مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس، الصفحة : 539
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- تعرض نصوص المواد من 1243 - 1247 لالتزامات المنتفع وهي التزامات تجب في ذمته لأن في يده رقبة العين المنتفع بها فيستطيع إذن أن يتخلص منها إذا هو تخلى عن حقه في الانتفاع وتدور الالتزامات كلها حول وجوب المحافظة على العين مراعاة لحق صاحب الرقية .
3 - فيجب على المنتفع أن يستعمل الشيء بحسب ما أعد له فإن استعمله في غير ذلك بحيث تصبح الرقبة في خطر جاز لصاحب الرقبة أن يمنعه من هذا الاستعمال غير المشروع وأن يطالبه بتأمينات فإذا أخل المنتفع بما يجب عليه من تقديم التأمينات أو من استعمال الشيء استعمالاً مشروعاً، جاز للقاضي أن ينزع العين من تحت يد المنتفع ويعهد بها إلى أمين يديرها ويسلم غلتها للمنتفع بل يجوز للقاضي أن يحكم بانتهاء حق الانتفاع مع المحافظة على حقوق الغير (كدائن مرتهن لحق الانتفاع ) إذا رأى مقتضياً لذلك (م 1243 من المشروع و تقابل م 20 / 39 من التقنين الحالي ).
1- البين من استعراض نصوص القانون المدنى فى المواد 985 إلى 995 منه أنه اعتبر حق الإنتفاع من الحقوق العينية وذلك بإدراجه فى باب الحقوق المتفرعة عن حق الملكية، وهو فى نظر القانون المصرى حق مالى قائم بذاته ولا يعتبر من القيود الواردة على حق الملكية، ومن ثم فإن حق الإنتفاع باعتباره من الحقوق العينية يخول صاحبة استعمال الشىء واستغلاله بنفسه أو بواسطة غيره دون قيود بشرط ألا يتجاوز حق الرقبة .
(الطعن رقم 2627 لسنة 60 جلسة 1994/11/03 س 45 ع 2 ص 1328 ق 250)
2- حق الملكية يغاير فى طبيعته وحكمه فى القانون حق الإنتفاع ، فحق الملكية هو جماع الحقوق العينية إذ مالك العقار يكون له حق إستعمال وحق إستغلال وحق التصرف فيه ، فإذا أنشأ هذا المالك لآخر حقاً بالإنتفاع فإن هذا الحق يجرد الملكية من عنصرى الإستعمال والإستغلال ولا يبقى لها إلا العنصر الثالث وهو حق التصرف فتصبح الملكية المثقلة بحق الإنتفاع هى ملكية الرقبة فيجتمع فى العقار حقان عينيان ، حق الرقبة للمالك وحق الإنتفاع للمنتفع ، وهذا الحق بالإنتقاع موقوت ينتهى بإنتهاء الأجل المعين له ، فإن لم يعين له أجل عد مقرراً لحياة المنتفع وينتهى على أى حال بموت المنتفع وفقاً لما تقضى به المادة 993 من القانون المدنى .
(الطعن رقم 1589 لسنة 55 جلسة 1987/12/03 س 38 ع 2 ص 1045 ق 221)
3- الدفع بالتقادم لا يتعلق بالنظام العام وينبغي التمسك به أمام محكمة الموضوع فى عبارة واضحة لا تحتمل الإبهام. ولا يغني عن ذلك طلب الحكم برفض الدعوى كما لا يغني عنه التمسك بنوع آخر من أنواع التقادم لأن لكل تقادم شروطه وأحكامه.
(الطعن رقم 531 لسنة 26 جلسة 1962/05/24 س 13 ع 1 ص 706 ق 105)
قواعد التقادم المسقط وسريانها على التقادم المكسب : تنص المادة 388 مدني فيما يتعلق بالتقادم المسقط على أنه :
1 - لا يجوز النزول عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه كما لا يجوز الاتفاق على أن يتم التقادم في مدة تختلف عن المدة التي عينها القانون .
2 - وإنما يجوز لكل شخص يملك التصرف في حقوقه أن ينزل ولو ضمناً عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه علي أن هذا النزول لا ينفذ في حق الدائنين إذا صدر إضراراً بهم فإذا طبقنا هذا النص علي التقادم المكسب خاص لنا ما يأتي :
1 - عدم جواز النزول عن التقادم المكسب مقدماً قبل ثبوت الحق فيه .
2 - جواز النزول عن التقادم المكسب بعد ثبوت الحق فيه .
