loading

موسوعة قانون العقوبات​

الأحكام

1ـ لما كان ما أسند إلى الطاعن من اشتراك فى تزوير أخذاً بما ورد بوصف التهمة الثانية المسندة إليه طبقاً لقرار الإحالة وما انتهى إليه الحكم المطعون فيه أنه اشترك بطريق المساعدة مع موظفين عموميين حسنى النية هما ...... ، ........ فى ارتكاب تزوير فى محرر رسمي هو النموذج 29 جوازات وذلك بأن وضع صورة له عليه وضمنه بيانات المتهم السابق محاكمته فتمت الجريمة بناء على تلك المساعدة . لما كان ذلك ، وكان النص فى المادة 216 من قانون العقوبات على أنه : " كل من تسمى فى تذكرة سفر مزورة باسم غير اسمه الحقيقي أو كفل أحداً فى استحصاله على الورقة المشتملة على الاسم المذكور وهو يعلم ذلك ، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين " والنص فى المادة 224 من القانون ذاته على أن : " لا تسرى أحكام المواد 211 ، 212 ، 213 ،214 ، 215 على أحوال التزوير المنصوص عليها فى المواد 216 ، 217 ، 218 ، 219 ، 220 ، 221 ، 222 ولا على أحوال التزوير المنصوص عليها فى قوانين خاصة " . والنص فى المادة الأولى من القانون رقم 97 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 78 لسنة 1968 فى شأن جوازات السفر على أن : " يعين بقرار من وزير الداخلية بموافقة وزير الخارجية شكل جواز السفر ومدة صلاحيته وطريقة تجديده وشروط وإجراءات منحه .... " والنص فى المادة 38 من قرار وزير الداخلية رقم 63 لسنة 1969 بتنفيذ بعض أحكام القانون رقم 97 لسنة 1959 آنف الذكر على النموذج الخاص بطلب إصدار جواز السفر أو تجديده تدل فى صريح ألفاظها وواضح معناها أن الشارع قد حدد على سبيل الحصر حالات التزوير المشار إليها فيها ، وعاقب على ما كان منها يشكل فى الأصل جنايات تزوير فى أوراق رسمية بعقوبة الجنحة ، وعاقب على ما كان منها يشكل جنح تزوير فى أوراق عرفية بعقوبة أخف من تلك المقررة لجنح التزوير فى الأوراق العرفية ، وأن تذكرة السفر لا يتم إصدارها إلا بعد تقديم طلب ، ولئن كان ما تقدم من نصوص مخففة للعقاب فى صورتيه على السياق بادى الذكر هو فى واقع أمره خروجاً على الأصل العام المقرر فى المواد من 211 : 215 من قانون العقوبات ، إلا أنه إذ كان التزوير قد حصل فى ورقة لا يتأتى الحصول على تذكرة السفر إلا بها وهو الحال بالنسبة للتهمة الثانية فى الدعوى الماثلة فإنه يندرج لزوماً وحتماً فى نطاق الحالات التي حددتها ، إذ لا يعقل قانوناً فى صورة الدعوى أن يكون التسمي باسم مزور فى تذكرة سفر أو صنعها معاقباً عليه بعقوبة الجنحة، ويكون التزوير فى بيانات الاستمارة أو الطلب الذي لا يتأتى الحصول على تذكرة السفر إلا بها ، معاقباً عليه بعقوبة أشد ، الأمر الذي يتفق وما استهدفه الشارع من العقوبات المخففة التي أوردها عقاباً على أحوال التزوير الخاصة آنفة الذكر ، واعتباراً بأن تلك الاستمارات وما شابهها تمهد وتسلس إلى حالة التزوير الخاصة المبينة آنفاً ، وإذ كان ذلك وكانت تذاكر السفر يقصد بها الأوراق الخاصة برفع ما يكون عالقاً من القيود بحرية الأشخاص فى التنقل من مكان إلى آخر ، وكان ما نسب إلى الطاعن فى التهمة الثانية - على السياق المتقدم - لا يخرج عن نطاق المواد آنفة الذكر ، ذلك بأن الاشتراك مع آخرين فى تزوير بيانات استمارة جواز السفر التي لا يتأتى الحصول على التذكرة المذكورة إلا بها يندرج فى نطاق التأثيم الوارد بالمادتين 216 ، 224 من قانون العقوبات وهو ما يؤدي فى التكييف الصحيح والوصف الحق إلى اعتبار الواقعة المسندة إلى الطاعن محل التهمة الثانية مكونة للجريمة المنصوص عليها بالمادتين باديتي الذكر المعاقب عليها بعقوبة الجنحة . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى - على ما يبين من مدوناته ومواد العقاب التي آخذ الطاعن بها - إلى اعتبار تلك الواقعة جناية ، فإنه يكون قد أخطأ فى التأويل الصحيح للقانون بيد أنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أعمل فى حق الطاعن المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة واحدة هي الحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة ، وهي عقوبة تدخل فى نطاق العقوبة المقررة لجناية التزوير فى محرر رسمي محل التهمة الأولى والتي دين الطاعن بها ، ومن ثم فلا جدوى من التطرق لهذا الخطأ القانوني الذي شاب الحكم .

