المادة 208- ( أصبحت المادة 206 ) - هي المادة 174 من قانون سنة 1904 مع تغيير في بعض الأشياء المعاقب علي تزويرها أو تقليدها أو إستعمالها مع العلم بتزويرها . فقد كان من بينها " فرمان او أمر عال " فحذف الفرمان لعدم وجوده الآن وأبدل الأمر العالي بأمر (ملكي) أو قانون أو (مرسوم ) أما الفرمانات القديمة القائمة فإذا ارتكب تزوير فيها فإنه يقع تحت حكم النصوص التي تعاقب على التزوير ومن بين الأشياء الواردة في المادة 174 أيضاً " ختم الحكومة أو ولي الأمر " وقد إستبدلت بها خاتم الدولة أو إمضاء ( الملك ) أو ختمه .
1ـ من المقرر أن القاعدة المقررة فى جرائم التقليد تقضى بأن العبرة بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف ، وأن جناية تقليد ختم أو علامة إحدى المصالح أو إحدى جهات الحكومة المنصوص عليها بالمادة 206 من قانون العقوبات ، تتحقق متى كان التقليد من شأنه خدع الجمهور فى المعاملات ولا يشترط القانون أن يكون التقليد متقناً بحيث ينخدع به الفاحص المدقق ، بل يكفى أن يكون بين الختمين أو العلامتين المقلدة والصحيحة تشابه قد يسمح بالتعامل بها ، ولا يقدح فى ذلك كون التقليد ظاهراً ، ما دام من شأنه أن يخدع الناس وكان الحكم قد عول فى قضائه على ما حصله تقرير قسم أبحاث التزوير والتزييف من أن كلاً من الخمس ورقات المضبوطة بمسكن المتهم والمبصوم على كل منها ببصمة خاتم منسوب إلى خاتم ...... تتشابه مع بصمة الخاتم الصحيح فى أن كلاً منها عبارة عن بصمة دائرية الشكل ذات إطار مزدوج نقش بداخلها نسر الشعار وتختلفان فى العبارات التى نقشت داخل الإطار المزدوج وهى بصمات مزورة باستعمال نظام كمبيوترى مزود بماسح ضوئى وطابعة كمبيوترية ملونة . فإن ما أورده الحكم فى ذلك يتوافر به هذا العنصر من عناصر الجريمة بما تنتفى به دعوى القصور .
( الطعن رقم 1653 لسنة 78 ق - جلسة 2012/07/05 - س 63 ص 351 ق 57 )
2ـ لما كان الحكم قد اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جميعاً وهى جناية تقليد أختام للحكومة واستعمالها ، وجناية الاشتراك فى تزوير محررات رسمية واستعمالها مرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة فى حكم المادة 32 / 2 من قانون العقوبات ، وأنها كلها جريمة واحدة وأوقع عليه العقوبة التى تدخل فى نطاق العقوبة المقررة قانوناً لجناية تقليد أختام الحكومة واستعمالها المنصوص عليها فى المادة 206 من قانون العقوبات ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بالنسبة لجناية الاشتراك فى تزوير محررات رسمية واستعمالها لا يكون سديداً .
( الطعن رقم 1653 لسنة 78 ق - جلسة 2012/07/05 - س 63 ص 351 ق 57 )
3ـ من المقرر أن القصد الجنائي فى جريمة التزوير إنما يتحقق بتعمد تغيير الحقيقة من محرر يتمتع بقوة الإثبات ، بطريقة من الطرق التي حددها القانون ، تغييراً من شأنه أن يسبب ضرراً مع انتواء استعماله فى الغرض الذي زور من أجله ، وكان من المقرر أيضاً أن جناية تقليد ختم أو علامة إحدى المصالح أو إحدى الجهات الحكومية المنصوص عليها فى المادة 206 من قانون العقوبات تتحقق متى كان التقليد من شأنه خدع الجمهور فى المعاملات ولا يشترط القانون أن يكون التقليد متقناً بحيث ينخدع به الفاحص المدقق بل يكفي أن يكون بين الختمين أو العلامتين المقلدة والصحيحة تشابه قد يسمح بالتعامل بها أو أن ينخدع بعض الناس فيها ، وأن العبرة فى التقليد بأوجه الشبهة لا بأوجه الخلاف بحيث يكون من شأنه أن ينخدع فيه الجمهور فى المعاملات دون أن يشترط أن يكون الانخداع قد حصل وتم فعلاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة فى جريمة إخفاء الإيصالات المتحصلة من جناية تزوير المنصوص عليها فى المادة 44 مكرراً من قانون العقوبات أن يبيّن فوق اتصال المتهم بالإيصالات المزورة أنه كان يعلم علم اليقين بأنها متحصلة من جريمة تزوير أو أن تكون الوقائع – كما أثبتها الحكم – تفيد بذاتها توافر هذا العلم وأن يستخلصها استخلاصاً سائغاً كافياً لحمل قضائه . لما كان ذلك ، وكانت الوقائع التي أثبتها الحكم فى مدوناته وما أورده تدليلاً عليها ، لا يتضمن ولا يكفي لتوافر القصد الجنائي فى جريمة التزوير – كما هو معرف بها فى القانون – كما خلا الحكم من بيان ثبوت جريمة تقليد الأختام والأدلة التي استقى منها ذلك ، ولم يف ببحث أوجه التشابه بين الأختام الصحيحة والمقلدة ، كما لم يتحدث إطلاقاً عن علم الطاعن الثاني بأن الإيصالات المضبوطة بحوزته متحصلة من جناية تزوير ولم يستظهر توافر هذا الركن وكان مجرد ضبط الإيصالات بحوزته لا يفيد – حتما وعلى وجه اللزوم – علمه بذلك ، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور المعجز بما يوجب نقضه والإعادة للطاعنين دون المحكوم عليه الثالث ..... لأن الحكم بالنسبة إليه غير نهائي لصدوره عليه غيابياً فلا يمتد إليه نقض الحكم المطعون فيه .
( الطعن رقم 22869 لسنة 76 ق - جلسة 2007/06/10 - س 58 ص 448 ق 89 )
4ـ من المقرر أن جناية تقليد ختم أو علامة إحدى المصالح أو إحدى جهات الحكومة المنصوص عليها فى المادة 206 من قانون العقوبات تتحقق متى كان التقليد من شأنه خدع الجمهور فى المعاملات ، ولا يشترط القانون أن يكون التقليد متقناً بحيث ينخدع به الفاحص المدقق بل يكفي أن يكون بين الختمين أو العلامتين المقلدة والصحيحة تشابه قد يسمح بالتعامل بها ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت هذه الجريمة فيما أورده من قوله : "...... وشهد ...... مدير عام التفتيش الفني على أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي أنه أشرف على عملية فحص توكيلات تأسيس حزب ...... واعتمد تصرفات الخبراء المعنيين بالفحص وأن نتيجة الفحص الفني أثبتت أن طريقة تقليد أختام شعار الجمهورية والأختام الكودية لمكاتب توثيق الشهر العقاري تمت بواسطة طابعة كمبيوترية ملونة تعمل بتقنية نفث الحبر وتم ذلك بأخذ نماذج من الأختام الخاصة بمكاتب التوثيق بواسطة جهاز الماسح الضوئي " سكانر " المرفق بجهاز الحاسب الآلي حيث تظهر صورة الأختام على شاشة الجهاز ثم يتم عمل إطار على الأختام المراد تقليدها ثم يتم قص هذا الإطار وما به من أختام والاحتفاظ به فى ملف مستقل ثم يتم عقب ذلك الدخول إلى برنامج خاص بمعالجة الصورة التحكم فى درجة اللون ودرجة نقاء الصورة ثم يتم استخدام تلك الإمكانيات الفنية لتظهر صورة الخاتم كما لو كان هذا الخاتم هو بالفعل خاتم مكتب التوثيق وعقب ذلك يتم وضع نماذج التوكيلات فى طابعة الجهاز ثم إعطاء أمر طباعة للأختام عقب التحكم فى مواضعها بالوجهة المراد أن تظهر عليها ثم تبدأ الطابعة فى لإنتاج وتظهر التوكيلات وعليها بصمات أختام مكتب التوثيق ، ويضيف أن الفحص أثبت وجود أوجه تشابه بين الأختام التي تم تقليدها والأختام الأصلية ويتمثل ذلك فى الشكل العام للختم ثم دائرية الختم ووجود إطارين دائريين ونقش الشعار والبيانات الإطارية مثل " ...... " مكتب ...... ، فرع توثيق ...... ، وكذلك النقوش الإطارية وبالنسبة للخاتم الكودى تشابها أيضاً من حيث شكله الخارجي على الرغم من اختلاف الرقم الكودى المنسوب لمكتب توثيق عن آخر إلا أن هذا الاختلاف لا يستطيع اكتشافه إلا الخبير أو المتخصص ، كما أن بعض الاختلافات التي وجدت على عدد من التوكيلات نتيجة استخدام طابعة الجهاز فى طباعة كميات كبيرة مثل صغر حجم الخاتم أو كبره عن الحجم الطبيعي وعدم ضبط الاستدارة فى بعض التوكيلات فضلاً عن سطحية مكونات البصمة على الأوراق ، فإن الشخص الطبيعي لا يستطيع اكتشاف أيضاً الاختلافات ولابد أن يكون خبيراً أو متخصصاً حتى يستطيع ذلك . " ، وفي قوله : " وحيث إنه عن جريمة تقليد ختم أو علامة إحدى المصالح أو إحدى جهات الحكومة المنصوص عليها فى المادة 206 عقوبات واستعمالها فركنها المادي هو صناعة أو اصطناع شيء ما على مثال الشيء الذي يشمله القانون بالحماية أو إعطاء الشيء المصطنع شكله المقرر له قانوناً لو كان صحيحاً سواء تعلق التغيير بالكتابة التي يحملها أو بالرموز أو الإشارات أو الرسومات أو الشكل العام له ، ويهدف الجاني إلى جعل الشيء محققاً مصلحة له ما كان يستطيع تحقيقها لو ظل الشيء على أصله صحيحاً وتتحقق جريمة التقليد متى كان من شأن التقليد خدع الجمهور فى المعاملات ولا يشترط القانون أن يكون التقليد متقناً بحيث ينخدع به الفاحص المدقق بل يكفي أن يكون بين الخاتمين أو العلامتين المقلدتين والصحيح منها من التشابه ما تكون به مقبولة فى التعامل وتقليد الختم أو العلامة لا يقتصر على آلة الختم أو العلامة وإنما يشتمل أيضاً على الأثر الذي ينطبع عند استعمالها ولا يشترط فى جريمة التقليد السالفة أن يكون الجاني قد قلد بنفسه خاتماً أو علامة من علامات الحكومة بل يكفي أن يكون التقليد قد تم بواسطة غيره طالما أنه كان مساهماً معه فيما قارفه فقد سوى المشرع بين من قلد بنفسه الخاتم أو العلامة وبين من يرتكب ذلك بواسطة غيره مما جعل مرتكب التقليد فى الحالتين فاعلاً للجريمة ، وعلى ذلك فانه إذا حرض شخص غيره على التقليد أو ساعده عليه فارتكب الفعل بناء على ذلك فكلاهما فاعل للجناية والقصد الجنائي الذي يتطلبه القانون فى تلك الجريمة هو قصد خاص قوامه العلم بتجريم الفعل ونية استعمال الشيء المقلد استعمالا ضاراً بمصلحة الحكومة أو بمصلحة الأفراد كى يحقق لنفسه أو لغيره المصلحة التي استهدفها بذلك وهو مفترض من ارتكاب التقليد وعلى المتهم وحده إثبات عكس هذا القصد ، وإثبات جرائم تقليد الأختام أو العلامات لم يجعل القانون الجنائي له طريقاً خاصاً وعلى ذلك فللقاضي أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها ، وكان واقع الحال الثابت فى أوراق الدعوى من اعتراف المتهم الثاني أنه بعد أن اتفق معه المتهم الأول على تزوير التوكيلات وفي سبيل تنفيذ ما كُلف به لجأ إلى المتهم الرابع ...... لما لديه من خبرة فى استخدام الحواسب الآلية فقام الأخير بإعداد مجموعة من نماذج أختام شعار الجمهورية والكودية الخاصة بمكاتب الشهر العقاري والتوثيق مكاتب توثيق ...... و...... و...... و...... وذلك من خلال الصور الضوئية لعدة توكيلات من تلك التي أمده المتهم الأول بها بإدخالها فى جهاز الكمبيوتر عن طريق الماسح الضوئي " سكانر " ثم التدخل بالتقنيات الفنية للجهاز وإنشاء إطار حول كل خاتم من تلك الأختام الموجودة على التوكيل ثم اقتطاعه ووضعه إلى الجانب من الشاشة ثم حذف التوكيل بعد ذلك بباقي محتواه ليتخلف على شاشة الكمبيوتر مجموعة الأختام ثم القيام عقب ذلك بالتدخل باستعمال برنامج التلوين لضبط ألوان الأختام إلى أن يصير لونها مماثلاً للون الأختام الصحيحة ثم يلى هذا وضع نماذج توكيلات حزب .... فى الطابعة سواء كان مدون بها بيانات الموكلين أم خالية منها ويجرى طباعة الأختام على هذه النماذج لتظهر التوكيلات ترتيباً على ذلك وكأنها صحيحة وقد اعترف المتهم الرابع بأنه الذي قام بتلك المهمة كما اعترف المتهم الثالث أيضاً بأنه سلم المتهم الأول عدداً من التوكيلات وكان يبدى ملاحظاته على الأختام الموضوعة عليها من ناحية الحجم والاستدارة وطلب منه المتهم الأول تلافي تلك الملاحظات ، الأمر الذي يجزم باقتراف المتهم الرابع واقعة تقليد أختام وعلامات الجهات الحكومية الثابتة على التوكيلات المزورة بنفسه وأن المتهمين الأول والثاني والثالث قد اقترفوها بواسطته وهم جميعاً على علم تام بتجريم الفعل وقد اتجهت نيتهم إلى استعمال هذه الأختام والعلامات المقلدة استعمالاً ضاراً بمصلحة الحكومة كى يحققوا للمتهم الأول المصلحة التي استهدفها بذلك ولم يقم أي من المتهمين بإثبات عكس هذا القصد ، وقد أثبت التقرير الفني أن الأختام والعلامات الموضوعة على التوكيلات المزورة مقلدة على الجهات التي نسبت إليها على النحو الموضح بالتقرير الفني والسابق سرد محتواه تفصيلاً بالحكم ، فأضحوا جميعاً فاعلين أصليين فى الجريمة فمن ثم فإن هؤلاء الجناة يكون قد توافر بحقهم عناصر جناية تقليد الخاتم والعلامة واستعمالها وحق عقابهم بمقتضى نص المادة 206 عقوبات . " فإن ما أورده الحكم على السياق المتقدم بما فى ذلك أقوال الخبير المختص ، كافياً فى بيان تحقق المحكمة بنفسها من تقليد الأختام موضوع الجريمة المسندة إلى الطاعنين وتقرير أوجه التشابه بين تلك الأختام المقلدة والأختام الصحيحة بما تتوافر به عناصر تلك الجريمة ، ويكون النعي على الحكم فى هذا الخصوص بدعوى القصور غير سديد .
( الطعن رقم 13196 لسنة 76 ق - جلسة 2006/05/18 - س 57 ص 636 ق 69 )
5ـ من المقرر أنه لا يشترط فى جريمة التقليد المنصوص عليها فى المادة 206 من قانون العقوبات أن يكون الجاني قد قلد بنفسه خاتم أو تمغة أو علامة إحدى الجهات الحكومية بنفسه ، بل يكفى أن يكون التقليد قد تم بواسطة غيره ، ما دام كان مساهماً معه فيما قارفه ، فقد سوى الشارع بين من قلد بنفسه شيئاً مما تقدم وبين من يرتكب ذلك بواسطة غيره ، مما يجعل مرتكب التقليد فى الحالتين فاعلاً أصلياً فى الجريمة ، وهو ما ثبت توافره فى حق الطاعن على ما خلص إليه الحكم المطعون فيه ، فإن النعى على الحكم فى هذا الصدد يكون غير سديد .
( الطعن رقم 32867 لسنة 74 ق - جلسة 2005/12/25 - س 56 ص 823 ق 111 )
6ـ لما كانت العلامات المعاقب على تقليدها بالمادة 206 من قانون العقوبات هي الإشارة والرموز الخاصة ببعض المصالح الأميرية أو السلطات العامة والتي تصطلح على استعمالها لغرض من الأغراض أو للدلالة على معنى خاص أياً كان نوعها أو شكلها وهي تنطبق على الآلة التي تشتمل على أصل العلامة أو على الأثر الذي ينطبع عند استعمالها ولما كان الخاتم الذي تم تقليده إنما هو شعار خاص بمركز قلب وصدر........اصطلح على استعماله لغرض معين هو الختم به على الشهادات الصحية المستوفية لشروطها فهو بهذه المثابة يعتبر علامة مميزة له ودالة عليه وتقليده لا شك فعل مؤثم. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت استناداً إلى الأدلة السائغة الكافية المشار إليها فيما تقدم أن جريمتي التزوير والتقليد تمتا بتدبير الطاعن ومشاركة المجهول فى اصطناع الشهادتين والتوقيع عليهما بتوقيعات منسوبة زوراً إلى موظفي المركز الطبي وبصمتهما بخاتم مقلد لخاتمه الصحيح، فإن ما يثيره الطاعن بشأن انتفاء جريمتي التزوير والتقليد لا يكون سديداً .
( الطعن رقم 8712 لسنة 62 ق - جلسة 2000/12/14 - س 51 ص 834 ق 164 )
7ـ إن الشارع فى الباب السادس عشر من قانون العقوبات قد اختط فى العقاب على تقليد الأختام والعلامات وتزوير المحررات واستعمالهما خطة تدرجت بحسب طبيعة الجهة المنسوب إليها الختم المقلد أو العلامة ونوع المحرر المزور ، فرصد فى المادة 206 من قانون العقوبات عقوبة الأشغال الشاقة أو السجن إذا كان محل جريمة التقليد أو التزوير أو الاستعمال ختم أو علامة لاحدى مصالح أو جهات الحكومة ، وفى المادة 206 مكرراً عقوبة السجن لمدة خمس سنوات إذا كان محل الجريمة ختم أو علامة احدى الشركات المساهمة أو احدى الجمعيات التعاونية أو النقابات المنشأة طبقاً للأوضاع المقررة قانوناً أو احدى المؤسسات أو الجمعيات المعتبرة ذات نفع عام ، وعقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات إذا كان محلها ختم أو علامة مؤسسة أو شركة أو جمعية أو منظمة أو منشأة تساهم الدولة أو احدى الهيئات العامة فى مالها بنصيب ما بأية صفة كانت ، وفى المادة 208 عقوبة الحبس إذا كان محل الجريمة ختم أو علامة لاحدى الجهات أياً كانت أو الشركات المأذونة من قبل الحكومة أو أحد البيوت التجارية ، كما رصد فى المادة 211 من القانون ذاته عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن على تزوير المحررات الرسمية إذا كان مرتكب التزوير صاحب وظيفة عمومية ، وفى المادة 212 عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو عقوبة السجن مدة أكثره عشر سنين إذا كان مرتكب التزوير من غير الموظفين العموميين ، وفى المادة 214 عقوبة الأشغال المؤقتة أو السجن من ثلاث سنين إلى عشر على استعمال المحررات الرسمية المزورة مع العلم بذلك ، وفى المادة 214 مكرراً عقوبة السجن مدة لا تزيد على خمس سنين لكل تزوير أو استعمال يقع فى محرر لاحدى الشركات المساهمة أو احدى الجمعيات التعاونية أو النقابات المنشأة طبقاً للأوضاع المقررة قانوناً أو احدى المؤسسات أو الجمعيات المعتبرة ذات نفع عام وعقوبة السجن مدة لا تزيد على عشر سنين إذا كان محل الجريمة محرر لاحدى الجهات السابقة أو لأية مؤسسة أو منظمة أو منشأة أخرى وكان للدولة أو لاحدى الهيئات العامة نصيب فى مالها بأية صفة كانت .
( الطعن رقم 7704 لسنة 66 ق - جلسة 1998/04/12 - س 49 ص 532 ق 69 )
8ـ لما كان الحكم قد إعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جميعاً وهى جناية تزوير محررات رسمية وجناية تقليد أختام للحكومة وإستعمالها مرتبطة إرتباطاً لا يقبل التجزئة فى حكم المادة 32 / 2 من قانون العقوبات وأنها كلها جريمة واحدة وأوقع عليه العقوبة التى تدخل فى نطاق العقوبة المقررة قانوناً لجناية تقليد أختام الحكومة وإستعمالها المنصوص عليها فى المادة 206 من قانون العقوبات ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بالنسبة لجناية تزوير المحررات الرسمية لا يكون سديداً .