3 - جواز النزول عن المدة التي انقضت في تقادم مكسب لم يكتمل وتقول العبارة الأخيرة من المادة 388 / 2 مدني كما رأينا علي أن هذا النزول لا ينفذ في حق الدائنين إذا صدر إضرار بهم وفي هذا تطبيق لقواعد الدعوى البوليصية على تصرف قانوني صدر من المدين هو نزوله عن التقادم بعد ثبوت حقه فيه وقد رأينا من قبل كيف أن المادة 387 / 1 مدني طبقت قواعد الدعوى غير المباشرة فأزالت الشبهة في جواز استعمال الدائنين لحق مدينهم في التمسك بالتقادم وهو حق متصل بشخصه بل هو رخصة لم ترق إلى مرتبة الحق والآن نرى أن المادة 388 / 2 مدني هي أيضاً تزيل الشبهة في جواز الطعن بالدعوى البوليصية في نزول المدين عن التمسك بالتقادم مع أن نزول المدين هذا تصرف لا ينقص من حقوقه ولا يزيد في التزاماته فكان الواجب لولا النص ألا يقع هذا التصرف تحت طائلة الدعوى البوليصية على أن القواعد الأخرى للدعوى البوليصية يجب تطبيقها هنا بدقة ومن ثم يشترط أن يكن نزول الحائز عن التمسك بالتقادم حتى يجوز الطعن فيه بالدعوى البولصية سبباً في إعسار الحائز أو في زيادة إعساره فإذا بقي الحائز موسراً بعد النزول عن التقادم فلا شأن لدائنيه بهذا النزول ما دامت حقوقهم مكفولة ولما كان نزول المدين عن التمسك بالتقادم لا يعتبر تبرعاً كما قدمنا فإنه يشترط لعدم نفاذ هذا النزول في حق الدائنين أن يكون منطوياً على غش من الحائز وأن يكون المالك الذي صدر لمصلحته هذا النزول على علم بهذا الغش .
تنص المادة 988 مدني على ما يأتي :
على المنتفع أن يستعمل الشىء بحالته التي تسلمه بها وبحسب ما أعد له وأن يديره إدارة حسنة.
وللمالك أن يعترض على أي استعمال غير مشروع أو غير متفق مع طبيعة الشىء فإذا أثبت أن حقوق في خطر جاز له أن يطالب بتقديم تأمينات فإن لم يقدمها المنتفع وظل على الرغم من اعتراض المالك يستعمل العين استعمالاً غير مشروع أو غير متفق مع طبيعتها فللقاضي أن ينزع العين من تحت يده وأن يسلمها إلى آخر يتولى إدارتها بلى له تبعاً لخطورة الحال أن يحكم بانتهاء حق الانتفاع دون إخلال بحقوق الغير.
مضمون الالتزام :
يتسلم المنتفع الشيء المنتفع به بالحالة التي هو عليها وقت بداية حق الانتفاع وليس له أن يلزم مالك الرقبة أن يسلمه الشىء في حالة حسنة إلا إذا تعهد مالك الرقبة بذلك تعهداً خاصاً .
ومتى تسلم الشىء على هذه الحالة فعليه أن يستعمله وفقاً لما أعده له المالك وأن يستثمر على النحو الذي يستثمره به المالك وذلك كله وفقاً لما أعد له الشىء بحسب طبيعته وعلى ذلك إذا كان الشىء داراً أعدت للسكن لم يجز له أن يحول هذه الدار إلى فندق أو إلى " بنسيون " أو إلى مخزن لحفظ البضائع أو نحو ذلك ولكن يجوز له أن يسكن الدار بنفسه أو أن يؤجرها للسكن وإذا كان الشىء أرضاً زراعية أعدت لزراعة أشجار الفاكهة أو لزراعة الزهور لم يجز للمنتفع أن يحولها إلى أرض زراعية للمحصولات العادية كالقطن والقمح والفول وأن يقتلع الأشجار المغروسة فى الأرض ولكن له أن يصلح الأراضي البور وأن يزرع فيها من المحصولات ما يلائمها ولا يعد هذا تغييراً في الاستعمال بل هو إصلاح فيه وإذا كان الشىء متجراً للأقمشة أو مصنعاً للزجاج لم يجز له أن يغير شيئاً من ذلك فيجعل المتجر مثلاً متجراً للأخشاب أو المصنع مصنعاً للمنسوجات وإذا كان الشىء سندات اسمية لم يجز له أن يحولها إلى سندات لحاملها فإن في هذا تغييراً جوهرياً في طبيعة الشىء فوق أنه يعد من أعمال التصرف والمنتفع لا يملك أن يقوم بهذه الأعمال .
ويجب عليه فى جميع الأحوال أن يدير العين إدارة حسنة فإذا كانت متجراً مثلاً وجب عليه أن يحسن إدارته أو كانت أرضاً وجب عليه ألا يتركها بوراً أو أن ينهكها بالزراعة فالعناية التي يجب عليها بذلها في إدارة الشيء واستغلاله هى عناية الرجل المعتاد فلا يجوز له أن ينزل عن هذا القدر من العناية حتى لو كان هو أو مالك الرقبة ينزل عنها في إدارة شئون نفسه.
جزاء الإخلال بالالتزام : فإذا استعمل المنتفع الشىء استعمالاً غير مشروع بأن استعمله لغير ما أعد له أو استعمالاً غير منفق مع طبيعته ونجم عن هذا الاستعمال خطر على الرقبة فلمالك الرقبة أن يطلب من المنتفع أن يكف عن هذا الاستعمال وله أيضاً أن يطالبه بتقديم تأمينات ككفيل أو رهن لضمان تعويض ما عسى أن ينجم من الأضرار عن هذا الاستعمال فإذا لم يقدم المنتفع التأمينات المطلوبة أو قدمها ولكنه استمر في سوء استعماله جاز للمالك أن يطلب من القاضي تسليم العين إلى أمين يتولى إدارتها ويعطي الغلة للمنتفع.
