مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس ، الصفحة : 628
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- أسباب کسب حق الارتفاق هي أسباب کسب حق الملكية إلا أن يكون سبب كسب الملكية متعارضاً مع طبيعة حق الارتفاق فيخرج بذلك الاستيلاء والالتصاق والشفعة ويبقى العمل القانوني ( العقد والوصية ) والميراث والتقادم واشترط في كسب حق الارتفاق بالتقادم أن يكون ظاهرة وذلك حتى لا يشوب الحيازة عيب الخفاء ولم يشترط الاستمرار بماله من معنى خاص في حقوق الارتفاق أي أن يكون الارتفاق غير محتاج في استعماله إلى عمل الإنسان وبذلك أصبح جائزاً أن يملك حق المرور بالتقادم خلافاً لما يقضي به التقنين الفرنسي اتباعاً لقاعدة فرنسية تقليدية لا مبرر لها ولا معنى للأخذ بها في مصر .
2- ويدخل في الاتفاق الضمني لكسب حق الارتفاق ما يسمى بتخصيص المالك الأصلي وشروطه هي :
(أ) وجود عقارين منفصلين لمالك واحد.
(ب) وجعل أحد العقارين يخدم بالفعل العقار الآخر .
(ج) ووضع علامة ظاهرة لذلك فإذا ملاك العقارين بعد ذلك مالكان مختلفان دون أن تتغير حالتهما عد حق الارتفاق مرتباً لأحد العقارين على الآخر ولصاحب الشأن أن يثبت توافر هذه الشروط بجميع الطرق بما في ذلك البينة والقرائن.
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادة 1289 من المشروع ووافقت اللجنة عليها بعد استبدال كلمة « ففي » بكلمة « وفي وكلمة وعد و بكلمة و يعد وإضافة كلمتي « لهما وعليهما» بين كلمتي العقارين .. ما لم » واستبدال كلمة «ثمة » بكلمة « ثم» في الفقرة الثانية وأصبح رقم المادة 1101 في المشروع النهائي .
المشروع في مجلس النواب
وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 1098 .
المشروع في مجلس الشيوخ
مناقشات لجنة القانون المدني :
محضر الجلسة الثانية والأربعين
تليت المادة 1098 الخاصة بالارتفاق بطريق التخصيص ورأى الحاضرون حذف کلمتي « ببناء أو » وكلمة « أخرى » لأن العلامة الظاهرة التي تدل على حق الارتفاق تشمل البناء وقد يكون في التخصيص بالبناء أكثر مما يمتد إليه قصد المشرع.
تقرير اللجنة :
حذفت من الفقرة الثانية كلمة « بناء أو » لأنها داخلة في عموم عبارة « أو علامة ظاهرة » وفي التخصيص بالبناء ما قد يغاير قصد الشارع وكذلك حذفت كلمة « أخرى».
وأصبح رقها 1017 .
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة .
1 ـإن مؤدى نص المادتين 1016 ، 1019 من القانون المدنى أن للأفراد أن يتفقوا على إنشاء حقوق الارتفاق التى يختارونها سواء كانت إيجابية أم سلبية متى كانت فى حدود القانون والنظام العام والآداب ، وأن سند إنشاء هذا الحق هو الذى يحدد آثاره لأن الإرادة هى مصدر الحق وهى التى تبين مداه وترسم حدوده بما لا يتعارض مع عرف الجهة ، ويفسر القاضى مدى هذا الحق للمتعاقدين طبقاً للقواعد المقررة لتفسير الإرادة بأن يوفق بين فائدة العقار المرتفق وبين إلقاء أقل عبء على العقار المرتفق به .
(الطعن رقم 530 لسنة 67 جلسة 2010/03/28 س 61 ص 442 ق 72)
2 ـ حق الارتفاق إذا توافر له شرطا الظهور والاستمرار بنية استعمال هذا الحق جاز كسبه بالتقادم إعمالاً لما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 1016 من القانون المدنى .
(الطعن رقم 297 لسنة 66 جلسة 1997/12/10 س 48 ع 2 ص 1426 ق 266)
3 ـ حق الارتفاق إذا توافر له شرطا الظهور و الاستمرار بنية استعمال هذا الحق جاز كسبه بالتقادم إعمالاً لما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 1016 من القانون المدنى . و ينتهى إعمالاً لما تنص عليه المادة 1026 من القانون المدنى بهلاك العقار المرتفق هلاكاً تاماً .
(الطعن رقم 490 لسنة 49 جلسة 1980/12/04 س 31 ع 2 ص 2000 ق 372)
4 ـ النص فى المادة 1016 من القانون المدنى على أن " حق الإرتفاق يكسب بعمل قانونى أو الميراث " يدل على أن للإفراد أن يتفقوا على إنشاء حقوق الإرتفاق التى يختارونها سواء كانت إيجابية أم سلبية مع مراعاة أن تكون فى حدود القانون و النظام العام و الآداب .
(الطعن رقم 724 لسنة 42 جلسة 1977/05/10 س 28 ع 1 ص 1158 ق 199)
5 ـ مؤدى نص المادة 819 من القانون المدني أنه إذا كسب المطل المواجه بالتقادم فلا يحق للجار أن يبنى على مسافة أقل من متر على طول البناء الذي فتح فيه المطل حتى لا يسد المطل كلياً أو جزئياً، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمنع تعرض الطاعنين للمطعون عليه فى حيازة حق الإرتفاق بالمطل وقضى فى نفس الوقت بإزالة المضيفة التي بنوها فإنه يكون قد خالف القانون إذ كان يتعين قصر الإزالة على ما بنى فى مسافة متر بطول المنزل المفتوح فيه المطل.
(الطعن رقم 524 لسنة 46 جلسة 1978/11/21 س 29 ع 2 ص 1721 ق 331)
6 ـ مؤدى نص المادة 819 من القانون المدنى أنه إذا كسب المطل المواجه بالتقادم فلا يحق للجار - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يبنى على مسافة أقل من متر على طول البناء الذى فتح فيه المطل حتى لا يسد المطل كلياً أو جزئياً .
(الطعن رقم 1489 لسنة 50 جلسة 1984/04/30 س 35 ع 1 ص 1503 ق 287)
7 ـ من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن حقوق الإرتفاق و منها حق المطل إنما يجوز إكتسابها بالتقادم إذا ما توافرت أركان وضع اليد المكسب للملكية المقرر بالمادة 76 من القانون المدنى القديم و المادة 968 من القانون المدنى الحالى ، فإذا قضت المحكمة بإكتساب حق الإرتفاق بالمطل وجب عليها أن تبين فى حكمها جميع العناصر الواقعية اللازمة لثبوته من وضع اليد و مظهره و مبدئه و إستمراره طوال المدة المكسبة له حتى يتسنى لمحكمة النقض مراقبة صحة تطبيق القانون .
(الطعن رقم 319 لسنة 51 جلسة 1981/12/31 س 32 ع 2 ص 2501 ق 456)
8 ـ متى كان الحكم المطعون فيه بعد أن رد دفاع الطاعن بإكتساب حق المطل قبل إنشاء المدرسة الأعدادية بأنه غير مجد فى النزاع إستنادا إلى أن حق الإرتفاق ينتهى بهلاك العقار المرتفق به - هلاكا ماديا أو قانونيا - إلا أن يكون وجوده غير متعارض مع تخصيص العقار للنفع العام - خلص إلى أنه سواء صحح ما يدعيه المستأنف - الطاعن - من أنه إكتسب حق المطل بالتقادم أو لم يصح فلا محل لمطالبته بتثبيت ملكية له على الأساس المذكور ، إذ الثابت أن الفتحات تطل حاليا على مال خصص للنفع العام " حديقة لمدرسة كفر الشيخ الأعدادية " و كان هذا الذى قرره الحكم لايكفى لمواجهة دفاع الطاعن ، ذلك أنه فضلاً عن أنه لم يناقش قوله المملوك له لا يطل مباشرة على المدرسة سالفة الذكر و إنما يفصله عنها من الناحية القبلية أرض فضاء و شارع بعرض عشرة أمتار - فإنه لم يبين إستعمال حق المطل الذى يدعيه الطاعن و بين الإستعمال الذى خصص له عقار المطعون عليها كمدرسة إعدادية للبنين و من ثم يكون معيباً بالقصور .
