مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السابع ، الصفحة : 88
مذكرة المشروع المهيدى :
1- تتحدد مرتبة الدائن المرتهن من وقت القيد حتى لو كان حقه معلقا على شرط أو كان حقاً مستقبلاً أو كان حقاً احتمالياً فإذا تقدم للقيد مع دائنين آخرين في يوم واحد كان الأسبق منهم في القيد هو المتقدم فإذا تقدموا جميعاً في وقت واحد من اليوم الواحد قيدوا تحت رقم واحد واعتبروا في مرتبة واحدة .
2 - ومتى تحددت مرتبة الدائن المرتهن على النحو المتقدم استوفي حقه طبقاً لهذه المرتبة من ثمن العقار عند بيعه في المزاد أو من الحق الذي حل محل العقار كالتعويض أو مبلغ التأمين أو ثمن ملحقات العقار .
3- ومرتبة الرهن تتناول مبلغ الدين المذكور في القيد سواء كان أصلاً أو فوائد وتتناول أيضاً دون ذكر في القيد مصروفات العقد والقيد و التجديد و فوائد أخرى غير الفوائد التي ذكرت في القيد هي فوائد السنتين السابقتين على تسجيل تنبيه نزع الملكية والفوائد التي تستحق من هذا التاريخ إلى يوم رسو المزاد بشرط أن يذكر سعر الفائدة في العقد .
1 ـ إن مؤدى نصوص المواد 1030 ، 1043 ، 1052 مدنى أن الرهن الرسمى عقد به يكسب الدائن على عقار مخصص لوفاء دينه حقاً عينياً يكون له بمقتضاه أن يتقدم على الدائنين العاديين والدائنين التالين له فى المرتبة فى استيفاء حقه من ثمن ذلك العقار فى أى يد يكون ، فالرهن عقد يتم بين الراهن والدائن المرتهن ويعطى لهذا الأخير حقاً عينياً عقارياً على العقار المخصص لوفاء الدين بجميع ما ينتج عن هذا الحق من مزايا وضمانة عينية كما يعطى له حق التتبع فى يد من تنتقل إليه ملكية العقار المرهون ، والراهن يبقى مالكاً للعقار المرهون وحائزاً له ويحتفظ بحقه فى التصرف فيه ولا يتقيد فى ذلك إلا بعدم الإضرار بحق الدائن المرتهن ، ويستوى فى ذلك أن يتصرف الراهن فى كل العقار المرهون أو فى جزء منه فقط ، فإذا باعه أجزاء متفرقة إلى عدد من المشترين فللدائن المرتهن أن يتتبع كل جزء من العقار فى يد من اشتراه كما يتتبع كل العقار فى يد المشترى ، كما يقع باطلاً كل اتفاق يجعل للدائن الحق عند عدم استيفاء الدين وقت حلول أجله فى أن يتملك العقار المرهون نظير ثمن معلوم أياً كان ، ولو كان هذا الاتفاق قد أُبرم بعد الرهن ، فقد أراد المشرع حماية الراهن من هذا الاستغلال المخالف للنظام العام ، فنص صراحة على أن هذا الاتفاق يكون باطلاً .
(الطعن رقم 9352 لسنة 66 جلسة 2009/07/07 س 60 ص 782 ق 131)
2 ـ النص فى المادة 1030 من القانون المدني يدل على أن الرهن الرسمي يرتب للدائن المرتهن حقاً عينياً على العقار المرهون لوفاء الدين ويكون له بموجب هذا الحق أن يتقدم على الدائنين العاديين والدائنين التاليين له فى المرتبة فى استيفاء حقه من ثمن العقار المرهون فى أي يد تكون، والراهن قد يكون هو المدين نفسه أو كفيلاً عينياً آخر يتكفل بضمان الوفاء بدين على الغير، وإذا لم يباشر الكفيل العيني الرهن الرسمي بنفسه وقام به غيره نيابة عنه، وجب أن يكون صادراً منه له وكالة خاصة.