بل إن للقاضي بناء على طلب المالك إذا رأى سوء الاستعمال خطيراً إلى حد يستوجب إجراء أشد أن يحكم بإنهاء حق الانتفاع أي بإسقاطه قبل انتهاء مدته أو قبل موت المنتفع فيضيع على المنتفع المدة الباقية له من مدة الانتفاع ولكن يجب في هذه الحالة مراعاة حق الغير فإذا كان حق الانتفاع مرهوناً مثلاً احتفظ الدائن المرتهن بحقه وعلى ذلك ترد العين إلى المالك ولكن حق الانتفاع فيها المدة الباقية لهذا الحق مثقل بالرهن ويجوز للدائن المرتهن أن يحجز على حق الانتفاع محدوداً على هذا النحو لا على حق الملكية ويتقاضى حقه من ثمن حق الانتفاع بعد بيعه في المزاد .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ التاسع المجلد / الثاني، الصفحة/ 1458)
يلتزم المنتفع بأن يستعمل الشيء بحالته التي كان عليها وقت الاستلام فلا يطلب من المالك تحسينه وعليه استعماله وفقاً للطبيعة وللغرض الذي خصص من أجله فإن كان الشيء سيارة خاصة ما جاز للمنتفع تحويلها لسيارة أجرة أو أن ينتقل بها أفراداً بالأجر وأن كان الشيء مسكناً ما جاز له تحويله إلى فندق ولكن له سكناه أو تأجيره وأن كان الشیء بستاناً لم يجز للمنتفع قطع أشجاره وتحويله الزراعة المحصولات العادية وهكذا كما يلتزم أن يدير الشيء وأن يبذل في ذلك عناية الشخص المعتاد حتى لو كانت عنايته أو عناية المالك أقل من ذلك فيجب عليه تشحيم الآلات وعدم إرهاق الماشية سواء كانت في المنتفع بها أو كانت مخصصة لخدمة الأرض وألا يأخذ أثرية من الأرض فإذا أخل المنتفع بهذه الالتزامات المالك الرقبة إلزامه بالعدول عما يضر بالعين وله إلزامه بتقديم تأمين .
عيني أو شخصي فإن لم يفعل جاز تسليم العين الحارس لإدارتها وتسليم غلتها للمنتفع فإن كانت هناك خطورة على العين أمر القاضي بتسليمها لمالكها وإنهاء حق الانتفاع مالم يتعلق للغير حق به كما لو كان مرهوناً إذ للمرتهن التنفيذ على هذا الحق وبيعه بالمزاد. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع عشر، الصفحة/ 217)
ومقتضى التزام المنتفع باستعمال الشيء بحالته التي تسلمه بها احترام التصرفات التي أتاها المالك قبل بدء الانتفاع كعقد الإيجار الذي أبرمه المالك إذا يكون هذا العقد واجب الاستمرار.
والتزام المنتفع باستعمال الشيء بحسب ما أعد له، يتيح له أولاً استعمال الشيء، فيستخدمه في جميع الوجوه التي يجوز له أن يستعمله فيها كأن يسكن المنزل أو يركب السيارة أو الدابة أو يستعمل المنقولات.
ويقتضي ثانياً منه احترام تخصيص الشيء فيما أعد له وما كان متبعاً في الاستعمال من الملاك السابقين فإذا كان حق الانتفاع خاصاً بحصان للركوب فلا يجوز للمنتفع أن يستعمله للجر أو الحمل وإذا كان حق الانتفاع متعلقاً بمنزل للسكن فليس له أن يحوله إلى مقهى أو متجر إلا إذا كان الاتفاق بين المتعاقدين يجيز ذلك إما صراحة أو دلالة وذلك لأن استعمال الشيء استعمالاً يخالف ما وضع له يعتبر تصرفاً والمنتفع ليس له حق التصرف.
ومع ذلك فإن المنتفع لا يتقيد بذلك في بعض الصور كما في حالة ما إذا كانت الأرض التي ورد عليها الحق من الأراضي البور إذ يكون له أن يزرعها وفي هذه الحالة يمكن تبرير هذا على اعتبار أن الأراضي البور ليست معدة لغاية معينة والاستغلال المعقول لها يكون عن طريق زراعتها وفضلاً عن ذلك فإن هذا لا يعد تغييراً ولكنه تحسين للأرض كما أنه لا يتقيد كذلك بالعوائد السابقة التي كانت متبعة في الأراضي الزراعية إذ ورد الحق على أرض زراعية متى كان الهدف من الخروج عما كان متبعاً من قبل من أصحاب الأرض السابقين هو تحسين الزراعة .
كما أنه يكون للمنتفع أن يلائم بين الانتفاع في حدود الغرض الذي أعد له وبين التغيرات التي تحدثها العوامل الاقتصادية والاجتماعية على جوهر الشىء دون تدخل من المنتفعين أو من ملاك الرقبة كما هو الشأن في حالة ما إذا أدى التطور إلى تغيير منطقة زراعية إلى منطقة للبناء .
