مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السابع ، الصفحة : 19
مذكرة المشروع التمهيدي :
جمع المشروع في المادة 1441 ما تناثر في التقنين الحالى من نصوص أريد بها حماية الدائن المرتهن حسن النية فنص على أن الرهن يبقى صحيحاً إذا صدر من مالك تقرر بعد ذلك بطلان سند ملكيته ( أنظر أيضاً م 197 فقرة 3 من المشروع ) أو فسخه ( أنظر أيضا م 222 فقرة 2 ) أو إلغاؤه أو زواله لأي سبب آخر ( أنظر مثلين لذلك في المادة 645 و تتناول رهن ما باعه المريض مرض الموت والمادة 1352 و تتناول رهن ما يجاوز نصاب الوصية ) على أن يكون الدائن المرتهن حسن النية وقت الراهن كذلك يكون صحيحاً الرهن الصادر من غير المالك إذا كان الراهن قد وضع يده على العقار المرهون الخمس السنوات السابقة على صدور الرهن فلا تكفي إذن حيازة مدتها خمس سنوات إذا لم تكن متوالية أو كانت متوالية ولكنها لم تكن سابقة مباشرة على صدور الرهن كذلك لا يكفي حسن نية الدائن المرتهن بل يجب أيضاً أن يكون حسن النية قائماً على أسباب معقولة جعلت هذا الدائن يعتقد أن الراهن مالك للعقار المرهون وبديهي أن المفروض في كل ذلك أن الراهن لا يملك العقار المرهون بهذه الحيازة ( إما لأنه لم يكن حسن النية أو لأنه ليس لديه سبب صحيح ) وإلا لم تكن هناك حاجة إلى النص استثناء على صحة الرهن الذي صدر منه .
وفي الأحوال التي يصح فيها الرهن الصادر من غير مالك (وهي الأحوال المتقدمة الذكر ) يمكن القول إن غير المالك الذي صدر منه الرهن هو نائب عن الملاك نيابة قانونية تبررها حماية الدائن المرتهن حسن النية أو يقال إن الرهن الرسمي كما يكسب بالعقد يكسب كذلك بالسبب الصحيح الصادر من غير المالك في أحوال معينة إذا اقترن السبب الصحيح بحسن النية وعلى كل حال يجب اعتبار المالك الحقيقي للعقار لا الشخص الذي صدر منه الرهن هو الراهن وهو الذي يتخذ الدائن المرتهن ضده إجراءات نزع الملكية أو يستمر في اتخاذها إذا كان قد بدأ هذه الإجراءات في مواجهة من صدر منه الرهن .
ويلاحظ في هذا الصدد أن الشخص قد يجد عقاره مرهونة في دين ليس في ذمته ويتدرج مرکز هذا المال من شخص هو الذي رتب الرهن وهذا هو الكفيل العيني إلى شخص لم يرتب الرهن ولكن الرهن نشأ والعقار في ملكيته وهذا هو مركز المالك الذي يسري في حقه الرهن الصادر من غير مالك كما في الفرض المتقدم إلى شخص لم يرتب الرهن ولم ينشأ الرهن والعقار في ملكيته بل انتقلت إليه ملكية العقار وهو مرهون وهذا هو الحائز للعقار ويحسن تمييز هذه الحالات بعضها عن بعض فقد تختلف الأحكام التي تطبق في كل حالة .
