثم يجد من يبيعه إلى حائز حسن النية فيبقى هذا حائزاً سنة واحدة حتى تكمل ثلاث السنوات التي تسقط بها دعوى الاسترداد على أن هذه الدعوى إذا رفعت في الميعاد ضد حائز اشترى من سوق عمومية أو من مزاد علني أو من شخص يتعامل في مثل هذا المنقول جاز للحائز ألا يرد الشيء حتى يسترد الثمن الذي دفعه ويرجع المالك على من قبض هذا الثمن .
4 - وقد تدارك المشروع في إيراد قاعدة تلك المنقول بالحيازة ماوقع فيه التقنين الحالي من النقص والتشتت في إيراد القاعدة فقد أوردها هذا التقنين في مواضع ثلاثة مختلفة (م 46 / 68 و م 86 – 87 / 115 - 116 و 607 - 608 / 733 - 734) ولم يوردها كاملة في موضع واحد .
1- إن النص فى الفقرة الأولى من المادة 977 من القانون المدنى أنه " يجوز لمالك المنقول أو السند لحامله إذا فقده أو سرق منه . أن يسترده ممن يكون حائزاً له بحسن نية وذلك خلال ثلاث سنوات من وقت الضياع أو السرقة " يدل على أنه إذا تم التصرف فى المنقول ممن سرقه أو عثر عليه إلى متصرف آخر وكان المتصرف إليه سئ النية أى يعلم أن المتصرف لا يملك المنقول علم أو لم يعلم أن المنقول مسروق أو ضائع ، فإن المالك يستطيع أن يسترد المنقول بدعوى الاستحقاق من هذا الحائز سئ النية ، كما كان يسترده ممن سرق المنقول أو ممن عثر عليه ولو بعد انقضاء ثلاث سنوات من وقت السرقة أو الضياع ، بل ولو بعد انقضاء خمس عشرة سنة لأن دعوى الاستحقاق لا تسقط بالتقادم .
(الطعن رقم 5065 لسنة 67 جلسة 2010/03/07 س 61 ص 346 ق 53)
2- إذ كان الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر ، واستخلص حسن نية المطعون ضده الأول مما أورده بأسبابه أن السيارة ( محل النزاع التى أبلغ الطاعن بسرقتها وضبطت لدى المطعون ضده الأول ) حال بيعها له كانت تحمل لوحات معدنية ورخصة تسيير مؤقتة وتم نقل ترخيصها بإدارة مرور الغربية رغم ما جاء بتلك الأسباب من أن البائع للمطعون ضده الأول اشترى تلك السيارة ممن يدعى ... الذى قضى ضده بالحبس لاتهامه بسرقتها ، وأن الأخير هو الذى قام بنزع الجزء المدون عليه رقم الشاسيه وكتابة رقم آخر خاص بسيارة أخرى ، دون أن يستظهر علاقة المطعون ضده الأول بالواقعة الأخيرة فى ضوء ما قدمه له الطاعن من مستندات تتمثل فى محضر الشرطة المحرر عن واقعة العثور على السيارة محل الدعوى بعد وما تضمنه من أقوال البائع للمطعون ضده الأول التى تُثبت تشككه فى السيارة أثناء شرائها بسبب طمس معالمها بإعادة طلاء الشاسيه ، وما ساقه من قرائن أخرى لإثبات سوء نية المطعون ضده الأول ، واكتفى الحكم المطعون فيه بالرد على ذلك الدفاع بأسباب مجملة ليس فيها ما يطمئن المطلع عليها أن المحكمة بحثت تلك القرائن والمستندات وقالت كلمتها فيها ، وكان لا يغنى الحكم أنه أحال على أسباب الحكم الابتدائى فى الرد على ما ذكره الطاعن منها بأسباب الاستئناف لأن الحكم الابتدائى لم يبحثها وقضى بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد مضى ثلاث سنوات وهو دفاع جوهرى من سرقتها وما تضمنه من أقوال البائع للمطعون ضده الاول التى تُثبت تشككه فى السيارة أثناء شرائها بسبب طمس معالمها بإعادة طلاء الشاسيه وما ساقه من قرائن أخرى لإثبات سوء نية المطعون ضده الأول ، واكتفى الحكم المطعون ضده بالرد على ذلك الدفاع بأسباب مجملة ليس فيها ما يطمئن المطلع عليها أن المحكمة بحثت تلك القرائن والمستندات وقالت كلمتها فيها وكان لا يغنى الحكم أنه أحال على أسباب الحكم الابتدائى فى الرد على ما ذكره الطاعن منها بأسباب الإستئناف لأن الحكم الابتدائى لم يبحثها وقضى بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد مضى ثلاث سنوات وهو دفاع جوهرى من شأنه أنه يغير وجه الرأى فى الدعوى بإمكان رفع الطاعن دعواه باسترداد السيارة دون التقدير بمدة ثلاث السنوات ، فإن ذلك مما يعيب الحكم بقصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال جره إلى الخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 5065 لسنة 67 جلسة 2010/03/07 س 61 ص 346 ق 53)
3- مؤدى نص المادتين 101 و 102 من قانون الإجراءات الجنائية أن الأشياء التى تضبط أثناء تحقيق الدعاوى الجنائية و لم تكن حيازتها فى ذاتها جريمة ترد إلى من كانت فى حيازته وقت ضبطها سواء كانت هذه الحيازة أصيلة بنية التملك أو حيازة مادية لحساب الغير إلا إذا كانت هذه المضبوطات من الأشياء التى وقعت عليها الجريمة أو المتحصلة منها ، فإنها ترد إلى من فقد حيازتها بالجريمة ، يؤيد هذا النظر ما تقضى به المادة 104 من قانون الإجراءات الجنائية من أن الأمر برد المضبوطات إلى من ضبطت معه لا يمنع أولى الشأن من المطالبة بحقوقهم أمام المحاكم المدنية . ولما كان الثابت أن السبائك الذهبية موضوع الدعوى قد ضبطت مع الطاعنين فى القطار وقررا أن شخصاً كلفهما بنقلها من محطة الحمام إلى الإسكندرية مقابل أجر ، وإتهمتهما النيابة العامة بأنهما إستوردا هذه السبائك قبل الحصول على ترخيص بإستيرادها وأنهما قاما بتهريبها إلى أراضى الجمهورية بطريقة غير مشروعة دون أداء الرسوم الجمركية المستحقة عنها و قضى ببراءتهما نهائياً مما أسند إليهما ، و إذ كان مجرد حيازة السبائك الذهبية المذكورة ليس فى ذاته جريمة ، فإنه يكون للطاعنين اللذين ضبطت معهما الحق فى إستردادها .
