من المقرر أن المادة 208 من قانون العقوبات قد نصت على أنه ( يعاقب بالحبس كل من قلد ختماً أو تمغة أو علامة لإحدى الجهات أياً كانت ... وكذا من إستعمل شيئاً من الأشياء المذكورة مع علمه بتقليدها ) كما نصت المادة 209 من القانون المذكور على أنه " كل من إستحصل بغير حق على الأختام أو التمغات أو النياشين الحقيقية المعدة لأحد الأنواع السالف ذكرها وإستعملها إستعمالاً مضراً بأى مصلحة عمومية أو شركة تجارية أو أى إدارة من إدارات الأهالى يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين ، وكان المستفاد من هذين النصين أنهما قد أسبغا الحماية على أختام وتمغات وعلامات كل ما خرج عن تلك الخاصة بالحكومة والهيئات العامة وكل ما خرج عما نصت عليه المادة 206 مكرراً من قانون العقوبات ومن ثم فإن الأحكام الواردة فى هذين النصين إنما تنصرف إلى ما تبقى من جهات ومنها أختام الحكومات الأجنبية .
( الطعن رقم 63002 لسنة 59 ق - جلسة 1995/05/15 - س 46 ص 855 ق 129 )
الجريمة التي تنص عليها المادة 209 من قانون العقوبات :
هذه الجريمة تقابل - وتتماثل في أغلب أحكامها - مع الجريمة التي تنص عليها المادة 207 من قانون العقوبات : فهي تفترض مثلها خاتماً أو تمغة أو علامة حقيقية استحصل عليه الجاني بغير حق ، ثم استعمله عمداً استعمالاً ضاراً، والفارق الجوهري بين الجريمتين أن المادة 209 تفترض أن الخاتم أو التمغة أو العلامة لجهة خاصة، في حين تفترض المادة 207 أنه لجهة حكومية أو لإحدى هيئات القطاع العام أو لشركة مساهمة أو ما في حكمها . وبالإضافة إلى ذلك، فإن المادة 209 تفترض أن الاستعمال مضر « بأي مصلحة عمومية أو شركة تجارية أو أي إدارة من إدارات الأهالي » ، فهي بذلك تستبعد حالة إضرار الإستعمال بمصلحة الفرد على حدة، وعلى خلاف ذلك ، فإن عبارة المادة 207 التي أشارت إلى الإستعمال الضار « بمصلحة خاصة » تتسع للإضرار بمصلحة الفرد بالذات . ( شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، الطبعة السابعة 2012 دار النهضة العربية، الصفحة : 242 )
هذه المادة تقابل المادة 207 التي تعاقب على الاستعمال الضار للأختام الحكومية ، ولذلك فهي تماثلها في أغلب أحكامها، فمن حيث الركن المادي يتمثل في استحصال الجاني بغير حق على آلة الختم أو الدمغات أو العلامات ثم استعمالها استعمالاً ضاراً بجهات معينة حددتها المادة 209 بقولها: «بأي مصلحة عمومية أو شركة تجارية أو أي إدارة من إدارات الأهالي». ويقتضي ذلك القول بأن الجريمة لا تقع إذا كان الاستعمال مضراً بمصلحة فرد من الأفراد، ويمثل ذلك وجه خلاف بين هذه الجريمة وجريمة المادة 207 التي تشير إلى الاستعمال الضار بمصلحة خاصة مما يمكن معه القول بقيام الجريمة إذ كان الاستعمال ضاراً بمصلحة أحد الأفراد، إذ تعتبر مصلحته مصلحة خاصة .
وتتميز هذه الجريمة عن جريمة المادة 207 من حيث محل الجريمة، فهما وإن اشتركتا في كون هذا المحل ختماً أو تمغة أو علامة إلا أنهما تختلفان من حيث الجهة التي يخصها هذا الختم أو التمغة أو العلامة ، فبينما هي وفقاً للمادة 207 جهة حكومية أو إحدى هيئات القطاع العام أو الشركات المساهمة وما إليها، فإنها وفقاً للمادة 209 جهة خاصة .
وتتفق الجريمتان من حيث الركن المعنوي ، وهو القصد الجنائي العام الذي يتمثل في اتجاه إرادة الجاني إلى الاستحصال على الختم أو التمغة أو العلامة وإلى استعماله، مع علمه بأنه يستحصل عليه بغير حق، وبأن من شأن استعماله الإضرار بالغير .
العقوبة :
يقرر المشرع لهذه الجريمة عقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنتين ، مع مصادرة محل الجريمة وفقاً للمادة 30 / 2 من قانون العقوبات . ( شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية، الصفحة : 258 )
الشرط المفترض :
تفترض هذه الجريمة وقوعها على الأختام أو الدمغات أو العلامات الحقيقية، وقد عبرت المادة 209 عقوبات بلفظ «النياشين» عن العلامات، ويتعين أن تكون هذه الأشياء خاصة بإحدى الجهات الواردة في المادتين 206 مكرراً و 208 عقوبات على حسب الأحوال .
