1 ـ إذا كان الحكم قد أثبت توافر عنصر الأهمال وعدم الإحتياط فى حق المتهمين - من دخولهما المخزن و معهما " الفانوس " و وجوده على مقربة من " البنزين " فإتصل رذاذ البنزين أثناء التفريغ بالفانوس و إشتعلت النار فى المخزن ، فإن هذا يكفى لإدانتهما - و لو لم يقع منهما أى خطأ آخر .
(الطعن رقم 1712 لسنة 29 جلسة 1960/03/21 س 11 ع 1 ص 273 ق 54)
2 ـ مناط العقاب فى جريمة الحريق بالإهمال هو شخصية الخطأ ، فلا يسأل الجاني إلا عن أعماله الشخصية التى تندرج تحت صور الخطأ المؤثم قانوناً و التى يتسبب عنها الضرر ، و لا يسأل الشخص عن فعل غيره إذا لم يثبت أنه إرتكب خطأ شخصياً مرتبطاً بالنتيجة إرتباط السبب بالمسبب . و إذ ما كان المحكم قد إنتهى إلىعدم ثبوت مقارفة المطعون ضده لهذه الجريمة بنفسه و لم ينسب إليه خطأ شخصياً مما يجعله محلاً للمساءلة الجنائية عن فعل غيره ، و إستبعد المسئولية الإفتراضية التى أساسها سوء إختيار المتبوع لتابعه و تقصيره فى رقابته بوصفها لا تمت بصلة إلى الفعل الضار محل الجريمة ، فإن قضاءه بتبرئته منها يكون صحيحاً .
(الطعن رقم 2173 لسنة 32 جلسة 1963/03/05 س 14 ع 1 ص 169 ق 36)
هذه المادة معدلة بالقانون رقم 9 لسنة 1984 الصادر في 20 فبراير سنة 1984 (الجريدة الرسمية في 23 فبراير سنة 1984- العدد 8 ) وعقوبة الغرامة معدلة بالقانون رقم 29 لسنة 1982 وكانت عقوبة الغرامة قبل التعديل ( لا تزيد على عشرين جنيهاً ).
والحريق الذي يعاقب عليه القانون في هذه المادة 360 الحريق الذي لايصدر من إرادة فاعله ولكن يكون سبباً عن إهمال وقع منه لذلك جعل الشارع عقابه متناسباً مع درجة مسئولية فاعله وقد كان يصح أن يعاقب عليه أصلاً لولا أن الشارع أراد أن يلزم الناس إتخاذ كل ما يمكن من وسائل الحيطة عند استخدام النار في منافعهم وأن يدفعوا أذاها عمن حولهم فإذا فرطوا في ذلك حق عليهم العقاب أما إذا لم يقع تفريط ولا أهمال وكان شبوب النار مسبباً عن حادث قهري فلا مسئولية ولا عقاب.
أركان الجريمة :
وأركان هذه الجريمة ثلاثة أولها حصول حريق وثانيها أن يكون هذا الحريق قد أصاب شيئاً مملوكاً لغير محدثه وثالثها أن يكون الحريق مسبباً عن إهمال محدثه.
الركن الأول : حصول الحريق :
الابد في جريمة الحريق بإهمال من حصول الحريق فلا فالقانون هنا إنما يعاقب على الفعل التام وليس على الشروع لأن العقاب على الشروع لايتفق مع فكرة الضرر الناشئ عن خطأ أو إهمال.
وقيل في ذلك بأن من السهل في العمل تقدير ما إذا كان الحريق قد حصل فعلاً أم لم يحصل فإذا كانت النار قد اطفئت في الحال بمجرد اشتعالها ولم ينشأ عنها ضرر يذكر فلا محل في هذه الحالة لتطبيق المادة محل التعليق وإنما تطبق هذه المادة إذا أحدث اشتعال النار في الواقع ضرراً جدياً ونتجت عنه خسائر
الركن الثاني : حريق شئ مملوك للغير :
كانت المادة 4/ 483 ع فرنسي وهي المقابلة للمادة 360 محل التعليق تستلزم أن يكون الشئ الذي أصابه الحريق مملوكاً للغير عملاً بقاعدة أن المالك حر فيما يملك وقد سكت الشارع المصري عن هذا فاختلفت المحاكم في اشتراطه أو عدمه والرأي المعول عليه هو الأخذ بحكم النص الفرنسي لاتفاقه مع القواعد العامة التي لايجوز الخروج عليها إلا بنص صريح ولم يرد في الحريق بإهمال ما يقابل نصوص المواد 252، 254 ، 255 الواردة في باب الحريق العمد وبديهي أن النار إذا تعدت مال المالك إلى مال الغير كان المالك
مسئولاً عن ذلك بمقتضى المادة 360 وكذلك يسأل المالك إذا كان يملك المال مع غيره على الشيوع أو بالاشتراك وعلاقة القرابة أو صلة الزوجية بين الفاعل والمالك لا تؤثر على قيام الجريمة ولا تحول دون رفع الدعوى عنها وأن جاز للنيابة أن يستند إلى تلك العلاقة في حفظ الأوراق أو الأمر بعدم وجود وجه الاقامة الدعوى لعدم الأهمية.
