مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس، الصفحة : 547
مذكرة المشروع التمهيدي :
في حق الانتفاع بالمنقول يلتزم المنتفع فوق ما تقدم أن يجرد الشيء وأن يقدم كفالة به شخصية أو عينية وإلا بيع المنقول ووظف ثمنه في شراء سندات عامة (أي للحكومة) يستولى المنتفع على أرباحها ولا يدخل في هذه الأرباح ما عسى أن يكسبه السند من جائزة كما يقع في بعض الأحيان وإذا قدم المنتفع كفالة فله أن يستعمل المنقول فما أعد له وما كان منه يهلك بالاستعمال برد مثله عند انتهاء الحق وله في المواشي النتاج بعد أن يعوض منها ما نفق من الأصل بحادث جبري.
1- البين من استعراض نصوص القانون المدنى فى المواد 985 إلى 995 منه أنه اعتبر حق الإنتفاع من الحقوق العينية وذلك بإدراجه فى باب الحقوق المتفرعة عن حق الملكية، وهو فى نظر القانون المصرى حق مالى قائم بذاته ولا يعتبر من القيود الواردة على حق الملكية، ومن ثم فإن حق الإنتفاع باعتباره من الحقوق العينية يخول صاحبة استعمال الشىء واستغلاله بنفسه أو بواسطة غيره دون قيود بشرط ألا يتجاوز حق الرقبة .
(الطعن رقم 2627 لسنة 60 جلسة 1994/11/03 س 45 ع 2 ص 1328 ق 250)
تنص المادة 992 مدني على ما يأتي :
1- إذا كان المال المقرر عليه حق الانتفاع منقولاً وجب جرده ولزم المنتفع تقديم كفالة به فإن لم يقدمها بيع المال المذكور ووظف ثمنه في شراء سندات عامة يستولى المنتفع على أرباحها.
2- والمنتفع الذي قدم الكفالة أن يستعمل الأشياء القابلة للاستهلاك وإنما عليه أن يرد بدلها عند انتهاء حقه في الانتفاع وله نتاج المواشي بعد أن يعوض منها ما نفق من الأصل بحادث مفاجئ.
الاقتصار فى هذا الالتزام على المنقول دون العقار : في ترتيب التزام في ذمة المنتفع بالجرد وبتقديم كفالة يقتصر التقنين المدني المصري كما نرى من النص سالف الذكر على المنقول دون العقار أما العقار فلا يلتزم المنتفع في شأنه بأن يحرر بياناً عنه ولا أن يقدم كفالة به وهذا بخلاف التقنين المدني الفرنسي فإنه يوجب الجرد في المنقول وتحرير البيان في العقار ويوجب في الحالتين على المنتفع تقديم كفالة وقد سار التقنين المدني المصري الجديد في ذلك على سنة التقنين المدني المصري السابق فقد كان هذا التقنين أيضاً لا يوجب الجرد ولا الكفالة إلا فى المنقول.
الانتفاع بالأشياء القابلة للاستهلاك والانتفاع بقطيع من المواشي إحالة : وتقول الفقرة الثانية من المادة 992 مدني كما رأينا إن للمنتفع الذي قدم الكفالة أن يستعمل الأشياء القابلة للاستهلاك وإنما عليه أن يرد بدلها عند انتهاء حقه فى الانتفاع وله نتاج المواشي بعد أن يعوض منها ما نفق من الأصل بحادث مفاجئ وهذا النص يشير فيما يتعلق بالأشياء القابلة للاستهلاك إلى شبه حق الانتفاع وقد سبق الكلام ذلك كما يشير فيما يتعلق بالمواشي إلى الانتفاع بقطيع من المواشي وقد سبق أيضاً الكلام فيه فتحيل هنا إلى ما قدمناه هناك.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ التاسع، المجلد / الثاني، الصفحة/ 1695)
أن كان الشيء منقولاً فيجب على المنتفع تحرير محضر جرد بأوصاف المنقول وبقيمته وأن حرر هذا المحضر بعد المدة المقررة لبدء الانتفاع وكان المنتفع لم يتسلم المنقول بعد فيكون له الحق في ثماره من تاريخ بدء الانتفاع الوارد بسنده ولمالك الرقبة ألا يسلم المنقول للمنتفع إلا بعد تحرير محضراً بجرده وليس لهذا المحضر شكل خاص فقد يكون بورقة رسمية أو عرفية موقع عليها من الطرفين ويجوز للمالك إعفاء للتفع منه بالسند الذي أنشأ حتى الانتفاع.
