loading

موسوعة قانون العقوبات​

شرح خبراء القانون

(ملحوظة هامة: أصبح الإختصاص بنظر هذه الجرائم معقوداً للمحاكم الإقتصادية بموجب القانون رقم 120 لسنة 2008 الصادر في شأن إنشاء المحاكم الإقتصادية وتعديلاته.)

مركز الراية للدراسات القانونية

تشديد العقاب : نصت على هذا التشديد المادة 203 مكرراً من قانون العقوبات في قولها « إذا ترتب على الجرائم المنصوص عليها في المادتين السابقتين هبوط سعر العملة المصرية أو سندات الحكومة أو زعزعة ائتمان في الأسواق الداخلية أو الخارجية جاز الحكم بالسجن المؤبد ». ويشير هذا النص إلى ظروف مشددة ثلاثة ترجع جميعاً إلى نوع الآثار التي ترتبت على الفعل، هذه الظروف هي : هبوط سعر العملة المصرية، وهبوط أسعار سندات الحكومة، وزعزعة الإئتمان في الأسواق الداخلية أو الخارجية وعلة التشديد هي جسامة الأضرار التي ترتبت على الفعل، والتي ترتبط في العادة بضخامة كمية النقود غير الصحيحة التي طرحها الجاني في التداول، وتدل كذلك على مهارة وإحكام التزييف .

ويعني هبوط سعر العملة المصرية أحد أمرين  : إما إنخفاض قوتها الشرائية في الداخل، وإما هبوط سعر صرفها بالنسبة إلى العملات الأجنبية وسواء أن تهبط أسعار سندات الحكومة في الأسواق الداخلية أو الخارجية وتعني زعزعة الائتمان تضاؤل ثقة جمهور الناس في العملة نتيجة لتعدد حالات تزييفها .

ويقتضي التشديد أن يتحقق أحد الآثار السابقة، ومن ثم لا يكفي أن نية الجاني كانت متجهة إلى تحقيقه إذا لم يكن قد تحقق فعلاً، ويتعين أن تتوافر علاقة السببية بين هذا الأثر والفعل الإجرامي. ويكفى تحقق الأثر بناء على الفعل، فلا يشترط أن تتجه إليه إرادة الجاني : فالجريمة مقترنة بهذا الظرف هي جريمة تجاوزت فيها النتيجة قصد الجاني .

وأثر التشديد هو جواز الحكم بالسجن المؤبد . ويعني ذلك أن هذا التشديد جوازی . وتوقع عقوبة المصادرة الوجوبية كذلك . ( شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، الطبعة السابعة 2012 دار النهضة العربية،  الصفحة : 203 )

 تشديد العقوبة :

يقرر المشرع جواز تشديد العقاب عن جريمة التزييف إذا توافر ظرف مشدد نصت عليه المادة 203 مكرراً من قانون العقوبات، هذا الظرف هو أن يترتب على الجريمة أحد آثار ثلاثة :

الأول : هبوط سعر العملة المصرية، سواء بإنخفاض قوتها الشرائية في الداخل أو بهبوط سعر صرفها بالنسبة للعملات الأجنبية، وعلى ذلك إذا كان الهبوط قد نال سعر العملة الأجنبية فلا يتحقق الظرف المشدد .

الثاني : هبوط أسعار سندات الحكومة سواء تحقق ذلك في الداخل أو في الخارج .

الثالث : زعزعة الإئتمان في الأسواق الداخلية أو الخارجية ، أي ضعف ثقة الناس في العملة .

إذا تحقق أحد هذه الآثار جاز الحكم بالسجن المؤبد (م 203 مکرراً ع) فالتشديد جوازي للقاضي ، له أن يلجأ إليه أو يحكم بالعقوبة المقررة للجريمة وفقاً لتقديره . ( شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية،  الصفحة : 213 )

 تشديد العقوبة والإعفاء منها :

يجوز تشديد العقوبة الأصلية إلى السجن المؤبد إذا ترتب على الجريمة هبوط سعر العملة المصرية أو سندات الحكومة أو زعزعة الإئتمان في الأسواق الداخلية أو الخارجية، وهي نفس الأسباب التي يشدد المشرع من أجلها العقاب عن جريمة التزييف فنكتفي هنا بالإحالة إليها .

كذلك يعفى من العقوبة كل من بادر من الجناة بإخبار الحكومة بالجريمة قبل استعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة وقبل الشروع في التحقيق. كما يجوز للمحكمة إعفاء الجاني من العقوبة إذا حصل الإخبار بعد الشروع فى التحقيق متى مكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة، أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة، وهي نفس أسباب وشروط الإعفاء المقررة في حالة إرتكاب جريمة التزييف فنحيل إليها . ( شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية،  الصفحة : 224 )

لا يشترط أن يحيط الجاني علماً بهذا الضرر، لأن القانون قد نظر إلى هذه الجريمة المشددة بوصفها من الجرائم المتعدية القصد التي لا يشترط لتوافرها إتجاه القصد إلى النتيجة المحتملة، ولكن ذلك لا يحول دون التثبت من أن الجاني كان عليه أن يتوقع حصول النتيجة، فضلاً عن ضرورة توافر علاقة السببية بينها وبين فعله، ولا يشترط أن تكون الجريمة هي وحدها العامل المؤدي إلى هذا الضرر الاقتصادي، بل يكفي أن تسهم في الإفضاء إليه بأي قدر .