( الطعن رقم 843 لسنة 80 ق - جلسة 2010/07/27 - س 61 ص 538 ق 62 )

2ـ إن التصريح بدخول المعسكرات البريطانية ليس من تذاكر المرور المقصودة فى نص المادتين 216 و217 من قانون العقوبات. فإذا كانت الواقعة موضوع الدعوى محصلها أن إدارة الجيش البريطاني قد أصدرت تصريحاً بدخول المعسكرات البريطانية باسم زيد وسلمته إلى بكر بناء على تقديمه إيصال تحقيق الشخصية الصادر باسم زيد، فهذه الواقعة لا عقاب عليها لا بمقتضى المادتين 216 و217 لأنها ليست من تذاكر المرور ولا بمقتضى المادة 215 باعتبارها ورقة عرفية ما دام أنه ليست هناك إقرارات قد أثبتت على غير الحقيقة فى أوراق أعدت لهذا الغرض .

( الطعن رقم 1198 لسنة 21 ق - جلسة 1952/02/18 -  س 3 ع 2 ص 490 ق 184 )

شرح خبراء القانون

ملحوظة 1 : بموجب قانون حالة الطوارئ رقم 162 لسنة 1958، وقرار رئيس الجمهورية رقم 290 لسنة 2021 بمد حالة الطوارئ المعلنة بقرار رئيس الجمهورية رقم 174 لسنة 2021 في جميع أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أشهر تبدأ من 24 /7 /2021، وبتفويض رئيس مجلس الوزراء في اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في القانون المشار إليه، فقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1664 لسنة 2021 المنشور في الجريدة الرسمية، العدد 28 (مكرر) في 18 يوليو 2021، والذي تضمن إحالة الجريمة موضوع هذا النص إلى محاكم أمن الدولة طوارئ، وذلك خلال فترة سريان قرار رئيس الجمهورية بمد حالة الطوارئ ، وذلك إذا وقعت هذه الجريمة من العاملين في السكك الحديدية أثناء وبسبب تأدية واجبات وظيفتهم وما يرتبط بها من جرائم .

ملحوظة 2 : انتهت حالة الطوارئ بانتهاء المدة المنصوص عليها في قرار رئيس الجمهورية رقم 290 لسنة 2021 المشار إليه أعلاه، دون تمديد، وعليه يعود الاختصاص بنظر الجريمة موضوع هذه المادة إلى المحاكم العادية والقاضي الطبيعي، طالما لم تتم إحالة المتهم إلى محكمة أمن الدولة طوارئ قبل انتهاء الفترة المشار إليها .

( مركز الراية للدراسات القانونية )

نص الشارع على جرائم التزوير في تذاكر السفر والمرور في المواد 216 - 218 ، 220 من قانون العقوبات، وهذه الجرائم هي جرائم تزوير حقيقية، ومن ثم ينبغي أن تتوافر لها جميع أركان التزوير، ولكنها تتميز عن سائر جرائمه بأمرين : أولهما ، موضوعها ، فهو محرر من نوع خاص؛ وثانيهما ، وسائل تغيير الحقيقة التي حددها الشارع في النصوص السابقة، فإذا لم تدخل إحدى حالات التزوير في تذاكر السفر والمرور في نطاق أحد هذه النصوص ، فإما أن تقوم بها جريمة تزوير عادية، وإما أن يستبعد من العقاب إطلاقاً ، وذلك حسب قصد الشارع الذي يستخلص من هذه النصوص .