1 ـ حسن النية الذى تقتضيه الحماية التى أضفاها المشرع فى المادة 1034 من القانون المدنىعلى الدائن المرتهن فى حالة إبطال أو فسخ سند ملكية الراهن ينتفى متى كان هذا الدائن يعلم وقت ابرام الرهن أو كان فى مقدوره أن يعلم بأن ملكية الراهن للعين المرهونة مهددة بالزوال لأى سبب من الأسباب . و استخلاص قاضى الموضوع لسوء النية لا يخضع لرقابة محكمة النقض إلا من جهة مطابقته للتعريف القانونى لسوء النية . فاذا كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من تضمين عقد البيع المسجل - سند ملكية الراهن - وجود باق من الثمن قدره أربعة آلاف من الجنيهات لم يدفع - أن البنك المرتهن كان فى مكنته أن يعلم بأن هذا العقد مهدد بالزوال عن طريق الفسخ إذا ما تخلف المشترى ( الراهن ) عن الوفاء بهذا المبلغ و أنه لذلك يعتبر البنك سىء النية غير جدير بالحماية المقررة فى المادة 1034 من القانون المدنى ، فان الحكم يكون قد أقام استخلاصه لسوء نية البنك المرتهن على أسباب من شأنها أن تؤدى عقلا إلى ما إنتهى إليه فى هذا الخصوص .
(الطعن رقم 523 لسنة 29 جلسة 1964/11/12 س 15 ع 3 ص 1028 ق 153)
2 ـ تنص المادة 466 من القانون المدنى فى فقرتها الأولى على أنه " إذا باع شخص شيئاً معيناً بالذات لا يملكه جاز للمشترى أن يطلب إبطال العقد " و بفقرتها الثانية على أنه " و فى كل حال لا يسرى هذا البيع فى حق المالك للعين المبيعة و لو أجاز المشترى العقد " و إذ كان بيع الوارث الظاهر هو بيع لملك الغير و كانت عبارة النص واضحة فى عدم سريان بيع ملك الغير فى حق المالك ، فإنه لا يجوز الخروج عن صريح النص بدعوى إستقرار المعاملات ، يؤكد هذا النظر أن القانون عندما أراد حماية الأوضاع الظاهرة وضع لها نصوصاً إستثنائية يقتصر تطبيقها على الحالات التى وردت فيها ، فقد نص القانون المدنى فى المادة 244 على أنه " إذا أبرم عقد صورى فلدائنى المتعاقدين و للخلف الخاص ، متى كانوا حسنى النية أن يتمسكوا بالعقد الصورى كما أن لهم أن يتمسكوا بالعقد المستتر و يثبتوا بجميع الوسائل صورية العقد الذى أضر بهم ، و إذا تعارضت مصالح ذوى الشأن فتمسك بعضهم بالعقد الظاهر و يمسك آخرون بالعقد المستتر ، و كانت الأفضلية للأولين " و بالمادة 333 على أنه " إذا كان الوفاء لشخص غير الدائن أو نائبة ، فلا تبرأ ذمة المدين إلا إذا أقر الدائن هذا الوفاء أوعدت عليه منفعة منه ، و بقدر هذه المنفعة ، أو تم الوفاء بحسن نية لشخص كان الدين فى حيازته " و فى المادة 1034 على أنه " يبقى قائماً لمصلحة الدائن المرتهن الرهن الصادر من المالك الذى تقرر إبطال سند ملكيتة أو فسخة أو إلغائه أو زواله لأى سبب آخر ، إذا كان هذا الدائن حسن النية فى الوقت الذى أبرم فيه العقد " . إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن بيع الوارث الظاهر صحيح نافذ فى حق الوارث الحقيقى , فإنه يكون قد خالف القانون .
(الطعن رقم 401 لسنة 43 جلسة 1979/03/29 س 30 ع 1 ص 980 ق 181)
خرج المشرع بموجب هذا النص على القواعد العامة التي تقضي بأن زوال التصرف بأثر رجعي يزيل كل ما رتبه التصرف إليه من تصرفات على العين فيظل الرهن الرسمي الذي يرتبه من آلت إليه ملكية العقار نافذاً حتى إذا أبطل التصرف أو نسخ أو ألغي لأي سبب ويشترط لذلك:
(1) أن تكون الملكية قد انتقلت إلى الراهن وقت انعقاد الرهن وأن يكون التصرف قابلاً للإبطال كالفسخ أو لغير ذلك من أوجه الإلغاء ذات الأثر الرجعي أما إذا كانت الملكية لم تنتقل للرهن لانتفاء السند لصورته المطلقة أو لتزويره أو لبطلانه بطلاناً مطلقاً لانعدام الرضاء أو تتضمنه هبة سافرة ولم يكن رسمية فلا بحاجة بالرهن على المالك.