( الطعن رقم 12766 لسنة 63 ق - جلسة 1995/04/18 - س 46 ص 752 ق 111 )
9ـ لما كانت العلامات المعاقب على تقليدها بالمادة 206 من قانون العقوبات هى الاشارات والرموز الخاصة ببعض المصالح الاميرية أو السلطات العامة والتى يصطلح على أستعمالها لغرض من الاغراض أو للدلالة على معنى خاص أياً كان نوعها أو شكلها وهى تنطبق على الألة تشتمل على أصل العلامة أو على الاثر الذى ينطبع عند استعمالها . لما كان ما تقدم ، وكان الحكم قد أثبت فى حق الطاعن أنه قلد خاتمين لشعار الدولة احدهما لسجل مدنى ...... والآخر لمنطقة ......التعليمية وقام بوضع بصمة الخاتم الاخير المقلدة على عدد من شهادات محو الأمية ، وكان تقليد هذين الخاتمين ينطبق عليهما من التأثيم ما ينطبق على الأثر الناتج عن استعمالهما فإن الحكم إذ أعمل المادة 206 من قانون العقوبات فى حق الطاعن يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحاً .
( الطعن رقم 17084 لسنة 62 ق - جلسة 1994/07/12 - س 45 ص 770 ق 120 )
10ـ لا يشترط فى جريمة التقليد المنصوص عليها فى المادة 206 من قانون العقوبات، أن يكون الجاني قد قلد بنفسه خاتم أو تمغة أو علامة، إحدى الجهات الحكومية بنفسه، بل يكفي أن يكون التقليد قد تم بواسطة غيره، ما دام كان مساهماً معه فيما قارفه، فقد سوى الشارع بين من قلد بنفسه شيئاً مما تقدم، وبين من يرتكب ذلك بواسطة غيره، مما يجعل مرتكب التقليد فى الحالتين فاعلاً أصلياً فى الجريمة .
( الطعن رقم 365 لسنة 56 ق - جلسة 1986/04/16 - س 37 ع 1 ص 483 ق 98 )
11ـ إن القصد الجنائي الذي يتطلبه القانون فى المادة 206 من قانون العقوبات التي أخذ الحكم الطاعن بها فى جريمة التقليد - وهو قصد خاص قوامه فيه استعمال الشئ المقلد أو المزور استعمالا ضارا بمصلحة الحكومة أو بمصلحة الأفراد - مفترض من التقليد أو التزوير ، وعلى المتهم وحده إثبات عكس هذا القصد، وإذ كانت مدونات الحكم تفيد أن الطاعن هو الذي اقترف جريمة التقليد المسندة إليه ، ولم يدع الطاعن بأسباب طعنه أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن قصده من التقليد إنما كان اختبار قدرته عليه فحسب ، وأنه أثبت ذلك لديها بما ينتفي به توافر القصد الجنائي فى الجريمتين المسندتين إليه ، فإنه لا يقبل منه إثارة دعوى انتفاء نية استعماله المحررين المزورين لأول مرة أمام محكمة النقض .
( الطعن رقم 5506 لسنة 55 ق - جلسة 1986/01/29 - س 37 ع 1 ص 163 ق 34 )
12ـ لما كانت العلامات المعاقب على تقليدها بالمادة 206 من قانون العقوبات هى الإشارات والرموز الخاصة ببعض المصالح الأميرية أو السلطات العامة والتى إصطلح على إستعمالها لغرض من الأغراض أو للدلالة على معنى خاص أياً كان نوعها وشكلها والمراد بالعلامة فى هذا المقام الآلة الطابعة التى تشتمل على أصل العلامة أو الأثر الذى ينطبع عند إستعمالها و لا يشترط فى جريمة التقليد المنصوص عليها فى المادة آنفة الذكر أن يكون الجاني قد قلد بنفسه علامة من علامات الحكومة بل يكفى أن يكون التقليد فى الحالتين فاعلاً للجريمة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد فى معرض سرده لوقائع الدعوى أن المطعون ضده قد قلد بواسطة غيره أكلشيه شهادة محو الأمية الخاص بوزارة التربية والتعليم ، فإنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضده رغم أن التقليد قد إنصب على رمز خاص بتلك الوزارة يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه . ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن أن تقول كلمتها فى موضوع الدعوى مما يتعين معه أن يكون النقض مقروناً بالإحالة .
( الطعن رقم 6181 لسنة 53 ق - جلسة 1984/03/05 - س 35 ص 246 ق 51 )
13ـ لما كان من المقرر أن جناية تقليد ختم أو علامة إحدى المصالح أو إحدى جهات الحكومة المنصوص عليها فى المادة 206 من قانون العقوبات تتحقق متى كان التقليد من شأنه خدع الجمهور فى العلامات ، ولا يشترط القانون أن يكون التقليد متقناً بحيث ينخدع به الفاحص المدقق بل يكفى أن يكون بين الختمين أو العلامتين المقلدة والصحيحة تشابه قد يسمح بالتعامل بها ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من بيان وجه ثبوت جريمتى تقليد الختم وإستعماله والأدلة التى إستقى منها ذلك . فإنه يكون معيباً بالقصور لهذا السبب أيضاً بما يوجب نقضه و الإعادة .
( الطعن رقم 1017 لسنة 53 ق - جلسة 1984/02/22 - س 35 ص 184 ق 36 )
14ـ العلامات المعاقب على تقليدها بالمادة 206 من قانون العقوبات هى الأشارات والرموز الخاصة ببعض المصالح الأميرية أو السلطات العامة والتى يصطلح على إستعمالها لغرض من الأغراض أو للدلالة على معنى خاص أياً كان نوعها أو شكلها ، وهى تنطبق على الآلة التى تشتمل على أصل العلامة أو على الأثر الذى ينطبع عند إستعمالها ، لما كان ذلك ، وكان الختمان اللذان حصل تقليدهما لطابع التمغة فئة المائة وخمسين مليماً وينطبق على تقليدهما من التأثيم ما ينطبق على الأثر الناتج عن إستعمالها فإن هذا التقليد يكون الجريمة المعاقب عليها بمادة الإتهام ، ويكون نعى الطاعن بأن ما نسب إليه ليس سوى أعمال تحضيرية غير معاقب عليها غير سديد .
( الطعن رقم 4589 لسنة 51 ق - جلسة 1982/02/16 - س 33 ص 218 ق 44 )
15- من المقرر فى جرائم التقليد أن العبرة بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف، وأن جناية تقليد ختم أو علامة إحدى المصالح أو إحدى جهات الحكومة المنصوص عليها بالمادة 206 من قانون العقوبات تتحقق متى كان التقليد من شأنه خدع الجمهور فى المعاملات ولا يشترط القانون أن يكون التقليد متقنا بحيث ينخدع به الفاحص الدقيق بل يكفي أن يكون بين الختمين أو العلامتين المقلدة والصحيحة تشابه قد يسمح بالتعامل بها، ولا يقدح فى ذلك أن كون التقليد ظاهرا، ما دام من شأنه أن يخدع الناس .
( الطعن رقم 2082 لسنة 48 ق - جلسة 1979/06/11 - س 30 ع 1 ص 669 ق 143 )
16ـ إن القاعدة المقررة فى جرائم التقليد تقضي بأن العبرة بأوجه الشبهة لا بأوجه الخلاف، وأن جناية تقليد ختم أو علامة إحدى المصالح أو إحدى جهات الحكومة المنصوص عليها بالمادة 206 من قانون العقوبات تتحقق متى كان التقليد من شأنه خدع الجمهور العلامات ولا يشترط القانون أن يكون التقليد متقناً بحيث ينخدع به الفاحص المدقق، بل يكفي أن يكون بين الختمين أو العلامتين المقلدة والصحيحة تشابه قد يسمح بالتعامل بها، ولا يقدح فى ذلك كون التقليد ظاهراً، ما دام من شأنه أن يخدع الناس. وكان الأمر المطعون فيه قد خالف هذا النظر إذ أسس قراره على ما بين الطابعين الصحيح والمقلد من أوجه التباين دون وجوه التشابه بينهما، والتفت فى نفس الوقت عما حصله تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من أن طوابع البريد المضبوطة مزيفة بدرجة لا بأس بها وأنها تتحد فى مظهرها العام مع الطابع الصحيح من نفس الفئة والطبعة فإنه يكون قد أخطأ صحيح القانون بما يستوجب نقضه .
( الطعن رقم 1522 لسنة 44 ق - جلسة 1974/12/15 - س 25 ص 859 ق 186 )
17ـ العلامات المعاقب على تقليدها بالمادة 206 من قانون العقوبات هى الإشارات والرموز الخاصة ببعض المصالح الأميرية أو السلطات العامة والتى تصطلح على إستعمالها لغرض من الأغراض أو للدلالة على معنى خاص أياً كان نوعها أو شكلها ، وهى تنطبق على الآلة التى تشتمل على أصل العلامة أو على الأثر الذى ينطبع عند إستعمالها . ولما كانت الإشارات التى حصل تقليدها إنما هى شعارات خاصة بمجزر الأسكندرية إصطلح على إستعمالها لغرض معين وهو الختم بها على اللحوم التى تذبح فيه بحيث تتغير يومياً لدلالة خاصة فهى بهذه المثابة تعتبر علامة مميزة له ودالة عليه فى يوم معين ، وتقليدها لا شك فعل مؤثم .
( الطعن رقم 2793 لسنة 32 ق - جلسة 1963/02/05 - س 14 ع 1 ص 107 ق 23 )
18 - المادة 210 من قانون العقوبات والتي وردت ضمن مواد الباب السادس عشر " التزوير" الكتاب الثاني من هذا القانون نصت على أنه : " الأشخاص المرتكبون لجنايات التزوير المذكور بالمواد السابقة يعفون من العقوبة إذا أخبروا الحكومة بهذه الجنايات قبل تمامها وقبل الشروع في البحث عنهم وعرفوها بفاعليه الآخرين أو سهلوا القبض عليهم ولو بعد الشروع في البحث المذكور. " ومفاد هذا النص في صريح لفظه وواضح دلالته أن الإعفاء من العقوبة المار بيانه لا يجد سنده التشريعي إلا في جنايات التزوير المنصوص عليها في المادتين 206 ، 206 مكرراً في القانون المذكور على سبيل الحصر فلا يصح التوسع في تفسيرها وكانت النصوص المتعلقة التي ترتد كلها إلى مبدأ جامع هو ممارسة الحق أو القيام بالواجب، وعلى ذلك فلا يجوز للقاضي أن يعفى من العقوبة إلا إذا انطبقت شروط الإعفاء في النص التشريعي على الواقعة المؤثمة انطباقاً تاماً سواء من ناحية كنهها أو ظروفها أو الحكمة التي تغياها المشرع من تقرير الإعفاء وكان التزوير في محرر رسمي واستعماله المنصوص عليهما في المادتين 213 ، 214 والتي دين الطاعن بهما من قانون العقوبات لا يندرجان تحت حالات الإعفاء المشار إليها على سبيل الحصر، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عاقب الطاعن بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة مع إيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات ولم يقض بعقوبة العزل عملاً بالمادة 27 من قانون العقوبات ، وكان البين من الحكم الغيابي الصادر بتاريخ 15/7/2021 أنه أغفل القضاء بالعزل عملاً بالمادة 27 من قانون العقوبات ، وكان مفاد نص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 95 لسنة 2003 أن محكمة الجنايات تتقيد سلطتها في نطاق العقوبة بما قضي به الحكم الغيابي ، بحيث لا يجوز لها عند إعادة نظر الدعوى تشديد أو تغليظ العقوبة التي قضي بها الحكم الغيابي خلافاً لما كان عليه الحال قبل تعديل المادة سالفة البيان ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر عند إعادة إجراءات محاكمة الطاعن حضورياً ، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يضحى على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
( الطعن رقم 6006 لسنة 92 ق - جلسة 14 / 11 / 2023 )
جنايات تقليد أو تزوير أو إستعمال الأختام أو العلامات أو التمغات الصادرة عن الحكومة أو إدخالها فى البلاد :
تمهيد : نصت على هذه الجنايات المادة 206 من قانون العقوبات في قولها « يعاقب بالسجن المشدد أو السجن كل من قلد أو زور شيئاً من الأشياء الآتية سواء بنفسه أو بواسطة غيره وكذا كل من إستعمل هذه الأشياء أو أدخلها في البلاد المصرية مع علمه بتقليدها أو تزويرها . وهذه الأشياء هي : أمر جمهوري أو قانون أو مرسوم أو قرار صادر من الحكومة خاتم الدولة أو إمضاء رئيس الجمهورية أو ختمه أختام أو تمغات أو علامات إحدى المصالح أو إحدى جهات الحكومة ختم أو إمضاء أو علامة أحد موظفي الحكومة أوراق مرتبات أو بونات أو سراکی أو سندات أخرى صادرة من خزينة الحكومة أو فروعها تمغات الذهب أو الفضة » .
يشير هذا النص إلى جنايات ثلاث متميزة فيما بينها: التقليد أو التزوير؛ وإستعمال الشيء المقلد أو المزور؛ وإدخال هذا الشيء إلى البلاد. والنتيجة المترتبة على الإستقلال فيما بينها أنه إذا إرتكب شخص جنايتين أو أكثر، كما لو قلد أو زور ثم إستعمل أو أدخل في البلاد، تعددت جرائمه، وإن وقعت عليه في الغالب عقوبة واحدة، بالنظر إلى الإرتباط ووحدة الغرض اللذين يجمعان بين جرائمه .
وتقوم كل جناية على أركان ثلاثة : موضوع، هو أحد الأشياء التي أشار النص إليها ؛ ورکن مادی قوامه أحد الأفعال التي نص الشارع عليها، وركن معنوي يتخذ صورة القصد الجنائي .
1- موضوع جنايات التقليد أو التزوير أو الاستعمال أو الإدخال في البلاد :
تمهيد : حدد الشارع على سبيل الحصر الأشياء التي تصلح موضوعاً لهذه الجنايات .
ونحدد فيما يلي ما يعنيه بكل منها :
أمر جمهوري أو قانون أو مرسوم أو قرار صادر من الحكومة : يشير الشارع بهذه الألفاظ إلى محررات رسمية تتضمن تعبيراً عن إرادة الدولة في شأن تختص به . وتفهم هذه الألفاظ وفق معانيها المستقرة في القانون العام . وقد أراد الشارع بها أن يشير إلى جميع الأعمال الإرادية للدولة على اختلاف مراتبها وتدرجها، وتعبير « قرار صادر عن الحكومة » متسع الدلالة، إذ يشمل كل ما يصدر بإسم الدولة من تعبير عن إرادتها عن طريق هيئة رسمية أو موظف عام في المجال الذي يختص به، كقرار مجلس الوزراء أو قرار وزير أو مجلس محافظة أو قرار محافظ أو قرار مجلس جامعة أو مجلس كلية .
خاتم الدولة أو إمضاء رئيس الجمهورية أو ختمه : خاتم الدولة يراد به خاتمها الرسمي الكبير الذي يحمل شعارها، ويعني وضعه على محرر إرتباط الدولة بما تضمنه . وتبصم الدولة بهذا الخاتم على المعاهدات وأوراق الإعتماد والقوانين والمراسيم وبعض الوثائق الرسمية الهامة. وسواء أن ينصب فعل التقليد أو التزوير على آلة الخاتم أو على أثرها المنطبع وسواء كذلك أن يتعلق الفعل بالخاتم الحالي للدولة أو بخاتم سابق لها، أو بإمضاء أو خاتم الرئيس الحالي للدولة أو رئيس أو ملك سابق إذا نسب المحرر الذي وضع عليه هذا الخاتم أو الإمضاء إلى العهد الذي كانت له فيه قوة إلزام الدولة .
أختام أو تمغات أو علامات إحدى المصالح أو إحدى جهات الحكومة :
أختام إحدى المصالح أو إحدى جهات الحكومة يراد بها أختام أية جهة تمارس جزءاً من إختصاص الدولة، وتحوز تبعاً لذلك قسطاً من السلطة العامة ؛ وسواء أكانت جزءاً من الحكومة المركزية أم كانت هيئة لا مركزية ويطبق النص طالما ثبتت للخاتم الصفة الرسمية السابقة، ولو عهدت الدولة إلى هيئة خاصة باستعماله نيابة عنها . ويطبق كذلك ولو ألغيت المصلحة المنسوب إليها الخاتم أو عدل شكله، طالما بصم به على محرر أسند إلى الوقت الذي كانت فيه هذه المصلحة قائمة أو كان للخاتم الشكل الذي أعطاه له المتهم وسواء أن يتعلق الفعل بآلة الخاتم أو ببصمته .
ويراد بالتمغة الطابع الذي تحمله بعض الأوراق الرسمية تأكيداً لصفتها وضماناً لصدورها عن الدولة، كأوراق العرائض والشهادات العلمية .
أما العلامات، فيراد بها رموز تعتبر شعاراً لإحدى المصالح، وتعني في الغالب تصرفها على وجه معين إزاء الشيء الذي وضعت عليه، ومثالها الرمز الذي تضعه مصلحة الجمارك على بضاعة دلالة على سداد الرسوم المقررة عليها، والرمز الذي يضعه مجزر رسمي على ذبيحة دلالة على ذبحها فيه بعد التحقق من استيفاء الشروط الصحية المتطلبة لذلك . وتعد علامات وطوابع البريد والضرائب من قبيل العلامات التي نص الشارع عليها، إذ يصدق عليها أنها صادرة عن إحدى المصالح أو جهات الحكومة، وهي بالإضافة إلى ذلك دالة على أداء رسوم مستحقة .
ومن عناصر فكرة التمغة أو العلامة رمزها إلى مصلحة حكومية بحيث تحمل بياناً أو إشارة يفصح عن صدورها عن هذه المصلحة، ولذلك لم تعتبر من قبيل العلامة الصفائح المعدنية التي يحملها رجال الشرطة في ملابسهم وتثبت فيها أرقامهم، والصفائح المعدنية التي توضع على السيارات وتحمل أرقامها ويجب أن تكون دلالة العلامة على هذه المصلحة « دلالة توثيق » لا مجرد « دلالة إفراد وتمييز فحسب »، بحيث تكون حجة عليها ودليلاً قانونياً ملزماً لها، ومكسباً للغير حقاً إزاءها على تصرفها في شأن تختص به على وجه معین وتطبيقاً لذلك فإن تعبير العلامة لا ينصرف إلى الإشارات التي تعتبر مجرد حلية أو زينة كالأعلام أو الملابس الخاصة .
ويصدق على التمغات والعلامات ما قدمناه بالنسبة للأختام من أنه يستوي أن ينصب الفعل على الآلة أو على أثرها المنطبع، وأنه يستوي كذلك أن يتعلق بتمغة أو علامة حالية، أو بتمغة أو علامة ألغيت بعد أن ظلت خلال فترة من الزمن ذات قيمة رسمية .
ختم أو إمضاء أو علامة أحد موظفي الحكومة : الختم والإمضاء ظاهراً المعنى ؛ أما العلامة فيراد بها « الإمضاء المختصرة » التي إعتاد موظف عام إستعمالها في التوقيع على الأوراق الرسمية كبديل عن إمضائه المعتادة، وصارت دلالة هذه العلامة معروفة لذوي الشأن، وإكتسبت بذلك حجية خاتم الموظف أو إمضائه المعتادة . ويفترض الشارع أن الختم أو الإمضاء أو العلامة متعلق بالعمل الرسمي للموظف لا بمصالحه وشئونه الخاصة وسواء أن يتعلق الفعل بألة الختم أو بأثره المنطبع .
أوراق مرتبات أو بونات أوسراکی وسندات أخرى صادرة عن خزينة الحكومة أو فروعها : يشير الشارع بذلك إلى نوع من المحررات الرسمية بتميز بخصيصتين : الأولى، أن له قيمة مالية ؛ والثانية، أنه يقرر مديونية الخزانة العامة إزاء شخص، سواء أكان هذا الشخص معيناً بإسمه أم كان حامل السند أياً كان ويفترض الشارع أن السند صادر عن الخزانة الوطنية، ومن ثم لا تمتد حماية القانون إلى السندات الصادرة عن خزانة أجنبية .
