مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السابع ، الصفحة : 49
مذكرة المشروع التمهيدي :
1 - يلتزم الراهن بترتيب حق الرهن على العقار المرهون لمصلحة الدائن المرتهن كما يلتزم البائع بنقل حق الملكية إلى المشتري ويظهر ذلك بوضوح في رهن ملك الغير فإن الراهن لا يستطيع أن يقوم بإلتزامه من ترتيب حق الرهن فاذا أجاز الدائن المرتهن جاز له بعد ذلك فسخه لعدم قيام الراهن بالتزامه .
2 - ويلتزم کالبائع أيضاً بضمان التعرض والاستحقاق فلا يجوز له أن يقوم بأي عمل يكون من شأنه إنقاص ضمان الدائن المرتهن كان يخرب العقار المرهون أو أن يتركه يتخرب وللدائن المرتهن أن يتخذ ما يلزم من الوسائل التحفظية كأن يقيم حارساً ويرجع على الراهن بما أنفق وإذا نزع الراهن شيئاً من العقار المرهون أو من ملحقاته كما إذا هدم جانباً منه وباع الأنقاض أو باع مواشي كانت قد خصصت لخدمة الأرض المرهونة فوقعت في حيازة مشتر حسن النية ملكها بالحيازة خالصة من الرهن ويكون للدائن المرتهن حق الرجوع على الراهن بالضمان أما إذا لم يتسلمها المشتري أو تسليها وهو سيء النية فإنها تبقى مثقلة بحق الرهن .
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادة 1455 من المشروع، وأقرتها اللجنة بعد إضافة كلمة سلامة بعد كلمة بضمان في صدر المادة وأصبح رقها 1142 في المشروع النهائي .
المشروع في مجلس النواب
وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 1128 .
المشروع في مجلس الشيوخ
مناقشات لجنة القانون المدني :
محضر الجلسة الثانية والأربعين
تليت المادة 1128 فأقترح سعادة الرئيس لتقييد تدخل الدائن المرتهن لضمان سلامة الرهن أن يضاف إلى «كل عمل» كلمة «أو تقصير» وعبارة «إنقاصاً كبيراً» إلى عبارة «إنقاص ضمانه» وذلك أن إطلاق مجرد النقص في الضمان قد يعرض المدين إلى التدخل المتصل من الدائن المرتهن وفي ذلك إرهاق وإعنات له.
وقد وافقت اللجنة على ذلك .
تقرير اللجنة :
أضافت اللجنة إلى النص عبارة «أو تقصير» بعد كلمة «عمل» وعبارة « إنقاصاً كبيراً» بعد عبارة «إنقاص ضمانه» وقصدت اللجنة بذلك تقييد تدخل الدائن المرتهن لضمان سلامة الرهن حتى لا يعرض المدين إلى الإرهاق والعنت من جراء هذا التدخل .
وأصبح رقم المادة 1047.
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة .
ضمان سلامة الرهن :
التزام الراهن بضمان سلامة الرهن يجب عليه المحافظة على العقار المرهون بإجراء الترميمات اللازمة حتى لا يهدم ولا يرتب عليه حق إرتفاق أو حق انتفاع يتمكن صاحبه من تسجيله قبل قيد الرهن وإذا كان للعقار ارتفاق فيحافظ عليه وأن يقطع التقادم وإلا يترك الأرض بدون زراعة فتصبح بوراً أو أن يمتنع عن تشحيم وصيانة الماكينات الموجودة بالأرض ولا أن يتصرف فيها وغيرها من العقارات بالتخصيص لمشتري حسن النية إذا كان في ذلك إنقاصاً كبيراً لحق الرهن كما يجب عليه دفع أي تعرض صادر من الغير.
وللدائن المرتهن أن يباشر الدعاوي اللازمة باسمه لأنه يدافع عن حقه فله رفع الدعوى البوليصية متى توافرت شروطها لإبطال تصرفات الراهن التدليسية وله المطالبة بالترميم وبإسترداد العقار بالتخصيص كما له عند الاستعجال رفع دعوى مستعجلة لوضع العقار تحت الحراسة وقد يطلب تعيينه حارساً عليه إذا كان هناك خطر عاجل يتهدد العقار كما لو كان في حاجة لترميم ويرجع على الراهن بما ينفق في ذلك وإن ترتب على فعل الراهن إنقاص التأمين إنقاصاً كبيراً كان للمرتهن المطالبة بتأمين جديد أو اسقاط أجل الدين ودفعه فوراً.