ويشمل حق الاستعمال حق الصيد والقنص فيكون للمنتفع أن يمارس هذا الحق وذلك ما لم يكن المالك قد سبق له تأجير هذا الحق حيث يجب على المنتفع أن يحترم حق المستأجر ولكن الأجرة تكون من حق المنتفع طوال مدة الانتفاع.
ويلتزم المنتفع بألا يسيء استعمال الشيء فيستعمله استعمالاً غير مشروع أو استعمالاً غير متفق مع طبيعته.
ولا يقتصر حق المنتفع على استعمال الشيء ذاته بل له الحق في استعمال الحقوق المقررة لمنفعة الشيء أيضاً كحقوق الارتفاق المقررة لصالح العقار كالمروي والمجرى.
ويتقيد المنتفع في استعمال الشيء كما يتقيد المالك بالقيود التي فرضها القانون في استعمال الشيء فلا يجوز أن يفتح مطلاً على الجار إلا في المسافة التي حددها القانون ولا أن يستعمل العقار الذي ينتفع به استعمالاً من شأنه أن يضر بالجار ضرراً غير مألوف.
وقد لا يستعمل المنتفع الشيء بنفسه بل يدعو غیره إلى استعماله تبرعاً دون مقابل كأن يستضيف بعض ذويه للإقامة في الدار التي ينتفع بها أو يعير السيارة التي له فيها حق الانتفاع أما إذا نزل عن الاستعمال للغير بمقابل فإن هذا يكون استغلالاً لا استعمالاً .
كما يلتزم المنتفع بألا يستعمل الشيء استعمالاً غير مشروع.
جزاء استعمال الشيء استعمالاً غير مشروع أو غير متفق مع طبيعة الشيء للمالك أن يعترض على أي استعمال غير مشروع للشئ أو غير متفق مع طبيعة الشيء على النحو الذي ذكرناه سلفاً.
فإذا أثبت المالك أن حقوقه أصبحت في خطر من جراء هذا الاستعمال كتهديد الشيء بالإتلاف جاز له أن يطالب المنتفع بتقديم تأمينات كرهن أو كفيل موسر يضمن الوفاء بما يستحق له من تعويض قبله إذا ما أتلف الشيء.
فإذا لم يقدم المنتفع التأمينات أو ظل على الرغم من اعتراض المالك يستعمل العين استعمالاً غير مشروع أو غير متفق عليه جاز للقاضي وبناء على طلب المالك أو من له مصلحة في ذلك كدائنيه مثلاً أن ينزع هذه العين من تحت يد المنتفع وأن يسلمها إلى أمين يتولى إدارتها لحساب المنتفع وتسليم غلتها إليه.
بل للقاضي بناء على طلب المالك أو من له مصلحة في ذلك إذا رأى أن سوء الاستعمال خطير إلى حد يستوجب إجراء أشد أن يحكم بانتهاء حق الانتفاع.
وفي هذه الحالة الأخيرة يجب مراعاة عدم الإخلال بحقوق الغير كالدائن المرتهن لحق الانتفاع فيجب أن يبقى هذا الحق للمرتهن بحيث يستطيع الحجز على حق الانتفاع طوال مدته الأصلية.
يكون لمالك الشئ حق استعماله وحق استغلاله أي الحصول على ثمراته وحق التصرف فيه.
فإذا أنشأ هذا المالك لأخر حقاً بالانتفاع فإن هذا الحق يجرد الملكية من عنصري الاستعمال والاستغلال ولا يبقى لها إلا العنصر الثالث وهو حق التصرف أما صاحب حق الانتفاع فيكون له الحق في استعمال الشيء واستغلاله فقط دون حق التصرف ونعرض في البنود التالية لسلطة المنتفع على الشيء تفصيلاً.
أولاً : أعمال الإدارة
(أ) الإيجار:
يعتبر الإيجار أظهر وأهم أعمال الإدارة.
ويثبت الحق في الإيجار للمنتفع فله أن يؤجر الشيء المنتفع به لاستثماره والحصول على أجرته فالأجرة هي الثمار المدنية للشيء.
غير أنه يجب ألا يترتب على هذا الإيجار كما قدمنا التغيير من تخصيص الشيء فالقانون يحرم على المنتفع استعمال الشيء في غير ما أعد له وهذا يقتضي بالضرورة عدم جواز تأجير الشيء بقصد استعماله في غرض يخالف ما أعد له الشيء.
ويجوز للمنتفع أن يؤجر حقه في الانتفاع إلى مالك الرقبة ولا يعترض على ذلك بأن مالك الرقبة يستأجر ماله وهذا لا يجوز لأن المالك هنا ليس له إلا الرقبة وهو يستأجر مالاً مستقلاً عنها هو الحق في الانتفاع فإذا مات المنتفع قبل انقضاء مدة الإيجار انتهى الإيجار باتحاد الذمة إذ يجتمع عند المالك صفة المستأجر وصفة المؤجر معاً.
مدة الإيجار الصادر من المنتفع
تنص المادة 560 مدني على أن : الإجارة الصادرة ممن له حق المنفعة تنقضي بانقضاء هذا الحق إذا لم يجزها مالك الرقبة على أن تراعى المواعيد المقررة للتنبيه بالإخلاء والمواعيد اللازمة لنقل محصول السنة.
