loading

موسوعة قانون العقوبات​

الأحكام

1 ـ من المقرر أن مفاد نص المادة 210 من قانون العقوبات أن المشرع اشترط لإعفاء المتهم من العقاب عن أي من جرائم التزوير الواردة بالمواد من 206 وحتى المادة 209 من ذات القانون أن يكون قد بادر بإخبار الحكومة بها قبل تمامها وقبل البحث عنه أو أن يخبر عن غيره من الجناة أو يسهل للسلطات القبض عليهم , باعتبار أن هذا الإعفاء نوع من المكافأة منحها الشارع لكل من يؤدى خدمة للعدالة , فإذا لم يكن للإبلاغ أو الإخبار فائدة ولم يتحقق صدقه , بأن كان غير متسم بالجدية والكفاية فلا يستحق صاحبه الإعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع لعدم بلوغ النتيجة التى يُجزى عنها بالإعفاء وهى ضبط الواقعة قبل تمامها أو تمكن السلطات من القبض على الجناة , وإذ كان الثابت من الأوراق أن الأقوال التى أدلى بها الطاعن فى هذا الشأن والتى جاءت بعد ضبط المحرر المزور لم تتعد مجرد قول مرسل عار عن دليله بأن شخصاً سماه - هو والد المحكوم عليه الآخر - سلمه التوكيل موضوع الاتهام بحالته , وقد وردت هذه الأقوال من الطاعن فى نطاق نفى علمه بتزوير ذلك التوكيل , وهو دفاع على ما سلف قد اطرحه الحكم وما دامت لم تسهم أقواله هذه فى تحقق غرض الشارع بضبط أحد ممن يكون قد ساهم فى اقتراف الجريمة فإنه لا يتحقق بها موجب الإعفاء من العقاب المقرر بتلك المادة لتخلف المقابل المبرر له .

( الطعن رقم 47778 لسنة 75 ق - جلسة 2012/11/11 - س 63 ص 666 ق 119 )

2 ـ لما كان الحكم المطعون فيه قد اطرح دفاع الطاعن بحقه فى الإعفاء من العقاب فى قوله " ... وحيث إنه عن القول بطلب الإعفاء من العقاب لإبلاغه رئيسه بالواقعة وتوصل بهذا الإخبار القبض على الجناة عملاً بالمادتين 110 ، 322 من قانون العقوبات فمردود بأن المادة 210 من قانون العقوبات تنص على أن الأشخاص المرتكبين لجنايات التزوير المذكورة بالمواد السابقة يعفون من العقوبة إذا أخبروا الحكومة بهذه الجنايات قبل تمامها وقبل الشروع فى البحث عنها وعرفوها بفاعليها الآخرين أو سهلوا القبض عليهم ولو بعد الشروع فى البحث المذكور " . ومفاد ذلك أن الشارع فى ذلك النص اشترط للإعفاء من العقاب للأشخاص المرتكبين لجنايات التزوير المذكورة فى المواد 206 عقوبات وما بعدها توافر حالتين الحالة الأولى هي إخبار الحكومة قبل تمام الجريمة وقبل البحث عن الجناة والثانية تسهيل القبض عليهم ولو بعد الشروع فى البحث عنهم ، وليست العلة فى الإعفاء مقصورة على الحيلولة دون تمام هذه الجرائم وضبطها قبل وقوعها بل لقد رأى المشرع أن يتوسع فى الإعفاء فيتغاضى عن العقاب فى الحالة الثانية أيضاً فى سبيل الوصول إلى معاقبة الجناة ومتى كان ذلك ، وكان المتهم قد ارتكب جناية الاختلاس وقد ارتبطت تلك الجناية بجناية التزوير واستعماله المحرر المزور والإضرار العمدى بأموال الجهة التي يعمل بها وتقليد خاتم شعار الجمهورية ولم يقم بإخبار الحكومة بذلك قبل البحث عن الجناة كما أنه لم يسهل القبض على الجناة وكان ما قدم من الدفاع من مستندات لا يرقى إلى مجرد الإبلاغ عن الواقعة ولكن مجرد مذكرة مقدمة من المتهم إلى مدير عام الإدارة العامة للإعفاءات والشئون الفنية غير موجهة إلى جهة معينة وهذه المذكرة حررت بعد الاستعلام من الإدارة العامة للسماح المؤقت والدروباك بالقاهرة بالاستعلام عن عدم وصول الشهادات إليها ومن ثم تكون المذكرات قد حررت بناءً على الاستعلام الوارد من الجهة الأخيرة وليست لإبلاغ أو إخبار الحكومة وتكون المادتين المستند عليهما فى دفعه غير منطبقتين على الواقعة ويكون المتهم ليس معفياً من العقاب ولا تنطبق عليه شروط الإعفاء ومن ثم تلتفت المحكمة ولا تعول على ما أثاره الدفاع فى هذا الشأن أو استند عليه ولا تعول عليه ويكون منعى الدفاع فى هذا الصدد فى غير محله متعيناً رفضه . " . لما كان ذلك ، وكانت المادة 210 من قانون العقوبات قد نصت على أن " الأشخاص المرتكبين لجناية التزوير المذكورة بالمواد السابقة يعفون من العقوبة إذا أخبروا الحكومة بهذه الجنايات قبل تمامها وقبل الشروع فى البحث عنها وعرفوها بفاعليها الآخرين أو سهلوا القبض عليهم ولو بعد الشروع فى البحث المذكور " وإذ كان الحكم قد دلل بما أورده من أدلة سائغة على أن ما ارتكبه الطاعن يوفر فى حقه جناية التزوير فى محرر رسمى واستعماله المرتبطة بجناية الاختلاس والإضرار العمدى بأموال جهة عمله وتقليد الأختام ولم يقم بإخبار الحكومة بذلك قبل البحث عن الجناة كما أنه لم يسهل القبض عليهم ، فإن ما يثيره الطاعن من تعييب الحكم لعدم إعفائه من العقاب طبقاً لنص المادة 210 من قانون العقوبات لا يكون له وجه .

