مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس ، الصفحة : 639
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- لصاحب العقار المرتفق حق عيني أي سلطة على العقار المرتفق به تخول له أن يستعمل حقه وأن يستوفي الخدمة المطلوبة من العقار المرتفق به على وجه لا ينشأ عنه إلا أقل ضرر ممكن للعقار المرتفق به وهذا الحق يتحدد وقت إنشائه ولا يجوز أن يزيد بزيادة حاجات العقار المرتفق إلا باتفاق جديد أو بحكم القانون.
2- ونفقة الأعمال اللازمة لاستعمال حق الارتفاق والمحافظة عليه تكون بداهة على صاحب العقار المرتفق إلا إذا اتفق على غير ذلك فإن اشترط أن تكون على صاحب العقار المرتفق به فإن هذا يستطيع التخلص منها بتخليه عن الجزء المرتفق به من عقاره وإذا كانت الأعمال نافعة للطرفين كما في صيانة الأرض التي يستعمل عليها حق المرور فالنفقة شركة بينهما بنسبة مايعود على كل منهما من الفائدة .
1 ـ إن مؤدى نص المادتين 1016 ، 1019 من القانون المدنى أن للأفراد أن يتفقوا على إنشاء حقوق الارتفاق التى يختارونها سواء كانت إيجابية أم سلبية متى كانت فى حدود القانون والنظام العام والآداب ، وأن سند إنشاء هذا الحق هو الذى يحدد آثاره لأن الإرادة هى مصدر الحق وهى التى تبين مداه وترسم حدوده بما لا يتعارض مع عرف الجهة ، ويفسر القاضى مدى هذا الحق للمتعاقدين طبقاً للقواعد المقررة لتفسير الإرادة بأن يوفق بين فائدة العقار المرتفق وبين إلقاء أقل عبء على العقار المرتفق به .
(الطعن رقم 530 لسنة 67 جلسة 2010/03/28 س 61 ص 442 ق 72)
2 ـ حقوق الإرتفاق وفقاً للمادة 1019 من القانون المدنى تخضع للقواعد المقررة فى سند إنشائها . و إذ كان سبب إنشاء الإرتفاق بالتقادم فإن الحيازة التى كانت أساساً للتقادم هى التى تحدد مدى الإرتفاق .
(الطعن رقم 463 لسنة 49 جلسة 1982/06/09 س 33 ع 2 ص 698 ق 124)
3 ـ حقوق الإرتفاق - وفقاً للمادة 1019 من القانون المدنى - تخضع للقواعد المقررة فى سند إنشائها ، و إذ كان ترتيب حق الإرتفاق بتخصيص المالك الأصلى ليس مبيناً على مجرد نية المالك فى الوقت الذى رتب فيه علاقة التبعية بين العقارين بحيث لو إنفصلاً لكان لأحدهما حق إرتفاق على الآخر ، و إنما مبناه - على ما أوضحته مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدنى - الإتفاق الضمنى الذى إنعقد بين المالكين المختلفين للعقارين وقت إنفصال ملكيتهما ببقاء هذين العقارين بالحالة الواقعية السابقة ، و تحويلها إلى إرتفاق بمعناه القانونى ، و من ثم فإن نطاق هذا الإرتفاق يتحدد بالتخصيص الذى وقع عليه هذا الإتفاق الضمنى بين المالكين ، و هو السند الذى يعين مدى حق الإرتفاق و يرسم حدوده . و إذ كان إستدلال الحكم على توسيع نطاق حق الإرتفاق بالمطل و شموله لعقار من أربعة أدوار بما إستظهره من نية المالك الأصلى هو إستدلال غير صحيح إعتمد فيه الحكم على مصدر لا يؤدى إليه ، ذلك لأن تحديد نطاق الإرتفاق بتخصيص المالك الأصلى لا يكون بالتحرى عن مكمن إرادته و ما إنطوت عليه نيته ، و لا يستدل عليه عن طريق الظن بما أضمره هذا المالك و لم يظهره ، و إنما يجب الرجوع إلى ذات الوضع الفعلى الذى هيأه المالك الأصلى ، و هو المظهر المادى الذى أحاط به مالكا العقارين تثبت و تلاقت عليه إرادتهما الضمنية ، و يكون تحديد نطاق الإرتفاق بالتعرف على حكم هذا الواقع و إعمال هذه الإرادة بقدرها . و إذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن العقار الذى شيده المالك الأصلى بالفعل و إنتقل بالقسمة إلى المطعون ضده إنما كان من بدروم و دور أرضى ، و من ثم فلا يمكن القول إلا بأن إرادة المالكين الضمنية قد تلاقت عند إنفصال العقارين على بقاء حق الإرتفاق بالمطل فى هذه الحدود وحدها ، و ليس لعقار كان مزمعا تشييده من أربعة أدوار و لم يتم .