(الطعن رقم 5 لسنة 40 جلسة 1975/03/11 س26 ع 1 ص 545 ق 110)
4- يشترط قانوناً فى الشخص الذي يتجر فى مثل الشيء المسروق أو الضائع فى معنى الفقرة الثانية من المادة 977 من القانون المدني، أن يتجر فيه حقيقة ولا يكفي أن يظهر البائع بمظهر التاجر أو أن يعتقد المشتري أنه يتعامل مع تاجر، وتقدير الاحتراف بالتجارة أو الاتجار بمثل الشيء المسروق أو الضائع مسألة يترك الفصل فيها إلى محكمة الموضوع .
(الطعن رقم 1359 لسنة 30 جلسة 1961/04/18 س 12 ع 2 ص 468 ق 87 ( جنائى ) )
5- الأصل أن المشرع جعل من الحيازة فى ذاتها سنداً لملكية المنقولات وقرينة على وجود السبب الصحيح وحسن النية ما لم يقم الدليل على عكس ذلك، وهو ما صرح به فى الفقرة الأخيرة من المادة 976 من القانون المدني. أما بالنسبة إلى حالة الشيء المسروق أو الضائع فإن الحكم يختلف، إذ وازن الشارع بين مصلحة المالك الذي جرد من الحيازة على رغم إرادته وبين مصلحة الحائز الذي تلقى هذه الحيازة من السارق أو العاثر، ورأى - فيما نص عليه فى المادة 977 من القانون المدني - أن مصلحة المالك أولى بالرعاية.
(الطعن رقم 1359 لسنة 30 جلسة 1961/04/18 س 12 ع 2 ص 468 ق 87 ( جنائى ) )
تنص المادة 977 مدني على ما يأتي :
1 - يجوز لمالك المنقول أو السند لحامله إذا فقده أو سرق منه أن يسترده ممن يكون حائزاً له بحسن نية وذلك خلال ثلاث سنوات من وقت الضياع أو السرقة .
2 - فإذا كان من يوجد الشيء المسروق أو الضائع في حيازته قد اشتراه بحسن نية في سوق أو مزاد علني أو اشتراه ممن يتجر في مثله فإن له أن يطلب ممن يسترد هذا الشيء أن يعجل له الثمن الذي دفعه .
ويخلص من هذا النص أن مالك المنقول إذا لم يخرج المنقول من حيازته بإرادته حيث تطبق القاعدة العامة في تملك المنقول بالحيازة وقد سبق تفصيلها بل خرج المنقول من حيازته بغير إرادته بأن سرق منه أو ضاع يعامل معاملة أفضل لأن المنقول انتزع من حيازته بالرغم منه فيجوز له أولاً أن يسترد المنقول المسروق أو الضائع ممن سرقه أو ممن عثر عليه ولم يرده ويجوز له ثانياً أن يسترد هذا المنقول أيضاً ممن أنتقل المنقول إلى حيازته إذا كان هذا الحائز سيئ النية ويجوز له أخيراً أن يسترد المنقول من حائز حسن النية ولكن في خلال ثلاث سنوات من وقت السرقة أو الضياع ويرجع الحائز حسن النية في هذه الحالة إذا رد المنقول إلى مالكه بالضمان على من يجب عليه الضمان وإذا كان الحائز حسن النية قد اشترى المنقول في سوق عمومي أو في ظروف متشابهة فِإنه يستطيع أن يمتنع عن رد المنقول إلى مالكه حتى يجعل له المالك الثمن الذي دفعه ويرجع المالك في هذه الحالة الأخيرة على المسئول الذي عجله للحائز .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ التاسع المجلد / الثاني، الصفحة/ 1571)
تصرف قيمة السند لحاملة لحائزه ومن ثم أخذ حكم المنقول في حكم المادة 977 فإن سرق أي منهما أو ضاع كان لصاحبه الحق في استرداده، والسرقة هي الواقعة المعاقب عليها بقانون العقوبات فلا يسري النص بالنسبة للتبديد والنصب مع مراعاة أن أموال الدولة العامة أو الخاصة أو أموال الجهات المذكورة بالمادة 970 مدني لا ترد عليها الحيازة فتسترد دون دفع قيمتها حتى لو كان حائزها حسن النية واشتراها من سوق عمومي ولا يكون له الحق في الحبس وإن كان المنقول نقوداً معدنية أو أوراقاً نقدية وجب لاستردادها أن تعين ذاتيتها على وجه لا يقبل الشك إلا إذا أمكن التحقق من ظروف السرقة أو الفقد أنها هي ذاتها التي سرقت أو فقدت ويعتبر المنقول مفقوداً إذا زالت حيازة صاحبه المادية عليه وكان لا يعرف مستقره فإن كان المنقول طائراً أو حيواناً اعتاد التجول والعودة لصاحبه فلا يعتبر مفقوداً فإن استولى عليه أحد