الركن المادي :
يتحقق بتوافر عنصري الاستحصال بغير حق على الختم ونحوه، ثم استعماله استعمالاً ضاراً، وقد تطلب القانون أن يكون من شأن هذا الاستعمال الإضرار بالمصلحة العامة أو مصلحة إحدى الهيئات الخاصة، وقد عبر عن المصلحة الخاصة في المادة 209 عقوبات بقوله إنها هي التي تتعلق به « شركة تجارية أو أي إدارة من إدارات الأهالي»، وهو تعبير لا يخلو من الركاكة وعدم الدقة في الصياغة، ويلاحظ من ذلك أن المشرع قد تطلب في الضرر الخاص أن يلحق بإحدى المنشآت الخاصة ولم يكن بمجرد الإضرار بمصالح الأفراد .
وقد ذهب البعض إلى أن عبارة «المصلحة العمومية» الواردة في المادة 209 عقوبات جاءت في غير موضعها استناداً إلى أن هذه المادة اقتصرت على حماية أختام غير حكومية ونحوها، وأن المشرع لم ينتبه إلى حذف هذه العبارة بعد أن أخرج من نطاق المادة المذكورة الأختام الحكومية بعد أن كانت تعالجها من قبل في قانون سنة 1883 .
ورغم وجاهة هذا الرأي ولكن يمكن تصور الحالات التي قد يترتب على إستعمال هذا النوع من الأختام الإضرار بالمصلحة العامة، مثال ذلك الموظف بإحدى الشركات الذي يستحصل بغير حق على ختم الشركة ويبصم به خطاباً منسوباً إليها يفيد تمثيله للشركة في قبض قيمة المنتجات التي وردتها لإحدى المصالح الحكومية، ليتمكن بناء على ذلك من الاستيلاء على ختم مصلحة حكومية، ليختم به شهادة تفيد نجاحه في امتحانات النقل ليتمكن بناء عليها من الإلتحاق بمدرسة أخرى في سنة دراسية أعلى، أما الإضرار بمصالح الهيئات الخاصة، فمثاله من يستحصل على ختم إحدى الشركات ليختم به على شهادة تفيد أنه سبق أن خدم هذه الشركة لمدة معينة لتقديمها إلى شركة أخرى .
وكما قلنا في الجريمة المنصوص عليها في المادة 207 عقوبات، لا يشترط في هذه الجريمة حصول الضرر الفعلي للمصلحة، بل يكفي مجرد تعرضها للخطر .
الركن المعنوي :
هذه جريمة عمدية، يتعين فيها توافر القصد الجنائي العام. ولا يشترط توافر نية الإضرار، كما لا يحول دون توافر القصد الجنائي حسن الباعث .
العقوبة :
میز المشرع بين عقوبة الجريمة التي تقع على الأختام أو الدمغات أو العلامات المملوكة للقطاع العام من ناحية، وبين الأشياء المذكورة نفسها المملوكة لغير ذلك من المشروعات الخاصة، وذلك على النحو الآتي :
(1) نصت المادة 207 عقوبات على معاقبة مرتكب هذه الجريمة بالحبس، سواء وقعت على أختام أو دمغات أو علامات حقيقية لإحدي المصالح الحكومية أو إحدى الجهات العمومية أو إحدى الهيئات المنصوص عليها في المادة 206 مكرراً عقوبات والسالف بيانها .
وهذه المساواة في العقوبة لا تتناسب مع خطة المشرع في تدرج العقوبات المقررة لجرائم تقليد هذه الأشياء وتزويرها وما نحو ذلك .
2- نصت المادة 209 عقوبات على معاقبة مرتكب هذه الجريمة بالحبس مدة لا تزيد على سنتين إذا وقعت عاى أشياء مملوكة لإحدى الجهات الخاصة الأخرى المشار إليها فى المادة 208 عقوبات السابق بيانها ، وهى التى لا تنطبق عليها المادة 206 مكرراً عقوبات . ( الوسيط في قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة الكتاب الأول 2016، الصفحة : 786 )
عالج المشرع في المادة 209 إساءة استعمال الأختام والعلامات والتمغات المتعلقة بجهات خاصة على غرار ما فعله بالنسبة للأختام الحكومية وتلك المتعلقة بوحدات القطاع العام وما في حكمها (مادة 207) .
ولذلك فإن الأركان والعناصر المكونة للجريمة هي ذاتها المتطلبة في الجريمة المنصوص عليها في المادة 207 سالفة البيان ، ووجه الاختلاف فقط في الجهة صاحبة الأختام أو العلامات أو الدمغات ، ويراعى أن المشرع في المادة 209 لم يردد لفظ العلامات وأبدلها بالنياشين، وكلا اللفظين يعبران في هذا المجال عن معنى واحد .