المحررات موضوع التزوير :

موضوع التزوير في الجرائم التي نصت عليها المواد 216، 218، 220 من قانون العقوبات هو تذاكر السفر والمرور، وهي أوراق تجمعها فكرة أنها تستهدف « رفع ما يكون عالقاً من القيود بحرية الأشخاص في التنقل من مكان إلى آخر مهما كانت مسمياتها »: فتذاكر السفر هي جوازات السفر، وهي أوراق رسمية تصدر عن الدولة، وتتضمن التصريح للشخص بإجتياز الحدود، وتذاكر المرور هي أوراق رسمية تصدر عن السلطات العامة، وتخول شخصاً للإنتقال - في داخل إقليم الدولة - من مكان إلى آخر ، استثناء من حظر يكون مفروضاً علی ذلك التنقل، ومثالها التصريح الذي يعطي لعسكري بالسماح له بالخروج من معسكره؛ أو التصريح بدخول منطقة عسكرية أو مناطق الحدود ومن ثم لا تسري النصوص السابقة على التزوير الذي تكون موضوعه التذاكر أو الإشتراكات أو التصريحات المجانية التي تخول استعمال وسائل المواصلات على إختلاف أنواعها  ويتعين أن تكون تذكرة السفر أو المرور صادرة عن السلطات المصرية .

وصور تغيير الحقيقة التي نص الشارع على تجريمها يمكن تأصيلها بردها إلى قسمين : التزوير المعنوي والتزوير المادي .

التزوير المعنوي في تذاكر السفر والمرور :

نصت على هذا التزوير المادة 216 من قانون العقوبات في قولها « كل من تسمى في تذكرة سفر أو في تذكرة مرور بإسم غير إسمه الحقيقي أو كفل أحداً في استحصاله علی الورقة المشتملة على الإسم المذكور وهو يعلم ذلك يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين » . وقد حصر الشارع التزوير المعنوي في تذاكر السفر أو المرور الذي عاقب عليه بهذا النص في تسمى المتهم بإسم غير إسمه الحقيقي : فيرتكب الجريمة من يتسمى بإسم غير إسمه الحقيقي في تذكرة سفر أو تذكرة مرور ويحصل عليها بهذا الإسم المزور، ويرتكبها كذلك من يكفل شخصاً في استحصاله على التذكرة بالإسم المزور، وهو عالم بذلك، وجرم الشارع فعل الموظف العام الذي يعطي التذكرة السابقة بالإسم المزور مع علمه بتزويره، فنصت المادة 220 من قانون العقوبات على « كل موظف عمومي أعطى تذكرة سفر أو تذكرة مرور بإسم مزور مع علمه بالتزوير يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصرى فضلاً عن عزله » .

وواضح من هذه النصوص أن التجريم يقتصر على التسمي بإسم غير الإسم الحقيقي  أما إذا اتخذ التزوير صورة ذكر بيان آخر غير صحيح كالجنسية أو السن فلا عقاب عليه، لأن خطورته الإجتماعية في تقدير الشارع ضئيلة، وعقوبة الفرد الذي يتسمى بإسم غير إسمه الحقيقي أو يكفل في ذلك شخصاً هي الحبس مدة لا تزيد على سنتين (المادة 216 من قانون العقوبات) . أما عقوبة الموظف الذي يعطي التذكرة بالإسم غير الحقيقي . فهي الحبس مدة لا تزيد على سنتين أو الغرامة التي لا تزيد على خمسمائة جنيه بالإضافة إلى عزله (المادة 220 من قانون العقوبات) . ( شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، دار النهضة العربية،  الصفحة:   334 )

تقع جريمة المادة 216 ممن يتسمى بإسم غير إسمه الحقيقي في تذكرة سفر أو مرور ، كما تقع ممن يكفل شخصاً في استحصاله على الورقة المشتملة على إسم غير إسمه الحقيقي، ويعتبر النص على معاقبة الكفيل تزيداً من المشرع، إذ لو ترك الأمر دون نص لوقع عليه العقاب بإعتباره شريكاً وفقاً للقواعد العامة في الإشتراك وقد شدد المشرع عقوبة الموظف مراعياً في ذلك صفته .

ويلاحظ أن كلاً من الشخص الذي يتسمى بإسم غير إسمه الحقيقي والكفيل والموظف يعتبر فاعلاً لجريمة مستقلة. ( شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية،  الصفحة :  332 )