فالقاعدة أن للمنتفع التأجير لأية مدة يراها بشرط ألا تزيد على مدة حق الانتفاع ذاته فلا يتقيد في التأجير بمدة ثلاث السنوات المنصوص عليها بالمادة 559 (مدني) لأنه عندما يؤجر لا يفعل ذلك بموجب حق الإدارة فهو لا يدير العين نائباً عن الغير وإنما يستعمل حقه الأصيل في الانتفاع.
ولما كان حق الانتفاع حق موقوت كما ذكرنا سلفاً فإنه إذا انقضى حق الانتفاع قبل نهاية مدة الإيجار بانتهاء مدته أو لموت المنتفع انفسخ الإيجار ولم يجز للمستأجر مطالبة المؤجر أو ورثته بتعويض عن ذلك.
ولا يستثنى من ذلك إلا حالة ورود حق الانتفاع على أحد الأماكن الخاضعة لقوانين إيجار الأماكن الاستثنائية أو الأراضي الخاضعة لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 (المعدل) بالإصلاح الزراعي - إبان سريانه - لأن أحكام هذه القوانين تقضي بامتداد عقد الإيجار امتداداً تلقائياً بقوة القانون بعد انتهاء مدته.
غير أن المادة 560 مدني نصت على أن: "الإجارة الصادرة ممن له حق المنفعة تنقضي بانقضاء هذا الحق إذا لم يجزها مالك الرقبة على أن تراعى المواعيد المقررة للتنبيه بالإخلاء والمواعيد اللازمة لنقل المحصول.
ومقتضى ذلك أنه إذا انقضى الإيجار بانقضاء حق الانتفاع كان لصاحب الرقبة خياران:
الخيار الأول :
أن يقر الإيجار الذي عقده المنتفع وفي هذه الحالة يظل الإيجار سارياً إلى الوقت المحدد له ولو جاوز مدة حق الانتفاع ويحل مالك الرقبة محل المنتفع في الحقوق والالتزامات المترتبة على الإيجار.
فانتهاء الإيجار بانتهاء حق الانتفاع مقرر لمصلحة مالك الرقبة وحده فلا يصح للمستأجر أن يطلب انتهاء الإيجار بسبب انتهاء المنفعة إذا أقره مالك الرقبة والدليل على ذلك قول المادة (560) أن الإيجار ينقضي بانقضاء حق المنفعة إلا إذا أقره مالك الرقبة وهذا الإقرار يصح أن يصدر أثناء سريان حق الانتفاع أو بعد زواله ولما يكون الإقرار صريحاً يصح أن يكون ضمنياً يستخلص من ظروف الحال لاسيما من علم مالك الرقبة بالإيجار وتركه المستأجر بعد انقضاء حق الانتفاع يضع يده على العين مدة معقولة.
أما إذا أجر المنتفع العين بادعاء أنه مالك لها وانتهى حق الانتفاع قبل انقضاء مدة الإيجار ولم يقر المالك الإيجار للمدة الباقية فإنه يجوز للمستأجر الرجوع على المنتفع أو على ورثته بتعويض يدفع من التركة.
الخيار الثاني:
ألا يقر المالك الإيجار:
وفي هذه الحالة يكون لمالك الرقبة طلب إخراج المستأجر من العين المؤجرة غير أنه يجب على مالك الرقبة أن يراعي المواعيد المقررة للتنبيه بالإخلاء المنصوص عليها بالمادة 563 مدني وإذا كانت العين أرضاً زراعية فإنه يجب على مالك الرقبة أيضاً أن يتمهل حتى تفوت المواعيد المقررة لنقل محصول السنة وفق ما يقتضيه عرف المهنة (م 117 مدني).
(ب) بيع المحصول :
يتفرع عن سلطة الإدارة المخولة للمنتفع أن يكون له الحق في بيع المحصول وقبض ثمنه فهو من حقه كما له أن يبيع الزرع قائماً حتى ولو انقضى حق الانتفاع قبل الجني وعندئذ تسري أحكام الفقرة الثانية من المادة 993 مدني التي تقضي بأن: وإذا كانت الأرض المنتفع بها مشغولة عند انقضاء الأجل أو موت المنتفع بزرع قائم تركت الأرض للمنتفع أو لورثته إلى حين إدراك الزرع على أن يدفعوا أجرة الأرض عن هذه الفترة من الزمن .
(ج) استيفاء الحقوق:
إذا كان حق الانتفاع مقرراً على أموال من بينها دين من الديون أو كان وارداً مباشرة على دين كان للمنتفع الحق في اقتضاء الدين عند حلول أجله ودياً أو قضاء وإعطاء مخالصة عنه تكون حجة على صاحب الحق وإذا كان حق الانتفاع لم ينقض أجله بعد تحول حق الانتفاع إلى شبه انتفاع على المبالغ التي اقتضاها من الحين حيث يجوز له استثمارها والتصرف فيها ورد مثلها عند نهاية الانتفاع.
