مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السابع ، الصفحة :101
مذكرة المشروع التمهيدي :
أ- يختار الحائز أن يدفع الدين إذا كان أقل من الثمن المستحق أو كان على العقار رهون متعددة وكانت قيمة الرهن الأول ( أو بعض الرهون الأولى ) تعدل قيمة العقار إذا بيع في المزاد دون أن تزيد على الثمن المستحق فيؤثر في هذه الحالة أن يدفع الدين المضمون بالرهن الأول ويحل محل الدائن المرتهن في هذا الرهن وفي غيره من تأمينات أخرى يكون المدين قد قدمها ولكن لا يحل محل الدائن المرتهن ضد کفیل عیني بخلاف الكفيل العيني فإنه يرجع على الحائز فإذا أراد الدائنون المرتهنون التالون أن ينزعوا ملكية العقار وجدوا أمامهم الحائز وقد حل محل الدائن المرتهن الأول بحق مقدم على حقوقهم يجعل إجراءاتهم لافائدة فيها وهذه الطريقة عملية للتخلص من الدائنين المرتهنين لذلك يجب على الحائز أن يحتفظ قيد الرهن الذي حل فيه محل الدائن وأن يجدد هذا القيد عند الاقتضاء إلى أن حي القيود التي كانت موجودة على العقار وقت تسجيل سند الحائر أما القيود التي تأتي بعد هذا التسجيل فلا تنفذ في حقه .
ومادام العقار المرهون لايزال في ملكية الحائز أي إلى يوم رسو المزاد يستطيع هذا أن يختار دفع الدين مع عرض ماصرف في الإجراءات من وقت إنذاره ويرجع بذلك على المدين وإذا كان الراهن غير المدين فله أن يرجع على الراهن أيضاً .
2- والأصل أن دفع الحائز للدين أمر اختیاري ولكنه ينقلب إجبارياً ويصبح للدائن المرتهن الحق في استيفاء الدين من الحائز في حالتين :
(أ) إذا كان المستحق في ذمة الحائز بالسبب الناقل الملكية العقار مبلغاً واجب الأداء حالاً ويكفي لوفاء الدين ويشترط أن يكون الحائز قد سجل سند ملكيته حتى لا يستجد دائنون ينفذ حقهم قبله ففي هذه الحالة لا مصلحة للحائز في أن يدفع المستحق في ذمته للراهن ويجوز للدائن المرتهن أن يجبره على الوفاء له هو .
(ب) أما إذا كان المستحق في ذمة الحائز غير واجب الأداء حالاً أو كان أقل من الدين المضمون أو مغايراً له فللدائنين المرتهنين إذا اتفقوا جميعاً إجباره على الدفع لهم ولكن في الميعاد المحدد و بقدر مافي ذمته فإذا دفع خاص من الرهون ولو كان و مادفعه أقل من الديون المضمونة.
ولا يجوز للحائز في الحالتين أن يتخلص من الدفع للدائنين بالتخلي عن العقار .
حائز العقار - المرهون - طبقاً للمواد 320 ، 326 ، 329 من القانون المدنى ملزم بالدين عن المدين ، و ينبنى على وفائه بالدين المضمون أو بجزء منه للدائن المرتهن ، حلوله محل هذا الدائن فى كافة حقوقه بمقدار ما أداه ، و يشمل الحلول الرهن الوارد على عقار الحائز ذاته ، ويترتب على الحلول ، إنتقال حق الدائن إلى الموفى فيكون له أن يرجع على المدين بهذا الحق بمقدار ما أوفاه .
