1ـ لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى وأورد الأدلة على ثبوتها فى حق المتهم ، عرض للدفع بإعفاء الطاعن من العقاب طبقاً لنص المادة 205 من قانون العقوبات ورد عليه فى قوله " وحيث إنه عن القول بأن المتهم يتمتع بالإعفاء المقرر بنصالمادة 205 من قانون العقوبات بحالتيه الوجوبية والجوازية وأنه أرشد عن باقى المتهمين فمردود عليه بأن المادة 205 من قانون العقوبات نصت على أنه يعفى من العقوبات المقررة فى المادتين 202 ، 203 كل من بادر من الجناة بإخبار الحكومة بتلك الجنايات قبل استعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة وقبل الشروع فى التحقيق ويجوز للمحكمة إعفاء الجاني من العقوبة إذا حصل الإخبار بعد الشروع فى التحقيق متى مكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبى الجريمة أو على مرتكبى جريمة أخرى مماثلة لها فى النوع والخطورة فالقانون قد قسم أحوال الإعفاء فى فقرة خاصة واشترط فى الحالة الأولى فضلاً عن المبادرة بالإخبار قبل استعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة أن يصدر الإخبار قبل الشروع فى التحقيق أما الحالة الثانية من حالتى الإعفاء فهى إن لم تستلزم المبادرة بالإخبار قبل الشروع فى التحقيق إلا أن القانون اشترط فى مقابل الفسحة التى منحها للجانى فى الإخبار أن يكون إخباره هو الذى مكن السلطات من القبض على غيره من الجناة أو على مرتكبى جريمة أخرى مماثلة لها فى النوع والخطورة فموضوع الإخبار فى هذه الحالة يجاوز مجرد التعريف بالجناة إلى الإفضاء بمعلومات صحيحة تؤدى بذاتها إلى القبض على مرتكبى الجريمة فإن كانت السلطات قد تمكنت من معرفة الجناه والقبض عليهم من غير هذا الطريق فلا إعفاء , ولما كان المتهم قد أخبر عن شخص أثناء التحقيق معه يدعى ..... ولم تتمكن السلطات من القبض عليه فلا إعفاء له من العقوبة كما أنه لم يخبر عن باقى المتهمين الآخرين والوارد أسماؤهم بمحضر التحريات المؤرخ ..... والمحرر بمعرفة النقيب ..... المفتش بالإدارة وكان ضبطهم بعيداً عن إخبار المتهم والقبض عليهما كان من غير هذا الطريق ومن ثم يكون قول المتهم فى هذا الصدد غير صحيح ويتعين الالتفات عنه ، لتخلف شرائط الإعفاء بحالتيه " . لما كان ذلك ، وكانت الفقرة الثانية من المادة 205 من قانون العقوبات تنص على أنه " ويجوز للمحكمة إعفاء الجاني من العقوبة إذا حصل الإخبار بعد الشروع فى التحقيق متى مكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبى الجريمة أو على مرتكبى جريمة أخرى مماثلة لها فى النوع والخطورة " فهى وإن لم تستلزم المبادرة بالإخبار ، إلا أن القانون اشترط فى مقابل الفسحة التى منحها للجانى فى الإخبار أن يكون إخباره هو الذى مكن السلطات من القبض على غيره من الجناة أو على مرتكبى جريمة أخرى مماثلة لها فى النوع والخطورة , فموضوع الإخبار فى هذه الحالة يجاوز مجرد التعريف بالجناة إلى الإفضاء بمعلومات جدية صحيحة تؤدى بذاتها إلى القبض على مرتكبى الجريمة حتى يصبح الجاني جديراً بالإعفاء المنصوص عليه , فإذا لم يتحقق صدق الإخبار بأن كان غير متسم بالجدية فلا يستحق صاحبها الإعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع لعدم بلوغ النتيجة التى يجزى عنها بالإعفاء وهى تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبى تلك الجرائم الخطيرة وكان ما أورده الحكم المطعون فيه فى معرض الرد على الدفع بتمتع الطاعن بالإعفاء من العقاب واطراحه على السياق المتقدم لا يعد كافياً للرد على ذلك الدفع ومسوغاً لاطراحه ، إذ لم تدلل المحكمة على أن عدم تمكن السلطات من ضبط من يدعى ..... كان راجعاً إلى عدم صدق أقوال الطاعن وعدم صحة ما أخبر به من معلومات عنه حتى تستقيم قالة الحكم فى هذا الخصوص من أن أقوال الطاعن لم تسهم إسهاماً إيجابياً فى معاونة السلطات العامة إلى ضبط باقى مرتكبى الجريمة وتحمل عليها النتيجة التى انتهى إليها من عدم تحقق موجب تمتعه بالإعفاء من العقاب . لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور فى التسبيب الذى يوجب نقضه والإعادة , دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن .
( الطعن رقم 44982 لسنة 75 ق - جلسة 2012/11/17 - س 63 ص 719 ق 128 )
2ـ لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن القائم على تمتعه بالإعفاء المنصوص عليه فى المادة 205 من قانون العقوبات فى قوله : " وحيث إنه عن الدفع المبدى من دفاع المتهمين بتمتعهما بالإعفاء المنصوص فى الفقرة الثانية من المادة 205 من قانون العقوبات فهو دفع فى غير محله . ذلك أن جواز إعفاء الجاني من العقوبة المقررة فى المادتين 202 ، 203 عقوبات مشروط بإخباره السلطات وتمكينها من القبض على غيره من مرتكبى الجريمة أو على مرتكب جريمة أخرى مماثلة لها فى النوع والخطورة إذ يلزم لجواز تمتعه بالإعفاء هو أن يفضى بمعلومات صحيحة ودقيقة تمكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبى الجريمة ولا يعد من قبيل ذلك الإدلاء بمعلومات الغرض منه دفع الاتهام عن نفسه ولما كان ذلك وكان ما قرراه المتهمان بأنهما تحصلا على تلك المبالغ من شخص يدعى ..... وكانت تلك المعلومة غير كافية وحدها لتمكين السلطات من ضبط من يدعى ..... ومن ثم فإن ما أخبرا به لا يجوز معه تمتعهما بشرط الإعفاء المنصوص عليه بالمادة 205 فى فقرتها الثانية وعليه فإن المحكمة تلتفت عن ذلك الدفع . لما كان ذلك ، وكان نص المادة 205 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 68 لسنة 1956 يجرى على أنه " يعفى من العقوبات المقررة فى المادتين 202 ، 203 كل من بادر من الجناة بإخبار الحكومة بتلك الجنايات قبل استعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة وقبل الشروع فى التحقيق . ويجوز للمحكمة إعفاء الجاني من العقوبة إذا حصل الإخبار بعد الشروع فى التحقيق متى مكَّن السلطات من القبض على غيره من مرتكبى الجريمة أو على مرتكبى جريمة أخرى مماثلة لها فى النوع والخطورة " فالقانون قد قسم أحوال الإعفاء فى هذه المادة إلى حالتين مختلفتين تتميز كل منهما بعناصر مستقلة وأفرد لكل حالة فقرة خاصة ، واشترط فى الحالة الأولى فضلاً على المبادرة بالإخبار قبل استعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة أن يصدر الإخبار قبل الشروع فى التحقيق . ولما كان الطاعنان يسلمان فى أسباب الطعن بأنهما أدليا بإقرارهما بعد القبض عليهما والتحقيق معهما ، فقد دلا بذلك على صدور الإخبار بعد الشروع فى التحقيق . أما الحالة الثانية من حالتى الإعفاء فهى وإن لم تستلزم المبادرة بالإخبار قبل الشروع فى التحقيق إلا أن القانون اشترط فى مقابل الفسحة التى منحها للجانى فى الإخبار أن يكون إخباره هو الذى مكَّن السلطات من القبض على غيره من الجناه أو على مرتكبى جريمة أخرى مماثلة لها فى النوع والخطورة فموضوع الإخبار فى هذه الحالة يجاوز مجرد التعريف بالجناة إلى الإفضاء بمعلومات صحيحة تؤدى بذاتها إلى القبض على مرتكبى الجريمة حتى يصبح الجاني جديراً بالإعفاء المنصوص عليه . لما كان ذلك ، وكان مؤدى ما حصّله الحكم المطعون فيه أن المعلومات التى أدلى بها الطاعنان عن الشخص الذى ادعيا الطاعنان أنهما أخذا العملة الورقية المقلدة منه غير كافية ولا تؤدى إلى ضبط هذا الشخص ، ومن ثم فقد تخلفت شرائط الإعفاء بحالتيه ويكون الحكم قد أصاب فيما انتهى إليه من عدم تمتع الطاعنين بالإعفاء لانعدام مسوغه ويكون النعى عليه بالخطأ فى تطبيق القانون فى غير محله .
( الطعن رقم 4192 لسنة 81 ق - جلسة 2012/02/09 - س 63 )
3ـ لما كان البين من محضر جلسة .......والتي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعنة طلب إعفاءها من العقاب تأسيساً على إرشادها عن متهم آخر استناداً إلى نص المادة 205 من قانون العقوبات ويبين الحكم المطعون فيه أنه أورد هذا الدفاع ولم يعرض له . لما كان ذلك ، وكانت الفقرة الثانية من المادة 205 من قانون العقوبات تنص على أن : " ويجوز للمحكمة إعفاء الجاني من العقوبة إذا حصل الإخبار بعد الشروع فى التحقيق من تمكين السلطات من القبض على غيره من مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها فى النوع والخطورة " فإن دفاع الطاعنة سالف البيان يشكل دفاعاً جوهرياً ، إذ من شأنه لو صح أن يؤثر فى مسئوليتها ويتغير به وجه الرأي فى الدعوى مما كان يتعين على المحكمة أن تعرض له وتقول كلمتها فيه أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور مستوجباً نقضه والإعادة .
( الطعن رقم 54671 لسنة 73 ق - جلسة 2010/11/02 - س 61 ص 603 ق 74 )
4ـ لما كانت الفقرة الأولى من المادة 205 من قانون العقوبات تشترط لإعمال حكمها فى حق المتهم وإعفائه من العقاب أن يكون الإخبار بأسماء باقي المتهمين فى الجريمة قبل الشروع فى التحقيق . وكان الطاعن يسلم فى أسباب طعنه أنه أدلى بأسماء باقي المتهمين عقب القبض عليه وتفتيشه وتفتيش مسكنه بإذن النيابة العامة فقد دل بذلك على صدور الأخبار بعد الشروع فى التحقيق ومن ثم فقد تخلفت مقومات الإعفاء المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة 205 من قانون العقوبات ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الخصوص يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان لا يعيب الحكم المطعون فيه إغفال الرد عليه .
( الطعن رقم 11503 لسنة 68 ق - جلسة 2007/11/17 - س 58 ص 727 ق 136 )
5ـ من المقرر أن مفهوم حكم القانون الوارد فى المادة 205 من قانون العقوبات هو أن المشرع إنما أراد إعفاء المتهم بجناية من الجنايات المذكورة فى المواد 202 ، 202 مكرراً ، 203 من قانون العقوبات الخاصة بالأوراق المالية المقلدة بقصد الترويج إذا هو أخبر الحكومة بتلك الجنايات قبل تمامها وقبل الشروع فى البحث عن مرتكبيها أو إذا سهل القبض على باقي المتهمين معه فيها ولو بعد وقوعها والشروع فى البحث عن المتهم ، فإذا كانت الواقعة هي أن المتهم " المطعون ضده الثاني " وقت أن قبض عليه يروج عملة ورقية مقلدة قد قدم كل ما لديه من نقود مقلدة ودل على شريكه فى الترويج وسهل القبض عليه فإنه يكون مستحقا للإعفاء ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ فى تطبيق القانون فى غير محله .