( الطعن رقم 11099 لسنة 79 ق - جلسة 2010/11/25 )

3ـ لما كان نص المادة 210 من قانون العقوبات يجري على أن " الأشخاص المرتكبون لجنايات التزوير المذكورة بالمواد السابقة يعفون من العقوبة إذا أخبروا الحكومة بهذه الجنايات قبل تمامها وقبل الشروع فى البحث عنهم وعرفوها بفاعليها لآخرين أو سهلوا القبض عليهم ، ولو بعد الشروع فى البحث المذكور" فالقانون قد قسم أحوال الإعفاء فى هذه المادة إلى حالتين مختلفتين تتميز كل منهما بعناصر مستقلة ، واشترط فى الحالة الأولى إخبار الحكومة قبل تمام الجريمة وقبل البحث عن الجناة , أما الحالة الثانية من حالتي الإعفاء فهي إن لم تستلزم المبادرة بالإخبار قبل الشروع فى البحث عن الجناة ، إلا أن القانون اشترط - فى مقابل الفسحة التي منحها الجاني فى الإخبار - أن يكون إخباره هو الذي مكن السلطات من القبض على غيره من الجناة ، فموضوع الإخبار - فى هذه الحالة - يجاوز مجرد التعريف بالجناة إلى الإفضاء بمعلومات صحيحة تؤدي بذاتها إلى القبض على مرتكبي الجريمة , ولما كان مؤدى ما حصله الحكم المطعون فيه أن تحريات الشرطة قد دلت على قيام الطاعن بتزوير المحررات الرسمية ومحررات الشركات المساهمة والجمعيات وبناء على إذن النيابة العامة تمكن الضابط من القبض عليه وعثر معه على المحررات المزورة ممهورة ببصمات أختام مقلدة ، وقد لاذ بالإنكار لدى مواجهة النيابة العامة له وظل على إنكاره أمام المحكمة ، وإذ كان الحكم - على ما تقدم - قد أثبت أن أمر الجريمة ومرتكبها كان قد تكشف قبل القبض على الطاعن ، وأنه اعتصم بالإنكار بعد القبض عليه ، ولم يخبر عن آخرين قد ساهموا معه فيها وهو ما لا يجادل الطاعن فيه ، فإن فى هذا ما يتضمن بذاته الرد على ما أثاره الطاعن فى شأن الإعفاء المنصوص عليه فى المادة المذكورة بما يدل على اطراحه ، ولا تلتزم المحكمة بالرد عليه ، ومن ثم فقد تخلفت شرائط الإعفاء بحالتيه ، ويكون ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد بعيداً عن محجة الصواب .

( الطعن رقم 1103 لسنة 78 ق - جلسة 2009/06/02 - س 60 ص 262 ق 36 )

4ـ لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الإعفاء من العقاب إعمالاً للمادة 210 من قانون العقوبات واطرحه فى قوله : " وحيث إنه عن طلب الدفاع عن المتهمين الثاني والثالث إعمال أحكام المادة 210 من قانون العقوبات فى حقيهما وإعفائهما من العقاب فلما كانت المادة 210 من قانون العقوبات قد نصت على أن : " الأشخاص المرتكبين لجنايات التزوير المذكورة بالمواد السابقة يعفون من العقوبة إذا أخبروا الحكومة بهذه الجنايات قبل تمامها وقبل الشروع فى البحث عنها وعرفوها بفاعليها الآخرين أو سهلوا القبض عليهم ولو بعد الشروع فى البحث المذكور . " وكان من المقرر أنه ينبغي للإعفاء من العقاب فى حالة إخبار السلطات بجريمة التقليد المرتبطة بجريمة التزوير بعد شروعها فى البحث أو الضبط أن يفضي المتهم بمعلومات جدية صحيحة تؤدي بذاتها إلى القبض على سائر المساهمين فى الجريمة . ولما كان ذلك ، وكان واقع الحال فى الدعوى الماثلة أن أيًّا من المتهمين لم يُفْضِ بمعلومات جدية تؤدي إلى القبض على سائر المساهمين فى الجريمة ذلك أن المتهم الثاني تعمد فى اعترافه وإرشاده عن المتهمين حجب المتهم الرابع عن السلطات الذي لم يقبض عليه إلا بما أفضى به المتهم الثالث من معلومات فى مرحلة تالية ، كما حجب أيضاً المتهمة السابعة عن السلطات ولم يشر إليها فى اعترافه ، وبالنسبة للمتهم الثالث فهو أيضاً تعمد حجب ابنتي شقيقته ...... و...... عن السلطات رغم أنه استعان بهما فى تحرير عدد كبير من بيانات التوكيلات المزورة على النحو الثابت باعتراف كل منهما ، وأثبت التقرير الفني أن كلاًّ منهما قد خطت بيدها عدد من التوكيلات على النحو المبين باعترافاتهما وبالتقرير والمبينين سلفاً ، كما تعمد حجب المتهمة السابعة أيضاً عن السلطات ولم يقبض عليها إلا بناء على ما أدلى به المتهم السادس من معلومات ، بالإضافة إلى تراجعه مرة أخرى فى اعترافاته بجلسات المحاكمة منكراً الواقعة برمتها ، الأمر الذي ترى معه المحكمة عدم استحقاق أي منهما فى الاستفادة من أعمال أحكام المادة 210 عقوبات فى حقه " . لما كان ذلك ، وكان البين من نص المادة 210 من قانون العقوبات تقريرها لعذرين يختلفان فى شروطهما وإن اتحدا كذلك فى أثرهما وهو الإعفاء الوجوبي من العقاب ، أما موضع اختلافهما فهوالوقت الذي يتعين التقدم فيه بالإخبار ، فالعذر الأول يفترض أن الإخبار كان قبل تمام الجناية وقبل الشروع فى البحث عن الجناة ويتعين تعريف السلطات العامة بالفاعلين الآخرين ، والعذر الثاني يفترض أن الإخبار كان بعد الشروع فى البحث عن الجناة ، ولكن يتعين أن يسهل المتهم للسلطات العامة القبض على سائر الجناة ، ويعنى ذلك أنه لا يكفي أن يكشف المتهم عن اسمائهم ، وإنما يتعين أن يتضمن إخباره معلومات مفصلة تتيح للسلطات أن تتذرع بالوسائل التي تسهل لها القبض على سائر الجناة باعتبار أن من يقوم فى هذه الحالة بالإخبار إنما يؤدي خدمة إلى المجتمع على الرغم من تمام الجريمة تتمثل فى تمكينه السلطات من توقيع العقاب على جميع الجناة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الفصل فيما إذا كان من شأن الإخبار أن يؤدي إلى ذلك يدخل فى اختصاص محكمة الموضوع فلا رقابةعليها لمحكمة النقض ما دام ما أوردته فى هذا الشأن جاء سائغاً متفقاً مع العقل والمنطق ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه فى اطراحه لطلب الإعفاء من العقاب لعدم توافر شروطه على نحو ما تتطلبه المادة 210 من قانون العقوبات قد جاء سائغاً ومتفقاً مع القانون ، فإن النعي على الحكم فى هذا الصدد يكون غير مقبول .