(الطعن رقم 172 لسنة 36 جلسة 1971/03/25 س 22 ع 1 ص 384 ق 61)
إذا كان الحائر مشترياً لم يدفع الثمن وكان هذا الثمن كافياً للوفاء بالدين المضمون بالرهن فله الوفاء للدائنين بديونهم وهذا يبريء ذمته قبل البائع وغالبا ما يتضمن عقد البيع شرطا بهذا الوفاء وقد يكون موهوباً له بالعقار أو مشترياً يحرص على الاحتفاظ بالعقار ويفي الحائز بالدين الأصلي وملحقاته وهي الفوائد ومصروفات العقد والقيد والتجلد «م 1058 »، وما صرف في الإجراءات من وقت انذاره ولا يلتزم بدفع ديون غير مقيدة أو قيدت بعد تسجيل سنده وللحائز أن يوفي الدين عند حلول أجله وحتى يوم رسو المزاد ومتى وفي الحائز للدائن فإنه يحل محله في ذات المرتبة ولا يجوز للدائنين التاليين لهذه المرتبة التنفيذ على العقار تحت يد الحائز لأنه يتقدم عليهم بهذا الحلول طالما ظل محتفظاً بمرتبته ومن ثم يجب عليه أن يجدد القيد كل عشر سنوات حتی تمحي القيود التالية والتي كانت موجودة وقت تسجيل سنده اذ يحاج بها أما إن لم يجدد القيد سقط القيد وفقد المرتبة التي حل فيها محل الدائن الذي وفاه الدين وجاز للدائن الذي كان تالياً له في المرتبة أن ينفذ على العقار وفقاً للمادة التالية ويكون للحائز الذي وفي الدين الرجوع على المدين بدعوى شخصية وفقاً لقواعد الإثراء بلا سبب وعلى من تلقى منه الملكية بعوض لما له من ضمان فان كان قد تلقاها بغيرعوض كهبة أو وصية فلا يرجع بشيء . (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع عشر الصفحة/ 510)
تنص المادة 1061 مدني على ما يأتي :
"يجوز للحائز عند حلول الدين المضمون بالرهن أن يقضيه هو وملحقاته بما في ذلك ما صرف في الإجراءات من وقت إنذاره ويبقى حقه هذا قائماً إلى يوم رسو المزاد ويكون له في هذه الحالة أن يرجع بكل ما يوفيه على المدين وعلى المالك السابق للعقار المرهون كما يكون له أن يحل محل الدائن الذي استوفى الدين فيما له من حقوق إلا ما كان منها متعلقاً بتأمينات قدمها شخص آخر غير المدين" .
متى يكون قضاء الدين أفضل :
يختار الحائز عادة قضاء الدين إذا كان الدين أقل بكثير من ثمن العقار أو من الجزء الباقي من الثمن في ذمة الحائز .
وقد يكون للدائن المرتهن رهن على عقار آخر ضامن لنفس الدين فإذا وفى الحائز هذا الدائن المرتهن فإنه يحل محله في هذا الرهن وقد يكون في ذلك ضمان كافٍ للحائز إذا ما وفى الدين للدائن المرتهن .
وقد يكون الحائز قد اشترى العقار المرهون بثمن مساو لقيمة الدين ولم يكن قد دفع الثمن فيتعين عليه بدلاً من أن يدفع الثمن للبائع أن يدفعه للدائن فيفي بذلك في وقت واحد بالثمن وبالدين .
ما يجب على الحائز دفعه لقضاء الدين :
ويدفع الحائز للدائن المرتهن كل ما يجب دفعه له بموجب عقد الرهن ويجب دفع كل ذلك لأن الرهن غير قابل للتجزئة فيكون للدائن المرتهن استيفاء كل حقه فلو بقي منه شيء لم يدفع جاز للدائن المرتهن أن ينزع من أجل هذا الباقي ملكية العقار المرهون من ثم يجب على الحائز أن يدفع كل الدين ويدفع أيضاً الفوائد المضمونة سنتين قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية والفوائد التي تستحق من تاريخ تسجيل تنبيه نزع الملكية إلى يوم رسو المزاد والقيود الخاصة بفوائد أخرى قد استحقت وكذلك المصروفات المضمونة بالقيد وما صرف في الإجراءات من وقت إنذار الدائن المرتهن .
متى يجب الدفع نص قانوني :
والدفع يكون عند حلول الدين المضمون بالرهن إلى يوم رسو المزاد وتقول المادة 1061 مدني كما رأينا يجوز للحائز عند حلول الدين المضمون بالرهن أن يقضيه هو وملحقاته بما في ذلك ما صرف في الإجراءات من وقت إنذاره ويبقى حقه هذا قائماً إلى يوم رسو المزاد .