وإذا هلك الشيء المنتفع به واستحق عنه تعويض أو مبلغ التأمين أو مقابل نزع ملكيته للمنفعة العامة فإن حق المنتفع ينتقل إلى هذا المقابل حيث تقضي الفقرة الأولى من المادة 994 مدني بأن: ينتهي حق الانتفاع بهلاك الشيء إلا أنه ينتقل من هذا الشيء إلى ما قد يقوم مقامه من عوض ويعد هذا الحكم من تطبيقات فكرة الحلول العيني و يحق للمنتفع قبض هذه المبالغ وإعطاء مخالصة بها وله أن يستثمرها والتصرف فيها على أن يرد مثلها عند نهاية حق الانتفاع ويجوز للمالك أن يطالب المنتفع بتقديم كفالة وللمحكمة عند الضرورة أن تقرر الطريقة التي يستغل بها المنتفع تلك الأموال.
(د) حضور جلسات الجمعيات العمومية للشركات:
إذا كان محل الانتفاع أسهما أو حصصاً في شركات كان من حق المنتفع دون مالك الرقبة حضور جلسات الجمعية العمومية للشركة سواء كانت الجمعية عادية أو غير عادية فهذا الحضور يعد من أعمال الإدارة حتى لو كان من بين قرارات هذه الجمعية عملاً من أعمال التصرف أو كان من بين قراراتها تعديل نظام الشركة .
التزام المنتفع بإدارة الشيء إدارة حسنة:
تنص الفقرة الأولى من المادة على التزام المنتفع بإدارة الشیء محل الانتفاع إدارة حسنة.
فيلتزم المنتفع بأن يبذل في إدارة الشيء محل الانتفاع، عناية الرجل المعتاد.
فلا يتطلب منه عنايته أو عناية المالك في أموال نفسه إذا كانت تزيد على عناية الرجل المعتاد.
كما لا يقبل منه النزول عن عناية الرجل المعتاد حتى لو كان هو أو مالك الرقبة ينزل عنها في إدارة شئونه.
فإذا كان محل حق الانتفاع أرضاً زراعية وجب عليه ألا ينهكها فى الزراعة أو يتركها بوراً أو يأخذ منها أتربة بحيث يهبط مستواها بما يؤثر على إنتاجيتها.
ثانياً: رهن المنتفع لحق الانتفاع :
يجوز للمنتفع أن يرهن حق الانتفاع رهناً رسمياً إذا كان عقاراً أو رهناً حيازياً إذا كان منقولاً.
وما يجوز رهنه هو حق الانتفاع لا الثمار الناتجة منه لأن للمنتفع الحق في تحصيل الثمار ومتى دخلت في ذمته المالية أصبحت ضماناً عاماً لكل الدائنين.
ويجوز لدائني المنتفع أخذ حق اختصاص على حق الانتفاع إذا كان واقعاً على عقار كما يجوز أن يترتب على حق الانتفاع امتياز بائع العقار أو امتياز بائع المنقول إذا كان المنتفع قد اشترى حق الانتفاع على عقار أو منقول ولم يدفع ثمنه.
ويلاحظ أن التأمين الذي يرد على حق الانتفاع يكون ضعيفاً لأنه ينتهي بانتهاء حق الانتفاع وخصوصاً بموت المنتفع.
وإذا لم يوفي المنتفع بالدين المضمون بيع حق الانتفاع لا العين نفسها بالمزاد ليقتضي الدائن صاحب حق الرهن دينه من حصيلة البيع.
ثالثاً : أعمال التصرف:
لا يملك المنتفع كما رأينا رقبة الشيء المنتفع به وعلى ذلك لا يجوز له التصرف في الرقبة وإذا باعها كان بائعاً لملك غيره غير نافذ في حق مالك الرقبة.
وإذا كان هناك حق ارتفاق مقرر لمصلحة العقار المنتفع به فليس للمنتفع النزول عن حق الارتفاق وإنما كل ما يملكه في هذا الصدد هو التعهد بعدم استعماله ولاينفذ هذا التعهد في حق مالك الرقبة ولكن إذا كنا بصدد شبه انتفاع كان للمنتفع التصرف في الرقبة على أن يرد مثلها أو قيمتها عند نهاية الانتفاع.
ولما كان حق الانتفاع ليس من الحقوق اللصيقة بصاحبها فإنه يجوز للمنتفع أن ينزل عن حق الانتفاع للغير دون إذن المالك وذلك ما لم يكن في السند المقرر لحق الانتفاع ما يمنع من ذلك.
فيجوز للمنتفع أن ينزل عن حق الانتفاع سواء بمقابل أو بغير مقابل فيجوز له بيعه أو المقايضة عليه أو جعله حصة في شركة أو أن ينزل عنه الدائنه مقابلاً لوفاء الدين وله أن يهبه مع مراعاة قواعد الشكلية والتسجيل إذا وقع حق الانتفاع على العقار وليس له أن يوصي به لأن حق الانتفاع ينتهي حتماً بوفاة المنتفع.
وإذا نزل المنتفع عن حقه لغيره فإنما ينزل عنه بما يقترن به من أوصاف وما يتهدده من أسباب الانقضاء وعلى ذلك إذا انتهى حق الانتفاع الأصلي الانتهاء أجله أو لموت المنتفع زال بالتالي حق المتنازل إليه فحق المتنازل إليه موقوت بحياة المنتفع الأصلي لا بحياته هو.