( الطعن رقم 17103 لسنة 69 ق - جلسة 2007/10/18 - س 58 ص 634 ق 120 )
6ـ لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بالإعفاء من العقاب طبقاً للمادة 205 من قانون العقوبات ورد عليه بقوله : " وحيث إنه عن الدفع بتوافر حالة الإعفاء من العقاب المبدى من الدفاع فغير سديد لأن نص المادة 205 من قانون العقوبات قد جاء على أنه " يعفي من العقوبات المقررة فى المواد 202 ، 202 مكرر/1 ، 203 كل من بادر من الجناة بإخبار الحكومة بتلك الجنايات قبل استعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة ...." بما يعنى أن المشرع قد استلزم لأعمال ذلك الإعفاء من العقاب أن يحصل الإخبار على النحو السالف بيانه قبل استعمال العملة المقلدة ، فإذا ما كانت تلك العملة قد استعملت فلا مجال لإعمال هذا النص ، ولما كان الثابت من أقوال شهود الإثبات التي تطمئن إليها المحكمة أن المتهم قد استعمل الأوراق المالية المقلدة والتي يحوزها بقصد ترويجها مع علمه بأمر تقليدها بأن دفع بإحداها إلى التعامل ، وتم ضبطها على النحو الثابت بمدونات هذا الحكم فقد تخلفت شرائط الإعفاء قبله بما يتعين معه اطراح هذا الدفع ". وإذ كان الحكم قد دلّل بما أورده من أدلة سائغة على أن ما ارتكبه الطاعن يوفر فى حقه جريمة حيازة وترويج عملة ورقية مقلدة ، وأنه افتقد شرط الإعفاء من العقاب الوارد بالمادة 205 من قانون العقوبات ، وهو ألا يكون الجاني قد استعمل العملة المقلدة قبل إخباره السلطات ، وهو شرط لازم فى صورتي الإعفاء من العقاب الواردتين بالمادة المارّ ذكرها ، فإن ما يثيره الطاعن من تعييب الحكم لعدم إعفائه من العقاب طبقاً للمادة 205 من قانون العقوبات لا يكون له وجه .
( الطعن رقم 27137 لسنة 75 ق - جلسة 2006/05/11 - س 57 ص 619 ق 66 )
7ـ لما كان نص المادة 205 من قانون العقوبات يجرى على أنه " يعفى من العقوبات المقررة فى المواد 202و202 مكرراً و 203 كل من بادر من الجناة بإخبار الحكومة بتلك الجنايات قبل استعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة وقبل الشروع فى التحقيق . ويجوز للمحكمة إعفاء الجاني من العقوبة إذا حصل الإخبار بعد الشروع فى التحقيق متى مكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبى الجريمة أو على مرتكبى جريمة أخرى مماثلة لها فى النوع والخطورة ". فالقانون قد قسم أحوال الإعفاء فى هذه المادة إلى حالتين مختلفتين تتميز كل منها بعناصر مستقلة وأفرد لكل حالة فقرة خاصة ، واشترط فى الحالة الأولى فضلاً عن المبادرة بالإخبار قبل استعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة أن يصدر الإخبار قبل الشروع فى التحقيق ، أما الحالة الثانية والمنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة المشار إليها وإن لم تستلزم المبادرة بالإخبار قبل الشروع فى التحقيق إلا أن القانون اشترط فى مقابل الفسحة التى منحها للجانى فى الإخبار أن يكون إخباره هو الذى مكن السلطات من القبض على غيره من الجناة أو على مرتكبى جريمة أخرى مماثلة لها فى النوع والخطورة ، فموضوع الإخبار فى هذه الحالة يجاوز مجرد التعريف بالجناة إلى الإفضاء بمعلومات صحيحة تؤدى بذاتها إلى القبض على مرتكبى الجريمة ، فإن كانت السلطات قد تمكنت من معرفة الجناة والقبض عليهم من غير هذا الطريق فلا إعفاء . وكان من المقرر أن الفصل فى أمر تسهيل القبض على باقى الجناة هو من خصائص قاضى الموضوع وله فى ذلك التقدير المطلق مادام يقيمه على أسباب تسوغه . وكان ما رد به الحكم المطعون فيه على طلب الطاعن التمتع بالإعفاء المنصوص عليه فى المادة 205 من قانون العقوبات كافياً وسائغاً بما ينفى قيام شرائط الإعفاء فى حقه ، فإن ما يثيره الطاعن السابع فى هذا الصدد يكون لا محل له ، إذ لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول القوة التدليلية للعناصر التى استنبطت منها المحكمة معتقدها مما لا يجوز مصادرتها أو مجادلتها فى شأنه أمام محكمة النقض .
( الطعن رقم 27735 لسنة 72 ق - جلسة 2003/12/08 - س 54 ص 1184 ق 167 )
8ـ لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن طلب إعفاءه من العقاب تأسيسا على أنه مكن السلطات من القبض على المحكوم عليه الثاني، ويبين من الحكم المطعون فيه أنه وإن أورد هذا الدفاع إلا أنه اقتصر فى الرد عليه بقوله: "أن طلب الإعفاء من العقاب لا ينطبق على المتهم". لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 205 من قانون العقوبات تنص على أنه "ويجوز للمحكمة إعفاء الجاني من العقوبة إذا حصل الإخبار بعد الشروع فى التحقيق متى مكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها فى النوع والخطور". فإن دفاع الطاعن سالف البيان يشكل دفاعا جوهريا إذ من شأنه لو صح أن يؤثر فى مسئوليته ويتغير به وجه الرأي فى الدعوى، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه وإن أشار فى مدوناته إلى أن تحريات الشرطة دلت على أن الطاعن والمحكوم عليه الثاني اتفقا على تقليد الورقة المالية فئة العشرين جنيها وأن المحكوم عليه الثاني سئل بتحقيقات النيابة العامة وأنكر ما أسند إليه، إلا أنه خلا تماما مما يشير إلى كيفية القبض على المحكوم عليه الثاني، مما كان يتعين معه على المحكمة أن تقول كلمتها فى هذا الدفاع الجوهري بأسباب سائغة لا تعسف فيها، أما وهي لم تفعل، واكتفت فى الرد على دفاع الطاعن بالعبارة المار بيانها، وهي عبارة قاصرة تماما لا يستطاع معها الوقوف على مسوغات ما قضى به الحكم فى هذا الشأن، ومن ثم فإنه يكون مشوبا بالقصور بما يوجب نقضه .
( الطعن رقم 25484 لسنة 67 ق - جلسة 2000/02/21 - س 51 ص 217 ق 40 )
9ـ لما كان الشارع قد قسم حالات الإعفاء فى المادة 205 من قانون العقوبات إلى حالتين مختلفتين تتميز كل منهما بعناصر مستقلة ، وأفرد لكل حالة شروطاً خاصة كما جعل الإعفاء فى الحالة المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من هذه المادة وجوبياً ، متى توافرت شروطه بينما جعله جوازياً للمحكمة فى الحالة المنصوص عليها فى الفقرة الثانية منها ، وإذ كان الحكم - على ما سلف بيانه - قد حصل دفاع الطاعن بأنه تمسك بالإعفاء طبقاً للفقرة الثانية من المادة 205 من قانون العقوبات على الرغم مما هو ثابت بمحضر الجلسة من أن الطاعن قد أطلق القول بتمتعه بالإعفاء المقرر فى القانون لمبادرته بإخبار السلطات عن الجريمة وهو دفاع يندرج تحت حكم المادة 205 من قانون العقوبات بفقرتيها ولم يقصر دفعه صراحة على الحالة الثانية من حالتى الإعفاء كما جاء فى مدونات الحكم الذى إقتصر فى إطراح الدفع على القول بأن المحكمة لا ترى إعمال هذا الإعفاء فى حقه إنطلاقاً من حقها الجوازى المقرر فى الفقرة الثانية من المادة 205 من قانون العقوبات ، دون أن يعرض لمدى توافر شروط حالة الإعفاء الوجوبى المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من تلك المادة فى حق الطاعن ، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً قصوراً يعيبه بما يوجب نقضه .
( الطعن رقم 1379 لسنة 53 ق - جلسة 1983/11/15- س 34 ص 951 ق 189 )
10 ـ قسم القانون أحوال الإعفاء فى المادة 205 من قانون العقوبات إلى حالتين مختلفتين تتميز كل منهما بعناصر مستقلة وأفرد لكل حالة فقرة خاصة ، واشترط فى الحالة الأولى - فضلاً عن المبادرة بالاخبار قبل إستعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة - أن يصدر الإخبار قبل الشروع فى التحقيق . أما الحالة الثانية من حالتى الإعفاء فهى وإن لم تستلزم المبادرة بالإخبار قبل الشروع فى التحقيق إلا أن القانون اشترط فى مقابل الفسحة التى منحها للجانى فى الإخبار أن يكون إخباره هو الذى مكن السلطات من القبض على غيره من الجناة أو على مرتكبى جريمة أخرى مماثلة لها فى النوع والخطورة ، فموضوع الإخبار فى هذه الحالة يجاوز مجرد التعريف بالجناة إلى الإفضاء بمعلومات صحيحة تؤدى بذاتها إلى القبض على مرتكبى الجريمة حتى يصبح الجاني جديرا بالإعفاء المنصوص عليه . ولما كان الطاعن يستند فى أسباب الطعن بأنه أدلى بإقراره بعد القبض عليه والتحقيق معه ، فقد دل بذلك على صدور الإخبار بعد الشروع فى التحقيق وكان مؤدى ما حصله الحكم المطعون فيه أن الشخصين اللذين إدعى الطاعن أنه أخذ العمله الورقية المقلدة منهما قد أنكرا ذلك ولم يسند إليهما أى إتهام و أن الأقوال التى أدلى بها الطاعن فى هذا الصدد لا تغير من الحقيقة والواقع و لم يكن الهدف منها الإفضاء بمعلومات صحيحة تؤدى إلى القبض على مرتكبى الجريمة بل استهدف منها التنصل من الإتهام وإلقاء عبء المسئولية على عاتق غيره دون وجه حق ، فهى بذلك لا تعد إخباراً عن مرتكبى الجريمة بالمعنى القانونى الذى اشترطه الشارع . ومن ثم فقد تخلفت شرائط الإعفاء بحالتيه ، ويكون الحكم قد أصاب فيما إنتهى إليه من عدم تمتع الطاعن بالإعفاء لإنعدام مسوغه ، ويكون النعى عليه بالخطأ فى تطبيق القانون فى غير محله .
