مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس ، الصفحة : 609
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- ينتهي حق الحكر كذلك بحلول الأجل المحدد ، وقد تقدم أنه يجب ألا يزيد على تسع وتسعين سنة، فإذا انتهى الأجل وكان البناء قد تهدم أو الغرس قد تلف لم يبق هناك ما يدعو المحتكر إلى البقاء، أما إذا كان البناء لايزال قائمة و الغراس لايزال موجودة، فإن المحتكر يبقي ما دام قائماً بدفع أجرة الحكر (م 1268 من المشروع ) وهذا إلى تسع وتسعين سنة، وبعد ذلك يكون لكل من مالك الرقبة والمحتكر أن يطلب شراء حق صاحبه، فإن طلب كل منهما الشراء أجيب طلب المحتكر (م1273 من المشروع)، وقيمة الشراء تعين بالطريقة التي أقرتها محكمة النقض في الحكم المشار إليه فيما تقدم، فتتخذ القيمة الإيجارية للأرض بالحالة التي هي عليها أساساً للتقدير ، ويكون المن بقدر الأجرة عشرين سنة إلا إن كان صقع الأرض لا يسمح لصاحبها بأن يحصل على ثمنها في تلك المدة وإنما يتطلب لذلك مدة أطول، ففي هذه الحالة تقدر الأجرة عن المدة الأطول، ويكون ذلك ثمناً للعين كلها، يختص حق الرقبة منه بالثلث و حق الحكر بالثلثين (م 1274 من المشروع، وتقول محكمة النقض في هذا الصدد ما يأتي : « أما كون هذه الأجرة التي للوقف تكون الثلث من كامل الأجرة، فهذا لا أساس له سوى التحكم الذي لابد منه ، ولكن ربما كان تحكم قريبة من الصواب، إذ قانون المرافعات في تقدير قيمة الدعاوى يقدر رقبة العين بنصف قيمة الكل كما يقدر حق الانتفاع بنصف قيمة الكل، وإذ كان انتفاع المحتكر ممكنة أن يدوم بدوام دفعه أجرة المثل أمكن أن يقال إن قيمته يصح أن تكون أكثر من قيمة حق الانتفاع العادي الذي أكثر ما يطول يكون على قدر مدة حياة المنتفع .
هذا ولايوجد مانع من اشتراط انتهاء الحكر بعد المدة المحددة حتى لو كان هناك بناء أو غراس قائم، ويسوي حساب البناء أو الغراس طبقاً لما عسى أن يكون قد تم من الاتفاق بشأن ذلك، فإن لم يكن هناك اتفاق في هذا الشأن طبقت المادة 1271 التي سيأتي ذكرها .
ويتبين ما تقدم أن الحكر ينتهي بانقضاء الأجل ، فإذا وجد بناء أو غراس فينتهی بانقضاء الأجل أو بشراء أحد الحقين، وقد ينتهي الحكر قبل انقضاء الأجل إذا باع مالك الرقية أو المحتكر حقه، فيشفع الآخر في الحق المبيع، والفرق بين الشراء بعد انقضاء الأجل و الشراء بطريق الشفعة، أن حق الشراء في الحالة الأولى لايثبت إلا بعد انقضاء تسع وتسعين سنة من إنشاء الحكر، وللمشتري أن يتقدم للشراء ولو لم يرغب البائع في البيع، ويقدر الثن وفقاً للأسس التي تقدم بيانها، أما حق الشراء في الحالة الثانية فيثبت حتى قبل انقضاء الأجل المحدد لانتهاء الحكر، ولكن أحد الطرفين لا يأخذ بالشفعة إلا إذا باع الطرف الآخر حقه الأجنبي، ويكون الثمن الذي بيع به الحق للأجنبي هو الثمن الذي يدفعه الشفيع، وقد يقع أن يثبت لأحد الطرفين حق الشراء بعد انقضاء تسع وتسعين سنة من إنشاء الحكر، فيشتري الطرف الأول الحق المبيع بطريق الشراء ابتداء (ويكون ذلك من المشتري الأجنبي) أو بطريق الشفعة ورائده في ذلك أن يدفع أقل الثمنين .
2- وينتهي الحكر أيضاً بالفسخ إذا لم يقر المحتكر بأحد التزامياً، بأن تأخر عن دفع الأجرة ثلاث سنين متوالية، أو بأن أهمل إهمالاً جسمها في استصلاح الأرض، وقد يكون في بناء أو غراس عند فسخ العقد، فإن لم يوجد اتفاق في هذا الشأن، جاز لمالك الرقبة أن يطلب الإزالة، فإذا كانت الإزالة تلحق ضرراً جسيماً بالأرض فله أن يستبقي البناء أو الغراس في مقابل دفع قيمتيهما مستحقى الإزالة، وللمحكمة أن تمهله في الدفع إذا كانت هناك ظروف استثنائية تبرر ذلك، أما إذا كانت الإزالة لاتلحق ضرراً جسيماً بالأرض فللمحتكر أن يرفض استبقاء مالك الرقبة للبناء أو الغراس على أن يعوضه عن الضرر الذي يصيب الأرض بسبب الإزالة ( أنظر م 1271 من المشروع).