ويستوي في هبوط القيمة أن يرد على العملة المصرية أو سندات الحكومة وهنا يلاحظ أن المشرع لم يعاقب على تزوير هذه السندات إلا بمقتضى المادة 206 عقوبات، ولكنه جعل هبوط سعرها ظرفاً مشدداً في جرائم التزييف وحدها، نظراً لما قد يصاحب هذا التزييف من إخلال بالإئتمان العام قد يصيب سندات الحكومة .

بالنسبة إلى زعزعة الإئتمان في الأسواق الداخلية أو الخارجية، فإنه يتعذر تصوره ما لم يكن مصحوباً بهبوط في سعر العملة المصرية أو سندات الحكومة ومع ذلك، فإنه لا يشترط لتوافر الظرف المشدد أن تثبت المحكمة من حصول هذه الزعزعة في الإئتمان، بل يكفي مجرد ثبوت ما أصاب العملة الوطنية أو سندات الحكومة من هبوط .

وللمحكمة أن تستعين بأهل الخبرة ورجال الإقتصاد الرسميين غيرهم للتحقق من مدى توافر هذا الظرف المشدد، كل هذا دون إخلال بسلطتها الموضوعية في التقدير، بوصفها الخبير الأول في كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها . ( الوسيط في قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة  الكتاب الأول 2016،  الصفحة : 744 )

يلاحظ على الظرف المشدد السابق أنه يمثل النتيجة الضارة التي أراد المشرع تفاديها بتجريم التقليد أو التزييف أو التزوير أو الترويج مكتفياً في التجريم بتحقق الخطر ، ولذلك كان من الطبيعي أن يشدد العقوبة إذا ما تحقق الضرر شأن خطته في جرائم الخطر. ومن ثم فإن الجريمة في حالة تحقق الضرر تعتبر من الجرائم المشددة بالنتيجة .

وترتيباً على ذلك فإنه يكفي لمساءلة الجاني عن النتيجة الضارة أن تكون هناك رابطة سببية بين سلوكه وبين هبوط سعر العملة المصرية أو سندات الحكومة أو زعزعة الإئتمان في الأسواق الداخلية أو الخارجية، ولا يلزم إتجاه إرادة الجاني إلى تلك النتيجة كما لا يلزم حتى مجرد توقعه لها، ويكفى لتوافر رابطة السببية تلك أن يكون السلوك الإجرامي في الظروف التي بوشر فيها كافياً لإحداث الضرر ولو ساهمت معه عوامل أخرى سابقة أو معاصرة . أما العوامل اللاحقة فلا تقطع علاقة السببية إلا إذا كانت وحدها كافية لإحداث النتيجة .

وغني عن البيان أن النتيجة السابقة المشددة للعقوبة لا تتحقق إلا في الفروض التي يعقب التقليد أو التزييف أو التزوير ترويج العملة بإدخالها أو إخراجها من مصر أو بترويجها عن طريق الإنفاق ودفعها إلى دائرة التعامل . 

ويلاحظ أن المشرع ساوى بين سندات الحكومة وبين العملة بالرغم من أنه لم يساوى بينهما في التقليد أو التزييف أو التزوير، ذلك أن هبوط سعر سندات الحكومة من شأنه أن يزعزع الإئتمان ويؤثر بالتالي على سعر العملة .

ورغم أن تعداد النتائج التي أخذها المشرع بعين الإعتبار في التشديد إلا أنها تعمل كظرف مشدد واحد للجريمة بإعتبار أن النص عليها جاء بشكل تبادلي .

وهذا الظرف من الظروف الموضوعية التي تسري على جميع المساهمين في الجريمة علموا به أم لم يعلموا نظراً لتعلقه بالضرر أو الخطر المترتب على الواقعة، وهو يتعلق فقط بالعملة المصرية وسندات الحكومة المصرية والإئتمان الخاص بالاقتصاد المصري: أما إذا تحققت النتيجة المكونة للظروف بالنسبة لعملة دولة أجنبية أو إئتمانها فلا يتوافر سبب التشديد .