تمغات الذهب أو الفضة : التمغة في هذا المدلول هي العلامة التي توضع على أحد هذين المعدنين، سواء كان في صورة سبيكة أم كان مصنعاً في صورة حلى أو أدوات مخصصة لاستعمال ما، ضماناً لنوعيته أي أنه ذهب أو فضة وليس معدناً من نوع آخر، وضماناً لعياره .
وتشمل حماية القانون التمغات التي تضعها سلطة أجنبية وسواء أن يكون موضوع الفعل الإجرامي الآلة التي تطبع التمغة، أو أثرها المنطبع .
2- الركن المادي لجنايات التقليد أو التزوير أو الإستعمال أو الإدخال في البلاد :
تمهيد : تقوم كل جناية من هذه الجنايات بأحد الأفعال الآتية : التقليد أو التزوير أو الإستعمال أو الإدخال في البلاد. ويفترض الركن المادي لكل جناية نتيجة وعلاقة سببية تربط بين النتيجة والفعل . وتتمثل النتيجة في الأثر المترتب على أحد الأفعال السابقة : فهي وجود شيء مقلد أو مزور، أو صيرورته بعد إستعماله في حيازة جديدة، أو صيرورته داخل البلاد .
التقليد أو التزوير : التقليد هو صناعة شيء أو إصطناع محرر على مثال الأشياء أو المحررات التي يشملها القانون بحمايته، أي إعطاء الشيء أو المحرر المصطنع شكله المقرر له قانوناً أو عرفاً - لو كان صحيحاً والتزوير يعني إدخال التغيير على الشيء أو المحرر الصحيح أصلاً، سواء تعلق التغيير بالكتابة التي يحملها أو بالرموز والإشارات أو الرسوم أو الشكل العام له؛ ويهدف الجاني بالتزوير إلى جعل الشيء أو المحرر محققاً مصلحة له ما كان يحققها لو ظل على أصله صحيحاً ويكفي لقيام الجناية إرتكاب أحد الفعلين .
ويخضع التقليد والتزوير لذات الضابط الذي سلف تفصيله بالنسبة لجرائم التزييف : فلا يشترط أن يكون التقليد أو التزوير متقناً بحيث ينخدع به ((الفاحص المدقق))، بل يكفي أن يكون بين الشيء المقلد أو المزور والشيء الصحيح من التشابه ما يسمح بقبوله في التعامل، أي ما يخدع به جمهور المتعاملين على ما بينهم من تفاوت ملحوظ في درجات الذكاء والخبرة والحرص وتطبيقاً لذلك، فإن كون التقليد أو التزوير ظاهراً لا يحول دون قيام الجريمة، إذا ما قدر قاضى الموضوع أنه يصلح مع ذلك لخداع جمهور المتعاملين .
وقد نص الشارع على أنه سواء أن يأتي الجاني فعله بنفسه أو بواسطة غيره، ويتضمن ذلك خروجاً على القواعد العامة في التفرقة بين الفاعل والشريك، إذ يعني أن كل شخص ساهم بنصيب ما في الجريمة ولو إتخذت مساهمته صورة التحريض أو الاتفاق أو المساعدة يعتبر فاعلاً لا مجرد شريك .
الإستعمال : يعني الإستعمال كل نشاط يدفع به الشيء أو المحرر المقلد أو المزور لتحقيق غرض من شأنه أن يحققه . وصور الإستعمال عديدة، إذ تضم جميع الأفعال التي يستخدم بها المحرر في غرض يصلح لتحقيقه، سواء تمثل في جلب منفعة للجاني أو لغيره، أو إلحاق الضرر بشخص طبيعي أو معنوي . فيعد إستعمالاً البصم بخاتم مقلد لمصلحة حكومية على ورقة يراد نسبة صدورها إليها، ووضع تمغة الذهب أو الفضة على سبيكة من معدن سواهما، ووضع علامة المجزر الرسمي المزورة على ذبيحة لم تذبح فيه، والتقدم بسند مزور على الخزانة لقبض مبلغه، أو بيعه أو عرضه للبيع أو رهنه أو هبته . ولكن لا يعد إستعمالاً مجرد إبراز الشيء أو المحرر المقلد أو المزور لأنظار الغير، دون أن يصطحب ذلك بعرض التخلي عن حيازته .
الإدخال في البلاد : يعني الإدخال في البلاد جعل الشيء أو المحرر المقلد أو المزور يجتاز الحدود السياسية لإقليم الدولة، بأية وسيلة من وسائل النقل كان ذلك . وقد اقتصر الشارع على تجريم الإدخال في البلاد، فلم يجرم الإخراج منها .
3- الركن المعنوي لجنايات التقليد أو التزوير أو الاستعمال أو الإدخال في البلاد :
نوع القصد المتطلب في هذه الجنايات وعناصره : يتخذ الركن المعنوي لهذه الجنايات صورة القصد، ولكن تثور الصعوبة حين التساؤل عن نوع القصد المتطلب فيها : أيكفي القصد العام أم يتعين توافر القصد الخاص .
تتطلب جناية التقليد أو التزوير توافر قصد خاص، وكذلك تتطلب جناية الإدخال إلى البلاد هذا القصد، ولكن جناية الإستعمال تكتفي بالقصد العام .
فيتعين أن يعلم المقلد أو المزور بماهية فعله وأن من شأنه التقليد أو التزوير، وأن يعلم بماهية الموضوع الذي ينصب عليه فعله، وأن تتجه إرادته إلى ذلك الفعل وآثاره . وبهذا العلم والإرادة يقوم القصد العام . ولكنه غير كاف في جنايات التقليد والتزوير والإدخال في البلاد إذ يتعين أن تتوافر لدى المتهم « نية إستعمال الشيء أو المحرر المقلد أو المزور فيما زوره من أجله »، وتصف محكمة النقض هذا الإستعمال الذي تنصرف إليه النية بأنه « إستعمال ضار بمصلحة الحكومة أو بمصلحة الأفراد .
وتفترض محكمة النقض توافر القصد الخاص إذا ثبت ابتداء توافر القصد العام، ولكن هذا الإفتراض يقبل إثبات العكس، كما لو أثبت المتهم بالتقليد أو التزوير أنه كان يستهدف إجراء تجربة علمية أو الكشف عن مهارة فنية، أو أثبت المتهم بالإدخال أن نيته كانت متجهة إلى تسليم الشيء إلى السلطات العامة .
أما جناية إستعمال الأشياء أو المحررات المقلدة أو المزورة، فيكفي القصد العام لتوافر أركانها : يكفي أن يكون المتهم عالماً وقت إتيانه فعله بتقليد هذه الأشياء أو المحررات أو تزويرها، وأن تتجه إرادته إلى ارتكاب هذا الفعل ويكفى توافر هذا القصد وقت الإستعمال، فلا يشترط توافره وقت إكتساب الحيازة .
القصد الجنائي :
تمهيد : جرائم التزوير في المحررات جرائم عمدية، ومن ثم يتخذ ركنها المعنوى صورة القصد الجنائي . وهذا القصد خاص يفترض أن أولاً : توافر القصد العام الذي يقوم بعلم المتهم بأركان جريمته، واتجاه إرادته إلى الفعل المكون لها ونتيجته ؛ ويفترض ثانياً : « نية » يقوم بها القصد الخاص في التزوير .
تعريف القصد الجنائي في التزوير : القصد الجنائي في التزوير هو « تعمد تغيير الحقيقة في محرر تغييراً من شأنه أن يسبب ضرراً، وبنية استعمال المحرر فيما غيرت من أجله الحقيقة ». وقد رجح هذا التعريف في الفقه والقضاء .
القصد العام في التزوير : يتطلب القصد العام في المقام الأول علماً محيطاً بتوافر جميع أركان التزوير، فيجب أن يعلم المتهم أنه يغير الحقيقة، وأن فعله ينصب على محرر، وأنه يرتكب عن طريق إحدى الطرق التي حددها القانون، وأنه يترتب عليه ضرر حال أو احتمالی .
فيجب أن يعلم المتهم أن يغير الحقيقة بفعله، ويقتضي ذلك أن يعلم بالحقيقة وأن يدرك أن فعله ينتج أثراً مناقضاً لها . ويعني ذلك أن مجرد جهل المتهم بالحقيقة غير كاف لاعتبار القصد متوافراً لديه: فالموظف العام الذي يثبت في محرر ما يمليه عليه ذوو الشأن، وهو جاهل ما تتضمنه أقوالهم من مخالفة للحقيقة لا يعد القصد متوافراً لديه، ومثال ذلك المأذون الذي يثبت انتفاء موانع الزواج في حين أنه قد توافر أحدها ؛ أو يثبت للزوج شخصية غير شخصيته الحقيقية غير عالم بذلك . ولا يقوم الإهمال - وإن كان جسيماً – في تحري الحقيقة مقام العلم الفعلي بها، فلا يكفي لإثبات القصد القول بأن المتهم كان في إمكانه تجنب ذكر ما ينافي الحقيقة : وتطبيقاً لذلك فإن الموثق الذي يثبت لمتعاقد - وفقاً لأقواله - شخصية غير شخصيته جاهلاً مخالفة ذلك للحقيقة، لا يسأل عن تزوير، ولو أخل بالواجب المفروض عليه بالتحقق من شخصية المتعاقدين .
وقد يكون للحقيقة طابع قانونی، فيكون العلم بها مفترضاً العلم بقاعدة قانونية، بحيث لو جهل المتهم هذه القاعدة فقد جهل الحقيقة وصار يعتقد أن فعله لا ينطوي على تغييرها : فقد يجهل الزوجان أو شهود الزواج قواعد الشريعة الإسلامية التي تحرم زواج الأخت من الرضاع أو تحرم الجمع بين المرأة وخالتها أو بين المرأة وعمتها .. فيقررون تبعاً لذلك انتفاء موانع الزواج، والحقيقة هي توافر مانع يجهلونه : في هذه الحالات يعد القصد منتفياً .
ويتطلب القصد الجنائي العلم بأن تغيير الحقيقة ينصب على محرر، ويرتكب عن طريق إحدى الوسائل التي حصرها القانون وهذا النوع من العلم لا يثير صعوبات : فالعلم بأن تغيير الحقيقة ينصب على محرر تفترضه طبيعة الأشياء، ويتلازم وتوافر التمييز لدى المتهم والعلم بأن الفعل يرتكب عن طريق إحدى الطرق التي حصرها القانون هو علم تفترضه القواعد العامة في القصد، إذ هو علم بنطاق النهي الذي يتضمنه قانون العقوبات، ذلك أن الشارع لا يجرم تغيير الحقيقة إلا إذا كان عن طريق إحدى هذه الطرق، والعلم بقواعد التجريم مفترض على نحو لا يقبل إثبات العكس .
ويتطلب القصد الجنائي العلم بأن من شأن تغيير الحقيقة « إحداث ضرر بالغير، سواء أكان الضرر حالاً أم محتمل الوقوع »ومن ذلك يتضح أن القانون لا يتطلب علم المتهم بالضرر الذي ترتب فعلاً على تغيير الحقيقة، ولا يتطلب علمه بأن تغيير الحقيقة لابد أن يؤدي إلى حدوث ضرر، ولكنه يكتفي بالعلم بالضرر الاحتمالي . وقد يكون الضرر الذي تحقق غیر الضرر الذي توقعه المتهم، وقد لا يتحقق الضرر الذي كان محتملاً وقت تغيير الحقيقة، وقد لا يتحقق ضرر على الإطلاق، ولكن ذلك لا يحول دون توافر القصد طالما أنه قد ثبت العلم بالضرر الذي كان محتملاً أن يترتب على تغيير الحقيقة .
ويتطلب القصد العام إتجاه إرادة المتهم إلى الفعل المكون للجريمة والنتيجة المترتبة عليه، أي إلى فعل تغيير الحقيقة وإلى أثره المتمثل في اشتمال المحرر على بيانات مخالفة للحقيقة : فمن يريد وضع بيان في محرر ويكون ظهوره عليه غير متضمن تغييراً للحقيقة، ولكنه يضعه خطأ فى محرر آخر يعد اشتماله عليه مشوهاً للحقيقة فيه لا يعد القصد متوافراً لديه، لأن إرادته لم تتجه إلى أن يتضمن المحرر الثاني بياناً مخالفاً للحقيقة ومن تدس علیه ورقة تتضمن بيانات يعلم أنها مخالفة للحقيقة، فيوقع عليها دون أن يقرأها، معتقداً أنها ورقة أخرى لا يتوافر لديه القصد .
القصد الخاص في التزوير : النية التي يقوم بها القصد الخاص في التزوير هي « نية استعمال المحرر المزور فيما زور من أجله »، وفي تعبير آخر « نية استعمال المحرر المزور في الغرض أو الأغراض التي أعد لها »، وهذه الأغراض تتنوع وتختلف من حالة إلى أخرى إختلافاً كبيراً، فليس في الاستطاعة حصرها، وأن أمكن ردها إلى فكرة تحقيق مصلحة للمتهم أو لغيره .
ومن ذلك يتضح أن العلاقة وثيقة في نفسية المتهم بين تزوير المحرر واستعماله مزوراً : فهدفه لا يتحقق بمجرد التزوير، بل لابد لذلك من فعل تال هو إستعمال المحرر بعد تزويره، ولا يعدو التزوير في ذاته أن يكون مرحلة تحضيرية لإدراك هذا الهدف من أجل ذلك أقام القانون علاقة وثيقة بين التزوير والاستعمال، وقدر أن التزوير لا يكون خطراً على المجتمع إلا إذا ارتكب بنية إستعمال المحرر بعد تزويره وهذه العلاقة نفسية ولا تعتمد على علاقة مادية تقابلها بين التزوير والاستعمال : فليس إستعمال المحرر ركناً في التزوير، إذ الشارع قد فصل بين الجريمتين . ولكن نية إستعمال المحرر المزور هي أحد عناصر التزوير، وقد تتوافر هذه النية على الرغم من أن المحرر قد لا يستعمل .
وإذا انتفت نية استعمال المحرر المزور فيما زور من أجله فقد انتفى القصد الخاص . وتنتفي هذه النية إذا اتجهت نية المتهم إلى غاية لا يتطلب تحقيقها إستعمال المحرر المزور، أي غاية تتحقق بمجرد التزوير : مثال ذلك أن يريد المتهم باصطناع كمبيالة مزورة توضيح الشكل الذي يتطلبه القانون في الكمبيالات أو إثبات مهارته في التقليد أو مجرد المزاح، والفرض أن نيته منصرفة عن الإحتجاج بالكمبيالة المزورة على من زورت عليه .
وإستخلاص هذه النية من شأن قاضي الموضوع، وهو يستعين على ذلك بالقرائن التي تحيط بالفعل . ويعد تمزيق المحرر بعد تزويره وجعل إستعماله مستحيلاً من أهم هذه القرائن .
ويجب تحري القصد في ذات وقت إرتكاب فعل تغيير الحقيقة، فالتزوير شأنه شأن سائر الجرائم يخضع لقاعدة وجوب معاصرة القصد للفعل الإجرامي .
ويخضع القصد الجنائي في التزوير للقاعدة العامة التي تقرر أن الباعث ليس من عناصره، وإن كان نبيلاً فلا ينفيه، كمن يزور لتفريج ضائقة أصابت شخصاً أو لتمكين صاحب حق من الوصول إلى حقه عن طريق خلق سند إثبات لم يكن له وفي العادة يكون الباعث على التزوير هو الإثراء غير المشروع، ولكن يتصور أن يكون الإنتقام أو التخلص من إلتزام، ويتوافر القصد من باب أولى إذا أثبت المتهم ما يخالف الحقيقة مدفوعاً بالرغبة في تفادي بعض مشاق العمل أو إقتصاد الوقت : فالمحضر الذي يثبت في عريضة دعوى كلف بإعلانها أنه قد أعلنها بنفسه في حين أن شخصاً آخر هو الذي أعلنها، أو يثبت أنه سلمها إلى المعلن إليه نفسه في حين أنه سلمها إلى شخص آخر، أو يقرر أنه عاين الأشياء المحجوز عليها في حين أنه لم يفعل ذلك، والموثق الذي يثبت حضور شاهدين أثناء توثيق العقد، في حين أنه لم يحضر شهود أو حضر شاهد واحد فقط، كل أولئك يتوافر القصد لديهم .
والقصد أسهل إثباتاً في التزوير المادي منه في التزوير المعنوي .
ولما كان القصد کياناً نفسياً، فإنه يتصور توافره لدى أحد المساهمين في التزوير وإنتفاؤه لدى مساهم آخر فيه . ( شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، الطبعة السابعة 2012 دار النهضة العربية، الصفحة : 221 )
الركن المادي :
يتخذ الركن المادي في هذه الجريمة إحدى صور ثلاثة :
أولاً : التقليد أو التزوير :
يقصد بالتقليد اصطناع شیء كاذب على نسق شيء صحيح من الأشياء التي نصت عليها المادة 206، ولا يشترط في الشيء المقلد أن يكون مشابهاً تماماً للشيء الصحيح بحيث ينخدع به الفاحص المدقق، وإنما يكفي أن يصل التشابه إلى درجة يكون من شأنها خداع الجمهور، ولو لم يحصل الإنخداع فعلاً، فتكون مقبولة في التعامل والعبرة في تقدير توافر التقليد هي بأوجه الشبه بين الشيء المقلد والشيء الصحيح لا بأوجه الخلاف فإذا كان التشابه بين الشيء المقلد والشيء الصحيح من الوضوح بحيث لا ينخدع به أحد فإن الفعل يقف عند حد الشروع .
وتقدير مدى توافر التقليد يدخل في نطاق السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ويقصد بالتزوير إجراء تغيير في شيء صحيح في الأصل مما ذكرته المادة 206 کالأختام والأوراق والتمغات ويكفى لوقوع التزوير - كما هو الشأن بالنسبة للتقليد - أن يكون من شأنه خدع الجمهور بحيث يقبل في التعامل .
وإذا وقع التقليد أو التزوير، فإنه يستوي في نظر المشرع أن يكون الجاني قد قام بالفعل بنفسه أو بواسطة غيره، فهو في الحالتين يعتبر فاعلاً أصلياً للجريمة، خروجاً على القواعد العامة في المساهمة الجنائية، كذلك تقع الجريمة بمجرد التقليد أو التزوير ولو لم يستعمل الشيء فيما قلد أو زور من أجله .
ثانياً : استعمال الأشياء المقلدة أو المزورة :
يقصد بالاستعمال كل سلوك يستعين فيه الجاني بالشيء المقلد أو المزور لتحقيق الغرض الذي أعد لإستعماله فيه، أو الذي يستخدم لتحقيقه لو كان صحيحاً، وأوجه الإستعمال عديدة لا تدخل تحت حصر من أمثلتها ختم لحوم ذبحت خارج السلخانة بخاتم مقلد، وطبع تمغة الذهب المقلدة على معدن آخر له مظهر الذهب . أما الإستعمال المتعلق بالمحررات التي نصت عليها المادة 206 فله ذات المعنى والأحكام الخاصة باستعمال المحررات المزورة التي سيأتي تفصيلها .
وجريمة الاستعمال تقع ولو لم يكن الجاني هو الذي ارتكب التقليد أو التزوير .
ثالثاً : إدخال الأشياء المقلدة أو المزورة في مصر :
يقصد بذلك نقل الشيء المقلد أو المزور من خارج الحدود المصرية إلى داخلها، وقد إقتصر المشرع على تجريم الإدخال دون الإخراج، مخالفاً بذلك خطته بالنسبة للعملة المزيفة. ومجرد الإدخال يكفي لوقوع الجريمة سواء كان التقليد أو التزوير قد تم في الخارج، أو كان قد تم في مصر وأخرجت الأشياء المقلدة أو المزورة منها ثم أدخلت إليها .
محل الجريمة :
يجب لوقوع الجريمة أن يكون موضوع الفعل المادي المكون لها أحد الأشياء التي حددها المشرع في المادة 202 من قانون العقوبات على سبيل الحصر وهي:
أولاً : قانون أو أمر جمهوري أو مرسوم أو قرار صادر من الحكومة وهي نوع من الأوراق الرسمية أسبغ عليها المشرع حماية أكبر من تلك التي أسبغها على غيرها من الأوراق الرسمية نظراً لما لها من أهمية خاصة .
ثانياً : خاتم الدولة أو إمضاء رئيس الجمهورية أو ختمه :
ويقصد بخاتم الدولة الخاتم الرسمي الأكبر لها الذي تبصم به القوانين والقرارات الجمهورية والمعاهدات وأوراق اعتماد المبعوثين السياسيين وغير ذلك من الوثائق الرسمية الهامة، ويمتد معنى الخاتم إلى أداة الختم نفسها أو إلى أثرها المنطبع، وهذا التفسير تفرضه حكمة النص، إذ لا يقبل المنطق القانوني أن من يزور طابع الختم دون أداته لا يقع تحت طائلة العقاب .