( الطعن رقم 13196 لسنة 76 ق - جلسة 2006/05/18 - س 57 ص 636 ق 69 )

5ـ لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية بتهم التزوير فى محررين رسميين واستعمالهما والنصب . لما كان ذلك ، وكانت المادة 210 من قانون العقوبات والتي وردت ضمن مواد الباب السادس عشر " التزوير " من الكتاب الثاني من هذا القانون على أنه : " الأشخاص المرتكبين لجنايات التزوير المذكورة بالمواد السابقة يعفون من العقوبة إذا أخبروا الحكومة بهذه الجنايات قبل تمامها وقبل الشروع فى البحث عنهم وعرفوها بفاعليها الآخرين أو سهلوا القبض عليهم ولو بعد الشروع فى البحث المذكور " . ومفاد هذا النص فى صريح لفظه وواضح دلالته أن الإعفاء من العقوبة المار بيانه لا يجد سنده التشريعى إلا فى جنايات التزوير المنصوص عليها فى المادتين 206 و206 مكرراً من القانون المذكور على سبيل الحصر ، وكانت النصوص المتعلقة بالإعفاء تفسر على سبيل الحصر فلا يصح التوسع فى تفسيرها ، ولا كذلك أسباب الإباحة التي ترتد كلها إلى مبدأ جامع هو ممارسة الحق ، أو القيام بالواجب ، وعلى ذلك فلا يجوز للقاضي أن يعفي من العقوبة إلا إذا انطبقت شروط الإعفاء فى النص التشريعى على الواقعة المؤثمة انطباقاً تاماً سواء من ناحية كنهها أو ظروفها أو الحكمة التي تغياها المشرع من تقرير الإعفاء ، وكان التزوير فى محرر رسمي واستعماله المنصوص عليهما فى المادتين 211 و214 من قانون العقوبات لا يندرجان تحت حالات الإعفاء المشار إليها على سبيل الحصر ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإعفاء المطعون ضده من العقوبة على خلاف النظر المتقدم يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه ، وكان تقدير العقوبة وإيقاعها فى حدود النص المنطبق من إطلاقات محكمة الموضوع .

( الطعن رقم 21016 لسنة 66 ق - جلسة 2006/02/19 - س 57 ص 284 ق 29 ) 

6ـ لما كانت المادة 210 من قانون العقوبات قد نصت على أن "الأشخاص المرتكبون لجنايات التزوير المذكور بالمواد السابقة يعفون من العقوبة إذا أخبروا الحكومة بهذه الجنايات قبل تمامها وقبل الشروع فى البحث عنها وعرفوها بفاعليها الآخرين أو سهلوا القبض عليهم ولو بعد الشروع فى البحث المذكور" وكان من المقرر أن ينبغي للإعفاء من العقاب فى حالة إخبار السلطات بجريمة التقليد بعد شروعها فى البحث أو الضبط أن يفضي المتهم بمعلومات جدية صحيحة تؤدي بذاتها إلى القبض على سائر المساهمين فى الجريمة، فمتى قام المتهم بالإفضاء بالمعلومات الجدية المؤدية إلى ذلك تحقق موجب الإعفاء ولو عجزت السلطات عن القبض على سائر الجناة سواء كان ذلك راجعاً إلى تقصير الجهة المكلفة بتعقبهم والقبض عليهم أو إلى تمكنهم من الفرار.

( الطعن رقم 1946 لسنة 56 ق - جلسة 1986/04/06 - س 37 ع 1 ص 646 ق 123 )

7ـ لئن كان من المقرر أن الفصل فى أمر جدية المعلومات وأثرها فى تسهيل القبض على الجناة هو من شأن قاضي الموضوع إلا أن حد ذلك أن يقيمه على أسباب سائغة لا تعسف فيها. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المقدم ...... قرر أنه تحرى عن .... وقال أنه مزور وأنه يقيم فعلاً بالجهة التي حددها الطاعن إلا أنه لم يجده عندما تحرى عنه وأن النيابة العامة لم تكلفه بضبطه وإن كان من الجائز أن يكون قد ضبط بناء على أمر من المباحث العسكرية أو أية جهة أخرى وقال أنه ربما يكون إرشاد الطاعن عنه بسبب خلافات بينهما، وكان ما أورده الحكم فى مقام إطراح دفاع الطاعن فى شأن أحقيته فى الإعفاء من العقاب طبقاً لنص المادة 210 من قانون العقوبات غير سائغ ولا يؤدي إلى ما انتهى إليه بعد أن شهد الضابط أن من أرشد عنه الطاعن مزور محترف ويقيم بالجهة التي حددها الطاعن ولم يقطع برأي فى مدى إسهامه فى تقليد الأختام المضبوطة، وكان الحكم إذ حصل أقوال الضابط بما مؤداه أن تحرياته لم تسفر عن وجود ...... بالمكان الذي حدده الطاعن قد بتر شهادته وصرفها عن موضعها بما يعبه بالفساد فى الاستدلال فوق قصوره فى التسبيب بما يوجب نقضه والإعادة.