( الطعن رقم 1252 لسنة 37 ق - جلسة 1967/10/23 - س 18 ع 3 ص 1004 ق 204 )
11 ـ تنص الفقرة الثانية من المادة 205 من قانون العقوبات على أنه : " ويجوز للمحكمة إعفاء الجاني من العقوبة إذا حصل الإخبار بعد الشروع فى التحقيق متى مكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبى الجريمة أو على مرتكبى جريمة أخرى مماثلة لها فى النوع والخطورة " . ولما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن طلب إعفاءه من العقاب تأسيساً على أنه مكن السلطات من القبض على المتهم الأول فى الدعوى ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يورد هذا الدفاع أو يعرض له رغم أنه يشكل دفاعاً جوهرياً ، إذ من شأنه - لو صح - أن يؤثر فى مسؤليته ويتغير به وجه الرأى فى الدعوى ، مما كان يتعين معه على المحكمة أن تعرض له وتقول كلمتها فيه ، أما وهى لم تفعل ، فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور مستوجباً نقضه والإحالة .
( الطعن رقم 1863 لسنة 36 ق - جلسة 1967/02/06 - س 18 ع 1 ص 160 ق 30 )
12 ـ تنص المادة 205 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 68 لسنة 1956 على أنه : " يعفى من العقوبات المقررة فى المادتين 202 ، 203 كل من بادر من الجناة بإخبار الحكومة بتلك الجناية قبل إستعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة وقبل الشروع فى التحقيق . ويجوز للمحكمة إعفاء الجاني من العقوبة إذا حصل الإخبار بعد الشروع فى التحقيق متى مكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبى الجريمة أو على مرتكبى جريمة أخرى مماثلة لها فى النوع والخطورة " . فالقانون قد قسم أحوال الإعفاء فى هذه المادة إلى حالتين مختلفتين تتميز كل منها بعناصر مستقلة وأفرد لكل حالة فقرة خاصة ، وإشترط فى الحالة الأولى - فضلاً عن المبادرة بالإخبار قبل إستعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة - أن يصدر الإخبار قبل الشروع فى التحقيق . أما الحالة الثانية من حالتى الإعفاء فهى وإن لم تستلزم المبادرة بالإخبار قبل الشروع فى التحقيق ، إلا أن القانون إشترط - فى مقابل الفسحة التى منحها للجانى فى الإخبار - أن يكون إخباره هو الذى مكن السلطات من القبض على غيره من الجناة أو على مرتكبى جريمة أخرى مماثلة لها فى النوع والخطورة ، فموضوع الإخبار - فى هذه الحالة - يجاوز مجرد التعريف بالجناة إلى الإفضاء بمعلومات صحيحة تؤدى بذاتها إلى القبض على مرتكبى الجريمة ، فإن كانت السلطات قد تمكنت من معرفة الجناة والقبض عليهم من غير هذا الطريق فلا إعفاء . ولما كان الطاعن يسلم فى أسباب الطعن بأنه أدلى بإقراره عقب القبض عليه وتفتيش مسكنه بإذن من النيابة العامة فقد دل بذلك على صدور الإخبار بعد الشروع فى التحقيق ، وكان مؤدى ما حصله الحكم عن إقرار الطاعن - وهو ما لا ينازع الطاعن فى صحته - أن المتهم الثانى قد حضر إلى مسكنه فى فترة غيابه عنه وترك العملة المزيفة المضبوطة وأن الشرطة داهمت منزله عقب عودته وأثناء إمساكه بالمضبوطات ، وكان يبين مما أورده الحكم عن واقعة الدعوى أن تحريات الشرطة التى سبقت صدور إذن النيابة العامة بالتفتيش قد دلت على قيام المتهم الثانى والطاعن بتزييف العملة المعدنية بمنزل ثانيهما . ولما كان الواضح مما تقدم أن أمر المتهم الثانى كان قد تكشف قبل القبض على الطاعن و إدلائه بإقراره وأن الإقرار لم يضف جديداً إلى المعلومات السابقة عليه من شأنه تمكين السلطات من القبض على المتهم الثانى حتى يتحقق بذلك مناط الإعفاء الوارد فى الفقرة الثانية المشار إليها ، فضلاً عن أن مقالة الطاعن لا يتحقق فيها معنى الإخبار فى هذه الحالة والذى يجاوز مجرد التعريف بالجناة إلى تسهيل القبض عليهم . ومن ثم فقد تخلفت شرائط الإعفاء بحالتيه .
( الطعن رقم 1984 لسنة 34 ق - جلسة 1965/10/18 - س 16 ع 3 ص 710 ق 135 )
(ملحوظة هامة: أصبح الإختصاص بنظر هذه الجرائم معقوداً للمحاكم الإقتصادية بموجب القانون رقم 120 لسنة 2008 الصادر في شأن إنشاء المحاكم الإقتصادية وتعديلاته.)
مركز الراية للدراسات القانونية
الإعفاء من العقاب : نص الشارع على الإعفاء من العقاب في المادة 205 من قانون العقوبات، فقرر أن (( يعفى من العقوبات المقررة في المواد 202، 202 مكرراً، 203 كل من بادر من الجناة بإخبار الحكومة بتلك الجنايات قبل إستعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة وقبل الشروع في التحقيق ويجوز للمحكمة إعفاء الجاني من العقوبة إذا حصل الإخبار بعد الشروع في التحقيق متى مكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها فى النوع والخطورة )) .
وقد أشار الشارع في هذا النص إلى عذرين معفيين : أولهما يفترض إخباراً سابقاً على إستعمال العملة غير الصحيحة وعلى الشروع في التحقيق، والإعفاء المترتب عليه وجوبي؛ أما ثانيتهما فيفترض إخباراً تالیاً على الشروع في التحقيق، ولكن يتعين أن يفضي إلى القبض على سائر الجناة، والإعفاء المترتب عليه جوازی . ويتفق العذران من حيث نطاقهما، فهو محصور في الجنايات المنصوص عليها في المواد 202، 202 مكرراً، 203 من قانون العقوبات .
وعلة الإعفاء من العقاب هي تشجيع الجناة على الإنسحاب من المشروع الإجرامي وكشف أمره للسلطات العامة حتى توقفه وتحول دون إرتكاب الجرائم التي يهدد بها ولكن ثمة علة أخرى للاعفاء : فإذا ارتكبت الجريمة فإن الشارع يكافئ - في صورة منع العقاب - من يكشف للسلطات عن سائر الجناة، فيتيح لها القبض عليهم لإيقاف المزيد من نشاطهم وتوقيع العقوبة عليهم .
ونشير فيما يلي إلى العذرين المُعفيين من العقاب .
العذر المُعفي الأول : وقد نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 205 من قانون العقوبات . وهذا العذر يقوم بفعل، ويتطلب توافر شرطين يحددان الزمن الذي يتعين إتيانه فيه : فالفعل هو «الإخبار» أي التقدم بالبلاغ إلى السلطات العامة في شأن الجريمة، وسواء أن يكون كتابياً أو شفوياً .
ويتعين أن يكون البلاغ « قبل استعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة »، ويتعين أن يكون كذلك « قبل الشروع في التحقيق ». ويعنى الشارع باستعمال العملة لترويجها : فإذا تقدم المتهم ببلاغه بعد إتمامه تقليد العملة أو تزييفها، ولكن قبل أن يطرح شيئاً منها في التداول فهو يستفيد من الإعفاء . وإشتراط أن يكون « الإخبار » قبل الشروع في التحقيق مرتبط بعلة الإعفاء، إذ هي إتاحة علم السلطات بأمر جريمة تجهلها، أما إذا كانت قد شرعت في تحقيقها فيعني ذلك أنها قد علمت بها قبل إخبار الجاني، فهو لم يقدم إلى المجتمع خدمة بإخباره، ومن ثم لا يستحق إعفاء ويفسر «التحقيق» في مدلوله الفني المقرر له في قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم لا يشمل «إجراءات الإستدلال»، وبناء على ذلك فالمتهم الذي يتقدم بأخباره في خلال مرحلة الاستدلال يستفيد من الإعفاء .
ويتعين أن يكون الإخبار صادقاً ومفصلاً حتى تتحقق علة الإعفاء، وهي تقديم الخدمة إلى المجتمع، فالإخبار المضلل أو المجمل لا يفيد صاحبه.
ويقصر الشارع الإعفاء على من «بادر» من الجناة بالإخبار، أي أسبقهم في التقدم بالبلاغ إن تعددوا، إذ هو وحده الذي أدى الخدمة إلى المجتمع، أما من يجيئ إخبارهم بعد ذلك فهم لم يقدموا شيئاً، إذ الجريمة قد غدت معروفة للسلطات والإعفاء وجوبی .
العذر المُعفي الثاني : نصت على هذا العذر الفقرة الثانية من المادة 205 من قانون العقوبات، ويقوم بذات الفعل الذي يقوم به العذر الأول، أي « الإخبار »، ولكنه يختلف عنه من حيث الزمن الذي يجوز إتيانه فيه، فهو « بعد الشروع في التحقيق »، ولم يحدد الشارع ما إذا كان يتعين التقدم به « قبل استعمال العملة غير الصحيحة » على نحو ما فعل بالنسبة للعذر الأول، ومن ثم يرجح القول بجواز الإستفادة منه، ولو جاء الإخبار بعد إستعمال العملة، إذ لو أراد الشارع غير ذلك لقرره صراحة كما فعل بالنسبة للعذر الأول ويتفق ذلك مع علة هذا العذر، وهي تمكين السلطات من توقيع العقاب على الجناة، وهو ما يتحقق ولو ارتكبت جريمة الإستعمال وإزاء هذه الفسحة من الوقت التي منحها الشارع للمتهم، فهو لم يكتف منه بإخبار أياً كان، وإنما اشترط أن « يمكن بإخباره السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة أو على مرتكبي جريمة مماثلة لها فى النوع والخطورة ». ويعني ذلك أنه لا يكفي إبلاغ السلطات بأمر الجريمة وظروف ارتكابها، وإنما يتعين الإفضاء بمعلومات جديدة صحيحة تؤدي إلى القبض على مرتكبي الجريمة، أي يتعين أن يقدم المتهم إلى السلطات المعلومات الصحيحة المفصلة التي تتيح لها أن تتعرف على أشخاص مرتكبي الجريمة ومحال إقامتهم، فتستطيع بذلك أن تصل إلى القبض عليهم .
فإذا قدم المتهم هذه المعلومات فقد استحق الإستفادة من العذر ولو تقاعست السلطات عن الاستفادة منها أو أساءت استغلالها، فلم تتوصل إلى القبض على سائر الجناة والفصل في تمكين السلطات من القبض من شأن قاضي الموضوع وسواء أن يدلى المتهم بمعلوماته أمام سلطات التحقيق أو أمام قاضي الموضوع . وعدوله عنها بعد أن أنتجت أثرها في تمكين السلطات من القبض على سائر الجناة لا يحول دون استفادته من الاعفاء ولا يطلب من المتهم إلا بأن يدلي بما يعلمه من بيانات . فلا تكليف بما لا يستطاع .
ولكن يتعين أن تكون معلوماته صادقة وجدية من شأنها تمكين السلطات من القبض على الجناة ويقتضي ذلك أن يكون من أبلغ عنهم قد ساهموا في الجريمة؛ أما إذا ثبتت براءتهم، وتبين أن هدف المتهم كان التنصل من الإتهام وإلقائه على عاتق غيره، فهو لم يؤد خدمة يستحق عليها إعفاء .