ويستفيد الحائز من مواعيد الأجل الممنوحة للمدين بما في ذلك أجل القاضي فلا تتخذ ضد الحائز إجراءات حتى ينتهي الأجل ويحرم الحائز الأجل الذي يحرمه المدين .
وتستمر المادة 1061 مدني كما رأينا فتقول : ويكون له للحائز في هذه الحالة أن يرجع بكل ما يوفيه على المدين وعلى المالك السابق للعقار المرهون كما له أن يحل محل الدائن الذي استوفى الدين فيما له من حقوق إلا ما كان منها معلقاً بتأمينات قدمها شخص آخر غير المدين فيحل الحائز الذي دفع الدين محل الدائن الذي استوفى الدين فيما له من حقوق إلا حقوقه المتعلقة بتأمينات قدمها شخص آخر غير المدين ككفيل عيني فلا يحل الحائز محل الدائن في الرجوع على الكفيل العيني .
ويجب على الحائز وقد حل محل الدائن في الرهن على العقار المرهون أن يحتفظ بقيد الرهن وأن يجدده عند الاقتضاء وذلك إلى أن تمحي القيود التي كانت موجودة على العقار وقت تسجيل سند هذا الحائز ذلك أن الحائز قد يفي بالدين الذي حلن ويكون هو الدين الأول في المرتبة معتمداً على أن ثمن العقار إذا بيع في المزاد لا يصل إلى أكثر من هذا الدين فيجب عليه عندئذ أن يحتفظ بقيد الرهن الضامن لهذا الدين إلى أن تمحى القيود التالية لأنه يحل محل الدائن فيه وقد يحتج على الدائنين التالين في المرتبة إذا هموا بالتنفيذ استيفاء لحقوقهم (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ العاشر الصفحة/ 613)
فالحائز يستطيع الحيلولة بين الدائن المرتهن ونزع ملكية العقار المرهون بإحدى وسائل ثلاث هي:
1- قضاء الحائز للدين.
2- تطهير الحائز للعقار من الرهن .
3- تخلي الحائز عن العقار .
وسنعرض في البند التالى لقضاء الحائز الدين أما الوسيلتين الأخريين فسنتناولهما في موضعهما.
- قضاء الحائز للدين:
كثيراً ما يجد الحائز أن قيامه بوفاء الدائن المرتهن هو السبيل الذي يتفق مع مصلحته ويتحقق ذلك على الأخص في حالة ما يكون الحائز قد اشترى العقار بثمن يزيد على مبلغ الدين أو يوازيه وكان هذا الثمن باقياً في ذمته لم ينفعه بعد فهو إذا وفي الدين في هذه الحالة أمكنه تخليص عقاره من الرهن وبرئت ذمته في الوقت نفسه قبل البائع بمقدار ما دفعه للدائن من الثمن كذلك قد يكون الدين المطلوب للدائن أكثر من ثمن العقار أو الباقي منه في ذمة الحائز أو قد يكون العقار آل إلى الحائز من غير عوض فيقوم هذا الأخير رغم ذلك بوفاء الدين نظراً لأن قيمة العقار تزيد على مقدار الدين أو لأنه يرغب في الاحتفاظ بهذا العقار مهما كانت الظروف ومما يشجعه على ذلك اطمئنانه إلى أنه سوف يستوفي ما يدفعه زيادة عما هو مستحق في ذمته وذلك عن طريق الرجوع على المسئول قبله بالضمان وكذلك الرجوع على المدين المسئول عن الدين والحلول محل الدائن قبله والاستفادة بالتالي من العقارات الأخرى المرهونة.
- ما يجب دفعه :
إذا أراد الحائز تفادي إجراءات نزع الملكية التي تهدده وجب عليه أن يوفي الدائن جميع الديون المضمونة بالرهن أو بالرهون المرتبة على العقار الذي آل إليه.
وهذه الديون تشمل أصل الدين والملحقات التي يضمنها القيد كالفوائد التي يضمنها القيد الأصلي والفوائد التي أجرى بها قيد خاص قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية ومصروفات الرهن والقيد والتجديد والتنبيه والإنذار وماتم من إجراءات بعد الإنذار.