وكانت المادة 4/ 483 من القانون الفرنسي تنص صراحة على أن حكمها يتناول حريق المنقولات كما يتناول حريق العقارات ولكن المادة 360من القانون المصرى لم تعين نوع الشئ الذي يصيبه الحريق ويستفاد من هذا الإطلاق أن النص يتناول جميع الأموال بغير تخصيص وبهذا يكون تطبيق المادة 360 أوسع بكثير من مجال تطبيق النصوص الواردة في باب الحريق العمد.
الركن الثالث : الإهمال :
هذه الجريمة ليست من الجرائم العمدية فلا يشترط فيها القصد الجنائي ولكن مسبب الحريق لايعاقب إلا إذا أمكن أن ينسب إليه شئ من الإهمال في استخدامه النار في مصالحة الشخصية فالقانون لايعاقب محدث الحريق لأنه أراد إحداثه وإنما يعاقبه لأنه لم يتخذ العدة اللازمة لمنع حدوثه.
وقد جاء بالنص محل التعليق صورة معينة من الإهمال يغلب أن تكون هي السبب في حدوث الحريق الذي يقع على غير إرادة محدثه وهذه الصورة هي:
أولاً: عدم تنظيف أو ترميم الأفران أو المداخن أو المحلات الأخرى التي توقد فيها النار وهذا الفعل في حد ذاته يعده القانون مخالفة بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 377 عقوبات فإذا نشأ عنه حریق عوقب مسببه بمقتضى المادة 360 عقوبات.
ثانياً: إيقاد النار في بيوت أو مبان أو غابات أو كروم أو غيطان أو بساتين بالقرب من كيمان تبن أو حشيش يابس أو غير ذلك من المخازن المشتملة على مواد الوقود والقانون يعتبر إيقاد النار على هذه الصورة إهمالاً في ذاته يستوجب العقاب على ما يحدث بسببه من الحريق ولو لم يثبت وقوع إهمال من نوع آخر ومسألة القرب والبعد في هذه الصورة يجب أن تترك لتقدير المحكمة لأن القانون المصري لاينص على مسافة معينة.
ثالثاً: إشعال صواريخ في جهة من جهات البلدة وهذا الفعل في حد ذاته هو الأخر يعد مخالفة بمقتضى الفقرة الخامسة من المادة 377 عقوبات إذا حصل بغير إذن فإذا نشأ عنه حريق عوقب فاعله بمقتضى المادة 360 عقوبات.
ولكن الشارع لم يقتصر على هذه الصوربل أردفها بقوله (أو بسبب إهمال آخر) فكل إهمال ينشأ عنه حريق يصح إذن أن يكون سبباً لعقاب مرتكبه بغير حصر ولا تحديد والمحكمة هي التي يوكل إليها في النهاية تقدير ما إذا كان الإهمال المنسوب إلى المتهم هو الذي كان سبب شبوب النار وما إذا كان كافياً لإيجاب العقاب أولاً.
وقد أضافت المادة 360 صورة أخرى للركن المادي يكون السلوك فيها مستحقاً لعقاب أشد هي صورة التدخين بغير احتياط مثل إلقاء عقب لفافة التبغ المشتعل في مكان به مواد تمسك بها النار وصورة ايقاد النار في محطة لخدمة وتموين السيارات أو محطة للغاز الطبيعي أو مركز لبيع اسطوانات البوتاجاز أو مستودع للمنتجات البترولية أو مخزن مشتمل على مواد وقود مثل الفحم أو مواد أخرى قابلة للاشتعال مثل قماش النايلون فالبديهي أن التحوط يوجب تحاشى إيقاد النار في مثل هذه الأمكنة فمجرد إيقاد النار في مكان من هذه الأمكنة بموقد لإعداد الشامي فوقه مثلاً يكون الجريمة إذا نشأ عن ذلك حدوث حريق وفي هذه الحالات تعتبر الجريمة من جرائم الوسيلة الخاصة (التدخين) أو المكان الخاص.
ولم تفرق المادة 360 عقوبات وكما سلف بين محدث الحريق وما إذا كان مالكاً أم غير مالك الأشياء المحرقة ذلك لأن الحريق قابل للامتداد إلى الغير بالأذى سواء أحدثه مالك أو غير مالك.
عقوبة الجريمة :
يعاقب القانون على الجريمة بالحبس مدة لا تزيد على شهر أو بدفع غرامة لا تزيد على مائتي جنيه مصرى.
