مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس ، الصفحة : 578
مذكرة المشروع التمهيدي :
مايقيمه المحتكر على الأرض من بناء أو غراس يملكه ملكاً خالصاً، وتتميز هذه الملكية عن حق الحكر، وينبني على ذلك أن للمحتكر أن يتصرف في البناء أو الغراس منفصلاً عن حق الحكر، كما إذا باع البناء المشتر واكتفى بأن يؤجر له حق الحكر، فيكون للعقار في هذه الحالة ملاك ثلاثة، صاحب الرقبة، والمحتكر، وصاحب البناء، ويفي المحتكر بأجرة الحكر لصاحب الرقبة ويستوفي الأجرة المشترطة من صاحب البناء، كما يجوز أن يتصرف المحتكر في حق الحكر دون البناء أو الغراس، ويصبح هو المستأجر لحق الحكر في هذه الحالة مع بقائه مالكاً للبناء أو الغراس، ولكن الغالب أن يتصرف المحتكر في حقيه مجتمعين لأن كلاً منهما مكمل للآخر .
1 ـ المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن عقد الحكر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من مقتضاه أن يتملك المستحكر حق الانتفاع بالأرض المحكرة بالبناء أو الغراس بينما يحتفظ المحكر بملكية الرقبة المحكرة كما أنه للمستحكر أن يتصرف فى حق الحكر بالبيع أو بغيره من التصرفات .
(الطعن رقم 1078 لسنة 65 جلسة 2006/03/16)
2 ـ عقد الحكم يجيز للمحتكر إقامة ما يشاء من المباني على الأرض المحكرة ، باعتبار أن له حق القرار إلى أن ينتهي الحكر ، وحق ملكية ما أحدثه من بناء ملكاً تاماً يتصرف فيه وحده وينتقل منه إلى ورثته ما دام يدفع أجر المثل .
(الطعن رقم 2522 لسنة 63 جلسة 2000/05/30 س 51 ع 2 ص 748 ق 140)
3 ـ من مقتضى عقد الحكر أن للمحتكر إقامة ما يشاء من المبانى على الأرض المحتكرة و له حق القرار ببنائه حتى ينتهى حق الحكر ، كما أن له أن يحدث فى المبانى زيادة و تعديلا ، و له ملكية ما أحدثه من بناء ملكا تاما يتصرف فيه وحده أو مقترنا بحق الحكر ، و ينتقل عنه هذا الحق إلى ورثته . ولكنه فى كل هذا تكون حيازته للآرض المحتكرة حيازة وقتيه لا تكسبه الملك إلا إذا حصل تغيير فى سبب حيازته يزيل عنها صفة الوقتية ، و لا يكفى فى ذلك مجرد تغيير الحائز الوقتى لنيته بل يجب أن يقترن تغيير النية بفعل إيجابى ظاهر يجابه به مالك الحق بالإنكار الساطع والمعارضة العلنية ويدل دلالة جازمة على أن ذا اليد الوقتية مزمع إنكار الملكية على صاحبها و الإستئثار بها دونه .
(الطعن رقم 218 لسنة 29 جلسة 1964/02/20 س 15 ع 1 ص 244 ق 43)
4 ـ لما كان القانون المدنى القديم لم يقنن أحكام حق الحكر ، و كان منشأهذا العقد الشريعة الإسلامية فقد أستقر الرأى على الأخذ بأحكامها التى تعطى للمحتكر الحق فى الأنتفاع بالعقار المحتكر إلى الأبد أو لمدة طويلة ، و حق البناء عليه و التصرف فى ذات الحق و فى البناء - و هو حق يعتبر من أعمال التصرف لا من أعمال الإدارة - و إذ كان من المقرر أن ناظر الوقف ليس له أن يعطى الوقف بالحكر بغير إذن القاضى ، و كان العقد الذى أستند إليه الطاعن قد صدر من ناظرة الوقف و تحددت مدته بثلاث سنوات و حرم المحتكر من التصرف فى حق الحكر و فيما يقيمه على العقار المحتكر من بناء ، فإن تفسير محكمة الموضوع لعبارات العقد و تكييفها له بأنه عقد إيجار لا عقد حكر يكون صحيحاً فى القانون ، و لا ينال منه عنونة العقد بأنه عقد إيجار حكر و لا وصف المؤجر فيه بأنه محكر و المستأجر بأنه محتكر و لا النص فى العقد على تجديده لمدة أخرى و سريانه على المحتكر و ذريته طبقة بعد طبقة و من يرثهم.