(الطعن رقم 156 لسنة 38 جلسة 1974/01/31 س 25 ع 1 ص 272 ق 46)
9 ـ متى كانت الدعوى قد أريد بها نفى حق ارتفاق يدعيه المدعى عليه فإنها تكون من الدعاوى المتعلقة بحق ارتفاق فى معنى المادة 32 من قانون المرافعات و يتعين تقدير قيمتها طبقاً لنص هذه المادة باعتبار ربع قيمة العقار المقرر عليه الحق ، إذ يستوى فى إعتبار الدعوى كذلك أن تكون قد رفعت بطلب ثبوت حق ارتفاق أو بطلب نفيه . و لا يغير من اتصاف الدعوى بالوصف المتقدم أن يكون مدعيها قد طلب فيها أيضاً غلق المحال التى فتحها المدعى عليه على الأرض المتنازع على تقرير حق الارتفاق عليها و إزالة المواسير التى مدها على هذه الأرض ذلك أن طلبه هذا يعتبر نتيجة مترتبة على طلبه الأصلى المتضمن نفى حق الارتفاق وبالتالى طلباً تابعاً له ، وإذ كان هذا الطلب التبعى مما لا يقبل التقدير بحسب القواعد المنصوص عليها فى قانون المرافعات فإنه لا يدخل فى الحساب عند تقدير قيمة الدعوى و ذلك عملاً بالمادة 30 من القانون المذكور .
(الطعن رقم 127 لسنة 29 جلسة 1963/11/28 س 14 ع 3 ص 1124 ق 160)
10 ـ طلب سد المطلات غير القانونية هو حق لصاحب العقار المطل عليه و لو كان أرضاً فضاء ، بإعتبار أن فتح المطلات إعتداء على الملك يترتب على تركه إكتساب صاحبها حق إرتفاق بالمطل و إلتزام مالك العقار المرتفق به مراعاة المسافة القانونية بين المطل و ما قد يقيمه من بناء .
(الطعن رقم 699 لسنة 47 جلسة 1981/01/15 س 32 ع 1 ص 207 ق 42)
11 ـ متى كانت المطعون عليها قد أسست دعواها على عقد البيع الإبتدائى الصادر لها ، و الذى ينقل إليها - و لو لم يكن مشهراً - جميع الحقوق المتعلقة بالمبيع و الدعاوى المرتبطة به بما فى ذلك طلب نفى حق الإرتفاق الذى تدعيه الطاعنة ، فإن الدعوى تكون من الدعاوى المتعلقة بأصل الحق ، و ليست من دعاوى الحيازة ، و يكون قضاء الحكم المطعون فيه بتسليم العين و طرد الطاعنة منها إستناداً إلى أن العقد العرفى يمنح المشترى الحق فى إستلام المبيع لأنه من الآثار التى تنشأ من عقد البيع صحيحاً فى القانون ، و لا عبرة بما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه من أنه قضى بتسليم العين رغم سبق القضاء به فى دعوى صحة التعاقد المرفوعة على البائعة طالما أن الطاعنة لم لكن طرفاً فيها .
(الطعن رقم 513 لسنة 37 جلسة 1973/01/25 س 24 ع 1 ص 98 ق 19)
12 ـ متى كانت الطاعنة - شركة المطاحن - قد تمسكت أمام محكمة الإستئناف بأن للمطحن حق إرتفاق بالتصرف فى أرض المطعون عليهم ، و أن هذا الحق هو من تخصيص المالك الأصلى - المطعون عليه الأول - وقت أن كانت الأرض و المطحن على ملكه ، و أن هذا الحق يعد طبقاً للمادة 1071 من القانون المدنى مرتبا للمطحن على أرض المطعون عليهم بعد إنتقال ملكيته بالتأميم إلى مؤسسة المطاحن فى سنة 1962 ، و لما كان ما أورده الحكم المطعون فيه ليس من شأنه أن تؤدى إلى النتيجة التى إنتهى إليها - و هى نفى وجود حق الإرتفاق - إذ أن إنكار المطعون عليهم لهذا الحق أو عدم تمسك الطاعنة به أمام محكمة أول درجة لا يفيد فى ذاته عدم وجود هذا الحق ، و إذ اكتفى الحكم بهذا القول فى نفى حق قيام الإرتفاق المذكور دون أن يعنى بتحقيقه ، فإنه يكون معيباً بالفساد فى الإستدلال و القصور فى التسبيب .
(الطعن رقم 389 لسنة 43 جلسة 1976/11/09 س 27 ع 2 ص 1548 ق 291)
13 ـ الحق فى التعويض لا يترتب إلا حيث يكون هنالك إخلال بحق أو مصلحة مالية للمضرور. فإذا كان الثابت أن المطعون ضده قد أقام دعواه على أساس وجود حق إرتفاق بالري لأرضه على أرض الطاعنين وذلك عن طريق مسقاة تمر فى أرضهم لدى أطيانه فقاموا بهدم هذه المسقى مما ترتب عليه تلف زراعته وهو ما طالب بالتعويض عنه فى الدعوى. وكان الطاعنون قد أنكروا على المطعون ضده حق الإرتفاق الذي ادعاه. فإنه يتعين على محكمة الموضوع التحقق من وجود حق الإرتفاق الذي ادعى المطعون ضده الإخلال به حتى يحق له طلب التعويض فإذا أقامت المحكمة قضاءها بالتعويض على ما ذهبت إليه فى الحكم المطعون فيه من أن للمطعون ضده الحق فى إنشاء مجرى على أرض الطاعنين طبقاً للمادة 33 من القانون المدني الملغى والمادة التاسعة من لائحة الترع والجسور. والمادة 809 من القانون المدني والمادة 16 من القانون رقم 68 لسنة 1953 فى شأن الري والصرف وذلك رغم اختلاف هذا الحق عن حق الإرتفاق الذي جعله المدعى أساساً لطلب التعويض وذلك من حيث طبيعتهما ومصدرهما وكيفية كسبهما فإنها بذلك تكون قد غيرت أساس الدعوى من تلقاء نفسها وبذلك صار حكمها مشوباً بالقصور ومخالفاً للقانون.
(الطعن رقم 40 لسنة 31 جلسة 1965/11/11 س 16 ع 3 ص 1043 ق 162)
تنص المادة 1016 مدني على ما يأتي :
1 - حق الارتفاق يكسب بعمل قانونى أو بالميراث .
2 - ولا يكسب بالتقادم إلا الارتفاقات الظاهرة بما فيها حق المرور .
كسب حق الارتفاق انتقالا : وهنا يختلف حق الارتفاق عن حق الانتفاع فعندما بحثنا حق الانتفاع انتقالاً كان مفروضاً أن حق الانتفاع قد تم إنشاؤه وأنه ينتقل استقلالاً من شخص إلى شخص آخر أما حق الارتفاق فلا يتصور بعد أن يتم إنشاؤه أن ينتقل استقلالاً من شخص إلى شخص آخر وإنما هو ينتقل بالضرورة مع العقار المرتفق وتبعاً له لأنه حق تابع كما سبق القول فكسب حق الارتفاق انتقالاً إذن إنما يتم بنفس الأسباب التي يتم بها كسب ملكية العقار المرتفق فأينما تنتقل ملكية هذا العقار ينتقل معها حق الارتفاق .
وعلى ذلك لا توجد أسباب خاصة لكسب حق الارتفاق انتقالاً بل هي نفس الأسباب التي تنتقل بها ملكية العقار المرتفق فالعقار الذي تقرر لفائدته حق ارتفاق تنتقل ملكيته بالميراث والوصية والعقد والشفعة والتقادم وقد استبعدنا الاستيلاء لأن الملكية تكسب به ابتداء واستبعدنا الالتصاق لأنه لا يتصور فيما نحن بصدده وكذلك ينتقل حق الارتفاق المقرر لفائدته هذا العقار بالأسباب نفسها فإذا انتقل العقار بالميراث انتقل معه حق الارتفاق بالميراث أيضاً أو انتقل بالوصية أو العقد أو الشفعة أو التقادم انتقل معه حق الارتفاق بأي سبب من هذه الأسباب .
ولا يعنينا هنا أن نبحث هذه الأسباب فقد سبق بحثها عند الكلام في أسباب كسب الملكية والذي يعنينا هو بحث أسباب كسب حق الارتفاق ابتداء لا أسباب كسبه انتقالاً .
كسب حق الارتفاق ابتداء : والمفروض في كسب حق الارتفاق ابتداء أن هذا الحق لم ينشأ بعد والمقصود هو بحث الأسباب التي تنشئه فالأسباب التي يكسب بها حق الارتفاق ابتداء هي إذن نفس الأسباب التي تنشئ هذا الحق .
وإذا استعرضنا أسباب كسب الملكية لنرى ما ينطبق منها على حق الارتفاق وجب استبعاد الاستيلاء والالتصاق لاستحالتهما ووجب أيضاً استبعاد الميراث والشفعة لأنهما سببان لكسب حق الارتفاق انتقالاً لا لكسبه ابتداء ويبقى بعد ذلك الوصية والعقد أي التصرف القانوني والتقادم فهذه هي الأسباب التي يكسب بها حق الارتفاق ابتداء أي الأسباب التي تنشئه ويدخل في هذه الأسباب تخصيص المالك الأصلي فسنرى أنه يقوم على اتفاق ضمني أي على تصرف قانوني .