وقد أفسح الشارع من نطاق الإعفاء، فأجازه في حالة ما إذا مكن المتهم السلطات من القبض على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة في النوع والخطورة كإحدى جنايات التقليد أو التزوير التي نصت عليها المادة 206 من قانون العقوبات أو جناية تزوير في محرر رسمي أو إستعماله مع العلم بتزويره وهذا الإعفاء جوازي . ( شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، الطبعة السابعة 2012 دار النهضة العربية، الصفحة : 204 )
الإعفاء من العقاب :
تقضى المادة 205 من قانون العقوبات بأن : « يعفى من العقوبات - المقررة في المواد 202 ، 202 مكرراً، 203 كل من بادر من الجناة بإخبار الحكومة بتلك الجنايات قبل إستعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة وقبل الشروع في التحقيق . ويجوز للمحكمة إعفاء الجاني من العقوبة إذا حصل الإخبار بعد الشروع في التحقيق متى مكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها فى النوع والخطورة ».
ووفقاً لهذه المادة يكون الإعفاء في حالتين :
الحالة الأولى :
تتحقق الحالة الأولى للإعفاء من العقوبة بمبادرة الجاني بالإخبار عن جريمة التزييف إذا توافر شرطان : الأول، أن يكون الإخبار قبل استعمال العملة المزيفة أى قبل طرحها في التداول . الثاني، أن يكون الإخبار قبل أن تشرع السلطات في التحقيق . وعلى ذلك لا يستفيد الجاني من سبب الإعفاء إذا لم يبادر بإخبار الحكومة عن الجريمة، أي لم يكن هو أول من أخبر عنها من المساهمين كذلك لا يستفيد من الإعفاء الجاني الذي يبادر بالإخبار عن الجريمة بعد أن أطلقت العملة المزيفة في التداول، كما لا يستفيد منه الجاني الذي يبادر بالإخبار قبل إستعمال العملة ولكن بعد أن بدأت السلطات في التحقيق . والعبرة في الحالة الأخيرة بشروع السلطات في التحقيق لا بعلمها بالجريمة، فيعفي الجاني إذا أخبر عن الجريمة في مرحلة الاستدلال .
ويكفي للإعفاء أن يخبر الجاني عن الجريمة، فلا يتطلب المشرع فوق ذلك أن يخبر الجاني عن المساهمين معه في الجريمة .
ويلاحظ أن الإعفاء في هذه الحالة يكون وجوبياً ولا يشترط القانون أن يتقرر بحكم، وإنما يتقرر بمقتضى أمر حفظ يصدر من النيابة العامة، أو بمقتضى قرار بألا وجه لإقامة الدعوى تصدره سلطة التحقيق .
الحالة الثانية :
تتحقق الحالة الثانية للإعفاء إذا حصل الإخبار بعد شروع السلطات في التحقيق بشرط أن يؤدي ذلك إلى تمكينها من القبض على المساهمين مع الجاني في الجريمة أو إلى القبض على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها .
فالإخبار في هذه الحالة يتم بعد وصول أمر الجريمة إلى علم السلطات وشروعها في التحقيق، يستوي بعد ذلك أن يكون بعد استعمال العملة المزيفة أو قبل ذلك، إذ لم يتطلب المشرع أن يكون الإخبار قبل استعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة كما فعل بالنسبة للحالة الأولى ويجد الإعفاء هنا مبرره في تمكين السلطات من القبض على غير الجاني من المساهمين في الجريمة، أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها فى النوع والخطورة، كالتزوير في محرر رسمي، على أنه لا يشترط لتحقق شروط الإعفاء أن يمكن الإخبار من القبض على جميع المساهمين، بل يكفي لذلك أن يؤدي إلى القبض عمن يعرفهم الجاني منهم ويشترط في الإخبار أن يتضمن معلومات صحيحة وجدية من شأنها أن تؤدي إلى القبض على المساهمين في الجريمة فإذا لم يتحقق القبض كنتيجة للإخبار كما إذا تم دون أن يكون الإخبار هو الذي أدى إليه، أو لم يتم القبض لسبب لا دخل لإرادة الجاني فيه كتقاعس السلطات فإن الإعفاء يكون جائزاً وتقدير كفاية الإخبار لتمكين السلطات من القبض أمر يدخل في مطلق سلطة قاضي الموضوع .
ويجوز الإعفاء ولو كان الجاني قد عدل عن إخباره إذا كان قد تحقق الهدف المنوط به، وهو تمكين السلطات من القبض على باقي الجناة، فإذا كان قد أدلى بمعلومات أمام سلطة التحقيق، وتحقق القبض بناء على ذلك، فإنه لا يحرم من الإعفاء ولو عدل عن هذه المعلومات أمام محكمة الموضوع .
ويلاحظ أن الإعفاء في هذه الحالة -- خلافاً للحالة الأولى - يكون جوازياً، وقد قصر المشرع سلطة تقرير الإعفاء أو الحرمان منه في هذه الحالة على المحكمة وحدها . فلا يجوز أن يتقرر بمقتضى أمر بالحفظ أو قرار بألا وجه لإقامة الدعوي . ( شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية، الصفحة : 214 )
الإعفاء من العقاب :
نصت المادة 205 من قانون العقوبات على حالتين للإعفاء من العقاب في إحدى جرائم التزييف بأنواعها الثلاثة المتقدم ذكرها، وهما :
(أولاً) الإخبار : نصت الفقرة الأولى من المادة 205 عقوبات على أن يعفى من العقاب كل من بادر من الجناة بإخبار الحكومة بتلك الجنايات قبل استعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة وقبل الشروع في التحقيق .
والواضح أن هذا الإخبار يجب أن يكون للسلطات أياً كان نوعها، إدارية أو قضائية، ويتقيد بشرطين :
1- أن يتحقق قبل استعمال العملة المزيفة .
2- أن يكون ذلك قبل الشروع في التحقيق .
وبالنسبة إلى الشرط الأول، فقد كانت المادة 205 عقوبات قبل تعديلها بالقانون رقم 68 لسنة 1956 تنص على أن يكون الإخبار قبل تمام الجريمة .
وقد ثار الخلاف حول تحديد المقصود بتمام الجريمة، فمن قائل بأنه يشترط أن يتحقق الإخبار قبل وقوع التزييف على أية صورة ولو كان ذلك سابقاً على الترويج. ومن قائل بأن المقصود بتمام الجريمة هو ترويج العملة المزيفة، فيتمتع الجاني بالإعفاء ولو كان ذلك لاحقاً على وقوع التزييف مادامت العملة المزيفة لم تروج بعد. ومن قائل ثالث، بأن المشرع عني بأن يكون الجاني قد أخبر بالجريمة وهي في مرحلتها الأولي سواء كانت تقليداً أو تزويراً أو ترويجاً، سواء كانت جرائم تامة لكل من هذه الجرائم على السواء ولو بعد تمامها. وقد جاء القانون رقم 68 لسنة 1956 بتعديل قانون العقوبات فحسم هذا الخلاف آخذاً بالرأي الثاني حين نص على أن ينتج الإخبار أثره في الإعفاء إذا تحقق قبل استعمال العملة المزيفة . والمقصود باستعمال العملة المزيفة في هذا الصدد هو ترويجها، فلا يكفي لتحقيق ذلك مجرد إدخالها في البلاد وإخراجها منه .
وقضي أن الإخبار بالجناية الذي يبرر الإعفاء من العقاب وهو الذي يبين نوعها، وكيفية ارتكابها، ومكانه وزمانه، وغير ذلك من المعلومات التي تفيد في معرفة الجريمة، وتمكين السلطة المختصة من التحقيق. وقد اشترط قانون العقوبات الفرنسي أن يكون الجاني قد عرف السلطات بمرتكبي الجريمة، وهو شرط وإن لم ينص عليه القانون المصري صراحة ولكن الغرض من الإعفاء لا يتحقق إلا باستلزام هذا الشرط وإلا ترتب على ذلك أن مجرد إخبار الجاني بجريمته المذكورة يسقط عن كاهله العقاب ولو لم يؤد إلى خدمة العدالة، وخاصة أنه يتعين تحقيق نوع من الإنسجام بين هذه الحالة والحالة الثانية من الإعفاء حتى يصبح مجرد التعريف بالفاعلين كافياً للإعفاء من العقاب في الحالة الأولى، بينما يتعين تمكين السلطات من القبض عليهم لتوافر الحالة الثانية .
أما بالنسبة للشرط الثاني، وهو أن يتحقق الإخبار قبل الشروع في التحقيق، فالمقصود بالتحقيق هنا ليس التحقیق القضائي بمعناه الضيق الذي تتولاه النيابة العامة أو قاضي التحقيق، وإنما التحقيق بمعناه الواسع الذي يشمل إجراءات الإستدلال ومن ثم فلا يجدي الإخبار بالجريمة بعد القبض على الجاني. ولا يكفي لتوافر الشروع في التحقيق أن يتقدم أحد إلى السلطات ببلاغ عن الجريمة مادامت سلطة التحقيق أو الاستدلال لم تكن قد بدأت بعد في التحقيق في هذا البلاغ. وبوجه عام فإن الإخبار ينتج أثره ولو كانت السلطة العامة قد علمت بالجريمة لكنها لم تكن قد شرعت بعد في إجراء التحقيق .
(ثانياً) تمكين السلطات من القبض على الجناة :
يجوز إعفاء الجاني من العقاب إذا حصل الإخبار بعد الشروع في التحقيق متى مكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة أو على غيره من مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها فى النوع والخطورة .
والواضح أن المشرع قد استعاض بالشرط الثاني للحالة الأولى وهو أن يتم الإخبار قبل الشروع في التحقيق، بشرط آخر هو تمكين السلطات من القبض على غيره من وذلك أنه يستوي في نظر القانون أن يسهل الجاني القبض على بقية الجناة في ذات الجريمة التي ساهم فيها أو في جريمة أخرى مماثلة في النوع والخطورة. وتكون الجريمة مماثلة في النوع متى كانت من جرائم تزييف العملة ويرجع في تحديد مماثلتها للخطورة إلى قدر الخطر أو الضرر المترتب على الجريمة لا إلى خطورة أشخاص الجناة. والمسألة في النهاية موضوعية أي متروكة لتقدير محكمة الموضوع، على أنه لا يشترط أن يكون الجاني قد سهل القبض على جميع الجناة، بل يكفي أن يسهل القبض على من يعرفه منهم، لأنه لا يمكن أن يعلق المشرع الإعفاء من العقاب إلا على شرط يمكن تحقيقه. ولا شك في أن المراد بتسهيل القبض یزید على مجرد الإخبار عن الجناة، إذ يقتضي فوق ذلك أن يمد الجاني السلطات بالمعلومات الكافية لتسهيل القبض عليهم. ومتى قام المتهم بهذا العمل فلا يجحد من قيمته أن تعجز السلطات عن القبض على الجناة سواء كان ذلك راجعاً إلى تقصير منهم أو إلى هروب الجناة، أو لكونهم في الخارج. يكفي إذا أن يكون الجاني قد أمد السلطات بالمساعدة اللازمة للوصول إلى القبض على غيره من الجناة ولو لم يتحقق هذا الغرض لسبب لا دخل لإرادته فيه. وتقدير المراد بتسهيل القبض أمر متروك لمحكمة الموضوع تمارسه في حدود سلطتها التقديرية. ولا يهون من أثر الإخبار أن يعدل المتهم عن اعترافه في أي دور من أدوار التحقيق أو المحاكمة مادام قد ثبت أنه قد أنتج أثره في تسهيل القبض على الجناة. كما لا يشترط أن يبادر الجانى من تلقاء نفسه بإخبار السلطات ومدها بالمعلومات المسهلة للقبض على الجناة، بل يستوي أن يتحقق ذلك بعد تضييق الخناق عليه في أسئلة التحقيق .