3 - وينتهي الحكر أيضاً باتحاد الذمة، كأن يشتري المحتكر الرقبة أو يشتري مالك الرقية الحكر ، أو أن يرث أحدهما الآخر (م 1272 من المشروع).
4 - وينتهى الحكر أيضاً بهلاك الأرض المحكرة، والصورة العملية لذلك أن تنزع ملكية الأرض للمنفعة العامة، فتقدر قيمتها وفقاً للأسس التي تقدم بيانها، وتوزع هذه القيمة على الرقبة والحكر، للرقبة الثلث وللحكر الثلثان ( م 1275 من المشروع ).
5 - وينتهي الحكر أخيراً بعدم الاستعمال مدة خمس عشرة سنة فإن كان موقوفاً فلا ينتهي إلا بثلاث وثلاثين سنة ( م 1276 من المشروع).
المشروع في لجنة المراجعة :
تليت المادة 1276 من المشروع، ورأت اللجنة تعديلها على الوجه الآتي :
ينتهي حق الحكر بعدم استعماله مدة ثلاث وثلاثين سنة .
وأصبح رقم المادة 1089 في المشروع النهائي .
المشروع في مجلس النواب:
وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 1086
المشروع في مجلس الشيوخ:
مناقشات لجنة القانون المدني :
محضر الجلسة الحادية والأربعين
تليت المادة 1086 فاعترض سعادة العشماوي باشا على سقوط حق الحكر بعدم استعماله مدة ثلاث وثلاثين سنة .
وقال إن حق الحكر أقل من حق الوقف ذاته فيجب أن تكون مدة تقادم حق الانتفاع أقل من مدة تقادم الوقف لأن الغرض من الحكر التعمير ، وبعدم استعمال هذا الحق تزول مزاياه .
واقترح سعادته تخفيض المدة إلى خمس عشرة سنة .
وقد وافقت اللجنة مبدئية على استبدال عبارة «خمس عشرة سنة» بعبارة « ثلاث وثلاثين سنة» على أن يرجع إلى المادة في جلسة مقبلة.
وذلك لأن هذا الأجل هو المحدد لانقضاء جميع الحقوق العينية عدا الوقف ويلاحظ أن حق الحكر ولو كان على أرض موقوفة ليس وقفاً فلا محل لأن يأخذ في انقضائه المدة المقررة للأرض الموقوفة.
محضر الجلسة الثانية والخمسين
تليت المادة 1086 فرأت اللجنة أن تضيف إليها العبارة الآتية «إلا إذا كان حق الحكر موقوفاً فينتهي بعدم استعماله مدة ثلاث وثلاثين سنة» حتى تستثنى من القاعدة العامة في التقادم الحالة التي يكون فيها الحكر موقوفاً مراعية في ذلك ما هو مقرر في شأن الوقف، مع ملاحظة أن اللجنة سبق لها أن عدلت المادة فجعلت الأصل في حق الحكر أن ينتهي بعدم استعماله مدة خمس عشرة سنة عوضاً عن ثلاث وثلاثين سنة أخذا بالقواعد العامة في التقادم المسقط .
تقرير اللجنة :
عدلت اللجنة هذه المادة فجعلت الأصل في حق الحكر أن ينتهي بعدم استعماله مدة خمس عشرة سنة عوضاً عن ثلاث وثلاثين سنة أخذاً بالقواعد العامة في التقادم المسقط واستثنت من ذلك الحالة التي يكون الحكر فيها موقوفاً، فقضت بأن ينتهي بعدم استعماله مدة ثلاث وثلاثين سنة مراعية في تحديد المدة ما هو مقرر في شأن الوقف.
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة
1 ـ دعوى الحكر ليس لها مدلول فى العادة سوى دعوى المطالبة بمرتب الحكر ، أى أجرة الأرض المحكورة ، التى تسقط بعدم المطالبة بما زاد منها على الخمس السنوات . و قد تدل على دعوى النزاع فى عقد التحكير نفسه من جهة صحته أو بطلانه و وجوب فسخه أو عدم وجوبه . أما الدعوى المقامة من جهة الوقف بطلب تثبيت ملكيتها لقطعة أرض تابعة لوقف مقام عليها بناء منزل تعهد من إشتراه فى حجة الشراء بدفع الحكر لجهة الوقف فإنها دعوى تثبيت ملكية عقارية .