ويستوي أن يكون الخاتم المقلد أو المزور هو الخاتم الحالي للدولة أو خاتم سابق ألغي إستعماله، إذ أن الضرر الناشيء عن الفعل يكون متمثلاً في احتمال إستعمال الخاتم المقلد أو المزور في إنشاء أوراق تنسب إلى التاريخ الذي كان يستعمل فيه هذا الخاتم .
كذلك تقع الجريمة إذا كان محلها إمضاء رئيس الجمهورية أو ختمه .
ثالثاً : أختام أو دمغات أو علامات إحدى المصالح أو إحدى جهات الحكومة :
الختم هو الأداة التي تحمل الرسم أو البيان أو الإسم الذي يعبر عن شخصية المصلحة أو الجهة الحكومية التي تستعمله، سواء كانت هذه المصلحة أو الجهة تابعة للحكومة المركزية أو اللامركزية وتقع الجريمة ولو كان الختم قد عهدت الجهة الحكومية باستعماله إلى جهة أخرى غير حكومية، فالعبرة في تقليد الأختام وما ماثلها ليست بالجهة المأذونة باستعمال الختم، وإنما هي بالختم المقلد نفسه، فمتى كان هذا الختم صادراً من جهة حكومية لأجل استعماله في غرض معين، سواء بواسطة رجال الحكومة أنفسهم أو بواسطة غيرهم ممن تعهد إليهم باستعماله، كان تقليد هذا الختم أو استعماله جناية طبقاً للمادة 206 ع .
كذلك تقع الجريمة ولو كان الختم قد ألغي استعماله أو ألغيت المصلحة الصادر عنها الختم إذ يتمثل الضرر في إحتمال استعماله في محرر منسوب إلى تاريخ استعمال هذا الختم أو وجود هذه المصلحة .
ويقصد بالتمغة الطابع الذي يوضع على بعض الأوراق الرسمية كأوراق العرائض وبعض الشهادات العلمية .
أما العلامات فيقصد بها الرموز الخاصة ببعض المصالح أو الجهات الحكومية والتي تستعملها هذه المصلحة أو الجهة للدلالة على معنى معين، ويصدق لفظ العلامة على الأداة التي تتضمن الرمز وعلى الأثر المنطبع لها ومن أمثلة ذلك العلامة التي تضعها مصلحة الجمارك على البضائع الصادرة والواردة، وطوابع البريد، والعلامات التي تضعها مصلحة المكاييل والموازين على المكاييل والموازين للدلالة على أنه قد تم اعتمادها والعلامات التي تضعها المجازر الرسمية على اللحوم المذبوحة .
رابعاً : ختم أو إمضاء أو علامة أحد موظفي الحكومة :
الختم أو الإمضاء لهما نفس المعنى الذي سبق تحديده، أما العلامة الخاصة بأحد موظفي الحكومة فيقصد بها الإشارة أو التوقيع الموجز الذي يستعمله الموظف بدلاً من إمضائه في التوقيع على الأوراق الرسمية بحيث يصبح مميزاً له وبديلاً لختمه أو إمضائه .
وغني عن البيان أن المشرع لم يقصد بالمادة 206 حماية شخص الموظف وإنما استهدف حماية مصالح الحكومة ويترتب على ذلك أن جريمة المادة 206 لا تقع على من يقلد ختم موظف لاستعماله في تزوير أحد العقود الداخلة في نطاق المعاملات الخاصة كالبيع أو الإيجار بل إن هذا الفعل لا يقع تحت طائلة العقاب وفقاً لنص آخر إذ يعتبر مجرد عمل تحضيري وإنما تقع الجريمة إذا قلد الجاني ختم الموظف بقصد استعماله في تزوير محرر مما يدخل تحريره في نطاق اختصاص الموظف، كما تقع إذا استعمل الجاني الختم المقلد مع العلم بتقليده .
ويستوي أن يقع الفعل على أداة الختم أو على أثره المنطبع .
خامساً : أوراق مرتبات أو بونات أوسراکی وسندات أخرى صادرة من خزينة الحكومة أو فروعها :
ويقصد بذلك الأوراق ذات القيمة المالية التي تصدر من خزينة الحكومة وفروعها كأذون الصرف على خزينة الحكومة أو فروعها، وسندات الدين العمومي، وسراکی الاستحقاق في المعاش ويخرج من نطاق هذه الأوراق العملة الورقية التي تصدرها وزارة الخزانة إذ تختص بحمايتها المادة 202 ع السالف بيانها .
سادساً : دمغات الذهب أو الفضة :
يقصد بالتمغة هنا العلامة التي تضعها مصلحة تمغة والمصوغات على كل من معدني الذهب والفضة، ويقصد بوضع هذه العلامة ضمان نوعية وعيار المعدن الذي توضع عليه وتشمل الحماية الأداة التي تحمل التمغة وأثرها المنطبع . والواقع أن هذه الدمغات ليست إلا علامات لإحدى المصالح الحكومية هي مصلحة تمغة المصوغات، ولذلك فالنص عليها إستقلالاً يعتبر تزيداً وقد قيل في تبرير ذلك أن المشرع أراد أن يحمي تمغات الذهب والفضة المصرية والأجنبية ولذلك جاء النص عليها في عبارة مستقلة ومطلقة، ومع ذلك فهذا الرأي مردود بأن التمغة الأجنبية يعاقب عليها بمقتضى نص المادة 208 ع .
الركن المعنوي :
هذه الجريمة عمدية يتخذ الركن المعنوي فيها صورة القصد الجنائي، ويكفي القصد العام لتحقق الجريمة في حالة الاستعمال، أما في حالتي التقليد أو التزوير والإدخال إلى مصر فيجب أن يتوافر إلى جانب ذلك قصد خاص .
القصد العام :
يجب أن يتوافر لدى الجاني القصد العام بعنصريه: العلم والإرادة، فيجب أن تتجه إرادة الجاني إلى إرتكاب فعل التقليد أو التزوير أو الإستعمال أو الإدخال في البلاد مع توافر العلم لديه بطبيعة المحل الذي ينصب عليه الفعل، وبالإضافة إلى ذلك يجب أن يتوافر العلم لدى المقلد أو المزور بأن من شأنه فعله أن يحقق التقليد أو التزوير، وفي حالة الإستعمال يجب أن يكون الجاني عالماً وقت الإستعمال بأن فعله ينصب على شيء مقلد أو مزور سواء توافر لديه هذا العلم وقت حيازته الشيء أو لم يتوافر، فيكفى توافر هذا العلم وقت الإستعمال وفي حالة الإدخال في البلاد يجب أن يكون مرتكب هذا الفعل عالماً بأن الشيء الذي يدخله مقلد أو مزور .
القصد الخاص :
يجب لاكتمال الركن المعنوي - في حالات التقليد والتزوير والإدخال في البلاد - أن يتوافر إلى جانب القصد العام قصد خاص يتمثل في اتجاه نية الجاني إلى استعمال الشيء محل الجريمة استعمالاً ضاراً فينتفى القصد لدي من قلد ختماً أو تمغة .. إلخ بقصد إثبات مهارته في التقليد. كما ينتفی لدي من أدخل ختماً أو تمغة ... إلخ مقلداً أو مزوراً في البلاد بنية تسليمه إلى السلطات . ويفترض توافر نية الاستعمال الضار لدى المتهم وعليه أن يثبت انتفاءها .
العقوبة :
قرر المشرع لجرائم المادة 206 ع عقوبة السجن المشدد أو السجن، فضلاً عن وجوب الحكم بمصادرة الأشياء المقلدة أو المزورة تطبيقاً للفقرة الثانية من المادة 30 من قانون العقوبات .
وبالنظر إلى خطورة هذه الجرائم فقد نص المشرع في المادة 2 / 2 ع على سريان المادة 206 على من يرتكب في خارج القطر إحدى الجرائم المنصوص عليها فيها، أياً كانت جنسيته ودون تعليق محاكمته على حضوره إلى مصر وذلك كما هو الشأن فيما يتعلق بجرائم العملة التي نصت عليها المادتان 202، 203 من قانون العقوبات إذا كان محلها عملة متداولة قانوناً في مصر . ( شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية، الصفحة : 236 )
الشرط المفترض :
بيان بمحل الجريمة :
حصرت المادة 206 من قانون العقوبات الأشياء التي تتناولها بالحماية، وتندرج تحت نوعين :
(1) أختام ودمغات وعلامات وإمضاءات، وهي ما تعلقت بالدولة أو إحدی مصالح الحكومة أو رئيس الجمهورية أو أحد موظفي الحكومة .
(2) بعض المحررات الرئيسية، وهي : القرار الجمهوري أو القانون أو المرسوم أو القرار الصادر من الحكومة، وأوراق المرتبات أو البونات أو السراكي أو غيرها . من السندات الصادرة من خزينة الحكومة أو فروعها .
ويستوي أن يكون القرار الجمهوري قراراً فردياً أو لائحياً أو قراراً بقانون. أما القرار الصادر من الحكومة فينصرف إلى قرار مجلس الوزراء أو القرار الوزاري أو غير ذلك من القرارات التي تصدر من سائر جهات الحكومة في حدود اختصاصها طبقاً للدستور والقانون، وذلك بحسب أن المراد بالحكومة في هذا الصدد ينصرف إلى الوزارة. ولا يؤثر في وقوع الجريمة إلغاء القيمة القانونية لهذه الأشياء، لأن العبرة بتوافرها وقت إرتكاب الجريمة .
أولاً : الأختام والدمغات والعلامات والامضاءات :
1- الأختام : ثار البحث حول المقصود بالختم، وهل يقتصر على الإدارة التي يطبع بها أم يمتد معناه إلى أثرها المنطبع. ذهب رأي إلى قصر مدلوله على الأداة ذاتها دون أثرها المنطبع إعمالاً لظاهر النص الذي لا يجوز القياس عليه بوصفه متعلقاً بالتجريم. والراجح هو إتساع الختم لكي يشمل كلاً من آلته وأثره المنطبع، وإلا ترتب على ذلك مفارقة تودي بالنص ذاته، وهي أن يجنح المجرم إلى تزوير طابع الختم دون آلته حتى يصبح في مأمن من العقاب. وإلى هذا المعنى ذهب قضاء محكمة النقض .
ويجب أن يكون الختم خاصاً بالدولة، أو برئيس الجمهورية، أو بإحدى المصالح، أو بإحدى جهات الحكومة، أو بأحد موظفيها. وخاتم الدولة هو الخاتم الرسمي الأكبر للدولة، وهو الذي تبصم به القوانين والقرارات الجمهورية والمعاهدات وأوراق الاعتماد... وغير ذلك من الوثائق الرسمية التي أوجبت النظم المرعية أن تكون مبصومة بخاتم الدولة. أما الخاتم الخاص بإحدى المصالح أو بإحدى جهات الحكومة، فينصرف إلى كل ما يتعلق بالحكومة المركزية واللامركزية في صورتيها الإقليمية وحدات الإدارة المحلية والمصلحية (الهيئات العامة والمؤسسات العامة) .
وبالنسبة إلى ختم موظف الحكومة، فيقصد به ما يتعلق بالموظف العام في إحدى جهات الحكومة المركزية أو اللامركزية على ما سلف بيانه، فلا ينصرف المعنى إلى ما يتعلق بالمكلف بخدمة عامة أو الموظف في شركة تسهم فيها الحكومة بنصيب ما. والفرض أن يتناول التزوير ختم الموظف المعد للإستعمال في الأغراض الرسمية لا حياته الخاصة .
والأصل أن يكون الختم معمولاً به، أما إذا كان الختم قد تقرر إلغاؤه أو كانت الجهة الحكومية التي تستعمله قد ألغيت، أو كان الموظف العمومي قد نقل إلى وظيفة أخرى - فإنه لا تنطبق في شأن الجاني المادة 206 عقوبات. وقد ذهب رأي إلى انطباق المادة إذا توافر في حق الجاني قصد إستعماله في محررات سابقة التاريخ يصلح فيها التوقيع بهذا الختم. على أننا نرى أن المشكلة تتعلق بالشرط المفترض لا بالقصد الجنائي، وبالتالي فيجب للعقاب على تزوير الختم أن يكون معمولاً به وقت التزوير فإذا لم يكن كذلك، فيجوز معاقبة الجاني على جناية تزوير في محرر رسمي إذا هو استعمله في محرر رسمي .
ولا ينظر في تحديد نوع الختم إلى الجهة التي عهد إليها باستعماله، وإنما تكون العبرة بالجهة الصادر منها، فيستوي أن تكون هذه الجهة مصلحة حكومية أو جهة غير حكومية أو مكلفاً بخدمة عامة.
2- الدمغات : يقصد بها الطوابع التي توضع على بعض الأوراق کالشهادات العلمية وأوراق العرائض. كما ينصرف المعنى إلى كل من الآلة التي تضع الدمغة وأثرها المنطبع على الأوراق، إعمالاً لمفهوم النص .
وهناك نوع معين من الدمغات يرسم بها الذهب والفضة ضماناً لنوعها وعيارها، وهي خاصة بمصلحة دمغ المصوغات والموازين، وتسمى بدمغات الذهب أو الفضة. وقد خصتها المادة 206 عقوبات بالذكر صراحة لأهميتها، إلا أن رأيا في الفقه ذهب في تبرير النص عليها إلى أنه لا يقتصر مدلولها على دمغات الذهب أو الفضة التي تستعملها مصلحة تمغ المصوغات والموازين، وإنما يشمل أيضاً دمغات الذهب والفضة الأجنبية التي يعترف بها في مصر، وهو ما لا تؤيده الآن ( المادة 208 عقوبات ) التي تتولى العقاب على تقليد مثل هذه الدمغات، وقد اقتصرت المساواة في الحماية الجنائية على العملة الوطنية دون العملة الأجنبية .
والمراد بالعلامة في هذا الصدد - سواء كانت الآلة الطابعة أو أثرها المنطبق - هر ما دل على الجهة مالكة العلامة، سواء كانت الدلالة للتمييز أو للتوثيق، ولا يمتد إلى مجرد الإشارات التي قد تستخدم للحلية أو للزينة .
وينصرف مدلول العلامات في حكم المادة 206 عقوبات إلى ما تعلق بإحدى جهات الحكومة أو موظفيها، دون ما تتعلق بإحدى الجهات الخاصة، كالعلامات التجارية. كما يقتصر هذا المدلول على ما تعبر به عن شخصيتها أو عن معنى معين خاص بعملها. إذا، فهي لا تشمل أرقام رجال الشرطة على الصفائح المعدنية التي يحملونها على ملابسهم، وكذا الشأن في الصفيحة المعدنية التي تعلق على السيارات تميزاً للواحدة منها عن غيرها، ما لم يقلد به ختم المحافظة الذي يبصم به على ما يسلم منها لأصحاب السيارات .
ويرجع إلى ما بيناه في صدد الأختام عند تحديد نوع العلامات المعاقب عليها .
4- الإمضاءات : الإمضاء هو التوقيع بالإسم، سواء اتخذ شكلاً مختصراً (فورمة) أو مطولاً. ويقصد بالإمضاء في حكم المادة 206 عقوبات ما تعلق برئيس الجمهورية أو أحد موظفي الحكومة. ويستوي في الإمضاء المزور أن يكون مطابقاً للإسم الحقيقي للموظف العام أو لإسم شهرته إذا ثبت أن الموظف قد دأب على الإمضاء بإسم شهرته. ويرجع إلى ما سبق ذكره في صدد المقصود بالختم .
ثانياً : بعض المحررات الرسمية :
عاقبت المادة 206 عقوبات على تقليد أو تزوير بعض المحررات الرسمية المهمة، وهي - كما جاء في النص - القرار الجمهوري أو القانون أو القرار الصادر من الحكومة، وكذا أوراق المرتبات أو البونات أو السراكي أو أي سندات أخرى صادرة من خزينة الحكومة أو فروعها. ويمكن تقسيم هذه الأوراق إلى ثلاث فئات، هي :
1- القرارات التشريعية : ويقصد بها القوانين التي أقرتها السلطة التشريعية .
2 - القرارات الإدارية : تتدرج من القرار الجمهوري بقانون إلى القرار الجمهوري الصادر في حدود السلطة التنفيذية، إلى غير ذلك من القرارات الإدارية الصادرة من مجلس الوزراء أو الوزراء أو غيرهم ممن يملكون سلطة إصدار هذه القرارات، وهو ما عبرت عنه المادة 206 عقوبات بالقرارات الصادرة من الحكومة .
3- الأوراق المالية : ويقصد بها في حكم المادة 206 عقوبات أوراق المرتبات أو البونات أو السراكي أو غيرها من السندات الصادرة من خزينة الحكومة أو فروعها. ومن قبيل هذه السندات وأذون الصرف علی خزينة الحكومة أو فروعها، وسراکي الإستحقاق في المعاش، وسندات الدين العمومي، وسندات الإصلاح الزراعي. ولا تعد من قبيل ذلك الشيكات التي تسحبها الحكومة على البنوك، دون إخلال بانطباق المادة 206 عقوبات على تزوير ما عليه إمضاءات الموظفين العموميين. كما لا يعد من هذه الأوراق العملات الورقية التي تصدرها الحكومة، فهذه مما تنطبق عليها المادة 202 عقوبات. وقد كانت فيما سبق تخضع لحكم المادة 206 عقوبات قبل تعديلها بالقانون رقم 68 لسنة 1956. وتقتصر الحماية الواردة على ما سلف بيانه من الأوراق المالية على السندات الوطنية دون الأجنبية، لأنه يجري التعامل بالسندات الأجنبية بوصفها من الأوراق المالية .
الركن المادي :
الفعل المادي والفاعل الأصلي :
يقع الركن المادي للجرائم التي ترد على الأختام والدمغات والعلامات بإحدى أربع صور على النحو الذي سنبينه حالاً .
ويستوي أن يقوم فاعل الجريمة بأحد الأعمال المكونة للجريمة، بل يستوي أن يكون ذلك بنفسه أو بواسطة غيره. ومقتضى ذلك أن من يكلف أحد متبوعيه بإرتكاب أي من هذه الصور يعد فاعلاً أصلياً في هذه الجريمة، بالإضافة إلى الفاعل المادي الذي قام بالتزوير .
1- التقليد :
يتحقق التقليد بصنع شيء كاذب ليشبه شيئاً صحيحاً. ويكفي لتوافر التقليد إمكان انخداع الجمهور بالشيء المقلد دون إقتضاء شرط آخر، فلا يشترط أن يكون التقليد متقناً بحيث ينخدع به الفاحص المدقق، بل يكفي أن يكون بين الشيئين - المقلد والصحيح - تشابه يسمح بالتعامل بالشيء المقلد. ومن المقرر في تقدير مدى توافر التقليد الرجوع إلى أوجه الشبه لا أوجه الخلاف، بحيث يكون من شأنه أن ينخدع به الجمهور في المعاملات، ولا يشترط أن يكون الانخداع قد حصل فعلاً. وتقدير مدى توافر التقليد أمر موضوعي يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، دون الخضوع لرقابة محكمة النقض إلا في حدود سلامة التسبيب. ويرجع إلى ما سلف بيانه في مقام تزييف العملة لتحديد المقصود بالتقليد .
2- التزوير :
يقصد بالتزوير في هذا الصدد كل ما من شأنه إحداث تغيير في حقيقة أحد الأشياء التي تصلح محلاً لهذه الجريمة. وقد ذهب رأي إلى قصر التزوير على ما سلف بيانه من أوراق رسمية دون غيرها من الأختام ونحوها، إستناداً إلى أن التزوير لا يسهل تصوره في الأختام، وأن المادة 207 عقوبات التي تسري بشأن الأختام غير الحكومية ونحوها اقتصر على عقاب التقليد دون التزوير. على أن هذا الرأي لم يأخذ به جمهور الفقه، لأنه يتعارض مع ظاهر النص، فضلاً عن أن نطاق الحماية التي أراد القانون أن يسبغها على الأختام الحكومية وما إليها أكثر مما أراد أن يضفيها على أختام الجهات غير الحكومية .
ويلاحظ أن التقليد ليس إلا صورة من صور التزوير، زمان من الممكن الإستغناء عن النص عليه إكتفاء بالنص على التزوير .