أما عن الشرط الأول الخاص بأن يكون الإخبار قد حصل قبل ترويج العملة المزيفة، فإن ظاهر النص يفيد أن المشرع لم ينسخ هذا الشرط وأن حكم الحالة الثانية من الإعفاء إنما ينصرف فقط إلى الإستعاضة بالشرط الثاني للحالة الأولى بشرط آخر هو تمكين السلطات من القبض على الجناة. على أن محكمة النقض لم تلتزم هذا التسيير بصدد واقعة ثبت فيها أن الإخبار بالجريمة وتسهيل القبض على الجناة قد حصل بعد تمام فعل الترويج، ورأت أن الشرط الخاص بتمكين السلطات من القبض على الجناة قد أحله القانون محل كل من الشرطين الأول والثاني من الحالة الأولى للإعفاء وإذا فإنه لا يحول دون تمتع الجاني بالإعفاء في نظر محكمة النقض أن يتحقق الإخبار بعد حصول الترويج .
وأخيراً فإنه يجب أن يلاحظ أن الإعفاء من العقاب في هذه الحالة جوازي للمحكمة حسبما تراه من ظروف الدعوى كما يبين من الفقرة الثانية من المادة 205 عقوبات التي صدرت بكلمة «يجوز»، بخلاف الحالة الأولى التي جعل فيها الإعفاء أمراً وجوبياً وهو تمييز لا مبرر له . ( الوسيط في قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة الكتاب الأول 2016، الصفحة : 746 )
الإعفاء من العقاب :
نص المشرع في المادة 205 عقوبات على سببين للإعفاء من العقوبة :
الأول : وجوبي
الثاني : جوازی
أولاً : الإعفاء الوجوبي
وقد نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 205 حيث جاء بها "يعفى من العقوبات المقررة في المادتين 202 و 202 مكرراً، 203 كل من بادر من الجناة بإخبار الحكومة بتلك الجنايات قبل إستعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة وقبل الشروع في التحقيق .
وعلى ذلك يشترط للإعفاء من العقوبة :
1- أن يكون الجاني هو الذي بادر بالإخبار ويقصد بالمبادرة بالإخبار السلوك الإرادي المنفرد الذي بمقتضاه يبلغ الجاني سلطات الضبط أو التحقيق بالجريمة ويستوي أن يكون الجاني هو أول من بادر من الجناة بالإخطار أو سبقه غيره منهم. كما يستوي أن يكون الإخطار شفوياً أو كتابة، ولا يلزم أن يكون الإخطار هو الوسيلة لعلم الحكومة بالجريمة، فيتحقق سبب الإعفاء ولو كانت السلطات لديها معلومات عن الجريمة إلا أن التحقيق لم يبدأ بعد .
2- يشترط أن يكون الإخطار بالجريمة قبل إستعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة ويتحقق هذا في فروض التقليد والتزييف والتزوير وأيضاً في فروض الإدخال والإخراج والحيازة أما في فروض الترويج بالإنفاق أو بالتعامل فلا مجال لهذا السبب من أسباب الإعفاء .
3- أن يكون الإخطار قد وقع قبل الشروع في التحقيق. ويقصد بالتحقيق هذا المعنى الفني الإصطلاحي أي التحقيق بواسطة النيابة العامة. ويلاحظ أن المشرع لم يستخدم عبارة "بدء التحقيق" وإنما إستعمل عبارة الشروع في التحقيق. ونرى أن المقصود بذلك هو قبل إخطار النيابة العامة بنبأ الجريمة باعتبار أن المرحلة السابقة على ذلك تدخل في مرحلة جمع الاستدلالات وتبدأ مرحلة الشروع في التحقيق بوصول نبأ الجريمة إلى النيابة عن طريق سلطات الضبط القضائي، ويستوي أن يكون إتصال النيابة العامة بنبأ الجريمة هو بقصد اتخاذ شئونها في التحقيق أم كان بقصد الحصول على إجراء القبض أو التفتيش. ومع ذلك فهناك جانب من الفقه يرى أن التحقيق هنا يقصد به المعنى الواسع الذي يمتد إلى مرحلة جمع الاستدلالات .
وجدير بالذكر أن الإخطار يجب أن ينصب على الجريمة وعلى الجناة الأخرين فيها ولكن ليس بشرط أن يؤدي الإخطار إلى ضبط جميع العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة التي ليست في حوزة المبلغ كما لا يشترط أن يؤدي الإخطار إلى ضبط بقية الجناة الآخرين .
ومتى تحققت الشروط السابقة فإن الجاني يعفى وجوباً من العقاب .
ثانياً: الإعفاء الجوازی :
وقد نصت على الفقرة الثانية من المادة 205 بقولها " ويجوز للمحكمة إعفاء الجاني من العقوبة إذا حصل الإخبار بعد الشروع في التحقيق متى مكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها فى النوع والخطورة ".
والفروض في الإعفاء الجوازي أن الإخطار قد وقع بعد الشروع في التحقيق بالمعنى السابق بيانه. ويستوي أن يأخذ الإخطار شكل الإبلاغ قبل القبض على المبلغ أو يأخذ شكل الإعتراف في التحقيق بعد القبض عليه. ويجب أن ينصب الإخطار على الجريمة والجناة المساهمين فيها وفق معلومات المبلغ .
وقد إشترط المشرع لإعمال الإعفاء الجوازي أن يكون من شأن الإخطار تمكين السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة. فلا يكفي مجرد الإعلام بأسماء الجناة الآخرين، بل يلزم أن يكون هذا الإخطار قد أدى إلى القبض أو سهل ذلك بالنسبة لغيره من مرتكبي الجريمة، وإذا عدل المعترف عن اعترافه بعد تسهيل القبض على باقي المجرمين فهذا العدول لا تأثير له، إذ ليس من مستلزمات الإعتراف في مثل هذه الحالة أن يصر عليه المعترف إلى النهاية، بل يكفي أن ينتج ثمرته وهي تسهيل القبض على باقي الجناة حتى ولو عدل عنه بعد ذلك .
فموضوع الإخبار إذن يتجاوز مجرد التعريف بالجناة إلى الإفضاء بمعلومات صحيحة تؤدي بذاتها إلى القبض على مرتكبي الجريمة من غيره من الجناة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة في النوع والخطورة فإذا كانت السلطات قد تمكنت من معرفة الجناة والقبض عليهم من غير هذا الطريق فلا إعفاء .
ولكن يجوز الإعفاء إذا حصل الإخبار بعد الشروع في التحقيق ولو كان غير منتج في الجريمة موضوع التحقيق إلا أنه مكن السلطات من القبض على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها فى النوع والخطورة. ولا يشترط في هذه الحالة أن يكون الجاني مساهماً في تلك الجريمة الأخرى بل يستفيد من الإعفاء بالنسبة للجريمة موضوع التحقيق متى سهل السلطات القبض على مرتكبي تلك الجريمة. ولكن يلزم أن تكون الجريمة الأخرى مماثلة للجريمة موضوع التحقيق في النوع وفي الخطورة .
والتماثل في النوع يفيد التماثل في المصلحة محل الحماية الجنائية بأن تكون من جرائم تقليد أو تزييف أو تزوير العملات وأوراق البنكنوت المأذون بإصدارها قانوناً وترويجها. أما التماثل في الخطورة فينصرف إلى درجة جسامة الجريمة بالنسبة للحق أو المصلحة محل الحماية وهو ما يستفاد من كونها من الجنايات أو الجنح. ولذلك لا يجوز الإعفاء من العقوبة المقررة لجناية التزييف أو الترويج إذا كان موضوع الإخطار هو جنحة ترويج مما نص عليه في المادة 204. ومتى توافرت شروط الإعفاء فإن للمحكمة أن تطبقه أو لا تطبقه حسبما يستبين لها من ظروف الدعوى، ولا يشترط لإعمال الإعفاء أن يكون الإخطار قد وقع قبل إستعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة على خلاف الحال بالنسبة للإعفاء الوجوبي . ( قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ مأمون محمد سلامة، الطبعة الأولى 2017 الجزء الأول، الصفحة : 396 )
الإعفاء من العقاب :
وفقاً لهذه المادة يكون الإعفاء في حالتين :
الحالة الأولى :
تتحقق الحالة الأولى للإعفاء من العقوبة بمبادرة الجاني بالإخبار عن جريمة التزييف إذا توافر شرطان :
الأول : أن يكون الإخبار قبل استعمال العملة المزيفة أي قبل طرحها في التداول .
الثاني : أن يكون الإخبار قبل أن تشرع السلطات في التحقيق. وعلى ذلك لا يستفيد الجاني من سبب الإعفاء إذا لم يبادر بإخبار الحكومة عن الجريمة، أي لم يكن هو أول من أخبر عنها من المساهمين. كذلك لا يستفيد من الإعفاء الجاني الذي يبادر بالإخبار عن الجريمة بعد أن أطلقت العملة المزيفة في التداول، كما لا يستفيد منه الجاني الذي يبادر بالإخبار قبل إستعمال العملة ولكن بعد أن بدأت السلطات في التحقيق. ويكفي للإعفاء أن يخبر الجاني عن الجريمة، فلا يتطلب المشرع فوق ذلك أن يخبر الجاني عن المساهمين معه في الجريمة .
ويلاحظ أن الإعفاء في هذه الحالة يكون وجوبياً. ولا يشترط القانون أن يتقرر بحكم، وإنما يتقرر بمقتضى أمر حفظ يصدر من النيابة العامة، أو بمقتضى قرار بألا وجه لإقامة الدعوى تصدره سلطة التحقيق .
الحالة الثانية :
تتحقق الحالة الثانية للإعفاء إذا حصل الإخبار بعد شروع السلطات في التحقيق بشرط أن يؤدي ذلك إلى تمكينها من القبض على المساهمين مع الجاني في الجريمة أو إلى القبض على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها .
فالإخبار في هذه الحالة يتم بعد وصول أمر الجريمة إلى علم السلطات وشروعها في التحقيق، يستوي بعد ذلك أن يكون بعد إستعمال العملة المزيفة أو قبل ذلك، إذ لم يتطلب المشرع أن يكون الإخبار قبل إستعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة كما فعل بالنسبة للحالة الأولى. ويجد الإعفاء هنا مبرره في تمكين السلطات من القبض على غير الجاني من المساهمين في الجريمة، أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها فى النوع والخطورة، كالتزوير في محرر رسمي. على أنه لا يشترط لتحقق شروط الإعفاء أن يمكن الإخبار من القبض على جميع المساهمين، بل يكفي لذلك أن يؤدي إلى القبض عمن يعرفهم الجاني منهم، ويشترط في الإخبار أن يتضمن معلومات صحيحة وجدية من شأنها أن تؤدي إلى القبض على المساهمين في الجريمة. وتقدير كفاية الأخبار لتمكين السلطات من القبض أمر يدخل في مطلق سلطة قاضي الموضوع .