والركن المادي يقوم على سلوك الاستعمال والذي يجب أن ينصب على ختم أو علامة أو تمغة حقيقية يكون الجاني قد استحصل عليها دون وجه حق، ويكفي لتوافر الجريمة في ركنها المادي أن يكون الاستعمال ضاراً بمصلحة عامة أو خاصة، ولا يلزم تحقق ضرر مادی بل يكفي الضرر المعنوي المتمثل في نسبة الشيء المختوم أو المدفوع أو الذي يحمل العلامة إلى الجهة دون موافقتها مع احتمال تحقق ضرر فعلي، ولذلك فإنه يكفي لقيام الجريمة أن يكون من شأن الاستعمال تعريض أي مصلحة كانت عامة أو خاصة لخطر وقوع ضرر فعلي .
والركن المعنوي للجريمة يقوم على القصد الجنائي المتمثل في اتجاه إرادة الجاني إلى استعمال الأختام ونحوها مع العلم باستحصاله عليها دون وجه حق وأن من شأن الاستعمال تعريض مصالح الغير لخطر الإضرار بها .
العقوبة : هي الحبس مدة لا تزيد على سنتين ، ولم يحدد المشرع حداً أدنى لعقوبة الحبس ومن ثم فيمكن للمحكمة أن تحكم بالحد الأدني العام ، وهو أربع وعشرون ساعة . ( قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ مأمون محمد سلامة، الطبعة الأولى 2017 الجزء الأول، الصفحة : 430 )
أولاً : الفعل المادي :
الفعل المادي الذي تعاقب عليه المادة التي نحن بصددها مكون من عنصرين لابد من اجتماعهما معاً لقيام الجريمة، هما الاستحصال بغير حق على أختام أو نحوها غير حكومية، ثم استعمالها استعمالاً ضاراً، وأحدهما لا يكفي منفرداً لقيامها .
ثانياً : محل الجريمة :
محل جنحة المادة التي نحن بصددها "الأختام والتمغات والنياشين". وهذه الكلمة الأخيرة مقصود بها العلامات .
ويراد بالأختام والتمغات والعلامات هنا الآلات التي تستعمل في إحداثها، لا الطابع أو الأثر الظاهر، لأن الاستحصال بغير حق الذي توصل إليه بطريقة غير مشروعة كالسرقة أو النصب، وذلك ما يصح على الآلة المستعملة دون طابعها أو أثرها .
كما يلزم أن تكون هذه الآلة مملوكة لجهة غير حكومية، وقد استعملت المادة التي نحن بصددها في تحديد هذه الجهات ألفاظاً غير تلك التي استعملتها المادة (208) عقوبات مثل قولها "مصلحة عمومية" بدلاً من عبارة "إحدى الجهات أية كانت" و "شركة تجارية" بدلاً من "أحد البيوت التجارية"، وهي ألفاظ غير مترادفة، ولكن المجمع عليه أن المشرع لم يقصد بهذه الألفاظ الجديدة تعيين جهات أخرى غير تلك التي أشار إليها في المادة السابقة (المادة 208 عقوبات)، وأن ورودها على هذا النحو كان من قبيل سوء اختيار التعبير فحسب .
ثالثاً : القصد الجنائي :
تتطلب جنحة المادة التي نحن بصددها توافر القصد الجنائي العام لأنها جريمة عمدية كما تتطلب ثانياً توافر قصد خاص هو نية الغش أو الإضرار بالمصلحة العمومية أو الشركة التجارية..." أي بالجهة صاحبة الختم أو التمغة أو العلامة المستحصل عليها بغير حق .
العقوبة :
هي الحبس لمدة لا تزيد على سنتين. وتكون المصادرة جوازية طبقاً لنص المادة ( 30 / 1 ) عقوبات، وبدون إخلال بحقوق الغير حسن النية وهي الجهة صاحبة آلة الختم أو التمغة أو العلامة . ( الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثالث، الصفحة : 152 )
الجريمة الواردة بهذا النص مقابل الجريمة المنصوص عليها بالمادة 207 وتتفق معها في حكمها فيما عدا أمرين الأول : الجهة صاحبة الختم أو التمغة في قيام الجريمة بأن يلحق الضرر بشخص من آحاد الناس .
وإنما يجب أن يصيب الضرر مصلحة عامة أو أي إدارة من إدارات الأهالي منشأة أهلية أو محل تجاري أو بيت مالي والقصد الجنائي في هذه الجريمة لا يختلف عما سبق ذكره في جريمة المادة 207 عقوبات فهو القصد الجنائي الخاص أي العلم المقترن أو المصاحب لإرادة النشاط المادي في الجريمة مع توافر نية الغش والإضرار بإحدى الجهات المذكورة وهي المصلحة العامة أو إحدى إدارات الأهالي ويعاقب الجاني في هذه الجريمة بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين . ( موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثالث، الصفحة : 63 )