ويجب على الحائز أن يوفي الدائن بذلك كله لأن الرهن غير قابل للتجزئة وللدائن أن ينفذ على العقار لاستيفاء أي جزء يبقى من الدين ولو كان يسيرا هذا فضلاً عن أن من حقه أن يرفض الوفاء الجزئي وينبني على ذلك أن الحائز إذا رغب في تفادي إجراءات نزع الملكية عن طريق الوفاء بالدين وجب عليه أن يدفع للدائن المرتهن كل المبالغ المضمونة بالرهن فضلاً عن مصاريف الإجراءات من يوم الإنذار.
وإذا كان الحائز لا يرغب في قضاء كل الديون التي تثقل العقار فإنه يستطيع الوفاء بدين واحد أو أكثر من الدائنين المتقدمين في المرتبة دون بقية الدائنين المرتهنين ويحل بذلك محلهم في المرتبة المتقدمة بما يؤدي عملاً إلي إحجام الدائنين المتأخرين عن اتخاذ إجراءات التنفيذ على العقار .
والحائز لا يحتاج في ذلك إلى رضاء المدين أو الدائن ولا يستطيع الأخير أن يلزمه بوفاء الدين إلا في الحالة المنصوص عليها بالمادة (1063) .
لايلتزم الحائز بالوفاء بقيمة الدين وملحقاته إلا عند حلول أجل الدين وعلى هذا تنص المادة صراحة كما أنه مجرد تطبيق القواعد العامة التي من مقتضاها أن الحائز يستفيد من الأجل الممنوح للدين كما يحرم من كل أجل يضيع عليه.
- وقت قضاء الدين:
لايتعين على الحائز قضاء ديون الدائنين المرتهنين بمجرد إنذاره بذلك ولم يعين القانون له أجلا يقوم فيه بالوفاء بل أجاز له ذلك في أي وقت ولو كان الدائنون المرتهنون قد ساروا في إجراءات نزع الملكية مادام لم يصدر الحكم برسو المزاد ولم يصبح هذا الحكم نهائياً بانقضاء ميعاد زيادة العشر دون التقرير بها.
غير أن الحائز من مصلحته المبادرة بالوفاء ليتفادى التحمل بالمصروفات المتمثلة في فوائد الديون ومصروفات الإجراءات التي يتخذها الدائن بعد إعلانه بالإنذار بالدفع أو التخلية.
إذا كان الحائز مديناً بدين الثمن وقام بوفاء الدائنين المرتهنين في حدود ما يلتزم هو به بسبب اكتسابه العقار المرهون فهو لا يرجع بعد ذلك بشئ على المدين الراهن لأنه في نفس الوقت الذي وفي فيه دين الراهن قام بوفاء دينه هو أيضاً قبله.
أما إذا كان الحائز غير مدين بسبب امتلاك العقار المرهون بأن كان قد دفع الثمن أو كانت الديون التي وفاها للدائنين تزيد على دين الثمن فله الرجوع بما دفعه زيادة على ما يلتزم هو به أصلاً وهو يرجع إما بدعوى شخصية أو دعوى الضمان أو دعوى الحلول محل الدائنين وذلك بالتفصيل التالي .
الدعوى الشخصية على المدين :
إذا كان ما وفاه الحائز سداد الدين المضمون بالعقار ليس مديناً بما يعادله بسبب اكتسابه العقار من المدين ثبت له الرجوع بما وفاه سداداً لهذا الدين على المدين بمقتضى دعوى الإثراء بلا سبب بأقل القيمتين قيمة الإثراء وقيمة الافتقار على أساس أن المدين قد برئت ذمته - أثرى - دون أن يدفع شيئاً ودون أن يكون دائنا بما يعادله للحائز وفي نفس الوقت افتقر الحائز بسبب هذا الوفاء بالنظر لأنه لم يكن مديناً بشئ بسبب اكتسابه العقار كما إذا آل إليه العقار بغير مقابل (هبة - وصية) أو بمقابل ثم دفعه فيما سبق أو بثمن يقل عما وفاه قضاء للدين وفي هذه الحالة يكون للحائز استيفاء لما هو دائن به أن ينفذ على جميع أموال المدين بمقتضى ماله من حق الضمان العام.