ويجوز الإعفاء ولو كان الجاني قد عدل عن إخباره إذا كان قد تحقق الهدف المنوط به وهو تمكين السلطات من القبض على باقي الجناة، فإذا كان قد أدلى بمعلومات أمام سلطة التحقيق، وتحقق القبض بناءاً على ذلك فإنه لا يحرم من الإعفاء ولو عدل عن هذه المعلومات أمام محكمة الموضوع .
ويلاحظ أن الإعفاء في هذه الحالة - خلافاً للحالة الأولى - يكون جوازياً، وقد قصر المشرع سلطة تقرير الإعفاء أو الحرمان منه في هذه الحالة على المحكمة وحدها. فلا يجوز أن يتقرر بمقتضى أمر بالحفظ أو قرار بألاوجه لإقامة الدعوى . ( الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثالث، الصفحة: 104 )
الفقرة الأولى من المادة عدلت وأضيفت إليها المادة 202 مكرراً وذلك بالقانون رقم 29 لسنة 1982 الصادر في 14/4/1982 والمنشور في 22/ 9/ 1982.
يقرر القانون للإعفاء من العقاب على الجنايات المنصوص عليها بالمواد 202، 202 مكرراً، 203 من قانون العقوبات صورة وجوبية وأخرى جوازية والمفروض في كل منهما وحدة الجريمة مع تعدد الجناة والإعفاء الجوازی متروك لتقدير المحكمة بحيث أنها إذا لم تحكم به مع توفر شروطه لا تكون قد أخطأت في تطبيق القانون خلافاً للإعفاء الوجوبي .
الإعفاء الوجوبي :
ويجب القضاء به شرطين الأول : المبادرة بإخبار السلطات بالجناية قبل ترويج العملة أي قبل وضعها في التداول. وإنما يجب أن يكون الجاني أول من قام بالإخبار حتى يستحق منحه الإعفاء التي قررها القانون فإذا كان غيره قد سبقه إلى ذلك فإن إخباره اللاحق لايقدم فائدة ولا يجعله مستحقاً للإعفاء ولكن من الجائز أن يخبر إثنان في آن واحد وعندئذ لا يصح أن تنسب إلى أحدهما مزية الإخبار دون غيره فيستفيدان من الإعفاء معاً. ولكن لايشترط للإعفاء أن يكون المبلغ قد أخبر عن جريمة مجهولة لذوي السلطة ويلاحظ أن تعبیر إستعمال المقلدة أو المزيفة أو المزورة " ينصرف إلى جميع أفعال الإدخال في مصر أو الإخراج أو الترويج أو الحيازة بقصد الترويج أو التعامل بها. المشار إليها في المادة 230 معدلة .
ويلاحظ أنه لا محل لإعفاء الجاني إذا لم يخبر سلطة التحقيق بأسماء شركائه أجمعين بل أخفى عند التبليغ شريكاً أو أكثر بالإخبار على هذه الصورة يكون ناقصاً ينطوي على نوع من الخداع والغش لا يسبغ الإعفاء. أما إذا أفضى المبلغ بأسماء كل من شاركوه إجرامه وبعد ذلك لم تری سلطة التحقيق رفع الدعوى إلا على البعض فقط فلا يؤثر ذلك على حق المخبر في الإعفاء. كذلك يستحق المبلغ الإعفاء إذا أفضى بأسماء من يعرفهم من شركائه وثبت أنه لا علم له بسائرهم وليس في إمكانه أن يخبر بما لا يعلم .
الشرط الثاني : أن يحصل الإخبار قبل الشروع في التحقيق وإذن فيصح أن يكون قبل علم ذوى السلطة بالجريمة ويصح أن يكون في مرحلة جمع الاستدلالات فإذا حصل بعد إتخاذ إجراء تحقيق فلا يستحق من أخبر عن الجريمة الإعفاء الوجوبي وإنما يجوز إعفاءه إذا توافرت شروط الإعفاء الجوازی .
الإعفاء الجوازی :
نصت على الإعفاء الجوازي الفقرة الثانية من المادة 205 عقوبات حيث يتسع فيها مجال الإعفاء فقد رأى الشارع أن يتغاضى عن العقاب ولو بعد حصول الترويج وبعد الشروع في التحقيق رغبة منه في الوصول إلى معاقبة باقي الجناة فيصح الإعفاء بناء على الإقرار الذي يحصل في التحقيق الإبتدائي أو بناء على الإعتراف الذي يدلي به أمام محكمة الموضوع فالشرط الوحيد لتوافر هذه الحالة هو أن يؤدي الجاني خدمة المجتمع بأن يسهل القبض على غيره من مرتكبي الجريمة أو على مرتكب جريمة أخرى مماثلة لها فى النوع والخطورة وهذا يقتضي أن يكون إرشاده هو الذي سهل القبض عليهم فلا يجوز الإعفاء إذا قبض عليهم بغیر معاونته. على أنه لا يلزم أن يكون قد سهل القبض على جميع الجناة بل يكفي أن يرشد. عمن يعرفه منهم ولا يحول دون الإعفاء أن يعدل المقر عن إقراره بعد أن سهل القبض على باقي المجرمين فليس من مسلتزمات الإعتراف في مثل هذه الحالة أن يصر عليه المعترف إلى النهاية والفصل في أمر تسهيل القبض هو من خصائص قاضي الموضوع وله في ذلك التقدير المطلق ويلاحظ أنه مع توافر شروط الإعفاء بمقتضى هذه الحالة فإن القانون يحول سلطة التحقيق تقرير الإعفاء وإنما عليها مع ذلك أن يمثل المقر إلى المحكمة وهي التي تملك الإعفاء ومع توافر شروطه لا تلزم به فالأمر جوازي لها فقد لا ترى من ظروف الدعوى ما يبرر إعفاء المبلغ . (موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثالث، الصفحة : 30 )
حالتا الإعفاء من العقاب :
أولاً: الإعفاء الوجوبي: (الإخبار):
نصت على الإعفاء الوجوبي من العقاب الفقرة الأولى من المادة 205 من قانون العقوبات من أنه يعفى من العقاب كل من بادر من الجناة بإخبار الحكومة بتلك الجنايات قبل استعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة وقبل الشروع في التحقيق".
"بما يعني أن المشرع قد استلزم لإعمال ذلك الإعفاء من العقاب أن يحصل الإخبار على النحو السالف بيانه قبل استعمال العملة المقلدة، فإذا ما كانت تلك العملة قد استعملت فلا مجال لإعمال هذا النص.
- شروط الإخبار
(1) أن يتم الإخبار قبل استعمال العملة المزيفة :
والإخبار بالجناية الذي يبرر الإعفاء من العقاب هو الذي يبين نوعها وكيفية ارتكابها، ومكانه وزمانه وغير ذلك من المعلومات التي تفيد في معرفة الجريمة، وتمكن السلطة المختصة من التحقيق.
(2) أن يكون الإخبار قبل الشروع في التحقيق:
المقصود بالتحقيق هنا ليس التحقيق القضائي بمعناه الضيق الذي تتولاه النيابة العامة أو قاضي التحقيق، وإنما التحقيق بمعناه الواسع الذي يشمل إجراءات الاستدلال، ومن ثم فلا يجدي الإخبار بالجريمة بعد القبض على الجاني ولا يكفي لتوافر الشروع في التحقيق أن يتقدم أحد إلى السلطات ببلاغ عن الجريمة ما دامت سلطة التحقيق أو الاستدلال لم تكن قد بدأت بعد في التحقيق في هذا البلاغ، وبوجه عام فإن الإخبار ينتج أثره ولو كانت السلطة العامة قد علمت بالجريمة لكنها لم تكن قد شرعت بعد في إجراء التحقيق.
(2) الإعفاء الجوازي: تمكين السلطات من القبض على الجناة :
أجاز القانون إعفاء الجاني من العقاب طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 205 عقوبات إذا حصل الإخبار بعد الشروع في التحقيق متى مكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة أو غيره من مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة.
فإنه وإن لم تستلزم الفقرة الثانية من المادة 205 من قانون العقوبات المعدلة المبادرة بالإخبار، إلا أن القانون اشترط في مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار أن يكون إخباره هو الذي مكن السلطات من القبض على غيره من الجناة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة. فموضوع الإخبار في هذه الحالة يجاوز مجرد التعريف بالجناة إلى الإفضاء بمعلومات جدية صحيحة تؤدي بذاتها إلى القبض على مرتكبي الجريمة، فإذا كانت السلطات قد تمكنت من معرفة الجناة والقبض عليهم من غير ذلك الطريق فلا إعفاء.
وموضوع الإخبار في الحالة الأخيرة يجاوز مجرد التعريف بالجناة إلى الإفضاء بمعلومات صحيحة تؤدي بذاتها إلى القبض على مرتكبي الجريمة.
ولا" شك" أن المراد" بتسهيل القبض يزيد على مجرد الإخبار عن الجناة، إذ يقتضي فوق ذلك أن يمد الجاني السلطات بالمعلومات الكافية لتسهيل القبض عليهم ، ومتى قام المتهم بهذا العمل فلا يجحد من قيمته أن تعجز السلطات عن القبض على الجناة سواء كان ذلك راجعاً إلى تقصير منهم أو إلى هروب الجناة أو لكونهم في الخارج، ولا يهون من أثر الإخبار أن يعدل المتهم عن اعترافه في أي دور من أدوار التحقيق أو المحاكمة ما دام قد ثبت أنه أنتج أثره في تسهيل القبض على الجناة، كما لا يشترط أن يبادر الجاني من تلقاء نفسه بإخبار السلطات ومدها بالمعلومات المسهلة للقبض على الجناة، بل يستوي أن يتحقق ذلك بعد تضييق الخناق عليه في أسئلة التحقيق.
ولا يشترط للإعفاء أن يكون الجاني قد سهل القبض على جميع المتهمين الباقين، بل يكفي أن يرشد عمن يعرفه منهم، ولكن يشترط أن يكون إرشاده هو الذي سهل القبض عليهم. (موسوعة المُري في الجرائم الاقتصادية، للمستشار بهاء المُري رئيس محكمة الجنايات، دار روائع القانون للنشر والتوزيع، الطبعة الرابعة 2023، الكتاب الأول، الصفحة 216)
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة : 227
( مادة 464 ) :
يعفى من العقاب على الجنايات المشار إليها في المواد (455) و(456) و(457) و(458) من هذا القانون - كل من بادر من الجناة بإبلاغ الجهات المختصة بالجريمة قبل تمامها ، أو قبل البدء في التحقيق .
ويسري حكم الفقرة السابقة بالنسبة لمن يمكن الجهة المختصة أثناء التحقيق من ضبط باقي الجناة .
تزييف وتزوير العملة الورقية والمعدنية ورفض التعامل بالعملة الوطنية
المواد من (455) - (464) :
تقابل مواد المشروع في عمومها المواد من (202) إلى (205) من القانون القائم ، مع ضبط صياغة النصوص الواردة في المشروع وإحكام عباراتها ، وأهم سمات مواد المشروع ما يلي :
1- لم تتضمن مواد المشروع المقابلة للمواد (202)، (204) مکرراً (أ)، (204) مکرراً (ب) من القانون الحالي ، ما كانت تنص عليه هذه المواد من إعتبار أوراق البنكنوت المأذون بإصدارها قانوناً في حكم العملة الورقية ، ذلك بأن هذه الأوراق هي في الواقع والقانون معاً، عملة ورقية تدخل في وضوح في حكم النص دون حاجة إلى الحكم الإعتباري المذكور ، وعلى هذا الأساس جاء نص المادة (455) من المشروع خالياً من العبارة تلك .