فإذا وقع الحريق من التدخين أو من نار موقدة في أماكن حددها النص في الفقرة الثانية تكون العقوبة هي الحبس والغرامة التي لاتقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز ألفي جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين.(موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الرابع، الصفحة: 629)
الجريمة مادية من جرائم الحدث الضار، وهذا الحدث هو اشتعال النار في أشياء قابلة للإحتراق أياً كان مدى هذا الإحتراق. فلا يلزم إثبات حدوث ضرر كبير من جراء الحريق وإنما يكفي لوقوع الجريمة مجرد اشتعال ولو أطفيء على الفور.
والجريمة من جرائم السلوك المنتهى (الوقتية) ولو كان أثرها ممتداً في صورة إحتراق، والشروع في الجريمة غير متصور لسبب يتعلق بركنها المعنوي وهو أن هذا الركن هو الإهمال ولا يتصور الشروع فيه لعدم إنصراف القصد إلي الحدث الناجم منه، فإما أن يقع الحدث بسببه فتكون الجريمة كاملة، وإما أن يتخلف الحدث فلا تقوم جريمة أصلاً ولا وسط بين الأمرين، والإشتراك في الإهمال لا يتصور لعدم قابلية الإهمال للإتفاق أو التحريض أو المساعدة عليه إذ أن تعدد الإهمال يعني تعدده في المهملين دون رابطة معنوية تجمعهم على هدف مشترك المفروض فيه أنه غير مقصود أصلاً، وبالتالي يعزي الحدث لا إلى مهملين متفقين وإنما متعددين يعتبر كل مهمل منهم فاعلاً أصلياً مادام إهماله يرتبط به الحدث ارتباط المسبب بالسبب.
ركنا الجريمة
للجريمة ركن مادي وركن معنوي.
والركن المادي: هو سلوك سلبي خطر يتمثل في عدم تنظيف أو ترميم فرن أو مدخنة أو محل آخر توقد فيه النار فتتسرب تبعاً لذلك شعلة تحدث حريقاً فيما تقع عليه، أو يتمثل إشعال النار دون حيطة بالقرب من كمیان تبن أو حشيش يابس في بيت أو مبني أو غابة أو كرم أو غيط أو بستان فيشعل التبن أو الحشيش محدثاً حريقاً، أو يتمثل في الإشعال الأرعن لصواريخ في جهة من جهات البلدة فينشأ منه إمساك شرر الصواريخ بمادة قابلة للاشتعال تحدث حريقاً.
وتضيف المادة إلى صور السلوك الخطر السالف بيانها صورة من صور إهمال آخر بمعني أي سلوك خطر آخر ينذر بإشتعال النار في مادة قابلة لإمساك النار بها. ومن قبيل ذلك كيزان ذرة بجوار قطعة أساس خشبية تمسك بها النار، أو بجوار عامود خشبي تمر به من أعلى سلوك الكهرباء.
وأضافت المادة محل التعليق صورة أخرى للركن المادي يكون السلوك فيها مستحقاً لعقاب أشد هي صورة التدخين بغير احتياط مثل إلقاء عقب لفافة التبغ المشتعل في مكان به مواد تمسك بها النار، وصورة إيقاد النار في محطة لخدمة وتموين السيارات أو محطة للغاز الطبيعي أو مركز لبيع إسطوانات البوتاجاز أو مستودع للمنتجات البترولية أو مخزن مشتمل علي مواد وقود مثل الفحم أو مواد أخرى قابلة للإشتعال مثل قماش النايلون، فالبديهي أن التحوط يوجب تحاشي إيقاد النار في مثل هذه الأمكنة، فمجرد إيقاد النار في مكان من هذه الأمكنة بموقد لإعداد الشاي فوقه مثلاً يكون الجريمة إذا نشأ عند ذلك حدوث حريق، وفي هذه الحالات تعتبر الجريمة من جرائم الوسيلة الخاصة (التدخين) أو المكان الخاص.
ولم تغرق المادة محل التعليق بين محدث الحريق وما إذا كان مالكاً أم غير مالك الأشياء المحرقة، ذلك لأن الحريق قابل للإمتداد إلى الغير بالأذى سواء أحدثه مالك أو غير مالك .
الركن المعنوي في الجريمة الحريق بإهمال جريمة غير عملية الفرض فيها أن الجاني لم يوجه إرادته إلى إحداث الحريق، وإلا كان عمدة، فالشرط فيها أن يكون الحريق قد تسبب عن إهماله، وصور الإهمال كثيرة تختلف بإختلاف الظروف، وقد تخير الشارع منها صوراً يغلب أن تكون هي السبب في حدوث الحريق، ثم عقب عليها بعبارة مطلقة وهي "أو بسبب إهمال آخر" فدل بذلك على أنه لم يقصد حصر صور الإهمال.
العقوبة:
يعاقب المشرع على الصورة الأولى بالحبس مدة لا تزيد على شهر أو بدفع غرامة لا تزيد على مائتي جنيه.
أما الصورة الثانية فيعاقب الجاني بالحبس والغرامة التي لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تتجاوز ألفي جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين، وهذه العقوبة أشد من العقوبة المقررة للصورة الأولي كما هو واضح.(الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الرابع ، الصفحة : 796 ).