(الطعن رقم 348 لسنة 61 جلسة 1999/02/28 س 50 ع 1 ص 316 ق 59)
(الطعن رقم 395 لسنة 61 جلسة 1999/02/28 س 50 ع 1 ص 316 ق 59)
متى تم القيد على نحو ما سلف كان للدائن المرتهن الحق في أن يتقدم على جميع الدائنين العاديين وعلى الدائنين المرتهنين التاليين له في القيد وذلك عند بيع العقار المرهون وتوزيع ثمنه فيستوفي حقه أولاً وإن بقى شيء من الثمن كان لصاحب القيد التالي أن ينفذ عليه بحقه فإن لم يوجد دائن مرتهن آخر فإن باقي الثمن يوزع بين الدائنين العاديين قسمة غرماء وتكون الأسبقية في القيد لا بحسب يوم القيد فقط بل بحسب ساعته فمن يسبق ولو بساعة كان متقدماً وإذا تقدم دائنان مرتهنان أو أكثر في ساعة واحدة فإنهم يتساوون ولو تأخر أحدهم دقائق عن الآخر ويقسم الثمن فيما بينهم بنسبة دين كل منهم من 31 شهر عقاري .
لكن إذا كانت حصيلة التنفيذ على العقار غير كافية لسداد ديون الدائنين أصحاب القيود استوفي الدائن صاحب القيد الأسبق دینه کاملاً من تلك الحصيلة، فإن كانت غير كافية لسداد دينه ووجد مال آخر للمدين يجوز التنفيذ عليه وخالياً من الحقوق العينية التبعية فإن ثمن بيعه يقسم قسمة غرماء على جميع الدائنين فيخص كل منهم بنسبة دينه ويتمثل دين الدائن صاحب الحق العيني التبعي الذي إستوفی جرءً من دينه عند تنفيذه على العقار في باقي الدين الذي لم تكف حصيلة التنفيذ من الوفاء به أما الجزء الذي تم الوفاء به فقد انقضى بهذا الوفاء ولم يعد ديناً. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع عشر الصفحة/ 493)
تنص المادة 1056 مدني على ما يأتي :
يستوفي الدائنون المرتهنون حقوقهم قبل الدائنين العاديين من ثمن العقار المرهون أو من المال الذي حل محل هذا العقار بحسب مرتبة كل منهم ولو كانوا قد أجروا القيد في يوم واحد .
ويفهم من هذا النص أن الدائنين يرتبون على الوجه الآتي :
وإذا وجد دائنون مرتهنون رهناً رسمياً أو أصحاب حق اختصاص أو مرتهنون رهناً حيازياً على العقار أو أصحاب حقوق امتياز خاصة على عقار تقدموا بحسب مرتبة كل منهم والسابق في المرتبة هو السابق في القيد فإذا استنفدنا هؤلاء الدائنين يأتي الدائنون العاديون وكلهم متساوون في المرتبة فيتزاحموا على ما يبقى من أموال المدين .
ويلاحظ أن مرتبة الدائن المرتهن والدائنين الملحقين به يحددها مرتبة القيد م 1057 مدني ولو كان قيد الدائنين في يوم واحد وقد نصت المادة 31 من قانون تنظيم الشهر العقاري على أن يعد بالمكتب دفتر للشهر تثبت فيه المحررات وقوائم القيد على حسب الأحوال بأرقام متتابعة وفقاً لتواريخ وساعات تقديمها .
فالأسبقية في القيد تتحد إذن بساعة التقديم فمن كان أسبق في الساعة قدم على المتأخر ولو تقدم اثنان في ساعة واحدة تساوياً ولو كان أحدهما متأخراً بدقائق عن الآخر . (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ العاشر الصفحة/ 571)
يثبت للدائن المرتهن بمقتضى نفاذ رهنه - بالقيد - الحق في التقدم والحق في التتبع.