وقد استحدث في النص المذكور فقرة جديدة بموجبها تعد في حكم العملة الورقية السندات التي صدرت أو تصدر في مصر أو في دولة أجنبية أخرى ، عن الحكومة المصرية أو مصرف مصري ، بقصد تداولها كعوض أو بديل عن العقود ؛ لما تقوم به هذه السندات الصادرة بناء على طلب الحكومة المصرية ، أو مصرف له الحق في ذلك قانوناً ، كفاء وغناء عن النقود ، فلزم والحال كذلك أن تشملها الحماية الجنائية .
2- أورد المشروع نص المادة (456) الذي يقابل نص المادة (202) مکررا من القانون القائم ، والتي أضيفت بالقانون رقم (29) لسنة 1982 ؛ حتى تشمل الحماية العملة الذهبية أو الفضية التذكارية المأذون بإصدارها قانوناً ؛ لما لهذه العملات من قيمة مرتفعة تجعلها محل إقتناء وتعامل بين الأفراد .
3- استحدث نص الفقرة (ب) من المادة (460) من المشروع لسد ثغرة ، فقد قصد به إسباغ الحماية الجنائية على من يقع فريسة التعامل في عملة بطل العمل بها ، فجرم كل من أدخل إلى مصر أو تداول أو إستعمل أو روج عملة ورقية أو معدنية بطل العمل بها ، متى كان يعلم بذلك ، إذ الجريمة عمدية لا يقوم فيها الإهمال أو التقصير مقام العمد .
4- نقل المشروع في الفقرة (ج) من المادة (460) منه الحكم الوارد في الفقرة الثالثة من المادة (386) من القانون القائم ؛ لأنه يمثل الحماية الجنائية لعملة البلاد ، ومن ثم كان من المناسب أن تتضمنه نصوص هذا الفصل الخاصة بالعملة ورقية كانت أم معدنية ، أو أصبح النص بعد تعديله يعاقب بعقوبة الجنحة كل من إمتنع عن قبول العملة الوطنية في معاملاته بالقيمة الرسمية المقررة لها ، ومن البداهية أن المقصود بالنص العملة الصحيحة ، وكان حرياً بالمشروع لحماية تداول هذه العملة بعد إلغاء قاعدة الذهب ، وتحديد المشرع المصري سعراً إلزامياً للعملة الورقية - أن تقوم هذه العملة مقام الذهب ، وإذا كانت الحماية الجنائية في هذا الشأن القائمة حالياً ليست كافية ، إذ هي تعاقب من يمتنع عن قبول عملة البلاد بغرامة لا تتجاوز جنيها - فقد صار لزاماً لتأكيد جدية هذه الحماية لعملة البلاد أن يرتفع المشروع بالعقوبة إلى عقوبة الجنحة .
5- المادة (463) من المشروع تقابل المادة (204) مکرراً عقوبات ، المضافة بالقانون رقم (29) لسنة 1983، وقد أبقى عليها المشروع دون تعديل .
6- المادة (464) من المشروع تعرض للإعفاء من العقاب ، بالنسبة لمن يبادر من الجناة بإبلاغ الجهات المختصة بالجريمة قبل قيامها ، أو قبل البدء في التحقيق ، إذا كانت الجريمة قد تمت ، والإعفاء في الحالة وجوبي ، ويمتد حكم هذا الإعفاء الوجوبي إذا مكن الجاني الجهة المختصة بعد بدء التحقيق وأثناء سريانه من ضبط باقي الجناة ، وكانت الفقرة الثانية من المادة (205) من القانون القائم تجعل هذه الحالة من حالات الإعفاء الجوازي ، وقد رأى المشروع - تشجيعاً منه لكشف الجريمة - أن يثيب الجاني ولو بعد بدء التحقيق وأثناء جریانه بالإعفاء من العقاب ، إذا كان إبلاغه مثمراً ، بأن أدى إلى ضبط باقي الجناة ، هذا ومن المفهوم أن حكم هذا النص لا يسري - شأنه شأن حالات الإعفاء للإبلاغ عن الجريمة - إلا في حالة تعدد الجناة فيها فاعلين كانوا أم شرکاء .
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / العشرون ، الصفحة / 247
دَرَاهِمُ
التَّعْرِيفُ :
الدَّرَاهِمُ جَمْعُ دِرْهَمٍ، وَهُوَ لَفْظٌ مُعَرَّبٌ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ النَّقْدِ ضُرِبَ مِنَ الْفِضَّةِ كَوَسِيلَةٍ لِلتَّعَامُلِ، وَتَخْتَلِفُ أَنْوَاعُهُ وَأَوْزَانُهُ بِاخْتِلاَفِ الْبِلاَدِ الَّتِي تَتَدَاوَلُهُ وَتَتَعَامَلُ بِهِ.
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ :
أ - الدَّنَانِيرُ :
2 - الدَّنَانِيرُ جَمْعُ دِينَارٍ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ، قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: دِينَارٌ أَصْلُهُ أَعْجَمِيٌّ غَيْرَ أَنَّ الْعَرَبَ تَكَلَّمَتْ بِهِ فَصَارَ عَرَبِيًّا.
وَالدِّينَارُ اسْمٌ لِلْقِطْعَةِ مِنَ الذَّهَبِ الْمَضْرُوبَةِ الْمُقَدَّرَةِ بِالْمِثْقَالِ.فَهِيَ تَخْتَلِفُ عَنِ الدَّرَاهِمِ فِي أَنَّهَا مِنَ الذَّهَبِ فِي حِينِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ مِنَ الْفِضَّةِ.
ب - النَّقْدُ.
لِلنَّقْدِ ثَلاَثَةُ مَعَانٍ فَيُطْلَقُ عَلَى الْحُلُولِ أَيْ خِلاَفِ النَّسِيئَةِ، وَعَلَى إِعْطَاءِ النَّقْدِ، وَعَلَى تَمَيُّزِ الدَّرَاهِمِ وَإِخْرَاجِ الزَّيْفِ مِنْهَا، وَمُطْلَقِ النَّقْدِ وَيُرَادُ بِهِ مَا ضُرِبَ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الَّتِي يَتَعَامَلُ بِهَا النَّاسُ.
ج - الْفُلُوسُ :
الْفُلُوسُ جَمْعُ فَلْسٍ، وَتُطْلَقُ الْفُلُوسُ وَيُرَادُ بِهَا مَا ضُرِبَ مِنَ الْمَعَادِنِ مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَصَارَتْ عُرْفًا فِي التَّعَامُلِ وَثَمَنًا بِاصْطِلاَحِ النَّاسِ.
د - سِكَّةٌ :
السَّكُّ: تَضْبِيبُ الْبَابِ أَوِ الْخَشَبِ بِالْحَدِيدِ. وَالسِّكَّةُ: حَدِيدَةٌ قَدْ كُتِبَ عَلَيْهَا، وَيُضْرَبُ عَلَيْهَا الدَّرَاهِمُ، وَهِيَ الْمَنْقُوشَةُ ثُمَّ نُقِلَ إِلَى أَثَرِهَا وَهِيَ النُّقُوشُ الْمَاثِلَةُ عَلَى الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ نُقِلَ إِلَى الْقِيَامِ عَلَى ذَلِكَ، وَهِيَ الْوَظِيفَةُ فَصَارَ عَلَمًا عَلَيْهَا فِي عُرْفِ الدُّوَلِ، وَتُسَمَّى الدَّرَاهِمُ الْمَضْرُوبَةُ سِكَّةً.
الدِّرْهَمُ الإْسْلاَمِيُّ وَكَيْفِيَّةُ تَحْدِيدِهِ وَتَقْدِيرِهِ :
كَانَتِ الدَّرَاهِمُ الْمَضْرُوبَةُ قَبْلَ الإْسْلاَمِ مُتَعَدِّدَةً مُخْتَلِفَةَ الأْوْزَانِ، وَكَانَتْ تَرِدُ إِلَى الْعَرَبِ مِنَ الأْمَمِ الْمُجَاوِرَةِ فَكَانُوا يَتَعَامَلُونَ بِهَا، لاَ بِاعْتِبَارِ الْعَدَدِ بَلْ بِأَوْزَانٍ اصْطَلَحُوا عَلَيْهَا، وَجَاءَ الإْسْلاَمُ وَأَقَرَّهُمْ عَلَى هَذِهِ الأْوْزَانِ كَمَا جَاءَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : «الْوَزْنُ وَزْنُ أَهْلِ مَكَّةَ، وَالْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ».
وَلَمَّا احْتَاجَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى تَقْدِيرِ الدِّرْهَمِ فِي الزَّكَاةِ كَانَ لاَ بُدَّ مِنْ وَزْنٍ مُحَدَّدٍ لِلدِّرْهَمِ يُقَدَّرُ النِّصَابُ عَلَى أَسَاسِهِ، فَجُمِعَتِ الدَّرَاهِمُ الْمُخْتَلِفَةُ الْوَزْنِ وَأُخِذَ الْوَسَطُ مِنْهَا، وَاعْتُبِرَ هُوَ الدِّرْهَمُ الشَّرْعِيُّ، وَهُوَ الَّذِي تَزِنُ الْعَشَرَةُ مِنْهُ سَبْعَةَ مَثَاقِيلَ مِنَ الذَّهَبِ، فَضُرِبَتِ الدَّرَاهِمُ الإْسْلاَمِيَّةُ عَلَى هَذَا الأْسَاسِ، وَهَذَا أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فُقَهَاءَ وَمُؤَرِّخِينَ، لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْعَهْدِ الَّذِي تَمَّ فِيهِ هَذَا التَّحْدِيدُ، فَقِيلَ إِنَّ ذَلِكَ تَمَّ فِي عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، وَقِيلَ إِنَّ ذَلِكَ تَمَّ فِي عَهْدِ بَنِي أُمَيَّةَ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ تَمَّ فِي عَهْدِ عُمَرَ أَمْ فِي عَهْدِ بَنِي أُمَيَّةَ فَإِنَّ الدِّرْهَمَ الشَّرْعِيَّ الَّذِي اسْتَقَرَّ الأْمْرُ عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي ضُرِبَ فِي عَهْدِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَكَانَ هُوَ أَسَاسَ التَّقَادِيرِ الشَّرْعِيَّةِ.
لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ وَالْمُؤَرِّخِينَ أَثْبَتُوا أَنَّ الدِّرْهَمَ الشَّرْعِيَّ لَمْ يَبْقَ عَلَى الْوَضْعِ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الإْجْمَاعُ فِي عَهْدِ عَبْدِ الْمَلِكِ، بَلْ أَصَابَهُ تَغْيِيرٌ كَبِيرٌ فِي الْوَزْنِ وَالْعِيَارِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ، وَصَارَ أَهْلُ كُلِّ بَلَدٍ يَسْتَخْرِجُونَ الْحُقُوقَ الشَّرْعِيَّةَ مِنْ نَقْدِهِمْ بِمَعْرِفَةِ النِّسْبَةِ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَقَادِيرِهَا الشَّرْعِيَّةِ إِلَى أَنْ قِيلَ: يُفْتَى فِي كُلِّ بَلَدٍ بِوَزْنِهِمْ.