مناط مسئولية الراهن عند سقوط القيد :
تنص المادة 1047 من القانون المدني على التزام الراهن بضمان سلامة الرهن كما تنص المادة 1043 من ذات القانون على أنه يجوز للراهن أن يتصرف في العقار المرهون وأي تصرف يصدر منه لا يؤثر في حق الدائن المرتهن.
ومفادهما أن الراهن - مديناً أو كفيلاً - يظل مالكاً للعقار ويحق له التصرف فيه تصرفاً ناقلاً للملكية أو مرتباً لحق عینی تبعي بشرط ألا يخل ذلك بالضمان الملقى على عاتقه وألا يؤثر في حق الدائن المرتهن ومتى إلتزم ذلك في تصرفه كان التصرف مشروعاً بريئاً من شابه الخطأ التي قد تعلق بالتصرفات ومن ثم تنتفي مسئوليته حتى لو ترتب عليها الإضرار بالدائن المرتهن طالما لم يكن هذا الضرر نتيجة خطأ مباشرة من جانب المدين الراهن مثال ذلك أن يبرم الأخير رهناً مع دائنه وبعد أن يقوم الأخير بقيد هذا الرهن ينصرف الراهن في العقار بالمبيع ويتم تسجيل البيع بعد قيد الرهن ولا يقوم المرتهن بعد ذلك بتجديد القيد مما يؤدي إلى سقوطه وحينئذ يخلص العقار للحائز المشتري مطهراً من القيد ويفقد المرتهن حقه في تتبعه ويتعذر عليه إستداء حقه من مدينه ، ففي هذه الحالة يكون المدين قام بتنفيذ إلترامه قبل دائنه فلم يقدم على التصرف إلا بعد قيد الرهن مما يعطي المرتهن الحق في بيع العقار فإذا ما قام الراهن بعد ذلك بالتصرف في العقار فإنه يكون قد إستعمل حقاً قرره له القانون ومن يفعل ذلك لا يضمن ما قد يترتب على هذا الإستعمال من ضرر للغير لمشروعية إستعمال حق التصرف فلا يكون الضرر وليد خطأ ومن ثم تنتفی أركان المسئولية وكذلك الحال إذا تعلق التصرف بحق عینی تبعي .
أما إذا أدى التصرف إلى التأثير في حق الدائن المرتهن فإن الراهن يكون قد أخل بإلتزامه بضمان سلامة الرهن مما يتوافر به ركن الخطأ في المسئولية العقدية ومتى ترتب على ذلك ضرر بالمرتهن مصدره خطأ الراهن كان الأخير مسئولاً عن تعويضه مثال ذلك أن يرهن المدين عقاره ثم يقوم بالتصرف فيه أو رهنه ويسجل التصرف أو يقيد الرهن الأخير قبل أن يتمكن المرتهن الأول من اجراء قيد جديد لرهنه الذي سقط قيده ، ففي هذه الحالة يتقدم المتصرف إليه أو المرتهن الأخير على المرتهن الأول الذي يتحدد الضرر المادي الذي ناله بمقدار ما فاته من استداء دينه ويكون هذا الضرر نتيجة مباشرة لخطأ المدين الراهن ومن ثم يكون مسئولاً عن تعويضه إذ بسقوط القيد يعود طرفا الرهن إلى ما كانا عليه قبل إجرائه ومن ثم يمتنع على الراهن أن يقدم على تصرف من شأنه المساس بسلامة الرهن.