يقصد بتذكرة السفر جواز السفر، وجواز السفر هو مستند رسمی تسلمه الدولة لرعاياها ، لإمكان إجتياز حدودها الإقليمية والدخول إلى إقليم دولة أخرى، أما تذاكر المرور فهي عبارة عن تصریح کتابي صادر عن السلطة المختصة لشخص معين بمقتضاه يمكنه المرور في بعض الأماكن أو المناطق المحظور فيها المرور إلا بترخيص، سواء كان المرور بشخصه أم بسيارته أو بأي وسيلة أخرى من وسائل الإنتقال تبعاً لنوع التصريح، ويندرج أيضاً تحت تذاكر المرور ما يطلق عليه «ورقة الطريق» وهي عبارة عن تصريح صادر عن سلطة مختصة لشخص معين محظور عليه أصلاً التنقل خارج نطاق معين بمقتضاه يمكنه الإنتقال والتجول خارجه، ومثال ذلك تصاريح الخروج لأفراد القوات المسلحة، والتصاريح التي تعطي لبعض الأفراد بالتجول بعد ساعة معينة في حالة إعلان الأحكام العرفية، والتصاريح التي تعطي للموضوعين تحت مراقبة الشرطة .

وعليه فيخرج من نطاق تذاكر السفر والمرور الأوراق التي تمثل تراخيص استخدام القطارات سواء كانت بأجر أو بدون أجر ، وكذلك تذاكر وسائل النقل من ترام وأتوبيسات وغيرها من وسائل النقل سواء الداخلية أو الخارجية .

ولكن تندرج تحت نطاق المادة 216 جوازات السفر الأجنبية، فهی وإن كانت أوراقاً عرفية إلا أنها تتساوى مع مثيلتها من الأوراق التي خصها المشرع بنصوص خاصة بغض النظر عن طبيعتها .

جريمة التسمى في تذكرة سفر أو مرور بغير الإسم الحقيقي والمساهمة الجنائية فيها، نصت على هذه الجريمة المادة 216 عقوبات، فقد ورد بها « كل من تسمى في تذكرة سفر أو تذكرة مرور بإسم غير إسمه الحقيقي أو كفل أحداً في استحصاله على الورقة المشتملة على الإسم المذكور وهو يعلم ذلك يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تتجاوز عشرين جنيهاً » .

وهذه الجريمة تقوم على صورة واحدة من صور التزوير المعنوي والمتمثلة في الإدلاء بإسم غير الإسم الحقيقي، وقد إختلف الرأي حول ما إذا كان تغيير الحقيقة في بيانات أخرى غير الإسم كالسن والجنسية ومحل الاقامة يمكن أن يشكل تزويراً معاقباً عليه من عدمه، ويذهب البعض إلى أن تغيير الحقيقة في بيانات أخرى خلاف الإسم يخرج عن نطاق التجريم كلياً ولا يعاقب عليه، وأنه لا محل للإلتجاء إلى المادة 211 عقوبات بإعتبار أن القصد الشارع لا يمكن أن ينصرف إلى العقاب على تغيير الإسم بوصف الجنحة ثم يعاقب على تغيير البيانات الأخرى الأقل أهمية بعقوبة الجناية . والحقيقة في رأينا أنه لا عقاب على تغيير البيانات الأخرى طبقاً للمادة 216 التي نصت فقط على بيان الإسم، ولا محل لإعمال المادة 211 بإعتبار أن تطبيق قواعد التفسير تقضي بأن المشرع قد أخرج جوازات السفر وتذاكر المرور من نطاق الأوراق الرسمية المنصوص عليها في المادة 211 وما بعدها وخصها بالمادة 216 وعاقب فقط على نوع من التغيير فيها وهو الخاص ببيان الإسم دون البيانات الأخرى الأقل أهمية والتي لم يعد المحرر أصلاً لإثباتها وإنما هي بيانات مساعدة لتحديد شخصية صاحب التذكرة أو الجواز .

ونرى أن ذات الإعتبارات السابقة تصلح أيضاً لإستبعاد طرق التزوير المادي المنصبة على جواز سفر أو تذكرة مرور من نطاق المادة 211 عقوبات وإدراجها تحت نص المادة 216 إذا ورد التزوير على بيان الإسم، أما تغيير الحقيقة في البيانات الأخرى فنری استبعادها من التجريم والعقاب استناداً إلى أن المشرع وضع تنظمياً خاصاً للتزوير في تذاكر السفر والمرور قصر العقاب فيه على بيان الإسم دون البيانات الأخرى .

ويلاحظ أن التغيير في الإسم ينصرف إلى أي بيان من بيانات الإسم سواء ما تعلق بالإسم الشخصي أو بإسم الوالد أو اللقب، فأي تغيير ينال الإسم في جزء من جزئياته يكون الركن المادي في الجريمة .