وقد حددت المادة 1016 مدني فيما رأينا هذه الأسباب فذكرت العمل القانوني أي تصرف القانوني والتقادم ويجب استكمالها بتخصيص المالك الأصلي وقد ورد في المادة 1018 فيما سنرى – غير أن المادة 1016 ذكرت أيضاً إلى جانب هذه الأسباب الميراث وذكر الميراث هنا غير دقيق لأنه سبب لكسب حق الارتفاق انتقالاً لا ابتداء فالواجب إذن قصر المادة 1016 على أسباب كسب حق الارتفاق ابتداء لأن كسبه انتقالاً لا يعنينا كما سبق القول وحذف الميراث من بين الأسباب التي يكسب بها حق الارتفاق ابتداء .
وتكون الأسباب التي يكسب بها حق الارتفاق ابتداء إذن أو الأسباب التي تنشئ حق الارتفاق ، هي :
( 1 )التصرف القانوني أي العقد والوصية .
( 2 ) تخصيص المالك الأصلي وقد قدمنا أنه اتفاق ضمني فيلحق بالتصرف القانوني
( 3 ) التقادم المكسب .
حقوق الارتفاق التي تجوز كسبها بالتقادم
وجوب أن يكون حق الارتفاق ظاهراً حتى يجوز كسبه بالتقادم : قدمنا أن الفقرة الثانية من المادة 1016 مدني تنص على ما يأتي : ولا يكسب بالتقادم إلا الارتفاقات الظاهرة بما فيها حق المرور ويؤخذ من هذا النص أنه : لا يجوز كسب الارتفاق بالتقادم إلا إذا كان ارتفاقاً ظاهراً وينبني على ذلك ما يأتي :( 1 ) حق الارتفاق غير الظاهر لا يجوز كسبه بالتقادم . ( 2 )حق الارتفاق الظاهر المستمر يجوز كسبه بالتقادم . ( 3 )حق الارتفاق الظاهر غير المستمر يجوز أيضاً كسبه بالتقادم يضاف إلى ما تقدم أنه كما يجوز كسب حق الارتفاق الظاهر مستمراً كان أو غير مستمر بالتقادم يجوز أيضاً أن يكسب بالتقادم طريقة استعمال حق الارتفاق الظاهر .
حق الارتفاق غير الظاهر لا يجوز كسبه بالتقادم : وحق الارتفاق غير الظاهر هو كما قدمنا ارتفاق ليست له علامة خارجية تنم عن وجوده وذلك كالارتفاق بعدم البناء وكالارتفاق بالمرور إذا لم يكن للطريق الذي يباشر فيه هذا الحق معالم ظاهرة ونرى من ذلك أن ظهور حق الارتفاق له معنى خاص يختلف فيه عن ظهور الحيازة فقد تكون حيازة الارتفاق بالمرور ظاهرة إذا بوشر الارتفاق في إعلانية على ملأ من الناس وبخاصة في مواجهة مالك العقار المرتفق به ويكون الارتفاق بالمرور في الوقت ذاته غير ظاهر إذا لم تكن للطريق معالم ظاهرة كما سبق القول .
حق الارتفاق الظاهر المستمر يجوز كسبه بالتقادم : فإذا توافر لحق الارتفاق شرط الظهور بالمعنى الخاص وتوافر إلى جانب ذلك شرط الاستمرار فلا شك في جواز كسبه بالتقادم
الحيازة في حق الارتفاق كالحيازة في الملكية : قدمنا أن الحيازة هى وضع مادي ينجم عن أن شخصاً يسيطر سيطرة فعلية على شيء يجوز التعامل فيه أو يستعمل بالفعل حقاً من الحقوق ويستوي فى ذلك حق الملكية وهو المقصود من السيطرة الفعلية على الشيء وغيره من الحقوق والسيطرة الفعلية على الحق يكون باستعماله عن طريق أعمال مادية يقتضيها مضمون هذا الحق فإن كان حق ملكية اختلط الحق بالشئ محل الحق فيقال إن الشخص يسيطر سيطرة فعلية على الشئ نفسه محل الملكية وإن كان حق ارتفاق فإن حيازته تكون باستعماله فعلاً فيمر الحائز فى أرض الجار فى الارتفاق بالمرور أو يفتح نافذة في حائطه على مسافة أقل من المسافة القانونية تطل على عقار جاره فى الارتفاق بالمطل .
ومن ذلك نرى أن الشروط العامة للحيازة واحدة سواء كانت الحيازة واقعة على حق الملكية أو كانت واقعة على حق الارتفاق فإن كانت واقعة على حق الارتفاق وجب حتى تؤدي إلى كسب هذا الحق بالتقادم أن تكون بوجه عام مستمرة ظاهرة هادئة غير غامضة .
وكل ما قررناه في هذا الشأن عند الكلام في النظرية العامة للحيازة ينطبق هنا فى حيازة حق الارتفاق وقد لاحظنا فيما تقدم أن هناك معنى خاصاً لحق الارتفاق المستمر ولحق الارتفاق الظاهر وهذا المعنى غير مطلوب في الشرطين العامين للاستمرار والظهور في الحيازة فقد تكون حيازة حق الارتفاق مستمرة مع أن حق الارتفاق نفسه غير مستمر والعبرة في هذه الحالة باستمرار الحيازة فإذا كانت الحيازة مستمرة بالمعنى العام جاز كسب حق الارتفاق بالتقادم حتى لو كان هذا الحق غير مستمر بالمعنى الخاص وقد تقدم بيان ذلك وكذلك الظهور في الحيازة غيره في حق الارتفاق ولكن هنا يطلب القانون الظهور بمعناه الخاص في حق الارتفاق أي أن يكون لهذا الحق معالم ظاهرة حتى تؤدي الحيازة إلى كسب حق الارتفاق بالتقادم وقدمنا أن التقنين المدنى الجديد يخلط ما بين الظهور في حق الارتفاق والظهور في الحيازة ويجعلهما شيئاً واحداً هو الظهور في حق الارتفاق لاعتبارات عملية .
وكذلك ما قررناه من وجوب توافر الحيازة على عنصريها المادي والمعنوي ينطبق هنا في حيازة حق الارتفاقي حتى تؤدي الحيازة إلى كسب هذا الحق بالتقادم ونقف في العنصر المعنوي للحيازة عندما سبق أن قررناه من انتفاء هذا العنصر فى أعمال التسامح وفي إتيان الرخصة من المباحات لنعيد في إيجاز ما قدمناه في هذا الشأن مطبقاً على حيازة حق الارتفاق .
أعمال التسامح فى حيازة حق الارتفاق لا تؤدي إلى كسبه بالتقادم : وأكثر ما ترد أعمال التسامح في حيازة حق الارتفاق فهى تتضمن حيازة مادية لحق الارتفاق أي أعمالاً تعتبر استعمالاً فعلياً لهذا الحق ولكن صاحب العقار المرتفق به لا يحمل هذه الأعمال على محمل الاعتداء على عقاره بل يكون قد رخص لجاره في القيام بها ترخيصاً صريحاً أو ترخيصاً ضمنياً بالسكوت عليها فيكون هذا تسامحاً منه نحو جاره محافظة منه على حسن الجوار وكذلك الجار الذي يستعمل حق الارتفاق إنما يستعمله لا بقصد الاعتداء على ملك جاره بل هو يستعمله بناء على هذا الترخيص الصريح أو الضمني الصادر له من جاره فتكون الحيازة هنا قد تجردت عن عنصرها المعنوي وهو عنصر القصد ولذلك لا تقوم ومن ثم لا تؤدي إلى كسب حق الارتفاق بالتقادم فإذا أقام الجار بناء في الحد الفاصل بين أرضه وأرض جاره وكانت الأرض الأخيرة أرضاً فضاء وفتح الجار نافذة في الحائط المقام في الحد الفاصل فيغلب أن يترك صاحب الأرض جاره يفتح المطل على سبيل التسامح لأن فتح المطل فى هذه الحالة لا يضايقه إذ أن أرضه فضاء فلا يضيره أن يفتح جاره مطلاً عليها . وتكون حيازة صاحب المطلب قائمة على تسامح من الجار فهي حيازة مجردة من العنصر المعنوي وهو عنصر القصد فلا يكسب حق ارتفاق بالمطل لو بقى المطل مفتوحاً خمس عشرة سنة أو أكثر وإذا كانت الأرض محبوسة عن الطريق العام ولكن صاحبها مر في أرض الجار لأن المسافة منها إلى الطريق العام أقصر وأيسر وثبت أن الجار قد ترك جاره يمر في أرضه على سبيل التسامح فعند ذلك تكون حيازة هذا الأخير لحق المرور حيازة مادية محضة مجردة من العنصر المعنوي وهو عنصر القصد فلا يستطيع أن يكسب حق المرور بالتقادم ولو بقى يمر في أرض الجار خمس عشر سنة أو أكثر .
