مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس ، الصفحة : 528
مذكرة المشروع التمهيدي :
1 - إذا هلك الشيء في يد الحائز حسن النية، فلا يكون مسئولاً عنه ما دام أنه و كان يستغله وفقاً لما يحسب أنه حق له، ولا يرد للمالك إلا ما عاد عليه من فائدة بسبب هذا الهلاك أو التلف من مبلغ تأمين أو تعویض، ويتصل بهذا الحكم حكم من تسلم شيئاً وهو حسن النية وتصرف فيه بعوض، فيجب أن يرد ما قبضه من عوض ( أنظر م 257 من المشروع).
2 - أما إذا كان الحائز سيء النية، وهلك الشيء في يده، ولو بسبب أجنبي، فإن الحيازة مع سوء النية تعتبر خطأً كافياً لجعله مسئولاً عن هلاك الشيء .
ويلاحظ وجوب تقريب المادة 256 من المادة 1436 فهما تعرضان لمسألة واحدة، و من مجموع هذين النصين يستخلص أن الحائز السيء النية يلتزم برد قيمة الشيء وقت الهلاك أو الضياع أو التلف، وذلك دون إخلال بحق المالك في استرداد الشيء ولو تالفاً، مع التعويض عن نقص قيمته بسبب التلف، على أن الحائز لا يكون مسئولاً إذا هو أثبت أن الشيء كان يهلك أو يتلف حتى لو كان باقية في يد من يستحقه، شأنه في ذلك شأن المدين بتسليم شيء إذا كان قد أعذر (م 284 فقرة 2)، على أن الخائن إذا كان قد سرق الشيء يكون مسئولاً عن هلاكه حتى إذا تبين أن الشيء كان بهلاكه أيضاً لو بقي في يد المالك (م 284 فقرة 3).
وتنص المادة 984 مدنى على ما يأتى :
إذا كان الحائز سىء النية، فإنه يكون مسئولاً عن هلاك الشىء أو تلفه ولو كان ذلك ناشئاً عن حادث فجائي ، إلا إذا ثبت أن الشىء كان يهلك أو يتلف ولو كان باقيا في يد من يستحقه " .
مسئولية الحائز سيئ النية :
وإذا كان الحائز سيئ النية ، فإنه يكون مسئولا قبل المالك عن استعمال الشىء واستغلاله، فإذا نقصت قيمة الشىء بسبب الاستعمال أو الاستغلال، وجب عليه التعويض، وإذا جنى ثمار الشىء، فإنه يلتزم بردها إلى المالك كما سيجئ.
ويكون الحائز سيئ النية مسئولاً عن هلاك الشىء، سواء هلك الشيء بخطأه أو بسبب أجنبي، أما مسئوليته فيما إذا هلك الشىء بخطأه، فترجع إلى هذا الخطأ، وأما مسئوليته فيما إذا هلك الشىء بسبب أجنبي وبغير خطأه، فترجع إلى أنه سيئ النية فى حيازته للشىء، وقد نصت المادة 984 مدني صراحة على هذا الحكم، إذ تقول كما رأينا : " إذا كان الحائز سيئ النية، فإنه يكون مسئولاً عن هلاك الشيء أو تلفه، ولو كان ذلك ناشئاً عن حادث فجائي، إلا إذا ثبت أن الشيء كان يهلك أو يتلف ولو كان باقياً في يد من يستحقه"، ويحسن أن يوضع إلى جانب هذا النص نص المادة 207 مدني، ونص المادة 256 من المشروع التمهيدي، وقد حذفت فى لجنة المراجعة " تجنباً للتفصيلات"، أما المادة 207 مدني فتنص على أنه " 1 - إذا التزم المدين أن ينقل حقاً عينياً أو أن يقوم بعمل، وتضمن التزامه أن يسلم شيئاً ولم يقم بتسليمه بعد أن أعذر، فإن هلاك الشيء يكون عليه ولو كان الهلاك قبل الإعذار على الدائن. 2 - ومع ذلك لا يكون الهلاك على المدين ولو أعذر، إذا أثبت أن الشيء كان يهلك كذلك عند الدائن لو أنه سلم إليه ، ما لم يكن المدين قد قبل أن يتحمل تبعة الحوادث المفاجئة. 3 - على أن الشيء المسروق إذا هلك أو ضاع بأية صورة كانت، فإن تبعة الهلاك تقع على السارق" . وكانت المادة 256 من المشروع التمهيدي تنص على ما يأتى : " فإذا ضاع هذا الشيء أو تلف، التزم ( المدفوع له) برد قيمته وقت الضياع أو التلف إذا كان قد تسلمه وهو سيء النية، وذلك دون إخلال بحق من سلم هذا الشيء فى استرداده ولو تالف مع التعويض عن نقص قيمته بسبب التلف" وقد قربت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي بين هذه النصوص الثلاثة – المادة 984 مدنى والمادة 207 مدني والمادة 256 من المشروع التمهيدي – واستخلصت من هذا التقريب ما يأتي : " إذا كان الحائز سيئ النية، وهلك الشيء فى يده ولو بسبب أجنبي، فإن الحيازة مع سوء النية تعتبر خطأ كافياً لجعله مسئولاً عن هلاك الشىء، ويلاحظ وجوب تقريب المادة 256 (من المشروع التمهيدي) من المادة 1346 (من المشروع التمهيدي وقد أصبحت المادة 984 مدني) ، فهما تعرضان لمسألة واحدة، ومن مجموع هذين النصين يستخلص أن الحائز السيئ النية يلتزم برد قيمة الشىء وقت الهلاك أو الضياع أو التلف، وذلك دون إخلال بحق المالك فى استرداد الشيء ولو تالفاً مع التعويض عن نقص قيمته بسبب التلف، على أن الحائز لا يكون مسئولاً، إذا هو أثبت أن الشيء كان يهلك أو يتلف حتى لو كان باقياً فى يد من يستحقه، شأنه فى ذلك شأن المدين بتسليم شيء إذا كان قد أعذر ( م 284 / 2 من المشروع التمهيدي وقد أصبحت المادة 207 / 2 مدني)، على أن الحائز إذا كان قد سرق الشيء يكون مسئولاً عن هلاكه، حتى إذا تبين أنه كان يهلك أيضاً لو بقى فى يد المالك (م 184 / 3 من المشروع التمهيدي وقد أصبحت المادة 207 / 3 مدني).