وحتى يأمن المالك على منقوله من التبديد أوجب المشرع على المنتفع أن يقدم له كفالة يرجع المالك عليها عند تبديد المنقول أو نقده لو تلفه فإن لم يقدمها فلا يكون له الحق في تسلم المنقول فإن قدمها بعد الفترة المقررة لبدء الانتفاع تسلم المنقول وثماره التي أنتجها منذ بدء الانتفاع ويجوز للمالك أعفاء المنتفع من تقديم الكفالة إعفاء صريحاً أو ضمنياً وإذا امتنع المنتفع عن تقديم الكفالة فللمالك أن يطلب من المحكمة بيع المنقول وشراء سندات حكومية بالثمن يكون للمنتفع أرباحها أما ما قد تكسبه من جائزة فتكون للمالك وتعود السندات لمالك الرقبة بانتهاء الانتفاع وللمنتفع أن يستعمل الأشياء القابلة للاستهلاك وعليه رد بدلها عند انتهاء الانتفاع وله نتاج المواشي بعد أن يعوض منها ما نفق من الأصل بحادث مفاجئ.
وللمالك أن يعلق تنفيذ التزامه بتسليم المنقول للمنتفع على شرط تقديم كفالة بعينها المالك بالمحرر المنشيء لحق الانتفاع بحيث إن لم يقدم المنتفع هذه الكفالة فلا يجوز للمنتفع إلزام المالك بالتسليم وذلك إعمالاً بالدفع بعدم التنفيذ.
فإن لم يعين المالك الكفالة وجب على المتقع أن يقدم كفيلاً مقتدراً ويكفي في ذلك أن يقدم خطاب ضمان من أحد البنوك أو يودع لدى أمين يقبله المالك نقوداً أو أوراق مالية كالأسهم أو السندات مع تفويض ببيعها على أن تكون كافية للغرض من إيداعها فإذا امتنع المالك عن تنفيذ التزامه بالتسليم قولاً بعدم كفاية الكفالة فصلت المحكمة في هذا النزاع.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع عشر، الصفحة/ 222)
إذا كان الشيء المقرر عليه حق الانتفاع منقولاً وجب جرده أما إذا كان الشيء عقاراً فلا يلزم جرده.
وقصر الشارع الجرد على المنقول دون العقار استناداً على أن المنقولات أكثر تعرضاً للضياع والتلف وأن العقار لا يخشى عليه وقل أن يحدث في ذاتيته أو في قيمته خلاف.
ويقصد بالجرد تحرير محضر يثبت فيه نوع المنقول وأوصافه وحالته وقت بدء الانتفاع وليس من الضروري أن يشمل تقويم الأشياء الموصوفة وإذا ذكرت في الجرد قيمة المنقولات فلا يفيد ذلك انتقال ملكيتها إلى المنتفع إلا إذا كان هذا هو قصد المتعاقدين الصريح أو الضمني.
على أن تقويم المنقولات يساعد على تعيين التعويض الواجب دفعه عند انتهاء حق الانتفاع على المنقولات التي لا يردها المنتفع.
ولم يستلزم الشارع شكلاً معيناً في محضر الجرد فلا يشترط أن يكون في ورقة رسمية بل يكفي أن يكون في ورقة عرفية.
إنما يجب أن يوقع عليه من المالك والمنتفع.
ونفقات الجرد على المنتفع لأنه هو الذي يقع على عاتقه قانوناً القيام بهذا الجرد.
وسبب اشتراط الجرد هو معرفة ما يجب رده عند انتهاء الانتفاع واتقاء سوء نية المنتفع لاحتمال إنكاره تسلم بعض الأشياء والادعاء بتسلمها بحالة سيئة.
الالتزام بتقديم كفالة:
أوجبت المادة على المنتفع بعد إجراء الجرد تقديم كفالة لمالك الرقبة.
والقصد من هذه الكفالة من ناحية - ضمان المنتفع في التزاماته أمام المالك وعلى الخصوص في التزامه باستعمال الشيء والانتفاع به ومن ناحية أخرى احتمال تبديد المنتفع الشيء المقرر عليه حق الانتفاع أو إتلافه والخوف من عدم قيامه بتعويض الضرر إذا كان معسراً.
ويجب أن يكون الكفيل موسراً ومقيماً في مصر (م 774).
ويجوز للمنتفع أن يقدم عوضاً عن الكفيل تأميناً عينياً كافياً (م 774 مدني) کرهن رسمي أو حيازي.