(2) أن يكون المرتهن حسن النية وقت انعقاد الرهن بألا يكون عالماً بعيب سند الراهن بأن يكون قد سعى إلى هذا العلم فإن قصر في ذلك وكان يبين عيب السند من الاطلاع عليه كعدم الوفاء بكامل الثمن فإنه يكون سيء النية وحسن النية يفترض وعلى المالك أو خلفائه لقيات سوء النية.
(3) أن يكون عقد الرهن سحياً مستوفياً لشروطه على نحو ما سلف.
(4) أن يكون الرهن مقيداً في وقت سابق على وقت زوال سند الراهن.
فإن توافرت هذه الشروط، كان للدائن المرتهن الاحتجاج برهنه فيسترد المالك العقار محملا بهذا الرهن .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع عشر، الصفحة/ 390)
تنص المادة 1034 مدني على ما يأتي :
يبقى قائماً لمصلحة الدائن المرتهن الرهن الصادر من المالك الذي تقرر إبطال سند ملكيته أو فسخه أو إلغاؤه أو زواله لأي سبب آخر إذا كان هذا الدائن حسن النية في الوقت الذي أبرم فيه الرهن .
وهذا النص وقد حل محل نصوص متعددة متناثرة في التقنين المدني السابق كان لا بد من وجوده لأنه يقرر حكماً يخالف الأحكام التي تستخلص من القواعد العامة ذلك أن القواعد العامة كانت تقضي بأن المالك إذا زال ملكه بأثر رجعي يعتبر كأنه لم يكن مالكاً للعقار الذي تصرف فيه وزوال ملكيته لهذا العقار بأثر رجعي يجعل تصرفاته في هذا العقار كأنها لم تكن وعلى ذلك إذا كان قد رهن هذا العقار رهناً رسمياً اعتبر الرهن كأن لم يكن فتطبيق القواعد العامة إذن تضحي بمركز من زالت ملكيته للعقار بأثر رجعي وتضحي كذلك بمركز كل من تصرف له هذا المالك قبل زوال ملكيته ويدخل في ذلك الدائن المرتهن رهناً رسمياً ومن ثم فإن من يرتهن العقار من مالكه ثم تزول ملكية هذا المالك عن العقار المرهون بأثر رجعي يسقط رهنه هو أيضاً بأثر رجعي وهذا هو حل القانون الفرنسي لا يغير منه أن يكون الدائن المرتهن حسن النية وقت إبرام عقد الرهن الرسمي .
فلما رأى التقنين المدني المصري السابق والجديد متمشياً في ذلك مع كثير من التشريعات الحديثة أن يجعل الرهن الصادر من مالك رهناً صحيحاً حتى لو زالت ملكية هذا الراهن للعقار المرهون بأثر رجعي أوجد النص الخاص بذلك وهو النص الذي نحن بصدده ويبين من هذا النص أن هناك شروطاً ثلاثة لا بد من توافرها حتى يكون الرهن الصادر من مالك زالت ملكيته بعد ذلك بأثر رجعي رهناً صحيحاً وهذه الشروط هي :
أولاً – يجب أن يكون الراهن مالكاً للعقار المرهون وقت انعقاد الرهن الرسمي ويجب أن يكون سند هذه الملكية قابلاً للإلغاء بأثر رجعي كأن يكون هذا السند قابلا للإبطال أو قابلاً للفسخ أو قابلاً للرجوع فيه أو نحو ذلك أما أن يكون سند هذه الملكية باطلاً بطلاناً مطلقاً فهذا لا يجوز ذلك بأن الراهن يجب أن يكون مالكاً للعقار المرهون كما قدمنا والسند الباطل بطلاناً مطلقاً لا أثر له فلا ينقل الملكية إلى الراهن فإذا فرض أن الراهن كان قد اشترى العقار المرهون لسبب غير مشروع فإن الشراء يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً ولا ينقل ملكية العقار إلى الراهن فإذا قرر الراهن بعد ذلك حق رهن رسمي لدائن مرتهن فإن هذا الرهن يكون باطلاً أيضاً بطلان البيع ولا يكون للدائن المرتهن أي حق على العقار .