ونزول المنتفع عن حقه للغير لا يخلصه من الالتزامات التي يلتزم بها أمام مالك الرقبة فمالك الرقبة يعتبر أجنبياً بالنسبة لهذا النزول ولذلك وجب ألا يضار بسببه بأي وجه من الوجوه.
وكما يجوز النزول عن حق الانتفاع يجوز كذلك الحجز عليه من دائني المنتفع وهذا ما لم يشترط عدم النزول عن الحق و عدم جواز الحجز عليه.
رابعاً : القيام بالأعمال التحفظية:
يستطيع المنتفع القيام بالأعمال التحفظية ويعتبر في ذلك نائباً عن مالك الرقبة وله بناء على ذلك قطع التقادم الساري ضد المالك.
إقامة المنتفع بناء أو غراس على العقار محل الانتفاع:
كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني يشتمل على مادة برقم (1242) تنص على أن:
ليس للمنتفع أن يحدث أي بناء أو غراس بغير رضاء المالك وعليه أن يثبت هذا الرضاء بالكتابة أو بما يقوم مقامها إلا أن لجنة المراجعة حذفت هذا النص دون بيان أسباب هذا الحذف.
ويبدو أنها اكتفت بالقواعد العامة.
والقواعد العامة في هذا الشأن تفرق بين فرضين:
الفرض الأول :
أن يكون المنتفع قد حصل على ترخيص من المالك بإقامة البناء أو الغراس.
وحينئذ يعتبر المنتفع قد بني أو غرس بحسن النية وذلك تسري عليه أحكام المادتين 925، 926 مدني، فيتملك صاحب الرقبة البناء أو الغراس بالالتصاق وعليه أن يدفع للمنتفع أدنى القيمتين قيمة المواد وأجر العمل أو قيمة زيادة ثمن الأرض بسبب البناء أو الغراس وللمنتفع إذا شاء أن يطلب نزع البناء أو الغراس من الأرض على أن يعيدها إلى أصلها ولكن ليس لمالك الرقبة أن يطلب إزالة البناء أو الغراس.
ويقع على عاتق المنتفع إثبات حصوله على الترخيص بالبناء أو الغراس ويتبع في الإثبات القواعد العامة.
الفرض الثاني:
أن يكون المنتفع قد أقام البناء أو الغراس دون ترخيص من المالك.
وحينئذ يعتبر المنتفع سئ النية وتسري عليه أحكام المادة 924 مدني.
فيجوز للمالك أن يطلب إزالة البناء أو الغراس وإلا تملكه بالالتصاق على أن يدفع أدنى القيمتين: قيمة البناء أو الغراس مستحق الإزالة أو قيمة ما زاد في ثمن الأرض بسبب البناء أو الغراس.
الدعاوى التي يباشرها المنتفع:
هناك نوعان من الدعاوى يباشرها المنتفع: النوع الأول ينصب على الدعاوى المتعلقة بحق الانتفاع نفسه والنوع الثاني يتعلق بالحقوق التي يتضمنها حق الانتفاع.
ونعرض لهما فيما يلي:
النوع الأول من الدعاوى:
يتمثل هذا النوع في رفع المنتفع الدعاوى الآتية:
(1) دعوى الإقرار بحق الانتفاع
وهي الدعوى التي تقابل دعوى الاستحقاق في الملكية وبموجبها يستطيع أن يطالب بالشيء محل الانتفاع من أي حائز له كما يستطيع استعمال هذه الدعوى ضد المالك عند الاقتضاء .
دعاوى الحيازة:
يجوز للمنتفع رفع كافة دعاوي الحيازة لأن المنتفع وإن كان حائزاً مجرداً بالنسبة لملكية الشيء إلا أنه حائز بالنسبة لحق الانتفاع فالحيازة المنصبة على الملكية إنما تكون المالك الرقبة أما حيازة الحق فهي للمنتفع فالمنتفع يحوز الحق لحسابه الخاص.
ويستطيع المنتفع رفع دعاوي الحيازة حتى ضد مالك الرقبة إذا تعرض له في انتفاعه أو انتزع منه تلك الحيازة.
وإذا نجح المنتفع في دعوى الحيازة التي يرفعها على المالك جاز له أن يحتج بهذه الحيازة فتقوم قرينة لصالحه على أنه هو صاحب حق الانتفاع إلى أن يثبت المالك عكس ذلك.
(3) الدعوى الشخصية بالتسليم:
يجوز للمنتفع رفع الدعوى الشخصية بالتسليم يستند فيها إلى السند المنشئ لحقه ويرفعها ضد منشئ الحق أو ورثته للمطالبة بتسليم الأشياء المقرر عليها الانتفاع.
(4) دعوى تعيين الحدود:
للمنتفع رفع دعوى تعيين الحدود لأن له - كما للمالك- مصلحة في بيان حدود العقار الذي يستعمل عليه حقه.
(5) دعوى القسمة:
للمنتفع الحق في رفع دعوى القسمة في حالة ما إذا كان الانتفاع شائعاً بينه وبين الغير وسواء كان هذا الغير منتفعاً معه أو مالكاً.