ويجوز إعفاء المنتفع من تقديم الكفالة إذا اتفق على ذلك فقد رأينا أن المادة 986 تنص على أن يراعى في حقوق المنتفع والتزاماته السند الذي أنشأ حق الانتفاع وكذلك الأحكام المقررة في المواد التي تليها.
وإذا كانت السندات المنتفع بها سندات لحاملها فإن تحويلها إلى سندات اسمية تسجل بإسم مالك الرقبة بالنسبة للرقبة وبإسم المنتفع بالنسبة إلى حق الانتفاع يكون ضماناً كافياً ويعفي المنتفع من تقديم كفالة.
استعمال المنتفع الأشياء القابلة للاستهلاك :
للمنتفع الذي قدم الكفالة أن يستعمل الأشياء القابلة للاستهلاك وإنما عليه أن يرد بدلها عند انتهاء حقه في الانتفاع.
وهذا الحكم يتمشى مع نظرية شبه حق الانتفاع.
انتفاع المنتفع بالمواشي
تنص الفقرة الثانية من المادة 992 على أن:
والمنتفع.... وله نتاج المواشي بعد أن يعوض منها ما نفق من الأصل بحادث مفاجئ.
ويذهب الفقه إلى أن هذا النص يتناول حق الانتفاع الذي يترتب على قطيع من المواشي والأغنام والإبل ويرد عليها كمجموع فعلي من المال فلا يسرد على كل رأس على حدة مستقل عن الرؤوس الأخرى .
فيكون من حق المنتفع الحصول على ألبانها وأصوافها واستخدام القطيع في تسميد الأرض كما يكون له نتاج هذا القطيع ولكن بعد أن يعوض منه ما نفق من القطيع بحادث مفاجئ فلا يستحق حينئذ من ذلك النتاج إلا ما يبقى منه بعد هذا التعويض وهذا يؤكد أن النتاج يعد مندمجاً في مجموع القطيع ولا يشترط أن يكون التعويض من النتاج الذي يوجد بعد نفوق ما نفق من الأصل بل يكون أيضاً من النتاج الذي وجد قبل ذلك بل ومن ثمن هذا النتاج إذا ما تصرف فيه المنتفع وقت أن كان أصل القطيع كاملاً.
وإلزام المنتفع باستعاضة ما نفق من الأصل سببه أن ما هلك من المواشي إنما أصيب في مدة استعماله لها وليس هناك من ضرر كبير عليه من استعاضة تأتي من الزيادة التي تحصل من النتاج.
أما إذا لم تحصل زيادة فلا يكون مسئولاً عن تعويض ما ينفق منها إلا إذا كان هلاكها حصل بتقصيره.
أما إذا كان النفوق بخطأ الغير أو خطأ المنتفع ذاته كان هذا الغير أو المنتفع هو المسئول عن التعويض كاملاً ولو زاد ما أنفق على مقدار الإنتاج.
وإذا نفق القطيع كله بحادث مفاجئ أو بمرض دون خطأ من المنتفع فلا يكون المنتفع ملزماً قبل المالك إلا برد الجلود أو قيمتها وللمنتفع أن يتصرف في القطيع إذا أصبح غير صالح لما أعد له من نتاج على أن يعوض ما تصرف فيه منها بنتاج القطيع أو ثمن هذا النتاج.
غير أن القطيع إذا كان ملحقاً بأرض زراعية ورد عليها حق الانتفاع وجب اعتباره تابعاً للأرض لا مستقلاً بذاته ولا يكون للمنتفع حق في نتاجه إلا بعد أن يعزز القطيع بالنتاج الضروري لحاجات الاستغلال الذي أعدت الأرض له.
جزاء عدم القيام بالجرد :
لم يبين القانون الجزاء المترتب على عدم القيام بالجرد ولذلك وجب تطبيق القواعد العامة فلمالك الرقبة أن يمتنع عن تسليم المنقولات إلى المنتفع حتی يقوم بهذا الجرد.
جزاء عدم تقديم المنتفع الكفالة:
تنص الفقرة الأولى من المادة في عجزها على أن: فإن لم يقدمها بيع المال المذكور ووظف ثمنه في شراء سندات عامة يستولى المنتفع على أرباحها.
ومفاد ذلك أن المنتفع إذا امتنع عن تقديم الكفالة أو التأمين العيني الكافي جاز لمالك الرقبة أن يطلب من المحكمة بيع المنقولات حتى ولو لم تكن تهلك بمجرد الاستعمال ويوظف ثمنها في شراء سندات عامة أي سندات للحكومة أو إحدى الهيئات العامة ويكون للمنتفع الاستيلاء على الربح الناتج منها باعتباره ثمرة لها وذلك طول مدة الانتفاع أما بعد انتهاء هذه المدة فتكون الأرباح من حق المالك لأنه يصبح مالكاً للسندات ملكية تامة.