والظرف المشدد للعقوبة المنصوص عليه بالمادة 203 مكرراً هو من الظروف المشددة الجوازية والتي يتوقف استخدامها على السلطة التقديرية للمحكمة . إذ يترتب على توافره جواز الحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة بدلاً من الأشغال الشاقة المؤقتة . قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ مأمون محمد سلامة، الطبعة الأولى 2017 الجزء الأول ، الصفحة : 395 )

هذه المادة أضيفت إلى قانون العقوبات بالقانون رقم 68 لسنة 1956 وبمقتضاها تشدد العقوبة إذا ترتبت النتيجة المذكورة على جرائم التقليد ونحوها وهي من نوع النتائج المحتملة التي تعتبر ظرفاً مشدداً، ولا يؤخذ الفاعل عليها إلا إذا تحققت بالفعل وتثبت علاقة السببية بينهما وبين جريمته فلا تشدد العقوبة لمجرد احتمال حصول النتيجة أو إذا كان هبوط سعر الجملة راجعاً لسبب آخر وهذا الظرف المشدد الجوازي الذي ابتدعه القانون رقم 68 لسنة 1956 حكمته واضحة من الناحية النظرية لكن يتعثر تطبيقه بصعوبة عملية ضخمة هي تعذر إثبات صلة السببية بين ارتكاب أي فعل من الأفعال الواردة بالمادة 202 أو 203 وبين هبوط سعر العملة أو سندات الحكومة أو زعزعة الإئتمان لأن هذه أمور قد ترجع أيضاً إلى اعتبارات متنوعة خاصة بالميزان الحسابي للدولة بالقوة أو عدم الثقة في شتى الأوضاع الإقتصادية والسياسية الداخلية والخارجية .

وخلاصة ذلك أن المحكمة لاتستطيع إعمال التشديد المنصوص عليه بالمادة محل التعليق إلا إذا تحققت بالفعل إحدى النتائج المذكورة كأسباب للتشديد ولا يكفي أن يكون من شأن الفعل أن يؤدي إليها أو أن تكون محتملة مادامت لم تتحقق فعلاً ومترتباً على فعل الجاني . ( موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثالث، الصفحة : 18 )

 يقرر المشرع جواز تشديد العقاب عن جريمة التزييف إذا توافر ظرف مشدد هو أن يترتب على الجريمة أحد آثار ثلاثة :

 الأول : هبوط سعر العملة المصرية، سواء بإنخفاض قوتها الشرائية في الداخل أو بهبوط سعر صرفها بالنسبة للعملة الأجنبية. وعلى ذلك إذا كان الهبوط قد نال سعر العملة المصرية فلا يتحقق الظرف المشدد . 

الثاني : هبوط أسعار سندات الحكومة سواء تحقق ذلك في الداخل أو في الخارج .

 الثالث : زعزعة الإئتمان في الأسواق الداخلية أو الخارجية، أي ضعف ثقة الناس في العملة .

 إذا تحقق أحد هذه الآثار جاز الحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة، فالتشديد جوازي للقاضي، له أن يلجأ إليه أو يحكم بالعقوبة المقررة للجريمة وفقاً لتقديره . ( الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثالث، الصفحة :  90 )

الظرف المشدد للعقاب على الجريمتين السابقتين 

- هبوط سعر العملة الوطنية أو سندات الحكومة أو زعزعة الائتمان:

إذا ترتب على الجرائم المنصوص عليها في المادتين 202، 203 وهى التقليد أو التزييف أو التزوير للعملة الوطنية أو الأجنبية المتداولة أو التذكارية، أو عن ارتكاب جناية الإدخال أو الإخراج أو الترويج أو الحيازة بقصد الترويج أو التعامل : (1) هبوط في سعر العملة المصرية (2) هبوط أسعار سندات الحكومة (3) زعزعة الائتمان في الأسواق الداخلية أو الخارجية، جاز لمحكمة الجنايات الحكم بالسجن المؤبد. 

ويعني هبوط سعر العملة المصرية أحد أمرين : إما انخفاض قوتها الشرائية في الداخل، وإما هبوط سعر صرفها بالنسبة إلى العملات الأجنبية، وسواء أن تهبط أسعار سندات الحكومة في الأسواق الداخلية أو الخارجية، وتعني زعزعة الائتمان تضاؤل ثقة جمهور الناس في العملة نتيجة لتعدد حالات تزييفها. 

ويقتضي التشديد أن يتحقق أحد الآثار السابقة، ومن ثم لا يكفي أن نية الجاني كانت متجهة إلى تحقيقه إذا لم يكن قد تحقق فعلا، ويتعين أن تتوافر علاقة السببية بين هذا الأثر والفعل الإجرامي، ويكفي تحقق الأثر بناء على الفعل، فلا يشترط أن تتجه إليه إرادة الجاني: فالجريمة مقترنة بهذا الظرف هي جريمة تجاوزت فيها النتيجة قصد الجاني.

ويستوي في هبوط القيمة أن يرد على العملة المصرية أو سندات الحكومة، وزعزعة الائتمان في الأسواق الداخلية أو الخارجية ينتج عن هبوط العملة المصرية أو سندات الحكومة. 

وللمحكمة الاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها ما دامت المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحتة التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء رأى فيها، وذلك للتحقق من مدى حصول هبوط في سعر العملة المصرية أو سندات الحكومة أو زعزعة الائتمان في الأسواق الداخلية والخارجية. 

- ملاحظة:يرى الدكتور محمود نجيب حسني أنه لا محل لهذا التشديد إذا تعلق الفعل بعملة تذكارية، إذ ليس لها تداول قانوني، في حين يفترض التشديد آثاراً اصطحبت أو ترتبت على تداول العملة.