والحق في التقدم الحق في الأفضلية يقصد به حق الدائن المرتهن في استيفاء حقه من ثمن العقار المرهون أو من المال الذي حل محله متقدماً في ذلك على الدائنين العاديين والدائنين الممتازين التالين له في المرتبة.
وتظهر أهمية حق التقدم عندما يكون مقابل العقار أي ثمن بيع العقار غير كاف للوفاء بكافة الديون المستحقة إذ يلزم في هذه الحالة تسوية التزاحم بين الدائنين.
وهنا تبرز أهمية حق التقدم الذي يتمتع به الدائن والذي يسمح له باستيفاء حقه قبل الدائنين العاديين بل وقبل الدائنين أصحاب الحقوق المقيدة التالين له في المرتبة.
موضوع حق التقدم :
الأصل أن حق المرتهن في التقدم يباشر على ثمن العقار المرهون بعد بيعه ولكن إذا حل مال محل العقار المرهون بوشر حق التقدم على هذا المال أو على ثمنه تطبيقاً لقاعدة الحلول العيني.
فإذا هلك العقار المرهون أو تلف ودفع عن هذا الهلاك تعويض أو كان العقار مؤمناً عليه ثم هلك أو تلف ودفع المؤمن مبلغ التأمين أو تصرف الراهن في بعض مشتملات العقار المرهون بعد فصلها عنه وكان الثمن لم ينفع في كل هذه الأحوال وما يماثلها ينتقل حق التقدم إلى المال الذي حل محل العقار المرهون أي مبلغ التعويض أو التأمين أو ثمن المشتملات في الأمثلة السابقة.
- كيفية مباشرة المرتهن حقه في التقدم :
حق التقدم يستلزم بطبيعته أن ثمن محل الرهن لا يفي بكافة ديون الدائنين فتوجد مزاحمة بين الدائنين.
والدائن المرتهن إما أن يتزاحم مع الدائنين العاديين أو مع غيرهم من الدائنين ذوي الحقوق على العقار.
والقاعدة أن المرتهن يتقدم على جميع الدائنين العاديين أياً كان مصدر ديونهم أو تاریخ تحمل ذمة المدين بها.
أما إذا تزاحم المرتهن رهناً رسمياً مع غيره من المرتهنين رهناً رسمياً لنفس العقار ثبتت الأولوية للسابق في تاريخ القيد دون مراعاة لتاريخ عقد الرهن تطبيقاً لقاعدة أن السابق في التاريخ يتقدم في القانون والأسبقية في القيد لا تتحدد فقط بحسب اليوم وإنما بساعة التقديم فمن كان أسبق في الساعة قدم على المتأخر ولو تقدم اثنان في ساعة واحدة تساوياً ولو كان أحدهما متأخراً بدقائق عن الآخر.
ولذلك تنص المادة 31 من قانون تنظيم الشهر العقاري على أن:
يعد بالمكتب دفتر للشهر تثبت فيه المحررات وقوائم القيد علي حسب الأحوال بأرقام متتابعة وفقاً لتواريخ وساعات تقديمها".
وإذا تزاحم الدائن المرتهن رهناً رسمياً مع صاحب حق الاختصاص أو مع المرتهن رهناً حيازياً تثبت الأولوية للأسبق في تاريخ القيد. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الرابع عشر الصفحة/ 428)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / التاسع ، الصفحة / 70
الْبَيْعُ الْجَبْرِيُّ
تَعْرِيفُهُ:
1 - الْبَيْعُ الْجَبْرِيُّ مُرَكَّبٌ مِنْ لَفْظَيْنِ: «الْبَيْعُ» وَ «الْجَبْرِيُّ»
فَالْبَيْعُ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ . وَالْجَبْرِيُّ: مِنْ جَبَرَهُ عَلَى الأْمْرِ جَبْرًا: حَمَلَهُ عَلَيْهِ قَهْرًا .