(الطعن رقم 1 لسنة 5 جلسة 1935/10/31 س ع ع 1 ص 912 ق 295)
2 ـ إن القاعدة التى تستفاد من عموم نص هذه المادة و إطلاقه و من التفقه المعقول فى مدى معناه و من الإستعانة على تحديد مدى هذا المعنى بعبارات فقهاء الشرع الإسلامى و نصوص القانون المدنى فى باب حق الإنتفاع و النص الفرنسى للمادة 16 المذكورة و بعبارات القانون المدنى أن أى نزاع يقوم بشأن أى تقرير من كافة التقارير التى تشتمل عليها كتب الوقف ، أى سواء أكان التقرير هو من ذات أصل عقد الوقف أم كان من محتويات شرط من شروط عقد الوقف ، فالمحاكم الأهلية ممنوعة منعاً باتاً من نظره . و منعها من النظر فى ذلك يقتضى منعها حتماً من أن تفسر أية عبارة من عبارات كتب الوقف متى كانت غامضة و كان تفسيرها على وجه دون آخر يعطى حقاً أو يهدر حقاً ، بل كل هذا من إختصاص المحاكم الشرعية وحدها . أما متى كان كتاب الوقف واضحاً لا غموض فيه و لا نزاع فى شيء مما يحتويه فهو عقد رسمى ككل العقود الرسمية واجب على المحاكم الأهلية إحترامه و تنفيذه بإعطاء ما فيه من الحقوق لأربابها . فإستحقاق المستحق، متى كان واضحاً من الكتاب و لا نزاع فيه بينه و بين الناظر لا من جهة أصله و لا من جهة مقداره ، فالدعوى على الناظر دعوى حساب عادية تنظرها المحكمة كمثل غيرها من دعاوى الحساب . و كذلك دعوى إيجار أعيان الوقف أساسها عقد الإيجار الحاصل ممن يملكه و هو الناظر و لا شأن لها بنصوص كتاب الوقف و ليست منازعة فيها . و دعوى الحكر و تقديره هى كمثل دعوى الإيجار مترتبة على عقد التحكير ، و ليس لها شأن بنصوص كتاب الوقف .
(الطعن رقم 71 لسنة 4 جلسة 1935/05/16 س ع ع 1 ص 753 ق 262)
تدفع أجرة الحكر في نهاية كل سنة، فإن تأخر جاز مطالبته والتنفيذ عيناً مع التعويض م (1003 )، ولا يجوز للمحكر أن يطلب الفسخ لتأخر المحتكر في دفع الأجرة إلا إذا ظل ثلاث سنوات متوالية ممتنعاً عن الوفاء بالاجرة. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع عشر الصفحة/ 268)
الأصل المقرر في القواعد العامة أن عدم دفع المستأجر الأجرة في الميعادة المتفق عليه يجيز للمؤجر طلب الفسخ، ويخضع القضاء بالفسخ لتقدير القاضي.
غير أن المادة استثنت حق الحكر من حكم القواعد العامة ولم تجز للمحكر طلب فسخ العقد بسبب عدم دفع الأجرة، إلا إذا استطال عدم الدفع إلى ثلاث سنوات متوالية، فلا يجوز له طلب الفسخ إذا لم يدفع المحتكر الأجرة لمدة ثلاث سنوات غير متوالية، كأن يمتنع عن الدفع سنة واحدة، ثم يدفع الأجرة في السنة التالية، ثم يمتنع عن الدفع سنتين أخريين .(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الرابع عشر الصفحة/ 126)
الفسخ بسبب عدم دفع الأجرة - تقضي القواعد العامة في العقود الملزمة للجانبين بأنه إذا أخل أحد العاقدين بالتزامه جاز للعاقد الآخر طلب الفسخ، وكان مقتضى ذلك فيما يتعلق بالحكر أنه إذا تأخر المحتكر في دفع أي قسط من الأجرة جاز للمحتكر طلب الفسخ، غير أنه لأن الحكر عقد يغلب فيه أن يكون طويل الأجل ولأن الأجرة فيه تكون في العادة قليلة وأن التزام المحتكر لا يقتصر على الأجرة بل يشمل إصلاح الأرض أيضاً، رأى المشرع أنه لا يصح أن يترتب الفسخ على تأخير قسط واحد أو قسطين من الأجرة فنص في المادة 1009 مدني على أن ( يجوز للمحكر إذا لم تدفع له الأجرة ثلاث سنين متوالية أن يطلب فسخ العقد).
ولأن هذا النص لم يضع أحكاماً خاصة لطلب الفسخ المبني على هذا السبب، تسري عليه القواعد العامة المتعلقة بالفسخ، فيشترط فيه أعذار المحتكر لدفع الأجرة، ويكون للقاضي سلطة تقديرية في إجابة طلب الفسخ أو رفضه .
ويلاحظ أن هذا الحق في طلب الفسخ خاص بالمحكر إن شاء تمسك به، وإلا نزل عنه فلا يجوز للمحتكر التحدي به.
ومتى حكم بفسخ الحكر، كان للمحكر أن يتمسك بانتهاء الحكر أو أن يدع المستحكر ينتفع بالعين مقابل الأجرة المبينة بالعقد، فيعتبر في هذه الحالة الأخيرة نازلاً عن التمسك بالحكم القاضي بالفسخ ولا تكون ثمة ضرورة لإبرام عقد جديد بالحكر، ويدخل الاستدلال على عدم التمسك بإنهاء الحكم في سلطة قاضي الموضوع ولا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض (47 مكرر ). (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الثامن الصفحة/ 935)