(الطعن رقم 469 لسنة 35 جلسة 1970/01/08 س 21 ع 1 ص 51 ق 9)
للمحتكر في هذه الحالة حق عيني يرد على الأرض وحق ملكية تامة يرد على ما يقيمه بالأرض من بناء أو غراس، وله أن يتصرف في كل حق علی استقلال، فإن باع البناء أو الغراس فيستوفى الثمن ثم أجر المثل بالنسبة لحق الحكر ويفي هو بأجرة الحكر لمالك الرقبة.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع عشر الصفحة/ 248)
للمحتكر حقاً عينياً على الأرض المحكرة، هو حق الحكر، وهذا الحق يخول للمحتكر الانتفاع بالأرض المحكرة انتفاعاً من شأنه تعميرها واستصلاحها، وأكثر ما يتحقق ذلك عن طريق البناء أو بالغرس فيها.
والبناء والغراس الذي يحدثه المحتكر يكون ملكاً خالصاً له، ويجوز له التصرف فيه، سواء كان التصرف بعوض أو على سبيل التبرع.
وهو بذلك يكون له حق الحكر على الأرض وحق الملكية على البناء وإن كان الغالب أن يتصرف المحتكر في حق الحكر والبناء والغراس مجتمعين، لأن كل منهما مكمل للآخر.
إلا أنه يجوز له التصرف في كل من حق الحكر والبناء والغراس علی استقلال كأن يبيع البناء لمشتر ويكتفي بأن يؤجر له حق الحكر، فيكون علی العقار في هذه الحالة أصحاب حقوق ثلاثة: صاحب الرقبة والمحتكر وصاحب البناء ويفي المحتكر بأجرة الحكر لصاحب الرقبة ويستوفي الأجرة المشترطة من صاحب البناء.
وقد يتصرف المحتكر في حق الحكر دون البناء أو الغراس، ويصبح هو المستأجر لحق الحكر في هذه الحالة مع بقائه مالكاً للبناء أو الغراس.
يترتب على أن حق الحكر حق عيني، أن عقد الحكر يعتبر من أعمال التصرف، بعكس الإيجار فهو من أعمال الإدارة، ولذلك يلزم للتصرف في حق الحكر أهلية التصرف أي الأهلية الكاملة، كما يلزم في الوكالة في التصرف الوكالة الخاصة.
حق الحكر تحميه - كسائر الحقوق العينية - دعاوى الحق ودعاوى الحيازة أيضاً.
أما بالنسبة للأحكار القديمة التي أنشئت على أعيان غير موقوفة فيجوز اكتسابها بالتقادم.
وإذا كسب شخص حق الحكر من المالك الحقيقي بالتقادم، فلا يجوز له أن يكسب ملكية العقار نفسه بالتقادم بمجرد امتناعه عن دفع أجرة الحكر، لأنه وضع يده على العقار كمحتكر لا كمالك.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الرابع عشر الصفحة / (101)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثامن عشر ، الصفحة / 63
مِلْكِيَّةُ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ الَّذِي يَضَعُهُ الْمُحْتَكِرُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا:
20 - الْبِنَاءُ الَّذِي يَبْنِيهِ الْمُحْتَكِرُ وَالْغِرَاسُ الَّذِي يَغْرِسُهُ بِإِذْنِ الْقَاضِي أَوِ النَّاظِرِ فِي الأْرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ يَكُونُ مِلْكًا خَالِصًا لَهُ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ لِلشَّرِيكِ وَغَيْرِهِ، وَلَهُ هِبَتُهُ وَالْوَصِيَّةُ بِهِ وَيُورَثُ عَنْهُ.
أَمَّا الأْرْضُ نَفْسُهَا فَرَقَبَتُهَا لِلْوَقْفِ. وَعَلَى هَذَا لَوْ أَنَّ الأْرْضَ الْمُحَكَّرَةَ اسْتُمْلِكَتْ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ فَلَيْسَ لِلْمُحْتَكِرِ إِلاَّ التَّعْوِيضُ عَنْ بِنَائِهِ أَوْ غِرَاسِهِ، أَمَّا مَا يُقَابِلُ رَقَبَةَ الأْرْضِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْجِهَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهَا.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ مَا يَبْنِيهِ الْمُحْتَكِرُ يَكُونُ مِلْكًا يُبَاعُ وَيُورَثُ لَكِنَّهُمْ قَالُوا هَذَا إِذَا بَيَّنَ الْمِلْكِيَّةَ، أَمَّا إِنْ بَيَّنَ التَّحْبِيسَ أَوْ لَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا فَالْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ وَقْفٌ عَلَى الْمَشْهُورِ لاَ حَقَّ فِيهِمَا لِوَرَثَةِ الْبَانِي وَالْغِرَاسِ.
وَيُفْهَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ فِي اسْتِئْجَارِ الأْرْضِ لِلْبِنَاءِ أَوِ الْغِرَاسِ، أَنَّ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ مِلْكٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَالأْرْضُ مِلْكٌ لِصَاحِبِهَا. وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ.
وَيُفْهَمُ مِنْ كَلاَمِ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ الْحِكْرَ - إِذَا بِيعَتِ الأْرْضُ - يَبْقَى لِلْمُحْتَكِرِ، قَالَ عُثْمَانُ النَّجْدِيُّ: «إِذَا بِيعَتِ الأْرْضُ الْمُحْتَكَرَةُ أَوْ وُرِثَتْ فَالْحِكْرُ عَلَى مَنِ انْتَقَلَتْ إِلَيْهِ فِي الأْصَحِّ ».
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / التاسع عشر ، الصفحة / 277
أ - الْحَكْرُ :
2 - الْحَكْرُ بِفَتْحِ الْحَاءِ قَالَ فِي اللِّسَانِ هُوَ ادِّخَارُ الطَّعَامِ لِلتَّرَبُّصِ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الاِحْتِكَارُ جَمْعُ الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُؤْكَلُ وَاحْتِبَاسُهُ انْتِظَارَ وَقْتِ الْغَلاَءِ بِهِ .
وَالاِحْتِكَارُ أَيْضًا، وَالاِسْتِحْكَارُ عَقْدُ إِجَارَةٍ يُقْصَدُ بِهَا اسْتِبْقَاءُ الأْرْضِ مُقَرَّرَةً لِلْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ أَوْ أَحَدِهِمَا .
أَمَّا الْحِكْرُ بِكَسْرِ الْحَاءِ فَلَمْ نَجِدْهُ فِي مَعَاجِمِ اللُّغَةِ الْقَدِيمَةِ، وَفِي الْمُعْجَمِ الْوَسِيطِ هُوَ الْعَقَارُ الْمَحْبُوسُ، وَيَرِدُ فِي كَلاَمِ مُتَأَخِّرِي الْفُقَهَاءِ بِمَعْنَى الأْجْرَةِ الْمُقَرَّرَةِ عَلَى عَقَارِ الْوَقْفِ وَنَحْوِهِ تُؤْخَذُ مِمَّنْ لَهُ فِيهِ بِنَاءٌ أَوْ غِرَاسٌ، وَإِذَا انْتَقَلَ الْعَقَارُ مِنْ يَدٍ إِلَى يَدٍ انْتَقَلَ الْحِكْرُ مَعَهُ يُدْفَعُ لِحَظِّ مُسْتَحَقِّي الْوَقْفِ.
قَالَ الشَّيْخُ عُلَيْشٌ: مَنِ اسْتَوْلَى عَلَى الْخُلُوِّ يَكُونُ عَلَيْهِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ أُجْرَةٌ لِلَّذِي يَئُولُ إِلَيْهِ الْوَقْفُ يُسَمَّى عِنْدَنَا بِمِصْرَ حِكْرًا لِئَلاَّ يَذْهَبَ الْوَقْفُ بَاطِلاً، وَلاَ يَصِحُّ الاِحْتِكَارُ إِلاَّ إِذَا كَانَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلاَ تَبْقَى عَلَى حَالٍ وَاحِدَةٍ بَلْ تَزِيدُ الأْجْرَةُ وَتَنْقُصُ بِاخْتِلاَفِ الزَّمَانِ .