ثانياً – يجب أن يكون الدائن المرتهن وقت أن أبرم عقد الرهن حسن النية وتقول المادة 1034 مدني كما رأينا إذا كان الدائن حسن النية في الوقت الذي أبرم فيه الرهن ومعنى حسن نية الدائن المرتهن هو ألا يكون هذا الدائن عالماً بأن ملكية الراهن مهددة بالزوال بأثر رجعي فإذا كان عنده أي شك في ذلك لم يكن حسن النية وحسن النية يفترض أصلا فإذا أبرم الدائن المرتهن عقد الرهن افترض حسن النية ومع إذا أثبت الخصم أنه كان أمام الدائن المرتهن سبيل للشك في ملكية الراهن بأن كان هذا الراهن مثلاً لا يزال مديناً بالثمن أو ببعضه فإذا لم يدفع ما هو مدين به يفسخ البيع كان على الدائن المرتهن أن يثبت أنه لم يكن يعلم أن الراهن لا يزال مديناً بالثمن أو ببعضه أما إذا رفع المدعي دعوى إزالة ملكية الراهن بأثر رجعي قبل أن يقيد الدائن المرتهن رهنه وأشر المدعي بدعواه على هامش تسجيل سند ملكية الراهن فإن المادة 15 من قانون الشهر العقار تفترض افتراضاً غير قابل لإثبات العكس أن الدائن المرتهن بعلم برفع الدعوى فإذا حكم فيها لمصلحة المدعي كان هذا الحكم حجة على الدائن المرتهن وتقول المادة 15 من قانون الشهر العقاري في هذا المعنى يجب التأشير في هامش سجل المحررات واجبة الشهر بما يقدم ضدها من الدعاوي التي يكون الغرض منها الطعن فى التصرف الذي يتضمنه المحرر وجوداً أو صحة أو نفاذاً كدعاوي البطلان أو الإلغاء أو الرجوع فإذا كان المحرر الأصلي لم يشهر تسجل تلك الدعاوي ثم تقضي المادة 17 من قانون الشهر العقاري بأنه يترتب على تسجيل الدعاوي المذكورة بالمادة الخامسة عشر أو التأشير بها أن حق المدعي إذا تقرر بحكم مؤشر به طبق القانون يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعاوي أو التأشير بها ولا يكون هذا الحق حجة على الغير الذي كسب حقه بحسن نية قبل التأشير أو التسجيل المشار إليهما وعلى ذلك يتوقف الأمر على الوقت الذي قيد فيه حق الرهن الرسمي فإذا كان هذا الوقت سابقاً على التأشير بدعوى المدعي في هامش تسجيل سند الراهن كان المفروض أصلاً أن الدائن المرتهن حسن النية وقت إبرام عقد الرهن أي لا يعلم بأن ملكية الراهن مهددة بالزوال بأثر رجعي إلا إذا ثبت وجود سبب للشك في هذا الأمر فعند ذلك يكلف الدائن المرتهن بإثبات حسن نيته أما إذا كان هذا الوقت لاحقاً لتأشير المدعي بدعواه في هامش تسجيل سند الراهن فإن هذه قرينة قانونية غير قابلة لإثبات العكس بأن الدائن المرتهن يعلم برفع الدعوى فإذا حكم فيها لصالح المدعي أن هذا الحكم حجة على الدائن المرتهن ونرى من ذل أنه تجب الاستعانة بالمادتين 15 و 17 من قانون الشهر العقار في هذا الصدد واعتبار التأشير بدعوى المدعي على الوجه السابق ذكره قبل قيد الرهن الرسمي قرينة قاطعة على علم الدائن المرتهن بهذه الدعوى ثم بالحكم الذي يصدر فيها لصالح المدعي .
