مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس ، الصفحة : 653
مذكرة المشروع التمهيدي :
ينتهي حق الارتفاق أخيراً إذا لم يصبح له فائدة أو أصبحت فائدته محدودة لا تتناسب مع الأعباء الواقعة على العقار المرتفق به كما إذا كان الارتفاق حق مرور وانفتحت للعقار المرتفق سبل أخرى إلى الطريق العام أقرب وأيسر فيجوز لصاحب العقار المرتفق به في هذه الحالة أن يطلب تحرير عقاره من حق الارتفاق على أن يدفع تعويضاً مناسباً إذا كان هناك محل لذلك .
1 ـ مفاد نص المادة 1029 من القانون المدنى أن حق الإتفاق يجوز التحرر منه إذا فقد كل منفعة للعقار المرتفق أو أصبحت فائدته محدودة لا تتناسب البته مع العبء الذى يلقيه على العقار المرتفق به ، ففى هذه الحالة يجوز لمالك العقار المرتفق به أن يطلب التخلص من حق الإرتفاق تحرير عقاره منه و لو دون موافقة صاحب العقار المرتفق .
(الطعن رقم 156 لسنة 60 جلسة 1990/10/21 س 41 ع 2 ص 532 ق 260)
2 ـ متى كان الطاعن قد نعى على الحكم المطعون فيه إنه لم يعمل حكم المادة 1029 من القانون المدنى التى تجيز لمالك العقار المرتفق به أن يحرر عقاره من الإرتفاق إذا فقد منفعته ، أو لم تبق له غير منفعة محدودة لا تتناسب البتة مع العبء الواقع على العقار المرتفق به ، و كانت أوراق الدعوى قد خلت مما يفيد أن الطاعن طلب ذلك من محكمة الموضوع حتى تحقق هذا الطلب ، و تقضى فيه ، و هى لا تملك أن تقضى به من تلقاء نفسها ، فإن نعيه يكون غير مقبول .
(الطعن رقم 128 لسنة 40 جلسة 1975/01/08 س 26 ع 1 ص 140 ق 36)
3 ـ التنازل الصريح هو الذى يصدر من صاحبه فى عبارة واضحة تدل على ذلك و لا تحتمل التأويل . و إذ كانت العبارة التى وردت فى عقد شراء سلف الطاعن من أن العقار خال من أى حق من حقوق الإرتفاق لم تصدر من سلف المطعون ضده - مدعى حق الإرتفاق - و كل ما يمكن نسبته إلى ذلك السلف فى هذا الصدد أنه وقع كشاهد على العقد المتضمن لها ، دون إجازة صريحة لما ورد فيه ، و هذا لا يعنى أنه قد تنازل صراحة عن حق الإرتفاق المقرر لمنزله على العقار موضوع العقد ، و كان التنازل الضمنى عن حق الإرتفاق قد نفاه الحكم - بما له من سلطة تقديرية فى إستخلاص القرائن متى كان إستخلاصه سائغاً - بما قاله من أن عدم إعتراض سلف المطعون ضده على تعدى الطاعن لا يسقط حقه ، و أن ليس فى الأوراق ما يفيد تنازله عن هذا الحق ، و هو منه سائغ و مقبول ، فإن النعى عليه بالخطأ فى تطبيق القانون يكون على غير أساس .
(الطعن رقم 128 لسنة 40 جلسة 1975/01/08 س 26 ع 1 ص 140 ق 36)
تنص المادة 1029 مدنى على ما يأتى :
لمالك العقار المرتفق به أن يتحرر من الإرتفاق كله أو بعضه إذا فقد الإرتفاق كل منفعة للعقار المرتفق أو لم تبق له غير فائدة محدودة لا تتناسب البتة مع الأعباء الواقعة على العقار المرتفق به .