وعليه إدخال مالك الرقبة في هذه الدعوى والدعوى السابقة وهي دعوى تعيين الحدود وإلا ترتب على ذلك ألا يكون الحكم الصادر فيها حجة عليه.
والنوع الثاني:
هو الدعاوى الخاصة بحماية الحقوق التي يتضمنها حق الانتفاع مثل دعوى إلزام المدينين بالحقوق المنتفع بها لكي يستوفيها منهم ويعد مسئولاً عنها قبل المالك.
وكذا رفع دعاوي التأمينات التي تضمن هذه الحقوق كرهن أو امتياز أو كفالة أو غيرها من الدعاوى المتصلة بالحقوق محل الانتفاع.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الرابع عشر، الصفحة/ 26)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السادس ، الصفحة / 305
وجوه الانْتفاع
الانْتفاع بالشّيْء إمّا أنْ يكون بإتْلاف الْعيْن أوْ ببقائها، وفي هذه الْحالة إمّا أنْ ينْتفع الشّخْص من الْعيْن بالاسْتعْمال أوْ بالاسْتغْلال. فالْحالات ثلاثٌ:
(الْحالة الأْولى) الاسْتعْمال:
22 - يحْصل الانْتفاع غالبًا باسْتعْمال الشّيْء مع بقاء عيْنه، وذلك كما في الْعاريّة، فإنّ الْمسْتعير ينْتفع بالْمسْتعار باسْتعْماله والاسْتفادة منْه، ولا يجوز له أنْ ينْتفع باسْتغْلاله (تحْصيل غلّته) أو اسْتهْلاكه؛ لأنّ منْ شروط الْعاريّة إمْكان الانْتفاع بها مع بقاء عيْنها. والْمسْتعير يمْلك الْمنافع بغيْر عوضٍ، فلا يصحّ أنْ يسْتغلّها ويمْلكها غيْره بعوضٍ
هذا عنْد الْجمْهور، وذهب الْمالكيّة إلى أنّ مالك الْمنْفعة بالاسْتعارة له أنْ يؤجّرها خلال مدّة الإْعارة
وكذلك الإْجارة فيما يخْتلف باخْتلاف الْمسْتعْمل أوْ إذا اشْترط الْمالك على الْمسْتأْجر الانْتفاع بنفْسه. فالانْتفاع في هذه الْحالة قاصرٌ على شخْص الْمسْتأْجر، ولا يجوز له أنْ يسْتهْلك الْمأْجور أوْ يسْتغلّه بإجارته للْغيْر؛ لأنّ عقْد الإْجارة يقْتضي الانْتفاع بالْمأْجور مع بقاء الْعيْن. وليْس له إيجارها فيما يخْتلف باخْتلاف الْمسْتعْمل
(الْحالة الثّانية) الاسْتغْلال:
23 - قدْ يحْصل الانْتفاع باسْتغْلال الشّيْء وأخْذ الْعوض عنْه، كما في الْوقْف والْوصيّة إذا نصّ عنْد إنْشائهما على أنّ له أنْ ينْتفع كيْف شاء، فإنّ الْموْقوف عليْه والْموصى له يسْتطيعان أنْ يؤجّرا الْعيْن الْموْقوفة والْموصى بمنْفعتها للْغيْر إذا أجازهما الْواقف والْموصي منْ غيْر خلافٍ
(الْحالة الثّالثة) الاسْتهْلاك:
24 - قدْ يحْصل الانْتفاع باسْتهْلاك الْعيْن كالانْتفاع بأكْل الطّعام والشّراب في الْولائم والضّيافات، والانْتفاع باللّقْطة إذا كانتْ ممّا يتسارع إليْه الْفساد. وكذلك عاريّة الْمكيلات والْموْزونات والأْشْياء الْمثْليّة الّتي لا يمْكن الانْتفاع بها إلاّ باسْتهْلاكها، فإنّهمْ قالوا: عاريّة الثّمنيْن (الذّهب والْفضّة) والْمكيل والْموْزون والْمعْدود قرْضٌ، لأنّه لا يمْكن الانْتفاع بها إلاّ باسْتهْلاك عيْنها وردّ مثْلها .
___________________________________________________________
مجلة الأحكام العدلية
مادة (13) الدلالة
لا عبرة للدلالة في مقابلة التصريح.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفور له (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
(مادة 13)
الانتفاع الجائز هو حق المنتفع في استعمال العين واستغلالها ما دامت قائمة على حالها وإن لم تكن رقبتها مملوكة.
(مادة 29)
لمالك المنفعة دون العين بعقد تبرع أو إجارة أن يتصرف في العين المنتفع بها التصرف المعتاد إذا كان عقد المنفعة مطلقاً غير مقيد بقيد.
فإن كان مقيدا بقيد فله أن يستوفيه بعينه أو يستوفي مثله أو ما دونه وليس له أن يتجاوزه إلى ما فوقه.
(مادة 214)
عقد المعاوضة من الجانبين إذا وقع على منافع الأعيان المالية مستوفياً شرائط الصحة والنفاذ يستوجب التزام المتصرف في العين بتسليمها للمنتفع والتزام المنتفع بتسليم ما استحق من بدل المنفعة لصاحب العين.