ثالثاً – يجب أن تزول بعد الرهن ملكية الراهن للعقار المرهون بأثر رجعي يرتبه القانون مثل ذلك أن يكون الراهن قد اشترى العقار المرهون بعقد قابل للإبطال لصالح البائع فأبطل البائع هذا البيع بعد أن رتب الراهن رهنه ومثل ذلك أيضاً أن يكون الراهن قد اشترى العقار المرهون بثمن لم يسدده كله وبعد رهنه طالب البائع بفسخ البيع لعدم دفع الباقي من الثمن وفسخ البيع لذلك ومثل ذلك أن يكون العقار المرهون جزءاً من عقار شائع ثم اقتسم العقار الشائع فأصاب الراهن العقار الذي رهنه ثم فسخ عقد القسمة للغبن أو لغير ذلك من الأسباب ومثل ذلك أن يكون العقار المرهون موهوباً للراهن ثم رجع الواهب في هبته بعد الرهن لسبب من أسباب الرجوع كل هذه الأسباب وغيرها من أسباب زوال ملكية الراهن للعقار المرهون بأثر رجعي فيجب أن تزول ملكية الراهن بسبب منها وعند ذلك يحق للدائن المرتهن أن يتمسك بالرهن .)الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ العاشر ، الصفحة/ 366)
تقضى القواعد العامة بأنه إذا أبطل سند الملكية أو فسخ أو زال فإن الملكية تزول بأثر رجعي ويعتبر الشخص كأنه لم يكن مالكاً للعقار المرهون.
ويعتبر الرهن الصادر منه من قبيل رهن ملك الغير ومن ثم لا ينفذ في مواجهة المالك الحقيقي.
وإن كانت هذه القواعد العامة تحقق مصلحة المالك الحقيقي الذي عادت إليه الملكية فلا ينفذ في مواجهته رهن لم يبرمه ولاشأن له به إلا أن عدم نفاذ الرهن في مواجهة المالك الحقيقي يصيب الدائن المرتهن حسن النية بأفدح الأضرار فهو إذ أعطى الائتمان إلى المدين الراهن قد اعتمد على الرهن كضمان لحقه بل ولولا الرهن لما كان القرض مثلاً.
ولذا ارتأى المشرع التوفيق بين المصالح المتعارضة بحيث تكون مراعاة المالك الحقيقي في الحدود التي لا تتعارض فيها مع الدائن المرتهن حسن النية بالإبقاء على الرهن الذي صدر من مالك زالت عنه الملكية فيما بعد وذلك إذا تحققت عدة شروط نعرض لها فيما يلي.
- الشروط الواجب توافرها لبقاء الرهن الصادر من المالك الذي زالت ملكيته :
يشترط لبقاء الرهن الصادر من المالك الذي تقرر إبطال سند ملكيته أو فسخه أو زواله لأي سبب آخر لمصلحة الدائن المرتهن توافر الشروط الآتية:
الشرط الأول:
أن يكون الراهن مالكا للعقار المرهون في لحظة انعقاد الرهن الرسمي:
فالمادة صريحة في أن الرهن يجب أن يصدر من مالك طبقاً للقانون.
وملكية الراهن للعقار كانت أهم عنصر جعلت الدائن يأمن إلى صحة التأمين العيني الذي تقرر لمصلحته ودفعه إلى منح المدين الائتمان المتفق عليه.
فإذا كان الراهن غير مالك وهو الأمر الذي يسهل على الدائن تبينه فإنه لا يلومن إلا نفسه إذا منح ائتمان الراهن لملك الغير وعدم نفاذ مثل هذا الرهن في مواجهة المالك الحقيقي ليس من شأنه على الإطلاق المساس بالائتمان.