وقد يتقرر حق عینی تبعي بعد سقوط القيد يترتب عليه الإضرار بالمرتهن ومع ذلك يتفق خطأ الراهن مثال ذلك أن يحصل دائن الراهن على حق اختصاص على عقار مدينه ويقيده بعد سقوط قيد الرهن ومن ثم يتقدم صاحبه على الدائن المرتهن فيضار الأخير بدون خطأ من الراهن إذ يتقرر حق الإختصاص بأمر من القضاء كرهاً عن المدين . ( المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع عشر، الصفحة / 429 )
تنص المادة 1047 مدني على ما يأتي :
يلتزم الراهن بضمان سلامة الرهن وللدائن المرتهن أن يعترض على كل عمل أو تقصير يكون من شأنه إنقاص ضمانه إنقاصاً كبيراً وله في حالة الإستعجال أن يتخذ ما يلزم من الوسائل التحفظية وأن يرجع على الراهن بما ينفق في ذلك .
وقد عرض المشرع في هذا النص لضمان الراهن لسلامة حق الرهن وعرض في النص التالي م 1048 مدني تطبيقاً لذلك لهلاك العقار المرهون أو تلفه وعرض في النص الذي بعده ( م 1049 مدني ) لحلول الحق الذي يترتب على هلاك العقار المرهون أو تلفه محل العقار المرهون حلولاً عينياً وتعالج هذه المسائل الثلاث بهذا الترتيب .
ففيما يتعلق بضمان الراهن لسلامة حق الرهن يكون هذا الضمان في عقد الرهن الرسمي كضمان البائع للتعرض والاستحقاق في عقد البيع فلا يجوز فيما يتعلق بضمان التعرض الشخصي أن يقوم الراهن بترتيب أي حق على العقار المرهون يشهر قبل قيد الرهن أو أن يقوم بأي عمل يترتب عليه إنقاص العقار المرهون إنقاصاً كبيراً أو تخريبه وإذا نزع الراهن شيئاً من العقار المرهون أو من ملحقاته كأن يبيع المواشي التي تخدم الأرض أو يبيع الأنقاض بعد هدم جزء من المباني فتقع في يد مشتر حسن النية فيملكها بالحيازة خالصة من الرهن كان للدائن المرتهن الرجوع على الراهن بضمان التعرض الشخصي فيعيد الراهن إلى الأرض مواشي أخرى تساوي في القيمة المواشي التي بيعت أو يرمم المباني فيعيدها سيرتها الأولى وإذا لم يتسلم المشتري المواشي أو الأنقاض أو تسلمها وهو سيء النية فإنها تبقى مثقلة بحق الرهن ويجوز للدائن المرتهن أيضاً أن يتخذ ما يلزم من الوسائل التحفظية كأن يطلب إقامة حارس وقد يقيم الراهن نفسه حارساً وكأن يطلب ترميم ما تخرب من العقار المرهون وله أن يرجع على الراهن بما أنفق من المصروفات في كل ذلك .
وفيما يتعلق بضمان الراهن لتعرض الغير يكون الراهن ملتزماً بدفع كل ادعاء للغير بحق على العين المرهونة من شأنه أن يمس بحق الدائن المرتهن فإذا ادعي الغير أنه هو المالك للعقار وأن الرهن الصادر من الراهن لم ينقل إلى المرتهن حق الرهن لأنه صادر من غير مالك أو ادعي الغير أنه دائن مرتهن قدي حق رهنه على العقار المرهون قبل أن يقيد الدائن المرتهن حقه أو ادعي أن له حق إرتفاق على العقار المرهون وكان الدائن المرتهن قد رتب حق رهنه على أن حق الإرتفاق هذا لا يوجد فعلى الراهن أن يدفع هذا الإدعاء من الغير فإن لم يستطع كان للدائن المرتهن أن يطالب بتقديم تأمين كافٍ أو بتكملة التأمين المقدم أو بسقوط أجل الدين ودفعه فوراً .
ونرى من ذلك أن ضمان الراهن لتعرضه الشخصي ولتعرض الغير هو في الواقع من الأمر الجزاء الكافي على التزام الراهن بضمان سلامة الرهن فالراهن ملتزم بأن يكون الرهن مستجيباً للأغراض التي عقده من أجلها فإن اختل غرض من هذه الأغراض سواء بخطأ الراهن أو بغير خطأه وجب على الراهن الضمان على النحو الذي أسلفناه فيما تقدم .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ العاشر الصفحة/ 477)
عقد الرهن الرسمي وهو من عقود الضمان يعتبر من مستلزماته إلتزام الراهن بضمان سلامة الرهن بحالته وقيمته التي ارتضاها المرتهن (م 2/ 148 مدني)، وهو يقابل التزام البائع في عقد البيع بضمان التعرض والاستحقاق بحيث لا يجوز له أن يقوم أو أن يمتع عما من شأنه إنقاص ضمان الدائن المرتهن.