وإذا كنا بصدد تزوير معنوی بالتسمي بغير الإسم الحقيقي فمعنى ذلك أن صاحب الإسم هو دائماً شريك في الجريمة أما مع الفاعل حسن النية إذا كان الموظف المختص لا يعلم بحقيقة الإسم وإما أن يكون الموظف مسئولاً بوصفه فاعلاً أصلياً في الجريمة إذا كان عالماً بالإسم الحقيقي، وصاحب الإسم شريكاً، وكل ذلك وفقاً لقواعد المساهمة الجنائية، ومع ذلك فقد تحوط المشرع ونص في المادة 220 على أن «كل موظف عمومي أعطى تذكرة سفر أو تذكرة مرور بإسم مزور مع علمه بالتزوير يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تتجاوز خمسين جنيهاً فضلاً عن عزله»، غير أن قيمة هذا النص تبدو في الفروض التي يكون فيها الموظف معطي التذكرة قد ساهم في فعل التزوير سواء بصفة الفاعل الأصلي أو الشريك، وإنما كان قاصراً فقط على فعل تسليم أو الإعطاء إذا كان الموظف عالماً بتزوير التذكرة في البيان المتعلق بالإسم .

كما تضمنت المادة 216 أيضاً النص صراحة على صورة من صور الإشتراك وهي الخاصة بمن يكفل صاحب الإسم المزور في استحصاله على الورقة المشتملة على الإسم المذكور، ولاشك أن مرتكب هذه الكفالة يتحقق بصدده الإشتراك بطريق المساعدة في الجريمة، ومن ثم فإنه يعاقب بذات العقوبة الجريمة متى توافرت بقية عناصر الإشتراك وخاصة الركن المعنوي .

والشروع في الجريمة معاقب عليه بإعتبار أنه لا شروع في الجنح إلا بنص .

وتمام الجريمة : يكون في اللحظة التي يتم فيها استخراج التذكرة بالإسم المزور من السلطات المختصة بذلك، ولو لم يستعملها الجاني، فلا يشترط تحقق الضرر الفعلي إنما يكتفي بإحتمال الضرر .

الركن المعنوی :

يقوم على القصد الجنائي فيجب أن يعلم الجاني بأن الإسم مزور وأن تتجه إرادته إلى استخراج التذكرة بذلك الإسم .

العقوبة :

العقوبة المقررة للجريمة هي الحبس مدة لا تزيد على سنتين أو الغرامة التي لا تتجاوز عشرين جنيهاً وذلك بالنسبة لمن تسمى بغير إسمه الحقيقي ومن يكفله في الاستحصال على تذكرة بالإسم المزور، أما بالنسبة للموظف الذي يعطي التذكرة بالإسم المزور وهو عالم بذلك فالعقوبة هي الحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بالغرامة التي لا تتجاوز خمسين جنيهاً فضلاً عن العزل كعقوبة تكميلية . ( قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ مأمون محمد سلامة، الطبعة الأولى 2017 الجزء الأول،  الصفحة : 509 )

أولاً : محل الجريمة :

محل أفعال التزوير والإستعمال في هذا النوع من الجرائم هو تذاكر السفر أو المرور، والمقصود بتذاكر السفر جوازات السفر وهي التراخيص اللازمة لإجتياز حدود البلاد إلى بلاد أخرى، وأما المقصود بتذاكر المرور فهو التراخيص اللازمة للتجول في منطقة من المناطق داخل البلاد إذا كان التجول محظوراً لسبب، وهي على أنواع مختلفة فمنها ما يعطي لرجال الجيش الذين ليس لهم في الأصل الحق في مفارقة معسكراتهم إلا طبقاً لنظام معين، ومنها ما يعطى لإجتياز بعض الشوارع أو المناطق أو للتنقل من بلد إلى آخر في ظروف معينة مثل قيام الأحكام العرفية، ومنها ما يعطى للمتشردين أو المراقبين للتصريح لهم بالإنتقال من مكان إلى آخر إذا سمح لهم بذلك، وفي الجملة كافة أوراق المرور "المنشأة تحت فكرة أساسية هي فك قيد الحرية العالق ببعض الأشخاص وتركهم يروحون ويغدون على الوجه المأذون لهم به في الورقة". فلا تسري هذه المواد على تذاكر السفر بالسكك الحديدية أو تصاريح السفر المجانية أو تذاكر الترام، أو نحوها مما قد يتبادر إليه الذهن بسبب سوء تعبير المادة عن هذا النوع من المحررات .