واشتراط ملكية الراهن للعقار وقت الرهن يستوجب أن يكون من شأن السند الذي بيد الراهن أن يجعله مالكاً طبقاً لأحكام القانون ومن ثم فإن كان السند عقداً باطلاً بطلاناً مطلقاً فإنه لا يجعل من الراهن مالكاً على الإطلاق فالبطلان المطلق لا يرتب أي أثر قبل القضاء بالبطلان وبعده ويجوز لكل ذي مصلحة التمسك بالبطلان كما أن للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها كما أن الدائن المرتهن الذي يمنح الائتمان لمن كان سند ملكيته باطلاً بطلاناً مطلقاً يرتكب خطأ في حق نفسه ولا يمكن أن يدفع ثمنه المالك الحقيقي فينقضي الرهن إذا كان سند الملكية قد بطل لانعدام الأهلية أو لعدم توافر الشكل أو لعدم مشروعية المحل أو السبب.
وكذلك الشأن إذا كان سند الراهن مزوراً او عقداً صحيحاً ولكن لم يسجل.
وينطبق حكم المادة إذا كان عقد المالك قابلاً للإبطال فالعقد القابل للإبطال هو عقد صحيح في الحال ومرتب لكل آثاره ولكن مصيره مزعزع فإن قضي بالبطلان زال بأثر رجعي.
ولا يلزم أن يكون سند الملكية عقداً بل يمكن أن يكون تصرفاً انفرادياً مثل الوصية فإذا كان الرهن صادراً من الموصي إليه بما يزيد على ثلث التركة وأبطلت الوصية في الزيادة وكانت العين مرهونة فإن الوهن يظل مثقلاً للجزء الذي أبطل من الوصية.
الشرط الثاني:
أن يكون الدائن المرتهن حسن النية:
يجب أن يكون الدائن المرتهن حسن النية وقت إبرام عقد الرهن.
ويعتبر الدائن المرتهن سئ النية إذا كان يعلم وقت إبرام الرهن أو كان في مقدوره أن يعلم أن ملكية الراهن للعين المرهونة مهددة بالزوال بأي سبب وهذا يقتضي من الدائن المرتهن أن يبذل ما ينبغي من عناية لكشف السبب الذي يترتب عليه زوال الملكية بأثر رجعي.
ويجب أن تتوافر حسن النية وقت إبرام الرهن فإذا علم المرتهن بعد الرهن بما يهدد سند الراهن بالزوال فلا تأثير له.
وتطبيقاً للقواعد العامة فإن الأصل أن حسن النية يفترض في الدائن المرتهن حتى يقوم الدليل على العكس.
وأما إذا رفع المدعي دعوى إزالة ملكية الراهن بأثر رجعي قبل أن يقيد الدائن المرتهن رهنه وأشهر المدعي دعواه على هامش تسجيل سند ملكية الراهن فإن المادة (15) من قانون الشهر العقاري تفترض افتراضاً غير قابل الإثبات العكس أن الدائن المرتهن يعلم برفع الدعوى فإذا حكم فيها لمصلحة المدعي كان هذا الحكم حجة على الدائن المرتهن فتنص المادة 15 سالفة الذكر على أنه يجب التأشير في هامش سجل المحررات واجبة الشهر بما يقدم ضدها من الدعاوي التي يكون الغرض منها الطعن فى التصرف الذي يتضمنه المحرر وجوداً أو صحة أونفاذاً كدعاوي البطلان أو الفسخ أو الإلغاء أو الرجوع فإذا كان المحرر الأصلي لم يشهر تسجل تلك الدعاوي وتنص المادة 17 من ذات القانون بالقانون رقم 25 لسنة 1976 على أنه يترتب على تسجيل الدعاوي المذكورة بالمادة 15 والتأشير بها أن حق المدعى إذا تقرر بحكم مؤشر به طبقاً للقانون يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعاوي أو التأشير بها.