ويخلص من هذا النص أن حق اللإرتفاق يجوز التحرر منه إذا فقد كل منفعة للعقار المرتفق أو أصبحت فائدته محدودة لا تتناسب البته مع العبء الذي يلقيه على العقار المرتفق به مثل ذلك أن يكون الإرتفاق حق شرب واستطاع مالك العقار المرتفق أن يحفر بئراً ارتوازية فى أرضه تغنيه هى وموارد المياه الأخرى التى عنده دون نظر لحق الشرب عن هذا الحق الأخير أو في القليل تجعل حق الشرب فائدته محدودة لا تتناسب البتة مع العبء الذى يتحمله العقار المرتفق به من جراء حق الشرب ففي هذه الحالة يجوز لمالك العقار المرتفق به أن يطلب التخلص من حق الإرتفاق ولو دون موافقة صاحب العقار المرتفق فقد وازن القانون بين مصلحتين مصلحة صاحب العقار المرتفق فى بناء الإرتفاق وقد انعدمت أو أصبحت منفعة محدودة ومصلحة صاحب العقار المرتفق به فى زوال الارتفاق وقد أصبحت هى المصلحة الراجحة إذا تفوق كثيراً مصلحة صاحب العقار المرتفق فى بقاء الارتفاق ولما كانت حقوق الارتفاق تلقي أعباء ثقيلة على العقارات المرتفق بها فقد آثر القانون تحرير العقار المرتفق به من حق الارتفاق فى الحالة التي نحن بصددها ولو اقتضى الأمر أن يدفع مالك العقار المرتفق به تعويضاً مناسباً لمالك العقار المرتفق فى مقابل زوال حقه دون رضائه فهذا ضرب من استرداد حق الارتفاق يتم دون رضاء صاحب الحق لقيام مصلحة تبرر ذلك أما إذا انعدمت كل فائدة لحق الإرتفاق فإن مالك العقار المرتفق به يستطيع أن يتحرر منه دون دفع أى تعويض إذا لم يصب مالك العقار المرتفق ضرر من زوال حق الإرتفاق حتى يطلب التعويض عنه .
وقاضي الموضوع هو الذى يقدر عند إختلاف الطرفين ما إذا كان حق الإرتفاق قد فقد كل منفعة أو أصبحت منفعته محدودة فيقضي بتحرير العقار المرتفق به من هذا الحق ويقدر أيضاً التعويض المستحق لمالك العقار المرتفق إن كان للتعويض محل.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ التاسع المجلد / الثاني الصفحة/ 1888)
إذا فقد الإرتفاق كل منفعة المرتفق فلمالك العقار المرتفق به أن يطلب إنهاء حق الإرتفاق كما في حالة الإرتفاق بالشرب إذا تمکن مالك العقار المرتفق من حفر بئر مكنته من ري أرضه رياً كاملاً ويسري ذات الحكم إذا لم تبق للإرتفاق غير فائدة محدودة لا تتناسب البتة مع الأعباء الواقعة على العقار المرتفق به كما يزول الإرتفاق بتحقق الشرط الفاسخ الذي علق عليه بنزول صاحب الحق عنه نزولاً صريحاً أو ضمنياً كما إذا شهد صاحب الإرتفاق على عقد بيع العقار المرتفق به بخطوه من كافة الإرتفاقات.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع عشر الصفحة/ 364)
أجازت المادة لمالك العقار المرتفق به التحرر من الارتفاق كله أو بعضه في حالتين:
الأولى: إذا فقد الإرتفاق كل منفعة للعقار المرتفق ذلك أنه إذا انعدمت تلك الفائدة لم يكن هناك مبرر لوجود الإرتفاق مثال ذلك إذا كان مضمون حق الإرتفاق الإرتفاق بالشرب لأرض زراعية ثم تحولت إلى أرض بناء أو يكون حق الشرب مشترطاً فيه أن يحصل مالك المورد على حاجته من الماء أولاً وحدث أن قل الماء بحيث لم يعد يكفي سوى مالكه فهنا يصبح الإرتفاق المقرر على هذا المورد بدون أية فائدة لمالك العقار المرتفق.
الثانية: إذا لم تبق للإرتفاق غير فائدة محدودة لا تتناسب البتة مع الأعباء الواقعة على العقار المرتفق به.
ففي هذه الحالة لا تتعلم الفائدة من الإرتفاق ولكنها تتضاءل إلى حد كبير بعد التغيير الذي يطرأ على العقار المرتفق بحيث لا تتناسب مع العبء الذي يرد على العقار المرتفق به كأن تشق ترعة بجوار أرض زراعية فيصبح حق المجرى الذي لها على الأرض المجاورة من الناحية الأخرى غير ذي أهمية.