ويتمثل إلتزام الراهن بضمان سلامة الرهن في إلتزامه بضمان تعرضه الشخصي للمرتهن وكذا ضمان تعرض الغير له.
فمقتضى بضمان تعرضه الشخصي التزاماً بالامتناع عن كل عمل مادي أو قانوني - إيجابي أو سلبي (تقصير) - من شأنه أن يرتب إنتقاصاً كبيراً للضمان المقرر للدائن المرتهن.
ولقد على المشرع بقصر التزام الراهن بالضمان على ما يمثل إنتقاصاً كبيراً لضمان الدائن لما في تحويل المرتهن من الرجوع بالضمان عن كل ما يمثل إنتقاصاً لضمانه من إرهاق وعنت وتقييد لحرية الراهن في مباشرته السلطات ملكيته على العقار المرهون كما أن في ذلك تعسفاً في إستعمال الحق من جانب المرتهن وكل ما من شأنه أن يقضى إلى عدم كفاية الضمان يعد من قبل الانتقاص الكبير للضمان المثير لمسئولية الراهن فمن قبيل الأعمال المادية التي يضمنها الراهن ما يصدر منه من أفعال التخريب أو هدم العقار وكذلك تركه يتخرب بعدم صيانته وحفظه.
ويقصد بالأعمال القانونية التي يضمنها الراهن التصرفات التي تتعارض مع حق الدائن المرتهن أو يكون من شأنها أن تؤثر فيه أي التي تؤدي إلى خروج كل العقار المرهون أو بعضاً من ملحقاته من ضمان المرتهن أو تحمله بحقوق متقلة كأن يسارع الراهن قبل قيد المرتهن لحقه بترتيب حق للغير على هذا العقار وبحيث يشهر هذا الحق قبل قيد الرهن سواء ببيعه أو بترتيب حق ارتفاق عليه أو بتقرير رهن ثان أو بيع العقارات بالتخصيص التي كانت مخصصة لخدمة العقار المرهون أو بيع العقار بإعتباره منقولاً بحسب المال أو قطع أشجار لم تكن معدة للقطع.
ويضاف إلى ذلك أن الراهن يضمن للمرتهن ما يحصل له من تعرض قانوني صادر من الغير و التعرض القانوني الصادر من الغير يتخذ صورة الادعاء بحق لو ثبت لترتب عليه المساس بحق المرتهن كإدعائه ملكية العقار المرهون أو ملكية المنقول الموضوع فيه أو أنه صاحب حق انتفاع أو ارتفاق متى كان الرهن قد تم على أساس أنه ليس للغير شئ من ذلك فإذا لم يتدخل الراهن ويدفع دعوى الغير اعتبر مخلاً بالتزامه بضمان الإستحقاق.
أما التعرض المادي الصادر من الغير فلا يضمنه الراهن بل يكون للمرتهن أن يتولى دفعه بنفسه وقد أعطته المادة (1048) مدني - كما سنرى - هذا الحق
جزاء مخالفة الراهن لإلتزامه :
إذا خالف الراهن إلتزامه بضمان سلامة الرهن كان الجزاء وفقاً للقواعد العامة - هو التنفيذ العيني أو التنفيذ بمقابل.
ومعنى التنفيذ العيني هو إزالة كل عمل أدى إلى إنقاص الرهن أو عرض حقوق الدائن المرتهن للخطر وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه.
فإذا إستحال التنفيذ العيني كما لو ثبت للأجنبي على العقار حق يتعارض مع حق الدائن المرتهن أو تعذر التنفيذ العيني أو كان في رفعه إرهاق جسيم كان الجزاء هو التنفيذ بمقابل أي التعويض ويكون التعويض عن طريق طلب تأمين تكميلي يعادل ما نقص من قيمة العقار المرهون ويحل محله. .