ويثور البحث عن حكم اصطناع شيء من الأشياء المنصوص عليها في المادة 206 عقوبات، وهو ما يختلف عن التقليد في أن المزور لا يتوخى المشابهة بشيء آخر. ونرى أن القانون وإن كان قد عبر بالتزوير في هذا الصدد، إلا أن مراده لم ينصرف إلى مطابقة مدلول التزوير في المواد الأخرى؛ لأن الحماية الجنائية المنصوص عليها في المادة 206 عقوبات تختلف عن تلك التي نص عليها القانون في المواد الأخرى للتزوير، فضلاً عن أن حرص المشرع على ذكر التقليد (وهو ما يقتضي المشابهة بين شيئين) يفيد استبعاده للاصطناع الذي لا يقتضي هذا الشرط، ويبدو هذا المعنى واضحاً في التشريعات الأجنبية، إذ عبرت بكلمة في صدد تزوير الأختام، وبكلمة في صدد تزوير المحررات، مما يقتضي المغايرة بين المعنيين. إذا، فإنه يشترط لتحقق التزوير بالمعنى المقصود في المادة 206 عقوبات أن يرد على شيء صحيح .
أحكام عامة :
هناك بعض الأحكام العامة التي تسري على كل من التقليد والتزوير نجملها فيما يأتي :
يعاقب القانون على التقليد أو التزوير کجريمة مستقلة بغض النظر عن إستعمال الشيء المقلد أو المزور .
خرج القانون على قواعد الاشتراك، فاعتبر الجاني في التقليد أو التزوير فاعلاً أصلياً سواء ارتكب الجريمة وحده أو بواسطة غيره. وهذا الحكم ليس تطبيقاً لنظرية الفاعل المعنوي؛ لأنه لا يشترط في الغير الذي يقوم بالفعل التنفيذي للجريمة أن يكون جاهلاً بحقيقة ما يرتكبه أو مجرد أداة في يد غيره .
3- الإستعمال :
يقصد بالاستعمال في هذا الصدد استخدام الشيء المقلد أو المزور في أحد الوجوه المعدة لاستعماله. مثال ذلك: وضع بصمة ختم مقلد أو علامة مزورة على أحد المحررات .
وبالنسبة إلى الأوراق الرسمية سالفة الذكر، يتحقق إستعمالها بمجرد تقديمها مع الإستناد إليها في أحد الوجوه، كتقديم قرار إداري مزور إلى السلطات لتنفيذه، وتقديم «سكرين» معاش مزور للخزانة لقبض قيمة المعاش .
ولا يشترط في هذه الحالة قبول المحرر المزور، فهذا الشرط هو ما يقتضيه القانون لقيام جريمة الترويج لاستعماله. ولهذا فإنه لا يهون من قيام جريمة الإستعمال تامة أن يعلم من قدمت إليه الأوراق المزورة سلفاً بأمر تزويرها ويعد نفسه لضبطها .
4- الإدخال إلى البلاد :
يقصد به جلب الأشياء المشار إليها في المادة 206 عقوبات داخل البلاد، ولا عبرة بما إذا كانت قد قلدت أو زورت داخل البلاد أو في الخارج. أما إخراج هذه الأشياء من البلاد فلم تعاقب عليه المادة 206 عقوبات .
الركن المعنوي :
يتطلب القانون لقيام الجرائم سالفة الذكر توافر القصد الجنائي بنوعيه العام والخاص، عدا جريمة الإستعمال، فيكفي فيها توافر القصد العام .
القصد العام :
يتعين إتجاه إرادة الجاني إلى إرتكاب الفعل مع العلم بجميع عناصره ووروده على أحد الأشياء المبينة بالمادة 396 عقوبات، فلا يتوافر هذا القصد إلا لم يعلم الجاني أن الختم المقلد خاص بأحد موظفي الحكومة، أو إذا لم يعلم من قام بإستعمال أحد الأشياء المزورة بكونها مزورة .
ويلاحظ بالنسبة إلى جريمة الإستعمال أنه لا يحول دون توافرها طبقاً للمادة 206 عقوبات أن يقبل الجاني الشيء المزور باعتباره صحيحاً ثم يستعمله بعد أن يتحقق له ما يشوبه من عيب، ولا محل هنا للقياس على الظرف المخفف المنصوص عليه في المادة 204 عقوبات بدعوى أن القياس جائز فيما بعد في مصلحة المتهم، لأن هذا الظرف يقتصر على العملة وحدها لعلة خاصة ترتبط بكون العملة مما يجري التداول به، وهو ما لا يتوافر في هذه الحالة .
القصد الخاص :
لما كان تقليد أحد الأشياء سالفة الذكر أو تزويرها أو إدخالها ليس إلا جزءاً من مشروع إجرامي يهدف إلى إستعمال هذه الأشياء - فإنه يتعين لتوافر هذه الجريمة في صورتي التقليد أو التزوير أن يتجه قصد الجاني إلى استعمال هذه الأشياء في الغرض الذي زورت من أجله. فإذا زور الجاني إمضاء الموظف العام أو ختمه بقصد استعماله في محررات تتعلق بحياته الخاصة لم تقع الجريمة، لأن المشرع لم يعاقب على التزوير من أجل هذا النوع من الاستعمال. وفي جريمة الاستعمال يكفي مجرد تقديم الشيء في أحد أوجه الاستعمال المعدة للشيء المقلد أو المزور مع علمه بذلك، دون عبرة بالغرض الذي حدا بالجاني إلى هذا الاستعمال، ومن ثم فإن هذه الصورة من الركن المادي لا تتطلب قصداً خاصاً كما بينا. ولم تشترط محكمة النقض التحدث عن القصد الخاص صراحة وإستقلالاً مادام الحكم قد أورد من الوقائع ما يشهد لقيامه .
تقليد علامات البريد والتلغراف والضرائب :
يلاحظ أن المشرع قد وقف عند القصد الجنائي العام بالنسبة إلى علامات البريد والتلغراف والضرائب، وعاقب على تزويرها بصفة خاصة. فبالنسبة إلى تزوير علامات البريد والتلغراف، نصت المادة 229/ 1 عقوبات على معاقبة من صنع أو حمل في الطريق للبيع أو وزع أو عرض للبيع مطبوعات أو نماذج مهما كانت طريقة صنعها تشابه بهيئتها الظاهرة علامات وطوابع مصلحتي البوستة والتلغراف المصرية أو مصالح البوستة والتلغراف في البلاد الداخلة في اتحاد البريد مشابه تسهل قبولها بدلاً من الأوراق المقلدة. وبالنسبة إلى تزوير علامات مصلحة الضرائب، جاء القانون رقم 224 لسنة 1951 بتقرير رسم دمغة بنص مماثل للمادة 229/ 1 عقوبات المذكورة هو نص المادة 27/ 1 من القانون يعاقب على صنع هذا النوع من العلامات .
ولا يجوز الخلط بين كل من جريمة المادة 206 عقوبات وجريمة كل من المادتين 229/ 1 عقوبات و27/ 1 من القانون رقم 224 لسنة 1951، وذلك لأن المادة 206 عقوبات يجب لتطبيقها توافر القصد الخاص في حق الجاني، بخلاف المادتين الأخيرتين اللتين لا تتطلبان سوی توافر القصد العام. وقد سنحت الفرصة أمام محكمة النقض لكي تدلي برأيها في هذا الشأن .
يعاقب بالسجن المشدد أو السجن كل من إرتكب إحدى جرائم التقليد أو التزوير أو الإستعمال أو الإدخال في البلاد المشار إليها في المادة 206 عقوبات. ولم ينص القانون على تشديد العقاب إذا ترتب على تزوير سندات الحكومة هبوط في أسعارها. بخلاف الحال في جريمة تزييف العملة، إذ اعتبر هذا الهبوط ظرفاً مشدداً في جريمة التزييف. ونرى وجوب النص على اعتبار الهبوط في سعر السندات ظرفاً مشدداً في جريمة التزوير، أسوة بما هو منصوص عليه بصدد جريمة تزييف العملة . ( الوسيط في قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة الكتاب الأول 2016، الصفحة : 752 )
وظاهر من النص سالف الذكر أن المشرع يحمي مصلحة الدولة في سلامة الأختام والعلامات التي بواسطتها يتم التصديق على قراراتها وأعمالها أو تعترف فيها بشرعية وسلامة الأشياء التي تحمل طابعها .
الأركان المكونة للجريمة :
أولاً - الركن المادي. ( السلوك الإجرامي ) :
يقوم السلوك الإجرامي على ثلاث صور : الأولى : هي التقليد أو التزوير، والثانية : هي إستعمال الأشياء المزورة أو المقلدة، والثالثة : هي إدخال الأشياء المزورة أو المقلدة في مصر .
ويقصد بالتقليد الاصطناع الكلى لشيء مما ذكر بالمادة 206 دون إذن من السلطات المختصة ويتحقق ذلك بأي فعل أو وسيلة ينشئ الجاني بواسطتها شيئاً يشبه في ظاهره ختماً أو تمغة أو علامة أو ورقة من الأوراق الوارد ذكرها بالمادة 201، ويكون من شأن هذا التشابه إيقاع عدد غير محدود من الجمهور في الغلط. فالعبرة في التقليد هي بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف وإمكان انخداع الناس والقبول في التعامل .
أما التزوير : فهو السلوك الذي بمقتضاه يغير الجاني من حقيقة الختم أو التمغة أو العلامة أو ورقة من الأوراق المذكورة، ولذلك فإن سلوك التزوير ينصب على ختم أو تمغة أو علامة أو ورقة حقيقية وليست مصطنعة .
ويستوي في التقليد أو التزوير أن يكون الجاني قد حققه بنفسه أو بواسطة الغير. فقد وسع المشرع في سلوك الفاعل في هذه الجريمة بحيث يشمل المساهم بطريق التحريض أو الاتفاق أو المساعدة . فيكفي لاعتبار الشخص فاعلاً في الجريمة أن يكون التقليد قد تم بواسطة غيره طالما كان مساهماً معه فيما قارفه .
والصورة الثانية : من صور السلوك محل التجريم هي الاستعمال، ويقصد بالاستعمال إستخدام الشيء المقلد أو المزور على أنه حقيقى وذلك في الأغراض المخصصة له. والأصل في الاستعمال كسلوك مجرم لذاته ألا يكون الجاني مساهماً في جريمة التقليد أو التزوير. ذلك أن الإستعمال من قبل المقلد أو المزور يعتبر من الأفعال المستغرقة بسلوك التقليد أو التزوير ويضعها المشرع في حسبانه عند تقدير العقوبة ومن ثم فلا يعاقب عليها المقلد أو المزور إستقلالاً . ومن هنا، فإن جريمة استعمال الختم أو العلامة المزورة أو المقلدة تفترض أن مرتكبها لا يمكن إعتباره مساهماً في جريمة التقليد أو التزوير .
والصورة الثالثة : هي إدخال الأشياء المقلدة أو المزورة إلى مصر، ويتحقق الإدخال بأي سلوك من شأنه تواجد الأشياء المزورة في الأراضي المصرية سواء بالمرور بها من الحدود برفقة مسافر أو بتهريبها خارج الدائرة الجمركية أو بإرسالها بالبريد والسلوك الإجرامي المتمثل في الإدخال يفترض أن التقليد أو التزوير قد وقع في الخارج ويفترض أيضاً أن مرتكب هذا السلوك ليس مساهماً في التقليد أو التزوير .
إذ لو كان مساهماً فإن التقليد أو التزوير يستغرق أي سلوك لاحق، يهيئ لاستعمال الأشياء أو المقلدة ومن هنا فإن سلوك الإدخال في ذاته يعتبر صورة من صور السلوك الإجرامي للجريمة المنصوص عليها في المادة 208 عقوبات .
ثانياً : الموضوع المادي للسلوك :
عدد المشرع الأشياء التي يجب أن ينصب عليها السلوك الإجرامي لكي تقوم الجريمة في أركانه المكونة لها، وهذه الأشياء تنقسم إلى قسمين :
الأول : ويشمل الأختام والتمغات والعلامات المتعلقة بالدولة أو بإحدى المصالح أو الجهات الحكومية وكذا تمغات الذهب والفضة والإمضاء أو الختم أو العلامة المتعلقة برئيس الجمهورية أو أحد موظفي الحكومة .
والثاني : يشمل بعض الأوراق وهي الأوامر الجمهورية والقوانين والمراسيم والقرارات الصادرة من الحكومة، وأوراق المرتبات والبونات والسراكي والسندات الأخرى الصادرة من خزينة الحكومة أو فروعها .
ويقصد بالأختام : الأدوات التي أعدت لكي تطبع بطريق الضغط على أشياء محددة، كالأوراق والاقمشة وغيرها، رسوم أو صور أو عبارات تدل على صدورها من جهة معينة . أما خاتم الدولة فهو الذي يضعه وزير العدل مع إمضائه على النسخة الأصلية للقوانين والقرارات والمراسيم بقانون .
والعلامات : الإشارات والرموز الخاصة ببعض المصالح الأميرية أو السلطات العامة والتي يصطلح على استعمالها لغرض من الأغراض أو للدلالة على معنى خاص أياً كان نوعها أو شكلها أما العلامات التي تفيد نسبة الشيء إلى جهة معينة فلا تدخل ضمن العلامات المحمية بالمادة 206 عقوبات .
وعلى ذلك يدخل ضمن العلامات محل الحماية أختام وعلامات المجازر الخاصة بالقسم البيطرى بسلخانة من السلخانات، وعلامة الجمارك التي تفيد الإفراج عن البضاعة وأختام وعلامات الموازين والمكاييل التي تفيد مطابقتها للمواصفات .
أما اللافتات واللوحات التي تبين نسبة الشيء إلى جهة معينة فلا يدخل تقليدها أو تزويرها تحت نص المادة 206 إلا إذ تم تزوير أو تقليد ختم للجهة الحكومية المنسوبة إليها فدلالة العلامة ليست دلالة تمييز فحسب وإنما أيضاً دلالة التوثيق .
ويلاحظ أن تقليد وتزوير الأختام والعلامات ينصرف إلى أصل الختم أو العلامة كما ينصرف إلى الأثر الذي ينطبع عند إستعمالها .
أما التمغات : فيقصد بها الطابع الذي يفيد تصديق أو اعتماد الجهة الحكومية لأوراق رسمية أو شهادات صادرة عنها. مثال ذلك الطوابع التي تلصق على أوراق التسجيل أو الشهادات العلمية أو أوراق المحاكم وطوابع الجمارك .
وبالنسبة لتمغات الذهب والفضة فهي ليست دمغات بالمعنى السابق بيانه وإنما تندرج تحت مفهوم الأختام والعلامات التي تفيد التوثيق والإعتماد .
وقد حمى المشرع أيضاً في المادة 206 أختام أو إمضاءات رئيس الجمهورية وأيضاً أختام وإمضاءات وعلامات أحد موظفي الحكومة .
وهذه الحماية تنصرف إلى موظف الحكومة بصفته ولا تنصرف إلى ختمه أو إمضائه المنسوب لشخصه كفرد من أفراد المجتمع، ولذلك فإن تقليد الختم أو العلامة أو الإمضاء يفترض أنه وقع شيء منسوب صدوره لجهة حكومية يمثلها الموظف بتوقيعه أو علامته أو ختمه .
ويشترط في تقليد وتزوير الأختام أو التمغات أو العلامات محل الحماية شرطان:
الأول : أن تكون متعلقة بإحدى المصالح أو الجهات الحكومية المصرية بالمعنى الدقيق سواء كانت بالداخل أم بالخارج، ولذلك يخرج من هذا المجال الجهات الأخرى غير الحكومية والتي ساوى بينهما المشرع وبين جهات الحكومة في الحماية في جرائم العدوان على المال. فالجهات المحددة بالمادة 206 لا تقبل القياس عليها مهما توافرت حكمته، لأن الأحكام تدر مع مناط لا مع الحكومة منها، ولأن النصوص المبينة للجرائم والمرتبة للعقوبات هي من القانون الضيق، على حد تعبير محكمة النقض .
الثاني : أن تكون تلك الأختام والعلامات والتمغات معمولاً بها وفقاً للأنظمة واللوائح أو القرارات الصادرة من الجهة المختصة. ويستوي في ذلك أن يكون استعمال الختم أو التمغة أو العلامة قاصراً على الجهة الحكومية وحدها أم أنه عقد باستعمال إلى جهة أخرى غير حكومية .
وهناك أخيراً الأوامر الجمهورية والقوانين والمراسيم والقرارات الصادرة من الحكومة، وأيضاً أوراق المرتبات والبونات والسراکی والسندات الصادرة من خزينة الحكومة أو فروعها .
والواقع أن تزوير أو تقليد الأوامر الجمهورية والقوانين والمراسيم وقرارات الحكومة لا يتحقق إلا بختمها أو توقيعها بختم أو توقيع مزور أو مقلد، ومن ثم فهي تندرج تحت تقليد أو تزوير خاتم الدولة أو إمضاء رئيس الجمهورية أو ختمه أو ختم أو علامة إحدى جهات الحكومة .
أما بالنسبة لأوراق المرتبات أو البونات أو السراكي أو السندات الصادرة من خزينة الحكومة أو فروعها فتنصرف إلى جميع الأوراق التي تصدرها الخزينة الحكومية ويكون لها مدلول مالی معین. ومثال ذلك أذونات الصرف وسراكي المعاشات .
ثالثاً: النتيجة الإجرامية :
تتمثل النتيجة الإجرامية في حالة التقليد في تمام إنشاء أو اصطناع الخاتم أو العلامة أو التمغة أو الأداة التي يتم بواسطتها طبع الأثر المقلد أو المزور، متى كانت تملك في ظاهرها مقومات إيقاع الجمهور في الغلط، وبالنسبة للأوراق فإن النتيجة تتمثل في الإصطناع الكلى أو تغيير الحقيقة .
أما في الفروض الإستعمال فإن الجريمة تتم بمجرد إستخدام الشیء المقلد أو المزور. وبالنسبة للأوراق موضوع التقليد أو التزوير فتتم الجريمة بتقديمها إلى الغير ولو لم يقبلها إذا كان عالماً بأنه مزيفة. وفي حالة الإدخال تتم بأول فعل من أفعال الاستعمال ولو لم يحقق الغاية منه وهي خداع الغير .
رابعاً : الركن المعنوي :
يقوم الركن المعنوي للجريمة على القصد الجنائي. ففي حالة التقليد أو التزوير يجب أن تتجه إرادة الجاني إلى التقليد أو التزوير مع علمه بأنه يحقق سلوكاً غير مشروع وأن تتوافر لديه نية إيقاع الغير في الغلط .
وفي فروض الاستعمال يتمثل القصد الجنائي في إرادة الإستفادة من الشيء المزور أو المقلد مع علمه بتقليده او بتزويره مع نية إيقاع الغير في الغلط .
أما بالنسبة لإدخال الأشياء المقلدة أو المزورة فيتوافر القصد الجنائي باتجاه إرادة الجاني إلى إدخال الأشياء المقلدة أو المزورة إلى مصر مع علمه بتزويرها أو تقليدها، ولو لم تكن لديه نية استعمالها، طالما توفر لديه العلم بإمكان إستخدام هذه الأشياء فيما يوقع الغير في الغلط .
كذلك الحال بالنسبة لجريمة تقليد واستعمال علامات وطوابع مصلحة البوستة والتلغراف المصرية أو مصالح البوستة والتلغراف في البلاد الداخلة في اتحاد البريد وكذلك قائم المجاوبة الدولية البريدية، والمنصوص عليها في المادة 229 من قانون العقوبات. فبعض أنماط السلوك المجرم بالمادة 229 يندرج تحت نص المادة 206. وقد إنتهت محكمة النقض إلى أن مناط تطبيق المادة 229 دون المادة 206. هو في إنتفاء القصد الخاص المتمثل في نية الإضرار بالحكومة أو بالأفراد بإستعمال هذه الأشياء إستعمالاً من شأنه أن يوقع الغير في الغلط. فالمادة 229 لا تتطلب إلا القصد العام وهو مجرد العلم بالتقليد أو التزوير دون إذن الجهات المختصة، ولو كان ذلك لأغراض ثقافية أو علمية أو فنية أو صناعية مما لا يتوافر به القصد الجنائي المنصوص عليه في المادة 206، وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض بأنه إذا كان قد أثبت فى حق الطاعنين أنهم قلدوا أختام هيئة البريد وطوابعها فئة الثلاثين مليماً ليجروها مجرى الطوابع الصحيحة في التعامل وكان ذلك بنية الغش الذي يعتبر مفترضاً من التقليد لا بنية إستعمالها نموذجاً فنياً أو صناعياً أو تجارياً أو غير ذلك من الأغراض البريئة في الأصل والتي توجب تطبيق عقوبة الجنحة المنصوص عليها في المادة 229 من قانون العقوبات وكان الطاعنون لم يدفعوا أمام محكمة الموضوع بأن قصدهم من التزوير كان شيئاً مما ذكر، وإنما قالوا قولاً عارياً عن دليله بعدم انطباق المادة 206 من قانون العقوبات على واقعة الدعوى مع أنها هي الأصل المنطبق، فإن الحكم إذ أعمل المادة الأخيرة يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً .
فالمشرع قد أضاف المادة 229 من قانون العقوبات لمواجهة حالة خاصة لا تدخل في نطاق المادة 206 عقوبات وهي تداول تلك الطوابع حتى ولو لم يكن صنع نماذجها مقصوداً به استعمالها استعمالاً ضاراً بمصلحة الحكومة أو الأفراد .
العقوبة :
العقوبة الأصلية المقررة للجريمة المنصوص عليها بالمادة 206 بصورها الثلاث هي السجن المشدد أو السجن. ويجب الحكم بالمصادرة بالتطبيق للمادة 30/ 2 عقوبات .
ويلاحظ أن الصور المنصوص عليها بالمادة 206 هى في شكل تبادلي، ويترتب على ذلك أنها إذا تعددت فلا نكون بصدد تعدد في الجرائم، وإنما بصدد جريمة واحدة يطبق في شأنها عقوبة واحدة وقد رأينا أنه لا تعدد في العقوبات بين التقليد والتزوير وبين الاستعمال. وكذلك لا تتعدد العقوبات في حالة الإدخال ثم الاستعمال فالاستعمال في الحالتين يعتبر واقعة لاحقة تستغرق في السلوك الأول. وكذلك الحال بالنسبة للتقليد أو التزوير والإدخال إلى الأراضى المصرية .
أما إذا كان السلوك المعاقب عليه وفقاً للمادة 206 عقوبات يندرج تحت نص آخر من نصوص التزوير فإننا نكون بصدد تنازع ظاهرى بين النصوص يحل عن طريق تطبيق النص الخاص، وهو الذي يتضمن الواقعة المعاقب عليها بالنص العام ويضيف إليها عناصر أخرى تخصصها . ( قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ مأمون محمد سلامة، الطبعة الأولى 2017 الجزء الأول، الصفحة : 413 )
أولاً : الأفعال المادية :
تعاقب المادة التي نحن بصددها على ارتكاب فعل أو أكثر من أربعة أفعال وهي التقليد والتزوير والاستعمال والإدخال في البلاد المصرية .
1) التقليد :
هو اصطناع ختم أو تمغة أو علامة مزيفة تقليداً للأشياء الصحيحة أي مشابهة لها في شكلها، سواء أكان التقليد متقناً أو غير متقن، بل كل ما يشترط فيه أن يكون كافية لخداع الجمهور عن حقيقتها الزائفة. وقد ينصب التقليد على الختم أو التمغة أو العلامة أي الأثر الظاهر والطابع من هذه الأشياء، أو على نفس الآلة المعدنية .
2) التزوير :
هو إدخال تغيير بالإضافة أو الحذف أو التعديل على شيء صحيح في الأصل، ويستوي أن يكون متقنة أو غير متقن وقد يقع كالتقليد- على الأثر الظاهر للختم أو التمغة أو العلامة أو على الآلة المحدثة له .
3) الإستعمال :
الإستعمال الذي يتطلبه القانون هنا غير الترويج أو الوضع في التعامل الذي يتطلبه في جرائم المسكوكات المزيفة. ففي هذا النوع الأخير يلزم لقيام الجريمة قبول الطرف الأخر في التعامل للعملة المزيفة، أما إذا رفض ذلك صارت الواقعة شروعاً، لأن الترويج يتضمن بطبيعته ضرورة إنتقال العملة بالفعل من متعامل إلى آخر. أما الجريمة الحالية، جريمة استعمال ختم أو تمغة أو علامة مقلدة فهي لا تتطلب سوى التمسك بالشيء المقلد والإحتجاج به كما لو كان صحيحاً لكي تكون الجريمة تامة، حتى لو فطن من قدمت إليه هذه الأشياء لحقيقتها الزائفة .
والاستعمال جريمة مستقلة عن التقليد أو التزوير، ومن ثم لا يشترط أن يكون المستعمل هو نفس المقلد أو المزور أو على صلة به .
4) الإدخال إلى البلاد :
يتم ذلك إذا حصل التقليد أو التزوير خارج البلاد أو إذا حصل داخل البلاد ولكن صدرت الأشياء المقلدة أو المزورة إلى الخارج ثم أعيدت ثانية. أما مجرد إخراج هذه الأشياء إلى خارج البلاد فلا يكفي لقيام الجريمة .
والإدخال إلى البلاد جريمة مستقلة بدورها عن التقليد أو التزوير. ومن ثم لا يشترط أن يكون المدخل هو نفس المقلد أو المزور أو على صلة به .
ثانياً : محل الجريمة
وضعت المادة التي نحن بصددها قائمة مفصلة بالأشياء التي تحميها من التقليد والتزوير، ويمكن إرجاعها إلى أربعة أنواع مختلفة .
1) الأوامر الجمهورية والقوانين والمراسيم والقرارات الحكومية :
هذه الأشياء لا تثير صعوبة في تحديد ماهيتها، ويرجع في ذلك إلى مبادئ القانونين الدستوري والإداري. ولا أهمية لكونها صدرت صحيحة، أو مشوبة بعيب يجعلها قابلة للإلغاء أو الإبطال. وتقليدها أو تزويرها أمر يصعب حصوله عملاً .
2) الأوراق ذات القيمة المالية :
وهي على نوعين، أوراق صادرة من الحكومة مباشرة كأوراق المرتبات الصادرة على خزانة الحكومة وفروعها، وأوراق النقد الحكومية. ولا تسري حماية هذه المادة على أوراق النقد الأجنبية، فهي تعتبر محررات عرفية مما تنصرف إليه المادة (215) عقوبات .
3) الأختام والدمغات والعلامات المختلفة :
وهي تشمل خاتم الدولة الرسمي الذي تبصم به القوانين والمراسيم والمعاهدات، وإمضاء رئيس الجمهورية وختمه ولو كان لرؤساء سابقين، وأختام ودمغات وعلامات الوزارات والمصالح والسلطات الحكومية المختلفة بما في ذلك الجهات غير المركزية كالمجالس البلدية والمحلية. ويدخل فيها أيضاً أختام وإمضاءات وعلامات موظفي الحكومة الخاصة إذا إستعملوها في تحرير الأوراق الرسمية لا في مباشرة شئونهم الخاصة .
ويراد بالتمغات الطوابع التي توضع أو تلصق على بعض الأوراق الأميرية كالعرائض والطلبات والشهادات .
أما العلامات فيراد بها الإشارات المختلفة التي تستعملها بعض المصالح الحكومية كعلامات، إدارة الجمارك ومصلحة المكاييل والموازين ومصلحة السكك الحديدية .
ويستوي أن يكون الختم أو التمغة أو العلامة لازال مستعملاً أو بطل استعماله العدول عنه أو لإلغاء المصلحة التي كانت تستعمله، أو لخروج الموظف صاحب الختم أو الإمضاء من الخدمة، إذ أن تزوير ختم قديم يمس الثقة الموضوعة في الأوراق الحكومية كما يمسها تزوير ختم جدید سواء بسواء .
4) دمغات الذهب والفضة :
المقصود بها تلك العلامات الدقيقة التي توضع على الذهب والفضة لضمانها ومنع العبث بدرجة نقائها .
ويستوي أن تقع الجريمة على آلة التمغ أو على العلامة التي تحدثها، أو أن تكون التمغة مستعملة حالياً أو بطل استعمالها، لتحقيق حكمة العقاب في الحالين .
ثالثاً : القصد الجنائي :
جنايات المادة التي نحن بصددها بكافة صورها جنایات عمدية. فهي تتطلب لقيامها أولاً القصد الجنائي العام أي انصراف نية الجاني إلى إرتكاب الجريمة مع العلم بأركانها كما يتطلبها القانون. وهو يستلزم في جريمتي الإستعمال والإدخال إلى البلاد العلم بحقيقة الختم أو التمغة أو العلامة المزورة أو المقلدة، فإذا انتفى هذا العلم فلا جريمة .
وتتطلب هذه الجنايات توافر قصد خاص وهو نية إستعمال الشيء المقلد أو المزور بما يترتب على ذلك من نتائج ضارة، وبالنسبة لجرائم الإستعمال والإدخال إلى البلاد هو نية الغش والإضرار، أو بعبارة أدق نية الإضرار بالثقة الموضوعة في الختم أو التمغة أو العلامة المقلدة، وتحقيق مصلحة غير مشروعة لنفس الجاني أو لغيره .
العقوبة :
هي السجن المشدد أو السجن وتكون المصادرة وجوبية عملاً بنص المادة( 30/ 2) عقوبات. وإذا كان مرتكب التقليد أو التزوير هو نفس مرتكب الاستعمال أو الإدخال إلى البلاد وجب تطبيق المادة ( 30 / 2 ) عقوبات متى كان وجه الاستعمال الذي حصل هو الأمر الملحوظ عند ارتكاب التقليد أو التزوير، إذ بذلك تتحقق وحدة الغرض والارتباط الذي لا يقبل التجزئة طبقاً لنص المادة . ( الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثالث، الصفحة : 116 )
تناولت المادة 206 عقوبات ثلاث جرائم هي :
1- تقليد أو تزوير شئ من الأشياء المذكورة في المادة .
2- إستعمال الشئ المقلد أو المزور مع العلم بتقليده أو تزويره .
3- إدخال هذا الشئ المقلد أو المزور في البلاد المصرية مع العلم بتقليده أو بتزويره وفيما يلي تفصيل لازم لكل جريمة .
الجريمة الأولى
تقليد أو تزوير شئ من الأشياء المذكورة في المادة .
أركان الجريمة :
تتكون هذه الجريمة من ثلاث أركان هي :
1- التقليد أو التزوير .
2- شئ من الأشياء المبينة في النص .
3- القصد الجنائي .
وذلك على التفصيل الآتي :
الركن الأول : التقليد أو التزوير :
أولاً : التقليد :
التقليد هو إصطناع شئ كاذب ليشبه شيئاً صحيحاً وهو بهذا المعنى يصدق على كل الأشياء التي نشرتها المادة 206 سواء كانت هذه الأشياء من الأختام أو ما إليها مثل خاتم الدولة وأختام وتمغات وعلامات الحكومة أم كانت من المحررات مثل الأوامر الجمهورية والقوانين وسندات الخزانة وعلى ذلك قد ينصب التقليد على الختم أو التمغة أو العلامة أي الأثر الظاهر أو الطابع من هذه الأشياء أو على نفس الآلة المعدنية أو الخشبية المحدثة لها وعلى هذا إجماع الفقه .
ولايستلزم القانون أن يكون تقليد الأختام والعلامات والدمغات والأوراق المنصوص عليها في المادة 209 ع بإلغاء هذه الإتفاق الذي لا يميزه إلا الشخص الفني بل يكفي أن يكون التقليد كفيلاً برواج الشي المقلد في المعاملة والتداول بين عامة الناس وإنخداع الجمهور به كاف دون اقتضاء أي شرط آخر .
ثانياً : التزوير :
المراد بالتزوير هو إدخال تغيير على شي صحيح في الأصل وقد ذهب رأى في الفقه إلى أن الغالب أن التزوير لا ينصرف في هذه المادة إلا إلى أوراق دون الأختام وما في حكمها (أولاً) لأن التزوير بالمعنى سالف الذكر لا يسهل تصوره في الأختام وأسهل منه مع كل حال تقليدها و(ثانياً) لأن المادة 176(المقابلة لنص المادة 208 من قانون العقوبات الحالي) التي اقتصرت على ذكر الأختام وما في حكمها لم تنكر التزوير بل إكتفت بالنص على التقليد و (ثالثاً) لأنه لايتصور لتزويرها حكمه إذ أن تزويرها إفساد لجوهرها والغرض التوصل إلى إستعمالها صحيحة أو على وجه الصحة اللهم إلا أن يقع التزوير في بصمات الأختام وما أشبهها لا في الأختام ذاتها. وفي تأييد هذا الرأي قيل بأن التزوير لا يصدق إلا على الأوراق والمحررات العمومية لأنه قلما يتصور في الأختام والعلامات. ويشهد لذلك أن الشارع في بعض المواد الأخرى إختيار تعبير عن تغيير الحقيقة في الأختام لفظ " التقليد" أو " قلد" كما في المادة 350 ع وكذلك عبر في المادة 229 ع بلفظ " المقلدة بالنسبة للعلامات والطوابع .
على أنه قد يحدث أحياناً وهذا في النادر القليل أن يعمد الجاني إلى تغيير بيانات الختم کبيان التاريخ والساعة المرسوم على بعض الأختام الحكومية أو غيرها وهذا التغيير لا يعد تزويراً للختم ولا تقليداً له لأنه اقتصر على البيانات غير الثابتة التي تتغير حتماً بتغير التواريخ والمواقيت فهي بهذه المثابة لاتعتبر من أجزاء الختم الثابتة وإنما هي أشبه بالكتابة المعروفة التي قد يدخل عليها التزوير إذ يظهر أثر هذا التغيير على المحرر الذي انطبع عليه بصمة الختم ويكون تغيير الحقيقة وفي هذه الصورة مقصوراً على هذا البيان المزور وحده ولا ينصرف إلى ذاتية الختم ولا إلى أصله ويعتبر تزوير في جزء من المحرر بظهور تغيير الحقيقة فيه .
ولكن الرأي الراجح في الفقه الحديث يذهب إلى أن التزوير يقع- كالتقليد - على الأثر الظاهر للختم أو التمغة أو العلامة أو على الآلة المحدثة له لتوافر حكمة العقاب في الحالتين ورداً على حجج الرأي الأول قائلاً أن صعوبة وقوع التزوير على نفس الآلة المحدثة للختم من علمه إعتبار لايحول دون القول بالعقاب إذا ما وقع بالفعل ولأن المادة 208 نطاق غير نطاق المادة 206 فضلاً عن أن هذه الأخيرة جريمة في عقاب التقليد أو التزوير وما دام أن التقليد قد يقع على الختم أو الآلة المحدثة له فكذلك يجب أن يكون شأن التزوير أيضاً إذ لا محل للتفريق بين الحالتين بغير مفرق من نص المادة أو من حكمة العقاب. وفي ذلك الإتجاه قيل بأن التزوير يعني إدخال التغيير على الشئ أو المحرر الصحيح أصلاً سواء تعلق التغيير بالكتابة التي يحملها أو بالرموز والإشارات أو الرسوم أو الشكل العام له .
وفي تأييد هذا الرأي أيضاً قيل بأن الراجح أن التزوير ينصرف إلى كل ما جاء في المادة 206 من الأشياء سواء كانت من المحررات أو من الأختام لأن هذا صريح النص ولأن صعوبة وقوع التزوير على الختم ليست مما يحول دون العقاب عليه إذا ما وقع بالفعل ولأنه لا محل للاحتجاج بالمادة 208 عقوبات لاختلافهم عن المادة 206 في نطاقها ومدى الحماية المقررة فيها .
وتعتبر المادة 206 فاعلاً أصلياً من يقلد أو يزور الأشياء المذكورة فيها بنفسه أو بواسطة غيره وتتم الجريمة بالتقليد أو التزوير ولو لم يستعمل الشئ فيما قلد أو زور من أجله وقد يقف فعل الجاني عند حد الشروع فيكون معاقباً عليه وفقاً للمادة 46 من قانون العقوبات .
الركن الثاني :
أن يحصل التقليد والتزوير من الأشياء المبينة في المادة 206 ع على سبيل الحصر وهي :
1- أمر جمهوری أو قانون أو مرسوم أو قرار صادر من الحكومة والمراد بالأمر الجمهوري هو الأمر الذي يصدره رئيس الجمهورية استعمالاً لحق من حقوقه كالأمر الصادر بالعفو عن العقوبة المحكوم بها أو إبدالها بعقوبة أخرى .
والقانون هو القاعدة أو مجموعة القواعد التي تصدرها السلطة التشريعية والمرسوم هو الذي يصدره رئيس الجمهورية فيما بين أدوار انعقاد البرلمان ويكفي له قوة القانون إذا اتبعت في شأنه الأوضاع التي نص عليها .
والقرار الصادر من الحكومة هو الذي تصدره السلطة التنفيذية في حدود اختصاصها لتنفيذ القوانين لتشمل القرارات ما صدر من مجلس الأمن أو من أحد الوزراء أو من رئيس مصلحة حكومية في دائرة اختصاص كل منهم وفي الحدود التي رسمها الدستور .
2- خاتم الدولة أو إمضاء رئيس الجمهورية أو ختمه :
خاتم الدولة يراد به خاتمها الرسمي الكبير الذي يحمل شعارها ویعنی وضعه على محرر إرتباط الدولة بما تضمنه وتبصم الدولة بهذا الخاتم على المعاهدات وأوراق الاعتماد والقوانين والمراسيم وبعض الوثائق الرسمية الهامة وسواء أن ينصب فعل التقليد أو التزوير على آلة الخاتم أو على أثرها المنطبع وسواها كذلك أن يتعلق الفعل بالخاتم الحالى للدولة أو بخاتم سابق إذا نسب المحرر الذي وضع على هذا الخاتم أو الإمضاء إلى العهد الذي كانت فيه قوة إلزام الدولة .
3- أختام أو دمغات أو علامات إحدى المصالح أو إحدى جهات الحكومة :
الأختام هي ما تستعمله وزارات الحكومة ومصالحها المختلفة في شئونها أما التمغة فهي الطابع الذي يوضع على بعض الأوراق المالية كأوراق العرائض وأوراق المحاكم وبعض الشهادات العلمية الأميرية أو السلطات العامة والتي تضطلع على إستعمالها لغرض من الأغراض أو للدلالة على معنى خاص أياً كان نوعها أو شكلها وهي تنطبق على الآلة التي تشتمل على أصل العلامة أو على الأثر الذي ينطبع عند إستعمالها كالعلامة التي تضعها السلخانات على اللحوم المذبوحة والعلامات التي تصنعها مصلحة الجمارك على البضائع الصادرة والواردة وما إليها ولا يعد علامة بالمعنى المقصود هنا إلا الإشارات التي ترمز عن شخصية الجهة الحكومية .
ويستوي أن يكون الختم أو التمغة أو العلامة مازال مستعملاً أم بطل إستعماله للعدول عنه أو لإلغاء المصلحة التي كانت تستعمله وتثير بعض العلامات والدمغات الحكومية صعوبات خاصة مثل علامات مصلحة البريد والتلغراف ومصلحة الضرائب وطوابعها فإن هذه الأشياء لاتخرج عن كونها علامات حكومية فيجب أن تخضع لنص المادة 206 ع ويميل بعض الشراح إلى القول بأن المادة 206 ع نطاقاً خاصاً غير نطاق المادتين 229 ع 26 من القانون رقم 44 لسنة 1929 والخاص بعلامات وطوابع مصلحة الضرائب حيث ينص فيهما على عقوبة مخففة ذلك أن المادة 206 تستلزم قصداً جنائياً خاصاً هو نية إستعمال الأشياء المقلدة أو المزورة غشاً وإضراراً بالحكومة والجمهور بينما تطبق المادتان آنفتا الذكر إذا انتفى قصد الغش والإضرار لدى الجاني أي لم يتوفر لديه سوى القصد الجنائي العام دون الخاص بينما ذهب رأي إلى أن علامات مصلحتى البريد والتلغرافات وطوابعها مستثناة من حكم القاعدة العامة ويخضع تقليدها أو تزويرها لحكم المادة 229 في جميع الأحوال .
4- ختم أو إمضاء أو علامة أحد موظفي الحكومة :
والختم والإمضاء معروفان وهما يتضمنان بيان الإسم سواء كان هذا الإسم منقوشاً في صورة ختم أو توقيعاً بيد الموظف .
وأما العلامة فهى الإشارة المختصرة التي يستعملها الموظف دلالة على توقيعه بدلاً من كتابة إسمه كاملاً. والموظف العمومي هو كل شخص يقوم بخدمة عامة سواء كان ذلك نظير أجر أو مرتب تقاضاه نظير عمله أو لا فيعتبر من موظفي الحكومة العمدة وشیخ البلد والصراف ويعاقب من يقلد إمضاء أحدهم أو ختمه بمقتضى المادة 206 ع إذا كانت الأوراق الموقع عليها محررات رسمية يدخل تحريرها في اختصاصهم .