وقاضي الموضوع هو الذي يقدر ما إذا كانت الأعمال التى قام بها الجار قد تحملها منه جاره على سبيل التسامح فلا تكسبه هذه الأعمال حق الارتفاق بالتقادم وينظر القاضي في ذلك إلى مقدار ما تحدثه من هذه الأعمال من مضايقات للجار وإلى مقدار ما لهذا الجار من مصلحة في معارضة هذه الأعمال فإذا لم تكن هذه الأعمال من شأنها أن تضايق الجار كثيراً وكان هذا الجار مصلحة في عدم معارضتها حفاظاً منه على حسن الجوار ورعاية منه لما يقوم بينه وبين جاره من علاقة لا ينبغي أن يعكر صفاءها أمكن أن يستخلص من كل ذلك أن لجار قد احتمل من جاره هذه الأعمال على سبيل التسامح وأن هذا الأخير لم يقم بهذه الأعمال اعتداء على حق الجار ولكن لما آنسه من روح التسامح عند هذا الجار .
إتيان الرخصة من المباحثات لا تؤدى إلى كسب حق ارتفاق بالتقادم : وقدمنا أن الفقرة الأولى من المادة 949 مدنى تنص على أنه لا تقوم الحيازة على عمل يأتيه شخص على أنه مجرد رخصة من المباحات أو عمل يتحمله الغير على سبيل التسامح .
والعمل الذي يأتيه الشخص على أنه رخصة من المباحات هو محض رخصة يأتيها وليس لأحد أن يمنعه منها فلا هو في إثباتها حاز حق ارتفاق ولو محض حيازة مادية ولا هو من باب إلى توافر عنده قصد استعمال حق ارتفاق ومن ثم لا تقوم الحيازة بإتيان هذه الرخصة لتخلف عنصريها المادي والمعنوي معاً ففي حين أن أعمال التسامح يقوم بها العنصر المادي للحيازة دون عنصرها المعنوي إذا بإتيان رخصة من المباحات لا تقوم به الحيازة أصلاً لا في عنصرها المعنوي ولا في عنصرها المادي فإذا فتح شخص مطلاً مستوفياً لقيد المسافة فهو في ذلك إنما يستعمل رخصة في حدودها القانونية ومن ثم يجوز لصاحب العقار المجاور أن يقيم حائطاً في حدود ملكه لأن صاحب المطل لم يكسب حق ارتفاق قبل جاره بفتحه المطل إذ هو لم يأت في ذلك إلا برخصة من المباحات وإذا أقام شخص حائطاً على حدود ملكه وفتح فى هذا الحائط منوراً مستوفياً لشروطه فهو في فتحه للمنور إنما أتى رخصة من المباحات ولم يقصد من فتح المنور الاعتداء على حق لأحد ولم يقع فعلاً أي اعتداء على حق لأحد فلا تقوم له حيازة في هذه الحالة ولا يكسب حق ارتفاق قبل الجار ويجوز للجار حتى لو بقى المنور مفتوحاً مدة خمس عشرة سنة أو أكثر أن يقيم في حدود ملكه حائطاً يسد به المنور ولا يجوز لصاحب المنور أن يتمسك بأنه سب حق فتح المنور بالتقادم كذلك لو أصبح الحائط الذي فتح فيه المنور حائطاً مشتركاً فإنه يجوز للجار الآخر أن يطلب سد المنور بعد أن أصبح الحائط مشتركاً ولا يجوز لصاحب المنور أن يقول إن المنور بقى مفتوحاً خمس عشرة سنة فكسب حق ارتفاق بالتقادم ونرى من كل ذلك أن إتيان رخصة من المباحات كالقيام بعمل من أعمال التسامح لا تقوم به حيازة ولا يؤدي إلى كسب حق ارتفاق بالتقادم .
مدة التقادم فى التقنين المدنى المصرى : أما فى التقنين المدنى المصري فالمسألة لا تحتمل أي خلاف فإن الفقرة الثانية من المادة 1016 مدني كما رأينا تنص على ما يأتى : ولا يكسب بالتقادم إلا الارتفاقات الظاهرة بما فيها حق المرور فلم تنقل ما قررته المادة 690 مدني فرنسي من أن حق الارتفاق يكسب بالحيازة المدة الطويلة بل قررت أن حق الارتفاق الظاهر يكسب بالتقادم إطلاقاً دون تمييز بين التقادم الطويل و التقادم القصير فلم يعد هناك محل في القانون المصري للوقوف في كسب حق الارتفاق على التقادم الطويل دون التقادم القصير بل يجب القول دون أي تردد أن حق الارتفاق في القانون المصري يكسب بالتقادم القصير كما يكسب بالتقادم الطويل متى كان حق الارتفاق ظاهراً .
فحق الارتفاق الظاهر يكسب إذن بالتقادم الطويل أي بحيازة تدوم خمس عشرة سنة فإذا حاز شخص على عقار جاره حق ارتفاق ظاهر ليس له كحق مطل أو حق مرور واستمر حائزاً له مدة خمس عشرة سنة وتوافرت في الحيازة عنصراها المادي والمعنوي وكذلك توافرت شروطها فإن الحائز لحق الارتفاق يتملك هذا الحق بالتقادم الطويل .
وحق الارتفاق الظاهر يكسب أيضاً بالتقدم القصير أي بحيازة تدوم خمس سنوات فإذا كان حائز العقار المرتفق به لا يملكه سواء كان حائزاً بحسن نية أو بسوء نية ورتب على العقار الذي يحوزه حق ارتفاق بالمطل أو حق ارتفاق بالمرور مثلاً بموجب اتفاق بينه وبين مالك العقار المرتفق فإن هذا الأخير لا يملك حق الارتفاق بهذا الاتفاق، لأن الاتفاق صادر من غير مالك . ولكن إذا كان حسن النية أي يعتقد أنه تعاقد مع المالك وحاز حق الارتفاق حيازة مستوفية لعنصريتها وشرائطها وكان حق الارتفاق ظاهراً ودامت حيازته خمس سنوات فإنه يتملك حق الارتفاق بالتقادم القصير.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ التاسع المجلد / الثاني الصفحة/ 1753)
التصرف القانوني هو الذي ينشئ حق الارتفاق فقد يكون هذا التصرف عقد بيع محله الارتفاق فيقرر صاحب العقار المرتفق به ارتفاقاً لمصلحة العقار المرتفق فيكون الأول بائعاً والثاني مشترياً يلتزم بدفع الثمن المتفق عليه وإلا كان للبائع منعه من المرور استناداً إلى حقه في الحبس وقد يكون التصرف مقايضة فيقرر كل من الجارين حق ارتفاق على عقاره لمصلحة عقار جاره وقد يكون ذلك بمعدل أو بدون معدل وقد يكون التصرف هبة التصرف هبة أو وصية ويجب اتباع الشكل المقرر للتصرف المنشئ لحق الإرتفاق كما تسري الأحكام الموضوعية لهذا التصرف ويخضع التصرف في إثباته للقواعد العامة في الإثبات كما يجب تسجيله لوروده على حق عيني وحقوق الارتفاق التي أنشئت بتصرف قانوني تکون حقوقاً اتفاقية وبذلك تختلف عن القيود الواردة على الملكية فهذه مصدرها القانون على نحو ما أوضحناه في الملكية على أنه إذا انتفى شرط من شأنه رفع القيد عن الملكية كان للجار الذي انتفى هذا الشرط بالنسبة لأرضه أن يتفق مع جاره على تقرير حق ارتفاق مما كان يعد قيداً على الملكية لو توافرت الشروط القانونية للتمسك بهذا القيد فللجار الذي ليس لديه مصدراً كافياً من المياه لري أرضه أن يسقي زرعه من مجرى جاره فهذا قيد على الملكية ولكن إذا كان هذا الجار يمكنه ري أرضه رياً كافياً من آبار بأرضه انتفى حقه في الري من أرض جاره وأصبحت الأرض الاخيرة بريئة من قيد الشرب، ومن ثم يجوز الاتفاق على إنشاء ارتفاق بالشرب بين الجارين، وهكذا بالنسبة لباقي القيود الواردة على الملكية.
حق الارتفاق من الحقوق المتفرعة عن حق الملكية ويعتبر من القيود الواردة على الحق الأخير وقد ينشأ مستقلاً عن التصرف الناقل لحق الملكية او مندمجا فيه كما في قيود البناء الاتفاقية وهي ارتفاقات تضمنها التصرف الناقل للملكية بأن يتفق بائع الأرض الفضاء مع المشتري ألا يرتفع الأخير في البناء عن حد معين أو أن يترك مساحات معينة دون بناء أو أن يبيع المالك مبنى ويشترط على المشتري علم تعليته أو عدم إجراء تعديل في واجهته وحينئذ تعتبر هذه القيود التزامات تعهد المشتري باحترامها وفقاً لما تضمنه العقد الناقل للملكية فإن خالفها جاز للبائع أن يطلب فسخ هذا العقد أو التنفيذ العيني لالتزام المشتري فإن طلب التنفيذ العيني سقط حقه في طلب الفسخ أما إذا طلب الفسخ فإنه يكون بسبب يرجع إلى المشتري فيصبح سييء النية وفي هذه الحالة تطبق المادة 924 من القانون المدني .