( الطعن رقم 1946 لسنة 56 ق - جلسة 1986/04/06 - س 37 ع 1 ص 646 ق 123 )

8 -  المادة 210 من قانون العقوبات والتي وردت ضمن مواد الباب السادس عشر " التزوير" الكتاب الثاني من هذا القانون نصت على أنه : " الأشخاص المرتكبون لجنايات التزوير المذكور بالمواد السابقة يعفون من العقوبة إذا أخبروا الحكومة بهذه الجنايات قبل تمامها وقبل الشروع في البحث عنهم وعرفوها بفاعليه الآخرين أو سهلوا القبض عليهم ولو بعد الشروع في البحث المذكور. " ومفاد هذا النص في صريح لفظه وواضح دلالته أن الإعفاء من العقوبة المار بيانه لا يجد سنده التشريعي إلا في جنايات التزوير المنصوص عليها في المادتين 206 ، 206 مكرراً في القانون المذكور على سبيل الحصر فلا يصح التوسع في تفسيرها وكانت النصوص المتعلقة التي ترتد كلها إلى مبدأ جامع هو ممارسة الحق أو القيام بالواجب، وعلى ذلك فلا يجوز للقاضي أن يعفى من العقوبة إلا إذا انطبقت شروط الإعفاء في النص التشريعي على الواقعة المؤثمة انطباقاً تاماً سواء من ناحية كنهها أو ظروفها أو الحكمة التي تغياها المشرع من تقرير الإعفاء وكان التزوير في محرر رسمي واستعماله المنصوص عليهما في المادتين 213 ، 214 والتي دين الطاعن بهما من قانون العقوبات لا يندرجان تحت حالات الإعفاء المشار إليها على سبيل الحصر، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عاقب الطاعن بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة مع إيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات ولم يقض بعقوبة العزل عملاً بالمادة 27 من قانون العقوبات ، وكان البين من الحكم الغيابي الصادر بتاريخ 15/7/2021 أنه أغفل القضاء بالعزل عملاً بالمادة 27 من قانون العقوبات ، وكان مفاد نص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 95 لسنة 2003 أن محكمة الجنايات تتقيد سلطتها في نطاق العقوبة بما قضي به الحكم الغيابي ، بحيث لا يجوز لها عند إعادة نظر الدعوى تشديد أو تغليظ العقوبة التي قضي بها الحكم الغيابي خلافاً لما كان عليه الحال قبل تعديل المادة سالفة البيان ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر عند إعادة إجراءات محاكمة الطاعن حضورياً ، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يضحى على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

( الطعن رقم 6006 لسنة 92 ق - جلسة 14 / 11 / 2023 )

 
شرح خبراء القانون

العذر المعفي :

نص الشارع على عذر معف من العقاب في المادة 210 من قانون العقوبات التي قررت ما يلي : « الأشخاص المرتكبون لجنايات التزوير المذكورة بالمواد السابقة يعفون من العقوبة إذا أخبروا الحكومة بهذه الجنايات قبل تمامها وقبل الشروع في البحث عنهم وعرفوها بفاعليها الآخرين أو سهلوا القبض عليهم ولو بعد الشروع في البحث المذكور»، ونطاق هذا العذر مقتصر على مرتكبي الجنايات التي ورد النص عليها في المواد السابقة على المادة 210، ولا يصدق ذلك إلا على المادتين 206 ، 206 مكرراً ، ويعني ذلك أن مرتكبي الجنح المنصوص عليها في المواد 207 وما بعدها لا يستفيدون من هذا العذر . ولفظ « التزوير » ينصرف إلى جميع الجنايات المنصوص عليها في المادتين 206، 206 مكرراً من قانون العقوبات .

وتتضمن المادة 210 من قانون العقوبات تقرير عذرين يختلفان في شروطهما، وإن اتحدا في الفعل الذي يفترضانه ، وهو « إخبار » الحكومة بهذه الجنايات ، واتحدا كذلك في أثرهما وهو الإعفاء الوجوبي من العقاب، أما موضع اختلافهما فهو الوقت الذي يتعين التقدم فيه بالاخبار : فالعذر الأول يفترض أن الإخبار كل قبل تمام الجناية وقبل الشروع في البحث عن الجناة، ويتعين أن يتضمن تعريف السلطات العامة بالفاعلين الآخرين، والعذر الثاني يفترض أن الإخبار كان بعد الشروع في البحث عن الجناة، ولكن يتعين أن يسهل المتهم للسلطات العامة القبض على سائر الجناة .

العذر الأول : يفترض هذا العذر أن الإخبار كان من حيث الوقت سابقاً على لحظتين : لحظة تمام الجناية، ولحظة شروع السلطات العامة في البحث عن الجناة، وتمام الجناية يمتد إلى استعمال الشيء أو المحرر المقلد أو المزور، وهذا التوسع في التفسير يستند من ناحية إلى وجوب تحقيق الاتساق بين هذا العذر والعذر الذي نصت عليه المادة 205  من قانون العقوبات، ويستند من ناحية ثانية إلى أن علة الإعفاء - وهي مكافأة من أدى للمجتمع خدمة، فأتاح له تفادي ضرر لم يتحقق بعد – تتوافر طالما لم يستعمل الشيء، إذ الضرر لا يصيب المجتمع إلا باستعماله، أما لحظة شروع السلطات العامة في البحث عن الجناة فهي لحظة اتخاذها إجراء ما بعد علمها بأمر الجناية، ولو كان مجرد « إجراء استدلال »: فطالما لم تتخذ هذا الإجراء ، فمؤدى ذلك أنها لم تعلم بعد بالجناية، ومن ثم فإن المخبر عنها من الجناة يؤدي خدمة للمجتمع بإتاحة هذا العلم لها .