 ثانياً : فعل معاقب عليه :

ويتمثل في فرضين : الأول، التزوير المعنوي بالتسمي في تذكرة بغير الإسم الحقيقي، ويستوي لتحققها أن يعمد الجاني إلى تغيير الإسم أو اللقب أو كليهما، إنما لا يكفي تغيير ما عدا ذلك من بيانات كالمهنة أو السن أو محل الإقامة، والثاني التزوير المعنوي بكفالة شخص في الحصول على تذكرة بغير الإسم الحقيقي مع العلم بذلك، وهي في الواقع صورة من صور الإشتراك في الجريمة السابقة بطريقي الإتفاق والمساعدة؛ لذلك كان النص عليها تزيداً من المشرع .

ثالثاً : الضرر :

جوازات السفر وأوراق المرور التي تكون محلاً لهذه الجريمة محررات رسمية لا شبهة فيها، الأمر الذي كان كفيلاً بإدخالها في نطاق المواد من (211) إلى (213) عقوبات لولا النصوص الصريحة التي خصتها بالذكر، والضرر من تغيير الحقيقة في المحررات الرسمية عنصر مفترض لما فيه من إخلال بالثقة الخاصة الموضوعة فيها، ويضاف إلى ذلك أنه قد تترتب على هذه الجرائم أضرار أخرى معنوية كحرمان السلطات من الإشراف على تطبيق قيود الإنتقال وفقاً للقانون، ومادية كحرمانها من إقتضاء الرسوم إن وجدت .

رابعاً : القصد الجنائي :

هذه الجريمة من الجرائم العمدية، فهي تتطلب أولاً توافر القصد الجنائي العام فيها وهو قصد إرتكاب الجريمة مع العلم بأركانها التي يتطلبها القانون ويرى بعض الشراح أنه يكفي فيها هذا القصد العام .

إلا أن جانباً آخر يرى ضرورة توافر قصد خاص ويستعمل للتعبير عن هذا القصد الخاص عبارات متقاربة لا تخرج في مضمونها عن معنی نیة الغش أو رغبة التخلص من إشراف السلطات ومنعها من مراقبة حركة السفر والمرور، ونرى أنه يحسن عند التحدث عن القصد الخاص في هذه الجريمة بأنه قصد استعمال ورقة الطريق أو جواز السفر المزورين فيما أعدا له، باعتبار أن قصد الاستعمال أعم، وأنه يمثل القصد الخاص أي النية المحددة في تزوير المحررات على وجه عام، كما إصطلح عليه شراح القانون المصري، وكما استقرت عليه أحكامنا الحديثة .

 العقوبة :

الحبس مدة لا تزيد على سنتين وتشدد العقوبة إلى السجن الذي لا تزيد مدته على خمس سنوات إذا إرتكبت الجريمة تنفيذاً لغرض إرهابي . ( الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثالث، الصفحة : 246 )

التزوير المعنوي :

التزوير المعنوي يقوم وفقاً لنص المادة 216 عقوبات عند التسمي في تذكرة مرور أو تذكرة سفر بإسم غير حقيقي فالتزوير هنا قاصر على التغيير في الإسم فلا عقاب إذا كان حاصلاً في غيره كما لو إتصف الشخص بصفة ليست له . أو ذکر سنأ غير سنه أو محل إقامة يخالف محله الحقيقي . ویستوي أن يستوي أن يعمد الجاني إلى تغيير إسمه أو تغيير لقبه أو كليهما لأن الإسم مع اللقب في مصر بميزان الشخصية وتغيير أيهما يسهل إخفاءها .

كما يقع التزوير إعمالاً لهذا النص أيضاً إذا كفل شخص آخر في الحصول على تذكرة سفر أو تذكرة مرور مشتملة على إسم غير حقيقي مع العلم بذلك . وهذه الحالة لا تخرج عن كونها صورة للإشتراك في الجريمة السابقة وكان يغني في الوصول إلى معاقبة الكفيل تطبيق المبادئ العامة في الإشتراك ولكن المشرع أثر أن يجعله فاعلاً في جريمة قائمة بذاتها . موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثالث، الصفحة : 140 )

الفقه الإسلامي

 