التصرف القانوني هو كأصل الذي ينشىء حق الارتفاق وقد يكون هذا التصرف عقد بيع محله حق الارتفاق فيقرر مالك العقار المرتفق به ارتفاقاً لمصلحة العقار المرتفق فيكون الأول بائعاً لحق الارتفاق والثاني مشترياً له يلتزم يدفع الثمن المتفق عليه وقد يكون التصرف مقايضة فيقرر كل من الجارين حتى ارتفاق على عقاره لمصلحة عقار جاره ويكون ذلك بمعدل أو بدون معدل وقد يكون التصرف هبة أو وصية ويجب اتباع الشكل المقرر أن تطلب القانون للتصرف شكلاً معيناً كما ترى الأحكام الموضوعية لهذا التصرف.
فإن كان التصرف بيعاً تم شهره على نحو ما أوضحناه بالنسبة لشهر عقد البيع فيما تقدم وأن كان التصرف مقايضة أو هبة أو وصية تم شهرة على نحو ما أوضحناه فيما تقدم بالنسبة لكل من هذه التصرفات.
ومتی تم شهر التصرف اكتسب المتصرف إليه حق الارتفاق اعتباراً من تاريخ الشهر وأصبح هذا الحق من ملحقات العقار المرتفق أما قبل شهر التصرف فلا ينشأ حق الارتفاق لا فيما بين المتعاقدين ولا بالنسبة للغير ومفاد ذلك أن مالك العقار المرتفق به اذا باع عقاره وتم تسجيل هذا البيع قبل تسجيل التصرف المنشئ لحق الارتفاق فإن العقار ينتقل إلى المشتري خالياً من حق الارتفاق وإذا ظل العقار المرتفق به دون أن يتصرف فيه مالكه وإنما مالك العقار المرتفق هو الذي تصرف في عقاره وسجل المتصرف إليه عقده قبل تسجيل التصرف المنشئ لحق الارتفاق فإن ملكية العقار المرتفق تنتقل إلى المتصرف إليه بدون حق الارتفاق ولكن يجوز للأخير أن يرفع دعوى بصحة ونفاذ التصرف المنشيء لحق الارتفاق متى حصل عليه ولو لم يحول إليه وذلك استعمالاً لحقوق مدنية عن طريق الدعوى غير المباشرة ويسجل صحيفة الدعوى ثم يؤشر بمنطوق الحكم الصادر فيها في هامش تسجيل الصحيفة فيرتد أثر التأشير إلى تاريخ تسجيل الصحيفة وحينئذ لا يحاج التصرف إليه بالتصرفات التي تصدر من مالك العقار المرتفق به متى شهرت بعد تسجيل الصحيفة المؤشر عليها بمنطوق الحكم فإن لم يحصل المتصرف إليه على السند المنشيء لحق الارتفاق خضع في إثباته للقواعد العامة.
يشترط في کسب حق الارتفاق بالتقادم أن يكون ظاهراً فإن كان غير ظاهر کالارتفاق بعدم التعلية فلا يرد عليه التقادم إذ ليست له علامة خارجية تنبئ عنه وأن يتوفر الظهور بمعناه الخاص فحق الارتفاق بالمرور يكون ظاهراً بالمعنی العام للظهور إذا كان الشخص يمر علانية في أرض جاره ولم يكتف القانون بذلك بل اشترط الظهور بمعناه الخاص بأن يوجد للطريق معالم ظاهرة أما في باقي الارتفاقات فيكفي الظهور بمعناه العام مادام مستمراً كالارتفاق بالمطل والشرب والمجرى والمسيل ويجب أن تتوافر الحيازة بعنصريها المادي والمعنوي مستوفية شروطها .
وأن تستمر خمس عشرة سنة فإن وجد السبب الصحيح وتوفر حسن النية اكتسب الحائز الارتفاق بالتقادم القصير أي بخمس سنوات وإذا تقرر ارتفاق على مال عام فإنه لا يكتسب بالتقادم ويتحدد نطاق الارتفاق وفقاً للمادة 1019 .
حددت المادة 970 من القانون المدني الجهات التي حظر المشرع إكتساب ملكية أموالها بالتقادم ومنها الدولة فيما يتعلق بأملاكها العامة أو الخاصة كما تضمنت تلك المادة حظر کسب أي حق عيني على أموال هذه الجهات جميعاً بالتقادم وبالتالي فلا يجوز إكتساب حق ارتفاق بالتقادم على أموال الدولة والجهات التي تضمنتها المادة.
يجب لإكتساب حق المرور بالتقادم أن تتوافر في حيازة هذا الحق الشروط الواجب توافرها في الحيازة المكسبة للحق من هدوء وظهور وعدم خفاء وأن تستمر خمس عشرة سنة وأن تكون حيازة متعدية بتوافر نية إكتساب الحق وبالتالي لا تكفي الحيازة التي تستند إلى التسامح إذ تكون بمثابة رخصة لاتكسب حقاً وتوافر تلك النية عندما تكون الأرض محبوسة عن الطريق العام مما يجعل المالك لها مضطراً للمرور عبر أرض جاره فإن لم تكن أرضه محبوسة فإن مروره يكون من قبيل التسامح .
ترفع دعوى الارتفاق وفقاً للقواعد العامة المقررة في المادة 63 وما بعدها من قانون المرافعات وبالتالي فإنها ترفع بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة التي يقع في دائرتها العقار المرتفق به باعتبارها من الدعاوي العينية العقارية.
وتخضع لكافة القواعد التي تضمنها قانون المرافعات ومن ثم يجب لانعقاد الخصومة فيها إعلان صحيفتها أو حضور المدعي عليه بجلسة المرافعة وأن توقع صحيفتها من محامي وتقرر المحكمة شطبها إن لم يحضر المدعي وتعتبر كأن لم تكن إن لم تجدد من الشطب في الميعاد وتقدم أثناء نظرها الطلبات العارضة سواء من المدعي أو المدعى عليه وعموماً تخضع لكافة القواعد المتعلقة بالدعاوي.
تقدير قيمة دعوى الارتفاق :
حق الارتفاق حق عيني يترتب لمصلحة عقار على عقار آخر فلا يترتب لمصلحة شخص ويطلق على العقار الأول العقار المرتفق أو المخدوم بينما يطلق على الثاني العقار المرتفق به أو الخادم وحتى الارتفاق يكون بالرؤية أو بالمرور أو بالشراب أو بالمسيل أو بعدم البناء أو باغتراف المياه ورعي المواشي و استخراج الأحجار و مسيل مياه الأمطار والمياه المنزلية بالميازيب وإلقاء القمامة والاحتطاب ووضع عوارض خشبية على الحائط الفاصل واختراق عقار الجار لاصلاح منزل أو حائط ملاصق.
ولما كان حق الارتفاق يكتسب بتخصيص مالك العقارين أو بموجب تصرف قانوني أو بالتقادم فإن الدعوى المتعلقة به تكون أما بتقريره أو بانكاره وفي الحالتين تقدر قيمتها بربع قيمة العقار المقرر عليه الحق وهو العقار المرتفق به أي العقار الخادم فيحتسب قيمته أولاً وفقاً للبند من المادة 37 من قانون المرافعات قيمة هي قيمة دعوى حق الارتفاق .
الارتفاق حق عینی مقرر على عقار لمصلحة عقار آخر قد يكون بالمطل أو المرور أو الشراب أو المسيل أو الارتكاز أو بغير ذلك من الارتفاقات.
وبالتالي تنصرف الطلبات في دعوى الارتفاق إلى تقرير هذا الحق أو إنكاره وفي الحالة الأولى يقع على عاتق المدعى عبء إثبات نشوء حق الارتفاق وذلك بتقديم الدليل على ذلك كالعقد الذي تلقي به هذا الحق أو بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة له وتوافر شروط الحيازة اللازمة لذلك فإن تبين للمحكمة توافر الدليل على نشوء الأنفاق قضت بثبوت الحق فيه فإن إمتدت الطلبات إلى ترتيب آثار هذا الحق کمنع البناء الذي من شأنه تعطيل إستعمال هذا الحق قضت بذلك كالبناء الذي يؤدي إلى سد المطل مما يوجب على الجار أن يرتد ببنائه إلى المسافة القانونية التي لا يؤثر في استعمال الارتفاق المكتسب أما إذا تبين أن الارتفاق لم يكتسب فإن الحق لا يكون قد نشأ فلا يلتزم الجار بتمكين جاره من المطل الذي يدعي اكتسابه بالتقادم.
ويكون لمالك العقار المدعي بوجود حق ارتفاق عليه إقامة دعوى بانكار حق الارتفاق طالباً الحكم بخلو عقاره من الارتفاق المدعي به أو بأعادة الارتفاق إلى نطاقه ويقع على عاتق من يدعي بوجود حق الارتفاق وهو المدعي عليه في دعوى الإنكار إثبات وجود الارتفاق.