كان سارقاً وكذلك الحيوان الجامح ويكون من كبح جماحه فضولياً يرجع على صاحبه بدعوى الفضالة ويثبت الحق في الاسترداد للمالك ولكل من له حق على المنقول كالدفع والمرتهن والحائز ولا يكلف أحد منهم بإثبات ملكيته عند الاسترداد إذ يكفي إثبات حيازته له وقت السرقة أو الفقد وإثبات أنه سرق أو فقد منه ويكون للحكم الجنائي حجية مطلقة في الإثبات ومن ثم يسترد المنقول ولو كانت الحيازة انتقلت غشاً للغير من السارق أو ممن عثر عليه وكذلك من الحائز العرضي ولو بعد انقضاء ثلاث سنوات كما يمكن استرداد المنقول من المنصرف إليه سيء النية ويكفي لتوافر سوء النية أن يعلم أن البائع ليس مالكاً للمنقول فإن كان هذا تملكه بالتقادم الطويل رجع المالك بالتعويض على السارق أو من عثر عليه.
أنما أن كان التصرف إليه حسن النية فيجوز للمالك أن يسترد مته المنقول على أن يرفع دعوى الاستحقاق خلال ثلاث سنوات من وقت السرقة أو الضياع فإن قضى له بالاسترداد كان للحائز الرجوع بدعوى الضمان على من تلقى منه وهكذا حتى الوصول إلى السارق أو من عثر على المنقول ويجوز للحائز إدخال من تلقى الحق منه في دعوى الاستحقاق حتى إذا ما قضى بالاستحقاق الزم المدخل بأن يدفع للحائز ما قبضه منه أما أن لم ترفع الدعوى خلال ثلاث سنوات كانت غير مقبولة إذا ما دفع بذلك ويكون للمالك الرجوع بدعوى المسئولية التقصيرية على السارق أو من عثر على المنقول وكذلك على كل من تلقى المنقول بسوء نية .
والثلاث سنوات هي مدة سقوط لا يرد عليها وقف أو انقطاع وتسري حتى في حق الغائب وغير كاملي الأهلية ويقع على الحائز عبء إثبات انقضاء هذه المدة عندما يدفع بعدم قبول الدعوى ويكون للحائز حسن النية أن يسترد المبلغ الذي اشترى به النقول في ثلاث حالات جاءت على سبيل الحصر فی إذا كان الشراء من سوق أو بمزاد علني أو ممن يتجر في مثله فإن لم يرد له المالك المبلغ كان له حبس المنقول استناداً إلى الدفع بعلم التنفيذ ويراعى أن الحائز هو الذي يشتري إما أن اشتری صاحب محل في السوق ولو كان يتجر في مثل المنقول فلا يكون له طلب المبلغ من المالك ولا حبس المنقول إنما يلزم برده ثم يرجع على من اشترى منه وبالنسبة للمزاد فيستوي أن يكون إجبارياً أو اختيارياً قضائياً أو إدارياً وإذا دفع المالك الثمن للحائز في الحالات الثلاث سالفة الذكر فإنه يرجع به كتعويض على السارق أو من عثر على المنقول وعلى كل من تلقاه منهما وكان سيء النية متى كانت دعوى المسئولية التقصيرية لم تسقط م 172 ويجوز للمالك تتبع المنقول في أي يد خلال الثلاث سنوات إذ لا يجوز التمسك بقاعدة الحيازة في المنقول إلا في غير المنقول المسروق أو الضائع. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع عشر، الصفحة/ 166)
بعد أن قرر المشرع الأثر المكسب والأثر المسقط المترتبين على الحيازة المقترنة بحسن النية والسبب الصحيح، أورد استثناء عليهما في المادة 977 إذ نصت الفقرة الأولى من المادة على أنه يجوز لمالك المنقول أو السند لحامله إذا فقده أو سرق منه أن يسترده ممن يكون حائز له بحسن نية وذلك خلال ثلاث سنوات من وقت الضياع أو السرقة ومفاد ذلك أن حائز المنقول أو السند لحامله بحسن نية وسند صحيح لن يستطيع التمسك بحيازته إذا كان المنقول قد خرج من يد صاحبه بسبب السرقة أو الضياع ففي هذه الحالة فضل المشرع حق المالك على حق الحائز لحسن النية.
والحكمة في هذا أن المنقول أو السند لحامله في حالتي السرقة والضياع يخرج من حيازة مالكه كرها وعلى غير إرادته ودون خطأ منه فلم يشارك المالك بذلك في إيجاد المظهر المادي الذي خدع الحائز فجعله يعتقد أن المتصرف هو المالك فيجوز إذن للمالك أن يسترد المنقول المسروق أو الضائع من يد الحائز حسن النية.