ويتعين أن يتضمن الإخبار تعريف السلطات بفاعلي الجناية الآخرين، وينصرف تعبير «الفاعلين» إلى جميع المساهمين في الجناية، ولو كانوا مجرد شركاء، ويتعين أن يكون الإخبار صادقاً ومفصلاً حتى يتحقق به معنى الخدمة للمجتمع، ويكفي أن يخبر المتهم عمن يعرفهم من زملائه في الجريمة، فلا تكليف بما لا يستطاع .

العذر الثاني : يفترض هذا العذر أن الإخبار جاء لاحقاً على شروع السلطات العامة في البحث عن الجناة،«والشروع في البحث عن الجناة» الذي يبدأ باتخاذ إجراءات الاستدلال يظل ممتداً حتى تنتهي إجراءات المحاكمة أمام محكمة الموضوع، ولذلك يستفيد المتهم من الإخبار إذا صدر عنه لأول مرة أمام محكمة الموضوع، ويظل مستفيداً منه، ولو عدل عنه بعد ذلك طالما أنه قد أنتج ثمرته بتسهيل القبض على سائر الجناة، ولكنه لا يستفيد منه إذا صدر عنه لأول مرة أمام محكمة النقض، إذا أن التحقق من شروطه - وخاصة تسهيل القبض على سائر الجناة – يقتضي بحثاً موضوعياً لا تملكه محكمة النقض، وهذا الإفساح من مجال الإعفاء يعنى امتداده إلى ما بعد تمام الجريمة، إذ المخبر يؤدي خدمة إلى المجتمع على الرغم من تمام الجريمة تتمثل في تمكينه السلطات من توقيع العقاب على جميع الجناة .

ويتطلب هذا العذر « تسهيل القبض على سائر الجناة »، ويعني ذلك أنه لا يكفي أن يكشف المتهم عن أسمائهم، وإنما يتعين أن يتضمن إخباره معلومات مفصلة تتيح للسلطات أن تتذرع بالوسائل التي تسهل لها القبض على سائر الجناة . ( شرح قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ محمود نجيب حسني، الطبعة السابعة 2012 دار النهضة العربية،  الصفحة :231 )

أولاً : الإخبار :

يتوافر السبب الأول للإعفاء من العقاب بتحقق شروط ثلاثة :

1- أن يخبر الجاني الحكومة بالجريمة قبل تمامها، ويعني ذلك أن يتم الإخبار والجريمة في مرحلة الشروع ، ويثور التساؤل عن المقصود بوقت تمام الجريمة؟ يذهب الرأي الغالب في الفقه إلى أن العبرة في تمام الجريمة فيما يتعلق بالإعفاء ليس بمجرد التقليد أو التزوير، وإنما باستعمال الأختام أو التمغات أو العلامات ... الخ ، وذلك استناداً إلى سببين: الأول ، تحقيق الاتساق بين هذا العذر المعفى وبين العذر الذي نصت عليه المادة 205  من قانون العقوبات، وهو ينتج أثره إذا بادر الجاني بإخبار الحكومة بجناية التزييف قبل استعمال العملة المزيفة . والثاني ، أن علة الإعفاء وهي مكافأة الجاني الذي يخبر عن الجريمة قبل تحقق الضرر الذي يمكن أن يترتب عليها حتى يمكن للسلطات تفاديه - هذه العلة تظل قائمة إلى حين استعمال الشيء المقلد أو المزور .

2- أن يكون الإخبار سابقاً على الشروع في البحث عن الجناة، ونلاحظ أن عبارة المشرع هنا تختلف عن العبارة التي استعملها فيما يتعلق بالإعفاء من العقاب الوارد في المادة 205 ع حيث نص على الإعفاء من العقاب إذا تم الإخبار قبل الشروع في التحقيق ويعني هذا الاختلاف أن الإعفاء المقرر في المادة 210 يشترط لتحققه أن يكون الإخبار قبل أن تتخذ السلطات أي إجراء يستهدف البحث عن الجناة ولو كان إجراء من إجراءات الاستدلال .

3- أن يعرف الجاني السلطات بباقي المساهمين في الجريمة فاعلين كانوا أو شركاء وإن كان النص قد استعمل تعبير الفاعلين، ولكن لا يشترط أن يتم التعريف بجميع المساهمين وإنما يكفي أن يبلغ الجاني بمن يعرفه منهم .

ولا يشترط للإعفاء في هذه الحالة أن يؤدي الإخبار إلى القبض على المساهمين الذين أبلغ عنهم .

 ثانياً : تسهيل القبض على الجناة :

يشترط لتحقق السبب الثاني للإعفاء أن يبلغ الجاني السلطات بمعلومات عن باقي المساهمين في الجريمة تؤدي إلى القبض عليهم ، فلا يتوافر سبب الإعفاء إذا كانت السلطات قد ألقت القبض على الجناة قبل ذلك، أو بعد إبلاغ الجاني بالمعلومات إذا لم تكن هذه المعلومات هي التي أدت إلى القبض، ولم يتطلب المشرع أن يتم ذلك قبل إتمام الجريمة، أو قبل شروع السلطات في البحث عن الجناة، وعلى ذلك يتحقق سبب الإعفاء إذا أدت المعلومات التي أدلى بها الجاني للسلطات إلى القبض على باقي الجناة ولو كان ذلك بعد تمام الجريمة، أو بعد أن بدأت السلطات في البحث عن الجناة أو بعد بدء التحقيق أو حتى بعد رفع الدعوى، وتظل الفرصة متاحة أمام الجاني للإفادة من الإعفاء إلى حين إقفال باب المرافعة أمام محكمة الموضوع، ذلك أن البحث فيما إذا كانت المعلومات التي تقدم بها الجاني قد سهلت القبض على باقي الجناة يعتبر بحثاً موضوعياً يدخل في سلطة محكمة الموضوع دون محكمة النقض، ولذلك لا يجوز للمتهم أن يطلب الإعفاء لأول مرة أمام محكمة النقض بسبب الإرشاد عن متهم لم يرشد عنه أمام محكمة الموضوع .