غير أنه لا يدخل في هذه الأرباح ما عسى أن يكسب السند من جائزة بل الجائزة تكون من حق مالك الرقبة.
ومن الطبيعي أنه إذا كان يدخل في الانتفاع نقود فإنها توظف هي الأخرى على النحو المتقدم.
وإن كان حق الانتفاع لا يوجب أي التزام إيجابي على عاتق مالك الرقبة قبل المنتفع وبصفة خاصة لا يلتزم المالك بتمكين المنتفع من الانتفاع وكل ما عليه هو أن يتركه يمارس انتفاعه.
إلا أنه لا يجوز لمالك الرقبة تعطيل حق الانتفاع أو إنقاص السلطات التي يخولها لصاحبه كأن يغير في العين بإقامة أبنية جديدة أو تعليته الأبنية القائمة أو بتقرير حق انتفاع على الشيء ينشأ عنه نقصان المنفعة بالنسبة إلى صاحب حق الانتفاع وليس أساس ذلك التزام بالضمان في ذمة المالك بل يرجع إلى الحق العيني الذي للمنتفع والذي له أن يحتج به في مواجهة الكافة ولا يجوز لأحد أن يعتدي عليه.
على أن امتناع مالك الرقبة عن كل ما من شأنه المساس بسلطات المنتفع يجد حدوده في حقه في المحافظة على العين ومن ثم يجوز له أن يقوم بجميع الأعمال المادية التي من شأنها المحافظة على الشيء ولو ترتب على القيام بها تعطيل أو إنقاص الانتفاع بها وله على وجه الخصوص أن يقوم بالإصلاحات الجسيمة في العين ولا يستطيع المنتفع منعه من إجرائها ولو ترتب على القيام بها حرمانه مؤقتاً من الانتفاع ولا يجوز له مطالبة المالك بتعويض عن الفترة التي حرم خلالها من انتفاعه.
(2) التصرف في الرقبة بما لا يتعارض مع حق الانتفاع:
المالك الرقبة طيلة قيام حق الانتفاع أن يتصرف في الرقبة بما لا يتعارض معه استعمال المنتفع لحقه أو يلحق به ضرراً.
فيجوز لمالك الرقبة أن يبيعها أو يهبها أو يقدمها حصة في شركة وتنتقل الملكية إلى المتصرف إليه أما حق الانتفاع فيظل للمنتفع.
ويجوز للمالك أن يرتب عليها حق ارتفاق فإذا تعارض استعمال حق الارتفاق مع انتفاع المنتفع لم يجز لمالك العقار المرتفق أن يستعمل حق الارتفاق إلا بعد انتهاء حق الانتفاع ولمالك الرقبة أن يرهنها رهناً رسمياً ولدائنيه أن يأخذوا عليها حق اختصاص.
فإذا بيع هذا الحق بالمزاد العلني وفاء لحقوق الدائنين فإن الراسي عليه المزاد يتملك الشیء محملاً بحق الانتفاع فلا تكون له سوى ملكية الرقبة طوال بقاء حق الانتفاع.
وإذا باع مالك الرقبة الملكية الكاملة للعين لم ينفذ هذا البيع في حق المنتفع إلا برضاه وقد يتفقان على أن يختص كل منهما بجزء من الثمن يتناسب مع قيمة حقه أو أن يبقى الثمن كله لمالك الرقبة على أن يكون للمنتفع فوائده إلى نهاية حق الانتفاع أو على أمر آخر يرتضيانه معاً.
ولكن لا يجوز للمالك أن يرهن العين رهناً حيازياً لأنه يترتب على هذا النوع من الرهن وضع العين في حيازة الدائن المرتهن وهذا يتعارض مع حق المنتفع.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الرابع عشر، الصفحة/ 51)
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
(مادة 22)
للمنتفع أن يستهلك ما استعاره من المنقولات التي لا يمكن الانتفاع بها إلا باستهلاك عينها كالنقدين والمكيلات والموزونات ونحوها وعليه رد مثلها أو قيمتها بعد الانتفاع ويكون عليه ضمانها إذا هلكت قبل الانتفاع بها ولو بغير تعدية لكونها قرضاً.
(مادة 23)
إذا مات المنتفع بالمنقولات المتقدم ذكرها قبل أن يردها لصاحبها فعليه ضمان مثلها أو قيمتها في تركته.