وبدلاً من التنفيذ العينى أو التنفيذ بمقابل يجوز الحكم بسقوط الأجل وحلول الدين فوراً نظراً لأن المدين قد أضعف بفعله التأمينات الضامنة للوفاء ويكون الخيار في هذا الدائن (م 2/ 273 مدني).
على أن المشرع لم يكتف بهذه الجزاءات بل حمى الدائن المرتهن من جهة بأن خوله الحق في اتخاذ وسائل للتحفظ على حقه وتخلص هذه الوسائل فيما يلي :
1 - إتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لحفظ العقار المرهون ومنع حدوث نقص في قيمته كأن يطلب تعيين حارس على العقار المرهون للمحافظة عليه على نفقة الراهن.
2 - الإعتراض على تصرف الراهن لدى الأشخاص الذين يزمع أن يتصرف لهم في منقولات ينتزعها من العقار المرهون أو الذين تصرف لهم في هذه المنقولات دون أن يسلمهم إياها ليجعلهم بهذا الإعتراض سيئي النية فلا يجوز لهم التمسك بقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية .
3 - الحجز على ثمن المنقولات التي فصلت وبيعت وسلمت إلى مشتريها بحسن نية واستعمال حق التقدم عليه بإعتبار أن هذا الثمن قد حل في الرهن محل المنقولات التي بيعت حلولاً عينياً (م 1049 مدني) .
4 - للدائن المرتهن في حالة الاستعجال القيام بترميم العقار صيانة له من التلف والرجوع بما أنفق على الراهن (209 - 1047). (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الرابع عشر الصفحة/ 369)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الحادي عشر ، الصفحة / 230
تَرْمِيمُ الرَّهْنِ:
9 - كُلُّ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ لِبَقَاءِ الرَّهْنِ وَمَصْلَحَتِهِ فَهُوَ عَلَى الرَّاهِنِ؛ لأِنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ، وَذَلِكَ مُؤْنَةُ الْمِلْكِ.
وَكُلُّ مَا كَانَ لِحِفْظِهِ فَعَلَى الْمُرْتَهِنِ؛ لأِنَّ حَبْسَهُ لَهُ، فَلَوْ شُرِطَ مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى الرَّاهِنِ لاَ يَلْزَمُهُ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم قَالَ: «الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ، وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ النَّفَقَةُ» وَاَلَّذِي يَرْكَبُ هُوَ الرَّاهِنُ، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ؛ وَلأِنَّ الرَّقَبَةَ وَالْمَنْفَعَةَ عَلَى مِلْكِهِ، فَكَانَتِ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ .
وَيَقُولُ الْحَنَابِلَةُ: إِنَّ مُؤْنَةَ الرَّهْنِ عَلَى رَاهِنِهِ؛ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ يَغْلَقُ الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ، لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» وَلأِنَّهُ مِلْكٌ لِلرَّاهِنِ فَكَانَ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ.
فَإِنِ امْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنْ بَذْلِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَخَذَ الْحَاكِمُ مِنْ مَالِهِ وَفَعَلَهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ أَخْذُ ذَلِكَ مِنَ الرَّهْنِ بِيعَ مِنْهُ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الرَّاهِنِ فِعْلُهُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ؛ لأِنَّ حِفْظَ الْبَعْضِ أَوْلَى مِنْ إِضَاعَةِ الْكُلِّ، فَإِنْ خِيفَ اسْتِغْرَاقُ الْبَيْعِ لِلرَّهْنِ فِي الإْنْفَاقِ عَلَيْهِ بِيعَ كُلُّهُ وَجُعِلَ ثَمَنُهُ رَهْنًا مَكَانَهُ لأِنَّهُ أَحَظُّ لَهُمَا .
وَإِنْ أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّهْنِ بِلاَ إِذْنِ الرَّاهِنِ، مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى اسْتِئْذَانِهِ، فَمُتَبَرِّعٌ حُكْمًا لِتَصَدُّقِهِ بِهِ، فَلاَ يَرْجِعُ بِعِوَضِهِ وَلَوْ نَوَى الرُّجُوعَ، كَالصَّدَقَةِ عَلَى مِسْكِينٍ؛ وَلِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ الاِسْتِئْذَانِ. وَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِئْذَانُهُ وَأَنْفَقَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ رَجَعَ وَلَوْ لَمْ يَسْتَأْذِنِ الْحَاكِمَ؛ لاِحْتِيَاجِهِ لِحِرَاسَةِ حَقِّهِ .