ويلاحظ أن الإعفاء في الحالتين السابقتين يكون وجوبياً، تلتزم المحكمة بأن تقضى به من تلقاء نفسها إذا توافرت شروطه . كما يجوز للنيابة العامة أن تقرر الإعفاء بمقتضى أمر بحفظ الأوراق أو أمر بألا وجه الإقامة الدعوى إذا تيقنت من توافر شروطه . ( شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية،  الصفحة :  246 )

الإعفاء من العقاب :

نص المشرع في المادة 210 على وجوب الإعفاء من العقاب للمرتكبين لجنايات التزوير المذكورة بالمواد السابقة، هذه الجنايات نصت عليه المادتان 206،و 206 مكرراً دون غيرهما من المواد السابقة والتي تنص على الجنح والجنايات التي نصت عليها المادة 206 هي تقليد أو تزوير شيء من الأشياء المحددة في هذا النص والسابق بيانها، وكذا كل من استعمل هذه الأشياء أو أدخلها في البلاد المصرية مع علمه بتقليدها أو بتزويرها، وقد أحالت المادة 206 مكرراً على الجرائم المنصوص عليها في المادة 206 ولكنها اقتصرت على أن تكون هذه الأشياء لإحدى الشركات المساهمة أو إحدى الجمعيات التعاونية أو النقابات المنشأة طبقاً للأوضاع المقررة قانوناً أو إحدى المؤسسات أو الجمعيات المعتبرة قانوناً ذات نفع عام (الفقرة الأولى)، أو تكون خاصة بمؤسسة أو شركة أو جمعية أو منظمة أو منشأة إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم في مالها بنصيب ما بأية صفة كانت (الفقرة الثانية) .

ويكون الإعفاء في حالتين :

(أولاً) الإخبار : نصت المادة 210 من قانون العقوبات على أنه يعفى من العقاب الجناة الذين يخيرون الحكومة بالجريمة قبل تمامها وقبل الشروع في البحث عنهم إذا عرفوها بفاعليها الآخرين، وهذه هي حالة الإعفاء من العقوبة المقررة في المادة 205 عقوبات بشأن جرائم التزييف .

ويلاحظ أن المشرع قد اشترط أن يكون الإخبار بالجريمة قبل تمامها، وهو ذات التعبير الذي كان يجري به نص المادة 205 المذكورة، والذي أثار خلافاً فقهياً حول تحديده، حتى حسمه القانون رقم 78 لسنة 1956 حين نص على أن الإخبار ينتج أثره في الإعفاء إذا كان قبل استعمال العملة المزيفة، وعندنا أن هذا النص ليس إلا تحديداً للمقصود بعبارة «قبل تمام الجريمة» حسبما ثار بشأنها من خلاف، ومن ثم يتعين إعماله في حالة المادة 210  نظراً إلى اتحادها في العلة والشروط مع حالة المادة 205 سالفة البيان .

وغني عن البيان أن هذا الإخبار يجب أن يتضمن تعريف السلطات ببقية الجناة، فاعلين كانوا أو شركاء، ولا يشترط أن يرد التعريف بالجناة في ذات البلاغ الأول الذي يتقدم به الجاني للسلطات، بل يكفي أن يتحقق ذلك عند سؤاله في التحقيق، بشرط ألا يكون ذلك قبل شروع السلطات في البحث عنهم بوسائل الاستدلال أو التحقيق، ولا يشترط أن يدلي الجاني بأسماء جميع الجناة، بل يكفي التعريف بمن يعرفه منهم، لأن القانون لا يعلق الإعفاء إلا على ما يمكن تحققه من شروط .

ويقصد بالتحقيق الذي يجب أن يسبقه الإخبار، التحقيق بمعناه الواسع، أي الذي يشمل كلاً من الاستدلال والتحقيق القضائي، ويلاحظ أن تحريات الشرطة للبحث عن الجرائم لا تعد من قبيل الاستدلالات، إذ هي في حقيقتها من أعمال الضبط الإداري، بخلاف التحريات اللاحقة على علم الشرطة بالجريمة للتوصل إلى الجناة، فإنها من الاستدلالات .

(ثانياً) تسهيل القبض على الجناة : قرر القانون إضفاء الجاني من العقاب ولو بعد الشروع في التحقيق في وقوع الجريمة، متى أسدى للعدالة خدمة كبيرة هي تسهيل القبض على بقية الجناة، وإنه وإن كان القانون لم يحدد أجلاً معيناً ينتهي فيه الانتفاع بهذا الإعفاء، إلا أنه من المفهوم أن فرصة المتهم تنتهي بانتهاء محاكمته أمام قاضي الموضوع، فلا يجوز له أن يطالب بهذا الإعفاء لأول مرة أمام محكمة النقض بالإرشاد عن متهم لم يرشد عنه أمام محكمة الموضوع، وذلك لأن الوظيفة التي تقوم عليها هذه المحكمة ( وهي التحقق من حسن تطبيق القانون ) لا تسمح لها بأن تجري تحقيقاً موضوعياً في مدى توافر شرط تسهيل القبض على الجناة ما لم يكن ذلك في أثناء نظرها الموضوع عند نقض الحكم للمرة الثانية، فيجوز المطالبة بهذا الإعفاء وإعمال مقتضاه إذا توافر سببه قانوناً، ويرجع في إيضاح شروط الإعفاء إلى ما سلف بيانه عند شرح جريمة التزييف .

ويلاحظ أن الإعفاء في هاتين الحالتين وجوبي، فيتعين على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، كما يتعين على النيابة متى استوثقت من توافر مقتضاه أن تأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية لامتناع العقاب .