شروط الاسترداد :
يشترط لاسترداد المالك المنقول أو السند لحامله المسروق أو الضائع من يد الحائز حسن النية توافر الشروط الآتية:
الشرط الأول:
أن يكون المنقول أو السند لحامله قد خرج من يد المالك بسبب السرقة أو الضياع:
يشترط للاسترداد أن يكون المنقول أو السند لحامله قد خرج من يد المالك بسبب السرقة أو الضياع.
والمقصود بالسرقة، السرقة بمعناها المحدد لها في قانون العقوبات وهي اختلاس مال منقول مملوك للغير (مادة 311 من قانون العقوبات ) ومن أهم أركان هذه الجريمة الاختلاس فإذا كان فقد المالك حيازته ناشئاً عن فعل آخر لا يكون جريمة السرقة ولكنه يتحد معها في أثرها فلا يستفيد المالك من حكم المادة فلا يسري إذن حكم المادة بالنسبة للمالك الذي كان ضحية الخيانة الأمانة أو النصب إذ أن المالك حينئذ يكون قد تخلى عن حيازة المنقول بإرادته ولو أنه وضع ثقته في غير موضعها أو كان ضحية غفلته أو عدم خبرته إلا أنه قد ساهم مع ذلك في خلق المظهر الخارجي للحيازة التي انخدع به الحائز حسن النية.
ويجوز الاسترداد في جميع حالات السرقة، ولو كان القانون يعفي السارق من العقاب في بعض الحالات أو يجعل العقاب متوقفاً على طلب المجني عليه كالسرقات التي ترتكب بالزوج أو الزوجة أو الأصول أو الفروع (م 312 من قانون العقوبات). فلو سرق أحد الزوجين من الزوج الآخر منقولاً أو سرق المنقول الأصل من أحد فروعه أو الفرع من أحد أصوله ولم يطلب المجني عليه محاكمته فإن المنقول يبقى معتبراً أنه مسروق في حكم المادة 977 مدنی فلو باع السارق في هذه الأحوال المنقول لحائز حسن النية جاز لمالك المنقول أن يسترده من الحائز .
وكذلك ينطبق النص ولو بقى السارق مجهولاً أما الضياع فيجب ألا يقتصر مدلوله على ما يفقده الحائز بإهماله أو بعدم حيطته بل إن مدلول هذا الاصطلاح يجب أن يمتد إلى الحالات التي يتجرد فيها الحائز من حيازة المنقول دون قصد التخلي عن حيازته.
فيسري حكم المادة على الحالة التي يفقد فيها المالك المنقول بقوة قاهرة أو حادث مفاجئ كالفيضان أو الحريق أو الغزو الأجنبي كما يسري من باب أولى على المنقول الذي يفقد أثناء إرساله للغير سواء نجم ذلك عن خطأ أمين النقل أو بالعكس عن خطأ المرسل في تحري عنوان المرسل إليه .
ولا يعتبر الحيوان الجامح شيئاً ضائعاً فمن يكبح جماح حيوان لا تسري عليه أحكام الأشياء الضائعة وإنما يرجع بدعوى الفضالة على صاحب الحيوان ولا يعتبر كذلك حيواناً ضائعاً الدواجن والحيوانات الأليفة إذا ألفت الرجوع إلى المكان المخصص لها.
الشرط الثاني
أن يكون المنقول في يد حائز بحسن نية وسبب صحیح:
يشترط لجواز الاسترداد وفقاً لحكم المادة أن يكون المنقول المطلوب استرداده في يد شخص يحوزه بحسن نية وسبب صحيح.
فهذا الحائز هو الذي يعتبر جواز استرداد المنقول منه استثناء من قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية وهو الذي يحق له أن يستفيد من أحكام هذا الاستثناء فيما يتعلق بالمدة التي يجب أن ترفع دعوى الاسترداد خلالها وفيما يتعلق بحقه في اقتضاء الثمن الذي دفعه ممن يسترد المنقول في حالة خاصة كما سنرى.
أما من يحوز المنقول بدون سبب صحيح وحسن نية فلا شأن له بقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية ولا بالاستثناء الوارد عليها وإنما يجوز للمالك استرداد المنقول منه طبقاً للقواعد العامة كما سنرى.
الشرط الثالث:
أن ترفع دعوى الاسترداد خلال ثلاث سنوات:
يشترط أن يرفع المالك دعوى الاسترداد خلال ثلاث سنوات من وقت السرقة أو الضياع فالقانون يعامل مالك المنقول المسروق أو الضائع في مواجهة الحائز حسن النية هذه المعاملة الاستثنائية بمنع الحائز من مواجهة المالك بقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية لمدة معينة تبدأ من وقت السرقة أو الفقد هي ثلاث سنوات يعود بعدها المجال لتطبيق هذه القاعدة أي أن المادة 977 تعطل تطبيق قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية لمدة ثلاث سنوات لمصلحة المالك .
ولا يشترط أن يكون الحائز وضع يده على المنقول مدة ثلاث السنوات كلها وإنما يكفي أن يكون قد مضي ثلاث سنوات من تاريخ السرقة أو الضياع فإذ خبئ الشيء المسروق أو الضائع مدة سنتين مثلاً ثم بيع إلى شخص حسن النية خلال السنة الثالثة فإن حق المالك في الشيء المسروق أو الضائع يسقط بانتهاء السنة الثالثة.
والمدة المذكورة ليست مدة تقادم مسقط، ولكنها مدة سقوط فهي لا تقبل الوقف والانقطاع، وتسري ضد جميع الأشخاص وفي جميع الحالات فهی تسري على ناقصي الأهلية والمحجورین .
