loading

موسوعة قانون العقوبات​

شرح خبراء القانون

هذه المادة تتناول تجريم فعل من يبيع شيئاً بطريق اليانصيب ويتراهن الناس عليه وقد جاء بمحضر مجلس شورى القوانين بأن هذه المادة كانت كما هي مع وجود الجملة الآتية في آخرها وهي (إنما لايجري تطبيق هذه المادة فيما يتعلق بالنمرة المقصود بها مجرد فعل الخير) وقد حذفتها اللجنة لأنها وجدت من اللازم أن يكون هذا العمل بإذن من المحكومة مطلقاً أو بأسم فعل الخير لأن كثيراً من الناس يتخذون اسم فعل الخير وسيلة للأضرار بالناس.(موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الرابع،  الصفحة: 591)

الجريمة شكلية من جرائم الحدث غير السيئ وهو توزیع تذاكر ذات أرقام نظير دفع ثمن معين للتذكرة والإحتكام إلى الحظ بقصد تسليم شيء معين موضوع في نمرة اللوتيري لكأس فاضي أو أباجورة قيمة أو لوحة فنية إلى من يفوز به، وبحيث أن حصيلة التذاكر تغطي قيمة هذا الشيئ وتزيد كذلك عليه، ويلجأ دائماً إلى هذا الأسلوب في حالة إذن الحكومة به لصالح هيئات لا تهدف إلى الكسب وإنما تستخدم إيراد اللوتيري في أغراض من الصالح العام كتحسين بناء الملجأ أو المدرسة والإمداد بكمية من أدوات لازمة لخدمة العجزة أو الطلاب.

فكل من يلجأ إلى ذلك الأسلوب بهدف الكسب من ورائه ودون إذن الحكومة يرتكب الجريمة التي نحن بصددها.

والركن المعنوي للجريمة هو إنصراف إرادة الفاعل إلى جزئيات الركن المادي للجريمة كما هي موصوفة في نموذج الجريمة بالقانون وكما أوضحناها فيما تقدم، مع الوعي بعدم وجود إذن الحكومة، فإذا تصور الفاعل وجود إذن الحكومة لإخباره بذلك من أحد المسئولين دون تقصي الحقيقة للتأكد من ذلك الإذن الذي يتضح أنه لم يصدر بعد، تنهار الجريمة لتخلف ركنها المعنوي. ولأن القصد نية ووعي معا.

عقوبة الجريمة :

يعاقب القانون على الجريمة بالحبس وبغرامة لا تتجاوز ألف جنيه وبعقوبة تكميلية وجوبيه هي مصادرة جميع النقود والأمتعة الموضوعة في النمرة.(الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الرابع، الصفحة : 762)

الفقه الإسلامي

قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة: 303

(مادة 626) 

يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة (623) من هذا القانون - كل من وضع أو عرض للبيع شيئاً من أوراق الحظ أو النصيب . 

(مادة 627) 

فضلاً عن العقوبات السابقة تحكم المحكمة بمصادرة الأدوات والنقود والأمتعة المستخدمة في الجريمة ، وغلق المحل مدة لا تجاوز مدة العقوبة المحددة بها ، وذلك كله مع عدم الإخلال بحق الغير الحسن النية .

القمار وأوراق النصيب 

المواد من (623) - (627) : تقابل هذه المواد نص المادتين (352) ، (353) من القانون القائم ، وأهم سمات هذا الباب : 

1- حدد المشروع ما يعد من ألعاب القمار ، وهي كل لعبة يكون غحتمال الكسب والخسارة فيها مرده إلى الحظ أكثر منه إلى المهارة ، ومؤدى ذلك أنه إذا كانت اللعبة يرجع المكسب فيها أو الخسارة إلى المهارة، أو كانت المهارة هي العنصر الغالب - إنحسر التجريم. المادة (625) من المشروع . 

2- المادة (626) من المشروع : يحظر وضع أو عرض شيء للبيع من أوراق الحظ أو النصيب ، والنص القائم وهو المادة (353) كانت لا تجرم ما تقدم إذا كان بإذن الحكومة ، والمشروع نزولاً منه على أحكام الشريعة التي تمنع المقامرة في أية صورة كانت - حظر ما تقدم من أفعال حظراً مطلقاً ، فلا يجوز للحكومة من بعد أن تأذن به . 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / التاسع والثلاثون ، الصفحة / 404

مَيْسِرٌ

التَّعْرِيفُ:

الْمَيْسِرُ لُغَةً: قِمَارُ الْعَرَبِ بِالأْزْلاَمِ وَقَالَ صَاحِبُ الْقَامُوسِ هُوَ اللَّعِبُ بِالْقِدَاحِ أَوْ هُوَ النَّرْدُ، أَوْ كُلُّ قِمَارٍ وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.

وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ الْمَكِّيِّ: الْمَيْسِرُ: الْقِمَارُ بِأَيِّ نَوْعٍ كَانَ، وَقَالَ الْمَحَلِّيُّ: صُورَةُ الْقِمَارِ الْمُحَرَّمِ التَّرَدُّدُ بَيْنَ أَنْ يَغْنَمَ وَأَنْ يَغْرَمَ.

وَقَالَ مَالِكٌ: الْمَيْسِرُ: مَيْسِرَانِ، مَيْسِرُ اللَّهْوِ وَمَيْسِرُ الْقِمَارِ فَمِنْ مَيْسِرِ اللَّهْوِ النَّرْدُ وَالشِّطْرَنْجُ وَالْمَلاَهِي كُلُّهَا، وَمَيْسِرُ الْقِمَارِ مَا يَتَخَاطَرُ النَّاسُ عَلَيْهِ. وَبِمِثْلِ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ .

 الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الأْزْلاَمُ:

الأْزْلاَمُ عِيدَانٌ مُخَصَّصَةٌ لِلاِسْتِقْسَامِ بِهَا، وَالاِسْتِقْسَامُ بِالأْزْلاَمِ هُوَ طَلَبُ مَعْرِفَةِ مَا قُسِمَ لِلشَّخْصِ (أَيْ مَا قُدِّرَ لَهُ) مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي الْقِمَارِ.

فَالْمَعْنَى الْمُشْتَرَكُ فِي كُلٍّ مِنَ الْمَيْسِرِ وَالاِسْتِقْسَامِ بِالأْزْلاَمِ هُوَ التَّرَدُّدُ بَيْنَ أُمُورٍ مُتَعَدِّدَةٍ لِلْفَرْدِ، لَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا هُوَ أَنَّ الاِسْتِقْسَامَ يُسْتَخْدَمُ لِلتَّصَرُّفِ لاَ لأِخْذِ الْمَالِ كَمَا فِي الْمَيْسِرِ .

ب - السَّبَقُ:

السَّبَقُ - بِفَتْحَتَيْنِ - لُغَةً: الْخَطَرُ.

وَاصْطِلاَحًا: هُوَ مَا يَتَرَاهَنُ عَلَيْهِ الْمُتَسَابِقَانِ .

وَهُوَ أَخَصُّ مِنَ الْمَيْسِرِ.

ج - الرِّهَانُ:

الرِّهَانُ وَالْمُرَاهَنَةُ: الْمُخَاطَرَةُ وَالْمُسَابَقَةُ عَلَى الْخَيْلِ.

وَتَرَاهَنَا إِذَا أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ رَهْنًا لِيَفُوزَ السَّابِقُ بِالْجَمِيعِ إِذَا غَلَبَ.

وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ لِلرِّهَانِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.

وَالصِّلَةُ هِيَ: أَنَّ الرِّهَانَ نَوْعٌ مِنَ الْمَيْسِرِ، وَهُوَ أَخَصُّ مِنَ الْمَيْسِرِ .

د - الْغَرَرُ:

الْغَرَرُ - بِفَتْحَتَيْنِ - لُغَةً: اسْمُ مَصْدَرٍ مِنَ التَّغْرِيرِ، وَهُوَ الْخَطَرُ وَالْخُدْعَةُ.

وَاصْطِلاَحًا: مَا يَكُونُ مَجْهُولَ الْعَاقِبَةِ لاَ يُدْرَى أَيَكُونُ أَمْ لاَ .

وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ الْغَرَرِ وَالْمَيْسِرِ ظَاهِرَةٌ، وَهِيَ أَنَّ الْغَرَرَ أَعَمُّ مِنَ الْمَيْسِرِ. هـ - النَّرْدُ وَأَشْبَاهُهُ:

جَاءَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ: النَّرْدُ: مَعْرُوفٌ شَيْءٌ يُلْعَبُ بِهِ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ وَهُوَ النَّرْدَشِيرُ.

وَقَالَ الْقَلْيُوبِيُّ: النَّرْدُ هُوَ الْمَعْرُوفُ الآْنَ بِالطَّاوِلَةِ.

وَمِثْلُهُ مَا كَانَ مِنْ طَبِيعَتِهِ وَهُوَ مَا يُعَبِّرُ عَنْهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِعِبَارَةِ «أَشْبَاهُ النَّرْدِ» .

وَالْعَلاَقَةُ هِيَ أَنَّ النَّرْدَ وَأَشْبَاهَهُ قَدْ يُسْتَعْمَلُ لِلْمَيْسِرِ.