يخضع الحكم الصادر في دعوى الارتفاق للقاعدة العامة في تسبيب الأحكام وبالتالي يجب على المحكمة أن تنزل بالدعوى الوصف الصحيح الذي يتفق مع القانون فلا تعتد بالتكييف الذي أسبغه المدعي على دعواه حتى لو أقره عليه المدعى عليه باعتبار أن مسألة التكييف من مسائل القانون التي ترشد القاضي إلى النصوص التي يجب عليه تطبيقها على واقعة الدعوى، وهو لا يتصدى صراحة لتلك المسألة إلا إذا تبين أن المدعي أخطاها فانحرف عما كان يجب عليه التزامه.
كما يجب على المحكمة الإلمام بالوقائع حسبما تضمنته صحيفة إفتتاح الدعوى وما قدم فيها من مستندات ودلالتها وتمحيص الدفوع وأوجه الدفاع لاستخلاص وجه الرأي الصحيح في الدعوى ويجب أن يكون استخلاصها سائغاً .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع عشر الصفحة/ 287)
أسباب كسب حق الارتفاق هي أسباب كسب حق الملكية إلا أن يكون سبب كسب الملكية متعارضاً مع طبيعة حق الارتفاق فيخرج بذلك الالتصاق والشفعة ويبقى العمل القانوني (العقد والوصية) والميراث والتقادم.
ونعرض فيما يلى لهذه الأسباب.
السبب الأول :
العقد والوصية:
ينشأ حق الارتفاق بالعقد والوصية فالعقد والوصية تصرف منشئ للحق ابتداء وليس ناقلاً له من شخص إلى آخر والعقد هو الغالب في إنشاء هذا الحق.
والعقد قد يكون معاوضة بيعاً مثلاً بمقتضاه ينشئ مالك العقار المرتفق به النقود أو يكون مقايضة فبدلاً من أن يحصل مالك العقار المرتفق به من مالك العقار المرتفق على الثمن يتفق معه على ترتيب حق ارتفاق على عقار الأخير لفائدة عقاره هو كأن يرتب كل من المالكين حق مرور على عقاره لفائدة العقار الآخر وقد يكون العقد وفاء بمقابل حيث يقبل الشخص ترتيب حق ارتفاق على عقاره لفائدة عقار آخر وفاء الدين في ذمته لصاحب العقار المرتفق.
وقد ينشأ حق الارتفاق عن طريق الاحتفاظ بهذا الحق كأن يبيع مالك عقاره لشخص ويحتفظ في عقد البيع بحق ارتفاق يترتب على العقار المبيع الفائدة عقار آخر يملكه البائع.
ويصح أن يكون العقد تبرعاً فيحصل صاحب حق الارتفاق على هذا الحق دون مقابل ويكون الشيء الموهوب هو حق الارتفاق. .
أما الوصية فهي تصرف قانوني واحد لا يتنوع وتصدر من الموصي وهو مالك العقار المرتفق به يرتب بموجبها حق ارتفاق على عقاره لفائدة عقار آخر هو العقار المرتفق ويكون مالك هذا العقار المرتفق هو الموصي له.
والتصرف القانوني - أياً كانت نوعه- ينشئ حق الارتفاق أياً كان نوعه إيجابياً أو سلبياً مستمراً أو غير مستمر ظاهراً وغير ظاهر.
أما بعض الأسباب الأخرى لكسب حق الارتفاق التقادم المكسب وتخصيص المالك الأصلي كما سنرى فلا ينشئ إلا الارتفاقات الظاهرة الإيجابية.
غير أنه يراعي أن إنشاء حق الارتفاق بالعقد والوصية مقيد بأن يكون هذا الحق في حدود القانون والنظام العام والآداب.
يجب مراعاة الأوضاع الشكلية التي يتطلبها القانون في التصرف المنشئ لحق الارتفاق.
فإذا كان التصرف معاوضة كالبيع فإنه ينعقد بالتراضي إذ ليس لهذا التصرف شكل خاص.
وإذا كان التصرف هبة أو وصية تعين إفراغه في الشكل الذي يتطلبه القانون.
الأحكام الموضوعية للتصرف القانوني:
تسري القواعد العامة على الأحكام الموضوعية التي يخضع لها التصرف القانوني المنشئ لحق الارتفاق.
فإذا كان التصرف معاوضة سرت أحكام المعاوضات وإذا كان تبرعاً سرت أحكام التبرعات.
فإذا كان التصرف معاوضة وجب أن يكون صادراً من مالك العقار المرتفق به أو من نائب عنه فإذا لم يكن من صدر منه التصرف مالكاً أو نائباً عن المالك فلا ينشأ حق الارتفاق إلا إذا توافرت شروط الاشتراط لمصلحة الغير كما يجب أن يكون المالك أهلا للتصرف وإذا كان العقد الذي رتب الارتفاق من عقود التبرع تعين أن يكون أهلاً للتبرع.
ويجوز لمالك الرقبة أن يرتب على أرضه حق ارتفاق بشرط ألا يضار به صاحب حق الانتفاع.
ويجوز ترتیب حق الارتفاق على عقار ترتبت عليه حقوق عينية أخرى كحق ارتفاق أو حق انتفاع أو حق رهن رسمي وفي هذه الحالة لا يجوز أن يضار أصحاب الحقوق العينية السابقة بحق الارتفاق الجديد إذا كانوا قد قاموا بشهر حقوقهم قبل شهر حق الارتفاق.
أما صاحب حق الانتفاع فقد ذهب رأي إلى أنه يجوز له أن يرتب حق ارتفاق على العين ذاتها بحيث ينقضي بانقضاء حق الانتفاع فتقرير ارتفاق مؤقت ليس إلا تصرفاً في منفعة الشيء مما يجوز للمنتفع القيام به.
بينما ذهب الرأي الغالب إلى أنه لا يجوز للمنتفع أن يرتب حق ارتفاق لا على العقار لأنه لا يملك رقبته ولا على حق الانتفاع لأن حق الارتفاق إنما يترتب على الرقبة وكل ما يملك هو أن يرتب في ذمته التزاماً شخصياً نحو مالك العقار الآخر.
ونظراً لأن حقوق الارتفاق لا ترد إلا على عقارات فيجب تسجيل التصرفات القانونية المنشئة لها سواء كانت هذه التصرفات عقوداً أو وصایاً فإذا لم تسجل هذه التصرفات فإن حقوق الارتفاق لا تنشأ لا فيما بين ذوي الشأن ولا بالنسبة للغير تطبيقاً للمادة التاسعة من قانون تنظيم الشهر العقاري.
الارتفاق الذي يرتبه المالك على الشيوع:
ليس لأحد الشركاء على الشيوع أن يقرر ارتفاق على العقار الشائع من غیر رضا سائر الشركاء وإذا فعل فإنه لا يجوز استعمال الارتفاق إلا إذا أجازه باقي الشركاء أو إذا حصلت القسمة ووقع العقار المقرر عليه الارتفاق أو جزء منه في نصيبه فيصح عندئذ استعمال حق الارتفاق على العقار أو علی الجزء الذي اختص به أي أن حق الارتفاق الذي يرتبه الشريك في الملك على عقار شائع من غير رضا باقي الشركاء في الملك يكون صحيحاً كحق معلق على شرط ولا ينتج أثره إلا بعد القسمة إذا وقع العقار المحمل بالارتفاق في نصيب منشئه وبالقدر الذي يكون له فهو لا ينقل الأجزاء التي تقع في نصيب باقي الشركاء بموجب القسمة.
للمالك تحت شرط فاسخ أو واقف أن يرتب حقوق الارتفاق ولكنها تكون معلقة على تحقق الشرط.
الارتفاق الذي يرتبه مالك العقار المرهون :
يصح لمالك العقار المرهون أن يقدر على عقاره حق ارتفاق ولكن يجب ألا يضر ذلك بحقوق الدائنين المرتهنين.
الأهلية اللازمة لترتيب حق الارتفاق:
إذا كان ترتيب حق الارتفاق قد تم معاوضة وجب أن يكون منشئ حق الارتفاق أهلاً للتصرف وإذا ترتب حق الارتفاق تبرعاً وجب أن تتوافر لديه أهلية التبرع.
أما المنتفع بالارتفاق فيجب أن يكون مالكاً للعقار المرتفق ولكن ليس من اللازم أن يكون أهلاً للتصرف فيكفي توافر أهلية التعاقد إلا إذا كان تلقي حق الارتفاق بعوض فتشترط فيه أهلية التصرف.