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الرابع والأربعون ، الصفحة / 184
الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ فِي الأْرْضِ الْمَوْقُوفَةِ:
83 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى جَوَازِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ، سَوَاءٌ كَانَ الْبَانِي أَوِ الْغَارِسُ هُوَ الْوَاقِفَ أَوِ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ أَوِ الْمُسْتَأْجِرَ لأِرْضِ الْوَقْفِ أَوْ كَانَ أجنبيًّا مَا دَامَ الْبِنَاءُ أَوِ الْغِرَاسُ مُفِيدًا لِلْوَقْفِ، لَكِنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي مِلْكِيَّةِ هَذَا الْبِنَاءِ أَوِ الْغِرَاسِ هَلْ تَكُونُ لِلْبَانِي أَوِ الْغَارِسِ فَيَكُونُ لَهُ حَقُّ نَقْضِهِ وَقَلْعِهِ أَمْ تَكُونُ وَقْفًا كَالأْرْضِ وَهُمْ يَبْنُونَ ذَلِكَ عَلَى أُمُورٍ كَنِيَّةِ الْبَانِي أَوْ إِشْهَادِهِ عَلَيْهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلِكُلِّ مَذْهَبٍ تَفْصِيلٌ فِي ذَلِكَ بَيَانُهُ فِيمَا يَلِي:
قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: يَجُوزُ لِمُسْتَأْجِرِ أَرْضِ الْوَقْفِ غَرْسُ الأْشْجَارِ وَالْكُرُومِ فِيهَا إِذَا لَمْ يُضِرَّ بِالأْرْضِ بِدُونِ صَرِيحِ الإْذْنِ مِنَ الْمُتَوَلِّي دُونَ حَفْرِ الْحِيَاضِ، وَإِنَّمَا يَحِلُّ لِلْمُتَوَلِّي الإْذْنُ فِيمَا يَزِيدُ بِهِ الْوَقْفُ خَيْرًا وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الأْرْضِ الْمَوْقُوفَةِ حَقُّ قَرَارِ الْعِمَارَةِ فِيهَا، أَمَّا إِذَا كَانَ لَهُ حَقُّ الْقَرَارِ فَيَجُوزُ لَهُ الْحَفْرُ وَالْغَرْسُ وَالْحَائِطُ مِنْ تُرَابِهَا لِوُجُودِ الإْذْنِ فِي مِثْلِهَا دَلاَلَةً، قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: وَمَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرَرِ بِالأْرْضِ .
وَمَا بَنَاهُ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ غَرَسَهُ وَكَانَ مِنْ مَالِهِ بِلاَ إِذْنِ النَّاظِرِ فَهُوَ لَهُ مَا لَمْ يَنْوِ أَنَّهُ لِلْوَقْفِ، وَإِنْ كَانَ الْبَانِي هُوَ مُتَوَلِّيَ الْوَقْفِ فَإِنْ كَانَ بِمَالِ الْوَقْفِ فَهُوَ وَقْفٌ، سَوَاءً بَنَاهُ لِلْوَقْفِ أَوْ لِنَفْسِهِ أَوْ أَطْلَقَ، وَإِنْ كَانَ الْبِنَاءُ مِنْ مَالِهِ لِلْوَقْفِ أَوْ أَطْلَقَ فَهُوَ وَقْفٌ إِلاَّ إِذَا كَانَ الْبَانِي هُوَ الْوَاقِفَ وَأَطْلَقَ فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ بَنَاهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ مَالِهِ لِنَفْسِهِ وَأَشْهَدَ أَنَّهُ لَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْبَانِي مُتَوَلِّيًا فَإِنْ بَنَى بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي لِيَرْجِعَ فَهُوَ وَقْفٌ، وَإِلاَّ فَإِنْ بَنَى لِلْوَقْفِ فَوَقْفٌ، وَإِنْ بَنَى لِنَفْسِهِ أَوْ أَطْلَقَ لَهُ رَفَعَهُ إِنْ لَمْ يُضِرَّ بِالأْرْضِ ، وَلَوْ غَرَسَ فِي الْمَسْجِدِ يَكُونُ لِلْمَسْجِدِ، لأِنَّهُ لاَ يَغْرِسُ فِيهِ لِنَفْسِهِ .
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ كَانَ الْبَانِي أَوِ الْغَارِسُ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ مِنَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَلَوْ بِالْوَصْفِ كَالإْمَامِ وَالْمُدَرِّسِ وَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا الْبِنَاءَ أَوِ الْغِرَاسَ مَمْلُوكٌ لَهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ وَيَسْتَحِقُّهُ وَارِثُهُ بِالْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ إِنْ مَاتَ، وَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ وَقْفٌ أَوْ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَهُوَ وَقْفٌ فَلاَ يُورَثُ عَنْهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَلَوْ كَانَ الْبَانِي أَوِ الْغَارِسُ أَجْنَبِيًّا فَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ وَقْفٌ كَانَ وَقْفًا وَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ مِلْكُهُ أَوْ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَهُوَ مِلْكٌ لَهُ وَلِوَارِثِهِ وَلَهُ نَقْضُهُ أَوْ قِيمَتُهُ مَنْقُوضًا، وَهَذَا إِذَا كَانَ الْوَقْفُ لاَ يَحْتَاجُ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ يَحْتَاجُ لِهَذَا الْبِنَاءِ فَيُوَفَّى لَهُ مِنْ غَلَّتِهِ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ بَنَى النَّاظِرُ أَوْ أَصْلَحَ فَإِنَّهُ يُوَفَّى لَهُ جَمِيعُ مَا صَرَفَهُ فِي الْبِنَاءِ وَيُجْعَلُ الْبِنَاءُ وَقْفًا .