(الطعن رقم 281 لسنة 37 جلسة 1972/04/08 س 23 ع 2 ص 676 ق 106)
4 ـ إن المبيع ينتقل إلى المشترى بالحالة التى حددها الطرفان فى عقد البيع ، و إذ كان الثابت أن البائعتين للطاعنة قد صرحتا فى عقد البيع بنفى وجود أى حق ارتفاق للعقار المبيع ، فإن القول بانتقال هذا الحق إلى المشترى رغم وجود النص المانع يكون على غير أساس .
(الطعن رقم 459 لسنة 35 جلسة 1970/01/15 س 21 ع 1 ص 113 ق 20)
5 ـ إذ كان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى مصدر حق الطاعن محل النزاع بقوله أن منشأ هذا الحق هو عقد شرائه للعقار المجاور وقد نص فيه على حق الركوب وانتهى فى تكييفه لهذا الحق من واقع مصدره ومن العقد الصادر من وزارة الأوقاف التي تنظرت على الوقف المشمول بحراسة المطعون ضدها فى إحدى الفترات وما صرحت به هيئة التصرفات بمحكمة مصر الإبتدائية الشرعية من إجراء فتحتين فى حوائط الدكان وفتح ثقب فى سقفه ليتمكن المستأجر من سلف الطاعن من الوصول إلى شقته بالملك المجاور إلى أنه حق ارتفاق مستنداً إلى مبررات ساقها ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي إنتهى إليها ورتب على ذلك إنتهاء حق الإرتفاق بهدم العقار الخادم طبقاً للمادة 1026 من القانون المدني ، وما قاله الحكم من ذلك صحيح ولا مخالفة فيه للقانون ذلك أن لقاضي الموضوع السلطة التامة فى تعرف حقيقة الدعوى من وقائعها ومن الأدلة المقدمة إليه فيها كما أن له تلك السلطة فى تفسير المشارطات والعقود وسائر المحررات على حسب ما يراه أدنى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها مستهدياً فى ذلك بوقائع الدعوى وظروفها ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خلص فى حدود سلطة المحكمة الموضوعية إلى تكييف ذلك الحق بأنه حق إرتفاق لا يتصور وجوده بغير العقار المرتفق ، فإنه لا يكون قد خالف القانون ، ولا محل بعد ذلك للحديث عن الملكية المشتركة أو ملكية الطبقات ويكون النعي - على الحكم المطعون فيه بالخطأ فى تطبيق القانون وتأويله - على غير أساس إذ لا يعدو أن يكون مجرد جدل فى حق المحكمة فى تفسير المشارطات والعقود .
(الطعن رقم 297 لسنة 38 جلسة 1974/12/09 س 25 ع 1 ص 1373 ق 233)
تنص المادة 1019 مدنى على ما يأتى :
تخض حقوق الارتفاق للقواعد المقررة فى سند إنشائها ولما جرى به عرف الجهة وللأحكام الآتية .
ويخلص من هذا النص أن ما ينتجه حق الارتفاق من آثار يبينه عادة سند إنشائه من عقد أو وصية فما ورد فى العقد أو في الوصية فى هذا الشأن يجب اتباعه لأن الإرادة هنا هى مصدر حق الارتفاق وهى التى تبين مداه وترسم حدوده وإذا كان حق الارتفاق قد كسب بالتقادم فإنه يكسب فى نطاق الحيازة التي كانت أساساً للتقادم وإذا كسب هذا الحق بتخصيص لمالك الأصلي فهذا التخصيص هو أساس الاتفاق الضمني الذي يقوم عليه هذا المصدر وهو الذي يعين مدى حق الارتفاق ويرسم حدوده كما في العقد والوصية .