رجوع الحائز على سلفه بدعوى الضمان:
للحائز الموفي الرجوع بدعوى الضمان على سلفه أي ضد من تلقي الملكية منه سواء كان المدين أو غيره، بشرط أن يكون التصرف مما يوجب الضمان.
إذ تجب التفرقة بين ما إذا كان الحائز قد تلقي الملكية بمقابل أو بدون مقابل .
فإذا كان الحائز قد تملك بمقابل كان له أن يرجع على سلفه بضمان الاستحقاق وفقاً للقواعد الواردة في عقد البيع (م443 - 444).
وإذا كان قد تلقى الملكية تبرعاً لم يكن له الرجوع على سلفه إلا إذا كانت الهبة بعوض أو كان قد تعمد إخفاء سبب الاستحقاق ( 1/ 494).
ويلاحظ أنه إذا كان المدين هو المالك السابق (سلف الحائز) كان الحائز مخيراً بين الرجوع عليه على أساس ضمان الاستحقاق أو يطالبه بالدين بالدعوى الشخصية أو يرجع عليه بدعوى الحلول محل الدائنين.
وهذا النص فيه خروج على حكم القواعد العامة في الحلول التي تقرر حلول الموفي محل الدائن في حقه وما يكفل هذا الحق من تأمينات سواء كانت مقدمة من المدين أو غير المدين (مادة 329 ) وعليه يبدو مظهر الخروج الذي قررته المادة 1061 بالنسبة للكفالة الشخصية والكفالة العينية المقدمة لضمان الدين الذي قضاء الحائز إذ لا يحل هذا الأخير محل الدائن بالنسبة لها ويعلل هذا الخروج بأنه لو كان العقار قد بقي في يد المدين لما كان للدائن أن يرجع على الكفيل فلا يصح أن يسوء مركز الكفيل لمجرد قيام المدين بالتصرف في العقار للحائز وبالعكس حيث يكون الكفيل هو الذي وفي فإنه يحل محل الدائن بالنسبة للحائز.
وإذا كانت المادة (1061) قد قيدت حلول الحائز بالنسبة للكفلاء فهذا الحلول أيضاً يتقيد بالنسبة للحائزين الآخرين ولكن مصدر القيد في هذه الحالة هو القواعد العامة. فلقد نصت المادة (331) على أنه إذا أوفي حائز العقار المرهون كل الدين وحل محل الدائنين فلا يكون له بمقتضى هذا الحلول أن يرجع على حائز لعقار آخر مرهون في ذات الدين إلا بقدر حصة هذا الحائز بحسب قيمة ما حازه من عقار ولمثل هذا الحائز أن يرجع بدعوى الحلول على الحائزين الآخرين سواء في حالة تعدد العقارات المرهونة في دين واحد أو في حالة تعدد المشترين العقار المرهون ولكن ليس له أن يرجع على كل منهم إلا بقدر نصيبه في الدين حسب قيمة ما يكون حائزاً له. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الرابع عشر الصفحة/ 455)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / التاسع ، الصفحة / 70
الْبَيْعُ الْجَبْرِيُّ
تَعْرِيفُهُ:
1 - الْبَيْعُ الْجَبْرِيُّ مُرَكَّبٌ مِنْ لَفْظَيْنِ: «الْبَيْعُ» وَ «الْجَبْرِيُّ»
فَالْبَيْعُ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ . وَالْجَبْرِيُّ: مِنْ جَبَرَهُ عَلَى الأْمْرِ جَبْرًا: حَمَلَهُ عَلَيْهِ قَهْرًا .
فَالْبَيْعُ الْجَبْرِيُّ فِي اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ هُوَ: الْبَيْعُ الْحَاصِلُ مِنْ مُكْرَهٍ بِحَقٍّ، أَوِ الْبَيْعُ عَلَيْهِ نِيَابَةً عَنْهُ، لإِيفَاءِ حَقٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ، أَوْ لِدَفْعِ ضَرَرٍ، أَوْ تَحْقِيقِ مَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ .
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الإْكْرَاهُ عَلَى الْبَيْعِ:
2 - الإْكْرَاهُ فِي اللُّغَةِ: حَمْلُ الإْنْسَانِ عَلَى أَمْرٍ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ .
وَفِي الشَّرْعِ: فِعْلٌ يُوجِدُهُ الْمُكْرِهُ فَيَدْفَعُ الْمُكْرَهَ إِلَى مَا طَلَبَ مِنْهُ .
فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ الْجَبْرِيِّ: أَنَّ الْبَيْعَ الْجَبْرِيَّ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بِحَقٍّ، أَمَّا الْبَيْعُ بِالإْكْرَاهِ فَهُوَ فِي الأْصْلِ أَعَمُّ، لَكِنَّ الْغَالِبَ إِطْلاَقُهُ عَلَى الإْكْرَاهِ بِلاَ حَقٍّ.
ب - بَيْعُ التَّلْجِئَةِ:
3 - بَيْعُ التَّلْجِئَةِ فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ: أَنْ يُظْهِرَا عَقْدًا وَهُمَا لاَ يُرِيدَانِهِ، يَلْجَأُ إِلَيْهِ صَاحِبُ الْمَالِ خَوْفًا مِنْ عَدُوٍّ أَوْ سُلْطَانٍ جَائِرٍ .
فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ الْجَبْرِيِّ أَنَّ بَيْعَ التَّلْجِئَةِ فِيهِ صُورَةُ الْبَيْعِ لاَ حَقِيقَتُهُ.
حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ:
4 - يَخْتَلِفُ حُكْمُ الْبَيْعِ الْجَبْرِيِّ بِاخْتِلاَفِ سَبَبِهِ، فَإِنْ كَانَ لإِِيفَاءِ حَقٍّ، كَبَيْعِ مَالِهِ لإِِيفَاءِ دَيْنٍ حَالٍّ، وَبِطَلَبِ صَاحِبِ الْحَقِّ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَكَذَا إِذَا كَانَ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ، كَتَوْسِعَةِ الْمَسْجِدِ الَّذِي ضَاقَ عَلَى الْمُصَلِّينَ، أَوِ الطَّرِيقِ الْعَامِّ .
وَيَقُومُ الْبَيْعُ فِي الْفِقْهِ الإْسْلاَمِيِّ - كَسَائِرِ الْعُقُودِ الْقَوْلِيَّةِ - عَلَى التَّرَاضِي الْحُرِّ عَلَى إِنْشَائِهِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ لقوله تعالي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ)
وَخَبَرِ: «إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ» وَلاَ يُقِرُّ الْفُقَهَاءُ بَيْعًا لَمْ يَقُمْ عَلَى التَّرَاضِي مِنَ الْجَانِبَيْنِ: الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، إِلاَّ مَا تُوجِبُهُ الْمَصْلَحَةُ الْعَامَّةُ لإِِحْقَاقِ حَقٍّ، أَوْ تَحْقِيقِ مَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ، أَوْ دَفْعِ ضَرَرٍ خَاصٍّ أَوْ عَامٍّ، وَهُوَ مَا يُسَمَّى فِي عُرْفِهِمْ: الإِْكْرَاهُ الْمَشْرُوعُ، أَوِ الإِْكْرَاهُ بِحَقٍّ.
وَمِنْهَا: الْعُقُودُ الْجَبْرِيَّةُ الَّتِي يُجْرِيهَا الْحَاكِمُ، إِمَّا مُبَاشَرَةً نِيَابَةً عَمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ إِجْرَاؤُهَا، إِذَا امْتَنَعَ عَنْهَا، أَوْ يُجْبَرُ هُوَ عَلَى إِجْرَائِهَا.
وَيَذْكُرُ الْفُقَهَاءُ أَمْثِلَةً لِلْجَبْرِ الْمَشْرُوعِ عَلَى الْبَيْعِ مِنْهَا:
إِجْبَارُ الْمَدِينِ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ:
5 - يُجْبَرُ الْمَدِينُ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ لإِيفَاءِ دَيْنٍ حَالٍّ، إِذَا امْتَنَعَ عَنْ أَدَائِهِ وَلَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ، فَيَجْبُرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ بِالتَّعْزِيرِ عَلَيْهِ بِالْحَبْسِ أَوِ الضَّرْبِ، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الاِمْتِنَاعِ قَضَى الْحَاكِمُ الدَّيْنَ مِنْ مَالِهِ جَبْرًا عَلَيْهِ، إِذَا كَانَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ.