وبما أن الارتفاق يزيد في قيمة العقار المرتفق أو في منفعته فيجوز لناقصي الأهلية و لواضعي اليد حسني النية أو سيء النية إنشاء حقوق الارتفاق العقارهم على غيره
السبب الثاني: اكتساب حقوق الارتفاق بالتقادم المكسب
رأينا أن الفقرة الثانية من المادة 1016 مدني تنص على أن: ولا يكسب بالتقادم إلا الارتفاقات الظاهرة بما فيها فالارتفاقات التي تكتسب بالتقادم هي الارتفاقات الظاهرة فقط بما فيها حق المرور أما الارتفاقات غير الظاهرة فلا تكسب بالتقادم.
وقد أسلفنا أن الارتفاق غير الظاهر هو الارتفاق الذي ليست له علامة خارجية تنم عن وجوده وذلك كالارتفاق بعدم البناء وكالارتفاق بالمرور إذا لم يكن للطريق الذي يباشر فيه هذا الحق معالم ظاهرة.
وعلى ذلك فالظهور في حق الارتفاق يختلف عن الظهور في الحيازة فقد تكون حيازة الارتفاق ظاهرة بأن يباشر المرور علناً وأمام الكافة وبالذات في مواجهة مالك العقار المرتفق به ومع ذلك يكون هذا الارتفاق بالمرور غير ظاهر إذا لم يكن للطريق معالم ظاهرة.
إذا كان المشرع قد بين ما يمكن اكتسابه بالتقادم من حقوق الارتفاق وقصره على الارتفاقات الظاهرة فإنه قد خص منها حق المرور والواقع أن المشرع في هذا الصدد يقصد أن يكون من الممكن كسب حقوق الارتفاق الظاهرة سواء كان الحق مستمراً أو غير مستمر ولما كان حق المرور مستمراً فقد حرص المشرع على تأكيد إمكان اكتسابه بالتقادم.
وعلى ذلك إذا فتح شخص في حائط منزله مطلا على أقل من المسافة القانونية، وظل هذا المطل مفتوحا المدة اللازمة لكسبه بالتقادم، فإنه يكسب ارتفاقا بالمطل.
فالارتفاق هنا ظاهر له علامات محددة وهو مستمر لا يحتاج في مباشرته الأعمال الإنسان ويحق لصاحبه الاحتفاظ به مفتوحاً على أقل من المسافة القانونية وليس لجاره المطالبة بسده بل إن أراد البناء فعليه الارتداد عن الخط الفاصل بين العقارين بمقدار المسافة القانونية حتى لا يسد المطل الذي كسبه بالتقادم وحق المرور وهو ارتفاق غير مستمر لأنه يحتاج في استعماله لعمل الإنسان يجوز اکتساب ملكيته بالتقادم وغنى عن البيان أنه إذا كان لم يشترط استمرار حق الارتفاق أي وجوب تدخل عمل الإنسان في استعماله فإن الاستمرار في المعنى العام في الحيازة واجب حتى يكسب حق المرور بالتقادم فيجب أن يكون صاحب العقار المرتفق مداوماً على المرور في العقار المرتفق به وفي الطريق المعد لذلك.
وإذا كان من الجائز کسب حق الارتفاق الظاهر بالتقادم فإنه من باب أولى يجوز أن يكسب بالتقادم أيضاً طريقة استعماله فإذا كسب شخص ارتفاقاً بالمطل على ملك جاره على أقل من المسافة القانونية في حدود نافذة واحدة فى طابق معين فإنه إذا فتح نافذة أخرى بخلاف الأولى أو في طابق آخر واستمر المدة اللازمة للتقادم فإنه يكسب بالتقادم ما أدخله من تعديل على حق ارتفاقه الأصلي الحيازة التي تكسب حق الارتفاق بالتقادم هي ذات الحيازة التي تكسب حق الملكية بالتقادم
وهذه الحيازة لها عنصران: عنصر مادي وعنصر معنوي.
والعنصر المادي يتحقق باستعمال حق الارتفاق عن طريق أعمال مادية يقتضيها مضمون هذا الحق كالمرور في أرض الجار في الارتفاق المرور أو بفتح نافذة في حائط على مسافة أقل من المسافة القانونية تطل على عقار جاره في الارتفاق بالمطل.
ويجب أن تكون هذه الحيازة خالية من العيوب التي قد تشوبها فلا يصح أن تقترن بإكراه أو أن تحصل خفية أو يكون فيها لبس بمعنى أن تكون هذه الحيازة مستمرة ظاهرة هادئة غير غامضة فإذا شابها أحد هذه العيوب لم يكن لها أثر قبل من وقع عليه الإكراه أو أخفيت عنه الحيازة أو التبس عليه أمرها إلا من الوقت الذي تزول فيه هذه العيوب (م 2 / 949 مدنی).
وقد سبق أن تناولنا ذلك تفصيلاً في شروط الحيازة وقد قدمنا أن هناك معنی خاصاً لحق الارتفاق المستمر ولحق الارتفاق الظاهر وهذا المعنى غير مطلوب في الشرطين العامين للاستمرار والظهور في الحيازة فقد تكون حيازة حق الارتفاق مستمرة مع أن حق الارتفاق نفسه غير مستمر والعبرة في هذه الحالة باستمرار الحيازة فإذا كانت الحيازة مستمرة بالمعنى العام جاز کسب حق الارتفاق بالتقادم حتى لو كان هذا الحق غير مستمر بالمعنى الخاص وكذلك الظهور في الحيازة غيره فی حق الارتفاق ولكن هنا يطلب القانون الظهور بمعناه الخاص في حق الإرتفاق أي أن يكون لهذا الحق معالم ظاهرة حتى تؤدي الحيازة إلى كسب حق الإرتفاق بالتقادم.
رأينا - سلفا عند تناول الحيازة - أن الفقرة الأولى من المادة 949 مدني تقضي بألا تقوم الحيازة على عمل يأتيه شخص على أنه مجرد رخصة من المباحات...... إلخ. وهذه القاعدة لها أهمية كبيرة على الخصوص في موضوع حقوق الارتفاق فلا يمكن اكتساب حق ارتفاق إذا كان العمل الذي يأتيه الشخص مجرد رخصة من المباحات.
وقد رأينا أن العمل يكون مجرد رخصة من المباحات إذا كان عملا يقوم به الشخص لأنه من الأعمال التي يبيحها له القانون باعتبار أنها داخلة في نطاق حقه ولا يستطيع أحد منعه منها ومن ثم لا تقوم الحيازة بإتيان هذه الرخصة.
التخلف عنصريها المادي والمعنوي وبهذا تنتفي الحيازة لحق الإرتفاق فمثلاً لو فتح أحد الملاك منوراً على حافة ملكه بحيث كان هذا المنور يلاصق ما يعلو أرض الجار ثم أراد الجار أن يقيم البناء على حدود ملكه لم يكن لصاحب اكتسبه بمضي المدة لأن فتح المناور ليس سوى استعمال الحق الملكية وليس فيه اعتداء على ملك الغير حتى يقال بتوافر حيازة لحق ارتفاق.
وكذلك إذا كان مالك البناء يتمتع بالنظر إلى البحر أو إلى أي منظر جميل آخر عابراً بنظره أرضاً فضاء مجاورة لم يكن له الحق في أن يدعي بعد مضي خمس عشرة سنة أنه قد اكتسب ارتفاقاً على هذه الأرض فيمنع صاحبها من البناء عليها حتى لا يحجب عنه المنظر لأن إطلاله على هذا المنظر لم يكن فيه اعتداء على ملك الغير بل مجرد استعمال الملكيته.
وقد رأينا سلفا أنه يجوز أن تتقلب الأعمال التي يستعملها الشخص بواسطة رخصة من المباحات إلى أعمال حيازة صحيحة تتوافر فيها عنصراً الحيازة المادي والمعنوي فتتغير صفة هذه الأعمال فبعد أن كانت أعمالاً لا تقوم بها الحيازة تصبح أعمالاً لا تتم بها الحيازة فتصير صالحة لأن تؤدي إلى التقادم .
يشترط ألا تقوم الحيازة على عمل من أعمال التسامح
رأينا سلفاً عند تناول الحيازة فالحيازة هنا تكون قد تجردت من عنصرها المعنوي وهو عنصر القصد فمن يصرح لجاره بالمرور على أرضه رعاية منه لعلاقة الجوار وآدابه أو من يترك جاره يفتح مطلاً على أرضه الفضاء دون مراعاة المسافة القانونية وإنما يفعل ذلك تسامحاً ورعاية منه لرابطة الجوار ولذلك لا يجوز أن يحتج عليه بعد مضي خمس عشرة سنة بتحول هذا التسامح إلى حق.
وقد رأينا سلفاً أنه يجوز أن تتقلب الأعمال التي التي يقوم بها الشخص علی سبيل التسامح من الجار إلى أعمال حيازة صحيحة يتوافر فيها عنصرا الحيازة المادي والمعنوي فتغير صفة هذه الأعمال فبعد أن كانت أعمالاً لا تقوم بها الحيازة تصبح أعمالاً تتم بها الحيازة فتصير صالحة لأن تؤدي إلى كسب الأرقاق بالتقالم.