فهي ليست - من جهة- تقادماً مكسباً لأنه من المسلم به طبقاً للمادة 977 أن مدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ السرقة أو الضياع ولو كان الأمر أمر تقادم مكسب لوجب حساب هذه المدة من يوم حيازة المدعى عليه في الدعوى أو سلفه ممن تلقى المال عنهم وليست من جهة أخرى - مدة تقادم مسقط لأن المسلم أن دعوى الاسترداد لا تسقط بالتقادم فالمدة إذن هي مدة سقوط ذلك أن القانون يعطي استثناء لمالك الشيء المفقود أو المسروق الحق في استرداده خروجاً على القاعدة العامة.
ولذلك لا تطبق عليها قواعد انقطاع أو وقف التقادم .
وهذه المدة لا تتعلق بالنظام العام فلا يجوز للقاضي أن يحكم من تلقاء نفسه بسقوط حق المالك في دعوى الاسترداد إذا رفعت بعد انقضاء ثلاث سنوات من تاريخ حصول السرقة أو الضياع بل يجب أن يدفع الحائز أمامه بذلك وأن يتمسك بقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية .
فالمادة تخول بصريح نصها المالك الحق في طلب الاسترداد.
غير أن الرأي الغالب في الفقه يذهب إلى أن الحق في رفع دعوى الاسترداد يمتد إلى كل شخص كان واضعاً يده على الشيء وقت السرقة أو الضياع وكان مسئولاً عن حفظه كما إذا سلمت منقولات لإحدى شركات النقل أو هيئة السكة الحديد لنقلها فسرقت فإنه يجوز لهما رفع الدعوى بطلب ردها.
كما يجوز للمودع لديه الذي سرقت منه المنقولات أن يقيم دعوى الاسترداد لمصلحة المالك .
وكذلك يحق لمن له حق في المنقول أن يسترده كحائز بنية تملكه والمرتهن رهناً حيازياً.
من ترفع عليه دعوى الاسترداد و ترفع دعوى الاسترداد على أي شخص يوجد لديه الشيء المسروق أو الضائع.
فترفع الدعوى على السارق أو من وجد الشيء الضائع، أو على المشتري منهما سواء أكان حسن النية أم سئ النية.
كما يمكن رفعها على الحائز العرضي ولا يجوز له التخلي عن حيازة الشيء لحائزه القانوني ثم الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام صفته لأن مركز الطرفين في الدعوى يتحدد نهائياً بإيداع صحيفتها قلم الكتاب وإنما عليه أن يدخل في الدعوى الشخص الذي يحوز هو الشيء لحسابه.
بل يجوز رفع الدعوى على من يكون قد تخلص من حيازته للشئ بطريق الغش ليفلت من رفع الدعوى عليه.
وفي العمل لا يرفع المالك دعوى استحقاق على الحائز، لأن بطء الإجراءات في هذه الدعوى يسمح للحائز بإخفاء المنقول وإنما يلجأ المالك إلى الحجز التحفظي باعتباره مالكاً للمنقول وهو في يد الغير وهذه حالة من الحالات التي يجوز فيها توقيع الحجز التحفظي، وإجراءات الحجز التحفظي سريعة وتتخذ عادة دون علم الحائز فإذا ما وقع الحجز على المنقول أصبح لا يمكن إخفاؤه وبعد ذلك ترفع دعوى تثبيت الحجز وفي هذه الدعوى يثار النزاع من حيث الموضوع فتحل في العمل محل دعوى الاستحقاق.
إثبات السرقة أو الضياع:
يقع على عاتق المالك إثبات حيازته للشيء ويمكنه الإثبات بكافة الطرق القانونية وعليه أيضاً أن يثبت السرقة أو الضياع.
ويمكنه إثبات ذلك بالبينة والقرائن مهما كانت قيمة الشيء وذلك لأنه كان مستحيلاً عليه أن يحصل على كتابة تثبت الواقعة المراد إثباتها.
عدم التزام المسترد بأداء عوض للحائز:
إذا توافرت شروط دعوى الاسترداد التزم الحائز برد الشيء إلى مالكه وليس له مطالبته بثمة عوض وإنما له الرجوع على من تلقى منه المنقول المسروق أو الضائع بضمان الاستحقاق وهذا الرجوع ينشأ عن العقد المبرم بينهما والتزام الضمان في حالة نزع المنقول.
ويرجع الحائز بالضمان سواء كان من تلقى منه المنقول حسن النية أم سئ النية وإن كانت مسئوليته في الحالة الأخيرة تكون أشد .
التغيير الحاصل في الشيء:
إذا حصل تغيير في الشيء المسروق أو الضائع وسواء كان ذلك بالزيادة أو النقصان فإن هذا التغيير لايمنع استرداده ولكن على المالك المسترد أن يعوض الحائز الحالي عن الزيادة التي حصلت بسبب التغيير .
استهلاك المنقول:
إذا كان الشيء المسروق أو الضائع من الأشياء التي تستهلك كالمأكولات والمشروبات في استهلكها الحائز حسن النية فليس للمالك الرجوع عليه بثمنها ما لم يكن قد ارتكب خطأ يوجب مسئوليته فيلتزم بأن يدفع للمالك ما يوازي قيمته تعويضاً له عن الضرر الذي سببه بخطئه وإهماله .