هَذَا مَحَلُّ اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ مَالُهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ كَالْعَقَارِ وَالْعُرُوضِ، فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الإْمَامَ يَبِيعُ مَالَهُ عَلَيْهِ جَبْرًا نِيَابَةً عَنْهُ .
وَعِنْدَ الإْمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ، لاَ يَبِيعُ الْحَاكِمُ مَالَهُ عَلَيْهِ، بَلْ يَحْبِسُهُ حَتَّى يَقُومَ بِإِيفَاءِ الدَّيْنِ بِبَيْعِ مَالِهِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لأِنَّ وِلاَيَةَ الْحَاكِمِ - فِي نَظَرِ الإْمَامِ - عَلَى مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، لاَ عَلَى مَالِهِ، فَلَمْ يَنْفُذْ بَيْعُهُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَلأِنَّ الْبَيْعَ تِجَارَةٌ وَلاَ يَصِحُّ إِلاَّ بِتَرَاضٍ، وَفِيهِ أَيْضًا نَوْعٌ مِنَ الْحَجْرِ الَّذِي لاَ يُجِيزُهُ أَبُو حَنِيفَةَ. وَقَدْ خَالَفَهُ صَاحِبَاهُ فِي ذَلِكَ، فَأَجَازَا بَيْعَ الْحَاكِمِ مَالَهُ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ بَيْعًا جَبْرِيًّا، وَرَأْيُهُمَا هُوَ الْمُفْتَى بِهِ فِي الْمَذْهَبِ .
بَيْعُ الْمَرْهُونِ:
6 - إِذَا رَهَنَ عَيْنًا بِدَيْنٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ، وَحَلَّ الأْجَلُ، وَامْتَنَعَ الْمَدِينُ عَنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى بَيْعِ الْمَرْهُونِ، أَوْ بَاعَ عَلَيْهِ نِيَابَةً عَنْهُ، لأِنَّهُ حَقٌّ وَجَبَ عَلَيْهِ، فَإِذَا امْتَنَعَ عَنْ أَدَائِهِ قَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ فِي أَدَائِهِ، كَالإْيفَاءِ فِي جِنْسِ الدَّيْنِ. وَلِلتَّفْصِيلِ ر: (رَهْن).
وَقَالَ الإْمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ: لاَ يَبِيعُ عَرَضَهُ وَلاَ عَقَارَهُ، بَلْ يَحْبِسُهُ حَتَّى يَرْضَى بِبَيْعِ مَالِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ .
جَبْرُ الْمُحْتَكِرِ:
7 - إِذَا كَانَ عِنْدَ إِنْسَانٍ طَعَامٌ فَاضِلٌ عَنْ حَاجَتِهِ، يَحْتَاجُ إِلَيْهِ النَّاسُ وَامْتَنَعَ عَنْ بَيْعِهِ لَهُمْ، أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى بَيْعِهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ . وَلِلتَّفْصِيلِ ر: (احْتِكَار)
الْجَبْرُ عَلَى الْبَيْعِ لِلنَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ:
8 - إِذَا امْتَنَعَ الْمُكَلَّفُ عَنِ الإْنْفَاقِ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ كَالزَّوْجَةِ وَالأْوْلاَدِ وَالأْبَوَيْنِ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ نَقْدٌ ظَاهِرٌ بَاعَ الْحَاكِمُ عُرُوضَهُ أَوْ عَقَارَهُ لِلإْنْفَاقِ عَلَيْهِمْ.
وَيُنْظَرُ التَّفْصِيلُ فِي (النَّفَقَة).