وهنا نلاحظ أن الإعفاء في الحالة الثانية من المادة 205 عقوبات الخاصة بجرائم تقليد أو تزييف أو تزوير العملة وترويها أو حيازتها جوازي، بخلافه في الحالة الثانية من المادة 210 عقوبات، فهو وجوبي، وهي تفرقة لا محل لها أمام وحدة شروط كل منهما . ( الوسيط في قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة  الكتاب الأول 2016،  الصفحة : 766 )

المادة 210 بذلك تتحدث عن حالتين مستقلتين لا عن شرطين يجب اجتماعهما في حالة واحدة .

الحالة الأولى : هي إخبار الحكومة بالجناية قبل تمامها وقبل الشروع في البحث عنهم .

فالإخبار سبب الإعفاء يجب أن ينصب على ما تم تنفيذه من الجريمة، وعلى المساهمين فيها سواء كانوا فاعلين أم شركاء، ويشترط في الإخبار شرطان :

الشرط الأول : أن يقع الإخبار قبل تمام الجناية، ومعنى ذلك أنه لكى يحقق الإخبار أثر في الإعفاء يجب أن يقع بعد البدء في تنفيذ الجريمة وقبل تمامها، والمقصود بتمام الجريمة هنا تمام المشروع الإجرامي باستعمال الأشياء المقلدة أو المزورة فيما زورت أو قلدت من أجله، باعتبار أن فعل التقليد أو التزوير يستغرق في العقاب عليه سلوك الاستعمال إلا أنه يضع في اعتباره الغاية أو الهدف من التزوير ويضمنه في العقوبة المقررة للفعل الأصلي، ولذلك فإنه في مجال الإعفاء لابد أن يضع المشرع في اعتباره الحيلولة دون تحقق الضرر الفعلي من الجريمة والذي يتم بالاستعمال، وهذه هي خطة المشرع أيضاً بالنسبة للإعفاء المقرر في مجال تزييف العملة .

والشرط الثاني : هو أن يقع الإخبار قبل الشروع في البحث عن الجناة، والمقصود بذلك هو ألا تكون السلطات قد شرعت في اتخاذ إجراءات القبض على الجناة أو الأمر بضبطهم وإحضارهم أو حتى مجرد تتبعهم تمهيداً لاستصدار أمر القبض، وسواء كان ذلك في مرحلة الاستدلالات أو في التحقيق، والذي يفيد طلب الأمر بالقبض والإحضار، حتى ولو لم يتم القبض إلا بعض الإخبار .

ويجب أن يتم الإخبار الذي توافرت فيه الشروط السابقة إلى سلطات الضبط القضائي أو النيابة العامة، أما إخبار السلطات الإدارية فإنه لا يتحقق به الإخبار كسبب معفي للعقاب، فالإخبار المنتج هو الذي يكون لجهة متصلة بالدعوى الجنائية، ويستوي بعد ذلك أن يكون من تلقی الأخبار مختصاً مكانياً أم غير مختص، إذ عليه في هذه الحالة الأخيرة أن يتلقى الإخبار ويحرر محضراً يرسله إلى الجهة المختصة .

الحالة الثانية : هي تسهيل القبض على الجناة الآخرين إذا حدث الإخبار بعد شروع السلطات في البحث عن الجناة سواء في مرحلة الاستدلالات أو في مرحلة التحقيق، فقد اشترطت المادة 210 عقوبات للإعفاء من العقاب أن يكون الجاني المبلغ قد سهل لتلك السلطات القبض على بقية المساهمين في الجريمة. ويقصد بتسهيل القبض أن يكون الجاني قد قدم معلومات من شأنها أن تمكن السلطات من القبض على المساهمين الآخرين حتى لو لم يتم القبض بسبب تمكن الفاعلين الآخرين من الإفلات من القبض، ذلك أن سبب الإعفاء يرتبط بسلوك المتهم وليس بسلوك رجال الضبط، والسلوك مناط الإعفاء هو التسهيل أي الفعل الذي من شأنه وفقاً لمجريات الأمور أن يمكن السلطات من القبض .

ولا يشترط للإعفاء أن يقع التسهيل في مرحلة معينة من مراحل الدعوى فيقوم سبب الإعفاء إذا حدث التسهيل في مرحلة التحقيق الإبتدائي أو في مرحلة الإحالة أو في مرحلة المحاكمة، ولكن لا قيمة للتسهيل في الإعفاء إذا حدث والدعوي أما محكمة النقض باعتبار أنها ليست محكمة موضوع وإنما محكمة قانون، والعبرة في الإعفاء هي بتسهيل القبض على بقية الجناة حتى ولو كانت الجريمة قد وقعت تامة .

ولا يشترط في التسهيل شكلاً معيناً إنما العبرة بمحتواه ومضمونه، ولذلك فإن اعتراف المتهم في التحقيق أو أمام المحكمة يمكن أن يحدث أثره في الإعفاء إذا سهل القبض على الآخرين، أما مجرد الاعتراف فهو غير كاف للإعفاء طالما لا يحمل مقومات لتسهيل القبض على بقية المساهمين .

وقد يأخذ التسهيل شكل سلوك مادي کاستدراج بقية المساهمين حتى يمكن السلطات من القبض عليهم .

ولا يشترط للإعفاء أن يكون الإخبار أو التسهيل منصباً على جميع المساهمين في الجريمة إنما يلزم أن يكون منصباً على جميع من يعرفهم المتهم حتى ولو كان هناك آخرون يجهلهم .

ويشترط أن يكون المتهم هو الذي أرشد الحكومة عن بقية الجناة وسهل القبض عليهم، وما يستوجب إعفاءه من العقوبة هي مسألة خاصة بالموضوع، فمتى أثبتت محكمة الموضوع أنه لم يكون للمتهم أي عمل لتسهيل القبض على الآخرين وأنه بذلك لا يستحق الإعفاء المنصوص عليه في المادة 210 كان قولها الفصل في هذا الأمر .

والإعفاء في الحالتين متى توافرت شرائطهما هو وجوبي وليس جوازياً للمحكمة ، ولا يستفيد منه إلا من توافر في حقه .