وهذا النص استثناء من القاعدة العامة التي تقضي بأنه إذا حكم للمدعي بالاستحقاق فإنه لا يلزم بشيء في مواجهة الحائز حتى لو كان قد تلقى الحيازة بمقابل بل إن الحائز يلزم برد الشيء للمالك وتكون له دعوى الضمان ضد من باعه هذا الشيء وهو غير مالك له.
ولاشك أن النص المذكور يقلل من الفائدة العملية للاسترداد الذي يرفع على الحائز حسن النية خلال ثلاث السنوات لأن المسترد يرد بید ما يتسلمه بالأخرى ولذلك لا يقدم على الاسترداد إلا إذا كان المنقول الضائع أو المسروق له أهمية خاصة لديه كما إذا كان تذكاراً عائلياً أو تذكاراً اشتراه في أثناء السفر .
وقد حدد الشارع إلى تقرير هذا الاستثناء أمران :
الأمر الأول: أن للمنقولات وضع خاص يجعل من المتعذر على من يتعامل عليها التحقق من ملكيتها.
الأمر الثاني: توطيد الثقة في الأسواق التجارية حتى لا يتعطل تداول المنقولات فمن يشتري المنقول بحسن نية في سوق أو مزاد علني أو ممن يتجر في مثله جدير بحماية الشارع وأولى بالرعاية من المالك لأن هذه الأماكن هي التي يتم فيها عادة تداول المنقول .
يشترط لاسترداد الحائز الثمن الذي دفعه من المالك توافر شرطين:
الشرط الأول: أن يكون الحائز قد اشترى المنقول من سوق عام أو مزاد علني أو ممن يتجر في مثله.
الشرط الثاني: أن يكون الحائز حسن النية.
ونتناول تفصيل الشرطين في البند التالي.
مضمون الشرطين:
ذكرنا أن الشرط الأول للاسترداد أن يكون الحائز قد اشترى المنقول من سوق أو مزاد علني أو من يتجر في مثله.
والمراد بالسوق هنا هو المكان المخصص لبيع السلع علنا، كالبورصات والأسواق التي تعقد في المدن أو القرى أو في الأعياد والمواسم.
والمقصود باصطلاح المزاد العلني كل بيع عام بالمزاد حتى ولو لم يجر المزاد وفقاً لإجراءات رسمها القانون فيفيد من حكم تعجيل الثمن من يشتري منقولات مسروقة أو ضائعة من مزادات خاصة يجريها الأفراد طالما أنها متوافرة على شرط العلانية). ويؤيد ذلك مقارنة هذا النص بالمادة 939 الذي يمنع الشفعة إذا حصل البيع بالمزاد العلني وفقاً لإجراءات رسمها القانون فإسقاط هذه العبارة الأخيرة من المادة 977 له دلالته الخاصة وهي تعميم معنی المزاد العلني وعدم قصره على ما يتم منه وفقاً للإجراءات المرسومة في قانون المرافعات أو أي قانون آخر.
كما يستوي أن يكون مزاداً قضائياً أو مزاداً إدارياً .
والمقصود بعبارة من يتجر في مثله أي في مثل الشيء محل الحيازة التاجر الذي يتجر في أشياء من جنس الشيء المسروق أو الضائع.
ويجب أن يكون البائع تاجراً حقيقياً فلا يكفي أن يعتقد المشتري أنه تعامل مع تاجر.
إلا أنه لا يشترط أن يكون التاجر مرخصاً له بالاتجار في مثل الشئ بل يكفي أن يكون قد اعتاد الاتجار فيه بشكل ظاهر وفي مكان مناسب .
أما الشرط الثاني وهو أن يكون الحائز حسن النية فإنه لا يكفي في الحائز الذي يطالب المسترد بأداء الثمن الذي دفعه أن يكون قد اشترى المنقول المسروق أو الضائع في أحد الأمكنة سالفة الذكر بل يجب أن يكون مستنداً في حيازته للمنقول إلى سبب صحيح مقرون بحسن النية بمعنى أنه يشترط أن يكون حيازته قد توافرت فيها جميع الشرائط التي تخول له التذرع بقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية.
ويبني على ذلك أنه لا يجوز للمشتري سئ النية الذي تلقى حيازة المنقول ممن يتجر في مثله أو من سوق عام أو مزاد علني أن يطلب من المسترد أن يؤدي له الثمن الذي دفعه لأن سوء النية هنا يجعله ضالعة في الإثم مع السارق أو واجد الشئ وحتى في غير حالتي السرقة أو الضياع فإنه لا يجوز للحائز سئ النية أن يتملك المنقول بالحيازة فهو ملزم قانوناً بأن يرده إلى المالك الحقيقي لأنه يحوزه بدون وجه حق.
يقع على عاتق الحائز إذا أراد أن يسترد ثمن المنقول أن يثبت أنه اشتراه في سوق أو مزاد علني أو ممن يتجر في مثله وله إثبات ذلك بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة والقرائن.
حق المشتري في حبس المنقول حتى يوفي إليه الثمن :
تنص الفقرة الأولى من المادة 246/ 2 مدني بأن: لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به مادام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام مترتب عليه بسبب التزام المدين ومرتبط به أو ما دام الدائن لم يقم بتقديم تأمين كاف للوفاء بالتزامه هذا ومن ثم فإن يجوز للحائز حسن النية أن يحبس الشيء حتى يستوفي الثمن المستحق له وكافة المصاريف الواجبة قانوناً .