وإلى جانب ذلك يجب مراعاة عرف الجهة فيما لا يتعارض مع ما تقدم .
ثم إن هناك أحكاماً أوردها القانون تكمل هذا وذلك فيما يتعارض معهما وهذه الأحكام هى التي تتولى بحثناها هنا وبعضها يبين آثار حق الارتفاق بالنسبة إلى مالك العقار المرتفق وبعض آخر يبين هذه الآثار بالنسبة إلى مالك العقار المرتفق به .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ التاسع المجلد / الثاني الصفحة/ 1834)
يتحدد مدى حق الارتفاق بموجب سند انشائه فإن كان العقد أو الوصية تعين الرجوع لشروط كل منهما وأن وجد غموض تعين على المحكمة تفسير الشرط في حدود ضيقة حتى لا يزاد في العبء الملقى على العقار المرتفق به فإن كان السبب هو التقادم تعين الرجوع للحيازة وعلى قدرها يكون الارتفاق دون زيادة أو تبديل فمن كسب حق المطل بالتقادم في الطابق الأول فليس له أن يفتح مطلاً ثانياً في أي طابق ولا أن يسد هذا المطل ليفتح آخر في الطابق العلوي كما يجب مراعاة النصوص التالية.
وإذا تمثل حق الاتفاق في مجرى نهري فلا يجوز إجراء أي تعديل فيها من شأنه خدمة عقار من قام به كتوسعة المجرى لجلب مياه أكثر لأرض من قام بالتوسعة أو وضع آلة لهذا الغرض.
الفرق بين حق الارتفاق وقيود الملكية، وقررنا أن الارتفاق حق يحد من منفعة عقار لفائدة عقار غيره يملکه شخص آخر، والتالي إذا وجد عقاران، يحد أحدهما من منفعة الآخر كان لأحدهما ارتفاق على الآخر ويكتسب حق الارتفاق بتصرف قانوني أو بالتقادم إذا كان الإرتفاق ظاهراً فإن تعذر الانتفاع بعقار إلا بالحد من منفعة عقار آخر واتفق المالكان على إنشاء ارتفاق كان ارتفاقاً بالركوب فإن لم يتم هذا الاتفاق ولكن انتفع أحد الملاك بهذا الحق بالحيازة توافرت شروطها اكتسبه بالتقادم باعتبار أن الارتفاق بالركوب من الارتفاقات الظاهرة التي تكتسب بالتقادم .
وإن كان هذا الارتفاق مقرراً بتخصيص الأصلي ولم يكن أحد الملاك في حاجة إليه فترة من الزمن فأعد جاره عقار للانتفاع به على أساس عدم وجود هذا الارتفاق فلا يترتب على ذلك سقوط الحق في طلب اعادة الارتفاق إلى ما كان عليه ولو كان قد انقضى خمس عشرة سنة على عدم إستعماله إذ يرجع ذلك إلى أعمال التسامح التي لا تكسب حقاً مثال ذلك أن يستعمل مالك الطابق العلوي طابقه كمستودع للأوراق ويفصل عنه كل مواسير الصرف ليتفادى بذلك تسرب المياه وإتلاف المخزون مما تتوافر معه أعمال التسامح عندما يعد مالك الطابق السفلي طابقه على أساس عدم انتفاع مالك الطابق العلوي بمواسير صرف المياه وبالتالي إذا تم تغيير إستعمال الطابق العلوي مما يتطلب إعادة المواسير إلى ما كانت عليه كان لمالك الحق في ذلك رضاء أو قضاء حتى لو أدى ذلك إلى عمل فتحات وفقاً للمادة 1020 من القانون المدني .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع عشر الصفحة/ 329)
إن مضمون الارتفاق أو مداه إنما يتحدد بالسند الذي أنشأ الارتفاق فإليه يجب الرجوع أولاً لمعرفة مدى ما يخوله الارتفاق من حقوق لمالك العقار المرتفق ومدى ما يفرضه من أعباء يتحملها مالك العقار المرتفق به.