فَالْبَيْعُ الْجَبْرِيُّ فِي اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ هُوَ: الْبَيْعُ الْحَاصِلُ مِنْ مُكْرَهٍ بِحَقٍّ، أَوِ الْبَيْعُ عَلَيْهِ نِيَابَةً عَنْهُ، لإِيفَاءِ حَقٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ، أَوْ لِدَفْعِ ضَرَرٍ، أَوْ تَحْقِيقِ مَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ .
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الإْكْرَاهُ عَلَى الْبَيْعِ:
2 - الإْكْرَاهُ فِي اللُّغَةِ: حَمْلُ الإْنْسَانِ عَلَى أَمْرٍ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ .
وَفِي الشَّرْعِ: فِعْلٌ يُوجِدُهُ الْمُكْرِهُ فَيَدْفَعُ الْمُكْرَهَ إِلَى مَا طَلَبَ مِنْهُ .
فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ الْجَبْرِيِّ: أَنَّ الْبَيْعَ الْجَبْرِيَّ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بِحَقٍّ، أَمَّا الْبَيْعُ بِالإْكْرَاهِ فَهُوَ فِي الأْصْلِ أَعَمُّ، لَكِنَّ الْغَالِبَ إِطْلاَقُهُ عَلَى الإْكْرَاهِ بِلاَ حَقٍّ.
ب - بَيْعُ التَّلْجِئَةِ:
3 - بَيْعُ التَّلْجِئَةِ فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ: أَنْ يُظْهِرَا عَقْدًا وَهُمَا لاَ يُرِيدَانِهِ، يَلْجَأُ إِلَيْهِ صَاحِبُ الْمَالِ خَوْفًا مِنْ عَدُوٍّ أَوْ سُلْطَانٍ جَائِرٍ .
فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ الْجَبْرِيِّ أَنَّ بَيْعَ التَّلْجِئَةِ فِيهِ صُورَةُ الْبَيْعِ لاَ حَقِيقَتُهُ.
حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ:
4 - يَخْتَلِفُ حُكْمُ الْبَيْعِ الْجَبْرِيِّ بِاخْتِلاَفِ سَبَبِهِ، فَإِنْ كَانَ لإِِيفَاءِ حَقٍّ، كَبَيْعِ مَالِهِ لإِِيفَاءِ دَيْنٍ حَالٍّ، وَبِطَلَبِ صَاحِبِ الْحَقِّ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَكَذَا إِذَا كَانَ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ، كَتَوْسِعَةِ الْمَسْجِدِ الَّذِي ضَاقَ عَلَى الْمُصَلِّينَ، أَوِ الطَّرِيقِ الْعَامِّ .
وَيَقُومُ الْبَيْعُ فِي الْفِقْهِ الإْسْلاَمِيِّ - كَسَائِرِ الْعُقُودِ الْقَوْلِيَّةِ - عَلَى التَّرَاضِي الْحُرِّ عَلَى إِنْشَائِهِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ لقوله تعالي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ)
وَخَبَرِ: «إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ» وَلاَ يُقِرُّ الْفُقَهَاءُ بَيْعًا لَمْ يَقُمْ عَلَى التَّرَاضِي مِنَ الْجَانِبَيْنِ: الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، إِلاَّ مَا تُوجِبُهُ الْمَصْلَحَةُ الْعَامَّةُ لإِِحْقَاقِ حَقٍّ، أَوْ تَحْقِيقِ مَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ، أَوْ دَفْعِ ضَرَرٍ خَاصٍّ أَوْ عَامٍّ، وَهُوَ مَا يُسَمَّى فِي عُرْفِهِمْ: الإِْكْرَاهُ الْمَشْرُوعُ، أَوِ الإِْكْرَاهُ بِحَقٍّ.
وَمِنْهَا: الْعُقُودُ الْجَبْرِيَّةُ الَّتِي يُجْرِيهَا الْحَاكِمُ، إِمَّا مُبَاشَرَةً نِيَابَةً عَمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ إِجْرَاؤُهَا، إِذَا امْتَنَعَ عَنْهَا، أَوْ يُجْبَرُ هُوَ عَلَى إِجْرَائِهَا.