عناصر الثمن
يلتزم المالك المسترد بأن يؤدي للحائز الثمن الذي دفعه والمصروفات الرسمية والمصروفات الضرورية بتمامها (م 1 / 980 مدني) والمصروفات النافعة بالتفصيل المنصوص عليه بالمادتين 924، 925 مدني.
( أنظر شرح هذه المواد ).
أما المصروفات الكمالية فلا يلزم المالك بأدائها (م 3/ 980 مدنی) كذلك لا يلزم المالك بأن يؤدي للمشتري فوائد الثمن المستحق لأنها في مقابل انتفاعه بالمنقول.
والثمن الذي يؤديه المالك هو الثمن الذي اشترى به الحائز الأخير المنقول ما لم يكن هذا الثمن أعلى من الثمن الذي اشترى به سلفه الحائز الأول فلا يلزم المالك إلا برد الثمن الأقل.
حق المالك في الرجوع بالثمن الذي دفعه :
إذا قام المالك بتعجيل الثمن الحائز حسن النية على النحو المتقدم كان له أن يرجع بهذا الثمن على السارق أو على من عثر على المنقول أو من الحائز الذي تلقى المنقول من أيهما إذا كان سئ النية، وذلك طبقاً للقواعد العامة في المسئولية التقصيرية فكل من هؤلاء قد ارتكب خطأ تقصيرياً أدى إلى الإضرار بالمالك ولكن لا يجوز للمالك أن يرجع بالثمن الذي عجله على حائز سابق حسن النية حتى ولو لم يكن في استطاعته في الأصل التمسك بحكم المادة 977 بفرض توجيه الدعوى إليه قبل تخلصه من حيازة المنقول.
دعوى الاستحقاق ضد الحائز سيء النية:
يتضح صراحة من نص المادتين 976، 977 مدني أنهما لا تنطبقان إلا على حائز المنقول حسن النية ومن ثم فلا يقبل من الحائز سئ النية ومن باب أولى من السارق أو العاثر على الشيء الضائع أن يحتج لا بقاعدة الحيازة في المنقول سند الحائز ولا بالاستثناء الوارد عليها في حالة السرقة أو الضياع والذي يقضي بسقوط دعوى المالك في استرداد المنقول بمضى ثلاث سنوات من تاريخ السرقة أو الضياع.
ولذلك يجوز للمالك أن يسترد المنقول من السارق أو العاثر أو أي حائز سئ النية دون تقيد بأحكام القاعدة ولا بمستثنياتها ومن المتفق عليه أيضاً أن الدعوى التي يرفعها المالك في هذه الحالات هي دعوى الاستحقاق.
وهذه الدعوى لا تسقط بالتقادم حيث تقرر المادة 374 من القانون المدني أن الالتزام وحده هو الذي يتقادم بمضي خمس عشرة سنة ومن ثم فلا يسقط بالتقادم إلا الدعوى الشخصية التي تستمد وجودها من حق شخصي.
أما دعوى الاستحقاق التي تحمي حق الملكية فهي لا تسقط بالتقادم مهما طالت مدته.
لكن يمكن أن تدفع الدعوى بالتقادم المكسب إذا توافرت شروط الحيازة القانونية وذلك لأن المادة 968 مدنى صريحة في أن هذا التقادم يؤدي إلى کسب ملكية العقار والمنقول على حد سواء مما يجيز لحائز المنقول ولو كان سيئ النية أن يتمسك بتملكه بالتقادم الطويل المستند إلى حيازته القانونية أي بعنصريها المادي والمعنوي وخالية من عيوب الحيازة وبخاصة من عيب الخفاء وهو عيب كثيرا ما يشوب حيازة السارق لأنه يعتمد عادة إلى إخفاء الشيء ومن ثم فإن المنقول يتم تملكه بالتقادم المكسب الطويل ولا يجوز استرداده بعد ذلك.
وفيما يتعلق بالشئ الضائع يجب على من يعثر عليه اتباع الأحكام التي نص عليها الأمر العالي الصادر في 18 مايو سنة 1898 (بشأن العثور على الشيء أو الحيوان الضائع ورده إلى صاحبه أو التبليغ عنه) المعدل بالمادة 321 مكرراً من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم 29 لسنة 1982).
وتقضى المادة الأخيرة بأن من يعثر على شئ أو حيوان فاقد ولم يرده إلى صاحبه متى تيسر ذلك أو لم يسلمه إلى مقر الشرطة أو جهة الإدارة خلال ثلاثة أيام يعاقب بالحبس مع الشغل مدة لا تجاوز سنتين إذا احتبسه بنية تملكه أما إذا احتبسة بعد انقضاء تلك الفترة بغير نية التملك فتكون العقوبة الغرامة التي لا تجاوز مائة جنيه.
غير أنه إذا ثبت أن من عثر على الشيء الضائع قد احتفظ به بنية تملكه سواء كانت هذه النية معاصرة لوقت عثوره على الشيء أو وجدت بعد ذلك فإنه يكون في حكم السارق ويستطيع المالك بدعوى الاستحقاق أن يسترد الشيء منه كما يسترده من السارق ولو بعد انقضاء ثلاث سنوات من وقت الضياع أو حتى بعد انقضاء خمس عشرة سنة لأن دعوى الاستحقاق لا تسقط بالتقادم - كما ذكرنا- ولكن يستطيع من عثر على الشيء كما يستطيع السارق أن يمتلك المنقول الضائع بالتقادم المكسب الطويل إذا ظل حائزاً له مدة خمس عشرة سنة بنية التملك وكانت حيازته خالية من العيوب.