مدة التقادم :
تنص الفقرة الثانية من المادة 1016 مدني - كما رأينا - على أن: "ولا يكسب بالتقادم إلا الارتفاقات الظاهرة بما فيها حق المرور ولم تفرق بين اكتساب الارتفاقات الظاهرة بالتقادم المكسب الطويل أو التقادم المكتب القصير و يجوز اكتساب ملكية حق الارتفاق الظاهر بالتقادم الطويل (خمس عشرة سنة) و بالتقادم القصير (التقادم الخمسي) إذا توافرت شروط كل منهما.
وعلى ذلك تكون المدة القانونية اللازمة لاكتساب الارتفاق بالتقادم هي نفس المدة اللازمة لكسب الملكية فهى خمس عشرة سنة إذا لم يكن واضع اليد مستنداً إلى سبب صحيح أو لم يكن حسن النية (م 968)، وهي خمس سنوات إذا كان له سند صحیح وكان حسن النية (969).
فإذا كان العقار موقوفاً فلا يكتسب حق الارتفاق عليه إلا بمضي ثلاث وثلاثين سنة (م 970).
السبب الثالث: اكتساب ملكية حقوق الارتفاق بالميراث:
رأينا أن الفقرة الأولى من المادة 1016 مدني تنص على أن حق الارتفاق يكسب بعمل قانوني أو بالميراث.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الرابع عشر الصفحة/ 167)
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
( مادة ۱۰۱۹)
یکسب حق الإرتفاق بالتصرف القانوني أو بمقتضي الحيازة عند عدم سماع الدعوى •
هذه المادة تقابل المادة 1016 من التقنين الحالي التي تنص على مایاتی
1- حق الارتفاق يكسب بعمل قانوني أو بالميراث.
2- ولا يكسب بالتقادم إلا الارتفاقات الظاهرة
وقد عدلت هذه المادة . حيث استبدلت عبارة ، بالتصرف القانوني « الواردة في الفقرة الأولى بعبارة بعمل قانونی ،، لأن المقصود هو التصرف :وحذف الميراث ، لان ذکره غير دقيق ، اذ ان حق الإنسان لا ينشأ استقلالا من شخص إلى آخر، بل ينتقل مع العقار المرتفق باعتباره حقا تابعا نه. ذلك أن اسباب کسب دن الارتفان هي اسباب اسب الملكية ابتداء وليس انتقالا من سالت سابق ، وذلك فيما عدا ما لايسن من هذه الأسباب مع طبيعة حق الار بهای وبدله يخرج مي شد الاسباب الاستيلاء والالتصاں ، لانهما لا يتفقان مع سپیدیعه حق الارتفاق ، كما تخرج الشفعه والميراث ، لا منهما سبباب س ب الملكية انتقالا ، فلا يصح أن ينتقل بهما حق الارتفان مستقل دانه ) بل ينتقل مع العقار المرتفق باعتباره حقا تابعا له - ويبتى بعد ذلك التصرف القانوني ، اي العقد والوصيه . والحيازه سه عدم سماع العرى ويضاف إلى ذلك تخصيص المسانت وسلی اسنسرم عليه في المادة التالية .
وحذفت الفقرة الثانية ، لان شرط الظهور في الارتفاق لجواز کسبه بالتقادم ماخوذ من القانون الفرنسي، واشتراك الفرد في اليسار القانون يرجع إلى اعتبارات تاريخية ليس لها مبرر معقول . ولا يلح التعليل اشتراط الظهور ما تقوله المذكرة الايضاحية من ايه واشترط في كسب حق الارتفاق بالتقادم ان یون ظاهرا. وذل حي لايموب الحيازة عجیب الخفاء ، مجموعة الأعمال التحضيرية ج6 ص 628
حيث ينطوي هذا التعديل على خلط بين متى الظهور الأرتفاق ومعناه في الحيازة . فالارتفاق الظاهر هو التي تدل عليه علاسة خارجية أما الحيازة الظاهرة فهي التي فيها يباشر الحاز الأعمال احادیه للحيازة على نحو تكون فيه ظاهرة للجمهور ومن تم قد يكون، الارتفاق غير ظاهر ، ومع ذلك تصح حيازته حيازة ظاهرة : نحن الأرتدای باردر قد يكون غير ظاهر ، وذلت اذا لم يكن الطريق مخططا ولم یکن لانه علاقة خارجية أخرى تدل عليه ، ومع ذلك تكون حيازته طاسره خير مشوبة بعيب الخفاء اذا كان الحائر يمر علنا على نحو ظاهر للجمهور : وحق اعتراف المياه ارتفاق غير ظاهر ، ومع ذلك يمكن أن ترد عليه
حيازة غير خفية اذا كان الحائز يغترف المياه بشكل ظاهر وعلنی . كذلك لا يكفي لتبرير اشتراط الظهور في حق الارتفاق أن يقال أن هد الحق يقتضى ظهورا أوضح لما فيه من دقة ولا قد ينطوي عليه من خفاء : اذ ان ممارسة الأعمال المادية للحيازة بشكل ظاهر وعلمی تكفي لمواجهة ما قد ينطوي عليه الارتفاق من خفاء "
والمادة المقترحة تقابل المادة ۱۲۷۲ من التقنين العراقي التي تتفق مع المادة 1016 من التقنين المصرى الحالى :
و تقابل المادة ۱۲۷۲ من التقنين الأردني التي تتفق مع المادة 1016 من التقنين المصری الحال .
وتتفق أحكام المادة المقترحة مع أحكام الفقه الاسلامی
فقد نصت المادة 2016 من المجلة على ما ياتي : يصح بيع حق المرور وحق الشرب والمسيل تبعا للارض والماء تبعا لقنواته . ونصت المادة 1224 على ما يأتي : يعتبر القدم في حق المرور وحق المجری وحق المسيل، يعني ترك شذه الاشياء ونبقي على وجهها القديم الذى كانت عليه لان الشيء القديم يبقی علی حاته على حكم سادة ولا يتغير الا أن يقوم الدليل على خلافه . أما القديم المخالف للشرع فلا اعتبار له ، يعني اذا كان الشيء المعمول مدير مشروع في الأصل فلا أعیار له وان كان لديها ويزال اذا كان فيه نسرز باحش (راجع مادة ۲۷) مثلا اذا كان لدار مسیل قذر في الطريق العام ولي من القديم وكان به ضرر للمارة ، فان ضرره يرفع فيلا اعتبار لقدمه
ونصت المادة 47 من مرشد الحيران على ما يأتي : « حق الشرب وارث ويوصي بالانتفاع به ، والايمان الا تبعا للارض حق المسيل ، ولا يوهب ولا يؤجر ونصت المادة 48 على ما يأتي : القديم يبقى على قدمه في حق المرور وانجزی والسیل ، ما لم يكن غير مشروع من أمله ، لان لان ذلك فان اعتبار له ويزال ان کان فيه صور ہیں. ان کان لدار هسل قنتر في الطريق العام وكان بضرا بالعامه ، يرفع تبرورة ولو كان قديها ولا يعتبر قلمه ،، ونصت المادة 51 على ما يأتي : من كان له مجري أو سيان ماء جان بحق قديم في ملك ش خص أخر ، فليس لصاحبه منوة ، ونصت الماده آه على ما ياتي : « اذا كان لدبر هسمحيل مقتصر على دار الجار من القديم فليس للجار منعه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجلة الأحكام العدلية
مادة (216) بيع حق المرور وحق الشرب والمسيل
يصح بيع حق المرور وحق الشرب والمسيل تبعاً للأرض والماء تبعاً لقنواته.
مادة (1224) القدم في حق المرور
يعتبر القدم في حق المرور وحق المجرى وحق المسيل. يعني تترك هذه الأشياء وتبقى على وجهها القديم الذي كانت عليه لأن الشيء القديم يبقى على حاله على حكم ولا يتغير إلا أن يقوم الدليل على خلافه، أما القديم المخالف للشرع فلا اعتبار له يعني إذا كان الشيء المعمول غير مشروع في الأصل فلا اعتبار له وإن كان قديماً، ويزال إذا كان فيه ضرر فاحش. مثلاً إذا كان لدار مسيل قذر في الطريق العام ولو القديم وكان فيه ضرر للمارة فإن ضرره يرفع ولا اعتبار لقدمه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفور له (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
(مادة 37)
الارتفاق هو حق مقرر على عقار لمنفعة عقار لشخص آخر.
(مادة 47)
حق الشرب يورث ويوصي بالانتفاع به ولا يباع إلا تبعا للأرض كحق المسيل ولا يوهب ولا يؤجر.
(مادة 48)
القديم يبقى على قدمه في حق المرور والمجرى والمسيل ما لم يكن غير مشروع من أصله فإن كان كذلك فلا اعتبار له ويزال إن كان فيه ضرر بين.
فإن كان لدار مسيل قذر في الطريق العام وكان مضراً بالعامة يرفع ضرره ولو كان قديماً ولا يعتبر قدمه.