وذلك على التفصيل الآتي:
1- إذا كان الارتفاق مرتباً بواسطة القانون وجب في تحديد مضمونه الرجوع إلى النصوص القانونية المنشئة له فهي التي تحدد كيفية استعماله ففي تحديد حقوق الارتفاق المتعلقة بالانتفاع بالمياه مثلاً يجب الرجوع إلى نصوص التقنين المدني وإلى القانون رقم 12 لسنة 1984.
2- إذا كان مصدر حق الارتفاق هو العمل القانوني وجب الرجوع إليه سواء كان عقد معاوضة أو عقد تبرع أو وصية لمعرفة مدى الارتفاق ومعنی ذلك أنه يجب الرجوع إلى إرادة طرفي العقد المنشئ للارتفاق أو إلى إرادة مقرر هذا الحق إذا تم إنشاؤه بطريق الوصية.
وتتبع هنا القواعد العامة في تفسير التصرفات القانونية فلقاضي الموضوع السلطة المطلقة في تفسير بنود التصرف بشرط ألا يؤدي هذا التفسير إلى فسخ إرادة ذوي الشأن وقد يتبين من الاتفاق المنشئ لحق المطل أن الطرفين قصداً أيضاً إلى أن يصطحب بارتفاق بعدم البناء مع أنه في العادة لا يستتبع سوي الالتزام بعدم البناء إلا بعد ترك المسافة القانونية.
وإذا كانت طريقة استعمال الارتفاق معينة في الاتفاق الحاصل بين الطرفين فلا يجوز أن يطلب من القاضي تعيين طريق آخر للاستعمال.
على أنه يجب عدم التوسع في التفسير إذ أن الارتفاق هو قيد استثنائي.
وحق الارتفاق المنشأ بواسطة العمل القانوني قد يتغير مضمونه بعد ذلك بالاستعمال فقد يتوسع فيه مالك العقار المرتفق فيكتسب حقوقاً جديدة بالتقادم المكسب كما أن عدم الاستعمال قد يؤدي إلى تضييق نطاق الحق كما أن الارتفاق المنشأ بواسطة العقد قد يتعدل مضمونه على الرغم من إرادة الطرفين المنشئين له فيجوز التعديل في كيفية استعماله (م 1023 / 2 ، 1024 / 2 ، 1025 / 2 ).
3- إذا كان سبب حق الارتفاق هو تخصيص المالك الأصلي فإن نطاقه ومداه يتحدد بالاتفاق الضمني الذي انعقد بين المالكين المختلفين للعقارين وقت انفصال ملكيتهما ببقاء هذين العقارين بالحالة الواقعية السابقة وتحويلها إلى ارتفاق بمعناه القانوني ومن ثم فإن نطاق هذا الارتفاق يتحدد بالتخصيص الذي وقع عليه هذا الاتفاق الضمني بين المالكين فهو السند الذي يعين مدى حق الارتفاق ويرسم حدوده.
إذا كان الارتفاق قد اكتسب بالتقادم فإن نطاق الارتفاق ومداه يتحدد على ضوء ما تمت فيه الحيازة ولا يكون لصاحب العقار المرتفق أن يزيد من هذا النطاق الذي اكتسبه بمرور الزمن كأن يكون قد فتح نافذة مثلاً ومرت المدة القانونية فلا يكون له أن يفتح نافذة أخرى بعد ذلك.
وإذا كان الارتفاق حق مرور قد اكتسب نتيجة قيام مالك العقار المرتفق بالمرور على قدميه خلال العقار المرتفق به مدة خمس عشرة سنة فإن مضمون الارتفاق يتحدد بمرور المالك راجلاً فلا يجوز له أن يمر راكباً .
وأساس ذلك القاعدة القائلة بأن الكسب بالتقادم يقاس بمدى الحيازة.
يتحدد نطاق الارتقاق - كما قدم - على ضوء المصدر المنشئ له فإذا لم يكن هذا المصدر كافياً في هذا الخصوص وجب الرجوع إلى العادات المرعية في جهة وجود العقارات وأخيراً إلى الأحكام القانونية التي أوردها التقنين المدني في المواد من 1020 إلى 1025.
شمول الارتفاق مستلزمات استعماله :
لا يقتصر الأمر في تحديد نطاق حق الارتفاق ومداه على الرجوع إلى سند إنشائه ولكنه يشمل فضلاً عن ذلك ما يعد من مستلزماته.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الرابع عشر الصفحة/ 216)