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثامن والعشرون ، الصفحة / 256
ضَمَانُ الرَّهْنِ:
62 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ضَمَانِ الرَّهْنِ، إِذَا هَلَكَتِ الْعَيْنُ الْمَرْهُونَةُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، بَعْدَ قَبْضِهَا وَبَعْدَ تَحَقُّقِ شُرُوطِ الرَّهْنِ:
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الرَّهْنَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، لاَ يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ، إِلاَّ إِذَا تَعَدَّى فِيهِ، أَوِ امْتَنَعَ مِنْ رَدِّهِ بَعْدَ طَلَبِهِ مِنْهُ أَوْ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنَ الدَّيْنِ، وَلاَ يَسْقُطُ بِشَيْءٍ مِنَ الدَّيْنِ بِهَلاَكِهِ (أَيِ الرَّهْنِ) مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ وَذَلِكَ:
لِمَا رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ يُغْلَقُ الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ، لَهُ غُنْمُهُ، وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الرَّهْنَ إِذَا قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ، كَانَتْ مَالِيَّتُهُ مَضْمُونَةً، أَمَّا عَيْنُهُ فَأَمَانَةٌ، وَذَلِكَ: لِمَا رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ حَدَّثَ: «أَنَّ رَجُلاً رَهَنَ فَرَسًا، فَنَفَقَ فِي يَدِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم لِلْمُرْتَهِنِ: ذَهَبَ حَقُّكَ» .
وَلِحَدِيثِ عَطَاءٍ عَنِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم قَالَ: «الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ» (وَمَعْنَاهُ: أَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالدَّيْنِ الَّذِي وُضِعَ فِي مُقَابِلِهِ).
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى ضَمَانِ الرَّهْنِ بِشُرُوطٍ:
أ - أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، لاَ فِي يَدِ غَيْرِهِ، كَالْعَدْلِ.
ب - أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ، أَيْ يُمْكِنُ إِخْفَاؤُهُ، كَالْحُلِيِّ وَالسِّلاَحِ وَالْكُتُبِ وَالثِّيَابِ.
ج - أَنْ لاَ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلاَكِهِ أَوْ تَلَفِهِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ، كَالْحَرِيقِ الْغَالِبِ، وَغَارَاتِ الأْعْدَاءِ، وَمُصَادَرَةِ الْبُغَاةِ، فَإِذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ، ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ، وَلَوْ شَرَطَ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ الْبَرَاءَةَ وَعَدَمَ ضَمَانِهِ، لأِنَّ هَذَا إِسْقَاطٌ لِلشَّيْءِ قَبْلَ وُجُوبِهِ، وَالتُّهْمَةُ مَوْجُودَةٌ، خِلاَفًا لأِشْهَبَ، الْقَائِلِ بِعَدَمِ الضَّمَانِ عِنْدَ الشَّرْطِ .
63 - وَفِي اعْتِبَارِ قِيمَةِ الرَّهْنِ الْمَضْمُونِ، بَعْضُ الْخِلاَفِ وَالتَّفْصِيلِ:
فَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ، عَلَى أَنَّ قِيمَةَ الْمَرْهُونِ إِذَا هَلَكَ، تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْقَبْضِ، لأِنَّهُ يَوْمئِذٍ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ، وَفِيهِ يَثْبُتُ الاِسْتِيفَاءُ يَدًا، ثُمَّ يَتَقَرَّرُ بِالْهَلاَكِ .
أَمَّا إِذَا اسْتَهْلَكَهُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ، فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الاِسْتِهْلاَكِ، لِوُرُودِهِ عَلَى الْعَيْنِ الْمُودَعَةِ، وَتَكُونُ الْقِيمَةُ رَهْنًا عِنْدَهُ .