تزوير المحررات 
المواد من (465) - (474) : 
تقابل نصوص المشروع بصفة عامة المواد من (206) - (227) من القانون القائم ، مع إضافة ما ارتأى المشروع إضافة إليها من حالات ، فضلاً عن ضبط صياغة النصوص ، وأهم سمات المشروع ما يلي : 
1- المادة (465) من المشروع : حسماً لما قام من خلاف فقهي وقضائي ، ونزولاً على مبدأ شرعية الجريمة ، فقد ارتأى المشروع بیان عناصر جريمة التزوير ، وبيان الأفعال المكونة لها والقصد الملابس لهذه الأفعال ، متى كان من شأن ذلك إحداث ضرر ، وهذا لا يتأتى إلا إذا كان المحرر صالحاً للإستعمال فيها أعد له ، فإن كان ظاهر البطلان ولا ينخدع به الناس عامة ، فقد انحسرت عنه هذه الصلاحية ، ومن هذا المنطلق فقد عرفت المادة (465) من المشروع سالفة البيان ، جريمة التزوير عن طريق بيان أركانها على النحو الذي استقر عليه القضاء والفقه في عمومه ، ثم حددت صور التزوير على نحو قصد به منع اللبس ، ولعل أهم إضافة عني النص بإبرازها وضع الجاني صورته الشمسية على محرر لا يخصه كأوراق المرور وجوازات السفر ورخص القيادة ، وأوراق إثبات الشخصية، وذلك بإستبدال الصورة الأصلية للصادر بإسمه المحرر ووضع صورته بدلاً منها ، وكان القضاء يرفض إعتبار هذه الصور من صور التزوير ، كما أوضح النص أن التعديل فيها تضمنه المحرر من كتابة أو أرقام أو معلومات حذفاً أو إضافة أو غيرهما - يعد من صور التزوير . 
 
كما أن المشروع أفصح عن أن إساءة إستعمال إمضاء أو ختم أو بصمة تدخل في عداد جرائم التزوير ، إذا ما وقعت في محرر ، وذلك قد يكون بتعمد التوقيع بإمضاء تخالف في طريقة الكتابة الإمضاء المعتادة ، أو محاولة تغيير السمات الخطية في الإمضاء ، أو إستعمال خاتم صحيح دون علم صاحبه أو رضائه ، أو إستعمال خاتم ألغي إستعماله ، أو نزع بصمة أو إمضاء من موقعها الصحيح ولصقها على محرر آخر غير ذلك المنزوعة منه ، بغير علم ورضاء صاحب الشأن في ذلك . 
 
كذلك أوضح النص أن الحصول غشاً أو مباغتة على إمضاء أو ختم أو بصمة لشخص لا يعلم حقيقة المحرر ، بأن صور له أن محرراً من نوع معين حال أنه محرر مخالف - كمن يستوقع على ورقة بوصف أنها سند دین أو كمبيالة ، حال أنها شيك أو من يحصل على الإمضاء أو الختم بطريق المباغتة أو التغافل . 
 
والفقرة السادسة من النص تتضمن تغيير الحقيقة في محرر حال تحرير هذا المحرر فيها أعد لتدوينه ، وهي صورة التزوير المعني بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة أو واقعة غير معترف بها ، ورئي من حسن الصياغة أن تكون على النحو الوارد بالمشروع ؛ لأنها تتسع لهاتين الصورتين وكل صورة التزوير المعنى . 
 
2- المادة (466) من المشروع : جمعت في فقرتيها التزوير في المحرر عرفياً كان أم رسمياً،  مع جعل عقوبة التزوير في المحرر العرفي عقوبة الجنحة،  وكان القانون القائم يفرد نصاً لكل حالة . 
 
3- المادة (467) من المشروع : ارتأى المشروع بغية توضيح معنى المحرر الرسمي والمحرر العرفي أن ينص على تعريف لكل ، والقانون القائم لا يتضمن هذا التعريف ، مما ساعد على إشاعة الإضطراب في هذا الصدد ، وحسماً للأمور ووضعها في موضعها الصحيح ، فقد عرف المشروع المحرر الرسمي بأنه الذي يحرره موظف عام مختص بتحريره ، أو بالتدخل في تحريره على أية صورة، أو بإعطائه الصفة الرسمية ، وذلك كله بمقتضى إختصاصه الوظيفي، ومنعاً للبس أيضاً بين المشروع من هو الموظف العام في حكم هذا الفصل؟ فأحال في بيانه إلى الفقرات الأربع الأولى من المادة (394) من المشروع دون باقی فقراتها ؛ لأن من عدا من نصت عليهم هذه الفقرات لا يعد موظفاً عاماً حقيقة،  بل حكماً ، أما عدا ذلك من المحررات فهي عرفية وقعت ممن نسب إليه المحرر، يستوي في ذلك أن يكون التوقيع بالإمضاء أو بالبصمة أو بالختم . 
 