وَيَذْكُرُ الْفُقَهَاءُ أَمْثِلَةً لِلْجَبْرِ الْمَشْرُوعِ عَلَى الْبَيْعِ مِنْهَا:
إِجْبَارُ الْمَدِينِ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ:
5 - يُجْبَرُ الْمَدِينُ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ لإِيفَاءِ دَيْنٍ حَالٍّ، إِذَا امْتَنَعَ عَنْ أَدَائِهِ وَلَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ، فَيَجْبُرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ بِالتَّعْزِيرِ عَلَيْهِ بِالْحَبْسِ أَوِ الضَّرْبِ، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الاِمْتِنَاعِ قَضَى الْحَاكِمُ الدَّيْنَ مِنْ مَالِهِ جَبْرًا عَلَيْهِ، إِذَا كَانَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ.
هَذَا مَحَلُّ اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ مَالُهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ كَالْعَقَارِ وَالْعُرُوضِ، فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الإْمَامَ يَبِيعُ مَالَهُ عَلَيْهِ جَبْرًا نِيَابَةً عَنْهُ .
وَعِنْدَ الإْمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ، لاَ يَبِيعُ الْحَاكِمُ مَالَهُ عَلَيْهِ، بَلْ يَحْبِسُهُ حَتَّى يَقُومَ بِإِيفَاءِ الدَّيْنِ بِبَيْعِ مَالِهِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لأِنَّ وِلاَيَةَ الْحَاكِمِ - فِي نَظَرِ الإْمَامِ - عَلَى مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، لاَ عَلَى مَالِهِ، فَلَمْ يَنْفُذْ بَيْعُهُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَلأِنَّ الْبَيْعَ تِجَارَةٌ وَلاَ يَصِحُّ إِلاَّ بِتَرَاضٍ، وَفِيهِ أَيْضًا نَوْعٌ مِنَ الْحَجْرِ الَّذِي لاَ يُجِيزُهُ أَبُو حَنِيفَةَ. وَقَدْ خَالَفَهُ صَاحِبَاهُ فِي ذَلِكَ، فَأَجَازَا بَيْعَ الْحَاكِمِ مَالَهُ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ بَيْعًا جَبْرِيًّا، وَرَأْيُهُمَا هُوَ الْمُفْتَى بِهِ فِي الْمَذْهَبِ .
بَيْعُ الْمَرْهُونِ:
6 - إِذَا رَهَنَ عَيْنًا بِدَيْنٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ، وَحَلَّ الأْجَلُ، وَامْتَنَعَ الْمَدِينُ عَنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى بَيْعِ الْمَرْهُونِ، أَوْ بَاعَ عَلَيْهِ نِيَابَةً عَنْهُ، لأِنَّهُ حَقٌّ وَجَبَ عَلَيْهِ، فَإِذَا امْتَنَعَ عَنْ أَدَائِهِ قَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ فِي أَدَائِهِ، كَالإْيفَاءِ فِي جِنْسِ الدَّيْنِ. وَلِلتَّفْصِيلِ ر: (رَهْن).
وَقَالَ الإْمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ: لاَ يَبِيعُ عَرَضَهُ وَلاَ عَقَارَهُ، بَلْ يَحْبِسُهُ حَتَّى يَرْضَى بِبَيْعِ مَالِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ .
جَبْرُ الْمُحْتَكِرِ:
7 - إِذَا كَانَ عِنْدَ إِنْسَانٍ طَعَامٌ فَاضِلٌ عَنْ حَاجَتِهِ، يَحْتَاجُ إِلَيْهِ النَّاسُ وَامْتَنَعَ عَنْ بَيْعِهِ لَهُمْ، أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى بَيْعِهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ . وَلِلتَّفْصِيلِ ر: (احْتِكَار)
الْجَبْرُ عَلَى الْبَيْعِ لِلنَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ:
8 - إِذَا امْتَنَعَ الْمُكَلَّفُ عَنِ الإْنْفَاقِ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ كَالزَّوْجَةِ وَالأْوْلاَدِ وَالأْبَوَيْنِ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ نَقْدٌ ظَاهِرٌ بَاعَ الْحَاكِمُ عُرُوضَهُ أَوْ عَقَارَهُ لِلإْنْفَاقِ عَلَيْهِمْ.