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ وَقَفَ أَرْضًا غَيْرَ مَغْرُوسَةٍ عَلَى مُعَيَّنٍ، امْتَنَعَ عَلَيْهِ غَرْسُهَا وَيَنْتَفِعُ بِهَا فِيمَا تَصْلُحُ لَهُ غَيْرَ مَغْرُوسَةٍ إِلاَّ إِنْ نَصَّ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ أَوْ شَرَطَ لَهُ جَمِيعَ الاِنْتِفَاعَاتِ كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ، وَمِثْلُ الْغَرْسِ الْبِنَاءُ. فَلَوْ وَقَفَ أَرْضًا خَالِيَةً مِنَ الْبِنَاءِ لاَ يَجُوزُ بِنَاؤُهَا، مَا لَمْ يُشْتَرَطْ لَهُ جَمِيعُ الاِنْتِفَاعَاتِ، وَضَابِطُهُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ كُلُّ مَا غَيَّرَ الْوَقْفَ بِالْكُلِّيَّةِ عَنِ اسْمِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ حَالَ الْوَقْفِ، بِخِلاَفِ مَا يَبْقَى الاِسْمُ مَعَهُ، نَعَمْ إِنْ تَعَذَّرَ الْمَشْرُوطُ جَازَ إِبْدَالُهُ .
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: لَوْ غَرَسَ أَوْ بَنَى نَاظِرٌ فِيمَا هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ وَحْدَهُ فَالْغَرْسُ أَوِ الْبِنَاءُ لِغَارِسِهِ أَوْ بَانِيهِ، وَهُوَ مِلْكٌ مُحْتَرَمٌ لَهُ، فَلَيْسَ لأِحَدٍ طَلَبُهُ بِقَلْعِهِ، لِمِلْكِهِ لَهُ وَلأِصْلِهِ، وَإِنْ كَانَ الْغَارِسُ أَوِ الْبَانِي شَرِيكًا فِي الْوَقْفِ بِأَنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى جَمَاعَةٍ فَغَرَسَ فِيهِ أَحَدُهُمْ أَوْ بَنَى فَالْغَرْسُ وَالْبِنَاءُ لَهُ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْغَارِسُ أَوِ الْبَانِي نَاظِرًا فَقَطْ أَيْ غَيْرَ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ فَغَرْسُهُ وَبِنَاؤُهُ لَهُ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إِبْقَاؤُهُ بِغَيْرِ رِضَا أَهْلِ الْوَقْفِ.
وَيَتَوَجَّهُ إِنْ غَرَسَ أَوْ بَنَى مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ أَوْ نَاظِرٌ فِي وَقْفٍ أَنَّهُ لَهُ إِنْ أَشْهَدَ أَنَّ غَرْسَهُ وَبِنَاءَهُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ بِذَلِكَ فَهُمَا لِلْوَقْفِ لِثُبُوتِ يَدِ الْوَقْفِ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ غَرَسَهُ أَوْ بَنَاهُ لِلْوَقْفِ أَوْ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ فَهُوَ وَقْفٌ، وَيَتَوَجَّهُ فِي غَرْسِ أَجْنَبِيٍّ وَبِنَائِهِ أَنَّهُ لِلْوَقْفِ بِنِيَّتِهِ، وَالتَّوْجِيهَانِ لِصَاحِبِ الْفُرُوعِ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَدُ الْوَقْفِ ثَابِتَةٌ عَلَى الْمُتَّصِلِ بِهِ مَا لَمْ تَأْتِ حُجَّةٌ تَدْفَعُ مُوجِبَهَا كَمَعْرِفَةِ كَوْنِ الْغَارِسِ غَرَسَهَا لَهُ بِحُكْمِ إِجَارَةٍ أَوْ إِعَارَةٍ أَوْ غَصْبٍ وَيَدُ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ فَلَيْسَ لَهُ دَعْوَى الْبِنَاءِ بِلاَ حُجَّةٍ، وَيَدُ أَهْلِ عَرْصَةٍ مُشْتَرَكَةٍ ثَابِتَةٌ عَلَى مَا فِيهَا بِحُكْمِ الاِشْتِرَاكِ إِلاَّ مَعَ بَيِّنَةٍ بِاخْتِصَاصِهِ بِبِنَاءٍ وَنَحْوِهِ .
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله )محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية(بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
( مادة 590 )
الاستحكار هو عقد اجارة يقصد به استبقاء الأرض للبناء والغراس أو لأحدهما.
( مادة 591 )
ما يبنيه المحتكر أو يغرسه لنفسه يإذن المتولى في الارض المحتكرة يكون ملكاً له فيصح بیعه للشريك وغير الشريك ووقفه وورث عنه.