- المصادرة: - مصادرة أوراق العملة المقلدة المضبوطة أمر وجوبي يقتضيه النظام العام لتعلقه بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بمصادرة أوراق العملة المقلدة المضبوطة يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.

(موسوعة المُري في الجرائم الاقتصادية، للمستشار بهاء المُري رئيس محكمة الجنايات، دار روائع القانون للنشر والتوزيع، الطبعة الرابعة 2023، الكتاب الأول، الصفحة 206)

الفقة الإسلامي

قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحات : 224 ، 225 ، 226 ، 227 

( مادة 453 ) :

 

 في جميع الحالات المبينة في مواد هذا الفصل ، يقضى بمصادرة الأشياء المقلدة أو المزورة ، وكذا الآلات والأدوات المستعملة ، أو المعدة للإستعمال في التقليد أو التزوير . 

 

 ( مادة 458 ) :

تكون العقوبة السجن المؤبد أو المؤقت ، إذا ترتب على الجرائم المنصوص عليها في المادتين السابقتين - هبوط سعر العملة الوطنية ، أو سندات الدولة ، أو زعزعة الإئتمان في الأسواق الداخلية أو الخارجية . 

( مادة 462 ) :

 

 فضلاً عن العقوبات المنصوص عليها في المواد السابقة ، يحكم بمصادرة العملات المزورة أو المزيفة أو المقلدة والأجهزة ، وغيرها من الأشياء التي إستعملت ، أو التي من شأنها أن تستعمل في التزوير أو التزييف أو التقليد . 

تزييف وتزوير العملة الورقية والمعدنية ورفض التعامل بالعملة الوطنية 

المواد من (455) - (464) :

تقابل مواد المشروع في عمومها المواد من (202) إلى (205) من القانون القائم ، مع ضبط صياغة النصوص الواردة في المشروع وإحكام عباراتها ، وأهم سمات مواد المشروع ما يلي : 

1- لم تتضمن مواد المشروع المقابلة للمواد (202)، (204) مکرراً (أ)، (204) مکرراً (ب) من القانون الحالي ، ما كانت تنص عليه هذه المواد من إعتبار أوراق البنكنوت المأذون بإصدارها قانوناً في حكم العملة الورقية ، ذلك بأن هذه الأوراق هي في الواقع والقانون معاً، عملة ورقية تدخل في وضوح في حكم النص دون حاجة إلى الحكم الإعتباري المذكور ، وعلى هذا الأساس جاء نص المادة (455) من المشروع خالياً من العبارة تلك . 

وقد استحدث في النص المذكور فقرة جديدة بموجبها تعد في حكم العملة الورقية السندات التي صدرت أو تصدر في مصر أو في دولة أجنبية أخرى ، عن الحكومة المصرية أو مصرف مصري ، بقصد تداولها كعوض أو بديل عن العقود ؛ لما تقوم به هذه السندات الصادرة بناء على طلب الحكومة المصرية ، أو مصرف له الحق في ذلك قانوناً ، كفاء وغناء عن النقود ، فلزم والحال كذلك أن تشملها الحماية الجنائية . 

2- أورد المشروع نص المادة (456) الذي يقابل نص المادة (202) مکررا من القانون القائم ، والتي أضيفت بالقانون رقم (29) لسنة 1982 ؛ حتى تشمل الحماية العملة الذهبية أو الفضية التذكارية المأذون بإصدارها قانوناً ؛ لما لهذه العملات من قيمة مرتفعة تجعلها محل إقتناء وتعامل بين الأفراد . 

3- استحدث نص الفقرة (ب) من المادة (460) من المشروع لسد ثغرة ، فقد قصد به إسباغ الحماية الجنائية على من يقع فريسة التعامل في عملة بطل العمل بها ، فجرم كل من أدخل إلى مصر أو تداول أو إستعمل أو روج عملة ورقية أو معدنية بطل العمل بها ، متى كان يعلم بذلك ، إذ الجريمة عمدية لا يقوم فيها الإهمال أو التقصير مقام العمد . 

4- نقل المشروع في الفقرة (ج) من المادة (460) منه الحكم الوارد في الفقرة الثالثة من المادة (386) من القانون القائم ؛ لأنه يمثل الحماية الجنائية لعملة البلاد ، ومن ثم كان من المناسب أن تتضمنه نصوص هذا الفصل الخاصة بالعملة ورقية كانت أم معدنية ، أو أصبح النص بعد تعديله يعاقب بعقوبة الجنحة كل من إمتنع عن قبول العملة الوطنية في معاملاته بالقيمة الرسمية المقررة لها ، ومن البداهية أن المقصود بالنص العملة الصحيحة ، وكان حرياً بالمشروع لحماية تداول هذه العملة بعد إلغاء قاعدة الذهب ، وتحديد المشرع المصري سعراً إلزامياً للعملة الورقية - أن تقوم هذه العملة مقام الذهب ، وإذا كانت الحماية الجنائية في هذا الشأن القائمة حالياً ليست كافية ، إذ هي تعاقب من يمتنع عن قبول عملة البلاد بغرامة لا تتجاوز جنيها - فقد صار لزاماً لتأكيد جدية هذه الحماية لعملة البلاد أن يرتفع المشروع بالعقوبة إلى عقوبة الجنحة . 