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:

اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى تَحْرِيمِ الْمَيْسِرِ فِي الْجُمْلَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأْنْصَابُ وَالأْزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) .

حِكْمَةُ تَحْرِيمِ الْمَيْسِرِ:

جَاءَ النَّصُّ عَلَى الْحِكْمَةِ فِي تَحْرِيمِ الْمَيْسِرِ فِي  قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) كَمَا جَاءَ النَّصُّ عَلَى أَنَّ فِي الْمَيْسِرِ إِثْمًا وَذَلِكَ فِي  قوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا).

قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: إِنَّ مَفْسَدَةَ الْمَيْسِرِ أَعْظَمُ مِنْ مَفْسَدَةِ الرِّبَا لأِنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى مَفْسَدَتَيْنِ: مَفْسَدَةُ أَكْلِ الْمَالِ بِالْحَرَامِ، وَمَفْسَدَةُ اللَّهْوِ الْحَرَامِ، إِذْ يَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ وَيُوقِعُ فِي الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ، وَلِهَذَا حُرِّمَ الْمَيْسِرُ قَبْلَ تَحْرِيمِ الرِّبَا .

وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ الْمَكِّيُّ: سَبَبُ النَّهْيِ عَنِ الْمَيْسِرِ وَتَعْظِيمِ أَمْرِهِ أَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ الَّذِي نَهَى اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: (لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ).

ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ: «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ وَاللاَّتِ وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ تَعَالَ أُقَامِرْكَ فَلْيَتَصَدَّقْ» . وَقَالَ: فَإِذَا اقْتَضَى مُطْلَقُ الْقَوْلِ طَلَبَ الْكَفَّارَةَ وَالصَّدَقَةَ الْمُنْبِئَةَ عَنْ عَظِيمِ مَا وَجَبَتْ لَهُ أَوْ سُنَّتْ فَمَا ظَنُّكَ بِالْفِعْلِ وَالْمُبَاشَرَةِ .

أَقْسَامُ الْمَيْسِرِ

قَسَّمَ عَدَدٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ الْمَيْسِرَ إِلَى مَيْسِرِ لَهْوٍ، وَهُوَ مَا لَيْسَ فِيهِ مَالٌ، وَمَيْسِرِ قِمَارٍ، وَهُوَ مَا فِيهِ مَالٌ، وَمِمَّنِ اشْتُهِرَ عَنْهُ هَذَا التَّقْسِيمُ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ الإْمَامُ مَالِكُ وَمِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَابْنُ الْقَيِّمِ .

قَالَ الإْمَامُ مَالِكُ: الْمَيْسِرُ مَيْسِرَانِ: مَيْسِرُ اللَّهْوِ فَمِنْهُ النَّرْدُ وَالشِّطْرَنْجُ وَالْمَلاَهِي كُلُّهَا، وَمَيْسِرُ الْقِمَارِ، وَهُوَ مَا يَتَخَاطَرُ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَسُئِلَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: مَا الْمَيْسِرُ؟ فَقَالَ: كُلُّ مَا أَلْهَى عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهُوَ مَيْسِرٌ .

الأْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَيْسِرِ:

حُكْمُ مَيْسِرِ اللَّهْوِ

مَيْسِرُ اللَّهْوِ كَاللَّعِبِ بِالنَّرْدِ وَالشِّطْرَنْجِ دُونَ أَنْ يُصَاحِبَهُ مَالٌ، وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهِ.

وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (لَعِبَ ف 4 - 5).

حُكْمُ مَيْسِرِ الْقِمَارِ

اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى تَحْرِيمِ مَيْسِرِ الْقِمَارِ. وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ إِنْ شُرِطَ فِيهِ مَالٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ بِحَيْثُ يَكُونُ الْمَالُ لِمَنْ غَلَبَ مِنَ اللاَّعِبَيْنِ، فَهُوَ الْقِمَارُ الْمُحَرَّمُ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَبِيرَةٌ مِنَ الْكَبَائِرِ، وَقَالَ الرَّمْلِيُّ مِنْهُمْ: وَالْمُحَرَّمُ الْعَقْدُ، وَأَخْذُ الْمَالِ، لأِنَّهُ غَصْبٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا .

تَصَدُّقُ مَنْ طَلَبَ الْمُقَامَرَةَ

مِنَ الأْحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَيْسِرِ تَصَدُّقُ مَنْ طَلَبَ الْمُقَامَرَةَ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ: وَاللاَّتِ وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ تَعَالَ أُقَامِرْكَ فَلْيَتَصَدَّقْ» .

قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ: أَمَرَ بِالصَّدَقَةِ تَكْفِيرًا لِخَطِيئَتِهِ فِي كَلاَمِهِ بِهَذِهِ الْمَعْصِيَةِ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَاهُ فَلْيَتَصَدَّقْ بِمِقْدَارِ مَا أَمَرَ أَنْ يُقَامِرَ بِهِ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ - وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ - أَنَّهُ لاَ يَخْتَصُّ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ بَلْ يَتَصَدَّقُ بِمَا تَيَسَّرَ مِمَّا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الصَّدَقَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ: «فَلْيَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ»  .

الْكَسْبُ النَّاشِئُ عَنِ الْمَيْسِرِ

مَا يَكْسِبُهُ الْمُقَامِرُ هُوَ كَسْبٌ خَبِيثٌ، وَهُوَ مِنَ الْمَالِ الْحَرَامِ مِثْلَ كَسْبِ الْمُخَادِعِ وَالْمُقَامِرِ، وَالْوَاجِبُ فِي الْكَسْبِ الْخَبِيثِ تَفْرِيغُ الذِّمَّةِ مِنْهُ بِرَدِّهِ إِلَى أَرْبَابِهِ إِنْ عَلِمُوا وَإِلاَّ إِلَى الْفُقَرَاءِ .

وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (كَسْبٌ ف 17، حِسْبَةٌ ف 34).

شِرَاءُ وَبَيْعُ أَدَوَاتِ الْمَيْسِرِ

ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ) إِلَى أَنَّ بَيْعَ آلاَتِ اللَّهْوِ بَاطِلٌ لاَ يَنْعَقِدُ وَفِي حُكْمِ آلاَتِ اللَّهْوِ النَّرْدِ وَالشِّطْرَنْجِ وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِأَحَادِيثَ مِنْهَا: مَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «ثَمَنُ الْخَمْرِ حَرَامٌ، وَمَهْرُ الْبَغِيِّ حَرَامٌ، وَثَمَنُ الْكَلْبِ حَرَامٌ وَالْكُوبَةُ حَرَامٌ وَإِنْ أَتَاكَ صَاحِبُ الْكَلْبِ يَلْتَمِسُ ثَمَنَهُ فَامْلأَ يَدَيْهِ تُرَابًا، وَالْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَفِي هَذَا بَيَانُ بُطْلاَنِ كُلِّ حِيلَةٍ يُحْتَالُ بِهَا تَوَصُّلاً إِلَى مُحَرَّمٍ.

وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ بَيْعَهَا صَحِيحٌ مَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا.

وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (بَيْعٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ ف 19)

حُكْمُ السَّلاَمِ عَلَى لاَعِبِ الْمَيْسِرِ

ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى كَرَاهَةِ السَّلاَمِ عَلَى الْفُسَّاقِ الْمُجَاهِرِينَ بِفِسْقِهِمْ حِينَ انْشِغَالِهِمْ بِالْفِسْقِ، كَلاَعِبِ الْقِمَارِ.

وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ السَّلاَمَ عَلَيْهِمْ لاَ يُكْرَهُ إِذَا نَوَى أَنْ يَشْغَلَهُمْ عَمَّا هُمْ فِيهِ .

وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (سَلاَمٌ ف 20).

شَهَادَةُ لاَعِبِ الْمَيْسِرِ

مَيْسِرُ الْقِمَارِ، وَهُوَ مَا كَانَ عَلَى مَالٍ فِعْلُهُ كَبِيرَةٌ فَتُرَدُّ الشَّهَادَةُ بِهِ، وَلَوْ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ.

أَمَّا مَيْسِرُ اللَّهْوِ، فَهُوَ صَغِيرَةٌ فَلاَ تُرَدُّ الشَّهَادَةُ بِهِ إِلاَّ مَعَ الإْصْرَارِ .

قَالَ الْمِرْغِينَانِيُّ: إِنْ قَامَرَ بِالشِّطْرَنْجِ تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ وَإِنْ لَمْ يُقَامِرْ لاَ تَسْقُطُ لأِنَّهُ مُتَأَوَّلٌ فِيهِ.

وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (لَعِبٌ ف 6).

عُقُوبَةُ لاَعِبِ الْمَيْسِرِ

عَلَى وَلِيِّ الأْمْرِ الْعَمَلُ عَلَى مَنْعِ الْمَعَاصِي، وَمِنْهَا الْمَيْسِرُ، وَعَلَيْهِ تَعْزِيرُ مَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، لأِنَّ التَّعْزِيرَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ لاَ حَدَّ فِيهَا، وَلاَ كَفَّارَةَ .

انْظُرْ: (تَعْزِيرٌ ف 1).