وَنَشَأَ مِنْ ذَلِكَ اضْطِرَابٌ فِي مَعْرِفَةِ الأْنْصِبَةِ، وَهَلْ تُقَدَّرُ بِالْوَزْنِ أَوْ بِالْعَدَدِ؟ وَأَصْبَحَ الْوُصُولُ إِلَى مَعْرِفَةِ الدِّينَارِ الشَّرْعِيِّ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ غَايَةً تَمْنَعُ هَذَا الاِضْطِرَابَ. وَإِلَى عَهْدٍ قَرِيبٍ لَمْ يَصِلِ الْفُقَهَاءُ إِلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ حَتَّى أَثْبَتَ الْمُؤَرِّخُ عَلِيُّ بَاشَا مُبَارَكٌ - بِوَاسِطَةِ اسْتِقْرَاءِ النُّقُودِ الإْسْلاَمِيَّةِ الْمَحْفُوظَةِ فِي دُورِ الآْثَارِ بِالدُّوَلِ الأْجْنَبِيَّةِ - أَنَّ دِينَارَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يَزِنُ 4،25. جِرَامٍ مِنَ الذَّهَبِ، وَبِذَلِكَ يَكُونُ وَزْنُ الدِّرْهَمِ. 2،975 جِرَامًا مِنَ الْفِضَّةِ.
وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُعْتَبَرُ مِعْيَارًا فِي اسْتِخْرَاجِ الْحُقُوقِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ زَكَاةٍ، وَدِيَةٍ، وَتَحْدِيدِ صَدَاقٍ، وَنِصَابِ سَرِقَةٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
مَنْ يَتَوَلَّى ضَرْبَ الدَّرَاهِمِ :
ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ وَظِيفَةٌ ضَرُورِيَّةٌ لِلدَّوْلَةِ، إِذْ بِهَا يَتَمَيَّزُ الْخَالِصُ مِنَ الْمَغْشُوشِ بَيْنَ النَّاسِ فِي النُّقُودِ عِنْدَ الْمُعَامَلاَتِ، وَيُتَّقَى الْغِشُّ بِخَتْمِ السُّلْطَانِ عَلَيْهَا بِالنُّقُوشِ الْمَعْرُوفَةِ.وَقَدْ قَالَ الإْمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ: لاَ يَصْلُحُ ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ إِلاَّ فِي دَارِ الضَّرْبِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ، لأِنَّ النَّاسَ إِنْ رُخِّصَ لَهُمْ رَكِبُوا الْعَظَائِمَ، فَقَدْ مَنَعَ الإْمَامُ أَحْمَدُ مِنَ الضَّرْبِ بِغَيْرِ إِذْنِ السُّلْطَانِ لِمَا فِيهِ مِنَ الاِفْتِيَاتِ عَلَيْهِ.
وَفِي الرَّوْضَةِ لِلنَّوَوِيِّ: يُكْرَهُ لِلرَّعِيَّةِ ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ وَإِنْ كَانَتْ خَالِصَةً، لأِنَّ ضَرْبَ الدَّرَاهِمِ مِنْ شَأْنِ الإْمَامِ.
وَذَكَرَ الْبَلاَذُرِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أُتِيَ بِرَجُلٍ يَضْرِبُ عَلَى غَيْرِ سِكَّةِ السُّلْطَانِ فَعَاقَبَهُ وَسَجَنَهُ وَأَخَذَ حَدِيدَهُ فَطَرَحَهُ فِي النَّارِ، وَحَكَى الْبَلاَذُرِيُّ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ أَخَذَ رَجُلاً يَضْرِبُ عَلَى غَيْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَأَرَادَ قَطْعَ يَدِهِ ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ وَعَاقَبَهُ، قَالَ الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ: فَرَأَيْتُ مَنْ بِالْمَدِينَةِ مِنْ شُيُوخِنَا حَسَّنُوا ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ.
حُكْمُ كَسْرِ الدَّرَاهِمِ وَقَطْعِهَا :
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ كَسْرِ الدَّرَاهِمِ وَقَطْعِهَا، فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ إِلَى كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ مُطْلَقًا، لِحَاجَةٍ وَلِغَيْرِ حَاجَةٍ، لأِنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْفَسَادِ فِي الأْرْضِ وَيُنْكَرُ عَلَى فَاعِلِهِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ نَهَى عَنْ كَسْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْجَائِزَةِ بَيْنَهُمْ».
وَالْكَرَاهَةُ عِنْدَ الإْمَامِ أَحْمَدَ لِلتَّحْرِيمِ عَلَى مَا جَاءَ فِي رِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَرِوَايَةِ الْمَرْوَزِيِّ وَرِوَايَةِ حَرْبٍ - وَقَدْ سُئِلَ عَنْ كَسْرِ الدَّرَاهِمِ - فَقَالَ: هُوَ عِنْدِي مِنَ الْفَسَادِ فِي الأَْرْضِ وَكَرِهَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً. لَكِنَّهُ صَرَّحَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ، قَالَ أَبُو طَالِبٍ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنِ الدَّرَاهِمِ تُقَطَّعُ فَقَالَ: لاَ، «نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَسْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ»، وَقِيلَ لَهُ: فَمَنْ كَسَرَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ؟ قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ قَدْ فَعَلَ مَا نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَبُو يَعْلَى: وَقَوْلُهُ: لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، مَعْنَاهُ لاَ مَأْثَمَ عَلَيْهِ.
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَفُقَهَاءُ الْعِرَاقِ إِلَى أَنَّ كَسْرَهَا غَيْرُ مَكْرُوهٍ.
وَفَصَّلَ قَوْمٌ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ. إِنْ كَسَرَهَا لِحَاجَةٍ لَمْ يُكْرَهُ لَهُ، وَإِنْ كَسَرَهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ كُرِهَ لَهُ، لأِنَّ إِدْخَالَ النَّقْصِ عَلَى الْمَالِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ سَفَهٌ.
وَاعْتَبَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ حَالَ الْبَلَدِ فَقَالَ: إِنَّ كَرَاهَةَ الْقَطْعِ مَحْمُولٌ عِنْدِي عَلَى بَلَدٍ لاَ يَجُوزُ فِيهِ الْقَطْعُ، وَلاَ يَنْفُقُ الْمَقْطُوعُ مِنَ الدَّرَاهِمِ نَفَاقَ الصَّحِيحِ.
وَاعْتَبَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ قَطْعَ السِّكَّةِ مَانِعًا مِنَ الشَّهَادَةِ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْمَوَّازِ: إِلاَّ أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ، وَقَالَ عَنْهُ الْعُتْبِيُّ: لاَ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ جَاهِلاً.
وَقَالَ سَحْنُونُ: لَيْسَ قَطْعُ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ بِجُرْحَةٍ.
قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: وَهَذَا الاِخْتِلاَفُ إِنَّمَا هُوَ إِذَا قَطَعَهَا وَهِيَ وَازِنَةٌ فَرَدَّهَا نَاقِصَةً وَالْبَلَدُ لاَ تَجُوزُ فِيهِ إِلاَّ وَازِنَةٌ، وَهِيَ تَجْرِي فِيهِ عَدَدًا بِغَيْرِ وَزْنٍ، فَانْتَفَعَ بِمَا قَطَعَ مِنْهَا، وَيُنْفِقُهَا بِغَيْرِ وَزْنٍ فَتُجْرَى مَجْرَى الْوَازِنَةِ، فَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ ذَلِكَ جُرْحَةٌ، وَلَوْ قَطَعَهَا وَكَانَ التَّبَايُعُ بِهَا بِالْمِيزَانِ فَلاَ خِلاَفَ أَنَّ التَّبَايُعَ بِهَا لَيْسَ بِجُرْحَةٍ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ.
أَمَّا قَطْعُ الدَّرَاهِمِ لِصِيَاغَتِهَا حُلِيًّا لِلنِّسَاءِ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ: لاَ بَأْسَ أَنْ يَقْطَعَ الرَّجُلُ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ حُلِيًّا لِبَنَاتِهِ وَنِسَائِهِ.
وَقَدْ مَنَعَ الإْمَامُ أَحْمَدُ أَنْ تُقْطَعَ لِلصِّيَاغَةِ، قَالَ فِي رِوَايَةِ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ - وَقَدْ سَأَلَهُ عَنِ الرَّجُلِ يَقْطَعُ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ يَصُوغُ مِنْهَا - قَالَ: لاَ تَفْعَلْ، فِي هَذَا ضَرَرٌ عَلَى النَّاسِ، وَلَكِنْ يَشْتَرِي تِبْرًا مَكْسُورًا بِالْفِضَّةِ.
إِنْفَاقُ الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ :
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي إِنْفَاقِ الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ.
فَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ الشِّرَاءَ بِالدَّرَاهِمِ الزَّائِفَةِ وَلاَ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِعَيْنِهَا، بَلْ يَتَعَلَّقُ بِجِنْسِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ الزُّيُوفِ إِنْ كَانَ الْبَائِعُ يَعْلَمُ بِحَالِهَا خَاصَّةً لأِنَّهُ رَضِيَ بِجِنْسِ الزُّيُوفِ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ لاَ يَعْلَمُ لاَ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِجِنْسِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْجَيِّدِ مِنْ نَقْدِ تِلْكَ الْبَلَدِ، لأِنَّهُ لَمْ يَرْضَ إِلاَّ بِهِ إِذَا كَانَ لاَ يَعْلَمُ بِحَالِهَا.
وَيُجِيزُ الْمَالِكِيَّةُ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ تُبَاعَ لِمَنْ لاَ يَغُشُّ بِهَا النَّاسَ بَلْ لِمَنْ يُكَسِّرُهَا وَيَجْعَلُهَا حُلِيًّا أَوْ غَيْرَهُ.
فَإِنْ بَاعَ لِمَنْ يَغُشُّ بِهِ فُسِخَ الْبَيْعُ.
وَفِي مُغْنِي الْمُحْتَاجِ إِنْ عُلِمَ مِعْيَارُ الْفِضَّةِ فِي الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ صَحَّتِ الْمُعَامَلَةُ بِهَا مُعَيَّنَةً، وَفِي الذِّمَّةِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولاً فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ، أَصَحُّهَا الصِّحَّةُ مُطْلَقًا، لأِنَّ الْمَقْصُودَ رَوَاجُهَا وَهِيَ رَائِجَةٌ، وَلِحَاجَةِ الْمُعَامَلَةِ بِهَا.. ثُمَّ قَالَ: وَمَنْ مَلَكَ دَرَاهِمَ مَغْشُوشَةً كُرِهَ لَهُ إِمْسَاكُهَا بَلْ يَسْبِكُهَا وَيُصَفِّيهَا، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: إِلاَّ إِنْ كَانَتْ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ مَغْشُوشَةً فَلاَ يُكْرَهُ إِمْسَاكُهَا.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِنْ كَانَ الْغِشُّ يَخْفَى لَمْ يَجُزِ التَّعَامُلُ بِهَا رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ: الْمَنْعُ وَالْجَوَازُ.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي: (صَرْفٌ، رِبًا، غِشٌّ).