5- المادة (463) من المشروع تقابل المادة (204) مکرراً عقوبات ، المضافة بالقانون رقم (29) لسنة 1983، وقد أبقى عليها المشروع دون تعديل . 

 

6- المادة (464) من المشروع تعرض للإعفاء من العقاب ، بالنسبة لمن يبادر من الجناة بإبلاغ الجهات المختصة بالجريمة قبل قيامها ، أو قبل البدء في التحقيق ، إذا كانت الجريمة قد تمت ، والإعفاء في الحالة وجوبي ، ويمتد حكم هذا الإعفاء الوجوبي إذا مكن الجاني الجهة المختصة بعد بدء التحقيق وأثناء سريانه من ضبط باقي الجناة ، وكانت الفقرة الثانية من المادة (205) من القانون القائم تجعل هذه الحالة من حالات الإعفاء الجوازي ، وقد رأى المشروع - تشجيعاً منه لكشف الجريمة - أن يثيب الجاني ولو بعد بدء التحقيق وأثناء جریانه بالإعفاء من العقاب ، إذا كان إبلاغه مثمراً ، بأن أدى إلى ضبط باقي الجناة ، هذا ومن المفهوم أن حكم هذا النص لا يسري - شأنه شأن حالات الإعفاء للإبلاغ عن الجريمة - إلا في حالة تعدد الجناة فيها فاعلين كانوا أم شرکاء . 

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  العشرون ، الصفحة / 247

دَرَاهِمُ

التَّعْرِيفُ :

الدَّرَاهِمُ جَمْعُ دِرْهَمٍ، وَهُوَ لَفْظٌ مُعَرَّبٌ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ النَّقْدِ ضُرِبَ مِنَ الْفِضَّةِ كَوَسِيلَةٍ لِلتَّعَامُلِ، وَتَخْتَلِفُ أَنْوَاعُهُ وَأَوْزَانُهُ بِاخْتِلاَفِ الْبِلاَدِ الَّتِي تَتَدَاوَلُهُ وَتَتَعَامَلُ بِهِ.

الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ :

أ - الدَّنَانِيرُ :

2 - الدَّنَانِيرُ جَمْعُ دِينَارٍ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ، قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: دِينَارٌ أَصْلُهُ أَعْجَمِيٌّ غَيْرَ أَنَّ الْعَرَبَ تَكَلَّمَتْ بِهِ فَصَارَ عَرَبِيًّا.

وَالدِّينَارُ اسْمٌ لِلْقِطْعَةِ مِنَ الذَّهَبِ الْمَضْرُوبَةِ الْمُقَدَّرَةِ بِالْمِثْقَالِ.فَهِيَ تَخْتَلِفُ عَنِ الدَّرَاهِمِ فِي أَنَّهَا مِنَ الذَّهَبِ فِي حِينِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ مِنَ الْفِضَّةِ.

ب - النَّقْدُ.

لِلنَّقْدِ ثَلاَثَةُ مَعَانٍ فَيُطْلَقُ عَلَى الْحُلُولِ أَيْ خِلاَفِ النَّسِيئَةِ، وَعَلَى إِعْطَاءِ النَّقْدِ، وَعَلَى تَمَيُّزِ الدَّرَاهِمِ وَإِخْرَاجِ الزَّيْفِ مِنْهَا، وَمُطْلَقِ النَّقْدِ وَيُرَادُ بِهِ مَا ضُرِبَ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الَّتِي يَتَعَامَلُ بِهَا النَّاسُ.

ج - الْفُلُوسُ :

الْفُلُوسُ جَمْعُ فَلْسٍ، وَتُطْلَقُ الْفُلُوسُ وَيُرَادُ بِهَا مَا ضُرِبَ مِنَ الْمَعَادِنِ مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَصَارَتْ عُرْفًا فِي التَّعَامُلِ وَثَمَنًا بِاصْطِلاَحِ النَّاسِ.

د - سِكَّةٌ :

السَّكُّ: تَضْبِيبُ الْبَابِ أَوِ الْخَشَبِ بِالْحَدِيدِ. وَالسِّكَّةُ: حَدِيدَةٌ قَدْ كُتِبَ عَلَيْهَا، وَيُضْرَبُ عَلَيْهَا الدَّرَاهِمُ، وَهِيَ الْمَنْقُوشَةُ ثُمَّ نُقِلَ إِلَى أَثَرِهَا وَهِيَ النُّقُوشُ الْمَاثِلَةُ عَلَى الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ نُقِلَ إِلَى الْقِيَامِ عَلَى ذَلِكَ، وَهِيَ الْوَظِيفَةُ فَصَارَ عَلَمًا عَلَيْهَا فِي عُرْفِ الدُّوَلِ، وَتُسَمَّى الدَّرَاهِمُ الْمَضْرُوبَةُ سِكَّةً.