وَلِلْمَالِكِيَّةِ - فِي اعْتِبَارِ قِيمَةِ الرَّهْنِ التَّالِفِ - ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ، كُلُّهَا مَرْوِيَّةٌ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ:
الأْوَّلُ: يَوْمُ التَّلَفِ، لأِنَّ عَيْنَ الرَّهْنِ كَانَتْ قَائِمَةً، فَلَمَّا تَلِفَتْ قَامَتْ قِيمَتُهَا مَقَامَهَا.
الثَّانِي: يَوْمُ الْقَبْضِ، لأِنَّهُ كَشَاهِدٍ، وَضَعَ خَطَّهُ وَمَاتَ، فَيُعْتَبَرُ خَطُّهُ، وَتُعْتَبَرُ عَدَالَتُهُ يَوْمَ كَتْبِهِ.
الثَّالِثُ: يَوْمُ عَقْدِ الرَّهْنِ، قَالَ الْبَاجِيُّ: وَهُوَ أَقْرَبُ، لأِنَّ النَّاسَ إِنَّمَا يَرْهَنُونَ مَا يُسَاوِي الدَّيْنَ الْمَرْهُونَ فِيهِ غَالِبًا .
ضَمَانُ الرَّهْنِ الْمَوْضُوعِ عَلَى يَدِ الْعَدْلِ:
64 - يَصِحُّ وَضْعُ الرَّهْنِ عِنْدَ عَدْلٍ ثَالِثٍ، غَيْرِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ، وَيَتِمُّ وَيَلْزَمُ بِقَبْضِ الْعَدْلِ ، لأِنَّ يَدَهُ كَيَدِ الْمُرْتَهِنِ.
وَلاَ يَأْخُذُهُ أَحَدُهُمَا مِنْهُ، لأِنَّهُ تَعَلَّقَ حَقُّ الرَّاهِنِ فِي الْحِفْظِ بِيَدِهِ، وَتَعَلَّقَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ اسْتِيفَاءً، فَلاَ يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا إِبْطَالَ حَقِّ الآْخَرِ.
وَلَوْ دَفَعَ الرَّهْنَ إِلَى أَحَدِهِمَا ضَمِنَ، لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمَا بِهِ، لأِنَّهُ مُودَعُ الرَّاهِنِ فِي حَقِّ الْعَيْنِ، وَمُودَعُ الْمُرْتَهِنِ فِي حَقِّ الْمَالِيَّةِ، وَكِلاَهُمَا أَجْنَبِيٌّ عَنْ صَاحِبِهِ، وَالْمُودَعُ يُضْمَنُ بِالدَّفْعِ إِلَى الأْجْنَبِيِّ .
وَلَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْعَدْلِ: فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَهْلَكُ مِنْ ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ، لأِنَّ يَدَهُ فِي حَقِّ الْمَالِيَّةِ يَدُ الْمُرْتَهِنِ، وَهِيَ الْمَضْمُونَةُ، فَإِذَا هَلَكَ، هَلَكَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ .
وَمَذْهَبُ مَالِكٍ: أَنَّهُ إِذَا هَلَكَ فِي يَدِ الأْمِينِ، هَلَكَ مِنْ ضَمَانِ الرَّاهِنِ .
وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ: عَلَى أَنَّ الأْمِينَ إِذَا دَفَعَ الرَّهْنَ إِلَى الرَّاهِنِ أَوِ الْمُرْتَهِنِ بِغَيْرِ إِذْنٍ وَتَلِفَ:
فَإِنْ سَلَّمَهُ إِلَى الرَّاهِنِ، ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِلْمُرْتَهِنِ، أَوْ ضَمِنَ لَهُ الدَّيْنَ الْمَرْهُونَ هُوَ فِيهِ، فَيَضْمَنُ أَقَلَّهُمَا.
وَإِنْ سَلَّمَهُ إِلَى الْمُرْتَهِنِ، ضَمِنَ قِيمَةَ الرَّهْنِ لِلرَّاهِنِ .
__________________________
مجلة الأحكام العدلية
مادة (741) ضمان إتلاف الرهن
إذا أتلف الراهن الرهن أو عيَّبه يضمن وكذلك المرتهن إذا أتلفه أو عيبه يسقط من الدين مقدار قيمته.