والمقصود بالحماية هنا ليس شخص الموظف بل مصالح الحكومة فلا تطبق المادة 206 في حالة ما إذا قلد شخص ختم موظف لاستعماله في تزوير عقد من عقود المعاملات الخاصة. كبيع أو نحوه بل لا يمكن أن يعاقب على هذا التقليد بعقوبة ما لأنه مجرد عمل تحضيري بمقتضى أعمال وظيفته فعندئذ يعاقب على التقليد بمقتضى المادة 206 كما يعاقب بمقتضاها على إستعمال ذلك الختم مع العلم بتقليده ويلاحظ أنه يستوي أن يتعلق الفعل بآلة الختم أو بأثره المنطبع .
5- أوراق مرتبات أو بونات أو سراكي أو سندات أخرى صادرة من خزينة الحكومة أو فروعها : وأوراق المرتبات هي الأوراق التي بموجبها يحق لشخص معين أو لحاملها أن يصرف في وقت محدود مبلغاً من خزانة الحكومة استيفاء أقسط على الحكومة مستحق الأداء .
والبونات هي الأوراق ذات القيمة المالية التي تصدرها وزارة المالية كلما دعت الحاجة إلى إكتتاب الجمهور مبلغ من المال لمواجهة عجز مؤقت في الخزانة ريثما تنصب فيها حصيلة الضرائب وتعطى هذه البونات الحق لحاملها في فوائد معينة تصرفها الخزانة أيضاً .
والسراکی هي أوراق تعطى للشخص حق استيفاء مبلغ معين من خزانة الدولة كالسراكي التي تسلم لأرباب المعاش للصرف بموجبها شهرياً .
والسندات الأخرى هي الأوراق الصادرة من وزارة المالية والتي ترتب لحاملها حقاً في الشيكات الصادرة على الخزانة أو على أحد فروعها .
ويلاحظ أنه لا يعتبر من قبيل ذلك الشيكات التي تسحبها الحكومة على البنوك دون إخلال بانطباق المادة 206 عقوبات على تزوير ما عليها من إمضاءات الموظفين العموميين كما تعتبر من هذه العملات الورقية التي تصدرها الحكومة فهذه مما تنطبق عليها المادة 202 عقوبات وقد كانت فيما سبق تخضع لحكم المادة 206 عقوبات قبل تعديلها بالقانون رقم 68 لسنة 1956 وتقتصر الحماية الواردة على ما سلف بيانه من الأوراق المالية على السندات دون الأجنبية لأنه يجري التعامل بالسندات بوصفها من الأوراق المالية .
دمغات الذهب أو الفضة :
رأي الشارع وجوب المعاقبة على تقلید دمغات الذهب أو الفضة ضماناً لنوعها وعيارها ويستوي في ذلك تقليد الآلة نفسها التي رسم بها الذهب والفضة وتقليد العلامات المنطبعة على المصوغات .
ويستوي أن تقع الجريمة على آلة التمغة أم على العلامة التي تحدثها وأن تكون التمغة مستعملة حالياً أو بطل استعمالها لتحقق كلمة العقاب في الحالتين ويراعى أن اصطناع علامة تمغة زائفة يتضمن بالضرورة اصطناع الألة المحدثة لها أما اصطناع الآلة فلا يضمن بالضرورة اصطناع العلامة ولكن أحد الفعلين يكفي للعقاب .
الركن الثالث : القصد الجنائي :
هذه الجريمة لاتقع إلا عمدية ولا يكفي لتحقيق معنى العمد فيها مجرد توفير العلم المقترن بإدارة النشاط أي القصد العام وإنما يلزم فضلاً عن ذلك أن يكون لدى الجاني نية خاصة هي نية الغش أو الإضرار. بمعنى أنه يجب أن يكون لدى الجاني نية استعمال الشئ المقلد أو المزور استعمالاً ضاراً بمصلحة الحكومة فالقصد الجنائي في هذه الجريمة قصد خاص .
وقد ذهب رأي إلى أن القصد الخاص عنصر في الجريمة لا يفترض قيامه ولا يستنتج من توافر القصد العام وعلى النيابة أن تثبته .
ولكن الرأي الراجح هو أن القصد الجنائي يفترض دائماً في الجاني الذي يقلد أو يزور شيئاً من الأشياء المذكورة في المادة 206 ع فتقليد ختم جهة حكومية تفيد إنتواء المقلد إستعماله إستعمالاً ضاراً وعليه أن يثبت عدم توافر هذا القصد عنده فإذا قام الدليل على أن المتهم عمد إلى التقليد على سبيل تجربة مهارته الفنية أو كفايته العلمية دون نية إستعمال الشئ المقلد فيعتبر القصد الجنائي في هذه الأحوال غير متوافر .
الجريمة الثانية
إستعمال الأشياء المقلدة أو المزورة :
يقصد بالاستعمال في هذا الصدد استخدام الشئ المقلد أو المزور في أحد الوجوه المعدة لاستعماله مثل ذلك وضع بصمة ختم مقلد أو علامة مزورة على إحدى المحررات وبالنسبة إلى الأوراق الرسمية يتحقق إستعمالها بمجرد تقديمها مع الإستناد إليها في أحد الوجوه کتقديم قرار إداري مزور إلى السلطات لتنفيذه وتقديم سرکی معاش مزور للخزانة لقبض قيمة المعاش ولا يشترط في هذه الحالة قبول المحرر المزور فهذا الشرط هو ما يقتضيه القانون لقيام جريمة الترويج لإستعماله ولهذا فإنه لايهون من قيام جريمة الإستعمال تامة وأن يعلم من قدمت إليه الأوراق المزورة سلفاً بأمر تزويرها ويعد نفسه لضبطها .
والإستعمال جريمة مستقلة عن التقليد أو التزوير ومن ثم لا يشترط أن يكون المستعمل هو نفس المقلد أو المزور أو على صلة به .
الجريمة الثالثة
إدخال الأشياء المقلدة أو المزورة إلى البلاد :
إدخال الشئ المقلد أو المزور إلى البلاد المصرية يتحقق به غرض الجاني من التقيد أو التزوير وعند ذلك يكون الضرر محتملاً إن لم يكن محققاً ويجب أن يتوفر لدى الجاني القصد الجنائي الخاص وهو توفير علمه بأن الشئ الذي أدخله مقلد أو مزور وأن ينتوی بفعلته استعمال هذا الشيء استعمالاً ضاراً بالحكومة أو بإحدى جهاتها - وإذا قلدت الأشياء أو زورت وأرسلت إلى الخارج ثم أعيدت إلى القطر المصرى فتتحقق الجريمة لأن الخطر من إدخالها قائم أيضاً في هذه الصورة والنص مطلق لم يشترط حصول التزوير أو التقليد في الخارج .
العقوبة :
يعاقب الجاني في إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادة 206 ع بالسجن المشدد أو السجن. وتكون مصادرة الأشياء المقلدة أو المزورة واجبة طبقاً لنص المادة 30 عقوبات .
ويلاحظ أن مرتكب التقليد أو التزوير قد يقوم بإستعمال الشئ المقلد أو المزور أو بإدخاله إلى البلاد المصرية وفي هذه الحالة تتعدد في حقه الجرائم وتطبق المادة 32 عقوبات .
ويلاحظ إعمال ما نصت عليه المادة 27 من قانون العقوبات والتي تنص على أن كل موظف ارتكب جناية مما نص عليه في الباب الثالث والرابع والسادس عشر من الكتاب الثاني من هذا القانون عومل بالرأفة فحكم عليه بالسجن يحكم عليه أيضاً بالعزل مدة لا تنقص عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها عليه. والعزل في هذه الحالة عقوبة تكميلية وجوبية . ( موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثالث، الصفحة : 37 )
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحات : 223 ، 224
( مادة 447 ) :
يعاقب بالسجن المؤقت كل من قلد أو زور خاتم الدولة ، أو خاتم أو إمضاء رئيسها ، أو خاتم أو علامة أو طابع لإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة (393) من هذا القانون أو أحد موظفيها ، أو تمغات الذهب أو الفضة أو المعادن الثمينة ، متى كان ذلك بقصد إستعمالها في الأغراض المعدة لها .
ويعاقب بذات العقوبة كل من إستعمل شيئاً مما تقدم فيما أعد له من أغراض ، أو أدخله إلى البلاد وهو عالم بتقليده أو تزويره .
ويعد طابعاً كل أثر منطبع على مادة دلالة على سداد رسم ، أو إستيفاء شرط ، أو إجراء معين .
( مادة 450 ) :
يعاقب بالحبس كل من حرف بقصد الإستعمال أو الترويج طابعاً مستعملاً ، للدلالة على عدم سبق إستعماله ، أو إستعمل طابعاً محرفاً على هذا النحو مع علمه بذلك .
تقليد الأختام والطوابع والعلامات العامة
المواد من (447) - (454) :
يتضمن القانون القائم الأحكام الخاصة بتقليد الأختام والعلامات العامة في الباب السادس عشر من الكتاب الثاني في شأن التزوير مع إستقلال أحكام كل ، وقد رأى المشروع فصلها وإفراد فصل خاص لها ، وضم إلى أحكامها حكم المادة (229) من القانون الحالي للإتصال ، وأضاف بعد ذلك ما يكمل به هذه الأحكام وفقاً لما تكشف عنه العمل وتستلزمه المصلحة العامة ، وقد استحدث المشروع في هذا الشأن بعض الأحكام أهمها ما يلي :
1- المادة (447) من المشروع اتسع نطاقها عن نطاق المادة المقابلة من القانون القائم وهي المادة (206) ، وقد أضحى نص المشروع يتضمن تقليد أو تزوير خاتم الدولة وخاتم أو إمضاء رئيسها ، أو علامة أو طابع لإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة (393) من المشروع ، أو خاتم أو علامة أو طابع أحد موظفيها ، وكذلك تمغات الذهب والفضة أو المعادن الثمينة. كما أنه يعاقب بذات العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة كل من إستعمل شيئا مما تقدم فيها أعد له من أغراض ، أو أدخله إلى البلاد وهو عالم بتقليده أو تزويره ، ونص على أنه يعد طابعا كل أثر ينطبع على مادة دلالة على سداد رسوم أو إستيفاء شرط أو إجراء معين .
ولم ير المشروع كما يفعل القانون القائم التعرض للأوامر والقوانين والقرارات والأوراق وغيرها ، ذلك بأن الفرض أن الجريمة تقع على تقليد الخاتم أو العلامة أو الإمضاء ، وأن الأوامر والقوانين والقرارات تستمد حجيتها من مهرها بالأختام والإمضاءات أو العلامات أو الدمغات ، فإن مهرت بها قلد من شيء من ذلك ، قامت الجريمة وإلى جوارها جريمة تزوير بطريق الإصطناع .
2- المادة (451) من المشروع : استحدث حكمها لجدارة الأشياء التي تضمنها النص بالحماية القانونية ، ويعاقب النص كل من قلد أو زور بقصد الإستعمال اللوحات أو العلامات الأخرى التي تصدر من جهة الإدارة إعمالاً للقوانين واللوائح والأنظمة الخاصة بالنقل أو المرور أو الحرف ، وكذا من إستعمل شيئاً مما تقدم ذكره عالماً بتقليده أو تزويره .
کما يعاقب بذات العقوبات كل من إستعمل لوحة أو علامة صحيحة من هذا القبيل لا حق له في إستعمالها ، كأن تصرف لوحة لسيارة أو دراجة إليه تستخدم لسيارة أخرى وهكذا .
هذا وقد أغفل المشروع إيراد حكم الإعفاء من العقاب الذي تنص عليه المادة (210) من القانون القائم ؛ لخطورة هذا الحكم ، ولقلة إستعماله في العمل .
وأخيراً فإن المادة (454) من المشروع تقابل المادة (229) مکررا من القانون القائم ، المضافة بالقانون رقم (29) لسنة 1983، وقد أبقى عليها المشروع بحالتها .
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الحادي عشر ، الصفحة / 254
تَزْوِيرٌ
التَّعْرِيفُ :
التَّزْوِيرُ فِي اللُّغَةِ : مَصْدَرُ زَوَّرَ، وَهُوَ مِنَ الزُّورِ، وَالزُّورُ: الْكَذِبُ، قَالَ تَعَالَى: ( وَاَلَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ) وَزَوَّرَ كَلاَمَهُ: أَيْ زَخْرَفَهُ، وَهُوَ أَيْضًا: تَزْيِينُ الْكَذِبِ. وَزَوَّرْتُ الْكَلاَمَ فِي نَفْسِي: هَيَّأْتُهُ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ عُمَرَ رضي الله عنه : مَا زَوَّرْتُ كَلاَمًا لأِقُولَهُ إِلاَّ سَبَقَنِي إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ. أَيْ: هَيَّأْتُهُ وَأَتْقَنَتْهُ.
وَلَهُ فِي اللُّغَةِ مَعَانٍ أُخْرَى.
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: تَحْسِينُ الشَّيْءِ وَوَصْفُهُ بِخِلاَفِ صِفَتِهِ، حَتَّى يُخَيَّلَ إِلَى مَنْ سَمِعَهُ أَوْ رَآهُ أَنَّهُ بِخِلاَفِ مَا هُوَ عَلَيْهِ فِي الْحَقِيقَةِ. فَهُوَ تَمْوِيهُ الْبَاطِلِ بِمَا يُوهِمُ أَنَّهُ حَقٌّ.
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ
أ - الْكَذِبُ :
الْكَذِبُ هُوَ: الإْخْبَارُ بِمَا لَيْسَ مُطَابِقًا لِلْوَاقِعِ. وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّزْوِيرِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ، فَالتَّزْوِيرُ يَكُونُ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَالْكَذِبُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ فِي الْقَوْلِ.
وَالْكَذِبُ قَدْ يَكُونُ مُزَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُزَيَّنٍ، وَالتَّزْوِيرُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ فِي الْكَذِبِ الْمُمَوَّهِ.
ب - الْخِلاَبَةُ :
الْخِلاَبَةُ هِيَ: الْمُخَادَعَةُ، وَتَكُونُ بِسَتْرِ الْعَيْبِ، وَتَكُونُ بِالْكَذِبِ وَغَيْرِهِ.
ج - التَّلْبِيسُ :
التَّلْبِيسُ مِنَ اللَّبْسِ، وَهُوَ اخْتِلاَطُ الأَْمْرِ، وَهُوَ سَتْرُ الْحَقِيقَةِ وَإِظْهَارُهَا بِخِلاَفِ مَا هِيَ عَلَيْهَا.
د - التَّغْرِيرُ :
التَّغْرِيرُ هُوَ: الْخَدِيعَةُ وَالإِْيقَاعُ فِي الْبَاطِلِ وَفِيمَا انْطَوَتْ عَاقِبَتُهُ.
هـ - الْغِشُّ :
الْغِشُّ مَصْدَرُ غَشَّهُ إِذَا لَمْ يُمَحِّضْهُ النُّصْحَ، بَلْ خَدَعَهُ.
وَالْغِشُّ يَكُونُ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، فَالتَّزْوِيرُ وَالْغِشُّ لَفْظَانِ مُتَقَارِبَانِ.
و - التَّدْلِيسُ :
التَّدْلِيسُ: كِتْمَانُ الْعَيْبِ، وَهُوَ فِي الْبَيْعِ كِتْمَانُ عَيْبِ السِّلْعَةِ عَنِ الْمُشْتَرِي.
وَالتَّدْلِيسُ أَخَصُّ مِنَ التَّزْوِيرِ؛ لأِنَّهُ خَاصٌّ بِكِتْمَانِ الْعَيْبِ فِي السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ، أَمَّا التَّزْوِيرُ فَهُوَ أَعَمُّ، لأِنَّهُ يَكُونُ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَفِي السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ وَغَيْرِهَا.
ز - التَّحْرِيفُ :
التَّحْرِيفُ: تَغْيِيرُ الْكَلاَمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَالْعُدُولُ بِهِ عَنْ حَقِيقَتِهِ.
ج - التَّصْحِيفُ :
وَالتَّصْحِيفُ: هُوَ تَغْيِيرُ اللَّفْظِ حَتَّى ي َتَغَيَّرَ الْمَعْنَى الْمُرَادُ.
وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ أَحْكَامٍ فِي مُصْطَلَحِ (تَدْلِيسٌ) (وَتَحْرِيفٌ).
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ :
الأْصْلُ فِي التَّزْوِيرِ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ شَرْعًا فِي الشَّهَادَةِ لإِبْطَالِ حَقٍّ أَوْ إِثْبَاتِ بَاطِلٍ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى حُرْمَتِهِ قوله تعالى : ( فَاجْتَنِبُواالرِّجْسَ مِنَ الأْوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ).
وَمِنَ السُّنَّةِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم : «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ الإْشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا، ثُمَّ قَالَ: أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ. فَمَا يَزَالُ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ».
وَقَدِ اسْتُثْنِيَ مِنْ حُرْمَةِ التَّزْوِيرِ أُمُورٌ:
مِنْهَا الْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ، وَتَطْيِيبُ خَاطِرِ زَوْجَتِهِ لِيُرْضِيَهَا، وَالإْصْلاَحُ بَيْنَ النَّاسِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ: أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ مَرْفُوعًا: «لاَ يَحِلُّ الْكَذِبُ إِلاَّ فِي ثَلاَثٍ: يُحَدِّثُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ لِيُرْضِيَهَا، وَالْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ، وَالْكَذِبُ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ» وَمِنْهُ: الْكَذِبُ لِدَفْعِ ظَالِمٍ عَلَى مَالٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَوْ عِرْضٍ، وَفِي سَتْرِ مَعْصِيَةٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ.وَقَدْ نُقِلَ عَنِ النَّوَوِيِّ: الظَّاهِرُ إِبَاحَةُ حَقِيقَةِ الْكَذِبِ فِي الأْمُورِ الثَّلاَثَةِ، وَلَكِنَّ التَّعْرِيضَ أَوْلَى.
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ هُوَ مِنَ الْمُسْتَثْنَى الْجَائِزِ بِالنَّصِّ.
قَالَ صلى الله عليه وسلم: «الْحَرْبُ خُدْعَةٌ»، وَفِيهِ: الأْمْرُ بِاسْتِعْمَالِ الْحِيلَةِ فِي الْحَرْبِ مَهْمَا أَمْكَنَ ذَلِكَ. وَفِيهِ: التَّحْرِيضُ عَلَى أَخْذِ الْحَذَرِ فِي الْحَرْبِ، وَالنَّدْبُ إِلَى خِدَاعِ الْكُفَّارِ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ خِدَاعِ الْكُفَّارِ فِي الْحَرْبِ كَيْفَمَا أَمْكَنَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ فِيهِ نَقْضُ عَهْدٍ أَوْ أَمَانٍ، فَلاَ يَجُوزُ. وَأَصْلُ الْخُدَعِ إِظْهَارُ أَمْرٍ وَإِضْمَارُ خِلاَفِهِ.
وَجَاءَ فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما : «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأْشْرَفِ؟ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَتَاهُ، فَقَالَ: هَذَا - يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم - قَدْ عَنَّانَا وَسَأَلَنَا الصَّدَقَةَ. قَالَ: وَأَيْضًا وَاَللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ قَالَ: فَإِنَّا اتَّبَعْنَاهُ فَنَكْرَهُ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى مَا يَصِيرُ أَمْرُهُ. قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُهُ حَتَّى اسْتَمْكَنَ مِنْهُ فَقَتَلَهُ».
فَقَوْلُهُ: عَنَّانَا أَيْ: كَلَّفَنَا بِالأْوَامِرِ وَالنَّوَاهِي، وَقَوْلُهُ: سَأَلَنَا الصَّدَقَةَ أَيْ: طَلَبَهَا مِنَّا لِيَضَعَهَا مَوَاضِعَهَا، وَقَوْلُهُ: نَكْرَهُ أَنْ نَدَعَهُ أَيْ نَكْرَهُ فِرَاقَهُ. فَقَوْلُهُ لَهُ مِنْ قَبِيلِ التَّعْرِيضِ وَالتَّمْوِيهِ وَالتَّزْوِيرِ، حَتَّى يَأْمَنَهُ فَيَتَمَكَّنَ مِنْ قَتْلِهِ.
وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ: «ائْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ. قَالَ: قُلْ» فَيَدْخُلُ فِيهِ الْكَذِبُ تَصْرِيحًا وَتَلْوِيحًا وَفِي سِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ: «أَتَى نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ، وَإِنَّ قَوْمِي لَمْ يَعْلَمُوا بِإِسْلاَمِي، فَمُرْنِي بِمَا شِئْتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا أَنْتَ فِينَا رَجُلٌ وَاحِدٌ، فَخَذِّلْ عَنَّا إِنِ اسْتَطَعْتَ، فَإِنَّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ. فَخَرَجَ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ حَتَّى أَتَى بَنِي قُرَيْظَةَ، فَقَالَ لَهُمْ: لاَ تُقَاتِلُوا مَعَ الْقَوْمِ - الأَْحْزَابِ - حَتَّى تَأْخُذُوا مِنْهُمْ رَهْنًا مِنْ أَشْرَافِهِمْ، يَكُونُونَ بِأَيْدِيكُمْ ثِقَةً لَكُمْ عَلَى أَنْ تُقَاتِلُوا مَعَهُمْ مُحَمَّدًا، حَتَّى تُنَاجِزُوهُ، فَقَالُوا لَهُ: لَقَدْ أَشَرْتَ بِالرَّأْيِ.
ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى أَتَى قُرَيْشًا فَقَالَ لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمْ وُدِّي لَكُمْ وَفِرَاقِي مُحَمَّدًا، وَأَنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَمْرٌ قَدْ رَأَيْتُ عَلَيَّ حَقًّا أَنْ أُبَلِّغَكُمُوهُ، نُصْحًا لَكُمْ. تَعْلَمُوا أَنَّ مَعْشَرَ يَهُودَ قَدْ نَدِمُوا عَلَى مَا صَنَعُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ، وَقَدْ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ:
إِنَّا قَدْ نَدِمْنَا عَلَى مَا فَعَلْنَا، فَهَلْ يُرْضِيكَ أَنْ نَأْخُذَ لَكَ مِنَ الْقَبِيلَتَيْنِ، مِنْ قُرَيْشٍ وَغَطَفَانَ، رِجَالاً مِنْ أَشْرَافِهِمْ فَنُعْطِيكَهُمْ، فَتَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، ثُمَّ نَكُونَ مَعَكَ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ حَتَّى نَسْتَأْصِلَهُمْ؟ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ: أَنْ نَعَمْ. فَإِنْ بَعَثَتْ إِلَيْكُمْ يَهُودُ يَلْتَمِسُونَ مِنْكُمْ رَهْنًا مِنْ رِجَالِكُمْ فَلاَ تَدْفَعُوا إِلَيْهِمْ مِنْكُمْ رَجُلاً وَاحِدًا.
ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى أَتَى غَطَفَانَ، فَقَالَ لَهُمْ مِثْلَ مَا قَالَ لِقُرَيْشٍ، وَحَذَّرَهُمْ مَا حَذَّرَهُمْ وَأَرْسَلَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَرُءُوسُ غَطَفَانَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ: فَاغْدُوا لِلْقِتَالِ حَتَّى نُنَاجِزَ مُحَمَّدًا وَنَفْرُغَ مِمَّا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِمْ: وَلَسْنَا بِاَلَّذِينَ نُقَاتِلُ مَعَكُمْ مُحَمَّدًا حَتَّى تُعْطُونَا رَهْنًا مِنْ رِجَالِكُمْ، يَكُونُونَ بِأَيْدِينَا ثِقَةً لَنَا، حَتَّى نُنَاجِزَ مُحَمَّدًا، فَإِنَّا نَخْشَى إِنْ ضَرَّسَتْكُمُ الْحَرْبُ وَاشْتَدَّ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَنْ تَنْشَمِرُوا إِلَى بِلاَدِكُمْ وَتَتْرُكُونَا، وَالرَّجُلُ فِي بَلَدِنَا، وَلاَ طَاقَةَ لَنَا بِذَلِكَ مِنْهُ. فَلَمَّا رَجَعَتْ إِلَيْهِمُ الرُّسُلُ بِمَا قَالَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ، قَالَتْ قُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ: وَاَللَّهِ إِنَّ الَّذِي حَدَّثَكُمْ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ لَحَقٌّ. فَأَرْسَلُوا إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ: إِنَّا وَاَللَّهِ لاَ نَدْفَعُ إِلَيْكُمْ رَجُلاً وَاحِدًا مِنْ رِجَالِنَا، فَإِنْ كُنْتُمْ تُرِيدُونَ الْقِتَالَ فَاخْرُجُوا فَقَاتِلُوا. فَقَالَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ، حِينَ انْتَهَتِ الرُّسُلُ إِلَيْهِمْ بِهَذَا: إِنَّ الَّذِي ذَكَرَ لَكُمْ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ لَحَقٌّ مَا يُرِيدُ الْقَوْمُ إِلاَّ أَنْ يُقَاتِلُوا، فَإِنْ رَأَوْا فُرْصَةً انْتَهَزُوهَا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ انْشَمَرُوا إِلَى بِلاَدِهِمْ، وَخَلَّوْا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الرَّجُلِ فِي بَلَدِكُمْ، فَأَرْسَلُوا إِلَى قُرَيْشٍ وَغَطَفَانَ: إِنَّا وَاَللَّهِ لاَ نُقَاتِلُ مَعَكُمْ مُحَمَّدًا حَتَّى تُعْطُونَا رَهْنًا. فَأَبَوْا عَلَيْهِمْ، وَخَذَلَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ، وَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الرِّيحَ فِي لَيَالٍ شَاتِيَةٍ بَارِدَةٍ شَدِيدَةِ الْبَرْدِ، فَجَعَلَتْ تَكْفَأُ قُدُورَهُمْ، وَتَطْرَحُ أَبْنِيَتَهُمْ».
صُوَرُ التَّزْوِيرِ فِي الْمُسْتَنَدَاتِ وَطُرُقُ التَّحَرُّزِ مِنْهَا :
جَاءَ فِي تَبْصِرَةِ الْحُكَّامِ: وَمِثْلُهُ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ: يَنْبَغِي لِلْمُوَثِّقِ أَنْ يَتَأَمَّلَ الأْسْمَاءَ الَّتِي تَنْقَلِبُ بِإِصْلاَحٍ يَسِيرٍ، فَيَتَحَفَّظُ فِي تَغْيِيرِهَا، نَحْوُ مُظْفِرٍ فَإِنَّهُ يَنْقَلِبُ إِلَى مُظْهِرٍ، وَنَحْوُ بَكْرٍ فَإِنَّهُ يَنْقَلِبُ إِلَى بُكَيْرٍ، وَنَحْوُ عَائِشَة فَإِنَّهُ يَصْلُحُ عَاتِكَةَ. وَقَدْ يَكُونُ آخِرُ السَّطْرِ بَيَاضًا يُمْكِنُ أَنْ يُزَادَ فِيهِ شَيْءٌ آخَرُ. وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْذَرَ مِنْ أَنْ يُتَمِّمَ عَلَيْهِ زِيَادَةَ حَرْفٍ مِنَ الْكِتَابِ مِثْلُ أَنْ يَكْتُبَ فِي الْوَثِيقَةِ: أَقَرَّ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ عَقِبَ الْعَدَدِ بَيَانَ نِصْفِهِ بِأَنْ يَقُولَ: (الَّذِي نِصْفُهُ خَمْسُمِائَةٍ مَثَلاً) أَمْكَنَ زِيَادَةُ أَلْفٍ فَتَصِيرُ (أَلْفَا دِرْهَمٍ).
وَفِي التَّنْبِيهِ لاِبْنِ الْمُنَاصِفِ: وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُنْصَبَ لِكِتَابَةِ الْوَثَائِقِ إِلاَّ الْعُلَمَاءُ الْعُدُولُ، كَمَا قَالَ مَالِكٌ رضي الله عنه: لاَ يَكْتُبُ الْكُتُبَ بَيْنَ النَّاسِ إِلاَّ عَارِفٌ بِهَا، عَدْلٌ فِي نَفْسِهِ، مَأْمُونٌ عَلَى مَا يَكْتُبُهُ لقوله تعالى : ( وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ) وَأَمَّا مَنْ لاَ يُحْسِنُ وُجُوهَ الْكِتَابَةِ، وَلاَ يَقِفُ عَلَى فِقْهِ الْوَثِيقَةِ، فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُمَكَّنَ مِنَ الاِنْتِصَابِ لِذَلِكَ؛ لِئَلاَّ يُفْسِدَ عَلَى النَّاسِ كَثِيرًا مِنْ مُعَامَلاَتِهِمْ. وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ عَالِمًا بِوُجُوهِ الْكِتَابَةِ إِلاَّ أَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي دِينِهِ، فَلاَ يَنْبَغِي تَمْكِينُهُ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لاَ يَضَعُ اسْمَهُ بِشَهَادَةٍ فِيمَا يَكْتُبُ؛ لأِنَّ مِثْلَ هَذَا يُعَلِّمُ النَّاسَ وُجُوهَ الشَّرِّ وَالْفَسَادِ، وَيُلْهِمُهُمْ تَحْرِيفَ الْمَسَائِلِ لِتَوَجُّهِ الإْشْهَادِ، فَكَثِيرًا مَا يَأْتِي النَّاسُ الْيَوْمَ يَسْتَفْتُونَ فِي نَوَازِلَ مِنَ الْمُعَامَلاَتِ الرِّبَوِيَّةِ وَالْمُشَارَكَةِ الْفَاسِدَةِ وَالأْنْكِحَةِ الْمَفْسُوخَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لاَ يَجُوزُ، فَإِذَا صَرَفَهُمْ عَنْ ذَلِكَ أَهْلُ الدِّيَانَةِ أَتَوْا إِلَى مِثْلِ هَؤُلاَءِ، فَحَرَّفُوا أَلْفَاظَهَا، وَتَحَيَّلُوا لَهَا بِالْعِبَارَةِ الَّتِي ظَاهِرُهَا الْجَوَازُ، وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى صَرِيحِ الْفَسَادِ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا. وَتَمَالأَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ عَلَى التَّهَاوُنِ بِحُدُودِ الإْسْلاَمِ، وَالتَّلاَعُبِ فِي طَرِيقِ الْحَرَامِ، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).
وَجَاءَ فِي «تَبْصِرَةِ الْحُكَّامِ» أَيْضًا، وَفِي «الْعَالِي الرُّتْبَةِ فِي أَحْكَامِ الْحِسْبَةِ» لأِحْمَدَ بْنِ مُوسَى بْنِ النَّحْوِيِّ الدِّمَشْقِيِّ الشَّافِعِيِّ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُوَثِّقِ مِمَّا لاَ يُخَالِفُ قَوَاعِدَ مَذْهَبِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: فَإِذَا فَرَغَ الْكَاتِبُ مِنْ كِتَابَتِهِ اسْتَوْعَبَهُ (أَيْ كِتَابَتَهُ) وَقَرَأَهُ وَتَمَيَّزَ أَلْفَاظُهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُمَيِّزَ فِي خَطِّهِ بَيْنَ السَّبْعَةِ وَالتِّسْعَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ كَتَبَ بَعْدَهَا (وَاحِدَةً) وَيَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ نِصْفَهَا، فَإِنْ كَانَتْ (أَيِ الدَّرَاهِمُ) أَلْفًا كَتَبَ وَاحِدًا وَذَكَرَ نِصْفَهُ رَفْعًا لِلَّبْسِ، وَإِنْ كَانَتْ خَمْسَةَ آلاَفٍ زَادَ فِيهَا لاَ مَا تُصَيِّرُهَا (آلاَفَ) لِئَلاَّ تُصَلَّحَ الْخَمْسَةُ فَتَصِيرُ خَمْسِينَ أَلْفًا وَيُحْتَرَزُ بِذِكْرِ التَّنْصِيفِ مِمَّا يُمْكِنُ الزِّيَادَةُ فِيهِ كَالْخَمْسَةَ عَشَرَ تَصِيرُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ، وَالسَّبْعِينَ تِسْعِينَ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ الْكَاتِبُ النِّصْفَ مِنَ الْمَبْلَغِ فَيَنْبَغِي لِلشُّهُودِ أَنْ يَذْكُرُوا الْمَبْلَغَ فِي شَهَادَتِهِمْ لِئَلاَّ يَدْخُلَ عَلَيْهِمُ الشَّكُّ لَوْ طَرَأَ فِي الْكِتَابِ تَغْيِيرٌ وَتَبْدِيلٌ، وَإِنْ وَقَعَ فِي الْكِتَابِ إِصْلاَحٌ وَإِلْحَاقٌ نُبِّهَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَحَلِّهِ فِي الْكِتَابِ، وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُكْمِلَ أَسْطُرَ الْمَكْتُوبِ جَمِيعَهَا لِئَلاَّ يُلْحَقَ فِي آخِرِ السَّطْرِ مَا يُفْسِدُ بَعْضَ أَحْكَامِ الْمَكْتُوبِ أَوْ يُفْسِدُهُ كُلَّهُ، فَلَوْ كَانَ آخِرُ سَطْرٍ مَثَلاً. (وَجَعَلَ النَّظَرَ فِي الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ) وَفِي أَوَّلِ السَّطْرِ الَّذِي يَلِيهِ (لِزَيْدٍ) وَكَانَ فِي آخِرِ السَّطْرِ فُرْجَةٌ أَمْكَنَ أَنْ يُلْحِقَ فِيهَا (لِنَفْسِهِ) ثُمَّ لِزَيْدٍ، فَيَبْطُلُ الْوَقْفُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنِ اتَّفَقَ أَنَّهُ بَقِيَ فِي آخِرِ السَّطْرِ فُرْجَةٌ لاَ تَسَعُ الْكَلِمَةَ الَّتِي يُرِيدُ كِتَابَتَهَا لِطُولِهَا وَكَثْرَةِ حُرُوفِهَا، فَإِنَّهُ يَسُدُّ تِلْكَ الْفُرْجَةَ بِتَكْرَارِهِ تِلْكَ الْكَلِمَةَ الَّتِي وَقَفَ عَلَيْهَا أَوْ كَتَبَ فِيهَا صَحَّ، أَوْ صَادًا مَمْدُودَةً، أَوْ دَائِرَةً مَفْتُوحَةً، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يَشْغَلُ بِهِ تِلْكَ الْفُرْجَةَ، وَلاَ يُمْكِنُ إِصْلاَحُهَا بِمَا يُخَالِفُ الْمَكْتُوبَ. وَإِنْ تَرَكَ فُرْجَةً فِي السَّطْرِ الأْخِيرِ كَتَبَ فِيهَا حَسْبِي اللَّهُ أَوِ الْحَمْدُ لِلَّهِ، مُسْتَحْضِرًا لِذِكْرِ اللَّهِ نَاوِيًا لَهُ، أَوْ يَأْمُرُ أَوَّلَ شَاهِدٍ يَضَعُ خَطَّهُ فِي الْمَكْتُوبِ أَنْ يَكْتُبَ فِي تِلْكَ الْفُرْجَةِ. وَإِنْ كَتَبَ فِي وَرَقَةٍ ذَاتِ أَوْصَالٍ كَتَبَ عَلاَمَتَهُ عَلَى كُلِّ وَصْلٍ، وَكَتَبَ عَدَدَ الأْوْصَالِ فِي آخِرِ الْمَكْتُوبِ، وَبَعْضُهُمْ يَكْتُبُ عَدَدَ أَسْطُرِ الْمَكْتُوبِ، وَإِنْ كَانَ لِلْمَكْتُوبِ نُسَخٌ ذَكَرَهَا وَذَكَرَ عُدَّتَهَا، وَأَنَّهَا مُتَّفِقَةٌ، وَهَذَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ سَهْلٍ وَابْنُ الْهِنْدِيِّ وَغَيْرُهُمَا.
وَمِثْلُهُ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ أَيْضًا وَقَالَ: إِنَّ ذَلِكَ مِمَّا لاَ يُخَالِفُ قَوَاعِدَ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه.
وَجَاءَ فِي مَجَلَّةِ الأْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ (الْمَادَّةُ 1814) وَنَصُّهَا :
يَضَعُ الْقَاضِي فِي الْمَحْكَمَةِ دَفْتَرًا لِلسِّجِلاَّتِ، وَيُقَيِّدُ وَيُحَرِّرُ فِي ذَلِكَ الدَّفْتَرِ الإْعْلاَمَاتِ وَالسَّنَدَاتِ الَّتِي يُعْطِيهَا بِصُورَةٍ مُنْتَظِمَةٍ سَالِمَةٍ عَنِ الْحِيلَةِ وَالْفَسَادِ، وَيَعْتَنِي بِالدِّقَّةِ بِحِفْظِ ذَلِكَ الدَّفْتَرِ، وَإِذَا عُزِلَ سَلَّمَ السِّجِلاَّتِ الْمَذْكُورَةَ إِلَى خَلَفِهِ، إِمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَاسِطَةِ أَمِينِهِ.
إِثْبَاتُ التَّزْوِيرِ :
يَثْبُتُ التَّزْوِيرُ بِإِقْرَارِ الْمُزَوِّرِ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ ظُهُورِ الْكَذِبِ يَقِينًا، كَأَنْ يَشْهَدَ بِقَتْلِ رَجُلٍ وَهُوَ حَيٌّ، أَوْ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ فَعَلَ شَيْئًا فِي وَقْتٍ، وَقَدْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ، أَوْ لَمْ يُولَدْ إِلاَّ بَعْدَهُ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ.
أَمَّا التَّزْوِيرُ فِي الْوَثَائِقِ، فَذَهَبَ اللَّخْمِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَأَبُو اللَّيْثِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: إِلَى أَنَّهُ إِذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ بِمَالٍ فَجَحَدَهُ، فَأَخْرَجَ الْمُدَّعِي صَحِيفَةً مَكْتُوبَةً بِخَطِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ، فَطَلَبَ الْمُدَّعِي أَنْ يُجْبَرَ عَلَى أَنْ يَكْتُبَ بِحَضْرَةِ الْعُدُولِ، وَيُقَابِلَ مَا كَتَبَهُ بِمَا أَظْهَرَهُ الْمُدَّعِي، فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْكِتَابَةِ، وَعَلَى أَنْ يُطَوِّلَ فِيمَا يَكْتُبُ تَطْوِيلاً لاَ يُمْكِنُ مَعَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ خَطًّا غَيْرَ خَطِّهِ، فَإِنْ ظَهَرَ بَيْنَ الْخَطَّيْنِ تَشَابُهٌ ظَاهِرٌ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُمَا خَطُّ كَاتِبٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّهُ حُجَّةٌ يَقْضِي بِهَا.
وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ: وَبِهِ قَالَ أَئِمَّةُ بُخَارَى.وَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ الصَّائِغُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنَّهُ لاَ يُجْبَرُ عَلَيْهِ، كَمَا لاَ يُجْبَرُ عَلَى إِحْضَارِ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَيْهِ.
وَفَرَّقَ اللَّخْمِيُّ بَيْنَ إِلْزَامِهِ بِالْكِتَابَةِ وَعَدَمِ إِلْزَامِهِ بِإِحْضَارِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَقْطَعُ بِتَكْذِيبِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي تَشْهَدُ عَلَيْهِ، فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَسْعَى فِي أَمْرٍ يَقْطَعُ بِبُطْلاَنِهِ، أَمَّا خَطُّهُ فَإِنَّهُ صَادِرٌ مِنْهُ بِإِقْرَارِهِ، وَالْعُدُولُ يُقَابِلُونَ بِمَا يَكْتُبُهُ الآْنَ بِمَا أَحْضَرَهُ الْمُدَّعِي، وَيَشْهَدُونَ بِمُوَافَقَتِهِ أَوْ مُخَالَفَتِهِ.
كَمَا نَقَلَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ نَصَّ أَنَّ ذَلِكَ لاَ يَكُونُ حُجَّةً؛ لأِنَّهَا لاَ تَكُونُ أَعْلَى حَالاً مِمَّا لَوْ أَقَرَّ فَقَالَ: هَذَا خَطِّي، وَأَنَا كَتَبْتُهُ، غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ هَذَا الْمَالُ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ.
عُقُوبَةُ التَّزْوِيرِ :
عُقُوبَةُ التَّزْوِيرِ: التَّعْزِيرُ بِمَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ. كَأَيِّ جَرِيمَةٍ لَيْسَ لَهَا عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ، إِنْ عَلِمَ أَنَّهُ تَعَمَّدَ التَّزْوِيرَ، فَيُعَزَّرُ بِمَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ تَشْهِيرٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ، أَوْ كَشْفِ رَأْسِهِ وَإِهَانَتِهِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي: (شَهَادَةٌ، تَعْزِيرٌ، تَشْهِيرٌ).