الأْخْذُ بِالشُّفْعَةِ جَبْرًا:
9 - الشُّفْعَةُ حَقٌّ مَنَحَهُ الشَّرْعُ لِلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ، أَوِ الْجَارِ الْمُلاَصِقِ، فَيَتَمَلَّكُ الشِّقْصَ الْمَبِيعَ عَنْ مُشْتَرِيهِ بِمَا قَامَ عَلَيْهِ مِنَ الثَّمَنِ وَالتَّكَالِيفِ جَبْرًا عَلَيْهِ.
وَلِلتَّفْصِيلِ انْظُرْ مُصْطَلَحَ (شُفْعَة).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
مادة 1064
يجوز للحائز ، عند حلول الدين المضمون بالرهن ، أن يقضيه هو وملحقاته بما في ذلك ما صرف في الإجراءات من وقت إندازه الدين ، ويبقى حقه هذا قائماً الى يوم رسو المزاد ويكون له في هذه الحالة أن يرجع بكل ما يوفيه على المدين وعلى من تلقى منه الحق كما يكون له أن يحل محل الدائن الذي استوفى الدين فيما له من حقوق ، إلا ما كان منها متعلقاً بتأمينات قدمها شخص آخر غير المدين.
هذه المادة تطابق المادة 1061 من التقنين الحالي ، مع ادخل تعديلات لفظية ، حيث أضفت عبارة : بدفع الدين، بعد كلمة انذاره. واستبدلت عبارة ، وعلى من تلقي منه الحق ، بعبارة وعلى المالك السابق للعقار المرهون »
والمادة المقترحة تطابق المادة 1006 من التقنين الكويتي.
وتتفق مع المادة ۱۳۰۷ من التقنين العراقي .
وتتفق مع المادة 1355 من التقنين الأردني .
أنظر المذكرة الايضاحية للمادة المقابلة في المشروع التمهيدي للتقنين الحالى (م 1484) في مجموعة الأعمال التحضيرية ج ۷ ص ۱۰۱ و ۱۰۲
والسند الشرعي للمادة المقترحة أن أحكامها تهدف إلى تأمين التعامل وحماية مصلحة الحائز الذي قدم عوناً للمدين " وقد نصت المادة 757 من المجلة على أنه إذا حل أجل الدين وامتنع الراهن عن أدائه ، فالحاكم يأمره ببيع الرهن وأداء الدين ، فان أبی وعاند باعه الحاكم وأدى الدين ، ومن ثم يكون للحائز أن يقضي الدين لكي يتلاقی بيع الرهن ، وقد نصت المادة 58 من المجلة على أن : التصرف على الرعية منوط بالمصلحة۰
مجلة الأحكام العدلية
مادة (58) التصرف على الرعية
التصرف على الرعية منوط بالمصلحة.
مادة (757) حلول أجل الدين
إذا حلَّ أجل الدين وامتنع الراهن من أدائه فالحاكم يأمره ببيع الرهن وأداء الدين فإن أبى وعاند باعه الحاكم وأدَّى الدين.
مادة (758) غياب الراهن
إذا كان الراهن غائباً ولم تعلم حياته ولا مماته فالمرتهن يراجع الحاكم على أن يبيع الرهن ويستوفي الدين.
مادة (759) الخوف من فساد الرهن
إذا خيف من فساد الرهن فللمرتهن بيعه وإبقاء ثمنه رهناً في يده بإذن الحاكم وإذا باعه بدون إذن الحاكم يكون ضامناً كذلك لو أدرك ثمر البستان المرهون وخضرته وخيف تلف فليس للمرتهن بيعه إلا بإذن الحاكم وإن باعه بدون إذن الحاكم يضمن.
مادة (760) حلول وقت أداء الدين
إذا حل وقت أداء الدين فيصح توكيل الراهن المرتهن أو العدل أو غيرهما ببيع الرهن وليس للراهن عزل ذلك الوكيل بعد ولا ينعزل بوفاة أحد من الراهن والمرتهن أيضاً.
مادة (761) تسليم الثمن للمرتهن
الوكيل ببيع الرهن إذا حل أجل الدين يسلم ثمنه إلى المرتهن فإن أبى الوكيل يجبر الراهن على بيعه وإذا أبى وعاند الراهن أيضاً باعه الحاكم وإذا كان الراهن أو ورثته غائبين يجبر الوكيل على بيع الرهن فإن عاند باعه الحاكم.