وَيُنْظَرُ التَّفْصِيلُ فِي (النَّفَقَة).
الأْخْذُ بِالشُّفْعَةِ جَبْرًا:
9 - الشُّفْعَةُ حَقٌّ مَنَحَهُ الشَّرْعُ لِلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ، أَوِ الْجَارِ الْمُلاَصِقِ، فَيَتَمَلَّكُ الشِّقْصَ الْمَبِيعَ عَنْ مُشْتَرِيهِ بِمَا قَامَ عَلَيْهِ مِنَ الثَّمَنِ وَالتَّكَالِيفِ جَبْرًا عَلَيْهِ.
وَلِلتَّفْصِيلِ انْظُرْ مُصْطَلَحَ (شُفْعَة).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الحادي عشر ، الصفحة / 321
تَسْلِيمُ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ عِنْدَ الْبَيْعِ:
11 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَرْهُونَ يَظَلُّ مِلْكًا لِلرَّاهِنِ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ لِلْمُرْتَهِنِ، كَمَا دَلَّتِ السُّنَّةُ «لاَ يَغْلَقُ الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ» وَلَكِنْ تَعَلَّقَ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ بِعَيْنِ الرَّهْنِ، فَاسْتَحَقَّ الْمُرْتَهِنُ حَبْسَهُ وَثِيقَةً بِالدَّيْنِ إِلَى أَنْ يُوَفِّيَ الدَّيْنَ، وَلاَ يَجُوزُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الرَّهْنِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهِ إِلاَّ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ، فَيُعْتَبَرُ مُتَنَازِلاً عَنْ حَقِّهِ فِي حَبْسِ الرَّهْنِ.
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ، وَهَذَا يُسَمَّى الْبَيْعُ الاِخْتِيَارِيُّ بَعْدَ الإْذْنِ، وَحِينَئِذٍ فَالْمُرْتَهِنُ أَوْلَى وَأَحَقُّ بِثَمَنِ الْمَرْهُونِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ الدَّائِنِينَ، حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ، حَيًّا كَانَ أَوْ مَيِّتًا. وَيَثْبُتُ هَذَا الْحَقُّ لِلْمُرْتَهِنِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ .
وَإِذَا لَمْ يَتِمَّ الْبَيْعُ لِلْمَرْهُونِ اخْتِيَارِيًّا، وَحَلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ طَالَبَ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ بِوَفَاءِ الدَّيْنِ، فَإِنِ اسْتَجَابَ وَوَفَّى سُلِّمَ الْمَرْهُونُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَجِبْ لِمَطْلٍ أَوْ إِعْسَارٍ، رُفِعَ أَمْرُهُ إِلَى الْقَاضِي. وَيَطْلُبُ الْقَاضِي أَوَّلاً مِنَ الرَّاهِنِ الْحَاضِرِ بَيْعَ الْمَرْهُونِ، فَإِنِ امْتَثَلَ تَمَّ الْمَقْصُودُ، وَإِنِ امْتَنَعَ بَاعَهُ الْقَاضِي عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَصَاحِبَيْ أَبِي حَنِيفَةَ، بِدُونِ حَاجَةٍ إِلَى إِجْبَارِهِ بِحَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ تَهْدِيدٍ، وَيُسَلَّمُ مَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ دَيْنِهِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ مِنْ غَيْرِ رِضَا الرَّاهِنِ، لَكِنَّهُ يَحْبِسُ الرَّاهِنَ حَتَّى يَبِيعَهُ بِنَفْسِهِ. وَإِذَا وُجِدَ فِي مَالِ الْمَدِينِ الرَّاهِنِ مَالٌ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ، وَفَّى الدَّيْنَ مِنْهُ، وَلاَ حَاجَةَ حِينَئِذٍ إِلَى الْبَيْعِ جَبْرًا .