أو إذا كان الإرتفاق حق مرور ثم تيسر للعقار المرتفق طريق آخر أطول قليلاً من الطريق الذي يمر خلال العقار المرتفق به فهنا يكون للإرتفاق بالمرور فائدة ولكنها فائدة محدودة لأن الفرق بين الطريقين في الطول فرق ضئيل فلا يكون هناك تناسب بينها وبين الأعباء التي يلقيها وجود الإرتفاق على العقار المرتفق به ذلك أن من تقرر الارتفاق لصالح عقاره يكون متعسفاً في استعمال حقه إذا أصر على إبقاء الإرتفاق في ظل هذه الظروف ولهذا تطبق أحكام التعسف في استعمال الحق التي تقضي بها القواعد العامة. .
ويبدو من نص القانون أن فقدان منفعة الإرتفاق لا يؤدي إلى إنتهاء الارتفاق بقوة القانون وإنما ينشئ رخصة لمالك العقار المرتفق به تخوله أن يتحرر من الإرتفاق ويتم هذا التحرر إما بالتراضي مع مالك العقار المرتفق وإما بحكم من القضاء ويجوز للقاضي عندما يحكم بتحرير العقار من الإرتفاق أن يقضي بتعويض لمالك العقار المرتفق إن وجد محلاً لذلك كما لو كان منفعة الإرتفاق لم تنتفي كلية وإنما نقصت.
تقضي القواعد العامة بانتهاء حق الارتفاق بنزول صاحب الحق في الإرتفاق عن حقه وهذا النزول يتم بالإرادة المنفردة لصاحب حق الارتفاق فلا يحتاج إلى قبول من صاحب العقار المرتفق به وإنما ينتج أثره بإعلانه الصاحب العقار المرتفق به.
والتنازل الصريح هو الذي يصدر من صاحبه في عبارة واضحة تدل على ذلك ولا تحتمل التأويل.
ويكون التنازل ضمنياً إذا أذن مالك العقار المرتفق بعبارات صريحة مالك العقار المرتفق به في أن يقيم بصفة دائمة أعمالاً من شأنها أن تعوق استعمال حق الإرتفاق أو إذا اشترك معه في إقامة هذه الأعمال ولكن مجرد ترك مالك العقار المرتفق به يقيم مثل هذه الأعمال من غير احتجاج من مالك العقار المرتفق لا يمكن تفسيره بأنه نزول ضمني عن الإرتفاق ولا ينقضي حق الارتفاق إلا إذا مضت المدة القانونية لسقوط الحق بعدم الاستعمال.
وإذا أقام صاحب حق الإرتفاق على عقاره أعمالاً تخالف استعمال الإرتفاق فإن مجرد القيام بذلك لا يعتبر نزولاً ضمنياً عن الارتفاق.
ورضاء مالك العقار المرتفق به ببيع العقار المرتفق لا يكفي لإستنتاج النزول.
والنزول عن حق الارتفاق قد يكون عن كل الحق أو عن بعضه فقط فيكون الإنقصاء تاماً أو جزئياً على حسب الأحوال.
ويعتبر من قبل النزول الضمني أن يشهد صاحب حق الارتفاق على عقد بيع واقع على العقار المرتفق به إذا ورد في شروط البيع أن العقار المبيع خال من أي حق ارتفاق وذلك دون أن يتحفظ صاحب حق الارتفاق.
ويمكن استخلاص النزول الضمني من العقود التبادلية.
وإذا استخلصت محكمة الموضوع التنازل الضمني استخلاصاً سائغاً من مقدمات تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بتقدير موضوعي من سلطتها المطلقة.
والتنازل سواء كان صريحاً أو ضمنياً يعتبر ملزماً للمتنازل بما يمنعه من توجيه طلبات إلى المتنازل إليه تنطوي على إنكار لهذا التنازل. ولا يغير من ذلك أن يكون التنازل مما يجب تسجيله إذ لا يترتب على عدم التسجيل سوي تراخي زوال الحق العيني المتنازل عنه.
ولا يحتج بالنزول على من يكون قد كسب حقوقاً عينية على العقار المرتفق إلا بتسجيل العقد الذي يثبت النزول.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الرابع عشر الصفحة/ 264)