الدِّرْهَمُ الإْسْلاَمِيُّ وَكَيْفِيَّةُ تَحْدِيدِهِ وَتَقْدِيرِهِ :

كَانَتِ الدَّرَاهِمُ الْمَضْرُوبَةُ قَبْلَ الإْسْلاَمِ مُتَعَدِّدَةً مُخْتَلِفَةَ الأْوْزَانِ، وَكَانَتْ تَرِدُ إِلَى الْعَرَبِ مِنَ الأْمَمِ الْمُجَاوِرَةِ فَكَانُوا يَتَعَامَلُونَ بِهَا، لاَ بِاعْتِبَارِ الْعَدَدِ بَلْ بِأَوْزَانٍ اصْطَلَحُوا عَلَيْهَا، وَجَاءَ الإْسْلاَمُ وَأَقَرَّهُمْ عَلَى هَذِهِ الأْوْزَانِ كَمَا جَاءَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : «الْوَزْنُ وَزْنُ أَهْلِ مَكَّةَ، وَالْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ».

وَلَمَّا احْتَاجَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى تَقْدِيرِ الدِّرْهَمِ فِي الزَّكَاةِ كَانَ لاَ بُدَّ مِنْ وَزْنٍ مُحَدَّدٍ لِلدِّرْهَمِ يُقَدَّرُ النِّصَابُ عَلَى أَسَاسِهِ، فَجُمِعَتِ الدَّرَاهِمُ الْمُخْتَلِفَةُ الْوَزْنِ وَأُخِذَ الْوَسَطُ مِنْهَا، وَاعْتُبِرَ هُوَ الدِّرْهَمُ الشَّرْعِيُّ، وَهُوَ الَّذِي تَزِنُ الْعَشَرَةُ مِنْهُ سَبْعَةَ مَثَاقِيلَ مِنَ الذَّهَبِ، فَضُرِبَتِ الدَّرَاهِمُ الإْسْلاَمِيَّةُ عَلَى هَذَا الأْسَاسِ، وَهَذَا أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فُقَهَاءَ وَمُؤَرِّخِينَ، لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْعَهْدِ الَّذِي تَمَّ فِيهِ هَذَا التَّحْدِيدُ، فَقِيلَ إِنَّ ذَلِكَ تَمَّ فِي عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ  رضي الله عنه، وَقِيلَ إِنَّ ذَلِكَ تَمَّ فِي عَهْدِ بَنِي أُمَيَّةَ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ تَمَّ فِي عَهْدِ عُمَرَ أَمْ فِي عَهْدِ بَنِي أُمَيَّةَ فَإِنَّ الدِّرْهَمَ الشَّرْعِيَّ الَّذِي اسْتَقَرَّ الأْمْرُ عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي ضُرِبَ فِي عَهْدِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَكَانَ هُوَ أَسَاسَ التَّقَادِيرِ الشَّرْعِيَّةِ.

لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ وَالْمُؤَرِّخِينَ أَثْبَتُوا أَنَّ الدِّرْهَمَ الشَّرْعِيَّ لَمْ يَبْقَ عَلَى الْوَضْعِ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الإْجْمَاعُ فِي عَهْدِ عَبْدِ الْمَلِكِ، بَلْ أَصَابَهُ تَغْيِيرٌ كَبِيرٌ فِي الْوَزْنِ وَالْعِيَارِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ، وَصَارَ أَهْلُ كُلِّ بَلَدٍ يَسْتَخْرِجُونَ الْحُقُوقَ الشَّرْعِيَّةَ مِنْ نَقْدِهِمْ بِمَعْرِفَةِ النِّسْبَةِ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَقَادِيرِهَا الشَّرْعِيَّةِ إِلَى أَنْ قِيلَ: يُفْتَى فِي كُلِّ بَلَدٍ بِوَزْنِهِمْ.

وَنَشَأَ مِنْ ذَلِكَ اضْطِرَابٌ فِي مَعْرِفَةِ الأْنْصِبَةِ، وَهَلْ تُقَدَّرُ بِالْوَزْنِ أَوْ بِالْعَدَدِ؟ وَأَصْبَحَ الْوُصُولُ إِلَى مَعْرِفَةِ الدِّينَارِ الشَّرْعِيِّ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ غَايَةً تَمْنَعُ هَذَا الاِضْطِرَابَ. وَإِلَى عَهْدٍ قَرِيبٍ لَمْ يَصِلِ الْفُقَهَاءُ إِلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ حَتَّى أَثْبَتَ الْمُؤَرِّخُ عَلِيُّ بَاشَا مُبَارَكٌ - بِوَاسِطَةِ اسْتِقْرَاءِ النُّقُودِ الإْسْلاَمِيَّةِ الْمَحْفُوظَةِ فِي دُورِ الآْثَارِ بِالدُّوَلِ الأْجْنَبِيَّةِ - أَنَّ دِينَارَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يَزِنُ 4،25. جِرَامٍ مِنَ الذَّهَبِ، وَبِذَلِكَ يَكُونُ وَزْنُ الدِّرْهَمِ. 2،975 جِرَامًا مِنَ الْفِضَّةِ.

وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُعْتَبَرُ مِعْيَارًا فِي اسْتِخْرَاجِ الْحُقُوقِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ زَكَاةٍ، وَدِيَةٍ، وَتَحْدِيدِ صَدَاقٍ، وَنِصَابِ سَرِقَةٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.

مَنْ يَتَوَلَّى ضَرْبَ الدَّرَاهِمِ :

ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ وَظِيفَةٌ ضَرُورِيَّةٌ لِلدَّوْلَةِ، إِذْ بِهَا يَتَمَيَّزُ الْخَالِصُ مِنَ الْمَغْشُوشِ بَيْنَ النَّاسِ فِي النُّقُودِ عِنْدَ الْمُعَامَلاَتِ، وَيُتَّقَى الْغِشُّ بِخَتْمِ السُّلْطَانِ عَلَيْهَا بِالنُّقُوشِ الْمَعْرُوفَةِ.وَقَدْ قَالَ الإْمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ: لاَ يَصْلُحُ ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ إِلاَّ فِي دَارِ الضَّرْبِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ، لأِنَّ النَّاسَ إِنْ رُخِّصَ لَهُمْ رَكِبُوا الْعَظَائِمَ، فَقَدْ مَنَعَ الإْمَامُ أَحْمَدُ مِنَ الضَّرْبِ بِغَيْرِ إِذْنِ السُّلْطَانِ لِمَا فِيهِ مِنَ الاِفْتِيَاتِ عَلَيْهِ.

وَفِي الرَّوْضَةِ لِلنَّوَوِيِّ: يُكْرَهُ لِلرَّعِيَّةِ ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ وَإِنْ كَانَتْ خَالِصَةً، لأِنَّ ضَرْبَ الدَّرَاهِمِ مِنْ شَأْنِ الإْمَامِ.

وَذَكَرَ الْبَلاَذُرِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أُتِيَ بِرَجُلٍ يَضْرِبُ عَلَى غَيْرِ سِكَّةِ السُّلْطَانِ فَعَاقَبَهُ وَسَجَنَهُ وَأَخَذَ حَدِيدَهُ فَطَرَحَهُ فِي النَّارِ، وَحَكَى الْبَلاَذُرِيُّ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ أَخَذَ رَجُلاً يَضْرِبُ عَلَى غَيْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَأَرَادَ قَطْعَ يَدِهِ ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ وَعَاقَبَهُ، قَالَ الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ: فَرَأَيْتُ مَنْ بِالْمَدِينَةِ مِنْ شُيُوخِنَا حَسَّنُوا ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ.

حُكْمُ كَسْرِ الدَّرَاهِمِ وَقَطْعِهَا :

اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ كَسْرِ الدَّرَاهِمِ وَقَطْعِهَا، فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ إِلَى كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ مُطْلَقًا، لِحَاجَةٍ وَلِغَيْرِ حَاجَةٍ، لأِنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْفَسَادِ فِي الأْرْضِ وَيُنْكَرُ عَلَى فَاعِلِهِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم  «أَنَّهُ نَهَى عَنْ كَسْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْجَائِزَةِ بَيْنَهُمْ».

وَالْكَرَاهَةُ عِنْدَ الإْمَامِ أَحْمَدَ لِلتَّحْرِيمِ عَلَى مَا جَاءَ فِي رِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَرِوَايَةِ الْمَرْوَزِيِّ وَرِوَايَةِ حَرْبٍ - وَقَدْ سُئِلَ عَنْ كَسْرِ الدَّرَاهِمِ - فَقَالَ: هُوَ عِنْدِي مِنَ الْفَسَادِ فِي الأَْرْضِ وَكَرِهَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً. لَكِنَّهُ صَرَّحَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ، قَالَ أَبُو طَالِبٍ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنِ الدَّرَاهِمِ تُقَطَّعُ فَقَالَ: لاَ، «نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم  عَنْ كَسْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ»، وَقِيلَ لَهُ: فَمَنْ كَسَرَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ؟ قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ قَدْ فَعَلَ مَا نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم  قَالَ أَبُو يَعْلَى: وَقَوْلُهُ: لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، مَعْنَاهُ لاَ مَأْثَمَ عَلَيْهِ.

وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَفُقَهَاءُ الْعِرَاقِ إِلَى أَنَّ كَسْرَهَا غَيْرُ مَكْرُوهٍ.

وَفَصَّلَ قَوْمٌ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ. إِنْ كَسَرَهَا لِحَاجَةٍ لَمْ يُكْرَهُ لَهُ، وَإِنْ كَسَرَهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ كُرِهَ لَهُ، لأِنَّ إِدْخَالَ النَّقْصِ عَلَى الْمَالِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ سَفَهٌ.

وَاعْتَبَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ حَالَ الْبَلَدِ فَقَالَ: إِنَّ كَرَاهَةَ الْقَطْعِ مَحْمُولٌ عِنْدِي عَلَى بَلَدٍ لاَ يَجُوزُ فِيهِ الْقَطْعُ، وَلاَ يَنْفُقُ الْمَقْطُوعُ مِنَ الدَّرَاهِمِ نَفَاقَ الصَّحِيحِ.

وَاعْتَبَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ قَطْعَ السِّكَّةِ مَانِعًا مِنَ الشَّهَادَةِ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْمَوَّازِ: إِلاَّ أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ، وَقَالَ عَنْهُ الْعُتْبِيُّ: لاَ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ جَاهِلاً.

وَقَالَ سَحْنُونُ: لَيْسَ قَطْعُ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ بِجُرْحَةٍ.

قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: وَهَذَا الاِخْتِلاَفُ إِنَّمَا هُوَ إِذَا قَطَعَهَا وَهِيَ وَازِنَةٌ فَرَدَّهَا نَاقِصَةً وَالْبَلَدُ لاَ تَجُوزُ فِيهِ إِلاَّ وَازِنَةٌ، وَهِيَ تَجْرِي فِيهِ عَدَدًا بِغَيْرِ وَزْنٍ، فَانْتَفَعَ بِمَا قَطَعَ مِنْهَا، وَيُنْفِقُهَا بِغَيْرِ وَزْنٍ فَتُجْرَى مَجْرَى الْوَازِنَةِ، فَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ ذَلِكَ جُرْحَةٌ، وَلَوْ قَطَعَهَا وَكَانَ التَّبَايُعُ بِهَا بِالْمِيزَانِ فَلاَ خِلاَفَ أَنَّ التَّبَايُعَ بِهَا لَيْسَ بِجُرْحَةٍ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ.

أَمَّا قَطْعُ الدَّرَاهِمِ لِصِيَاغَتِهَا حُلِيًّا لِلنِّسَاءِ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ: لاَ بَأْسَ أَنْ يَقْطَعَ الرَّجُلُ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ حُلِيًّا لِبَنَاتِهِ وَنِسَائِهِ.

وَقَدْ مَنَعَ الإْمَامُ أَحْمَدُ أَنْ تُقْطَعَ لِلصِّيَاغَةِ، قَالَ فِي رِوَايَةِ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ - وَقَدْ سَأَلَهُ عَنِ الرَّجُلِ يَقْطَعُ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ يَصُوغُ مِنْهَا - قَالَ: لاَ تَفْعَلْ، فِي هَذَا ضَرَرٌ عَلَى النَّاسِ، وَلَكِنْ يَشْتَرِي تِبْرًا مَكْسُورًا بِالْفِضَّةِ.

إِنْفَاقُ الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ :

اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي إِنْفَاقِ الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ.

فَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ الشِّرَاءَ بِالدَّرَاهِمِ الزَّائِفَةِ وَلاَ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِعَيْنِهَا، بَلْ يَتَعَلَّقُ بِجِنْسِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ الزُّيُوفِ إِنْ كَانَ الْبَائِعُ يَعْلَمُ بِحَالِهَا خَاصَّةً لأِنَّهُ رَضِيَ بِجِنْسِ الزُّيُوفِ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ لاَ يَعْلَمُ لاَ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِجِنْسِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْجَيِّدِ مِنْ نَقْدِ تِلْكَ الْبَلَدِ، لأِنَّهُ لَمْ يَرْضَ إِلاَّ بِهِ إِذَا كَانَ لاَ يَعْلَمُ بِحَالِهَا.

وَيُجِيزُ الْمَالِكِيَّةُ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ تُبَاعَ لِمَنْ لاَ يَغُشُّ بِهَا النَّاسَ بَلْ لِمَنْ يُكَسِّرُهَا وَيَجْعَلُهَا حُلِيًّا أَوْ غَيْرَهُ.

فَإِنْ بَاعَ لِمَنْ يَغُشُّ بِهِ فُسِخَ الْبَيْعُ.

وَفِي مُغْنِي الْمُحْتَاجِ إِنْ عُلِمَ مِعْيَارُ الْفِضَّةِ فِي الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ صَحَّتِ الْمُعَامَلَةُ بِهَا مُعَيَّنَةً، وَفِي الذِّمَّةِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولاً فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ، أَصَحُّهَا الصِّحَّةُ مُطْلَقًا، لأِنَّ الْمَقْصُودَ رَوَاجُهَا وَهِيَ رَائِجَةٌ، وَلِحَاجَةِ الْمُعَامَلَةِ بِهَا.. ثُمَّ قَالَ: وَمَنْ مَلَكَ دَرَاهِمَ مَغْشُوشَةً كُرِهَ لَهُ إِمْسَاكُهَا بَلْ يَسْبِكُهَا وَيُصَفِّيهَا، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: إِلاَّ إِنْ كَانَتْ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ مَغْشُوشَةً فَلاَ يُكْرَهُ إِمْسَاكُهَا.

وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِنْ كَانَ الْغِشُّ يَخْفَى لَمْ يَجُزِ التَّعَامُلُ بِهَا رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ: الْمَنْعُ وَالْجَوَازُ.

وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي: (صَرْفٌ، رِبًا، غِشٌّ).