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / التاسع والثلاوثون ، الصفحة / 264
حُقُوقُ الْمُرْتَهِنِ:
22 - الرَّهْنُ هُوَ الْمَالُ الَّذِي يُجْعَلُ وَثِيقَةً بِالدَّيْنِ، لِيُسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِهِ إِنْ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاؤُهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ. وَبِهَذِهِ الْوَثِيقَةِ يَصِيرُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِالرَّهْنِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ بِحَيْثُ إِذَا كَانَ عَلَى الرَّاهِنِ دُيُونٌ أُخْرَى لاَ تَفِي بِهَا أَمْوَالُهُ، وَبِيعَ الرَّهْنُ لِسَدَادِ مَا عَلَيْهِ، كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ مِنْ ثَمَنِهِ أَوَّلاً، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ فَهُوَ لِبَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ .
وَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ حُقُوقَ الْمُرْتَهِنِ لاَ تَبْطُلُ بِمَوْتِهِ، بَلْ تَنْتَقِلُ إِلَى وَرَثَتِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ: فَالْمَيِّتُ الَّذِي لَهُ دَيْنٌ بِهِ رَهْنٌ، فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إِلَى وَرَثَتِهِ بِرَهْنِهِ، وَتَبْقَى الْعَيْنُ رَهْنًا عِنْدَهُمْ، وَتَتَعَلَّقُ بِهَا سَائِرُ حُقُوقِ الْمُرْتَهِنِ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ .
23 - وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَأْثِيرِ الْمَوْتِ عَلَى حُقُوقِ الْمُرْتَهِنِ إِذَا مَاتَ قَبْلَ قَبْضِ الرَّهْنِ، هَلْ تَنْتَقِلُ إِلَى وَرَثَتِهِ أَمْ تَسْقُطُ بِوَفَاتِهِ؟ وَذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ أَنَّ الرَّهْنَ يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ قَبْضِ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ، وَلاَ يَنْتَقِلُ إِلَى وَرَثَتِهِ، لأِنَّ الرَّهْنَ لاَ يَلْزَمُ عِنْدَهُمْ إِلاَّ بِالْقَبْضِ، فَإِنْ مَاتَ الْمُرْتَهِنُ قَبْلَ أَنْ يَلْزَمَ عَقْدُ الرَّهْنِ، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ .
وَالثَّانِي: لِلْمَالِكِيَّةِ: وَهُوَ أَنَّ حُقُوقَ الْمُرْتَهِنِ تَنْتَقِلُ إِلَى وَرَثَتِهِ، وَيُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى إِقْبَاضِهِمُ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ مَتَى طَلَبُوا ذَلِكَ، إِلاَّ أَنْ يَتَرَاخَى الإْقْبَاضُ حَتَّى يُفْلِسَ الرَّاهِنُ أَوْ يَمْرَضَ أَوْ يَمُوتَ، وَذَلِكَ لأِنَّ الرَّهْنَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ دُونَ تَوَقُّفٍ عَلَى قَبْضٍ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية)بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
(مادة 865)
يجوز للمدين إعطاء رهن واحدة لعدة مداينين سواء كانوا شركاء في الدين المرهون به أو كان لكل منهم دين على الراهن بشرط أن يرهنه عند الكل بعقد واحد بلا تفصيل ويكون كله رهناً عند كل منهم بدينه.
مجلة الأحكام العدلية
مادة (53) إذا بطل الأصل
إذا بطل الأصل يصار إلى البدل.
مادة (58) التصرف على الرعية
التصرف على الرعية منوط بالمصلحة.
مادة (757) حلول أجل الدين
إذا حلَّ أجل الدين وامتنع الراهن من أدائه فالحاكم يأمره ببيع الرهن وأداء الدين فإن أبى وعاند باعه الحاكم وأدَّى الدين.