الإعفاء من العقاب :

يطبق سبب الإعفاء من العقاب المتمثل في الإخبار أو تسهيل القبض على الجناة والمنصوص عليه في المادة 210 عقوبات في الفرضين اللذين وردا في المادة 206 مكرراً. سواء المشدد وغير المشدد، أي سواء كانت الدولة تساهم في مال تلك الجهات بنصيب ما أم لا. ذلك أن الواقعة في الفرضين تشكل جناية والإعفاء وارد فقط بالنسبة للجنايات وفق نص المادة 210 عقوبات .

ولذلك لا مجال لإعمال سبب الإعفاء في الفروض التي تكون الواقعة فيها جنحة بإعتبار أن المحكمة يمكن أن تنزل بالعقوبة إلى 24 ساعة أو أن توقف التنفيذ. ذلك أن الحبس محدد فقط في حده الأقصى وغير محدد في حده الأدنى، ومن ثم يطبق الحد الأدنى العام. ولا شك أن خطة المشرع في إستبعاد جنح التزوير من الإعفاء هي خطة منتقدة، وعموماً فإنه يمكن إعمال القياس بالنسبة لجنح التزوير وتطبيق الإعفاء من العقوبة إذا توافرت شرائطه باعتبار أن القياس في غير مواد التجريم جائز . ( قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ مأمون محمد سلامة، الطبعة الأولى 2017 الجزء الأول،  الصفحة : 420 )

الإعفاء من العقاب :

هذه المادة تحيل على "الجنايات المذكورة بالمواد السابقة" وقد أدت هذه العبارة إلى بعض اللبس، إذا حصل التساؤل عما إذا كان الإعفاء من العقاب الوارد فيها ينصرف إلى جميع جرائم المواد السابقة عليها أي من المادة (206) عقوبات إلى المادة (209) عقوبات، أم ينصرف إلى جنايات المادة (206) عقوبات دون غيرها .

ذهب الرأي إلى أن هذا الإعفاء ينصرف أثره إلى جميع الجرائم الموضحة بالمواد السابقة على المادة (210) عقوبات إزاء عمومية النص، وضرورة تفسيره بما فيه الأصلح للمتهمين .

إلا أن هذا الرأي يبدو مرجوحاً إزاء الإعتراضات الآتية :

 أولاً : لأن المادة (210) عقوبات تشير إلى "جنايات التزوير" دون الجنح. ولا توجد جنايات تزوير في المواد السابقة عليها إلا في المادة (206) عقوبات، (206) مكرر دون غيرها، أما جرائم المواد الباقية وهي من (207) إلى (209) عقوبات فكلها جنح لا جنايات .

ثانياً : لأن الإعفاء من العقاب للتبليغ عن الجرائم لم يشرعه القانون إلا استثناء في بعض الجنايات دون الجنح، وعلى وجه خاص في الجنايات التي تقع على الحكومة مباشرة، أما المواد (207) إلى (209) عقوبات فتتضمن جنحاً عادية الشأن، موجهة أغلبها ضد صوالح فردية لا تستحق من المشرع عناية خاصة في تعقبها ومكافحتها .

كل هذه الإعتبارات تجعلنا نفضل الرأي القائل بأن الإعفاء الذي نصت عليه المادة (210) عقوبات قاصرة على جنايات المادة (206 مكرراً)، دون غيرها من الجرائم الأخرى .  ( الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثالث، الصفحة :  155 )

كان قد ذهب رأى إلى أن الإعفاء المنصوص عليه بالمادة 210 عقوبات ينصرف أثره إلى جميع الجرائم الموضحة بالمواد السابقة على المادة 210 إزاء عمومية النص وضرورة تفسيره بما فيه الأصلح للمتهمين .

إلا أن هذا الرأي يبدو مرجوحاً إزاء الاعتراضات الآتية :

 أولاً : لأن المادة (210) عقوبات تشير إلى "جنايات التزوير" دون الجنح. ولا توجد جنايات تزوير في المواد السابقة عليها إلا في المادة (206) عقوبات، (206) مكرر دون غيرها، أما جرائم المواد الباقية وهي من (207) إلى (209) عقوبات فكلها جنح لا جنايات .

ثانياً : لأن الإعفاء من العقاب للتبليغ عن الجرائم لم يشرعه القانون إلا استثناء في بعض الجنايات دون الجنح، وعلى وجه خاص في الجنايات التي تقع على الحكومة مباشرة، أما المواد (207) إلى (209) عقوبات فتتضمن جنحاً عادية الشأن، موجهة أغلبها ضد صوالح فردية لا تستحق من المشرع عناية خاصة في تعقبها ومكافحتها .

ومن أجل ذلك فإن الإعفاء المنصوص عليه في المادة 210 عقوبات مقصور على جنايات المادتين 206، 206 مكرراً دون غيرهما من الجرائم الأخرى .

 والإعفاء طبقاً لنص المادة 210 عقوبات واجب في صورتين :

الأولى : أن يحصل تبليغ الحكومة قبل تمام الجناية وقبل الشروع في البحث عن الجناة وفي هذه الحالة يجب للإعفاء تعريف السلطات بمن ساهموا مع المبلغ في الجريمة بمعنى أنه لابد أن يحدث التبليغ والجريمة في مرحلة الشروع وأن يكون قبل البدء في البحث عن الجناة وأن يؤدي المبلغ خدمة للحكومة بالأخبار عمن ساهم معه من الجناة ويلزم للإعفاء أن يسهل المبلغ القبض عليهم فلا يشترط في هذه الصورة أن يأتي الإقرار قبل تمام الجريمة أو في مرحلة معينة من مراحل الدعوى وإنما يلزم أن يسهل المقر القبض على باقي الجناة ممن يعرفهم .

وإثبات شروط الإعفاء مسألة موضوعية متروك تقديرها لمحكمة الموضوع . ( موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثالث، الصفحة : 64 )