4 - المادة (261) من المشروع جمعت في نصها حكم المادتين (226)، (227) من القانون القائم،  واتسع حكمها ليشمل إبداء أو تقرير أقوال أو بيانات جوهرية ، يعلم بعدم صحتها ، أو تقديم أوراق بذلك إلى جهة تقرير مساعدات أو تأمينات إجتماعية ، بعد أن كانت نصوص القانون الحالي لا تواجه مثل هذه الصور . 
 
5- المادة (471) من المشروع تقابل المادة (340) من القانون القائم ، وكانت ضمن مواد الباب العاشر من الكتاب الثالث ضمن مواد جريمة النصب وخيانة الأمانة ، وقد ارتأى المشروع أن مكانها الصحيح بين مواد جريمة التزوير ؛ لأنها إليها أقرب وبها ألصق ، إذ تعالج صورة خاصة من التزوير في محرر وقع على بياض ، ثم حرر في البياض بیانات خلافاً للمتفق عليه ، وجعلت المادة ظرفاً مشدداً يترتب عليه مضاعفة العقوبة، إذا كان الجاني غير من اؤتمن على الورقة متى حصل عليها بوسيلة غير مشروعة . 
 
6- المادة (472) من المشروع : تعرض لجريمة إستعمال المحرر المزور رسمياً كان أم غير رسمي ، فنصت الفقرة الأولى منها على عقاب المستعمل للمحرر المزور بذات العقوبة المقررة لجريمة التزوير، متى كان عالماً بالتزوير وبالظروف المشددة للجريمة، فإن كان يجهل هذه الظروف عوقب ، كما لو كان قد وقع التزوير بغير توافرها . 
 
واستحدثت الفقرة الثانية منها حكماً جديداً يعاقب كل من استعمل محرراً فقد قوته القانونية ، أياً كان سبب ذلك الفقدان، عالماً بذلك، متى قصد من هذا الإستعمال الإيهام بأن المحرر لا يزال يحتفظ بقوته القانونية ، فمن يستعمل عقد بیع قضي بفسخه أو إبطاله مع العلم بذلك ، قاصداً الإيهام بأنه لا يزال قائماً لم يفسخ أو يقضي بإبطاله - يسري عليه الحكم المستحدث ، وهو إلى جانب سريان هذا النص عليه ، قد يتحقق قبله جريمة النصب أو الشروع فيها على حسب الأحوال . 
 
كذلك أثم المشروع في الفقرة الثالثة من المادة إستعمال محرر صحيح بإسم الغير فانتفع به بغير حق ، وعلى سبيل المثال إستعمال جوازات السفر أو أوراق المرور أو الرخص . 
 
7- المادة (473) من المشروع ، رأى المشرع أن إنتحال شخص إسم غيره أو إعطاءه بيانات كاذبة عن محل إقامة في مرحلة الإستدلالات أو التحقيق الابتدائي أو النهائي - يدخل في نطاق التجريم ، ولأن محكمة النقض ذهبت إلى أن حق المتهم في الدفاع يبرر له أن يتسمى بإسم خيالي في إعتقاده ، فلا يعد فعله ضرباً من ضروب التزوير ، ومنعاً لأي لبس وضع المشروع النص سالف البيان ليؤثم بعقوبة الجنحة كل من إنتحل إسم غيره ، أعطى بياناً كاذباً عن محل إقامته في مرحلة الإستدلالات أو التحقيق الابتدائي أو النهائي ، والنص من العموم بحيث يشمل إلى جانب المتهم غيره ممن يسأل في تحقيق مما ذكر ، وبذلك يكون البيان في الإسم ومحل الإقامة من البيانات الجوهرية التي يتحتم أن يراعي فيها الشخص الصدق والأمانة ؛ حتى يسهل الإهتداء إليه إذا ما تطلب الأمر ذلك .
 
هذا وقد استتبع تنظيم المشروع لجريمة التزوير أن يسقط بعض النصوص التي تعالج صوراً خاصة من صور التزوير الواردة في المواد (216)، (217)، (218)، (220)، (221)، (223)، (224) من القانون القائم، إكتفاء بما تضمنه المشروع من نصوص ، على أن هذا لا يمنع الشارع في قانون خاص أن يقرر من العقوبات ما يراه ملائماً لصورة خاصة من التزوير . 
 
كما لم يورد المشروع نصاً مقابلاً للمادة (225) من القانون القائم التي تساوي بين التوقيع بالإمضاء والختم وبصمة الإصبع ؛ لأن بيان المشروع لطرق التزوير قد غنى عن ذلك ؛ إذ تضمنها هذا البيان .