فالقاعدة إذن أن الحائز السيء النية يكون مسئولاً عن هلاك الشئ ولو كان الهلاك بسبب أجنبي، فيرد للمالك قيمة الشيء وقت الهلاك، وذلك دون إخلال بحق المالك في استرداد الشيء ولو تالفاً مع التعويض عن نقص قيمته بسبب التلف، ولا يكون الحائز السيئ النية مسئولاً عن هلاك الشيء بسبب أجنبي، إذا هو أثبت أن الشيء كان يهلك حتى لو كان باقياً في يد المالك، وذلك ما لم يكن الحائز قد سرق الشيء، فإنه يكون مسئولاً عن هلاكه ولو كان الهلاك بسبب أجنبي، ولو أثبت الحائز أن الشيء كان يهلك حتى لو كان باقياً فى يد المالك.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ التاسع ، المجلد / الثاني ، الصفحة/ 1338)
يكون الحائز سيء النية مسئولاً قبل المالك عن استعمال العين فيلتزم برد ثمارها طوال فترة الاستعمال وكذلك بتعويض المالك عن نقص قيمة العين بسبب هذا الاستعمال، فإن هلكت العين أو تلفت أو ضاعت التزم يرد قيمتها رقت الهلاك أو التلف أو الضياع ولو كان ذلك بسبب أجنبي إلا إذا أثبت أن العين كانت تهلك أو تتلف أو تضييع حتى لو كانت يد المالك شأنه في ذلك شأن المدين بتسليم شيء بعد إعذاره، على أن هذا الحكم الأخير لا يسري بالنسبة للسارق فيتحمل تبعة الهلاك أو التلف أو الضياع حتى لو أثبت أن الشيء كان يهلك أو يتلف أو يضيع لو كان بيد المالك.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع عشر، الصفحة/ 205)
ظاهر من النص أن المشرع قد قسا على الحائز سيء النية جزاء وفاقاً على سوء نيته.
فهذا الأخير كما يسأل عن الثمار - كما رأينا سلفاً - يسأل كذلك عن هلاك الشيء أو تلفه سواء كان الهلاك أو التلف بخطأ منه، وترجع مسئوليته إلى خطئه، أو كان الهلاك بسبب أجنبي وبغير خطئه إذ ترجع مسئوليته هنا إلى أنه يكفي سوء نيته في حيازته.
وعلى ذلك يلتزم الحائز سئ النية بأن يرد إلى المالك قيمة الشئ وقت الهلاك أو الضياع أو التلف، حتي لو زادت هذه القيمة عما كانت عليه وقت المطالبة،لأن الزيادة في القيمة تكون من حق المالك . مع ملاحظة أنه إذا كانت القيمة وقت المطالبة أكبر مما صارت عليه وقت الهلاك أو التلف أو الضياع ، فإن الحائز سئ النية يلتزم برد القيمة وقت المطالبة، والسبب في ذلك أن الفرق يعد ربحاً قد فوته الحائز على المالك بتأخره في الرد ، حيث يشمل التعويض ما لحق المالك من خسارة وما فاته من كسب، وهذا كله دون إخلال بحق المالك في استرداد الشيء ولو تالفاً، مع حقه في الحصول على التعويض عما نقص في قيمة الشيء بسبب التلف.
دفع مسئولية الحائز سيء النية:
بعد أن نصت المادة 984 مدني في صدرها على مسئولية الحائز سئ النية أردفت في عجزها "إلا إذا ثبت أن الشيء كان يهلك أو يتلف ولو كان باقياً في يد من يستحقه".
وعلى ذلك يستطيع الحائز سئ النية دفع مسئوليته عن هلاك الشيء أو تلفه، إذا أثبت أن الشيء كان يهلك أو يتلف لا محالة ولو كان باقياً في يد المالك، شأنه في ذلك شأن المدين إذا هلك محل الالتزام في يده بعد إعذاره بتسليمه إذ تنص المادة 207 مدني في فقرتيها الأولى والثانية على أن:
1- "إذا التزم المدين أن ينقل حقاً عينياً أو أن يقوم بعمل، وتضمن التزامه أن يسلم شيئاً ولم يقم بتسليمه بعد أن أعذر، فإن هلاك الشيء يكون عليه ولو كان الهلاك قبل الإعذار على الدائن.
2- ومع ذلك لا يكون الهلاك على المدين، ولو أعذر، إذا أثبت أن الشيء كان يهلك كذلك عند الدائن لو أنه سلم إليه، ما لم يكن المدين قد قبل أن يتحمل تبعة الحوادث المفاجئة .
على أن الشيء إذا كان مسروقاً وهلك أو تلف أوضاع بأية صورة كانت، فإن تبعة الهلاك تقع على السارق، وذلك عملاً بالفقرة الثالثة من المادة 207 سالفة الذكر التي تقضي بأن:
على أن الشيء المسروق إذا هلك أوضاع بأية صورة كانت فإن تبعة الهلاك تقع على السارق".(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثالث عشر ، الصفحة/ 969)