ولا يكون هذا الحق حجة على الغير الذي كسب حقه بحسن نية قبل التأشير أو التسجيل المنصوص عليهما في الفقرة السابقة.
ولا يسري حكم الفقرة الأولى من هذه المادة على الأحكام التي يتم التأشير بها بعد مضي خمس سنوات من تاريخ صيرورتها نهائية أو من تاريخ العمل بهذا القانون أيهما أطول وعلى ذلك يتوقف الأمر على الوقت الذي قيد فيه حق الرهن الرسمي فإذا كان هذا الوقت سابقاً على التأشير بدعوى المدعي في هامش تسجيل سند الراهن كان المفروض أصلاً أن الدائن المرتهن حسن النية وقت إبرام عقد الرهن أي لا يعلم بأن ملكية الراهن مهددة بالزوال بأثر رجعي إلا إذا ثبت وجود سبب للشك في هذا الأمر فعندئذ يكلف الدائن المرتهن بإثبات حسن نيته أما إذا كان الوقت لاحقاً لتأشير المدعي بدعواه في هامش تسجيل سند الراهن فإن هذه قرينة قانونية غير قابلة لإثبات العكس بأن الدائن المرتهن يعلم برفع الدعوى فإذا حكم فيها لصالح المدعي كان هذا الحكم حجة على الدائن المرتهن .
الشرط الثالث:
زوال ملكية الراهن بأثر رجعي:
يشترط أن تزول ملكية الراهن العقار المرهون بأثر رجعي.
ويجب أن يكون زوال الملكية بأثر رجعي بناء على ما يقرره القانون وليس بناء على اتفاق الأطراف ففي الإقالة وهي التي تتم برضاء المتعاقدين بعد انعقاد العقد ينقضي العقد ويكون أثرها بمثابة الفسخ في حق المتعاقدين والفسخ يكون بأثر رجعي ولكن الأثر الرجعي في حالة الإقالة يكون نتيجة للاتفاق على الإقالة نفسها ولا يصح أن يضار الدائن المرتهن بناء على اتفاق لاحق لإبرام الرهن وبناء عليه فإن زوال العقد بالإقالة لا يمس بحقوق الدائن المرتهن الناشئة قبل الإقالة فيظل نافذاً في حق المالك أي البائع دون حاجة لإعمال المادة 1034.
فالدائن المرتهن المقصود بالحماية هو من كان يسري في حقه الأثر الرجعي الذي يقرره القانون لزوال الملكية لو لم يوجد نص المادة 1034 مدنی.
وعبارة النص من العمومية بحيث يسري حكمه متى أبطل أو زال سند الملكية أياً كان سبب كسب الملكية وأياً كانت طبيعة السند.
فقد تزول الملكية عن الراهن بتحقق الشرط الفاسخ الذي لم يعلمه الدائن المرتهن وتطبق في هذه الحالة أحكام المادة 1034 وإن كان يصعب تحقيق هذه الصورة بسبب توافر قواعد الشهر التي تؤدي إلى عدم توافر شرط حسن النية.
وإذا كان الشرط قد ورد في اتفاق لم يسجل فإنه لايحتج به في مواجهة الدائن المرتهن .
وقد تزول الملكية عن الراهن أيضاً بإبطال القسمة لعيب من عيوب الرضا أو نقص الأهلية أو فسخها للغين وكذلك تزول في الهبة برجوع الواهب في هبته.
أثر توافر شروط المادة (1034):
إذا توافرت الشروط الثلاثة التي ذكرناها عاد العقار إلى مالكه الأول محملاً بالرهن ودون أي رضاء من جانبه.
غير أنه يجب اعتبار المالك الحقيقي للعقار لا الشخص الذي صدر منه الرهن هو الراهن والذي يتخذ الدائن المرتهن ضده إجراءات نزع الملكية أو يستمر في اتخاذها إذا كان قد بدأ هذه الإجراءات في مواجهة من صدر منه الرهن.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الرابع عشر الصفحة/ 305)