وإذا تجرد السارق أو العاثر عن الشيء فإنه لا يمكن توجيه دعوى الاستحقاق إليه طالما أن المنقول ليس في حيازته وإنما يجوز توجيه دعوی الاسترداد الشخصية إليه وهذه الدعوى تخضع بطبيعة الحال لحكم المادة 374 مدني فتسقط بمضي خمس عشرة سنة من وقت السرقة أو الضياع.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثالث عشر، الصفحة/ 916)
تقييد قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية ولأن الغرض من هذه القاعدة حماية واضع اليد حسن النية من دعوى الاسترداد التي يرفعها عليه الملك ولأن هذا الغرض إنما يبرره قصد المشرع تدعيم التعامل وتحقيق الثقة والاستقرار فيه من جهة واعتبار واضع اليد بحسن نية أولى بالرعاية من المالك الذي ترك المنقول المملوك له في يد غيره معرضاً نفسه بذلك لخطر تصرف هذا الغير إلى آخر حسن النية من جهة أخرى رأى المشرع أن يحد من تطبيق هذه القاعدة بأن يستثني منها الحالة التي يكون فيها المالك جديراً بالرعاية وهي الحالة التي يكون فيها المنقول قد فقد او سرق منه ثم تصرف فيه من وجده أو من سرقه و سلمه الى شخص آخر حسن النية.
فالقاعدة بشروطها المتقدمة تحمي الحائز الأخير ضد دعوى الملك ولكن المشرع آثر في حالة الضياع أو السرقة حماية المالك فنص في المادة 977 فقرة أولى على أنه «يجوز لمالك المنقول أو السند لحامله اذا فقده أو سرق منه أن يسترده ممن يكون حائزاً له بحسن نية وذلك خلال ثلاث سنوات من وقت الضياع أو السرقة.
وبناء على ذلك إذا توافرت شروط القاعدة المذكورة في الحائز لم يحل ذلك دون أن يسترد المالك الأصلي ماله المنقول من تحت يد الحائز إذا أثبت أن هذا المال لم يخرج من حيازته إلا من طريق الضياع أو السرقة وبشرط أن يرفع دعوى الاسترداد في ميعاد غايته ثلاث سنوات من تاريخ الضياع أو السرقة وتعتبر هذه المدة مدة سقوط لا مدة تقادم فلا يقف سريانها في حق القاصر أو المحجور عليه.
ويلاحظ أن الملك يجب عليه في هذه الحالة أن يثبت أولاً سند ملكيته وفقاً للقواعد العامة ولا يقبل منه الإثبات بالبينة حيث توجب هذه القواعد الإثبات بالكتابة كما يجب عليه أيضاً ان يثبت الضياع أو السرقة وتاريخه ويجوز له إثباتها بكافة الطرق.
ومتی أثبت المالك ذلك كله كان هو أولى من الحائز بالرعاية وحكم له بالاسترداد بالرغم من توافر حسن نية الحائز.
ولأن هذا الحكم استثناء وارد على قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية يقتصر تطبيقه على الحالتين المنصوص عليها حالتي السرقة والضياع ولا يجوز أن يقاس عليهما غيرهما كحالة خيانة الأمانة او حالة الغصب .
غير أن بعض الظروف قد تجعل الحائز أولى بالرعاية من الملك كان يكون قد اشترى المنقول بحسن نية في سوق أو مزاد علني أو اشتراه ممن يتجر في مثله فحينئذ يجعل المشرع لهذه الظروف وزناً و يشمل الحائز برعايته كما حاط المالك بحمايته فهو بعد أن خول المالك حق الاسترداد خلال ثلاث سنوات منح الحائز حسن النية الذي اشترى في مثل هذه الظروف الحق في أن يقتضي من الملك طالب الاسترداد الثمن الذي بذله هو في الحصول على المنقول وجعل له الحق في أن يحبس المنقول عن مالكه حتى يوفيه هذا بالثمن المذكور ( المادة 977 فقرة ثانية ) ويقع على الحائز عبء إثبات شرائه المنقول في سوق عام أو ممن يتجر في مثله .(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ السابع، الصفحة/ 369)
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
مادة953)
"1- يجوز لمالك المتقول أو السند لحامله أو لصاحب الحق العينی عليه ، اذا فقده أو سرق منه ، أن يسترده ممن يكون حائزاً له بسب صحیح وحسن نية، وذلك خلال ثلاث سنوات من وقت الفقد أو السرقة .
۲- فاذا كان من يوجد الشئ المسروق او الضائع في حيازته قد اشترى الشيء بحسن نية في سوق او مزاد علنی او اشتراه ممن يتجر في مثله ، فله أن يطلب ممن يسترده آن يعجل له الثمن الذي دفعه ۰
هذه المادة تتفق مع المادة 977 من التقنين الحالى.
وقد ادخلت على هذه المادة تعديلات لفظية . واضيف في الفقرة الاولى منها ما يستكمل حكمها.
انظر المذكرة الايضاحية للمادتين المقابلتين في المشروع التمهيدي للتقنين الحالى ( م 1428 و 1429) في مجموعة الاعمال التحضيرية ج 6 ص 514 و 515
والمادة المقترحة تطابق المادة 939 من التقنين الكويتي.
وتقابل المادة 1164 من التقنين العراقي.
وتقابل المادة 1190 من التقنين الاردني.
ولم يعرض الفقه الاسلامي للصورة التى تناولتها المادة المقترحة ولكن حكمها تنهض به اعتبارات العدالة.